23 - 06 - 2024, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 164471 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† تأمل قداسة الله وبره؛ حتى يرتفع قلبك إليه وتتعلق به في صلوات وتسابيح، وتأملات في كلامه وحينئذ يسهل عليك أن تترك خطاياك وإغراءات الشر وهذا بدوره يساعدك على رفع قلبك لله، فتنمو دائمًا في محبته، وتحتفظ بسلامك دائمًا. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 164472 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الملك وهو الله ومجده وعظمته أن يحب الحق والعدل مهما كان ثمن العدل. وخطية الإنسان استوجبت الموت الأبدي، فتجسد المسيح وفداه؛ ليوفى العدل الإلهي، ويخلص الإنسان. الله فيه كمال الاستقامة، وقد أظهر الاستقامة في ضمير الإنسان الذي خلقه، ثم في وصايا وشريعة موسى. وأخيرًا أظهر كمال الاستقامة في شريعة العهد الجديد. فهو يثبت الاستقامة إلى مدى الدهور. أعطى الله مثالًا للعالم كله في القضاء والعدل عندما اختار شعبه في العهد القديم، وأعطاه الوصايا والشريعة، وقضى بها عليهم، فأكرم الأبرار مثل إبراهيم وداود، وعاقب الأشرار مثل عاخان بن كرمى وحفنى وفينحاس، بل بارك وكافأ شعبه كله بامتلاك أرض كنعان وعاقبهم بالسبي. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 164473 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ينبغى أن المؤمنين بالله يعلوه في نظرهم وصلواتهم فوق كل قوة في العالم، فهو الإله الوحيد، ويسجدون عند قدميه، معلنين خضوعهم له، ولقداسته الكاملة. هذا يساعدهم على عبادة الله ونوال الاستنارة الروحية، فيعرفوه ويكتشفون أسراره، ويتمتعون به. "علوا الرب" تم عندما رفعوه على الصليب. والسجود عند موطئ قدميه أي السجود في هيكله في أورشليم، أو السجود في العهد الجديد عند أقدام الصليب، وهو سجود بنقاوة وقداسة؛ لأنه قدوس. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 164474 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَالْفَرِيضَةَ الَّتِي أَعْطَاهُمْ. إن الخلاص الذي تم بالصليب تكلم عنه الأنبياء في العهد القديم، ورجال الله المعروفون، مثل موسى وهارون وصموئيل. ولأن موسى وهارون وصموئيل كانوا يصلون، ويتشفعون عن شعب الله، والوظيفة الأساسية للكاهن هي التشفع في شعبه أمام الله لذا أطلق على موسى كاهن هو وصموئيل مع أنهما ليسا كاهنين، ولكنهما صليا من أجل شعب الله، كما صلى موسى من أجل الشعب عندما حارب عماليق (خر17: 8-16) وكما كان صموئيل يصلى كثيرًا من أجل شعبه (1 صم7: 8، 9). أظهر الله محبته ورعايته لشعبه بعمود السحاب الذي كان يتكلم من ورائه من داخل خيمة الاجتماع، وكان يهتم بهم لأنهم تمسكوا بوصاياه وخضعوا له. عمود السحاب يرمز لتجسد المسيح، فقد كان الله مختفيًا وراء عمود السحاب وكذلك أخفى المسيح لاهوته في جسده. وموسى وهارون وصموئيل قدموا ذبائح لحمية رمزًا للمسيح الذبيح الحقيقي على الصليب. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 164475 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ع8: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، أَنْتَ اسْتَجَبْتَ لَهُمْ. إِلهًا غَفُورًا كُنْتَ لَهُمْ، وَمُنْتَقِمًا عَلَى أَفْعَالِهِمْ. الله فرح بصلوات أولاده موسى وهارون وصموئيل وكل الأنبياء ورجال الله في العهد القديم. واستجاب لصلواتهم وقدم رعاية لشعبه، وانتقم من أعدائهم مثل عماليق والمتذمرين على الكهنوت مثل قورح وداثان وأبيرام، والفلسطينيين، وأعداء شعب الله، الذين خضعوا لداود النبي. استجابة الرب لرجاله الأتقياء كملت في تجسده وفدائه، وانتقامه من الشيطان عندما قيده على الصليب. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 164476 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا فِي جَبَلِ قُدْسِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَنَا قُدُّوسٌ. يختم كاتب المزمور مزموره بتمجيد الله الملك والسجود في جبله المقدس، ويقصد به الأماكن التي قدسها الله بحلوله، مثل جبل سيناء، وهو يؤكد هنا أهمية إكرام الله والخضوع له لنوال خلاصه. يؤكد على أهمية الصليب الذي به ننال الخلاص، والذي ارتفع على جبل الجلجثة، فعندما نسجد له نعلن خضوعنا لقداسته فننال خلاصه. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 164477 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† قدر ما تخضع لله ولمشيئته تعطى فرصة لنوال بركات الله، والخلاص من خطاياك، بل تستطيع أن تشفع في غيرك، مهتمًا بخلاص الكل. |
||||
23 - 06 - 2024, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 164478 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مريـم العذراء فـى رجاءهــا الرجـاء هو إحدى الفضائل الكبرى-“الإيـمان والرجاء والـمحبة”(1كورنثوس13:13)، وهو فضيلـة تجعلنـا نرجو بـملء الثقـة الخيرات التى وعدنـا بهـا اللـه. والرجاء يعـتمد على الإيـمان بـمحبة الله وبحكـمته وبـمواعيده الإلهيـة، وبدون ذلك لا يكون للإنسان أي رجاء لهذا قال بولس الرسول:” إنكم كنتم فى ذلك الوقت بدون مسيح أجنبييـن عن رعويـة إسرائيل وغرباء عن عهود الـموعد لا رجاء لكم، وبلا إله فى العالـم”(افسس12:2). والرجاء عطيّة مجانيـة من الله:”وربنا يسوع المسيح نفسه والله أبونا الذى أحبنـا وأعطانا عزاءً أبديـا، ورجاءً صالحاً بالنعـمة”(2تس16:2). والسيد الـمسيح هو موضوع رجاءنـا (1تيطس1:1). والرجاء هو سر الفرح فى ضيقات الحياة وسر السلام لهذا دعانا الرسول بولس قائلاً:”ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنـه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، كذلك الراقدون بيسوع سيُحضرهم الله أيضاً معه”(1تسالونيكى13:4-14). وبالرجاء نتشوق لـمواعيد الله ومجيئه فيتجاوز الإنسان آلام هذا العالـم ويشتاق للإنطلاق:”لي الحياة هى الـمسيح والـموت هو ربح..لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع الـمسيح”(فيلبي21:1و23) و”لأننا بالرجاء خلصنا، ولكن الرجاء الـمنظور ليس رجاءً، لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً، ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبـر”(رومية24:8-25). وبقدر ما ننـمو فى الإيـمان ننـمو فى الرجاء بقوة الروح القدس ولهذا قيل:”وليـملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام فى الإيـمان، لتزدادوا فى الرجاء بقوة الروح القدس”(روميـة 13:15). وإذا كان رجاءنا فقط فى هذا العالـم “فنحن أشقى الناس”(1كورنثوس19:15)، لهذا قيل:”من أجل الرجـاء الـمحفوظ لكم فى السماوات”(كولوسي5:1). لقد قال الرسول بولس “نفتخر فى الضيقات عالـمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى لأن محبة الله قد انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس الـمعطى لنا” (رومية3:1-3)، وقال ايضاً:”على حسب إنتظاري ورجائـي لا أخزى فى شيئ بل أتصرف بكل جرأة حتى أن الـمسيح يُعظّم الآن كـما عُظّم كل حين فى صبري”(فيلبي20:1). ولنـا فى عظة السيد الـمسيح على الجبل والتطويبات (متى3:5-12) والصلاة الربّيـة (متى9:6-13) لأعظم ثقـة ورجاء. وعن الرجاء فى حياة القديسة مريم العذراء سوف نراه فى محبتها للـه وثقتهـا العظمى فى قدرتـه تعالـى كقول الـمرّنم: “فأنك أنت رجائي أيها السيد الرب أنت متكلي منذ صبائـي”(مزمور5:70)، والتى إنعكست فى تسبحتهـا:”لأن القدير صنع بـي عظائم واسمه قدوس ورحمته إلى أجيال وأجيال للذين يتقونـه”(لوقا49:1-50)، وفى تسليـمهـا لـمشيئة الله “ها أنا آمـة الرب فليكن لي بحسب قولك”(لوقا38:1)، وفى فرحهـا الدائـم بعظائـم القديـر فهتفت قائلة:”تعظم نفسي الرب”(لوقا46:1)، وفى حياتهـا وخدمتهـا حتى موت إبنهـا على صليب العار ولم تيأس ويضعف رجاءهـا بل كان رجاءهـا ثابت فى أن إبنهـا يسوع هو “القدوس” و”إبن الله”(لوقا35:1) وانـه هو “الذى يخلّص شعبـه من خطاياهم”(متى21:1) وأنـه “لا يكون لـملكه إنقضاء”(لوقا33:1)، فعاشت فرح القيامة كما “فرح التلاميذ حين أبصروا الرب”(يوحنا20:20)، وظلّ رجاءهـا ثابت وواظبت على الصلاة مع التلاميذ فى العليـّة بعد صعود إبنهـا إلى السماء (أعمال14:1)، و حتى موتها وإنتقال جسدها ونفسها للسماء. لهذا “فلنصحُ لا بسين درع الإيـمان والـمحبـة وخوذة رجاء الخلاص لأن اللـه لم يجعلنـا للغضب بل لإقتنـاء الخلاص بربنـا يسوع الـمسيح الذى مات لأجلنـا”(1تسالونيكى8:5-9)، ولنكن “مستعدين دائماً للإحتجاج لكل من يسألكم حجج الرجاء الذى فيكم”(1بطرس15:3). مريـم العذراء فـى حِكـمتهــا الحِكمة أو الفطنـة هـى فضيلـة من شأنهـا أن تؤهـل من اتصف بها أن يحسن إختيار الطرق الـموصلة للخلاص. وجاء فى الكتاب الـمقدس أن يوسف قد أتاه الله “نعمة وحكمة”(أعمال10:7)، وموسى تعلّم حكمة الـمصريين، وسليـمان قد صلّى طالباً الحكمة(1ملوك9:3)، ودانيال كان مملوء من حكمة الله(دانيال14:5). ويصف الكتاب الـمقدس يسوع المسيح بأنه حكمة اللـه “حكمة الله وقوة الله”(1كورنثوس24:1)، ويقول ايضاً إنـه: “الـمدخر فيه جميع كنوز الحكمة”(كولوسي3:2). وإن الذى يسكن فيـه روح الله لا بد أن تسكن فيـه الحكمة فقد قيل عن الروح القدس إنه روح الرب “روح الحكمة والفهم، روح الـمشورة، روح الـمعرفـة”(اشعيا2:11)، وذكر الرسول بولس أن الحكمة هى من مواهب الروح القدس “فيعطى واحد بالروح كلام الحكمة”(1كورنثوس8:12). وهذه الحكمة التى من الله قال عنها القديس يعقوب الرسول:”أما الحكمة التى من فوق فإنهـا عفيفة ثم مسالـمة حليـمة سهلة الإنقياد مـملوءة رحمة وأعمال صالحة لا تدين ولا تراءى”(يعقوب17:3). ومريم أم يسوع قد إمتلأت من الروح القدس:”إن الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة العليّ تظللكِ”(لوقا35:1)، فكانت فى كل أدوار حياتهـا فـى غايـة الحِكمة بل كانت مثال الحِكمة ولهذا فيـمكنهـا بـمثال حياتهـا أن تكون نموذجـا للـمشورة والحِكمة الصالحة والتى تقود الإنسان للخلاص والحياة مع الله “فإبتغاء الحكمـة يُبلغ إلى الـملكوت”(حكمة21:6). ولقد جاء عنهـا:”لما رأته أضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية” (لوقا29:1)، “وقالت للملاك كيف يكون هذا وانا لست أعرف رجلاً” (لوقا34:1)، “وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها” (لوقا19:2).بادرت مريم بالإستفهام وبدا ينضج إيمـانها بالإستنارة”قوة العلي تظلك”وتحقق ذلك بطاعتها وتسليمها “لأن الرب يعطي حكمة ومن فمه المعرفة والفهم” (أمثال1:2) ومريم إمتلأت من نعمة الله فأعطاها الحكمة والفهم والمـعرفة والعدل والقوة (حكمة7:8). فلنطلب من اللـه أولاً هذه الحكـمة التى “من فوق” بالصلاة وفى ذلك يقول يعقوب الرسول:”إن كان أحدكم تعوزه حكـمة فليطلب من الله…وليطلب بإيـمان غير مرتاب البتـة”(يعقوب5:1-6)، فكما صلّى دانيال للـه طالباً الحكـمة لأنـه “واهب الحكمة للحكماء والعِلـم لعارفي الفِطنـة” (دانيال20:2-22). لنلتجئ إذن إلى أمنـا مريم العذراء والتى تُعطى من يلتجئ إليهـا يسوع الِحكمة الأزليـة وتسأل الروح القدس أن يهب الإنسان أن ” يعلم كل شئ” حسب وعد السيد الـمسيح لتلاميذه “وأما الـمعزّى الروح القدس الذى سيرسله الآب بإسمى فهو يُعلّمكم كل شئ ويُذّكركم كل ما قلته لكم” (يوحنا26:14). |
||||
23 - 06 - 2024, 05:47 PM | رقم المشاركة : ( 164479 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مريـم العذراء فـى تقواهـــا التقوى أو البرارة تعنى القداسة والعيش فى الحق والعدل والعمل بوصايا الله أي تعنـى الحيـاة مع اللـه وكما يقول الـمرّنم:”فى شريعة الرب هواه وفى شريعتـه يهُذّ نهاراً وليلاً”(مزمور2:1). التقوى هى أيضاً عبادة الله وحبه من كل القلب والنفس والقدرة”أحبب الرب إلهك بكل قلبِك وكل نفسِك وكل قدرتك وكل ذِهنك”(لوقا27:10). لقد وصف الكتاب الـمقدس البعض بتلك الصِفـة مثال القديس يوسف خطيب العذراء مريم “بالبار” (متى 19:1)، كما دعى من قبل نوح البار (تكوين 9:6) وأيوب الصديق (أيوب1:1)، وطوبيـا البار(طوبيا8:1). إن للرجل البار مكانة فى قلب الله حتى أنه قال لإبراهيم” إن وجدت فى سدوم خمسين باراً فى الـمدينة فإني أصفح عن الـمكان كله من أجلهم” (تك 26:18)، ويذكر الـمرنّم ذلك قائلاً:”لأنك تبارك الصديق يارب كأنه بترس تحيطه بالرضا”(مزمور12:5)، “القليل الذى للصِدّيق خير من ثروة أشرار كثيرين”(مزمور 16:37)، و”ينصرهم الرب وينجّيهم”(مزمور29:36) فمـاذا تعـنى التقوى او البرارة او الحـيـاة مـع اللـه؟ ومـا هـى فـائدتـهـا للإنسان الـمؤمـن؟ الـحـيـاة مـع اللـه تعطـى الإنسان: 1. قـوة وثـقـة “إن سرت فـى وادى ظلّ الموت لا أخاف شراً لأنك معـى” (مز4:23).. وبنفس القـوّة يقول الـمرنّم “الرب نوري وخلاصـى مـمن أخاف” (مزمور1:27)، وكذا كانت ثقـة العذراء فى الرب القدير. 2. قـوة أن لا يخطئ هكذا كان يوسف الصّديق يشعر دائـما إنـه واقف أمام الرب واللـه يراه فكيف يخطئ فصرخ صرختـه الـمعروفـة عند محاولـة زوجـة فوطيفار إغراءه بالشر “كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله”(تكوين 9:39). 3. الإيـمان بأن اللـه موجود معـنا وجود دائـم للـه فـى حياة الـمؤمن وليس وجوداً مؤقـتـا “كل الأيام وإلـى إنقضاء الدهـر”(متى20:28). 4. الـفـرح بالأبـديـةلـهـذا أعلـن القديس بولس “لـي إشتهـاء أن أنطلق وأكون مع الـمسيح فذاك أفضل جداً” (فيليبى 23:1) 5. أن يـدعـو الآخـريـن فالإنسان الـمؤمن يدعو الكل إلـى العِشـرة مع اللـه ويقول لهـم ما قالـه الـمرّنم:”ذوقـوا وأنظروا ما أطيب الرّب”… أو عندمـا عرف فيلبس يسوع دعا نثنائيل قائلا:” وجدنـا الذى كتب عنـه موسى فـى الناموس والذى كتب عنه الأنبياء”(يو45:1). 6. الشعور بوجود اللـه فـى الأماكن الـمقّدسة كـما قال يعقوب عن بيت إيـل “إن اللـه فـى هـذا الـمكان” (تكوين 16:28). 7. حب الصلاة الدائـمة والحديث مع اللـه كـما كان يفعل أباءنا القديسين “صلوا بكل صلاة ودعاء كل حين فـى الروح” (أف18:6)..وكـما طلب الـمرّنم “واحدة طلبت من الرّب وإياها ألتـمس أن أسكن فـى بيت الرب كل أيام حياتـى لكى أعاين نعيم الرّب وأتأمـل فـى هيكله” (مز4:26). 8. حـب الوجـود مـع اللـه“إلـى مـن نذهب وكلام الحياة الأبديّة هـو عندك” (يو68:6) 9. حـب تـنفيذ وصايـا الرب” مـا أشّد حبّي لشريعتك. هـى تأملي النهار كلـه” (مز97:118) لهـذا فبـالـخطيّة يزول الإحساس بالوجـود والحياة مع اللـه..ويشعر الـخاطئ بإنفصال عن اللـه. وقـد ظهـر هـذا الإنفصال فـى عـمقه حيـنما صرخ قايـين قائلا للرب ” ذنبى أعظم من أن يُـحتـمل إنك طردتنى اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك أختفـى” (تك13:4) والعذراء مريم إمتازت بعبادتهـا لله الكاملة بإيمانهـا ورجاءهـا وطهارتهـا وكانت كل أفكارها ونياتها وحواسها كلها متجهة نحو الله. لقد أتـممت رسالتها على الأرض مشابهة فى ذلك إبنهـا الإلهي القائل لأبيه السماوي:”أنا قد مجّدتك على الأرض وأتـممت الـعمل الذى أعطيتنى لأعمله”(يوحنا4:17). لقد أضافت لها الكنيسة لقب “يا إناء العبادة أو التقوى الجليلة أو السامية” لأن مريم العذراء تعطى صورة صادقـة وصحيحة للعبادة الحقّة لله. وعن حيـاة التقوى عند مريـم العذراء نجد حرصهـا على تنفيذ وصايا الله: “لـمـا تمت ثـمـانية أيام ليختتنوا الصبي سُمي يسوع كـمـا تسمـى من الـمـلاك قبل أن حبل به فى البطن” (لوقا21:2)، “ولـمـا تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به الى أورشليم ليقدموه للرب”(لوقا22:2)، “وكان أبواه يذهبان فى كل سنة الى أورشليم فى عيد الفصح”. لقد أعطت مريم نمـوذجا للإعتراف بسلطة الكنيسة وتعاليمها ووصاياها وتقديم أبنائنا لله. السير مسافات لتنفيذ الواجبات الدينية. تقديم كل مـا نمـلك للرب حتى أعز ما نمـلك وهم أولادنا. |
||||
23 - 06 - 2024, 06:01 PM | رقم المشاركة : ( 164480 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حرب ختاميّة أمر الله موسى النبي أن يقاتل المديانيّين الذين أجروا نسوة شريرات لعثرة بني إسرائيل، وذلك كآخر فصل في جهاد موسى النبي. 1. مقاتلة المديانيّين: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «اِنْتَقِمْ نَقْمَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ، ثُمَّ تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ». 3 فَكَلَّمَ مُوسَى الشَّعْبِ قَائِلًا: «جَرِّدُوا مِنْكُمْ رِجَالًا لِلْجُنْدِ، فَيَكُونُوا عَلَى مِدْيَانَ لِيَجْعَلُوا نَقْمَةَ الرَّبِّ عَلَى مِدْيَانَ. 4 أَلْفًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ تُرْسِلُونَ لِلْحَرْبِ». 5 فَاخْتِيرَ مِنْ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ أَلْفٌ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ. اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مُجَرَّدُونَ لِلْحَرْبِ. 6 فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى أَلْفًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ إِلَى الْحَرْبِ، هُمْ وَفِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ إِلَى الْحَرْبِ، وَأَمْتِعَةُ الْقُدْسِ وَأَبْوَاقُ الْهُتَافِ فِي يَدِهِ. 7 فَتَجَنَّدُوا عَلَى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ. أراد الله أن يختم موسى النبي حياته وجهاده بحرب غايتها "التقديس" بإبادة العثرة التي حطمت الشعب. لم يكن هدف الحرب هجوميًا ولا سلب غنائم لكنه أراد قتل الذين انصاغوا لكلمات بلعام فأجّروا نساء يحاربن الشعب بجمالهن والتنجس معهن يجب أن يقاتلوا حتى لا تتكرر العثرة. وكان ذلك إشارة إلى ضرورة بتر العثرة في حياة المؤمنين حتى يعيشوا بروح الغلبة والنصرة. هذا هو نهاية كل عمل لموسى النبي قبل أن يصعد إلى جبل عباريم ويرى الأرض المقدسة من بعيد. إنه غاية عمل الناموس يكشف العثرة ويسند في الجهاد ضدها لكنه لا يقدر أن يهب البرّ ولا أن يعبر بالمؤمنين إلى حدود الأرض المقدسة. إنه يبعث فينا روح الجهاد ويرتفع بنا خلال الظلّ والرمز لنرى السموات من بعيد، لكنه عاجز أن يحملنا إليها. أما ملامح هذا الجهاد الروحي المقدس فهو: أولًا: نزع العثرة: يقول العلامة أوريجينوس: [العثرات التي أُلقيت لأبناء إسرائيل سببها مكيدة المديانيّين، الذين استأجروا النساء لسلب قلوبهم حتى يخطئوا أمام الرب، فكابد بنو إسرائيل عقابًا على ارتكابهم الخطيئة، أما المديانيّون إذ سببوا السقوط في الخطيئة صاروا موضع عقوبة أشد، نتعلم من هذا أننا إذ نُعثر الآخرين فيسقطوا نكون في حالة أشرّ من ارتكابنا الخطيئة هذا ما يعلمنا إياه الرب بقوله: "خير له لو طوّق عنقه بحجر رحى وطُرح في البحر من أن يُعثر أحد هؤلاء الصغار(279)" (لو 17: 2)]. ثانيًا: حين سقط الشعب في الخطيئة انهزم إسرائيل بغير محاربين ظاهرين، إذ لا نسمع عن حرب بينه وبين المديانيّين والموآبيّين، لكن أربعة وعشرون ألفًا ماتوا بالوبأ بغير حرب (عد 25: 9). ولولا غيرة الكاهن فينحاس على المقدسات لفني الشعب كله (عد 25: 11). أما الآن وقد تقدَّس الشعب فلا حاجة لخروج رجال الحرب البالغين أكثر من ستمائة ألف رجل وإنما يكفي اختيار ألف رجل عن كل سبط ليخرج الاثنا عشر ألف رجل فيغلبوا وينتصروا. فهي ليست حرب العدد الكبير ولا الإمكانيات الحربيّة من أسلحة وتخطيطات عسكريّة، إنما هي قوة التقوى والقداسة على الشر والخطيئة. يقول العلامة أوريجينوس: [لم يحصل على النصرة بكثرة عدد الجند وإنما بواسطة برّه وتقواه... فقد قيل: إذا اتَّبعوا ناموس الرب، واحد فقط يطارد ألفًا واثنان يجعلان ألفين يهربون (لا 26: 8)(*). هكذا ترى أن قديسًا واحدًا فقط في صلواته يكون أقوى من جيش لا يُحصى من الأشرار(**). صلاة البار تخترق السماء، فكيف لا نحصل على النصرة على الأرض؟ لهذا يلزمك أن تبحث أولًا عن برّ الله (مت 6: 33)، فإننا إن وجدنا واحتفظنا به نخضع كل الأعداء بشرط أن نكون لابسين درع البرّ، ممنطقين أحقاءنا بالحق، نحمل خوذة الخلاص وسيف البرّ، نحمل فوق الكل ترس الإيمان الذي به نقدر أن نطفيء جميع سهام الشرير الملتهبة (أف 6: 14-17)... بهذه الأسلحة ينهزم كل معسكر الشياطين وجيشه ونرنم بثقة، قائلين: "إن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي، وإن قامت عليَّ حرب ففي ذلك أنا مطمئن" (مز 27: 3)]. ثالثًا: إن كان رقم (12) يشير إلى ملكوت الله على الأرض، حيث يملك الثالوث القدوس في كل جهات المسكونة (3×4) فإن رقم (1000) يشير إلى الحياة السماويّة لأن يومًا عند الرب كألف سنة. إذن فرقم (12.000) يشير إلى ملكوت الله السماوي على الأرض، هذا الذي له الغلبة على روح الشرّ والعثرة. من ينضم إلى العضويّة في مملكة المسيح الروحيّة، حاملًا السمات السماويّة ينهزم أمامه إبليس وكل جنوده. رابعًا: لم نسمع في هذه الحرب عن قيادات عسكريّة ولا استعدادات بالأسلحة لكننا نقرأ: "فأرسلهم موسى ألفًا من كل سبط إلى الحرب هم وفينحاس بن ألِعازار الكاهن إلى الحرب وأمتعة القدس وأبواق هتاف في يده" [7]. كانت طاقات الحرب هي الألف رجل أي الحياة السماويّة التي تسمو على الخطيّة وترتفع فوق كل إغراءاتها، تحت قيادة فينحاس الكاهن الغيور على مقدسات الله الذي يشير إلى العبادة الناريّة بالروح القدس والملتهبة بلا انقطاع، وأمتعة القدس خاصة تابوت العهد الذي يشير إلى حضرة الله كسرّ تقديسنا ونصرتنا، وأبواق هتاف تشير إلى كلمة الله إذ هي "حيّة وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب 4: 12). هذه هي الإعدادات الحقيقيّة للغلبة في الحرب الروحيّة: الحياة بفكر سماوي، العبادة الملتهبة غير المتقطعة، والشعور بحضرة الله الدائمة، التمسك بكلمة الله. خامسًا: كانت الحرب موجهة ضد "كل ذكر". قُلنا أن الذكر يشير إلى الفكر أو العقل أو النفس كما أن الأنثى تشير إلى الجسد أو العمل أو العاطفة. ففي حربنا ضد الخطيّة نصوِّب سِهامنا الروحيّة ضد كل فِكْر شرير، هذا الذي يفسد النفس والجسد معًا. نحن لا نعادي الجسد بل نقاوِم الفكر المُفْسِد له ولعواطفه وأحاسيسه. 2. قتل الملوك وبلعام: "وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاَهُمْ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابعَ. خَمْسَةَ مُلُوكِ مِدْيَانَ. وَبَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ قَتَلُوهُ بِالسَّيْفِ" [8]. بجانب كل ذكر أي كل فكر شرير قتلوا الملوك الخمسة المذكورة أسمائهم أعلاه مع بلعام... من هم هؤلاء الملوك الخمسة ومن هو بلعام؟ أولًا: من هم هؤلاء الملوك الخمس إلاَّ الحواس التي ينبغي أن تموت عن الخطيّة لتتمتع بالحياة المقدسة! فلا حياة لهذه الحواس ما لم تمت أولًا بالصليب عن أعمال الإنسان العتيق. يتحدث العلامة أوريجينوس عن الملوك الخمسة، قائلًا: [بالاختصار الذين يسيرون على الرذائل -حسب الكتاب المقدس- هم خمسة ملوك، بهذا نتعلم بوضوح أن كل رذيلة تسود على الجسد تتبع أحد الحواس الخمسة. إذًا يجب قتل الحواس الخمسة في مملكة المديانيّين لكي يسودهم البرّ عِوَض الرذائل وعِوَض العمل المعثر يصير العمل الصالح الذي للبنيان، لأن هذه الحواس كانت تُستخدم للعثرة لدى المديانيّين. لهذا أمر الرب "إن كانت عينك اليمين تعثرك فاقلعها والقها عنك" (مت 5: 29-30). ها نحن نرى الرب يأمر بنزع الملوك الخمسة وقتلهم، "لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم". إنه لا يأمرنا بقلع العين الجسديّة وَبَتْر اليد أو الرجل الجسديتين، إنما يأمر ببتر الحِسّ الجسداني المُنحرف بالشهوات الجسديّة، لكي "تنظر عيناك إلى قدامك وأجفانك إلى أمامك مستقيمًا" (أم 4: 25). لكيما تسمع آذانك كلمة الله وتلتهمها، وتلمس يداك كلمة الله وتلتصق بها. بهذا فإنه إذ يموت ملوك المديانيّين وتقتلع الرذائل المعثرة يسود برّ سيدنا يسوع المسيح، إذ "منه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرًا وقداسة وفداءً" (1 كو 1: 30)]. هكذا يموت الملوك الخمسة فلا يكون للشيطان سلطانًا على حواسنا لا لنعيش بلا حواس في جحود، وإنما لتنطلق أحاسيسنا ملتهبة بالروح القدس لحساب الملك الجديد رب المجد يسوع. ثانيًا: هؤلاء الملوك تحمل أسماءهم معانٍ رمزيّة، فالملك "أوي" يشير إلى الرغبة كما يرى البعض. وكأن بدء الملوك بعد "الفكر" هو "الرغبة"، متى سيطر عليها إبليس وملك حطم حياة الإنسان واستعبدها. عمل الروح القدس في حياة الناس هو تحويل "الرغبة" من مملكة الخطيّة إلى مملكة البرّ، أو من أسر إبليس إلى حريّة الحياة في المسيح يسوع ربنا. غير أن العلامة أوريجينوس يرى أن كلمة "أوي" تعني "حيوان مفترس"، لهذا فمع قتل كل فكر شرير "كل ذكر" يلزم على المؤمن أن يبدد العادات الحيوانيّة المتوحشة، قائلًا: [كيف يمكنك أن تتمتع بالتطويب: "طوبى للودعاء" (مت 5: 5)، ما لم تقتل أولًا أوي وتسلم الغضب المتوحش للموت؟ في رأيي أن الكتاب المقدس لا يذكر هذه الأسماء ليروي قصة، إنما يقدمها لأجل معرفة الحقائق... . إن النص السماوي -كما أعتقد تمامًا- تعليم النفوس، إذ يريدنا أن نحارب هذه الأنواع من الرذائل. لنطردها عن مسكنها الذي في داخل أجسادنا. لنطرد هؤلاء الملوك من مملكة أجسادنا. هذا ما يقوله الرسول بوضوح: "لا تملكن الخطيّة على جسدكم الفاني"]. ثالثًا: الملك الثاني الذي ينبغي قتله هو "راقم"، الذي يعني "رقش" أو "تلوين". إن كان الملك الأول يمثل العنف والشراسة فإن هذا الملك يحارب الروح باتجاه مضاد وهو التلون ومجاراة الناس والمداهنة لاقتناص النفس. الأول يقتل النفس بعنف والثاني يقتلها باللطف المخادع. لهذا يحثنا القديس أغسطينوس أن نحذر الذئب حتى إن لاطفنا أو عانقنا، ولا نخشَ الحمامة حتى إن دخلت معنا في صراع إذ يقول: [الحمامة تحب حتى في صراعها، والذئب يبغض حتى وهو يعانق]. لنقتل هذا الذئب (الشيطان) حتى في ملاطفته إيانا. عن هذا الملك المخادع يقول داود النبي: "أنعم من الزبدة فمه وقلبه قتال، ألين من الزيت كلماته وهي سيف مسلولة" (مز 55: 21). رابعًا: الملك الثالث يدعى "صور" أي "صخر"، هذا الذي يفقد الإنسان إنسانيته فيكون قلبًا قاسيًا كالصخرة. لهذا يقول الرب: "وأعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل روحًا جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم" (حز 36: 26). إنه يقتل الملك "صور" ليملك بروحه القدوس فيقيم قلبًا لحميًا ومملكة مملوءة حبًا عِوَض العنف والقسوة. خامسًا:الملك الرابع هو حور، وهو اسم مصري في الغالب مشتق عن الإله حورس . وإن كان البعض يراه اسمًا أكاديًا يعني "طفل". وهو يقاوم الإنسان لا كالملك السابق بتحجير قلبه وإنما يجعله كطفل يلهو في غير جدية. يمارس عبادته في استهتار واستهانة، ولا يتطلَّع إلى خلاص نفسه وأبديته برجولة ناضجة. سادسًا:الملك الخامس وهو "رابع" ويعني "الرابع"، ربما يشير إلى الحياة الجسدانيّة الزمنيّة، إذ رقم (4) يشير إلى الأرض باتجاهاتها الأربعة. هذا هو الملك الشرير الذي يربط قلب الإنسان بالأرض فلا تقدر النفس أن تنطلق بجناحي الحمامة إلى الأعالي، بل تنجذب دومًا نحو أمور هذا العالم الزائلة. هذا الذي قدم المشورة الشريرة لبالاق بإلقاء معثرة للشعب خلال النساء الشريرات... إنه يليق بنا إبادة كل مجال للعثرة! 3. الغنائم: 9 وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ. 10 وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. 11 وَأَخَذُوا كُلَّ الْغَنِيمَةِ وَكُلَّ النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، 12 وَأَتَوْا إِلَى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَإِلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْغَنِيمَةِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا. ماذا فعل المنتصرون ببني مديان؟ أولًا: سبوا النساء وأطفالهن وجميع البهائم والمواشي وكل الممتلكات؛ كان ذلك عملًا رمزيًا للإنسان الغالب روحيًا فإنه يسبي الجسد "النساء" ليعمل لحساب الله في اتفاق مع النفس. أما الأطفال فيشيرون إلى الثمار، فعِوَض أن يكون الجسد بأعماله يخدم الشيطان يصير آلة برّ لله، مقدسًا وطاهرًا. أما البهائم وكل الممتلكات فتشير إلى الغرائز والطاقات... هذه التي كانت دنسة تصير مقدسة، وعِوَض أن تكون ثقلًا تصير معينًا لنا في عبادتنا لله. إيماننا لا يحمل عداوة ضد الجسد ولا ضد أحاسيسه أو عواطفه أو أعماله أو طاقاته ومواهبه، إنما يحمل تحولًا جذريًا له بكل ممتلكاته وأعماله للعمل لحساب مملكة المسيح. ثانيًا: حرق جميع المدن والحصون بالنار، إذ يغلب الإنسان روحيًا لا يستهين بالصغائر بل يحطم كل موضع فيه عثرة، قاطعًا كل جذور الخطيّة من قلبه، لكي لا يكون لعدو الخير حق الدخول إليه من جديد. إن كل تهاون في تنظيف القلب تمامًا من كل آثار الخطيّة يعطي لها حق الرجوع إلى موضعها في الوقت المناسب لها. ثالثًا: أخذوا الغنيمة وجاءوا بها إلى موسى وألِعازار الكاهن وإلى الجماعة، "إلى المَحَلَّة، إلى عربات موآب التي على أردن أريحا" (ع 12). قلنا أن هذه الغنائم تشير إلى تقديس الجسد بكل طاقاته فيتحوَّل من العداوة ضد الروح (غل 5: 17) ليصير بأعضائه "آلات برّ لله" (رو 6: 13)... لكن ما هو سرّ تقديسها؟ أ. جاءوا بالغنائم إلى موسى مستلم الشريعة إعلانًا عن أن الوصيّة أو كلمة الله هي سرّ تقديس الإنسان بكل أعضائه. "كلمة الله حيّة وفعالة..." (عب 4: 12)، يحفظها الإنسان في قلبه فتقدس كل ما له وتنزع عنه الخطيئة: "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك" (مز 119: 11). وجد فيها المرتل سرّ حياته الروحيّة، إذ يقول: "لصقت بالتراب نفسي فأحيني حسب كلمتك" (مز 119: 25)، أي لصقت نفسه بالجسد بكل شهواته وليس من يعين هذه النفس إلاَّ كلمة الله التي تهبه حياة من بعد الموت بالخطيّة. ب. جاءوا بها إلى ألِعازار الكاهن إلى الجماعة إلى جوار الأردن. هنا إشارة إلى تقديس الجسد بكل طاقاته خلال مياه المعموديّة المقدسة، الأردن، بواسطة الكهنوت وسط الجماعة أي الكنيسة. ففي الجرن المقدس يحطم السيد المسيح إبليس ويعطي للإنسان إمكانيّة الحياة الجديدة، الحياة المُقامة معه (كو 4: 6). 4. قتل الشريرات: 13 فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ الْجَمَاعَةِ لاسْتِقْبَالِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ. 14 فَسَخَطَ مُوسَى عَلَى وُكَلاَءِ الْجَيْشِ، رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنْ جُنْدِ الْحَرْبِ. 15 وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «هَلْ أَبْقَيْتُمْ كُلَّ أُنْثَى حَيَّةً؟ 16 إِنَّ هؤُلاَءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، حَسَبَ كَلاَمِ بَلْعَامَ، سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ، فَكَانَ الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 17 فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلًا بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. 18 لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ. 19 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَانْزِلُوا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَطَهَّرُوا كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا، وَكُلُّ مَنْ مَسَّ قَتِيلًا، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفِي السَّابعِ، أَنْتُمْ وَسَبْيُكُمْ. 20 وَكُلُّ ثَوْبٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ جِلْدٍ، وَكُلُّ مَصْنُوعٍ مِنْ شَعْرِ مَعْزٍ، وَكُلُّ مَتَاعٍ مِنْ خَشَبٍ، تُطَهِّرُونَهُ». سخط موسى على رؤساء الألوف ورؤساء المئات الذين وإن كانوا قد غلبوا المديانيّين وجاءوا بغنائم كثيرة لكنهم احتفظوا بالنساء الشريرات اللواتي كن سبب عثرة للشعب، لهذا أمر بقتل كل امرأة قدَّمت جسدها للشرّ للشعب واعترته. وكأن موسى أراد ألاَّ يترك مجالًا للسقوط مرة أخرى باختفاء العثرة داخل الشعب. لقد قُتلت النساء الشريرات وأطفالهن الذين كانوا ثمرة النجاسة. وكأنه لم يُرد أن يترك أثرًا حتى لتذكار الشرّ حتى لا يعود إليه الإنسان من جديد. 5. تطهير المعادن والثياب: 21 وَقَالَ أَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ لِرِجَالِ الْجُنْدِ الَّذِينَ ذَهَبُوا لِلْحَرْبِ: «هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ مُوسَى: 22 اَلذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالنُّحَاسُ وَالْحَدِيدُ وَالْقَصْدِيرُ وَالرَّصَاصُ، 23 كُلُّ مَا يَدْخُلُ النَّارَ، تُجِيزُونَهُ فِي النَّارِ فَيَكُونُ طَاهِرًا، غَيْرَ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ بِمَاءِ النَّجَاسَةِ. وَأَمَّا كُلُّ مَا لاَ يَدْخُلُ النَّارَ فَتُجِيزُونَهُ فِي الْمَاءِ. 24 وَتَغْسِلُونَ ثِيَابَكُمْ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ فَتَكُونُونَ طَاهِرِينَ، وَبَعْدَ ذلِكَ تَدْخُلُونَ الْمَحَلَّةَ». طلب ألِعازار رئيس الكهنة من الجند القادمين من المعركة أن يقدموا المعادن التي يمكن أن تجتاز النار مثل "الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير والرصاص" (ع 22) لكي يُجيزونه في النار فيكون طاهرًا غير أنه يتطهر بماء النجاسة (الماء الذي يطهّر من النجاسة ع 19)، أما ما لا يدخل في النار فيُجيزونه في الماء. ورجال الحرب أنفسهم إذ لمسوا المديانيّين وقتلوهم يغسلون ثيابهم في اليوم السابع ليتطهروا وعندئذٍ يدخلون المَحَلَّة (ع 24). نلاحظ في هذه الشريعة: أولًا: صورة رمزيّة رائعة لجيش الله الروحي الذي غلب وانتصر على الخطيّة منطلقًا نحو المَحَلَّة الحقيقيّة، أورشليم "مسكن الله مع الناس" (رؤ 21: 3). إنهم ينطلقون نحو عريسهم ليستريحوا معه وفيه في أحضان أبيه القدوس وأعمالهم تتبعهم. يحملون معهم الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير والرصاص، يحملون معهم ثيابهم وقد غسلوها وبيَّضوها في دم الخروف (رؤ 7: 14). ما هو هذا الذهب الذي اجتاز النار إلاَّ الحياة السماويّة التي انسكبت في حياة المجاهدين خلال الروح القدس الناري. وما هي الفضة إلاَّ الكرازة بكلمة الله التي صُفيت كما بنار سبع مرات (مز 12: 6) وهكذا يدخل المؤمنون إلى المَحَلَّة السماويّة يحملون أتعاب محبتهم، يقدمونها ثمرًا نفيسًا للعريس المتهلل بعروسه المقدسة فيه. أما الثياب المغتسلة بالدم فتشير إلى أجسادنا التي تقوم في يوم الرب العظيم وقد تقدست في دم المسيح لتشارك النفوس إكليلها الأبدي وأمجادها السماويّة. ثانيًا:العجيب أن الشريعة حسبت هؤلاء المجاهدين الذين صارعوا مع الخطيّة وغلبوا أنهم في حالة نجاسة، يلزمهم أن تغتسل ثيابهم في اليوم السابع ليدخلوا المَحَلَّة. كأن الرب أراد أن يؤكد أن جميع المجاهدين -مهما بلغت قامتهم الروحيّة- يتعرّضون للضعف، وهم محتاجون إلى التستر في دم السيد المسيح المطهّر من كل خطيّة. إنهم وإن حُسبوا أبطالًا لكن دخولهم المَحَلَّة لن يكون قانونيًا إلاَّ خلال السيد المسيح الذي يطهّر البشريّة من كل نجاسة. 6. توزيع الغنائم: 25 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 26 «أَحْصِ النَّهْبَ الْمَسْبِيَّ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، أَنْتَ وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ وَرُؤُوسُ آبَاءِ الْجَمَاعَةِ. 27 وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الَّذِينَ بَاشَرُوا الْقِتَالَ الْخَارِجِينَ إِلَى الْحَرْبِ، وَبَيْنَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ. 28 وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الْحَرْبِ الْخَارِجِينَ إِلَى الْقِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْسًا مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْغَنَمِ. 29 مِنْ نِصْفِهِمْ تَأْخُذُونَهَا وَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ رَفِيعَةً لِلرَّبِّ. 30 وَمِنْ نِصْفِ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَأْخُذُ وَاحِدَةً مَأْخُوذَةً مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْغَنَمِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ، وَتُعْطِيهَا لِلاَّوِيِّينَ الْحَافِظِينَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الرَّبِّ». 31 فَفَعَلَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 32 وَكَانَ النَّهْبُ فَضْلَةُ الْغَنِيمَةِ الَّتِي اغْتَنَمَهَا رِجَالُ الْجُنْدِ: مِنَ الْغَنَمِ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَلْفًا، 33 وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ أَلْفًا، 34 وَمِنَ الْحَمِيرِ وَاحِدًا وَسِتِّينَ أَلْفًا، 35 وَمِنْ نُفُوسِ النَّاسِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ، جَمِيعِ النُّفُوسِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ أَلْفًا. 36 وَكَانَ النِّصْفُ نَصِيبُ الْخَارِجِينَ إِلَى الْحَرْبِ: عَدَدُ الْغَنَمِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ. 37 وَكَانَتِ الزَّكَاةُ لِلرَّبِّ مِنَ الْغَنَمِ سِتَّ مِئَةٍ وَخَمْسَةً وَسَبْعِينَ، 38 وَالْبَقَرُ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، 39 وَالْحَمِيرُ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ وَاحِدًا وَسِتِّينَ، 40 وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ نَفْسًا. 41 فَأَعْطَى مُوسَى الزَّكَاةَ رَفِيعَةَ الرَّبِّ لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 42 وَأَمَّا نِصْفُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَسَمَهُ مُوسَى مِنَ الرِّجَالِ الْمُتَجَنِّدِينَ: 43 فَكَانَ نِصْفُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْغَنَمِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، 44 وَمِنَ الْبَقَرِ سِتَّةً وَثَلاَثِينَ أَلْفًا، 45 وَمِنَ الْحَمِيرِ ثَلاَثِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِئَةٍ، 46 وَمِنْ نُفُوسِ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا. 47 فَأَخَذَ مُوسَى مِنْ نِصْفِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمَأْخُوذِ وَاحِدًا مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ، وَأَعْطَاهَا لِلاَّوِيِّينَ الْحَافِظِينَ شَعَائِرَ مَسْكَنِ الرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 48 ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مُوسَى الْوُكَلاَءُ الَّذِينَ عَلَى أُلُوفِ الْجُنْدِ، رُؤَسَاءُ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءُ الْمِئَاتِ، 49 وَقَالُوا لِمُوسَى: «عَبِيدُكَ قَدْ أَخَذُوا عَدَدَ رِجَالِ الْحَرْبِ الَّذِينَ فِي أَيْدِينَا فَلَمْ يُفْقَدْ مِنَّا إِنْسَانٌ. 50 فَقَدْ قَدَّمْنَا قُرْبَانَ الرَّبِّ، كُلُّ وَاحِدٍ مَا وَجَدَهُ، أَمْتِعَةَ ذَهَبٍ: حُجُولًا وَأَسَاوِرَ وَخَوَاتِمَ وَأَقْرَاطًا وَقَلاَئِدَ، لِلتَّكْفِيرِ عَنْ أَنْفُسِنَا أَمَامَ الرَّبِّ». 51 فَأَخَذَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ الذَّهَبَ مِنْهُمْ، كُلَّ أَمْتِعَةٍ مَصْنُوعَةٍ. 52 وَكَانَ كُلُّ ذَهَبِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي رَفَعُوهَا لِلرَّبِّ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ شَاقِلًا مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ. 53 أَمَّا رِجَالُ الْجُنْدِ فَاغْتَنَمُوا كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ. 54 فَأَخَذَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ الذَّهَبَ مِنْ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَأَتَيَا بِهِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تَذْكَارًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَامَ الرَّبِّ. يُلاحظ في توزيع الغنائم الآتي: أولًا: نصف الغنائم تُوزع على رجال الحرب (12,000) بينما النصف الآخر على بقية الشعب (أكثر من 600,000 رجل - 12,000)، وكأن رجل الحرب الغالب يأخذ أكثر من (50) ضعفًا مما يأخذ الإنسان العادي. هكذا يكلل الله المجاهدين الغالبين بامتيازات خاصة، إذ يقول الرب نفسه: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو 14: 2). ويقول الرسول بولس: "لأن نجمًا يمتاز عن نجم في المجد" (1 كو 15: 41). وقد رأينا ذلك الأمر واضحًا حتى في تقسيم أرض الموعد [راجع تفسير عدد 26: 55]. ثانيًا: مع أن الغنائم وُزعت عليهم كمكافأة إلهيّة، لكن التزم الكل أن يقدم منها زكاة أو رفائع للرب (ع 28). فالمجاهدون الغالبون يقدمون نفسًا عن كل خمسمائة نفس، وحيوانًا عن كل خمسمائة حيوان، أما البقية فتقدم واحد عن كل خمسين. هكذا في نصرتنا ونحن نتقبل هبات إلهيّة نقدم له من هباته تقدمات حب له، علامة الحب المتبادل. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن العطاء هنا تاكيد أن القيادة الحقيقيّة في هذه الحرب كانت للرب نفسه، هو الذي غلب بهم، فنقدم نصيبه في الغنيمة لكهنته وخدام بيته. هنا رقم (500)، ورقم (50) يُذكِّرنا بالمثل الذي قاله السيد المسيح عن الدائن الذي سامح المدينان، الأول عليه خمسمائة والثاني خمسون دينارًا (لو 7: 41-42)، فالأول يحب الدائن أكثر. هذان الرقمان كما سبق فقلنا(286) يشيران إلى الحريّة، حيث في سن الخمسين يتحرر اللاوي من خدمة المسكن المنظور ليستعد للمسكن غير المنظور، وفي يوم الخمسين حلّ الروح القدس ليهب البشريّة الحريّة من الخطيّة في استحقاقات الدم، وفي اليوبيل (السنة الخمسين) تتحرر الأرض ويتحرر العبيد ويتحرر الإنسان من كل دينونة إلخ... إذن ما يدفعه هؤلاء إنما يجعلهم أحرارًا في تصرفهم فيما تبقى لهم. ثالثًا: شملت الغنائم أنفسًا بشريّة (نساء وأطفال) مع حيوانات إشارة إلى أسر كل فكر فينا إلى طاعة المسيح (2 كو 10: 5). ما كان تحت سلطان ملوك مديان يُنزع منهم ليصير تحت قيادة السيد المسيح نفسه. رابعًا: أخذ موسى وألِعازار الذهب وأتيا به إلى خيمة الاجتماع تذكارًا للشعب أمام الرب (ع 54). إن كان الذهب يشير للحياة السماويّة فإنه وحده دون غيره من الغنائم يبقى في حضرة الرب، لأن كل ما هو ليس سماوي، حتى وإن كان عطيّة من قِبَل الله سينتهي أمام الفكر السماوي والحياة السماويّة التي تعمل فينا فهي تبقى لنا أمام الرب تشهد عن غلبتنا ونصرتنا لحسابه. أرض جلعاد إذ نُصبت خيام الشعب في سهول موآب تطلَّع سبطا رأوبين وجاد إلى أرض جلعاد فاشتهيا أن يملكاها لأنها أرض رعي وهما سبطان يملكان ثروة عظيمة من الأغنام. 1. طلب أرض جلعاد: 1 وَأَمَّا بَنُو رَأُوبَيْنَ وَبَنُو جَادَ فَكَانَ لَهُمْ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ وَافِرَةٌ جِدًّا. فَلَمَّا رَأَوْا أَرْضَ يَعْزِيرَ وَأَرْضَ جِلْعَادَ، وَإِذَا الْمَكَانُ مَكَانُ مَوَاشٍ، 2 أَتَى بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ وَكَلَّمُوا مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَرُؤَسَاءِ الْجَمَاعَةِ قَائِلِينَ: 3 «عَطَارُوتُ وَدِيبُونُ وَيَعْزِيرُ وَنِمْرَةُ وَحَشْبُونُ وَأَلِعَالَةُ وَشَبَامُ وَنَبُو وَبَعُونُ، 4 الأَرْضُ الَّتِي ضَرَبَهَا الرَّبُّ قُدَّامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، هِيَ أَرْضُ مَوَاشٍ، وَلِعَبِيدِكَ مَوَاشٍ». 5 ثُمَّ قَالُوا: «إِنْ وَجَدْنَا نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلْتُعْطَ هذِهِ الأَرْضُ لِعَبِيدِكَ مُلْكًا، وَلاَ تُعَبِّرْنَا الأُرْدُنَّ». إذ استولى الشعب على منطقة شرقي الأردن في طريقهم لعبور الأردن والتمتع بأرض الميعاد طلب سبطا رأوبين وجاد أن يمتلكا هذه الأرض ولا يعبرا الأردن مع بقية الجماعة (ع 5) ويشتركا معهم في أرض الموعد. وربما طلب أيضًا معهما نصف سبط منسى نفس الأمر. أما عن جلعاد، فيرى البعض أنها مشتقة عن العربية وتعني قاسي أو خشن، ويرى البعض أنها تعني "رجمة الشهادة" (تك 31: 47) حيث أقام هناك يعقوب رجمة علامة العهد الذي قطع بينه وبين خاله. تحمل جلعاد معنى واسع يشمل كل المنطقة شرق الأردن (تث 34: 1، يش 22: 9، قض 20: 1، 2 صم 2: 9؛ 1 مك 5: 17، 24-27). أما جلعاد بمفهوم أكثر تحديد فهو منطقة جبليّة شرق الأردن تشمل حاليًا البلقاء الحديثة، غرب عمون عند حدود حشبون تقريبًا من جهة الجنوب وحدود يرموك من جهة الجنوب. يبلغ ارتفاعها حواي "2000" قدم فوق مستوى البحر، تشمل في بعض المناطق غابات وأيضًا حقول ووديان ومجاري مياه. تصلح للرعي حتى شبَّه العريس عروسه بقطيع معز رابض على جبل جلعاد (نش 4: 1، 6: 5). تشتهر بنوع من الأشجار يخرج منه مادة صمغيّة تسمى بلسان جلعاد ذات خواطر طيبة (إر 8: 22، 46: 11) قيل أن عصيره كان يُستخدم كعلاج للالتهابات وإن قيمته كانت مرتفعة جدًا حتى أنه في زمن الإسكندر كانت قيمته تقدر بضعفي وزنه من الفضة وجاء في سفر التكوين (تك 37: 25) أنه يمثل تجارة هامة. حينما يتحدث الأنبياء عن إصلاح حال إسرائيل الجديد في العصر الماسياني يذكرون جلعاد كشبع لنفسه (إر 50: 19، ميخا 7: 14، زك 10: 10). نعود إلى سفر العدد لنرى سبطي رأوبين وجاد اشتهيا هذه الأرض مقدمان لموسى النبي وألِعازار رئيس الكهنة ورؤساء الجماعة هذا التعليل: عطاروت وديبون ويعزير ونمرة وحشبون وألِعالة وشَبام ونبو وبَعون، الأرض التي ضربها الرب قدام بني إسرائيل. 1. "حشبون" اسم موآبي يعني "حشبان" أو "تدبير"، لا تزال تُعرف باسم حسبان، وهي مدينة خربة قائمة على تل منعزل بن أرنون ويبوق، على بُعد حوالي سبعة أميال ونصف شمال ميدَبَا. يوجد هناك خزان مياه عظيم شرقي خرائب المدينة، ربما يكون إحدى البِرَك التي كانت خارج أسوار المدينة (نش 7: 4). "هي أرض مواشٍ ولعبيدك مواشٍ... إن وجدنا نعمة في عينيك فلتعطِ هذه الأرض لعبيدك ملكًا ولا تُعبِّرنا الأردن" [4، 5]. لقد أرادوا امتلاك المنطقة ببلادها، خاصة البلاد التالية: أ. عطاروت: اسم عبري يعني "أكاليل" أو "تيجان(289)". وربما يعني "حظيرة غنم(290)". غالبًا هي خربة عطاروس الحالية، على المنحدر الغربي من جبل عطاروس، تبعد ثمانية أميال شمال غرب ديبون (ذيبان)، وثلاثة أميال شمال شرق فخاروس التي استشهد فيها القدِّيس يوحنا المعمدان. ب. ديبون: اسم موآبي يعني "انحلال" وهي مدينة استولى عليها سيحون ملك الأموريّين من موآب (عدد 21: 26-30)، تسمى بالعربية ذيبان، وهي خربة تبعد ثلاثة أميال شمال نهر الأردن وميلان شمال غرب عروعير وأربعون ميلًا جنوب عمان في عام 1868م. وجد في خرائبها حجر موآب المشهور. ج. يعزير: تعني "معين". أخذ سبط جاد هذه المدينة (يش 13: 25) وأعادوا بناءها، صارت مدينة للاويين (يش 21: 39، 1 أي 6: 81). استولى عليها بنو موآب (إش 16: 8-9، إر 48: 32) وأعادها يهوذا المكابي من العمونيّين (1 مك 5: 8). عرفت يعزير بكرومها (إش 16: 8، إر 48: 32). بحسب يوسابيوس تبعد يعزير "10" أميال رومانيّة غرب ربة عمون و"15" (شمال) حشبون. د. نمرة: أو بيت نمرة، وتعني "بيت النمر(291)". وهي تل البليبل بالقرب من تل نمرين، تبعد عشرة أميال إلى الشمال من البحر الميت وثلاثة أميال إلى الشرق من مجرى الأردن. ه. ألعالة: كلمة عبريّة تعني "الله عال"، أعاد بناءها سبط رأوبين، وقد سقطت في يد بني موآب (إش 15: 4، 16: 9، إر 48: 34). خربها تدعى "العال" على قمة تل يبعد حوالي ميل شمال حشبون. و. شبام: ومونثا "سبمة" (عد 32: 38)، ويعني "بارد أو باردة"، صارت من نصيب رأوبين (يش 13: 19) واستولى عليها بنو موآب. عرفت بكرومها (إش 16: 8-9، إر 48: 32). حسب القدِّيس ﭽيروم تبعد حوالي نصف ميل من حشبون. حاليًا تسمى قرن الكبش بين حسبان ونبو، وتبعد ثلاثة أميال شمال شرق صياغة على وادي سلامة. ز. نبو: كلمة أشورية تعني "مذيع"، وهو اسم إله بابلي يسيطر على الأدب والعلم، ابن بعل مردوخ ورسوله، الذي يفسر إرادته للقابلين للموت. أما المدينة التي تحمل هذا الاسم فتقع على جبل نبو أو بجواره، الجبل الذي وقف عليه موسى النبي ليرى منه كنعان (تث 34: 1)، تبعد المدينة خمسة أميال جنوب شرقي حسبان، خاليًا هي خربة المخيط Khirbet al-Mukhayyat. بناها سبط رأوبين أي أعادوا بناءها، وبحسب ما جاء في الحجر الموآبي أن ملك موآب استولى عليها. وقد ذكرت ضمن مدن موآب في النبوات ضد بني موآب (إش 15: 2، إر 48: 1، 22). ح. بعون: أو بعل معون، أو بيت بعل معون (يش 13: 17)، أويال جنوب غرب بيت معون (إر 48: 23)، وتعني "بعل المسكن". حاليًا تُدْعَى "ماعين" Ma'in تبعد "9" أميال جنوب غربي حسبان، وحوالي "5" أميال جنوب غربي ميدَبَا (1 مك 9: 36). لماذا أراد سبطا رأوبين وجاد ونصف سبط مَنَسَّى أرض جلعاد؟ أولًا: السبب الواضح هو اشتياقهم لهذه الأرض لما اتسمت به من صلاحية للرعي، وقد ملك سبط رأوبين وجاد مواشي وفيرة جدًا، فأحسوا أنهم أحوج إلى هذه الأرض من غيرهم. إنها "شهوة العيون وتعظم المعيشة" (1 يو 2: 16) اللتان أفقدتا السبطين تطلعهما إلى الأرض التي وُهبت للجماعة كلها من قِبَل الرب، تفيض لبنًا وعسلًا. اختار السبطان بمنظار بشري ولم يدركا أنهما بهذا ينالان أرضًا بلا حدود طبيعيّة تعرضهما لهجمات الأعداء حتى اضطر إخوتهما للتدخل لإنقاذهما (1 صم 11، 1 مل 22: 3) بجانب بعد الأرض عن الجماعة فصارا كمن في عزلة. يتطلّع الإنسان بمنظار بشري ضعيف وقصير المدى فيشتهي لنفسه أمورًا قد تضره وتحرمه من بركات روحيّة وزمنيّة في نفس الوقت. ثانيًا: لعل السبب النفسي الخفي لاختيار هذا الموضع هو شعور رأوبين بن يعقوب البكر أنه فقد بكوريته، وأيضًا جاد الذي هو بكر من زلفة الجارية، وإحساس مَنَسَّى أن أخاه الأصغر منه "أفرايم" يفوقه في البركة... هؤلاء الثلاثة أرادوا بطريق أو آخر تعويض فقدانهم البكوريّة فاشتهوا التمتع ببكوريّة النصرة مع أنها خارج أرض كنعان، وبعيدة عن الخيمة. ثالثًا: يرى العلامة أوريجينوس أن هناك سرًا خفيًا في اختيار هؤلاء الثلاثة لأرض جلعاد التي شرقي الأردن بينما يتمتع تسعة أسباط ونصف بأرض الموعد بعد عبورهم نهر الأردن وانتصارهم على أكثر من ثلاثين ملكًا. إنه يرى في المجموعة الأولى صورة حيّة لكنيسة العهد القديم التي كانت ولا تزال جزءً لا يتجزأ من كنيسة الله الواحدة لكنها ليست في غنى بركات كنيسة العهد الجديد التي عبرت مياه المعموديّة المقدسة وحملت في وسطها المقدسات. إنها صورة رائعة للجنس البشري المؤمن، جزء نال نصيب خلال الناموس (موسى) حيث تمت الغلبة على يديه أي في أيام قيادته، أما الجزء الأعظم فقد تحقق على يدي يشوع (يسوع) الذي دخل بهم إلى الأرض عينها التي تفيض عسلًا ولبنًا. الأولون أبكار لكنهم أقل أصالة فنالوا ميراث موسى، أما الآخرون فنالوا ميراث يشوع (المسيح ربنا). لقد سبقت كنيسة اليهود كنيسة العهد الجديد، لكنها لم تنعم ما تمتعت به الأخيرة، لأن الأصغر في ملكوت السموات أعظم من يوحنا المعمدان (مت 11: 11). يقول العلامة أوريجينوس: [لاحظ بكل دقة السبب الذي لأجله الوارثون القدامى يأخذون نصيبهم خلف نهر الأردن على حدة من الآخرين؛ فقد قيل لهم أن مواشٍ كثيرة وافرة جدًا (عد 32: 1-4). هذا هو السبب الذي لأجله لم يستطع رجال العهد القديم البلوغ إلى ميراث الأرض التي تفيض لبنًا، وتفيض عسلًا، أي تشرق بأشعة عسل بجانب الأرض الأخرى. هذا هو السبب الذي لأجله لم يتمكنوا من إدراك "الكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14)، إذ كان لهم مواشٍ كثيرة وافرة جدًا. فلا يستطيع الإنسان الطبيعي أن يقبل ما لروح الله، لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه (1 كو 2: 14)... فحصل على نصيبه من الميراث خارج مجاري مياه الأردن وصار غريبًا عن الأرض المقدسة]. لقد ركَّز العلامة أوريجينوس على وجود مواشي كثيرة وافرة جدًا إشارة إلى ارتباط شعب العهد القديم بالأمور الجسديّة الملموسة فلم يقدروا أن ينعموا بكمال سرّ العهد الجديد، بل نظروه خلال الظلّ والرمز من بعيد، أما رجال العهد الجديد فمعهم مواشي لكنها لا تعوقهم بل انطلقوا بمواشيهم وقطعانهم كما بنسائهم وأطفالهم ليعبروا الأردن ويتمتعوا بالمواعيد المقدسة، فتقدست أجسادهم (النساء) وثمارها (الأطفال) وعواطفها (المواشي) وكل طاقاتها فلا تعتزل الأنفس بل ترتبط معها في العبور، وترث الأجساد بركات سكنى الروح القدس فيها وتقديسها كمسكن للرب. 2. تأنيب موسى للسبطين: 6 فَقَالَ مُوسَى لِبَنِي جَادٍ وَبَنِي رَأُوبَيْنَ: «هَلْ يَنْطَلِقُ إِخْوَتُكُمْ إِلَى الْحَرْبِ، وَأَنْتُمْ تَقْعُدُونَ ههُنَا؟ 7 فَلِمَاذَا تَصُدُّونَ قُلُوبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنِ الْعُبُورِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ؟ 8 هكَذَا فَعَلَ آبَاؤُكُمْ حِينَ أَرْسَلْتُهُمْ مِنْ قَادَشَ بَرْنِيعَ لِيَنْظُرُوا الأَرْضَ. 9 صَعِدُوا إِلَى وَادِي أَشْكُولَ وَنَظَرُوا الأَرْضَ وَصَدُّوا قُلُوبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ دُخُولِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاهُمُ الرَّبُّ. 10 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَأَقْسَمَ قَائِلًا: 11 لَنْ يَرَى النَّاسُ الَّذِينَ صَعِدُوا مِنْ مِصْرَ، مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، الأَرْضَ الَّتِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُونِي تَمَامًا، 12 مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ الْقِنِزِّيَّ وَيَشُوعَ بْنَ نُونَ، لأَنَّهُمَا اتَّبَعَا الرَّبَّ تَمَامًا. 13 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَتَاهَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، حَتَّى فَنِيَ كُلُّ الْجِيلِ الَّذِي فَعَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 14 فَهُوَذَا أَنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ عِوَضًا عَنْ آبَائِكُمْ، تَرْبِيَةَ أُنَاسٍ خُطَاةٍ، لِكَيْ تَزِيدُوا أَيْضًا حُمُوَّ غَضَبِ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. 15 إِذَا ارْتَدَدْتُمْ مِنْ وَرَائِهِ، يَعُودُ يَتْرُكُهُ أَيْضًا فِي الْبَرِّيَّةِ، فَتُهْلِكُونَ كُلَّ هذَا الشَّعْبِ». لم يسترح موسى النبي لهذا الطلب بل وبَّخهم توبيخًا قاسيًا ومرًا، وإن كان قد دخل معهم في حوار عملي انتهى بمراضاة هؤلاء الرجال لكن بغير مجاملة على حساب الحق وبنيان الجماعة. هنا يظهر موسى النبي حتى في أيام شيخوخته الرجل الحازم الجاد، المملوء مرونة، يجابه المشاكل بقلب منفتح لا لفرض إرادته بروح السيطرة بل ليجد حلولًا بروح الحب والحكمة، خاصةً وأنه كان قد بلغ 120 سنة، ويُعرف عن الشيوخ عدم المرونة وتمسكهم برأيهم وخبرتهم الخاصة... أما هذا القائد العجيب فكان مرنًا حتى آخر نسمة في حياته. أما سرّ توبيخهم وانتهارهم فهو: أولًا: ختم الرجال كلماتهم هكذا "ولا تُعبِّرنا الأردن" [5]، الأمر الذي أحزن قلب هذا القائد الذي قضى أربعين عامًا في مرارة يشتهي أن يدخل هو وكل شعبه إلى أرض الموعد. فإن كان قد حرم الجيل السابق بسبب تذمرهم المستمر، وحُرم وهو وهرون من الدخول بسبب ضعفهما عند ماء المخاصمة إذا بهؤلاء يشتهون عدم الدخول وهم على الأبواب ما أقسى على قلبه أن يرى أبناء الموعد يحتقرون الموعد، وأصحاب الميراث يرفضون ميراث الله من أجل شهوة قلبهم الزمنيّة! ثانيًا: اهتم الرجال بمواشيهم وقطعانهم فوجدوا في جلعاد مرعى خصبًا لها ولم يهتموا لا بمواعيد الله لهم ولا بمساندة إخوتهم في جهادهم القادم بعد عبور نهر الأردن. لقد أدرك موسى النبي أن الجانب الحيواني في حياتهم -شهوات الجسد- أعمت أعينهم عن رؤية نعم الله عليهم وأفقدتهم الاهتمام بإخوتهم. ثالثًا: لعله قد أخفى الله عن نبيه العظيم موسى إدراك ما يحمله هذا العمل من رمزيّة بأنهم يمثلون رجال العهد القديم بينما التسعة أسباط ونصف الذين يعبرون إلى ما بعد الأردن يمثلون رجال العهد الجديد. كان موقف موسى النبي مملوء حكمة ففي توبيخه لهم أوضح لهم سبب التوبيخ، طالبًا منهم ألاَّ يستريحوا في أرض جلعاد مع نسائهم وأطفالهم ومواشيهم بينما ينطلق إخوتهم للحرب (ع 6)، وألاَّ يمتثلوا بآبائهم الذين سمعوا للعشرة جواسيس في عدم إيمان بكلمات الرب فحمي غضب الرب عليهم وفنيَ جيلهم، فيزيدون من حمو غضب الرب (ع 14). يفقدوا إخوتهم ويفقدون الرب في وقتٍ واحد! 3. التزامهما بالجهاد مع إخوتهما: 16 فَاقْتَرَبُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا: «نَبْنِي صِيَرَ غَنَمٍ لِمَوَاشِينَا ههُنَا وَمُدُنًا لأَطْفَالِنَا. 17 وَأَمَّا نَحْنُ فَنَتَجَرَّدُ مُسْرِعِينَ قُدَّامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى نَأْتِيَ بِهِمْ إِلَى مَكَانِهِمْ، وَيَلْبَثُ أَطْفَالُنَا فِي مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ مِنْ وَجْهِ سُكَّانِ الأَرْضِ. 18 لاَ نَرْجعُ إِلَى بُيُوتِنَا حَتَّى يَقْتَسِمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ. 19 إِنَّنَا لاَ نَمْلِكُ مَعَهُمْ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ وَمَا وَرَاءَهُ، لأَنَّ نَصِيبَنَا قَدْ حَصَلَ لَنَا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ إِلَى الشَّرْقِ». 20 فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «إِنْ فَعَلْتُمْ هذَا الأَمْرَ، إِنْ تَجَرَّدْتُمْ أَمَامَ الرَّبِّ لِلْحَرْبِ، 21 وَعَبَرَ الأُرْدُنَّ كُلُّ مُتَجَرِّدٍ مِنْكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى طَرَدَ أَعْدَاءَهُ مِنْ أَمَامِهِ، 22 وَأُخْضِعَتِ الأَرْضُ أَمَامَ الرَّبِّ، وَبَعْدَ ذلِكَ رَجَعْتُمْ، فَتَكُونُونَ أَبْرِيَاءَ مِنْ نَحْوِ الرَّبِّ وَمِنْ نَحْوِ إِسْرَائِيلَ، وَتَكُونُ هذِهِ الأَرْضُ مُلْكًا لَكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ. 23 وَلكِنْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا هكَذَا، فَإِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ إِلَى الرَّبِّ، وَتَعْلَمُونَ خَطِيَّتَكُمُ الَّتِي تُصِيبُكُمْ. 24 اِبْنُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنًا لأَطْفَالِكُمْ وَصِيَرًا لِغَنَمِكُمْ. وَمَا خَرَجَ مِنْ أَفْوَاهِكُمُ افْعَلُوا». 25 فَكَلَّمَ بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ مُوسَى قَائِلِينَ: «عَبِيدُكَ يَفْعَلُونَ كَمَا أَمَرَ سَيِّدِي. 26 أَطْفَالُنَا وَنِسَاؤُنَا وَمَوَاشِينَا وَكُلُّ بَهَائِمِنَا تَكُونُ هُنَاكَ فِي مُدُنِ جِلْعَادَ. 27 وَعَبِيدُكَ يَعْبُرُونَ، كُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلْجُنْدِ أَمَامَ الرَّبِّ لِلْحَرْبِ كَمَا تَكَلَّمَ سَيِّدِي». أمام كلمات موسى النبي الحازمة والحكيمة والواضحة، إذ لا تحمل تحيّزًا ولا تسلطًا اضطروا إلى تقديم عرض جديد، جاء فيه: أولًا: تراجعهم في عرضهم الأول من جهة عدم عبورهم الأردن، بل طلبوا أن يتقدموا صفوف الحرب: "أما نحن فنتجرد مسرعين قدام بني إسرائيل حتى نأتي بهم إلى مكانهم" [17]. لم يقفوا عند حدّ المشاركة في الجهاد بل أرادوا أن يتقدموهم في الجهاد. ثانيًا: قرروا ألاَّ يرجعوا إلى بيوتهم حتى يقتسم بقية الأسباط أراضيهم، أي حتى تستريح نفوسهم من جهتهم (ع 18). بهذا استراح قلب موسى النبي وقَبِل عرضهم الجديد، بل استراح قلب الكنيسة من جهتهم إذ صاروا يمثلون بحق رجال العهد القديم المملوئين إيمانًا، إن كانوا لم ينطلقوا إلى أرض الموعد بنسائهم وأطفالهم ومواشيهم لكنهم عدوا كرجال حرب يسندون إخوتهم رجال العهد الجديد. لقد عبروا إلينا ليسندوننا خلال نبواتهم ورموزهم والناموس الذي تسلموه. بحق تقدم آباء العهد القديم وأنبياؤه الموكب ليعلنوا الخلاص خلال ربنا يسوع المسيح! كانت إجابة موسى بالموافقة عجيبة، إذ لم يردد ما قالوه أنهم يتجردون مسرعين أمام بني إسرائيل [17] بل أكد أكثر من مرة "إن تجردتم أمام الرب للحرب" [20]... إنها ليست مجرد مساندة لإخوتكم لكنها إعلان خضوع وجهاد روحي في الرب وأمامه. وحسب عدم التنفيذ هو خطيّة موجهة ضد الرب نفسه (ع 23)... فعادوا يؤكدون التزامهم بالعرض الجديد (ع 27). 4. وصيّة موسى عنهما: 28 فَأَوْصَى بِهِمْ مُوسَى أَلِعَازَارَ الْكَاهِنَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ وَرُؤُوسَ آبَاءِ الأَسْبَاطِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 29 وَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «إِنْ عَبَرَ الأُرْدُنَّ مَعَكُمْ بَنُو جَادَ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ، كُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلْحَرْبِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَمَتَى أُخْضِعَتِ الأَرْضُ أَمَامَكُمْ، تُعْطُونَهُمْ أَرْضَ جِلْعَادَ مُلْكًا. 30 وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَعْبُرُوا مُتَجَرِّدِينَ مَعَكُمْ، يَتَمَلَّكُوا فِي وَسَطِكُمْ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ». 31 فَأَجَابَ بَنُو جَادٍ وَبَنُو رَأُوبَيْنَ قَائِلِينَ: «الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ عَبِيدِكَ كَذلِكَ نَفْعَلُ. 32 نَحْنُ نَعْبُرُ مُتَجَرِّدِينَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ، وَلكِنْ نُعْطَى مُلْكَ نَصِيبِنَا فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ». 33 فَأَعْطَى مُوسَى لَهُمْ، لِبَنِي جَادٍ وَبَنِي رَأُوبَيْنَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ، مَمْلَكَةَ سِيحُونَ مَلِكِ الأَمُورِيِّينَ وَمَمْلَكَةَ عُوجٍ مَلِكِ بَاشَانَ، الأَرْضَ مَعَ مُدُنِهَا بِتُخُومِ مُدُنِ الأَرْضِ حَوَالَيْهَا. 34 فَبَنَى بَنُو جَادَ: دِيبُونَ وَعَطَارُوتَ وَعَرُوعِيرَ 35 وَعَطْرُوتَ شُوفَانَ وَيَعْزِيرَ وَيُجْبَهَةَ 36 وَبَيْتَ نِمْرَةَ وَبَيْتَ هَارَانَ مُدُنًا مُحَصَّنَةً مَعَ صِيَرِ غَنَمٍ. 37 وَبَنَى بَنُو رَأُوبَيْنَ: حَشْبُونَ وَأَلِعَالَةَ وَقَرْيَتَايِمَ 38 وَنَبُوَ وَبَعْلَ مَعُونَ، مُغَيَّرَتَيِ الاسْمِ، وَسَبْمَةَ، وَدَعَوْا بِأَسْمَاءٍ أَسْمَاءَ الْمُدُنِ الَّتِي بَنَوْا. 39 وَذَهَبَ بَنُو مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى إِلَى جِلْعَادَ وَأَخَذُوهَا وَطَرَدُوا الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ فِيهَا. 40 فَأَعْطَى مُوسَى جِلْعَادَ لِمَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى فَسَكَنَ فِيهَا. 41 وَذَهَبَ يَائِيرُ ابْنُ مَنَسَّى وَأَخَذَ مَزَارِعَهَا وَدَعَاهُنَّ: حَوُّوثَ يَائِيرَ. 42 وَذَهَبَ نُوبَحُ وَأَخَذَ قَنَاةَ وَقُرَاهَا وَدَعَاهَا نُوبَحَ بِاسْمِهِ. إذ يعلم موسى أن وقت انحلاله قد حضر سلَّم الوصيّة في أيدي ألِعازار رئيس الكهنة ويشوع ورؤس آباء الأسباط (ع 28) مكررًا بكل وضوح كل ما تعهد به الرجال وقد ظهر بينهم نصف سبط مَنَسَّى لأول مرة. بنى هؤلاء الأسباط المدن وحصنوها لكي يتركوا فيها النساء والأطفال مع المواشي حتى يكمل رفقاؤهم جهادهم ويعودون إليهم. وقد غيَّر رأوبين أسماء ثلاث مدن عند إعادة بنائها نبو وبعل وسبمة، لأن نبو بعل أسماء إلهين وثنيين، وكانت الوصيّة الإلهيّة "لا تذكروا اسم آلهة أخرى ولا يُسمع من فمك" (خر 23: 13). أما سبمة فكما رأينا تعني "باردة". فإنه لا يليق بهم أن يسكنوا في حياة باردة بل أن تلتهب حياتهم بنار الحب الإلهي! |
||||