08 - 07 - 2024, 02:22 PM | رقم المشاركة : ( 165721 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا تتجاهلني في وقت ضيقي هذا أمل إلي أذنك حين أستنجد بك وأسرع إلى معونتي (مز 102: 2) |
||||
08 - 07 - 2024, 02:27 PM | رقم المشاركة : ( 165722 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"أَمُتمرّدُ أَنَا؟" بين كاتبّي نبؤة حِزقِيالْ والإنجيلُ الثّاني مُقدّمة نناقش في هذا المقال، في سلسلة قرائتنا الكتابيّة فيما بين العهديّن موضوع يُعاش على مختلف العصور والأزمنة وهو التمرّد. في نص العهد الأوّل، من نبؤة حزقيال (حز 2:2-5) سنسمع الصوت الإلهي الّذي سيرسل نبيه إلى شعب متمرّد، أي إنّ الله يعرف حقيقة شعبه. فمهما كان ماكراً إلّا إنّه أمام الرّبّ فهو خليقته المعروف بكلّ ما يحياه أمام خالقه. ومن جديد الرّبّ يرسل لشعبه حامل رسالة جديدة ليرافقه. فهل يسمع الشعب الـمُتمرّد لصوت الرّبّ؟ بناء على هذا سنقرأ في مرحلة تاليّة نص من العهد الثاني بحسب إنجيل مرقس (1:6-6)، حيث نتابع إستمراريّة التمرّد حينما يتم رفض يسوع وهو يُتمم بحضوره بيننا الرسالة النبويّة، الّتي بدأها حزقيال والأنبياء، فيعاني مصير جميع الأنبياء الّذين حملوا رسالة الله في وطنهم، بين شعبهم الـمُتمرّد. يتعرضا حزقيال ويسوع، وهم حامليّ الرسالة الله، للإضطهاد، من قِبل الـمُنتميّن إليه فهو شعبه أي نحن اليّوم. تبقى رسالتهم علامة دائمة على قُرب الله السّامي والقريب جدًا وفي الوقت نفسه حيث لا يسمح لنا بأنّ يكون سجينًا لتوقعاتنا الـمُتمردة. نهدف من خلال هذا المقال تتابع مدى تمرّدنا الباطنيّ أمام الرسائل الإلهيّة الّتي يقترب من خلالها الله لنا. هل يمكننا أن نضع نهاية لتمرّدنا البشري؟ 1. نبيّ الله (حز 2: 1- 5) نعلم أنّ الرسائل النبويّة، بالعهد الأوّل، كانت بمثابة مرافقة الله لشعبه. فكان يدعو الله مَن يحملون رسالته حينما كان هناك بعض الملوك والقادة الّذين بسلطتهم يحيدوا الشعب عن العلاقة بالله. إذن رسالة الأنبياء ذات أهميّة بالغة في وقت يرغب الله أن يتواصل مع شعبه ويقترب منهم بالرغم من تجاهله، عدم عبادته أو عبادته من قبل لاشعب بشكل سطحي. وعلى هذا المنوال تأتي دعوة حزقيال منذ البدء من خلال الصوت الإلهي القائل: «يا ابنَ الإنسان، قُمْ على قَدَمَيكَ فأَتَكلَمَ معَكَ» (حز 2: 1). رغبة الله في التواصل مع شعبه من خلال هذا الأمر الإلهي والّذي فيه يتنازل الإلهي عن مستواه الـمُمجد داعيًا حزقيال-الإنسان ليقف أمامه أي ليصير بالقرب منه ليهيئة ليحمل رسالته. الرسالة النبويّة لحزقيال مرتبطة بالوحيّ الإلهيّ الّذي يحل عليه كمُختار الله أذّ يشعر النبي بهذا القُرب الإلهي: «فدَخَلَ فِيَّ الرُّوح، لَمَّا تَكَلَّمَ معي وأَقامَني على قَدَمَيَّ وسَمِعتُ الـمتكَلِّمَ معي» (حز 2:2). بعد بحلول الرّوح ليدعوه للرسالة بشكل مباشر قائلاً: «يا ابنَ الإنسان، إنّي مُرسِلُكَ إِلى بَني إِسْرائيل، إِلى أُنّاسٍ مُتَمَرِّدينَ قد تَمرَدوا عَلَّي فقَد عَصَوني هم وآباؤُهم إِلى هذا اليّوم نَفْسِه، فأُرسِلُكَ إِلى البَنينَ الصِّلابِ الوُجوهِ القُساةِ القلوب، فتَقولُ لَهم: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: سَواءٌ أَسَمِعوا أَم لم يَسمَعوا، - فإنّهم بَيتُ تَمَرُّد - سيَعلَمونَ إنّ بَينَهم نَبِيًّا» (حز 2: 3- 5). أمام عصياننا البشري وصّلابة وجوهنا وقساوة قلوبنا يأتي الصوت الإلهي مُرسلاً إلينا مَن يتحاور بكلام الله لنعود إليه ونستفيق من سطحيتنا. نحن، بالرغم من تمرّدنا لازلنا مركز إهتمام الله الّذي يقترب ويتواصل معنا داعيًا إيّانا للطاعة الحرة والتدريب على مرونة الوجه والقلب معًا. 2. الأسئلة الـمُتمرّدة (مر 6: 1- 6) يزداد هذا القُرب الإلهي، بالعهد الثاني من خلال حضور ابن الله، يسوع، وتجسده في عالمنا البشري. ففي هذا المطقع بحسب مرقس يفاجئنا مرقس بيسوع كمُتمم النبؤات. حيث يقترب من الإنسان، وكما نوهنا بأنّ التمرّد هو سمّته، يدهشنا هذا التصرف البشري المحدود والمتمرّد من أهل الناصرة أي بلدته. إذ بداخل مجمع الناصرة يروي مرقس: «لـمَّا أَتى السَّبت أَخذَ يُعَلـم [يسوع] في الـمَجمَع، فَدَهِشَ كثيرٌ مِنَ الّذينَ سَمِعوه» (مر 6: 2). هذا الإندهاش من معاصري يسوع بناء على تعلّيمه الشافيّ فيأتي رد فعلّهم ليس كترحيب حقيقي ولا حتّى إستماعًا فعالاً، بل بدء لرفضه على الفور. هذا التمرّد تعبير عن إنغلاقهم مما لا يعاون يسوع ليُتمم الأعمال الإعجازيّة لأهل بلدته. عدم قبول شفائه هو دليل على إصّرارهم على الإنغلاق أمام قُرب يسوع. يصف مرقس تمرّدهم هذا من خلال أسئلتهم الأربع لذاواتهم والتّي تحمل إستياء تكشف هذه التساؤلات عن مصدر قساوة قلوب معاصري يسوع وقلوبنا فهم يُمثلوننا. 2.1. لا جديد! (مر 6 :2) السؤال الأوّل: «مِن أَينَ له هذا؟» (مر 6: 2) يرتبط إرتباطًا وثيقًا بما فعله يسوع في مجمعهم "علَّم". هذه التساؤلات تتعلق بدور يسوع كمعلم. كيف يمكن إنّ يتوقع أنّ يأتي ويعلّم؟ إنّه تساؤل أولئك الّذين يعتقدون إنّه لا يوجد جديد ليتعلموه عن الله وهنا يكمن الخطأ الكبير. لأن الله جديد في ذاته ويكشف عن قُربه في ابنه الّذي يجهلونه معاصريّه كمعلّم وكابن الله. 2.2. أين المصدر؟ (مر 8: 2) والسؤال الثّاني يتعلق بالحكمة الّتي يعلمها يسوع: «ما هذهِ الحِكمَةُ الّتي أُعطِيَها ...» (مر 6: 2). لقد تنبأ اشعيا عن المسيح بحلّول رّوح الرّبّ، رّوح الحكمة والفهم ... (راج اش 11: 2). إنّ طرح هذا السؤال يعني عدم الإعتراف بإنّ يسوع يأتي من الله، وعدم الإعتراف بهويته كمسيّا خلافًا لإعتراف بطرس (راج مر 8: 29). فهو تساؤل الّذين يعترفوا بصحة بعض التعاليم إلّا إنّهم يعترفوا بطبيعتها الرسميّة ومصدرها، إذن من أعطى يسوع هذه الحكمة؟ هل هو مرخص من قبل السلطة المختصة؟ إنّه تساؤل أولئك الّذين لا يتركون مساحة كبيرة لله ليُظهر وجهه، بلّ يبحثون عنه فقط في تلك الأماكن الّتي يعرفونها بالفعل والّتي يوجد فيها الله بالفعل. 2.3. ترك مساحة لله (مر 6: 3) السؤال الثالث لم يعد يتعلق بتعليم يسوع، بل بأعماله، وأفعاله: « حتَّى إنّ الـمعجِزاتِ الـمُبِينَةَ تَجري عن يَديَه؟» (مر 6: 3). حتى الأعمال العظيمة الّتي يقوم بها يسوع، مِن أين أتت، ما هو التفويض الّذي لديه للقيام بتلك المعجزات؟ إنّه تساؤل الّذين لا يتركون لله مساحة ليظهر نفسه في التاريخ وفي إطار الأقارب، فيتوقعون إلهًا بعيدًا. 2.4. أليس هذا...؟ (6: 5) السؤال الرابع يتعلق بأصل يسوع نفسه. إذا سألنا إنّفسنا في الأسئلة السابقة عن أصل كلماته وحركاته، فالآن هو الّذي يصير موضع للتساؤل عن أصله: «أَلَيسَ هذا النَّجَّارَ ابنَ مَريَم، أَخا يعقوبَ ويوسى ويَهوذا وسِمعان؟ لَيسَت أَخَواتُهُ عِندَنا ههُنا؟» (مر 6: 5). يعرف سكان الناصرة كل شيء عن يسوع، يعرفون مهنته وأمه وعائلته، تساؤلهم يدور حول كيف يمكنه إنّ يتظاهر بإنّه يقدم نفسه لهم بكلمات وإشارات مماثلة؟ (راج يو 7: 27). فقد لا نعرف يسوع شخصيًا ولكننا نعرف كل شيء عنه، وعائلته! إنّه تساؤل الّذين يسمحون لإنّفسهم بإنّ تعميهم معرفتهم المزعومة، أولئك الّذين يضعون إنّفسهم أمام الله والآخرين كما لو إنّه لا يوجد شيء جديد ليكتشفوه فيهم. الخُلّاصة أَمتمرّد أنا؟ (حز 2: 1- 5؛ مر 6: 1- 6)، على ضوء تّمرّد مُعاصري النبي حزقيال، نجد أنّ قُسّاة الرقاب لازالوا معاصرين ليسوع، بحسب مرقس، من خلال أسئلتهم الأربع. وللإجابة على هذا التساؤل الآن: أَمتمرّد أنا؟ في العلاقة بالرّبّ وبمن حولى؟ فالمتمرّدين هم الّذين يكتفون بالعلم الباطل ويحصرون الله في ما سبق وذكرناه. لكن إله إسرائيل الّذي الّذي دعا حزقيال ليرسله وتمّ رفضه أرسل ذاته في يسوع كالإله الحيّ، الّذي هو جديد دائمًا، والّذي لديه الجديد ليعلنه ليبقى بالقرب منا نازعًأ كلّ تمرّد سلبيّ وهو الّذي يجعلنا نرفض الله في مَن يرسله لنا. فالله لا يتركنا أبدًا كشعب، فنحن ننتمي له. إلهنا إله يرافقنا حتى في قلب تمرّدنا لكن الخطر بالنسبة لأولئك الّذين لم يعودوا يتوقعون أي شيء، لأولئك الّذين يخافون من اكتشاف شيء جديد عن الله حتّى إنّ يسوع «لَم يَستَطِعْ إنّ يُجرِيَ هُناكَ شَيْئاً مِنَ الـمعجزات، سِوى إنّه وَضَعَ يَديَهِ على بَعضِ المَرْضى فَشَفاهم. وكان يَتَعَجَّبُ مِنْ عَدَمِ إِيمإنّهم» (مر 6: 5 - 6). والسبب هو أنّ وجه إله يسوع لا يمكن رؤيته إلا من قبل أولئك الّذين يدركون إنّهم بحاجة إليه فقط ويصل إليهم بكلمات جديدة تصلهم في أي وقت وفي أي مكان، حتى بشكل غير متوقع. تتبعنا بحسب خلفية نص حزقيال التعرّف على حامل الرسالة الّتي أُرسلت لتوصيل كلمة الله إلى الشعب حتّى يضع الرّبّ نهاية للتمرّد البشري. كما رأينا التمرّد العنيف تجاه يسوع، مُرسل الله الآب، ورأينا أنّ منبع مأساة معاصري يسوع من أسئلتهم الأربع، فصار لهم مصدر عثرة، وهو الحجر الّذي يعثر مَن يقرر التمرّد دون أن يعرف حقيقة الله في أنبيائه وابنه. دُمتم مؤمنين متمرّدين على ذاواتكم وغير متمردّين على الرّبّ والآخرين. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:29 PM | رقم المشاركة : ( 165723 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نبيّ الله (حز 2: 1- 5) نعلم أنّ الرسائل النبويّة، بالعهد الأوّل، كانت بمثابة مرافقة الله لشعبه. فكان يدعو الله مَن يحملون رسالته حينما كان هناك بعض الملوك والقادة الّذين بسلطتهم يحيدوا الشعب عن العلاقة بالله. إذن رسالة الأنبياء ذات أهميّة بالغة في وقت يرغب الله أن يتواصل مع شعبه ويقترب منهم بالرغم من تجاهله، عدم عبادته أو عبادته من قبل لاشعب بشكل سطحي. وعلى هذا المنوال تأتي دعوة حزقيال منذ البدء من خلال الصوت الإلهي القائل: «يا ابنَ الإنسان، قُمْ على قَدَمَيكَ فأَتَكلَمَ معَكَ» (حز 2: 1). رغبة الله في التواصل مع شعبه من خلال هذا الأمر الإلهي والّذي فيه يتنازل الإلهي عن مستواه الـمُمجد داعيًا حزقيال-الإنسان ليقف أمامه أي ليصير بالقرب منه ليهيئة ليحمل رسالته. الرسالة النبويّة لحزقيال مرتبطة بالوحيّ الإلهيّ الّذي يحل عليه كمُختار الله أذّ يشعر النبي بهذا القُرب الإلهي: «فدَخَلَ فِيَّ الرُّوح، لَمَّا تَكَلَّمَ معي وأَقامَني على قَدَمَيَّ وسَمِعتُ الـمتكَلِّمَ معي» (حز 2:2). بعد بحلول الرّوح ليدعوه للرسالة بشكل مباشر قائلاً: «يا ابنَ الإنسان، إنّي مُرسِلُكَ إِلى بَني إِسْرائيل، إِلى أُنّاسٍ مُتَمَرِّدينَ قد تَمرَدوا عَلَّي فقَد عَصَوني هم وآباؤُهم إِلى هذا اليّوم نَفْسِه، فأُرسِلُكَ إِلى البَنينَ الصِّلابِ الوُجوهِ القُساةِ القلوب، فتَقولُ لَهم: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبّ: سَواءٌ أَسَمِعوا أَم لم يَسمَعوا، - فإنّهم بَيتُ تَمَرُّد - سيَعلَمونَ إنّ بَينَهم نَبِيًّا» (حز 2: 3- 5). أمام عصياننا البشري وصّلابة وجوهنا وقساوة قلوبنا يأتي الصوت الإلهي مُرسلاً إلينا مَن يتحاور بكلام الله لنعود إليه ونستفيق من سطحيتنا. نحن، بالرغم من تمرّدنا لازلنا مركز إهتمام الله الّذي يقترب ويتواصل معنا داعيًا إيّانا للطاعة الحرة والتدريب على مرونة الوجه والقلب معًا. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:30 PM | رقم المشاركة : ( 165724 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حضور ابن الله يسوع وتجسده في عالمنا البشري ففي هذا المطقع بحسب مرقس يفاجئنا مرقس بيسوع كمُتمم النبؤات. حيث يقترب من الإنسان، وكما نوهنا بأنّ التمرّد هو سمّته، يدهشنا هذا التصرف البشري المحدود والمتمرّد من أهل الناصرة أي بلدته. إذ بداخل مجمع الناصرة يروي مرقس: «لـمَّا أَتى السَّبت أَخذَ يُعَلـم [يسوع] في الـمَجمَع، فَدَهِشَ كثيرٌ مِنَ الّذينَ سَمِعوه» (مر 6: 2). هذا الإندهاش من معاصري يسوع بناء على تعلّيمه الشافيّ فيأتي رد فعلّهم ليس كترحيب حقيقي ولا حتّى إستماعًا فعالاً، بل بدء لرفضه على الفور. هذا التمرّد تعبير عن إنغلاقهم مما لا يعاون يسوع ليُتمم الأعمال الإعجازيّة لأهل بلدته. عدم قبول شفائه هو دليل على إصّرارهم على الإنغلاق أمام قُرب يسوع. يصف مرقس تمرّدهم هذا من خلال أسئلتهم الأربع لذاواتهم والتّي تحمل إستياء تكشف هذه التساؤلات عن مصدر قساوة قلوب معاصري يسوع وقلوبنا فهم يُمثلوننا. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 165725 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا جديد! (مر 6 :2) السؤال الأوّل: «مِن أَينَ له هذا؟» (مر 6: 2) يرتبط إرتباطًا وثيقًا بما فعله يسوع في مجمعهم "علَّم". هذه التساؤلات تتعلق بدور يسوع كمعلم. كيف يمكن إنّ يتوقع أنّ يأتي ويعلّم؟ إنّه تساؤل أولئك الّذين يعتقدون إنّه لا يوجد جديد ليتعلموه عن الله وهنا يكمن الخطأ الكبير. لأن الله جديد في ذاته ويكشف عن قُربه في ابنه الّذي يجهلونه معاصريّه كمعلّم وكابن الله. 2.2. أين المصدر؟ (مر 8: 2) والسؤال الثّاني يتعلق بالحكمة الّتي يعلمها يسوع: «ما هذهِ الحِكمَةُ الّتي أُعطِيَها ...» (مر 6: 2). لقد تنبأ اشعيا عن المسيح بحلّول رّوح الرّبّ، رّوح الحكمة والفهم ... (راج اش 11: 2). إنّ طرح هذا السؤال يعني عدم الإعتراف بإنّ يسوع يأتي من الله، وعدم الإعتراف بهويته كمسيّا خلافًا لإعتراف بطرس (راج مر 8: 29). فهو تساؤل الّذين يعترفوا بصحة بعض التعاليم إلّا إنّهم يعترفوا بطبيعتها الرسميّة ومصدرها، إذن من أعطى يسوع هذه الحكمة؟ هل هو مرخص من قبل السلطة المختصة؟ إنّه تساؤل أولئك الّذين لا يتركون مساحة كبيرة لله ليُظهر وجهه، بلّ يبحثون عنه فقط في تلك الأماكن الّتي يعرفونها بالفعل والّتي يوجد فيها الله بالفعل. 2.3. ترك مساحة لله (مر 6: 3) السؤال الثالث لم يعد يتعلق بتعليم يسوع، بل بأعماله، وأفعاله: « حتَّى إنّ الـمعجِزاتِ الـمُبِينَةَ تَجري عن يَديَه؟» (مر 6: 3). حتى الأعمال العظيمة الّتي يقوم بها يسوع، مِن أين أتت، ما هو التفويض الّذي لديه للقيام بتلك المعجزات؟ إنّه تساؤل الّذين لا يتركون لله مساحة ليظهر نفسه في التاريخ وفي إطار الأقارب، فيتوقعون إلهًا بعيدًا. 2.4. أليس هذا...؟ (6: 5) السؤال الرابع يتعلق بأصل يسوع نفسه. إذا سألنا إنّفسنا في الأسئلة السابقة عن أصل كلماته وحركاته، فالآن هو الّذي يصير موضع للتساؤل عن أصله: «أَلَيسَ هذا النَّجَّارَ ابنَ مَريَم، أَخا يعقوبَ ويوسى ويَهوذا وسِمعان؟ لَيسَت أَخَواتُهُ عِندَنا ههُنا؟» (مر 6: 5). يعرف سكان الناصرة كل شيء عن يسوع، يعرفون مهنته وأمه وعائلته، تساؤلهم يدور حول كيف يمكنه إنّ يتظاهر بإنّه يقدم نفسه لهم بكلمات وإشارات مماثلة؟ (راج يو 7: 27). فقد لا نعرف يسوع شخصيًا ولكننا نعرف كل شيء عنه، وعائلته! إنّه تساؤل الّذين يسمحون لإنّفسهم بإنّ تعميهم معرفتهم المزعومة، أولئك الّذين يضعون إنّفسهم أمام الله والآخرين كما لو إنّه لا يوجد شيء جديد ليكتشفوه فيهم. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 165726 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"رَوُعَةُ الحَياة" بين كاتبّي سفر الحكمة والإنجيل الثّاني مُقدّمة مضمون مقالنا بهذا الأسبوع، هو موضوع أساسي ومرتبط بوجود كلّ إمرأة ورجل موضوع "رَوعَةُ الحَياة". الموت هو عكس الحياة الّتي يقدمها الوحي بكلّا العهديّن. لذا سنجد كاتب سفر الحكمة في المقطع الأوّل بسفر الحكمة (حك 1: 13 – 15؛ 2: 23 – 24) يعلن بشكل مزدوج عنصر أوّل يتعلق بالله والآخر يتعلق بالإنسان. فمن ناحية يبشرنا الكاتب الحكميّ بأنّ الله لمّ يخلق إنسان للموت. الله لم يخلق الموت بل هو سيّد ومانح الحياة.بناء عليه نجد أنّ رغبته هي منح "رّوُعَةُ الحَياة: لكلّ خلائقه. ثمّ يؤكد على إنّ كلّ إنسان مخلوق لعدم الفساد. وستواصل هذا الفكر بحسب لّاهوت الإنجيليّ مرقس (مر 5: 21 – 43) حيث يُظهر يسوع في أعماله ما أعلنه كاتب سفر الحكمة بالكلمة. بمجرد أنّ نتبع أفعاله تجاه الصّبيّة الميتة والمرأة النازفة، يسطع أمامنا كقراء مؤمنين من خلال أفعل يسوع وجه الله الّذي يحبّ الحياة والّذي يعتبر الموت بالنسبة له نومًا، شيئًا عابرًا يميز حياة الخليقة، حتّى لو لم يكن النوم الكلمة الأخيرة. نحن على مثال تلاميذ يسوع مدعويّن لنكون مقتديّن بالله الّذي يحب الحياة، وما علينا إلّا أن نقبل روعة الحياة الّتي أرادها الله لنا حتّى نحياها كلّ يّوم بحسب مخطط الله بالعهد الأوّل الّذي جسّده يسوع بالعهد الثاني وإنعكس فيه وجه الله الآب. 1. إله الحياة (حك 1: 13- 15؛ 2: 23- 24) يتناول السفر الحكمي الشهير النص الّذي دونّه كاتب سفر الحكمة. فهو يخاطب معاصريّه، مع الأخذ في الإعتبار، الحركة العظيمة، في جماعة من أصل يهودي كانت تعيش في الإسكندرية بمصر. وهذا الجماعة والّذي يتميز بقدر كبير من عدم اليقيّن والحيرة فيما يتعلق بحدود العالم الّتي أصبحت كل يّوم واسعة بشكل متزايد واليقينيات الّتي كان يُعتقد إنّها لا تتزعزع في الماضي، والّتي يبدو الآن إنّها تتلاشى في الهواء. فإنّنا كقراء يخاطبنا مؤلف كتاب الحكمة نميل إلى الإعتقاد، مثل العديد من معاصريّ الكاتب، إنّ العالم وحياة البشر ذاتها هي شيء سريعة الزوال، ومُقدرين للتلاشى في الهواء. يبدو إنّ حياة الإنسان لا تحمل في داخلها سوى ما وراء الموت. ففي كلّ يّوم يقترب الإنسان من نهايته فهو بلا شك يقترب من الموت. للتصدي لمواجهة هذا الإغراء، الّذي ربما يكون قريبًا جدًا من طريقة تفكيرنا في هذا العصر، يؤكد مؤلف سفر الحكمة بقوة إنّ وجود العالم والإنسان ليس إعلان عن الموت، بل عن الحياة. وهنا يأتي الوحيّ الإلهي بفكر يتناقض مع الفكر البشري. إذ أنّ السرّ الكامن وراء الوجود الإنساني ليس مصيرًا أعمى وقاسيًا، بل خطة للحياة الطوباويّة. إنّ الله، بحسب قول كاتب سفر الحكمة: «لم يَصنعِ المَوت ولا يُسَرّ بِهَلاكِ الأَحْياء فإنّه خَلَقَ كُلَّ شيَءٍ لِكَي يَكون وإنّ خَلائِقَ العالَمِ مُفيدة ولَيسَ فيها سَمّ مُهلِك ولا مُلْكَ لمَثْوى الأمْوات على الأرض لإنّ البِرَّ خالِد» (حك 1: 13- 15). فقد نجد هذا منذ السطور الأوّلى بسفر التكوين. مما يؤكد أنّ الشّرّ والموت لمّ يكونا منذ البدء في خطة الله الأصليّة. بل في خطة الله، خُلق كل شيء من أجل وجود الإنسان، وكانت حياة الإنسان دائمًا الحلم الإلهي لخليقته موضحًا: «إنّ اللهَ خَلَقَ الإنسان لِعَدَم الفَساد وجعَلَه صورةَ ذاتِه الإلهِيَّة لكِن بِحَسَدِ إبليسَ دَخَلَ المَوتُ إِلى العالَم فيَختَبِرُه الّذينَ هم مِن حِزبِه. مُقارنة بَينَ مَصيرِ الأَبرارِ ومَصيرِ الكافِرين» (حك 2: 23- 24). هذا الكشف الإلهيّ الّذي يرويه علينا اليّوم، مؤلف سفر الحكمة، لهو قديم منذ القرن الأول قبل الميلاد، وسنراه يُعلن على لسّان يسوع بقوة في مقطع العهد الثاني بحسب إنجيل مرقس. 2. نوم الموت! (مر 5: 21- 43) نستكمل مسيرتنا الكتابيّة مع السرّد المرقسيّ تباعًا لما ذكرناه بمقال الأسبوع الماضي "الإله الّذي نجهله" (راج مر 4: 35- 41)، إذّ يواصل مرقس بشارته بعد تهدئة العاصفة، بعمليّ يسوع الإعجازييّن، بعد إنّ عبر للشّاطئ المقابل مع تلاميذه. ونحن بهذا المقال في أرض وثنيّة (راج مر 5: 1- 20) حيث يأتي يائيرس الأب ليقدم طلّبه الضروري ليسوع. لقد ناقشنا نوم يسوع بسفينة التلاميذ (راج مر 4: 38ت). بينما كانت الأمواج تتقاذف السفينة وكانت على وشك أنّ تمتلئ بمياه البحر المضطرب، حيث ينام يسوع. ومن هنا نتواصل بهذا المقال حول قضية النوم الّذي يسود في منهجيّة مرقس اللّاهوتيّة إذّ نجد فعل ينام يستخدمه الإنجيلي بطريقة غريبة جدًا. في حدث إقامة الصّبيّة الّتي ماتت وهي إبنة يائيرس، بينما الأصدقاء والأقارب يبكيون ويغلبهم اليأس، نسمع يسوع قائلاً: «ِماذا تَضِجُّونَ وتَبكون؟ لم تَمُتِ الصَّبِيَّة، وإنّما هيَ نائمة» (مر 5: 39). أمام حقيقة معينة لاحظها الجميع (آ 35)، قال يسوع شيئًا لم يسمع به من قبل وهو نوم الصّبيّة! فقد كان بطرس ويعقوب ويوحنا يذهبون مع يسوع، كتلاميذ مختارين منه ليكونوا بمثابة شهود عيّن في أوقات مهمة وبشكل خاص (وجود التلاميذ على جبل التجلي راج مت 17؛ وببستان الزيتون في ليلة آلام يسوع راج مر 14)، حيث يكشف يسوع عن هويته بشكل خاص، فقط، أمام هؤلاء الثلاث تلاميذ. هذه التفاصيل وحدها تجعلنا نفهم إنّ مرقس لا يودّ أنّ يخبرنا فقط عن إحدى الأعمال الإعجازيّة الّتي أجراها يسوع، ولكنه يساعدنا للإقتراب من أحد أعظم مظاهر هويته كإنسان وكإله معًا. للوهلة الأوّلى لا نطن أنّ الصّبيّة نائمة، إنّها ليست طريقة يعلن بها يسوع قدرته الفائقة الطبيعة بقدر إنّها إعلان إسكاتولوجيّ أي أُخروي. إعلان يسوع هو إعلان مُحدد للغاية حيث يتحدث يسوع عن الموت في شكل إستعارة النوم. هنا يعلن مرقس أُلوهيّة يسوع أمام صّبيّة ميتة، أمام حياة منزوعة منذ خطواتها الأولى بعد؛ مواجهة يسوع للعديد من الأحلام والمشاريع المحطمة الذائبة في عدم الموت. في هذا الوقت يكشف يسوع إنّ سلطان الموت مؤقت، وليس نهائيًا، والموت ليس له الكلمة الأخيرة! النوم البشري، في الواقع، ليس شيئًا نهائيًا، بل هو مؤقت كما أنّ كلّ إنسان ينام ثمّ ينهض من النوم، هكذا يكون الموت بالنسبة ليسوع على الصّليب حيث سيقوم بشكل أبديّ. 3. القدرة على الحياة (مر 5: 21- 43) يعلن يسوع هذا في اللحظة الّتي كان على وشك إقامة الصّبيّة من النوم، فله وحده القدرة على إعادتها للتمتبع بروعة الحياة. يشير السلطان ليسوع، فهو بذاته لا يمكن إنّ يملكه إلّا الله كما أشار كاتب سفر الحكمة، وهي القدرة على منح الحياة وهزيمة الموت أيضًا. هذا إعلان إستباقي ليسوع. حيث يكشف بهذا الحدث، المعنى الأعمق لمهمته الواضحة في هزيمة الموت كآخر عدو! بفضل حضوره الشافي والقوة الّتي خرجت منه والّتي تمكنت من نقل الشفاء حتّى لأولئك الّذين لمسوا مجرد رداءه: «جاءَت [إمرأَةٌ مَنزوفَةٌ] بَينَ الجَمعِ مِن خَلْفُ ولَمَسَت رِداءَه [...] فجَفَّ مَسيلُ دَمِها لِوَقتِه، وأَحَسَّت في جِسمِها إنّها بَرِئَت مِن عِلَّتِها. وشَعَرَ يسوعُ لِوَقْتِه بِالقُوَّةِ الّتي خَرجَت مِنه» (مر 5: 27- 30). هذه المرأة كادت أن تفقد حياتها من النزيف المستمر، لكن إيمانها بلمسة ثوبه ستنال الشفاء مما شعر يسوع بقوة الحياة الّتي تخرج منه لوقته. هكذا بفضل إيمان والد الصّبيّة، أصبح موتها مجرد نومًا ولم يعد بعد موتًا نهائيًا. لفهم هذه الحقيقة ليس من الضروري اللجوء إلى تفكير معقد، يكفي أنّ يكون لدينا إيمان، يكفي إنّ نعرف كيف نثق في يسوع فهو قد يكون نائمًا بسّفينة حياتنا ويعلن مرة أخرى، مُعطيًا جسدًا وصوتًا في جميع الكتب المقدسة فهو الإله الفريد، إله إسرائيل هو إله الحياة وإنّ حلمه هو أن يتمتع بروعة الحياة كل حيّ. الخلّاصة إخترنا عنوانًا لهذا المقال يجمع بين النقاط اللّاهوتيّة لسفري الحكمة (حك 1: 13- 15؛ 2: 23- 24) والبشارة المرقسيّة (5: 21- 43). ساعدتنا هذه القراءة فيما بين العهديّن، بالرغم من الإختلاف بين زمن كاتب سفر الحكمة ومكانه وزمن يسوع ومكانه، على أنّ نكتشف روعة الحياة الّتي خُلقنا لأجلها. فقد رأينا كيف كان مقنع رأي كاتب سفر الحكمة لجماعته بالرغم من معرفتهم للشريعة. علينا أن ندخل في معنى الحياة الرائعة الّتي يمنحها الرّبّ بمجانيّة وحب لكلاً منا والتوقف على الجانب الرائع بها. وعلى هذا المنوال رأينا كيف يسوع وهو الإنسان والإله، برفقة تلاميذه منحنا قوته ونحن الّذين ننزف وتهدر أيام حياتنا دّون أنّ ندري إنها تحوي قوة حبّ إلهيّة. يحمل الإعلان الإلهي بهذا المقال دعوتنا للتنعم بالحياة بما فيها من تحديات، فقد منحنا إيّاها الخالق، مدعوين للسعي للتعمق في التعّرف على حقيقة الله. حياتنا هي الحياة الّتي منحنا إياها يسوع حينما قَبِلّ نوم الموت على الصلّيب حبًا بنا. سيكون من جديد أيضًا في ساعة نومنا المؤقت ليرافقنا لمجد الآب سنعيش هذا العبور مع يسوع وسيصبح موتنا نومًا، لأنّ بعبوره الموت هزمه، وجعلنا نلمسه فمنحنا قوته ودخل قبر موتنا وأقامنا، ويستطيع إنّ يقودنا إلى ملء روعة الحياة الّتي خلقنا الله لنحياها. على مثال نازفة الدماء وهو تعبير ينمّ عن فقدان الحياة، والفتاة الّتي نامت ولكن ليس نوم الموت. سواء نزيف المرأة أم نوم الصّبيّة يشيران رمزيًا لنوم يسوع على الصلّيب الّذي منحنا الحياة بل رَوُعةُ الحياة. دُمتم في التمتع بروعة الحياة الّتي منحنا إياها الخالق وجددها في إبنه. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:40 PM | رقم المشاركة : ( 165727 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الموت هو عكس الحياة الّتي يقدمها الوحي بكلّا العهديّن. لذا سنجد كاتب سفر الحكمة في المقطع الأوّل بسفر الحكمة (حك 1: 13 – 15؛ 2: 23 – 24) يعلن بشكل مزدوج عنصر أوّل يتعلق بالله والآخر يتعلق بالإنسان. فمن ناحية يبشرنا الكاتب الحكميّ بأنّ الله لمّ يخلق إنسان للموت. الله لم يخلق الموت بل هو سيّد ومانح الحياة.بناء عليه نجد أنّ رغبته هي منح "رّوُعَةُ الحَياة: لكلّ خلائقه. ثمّ يؤكد على إنّ كلّ إنسان مخلوق لعدم الفساد. وستواصل هذا الفكر بحسب لّاهوت الإنجيليّ مرقس (مر 5: 21 – 43) حيث يُظهر يسوع في أعماله ما أعلنه كاتب سفر الحكمة بالكلمة. بمجرد أنّ نتبع أفعاله تجاه الصّبيّة الميتة والمرأة النازفة، يسطع أمامنا كقراء مؤمنين من خلال أفعل يسوع وجه الله الّذي يحبّ الحياة والّذي يعتبر الموت بالنسبة له نومًا، شيئًا عابرًا يميز حياة الخليقة، حتّى لو لم يكن النوم الكلمة الأخيرة. نحن على مثال تلاميذ يسوع مدعويّن لنكون مقتديّن بالله الّذي يحب الحياة، وما علينا إلّا أن نقبل روعة الحياة الّتي أرادها الله لنا حتّى نحياها كلّ يّوم بحسب مخطط الله بالعهد الأوّل الّذي جسّده يسوع بالعهد الثاني وإنعكس فيه وجه الله الآب |
||||
08 - 07 - 2024, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 165728 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إله الحياة (حك 1: 13- 15؛ 2: 23- 24) يتناول السفر الحكمي الشهير النص الّذي دونّه كاتب سفر الحكمة. فهو يخاطب معاصريّه، مع الأخذ في الإعتبار، الحركة العظيمة، في جماعة من أصل يهودي كانت تعيش في الإسكندرية بمصر. وهذا الجماعة والّذي يتميز بقدر كبير من عدم اليقيّن والحيرة فيما يتعلق بحدود العالم الّتي أصبحت كل يّوم واسعة بشكل متزايد واليقينيات الّتي كان يُعتقد إنّها لا تتزعزع في الماضي، والّتي يبدو الآن إنّها تتلاشى في الهواء. فإنّنا كقراء يخاطبنا مؤلف كتاب الحكمة نميل إلى الإعتقاد، مثل العديد من معاصريّ الكاتب، إنّ العالم وحياة البشر ذاتها هي شيء سريعة الزوال، ومُقدرين للتلاشى في الهواء. يبدو إنّ حياة الإنسان لا تحمل في داخلها سوى ما وراء الموت. ففي كلّ يّوم يقترب الإنسان من نهايته فهو بلا شك يقترب من الموت. للتصدي لمواجهة هذا الإغراء، الّذي ربما يكون قريبًا جدًا من طريقة تفكيرنا في هذا العصر، يؤكد مؤلف سفر الحكمة بقوة إنّ وجود العالم والإنسان ليس إعلان عن الموت، بل عن الحياة. وهنا يأتي الوحيّ الإلهي بفكر يتناقض مع الفكر البشري. إذ أنّ السرّ الكامن وراء الوجود الإنساني ليس مصيرًا أعمى وقاسيًا، بل خطة للحياة الطوباويّة. إنّ الله، بحسب قول كاتب سفر الحكمة: «لم يَصنعِ المَوت ولا يُسَرّ بِهَلاكِ الأَحْياء فإنّه خَلَقَ كُلَّ شيَءٍ لِكَي يَكون وإنّ خَلائِقَ العالَمِ مُفيدة ولَيسَ فيها سَمّ مُهلِك ولا مُلْكَ لمَثْوى الأمْوات على الأرض لإنّ البِرَّ خالِد» (حك 1: 13- 15). فقد نجد هذا منذ السطور الأوّلى بسفر التكوين. مما يؤكد أنّ الشّرّ والموت لمّ يكونا منذ البدء في خطة الله الأصليّة. بل في خطة الله، خُلق كل شيء من أجل وجود الإنسان، وكانت حياة الإنسان دائمًا الحلم الإلهي لخليقته موضحًا: «إنّ اللهَ خَلَقَ الإنسان لِعَدَم الفَساد وجعَلَه صورةَ ذاتِه الإلهِيَّة لكِن بِحَسَدِ إبليسَ دَخَلَ المَوتُ إِلى العالَم فيَختَبِرُه الّذينَ هم مِن حِزبِه. مُقارنة بَينَ مَصيرِ الأَبرارِ ومَصيرِ الكافِرين» (حك 2: 23- 24). هذا الكشف الإلهيّ الّذي يرويه علينا اليّوم، مؤلف سفر الحكمة، لهو قديم منذ القرن الأول قبل الميلاد، وسنراه يُعلن على لسّان يسوع بقوة في مقطع العهد الثاني بحسب إنجيل مرقس. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:43 PM | رقم المشاركة : ( 165729 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نوم الموت! (مر 5: 21- 43) نستكمل مسيرتنا الكتابيّة مع السرّد المرقسيّ تباعًا لما ذكرناه بمقال الأسبوع الماضي "الإله الّذي نجهله" (راج مر 4: 35- 41)، إذّ يواصل مرقس بشارته بعد تهدئة العاصفة، بعمليّ يسوع الإعجازييّن، بعد إنّ عبر للشّاطئ المقابل مع تلاميذه. ونحن بهذا المقال في أرض وثنيّة (راج مر 5: 1- 20) حيث يأتي يائيرس الأب ليقدم طلّبه الضروري ليسوع. لقد ناقشنا نوم يسوع بسفينة التلاميذ (راج مر 4: 38ت). بينما كانت الأمواج تتقاذف السفينة وكانت على وشك أنّ تمتلئ بمياه البحر المضطرب، حيث ينام يسوع. ومن هنا نتواصل بهذا المقال حول قضية النوم الّذي يسود في منهجيّة مرقس اللّاهوتيّة إذّ نجد فعل ينام يستخدمه الإنجيلي بطريقة غريبة جدًا. في حدث إقامة الصّبيّة الّتي ماتت وهي إبنة يائيرس، بينما الأصدقاء والأقارب يبكيون ويغلبهم اليأس، نسمع يسوع قائلاً: «ِماذا تَضِجُّونَ وتَبكون؟ لم تَمُتِ الصَّبِيَّة، وإنّما هيَ نائمة» (مر 5: 39). أمام حقيقة معينة لاحظها الجميع (آ 35)، قال يسوع شيئًا لم يسمع به من قبل وهو نوم الصّبيّة! فقد كان بطرس ويعقوب ويوحنا يذهبون مع يسوع، كتلاميذ مختارين منه ليكونوا بمثابة شهود عيّن في أوقات مهمة وبشكل خاص (وجود التلاميذ على جبل التجلي راج مت 17؛ وببستان الزيتون في ليلة آلام يسوع راج مر 14)، حيث يكشف يسوع عن هويته بشكل خاص، فقط، أمام هؤلاء الثلاث تلاميذ. هذه التفاصيل وحدها تجعلنا نفهم إنّ مرقس لا يودّ أنّ يخبرنا فقط عن إحدى الأعمال الإعجازيّة الّتي أجراها يسوع، ولكنه يساعدنا للإقتراب من أحد أعظم مظاهر هويته كإنسان وكإله معًا. |
||||
08 - 07 - 2024, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 165730 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القدرة على الحياة (مر 5: 21- 43) يعلن يسوع هذا في اللحظة الّتي كان على وشك إقامة الصّبيّة من النوم، فله وحده القدرة على إعادتها للتمتبع بروعة الحياة. يشير السلطان ليسوع، فهو بذاته لا يمكن إنّ يملكه إلّا الله كما أشار كاتب سفر الحكمة، وهي القدرة على منح الحياة وهزيمة الموت أيضًا. هذا إعلان إستباقي ليسوع. حيث يكشف بهذا الحدث، المعنى الأعمق لمهمته الواضحة في هزيمة الموت كآخر عدو! بفضل حضوره الشافي والقوة الّتي خرجت منه والّتي تمكنت من نقل الشفاء حتّى لأولئك الّذين لمسوا مجرد رداءه: «جاءَت [إمرأَةٌ مَنزوفَةٌ] بَينَ الجَمعِ مِن خَلْفُ ولَمَسَت رِداءَه [...] فجَفَّ مَسيلُ دَمِها لِوَقتِه، وأَحَسَّت في جِسمِها إنّها بَرِئَت مِن عِلَّتِها. وشَعَرَ يسوعُ لِوَقْتِه بِالقُوَّةِ الّتي خَرجَت مِنه» (مر 5: 27- 30). هذه المرأة كادت أن تفقد حياتها من النزيف المستمر، لكن إيمانها بلمسة ثوبه ستنال الشفاء مما شعر يسوع بقوة الحياة الّتي تخرج منه لوقته. هكذا بفضل إيمان والد الصّبيّة، أصبح موتها مجرد نومًا ولم يعد بعد موتًا نهائيًا. لفهم هذه الحقيقة ليس من الضروري اللجوء إلى تفكير معقد، يكفي أنّ يكون لدينا إيمان، يكفي إنّ نعرف كيف نثق في يسوع فهو قد يكون نائمًا بسّفينة حياتنا ويعلن مرة أخرى، مُعطيًا جسدًا وصوتًا في جميع الكتب المقدسة فهو الإله الفريد، إله إسرائيل هو إله الحياة وإنّ حلمه هو أن يتمتع بروعة الحياة كل حيّ. |
||||