منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21 - 06 - 2024, 02:28 PM   رقم المشاركة : ( 164321 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يوحنا السلّمي السينائي



القديس يوحنا السلّمي السينائي هو يوحنا السينائي نسبة إلى سيناء وسمي السلمي لأنه ألّف كتاب “سلم الفضائل”. وُلد القدِّيس يوحنا السلمي في فلسطين حوالي سنة 525 ميلادية. حداثته مجهولة سوى أن لقب العلاّمة الذي لقب به وهو على قيد الحياة يفترض تحصيلاً ثقافياً واسعاً، وجل ما يعرف عنه يُقتبس من كتاباته. في السادسة عشرة من عمره تتلمذ لراهب قديس من شيوخ دير جبل سيناء، أي دير القديسة كاترين، يُدعى (مرتيريوس) حيث سلم إليه قيادة أمره، ولم تمض عليه سنوات قليلة حتى كان قد بلغ إلى درجة سامية من الفضيلة لِما اتصف به من الطاعة لمرشده.

وفي سن العشرين وبعد أن تمرَّس في هذه السيرة كان أبوه الشيخ الروحي الذي درَّبه قد ترك الحياة، فأسف لفراقه ثم ترك الدير وانفرد في برية قاحلة تبعد عن الدير حوالي ثمانية كيلو مترات تُدعى “الثولا” في الصحراء متوحداً. قضى أربعين سنةً في خلوته مجاهداً جهاد التوبة والصلاة ومختبراً فنون الحرب اللامنظورة وحلاوة مناجاة الله. وكان في خلوته يستقبل من يأتونه للاسترشاد من رهبان وعلمانيين، ويزور المرضى المتوحدين متفقداً كما نعرف من كتابه. ثم انتخب رئيساً لدير جبل سيناء، ولا يعرف بالضبط مقدار الزمن الذي تولّى فيه القديس يوحنا رئاسة دير جبل سيناء ولكنه استقال من الرئاسة ليعود إلى خلوته قبل وفاته. عاش حوالي خمس وسبعين سنةً وتوفي سنة 600 أو قبلها بقليل.

طلب إليه الأب يوحنا رئيس دير رايثو أن يكتب إرشادات للرهبان، فوضع كتاباً اسمه “السلم” سمي فيما بعد سلم السماء أو درجات الفضائل أو السلم المقدسة.

تسمية السلم مستوحاة من رؤيا يعقوب (تكوين28: 12-13)، هذا ويستشف من كتابه أنه كان ذا شخصية قوية حرّة لقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة فيرويها ويقيّمها تقيّماً شخصياً غير آبه بمخالفته للآراء السائدة أحياناً، ويبدو جليّاً أنه مطّلع كلّ الإطلاع على أحوال الناس العائشين في وسط العالم وعلى آرائهم وعاداتهم ونفسيتهم وأنه يعرف النفس البشرية معرفة عميقة ويحللها تحليلاً دقيقاً جديراً بعلماء النفس اليوم وهو مستعد دائماً للإقرار بضعفه مما يجعله من المعلّمين الروحانيين الأكثر إنسانية. رتّب القديس يوحنا في كتابه ثلاثين درجة إشارة إلى سني يسوع الثلاثين قبل ظهوره للعالم وترمز السلّم بصورة عامة إلى مسيرة الكمال باعتبارها صعوداً روحياً نحو الله و إلى صليب المسيح باعتباره الطريق الوحيد الذي يجمع بين الأرض والسماء فإن كتاب السلّم يعدّ أيضاً كتاباً فريداً من نوعه نظراً لشخصية مؤلفه القوية وسعة معرفته وعمق خبرته الروحية وطريقته في البحث متصفاً ومتميزاً بالانسجام والغنى معا. الكتاب نافع لكل مسيحي يبتغي طريق الكمال، ضمّنه القديس يوحنا السلمي خبرته، فقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة، يرويها ويقيمها تقييماً شخصياً غير آبه بمخالفته الآراء السائدة أحياناً.
رتّب القديس يوحنا السلمي في كتابه ثلاثين درجة يرتقيها طالب الكمال مجاهداً من الزهد بالعالم إلى الاتحاد بالله مروراً بمحاربة الأهواء واكتساب الفضائل: الصبر والوداعة والتواضع.

كافأ الله فضائل يوحنا بفعل العجائب ، فقد ظهر يوم تنصيبه رئيساً موسى النبي وصار يخدم الضيوف بنفسه، وأنقذ تلميذه موسى من موت محقق بصلاته، وفي زمن الجفاف بفلسطين صلّى فأمطرت السماء بغزارة وله عجائب كثيرة أخرى.

تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية في 30 آذار وفي الأحد الرابع من الصوم الكبير.

من كتاب السلم إلى الله

(ترجم الى العربية من قبل رهبنة القديس جاورجيوس دير الحرف وصدر عن منشورات النور)

عاتب شيخ أحد الاخوة على تكبره معاتبة روحية. فأجاب الأخ: اغفر لي يا أبي فإني لست متكبراً. فقال له الشيخ الكلي الحكمة: يا ولدي، أي برهان تعطينا على تكبرك أوضح من قولك “لست متكبراً”؟
لا تتشامخ وأنت من الأرض لأن كثيرين قد أُهبطوا من السماء وهم قديسون وغير جسديين.
المتكبر رمانة مهترئة في داخلها تلمع بهية في ظاهرها.
ينشأ الغرور من نسيان الزلات لأن ذكرها يؤول إلى الاتضاع.
في قلوب المتكبرين تنشأ أقوال التجديف، وفي نفوس المتضعين تأملات سماوية.
إذا ما قمنا نصلي قامت علينا تلك الأفكار النجسة والممتنع النطق بها. لكنها تنصرف حالاً إذا تابعنا صلاتنا لأنها لا تحارب محاربيها.
الوداعة صخرة على شاطئ بحر الغضب، تكسر كافة الأمواج التي تلطمها ولا تتحرك أو تضطرب البتة.
من يظن أنه غير متعلق بشيء يملكه ويغتم لفقده هو مخدوع تمامًا.
اهرب من أماكن السقطات هربك من السياط، لأنك لا تشتهي الثمرة اشتهاء متواصلاً اذا كانت غائبة عنك.
لنقرّ بخطايانا لقاضينا الصالح وحده قبل اي انسان. وان أمرنا فلنعترف بها لكل الناس. لأن الجراحات اذا شُهرت لا تصير الى حال اسوأ بل تشفى.
يعرف المرء صدق حبه لأخيه ومودته له متى حزن لهفواته وفرح لتقدمه وما يناله من النعم.
من يطيع الله احيانًا ويعصاه احيانًا اخرى يشبه رجلاً يقطر في عينيه دواء احيانًا، واحيانًا احد الحوامض (اسيد). وقد قيل: “واحد بنى وآخر هدم، فماذا انتفعنا سوى التعب؟”.
إن خادم الله هو الذي اثناء الصلاة يقرع بعقله السماوات فيما جسده بين الناس.
من مات عن الاشياء كلها يأتي الى ذكر الموت. اما من لا يزال متمسكا بالعالم فيتآمر على نفسه.
قال احدهم انه يتعذر علينا ان نعبر يومنا ببر وتقوى ان لم نحسبه اليوم الأخير من عمرنا.
الحقد ثمرة الغضب وادخار للخطايا ومقت للبر واضمحلال للفضائل وسم للنفس ودودة للعقل وخزي للصلاة وقطع للتضرع واغتراب عن المحبة ومسمار في النفس وخطيئة مستمرة ومعصية لا تنام وشر قائم في كل ساعة.
من اقتنى المحبة فقد أقصى الحقد.
رأيت البعض يقترفون سرًا وخفية خطايا فظيعة، ونظرًا لما كان يتوهمه الناس من طهارتهم كانوا يحتقرون جهرًا ويهاجمون بقسوة الذين يذنبون ذنوبًا صغيرة.
الكذب يطفئ المحبة، واليمين الكاذبة إنكار لله.
ابتداء حب المال التذرع بالإحسان الى الفقراء ونهايته مقت الفقراء. ما دام محب المال يجمع فهو رحيم، ومتى حضرت الأموال أطبق عليها يده.

طروبارية على اللحن الثامن للقديس يوحنا السلّمي السينائي
للبريّة غير المثمرة بمجاري دموعكَ أمرعتَ، وبالتنهُّدات التي من الأعماق أثمرت بأتعابك إلى مئة ضعفٍ، فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البار يوحنا، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

أيضاً طروبارية على اللحن الثامن
للقديس يوحنا السلّمي السينائي
إنَّ البريَّة الجدباءَ بهطل دموعكَ أخصبت. وأتعابك الشاقَّة بتصعيد زفَراتك أثمرت إلى مئَة ضعف. فأصبحت كوكباً للمسكونة يتلألأ بالعجائب يا أبانا البارّ يوحنا. فتشفَّع إلى المسيح الاله في خلاص نفوسنا.

قنداق باللحن الأول
للقديس يوحنا السلّمي السينائي
من كتاب تعاليمكَ الحاملة أثماراً دائمة نضارتها أيها الحكيم، تلذذ قلوب المصغين إليها بتيقظ أيها المغبوط لأنها سلَّم مُصعدة من الأرض إلى المجد السماوي الثابت نفوسَ المكرمين إياكَ بإيمانٍ


 
قديم 21 - 06 - 2024, 02:29 PM   رقم المشاركة : ( 164322 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


طروبارية على اللحن الثامن للقديس يوحنا السلّمي السينائي
للبريّة غير المثمرة بمجاري دموعكَ أمرعتَ
وبالتنهُّدات التي من الأعماق أثمرت بأتعابك إلى مئة ضعفٍ
فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البار يوحنا،
فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.
 
قديم 21 - 06 - 2024, 02:33 PM   رقم المشاركة : ( 164323 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



قنداق باللحن الأول للقديس يوحنا السلّمي السينائي

من كتاب تعاليمكَ الحاملة أثماراً دائمة نضارتها أيها الحكيم،
تلذذ قلوب المصغين إليها بتيقظ أيها المغبوط لأنها سلَّم مُصعدة
من الأرض إلى المجد السماوي الثابت نفوسَ المكرمين إياكَ بإيمانٍ
 
قديم 21 - 06 - 2024, 03:19 PM   رقم المشاركة : ( 164324 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




القدّيس يوحنا الدمشقي
 
قديم 21 - 06 - 2024, 03:20 PM   رقم المشاركة : ( 164325 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يوحنا الدمشقي

القدّيس يوحنا الدمشقي


ولد منصور بن سرجون وهو اسم القديس يوحنا حوالي سنة 655 م في دمشق، عاصمة الأمويين آنذاك، من عائلة عريقة وغنية، عُرفت بفضيلتها ومحبتها للعلم وبمكانتها السياسية والاجتماعية، إذ إن سرجون، والد يوحنا ومنصور جده، كانا يعملان على إدارة أموال الخلفاء الأمويين وعلى جمع الخراج من المسيحيين. وعلى ما يبدو أن منصور، في مطلع شبابه، قد شَغِلَ هذه الوظيفة لمدة من الزمن .

حصل منصور منذ نعومة أظافره على ثقافة أدبية وفلسفية ودينية مهمة: فقد ذكرت لنا سيرته أن معلمه كان راهباً من جزيرة صقلية، من أسرى الحرب اشتراه والده ثم حرّره (أعتقه) وعَهِدَ إليه بتعليم ابنيه: أولهما منصور والثاني قزما ابنه بالتبني. وقد أتقن اليونانية، لغة الطبقة الراقية من كبار المتعلّمين، واللغة السريانية، لغة الشعب المستعملة في الليتورجيا ورغمّ أن كل كتاباته التي وصلت إلينا كانت باليونانية فمن المؤكد أنه كان يعرف العربية أيضاً لغة عائلته الأصلية.

وما أن توفيَ سرجون، والده، حتى أخذ هذا الأخير مكان أبيه في إدارة أموال الدولة، بينما انتحل قزما معلّمه وقزما أخوه بالتبني الحياة الرهبانية في سيق مار سابا. ثم ما لبث منصور -وكان قد بلغ حوالي الثلاثين من عمره- ولأسباب نجهلها وقد تكون سياسية – أن ترك مركزه والتحق بمعلمه قزما وبأخيه إلى سيق مار سابا أيضاً. فأحب هناك الحياة النسكية وراح يتعمق في اللاهوت على يد البطريرك الأورشليمي يوحنا الرابع (706-734) الذي كان يطلبه غالباً لإلقاء المواعظ والخطب في أورشليم. وهناك اتخذ اسم يوحنا -ربما تيمناً بأستاذه البطريرك-.

في ذلك الوقت (حوالي سنة 725)، قامت بدعة تحارب تكريم الأيقونات المقدسة. مدعية أن هذا التكريم إنما هو عبادة وثنية . فهبَّ يوحنا بكل ما لديه من قوة وثقافة يدافع عن التمسك بالسجود للأيقونات المقدسة موضحاً أن هذا السجود إنما هو مجرد تكريم للأشخاص الممثلة في الأيقونات، وليس هو على الإطلاق عبادة الصور. وقد فعل كل ذلك، “رغم أنه لم يكن بعد من ذوي مراتب البيعة المقدسة”.

وفي هذا المجال، تسرد لنا سيرته أن لاون الملك، ماقت الأيقونات المقدسة، لحقده على يوحنا اتهمه زوراً بالخيانة، مما سبب له قطع يده. فما كان من يوحنا إلا أن دخل غرفته “وطرح على الأرض كلية جسده قُدام أيقونة السيدة المجيدة، ذات الشفاعات غير المردودة، وألصق كفه المقطوع إلى زنده وتوسّل إليها من قعر قلبه، وفاضت عيناه دموعاً محرقة منحدرة على صدره، قائلاً: أيتها السيدة القديسة الطاهرة والدة إلهنا الكلمة الأزلية، بتجسده من دمائك النقية لمحبته الجزيلة لجنس البشرية، أسألك أن تتوسلي إليه من أجلي… لكي تردي يدي إلى ما كانت عليه أولاً كاملة، صحيحة من كل ألم وقطع، معافاة، وتظهري عبدك جزيل تحننك (كذا) لكي ما يبطل لساني ما عشت من مديحك، لأنك قادرة على ما سألتكِ”. “وللحين غفت عيناه فرأى المتحننة بشكلها وهيئتها ناظرة إليه بطرفها وقائلة له: قد عُفيت يدك، فأنجز لإلهك نذرك، ولا تؤخر عهدك. فاستيقظ بفرح مسرور، ونهض واقفاً على رجليه، مصلياً شاكراً. وترنم للوقت بما يلائم سرعة إجابته في توسله وكما عافيته لساعته” . وأيقونة العذراء ذات الأيدي الثلاث هي رمزاً للأعجوبة المذكورة.

وعلى أساس تلك الحملة التي شنّها يوحنا ضد ماقتي الأيقونات المقدسة، واضعاً أسساً ثابتة ونهائية لهذا التكريم، عقد الأمبراطور قسطنطين (كبرونيم) مجمعاً سنة 754، تغيّب عنه أهم المدعوين (بطاركة الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم) حيث رفض الحاضرون رفضاً قاطعاً تكريم الأيقونات المقدسة وقرّروا أن كل من يخالف ذلك يعتبر متمرداً على وصايا الله وعدواً مخالفاً للعقائد المحددة في مجمع (هييرا) هذا المؤلف من 338 أسقف، ثم حرموا أشهر الذين دافعوا عن هذا التكريم أي جاورجيوس القبرصي وجرمانوس القسطنطيني ومنصور بن سرجون -“ذا الاسم المشؤوم الذي يعلم الآراء المحمدية” .

إلا أن المجمع النقاوي الثاني 787، بعد أن تبّت تكريم الأيقونات المقدسة، أعاد لهؤلاء المحرومين في مجمع هييرا اللصوصي سنة 754، كرامتهم “رحمة أبدية لجرمانوس ويوحنا وجاورجيوس، أبطال الحقيقة… إن الثالوث قد مجّد ثلاثتهم” .

وكان يوحنا ينذوي في صومعته، في سيق مار سابا يؤلف مع أخيه قزما الترانيم والقوانين الدينية التي لا تزال الكنيسة تترنم بها إلى يومنا هذا. وكانت قريحته فيّاضة لدرجة أنه استحق أن يُدعى فيما بعد بـ “مجرى الذهب”. ثم شاءت العناية الإلهية أن يُنتخب قزما أسقفاً على مايوم، المعروفة اليوم بميلمس (قرب غزة)، وطُلب مراراً إلى يوحنا أن يُرتسم كاهناً. وكان في كل مرة يرفض، إلى أن “استحضره بطريرك البيت المقدس وسامه قسيساً بغير مراده، بل بكثرة الزامه إياه غلبه على رأيه. ولما عاد من عنده إلى السيق زاد في نسكه وأتعابه. وانعطف إلى تصنيف أقواله التي سرت إلى أقصى المسكونة” .

ويعتبر المؤرخون أن رسامته قد تمت بوضع يدي البطريرك الأورشليمي يوحنا الخامس (735) .

توفي القديس يوحنا الدمشقي على الأرجح سنة 749 في ديره المذكور، بعد أن قضى حياة طويلة في النسك والتأليف. فدفن هناك وبقي قبره معروفاً ومكرماً حتى القرن الثاني عشر. ومن ثم نُقلت عظامه، على مايبدو، إلى القسطنطينية . وما كاد يموت حتى ذاع صيت قداسة يوحنا الدمشقي، فأخذ الشعب في تكريمه وإنشاد تآليفه الليتورجية والرجوع إلى كتبه اللاهوتية…

مؤلفاته:

ينبوع المعرفة: وينقسم إلى
علم الفلسفة والمنطق: يناقش فيه التحديات الفلسفية ويشرح دور الفلسفة بالنسبة إلى اللاهوت ويعتبر مقدمة لما يليه من أجزاء
أغلب الهرطقات وما قضيتها..
الأمانة الأرثوذكسية والإيمان الأرثوذكسي والمئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي. يتضمن عرضاً لأهم العقائد.
مختصر الأمانة أنطاكية الأرثوذكسية: كتبه لإيليا مطران يبرود
مقالة عن الثالوث، وهي على طريقة سؤال وجواب
مقالة عن “قدّ،س قدّوس قدّوس” يبيّن أن هذه الصلاة موجّهة إلى الأقانيم الثلاثة وليس إلى الابن وحده.
مقدمة عامة عن العقائد: كتبها -جمعها تلاميذه عنه- إلى يوحنا مطران اللاذقية
ثلاث مقالات للدفاع عن الأيقونات المقدسة: كتبها بين سنتيّ 726 و730 بعد صدور المرسوم ضد تكريم الأيقونات المقدسة.
مقالة ضد أسقف يعقوبي: يرفض فيها آراء اليعاقبة ومبادئهم وخاصة قولهم أن في المسيح طبيعة واحدة.
مقال ضد المانوية: وهي بشكل حوار بين أرثوذكسي ومانوي لإظهار أخطاء الثنائية.
جدال بين مسلم ومسيحي: يدافع فيه عن عقيدة التجسد ويرفض نظرية القضاء والقدر.
مقالة ضد الساحرات.
مقالة في الطبيعة المركبة: رفض لآراء القائلين بالطبيعة الواحدة.
مقالة في أن للمسيح إرادتين: وهي ردّ على القائلين بأن للمسيح إرادة واحدة.
مقالة ضد النساطرة: القائلين بأن للمسيح شخصين كما أنه له طبيعتين.
مجادلة يوحنا الأرثوذكسي: مع مانوي يرفض أفكار ماني
مؤلف في شرح رسائل القديس بولس. وقد استوحى فيه من كتابات يوحنا الذهبي الفم وكيرلس الإسكندري.
مقالة قصيرة عن الصوم
مقالة عن الأرواح السيئة
مقالة في الفضائل والرذائل.
المواعظ: في رقاد السيدة وميمر عن ولادة السيدة وعن التجلي والتينة اليابسة التي لعنها يسوع ويوم السبت العظيم ……………. إلخ
مؤلفات طقسية وأناشيد الدينية



تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بتذكاره في الرابع من شهر كانون الأول.

طروبارية باللحن الثامن
ظهرتَ أيها اللاهج بالله يوحنا، مرشداً إلى الإيمان المستقيم،

ومعلّماً لحسن العبادة والنقاوة، يا كوكب المسكونة،
وجمال رؤساء الكهنة الحكيم، وبتعاليمكَ أنرت الكل،
يا معزفة الروح، تشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

وأيضاً طرويارية باللحن الثامن
هلموا نمتدح البلبل الغرّيد الشجي النغم، الذي أطرب كنيسةَ المسيح

وأبهجها بأناشيده الحسنة الإيقاع الطلية أعني به يوحنا الدمشقي
الكلي الحكمة، زعيم ناظمي التسابيح الذي كان مملوءاً حكمة إلهية وعالمية.

قنداق باللحن الرابع

لنسبّح أيها المؤمنون كاتب التسابيح معلّم الكنيسة ومصباحها،

يوحنا الموقر، المقاوم الأعداء، لأنه حمل سلاح صليب الرب،
فصادم به ضلالة المبتدعين كلها، وبما أنه شفيع حار عند الله،
فهو يمنح الكل غفران الزلات.

قنداق آخر باللحن الثاني
لقد روضت جسدك وذللته بالكد في أتعاب النسك الكثيرة

أيها الأب البار فحلّقت مرتقياً إلى العلو السماوي
وفيه أعطيت الألحان الإلهية فرنمت بها علانية لأحباء الرب.


 
قديم 21 - 06 - 2024, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 164326 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يوحنا الدمشقي

القدّيس يوحنا الدمشقي



مؤلفاته:

ينبوع المعرفة: وينقسم إلى
علم الفلسفة والمنطق: يناقش فيه التحديات الفلسفية ويشرح دور الفلسفة بالنسبة إلى اللاهوت ويعتبر مقدمة لما يليه من أجزاء
أغلب الهرطقات وما قضيتها..
الأمانة الأرثوذكسية والإيمان الأرثوذكسي والمئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي. يتضمن عرضاً لأهم العقائد.
مختصر الأمانة أنطاكية الأرثوذكسية: كتبه لإيليا مطران يبرود
مقالة عن الثالوث، وهي على طريقة سؤال وجواب
مقالة عن “قدّ،س قدّوس قدّوس” يبيّن أن هذه الصلاة موجّهة إلى الأقانيم الثلاثة وليس إلى الابن وحده.
مقدمة عامة عن العقائد: كتبها -جمعها تلاميذه عنه- إلى يوحنا مطران اللاذقية
ثلاث مقالات للدفاع عن الأيقونات المقدسة: كتبها بين سنتيّ 726 و730 بعد صدور المرسوم ضد تكريم الأيقونات المقدسة.
مقالة ضد أسقف يعقوبي: يرفض فيها آراء اليعاقبة ومبادئهم وخاصة قولهم أن في المسيح طبيعة واحدة.
مقال ضد المانوية: وهي بشكل حوار بين أرثوذكسي ومانوي لإظهار أخطاء الثنائية.
جدال بين مسلم ومسيحي: يدافع فيه عن عقيدة التجسد ويرفض نظرية القضاء والقدر.
مقالة ضد الساحرات.
مقالة في الطبيعة المركبة: رفض لآراء القائلين بالطبيعة الواحدة.
مقالة في أن للمسيح إرادتين: وهي ردّ على القائلين بأن للمسيح إرادة واحدة.
مقالة ضد النساطرة: القائلين بأن للمسيح شخصين كما أنه له طبيعتين.
مجادلة يوحنا الأرثوذكسي: مع مانوي يرفض أفكار ماني
مؤلف في شرح رسائل القديس بولس. وقد استوحى فيه من كتابات يوحنا الذهبي الفم وكيرلس الإسكندري.
مقالة قصيرة عن الصوم
مقالة عن الأرواح السيئة
مقالة في الفضائل والرذائل.
المواعظ: في رقاد السيدة وميمر عن ولادة السيدة وعن التجلي والتينة اليابسة التي لعنها يسوع ويوم السبت العظيم ……………. إلخ
مؤلفات طقسية وأناشيد الدينية



تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بتذكاره في الرابع من شهر كانون الأول.
 
قديم 21 - 06 - 2024, 03:23 PM   رقم المشاركة : ( 164327 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



القدّيس يوحنا الدمشقي

طروبارية باللحن الثامن
ظهرتَ أيها اللاهج بالله يوحنا، مرشداً إلى الإيمان المستقيم،
ومعلّماً لحسن العبادة والنقاوة، يا كوكب المسكونة،
وجمال رؤساء الكهنة الحكيم، وبتعاليمكَ أنرت الكل،
يا معزفة الروح، تشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

وأيضاً طرويارية باللحن الثامن
هلموا نمتدح البلبل الغرّيد الشجي النغم، الذي أطرب كنيسةَ المسيح
وأبهجها بأناشيده الحسنة الإيقاع الطلية أعني به يوحنا الدمشقي
الكلي الحكمة، زعيم ناظمي التسابيح الذي كان مملوءاً حكمة إلهية وعالمية.


 
قديم 21 - 06 - 2024, 03:24 PM   رقم المشاركة : ( 164328 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



القدّيس يوحنا الدمشقي

قنداق باللحن الرابع
لنسبّح أيها المؤمنون كاتب التسابيح معلّم الكنيسة ومصباحها،

يوحنا الموقر، المقاوم الأعداء، لأنه حمل سلاح صليب الرب،
فصادم به ضلالة المبتدعين كلها، وبما أنه شفيع حار عند الله،
فهو يمنح الكل غفران الزلات.

قنداق آخر باللحن الثاني
لقد روضت جسدك وذللته بالكد في أتعاب النسك الكثيرة

أيها الأب البار فحلّقت مرتقياً إلى العلو السماوي
وفيه أعطيت الألحان الإلهية فرنمت بها علانية لأحباء الرب.
 
قديم 21 - 06 - 2024, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 164329 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






المزمور الْخَامِسُ والتسعون
شكر الله وطاعته


"هلم نرنم للرب نهتف لصخرة خلاصنا... ع1"


مقدمة:

1. كاتبه: هناك آراء في هذا الأمر.

أ - ليس له عنوان في النسخة البيروتية أي غير معروف كاتبه، فهو يعتبر من المزامير اليتيمة.

ب - ينسب بولس الرسول هذا المزمور لداود (عب4: 7)، وكذلك في الترجمة السبعينية يوجد في عنوان هذا المزمور أنه لداود.

2. متى كتب ؟ قد يكون عندما نقل داود تابوت عهد الله من بيت عوبيد أدوم الجتى إلى أورشليم وتقدم أمام التابوت بالترنيم والرقص والذبائح.

3. هذا المزمور ليتورجى كان يردد من الجماعة أمام الهيكل، وخاصة عند تدشين الهيكل الجديد بعد الرجوع من السبي أيام زربابل، ويهوصاداق رئيس الكهنة، وأيام زكريا وحجى النبيين.

4. يعتبر هذا المزمور من المزامير الملكية التي تتكلم عن الله الملك، وتمجد اسمه القدوس، وهذه المزامير هي من (مز95-99) ويضاف إليها (مز93).

5. يوجد تشابه بين هذا المزمور ومزمور 81 في الدعوة للترنيم للرب، بالإضافة إلى التحذير من عدم طاعته.

6. كان هذا المزمور يردد عندما يتحرك الموكب من مكان مقدس، مثل جيحون ووادى قدرون، وهي منطقة تقع شرق أورشليم، ويتجهون نحو الشمال إلى أن يدخلوا من باب أورشليم إلى الهيكل ويسجدون أمامه. وكان الشعب يرددون الآيتين الأوليتين في هذا المزمور، ويرد عليهم الخورس، أي باقى المرنمين، بالآيات من (ع3-5)، ثم يعود الشعب فيردد الآية (ع6) ثم يرد عليه الخورس بالآية (ع7).

7. لا يوجد هذا المزمور في صلاة الأجبية.


(1) الترنيم للرب (ع1-5):



ع1، 2: هَلُمَّ نُرَنِّمُ لِلرَّبِّ، نَهْتِفُ لِصَخْرَةِ خَلاَصِنَا.
نَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِحَمْدٍ، وَبِتَرْنِيمَاتٍ نَهْتِفُ لَهُ.

لا يستطيع أن يرنم إلا التائب، فهنا دعوة للتائبين المؤمنين بالله ليرنموا له؛ بل يرفعوا أصواتهم بالحمد والشكر في هتاف لأنه قدم الخلاص الجبار الثابت مثل الصخرة، قدمه للعالم كله، فهو وحده مخلص العالم، وهذه نبوة واضحة عن تجسد المسيح الفادى للبشرية.

الهتاف يعنى إيمان داخلي وصوت مرتفع ليدعو البعيدين. فهذه الآية دعوة من المؤمنين لغير المؤمنين ليؤمنوا ويشتركوا في الترنيم والحمد لله المخلص. وهذا الاشتراك هو في فرح روحي، وليس مثل أفراح العالم الزائلة.

إن الترنيم للرب والهتاف؛ أي الحمد بصوت عالٍ لله مخلصنا، يفرح بالتأكيد قلوبنا، ويؤثرفيمن حولنا. فيجذبهم للشكر والترنيم والمشاركة في الفرح؛ كما يحدث في الأعياد الكنسية التي نسبح فيها الله وأعياد القديسين، وفيها نتقدم أمام الله بالحمد والترانيم، ونصرخ ليس فقط بأصواتنا، بل بقلوبنا متهللين.



ع3: لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَظِيمٌ، مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.

في تمجيد الله يعلن كاتب المزمور أن الله إله عظيم، وليس مثل الأمم الوثنية؛ هذه الآلهة الضعيفة فهو أسمى من كل الآلهة، وروحانى، أما آلهة الأمم فهي شياطين تميل إلى الخطايا والشهوات الردية.

الرب ملك كبير على كل الآلهة وهذه الآلهة هي:

أ - الملائكة بكل رتبها بما فيها من رئاسات وسلاطين وأرباب.

ب - رؤساء وملوك العالم.

جـ- الأمم وآلهتها الوثنية التي يدعون أنها آلهة؛ مع أنها شياطين.

فالرب ملك يملك على كل هذه الأشكال من القوة والسلطان؛ لأنه أعظم من الكل.



ع4، 5: الَّذِي بِيَدِهِ مَقَاصِيرُ الأَرْضِ، وَخَزَائِنُ الْجِبَالِ لَهُ.
الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ، وَيَدَاهُ سَبَكَتَا الْيَابِسَةَ.

مقاصير الأرض:
الأجزاء العميقة من الأرض.

يداه سبكتا: صنعتها وشكلتها كما تشكل المعادن بعد تسخينها.

إن الله له سلطان ليعرف كل ما في أعماق الأرض، وكذلك كل الكنوز المخبأة في الجبال، وهو صنع البحر العظيم الذي يحمل السفن الجبارة ويقلبها إذا شاء. والله أيضًا هو صانع الأرض التي يحيا عليها الإنسان وترتفع بين البحار والمحيطات.

الله يعرف كل من يسعى إلى العمق وهو يحيا على الأرض، وكل من يسعى ليقتنى خزائن الجبال عندما يصعد عليها ويجاهد روحيًا في خلوة وصلوات وتأملات، ويسعى للسمو الروحي، ويعرف كل ما في الأرض والبحر؛ أي كل الأسرار مكشوفة أمامه؛ حتى لو ارتفع الإنسان فوق قمم الجبال، أو اختفى في بطن البحار. وهذا يبين مدى عظمة الله ومعرفته لكل شيء، وبالتالي يلزم أن تخضع له كل البشرية، وتقدم له التمجيد.

† ما أجمل تأمل الله وعظمته حتى نمجده ونسبحه؛ لأن تسبيحه يملأ القلب فرحًا، ويشيع الفرح في كل المحيطين.


(2) طاعة الرب (ع6-11):



ع6-8: هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا، لأَنَّهُ هُوَ إِلهُنَا،
وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ وَغَنَمُ يَدِهِ. الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ،
فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي مَرِيبَةَ، مِثْلَ يَوْمِ مَسَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ،

نجثو:
نركع وننحني.

مسة: كلمة بمعنى تجربة، ومريبة كلمة معناها مخاصمة والكلمتان تذكران بمكان في بداية رحلة بني إسرائيل في رفيديم وهي منطقة غرب سيناء (خر17: 7). ثم يتكرر ذكر مريبة في نهاية الرحلة عند قادش برنيع التي تقع شرق سيناء وجنوب أرض كنعان (عد20: 13) وفى هذين المكانين تذمر الشعب على الله وسقطوا في الشك، فغضب الله عليهم وعلى موسى وهرون

في فرحة التهليل والحمد يدعو كاتب المزمور للخضوع أمام الله، ويعبر عن هذا الخضوع بالسجود والركوع، والانحناء أمامه؛ لأنه هو وحده خالقنا فينبغى له الخضوع والتعبد، والتمجيد، وهو أيضًا راعينا ونحن غنمه التي تتبعه، وتخضع له، فتجد خلاصها وحياتها فيه؛ فقد هيأ لها المرعى والماء والراحة؛ إذ أنه مسئول عنها، فهي لهذا مرتبطة به، وخاضعة له في كل حين لئلا تضل.

السجود بالركوع ولمس الأرض يعلن الإنسان ضعفه وكثرة خطاياه أمام الله ويقدم توبة عنها، ثم يقوم ويقف منتصبًا ليمجد الله غافر خطاياه، ويسبحه ويمجده على كل بركاته.

بعد الحديث عن عظمة الله وضرورة تمجيده والخضوع له، يحذر كاتب المزمور شعب الله من أن يتذمر عليه، أو يرفض طاعته، كما حدث قديمًا في مريبة ومسة؛ لأن الشعب قديمًا كان قاسى القلب، ولكن اليوم، ويقصد به عمر الإنسان الحالي وحياته على الأرض، فينبغى فيه الخضوع لله وطاعته.



ع9-11: حَيْثُ جَرَّبَنِي آبَاؤُكُمُ. اخْتَبَرُونِي. أَبْصَرُوا أَيْضًا فِعْلِي.
أَرْبَعِينَ سَنَةً مَقَتُّ ذلِكَ الْجِيلَ، وَقُلْتُ: «هُمْ شَعْبٌ ضَالٌّ قَلْبُهُمْ،
وَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي». فَأَقْسَمْتُ فِي غَضَبِي: «لاَ يَدْخُلُونَ رَاحَتِي».

الله قدم رعاية عظيمة جدًا لشعبه في برية سيناء، فرغم قسوة الظروف في هذه البرية، فإن الله أعطاهم، بطريقة معجزية، الطعام والشراب، وقادهم بعمود النار والسحاب، وحفظ ثيابهم ونعالهم أربعين سنة، وحماهم من كل القبائل المعادية لهم، ولكنهم رفضوا طاعته، وضلوا عنه بقلوبهم وعقولهم، ورفضوا دخول أرض الموعد؛ أرض كنعان، فحرمهم الله منها.

كل مَن يتذمر على الله ولا يطيع وصاياه الآن يحرمه الله من راحته؛ أي الحياة الأبدية.

† تمسك بوصايا الله، وأطع كلامه؛ حتى لو بدا صعبًا، وثق أنه سيسندك ويعينك على تنفيذ وصاياه، بل يتلذذ قلبك بعشرته، ثم تفرح في النهاية فرح لا يعبر عنه في الملكوت الأبدي.









المزمور السَّادِسُ والتسعون
دعوة لتمجيد الله


"رنموا للرب ترنيمة جديدة ... ع1"


مقدمة:

1. كاتبه: هناك رأيان هما:

أ - ليس له عنوان في النسخة البيروتية، فيعتبر من المزامير اليتيمة، أي الغير معروف كاتبه.

ب - داود النبي بحسب ما ذكرت الترجمة السبعينية.

2. متى كتب؟ هناك آراء هي:

أ - عند إرجاع تابوت عهد الله من بيت عوبيد أدوم الجتى إلى أورشليم (1 أى16: 23-33).

ب- نبوة عن تمجيد الله في الهيكل الذي سيبنيه سليمان.

ج - نبوة عن تسبيح الله وتقديم ذبائح له بعد بناء الهيكل على يد زربابل، أي بعد الرجوع من السبي، وذلك كما ذكر عنوان هذا المزمور في الترجمة السبعينية.

3. هذا المزمور دعوة للبشرية لتمجيد الله، وليس اليهود فقط، بل الأمم أيضًا. وهذا لم يتم بوضوح إلا في العهد الجديد.

4. يعتبر هذا المزمور دعوة لتمجيد الله في قلب الإنسان. وقلب الإنسان أيضًا هو هيكل للروح القدس. فهو عودة الإنسان التائب إلى الله وتمجيد اسمه القدوس.

5. هذا المزمور دعوة لكنيسة العهد الجديد أن تسبح الله وحده، ولا تنشغل بمشاغل العالم التي هي الآلهة الكثيرة.

6. هذا المزمور من المزامير الملكية التي تبدأ بالمزمور 95 حتى مزمور 100، بالإضافة لمزمور 93 الذي هو مقدمة لها.

7. يوجد هذا المزمور في الأجبية في بداية صلاة الساعة التاسعة، التي فيها أتم المسيح فداء البشرية ومات عنها؛ لذا فالأرض كلها تمجده؛ لأنه هو وحده مخلصها.



(1) الله هو الممجد وحده (ع1-6):



ع1: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ.

يدعو داود النبي اليهود والأمم؛ أى كل الأرض لتسبيح الله، فهو يرى بعين النبوة المسيح المخلص الذي يفدى البشرية، فتسبحه كل الأرض.

تسبيح الله هو تسبيح جديد، أي بالروح والحق، حيث نرتفع عن الشهوات والإنسان العتيق القديم ونسبح بالروح. هذا هو تسبيح الكنيسة الذي بدأته بعد قيامة المسيح وحلول الروح القدس، وهذا التسبيح هو الفرح الذي بشرت به العالم كله.



ع2: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ.

يدعونا المزمور إلى الترنيم ومباركة اسم الرب؛ لأن اسم الرب عظيم، وهو الذي دبر الخلاص لشعبه في العهد القديم، وأتم فداءه في العهد الجديد؛ لذا فطلب اسم المسيح هو صلاة قوية تحفظ أولاده وتقهر الشياطين.

التبشير بخلاص المسيح هو هدف المؤمنين المسبحين لله، وذلك بحياتهم المعاشة وبكل كلمة تخرج من أفواههم، وذلك من يوم إلى يوم؛ أي العهد القديم والجديد، وتعنى أيضًا التبشير الدائم طوال العمر.



ع3: حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ، بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ.

ينادى المزمور المؤمنين أن يتحدثوا بمجد الله وليس بمجد أنفسهم؛ أي يخفى الخادم ذاته ويظهر المسيح، ويكون إعلان المسيح لكل إنسان؛ لأنه يقول في الأمم؛ أي لا يقصر الكلام على اليهود، بل العالم كله.

التحدث عن عجائب الله هي أعماله العظيمة التي عملها مع البشرية، ويظهر في قمتها تجسده من عذراء بدون زرع بشر ليفدى البشرية. وأعمال الله هي عجائب تتم كل يوم لجذب النفوس إليه، وعمل كل ما يساعدهم على الحياة معه.



ع4: لأَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَحَمِيدٌ جِدًّا، مَهُوبٌ هُوَ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.

يذكر في هذه الآية ثلاث صفات لله تميزه عن باقي الآلهة الوثنية، وعن كل قوى العالم الموجودة حتى الآن وهذه الصفات هي:

"عظيم": أي فيه كل الكمال ويسمو عن كل ما يعرفه الإنسان.

"حميد": أي يستحق التسبيح والتمجيد كل حين؛ لأن ليس مثله في الأرض كلها.

"مهوب": أي مخوف لأنه قادر على كل شيء ولا يقف أمامه أحد، وفى يده حياة كل البشر وله سلطان الدينونة.



ع5: لأَنَّ كُلَّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أَصْنَامٌ، أَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّمَاوَاتِ.

يعلن هنا كاتب المزمور حقيقة ما يطلق عليهم آلهة بين الأمم، فلا يوجد آلهة بالطبع غير الله، أما هذه الآلهة فهي شياطين تخدع الناس بقوتها الزائفة ليعبدوها، ولكن ليس لهذه الشياطين قوة أمام الله. والله الحقيقي هو الإله الوحيد الذي خلق كل شيء في العالم، وخلق السموات وخلق فيها الملائكة التي سقط بعضها وهم الشياطين، فهو خالق الشياطين، فكيف يقدرون أن يقفوا أمامه؟!



ع6: مَجْدٌ وَجَلاَلٌ قُدَّامَهُ. الْعِزُّ وَالْجَمَالُ فِي مَقْدِسِهِ.

يواصل وصف الله بأن المجد والجلال؛ أي العظمة والبهاء تتقدمه لتعد طريقه، ومن يعدون طريقه هم الملائكة والأنبياء والرسل، وكل كهنة وخدام العهد الجديد. هؤلاء يلبسون البر، ويعلنون مجد الله بحياتهم وبتعاليمهم.

أما في مقدس الله؛ أي مكانه، إذ هو قدوس فمكانه مقدس، فنجد العز والجمال فيه، فالعز هو البركة والخير، وفيه كل كنوز المعرفة والحب. أما الجمال فهو يعنى كل كمالات الله، وهو غير محدود، وكل من يدخل إليه في علاقة حب يشبع ويفرح. هذه هي عطايا الله للمؤمنين به، الذين يحبونه.

† ما أجمل التأمل في صفات الله، وتسبيح اسمه القدوس، فهو يملأ القلب فرحًا، ويبعد الخطية عن الإنسان، ويملأه بمحبة الخير لكل إنسان.


(2) عبادة الرب بخوف وفرح (ع7-13):



ع7: قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا قَبَائِلَ الشُّعُوبِ، قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدًا وَقُوَّةً.

ينادى كاتب المزمور الأمم؛ أي غير المؤمنين ليؤمنوا بالله، ويقدموا له المجد والإكرام؛ لأنه يستحق التمجيد، وإليه تنسب كل قوة. وإذا آمن به الإنسان تصغر أمامه كل قوى العالم وأمجاده.



ع8: قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ. هَاتُوا تَقْدِمَةً وَادْخُلُوا دِيَارَهُ.

ويضيف أيضًا في عبادة الله أن يردد الأمم اسم الله القدوس، ويمجدوه فاسمه العظيم يسحق كل قوة الشيطان، ثم إذ تنمو محبة الإنسان لله بكثرة الصلوات فيقدم له تقدمات في هيكله المقدس؛ سواء في هيكل العهد القديم الذي عند اليهود، أو في ديار الرب، أي كنائس العهد الجديد، والتقدمات ليست الذبائح بل الأعمال الصالحة التي نضيفها للتسابيح الإلهية. وبهذا نرى من (ع7، 8) نبوة واضحة عن إيمان الأمم وتقديمهم العبادة لله، وهذا ما تم في كنيسة العهد الجديد.



ع9: اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ. ارْتَعِدِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ الأَرْضِ.

يستكمل كاتب المزمور حديثه عن عبادة الله، ويطلب من المؤمنين به أن يعبدوه في خضوع، متمثلًا في سجود أمامه في بيته، ويقدم شرطًا للعبادة أن تكون في زينة مقدسة وهذا معناه الآتي:

أ - نلبس ملابس محتشمة تليق بالخشوع أمام الله في بيته.

ب - نتزين بالفضائل الروحية.

يطالب سكان الأرض؛ أي كل البشر أن يخافوا الله، ويرتعدوا أمامه، فيتركوا عبادة الأوثان وكل خطاياهم ليتقدموا بإيمان وطهارة ليعبدوه، كما أن الملائكة السمائيين يغطون وجوههم وأرجلهم أمام الله المخوف عندما يقفون أمامه ويسبحونه.



ع10: قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ: «الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضًا تَثَبَّتَتِ
الْمَسْكُونَةُ فَلاَ تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ».

يبشر كاتب المزمور الأمم أن الرب قد ملك وفى الترجمة السبعينية "ملك على خشبة"؛ أي أن المسيح المصلوب هو فادى البشرية. فهو يبشرهم بالخلاص من الخطية والتمتع بعشرة الله. ثم يحيون مطمئنين في كنائسه المنتشرة في العالم والتي تثبت المؤمنين في المسكونة كلها. فالمسكونة تتثبت بالخلاص المقدم في كنائس العهد الجديد.

مَن لا يؤمن بالله ويتمادى في خطاياه فليس أمامه إلا الدينونة التي يقوم بها المسيح في مجيئه الثاني، فيدين ويهلك الأشرار، وفى نفس الوقت يمجد أولاده المؤمنين به والثابتين في وصاياه.



ع11: لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ.

ليعج:
العجيج هو صوت المياه المتلاطمة، وهو صوت عالٍ.

ينادى كاتب المزمور السماء لتفرح؛ أى كل الملائكة يناديها لتفرح بخلاص الله الذي يقدمه على الصليب للبشرية. ثم يعود فينادى الأرض أيضًا لتبتهج بهذا الخلاص الذي تناله في الكنيسة بواسطة الروح القدس، وهكذا تشترك السماء والأرض بالفرح بخلاص الله. وكما نزلت الملائكة إلى الأرض بفرح لتبشر بالمسيح، هكذا أيضًا الأبرار ارتفعوا إلى السماء ليروا أمجادها، مثل بولس ويوحنا الرائى.

البحر يرمز للعالم، ويقصد به كل الأمم، ويناديها هي أيضًا لتفرح وتعلن هذا بأصوات الفرح التي ترمز إليها تلاطم أمواجها؛ أي تصفيقها وتسبيحها، فالأمم يشتركون في كنيسة العهد الجديد في عبادة الله وتمجيده.



ع12، 13: لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ، لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ
الْوَعْرِ أَمَامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ.
يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ.

ليجذل: ليفرح.

الوعر: الأماكن الصعبة ويقصد بأشجار الوعر الأمم.

ينادى كاتب المزمور نباتات الحقل، أى الأرض التي يعتنى بها الفلاح أن تنمو وتثمر فتفرح بثمارها، ويقصد بنباتات الحقل اليهود، الذين اعتنى بهم الله كشعب خاص به لينموا في الإيمان. بالإضافة لليهود ينادى أيضًا أشجار الوعر، وهي أشجار غير مثمرة لتثمر هي أيضًا بقوة الله. والمقصود بأشجار الوعر الأمم الذين يؤمنون بالمسيح، فيثمرون ثمارًا روحية. وهكذا يفرح العالم كله يهود وأمم بخلاص المسيح.

هذا الفرح يحياه المؤمنون أمام الله ويتمتعون بمجيئه في ملء الزمان، أي تجسده وموته على الصليب، الذي أدان الخطية، وحرر أولاده من عبوديتها ليفرحوا معه. ثم يكرر كلمة يدين، فيقول يدين المسكونة بالعدل، وهذا ما سيتم في مجيئه الثاني يوم الدينونةالأخير، حيث يظهر شر الأشرار فيعاقبون بالهلاك؛ لأنهم رأوا أمانة الله معهم في رعايتهم ودعوته لهم للإيمان، وكذلك أمانته التي ظهرت في حياة أولاده الذين عاشوا بينهم. وأولاده هؤلاء، المؤمنين به يمجدهم في ملكوته في نفس الوقت الذي يعاقب فيه الأشرار.

† هذه الحياة فرصة لعبادة الله والسلوك في أعمال صالحة، فتفرح قلوبنا بعشرته، ثم ينتظرنا الفرح الأبدي الكامل في ملكوت السموات.







المزمور السَّابِعُ والتسعون
الرب الملك العظيم


"الرب قد ملك فلتبتهج الأرض ولتفرح الجزائر ... ع1"


مقدمة:

1. كاتبه: هناك رأيان:

أ - لا يوجد عنوان لهذا المزمور، وبالتالي يعتبر هذا المزمور من المزامير اليتيمة؛ أي غير معروف كاتبها.

ب - في الترجمة السبعينية يذكر أن كاتبه هو داود النبي.

2. متى كتب ؟: تذكر الترجمة السبعينية في عنوان هذا المزمور أنه "لداود عندما ارتدت له الأرض" أي عندما انتصر داود على جميع أعدائه، وخضعت له الأرض، ودفعت له الجزية، واستراح من حروبه، وذلك كان في أواخر حياته.

3. هذا المزمور أيضًا ضمن مجموعة المزامير الملكية التي تتكلم عن الرب الملك، وهي المزامير من (مز95- مز100) بالإضافة إلى مزمور 93 الذي يمهد لها.

4. يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية التي تتنبأ عن المسيح المسيا المنتظر، الذي ملك على خشبة وهي الصليب، وقيد الشيطان، وعادت إليه الأرض، أي المؤمنون به، ورفعهم من الجحيم إلى الفردوس.

5. يوجد هذا المزمور في صلاة الساعة التاسعة، التي فيه ملك المسيح على الصليب، وأدان الشيطان، وأعطى فرحًا لأولاده المؤمنين به الذين كانوا في الجحيم، ورفعهم إلى الفردوس.



(1) الرب المخوف (ع1-6):



ع1: اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ، فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ، وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ.

الرب هو الملك على الأرض لأنه خالقها، وهو ملك منذ الأزل، ولكنه ملك أيضًا في ملء الزمان عندما ارتفع على الصليب، وحينئذ فرحت الأرض، أي البشر بخلاصه الذي حررهم من عبودية الخطية، وفتح لهم باب الفردوس.

الجزائر الكثيرة هي كنائس العهد الجديد التي انتشرت في العالم كله. والجزائر ثابتة مثل الكنائس الثابتة في الإيمان، ومحوطة بالبحر من كل جانب، الذي يرمز للعالم. فالجزائر قوية بالمسيح الساكن فيها حتى لو أحاط العالم بها بكل شروره من كل جانب.



ع2: السَّحَابُ وَالضَّبَابُ حَوْلَهُ. الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ.

السحاب والضباب حول الله؛ لأنه عظيم ومهوب ولا يمكن إدراك أعماقه، كما لا يمكن رؤية ما وراء الضباب والسحاب. وقد ظهر الضباب حول الله مرات كثيرة في العهد القديم والجديد؛ إذ كان يحل حول خيمة الاجتماع، وعمود السحاب كان يقود شعب الله في البرية، كما ظهر الضباب على الجبل عندما أعطى موسى الوصايا والناموس، وظهر الضباب أيضًا في تجلى المسيح ... والسحاب والضباب يرمزان إلى جسد المسيح الذي أخفى فيه لاهوته. والعذراء هي السحابة التي حملت المسيح في بطنها كما ذكر أشعياء (اش19: 1). والملائكة أيضًا هم السحاب والضباب المحيط بالله، وكذلك المؤمنون بالله هم السحاب والضباب بحياتهم النورانية العميقة، فيشهدون لله بسلوكهم.

والله أيضًا فيه العدل الكامل، وبالتالي له وحده القضاء والدينونة، فبتجسده أدان الخطية عندما صلب عنا، وفى مجيئه الثاني يقضى ويدين العالم كله. والمؤمنون بالله في حياتهم يظهرون عدله وقضاءه، إذ يكونون نورًا للعالم يدعون الآخرين للتوبة الاقتداء بهم، وإلا فإنهم يدانون أمام الله.



ع3: قُدَّامَهُ تَذْهَبُ نَارٌ وَتُحْرِقُ أَعْدَاءَهُ حَوْلَهُ.

النار تسبق الله لتعلن قوته، فهو نار آكلة تعاقب الأشرار وتهلكهم في اليوم الأخير، أي في العذاب الأبدي. والنار أيضًا تطهر المؤمنين به وتحرق خطاياهم. كذلك النار الإلهية تشعل المحبة في قلوب خدامه، كما حل الروح القدس كألسنة نار على رؤوس الرسل المجتمعين في العلية يوم الخمسين، ودفعتهم بالحب ليبشروا العالم كله. وقد ترمز النار للملائكة الذين يعدون طريق الله، وأيضًا يوحنا المعمدان الذي أعد الطريق للمسيح بإعلان الحق ودعوة الجموع للعماد وتغيير حياتهم.



ع4: أَضَاءَتْ بُرُوقُهُ الْمَسْكُونَةَ. رَأَتِ الأَرْضُ وَارْتَعَدَتْ.

البرق يضئ، ويظهر للعالم كله، فهو ينطلق من المشرق ويصل إلى المغرب، وهو يرمز لفداء المسيح وكرازة الرسل، وكل خدمه تقدم حتى الآن، فهي تضئ قلوب المؤمنين، وتجذبهم إلى الله ليحيوا معه، أما الأشرار الذين يرمز إليهم بالأرض لأن أفكارهم أرضية شهوانية فلا يطيعون ويخضعون لنور الله، ولكنه يكشف خطاياهم فيرتعبون ولا يرجعون إليه.

البروق ترمز أيضًا إلى مواعيد الله التي لابد أن تتحقق، وهي مضيئة تعطى رجاء للإنسان، ويلى البروق نزول المطر الذي يرمز للخيرات السماوية.



ع5: ذَابَتِ الْجِبَالُ مِثْلَ الشَّمْعِ قُدَّامَ الرَّبِّ، قُدَّامَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا.

الجبال التي تذوب بسهولة مثل الشمع أمام وجه الرب الذي هو سيد الأرض كلها هي الدولة الرومانية التي تحولت إلى المسيحية ليس فقط كأفراد، بل أيضًا رئيسها وهو الملك قسطنطين؛ الذي سمح بحرية الديانة المسيحية، وتحويل معابد الأوثان إلى كنائس. فالدولة الرومانية ترمز إلى السلطات والرئاسات التي في العالم، التي يحولها الله ويخضعها له كما انهار الاتحاد السوفيتى في الجيل المعاصر، وضعف سلطان الشيوعية فعادت العبادة المسيحية في الكنائس هناك.

الجبال أيضًا ترمز إلى قوات الشر التي تخاف من قوة الله سيد الأرض كلها فتذوب ولا يبقى لها كيان، أو قوة أمامه، وهذا بالطبع يطمئن المؤمنين، فلا يخافوا من الأشرار.



ع6: أَخْبَرَتِ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ، وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ.

أخبرت السموات بعدل الله الآتي ليرفع خطايا العالم، ويحرر البشرية بتجسده وذلك عن طريق إعلان الملائكة أن المسيح قد ولد، ففرح الرعاة وذهبوا إلى المذود، وأيضًا أخبرت السموات بعدله عندما اعتمد في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان وشهدت له السماء أنه الابن الحبيب (مت3: 17).

رأى جميع الشعوب مجد الله من خلال كرازة الرسل بفداء المسيح وقيامته، فآمن الكثير من الأمم.

† ليت كل تحركات الطبيعة وأحداث الحياة التي تظهر مخافة الله تدعوك للتوبة والابتعاد عن الخطية، فتقترب إلى الله، وتستنير بنوره من خلال الصلاة وقراءة كلامه.



(2) الرب المرتفع فوق الآلهة (ع7-9):



ع7: يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَال مَنْحُوتٍ، الْمُفْتَخِرِينَ بِالأَصْنَامِ.
اسْجُدُوا لَهُ يَا جَمِيعَ الآلِهَةِ.

إذ بتمجد الله، وتخضع له كل الخليقة يشعر من يعبدون الأصنام، ويفتخرون بها أنهم في خزى، إذ تظهر آلهتهم الوثنية ضعيفة جدًا أمام الله. وهكذا أيضًا كل من يعتمد ويتعلق بماديات العالم وشهواته، وكل قوة فيه يشعر أنه لا شيء أمام قوة الله فيخزى، خاصة عندما يفقد هذه القوة مثل المال، أو الصحة أو العلاقات، فيبقى الله وحده القوى القادر على كل شئ.

عندما يظهر مجد الله يخضع له ليس فقط البشر المؤمنون به، بل أيضًا الآلهة وهم الملائكة، ويمجدونه. والشياطين أيضًا العاملة في الأصنام لا تستطيع أيضًا أن تقف أمام قوة الله، كما ظهر ضعف الإله بال أمام قوة الله في نبيه دانيال (تتمة دانيال 3: 1-21).



ع8: سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ، وَابْتَهَجَتْ
بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ.

عندما سجدت الآلهة أي الملائكة لله، وسمعت صهيون وكذا بنات يهوذا، أي المؤمنون بالله فرحوا، وتهللوا، وسبحوا الله؛ لأنه هو الإله الحقيقي وليست الأصنام، فإن كان الوثنيون يسجدون ويفتخرون بالأصنام، فالمؤمنين في العهد القديم، أو الجديد يفرحون، ويتهللون، ويمجدون الله.



ع9: لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. عَلَوْتَ جِدًّا عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.

يعلن كاتب المزمور أن الله أعلى من كل الآلهة الوثنية التي تعبدها الأمم، أي أنه الإله الوحيد، وهو فوق كل ما ينشغل به أهل العالم من قوى وماديات؛ لأنه هو خالق الكل، بالتالى ينبغى أن يعلو في قلب البشر عن كل شيء سواه، فيعبدوه بأمانة من كل قلوبهم.

عندما ارتفع المسيح على الصليب أصبح أعلى من قوى الشيطان عندما مات، وقيد الشيطان، وظهر حبه الفائق على كل عقل، ودعى اليهود والأمم للخلاص بالإيمان به.

† تذكر دائمًا هدفك الوحيد في الحياة، وهو محبة الله والأبدية؛ حتى تسعى نحوه دائمًا وتترك عنك كل ما يعطلك عنه، فتنمو بهدوء في محبته، وتتقدم نحو الأبدية السعيدة.

(3) فرح الأبرار بالرب (ع10-12):



ع10: يَا مُحِبِّي الرَّبِّ، أَبْغِضُوا الشَّرَّ.

هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ.

مَن يحب الرب لا بُد أن يبغض الشر؛ لأنه لا يمكن أن تتفق محبة الرب مع محبة الشر وبغضة الشر تعتبر فضيلة؛ لأن معناها محبة البر.

يبارك الله محبيه بأمرين هما:

أ - يحفظ حياتهم من الشر وليس من آلام هذه الحياة، بل ويعطيهم سلامًا أثناء التجارب، ثم الحياة الأبدية.

ب - ينجيهم من الأشرار أي الشياطين، فلا يتسلطون عليهم، ويبطل حروبهم ويكشف خداعهم؛ حتى لا يقع محبوا الرب في خداع الشياطين.



ع11: نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، وَفَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ.

من البركات التي يهبها الله لمحبيه الصديقين أن ينير حياتهم لمعرفته، ويزرع هذه المعرفة في أعماق قلوبهم حتى يثبتوا فيه، وينتج عن هذه الاستنارة فرح يدوم في حياتهم ما داموا متمسكين باستقامة القلب.

النور الذي زرع للصديقين هو المسيح إلهنا الذي تجسد في ملء الزمان، وأعطى الخلاص لهم. ونتج عن هذا الخلاص فرح في كل حياتهم؛ لأن قلوبهم مستقيمة أمامه.

النور الذي زرع للصديقين هو الكتاب المقدس ليأكلوا منه ويشبعوا، وتفرح قلوبهم المستقيمة في كل حين وإلى الأبد.



ع12: افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ.

هذه الآية دعوة للصديقين ليفرحوا بمعرفة الله وخلاصه، وليس بشهوات العالم، ويفرحوا أيضًا بإيمان الكثيرين وتمتعهم بخلاص المسيح.

يعبر الصديقون عن فرحهم بشكر الله وتسبيحه، فيذكرون اسمه القدوس كثيرًا ليتمتعوا به، ويشكروه على كل عطاياه، ويتأملوا شخصه الكريم، وقداسته، فيحيون في السماء، وهم على الأرض.

† ابحث عن المسيح في الصلاة والتأمل لتشبع به، وتتنافر مع الخطية وكل مسبباتها، وحينئذ تثبت في محبة الله ووصاياه.







المزمور الثَّامِنُ والتسعون
الفرح بالخلاص


مزمور

"رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع عجائب .." ع1


مقدمة:

1. كاتبه: هناك رأيان:

أ - هو من المزامير اليتيمة التي لا يوجد في عنوانها اسم الكاتب.

ب - في عنوان هذا المزمور في الترجمة السبعينية أنه لداود.

2. لماذا كتب؟

أ - تمجيد الله الذي أعطى الخلاص على يد داود بانتصاره على الأمم المحيطة باليهود.

ب - قد يكون نبوة عن الرجوع من السبي والتخلص من عبوديته، وإعادة بناء الهيكل.

جـ- هو نبوة عن خلاص المسيح الذي تجسد في ملء الزمان وأعطى الخلاص بصليبه.

3. هذا المزمور هو المزمور الوحيد الذي عنوانه "مزمور" وكلمة مزمور تعنى أنه يرنم بمصاحبة آلة موسيقية وهي المزمار.

4. هذا المزمور من ضمن المزامير الملكية التي سبق وقلنا أنها من (مز95-مز100) بالإضافة إلى (مز 93) الذي هو تمهيد لها.

5. يوجد تشابه بين هذا المزمور ومزمور 96 فالإثنان يتكلمان عن الرب الملك وتسبيحه.

6. يوجد هذا المزمور في صلاة الأجبية في صلاة الساعة التاسعة التي فيها أتم المسيح الفداء بموته على الصليب، فملك على خشبة الصليب، وعلى قلوب أولاده الذين وهبهم الخلاص.





(1) الفرح بخلاص الله (ع1-3):



ع1: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، لأَنَّهُ صَنَعَ عَجَائِبَ.
خَلَّصَتْهُ يَمِينُهُ وَذِرَاعُ قُدْسِهِ.

ينادى داود النبي كل المؤمنين أن يرنموا للرب ترنيمة جديدة لشكره وحمده على عجائبه التي صنعها مع شعبه في العهد القديم، ثم في العهد الجديد، وكملت بأعجوبة الصليب التي قدم فيها خلاصًا لكل من يؤمن به في العالم كله.

الخلاص الذي قدمه المسيح على الصليب تممه بيمينه، أي قوته وذراعه، أي الابن الوحيد المتجسد، كما أشار إلى ذلك أشعياء النبي (اش51: 9، 53: 1). واليمين والذراع ترمزان أيضًا لعمل الروح القدس في الكنيسة. والخلاصة أن المسيح حمل خطايانا وحده على الصليب، ومات وأقام نفسه بقوة لاهوته.



ع2: أَعْلَنَ الرَّبُّ خَلاَصَهُ. لِعُيُونِ الأُمَمِ كَشَفَ بِرَّهُ.

أعلن المسيح خلاصه بقيامته وظهر هذا للعالم كله، أي للأمم كما لليهود، وفتح الباب لكل من يقبل هذا الإعلان، ويؤمن به أن ينال الخلاص.



ع3: ذَكَرَ رَحْمَتَهُ وَأَمَانَتَهُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
رَأَتْ كُلُّ أَقَاصِي الأَرْضِ خَلاَصَ إِلهِنَا.

الله أعطى وعودًا، ونبوات كثيرة في العهد القديم عن تجسده، وفدائه، وفى ملء الزمان ذكر كل هذه المواعيد، وتممها بالصليب. وكل بني إسرائيل الذين يعرفون هذه النبوات أصبح الطريق سهلًا أمامهم للإيمان بالمسيح، ولكن قساوة قلوبهم هي التي وقفت عائقًا بينهم وبين الإيمان، ورفضوا رحمة الله وخلاصه.

محبة الله ظهرت في توصيل البشارة بالمسيح الفادى إلى العالم كله، حتى البلاد البعيدة عن اليهودية، ولعل البعيدين في أقاصى الأرض يكونون أكثر اهتمامًا بالإيمان، ونوال الخلاص من كثيرين قريبين، بل من شعب الله المختار، وهم اليهود الذين رفضوا الإيمان.

† ليتك تسبح الله، وترنم له كل يوم تسبيحًا جديدًا؛ لأن أعماله معك متجددة. فاشكره على رعايته، وحفظه لك، ومحبته التي لا تُحَد.

(2) كيف نفرح بالرب (ع4-6):



ع4: اِهْتِفِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ. اهْتِفُوا وَرَنِّمُوا وَغَنُّوا.

ينادى داود النبي كل الأرض يهودًا وأممًا - الذين آمنوا بالمسيح - أن يهتفوا للرب من أجل خلاصه الذي قدمه على الصليب، بل ويشجعهم أن يعبروا بكل إمكانياتهم عن فرحهم، فينادون بأصوات عالية وهي الهتاف، ويرنمون بكلمات منغمة بأصواتهم. وأيضًا يغنون، أي يعلنون كلمات منغمة بمصاحبة آلات موسيقية. فهو يريد أن نعبر عن فرحنا بالله بكل الوسائل، ونمجد خلاصه العجيب.



ع5، 6: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ بِعُودٍ. بِعُودٍ وَصَوْتِ نَشِيدٍ.
بِالأَبْوَاقِ وَصَوْتِ الصُّورِ اهْتِفُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ الرَّبِّ!

الصور:
نوع من الأبواق.

ينادى داود المؤمنين لكي يعبروا عن فرحهم، فيستخدمون الآلات الموسيقية وكل وسيلة للتعبير عن الفرح وهي:

العود: وهو آلة موسيقية عليها مجموعة أوتار مشدودة وترمز إلى الاستعداد، وتكاتف كل قوى وإمكانيات الإنسان للتعبير عن شكر الله.

النشيد: وهي كلمات قوية تعبر عن فرح الإنسان، وترمز للحماس والجدية الروحية.

الأبواق وصوت الصور: وهي آلات ذات أصوات عالية. والصور هو قرن الحيوان الذي يرتفع فوق رأسه، فيرمز إلى ضرورة الارتفاع عن الشهوات الجسدية للانطلاق في تسبيح الله. والأبواق والصور ترمز للتبشير بخلاص المسيح وبالكتاب المقدس كل هذه التسابيح والهتافات نقدمها أمام الرب الملك الذي نريد منه أن يملك على قلوبنا ويطهرنا ويشبعنا بحبه.

† عبر عن حبك لله بالتأمل فيه وبكلمات التسبيح، وبأعمال الخير حتى تعلن شكرك له كل حين.

(3) فرح الطبيعة بالرب (ع7-9):



ع7: لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ، الْمَسْكُونَةُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا.

ليعج:
العجيج هو الصوت العالى لمياه البحر.

تشترك الطبيعة في تسبيح الله خالقها، فيصدر البحر أصواتًا عالية، نتيجة تصادم أمواجه؛ ليعلن فرحه بالله، وبهذا يشترك مع البشر الساكنين في الأرض كلها، المؤمنين بالله الذين يمجدون خلاصه.

يرمز البحر إلى العالم والسكان فيه، الذين كانوا قبلًا يصدرون أصواتًا عالية لتمجيد الشهوات والشر، أما الآن بعد أن آمنوا، فيصدرون تسابيح وتماجيد للمسيح المخلص.



ع8: الأَنْهَارُ لِتُصَفِّقْ بِالأَيَادِي، الْجِبَالُ لِتُرَنِّمْ مَعًا،

وتشترك أيضًا الأنهار مع البحار في الفرح بالله المخلص، فعندما تتلاطم مياه الأنهار تصدر أصواتًا كأنها أيادى بشرية تصفق؛ إعلانًا عن فرحها. والأنهار ترمز للرسل والخدام والمؤمنين الذين يفيضون على الآخرين بتعاليم روحية وقدوة بقوة الروح القدس، الذي يجرى من بطونهم كأنهار ماء حى (يو7: 38).

وتقف الجبال العالية لترنم بدون صوت؛ أي بمنظرها المرتفع إلى السماء كأنها تسبح الله مع باقي الخليقة. والجبال ترمز للرسل والمؤمنين المتقدمين في حياتهم الروحية، وللخدام الكبار الذين بحياتهم يمجدون المخلص.



ع9: أَمَامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ.
يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِالاسْتِقَامَةِ.

كل مظاهر الفرح الذي يعلنها البشر، وتعلنها الطبيعة هي تقدمة أمام الرب الذي سيدين العالم كله في يوم الدينونة، فكل المظلومين، أي الأبرار الذين احتملوا آلامًا كثيرة من أجل المسيح رجاؤهم في يوم الدينونة، الذي يقضى الله فيها بالعدل، ويمجد ويعوض أولاده الأبرار بأمجاد الملكوت، ويقف قاضيًا ليقضى باستقامة لكل شعوب الأرض.

† لا تنسى هدفك وهو الأبدية السعيدة، حيث تنال كل البركات ويعوضك الله عن كل آلامك. فاحتمل من أجله أتعاب الجهاد الروحي والخدمة، وعش متعففًا ومتباعدًا عن كل شر، فالله ينظر إليك باهتمام ولا ينسى تعبك أبدًا.





المزمور التَّاسِعُ والتسعون
الرب الملك القدوس


"الرب قد ملك ترتعد الشعوب ... ع1"


مقدمة:

كاتبه: يعتبر هذا المزمور من المزامير اليتيمة، أي ليس لها عنوان وغير معروف كاتبها وإن كان البعض ينسبها لداود.

هذا المزمور ضمن المزامير الملكية التي هي من (مز95-100) و(مز 93) تمهيدًا لها.

هناك ثلاثة مزامير تبدأ بـ"الرب قد ملك" وهي (مز96، 97) وهذا المزمور.

يحدثنا هذا المزمور عن عظمة الله الذي ملك على شعبه في العهد القديم، ثم ملك في ملء الزمان على الصليب على قلوب كل من آمن به في العالم كله.

هذا المزمور يتنبأ عن الرب الديان الذي يملك يوم الدينونة وترتعد منه الشعوب التي لم تؤمن به؛ لأنه يعاقبهم، وفى نفس الوقت يمجد المؤمنين به.

يوجد هذا المزمور في صلاة الساعة التاسعة التي فيها أتم المسيح الفداء على الصليب؛ لأن المزمور يوضح ملك الله على المؤمنين به والساجدين له، سواء من اليهود، أو الأمم حينما ملك على خشبة الصليب.


(1) عظمة الرب المهوب (ع1-3):



ع1: اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. تَرْتَعِدُ الشُّعُوبُ.
هُوَ جَالِسٌ عَلَى الْكَرُوبِيمِ. تَتَزَلْزَلُ الأَرْضُ.

عندما ظهر مجد الله في خدمته على الأرض؛ أي في تعاليمه ومعجزاته ارتعدت قلوب الكثيرين وتابوا وآمنوا به، وعندما ارتفع على الصليب ومات ليفدينا ارتعدت الشياطين التي تضل الشعوب من خلال الآلهة الوثنية. وفى نهاية الأيام عندما يظهر الرب الملك الديان ترتعد الشعوب غير المؤمنة؛ لأنه سيعاقبهم بالهلاك الأبدي.

الرب الملك جالس على الشاروبيم وهم الملائكة المملوئين أعينا ومعرفة، فهو أزلي ومستقر وجالس على الذين يعرفونه وهم الكاروبيم، وكذلك كل من يؤمن به ويعرفه ويحبه. وعندما ترى الشياطين العاملة في الأرض ملك الله الجالس على الكاروبيم، والذي تجسد وفدانا على الصليب تتزلزل مملكتهم التي تضل من في الأرض.



ع2: الرَّبُّ عَظِيمٌ فِي صِهْيَوْنَ، وَعَال هُوَ عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ.

الله عظيم وسط شعبه، أي صهيون طوال العهد القديم، فهو معروف، وأعماله كثيرة، ومعجزاته قوية بينهم، وهو متعالٍ على كل الشعوب، أي على كل الآلهة الوثنية التي تعبدها الأمم، فهي لا شيء أمامه؛ لأن من فيها هم شياطين. ومن ناحية أخرى كل قلب متضع يتمتع بملك الله عليه، أما من يتكبر فيتعالى عليه الله ليشعره بضعفه.

الرب عظيم في هيكله بأورشليم، وعبادته مقدسة وأعلى من كل العبادات الوثنية الشريرة المنتشرة بين الأمم في هياكلها النجسة وكل ما يرتبط بها من شهوات دنسة.



ع3: يَحْمَدُونَ اسْمَكَ الْعَظِيمَ وَالْمَهُوبَ، قُدُّوسٌ هُوَ.

عندما يتعود المؤمنون شكر الله وتسبيح اسمه القدوس تتحرك قلوبهم بمحبته ويشعرون بعظمته، ثم تمتلئ قلوبهم بمخافته، فيبتعدون عن الخطايا، مما يشجعهم على الالتصاق بالله وحمده وتسبيحه. وهكذا يشجعهم التسبيح على مخافة الله، وتشجعهم مخافة الله على التسبيح.

† تأمل قداسة الله وبره؛ حتى يرتفع قلبك إليه وتتعلق به في صلوات وتسابيح، وتأملات في كلامه، وحينئذ يسهل عليك أن تترك خطاياك وإغراءات الشر، وهذا بدوره يساعدك على رفع قلبك لله، فتنمو دائمًا في محبته، وتحتفظ بسلامك دائمًا.


(2) السجود للرب القدوس (ع4-9):



ع4: وَعِزُّ الْمَلِكِ أَنْ يُحِبَّ الْحَقَّ. أَنْتَ ثَبَّتَّ الاسْتِقَامَةَ.
أَنْتَ أَجْرَيْتَ حَقًّا وَعَدْلًا فِي يَعْقُوبَ.

عز:
كرامة ومجد.

إن الملك وهو الله ومجده وعظمته أن يحب الحق والعدل مهما كان ثمن العدل. وخطية الإنسان استوجبت الموت الأبدي، فتجسد المسيح وفداه؛ ليوفى العدل الإلهي، ويخلص الإنسان.

الله فيه كمال الاستقامة، وقد أظهر الاستقامة في ضمير الإنسان الذي خلقه، ثم في وصايا وشريعة موسى. وأخيرًا أظهر كمال الاستقامة في شريعة العهد الجديد. فهو يثبت الاستقامة إلى مدى الدهور.

أعطى الله مثالًا للعالم كله في القضاء والعدل عندما اختار شعبه في العهد القديم، وأعطاه الوصايا والشريعة، وقضى بها عليهم، فأكرم الأبرار مثل إبراهيم وداود، وعاقب الأشرار مثل عاخان بن كرمى وحفنى وفينحاس، بل بارك وكافأ شعبه كله بامتلاك أرض كنعان وعاقبهم بالسبي.



ع5: عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ. قُدُّوسٌ هُوَ.

ينبغى أن المؤمنين بالله يعلوه في نظرهم وصلواتهم فوق كل قوة في العالم، فهو الإله الوحيد، ويسجدون عند قدميه، معلنين خضوعهم له، ولقداسته الكاملة. هذا يساعدهم على عبادة الله ونوال الاستنارة الروحية، فيعرفوه ويكتشفون أسراره، ويتمتعون به.

"علوا الرب" تم عندما رفعوه على الصليب. والسجود عند موطئ قدميه أي السجود في هيكله في أورشليم، أو السجود في العهد الجديد عند أقدام الصليب، وهو سجود بنقاوة وقداسة؛ لأنه قدوس.



ع6، 7: مُوسَى وَهَارُونُ بَيْنَ كَهَنَتِهِ، وَصَمُوئِيلُ
بَيْنَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِهِ. دَعَوْا الرَّبَّ وَهُوَ اسْتَجَابَ لَهُمْ.
بِعَمُودِ السَّحَابِ كَلَّمَهُمْ. حَفِظُوا شَهَادَاتِهِ وَالْفَرِيضَةَ الَّتِي أَعْطَاهُمْ.

إن الخلاص الذي تم بالصليب تكلم عنه الأنبياء في العهد القديم، ورجال الله المعروفون، مثل موسى وهارون وصموئيل. ولأن موسى وهارون وصموئيل كانوا يصلون، ويتشفعون عن شعب الله، والوظيفة الأساسية للكاهن هي التشفع في شعبه أمام الله لذا أطلق على موسى كاهن هو وصموئيل مع أنهما ليسا كاهنين، ولكنهما صليا من أجل شعب الله، كما صلى موسى من أجل الشعب عندما حارب عماليق (خر17: 8-16) وكما كان صموئيل يصلى كثيرًا من أجل شعبه (1 صم7: 8، 9).

أظهر الله محبته ورعايته لشعبه بعمود السحاب الذي كان يتكلم من ورائه من داخل خيمة الاجتماع، وكان يهتم بهم لأنهم تمسكوا بوصاياه وخضعوا له.

عمود السحاب يرمز لتجسد المسيح، فقد كان الله مختفيًا وراء عمود السحاب وكذلك أخفى المسيح لاهوته في جسده. وموسى وهارون وصموئيل قدموا ذبائح لحمية رمزًا للمسيح الذبيح الحقيقي على الصليب.



ع8: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، أَنْتَ اسْتَجَبْتَ لَهُمْ.
إِلهًا غَفُورًا كُنْتَ لَهُمْ، وَمُنْتَقِمًا عَلَى أَفْعَالِهِمْ.

الله فرح بصلوات أولاده موسى وهارون وصموئيل وكل الأنبياء ورجال الله في العهد القديم. واستجاب لصلواتهم وقدم رعاية لشعبه، وانتقم من أعدائهم مثل عماليق والمتذمرين على الكهنوت مثل قورح وداثان وأبيرام، والفلسطينيين، وأعداء شعب الله، الذين خضعوا لداود النبي.

استجابة الرب لرجاله الأتقياء كملت في تجسده وفدائه، وانتقامه من الشيطان عندما قيده على الصليب.



ع9: عَلُّوا الرَّبَّ إِلهَنَا، وَاسْجُدُوا فِي جَبَلِ قُدْسِهِ،
لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَنَا قُدُّوسٌ.

يختم كاتب المزمور مزموره بتمجيد الله الملك والسجود في جبله المقدس، ويقصد به الأماكن التي قدسها الله بحلوله، مثل جبل سيناء، وهو يؤكد هنا أهمية إكرام الله والخضوع له لنوال خلاصه.

يؤكد على أهمية الصليب الذي به ننال الخلاص، والذي ارتفع على جبل الجلجثة، فعندما نسجد له نعلن خضوعنا لقداسته فننال خلاصه.

† قدر ما تخضع لله ولمشيئته تعطى فرصة لنوال بركات الله، والخلاص من خطاياك، بل تستطيع أن تشفع في غيرك، مهتمًا بخلاص الكل.
 
قديم 21 - 06 - 2024, 04:30 PM   رقم المشاركة : ( 164330 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,257,956

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






المزمور الْخَامِسُ والتسعون
شكر الله وطاعته

"هلم نرنم للرب نهتف لصخرة خلاصنا... ع1"


مقدمة:

1. كاتبه: هناك آراء في هذا الأمر.

أ - ليس له عنوان في النسخة البيروتية أي غير معروف كاتبه، فهو يعتبر من المزامير اليتيمة.

ب - ينسب بولس الرسول هذا المزمور لداود (عب4: 7)، وكذلك في الترجمة السبعينية يوجد في عنوان هذا المزمور أنه لداود.

2. متى كتب ؟ قد يكون عندما نقل داود تابوت عهد الله من بيت عوبيد أدوم الجتى إلى أورشليم وتقدم أمام التابوت بالترنيم والرقص والذبائح.

3. هذا المزمور ليتورجى كان يردد من الجماعة أمام الهيكل، وخاصة عند تدشين الهيكل الجديد بعد الرجوع من السبي أيام زربابل، ويهوصاداق رئيس الكهنة، وأيام زكريا وحجى النبيين.

4. يعتبر هذا المزمور من المزامير الملكية التي تتكلم عن الله الملك، وتمجد اسمه القدوس، وهذه المزامير هي من (مز95-99) ويضاف إليها (مز93).

5. يوجد تشابه بين هذا المزمور ومزمور 81 في الدعوة للترنيم للرب، بالإضافة إلى التحذير من عدم طاعته.

6. كان هذا المزمور يردد عندما يتحرك الموكب من مكان مقدس، مثل جيحون ووادى قدرون، وهي منطقة تقع شرق أورشليم، ويتجهون نحو الشمال إلى أن يدخلوا من باب أورشليم إلى الهيكل ويسجدون أمامه. وكان الشعب يرددون الآيتين الأوليتين في هذا المزمور، ويرد عليهم الخورس، أي باقى المرنمين، بالآيات من (ع3-5)، ثم يعود الشعب فيردد الآية (ع6) ثم يرد عليه الخورس بالآية (ع7).

7. لا يوجد هذا المزمور في صلاة الأجبية.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024