منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 06 - 2024, 05:03 PM   رقم المشاركة : ( 163301 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العلامة أوريجينوس



[عندما يلتزم إنسان بدراسات في القداسة (عملية) يلزم منحه لقب قدِّيس حسب الهدف الذي يقصده، لكنه إذ يرتكب أخطاء بالضرورة يسمى خاطئًا حتى تُنزع عنه عادة الخطيئة].
[القدِّيسون يندمون على خطاياهم ويشعرون بسقطاتهم وجراحاتهم ويدركونها، فيذهبون إلى الكاهن يطلبون الشفاء ويبحثون لكي يكونوا طاهرين بواسطة الكاهن الأعظم].
إذن إن كان الكهنة يحملون ذنب أولادهم، ذنب الشعب، فإن الشعب أيضًا ملتزم في توبته أن يلتقي بآبائهم الذين يصلون عنهم من أجل تمتعهم بالروح القدس على الحياة المقدسة.
 
قديم 12 - 06 - 2024, 05:06 PM   رقم المشاركة : ( 163302 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العلامة أوريجينوس



تأمل جميل يخص حياة الإنسان الداخليّة، فيرى الكاهن الذي يعمل
داخل القدس إنما يهتم بالأمور الداخليّة، لهذا فالمؤمن يرتكب
"ذنب الكهنوت" إن ترك شيئًا دنسًا يدخل إلى أعماق نفسه. يقول:
[يجب أن تتجه عناية الكهنة وسهرهم بالأكثر نحو ما هو مغطى
في الداخل وراء الحجاب حتى لا يوجد هناك شيء دنس أو شيء
غير طاهر، بمعنى أنه يجب الاهتمام بالإنسان الداخلي
وأجزاء القلب الداخليّة فتكون بلا عيب].
 
قديم 12 - 06 - 2024, 05:06 PM   رقم المشاركة : ( 163303 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



إعالة الكهنة:

8 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «وَهأَنَذَا قَدْ أَعْطَيْتُكَ حِرَاسَةَ رَفَائِعِي، مَعَ جَمِيعِ أَقْدَاسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَكَ أَعْطَيْتُهَا، حَقَّ الْمَسْحَةِ وَلِبَنِيكَ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. 9 هذَا يَكُونُ لَكَ مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ مِنَ النَّارِ، كُلُّ قَرَابِينِهِمْ مَعَ كُلِّ تَقْدِمَاتِهِمْ وَكُلِّ ذَبَائِحِ خَطَايَاهُمْ وَكُلِّ ذَبَائِحِ آثَامِهِمِ الَّتِي يَرُدُّونَهَا لِي. قُدْسُ أَقْدَاسٍ هِيَ لَكَ وَلِبَنِيكَ. 10 فِي قُدْسِ الأَقْدَاسِ تَأْكُلُهَا. كُلُّ ذَكَرٍ يَأْكُلُهَا. قُدْسًا تَكُونُ لَكَ. 11 وَهذِهِ لَكَ: الرَّفِيعَةُ مِنْ عَطَايَاهُمْ مَعَ كُلِّ تَرْدِيدَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لَكَ أَعْطَيْتُهَا وَلِبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ مَعَكَ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. كُلُّ طَاهِرٍ فِي بَيْتِكَ يَأْكُلُ مِنْهَا. 12 كُلُّ دَسَمِ الزَّيْتِ وَكُلُّ دَسَمِ الْمِسْطَارِ وَالْحِنْطَةِ، أَبْكَارُهُنَّ الَّتِي يُعْطُونَهَا لِلرَّبِّ، لَكَ أَعْطَيْتُهَا. 13 أَبْكَارُ كُلِّ مَا فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا لِلرَّبِّ لَكَ تَكُونُ. كُلُّ طَاهِرٍ فِي بَيْتِكَ يَأْكُلُهَا. 14 كُلُّ مُحَرَّمٍ فِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ لَكَ. 15 كُلُّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ يُقَدِّمُونَهُ لِلرَّبِّ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ، يَكُونُ لَكَ. غَيْرَ أَنَّكَ تَقْبَلُ فِدَاءَ بِكْرِ الإِنْسَانِ. وَبِكْرُ الْبَهِيمَةِ النَّجِسَةِ تَقْبَلُ فِدَاءَهُ. 16 وَفِدَاؤُهُ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ تَقْبَلُهُ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ فِضَّةً، خَمْسَةَ شَوَاقِلَ عَلَى شَاقِلِ الْقُدْسِ. هُوَ عِشْرُونَ جِيرَةً. 17 لكِنْ بِكْرُ الْبَقَرِ أَوْ بِكْرُ الضَّأْنِ أَوْ بِكْرُ الْمَعْزِ لاَ تَقْبَلْ فِدَاءَهُ. إِنَّهُ قُدْسٌ. بَلْ تَرُشُّ دَمَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَتُوقِدُ شَحْمَهُ وَقُودًا رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. 18 وَلَحْمُهُ يَكُونُ لَكَ، كَصَدْرِ التَّرْدِيدِ وَالسَّاقِ الْيُمْنَى يَكُونُ لَكَ. 19 جَمِيعُ رَفَائِعِ الأَقْدَاسِ الَّتِي يَرْفَعُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ أَعْطَيْتُهَا لَكَ وَلِبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ مَعَكَ حَقًّا دَهْرِيًّا. مِيثَاقَ مِلْحٍ دَهْرِيًّا أَمَامَ الرَّبِّ لَكَ وَلِزَرْعِكَ مَعَكَ». 20 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «لاَ تَنَالُ نَصِيبًا فِي أَرْضِهِمْ، وَلاَ يَكُونُ لَكَ قِسْمٌ فِي وَسَطِهِمْ. أَنَا قِسْمُكَ وَنَصِيبُكَ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

إن كان الله قد خصص كهنته للخدمة المقدسة، وصاروا ملتزمين بفريضة المقدس(*)، أراد أن يُفرِّغ كل اهتماماتهم للعمل الروحي دون أن يرتبكوا بالأمور الماديّة حتى الخاصة بمعيشتهم، لهذا قدم لهم كل احتياجاتهم الماديّة من خلال الخدمة، ليس كأجرة من عملهم بل لتفرغهم للعمل. يقول الرسول بولس: "ألستم تعلمون أن الذين يعملون في الأشياء المقدسة من الهيكل يأكلون، الذين يلازمون المذبح يشاركون المذبح، هكذا أيضًا أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون. أما أنا فلم أستعمل شيئًا من هذا، ولا كتبت هذا لكي يصير فيَّ هكذا، لأنه خير لي أن أموت من أن يعطل أحد فخري" (1 كو 9: 13-15).
إن ما قد حرمه على الشعب من بكور وعشور ونذور خصصه لكهنته واللاويّين للتفرغ للعمل الروحي.
والعجيب أن الله ختم حديثه عن إعالة الكهنة بقوله لهرون: "لا تنال نصيبًا في أرضهم ولا يكون لك قسم في وسطهم. أنا قسمك ونصيبك في وسط بني إسرائيل" [20]. وكأنه أراد أن يختم حديثه معهم بخصوص حقوقهم ليس أنه يود أن يحرمهم من الميراث الأرضي إنما تمتعهم به هو نفسه كميراث أبدي لهم. إنه يود أن يشبعهم ويغنيهم لكن لا بأمور أرضيّة زائلة بل بنفسه الأبدي الذي لا يُحد!
وفي العهد الجديد دعي الكهنة "إكليروس"، في اليوناني تعني "نصيب"، وكأنهم قد اختاروا الرب نصيبًا لهم، أو اختارهم الرب من بين الشعب نصيبًا له.

في هذا يقول القدِّيس ï*½يروم: [ليت رجل الإكليروس إذ يخدم كنيسة المسيح يفهم أولًا ماذا يعني لقبه عندئذ يحقق المعنى، مجاهدًا أن يعمل بما دُعي عليه. فإن الكلمة اليونانية "إكليروس" تعني "نصيب" أو "ميراث". وقد دُعي الكهنة هكذا إما لأنهم نصيب الرب، أو يكون الرب نفسه نصيبًا له يلزمه أن يملك الرب والرب يملكه.
فإن مَنْ يقتني الرب يقول مع النبي [الرب هو نصيبي] (مز 16: 5؛ 73: 26)(**)، فلا يستطيع أن يقتني شيئًا بجانب الرب، وإلاَّ فلا يكون الرب نصيبه]. وكأن الله لا يقصد من حرمانهم شيء بل تركيز كل أنظارهم ومشاعرهم واشتياقاتهم نحوه وحده كنصيب له... وإنني أرجو أن أعود إلى هذه النقطة مرة أخرى في دراستنا للأصحاح السادس والعشرين حيث يتهيأ الكل لنوال نصيبهم في أرض الميعاد (عد 26: 53-56).
إذ يعلم الرب أن الشعب كان لا يزال طفلًا في الروحيات حتى سبط لاوي المكرَّس لخدمته، لهذا لم يبدأ بالعبارة السابقة الخاصة بحرمانهم من نصيب الأرض للتمتع بالله وحده نصيبهم، بل جعلها خاتمة حديثه مع الكهنة (ع 20)، مقامًا لهم أولًا حقوقهم في التمتع بما يخص الله نفسه من بكور ونذور وتقدمات... إلخ.، وكأنه لا يطالبهم بالتنازل عن شيء إلاَّ بعدما قَدَّم لهم ما يأخذونه! فإنه لا يحدث تفريغ من الأرضيات إلاَّ بقدر ما يشبع القلب من الله وما يخصه. فإن كان قد حَرَّم عليهم ما يتمتع به الشعب من ميراث أرضي، لكنه أولًا قَدَّم لهم أن يتمتعوا بما حَرَّمَهُ على الشعب (ع 14) من بكور ونذور وَتَقْدِمَات. إنه يُعطي أولًا قبل أن يسحب!
لقد ركَّز بالأكثر على حق الكهنة في البكور، وقد سبق لنا الحديث عن المفاهيم الروحيّة للبكور في أكثر من موضع، إنما نضيف هنا الملاحظات التالية:
أولًا: عند الحصاد يلتزم الشعب أن يقدم لله خلال كهنته باكورة حصادهم! إنها صورة مفرحة ليوم الرب العظيم أو يوم الحصاد، حيث تتقدم الملائكة فتحصد لتقدم لرئيس الكهنة الأعظم يسوع المسيح الباكورة المقدسة، التي هي نفوس المؤمنين.
ثانيًا: يقول الرب لهرون: "هأنذا قد أعطيتك حراسة رفائعي" [8]، لكن كيف يقومون بحراسة رفائع الرب مع أنهم يأكلونها ويستهلكونها؟ إنها رمز للباكورة المقدسة التي لا تُستهلك، أي "السيد المسيح نفسه" الذي هو "باكورة الراقدين"، البكر الذي يتقدم للآب بكرًا للبشريّة قيقدسنا، ويتقدم إلينا عطيّة الآب ليجعلنا فيه أبكارًا. هذا هو البكر الذي نتمتع به ولا يستهلك، بل بالعكس يُقيمنا من استهلاكنا أو موتنا، لنحيا به وفيه إلى الأبد.
إن الكنيسة في كهنوتها صارت ملتزمة بتنفيذ الوصيّة الإلهيّة: "هأنذا قد أعطيتك حراسة رفائعي"، وكأنها تلتزم أن تكون أمينة في حراستها لتجلي السيد المسيح البكر، رفيعة الله، في حياة المؤمنين.
ثالثًا: يأمر الرب هرون ألاَّ يقبل بكور الحيوانات النجسة بل يأخذ عنها فدية، أما الحيوانات الطاهرة فلا يقبل عنها فدية، بل يأخذ بكورها: "إنها قدس" (ع 17)، وكأنه اشترط في البكور أن تكون مقدسة. وفي قوانين الكنيسة لا تقبل قرابين الوثنيين أو الأشرار غير التائبين بل يشتري بها حطب لتحرق في النار! فالبكور رمز للمسيح القدوس الذي يتقبله الآب تقدمة حب عن البشريّة لأجل تقديسها فيه، إذ يقول السيد "لأجلهم أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17: 19).


 
قديم 12 - 06 - 2024, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 163304 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدِّيس ï*½يروم




[ليت رجل الإكليروس إذ يخدم كنيسة المسيح يفهم أولًا ماذا يعني لقبه عندئذ يحقق المعنى، مجاهدًا أن يعمل بما دُعي عليه. فإن الكلمة اليونانية "إكليروس" تعني "نصيب" أو "ميراث". وقد دُعي الكهنة هكذا إما لأنهم نصيب الرب، أو يكون الرب نفسه نصيبًا له يلزمه أن يملك الرب والرب يملكه.
فإن مَنْ يقتني الرب يقول مع النبي [الرب هو نصيبي] (مز 16: 5؛ 73: 26)(**)، فلا يستطيع أن يقتني شيئًا بجانب الرب، وإلاَّ فلا يكون الرب نصيبه]. وكأن الله لا يقصد من حرمانهم شيء بل تركيز كل أنظارهم ومشاعرهم واشتياقاتهم نحوه وحده كنصيب له... وإنني أرجو أن أعود إلى هذه النقطة مرة أخرى في دراستنا للأصحاح السادس والعشرين حيث يتهيأ الكل لنوال نصيبهم في أرض الميعاد (عد 26: 53-56).
 
قديم 12 - 06 - 2024, 05:09 PM   رقم المشاركة : ( 163305 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



إعالة اللاويّين:

21 «وَأَمَّا بَنُو لاَوِي، فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كُلَّ عُشْرٍ فِي إِسْرَائِيلَ مِيرَاثًا عِوَضَ خِدْمَتَهِمْ الَّتيِ يَخْدِمُونَهاَ، خِدْمَةِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 22 فَلاَ يَقْتَرِبُ أَيْضًا بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَحْمِلُوا خَطِيَّةً لِلْمَوْتِ، 23 بَلِ اللاَّوِيُّونَ يَخْدِمُونَ خِدْمَةَ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَهُمْ يَحْمِلُونَ ذَنْبَهُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ. وَفِي وَسَطِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَنَالُونَ نَصِيبًا. 24 إِنَّ عُشُورَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ رَفِيعَةً قَدْ أَعْطَيْتُهَا لِلاَّوِيِّينَ نَصِيبًا. لِذلِكَ قُلْتُ لَهُمْ: فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يَنَالُونَ نَصِيبًا».

إن كان الكهنة يتمتعون بالبكور فإن اللاويّين يتمتعون بالعشور مؤكدًا الرب إنهم ينالون بهذا حق الله نفسه، إذ ليس لهم نصيب في الميراث الأرضي.

 
قديم 12 - 06 - 2024, 05:09 PM   رقم المشاركة : ( 163306 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



التزام اللاويّين بالعطاء:

25 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 26 «وَاللاَّوِيُّونَ تُكَلِّمُهُمْ وَتَقُولُ لَهُمْ: مَتَى أَخَذْتُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعُشْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ مِنْ عِنْدِهِمْ نَصِيبًا لَكُمْ، تَرْفَعُونَ مِنْهُ رَفِيعَةَ الرَّبِّ: عُشْرًا مِنَ الْعُشْرِ، 27 فَيُحْسَبُ لَكُمْ. إِنَّهُ رَفِيعَتُكُمْ كَالْحِنْطَةِ مِنَ الْبَيْدَرِ، وَكَالْمِلْءِ مِنَ الْمِعْصَرَةِ. 28 فَهكَذَا تَرْفَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا رَفِيعَةَ الرَّبِّ مِنْ جَمِيعِ عُشُورِكُمُ الَّتِي تَأْخُذُونَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. تُعْطُونَ مِنْهَا رَفِيعَةَ الرَّبِّ لِهَارُونَ الْكَاهِنِ. 29 مِنْ جَمِيعِ عَطَايَاكُمْ تَرْفَعُونَ كُلَّ رَفِيعَةِ الرَّبِّ مِنَ الْكُلِّ، دَسَمَهُ الْمُقَدَّسَ مِنْهُ. 30 وَتَقُولُ لَهُمْ: حِينَ تَرْفَعُونَ دَسَمَهُ مِنْهُ يُحْسَبُ لِلاَّوِيِّينَ كَمَحْصُولِ الْبَيْدَرِ وَكَمَحْصُولِ الْمِعْصَرَةِ. 31 وَتَأْكُلُونَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْتُمْ وَبُيُوتُكُمْ، لأَنَّهُ أُجْرَةٌ لَكُمْ عِوَضَ خِدْمَتِكُمْ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 32 وَلاَ تَتَحَمَّلُونَ بِسَبَبِهِ خَطِيَّةً إِذَا رَفَعْتُمْ دَسَمَهُ مِنْهُ. وَأَمَّا أَقْدَاسُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلاَ تُدَنِّسُوهَا لِئَلاَّ تَمُوتُوا».

إن كان اللاويّون يتمتعون بعشور الشعب، فهؤلاء بدورهم يلتزمون بتقديم عشر العشور لهرون الكاهن. إنه يريد أن يدرب الجميع: شعبًا وكهنة على العطاء. فالكاهن وإن كان يلتزم بالعطاء القلبي والروحي وبذل كل حياته للرب في خدمة شعبه، فهو ملتزم أيضًا بالعطاء المادي كسائر إخوته وأولاده الروحيّين. إنه لم يُرِد أن يحرم سبطًا من العطاء، حتى اللاويّون أنفسهم!
أخيرًا بهذا التدبير الإلهي أراد الله من الكهنة واللاويّين أمرين: أولًا وهو يكرمهم بتمتعهم بحقوق الله من تقدمات وباكورات ومحرمات وعشور ينزع عنهم الثراء الفاحش الذي كان لكهنة الوثنيّين في ذلك الوقت. هم مكرمون في الرب لكنهم لا يغتصبون حق الشعب، لهذا لا يقدرون أن يقتنوا نصيبًا من أرض الموعد لهم أو لأولادهم. الأمر الثاني، أنهم بهذا يعيشون كجماعة مترابطة معًا فيشعر اللاويّون أن ما يتمتعون به من عطايا أرضيّة هي من الله شخصيًا لكنها قدمت خلال الجماعة المقدسة أو الشعب المقتني لله، والكهنة أيضًا إذ ينالون عشور العشور من اللاويّين يدركون ذات الإحساس، وكأن الله أراد أن ينزع كل روح للتعالي للكهنة واللاويّين سواء على الشعب أو الكهنة على اللاويّين أنفسهم. بهذا النظام لا يتحوَّل الكهنوت إلى طبقة أرستقراطيّة معتزلة عن الشعب بل هم خدامه والعاملون لأجل تقديسهم في الرب.

 
قديم 13 - 06 - 2024, 10:37 AM   رقم المشاركة : ( 163307 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




المزمور الثَّامِنُ والسبعون
رعاية الله وخيانة الإنسان


قصيدة لآساف

"أصغ يا شعبي إلى شريعتي.." (ع1)


مقدمة:

1. كاتبه: آساف كبير المغنين أيام داود، وهو من نسل لاوى، وكان رئيسًا على كل فرق التسبيح التي نظمها داود النبي للترنيم أمام بيت الرب.

2. متى كتب؟

أ- في أيام داود أو بعده مباشرة، وقبل انقسام المملكة؛ لأن أحداث هذا المزمور توقفت عند عصر داود.

ب- يرى البعض أن هذا المزمور كُتب بعد نقل تابوت عهد الله الذي كان في شيلوه، وأخذه الفلسطينيون ثم عاد إلى بلاد اليهود، وأرجعه داود إلى أورشليم، أي أن الله رضى عن شعبه، وقَبِل أن يسكن في وسط المدينة المقدسة أورشليم.

3. يعتبر هذا المزمور من المزامير التاريخية مع المزامير 105، 106، 107، 135، 136.

4. يعتبر هذا المزمور ثاني مزمور في طوله بعد المزمور 119 أطول المزامير.

5. هدف هذا المزمور إظهار رعاية الله واهتمامه بشعبه، منذ أخرجهم من عبودية أرض مصر، ثم كيف اعتنى بهم في برية سيناء، وأعتنى بهم في أرض كنعان حتى ملَّك داود العظيم عليهم. وفى المقابل يبين مدى خيانة شعب الله، وخدامهم له، ونسيانهم لوصاياه وعبادته، فاستحق العقاب.

6. اقتبس العهد الجديد من هذا المزمور كما فى:

أ- ع3: ← (1 يو 1: 1 - 4)

ب - ع 18: ← (1 كو 10: 9)

ج - ع 37: ← (أع 8: 21)

7. 7- هذا المزمور غير موجود بصلاة الأجبية.



(1) ضرورة حفظ الوصايا (1- 8):



ع1: اِصْغَ يَا شَعْبِي إِلَى شَرِيعَتِي. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ إِلَى كَلاَمِ فَمِي.


الله يخاطب شعبه بني إسرائيل، ويطلب منهم أن يصغوا، أي ينصتوا باهتمام، ويميلوا آذانهم باتضاع إلى كلامه، وشريعته، فالكلام هو كلام الله الذي أعطاه لموسى والأنبياء، ولذا فهو أهم كلام، ويحتاج إلى إصغاء باتضاع، لنقبل ونفهم كلام الله.

تتكلم هذه الآية بروح النبوة عن المسيح، الذي ينادى رسله، وكهنته، وخدامه، بل وكل شعبه ليسمعوا كلمات العهد الجديد التي تكمل ما قاله في العهد القديم، كما أعلن في العظة على الجبل (مت 5 –7).



ع2: أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ.

الله يخبر شعبه عن طريق كاتب المزمور بكلامه عن طريق أمثال، لأن المثل يوضح الفكرة بطريقة عملية، فيكون قريب إلى القلب، كما فعل المسيح في العهد الجديد، بالإضافة لاتخاذ الله أنبيائه وسيلة لإعلان وتوضيح كلامه من خلال ما يفعلونه، ليكونوا مثلًا قدام شعبهم كما حدث مع إرميا وحزقيال، وهوشع .... والمثل يصعب على الإنسان أن يرفضه، أما الكلام المباشر فقد يرفضه؛ لأنه يظهر أخطاء سامعيه بوضوح.

أيضًا الله يعلن كلامه بألغاز، والمقصود أنه بالإضافة للكلام المفهوم البسيط المعطى عن طريق مثل، سيعطى الله أيضًا كلامًا عميقًا يصعب إدراك كل ما فيه، فيدرك الإنسان بعضًا من معانى كلام الله، إذ يجد نفسه أمام ألغاز، يكتشف تدريجيًا كلما قرأها معان جديدة، فيحيا بها ويشبع. وكلمة الألغاز المكتوبة هنا معناها في الأصل العبري الأسرار، أي أن كلام الله مملوء معانى عميقة مثل الأسرار، يكشفها للإنسان تدريجيًا.



ع3-6: الَّتِي سَمِعْنَاهَا وَعَرَفْنَاهَا وَآبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا.
لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ، مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ
وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ. أَقَامَ شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ، وَوَضَعَ شَرِيعَةً
فِي إِسْرَائِيلَ، الَّتِي أَوْصَى آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ،
لِكَيْ يَعْلَمَ الْجِيلُ الآخِرُ. بَنُونَ يُولَدُونَ فَيَقُومُونَ وَيُخْبِرُونَ أَبْنَاءَهُمْ،
يعلم الجيل الآخر بنون يولدون فيقومون ويخبرون أبناءهم.

الأخبار التي يريد أن يعلنها لنا كاتب المزمور قد سمعها وعرفها من الأباء الأولين لشعب الله، وأخبر الأباء أبناءهم بها، والأبناء بدورهم علموها لأولادهم؛ حتى وصلت إلى جيل كاتب المزمور. وهذه الأخبار تحوى التعليم بتسبيح الله وعبادته، وتمجيده على أعماله القوية وعجائبه مع شعبه.

الله أقام خيمة الشهادة، أي خيمة الإجتماع التي تحوى تابوت عهد الله في وسط شعبه نسل يعقوب، وأعطاهم أيضًا شريعته ليحيوا بها. وعندما يذكر "يعقوب" يقصد به الذي تعقب أخيه، وأمسك به، ويرمز للجهاد الروحي. وعندما يذكر "إسرائيل" يقصد الذي رأى الله في فنوئيل (تك 32: 31). فهو يدعو شعبه إلى التمسك بالجهاد، فينالون نعمة رؤية الله. فالله يحب شعبه ويعلن نفسه لهم، ويسكن في وسطهم بخيمة الاجتماع، ويريد أن يريهم ذاته إن جاهدوا روحيًا، وتمسكوا بوصاياه وشرائعه. كل هذا قد كمل في العهد الجديد عندما تجسد المسيح، وولد وسط شعبه اليهود، وأراهم نفسه بآيات وتعاليم عظيمة، ليؤمنوا به ويخلصوا.

يوضح كاتب المزمور أن المؤمنين بالله مسئولون أن يخبروا أبناءهم، أي الأجيال التالية، ويعرفوهم من هو الله، ووصاياه، وشرائعه، ليخبروا أيضًا أبناءهم، ويعلموهم إياها حتى يأتي ملء الزمان، ويتجسد المسيح، ويتمم خلاصنا على الصليب، ويذهب الرسل، وكل خلفائهم الكهنة والخدام، ليبشروا العالم، وينقلوا الإيمان من جيل إلى جيل حتى اليوم. وهذا التعليم والتسليم هو ما نسميه التقليد المقدس، أي التعليم الشفاهى بالإيمان وكيف نحياه، الذي تسلمناه من الآباء ونعطيه لأولادنا من بعدنا ويطلق عليه بولس الرسول الوديعة (2 تى 2: 2).



ع7، 8: فَيَجْعَلُونَ عَلَى اللهِ اعْتِمَادَهُمْ،
وَلاَ يَنْسَوْنَ أَعْمَالَ اللهِ، بَلْ يَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ.
وَلاَ يَكُونُونَ مِثْلَ آبَائِهِمْ، جِيلًا زَائِغًا وَمَارِدًا،
جِيلًا لَمْ يُثَبِّتْ قَلْبَهُ وَلَمْ تَكُنْ رُوحُهُ أَمِينَةً لِلهِ.

إذا تسلم الأبناء الإيمان والتعاليم السليمة من الآباء يجذبهم هذا إلى الاتكال على الله، وليس على أنفسهم، ويتمسكون بوصايا الله، ويحيون بها.

يحترس الأبناء من السلوك الشرير الذي اتبعه أباؤهم فيمايلى:

1- "جيلا زائغًا": أي مرتدًا عن الإيمان، كما فعل الآباء بعبادتهم العجل الذهبى (خر 32: 4).

3- "وماردًا": أي متذمرًا ومتمردًا على الله، كما تذمر بنو إسرائيل مرات كثيرة في سيناء.

ج- جيلًا لم يثبت قلبه: أي خانوا الله وحاولوا قتل موسى وهارون عدة مرات (عد 16: 42) وحاولوا الرجوع لمصر (عد 14: 4).

د- " لم تكن روحه أمينة لله": أي لم تكن نيتهم نقية، وقلبهم مخلصًا، بل كانوا مرائين يتظاهرون بتبعية الله، ولكن قلوبهم متعلقة بشهوات العالم. والخلاصة يقصد أن يكون الأبناء مطيعين لله، وخاضعين لوصاياه، يسلكون معه بقلب نقى، ويعبدونه بأمانة.

† تذكر أعمال الله السابقة معك؛ ليثبت إيمانك، وتتكل عليه، ولا تستطيع شهوات العالم أن تغريك، فتكون بكل قلبك معه.


(2) أعمال الله في مصر وسيناء ( ع9 - 32):



ع9، 10: بَنُو أَفْرَايِمَ النَّازِعُونَ فِي الْقَوْسِ، الرَّامُونَ، انْقَلَبُوا
فِي يَوْمِ الْحَرْبِ. لَمْ يَحْفَظُوا عَهْدَ اللهِ، وَأَبَوْا السُّلُوكَ فِي شَرِيعَتِهِ،

النازعون في القوس:
الذين يشدون وتر القوس ليصوبوا سهامهم.

يتكلم عن بَنِي إِسْرَائِيل سبط أفرايم المشهورين بكثرة عددهم وقوتهم في الحرب، والذين اعتمدوا على أنفسهم وليس على الله. هؤلاء انقلبوا في الحرب، ولم يثبتوا أمام الآشوريين الذين سبوهم عبيدًا. فقد تم السبي لسبط أفرايم قبل غيره من الأسباط. وقد يكون المقصود بأفرايم كل ممكلة إسرائيل، حيث أنه أكبرها عددًا، فكان يرمز لكل مملكة إسرائيل الشمالية، التي عبدت الأوثان، وابتعدت عن عبادة الله في هيكله في أورشليم.

لم يحفظ أفرايم عهد الله وشريعته، ولم يطيعوا أوامره بطرد الكنعانيين سكان الأرض الأصليين، عندما دخلوا أرض كنعان وتملكوها أيام يشوع (يش 16: 10).



ع11-13: وَنَسُوا أَفْعَالَهُ وَعَجَائِبَهُ الَّتِي أَرَاهُمْ.
قُدَّامَ آبَائِهِمْ صَنَعَ أُعْجُوبَةً فِي أَرْضِ مِصْرَ، بِلاَدِ صُوعَنَ.
شَقَّ الْبَحْرَ فَعَبَّرَهُمْ، وَنَصَبَ الْمِيَاهَ كَنَدٍّ.

صوعن: مدينة مصرية قديمة كانت تسمى تانيس، وكان يقيم فيها فرعون، وهي في محافظة الشرقية، أي شرق الدلتا ومكانها الآن قرية "صان الحجر".

ند: نظير ومقابل.

الذى سبب انكسار أفرايم، أو إسرائيل هو نسيانهم أفعال الله وقوته مع آبائهم عندما كانوا في أرض مصر، عندما قابل موسى فرعون في صوعن، ونزل الله بالضربات العشر على فرعون. وعندما قسى قلبه وخرج وراء شعب الله، ولحق بهم عند البحر الأحمر، ضرب موسى البحر فشقه، ووقفت مياه البحر يمينًا ويسارًا كسد، وعبر بنو إسرائيل إلى برية سيناء، أما فرعون وجيشه، فلما تبعوا شعب الله غرقوا في البحر الأحمر.

أيضًا وقفت المياه كالند في نهر الأردن أيام يشوع عندما دخل تابوت عهد الله في النهر، وعبر الشعب إلى البر الثاني إلى أرض كنعان.



ع14: وَهَدَاهُمْ بِالسَّحَابِ نَهَارًا، وَاللَّيْلَ كُلَّهُ بِنُورِ نَارٍ.

بعد الضربات العشر التي ضرب بها الله المصريين، وسمحوا لبني إسرائيل أن يخرجوا من مصر، عمل الله معجزات كثيرة مع شعبه، أولها أنه ظهر لهم في النهار بعمود من السحاب يظلل عليهم، فلا تحرقهم الشمس. وفى نفس الوقت يتحرك عمود من السحاب يظلل عليهم، فلا تحرقهم الشمس. وأيضًا يتقدمهم إلى الأمام، فيتحركون معه ويقودهم، وهذا يرمز لعمل الله في حماية أولاده من التجارب التي ترمز لها الشمس، وإرشاده لهم في طريق الحياة بروحه القدوس.

وباقى هذه الأعجوبة أن عمود السحاب في النهار يتحول ليلًا إلى عمود من النار يمتد من الأرض إلى السماء، ويتقدم أمام الشعب ليضئ لهم طريقهم، ويبدد ظلمة الليل، ويهديهم إلى الطريق الذي يريده الله لهم. وعمود النار يرمز لعمل الروح القدس الذي ينير، ويهدى أولاد الله إلى طريق الملكوت، ويبدد ظلمة الخطية، ويحرق كل الشر، ويحميهم كما فصل بينهم وبين جيش فرعون عند عبورهم البحر الأحمر.



ع15، 16: شَقَّ صُخُورًا فِي الْبَرِّيَّةِ، وَسَقَاهُمْ كَأَنَّهُ مِنْ لُجَجٍ عَظِيمَةٍ
أَخْرَجَ مَجَارِيَ مِنْ صَخْرَةٍ، وَأَجْرَى مِيَاهًا كَالأَنْهَارِ.

لجج:
مياه كثيرة

العمل المعجزى الثاني الذي عمله الله مع شعبه هو أنه سقاهم ماء في البرية اليابسة، برية سيناء، وذلك بأن فجر ماء من الصخرة، فخرجت مياه كثيرة سقت كل الشعب.

ذكر خروج الماء من الصخرة مرتين لأن الله كرر إخراج الماء من الصخرة في البرية مرات كثيرة، سواء شكره الشعب، أو شكوا فيه، أو تذمروا عليه. ونلاحظ أن كلمتى الصخرة المذكورتين مختلفتان في أصلهما العبري ونص كلمة الصخرة المذكورة في ع (16) هو نفسه المذكور في (عد 20: 1 - 11) حين شك الشعب في الله وتذمر عليه ولكن بمحبته ورعايته سقاهم ماء بوفرة.

إن الصخرة ترمز للمسيح كما قال بولس الرسول (اكو 10: 4)، والعصا التي ضربها ترمز للصليب، وخروج المياه الكثيرة يرمز للروح القدس الذي يسقى المؤمنين، بالإضافة إلى أن ضرب الصخرة يرمز إلى طعن المسيح وهو على الصليب وخروج دم وماء من جنبه.



ع17: ثُمَّ عَادُوا أَيْضًا لِيُخْطِئُوا إِلَيْهِ،
لِعِصْيَانِ الْعَلِيِّ فِي الأَرْضِ النَّاشِفَةِ.

تكرر تمرد بني إسرائيل على الله في برية سيناء رغم عنايته الشديدة بهم بأعمال معجزية عظيمة، أولها الضربات العشر، ثم عمود السحاب، وعمود النار، وبعد ذلك شق البحر الأحمر، بالإضافة إلى إطعامهم بالمن وسقيهم بالماء من الصخرة. كل هذا حدث في ظروف صعبة جدًا، أي في الأرض الناشفة وهي برية سيناء.



ع18-20: وَجَرَّبُوا اللهَ فِي قُلُوبِهِمْ، بِسُؤَالِهِمْ طَعَامًا لِشَهْوَتِهِمْ.

فَوَقَعُوا فِي اللهِ. قَالُوا: «هَلْ يَقْدِرُ اللهُ أَنْ يُرَتِّبَ مَائِدَةً فِي الْبَرِّيَّةِ؟
هُوَذَا ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَجَرَتِ الْمِيَاهُ وَفَاضَتِ الأَوْدِيَةُ.
هَلْ يَقْدِرُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا، أَوْ يُهَيِّئَ لَحْمًا لِشَعْبِهِ؟».

وقعوا في الله: شكوا في الله وتمردوا عليه.

سقط بنو اسرائيل في خطيتين في تعاملهم مع الله في برية سيناء وهما:

أ- عصيان الله، أي عدم طاعة أوامره في رفض دخول أرض كنعان، ثم تجاسرهم ودخولهم أرض كنعان ضد أمر الله، الذي منعهم لضعف إيمانهم، فهزمهم أعداؤهم كما ظهر في (ع 17).

ب- تجربتهم لله كما ظهر في (ع 18-20) لأنهم شكوا في قدرته على إطعامهم لحمًا، رغم أنهم رأوا معجزاته وقدرته على سقيهم بالماء، ثم إطعامهم بالمن.

خطية الشك في الله وتجربته بدأت من القلب، ثم ظهرت في كلامهم، وتطاولهم على الله.

إن من حق بني إسرائيل كأولاد الله المؤمنين به أن يطلبوا منه طعامًا، أو أي احتياج لهم، وهو بالطبع سيعطيهم، ولكن الخطية كانت في:

أ- شكهم في الله.

ب- شهوتهم وتعلقهم باللحم والأطعمة التي كانوا يأكلونها في مصر (عد11: 4-6).

تشكك بنو إسرائيل في الله وقدرته إذ قالوا أنه أعطانا ماء من الصخرة، فهذه المياه تأتي من المياه الجوفية التي في الأرض، ولكن هل يستطيع الله أن يعطينا لحمًا؟! أي أنه بالطبع لا يستطيع.



ع21، 22: لِذلِكَ سَمِعَ الرَّبُّ فَغَضِبَ، وَاشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي يَعْقُوبَ،
وَسَخَطٌ أَيْضًا صَعِدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ،
لأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَلَمْ يَتَّكِلُوا عَلَى خَلاَصِهِ.

غضب الله عليهم بشدة نتيجة جحودهم واستعلت النار في طرف المحلة لأجل تذمرهم، ولكن الله الحنون سمع صلوات موسى عنهم وأطفأ النار (عد 11: 1-3). ثم بعد ذلك أطعمهم لحمًا كثيرًا عندما أتت عليهم أسراب السلوى.



ع23-25: فَأَمَرَ السَّحَابَ مِنْ فَوْقُ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ السَّمَاوَاتِ.
وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ مَنًّا لِلأَكْلِ، وَبُرَّ السَّمَاءِ أَعْطَاهُمْ.
أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ. أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ.

مصاريع:
أبواب. والمصاريع جمع مصراع (ضلفة الباب)

بر: قمح

زاد: طعام

رغم تذمر وتشكك بني إسرائيل في الله لكنه أفاض عليهم نعمته، فأعطاهم المن من السماء، الذي هو خبز السماء لذا أطلق عليه "بر السماء". وهذا الطعام سماه أيضًا خبز الملائكة؛ لأنه نزل من السماء، بل وقال عنه بولس الرسول أنه طعامًا روحيًا (اكو 10: 3) لأنه يحمل بركة خاصة، فأشبع بني إسرائيل ليس فقط جسديًا، بل أعطاهم طمأنينة أن الله معهم، وفرحوا أنهم يأكلون من يد الله، فشبعوا روحيًا.



ع26-28: أَهَاجَ شَرْقِيَّةً فِي السَّمَاءِ، وَسَاقَ بِقُوَّتِهِ جَنُوبِيَّةً.
وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ لَحْمًا مِثْلَ التُّرَابِ، وَكَرَمْلِ الْبَحْرِ طُيُورًا ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ.
وَأَسْقَطَهَا فِي وَسَطِ مَحَلَّتِهِمْ حَوَالَيْ مَسَاكِنِهِمْ.

عمل الله عملًا معجزيًا عظيمًا مع شعبه في برية سيناء؛ ليطعمهم لحمًا رغم أن عددهم كان كبيرًا، إذ كانوا نحو إثنين مليون نفسًا تقريبًا، فقد كانوا 600 ألف رجل عدا النساء والأطفال (خر 38: 26)، ليرد على تذمرهم وشكوكهم، وذلك بأنه كانت هناك أسراب من طائر السلوى (يشبه السمان) مهاجرة من أفريقيا نحو الشمال متجهة إلى مصر وسيناء، فأرسل الله على هذه الأسراب ريحًا شرقية آتية من الخليج العربى صدتهم عن استكمال مسيرتهم، وأيضًا أرسل ريحًا جنوبية اصطدمت بهذه الأسراب فدفعتها نحو بني إسرائيل السائرين نحو برية سيناء، وأضعفت حركة هذه الأسراب التي تُعد بالملايين، فطارت بالقرب من الأرض، على ارتفاع متر (عد 11: 31). فصار من السهل على بني إسرائيل الإمساك بهذه الطيور التي تطير ببطء إذ أنها ضعيفة نتيجة اصطدام الرياح بها. ويصف الكتاب المقدس عددها الضخم بأنها كالتراب وكالرمل وتطير حول الخيام التي يسكنون فيها.



ع29-31: فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جِدًّا، وَأَتَاهُمْ بِشَهْوَتِهِمْ.
لَمْ يَزُوغُوا عَنْ شَهْوَتِهِمْ. طَعَامُهُمْ بَعْدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ،
فَصَعِدَ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللهِ، وَقَتَلَ مِنْ أَسْمَنِهِمْ، وَصَرَعَ مُخْتَارِي إِسْرَائِيلَ.

أثبت الله قوته لشعبه المتذمر المتشكك، عندما أعطاهم اللحم بكثرة، إذ سقطت أسراب السلوى حول خيامهم، فأمسكوها بسهولة، لكنهم لم يخجلوا ويتوبوا عن خطاياهم، بل اندفعوا بشهواتهم ليأكلوا من اللحم كثيرًا بشراهة لمدة شهر (عد 11: 20-22). وفيما هم منغمسين في شهواتهم، ورافضين التوبة عن خطاياهم هاجمتهم الحيات السامة، فقتلت الكثيرين منهم، وخاصة أسمنهم، أي أكثرهم تماديًا في شهوته، وكذلك المختارين من إسرائيل، أي الأكثر قوة وكبرياء وتعظم، فهم ليسوا المختارين من الله، بل المختارين في نظر الشعب. فالعقاب الإلهي هاجم الشعب والطعام ما زال في فمه (عد 11: 33، 34). ولعل بعضهم قتلوا أنفسهم بكثرة الأكل، أي الشراهة، فحدثت لهم تخمة فماتوا، لأنهم انتهزوا فرصة وجود لحم بكثرة قد يحرمون منه، ولا يجدونه بعد ذلك في البرية لعدم إيمانهم، وهم الذين يعبر عنهم بأسمنهم .

† إن الله قادر على كل شيء، ويستطيع أن يعطيك كل ما تتمناه، لكن ليتك تنشغل بعطاياه الروحية أكثر من المادية. تمتع بالوجود مع الله، وثق أنه سيعطيك كل احتياجاتك المادية.

(3) خيانة شعب الله في البرية ونسيانهم لأعماله ( ع32-55):



ع32: فِي هذَا كُلِّهِ أَخْطَأُوا بَعْدُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِعَجَائِبِهِ.

أعطى الله لشعبه عجائب كثيرة كما ذكرنا، فأخرج الماء من الصخرة، ونزل المن من السماء، وغطت السلوى محلة سكنه ورغم هذا أخطأ في حق الله بتذمره، وتشككه، وشهواته الكثيرة.



ع33: فَأَفْنَى أَيَّامَهُمْ بِالْبَاطِلِ وَسِنِيهِمْ بِالرُّعْبِ.

عاقب الله شعبه بأنه أتاههم في البرية أربعين سنة، فأضاع وقتهم، ومات كل الشعب الذي تذمر على الله، فكان سيرهم باطلًا لأنهم رفضوا الله، وتذمروا عليه. وكان باطلًا أيضًا لعدم طاعتهم، واستفادتهم من عمل الله معهم وانغماسهم في شهواتهم الباطلة وعدم إيمانهم بالله.

أفنى أيضًا الله شعبه بالرعب لعدم إيمانهم به، وخوفهم أن لا يجدوا طعامًا، فأكلوا بشراهة السلوى، ثم هاجمتهم الحيات السامة، فخافوا جدًا، بل مات منهم الكثيرون، ولكن من آمن بالله ونظر إلى الحية النحاسية نجا من الموت. ثم أفنى حياتهم بالرعب عندما استمروا في عدم إيمانهم فهلكوا في العذاب الأبدي.



ع34، 35: إِذْ قَتَلَهُمْ طَلَبُوهُ، وَرَجَعُوا وَبَكَّرُوا إِلَى اللهِ،
وَذَكَرُوا أَنَّ اللهَ صَخْرَتُهُمْ، وَاللهَ الْعَلِيَّ وَلِيُّهُمْ.

عندما عاقب الله بني إسرائيل من أجل شهوتهم لللحم، وقتلهم بالحيات السامة، خافوا جدًا منه، ورجعوا إليه، وصلوا، وطلبوا الخضوع له، إذ علموا أنه قوتهم (صخرتهم)، وحمايتهم، وراعيهم (وليهم). بل أسرعوا إليه بالصلاة مبكرين لكي يسترضوه، ولكن ليس بكل قلوبهم، كما سيظهر في الآيات التالية.



ع36، 37: فَخَادَعُوهُ بِأَفْوَاهِهِمْ، وَكَذَبُوا عَلَيْهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ.
أَمَّا قُلُوبُهُمْ فَلَمْ تُثَبَّتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي عَهْدِهِ.

كان رجوع بني إسرائيل إلى الرب ظاهريًا، أي أن صلواتهم كانت كلمات من أفواههم، وليس من قلوبهم لأن الشهوة ظلت مسيطرة عليهم، ومحبة الله بعيدة عنهم، ونسوا أن الله هو فاحص القلوب والكلى، ولا يستطيع إنسان أن يخدعه.

هكذا أيضًا في كل جيل نجد هؤلاء المخادعين، مثل الهراطقة، والمبتدعين حتى اليوم يغوون الناس بكلامهم المعسول، وهم لا يحبون الله، ولا يخضعون لوصاياه، ويجتذبون البسطاء إلى طريقهم الشرير.



ع38، 39: أَمَّا هُوَ فَرَؤُوفٌ، يَغْفِرُ الإِثْمَ وَلاَ يُهْلِكُ.
وَكَثِيرًا مَا رَدَّ غَضَبَهُ، وَلَمْ يُشْعِلْ كُلَّ سَخَطِهِ.
ذَكَرَ أَنَّهُمْ بَشَرٌ. رِيحٌ تَذْهَبُ وَلاَ تَعُودُ.

أمام شر الإنسان وتمرده، وتشككه، بل ومخادعته لله نجد من ناحية أخرى أن الله رؤوف يشفق على الإنسان، فهو أب يحنو على أولاده، فيغفر لهم خطاياهم، ويوقف غضبه، فلا يعاقب الإنسان، وإن غضب يعاقب جزئيًا ليتوبوا؛ لأنه لو اشتعل غضبه لأهلك الإنسان. وهو يلتمس العذر للإنسان، لأن الإنسان ضعيف وحياته قصيرة مثل الريح التي تذهب ولا تعود، أي تضمحل، لهذا عندما يخطئ الإنسان يطيل الله أناته معطيًا إياه فرصة للرجوع إلى الله.

يعتبر معلمو اليهود (ع 38) هو محور سفر المزامير كله. فهو يقع في وسطه، ويظهر محبة الله للإنسان ورعايته له.



ع40، 41: كَمْ عَصَوْهُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَأَحْزَنُوهُ فِي الْقَفْرِ!
رَجَعُوا وَجَرَّبُوا اللهَ وَعَنَّوْا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ.

عنوا:
أي أتعبوه وجعلوه يعانى ويحتمل إساءاتهم.

تظهر طول أناة الله في احتمال عصيان شعبه عليه مرات كثيرة في برية سيناء، إذ أحزنوا قلبه. وجربوه مرات كثيرة واتعبوه لتمردهم (عد14: 22، 23) بدلًا من أن يتلذذوا بعشرته، إذ هم الشعب الوحيد في العالم الذي أنعم عليه الله بالسكن في وسطه، ورعايته من جميع الجوانب.

كل هذه الإساءات وجهها بنو إسرائيل إلى الله القدوس، إذ نسوا قداسته وعاملوه كإنسان شرير، فتمردوا عليه، وبهذا دون أن يدروا أظهروا قداسته التي تحتمل الخطاة المتمردين.



ع42، 43: لَمْ يَذْكُرُوا يَدَهُ يَوْمَ فَدَاهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ،
حَيْثُ جَعَلَ فِي مِصْرَ آيَاتِهِ، وَعَجَائِبَهُ فِي بِلاَدِ صُوعَنَ.

لم يتذكر بنو إسرائيل عمل الله معهم عندما أنقذهم من عبودية مصر بقوة عظيمة حين تمت مقابلة موسى لفرعون في مدينة صوعن، التي هي تانيس، التي تقع في محافظة الشرقية. وضرب الله فرعون بالضربات العشر على فم موسى. هذه أعمال عظيمة سمع بها العالم كله فكيف ينساها شعب الله، ويعودون ويتمردون عليه، خاصة أن الله حذر شعبه حتى لا ينسوا أعماله معهم (تث 4: 9).

يد الله التي حررت شعبه من العبودية ترمز لتجسد المسيح، الذي حرر أولاده بصليبه من عبودية الخطية.



ع44، 45: إِذْ حَوَّلَ خُلْجَانَهُمْ إِلَى دَمٍ، وَمَجَارِيَهُمْ لِكَيْ لاَ يَشْرَبُوا.
أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ بَعُوضًا فَأَكَلَهُمْ، وَضَفَادِعَ فَأَفْسَدَتْهُمْ.

خلجانهم: خلجان جمع خليج وهو ممر مائى ينفتح على البحر من ناحية واحدة فهو يختلف عن القناة المفتوحة من الناحيتين. والمقصود بالخلجان هنا أفرع النيل والترع المتفرعة منها.

يذكر هنا بعض الضربات التي ضرب بها الله مصر ليخرج شعبه منها، وأول هذه الضربات هو تحويل النيل إلى دم (خر 7: 17). والضربة الثانية هي الضفادع (خر 8: 2)، والضربة الثالثة هي البعوض (خر 8: 17).



ع46-48: أَسْلَمَ لِلْجَرْدَمِ غَلَّتَهُمْ، وَتَعَبَهُمْ لِلْجَرَادِ.
أَهْلَكَ بِالْبَرَدِ كُرُومَهُمْ، وَجُمَّيْزَهُمْ بِالصَّقِيعِ.
وَدَفَعَ إِلَى الْبَرَدِ بَهَائِمَهُمْ، وَمَوَاشِيَهُمْ لِلْبُرُوقِ.

الجردم:
أحد أطوار الجراد وهو الذي لم ينبت له أجنحة كافية للطيران، وهو شره جدًا للأكل، وبالتالي ضرره كبير جدًا في أكل المزروعات.

البرد:
شرائح من الثلج تسقط من السماء بقوة فتجرح وتقتل من يقابلها من الناس والبهائم، لأنها تسقط بغزارة.

يذكر أيضًا ضربة عنيفة ضرب بها الله المصريين وهي ضربة الجراد، الضربة الثامنة (خر10: 12) ثم ضربة البرد التي قتلت الناس والبهائم والأشجار والنباتات وهي الضربة السابعة (خر 9: 18). وهاتان الضربتان كانتا ساحقتين لمصر، فالجراد أكل كل شيء أخضر، والبرد أفنى الأشجار التي للأغنياء وهي الكروم، والتي للفقراء وهي الجميز، بالإضافة إلى أن خشب الجميز كان يستخدم في عمل التوابيت لوضع أجساد الموتى، وكان المصريون يهتمون جدًا بتحنيط ودفن الموتى.



ع49-50: أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ حُمُوَّ غَضَبِهِ، سَخَطًا وَرِجْزًا وَضِيْقًا،
جَيْشَ مَلاَئِكَةٍ أَشْرَارٍ. مَهَّدَ سَبِيلًا لِغَضَبِهِ.
لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الْمَوْتِ أَنْفُسَهُمْ، بَلْ دَفَعَ حَيَاتَهُمْ لِلْوَبَإِ.

يحدثنا المزمور عن تأديب الله للمصريين، فأظهر لهم غضبه الشديد في الضربات العشر، التي تبين لهم ضعف آلهتهم، وغضب الله عليهم بسبب شرورهم. وكانت الضربات العشر يحملها لهم ملائكة أشرار؛ ليسوا أشرارًا في ذواتهم، بل على العكس أطهارًا، ولكنهم يحملون ضربات قاسية، يعتبرها المصريون شرًا لحق بهم. وكانت الضربات التسع الأولى تمهيدًا للضربة العاشرة القاسية التي فيها ضرب أبكارهم، فمات الكثيرون في الضربات التسعة؛ سواء بالوباء، أو بالضربات المختلفة الأخرى وأعطى الضربات بالتدريج متزايدة في قسوتها، فمهد سبيلًا لغضبه الشديد الذي سيظهر في الضربة العاشرة؛ كل هذا حتى يتوب المصريون، ويؤمنون بالله، ويرفضون آلهتهم الضعيفة. وقد تأثر بعضهم ورافق بني إسرائيل، وأطلق عليهم الكتاب المقدس اللفيف (عد 11: 4).



ع51: وَضَرَبَ كُلَّ بِكْرٍ فِي مِصْرَ. أَوَائِلَ الْقُدْرَةِ فِي خِيَامِ حَامٍ.

في نهاية الضربات جاءت الضربة القاسية، وهي ضربة قتل كل أبكار مصر من الناس والبهائم. والأبكار هم أول المولودين حيث تكون صحة الوالدين قوية، وقدرتهم على الإنجاب عالية، بالإضافة إلى أن البكر يكون فخر لوالديه، فقد قتل الملاك أقوى، وأفخر من في مصر، الذين هم نسل حام بن نوح، وأبو مصرايم (تك10: 6).



ع52، 53: وَسَاقَ مِثْلَ الْغَنَمِ شَعْبَهُ، وَقَادَهُمْ مِثْلَ قَطِيعٍ فِي الْبَرِّيَّةِ.
وَهَدَاهُمْ آمِنِينَ فَلَمْ يَجْزَعُوا. أَمَّا أَعْدَاؤُهُمْ فَغَمَرَهُمُ الْبَحْرُ.

يجزعوا:
يخافوا خوفًا شديدًا.

بعد ضرب المصريين بالضربات العشر خافوا جدًا، فترجوا بني إسرائيل أن يخرجوا من وسطهم، وساق الله شعبه من وسطهم، وعبر بهم البحر الأحمر، وقادهم، وعالهم في برية سيناء. وهكذا صار الأقوياء وهم المصريون خائفين، أما الضعفاء، وهم بنو إسرائيل، صاروا آمنين؛ لأن الله قوته معهم يحميهم ويرعاهم.



ع54-55: وَأَدْخَلَهُمْ فِي تُخُومِ قُدْسِهِ، هذَا الْجَبَلِ الَّذِي اقْتَنَتْهُ يَمِينُهُ
وَطَرَدَ الأُمَمَ مِنْ قُدَّامِهِمْ وَقَسَمَهُمْ بِالْحَبْلِ مِيرَاثًا،
وَأَسْكَنَ فِي خِيَامِهِمْ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ.

تخوم:
حدود.

بعدما عال الله شعبه في برية سيناء أدخلهم ليمتلكوا أرض كنعان، وطرد من أمامهم سبعة شعوب أقوى من شعبه، وأسكن شعبه في مدن وخيام هؤلاء الوثنيين، ودعا أرض كنعان أيضًا جبل قدسه، لأنها تقدست بوجود الله بين شعبه فيها، ودعاها أيضًا الجبل الذي اقتنته يمينه؛ لأن أرض كنعان مملوءة بالجبال (يش 14: 12) ومنها أيضًا الخمسة جبال التي بنيت عليها مدينة أورشليم وحل بهيكله المقدس فيها. وقسم أرض كنعان بين الأسباط الإثني عشر، وكانت مساحات الأراضي تُقَاس قديمًا بالحبل، كل هذا كان بقوة الله مع شعبه الضعيف، ويعبر الله عن قوته بيمينه.

في العهد الجديد يسكن المسيح المؤمنين به مكان الشياطين التي سقطت من السماء، وخلت أماكنها، فبعد جهاد هذه الحياة يملك المؤمنون مع المسيح إلى الأبد في السماء.

† عندما ترى المسيئين إليك أقوياء لا تنزعج من ضعفك؛ لأن قوة الله تتمجد في الضعف، ولكن تمسك بصلواتك، وثق أن الله سيحميك، بل ويعطيك سلامًا وفرحًا وسط الضيقات.


(4) ابتعاد عن الله في عصر القضاة (ع56-64):

ع56-58: فَجَرَّبُوا وَعَصَوْا اللهَ الْعَلِيَّ، وَشَهَادَاتِهِ لَمْ يَحْفَظُوا،

بَلِ ارْتَدُّوا وَغَدَرُوا مِثْلَ آبَائِهِمْ. انْحَرَفُوا كَقَوْسٍ مُخْطِئَةٍ.
أَغَاظُوهُ بِمُرْتَفَعَاتِهِمْ، وَأَغَارُوهُ بِتَمَاثِيلِهِمْ.

كانت نعمة الله عظيمة على شعبه عندما أسكنهم في أرض تفيض لبنًا وعسلًا، وطرد من أمامهم شعوبًا أقوى منهم. وكان من الطبيعي أن يشكره شعبه، ويتمسك بوصاياه، ولكنه للأسف تمرد على الله مثل آباء هذا الشعب، الذين تمردوا على الله في برية سيناء، وعاقبهم الله بعدم دخول أرض كنعان، وبهذا انحرف شعب الله عنه، وتركوا هدفهم وهو الله، مثل قوس ينحرف سهمها بعيدًا عن الهدف. بل أغاظوا الله بعبادة تماثيل وآلهة الشعوب الوثنية التي طردها الله من أمامهم، وذبحوا ذبائح لهذه الآلهة على المرتفعات، بدلًا من أن يعبدوا الله في مسكنه (تث32: 16، 17، 21).



ع59-61: سَمِعَ اللهُ فَغَضِبَ، وَرَذَلَ إِسْرَائِيلَ جِدًّا،
وَرَفَضَ مَسْكِنَ شِيلُوِ، الْخَيْمَةَ الَّتِي نَصَبَهَا بَيْنَ النَّاسِ.
وَسَلَّمَ لِلسَّبْيِ عِزَّهُ، وَجَلاَلَهُ لِيَدِ الْعَدُوِّ.

شيلو: وهي مكان يسمى شيلوه استقرت فيه خيمة الاجتماع في أرض كنعان حوالي ثلاث مئة سنة، بعد أن انتقلت من الجلجال، وبعد ذلك استقرت في أورشليم.

أمام جحود شعب الله، وإغاظتهم له بعبادة الأوثان، تخلى عنهم الله، ورفضهم مؤقتًا؛ حتى يتوبوا، بل ورفض الوجود في وسطهم، فأخذ الفلسطينيون تابوت عهد الله، الذي كان موجودًا في شيلوه (1 صم4: 1-11).

وهكذا أسلم الله عزه وهو تابوت عهد الله إلى الفلسطينيين، وفارق شعبه.



ع62-64: وَدَفَعَ إِلَى السَّيْفِ شَعْبَهُ، وَغَضِبَ عَلَى مِيرَاثِهِ.
مُخْتَارُوهُ أَكَلَتْهُمُ النَّارُ، وَعَذَارَاهُ لَمْ يُحْمَدْنَ.
كَهَنَتُهُ سَقَطُوا بِالسَّيْفِ، وَأَرَامِلُهُ لَمْ يَبْكِينَ.

واصل الله تأديبه لشعبه الذين عبدوا الأوثان، وسقطوا في شهوات كثيرة، فأدبهم بأن أهاج عليهم سكان الأرض الأصليين، عندما تهاون بنو اسرائيل في طردهم، ولم يطيعوا كلام الله على لسان يشوع بن نون. فقامت هذه الشعوب واحتلت، واستعبدت بني إسرائيل، وقتلت بالسيف الكثير منهم (1 صم 4: 10). وهكذا أكلت نار غضب الله شعبه، ومات كثير من الرجال بنار الحروب، فلم تجد العذارى من يتزوجهن، ولم تحمد كما تعودا قديمًا ان يمدحوا العروس في يوم عرسها. والكهنة أيضًا مات منهم الكثيرون، مثل ابَنِي إِسْرَائِيل عالى الكاهن حفنى وفيخاس (1 صم 4: 11) والأرامل أيضًا رأين مصيبة الشعب، فأتت عليهن الصدمة والخوف، ولم يستطعن البكاء على رجالهن، إذ كانت مصيبة الشعب أكبر من أن يحتملنها، فلا مجال لتلقى العزاء، أو رثاء رجالهن. وسفر القضاه، وكذلك صموئيل الأول ملئ بالنكبات التي أتت على شعب الله.

† إن الله طويل الأناة، ويعطيك فرصة للتوبة، فأسرع واستغلها لئلا يتخلى عنك، فتحل بك ضيقات كثيرة يصعب احتمالها. إنه يحبك فلا تضيع فرصة التوبة لتتمتع برعايته.


(5) مملكة داود (ع 65-72):



ع65: فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ، كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.

معيط:
صارخ وصائح بصوت عالى.

يشبه المزمور الله بإنسان نائم من كثرة شرب الخمر، ثم استيقظ كجبار يصيح بصوت عالى على أعداء شعبه. والنائم لا يشعر بالوقت، ويظنه قصير، هكذا أيضًا الله تخلى عن شعبه وقتًا قليلًا لتأديبهم، ثم قام ليؤدب أعداءهم. كل هذا يبين محبة الله ورعايته لأولاده. فهو يبغى توبتهم، ثم يدافع عنهم ويحميهم.



ع66: فَضَرَبَ أَعْدَاءَهُ إِلَى الْوَرَاءِ. جَعَلَهُمْ عَارًا أَبَدِيًّا.

بعدما أعلن الله غضبه على الأعداء الذين أساءوا إلى شعبه، ضربهم ضربة شديدة، فصاروا خزيًا، وعارًا بين الشعوب. هذا ما حدث مع الفلسطينيين الذين ضربوا بني إسرائيل، وسمح الله بهذا لتأديب شعبه، وسرقوا تابوت عهد الله، فضربهم الله بالبواسير (1 صم 5: 6، 7).

عندما قام المسيح كجبار من الأموات أعلن أن الشيطان مقيد، وحرر المؤمنين به، وفتح لهم فردوس النعيم.




ع67، 68: وَرَفَضَ خَيْمَةَ يُوسُفَ، وَلَمْ يَخْتَرْ سِبْطَ أَفْرَايِمَ.
بَلِ اخْتَارَ سِبْطَ يَهُوذَا، جَبَلَ صِهْيَوْنَ الَّذِي أَحَبَّهُ.

أكرم الله سبط أفرايم، إذ جعل عدده كبيرًا، فأفرايم هو ابن يوسف. وأكرمه أيضًا بأن خرج منه قادة روحيين منهم يشوع بن نون، وجدعون. ولكنهم لم يحفظوا وصاياه، وتكبروا، وتمردوا فغضب عليهم، ورفض أن يسكن في وسطهم. فأخذ الفلسطينيون تابوت عهد الله الذي كان في شيلوه، الواقعة في سبط أفرايم، ثم عاد التابوت من عند الفلسطينين إلى قرية يعاريم التي في سبط يهوذا، ثم نقله داود إلى أورشليم، فالله اختار سبط يهوذا الذي سيأتى منه المسيح المخلص، وفيه كان الهيكل، وكان سبط يهوذا أكثر تمسكًا في عبادة الله من باقي الأسباط.

سكن تابوت عهد الله في أرض كنعان أولًا في مدينة الجلجال فترة قصيرة، ثم نقل إلى شيلوه في سبط أفرايم، وبعد هذا نقل إلى أورشليم، حيث بَنِي إِسْرَائِيل الهيكل ووضع فيه التابوت، ولكن الهيكل أحرق بيد بابل عند السبي، ثم تم تدميره عام 70 م بيد الرومان. ولعل انتقال التابوت من أفرايم إلى يهوذا نبوة عن رفض الله عبادة مملكة إسرائيل التي ستنفصل عن سبطى يهوذا وبنيامين وقبوله للعبادة المقدمة في هيكله بسبط يهوذا.



ع69: وَبَنِي إِسْرَائِيل مِثْلَ مُرْتَفَعَاتٍ مَقْدِسَهُ،
كَالأَرْضِ الَّتِي أَسَّسَهَا إِلَى الأَبَدِ.

بعد أن نقل الله التابوت المقدس إلى أورشليم بيد داود، بَنِي إِسْرَائِيل هناك بيد سليمان هيكلًا له، مثل المرتفعات المقدسة في السماء حيث الملائكة حول العرش الإلهي. وبناء هيكل سليمان كان رمزًا للكنيسة التي هي الأرض التي أسسها الله إلى الأبد؛ لأن المؤمنين بالله سيعيشون إلى الأبد، ويمجدهم الله معهم في السماء.



ع70-72: وَاخْتَارَ دَاوُدَ عَبْدَهُ، وَأَخَذَهُ مِنْ حَظَائِرِ الْغَنَمِ.
مِنْ خَلْفِ الْمُرْضِعَاتِ أَتَى بِهِ، لِيَرْعَى يَعْقُوبَ شَعْبَهُ، وَإِسْرَائِيلَ
مِيرَاثَهُ. فَرَعَاهُمْ حَسَبَ كَمَالِ قَلْبِهِ، وَبِمَهَارَةِ يَدَيْهِ هَدَاهُمْ.

اختار الله داود من بين سبط يهوذا لاستعداده الروحي، فعاش مع الله بالكمال، بعد أن تجرب في رعاية الغنم، إذ يذكر أن الله أخذه من وراء المرضعات، أي الأمهات التنى ترعى أطفالها باهتمام بين صفوف الغنم. فيستطيع بالتالى داود أن يرعى شعب الله. ورعاهم بمهارة وأبوة، وبقلب كامل يشبه قلب الله. رعى شعب الله يعقوب الذي هو إسرائيل، وكان رمزًا للمسيح الراعى الصالح، الذي يبذل نفسه عن الخراف، ويفدى شعبه على الصليب، ليقتنيهم له بيننًا في الملكوت.

† أطع وصايا الله حتى يختارك من بنيه ويعمل بك، وتهتم بكل من حولك، لتجذبهم إليه، فتتمتع بعشرته وبعمله فيك.





المزمور التاسع والسبعون
توسل لله المنقذ


مزمور لآساف

"اللهم إن الأمم قد دخلوا ميراثك .." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: آساف كبير المغنين أيام داود، وقد يكون داود نفسه هو الكاتب، وأعطاه لآساف ليغنيه.

لماذا كتب؟ نبوة عن خراب أورشليم والسبي البابلي، أو تخريب انطيوخس الكبير للهيكل أيام المكابين، أو تخريب الرومان الهيكل عام 70 م.

هذا المزمور صرخة إلى الله؛ لينقذ شعبه وهيكله الذي تخرب، وهو يصلح أن تقوله الكنيسة وكل مؤمن إذا مرَّ بضيقة.

هذا المزمور يشبه مزمور 74 الذي يتكلم عن نفس الموضوع، ويمكن الرجوع إلى مقدمته.

لا يوجد هذا المزمور في صلاة الأجبية.



(1) خراب أورشليم والهيكل ( ع1-4):



ع1: اَلَّلهُمَّ، إِنَّ الأُمَمَ قَدْ دَخَلُوا مِيرَاثَكَ.
نَجَّسُوا هَيْكَلَ قُدْسِكَ. جَعَلُوا أُورُشَلِيمَ أَكْوَامًا.

يتنبأ المزمور عن دخول الوثنيين إلى أورشليم ميراث الله؛ إذ هم شعبه الوحيد الذي يعبده في العهد القديم، ونجسوا هيكله بدخولهم فيه، وأحرقوه، وجعلوه هو وأورشليم خرابًا كأكوام من الحجارة والتراب. وإن كان هذا أمرًا فظيعًا في نظر اليهود؛ إذ كانوا يظنون أن الهيكل سيظل ثابتًا إلى نهاية العالم، لكنهم صدموا بتخريبه، ونسوا أنهم كسروا وصايا الله، وعبدوا الأوثان، فكانت النتيجة الطبيعية أن يفارقهم الله، ويخرب هيكله الذي سبق وخربونه بأفعالهم.



ع2، 3: دَفَعُوا جُثَثَ عَبِيدِكَ طَعَامًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ،
لَحْمَ أَتْقِيَائِكَ لِوُحُوشِ الأَرْضِ. سَفَكُوا دَمَهُمْ كَالْمَاءِ
حَوْلَ أُورُشَلِيمَ، وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُ.

يصف المزمور كثرة القتلى في أورشليم عند تخريبها، فيبين أن الجثث كانت مطروحة في كل مكان، والدماء تسيل منها، ولم يستطع اليهود أن يدفنوا الجثث لكثرتها، فأكلتها طيور السماء ووحوش الأرض. كل هذا لأنهم رفضوا وصايا الله، فرفضهم الله. وكان الأعداء قساة القلوب، فقتلوا اليهود وطرحوا جثثهم داخل أورشليم، وكذلك كل من حاول الهرب سفكوا دمه حول أورشليم.



ع4: صِرْنَا عَارًا عِنْدَ جِيرَانِنَا، هُزْءًا وَسُخْرَةً لِلَّذِينَ حَوْلَنَا.

بتخريب أورشليم صارت عارًا وسخرية في نظر جيرانها، مثل الأدوميين الذين شمتوا بها وقبضوا على الهاربين من اليهود، وسلموهم لأعدائهم (مز 137: 7)، مع ملاحظة أن جيران اليهود كانوا مستعبدين لهم أيام داود وسليمان، فانتهزوا هذه الفرصة للشماته بهم.

† عندما تحل بك أية ضيقة افحص نفسك لئلا تكون خطاياك هي السبب، وعد إلى الله بالتوبة، وثق أنه قادر أن يشفيك، ويبنيك، ويعوضك عن كل ما فاتك.


(2) تحويل غضب الله عن شعبه ( ع5-7):



ع5: إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَغْضَبُ كُلَّ الْغَضَبِ، وَتَتَّقِدُ كَالنَّارِ غَيْرَتُكَ؟

يتوسل كاتب المزمور إلى الله ليوقف غضبه، وغيرته على شعبه. والغضب المقصود به تأديب الشعب؛ ليتوب. أما الغيرة فهي محبة الله لشعبه الذي لا يريد لهم أن ينحرفوا عنه إلى عبادة الأوثان والشر، فالله ليس لديه انفعالات مثل البشر. وهذه الآية تظهر مدى معاناة شعب الله، وفى نفس الوقت رجاءهم في الله الذي ينقذهم، ويرفع عنهم تأديباته.



ع6، 7: أَفِضْ رِجْزَكَ عَلَى الأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَكَ، وَعَلَى الْمَمَالِكِ
الَّتِي لَمْ تَدْعُ بِاسْمِكَ، لأَنَّهُمْ قَدْ أَكَلُوا يَعْقُوبَ وَأَخْرَبُوا مَسْكَنَهُ.

أفضى:
أسكب بغزارة وهي من فعل يفيض.

يطالب كاتب المزمور الله أيضًا أن لا يكف فقط عن تأديب شعبه، بل يحول غضبه إلى الأمم، وذلك بسبب أمرين:

أن الأمم لا يعرفون الله ولا يعبدونه.

أنهم أساءوا بعنف إلى شعب الله ودمروه، إذ يقول "أكلوا". فهو يستغيث بالله ليخلص شعبه، ويبعد الأعداء عنه، وينتقم منهم ليعلموا فساد شرهم لعلهم يرجعون إلى الله.

† لا تنزعج من تأديبات الله لك فهي مؤقتة، وهي لصالحك. ولا تتشكك من تسلط من يسيئون إليك، لأن الله يكره شرورهم، وسيعاقبهم. لا تشمت بهم، ولا تمتلئ غيظًا منهم، بل أصلح أخطاءهم بالتوبة، وصلى لأجل المسيئين ليرجعوا لله.



(3) خلاص الله وشكره ( ع8-13):



ع8: لاَ تَذْكُرْ عَلَيْنَا ذُنُوبَ الأَوَّلِينَ.

لِتَتَقَدَّمْنَا مَرَاحِمُكَ سَرِيعًا، لأَنَّنَا قَدْ تَذَلَّلْنَا جِدًّا.

يتقدم كاتب المزمور باتضاع إلى الله وتذلل، ويطلب منه أمرين:

لا يذكر خطايا آبائهم، لأنها كثيرة، وهو قد وعد أن كل إنسان يحمل ذنبه، فلا يعاقب الأبناء من أجل خطية الآباء (حز18: 2-4).

يطلب غفران الله ومراحمه لأجل خطايا الشعب الحالية.

وبهذا يرفع الله غضبه عن شعبه سريعًا؛ لأنهم في ضيقة شديدة وكادوا يهلكون.



ع9: أَعِنَّا يَا إِلهَ خَلاَصِنَا مِنْ أَجْلِ مَجْدِ اسْمِكَ،
وَنَجِّنَا وَاغْفِرْ خَطَايَانَا مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ.

يطلب كاتب المزمور ثلاثة بركات من الله هي:-

أ- معونته الإلهية لاحتمال الآلام.

ب- أن ينجيهم من أيدي أعدائهم.

ج- أن يغفر لهم خطاياهم التي سببت لهم هذه التأديبات.

هذه البركات لا يستحقها الشعب، ولكن الشعب يطلبها من أجل اسم الله. والمقصود باسم الله المخلص هو المسيح المتجسد في ملء الزمان. وهذه الآية تبين اتضاع الشعب وثقته في أن الخلاص من يد الله فقط، وكل بركة يحتاجونها هي عطية إلهية.



ع10: لِمَاذَا يَقُولُ الأُمَمُ: «أَيْنَ هُوَ إِلهُهُمْ؟».
لِتُعْرَفْ عِنْدَ الأُمَمِ قُدَّامَ أَعْيُنِنَا نَقْمَةُ دَمِ عَبِيدِكَ الْمُهْرَاقِ.

المهراق:
المنسكب، أى الذي يسيل على الأرض.

يطلب الكاتب من الله أن لا يترك الأمم الوثنيين يعتقدون بقوتهم وآلهتهم، ويحتقروك أنت الإله العظيم، إذ يقولون أين إلهنا؟ لماذا لم ينجينا من أيديهم؟ ولذا نحن نطلب أن تنتقم لدم شعبك الذي سال على الأرض حتى يعرفوك أنك أنت وحدك الإله العظيم، وأن آلهتهم لا شيء، لعلهم يؤمنون ويرجعون إليك.



ع11: لِيَدْخُلْ قُدَّامَكَ أَنِينُ الأَسِيرِ. كَعَظَمَةِ ذِرَاعِكَ اسْتَبْقِ بَنِي الْمَوْتِ.

في اتضاع أيضًا يطلب الكاتب من الله أن يقبل صلوات الأسرى، وهم اليهود المسبيين بيد آشور وبابل، لأنهم في ذل، بل في عداد الموتى، إذ ليس لهم حرية، أو قدرة على التحرك والرجوع إلى بلادهم لعبادة الله. ويطلب أيضًا أن يحفظ أولاده، الذين من شدة ضغط وإذلال الأعداء لهم أصبحوا في حكم الموتى.

ذراع الله يرمز لتجسد المسيح، إذ هو كلمة الله وقوته، وهي عظيمة جدًا، فهو يطلب من الله أن يسرع ليخلص شعبه الموتى، ليس فقط لأنهم في ذل عبودية السبي، بل أيضًا سيذهبون إلى الجحيم، ولكن بتجسد المسيح يخلصهم، وينقلهم من الجحيم إلى الفردوس.



ع12: وَرُدَّ عَلَى جِيرَانِنَا سَبْعَةَ أَضْعَافٍ فِي أَحْضَانِهِمِ
الْعَارَ الَّذِي عَيَّرُوكَ بِهِ يَا رَبُّ.

يطلب كاتب المزمور من الله أن يظهر عدله، فينتقم من أعداء شعبه الأشرار بحسب قسوتهم على شعبه، فيعاقبهم بسبعة أضعاف ما فعلوه، ليعرفوا شناعة الشر، ويرجعوا عنه، ويعرفوا قوة الله الذي هو فوق كل الآلهة، فيأتى العار والخزى على الأعداء.

لعل المقصود بأعداء شعب الله الشياطين الذي يحاولون إبعاد شعب الله عن الإيمان وعبادة الله، فيطلب الانتقام منهم سبعة أضعاف وذلك في العذاب الأبدي.



ع13: أَمَّا نَحْنُ شَعْبُكَ وَغَنَمُ رِعَايَتِكَ نَحْمَدُكَ إِلَى الدَّهْرِ.
إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ نُحَدِّثُ بِتَسْبِيحِك.

يختم المزمور برجاء عظيم رآه الكاتب بالإيمان، وهو أن الله سينجى شعبه، ويعيدهم إلى بلادهم، ويبنون الهيكل، ويعبدونه، وحينئذ ترتفع أصواتهم بالحمد والتسبيح لله على عظمة أعماله. وهذا التسبيح يستمر إلى دور فدور، أي إلى الأبد في ملكوت السموات.

† ما أعظم أعمال الله معك، فهو دائم الرعاية والعناية بك؛ لذا فهو يستحق منك الشكر الدائم والتسبيح. وهذا الشكر والتسبيح يملأ قلبك فرحًا؛ إذ ينعم عليك بعشرته، فتجتاز وسط الضيقات دون تعب، لأنك تشعر بوجوده معك.





المزمور الثمانون
يمين الله ترجعنا وترعانا

لإمام المغنين على السوسن. شهادة. لآساف. مزمور

"يا راعى إسرائيل اصغ ..." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: آساف رئيس المغنين أيام داود.

لماذا كتب ؟ هو نبوة عن اليهود المسبيين في السبي البابلي، ويطلبون من الله أن يرجعهم من السبي، ويهتم بشعبه، وبهيكله الذي أحرقه الأعداء.

يقال هذا المزمور بمصاحبة آلة موسيقية تسمى السوسن كما يظهر في عنوان المزمور. وهي آلة تشبه زهرة السوسن.

يعلن عنوان المزمور أنه شهادة؛ أي يشهد على إيمان شعب الله المسبي ومعاناته، وصلواته، ورجائه في العودة من السبي.

يعلن العنوان أنه مزمور؛ أي يرنم بمصاحبة المزمار.

يتكلم هذا المزمور عن الكنيسة، أو النفس البشرية المتألمة، لكن تؤمن بالله فتصلى وتتضرع إليه، ليرفع عنها آلامها، ويتعهدها برعايته.

يترجى هذا المزمور الله ليتجسد ويفدى البشرية، ويتعهد أولاده المؤمنين به، ويرعاهم إلى الأبد.

هذا المزمور لا يوجد بصلاة الأجبية.


(1) طلب الخلاص والرجوع (ع1-3):



ع1: يَا رَاعِيَ إِسْرَائِيلَ، اصْغَ، يَا قَائِدَ يُوسُفَ كَالضَّأْنِ،
يَا جَالِسًا عَلَى الْكَرُوبِيمِ أَشْرِقْ.

يتضرع المزمور إلى الله، ويصفه بأنه راعى إسرائيل، أي شعب الله قبل الانقسام. ويذكره بأنه قائد يوسف، الذي احتمل أتعابًا كثيرة من إخوته، وظل متمسكًا بعفافه. وهو مسكين مثل الضأن، أي الخروف الضعيف أمام الذئاب. فهو محتاج لرعايتك وقيادتك يا الله، خاصة أنك أنت الإله العظيم، القادر على كل شيء، الجالس على الشاروبيم المملوئين أعينا، ويسبحونك على الدوام. فأنت الإله القوى، والحنون، الراعى لشعبك في نفس الوقت.

عندما ينادى المزمور على الله الجالس على الشاروبيم يذكره بأنه خلق شعبه بطبيعة سماوية، عندما خلق فيهم الروح؛ ليعرفوه، ويسبحوه مثل الملائكة، لذا يطلب المزمور من الله أن يرعى شعبه، ويقوده ويحرره من سبيه؛ ليمجدوه.



ع2: قُدَّامَ أَفْرَايِمَ وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى أَيْقِظْ جَبَرُوتَكَ، وَهَلُمَّ لِخَلاَصِنَا.

ينادى المزمور الله القوي الجبار ليستيقظ؛ إذ اعتبر سكوته على مذلة شعبه كأنه شخص نائم. فيطلب منه أن يتحرك ويستيقظ من نومه، ويخلص شعبه. ويذكر هذه الأسباط الثلاثة أفرايم، وبنيامين ومنسى لترمز إلى كل شعب إسرائيل، وأن هذه الأسباط الثلاثة كانت تسير أمام تابوت عهد الله عندما تتحرك الأسباط في مسيرتها أثناء وجودها في برية سيناء؛ لأنها أسباط قوية، ولكنها الآن مستعبدة في السبي وضعيفة، فيترجى المرنم الله أن ينقذ شعبه الضعيف، ويعيده إلى قوته، مثلما كانت هذه الأسباط الثلاث.



ع3: يَا اَللهُ أَرْجِعْنَا، وَأَنِرْ بِوَجْهِكَ فَنَخْلُصَ.

في نهاية هذه الفقرة يطلب من الله أن يرجع لرعاية شعبه الذي أهمله بتأديبه في فترة السبي، أي عُد إلى رعايتك لشعبك لترجعنا من السبي، فنستعيد حريتنا وكرامتنا.

يطلب أيضًا من الله أن ينير بوجهه على شعبه، فينال الخلاص. لأن ظهور وجه الله، أو سكناه في وسط شعبه هو الحياة التي يمنحها لهم، فيتركوا ظلمة الخطية، ويحيوا حياة روحانية فيه، مملوءة بالبر والفضائل، وهذا هو الخلاص، ليس فقط من عبودية السبي، بل هو الحرية والتمتع بعشرة الله.

هذه الآية قرار يتكرر في هذا المزمور ثلاث مرات في (ع3، 7، 19)؛ لأن هذا هو هدف المزمور أن يعيد الله شعبه من السبي، ويمتعهم بنوره وخلاصه.

† ليت هذه الآية تكون طلبة دائمة لنا؛ ليرجعنا الله من خطايانا إلى أحضانه، فنستنير بنوره، ونتمتع بخلاصه في كنيسته.


(2) لماذا تركتنا؟ (ع4- 7):



ع4: يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، إِلَى مَتَى تُدَخِّنُ عَلَى صَلاَةِ شَعْبِكَ؟

يذكر الكاتب الله بأنه إله الجنود، أي القوى القادر على كل شيء. ويسأله لماذا تدخن على صلاة شعبك؟ أي ترفضها، وتهملها، ولا تستجيب، فيظل في ذل عبودية السبي؟! ألا يكفى التأديب الذي ناله؛ لتسامحه وتعيده من سبيه؟!



ع5: قَدْ أَطْعَمْتَهُمْ خُبْزَ الدُّمُوعِ، وَسَقَيْتَهُمُ الدُّمُوعَ بِالْكَيْلِ.

يصف المزمور حالة الشعب المسبي وكيف سمح له الله أن يختلط طعامه بدموعه؛ دموع الألم، ودموع التوبة.

الدموع التي سمح بها الله لشعبه كانت كثيرة جدًا، فكانت بالكيل، ولكن في نفس الوقت كانت بالكيل؛ أي بمقدار محدد لا تزيد عنه حتى لا يبتلعوا من اليأس. وقد يختلف مقدارها من شخص إلى آخر بحسب احتياجه للتأديب والدموع. والغرض في النهاية هو خلاص شعبه.



ع6: جَعَلْتَنَا نِزَاعًا عِنْدَ جِيرَانِنَا، وَأَعْدَاؤُنَا يَسْتَهْزِئُونَ بَيْنَ أَنْفُسِهِمْ.

أعداء شعب الله هم الأمم المحيطة بهم، أي جيرانهم، وهم الموآبيون، والعمونيون من الشرق، والأدوميون في الجنوب، والفلسطينيون في الغرب. هؤلاء تنازعوا بين أنفسهم من يقتص من اليهود، ويسلمهم للبابليين عندما هجم عليهم بنوخذنصر، أي تنازعوا، وتشاوروا على إهلاكهم.

هذه نبوة أيضًا عن المؤمنين بالمسيح، الذين هزأ بهم أعداؤهم، وهم اليهود واليونانيون والرومان، لإيمان المسيحيين بشخص مصلوب قد مات؛ إذ لم يعرف هؤلاء الأعداء أنه الله إلهنا الفادي.



ع7: يَا إِلهَ الْجُنُودِ أَرْجِعْنَا، وَأَنِرْ بِوَجْهِكَ فَنَخْلُصَ.

هذه الآية مكررة، فهي القرار الذي يوجد في نهاية كل مجموعة آيات، وقد سبق شرحها في (ع3). وتعنى هنا الرجاء في الرجوع من السبي، والخلاص من كل الآلام التي عانى منها شعب الله في السبي، والمذكورة في (ع 4 –6).

† إن كانت تمر بك ضيقات تتألم بها، وتعتصر نفسك، فثق إن الله قد سمح بها لك؛ لتتوب عن خطاياك، وحتى تنمو صلواتك، فتختبر أعماقًا جديدة في علاقتك مع الله، فيتعزى قلبك.


(3) تعهد كرمتك (ع8-19):



ع8: كَرْمَةً مِنْ مِصْرَ نَقَلْتَ. طَرَدْتَ أُمَمًا وَغَرَسْتَهَا.


يشبه المزمور شعب الله بكرمة لأنها نبات ضعيف يحتاج إلى رعاية. وعند رعايته يعطى ثمارًا حلوة وكثيرة. فالله نقل شعبه من مصر عندما أخرجه بذراع رفيعه من عبودية مصر بالضربات العشر، وشق البحر الأحمر، وعبر به برية سيناء، وأتى به إلى أرض كنعان، وطرد الأمم الساكنة في الأرض، وأسكنه بدلًا منهم. لأنهم كانوا هم الشعب الوحيد الذي يؤمن بالله بخلاف باقي العالم الوثني، لذا رعاهم الله، وقادهم، وعالهم، وأسكنهم في أرض تفيض لبنًا وعسلًا.

الكنيسة أيضًا تلقب بالكرمة لنفس الأسباب السابقة. فالكنيسة هي شعب الله الجديد، ولذا نطلق على الكنيسة في لحن "أيها الرب إله القوات" لقب الكرمة.



ع9: هَيَّأْتَ قُدَّامَهَا فَأَصَّلَتْ أُصُولَهَا فَمَلأَتِ الأَرْضَ.

هيأ الله الطريق قدام شعبه، فأزعج سكان أرض كنعان، وخافوا الله، الذي يسير وسط شعبه، لأنهم سمعوا بشق البحر الأحمر، بالإضافة إلى شق نهر الأردن. وهذا ساعد شعبه في الانتصار على أعدائهم، وسكنوا مكانهم بعد أن طردوهم. وثبتوا كما تثبت الكرمة بمد جذورها في الأرض، أي تأصلت أصولها، وانتشرت الجذور في الأرض فملأتها؛ أي أن الشعب انتصر، وواصل طرد الشعوب الوثنية، وقد حدث هذا في عهد داود وسليمان.



ع10، 11: غَطَّى الْجِبَالَ ظِلُّهَا، وَأَغْصَانُهَا أَرْزَ اللهِ.
مَدَّتْ قُضْبَانَهَا إِلَى الْبَحْرِ، وَإِلَى النَّهْرِ فُرُوعَهَا.

يواصل المزمور كلامه عن الكرمة، فيعلن أنها امتدت لتغطى الجبال، أي أن الشعب سكن، وانتشر على جبال أرض كنعان. ويشبه الشعب أيضًا بشجر الأرز، أي صار الشعب قويًا، وثابتًا في الأرض، ومرتفعًا إلى السماء. ويعلن أيضًا أنه امتد من البحر، ويقصد البحر الأبيض المتوسط إلى النهر، ويقصد نهر الفرات، ونهر مصر، الذي يمتلئ موسميًا في فصل الشتاء ويوجد في برية سيناء.

ترمز هاتان الآيتان إلى انتشار المسيحية في العالم كله عبر البحار والأنهار، أما الجبال فترمز إلى الارتفاع نحو السماء في حياة المؤمنين. والخلاصة أن المؤمنين في العهد الجديد يحيون حياة سماوية مرتفعين عن الأرضيات، كمن يسكنون على الجبال، ويصيرون أقوياء مثل أرز لبنان، ويحيون على مجارى المياه، أي عمل الروح القدس يفيض في حياتهم.



ع12، 13: فَلِمَاذَا هَدَمْتَ جُدْرَانَهَا فَيَقْطِفَهَا كُلُّ عَابِرِي الطَّرِيقِ؟
يُفْسِدُهَا الْخِنْزِيرُ مِنَ الْوَعْرِ، وَيَرْعَاهَا وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ.

يتساءل المزمور، ويقول للرب لماذا هدمت جدران هذه الكرمة؟ أي شعبك، ويقصد بهذا هدم أسوار أورشليم، وحرقها هي وهيكلها، وهجوم الأشوريين، ثم البابليين، واستيلائهم على خيراتها، وبعدهم أتى أنطيوخوس الملك أيام المكابين، وهجم على أورشليم واليهودية.

فخنزير الوعر، ووحش البرية يرمزان إلى أشور وبابل، وعابرى الطريق يرمزون إلى أعداء اليهود المقيمين حولهم، وهم الشعوب الوثنية؛ موآب، وبنى عمون، وآدوم، وفلسطين. كل هؤلاء شمتوا بسقوط أورشليم وكل بلاد اليهود، وقبضوا على الهاربين من اليهود، وسلموهم إلى آشور، وبابل.

أعداء شعب الله هم الشياطين في كل جيل، الذين يشمتون بالمؤمنين إن سقطوا، ويذلونهم بالخطية.



ع14: يَا إِلهَ الْجُنُودِ، ارْجِعَنَّ. اطَّلِعْ مِنَ السَّمَاءِ وَانْظُرْ وَتَعَهَّدْ هذِهِ الْكَرْمَةَ،

ينادى كاتب المزمور الله ويلقبه بإله الجنود. ويلاحظ تكرار تعبير "إله الجنود" أربع مرات في هذا المزمور؛ لأن الله ضابط الكل القوى، الذي يضبط العالم كله بأركانه الأربعة.

يطلب المزمور من الله أربعة أفعال هي:

أ- "ارجعن": أي عد إلى أبوتك ومحبتك، واهتمامك الأول بشعبك، بعد أن تخليت عنه فترة لتأديبه.

ب- "اطلع": أي انظر بعناية وهدوء وهذا الإطلاع من السماء، ويعنى تطلع نقى روحانى، يفيض على الشعب بالحنان والحب ويسمو بهم إلى السماويات.

ج- "انظر" أي دقق وركز عنايتك بشعبك لأنه ضعيف، ومحتاج لكل اهتمامك، فهو تضرع وترجى من الله أن يعطى الشعب كل حبه.

د- "تعهد": أي إرع شعبك واهتم بنموه، وإبعاد كل شيء يعطله عنك، كما يهتم الزارع بتسميد النبات، ومقاومة الآفات الضارة.



ع15: وَالْغَرْسَ الَّذِي غَرَسَتْهُ يَمِينُكَ، وَالابْنَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ.

يصف هنا شعب الله بغرس غرسه الله، وهو بالتالي ثابت وقوى، إذ أن يمين الله وقوته هي التي غرست شعبه. ويشبهه أيضًا بالإبن، لأن الله يهتم به كأب، وقد اختاره من بين جميع الشعوب، وأخرجه من مصر ليحيا له في الإيمان المستقيم.

هذه الآية واضحة عن تجسد المسيح الذي غرسه الأب بين البشر بتجسده، وهو ابن الله الذي اختاره من بين جميع البشر، لأنه وحده القادر على فدائنا؛ الإله المتأنس.



ع16: هِيَ مَحْرُوقَةٌ بِنَارٍ، مَقْطُوعَةٌ. مِنِ انْتِهَارِ وَجْهِكَ يَبِيدُونَ.

الكرمة التي ترمز لشعب الله عندما انحرفت في عبادة الأوثان سمح الله أن تحرق، وتقطع، وقد تم هذا على يد نبو خذنصر الذي أحرق الهيكل وأورشليم. وهكذا استخدم الله نبوخذنصر لينتهر شعبه ويؤدبه، فمات الكثيرون والباقون عاشوا في عبودية وذل؛ ليرجعوا إلى الله.

بتجسد المسيح انتهر الشر، وأباد الخطية فلم تقو عليه، وعندما رفض اليهود الإيمان قام عليهم الرومان عام 70 م، وأحرقوا، ودمروا أورشليم، وهيكلها.



ع17: لِتَكُنْ يَدُكَ عَلَى رَجُلِ يَمِينِكَ،
وَعَلَى ابْنِ آدَمَ الَّذِي اخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ،

هذه الآية تنصب أساسًا على المسيح المتجسد، فتطالب الآب أن تكون يده على رجل يمينه الذي هو المسيح، وابن آدم الذي اختاره الآب، وتكون يد الأب على الإبن، أي اللاهوت يعمل في المسيح فيمايلى:

إعطاؤه قوة، فلا يمسك عليه اليهود خطأ، ولا يقبضوا عليه قبل الأوان (يو8: 59).

يمجده بالمعجزات والتعاليم القوية (يو 17: 4).

يقيمه من الأموات.

يرسل روحه القدوس ليفيض بنتائج الخلاص، وفداء المسيح على الكنيسة من خلال الأسرار، والمواهب، وثمار الروح القدس.



ع18: فَلاَ نَرْتَدَّ عَنْكَ. أَحْيِنَا فَنَدْعُوَ بِاسْمِكَ.

إذا اعتنى الله بشعبه يحفظه ويثبته في الإيمان، فلا يرتد عنه، ويعطيه نعمة الحياة فيه، مبتعدًا عن موت الخطية، وحينئذ يمجده، ويسبحه، ويشكره على أعماله.

هذه نبوة أيضًا عن المسيح المتجسد الفادي، الذي يثبت المؤمنين في الإيمان، ويحييهم من موت الخطية، ويرفعهم إلى الحياة الأبدية، فيمجدوه ليس فقط على الأرض، بل أيضًا في السماء إلى الأبد.



ع19: يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، أَرْجِعْنَا. أَنِرْ بِوَجْهِكَ فَنَخْلُصَ.

هذه الآية هي القرار المتكرر هنا للمرة الثالثة، وقد سبق التأمل فيه (انظر ع3). وإنارة الله علينا تختص بالأبدية، حيث يتمتع المؤمنون بالحياة النورانية السامية الكاملة.

† اطلب من الله كل يوم أن يهتم بنفسك، ويرعاها، فتنمو في محبته. واطلبه في كل موقف صعب حينئذ يطمئن قلبك مهما واجهتك ظروف صعبة. ولا ترفض صوته إذا دعاك لأي عمل روحي، سواء بصوت في داخلك أو تسمعه حولك.





المزمور الْحَادِي والثمانون
دعوة الشعب للتوبة


لإمام المغنين "على الجتية" . لآساف

"رنموا لله قوتنا اهتفوا لإله يعقوب" (ع1)


مقدمة:

كاتبه: آساف كبير المغنين أيام داود. وقد يكون داود هو الكاتب، وأعطاه لآساف ليغنيه.

متى قيل؟ في رؤوس الشهور، وعيد الأبواق، وعيد الفصح، وفي الأعياد عمومًا، لأنه يقدم تمجيدًا لله.

يذكر في عنوان هذا المزمور أنه يقال على الجتية، وهي آلة موسيقية مأخوذة من مدينة جت الفلسطينية..

فكرة المزمور دعوة شعب الله للتوبة عن عصيانه، ليستعيد وضعه كشعب مؤمن بالله، فيمجده.

هذا المزمور يناسب كل إنسان أن يردده في كل وقت، ليتوب ويستعيد علاقته القوية مع الله، فيعود إلى صلواته القوية، وتسابيحه.

لا يوجد هذا المزمور بصلاة الأجبية.


(1) تمجيد الله الراعي (ع 1-7)



ع1: رَنِّمُوا للهِ قُوَّتِنَا. اهْتِفُوا لإِلهِ يَعْقُوبَ.


يدعو المزمور شعب الله للتعبير عن محبته لله القوي، الذي ساند شعبه وخلصهم بقوة عظيمة، وهو القوة الوحيدة للشعب الذي يعتمد عليها. فلا يستند على أسلحة، أو قوته البشرية، أو علاقته بأمم محيطة به قوية، كل هذا لا شيء أمام قوة الله. فهذا الترنيم يعلن إيمان الشعب، ويثبته فيه، بل يعطيهم فرح، ولذة، وعشرة مع الله.

من كثرة الترنيم لله امتلأت قلوب الشعب فرحًا، فناداهم المزمور أن يهتفوا، لأن الهتاف هو أصوات عالية تبين تعلق القلب بالله، وهم يرنمون لإله يعقوب، لأن يعقوب اتكل على الله، فلم يستطع عيسو أن يؤذيه، بل على العكس تعانق الأخوان في حب (تك 33: 4). فالشعب يهتف لله إلهه القوي الذي يحميه، ويحفظه.



ع2: ارْفَعُوا نَغْمَةً وَهَاتُوا دُفًّا، عُودًا حُلْوًا مَعَ رَبَابٍ.

دفًا:
إطار خشبي يشد عليه جلد رقيق، وعلى جوانب الإطار توجد صنوج صغيرة لتعطي أصواتًا قوية لضبط الإيقاع. وللعزف عليه يضرب باليد على الجلد المشدود، ويسمى حاليًا "الرق".

عودًا: هو آله موسيقية وترية معروفة حتى الآن بنفس الاسم، عبارة عن صندوق خشبي تشد عليه عدد من الأوتار.

رباب: جمع ربابة، وهي آلة وترية، يشد عليها اثنى عشر وترًا ويعزف عليها بالأصابع، أو بريشة مثل العود.

ينادى المزمور الشعب المسبح ليرنم لله بنغمات عالية، تصاحبها الآلات الموسيقية مثل العود، والدف والرباب للتعبير عن الفرح، وتسبيح الله ناصره على أعدائه، خاصة وأن الشعب كان قد اعتاد الترنيم بالآلات الموسيقية منذ خروجه من أرض مصر، عندما قادت مريم الشعب في تسبيحه وتمجيده.



ع3، 4: انْفُخُوا فِي رَأْسِ الشَّهْرِ بِالْبُوقِ، عِنْدَ الْهِلاَلِ لِيَوْمِ عِيدِنَا
لأَنَّ هذَا فَرِيضَةٌ لإِسْرَائِيلَ، حُكْمٌ لإِلهِ يَعْقُوبَ.

البوق:
آلة موسيقية تشبه قرن الحيوان له فتحة ضيقة من ناحية، ومتسعة من الطرف الآخر، وينفخ فيه للعزف.

ينادى أيضًا المزمور الشعب لاستخدام الأبواق، وكان الكهنة هم الذين ينفخون في الأبواق، فالنفخ في البوق عمل كهنوتي، لأن البوق يرمز لكلمة الله. وتستخدم الأبواق في رأس الشهر، عند ظهور الهلال، وفي عيد الأبواق الذي هو رأس الشهر السابع، وهو بداية السنة. ويدعو الناس للتوبة والبدء الجديد، كما يذكرهم بقوة الله التي نصرتهم على أعدائهم، فهو يملأ قلوب الشعب حماسًا لبدء حياة روحية قوية مع الله. والنفخ في الأبواق أمر إلهي، وفريضة يتممها شعب الله في رأس كل شهر لتجديد مشاعر التوبة والرجاء والقوة. والكنيسة تقيم صلوات وقداسات في رأس السنة، لتدعو شعبها للتوبة والرجاء.



ع5: جَعَلَهُ شَهَادَةً فِي يُوسُفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ.
سَمِعْتُ لِسَانًا لَمْ أَعْرِفْهُ:

جعل الله العيد، ويقصد جميع الأعياد الدينية، والتي تستخدم فيها الأبواق، والتذكارات الروحية شهادة وسط شعبه، تعلن إيمانهم بالله، وعبادتهم له. وقد اختار اسم يوسف رمزًا لكل شعب الله؛ لأن يوسف كان سبب إدخال إخوته في أرض مصر، وإكرامهم، ولكن المصريين استعبدوهم، وأذلوهم بعد هذا، وهكذا عاش بنو إسرائيل عبيدًا بين المصريين الذين لهم لغة لا يعرفها شعب الله، ولكن كان عزاؤهم هو معرفتهم لله، ومعرفة الله لهم، تجلى هذا في الأعياد والمواسم الدينية، وكل عبادة كانوا يقدمونها لله.

يوسف يرمز للمسيح، فالمسيح يشهد من خلال يوسف في أرض مصر لعمل الله؛ لأن يوسف بيع عبدًا، واحتمل الآلام لمدة ثلاثة عشر عامًا، ثم ارتفع إلى عرش مصر، والمسيح تجسد، وأخذ صورة عبد صائرًا في شبه الناس، واحتمل الآلام، وأطاع حتى الموت موت الصليب، ثم قام بمجد عظيم، قاهرًا كل قوات الظلمة، وقيد الشيطان، فيوسف شهد بالحب والتسامح لإخوته، كما سامح المسيح البشرية، ومات عنها وفداها على الصليب. وسمعت البشرية لسانًا جديدًا لم تعرفه هو الحب المبذول على الصليب، الحب بلا مقابل، وعطاء حتى الموت حتى تتغير البشرية، وتتجدد في المسيح.



ع6: «أَبْعَدْتُ مِنَ الْحِمْلِ كَتِفَهُ. يَدَاهُ تَحَوَّلَتَا عَنِ السَّلِّ.

السل:
هي السلة وجمعها السلال التي يوضع فيها الخضروات أو الفاكهة، أو التراب، أو الرمل...

تحدثنا هذه الآية عن عمل الله مع شعبه في مصر، إذ حررهم من السخرة التي سخرهم بها المصريون، فكانوا يحملون أحمالًا ثقيلة على أكتافهم لبناء المدن، ولم يعودوا يحملون السلال المملوءة بالطين اللازم لعمل الطوب، فخرجوا إلى برية سيناء وعاشوا في حرية. وهكذا أيضًا حررنا المسيح من عبودية الخطية، وأثقالها، ونتائجها بفدائه لنا على الصليب



ع7: فِي الضِّيقِ دَعَوْتَ فَنَجَّيْتُكَ. اسْتَجَبْتُكَ فِي سِتْرِ الرَّعْدِ.
جَرَّبْتُكَ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ. سِلاَهْ.

يذكر الله شعبه أنه عندما تضايق لما طارده فرعون، وكل جيشه، وانحسر بين جيش فرعون والبحر الأحمر، صرخ إلى الله فنجاه من أيدي المصريين، إذ أجاز ريحًا شرقية في البحر الأحمر، وشق البحر، وعبر بنو إسرائيل، عندما ضرب موسى البحر (خر 14: 21)، ووصلوا إلى برية سيناء، أما فرعون وكل جيشه فقد غرق في البحر الأحمر، فاستجابة الله لصلوات شعبه كانت قوية، وفوق تخيل البشر. فعمل الله كان مستترًا وراء صوت العاصفة، أو الرعد الذي شق البحر الأحمر فهذا عمل معجزي لله أنقذ به شعبه من الموت، وحرره من عبودية مصر، فخاف الله وعبده موسى.

ولكن بعد عبور البحر الأحمر عال الله بني إسرائيل الله في برية سيناء بالماء والمن والسلوى، وحفظهم من الأعداء، ورغم هذا شكوا فيه، وجربوه عند ماء مريبة، وتذمروا عليه، فغضب الله عليهم، وحرم موسى وهارون من دخول أرض كنعان. فالله يعاقبهم على ضعف إيمانهم رغم معجزاته الكثيرة معهم.

تنتهي هذه الآية بكلمة سلاه وهي وقفة موسيقية للتأمل في قوة الله وعنايته ومحبته لأولاده.

† انظر إلى عناية الله بك طوال حياتك، واشكره، وسبحه حتى يمتلئ قلبك فرحًا، وتفيض عليك مراحم الله أكثر وأكثر.


(2) عصيان وفقدان النعمة (ع8-16):



ع8: «اِسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأُحَذِّرَكَ. يَا إِسْرَائِيلُ، إِنْ سَمِعْتَ لِي!


ينادي الله شعبه الذي جربه وشك فيه في مريبة ويقول لهم "يا شعبي"؛ ليذكرهم أنهم أولاده، وهو راعيهم وأبوهم السماوي. وقد أسماهم "إسرائيل" لأنهم يطيعونه ويسمعون كلامه. ولكن إن عصوه ورفضوا طاعته يفقدون بنوته ورعاية الله لهم. فهو يتكلم هنا بحسم ويحذرهم، حتى لا ينحرفوا عنه إلى عبادة الأوثان، وكل ما يتصل بها من شهوات شريرة.



ع9، 10: لاَ يَكُنْ فِيكَ إِلهٌ غَرِيبٌ، وَلاَ تَسْجُدْ لإِلهٍ أَجْنَبِيٍّ.
أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ، الَّذِي أَصْعَدَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَفْغِرْ فَاكَ فَأَمْلأَهُ.

إفغر:
افتح

ينهى الله أولاده عن عبادة الأوثان، وكل الآلهة الغريبة؛ لأنهم يؤمنون بالله إلههم الواحد القادر أن يشبعهم بفيض كثير، إن فتحوا أفواههم وطلبوا منه أن يعولهم. فهذا يبين احتياجهم وإيمانهم. وهو هنا يؤكد الوصية الأولى من الوصايا العشر (خر 20) التي ينساها الشعب أحيانًا، كما فعل أباؤهم إذ عبدوا الأوثان، وتركوا الله. وهذا يحدث حتى يومنا هذا عندما يعتمد الإنسان على قوى وشهوات العالم، ولا يتكل على الله، فهو بهذا يعبد آلهة أخرى وينسى الله.



ع11: فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي، وَإِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي.

يتكلم الله بحزن عن بنى شعبه الذين رفضوا أن يسمعوا وصاياه، وساروا وراء أفكارهم وأفكار العالم الشريرة، فابتعدوا عن الله، مع أن لهم اسم أنهم شعب الله، وهم في الحقيقة يرفضونه، فهم بهذا لا يعجبهم الله، ولا يرضون به، ويفضلون عليه العالم وشهواته. فهذا جحود، وقسوة قلب سقط، ويسقط فيها أولاد الله حتى اليوم.

حدث هذا الرفض من شعب الله له عندما تجسد المسيح، وكرز بين اليهود بني جنسه، ورفضوه، وصلبوه.



ع12: فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، لِيَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ.

إذ رأى الله إصرار الشعب على الشر، وقساوة قلبه، أى تكبره ورفضه سماع صوت الله، تخلى عنهم، وتركهم يذوقون نتيجة قساوة القلب، والمؤامرات الشريرة التي يدبرونها، لعلهم إذا تألموا من نتائجها يتوبون، وإن تمادوا في الشر مثل فرعون يهلكون في البحر الأحمر. والله لا يقسي قلب أحد، بل يتركه لقساوة قلبه.

ترك الله اليهود لقساوة قلوبهم ومؤامراتهم الشريرة، ولأنهم قالوا ليس لنا ملك إلا قيصر، وصلبوا المسيح، أرسل قيصر تيطس القائد الروماني الذي دمر أورشليم وقتل اليهود عام 70 م.



ع13، 14: لَوْ سَمِعَ لِي شَعْبِي، وَسَلَكَ إِسْرَائِيلُ فِي طُرُقِي،
سَرِيعًا كُنْتُ أُخْضِعُ أَعْدَاءَهُمْ، وَعَلَى مُضَايِقِيهِمْ كُنْتُ أَرُدُّ يَدِي.

يوضح الله أن سبب معاناة شعبه هي رفضهم سماع كلامه، والسلوك في طرقه، أي وصاياه. لكن لو خضع الشعب لله، لتدخل ونصرهم على أعدائهم سريعًا، ورد على رؤوسهم تعديهم على شعبه. فالله يبين هنا:

اهتمامه بحرية الإنسان فهي ضرورية لخلاصه..

أهمية الجهاد الإنساني "سمع، سلك" لنوال نعمة الله والنصرة.

تأكيد الحقيقة المعروفة بأن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد (غل 6: 7). فإن سمع الإنسان وسلك في وصايا الله ينتصر على أعدائه، وإن لم يسمع ويعمل تناله ضيقات كثيرة، فلا يلوم الله بل يلوم نفسه إن أتت عليه الضيقة.



ع15: مُبْغِضُو الرَّبِّ يَتَذَلَّلُونَ لَهُ، وَيَكُونُ وَقْتُهُمْ إِلَى الدَّهْرِ.

الأشرار الذين يبغضون الله، ويرفضون طاعته إذا سمح الله لهم بضيقات، وتذللوا فيها ولكنهم أصروا على قساوة قلوبهم، فإنهم يلقون في العذاب الأبدي، أي يحيون ويكون كل وقتهم في العذاب، وإذا تظاهروا بالتذلل ليخدعوا الله، فبالطبع الله لا يُخدع ويجازيهم عن شرهم بالعذاب الأبدي.

هذه الآية يمكن تفسيرها تفسيرًا آخر، وهي أن مبغضى الرب إذا تذللوا في توبة، ورجعوا إلى الله، فإن وقتهم، وحياتهم إلى الأبد تكون مع الله في السعادة الأبدية.



ع16: وَكَانَ أَطْعَمَهُ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ،
وَمِنَ الصَّخْرَةِ كُنْتُ أُشْبِعُكَ عَسَلًا».

الحنطة:
القمح

يواصل الله كلامه عن أولاده إن أطاعوا وصاياه، يفيض عليهم بركاته، فيعطيهم القمح بوفرة، ويكون مشبعًا لهم، ويعبر عن ذلك بقوله "دسم". وكذلك يرويهم بالماء من الصخرة، ولعطشهم يشعرون بحلاوة الماء كأنه عسل، أي أن الله يعول شعبه بغني وفيض كثير.

الحنطة والصخرة هي المسيح، وهو يعطينا جسده، ودمه الذي هو شحم الحنطة، وأقواله المروية لنفوسنا وحلوة مثل العسل.

† تمسك بوصايا الله بدقة مع بداية يومك؛ ليقود حياتك في الطريق المستقيم، ويشبعك، ويملأ قلبك سلامًا، فتحيا في فرح كل أيام حياتك.





المزمور الثَّانِي والثمانون
الله القاضي العادل


مزمور لآساف

"الله قائم في مجمع الله" (ع1)


مقدمة:

كاتبه آساف كبير المغنين أيام داود.

هذا المزمور ضمن مزامير آساف التي توضح شرور بني إسرائيل، ويحاول آساف علاجها.

يدعو هذا المزمور القضاة أن يحكموا بالعدل، وينصفوا المظلومين، ويتشبهوا بالله العادل.

كان يردد هذا المزمور في العبادة اليهودية يوم الثلاثاء كما تذكر الليتورجية اليهودية، ويعتبر ضمن الناموس اليهودي لأن المسيح أشار إليه وقال عنه لليهود أنه مكتوب في ناموسكم (يو8: 17)

يشير هذا المزمور إلى الحكم الظالم الذي حكمه اليهود على المسيح، فهو نبوة عما فعله اليهود بالمسيح، ويعتبر من هذه الناحية من المزامير المسيانية.

يتشابه هذا المزمور مع مزامير (مز 50، 75، 81) في أن كاتبها هو آساف، وأيضًا نرى فيها الله يتكلم بنفسه كقاض عادل.

هذا المزمور غير موجود بالأجبية.


(1) دعوة للقضاء العادل (ع1- 4):



ع1: اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسْطِ الآلِهَةِ يَقْضِي:

الله قائم في مجمع الله ويقصد السماء حيث يقف أمامه الملائكة والقديسون. ويدعوهم أيضًا آلهة: لأنهم أخذوا من روحه وهو الإله الحي. فهو تكريم وتعظيم منه لخليقته. والكل خاضع له، ويقضي بالعدل. فهذا مثال للقضاء الحق؛ ليقتضي به قضاة الأرض.

مجمع الله هم أيضًا شعبه الذين أعطاهم وصاياه، وشريعته وقد دعاهم مجمع الله؛ لأنهم وحدهم الذين يؤمنون به وسط العالم. ودعاهم أيضًا آلهة كنوع من التكريم لهم، وكما فسر المسيح في العهد الجديد وأعلن أن الله يدعو أبناء شعبه آلهة إكرامًا لهم (يو 10: 34). وقد يكون المقصود بالآلهة الرؤساء في بني إسرائيل.

كلمة الله هنا أصلها في العبري ألوهيم وهي بالجمع وتعني بالطبع الثالوث المقدس.



ع2: «حَتَّى مَتَى تَقْضُونَ جَوْرًا وَتَرْفَعُونَ وُجُوهَ الأَشْرَارِ؟ سِلاَهْ.

جورًا:
ظلمًا

يعاتب الله قضاة بني إسرائيل الذين يقضون بالظلم، أي يظلمون الأبرياء، وينصفون الأشرار الظالمين، أي يدعوهم لوقف هذا القضاء الظالم، والرجوع إلى العدل الإلهي والقضاء المستقيم. وفعل الظلم أمر شرير، ولكن أشر منه القضاء بالظلم؛ لأنه تقنين وتثبيت الظلم، فبتمادى الشرير في ظلم الأبرياء، ويشجع الآخرين في السقوط في خطية الظلم، واغتصاب حقوق الأبرياء.

تنتهي هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية ليراجع الإنسان نفسه في الظلم الذي يسقط فيه، أو الأحكام الغير عادلة ليتوب عنها.



ع3، 4: اِقْضُوا لِلذَّلِيلِ وَلِلْيَتِيمِ. أَنْصِفُوا الْمِسْكِينَ وَالْبَائِسَ.
نَجُّوا الْمِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ أَنْقِذُوا.

يطالب الله القضاة أن يشفقوا على الإنسان الضعيف، مثل الذليل، واليتيم، والفقير؛ إذ يكفيه ما يعانيه من متاعب في الحياة، فيحتاج للقاضى الذي ينصفه وينجيه من يد الظالم، فلا يصح أبدًا أن نضيف لما يعانيه من متاعب، ظلمًا أيضًا في القضاء. ولأن الضعيف ليس له سند فيكون القاضى صورة لله تساند هذا الضعيف وتنصفه.

هاتان الآيتان نبوة عن المسيح، الذي أخلى ذاته آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس؛ أي له صورة الضعف، ولكن للأسف قضاة بني إسرائيل، وكهنته ورؤساءه ظلموه، وحكموا عليه بالموت، مع أنه بار وقدوس.

† لا تتسرع في الحكم على الآخرين، ولا تتأثر عاطفيًا بكلام من حولك فتكرم من تحبهم على حساب الآخرين. كن عادلًا وتكلم بما يرضي الله، فيقضي الله لك أيضًا بالعدل، ولا يدع الناس تظلمك. فالله يرحم من يرحم غيره، ويتخلى عن الظالمين فيظلمهم الناس.


(2) انحراف القضاة (ع5-8)



ع5: «لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. فِي الظُّلْمَةِ يَتَمَشَّوْنَ.
تَتَزَعْزَعُ كُلُّ أُسُسِ الأَرْضِ.

إن القضاة الظالمين غير العادلين قد انغمسوا في خطاياهم، وتمشوا فيها كمن يعيش في الظلمة، وبالتالي لا يرى شيئًا، فهو لا يعلم ولا يفهم. وهو جاهل بإرادته، إذ يرفض أن يكون مع الله فيستنير ويقضي بالعدل. وبهذا الظلم الذي يحكم به القضاة الأشرار يزعزعون أساسات الأرض؛ لأن المظلومين سيصرخون إلى الله العادل الذي أسس الأرض على العدل، وهم بشرهم غيروا النظام الإلهي.

هذه الآية أيضًا نبوة عن المسيح الذي قضى عليه اليهود بالظلم، فصلبوه وانغمسوا في الجهل الروحي، فصاروا لا يعلمون ولا يفهمون الحق المعلن لهم، ولم ينتبهوا عندما تزعزعت الأرض وتزلزلت أثناء صلب المسيح.



ع6: أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ.

يعاتب الله القضاة فيقول لهم أنا دعوتكم آلهة وبني العلى، أي رفعتكم لمكانة عالية، حتى أنكم تعملون عمل الله، فالله وحده هو الديان للأرض كلها: أي أني أعطيتكم سلطان القضاء للناس، ودعوتكم أبنائي، فكيف تقضون قضاءً شريرًا وتظلمون الناس وتحابون؟

إن كان الله قد أكرم القضاة والرؤساء، ودعاهم آلهة وبني العلى، فكان من الغريب أن يتضايق اليهود من المسيح لأنه أعلن أن الله أبوه. فإن كان القضاة آلهة وبنو العلى فبالأولى المسيح، الذي ظهر كمعلم له سلطان، وصانع لمعجزات لم يفعلها أحد بهذه القوة.

تجسد المسيح ليرفعنا إليه، فهو أخذ الذي لنا، أي جسدنا، وأعطانا الذي له، أي بركات وأعمال لاهوته، مثل القضاء، فهكذا صرنا كلنا آلهة نقدم ذبائح شفاهنا أمام الله في صلوات وتسابيح، وبنى العلى بسلوكنا الروحي، بل أعطانا سلطانًا على العالم لندينه بسلوكنا المستقيم دون أن ندري، وسلطانًا أيضًا في بعض المواقف، مثلما كان موسى إلهًا لفرعون (خر 7: 1) أي يأمره بأوامر الله فيخضع فرعون.



ع7: لكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ».

إذا نسى القضاة مركزهم العظيم الذي وهبهم الله إياه، ولم يقضوا بالحق؛ فإنهم يموتون في خطاياهم، ويسقطون في ذل مثل الرؤساء الذين سقطوا، وماتوا شر ميتة، الذين منهم شاول الملك، الذي حل عليه روح نجس ومات في الحرب مع الفلسطينيين، وكذلك فرعون أيام موسى الذي غرق في البحر الأحمر، وأيضًا الملائكة الذين سقطوا من السماء، أي الشياطين وكانوا رؤساء من رتبة الشاروبيم.



ع8: قُمْ يَا اَللهُ. دِنِ الأَرْضَ، لأَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَلِكُ كُلَّ الأُمَمِ.

حيث أن القضاة تركوا الحق وحكموا أحكامًا ظالمة، فلم يعد هناك حل إلا أن يتدخل الله بنفسه ويقوم، بعد أن كان ساكتًا؛ ليدين أحكامهم الظالمة، وشرورهم؛ لأن الله هو مالك الأرض كلها، فينقذ أولاده المظلومين، ويعيد إليهم حقوقهم. والقصص كثيرة عن تدخل الله لإنصاف المظلومين مثل إخراجه لبني إسرائيل من مصر، وإنقاذ داود من يد شاول.

هذه الآية نبوة عن المسيح، الذي يقوم من الأموات بعد إتمام الفداء، ثم يأتي ليدين الأرض كلها في يوم الدينونة العظيم.

† تذكر أنك ابن الله بالتبني؛ لتسلك حسنًا بحسب وصايا الله، فتكون نورًا للعالم، وملحًا للأرض.




 
قديم 13 - 06 - 2024, 10:40 AM   رقم المشاركة : ( 163308 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





اِصْغَ يَا شَعْبِي إِلَى شَرِيعَتِي. أَمِيلُوا آذَانَكُمْ إِلَى كَلاَمِ فَمِي.

الله يخاطب شعبه بني إسرائيل، ويطلب منهم أن يصغوا، أي ينصتوا باهتمام، ويميلوا آذانهم باتضاع إلى كلامه، وشريعته، فالكلام هو كلام الله الذي أعطاه لموسى والأنبياء، ولذا فهو أهم كلام، ويحتاج إلى إصغاء باتضاع، لنقبل ونفهم كلام الله.

تتكلم هذه الآية بروح النبوة عن المسيح، الذي ينادى رسله، وكهنته، وخدامه، بل وكل شعبه ليسمعوا كلمات العهد الجديد التي تكمل ما قاله في العهد القديم، كما أعلن في العظة على الجبل (مت 5 –7).

 
قديم 13 - 06 - 2024, 10:43 AM   رقم المشاركة : ( 163309 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَفْتَحُ بِمَثَل فَمِي. أُذِيعُ أَلْغَازًا مُنْذُ الْقِدَمِ.

الله يخبر شعبه عن طريق الكاتب بكلامه عن طريق أمثال، لأن المثل يوضح الفكرة بطريقة عملية، فيكون قريب إلى القلب، كما فعل المسيح في العهد الجديد، بالإضافة لاتخاذ الله أنبيائه وسيلة لإعلان وتوضيح كلامه من خلال ما يفعلونه، ليكونوا مثلًا قدام شعبهم كما حدث مع إرميا وحزقيال، وهوشع .... والمثل يصعب على الإنسان أن يرفضه، أما الكلام المباشر فقد يرفضه؛ لأنه يظهر أخطاء سامعيه بوضوح.

أيضًا الله يعلن كلامه بألغاز، والمقصود أنه بالإضافة للكلام المفهوم البسيط المعطى عن طريق مثل، سيعطى الله أيضًا كلامًا عميقًا يصعب إدراك كل ما فيه، فيدرك الإنسان بعضًا من معانى كلام الله، إذ يجد نفسه أمام ألغاز، يكتشف تدريجيًا كلما قرأها معان جديدة، فيحيا بها ويشبع. وكلمة الألغاز المكتوبة هنا معناها في الأصل العبري الأسرار، أي أن كلام الله مملوء معانى عميقة مثل الأسرار، يكشفها للإنسان تدريجيًا.

 
قديم 13 - 06 - 2024, 10:51 AM   رقم المشاركة : ( 163310 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,262

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الَّتِي سَمِعْنَاهَا وَعَرَفْنَاهَا وَآبَاؤُنَا أَخْبَرُونَا.
لاَ نُخْفِي عَنْ بَنِيهِمْ إِلَى الْجِيلِ الآخِرِ، مُخْبِرِينَ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ
وَقُوَّتِهِ وَعَجَائِبِهِ الَّتِي صَنَعَ. أَقَامَ شَهَادَةً فِي يَعْقُوبَ، وَوَضَعَ شَرِيعَةً
فِي إِسْرَائِيلَ، الَّتِي أَوْصَى آبَاءَنَا أَنْ يُعَرِّفُوا بِهَا أَبْنَاءَهُمْ،
لِكَيْ يَعْلَمَ الْجِيلُ الآخِرُ. بَنُونَ يُولَدُونَ فَيَقُومُونَ وَيُخْبِرُونَ أَبْنَاءَهُمْ،
يعلم الجيل الآخر بنون يولدون فيقومون ويخبرون أبناءهم.

الأخبار التي يريد أن يعلنها لنا كاتب المزمور قد سمعها وعرفها من الأباء الأولين لشعب الله، وأخبر الأباء أبناءهم بها، والأبناء بدورهم علموها لأولادهم؛ حتى وصلت إلى جيل كاتب المزمور. وهذه الأخبار تحوى التعليم بتسبيح الله وعبادته، وتمجيده على أعماله القوية وعجائبه مع شعبه.

الله أقام خيمة الشهادة، أي خيمة الإجتماع التي تحوى تابوت عهد الله في وسط شعبه نسل يعقوب، وأعطاهم أيضًا شريعته ليحيوا بها. وعندما يذكر "يعقوب" يقصد به الذي تعقب أخيه، وأمسك به، ويرمز للجهاد الروحي. وعندما يذكر "إسرائيل" يقصد الذي رأى الله في فنوئيل (تك 32: 31). فهو يدعو شعبه إلى التمسك بالجهاد، فينالون نعمة رؤية الله. فالله يحب شعبه ويعلن نفسه لهم، ويسكن في وسطهم بخيمة الاجتماع، ويريد أن يريهم ذاته إن جاهدوا روحيًا، وتمسكوا بوصاياه وشرائعه. كل هذا قد كمل في العهد الجديد عندما تجسد المسيح، وولد وسط شعبه اليهود، وأراهم نفسه بآيات وتعاليم عظيمة، ليؤمنوا به ويخلصوا.

يوضح كاتب المزمور أن المؤمنين بالله مسئولون أن يخبروا أبناءهم، أي الأجيال التالية، ويعرفوهم من هو الله، ووصاياه، وشرائعه، ليخبروا أيضًا أبناءهم، ويعلموهم إياها حتى يأتي ملء الزمان، ويتجسد المسيح، ويتمم خلاصنا على الصليب، ويذهب الرسل، وكل خلفائهم الكهنة والخدام، ليبشروا العالم، وينقلوا الإيمان من جيل إلى جيل حتى اليوم. وهذا التعليم والتسليم هو ما نسميه التقليد المقدس، أي التعليم الشفاهى بالإيمان وكيف نحياه، الذي تسلمناه من الآباء ونعطيه لأولادنا من بعدنا ويطلق عليه بولس الرسول الوديعة (2 تى 2: 2).


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 01:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024