06 - 06 - 2024, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 162831 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تيقن داود وهو في منفاه من وجه أبشالوم أن الله هو ملجأه، وقوته، تمنى أن يسكن في مسكن الله، أي هيكله إلى الأبد. وليس المقصود بالطبع أن يقيم داخل القدس، أو قدس الأقداس، ولكن يقيم بجوار هيكل الله، كما يعنى الأصل العبري للكلمة، حتى يستطيع أن يقدم عبادة دائمة لله. بل أنه من محبته لبيت الله تمنى أن يسكن قلبه، أي يتمتع طوال حياته بسكنى الله فيه. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:35 PM | رقم المشاركة : ( 162832 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تمنى داود أن يحميه الله بستر جناحيه، فلا يستطيع أحد أن يؤذيه؛ لأن الله يحوطه برعايته، ومحبته، كما كان الكاروبين ينشرون أجنحتهم على غطاء تابوت عهد الله، لذا كان يسمى الغطاء كرسى الرحمة، وكان مجد الله يظهر على غطاء التابوت. أي أن داود يتمنى أن ينال مراحم الله عندما يظلل عليه بجناحيه. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:54 PM | رقم المشاركة : ( 162833 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور التَّاسِعُ والستون الله مخلص المتضايقين لإمام المغنين . على السوسن . لداود "خلصني يا الله لأن المياه قد دخلت إلى نفسي..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي. 2. متى كتب؟ عندما كان داود هاربًا من وجه ابنه أبشالوم، ثم قامت الحرب بينهما، ومات أبشالوم، وقبل أن يرجع داود إلى عرشه. فكان يحيا ويتذكر آلامه التي مرَّ بها وما زال يعانى منها، وهو غريب عن عرشه في أورشليم. 3. هذا المزمور يرنم على السوسن وهو: أ- لحن خاص. ب- آلة موسيقية تشبه زهرة السوسن. 4. يعتبر من المزامير المسيانية لأنه يتكلم بوضوح عن آلام المسيح. 5. يتشابه هذا المزمور مع مزمور 22 في الحديث عن آلام المسيح. 6. اقتبس من هذا المزمور آيات كثيرة في العهد الجديد، فهو من أكثر المزامير التي اقتبس منها (مت27: 35، مر15: 24، يو15: 25، اع1: 20، رو15: 3). 7. تصلى أجزاء كثيرة من هذا المزمور في الصلاة على الراقدين في صلاة الثالث. 8. لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية. (1) ضيق وظلم (ع1-4): ع1: خَلِّصْنِي يَا اَللهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي. يشعر داود أن الأحزان زادت عليه، فصارت مثل مياه ارتفعت حتى غطت جسمه كله إلى عنقه وكادت تغرقه. لذا يطلب الخلاص من الله؛ ليرفع عنه هذه الأحداث، إذ كان سبطه يهوذا متقاعس عن إرجاعه إلى عرشه، في الوقت الذي كان ينبغى عليه أن يكون أول الأسباط المهتم بهذا؛ لأن أورشليم تقع في سبط يهوذا، وباقى الأسباط كانت تريد إرجاعه، وأصبح هناك صراع متوقع بين الأسباط وبين سبط يهوذا. كل هذا وداود مطرود غريب عن مدينته أورشليم، وبعيدًا عن تابوت عهد الله، ومتألم بسبب ما فعله أبشالوم به، وخيانة الكثيرين له. لذا طلب من الله أن يخلصه من كل هذه المتاعب النفسية، بالإضافة للمتاعب الجسدية، إذ أنه لا يحيا مكرمًا كملك. هذه الآية نبوة عن المسيح الذي تجمعت عليه الأحزان في الأسبوع الأخير من حياته، وخاصة عندما كان يصلى في بستان جثسيماني قبل القبض عليه. هذه الآية نبوة أيضًا عن السبي البابلي، فهذه هي مشاعر اليهود عند سبيهم. وهي نبوة أيضًا عن يونان النبي، فهذه هي مشاعره وهو في بطن الحوت. ع2: غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي. حمأة: طين أسود. السيل: تيار مياه شديد. يصور داود مدى آلامه كأنه قد غرق في طين عميق، ولا يجد مكانًا تستقر عليه قدماه، بل يغوص بلا نهاية، أي أنه معرض للهلاك. ثم يصور نفسه أيضًا وقد دخل في مياه عميقة، وغطته تيارات مياه قوية، فكاد يغرق، هكذا أيضًا أحزانه وآلامه، خاصة وأنه لا يجد مخرجًا منها ولا سند يستند عليه، ولم يعد أمامه إلا الله مخلصه. هذه أيضًا نبوة عن المسيح، وهو في الأسبوع الأخير من حياته غارقًا في أحزانه وآلامه من أجل فداء البشرية. ع3: تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلهِي. كلت: تعبت. يعبر داود عن أوجاعه الكثيرة التي شملت كل أعضائه، فقدماه لا تجد لها مستقرًا كما في الآية السابقة، وكذلك في هذه الآية نجد أن حلقه قد تعب وجف ولم يعد قادرًا على مواصلة الصراخ. أما عيناه فقد تعبت من كثرة التطلع إلى الله، وهو متأنى لا يستجيب. فهذه الآية تعبر عن مدى أحزان داود، وحاجته الشديدة لله. وهي نوع من التوسل والإلحاح على الله ليتحنن عليه. لعل هذه الآية تصور جزءً من آلام المسيح على الصليب، حيث جف حلقه، إذ قال: أنا عطشان، وكلت عيناه وهو يحمل كأس غضب الله عن البشرية، ويطلب أن تعبر عنه الكأس فلا تعبر، وتمم الفداء ليفدينا بحبه العجيب. ع4: أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي بِلاَ سَبَبٍ. اعْتَزَّ مُسْتَهْلِكِيَّ أَعْدَائِي ظُلْمًا. حِينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ. يبين داود كثرة الذين ظلموه، وأبغضوه، فيقول أنهم أكثر من شعر رأسه، وأنهم حاولوا استهلاكه بشرورهم الكثيرة ليتخلصوا منه، وهو في كل هذا مظلوم لم يفعل شرًا، ورد لهم ما لم يخطفه وهو عرش الملك؛ لأن الله هو الذي مسحه بيد صموئيل، وأقامه الشعب ملكًا. أما الذين قاموا على داود فكثيرون يصعب حصرهم، مثل شمعى بن جيرا وأخيتوفل. تنطبق هذه الآية أيضًا على المسيح الذي قام عليه شعب اليهود والكتبة والفريسيون، وحاولوا اصطياده في أخطاء فعجزوا، ورد ما لم يخطفه، إذ صلب كذبيحة إثم عنا مع أنه لم يخطئ، ورد آدم الذي خطفه الشيطان وأسقطه في الخطية، فأعاده إلى الفردوس. † إذا كنت تعانى من آلام وأحزان فاعلم أن مسيحك قد تألم قبلًا عنك، وهو غير مخطئ، فاطلب معونته فيسندك، بل ويعوضك عما احتملته ببركات وفيرة. (2) توبة واحتمال (ع5-12): ع5: يَا اَللهُ أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي، وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ. إن كان داود قد أعلن في الآيات السابقة أنه مظلوم، وتعرض لمتاعب كثيرة، ولكنه يعود فيعترف بحماقته وذنوبه. وليس هناك تعارض بين هذه الآية والآيات السابقة، لأنه لا يوجد إنسان بلا خطية، سواء خطايا إرادية ولو قليلة، بالإضافة إلى الخطايا التي يعملها بدون معرفة وبجهل. وهذا يبين أمرين: تدقيق داود وتوبته عن كل خطية. اتضاع داود في إعلان ضعفه بقوله حماقتى؛ لأنه إن كان الله ينسب حماقة لملائكته فبالأولى البشر يسقطون في حماقات مختلفة. ع6-8: لاَ يَخْزَ بِي مُنْتَظِرُوكَ يَا سَيِّدُ رَبَّ الْجُنُودِ. لاَ يَخْجَلْ بِي مُلْتَمِسُوكَ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي مِنْ أَجْلِكَ احْتَمَلْتُ الْعَارَ. غَطَّى الْخَجَلُ وَجْهِي. صِرْتُ أَجْنَبِيًّا عِنْدَ إِخْوَتِي، وَغَرِيبًا عِنْدَ بَنِي أُمِّي. فيما كان داود يتألم ويحتمل آلام الطرد من أورشليم والتعرض للموت أشفق قلبه على كل المؤمنين بالله، والذين يرون في الملك داود قدوة لهم لئلا يتشككوا في طريق البر ويتركوا الله. فهو متمتع برعاية الله له وفى شبع روحي، ولكن بأبوة عجيبة يشفق على أولاده أي شعبه لئلا يعثروا مما يلى: أ - الخزي والعار الذي غطى داود في هروبه حافى القدمين من وجه أبشالوم، وتعيير الناس له، مثل تعيير شمعى بن جيرا (2 صم16: 7، 8). ب - عامله إخوته اليهود باحتقار بل بعداوة واعتبروه كأنه أجنبى وغريب عنهم، وقاموا في جيش كبير ليهلكوه هو وكل من معه. هذه الآيات تنطبق على المسيح الذي احتمل عار وخزى الصليب والاتهامات الزور التي وجهت إليه، ولكنه يطلب من الآب ألا يسمح أن يتشكك كل من ينتظرون المسيا الآتي؛ حتى إذا رأوه في ضعف لا يشكون فيه، بل يتعلمون منه الاحتمال، ومحبة المسيئين. ع9: لأَنَّ غَيْرَةَ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي، وَتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ. إن كان داود مطرودًا من أورشليم لكن قلبه متعلق ببيت الرب، أي الخيمة التي فيها تابوت العهد، وهو يغار على بيت الرب غيرة حسنة ويخشى أن يسئ الأشرار إلى هذا البيت، بل هو مشتاق أن يكون بجوار بيت الرب كل يوم؛ ليقدم عبادة مقدسة لله. كل من يقاوم الله وامتلأ قلبه بالشر عيَّر داود وقاومه؛ لأنه يسلك بالاستقامة، بالإضافة إلى أن كل من كان يقاوم الله، أو يعيره كان يحزن داود؛ لأن داود تعلق بالله، ولا يريد أن يسئ أحد إلى اسم الله. غيرة بيت الله أكلت قلب المسيح، فطرد الباعة من الهيكل، وقال "بيتى بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (مت21: 13) بالإضافة إلى احتماله تعييرات، واتهامات كثيرة من اليهود والكهنة. كل هذا قبله لأجل خلاصنا وفدائنا. ع10، 11: وَأَبْكَيْتُ بِصَوْمٍ نَفْسِي، فَصَارَ ذلِكَ عَارًا عَلَيَّ. جَعَلْتُ لِبَاسِي مِسْحًا، وَصِرْتُ لَهُمْ مَثَلًا. مسحًا: ملابس خشنة تلبس للتذلل أمام الله. يوضح داود ما احتمله من أتعاب الجهاد الروحي وهو : أ - البكاء بالصلوات أمام الله تحمل معنى التوبة، وطلب المعونة والخلاص. ب - الصوم والتذلل أمام الله، ولكن أعداء داود اعتبروا بكاءه وصومه ضعفًا وعارًا، ولكنه لم يهتم بآرائهم،وتمسك بجهاده من أجل الله. ج - لبس المسوح وتذلل أمام الله بعد سقوطه في الخطية مع امرأة أوريا الحثى، وبعدما ولدت له طفلًا ومرض وتعرض للموت (2 صم12: 16، 17). د - صار داود لمن حوله مثلًا يستهزئون به واحتملهم. وكان مثلًا ورمزًا للمسيح. كل هذا يبين مدى أمانة داود في جهاده الروحي، واحتماله تعييرات أعدائه. هاتان الآيتان نبوة عن المسيح الذي حزن على أورشليم (مت23: 37) وصام أربعين يومًا، ولبس جسدنا فكان له كالمسح، وصار مثالًا للهزء والعار عند صلبه؛ كل هذا احتمله من أجل خلاصنا. ع12: يَتَكَلَّمُ فِيَّ الْجَالِسُونَ فِي الْبَابِ، وَأَغَانِيُّ شَرَّابِي الْمُسْكِرِ. بعد أن كان داود الملك الجالس على العرش والقاضى الذي يحكم شعبه، تحول إلى إنسان مطرود من المدينة، يحكم عليه الشيوخ الجالسين بجوار الباب في ساحة المدينة، أي صار في ضعف ومتهم تفحص حالته، مع أنه في الحقيقة برئ، وأكثر من هذا بدأ السكارى يستهزئون به بأغانى مملوءة سخرية. هذه الآية نبوة عن المسيح الذي اتهمه الكتبة والفريسيون ورؤساء الكهنة باتهامات زور كثيرة، وحاكموه في نهاية حياته على الأرض، واستهزأ به الجند السكارى بالخطية، فتطاولوا على رب المجد الذي بلا خطية. † إن كنت معرضًا للسقوط في خطايا متنوعة، فعلى الأقل قدم توبة بجهاد وتذلل أمام الله، فيرفعها عنك، بل يعزى قلبك، ويعيدك إلى أحضانه. (3) طلب الخلاص (ع13-21): ع13: أَمَّا أَنَا فَلَكَ صَلاَتِي يَا رَبُّ فِي وَقْتِ رِضًى. يَا اَللهُ، بِكَثْرَةِ رَحْمَتِكَ اسْتَجِبْ لِي، بِحَقِّ خَلاَصِكَ. أمام كل الضيقات التي واجهت داود، لم يستطع إلا أن يوجه صلاته لله باتضاع، وتذلل. وهذا ما يطلبه الله ليرضى على الإنسان؛ لأنه يحب المتضعين الصارخين إليه، وتفيض عليهم مراحمه ويستجيب لهم. المسيح أيضًا صلى في بستان جثسيماني باتضاع وحرارة، ثم قدم ذاته ذبيحة على الصليب من أجلنا؛ كل هذا أرضى الآب، واستجاب له، وقبل ذبيحته، وبموته فدانا ونلنا مراحم عظيمة. ع14، 15: نَجِّنِي مِنَ الطِّينِ فَلاَ أَغْرَقَ. نَجِّنِي مِنْ مُبْغِضِيَّ وَمِنْ أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ. لاَ يَغْمُرَنِّي سَيْلُ الْمِيَاهِ، وَلاَ يَبْتَلِعَنِّي الْعُمْقُ، وَلاَ تُطْبِقِ الْهَاوِيَةُ عَلَيَّ فَاهَا. يطلب داود من الله أن ينجيه من الطين حتى لا يغوص ويغرق فيه، ومن المياه فلا يسقط إلى أعماقها، فيغرق. والمقصود بالطين والماء هم الأشرار الذين يبغضون داود، ويحاولون إهلاكه مع إنه برئ. وطلبه النجاة يتضمن أيضًا أن يحفظه الله في البر فلا ينساق مع الأشرار في شرهم. وبالتالي في النهاية لا يدخل في الهاوية وتغلق فمها عليه، أي لا يخرج منها إلى الأبد، فهو له رجاء بالمسيا المنتظر الذي هو قادر أن يخرجه من الهاوية، ويرفعه إلى الفردوس. تنطبق هاتان الآيتان على المسيح، فيقصد بالطين والماء الخطايا التي حملها المسيح من أجلنا، أي خطايا البشرية كلها، وبسببها صلب ومات، ونزل إلى الهاوية أي الجحيم. ولكن لم تستطع الهاوية أن تمسك به، بل أخرج آدم وبنيه، وكل من مات على الرجاء، وأصعدهم إلى الفردوس. ع16-19: اسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ لأَنَّ رَحْمَتَكَ صَالِحَةٌ. كَكَثْرَةِ مَرَاحِمِكَ الْتَفِتْ إِلَيَّ. وَلاَ تَحْجُبْ وَجْهَكَ عَنْ عَبْدِكَ، لأَنَّ لِي ضِيْقًا. اسْتَجِبْ لِي سَرِيعًا. اقْتَرِبْ إِلَى نَفْسِي. فُكَّهَا. بِسَبَبِ أَعْدَائِي افْدِنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ عَارِي وَخِزْيِي وَخَجَلِي. قُدَّامَكَ جَمِيعُ مُضَايِقِيَّ.مضايقي. يتضرع داود إلى الله ليشمله بمراحمه؛ لأنه يعانى من آلام خطاياه، وآلام مضايقة أعدائه له، فيلح على الله ليستجب له. وهو يشعر بضعفه وعدم استحقاقه ولكن رجاءه مراحم الله. من شدة ندم داود يترجى الله ألا يحجب وجهه عنه، إذ يشعر أنه خاطئ جدًا، ولا يستحق محبة الله ورعايته، بل يشعر أن الخطية قيدته ومحتاج أن يفكه الله منها، ويحرره، بل يفديه، أي يرفع خطاياه عنه. فهو يؤمن بالمسيح الفادى الآتي في ملء الزمان، ويثق أيضًا أن الله عالم بكل شئ؛ بخطاياه ومضايقة أعدائه له. فيطلب بإيمان منه أن يتدخل ويرحمه ويرفع عنه كل هذه الآلام. هذه الآيات عن المسيح الذي حمل خطايانا على صليبه، ويطلب من الآب أن يرفعها عنه، معبرًا عن شناعة الخطية، وضيقه منها، كما طلب في بستان جثسيماني أن تعبر عنه كأس الآلام. ع20، 21: الْعَارُ قَدْ كَسَرَ قَلْبِي فَمَرِضْتُ. انْتَظَرْتُ رِقَّةً فَلَمْ تَكُنْ، وَمُعَزِّينَ فَلَمْ أَجِدْ. وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا، وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلاُ. علقمًا: نبات شديد المرارة. يعبر داود عن معاناته من العار الذي لحق به عندما طرده أبشالوم، بل واضطجع مع نسائه على سطح قصره أمام كل الشعب، فكان هذا العار ثقيلًا على داود حتى أنه مرض. وانتظر داود تراجع من أبشالوم، ولكن وجد حتى مشيريه مثل أخيتوفل يقفون ضده، فلم يجد تعزية، ولا مشاعر رقيقة، فمن أجل كل هذه الآلام يطلب مراحم الله. أما المسيح فكان عار الصليب ثقيلًا عليه، واجتاز المعصرة وحده ولم يجد تعزية، ولا مشاعر رقيقة من أحد؛ بل حتى في عطشه سقوه خلًا ممزوجًا بالمرارة والعلقم. وهذه الآية (ع21) تنطبق على المسيح، وتنطبق رمزيًا على داود، إذ احتمل آلامًا تشبه مرارة العلقم. † إن الخطية تقيد حياتك فلا تنبهر بجمالها، ولا تنزلق جريًا وراء لذتها، وإن سقطت فيها أسرع إلى الله بتذلل، فهو رحيم، وأب حنون مستعد أن يقبل توبتك ويحررك منها، فتعود إلى بنوتك الأولى لله. تمسك بصلواتك وقراءاتك، وفوق الكل أسرار الكنيسة، فتظل ثابتًا في حرية مجد أولاد الله. (4) عقاب الأشرار (ع22-28): ع22: لِتَصِرْ مَائِدَتُهُمْ قُدَّامَهُمْ فَخًّا، وَلِلآمِنِينَ شَرَكًا. شركًا: مصيدة أو فخ. لقد سبب الأشرار متاعب كثيرة للبار فأعطوه مرًا وخلًا ليشرب (ع21)؛ لذا فيقول هنا نبوة عما سيحدث لهم؛ ويقصد اليهود الذين قاموا على المسيح وصلبوه، فتصير مائدتهم فخًا. أي أن خيراتهم تشغلهم، وتبعدهم عن الله. وكما يضع الصياد طعامًا ليسقط الحيوان في شبكته، هكذا إبليس يستخدم مائدتهم وانشغالاتهم المادية لتبعدهم عن الله، ويسمح الله بهذا لأنهم أصروا على خطيتهم، وهي تعذيب البار، والمقصود بالبار المسيح، أو داود الذي يرمز إليه. وفيما هم مطمئنين آمنين يقعون في الشرك. لقد استعان اليهود بالرومان وسلطانهم فصلبوا المسيح، ولكن الرومان صاروا لهم فخًا، فحاصروا أورشليم ودمروها عام 70 م. وقد أوضح بولس الرسول أن هذه الآيات نبوة عن اليهود الذين صلبوا المسيح (رو11: 9، 10). إن الكتاب المقدس هو الطعام الروحي، فاليهود لم يفهموا الكتاب المقدس، وكل نبواته عن المسيا، فرفضوا يسوع المسيح، أي صارت كلمة الله لهم فخًا، فقاموا على المسيح وصلبوه. واستمروا في تقديم الذبائح بعد أن أتم المسيح الفداء على الصليب، فصارت مائدتهم، أي مذبحهم الذي يقدمون عليه ذبائحهم، فخًا يبعدهم عن الإيمان بالمسيح الذبيح الحقيقي عنا، الذي ترمز إليه هذه الذبائح. ع23: لِتُظْلِمْ عُيُونُهُمْ عَنِ الْبَصَرِ، وَقَلْقِلْ مُتُونَهُمْ دَائِمًا. متونهم: ظهورهم. إن كان البار قد كلَّت عيناه من انتظار الرب بكثرة ما يعانيه من الأشرار (ع3)، فالله يعاقب الأشرار بأن تظلم عيونهم فلا يبصرون، أي يفقدون القدرة على التمييز. فاليهود لم يميزوا أن يسوع هو المسيا المنتظر، مع أنه بعد المسيح لم يظهر نبى واحد في شعب اليهود؛ لأن الأنبياء كانوا يمهدون الطريق، ويتنبأون عن المسيا المنتظر، بل أن عيونهم اظلَّمت ساعة الصليب عندما صارت ظلمة على الأرض كلها. الإنسان عندما يتعب في العمل يشعر بآلام في ظهره، فيحتاج إلى النوم والراحة، أما الأشرار فتظل ظهورهم في ألم واضطراب دائم؛ لأن قلقهم الداخلي يسبب لهم آلامًا جسدية، وهؤلاء الأشرار، مثل اليهود الذين جلدوا المسيح على ظهره وصلبوه، عاشوا بعد هذا مضطربين. هذه الآيات قد تبدو أنها تمنى الشر للأشرار، ولكن داود هنا يقرر حقائق ونبوات عن اليهود الذين سيصلبون المسيح. إنه إنذار قبل الحدث بمئات السنين لعلهم يتوبون. ع24، 25: صُبَّ عَلَيْهِمْ سَخَطَكَ، وَلْيُدْرِكْهُمْ حُمُوُّ غَضَبِكَ. لِتَصِرْ دَارُهُمْ خَرَابًا، وَفِي خِيَامِهِمْ لاَ يَكُنْ سَاكِنٌ. سخطك: غضبك الشديد. يتنبأ داود عن اليهود الذين صلبوا المسيح وعن يهوذا الاسخريوطى، وعن الأشرار في يوم الدينونة، فيطلب من الله أن يعاقبهم بغضبه الشديد، ويخرب بيوتهم فلا يكون لهم راحة ولا استقرار. وهذا ما حدث في خراب أورشليم عام 70 م، وكذلك في موت يهوذا ميتة شنيعة. أما يوم الدينونة فالعقاب لا يمكن تخيله من فظاعته. كل هذا ليضع مخافة الله في قلوب الكل؛ ليتوبوا ويرجعوا إلى الله، فيرفع غضبه عنهم. ع26: لأَنَّ الَّذِي ضَرَبْتَهُ أَنْتَ هُمْ طَرَدُوهُ، وَبِوَجَعِ الَّذِينَ جَرَحْتَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ. سمح الله أن يضرب داود أي يعانى من آلام؛ ليتشدد، ويصير قويًا وقادرًا على حكم وقيادة بلاده كملك. ولكن شاول قام عليه، وطارده وحاول قتله، فشاول بشره حقق مشيئة الله وهي ضرب داود، ولكنه يحاسب ويعاقب على شره. والذين شاركوا داود وهو مطرود من وجه شاول هم أيضًا تعرضوا لنفس متاعب الطرد من وجه شاول ومحاولة قتلهم فهم يتحدثون بوجع، أي بحزن عن كل ما لاقوه من مطاردات شاول لهم. تنطبق هذه الآية على المسيح الذي سر الآب أن يسحقه بالحزن (أش53: 10) فضربه بحمل خطايا العالم المرة على الصليب. واليهود طردوه من بينهم بمحاولة اصطياده بكلمة، ومحاولة قتله التي انتهت بصلبه. وتلاميذ المسيح وكل تابعيه تعرضوا لآلام واضطهادات كثيرة من اليهود،وهم يحدثوننا بوجع عن كل هذه الاضطهادات، كما يظهر من سفر أعمال الرسل وتاريخ الكنيسة. ع27، 28: اِجْعَلْ إِثْمًا عَلَى إِثْمِهِمْ، وَلاَ يَدْخُلُوا فِي بِرِّكَ. لِيُمْحَوْا مِنْ سِفْرِ الأَحْيَاءِ، وَمَعَ الصِّدِّيقِينَ لاَ يُكْتَبُوا. يطالب داود الله أن يجمع آثام الأشرار الذين يضطهدون الأبرار. إذ أن الأشرار تمادوا في شرهم، وأساءوا ليس فقط للبار، بل لتابعيه. يطلب أيضًا داود أن يعاقب هؤلاء الأشرار بعدم الدخول في بر المسيح، أي ينالون فداءه، وبالتالي لا يدخلون الملكوت، بل يلقون في العذاب الأبدي. فلا يكتب اسمهم في سفر الحياة، أي لا يكون لهم نصيب مع المسيح، وبالتالي يحرمون من شركة القديسين. † لا تتهاون مع الشر فإن إلهك طويل الأناة وكثير المراحم وهو أيضًا عادل، ويجازى عن كل فكر وكلمة وعمل شرير. لا تتحدى الله بخطاياك، بل على العكس ارجع إليه بالتوبة والاتضاع فيقبلك. ولا تنزعج من ضعفك فإنه يحب الضعفاء ويساندهم، وينقذهم من كل خطية. (5) تسبيح الله مخلص أولاده (ع29-36): ع29: أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَكَئِيبٌ. خَلاَصُكَ يَا اَللهُ فَلْيُرَفِّعْنِي. بعد كل الآلام التي قابلها داود لم يرد عليها بأية إساءة، فلم يقابل العنف بالعنف، ولكنه احتملها باتضاع ومسكنة روحية، وغطى وجهه علامات الألم والاكتئاب. وعندما قبل هذه الآلام من أجل الله، باركه ببركات روحية كثيرة. أولها مذكور في هذه الآية، وهو خلاصه الذي يرفع داود من آلامه، أي أن داود آمن بالله المخلص، فارتفع قلبه، وعاش على الرجاء. وبالفعل خلصه الله من يد شاول، ثم من يد أبشالوم، ومن يد كل إنسان يريد أن يسئ إليه. ورجاء داود الأكبر كان في المسيح الآتي في ملء الزمان ليرفعه من الجحيم إلى الفردوس. فقد عاش داود على الرجاء، فارتفع قلبه فرحًا. ع30، 31: أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِتَسْبِيحٍ، وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. فَيُسْتَطَابُ عِنْدَ الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْرِ بَقَرٍ ذِي قُرُونٍ وَأَظْلاَفٍ. يستطاب: يصبح تقدمة طيبة يرضى الله عنها. أظلاف: أظافر. البركة الثانية التى يهبها الله لأولاده الأبرار المحتملين الآلام من أجله هي أن يسبحوه، ويعظموه، ويشكروه على خلاصه. وهذا التسبيح له قيمة عظيمة في نظر الله؛ لأنه تسبيح رغم ما عانوه من آلام، ولأنهم تذوقوا واختبروا عشرة الله من خلال الضيقة، فسبحوه ومجدوه. وهذا التسبيح قيمته في نظر الله أعظم من جميع الذبائح الحيوانية، والتقدمات حتى لو كانت الذبيحة كبيرة مثل ثور بقر. ع32، 33: يَرَى ذلِكَ الْوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ، وَتَحْيَا قُلُوبُكُمْ يَا طَالِبِي اللهِ. لأَنَّ الرَّبَّ سَامِعٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلاَ يَحْتَقِرُ أَسْرَاهُ. البركة الثالثة التى يهبها الله للأبرار المحتملين الآلام هي الفرح، إذ تبتهج قلوبهم بعشرة الله وعمله فيهم، وإنقاذه لهم من أعدائهم. أما البركة الرابعة فهى الحياة مع الله، وهم على الأرض، ثم الحياة الأبدية في الملكوت. فهو يهبها لكل من يعانى الآلام، ويلتجئ إلى الله بطلبات كثيرة، فهو يعتبر طلباتهم ويستجيب لها، ويحررهم من عبودية العالم إن كانوا مستعبدين، ومن عبودية الخطية، فيحيون معه، ويتمتعون بعشرته، ومن أسر الجسد، فيخلعونه، وينطلقون بالروح، ويفرحون في السماء. وايضًا كل من تعلق بالله وصار أسيرًا لحبه، مثل بولس الرسول (فل1: 1) ليتمتع بالحياة مع الله. ع34-36: تُسَبِّحُهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، الْبِحَارُ وَكُلُّ مَا يَدِبُّ فِيهَا لأَنَّ اللهَ يُخَلِّصُ صِهْيَوْنَ وَيَبْنِي مُدُنَ يَهُوذَا، فَيَسْكُنُونَ هُنَاكَ وَيَرِثُونَهَا. وَنَسْلُ عَبِيدِهِ يَمْلِكُونَهَا، وَمُحِبُّو اسْمِهِ يَسْكُنُونَ فِيهَا. البركة الخامسة هى تسبيح الخليقة كلها لله، مشاركة البار الذي احتمل الآلام لأجل الله، فيرى كل الخليقة حوله تشاركه التسبيح؛ السموات وكل ما فيها من ملائكة، والأرض وكل ما عليها من بشر وحيوانات، ونباتات، وكذلك البحار وكل الحيوانات التي تتحرك وتدب فيها، كل هذه تسير في نظامها خاضعة لله، فتنقاد وراء الإنسان المخلوق الأعظم قائد التسبيح لله. البركة السادسة هى هبة الخلاص لصهيون ويهوذا والساكنين فيها، وذلك من خلال الخلاص الذي يتم في ملء الزمان للمسيح الفادى، حينما يؤسس كنيسته في كل مكان، فيجد أولاده السكن والاستقرار فيها، ويحيون لله، ليس فقط في هيكل واحد في العالم، أي في أورشليم، بل في كل مكان. فالمسيح وإن كان قد خرج خلاصه من أورشليم لكنه ينشر كنائسه في كل العالم، ويسكن فيها الأبرار الذين احتملوا الآلام بشكر وظلوا يطلبون الله، وكل أسرى حبه، كما ذكرنا في الآيات السابقة (ع32، 33). ويتمتع أيضًا الأبرار الذين ساروا في طريق آبائهم الأبرار بالحياة في الكنيسة، التي هي أيقونة السماء، أو صهيون الجديدة، وأورشليم السمائية. † إن عطايا الله لك متجددة كل يوم، فأقل شيء أن تشكره وتسبحه، فيفرح قلبك وتتمتع بعشرته، ويتعلق قلبك بملكوت السموات. المزمور السبعون خلاص الأبرار وخزي الأشرار لإمام المغنين لداود للتذكير "اللهم إلى تنجيتي يا رب. إلى معونتي أسرع" ع1 مقدمة: كاتبه: هو داود النبي. متى كُتب؟ عندما كان داود معرضًا لتجربة شديدة، ولعلها كانت مطاردات شاول له، أو طرد أبشالوم له، أو أية تجربة أخرى. نرى في العنوان كلمة للتذكير، أي تذكير الله ليتدخل لحاجة داود الشديدة له. هذا المزمور يناسب كل إنسان في ضيقة؛ ليتقوى، ويزداد تمسكه بالله. هذا المزمور ليتورجى، أي يصلى في صلاة جماعية، وغالبًا وقت تقديم البخور في القدس. من جهة المعنى يعتبر هذا المزمور امتدادًا للمزمور (69) ومقدمة للمزمور (71)، فهذه المزامير الثلاث تطلب الخلاص من الله بسبب الضيقة الشديدة. يوجد تشابه شديد بين هذا المزمور ومزمور (40) إذ أن الآيات الخمسة في المزمور 70 تتكرر في الآيات (مز40: 13-17) مع اختلافات لفظية قليلة لا تغير المعنى العام لكل آية. يوجد هذا المزمور في صلاة باكر في الأجبية؛ لأن المصلي يبدأ يومه بطلب معونة الله، حتى يواجه أية ضيقات يمكن أن تقابله. ملحوظة: راجع تفسير (مز40: 13-17) الموجودة بالجزء العاشر من الموسوعة الكنسية. ونقدم لك أيها القارئ هنا تفسيرًا مختصرًا لكل آية. ع1: اَلَّلهُمَّ، إِلَى تَنْجِيَتِي. يَا رَبُّ، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ. كان داود في معاناة شديدة في تجربته، فطلب النجاة من الله، بل الإسراع إلى معونته، فهذا يعنى إيمانه بالله، وشعوره بحاجته الشديدة له، ومعاناته الصعبة التي لا يستطيع احتمالها؛ لذا طلب سرعة النجدة من الله. ع2: لِيَخْزَ وَيَخْجَلْ طَالِبُو نَفْسِي. لِيَرْتَدَّ إِلَى خَلْفٍ وَيَخْجَلِ الْمُشْتَهُونَ لِي شَرًّا. آمن داود بأن الله سيخلصه من أيدي أعدائه، وبالتالي سيغطيهم الخزي. وكذلك من يشتهون أذية وهلاك داود سيخافون، ويرجعون إلى الوراء أمام قوة الله المنقذة لداود. ع3: لِيَرْجعْ مِنْ أَجْلِ خِزْيِهِمُ الْقَائِلُونَ: «هَهْ! هَهْ!». عندما يخزى الذين يريدون إهلاك داود، والمشتهون أذيته يتراجعون، حينئذ سيخزى أيضًا، ويتراجع كل الذين شمتوا بداود، واستهزأوا به عندما كان يعانى من تجربته، ورفعوا أصواتهم عليه بالهزء قائلين هه هه. ع4: وَلْيَبْتَهِجْ وَيَفْرَحْ بِكَ كُلُّ طَالِبِيكَ، وَلْيَقُلْ دَائِمًا مُحِبُّو خَلاَصِكَ: «لِيَتَعَظَّمِ الرَّبُّ». على الجانب الآخر يدعو داود كل الأبرار المتمسكين بالله أن يبتهجوا ويفرحوا بخلاص الله الذي نالوه، ثم يمجدوا الله ويعظموه. وهكذا يقضى أولاد الله أيامهم، فرحين بالخلاص، ممجدين اسم الله القدوس. ع5: أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَفَقِيرٌ. اَللَّهُمَّ، أَسْرِعْ إِلَيَّ. مُعِينِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. يَا رَبُّ، لاَ تَبْطُؤْ. يعلن داود في نهاية المزمور اتضاعه واحتياجه أمام الله، فيطلب معونة الله وخلاصه الدائم له؛ لأن العدو الشيطان لا يهدأ أبدًا، ويكرر هجماته، ويثير الأشرار ضد من يسلك في وصايا الله، فيحتاج داود لحماية الله الدائمة. † ثق أن إلهك ينتظر صلواتك ليستجيب لك؛ لأنه يحبك، وقد مات عنك على الصليب، فلا تتوانى في طلب معونته، وعندما تزداد الضيقات عليك اصرخ إليه، واثقًا أنه يحفظك وينجيك فتمجده. المزمور الحَادِي والسبعون "شكر الله الملجأ" "بك يا رب احتميت فلا أخزي إلى الدهر ..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: أ- هذا المزمور من المزامير اليتيمة، أي التي لا يعلن كاتبها في عنوانها، ولكن ينسب كثير من الآباء هذا المزمور لداود. ب- يرى البعض أن كاتبه هو إرميا النبى لتشابه أسلوبه مع أسلوب إرميا وكذلك الأحداث التي مرت بإرميا (ع20). 2. متى كتب؟ إذا كان كاتبه داود فيكون في أواخر حياته، عندما طرده أبشالوم، أو أي ضيقات قابلته في شيخوخته. 3. لمن كتب؟ يوجد في الترجمة السبعينية في عنوان المزمور "لداود. مزمور تغنى به أبناء يوناداب". ويوناداب هذا هو ابن ركاب، أي نسل الركابين الذين تمسكوا بتعاليم أبيهم في عدم شرب الخمر وعدم بناء بيوت، أو غرس كروم (إر 35: 5 - 10) أي كانوا يحيون متكلين على الله. 4. يوجد أيضًا في عنوان هذا المزمور في الترجمة السبعينية "وللذين اقتيدوا للسبى"، ومعنى هذا أن المزمور يتنبأ عن فترة السبي والآلام التي عاناها شعب الله، وهو ذاهب للسبى (ع20). 5. يتشابه هذا المزمور مع مزمور (31) في مقدمته، ويتشابه مع مزمور 35 في ختامه. فنجد (ع 1-3) يشبه (مز 31: 1-3) وأيضًا الآيات في (ع 23، 24) تشبه (مز 35: 26-28) 6. هذا المزمور مملوء بمشاعر الإيمان بقوة الله المساند لأولاده، ويدعو من يقوله إلى الشكر والتسبيح، فهو يناسب كل إنسان يعبر بضيقة ليتقوى إيمانه ومحبته لله. 7. لا يوجد هذا المزمور في صلاة الأجبية. (1) الله حصني وصخرتي (ع1-8): ع1: بِكَ يَا رَبُّ احْتَمَيْتُ، فَلاَ أَخْزَى إِلَى الدَّهْرِ. يتكلم كاتب المزمور عن خبرة إيمانية، فقد طلب حماية الله، فوجد معونة كبيرة، وبالتالي ارتفع على أعدائه. ولم يخز، أي لم يهمله الله، بل على العكس خزى أعداؤه. وهذا يؤكد قوة إيمانه الذي يحيا به طوال حياته. وتظهر هذه الآية أيضاَ أبوة الله ورعايته الذي لا يترك أولاده إلى الأبد، فهو يحفظهم في هذه الحياة، ويمتعهم في الحياة الأخرى. ع2: بِعَدْلِكَ نَجِّنِي وَأَنْقِذْنِي. أَمِلْ إِلَيَّ أُذْنَكَ وَخَلِّصْنِي. إذ تأكد داود من قوة الله التي تسانده طلب منه أن ينقذه من الضيقة التي يمر بها. وطلب داود من الله أن ينقذه بعدله وهذا يظهر داود بعدل الله، وبراءته من التهم التي يوجهها إليه أعداؤه. طلب داود من الله أن يميل أذنه إليه يظهر أمرين: أ- إعلان داود ضعفه، إذ صوته ضعيف. ب- ثقة داود في حنان الله واتضاعه، فيميل أذنه ويتنازل فيقترب إليه. وقد كمل هذا في تجسد المسيح في ملء الزمان، إذ نزل إلينا من السماء، ليفدينا ويحيينا. ع3: كُنْ لِي صَخْرَةَ مَلْجَأٍ أَدْخُلُهُ دَائِمًا. أَمَرْتَ بِخَلاَصِي لأَنَّكَ صَخْرَتِي وَحِصْنِي. يطلب داود من الله أن يكون حصنًا له، أي مكان قوى جدًا يدخل إليه، ويحتمى، فلا يستطيع أحد أن يؤذيه. وهذا يبين إيمان داود بقوة الله، وفى نفس الوقت احتياجه الشديد له. العجيب هو إيمان داود بعد هذه الطلبة، إذ وثق أن الله سمعه، وسيستجيب له، ويخلصه ويحميه، فقال بصيغة الماضى "أمرت بخلاصى" أي أنه مؤمن بأن الله استجاب، وأمر، ويبقى فقط تنفيذ أمره الإلهي الذي لابد أن يتم، ولا يستطيع أحد أن يقاومه. هذه الآية تتكلم أيضًا عن الصخرة التي رافقت شعب الله في البرية، وأعطتهم الماء، ليشربوا والتي هي رمز للمسيح كما أعلن لنا العهد الجديد (تث8: 15). ع4: يَا إِلهِي، نَجِّنِي مِنْ يَدِ الشِّرِّيرِ، مِنْ كَفِّ فَاعِلِ الشَّرِّ وَالظَّالِمِ. يطلب داود من الله أن ينقذه من الشرير، وهو الشيطان، ومن فاعل الشر، وهو كل من يطيع أفكار إبليس، ويؤذى غيره، ومن الظالم، وهو من يغتصب حق غيره، ويسلك بأنانية على حساب الآخرين. فداود يثق في يد الله القادرة أن تخلصه من كف الأشرار؛ لأن يد الله أقوى من كل البشر لذا فهو يطلب بثقة، فينال طمأنينة. ع5: لأَنَّكَ أَنْتَ رَجَائِي يَا سَيِّدِي الرَّبَّ، مُتَّكَلِي مُنْذُ صِبَايَ. إن كل طلبات داود من الله مستندة على أمرين: أ- أن الله رجاؤه وليس البشر، أو الماديات، لذا فهو يطلب منه كل احتياجاته، ولا ييأس أبدًا مهما ضاقت به الأمور. ب- أنه متكل على الله منذ أن وعى وفهم، أي عندما كان صبيًا، فهو له خبرة طويلة في الاتكال على الله، تعطيه طمأنينة وسط الضيقات. ع6: عَلَيْكَ اسْتَنَدْتُ مِنَ الْبَطْنِ، وَأَنْتَ مُخْرِجِي مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي. بِكَ تَسْبِيحِي دَائِمًا. يوضح داود هنا أن الله هو سنده حتى وهو جنين، وعند خروجه من البطن، فالله هو الذي كونه في بطن أمه، وهو الذي أخرجه مولودًا من بطن أمه، ثم بالتالى يتعهده طوال حياته، ولذا فهو يتكل عليه. فالله هو العارف منشأة فيستطيع أن يقوده ويرشده في كل خطواته. ومن أجل كل هذه الرعاية يسبحه، ويشكره كل حين. والآيات (ع 5، 6) في هذا المزمور تشبه (مز 22: 9، 10) وتشبه أيضًا كلام إرميا النبي (إر 1: 5). ع7: صِرْتُ كَآيَةٍ لِكَثِيرِينَ. أَمَّا أَنْتَ فَمَلْجَإِي الْقَوِيُّ. إذ احتمل داود آلامًا كثيرة واجتاز في ضيقات، ولكن الله انقذه، فصار مثالًا وقدوة، وأعجوبة لعمل الله العظيم في البشر، أي صار نورًا للعالم ليقتدى به الأبرار، فيلتجئون إلى الله الملجأ الحصين في كل ضيقة، ليتمتعوا بعمله العجيب فيهم. وداود هنا رمزٌ للمسيح الذي أتم كل بر، واحتمل الآلام وحده على الصليب لأجل خلاصنا، وعلى مثاله يسلك كل أولاده، كما قال بولس الرسول "صرنا منظرا للناس والملائكة" (اكو4: 9-13). أي كما أن المسيح كان نورًا للعالم هكذا أيضًا أوصى تابعيه أن يكونوا نورًا للعالم. ع8: يَمْتَلِئُ فَمِي مِنْ تَسْبِيحِكَ، الْيَوْمَ كُلَّهُ مِنْ مَجْدِكَ. بعد أن تذوق المرنم عمل الله في الضيقات، تعلق قلبه بمحبة الله، ونسى آلام الضيقات، وأصبح شغله الشاغل تمجيد الله طوال يومه. وهكذا انتقل من الحزن إلى الفرح وهذا من أهم بركات التسبيح. † إذا قابلت ضيقات في حياتك، فأسرع وانظر إلى الله ملجأك، واطلب معونته، فيجتاز بك وسط الضيقات، وتفرح بعشرته، فيرتفع قلبك بتسبيحه وشكره. (2) تسبيح الله المعين (ع 9-16): ع9: لاَ تَرْفُضْنِي فِي زَمَنِ الشَّيْخُوخَةِ. لاَ تَتْرُكْنِي عِنْدَ فَنَاءِ قُوَّتِي. يطلب داود من الله أن يظل يحميه، ويسانده في شيخوخته، لأن الشيخوخة يصاحبها ضعف الجسم، وعدم القدرة على محاربة الأعداء، وهذا يثبت أن داود كتب هذا المزمور في أواخر حياته، أي في الستينات من عمره. وقد مات داود في سن السبعين، ومن المعروف وأن داود كان رجل حرب منذ صباه، وكان قائدًا حربيًا في جيش شاول، ثم بعد تملكه. ولكن عندما كبر في السن طلب منه قادة جيشه أن يستريح حتى لا يتعرض للمخاطر في الحرب (2 صم 21: 17). زمن الشيخوخة من الناحية الروحية، هى فترة الفتور والضعف الروحي، ولذا فالإنسان الروحي يطلب من الله أن لا يتركه عند ضعفه وشيخوخته الروحية بل يقيمه ويشجعه. ع10، 11: لأَنَّ أَعْدَائِي تَقَاوَلُوا عَلَيَّ، وَالَّذِينَ يَرْصُدُونَ نَفْسِي تَآمَرُوا مَعًا. قَائِلِينَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ تَرَكَهُ. الْحَقُوهُ وَأَمْسِكُوهُ لأَنَّهُ لاَ مُنْقِذَ لَهُ». انتهز أعداء داود ضعفه بسبب شيخوخته، إذ كانوا يراقبونه دائمًا وقالوا إنه ضعيف فيمكن مهاجمته، ثم ادعوا كذبًا أن الله تركه، ولن ينقذه من أيديهم. وبهذا أوهموا أنفسهم، وحاولوا أن يوهموا داود أنه ضعيف، وبلا سند حتى يخاف. ولكن ظل داود ثابتًا في إيمانه حتى نهاية حياته، بل في آخر حياته، عندما حاول ابنه أدوينا اغتصاب الملك أصدر قرارًا بتمليك سليمان خلفًا له، وتم فعلًا هذا (1 مل1: 29). هاتان الآيتان تنطبقان على المسيح وهو في آلامه الأخيرة، وصلبه، خاصة عندما صرخ وهو على الصليب قائلًا: "إلهى إلهى لماذا تركتنى" (مت 27: 43). كل هذا قاله الشيطان على المسيح، ويردده اليهود الأشرار بعده، ولكن الشيطان فوجئ بعد موت المسيح أنه قبض على الشيطان وقيده، وأطلق المؤمنين من الجحيم، وأصعدهم إلى الفردوس؛ لأن الشيطان كان يظن أنه سيقبض على روح المسيح ويضعها في الجحيم، مثل باقي البشر. فالشيطان يحاول دائمًا محاربة أولاد الله من خلال نقاط ضعفهم، سواء في شيخوختهم، أو في أي وقت آخر؛ ليبعدهم عن الله. ع12: يَا اَللهُ، لاَ تَبْعُدْ عَنِّي. يَا إِلهِي، إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ. لم يكن أمام داود، وهو في ضعف الشيخوخة، وإدعاءات وتهديدات أعدائه إلا أن يلتجئ إلى الله. فطلب منه ألا يبعد عنه، ويظل مساندًا له، ويعينه، وإذ يرى الأعداء أن الله قريب منه يخافون، ويهربون. ع13: لِيَخْزَ وَيَفْنَ مُخَاصِمُو نَفْسِي. لِيَلْبَسِ الْعَارَ وَالْخَجَلَ الْمُلْتَمِسُونَ لِي شَرًّا. لثقة داود في الله يؤمن أنه سيسانده في ضعفه، فيظهر كذب وإدعاءات أعدائه، بل يغطيهم الخزي والخجل والعار، ويصبحون معرضين للفناء، أي يبددهم الله لأجل شرهم. ع14: أَمَّا أَنَا فَأَرْجُو دَائِمًا، وَأَزِيدُ عَلَى كُلِّ تَسْبِيحِكَ. تزايد إيمان داود فأصبح له رجاء مستمر في الله لا يتزعزع مهما كانت الضيقات، أو التهديدات. وأيضًا أمام أعمال الله العجيبة وحمايته لداود تزايد تسبيحه، وشكره لله. إذ بالتسبيح تستنير عينى المسبح، فيرى كل جديد من أعمال الله معه، ويشكره عليها، ثم يزيد الله مراحمه ومساندته لهذا الإنسان الشاكر، فيزداد أيضًا شكره، وتسبيحه. ع15: فَمِي يُحَدِّثُ بِعَدْلِكَ، الْيَوْمَ كُلَّهُ بِخَلاَصِكَ، لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ لَهَا أَعْدَادًا. إذ يرى داود أعمال الله وسط عالم ملئ بالظلم، يتكلم ويعلن عدل الله الذي يرفض كل ظلم، وإن تأنى على الظالمين، واحتمل الأبرار الآلام فترة، ولكنه ينجيهم من أيدي الأشرار، ويخلصهم. وإحساناته عليهم يصعب عدَّها لأنها كثيرة جدًا. هذا ما اختبره داود؛ لأنه قابل ضيقات كثيرة من شاول وأبشالوم ومن كثيرين، ولكن الله أنقذه من أيديهم وتمجد. إن داود يحدث بعدل الله اليوم كله، أي أنه يسبح الله طوال حياته، ويشكره في الضيقة والسعة. ع16: آتِي بِجَبَرُوتِ السَّيِّدِ الرَّبِّ. أَذْكُرُ بِرَّكَ وَحْدَكَ. جبروت: قوة عظيمة. بعد كل هذا التسبيح يشعر داود بثقة كبيرة في نفسه، وبقوة يغلب بها كل أعدائه. هذه القوة يعبر عنها بـ"جبروت"، ولكنه ينسب هذه القوة إلى الله، فهو يمجد الله، ويعلن اتضاعه أمامه، أي لا يسرق مجد الله، والمتضع يهبه الله قوة بلا حدود. لا يسبح داود إلا الله وحده، فهو وحده البار الكامل في بره، وهو لا ينسب المجد لنفسه، ولا لأى إله وثنى، أو آية قوة في العالم، بل إن سبب كل بركة وفضيلة في حياته هي من الله، وجميع أعماله الصالحة أيضًا هي من الله. † على قدر ما تشكر الله وتنسب المجد له، يفرح قلبك بالله، ويفرح الله بك، وتنلذذ حياتك بعشرة الله، وتفيض عليك مراحم كثيرة، بل تستنير عيناك ويكشف الله لك عن أسراره التي تفوق العقل. (3) شكر وإعلان عظائم الله (ع 17 –24): ع17: اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ. يعلن داود عناية الله به، فقد علمه كيف يسلك في طريقه منذ صباه، فتمتع بعشره الله منذ بداية حياته، وتعلم كيف يصلى، ويسبح الله، وإذ تذوق حلاوة التسبيح لم يعد قادرًا على تركه، فصارت الصلاة والتسبيح هى حياته حتى قال "أما أنا فصلاة" (مز109: 4). ع18: وَأَيْضًا إِلَى الشَّيْخُوخَةِ وَالشَّيْبِ يَا اَللهُ لاَ تَتْرُكْنِي، حَتَّى أُخْبِرَ بِذِرَاعِكَ الْجِيلَ الْمُقْبِلَ، وَبِقُوَّتِكَ كُلَّ آتٍ. يكرر داود طلب وجود الله معه في وقت الشيخوخة والشيب، ليس فقط ليعينه في ضعف الشيخوخة، كما ذكر في (ع9)، ولكن أيضًا ليظل قويًا في إيمانه ومحبته لله، فيستطيع أن يخدم ويبشر المحيطين به، أي يحدثهم عن الله القوى، القادر أن يساند أولاده بذراعه القوية، ويعلم كل طفل وصبى أتى إلى العالم كيف يحيا مع الله. وبهذا يظهر اهتمام داود بالتلمذة على يد الله حتى آخر عمره، وأيضًا اهتمامه بتلمذة كل من حوله ليعرفوا الله. ع19: وَبِرُّكَ إِلَى الْعَلْيَاءِ يَا اَللهُ، الَّذِي صَنَعْتَ الْعَظَائِمَ. يَا اَللهُ، مَنْ مِثْلُكَ؟ يصف داود بر الله بأنه عالى وسامى جدًا، فهو أعلى من جميع الآلهة لأنها شياطين، ويظنها الوثنيون آلهة، فهو يصنع عظائم مع أولاده، وليس مثله. فإن كان آدم الأول قد سقط عندما أراد أن يصير عارفًا الخير والشر مثل الله، فداود الذي يرمز للمسيح -آدم الثاني- يعلن أنه ليس مثل الله. إن بر الله هو محبته وأمانته في رعاية أولاده، منذ آدم حتى اليوم، وهو أيضًا تجسده، وبذله نفسه لفداء البشرية. ع20: أَنْتَ الَّذِي أَرَيْتَنَا ضِيقَاتٍ كَثِيرَةً وَرَدِيئَةً، تَعُودُ فَتُحْيِينَا، وَمِنْ أَعْمَاقِ الأَرْضِ تَعُودُ فَتُصْعِدُنَا. يتنبأ كاتب المزمور هنا عن بني إسرائيل في أرض مصر، الذين احتملوا عبودية مرة وأتعاب كثيرة، ولكن الله أعطاهم الحياة من جديد بعبورهم البحر الأحمر وصعودهم إلى برية سينا، وتخلصهم من فرعون وجيشه الذين غرقوا. هذه الآية نبوة أيضًا عن السبي الذي عانى منه شعب بني إسرائيل، ولكن الله أحياهم من جديد، بإرجاعهم من السبي، وإصعادهم إلى أورشليم، ليبنوا الهيكل. هذه الآية كذلك تتنبأ عن المسيح في آلامه وصلبه، ولكنه عاد إلى الحياة بقيامته، وصعد إلى السماوات. وتنطبق أيضًا على كل إنسان يتوب، ويعانى من آلام ترك الخطية، ثم يعود إلى الحياة، فيصعد، ويرتفع فوق كل خطية وشهوة ردية. ع21: تَزِيدُ عَظَمَتِي وَتَرْجعُ فَتُعَزِّينِي. يقرر داود عمل الله مع أولاده، الذين مثالهم هو داود نفسه، فيهبه الله بركات كثيرة، فيتعاظم جدًا ويعزى قلبه بعمل روحه القدوس فيه، ليعوضه عن كل ما احتمله من ضيقات. وهكذا بعد أن احتمل داود مطاردات شاول، ثم أبشالوم. عاد الله فعظمه، وانتصر على كل أعدائه المحيطين به. هذا أيضًا ما يحدث مع كل مؤمن بالمسيح، فبعد أن كان محكومًا عليه بالموت يتمتع بفداء المسيح، ويستعيد عظمته كإنسان، ويسكن فيه الروح القدس؛ ليعزيه كل أيامه. ع22-24: فَأَنَا أَيْضًا أَحْمَدُكَ بِرَبَابٍ، حَقَّكَ يَا إِلهِي. أُرَنِّمُ لَكَ بِالْعُودِ يَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ. تَبْتَهِجُ شَفَتَايَ إِذْ أُرَنِّمُ لَكَ، وَنَفْسِي الَّتِي فَدَيْتَهَا. وَلِسَانِي أَيْضًا الْيَوْمَ كُلَّهُ يَلْهَجُ بِبِرِّكَ. لأَنَّهُ قَدْ خَزِيَ، لأَنَّهُ قَدْ خَجِلَ الْمُلْتَمِسُونَ لِي شَرًّا. ينهى داود المزمور بتسبيح لله، مستخدمًا الآلات الموسيقية، مثل الرباب والعود.فهذا ما يستحقه الله من الإنسان الذي خلقه، من أجل كل بره وقداسته، بل وعطاياه ومساندته لأولاده، وتخليصهم من أعدائهم، فينال الأعداء الخزي والعار. ويرفع أولاد الله ليس فقط ألسنتهم، وشفاهم، بل وأنفسهم بالتسبيح والحمد لله. إن كان حمد الله واجب في العهد القديم على كل أعماله العظيمة مع أولاده، فكم بالأحرى يستحق الشكر والتمجيد في العهد الجديد؛ لأجل فدائه، الذي خلصهم من الشيطان، وأعطاهم الحياة معه، ثم ملكوت السماوات. † ما أعظم التسبيح لله، فهو ليس فقط واجب علينا نحوه، ولكنه أيضًا يبهج قلوبنا، فنحيا في فرح دائم، وتعلق بالحياة الأبدية. المزمور الثَّانِي والسبعون مملكة الله لسليمان "اللهم أعطى أحكامك للملك وبرك لابن الملك..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: أ- سليمان الملك، وقد يكون في ذهنه توصيات أبيه داود له عندما ملكه. ب- هناك رأي آخر بأن كاتبه داود النبي ووجهه إلى سليمان ابنه عندما ملكه؛ ليكون ملكًا حقيقيًا كما يريد الله. 2. يحدثنا هذا المزمور عن مملكة الله وصفاتها وبركاتها، وهو مثال وقدوة لكل الدول والممالك في العالم على مر الأجيال. 3. يتكلم هذا المزمور بوضوح عن المسيح، فهو مزمور مسيانى، ولأن سليمان رمز للمسيح، فهناك آيات لا يمكن أن تنطبق إلا على المسيح (ع8، 11، 17). 4. هذا المزمور ليتورجى، فكان يردد في الكنيسة قديمًا في عيدىّ الميلاد والعماد. 5. بنهاية هذا المزمور ينتهى القسم الثانى من المزامير، كما كان يقسمه اليهود، وهو الذي يشمل (مز 42 - 72). ولذا يلاحظ القارئ أن آخر آيات هذا المزمور تنتهي بكلمة آمين، ثم أمين الليلويا. ثم يضيف بعد نهاية هذا المزمور ويقول "تمت صلوات داود بن يسى"، وذلك لأن كاتب معظم المزامير في هذا الجزء هو داود النبي مثل باقي الأقسام الخمس في المزامير. وليس المقصود أن داود لم يكتب الأقسام التالية، ولكن يقصد فقط انتهاء القسم الثاني. 6. يوجد تشابه بين هذا المزمور والجزء الأخير من سفر الخروج (خر 25 - 40) حيث يكلمنا عن ملك الله على شعبه من خلال خيمة الاجتماع. ويوجد تشابه أيضًا بين هذا المزمور وسفر أشعياء (اش 11: 1-5؛ 60 - 62). 7. هذا المزمور غير موجود بالأجبية. (1) صفات مملكة الله (ع1-7): ع1: اَلَّلهُمَّ، أَعْطِ أَحْكَامَكَ لِلْمَلِكِ، وَبِرَّكَ لابْنِ الْمَلِكِ. يطلب كاتب المزمور وهو سليمان، أو داود للملك وابن الملك في نفس الوقت، وهذا ينطبق على سليمان، وليس على داود، أو شاول الذي سبقه. ويطلب له أمرين هما: 1- أحكامك أي الحكمة وذلك لصغر سن سليمان وهذا الأمر امتدحه الله؛ لأنه لم يطلب غنى،2- أو قوة على الأعداء،3- بل طلب شيئًا يفيده ويفيد شعبه روحيًا وإداريًا. 4- برك والمقصود بالبر العدل والصلاح؛ ليخلص ويحيا مع الله،5- ويكون قدوة لشعبه. هذه الآية تنطبق أيضًا على المسيح، وهو ابن الملك؛ لأنه من نسل داود. فالمسيح هو أقنوم الحكمة، وفيه كمال العدل. ع2: يَدِينُ شَعْبَكَ بِالْعَدْلِ، وَمَسَاكِينَكَ بِالْحَقِّ. يبدأ كاتب المزمور من هذه الآية في سرد صفات الملك، ويقصد الملك سليمان، أو المسيح. وأول صفتين هما العدل والحق، فهو يستخدمهما في حكمه لشعبه. وهذا الشعب هو اليهود، الذين يتصفون بالاتضاع أمام الله، ولذلك يسميهم المساكين، أي المساكين بالروح. إن الملك يدين شعبه الذين هم اليهود، وكذلك المساكين، وقد يكون المقصود بهم الأمم، أي يحكم اليهود والأمم بالعدل والحق. وهذه نبوة عن المسيح الذي يؤمن به الأمم، فيدين ويحكم العالم كله، أي كل البشر الذين آمنوا به من اليهود، أو الأمم. ع3: تَحْمِلُ الْجِبَالُ سَلاَمًا لِلشَّعْبِ، وَالآكَامُ بِالْبِرِّ. الصفتين الثالثة والرابعة هما السلام والبر. ويقصد بالجبال التي تحمل سلامًا العظماء روحيًا، وحياتهم سامية مثل الجبال المرتفعة. هؤلاء مملؤون سلامًا، وفى نفس الوقت قدوة لباقى الشعب. أما الآكام فهم أيضًا الروحانيون الأقل مرتبة من الجبال. وهؤلاء مملؤون برًا وصلاحًا، وهم أيضًا قدوة لغيرهم. ومعنى هذا أن عهد سليمان كان عهد سلام، وأعطى فرصة للروحانيين أن يحيوا مع الله، ويسموا في حياتهم. هذه الآية تنطبق أيضًا على المسيح الذى هو إله السلام، وأعطى السلام لتلاميذه، وشعبه، وكذلك هو البار القدوس، الذي قال "مَنْ منكم يبكتني على خطية" (يو8: 46). الجبال ايضًا ترمز للملائكة والقديسين الذين في السماء، وهم الكنيسة المنتصرة، أما الآكام فترمز للقديسين الأحياء على الأرض، أي الكنيسة المجاهدة. ع4: يَقْضِي لِمَسَاكِينِ الشَّعْبِ. يُخَلِّصُ بَنِي الْبَائِسِينَ، وَيَسْحَقُ الظَّالِمَ. الصفة الخامسة في الملك هي أنه ديان، فينصف المظلوم، ويعاقب الظالم. فيخلص المساكين والبائسين، أي الضعفاء والعاجزين، وفى نفس الوقت يعاقب الظالم بسحقه، أي إبادة قدرته، وتسلطه على المساكين. المساكين والبائسون هم المتضعون، هؤلاء يخلصهم المسيح بدمه على الصليب، أما الظالم وهو الشيطان فيسحقه بأن يقيده، وبعد هذا في يوم الدينونة يلقيه في العذاب الأبدي. ع5: يَخْشَوْنَكَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ، وَقُدَّامَ الْقَمَرِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. الصفة السادسة في الملك هي المخافة، أى يخافه ويخشاه ويحترمه شعبه. وقد كان لسليمان مهابة عظيمة من أجل قوته وعدله، وذكائه الشديد. فكان يدير البلاد على أحسن حال، ولا يستطيع أن يقف أحد قدامه، حتى مقاوميه هربوا، أو كانوا مقيدين عاجزين عن التغلب عليه، والمقصود بالشمس والقمر؛ النهار والليل، أي طوال الليل. تنطبق هذه الآية على المسيح أكثر من سليمان، فهو شمس البر المشرق على كنيسته التي هي القمر، ومخافته في قلوب الكل لأجل سلطانه، إذ كان يتكلم بسلطان وليس كالكتبة والفريسيين (مت7: 29) بالإضافة إلى أن مخافته وملكه يدومان إلى دور فدور، أي إلى الأبد، كما أعلن الملاك للسيدة العذراء (لو 1: 32). ع6: يَنْزِلُ مِثْلَ الْمَطَرِ عَلَى الْجُزَازِ، وَمِثْلَ الْغُيُوثِ الذَّارِفَةِ عَلَى الأَرْضِ. الجزاز: جمع جزة وهي قطعة من الصوف مأخوذة من الغنم. الغيوث: جمع غيث وهو المطر. الذارفة: التى تسيل وتجرى. الصفة السابعة للملك هي التعزية الروحية، فسليمان كان ناجحًا في إدارة بلاده، وكان له سلطان، فخافته الأمم المحيطة، وتعاون معه ليس فقط شعبه، بل أيضًا جيرانه. فصارت بلاده غنية؛ حتى أن الكتاب المقدس أعلن أن الذهب والفضة كانت كالحجارة في أورشليم (2 أي 1: 15). فأفاض خيرًا على الجزاز، أي أورشليم وكذلك على الأرض التي هي كل بلاد بني إسرائيل. بفداء المسيح أعطى الخلاص لكل من يؤمن به من العالم كله، فأفاض بركات الخلاص بالروح القدس على الجزاز الذين هم اليهود الذين تنصروا، وعلى الأرض التي هي الأمم التي آمنت به. الجزاز هو العذراء التي نالت البشرى بالحبل الإلهي لخلاص العالم، والأرض هي العالم كله الذي نال بشارة الخلاص بواسطة الغيوث، الذين هم الرسل والكهنة والخدام. ع7: يُشْرِقُ فِي أَيَّامِهِ الصِّدِّيقُ، وَكَثْرَةُ السَّلاَمِ إِلَى أَنْ يَضْمَحِلَّ الْقَمَرُ. يضمحل: يزول الصفة الثامنة للملك هي واهب الفرح؛ لأن أيام سليمان كانت سلامًا، فأعطت فرصة للصديقين أن ينموا روحيًا، فتمتعوا بعشرة الله، وظلوا في انشغالهم بالله، وعبادته في هيكله، والتعلق به حتى اضمحل القمر، الذى هو سليمان، أي حتى نهاية حياة سليمان. وعندما نطبق هذه الآية على المسيح، فيعنى هذا أن الصديقين ينمون في العهد الجديد بقوة من أجل بركات الخلاص التي ينالونها بالمسيح، ويفرحون، بل يشرقون على غيرهم فيكونون نورًا للعالم، كما أوصاهم المسيح، ويظل الصديقون منيرين طوال حياة الكنيسة على الأرض، والتي يُرمز إليها بالقمر. † تمتع بصفات مملكة الله في كنيسته، واهتم بحضور الكنيسة، ونوال أسرارها، فتحيا مع القديسين السمائيين وأنت على الأرض، وتفرح كل حين بالمسيح الساكن فيك. (2) امتداد مملكة الله (ع8-11): ع8: وَيَمْلِكُ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. الصفة التاسعة للملك هي أن له سلطان عظيم، فقد وهب الله سليمان أن يكون أعظم ملوك عصره، وامتد ملكه من بحر إلى بحر، ومن نهر إلى أقصى الأرض، أي أن مملكته كانت واسعة جدًا، فقد وصلت مملكة بني إسرائيل إلى أقصى اتساعها في أيام داود، وسليمان. ولعل المقصود من بحر إلى بحر، أي من البحر الأبيض غربًا إلى البحر الأحمر جنوبًا، ولعل المقصود بالنهر هو نهر الفرات وإلى أقصى الأرض، أي امتداد شاسع لمملكة سليمان لأن الله باركه. وإذا طبقنا هذه الآية على المسيح، فالمقصود أنه ملك الملوك الذي ملك على الأرض كلها؛ إذ آمن به الكثيرون من شعوب الأرض المختلفة (أع4: 4). ع 9-11: أَمَامَهُ تَجْثُو أَهْلُ الْبَرِّيَّةِ، وَأَعْدَاؤُهُ يَلْحَسُونَ التُّرَابَ. مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً. وَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ الْمُلُوكِ. كُلُّ الأُمَمِ تَتَعَبَّدُ لَهُ. تجثو: تركع وتسجد ترشيش: مدينة تجارية هامة في جنوب أسبانيا، وهي آخر المراكز التجارية المشهورة في العالم القديم، إذ تقع في أقصى غرب العالم. شبا وسبا: بلاد تقع في جنوب شبه الجزيرة العربية. تعاظم الملك سليمان حتى خضعت له الأمم المحيطة به، وحاولوا استرضاءه بتقديم هدايا له؛ إذ كان قويًا، وغنيًا ببركة الله، حتى أن الملوك خافوه. وأتت ملكة سبأ بهدايا كثيرة، وتعجبت عندما نظرت مجده العظيم، أما الذين حاولوا أن يقفوا ضده، عجزوا عن مقاومته، وخضعوا له كما عبرت الآية (ع9) أنهم يلحسون التراب، أي أن سلطانه امتد في الأرض كلها بخضوع الملوك له. هذه الآية منطبقة بوضوح على المسيح الذي هو ملك الملوك، وخضع له ملوك الأرض ورؤساؤها، مثل المجوس، الذين أتوا من المشرق وسجدوا له، وقدموا هدايا، وخضع له بالإيمان كثير من رؤساء وملوك الأرض. † إن تمسكت بوصايا الله يعطيك مهابة في أعين من حولك، ويرون الله فيك فيخضعون لك، أي يحترمونك ويتعلمون منك دون أن تدرى، فلا تتنازل عن مركزك العظيم بالخضوع لشهوات العالم، وكن دائمًا نورًا للعالم. (3) مملكة حب (ع12-14): ع12: لأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ، وَالْمِسْكِينَ إِذْ لاَ مُعِينَ لَهُ. يبين كاتب المزمور صفات الملك المحب، فيوضح محبته لشعبه بصفات كثيرة أولها المُنجى، فهو يهتم بالفقراء، وبصرخاتهم إليه، فيعولهم، وينجيهم من كل آثار الفقر، مثل الإحساس بالحرمان. ويحميهم من السقوط فى السرقة، والتذمر، والتمرد فيعطيهم سلامًا. والصفة الثانية للملك هي أنه المعين للضعفاء والمساكين، فيساندهم في كل احتياجاتهم الروحية، والنفسية، والجسدية. هذه هي صفات الملك سليمان إلى حد كبير، ولكن يظهر كمالها في المسيح ملك الملوك، الذي اهتم وساند كل محتاج، خاصة الذين ليس لهم أحد، مثل مريض بيت حسدا (يو 5: 1-15). ع13: يُشْفِقُ عَلَى الْمِسْكِينِ وَالْبَائِسِ، وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ. الصفة الثالثة للملك المحب هي الإشفاق على المساكين، والبائسين، فقلبه مملوء بالحنان، وليس فقط يساعدهم، ولكنه يترفق بهم، ويتأنى عليهم، كما تحنوا الأم على رضيعها، وبهذا يشجعهم، ويفرح قلوبهم. الصفة الرابعة للملك المحب هي أنه المخلص، فيخلص الفقراء من الفقر، ويشبعهم، وكذلك من آثاره في حياتهم، فيحيوا مطمئنين، ونفسيتهم قوية، وشاكرين الله. ع14: مِنَ الظُّلْمِ وَالْخَطْفِ يَفْدِي أَنْفُسَهُمْ، وَيُكْرَمُ دَمُهُمْ فِي عَيْنَيْهِ. الصفة الخامسة للملك المحب هي أنه الفادى، الذي يفدى شعبه من الظلم، وطمع الآخرين فيهم، الذين يخطفون منهم ممتلكاتهم الصغيرة. وذلك لأن الملك عادل، وقوى، وقادر على حماية شعبه الضعيف. وتكمل هذه الصفة في المسيح الذي فدى شعبه بموته عنه على الصليب وإعطائه حياة جديدة فيه، ونجاه من الظالم الذي هو الشيطان. الصفة السادسة للملك المحب هي أنه يكرم الذين احتملوا الشدائد والضيقات، وماتوا ظلمًا، فيهتم بأجسادهم ومقابرهم، ويظهر برهم، وصلاحهم. وتظهر عظمة هذه الصفة في المسيح الذي يكرم أجساد قديسيه، فيجعل بعضها لا يتحلل، ويشجع شعبه على إقامة أعيادهم وتماجيدهم، وتسمية كنيسته على أسمائهم † ليتك تظهر محبتك لمن حولك خاصة المحتاجين والضعفاء، والعاجزين، ولا تكتف بمساعدتهم، ولكن ابتسامتك وكلماتك الطيبة هم في أشد الاحتياج إليها. وقد يكون هؤلاء المحتاجين للكلمة الطيبة هم أهل بيتك، فلا تنساهم. (4) مملكة مباركة (ع15-19): ع15: وَيَعِيشُ وَيُعْطِيهِ مِنْ ذَهَبِ شَبَا. وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِمًا. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. يتكلم هنا عن بركات الله للملك، فيعيطيه أن يعيش ويحيا، وهذه تحية تقدم للملك حتى الآن "يحيا الملك". ويغنى الله الملك فيقدم له الشعب تقدمات ثمينة، مثل الذهب النقى المأخوذ من بلاد شبا. وقد أغتنى سليمان جدًا، فصار أغنى ملوك عصره. والذهب يرمز للحياة السماوية، أي أن الشعب قدم له، ليس فقط عطايا مادية، بل قلوبهم وحياتهم التي تحيا بوصايا الله، فصارت سامية. كذلك أحب الشعب سليمان الملك، فكان يصلى لأجله دائمًا وذلك لصفاته العظيمة السابق ذكرها، وهذا مفرح لقلب الله، أن يحب الملك شعبه، ويحب الشعب الملك، ويصلون لأجله. يعطى الله للملك بركة دائمة طوال حياته، فكل ما يعمل ينجح فيه. وقد نجحت تجارة، وأعمال سليمان، وعلاقاته بالأمم المحيطة. عندما نطبق هذه الآية على المسيح نجده أنه هو الحي إلى الأبد، وقدم له المجوس هدايا، ذهب، ولبان، ومر. وأظهر الآب محبته وبركته للإبن، حتى أن المؤمنين بالمسيح يصلون باسمه على الدوام، ويباركونه. ع16: تَكُونُ حُفْنَةُ بُرّ فِي الأَرْضِ فِي رُؤُوسِ الْجِبَالِ. تَتَمَايَلُ مِثْلَ لُبْنَانَ ثَمَرَتُهَا، وَيُزْهِرُونَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِثْلَ عُشْبِ الأَرْضِ. حفنة: ملء الكف. بر: حبوب القمح. يبين كاتب المزمور بركة الله مع أولاده، فيكونون مثل حفنة من حبوب القمح تلقى على الجبال، فتنمو وتعطى سنابل حتى على رؤوس الجبال التي يصعب الزراعة عليها لشدة الهواء، ويكون المحصول وفير مثل أشجار لبنان الممتلئة ثمارًا، وتتمايل مع الرياح، وتكون الثمار كثيرة في المدينة وفى الحقل وفى كل مكان، أي أن بركة الله تشمل كل ممتكلات أولاده، الذين تعبوا في إعدادها، الكل يكون مباركًا من الله. تنطبق هذه الآية على الكنيسة التي هي حبة الحنطة، أو حبة الخردل، التي نمت وصارت شجرة عظيمة (مت 13: 32) وأصبح لها ثمارًا في كل مكان، في المدينة وعلى الجبل بنعمة الله، رغم أنها بدأت صغيرة، ولكن انتشرت المسيحية في كل العالم في القرن الأول. ع17: يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. تظهر أيضًا بركة الله للملك في أن يبقى اسمه إلى الدهر، أي خلود نفس سليمان إلى الأبد في الملكوت؛ لأجل صلاحه. وأيضًا تنتشر أخبار عظمته في الأرض كلها في أيامه، أي حيثما تشرق وتضئ الشمس. بالإضافة إلى هذا يصبح الملك سليمان سبب بركة لكل من يتعامل معه. وفى النهاية كل من يعرفه يباركه ويعظمه، ويمجده. تنطبق هذه الآية بوضوح على المسيح الذى هو منذ الأزل وإلى الأبد اسمه عظيم، وممتد في الأرض كلها، وهو مصدر البركة للعالم كله. وفى النهاية يباركه، ويمجده الجميع. ع18: مُبَارَكٌ الرَّبُّ اللهُ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الصَّانِعُ الْعَجَائِبَ وَحْدَهُ. في نهاية المزمور يعلن أن الله يستحق أن نمجده، فهو مبارك من أجل أعماله العظيمة التي عملها؛ سواء في خلقة الإنسان، أو مع كل البشرية، أو مع شعبه بني إسرائيل. فهو الإله الوحيد، المستحق البركة، وليست آلهة الأمم الوثنية، التي هي شياطين. ع19: وَمُبَارَكٌ اسْمُ مَجْدِهِ إِلَى الدَّهْرِ، وَلِتَمْتَلِئِ الأَرْضُ كُلُّهَا مِنْ مَجْدِهِ. آمِينَ ثُمَّ آمِينَ. يُختم المزمور بإعطاء التمجيد لله إلى الدهر، أي إلى الأبد، فهو ممجد من أولاده على الأرض، وكذلك من السمائيين، بل يتمنى كاتب المزمور أن تمتلئ الأرض من مجده، فترتفع القلوب والألسنة في كل مكان تمجد الله. وهذا ما تم فعلًا عند الإيمان بالمسيح، فعاد الكثير من الأمم إلى الله الذي خلقهم، ومجدوا اسمه القدوس بحياتهم، بشفاههم. يرى كثير من الآباء والمفسرين أن الآيتين الأخيرتين من هذا المزمور (ع18، 19) هما تمجيد لله وضع في نهاية الكتاب الثانى من المزامير بحسب تقسيم اليهود، وهو من (مز 42) حتى (مز 72)، أي أن هاتين الأيتين ليستا من المزمور 72، بل ختام عام للكتاب الثاني. نرى أن (ع19) تنتهي بكلمة آمين ثم آمين كما تختم باقي كتب المزامير (الأول، والثالث، والرابع) أما الخامس فلم يكتب فيه هكذا؛ لعدم الحاجة إلى ذلك، لأنه واضح أنه نهاية سفر المزامير كله. † إن بركة الرب عجيبة لأولاده، فهي تغنيك عن كل ما في العالم؛ إذ يكفى أن يكون الله معك، فتجد أن القليل الذي معك يشبعك ويفرحك، وإن احتجت للكثير يعطيك. فتمسك بوصاياه، وإن أخطأت عد سريعًا بالتوبة، فتحتفظ بالبركة معك دائمًا. المزمور الثَّالِثُ والسبعون معاملات الله مع الأشرار والأبرار مزمور لآساف "إنما صالح الله لاسرائيل لانقياء القلب.." (ع1) مقدمة: 1. أ - كاتبه هو آساف رئيس المغنين أيام داود، وهو من سبط لاوى، وكان يساعده إثنان من رؤساء المغنين هما هيمان الأزراحى، وإيثان (ويدعى أيضًا يدوثون) الأزراحى (1 أي 15: 17). وكان آساف يقود التسبيح أمام تابوت العهد في أورشليم (1 اى 16: 4، 5، 7، 37)، أما هيمان وايثان، فكانا يقودان التسبيح أمام الخيمة في جبعون ( 1 أي 16: 41). ب- هناك رأى بأن كاتب هذا المزمور هو داود، وأعطاه لآساف لكي يغنيه. ودعى آساف رائى الملك (1 أي 25: 5)، (2 اى 29: 30، 35: 15). 2. متى كتب؟ أيام داود النبي حينما تعرض آساف لتجربة شخصية كاد يسقط فيها في خطية ولكن الله أنقذه منها، فثبت إيمانه بالله. وهذا يظهر شجاعة آساف في ذكر هذا الأمر عن نفسه، مثل داود معلمه الذي ذكر سقوطه في الخطية وتوبته. 3. قد يكون هذا المزمور نبوة عن تجربة عظيمة حدثت لشعب الله، وهي السبي، ثم الرجوع منه. 4. كتب آساف إثنى عشر مزمورا (مز 5، مز 73 - مز 83). 5. يتشابه هذا المزمور مع مزمور 37، مزمور 49 في الحديث عن نجاح الأشرار والضيقات التي تقابل الأبرار، مثلما تعرض أيوب وإرميا لنفس الموضوع. 6. يحدثنا المزمور عن ثلاثة أمور هامة هي:- 1- نجاح الأشرار مؤقت. 2- الهلاك الأبدي ينتظر الأشرار. ج- فرح الابرار بعشرة الله. 7. بهذا المزمور يبدأ الكتاب الثالث من كتب المزامير بحسب التقسيم اليهودي، والذي ينتهى بمزمور 89. 8. يهتم آساف بالعبادة القلبية المقدمة لله، وليس العبادة الظاهرية، القاصرة على تقديم الذبائح، ولذا يذكر كلمة القلب ست مرات في هذا المزمور. 9. لا يوجد هذا المزمور بصلوات الأجبية. (1) نجاح الأشرار (ع1-12): ع1: إِنَّمَا صَالِحٌ اللهُ لإِسْرَائِيلَ، لأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ. إنما: أداة شرط للتأكيد بقوله "إنما". يعلن كاتب المزمور ويؤكد أن الله صالح، أي ليس فيه أي شر. وصلاحه هذا يظهر لإسرائيل، أي شعبه المؤمن به، والمتمسك بوصاياه. وإسرائيل في العهد القديم يرمز لإسرائيل الجديد، أي الكنيسة. هذا الصلاح يظهر أيضاَ لأنقياء القلب، الذين يستطيعون أن يعاينوا الله بنقاوتهم، ويحبونه، ويطيعون وصاياه، فيظهر صلاحه لهم، ويقبلون منه كل معاملاته حتى التجارب لتنقيتهم. أما غير الأنقياء، أي البعيدين عن الله، فلأجل رفضهم الله لا يرون صلاحه؛ مع أن الله صالح مع الكل. ع2: أَمَّا أَنَا فَكَادَتْ تَزِلُّ قَدَمَايَ. لَوْلاَ قَلِيلٌ لَزَلِقَتْ خَطَوَاتِي. تزل: تسقط. زلقت: تزحلقت. يعترف كاتب المزمور بأنه كاد يسقط في خطية، وينحدر إليها، ويفقد توازنه الروحي. وهذا يبين ما يلى: اهتمامه بالتوبة والاعتراف، حتى أنه اعترف علنًا أمام كل من يقرأ المزمور. شجاعته، وتمسكه بالإيمان، فرأى أن فضح الشيطان بإعلان خطيته يمكنه من مقاومة الخطية بقوة الله، ورفض الأفكار التي كادت تسقطه في فعل ردئ. أما الهراطقة فلم يقاوموا أفكارهم فسقطوا في الهرطقات، وكذلك الملحدين. ضرورة التدقيق في كل خطواتنا لئلا نسقط فجأة في أحد فخاخ إبليس. وقد تبدأ بزلة، أي سقطة صغيرة، أو كبيرة مفاجئة، وقد تكون بداية الزلق والانحدار في خطية كبيرة، وحضيض يصعب القيام منه. ع3: لأَنِّي غِرْتُ مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، إِذْ رَأَيْتُ سَلاَمَةَ الأَشْرَارِ. يوضح كاتب المزمور انه سقط في خطية الغيرة، وغالبًا بعد هذا خطية التذمر عندما رأى أن الأشرار يتمتعون بسلام خارجي، وغالبًا أيضًا نجاح في أعمالهم، وحياتهم. مع أنه يعلم أن الله يبارك لأولاده الأبرار. وهو هنا قد نسى أن ليس لهم سلام داخلي؛ لأن الخطية تنشئ اضطرابًا في النفس. وقد تعجب كثيرون من رجال الله لنجاح الأشرار، مثل كاتب هذا المزمور ومنهم أيوب وإرميا (اى 21: 7 ؛ إر 12:1) ع4، 5: لأَنَّهُ لَيْسَتْ فِي مَوْتِهِمْ شَدَائِدُ، وَجِسْمُهُمْ سَمِينٌ. لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ. يضيف كاتب المزمور أن الأشرار ليس فقط يتمتعون بسلام خارجي، ولكنهم أيضًا: لا يتعرضون لضيقات صعبة عند موتهم، وقد يكون هذا نتيجة غناهم، واستخدامهم المال لعلاج أمراضهم، ومشاكلهم. صحتهم جيدة إذ يعبر عن هذا بأن أجسامهم سمينة، وليست هزيلة كالفقراء. لا يتعرضون لمتاعب الفقر، والمرض، والجهل، إذ يتعلمون، ويعرفون ما يفيدهم في أعمالهم، فيزداد غناهم، وتقل التجارب التي تقابلهم. ع6-9: لِذلِكَ تَقَلَّدُوا الْكِبْرِيَاءَ. لَبِسُوا كَثَوْبٍ ظُلْمَهُمْ. جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ. جَاوَزُوا تَصَوُّرَاتِ الْقَلْبِ. يَسْتَهْزِئُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ بِالشَّرِّ ظُلْمًا. مِنَ الْعَلاَءِ يَتَكَلَّمُونَ. جَعَلُوا أَفْوَاهَهُمْ فِي السَّمَاءِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ تَتَمَشَّى فِي الأَرْضِ. يبين كاتب المزمور سر شر الأشرار، وهو الكبرياء، الذي جعلهم يستهزئون بإخوتهم الأبرار، الذين قد يكونون أفقر منهم، أو أقل صحة، وتكلموا عليهم بعجرفة، متعاليين عليهم كأن لهم سلطان السماء، يحكمون على أهل الأرض، إذ يشبهون أنفسهم بالملائكة، وسكان السماء، مع أنهم مرفوضون من الله لشرهم. نتيجة كبرياء الأشرار سقطوا أيضًا في خطية الظلم، إذ ظلموا من حولهم سواء بالاستهزاء والكلمات القاسية، أو بالطمع في ممتلكات غيرهم، لأن الأشرار آنانيون، ولم يختشوا من خطاياهم، بل لبسوها كثوب، فتمادوا في شرهم. إذ انغمسوا في الطمع والشهوات يصور كاتب المزمور تهافتهم على الأكل وشهوة بطونهم بإمتلاء واكتظاظ أجسادهم حتى برزت عيونهم إلى الخارج. فأثر ذلك على نظرهم، وفى نفس الوقت ضعفت بصيرتهم، ففقدوا التمييز لابتعادهم عن الله، وثمادوا في الإنشغال بالماديات فوق كل تخيل، إذ صاروا عبيدًا للشهوات. ع10: لِذلِكَ يَرْجعُ شَعْبُهُ إِلَى هُنَا، وَكَمِيَاهٍ مُرْوِيَةٍ يُمْتَصُّونَ مِنْهُمْ. إذ ينظر شعب الله إلى نجاح الأشرار، ويأتون إلى هنا- أي إلى هذه الحقيقة - وهي هذا النجاح- يتعبون ويظلون في معاناة الألام، فيمتصونها حتى نهايتها، كما يمتص الإنسان المياه المروية التي تملأ كأسه. والله يسمح بهذا لفائدة أولاده، وتزكيتهم، فينالون بركات عظيمة، وينجدهم في الوقت المناسب، ويساندهم، فيتغلبون على أفكار الشك والغيرة من نجاح الأشرار. وذلك كما سمح الله لشعبه أن يشرب كأس السبي سنينًا طويلة حتى تابوا، ورجعوا إلى الله، فجمعهم وأرجعهم إلى بلادهم، وعادوا إلى عبادته في هيكله. ع11: وَقَالُوا: «كَيْفَ يَعْلَمُ اللهُ؟ وَهَلْ عِنْدَ الْعَلِيِّ مَعْرِفَةٌ؟» الأشرار قالوا إن الله لا يعلم شيئًا عما نعمله على الأرض، وهذا بالتالى جعلهم يستبيحون الخطية، فلن يعاقبهم أحد؛ لأن الله لا يراهم. هذا هو التصور الخاطئ والغبى الذي سقط فيه الأشرار. هناك رأى أخر في هذه الآية، وهو أن الأبرار عندما تعرضوا للآلام، وطال زمانها ومعاناتهم قالوا أين الله الذي طلبناه؟ لأنه لم ينقذنا ويعيد إلينا حقوقنا، فمن فرط معاناتاهم قالوا أن الله لا يعرف ولا يعلم، لأنه كيف يتفق حنان الله وأبوته مع معاناتنا وآلامنا؟ كيف يهملنا ويتركنا؟ مع أن الله تركهم يتألمون مؤقتًا لأجل فائدتهم. ع12: هُوَذَا هؤُلاَءِ هُمُ الأَشْرَارُ، وَمُسْتَرِيحِينَ إِلَى الدَّهْرِ يُكْثِرُونَ ثَرْوَةً. يختم كاتب المزمور هذا الجزء بأن الخلاصة هي راحة الأشرار من النواحى المادية، وإزديادهم في جمع المال بالطرق المشروعة، وغير المشروعة، فيبدو ظاهريًا نجاحهم، وراحتهم مع أنهم متألمون من الداخل، وينتظرهم عذاب أبدى، خاصة وأنهم استعبدوا من تفكيرهم، فلم تعد ضمائرهم تنخسهم، وتمادوا كل يوم في شرهم. † تذكر دائمًا أن الله أمامك ويرى الخفيات، فيعرف أفكارك، ومشاعر قلبك، ولذا لا تقبل الشر لتلا تغضبه، وإن سقطت فقم سريعًا، وإن حاربك فكر رديء، فاطلب معونته، حينئذ تنال السلام الداخلي، وتتمتع بالسعادة الحقيقية في عشرة الله. (2) هلاك الأشرار (ع13-20): ع13، 14: حَقًّا قَدْ زَكَّيْتُ قَلْبِي بَاطِلًا وَغَسَلْتُ بِالنَّقَاوَةِ يَدَيَّ. وَكُنْتُ مُصَابًا الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَتَأَدَّبْتُ كُلَّ صَبَاحٍ. زكيت قلبى: طهرته وجعلته صالحًا ونقيًا عندما رأى كاتب المزمور نجاح الأشرار، وألام الأبرار، قال في نفسه لقد تعبت كثيرًا في تطهير قلبى وتنقية أعمال يدى؛ لأن نتيجتها هي الأحزان، وعلى العكس الذين ساروا في الشر نجحوا، خاصة أنه لاحظ أن الآلام لا تنتهي اليوم كله، أي طوال حياته، إذ تقابله تأديبات إلهية، وأحزان كل يوم. ع15: لَوْ قُلْتُ أُحَدِّثُ هكَذَا، لَغَدَرْتُ بِجِيلِ بَنِيكَ. أيضًا شعر كاتب المزمور أنه لو أعلن تذمره، وتشككه في صحة سلوكه في البر وفى الاستقامة، فإنه بهذا سيعثر وبنيه إن كانوا ضعفاء في الإيمان. فحتى لا يعثرهم صمت، وكتم ضيقه في داخله مما زاد آلامه. ع16: فَلَمَّا قَصَدْتُ مَعْرِفَةَ هذَا، إِذَا هُوَ تَعَبٌ فِي عَيْنَيَّ. أخيرًا اكتشف كاتب المزمور أن مناقشة كل هذه الأفكار السابق ذكرها متعب، وبلا جدوى، وبالتالي لا داعى للاستمرار في هذه الأفكار. وهكذا تعلن الحكمة البشرية عجزها عن فهم مقاصد الله، فيعود الإنسان إلى الله بالصلاة والتسبيح ليريحه، ويفهمه ما يستطيع أن يتقبله من يد الله. ع17-20: حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ. حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. كَيْفَ صَارُوا لِلْخَرَابِ بَغْتَةً! اضْمَحَلُّوا، فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي. كَحُلْمٍ عِنْدَ التَّيَقُّظِ يَا رَبُّ، عِنْدَ التَّيَقُّظِ تَحْتَقِرُ خَيَالَهُمْ. مقادس الله: هيكل الله، أو السماء. البوار : الخراب والدمار. بغتة: فجأة. الدواهى : جمع داهية، وهي المصيبة. عندما دخل الكاتب إلى مقادس الله، أي رجع إلى الله بالصلاة أمام تابوت العهد، أو في هيكل سليمان، وطلب معونة الله نبهه الله، وأرشده إلى أن نهاية الأشرار هي الهلاك، لأنهم سلكوا طريق الشهوات، وانزلقوا منغمسين فيها، فأثرت على حياتهم، وأصابتهم بمتاعب ومصائب، وخراب، مثل شهوة النساء، أو الخمر، أو أية شهوات شريرة تؤدى بالإنسان إلى متاعب كثيرة، وهو على الأرض. بل إن المصائب، مثل الأمراض، والمشاكل تأتى على الأشرار فجأة، وهم غير واعين، أو محترسين منها؛ لأنهم منغمسون في شهواتهم، فتصيبهم الدواهى. أيضًا مقادس الله تعنى السماء، أي أن كاتب المزمور عندما وصل إلى السماء، وعلم بأمجاد الملكوت التي تنتظره فرح جدًا، ولكنه اكتشف أن سلوك الأشرار أدى بهم إلى الهلاك والعذاب الأبدي. وتسلط عليهم الموت فجأة، ففيما هم منغمسون في شهوات العالم سقطوا وماتوا، ولم ينفعهم غناهم، أو قوتهم. وظهر بوضوح أن انغماس الأشرار في الشهوات، وحياتهم المبهرة في كل ما اقتنوه من ماديات انتهى فجأة كأنه حلم، واستيقظوا منه، فوجدوا أنفسهم في الجحيم والهلاك. وهكذا استهزأ، واحتقر الله اعتماد الأشرار على الشهوات والماديات، ونالوا جزاء شرورهم وهو الهلاك الأبدي، فمن يحلم بشئ عظيم عندما يستيقظ يكتشف أنه مجرد حلم، ويعود إلى واقعه التعيس. هذه هي نهاية الأشرار. † كن أمينًا في التمسك بوصايا الله، ومبادئك المستقيمة، مهما زاغ الأشرار حولك عن الحق، بل وهزأوا بك، وحاولوا إبعادك عن البر، لا تسمح لهم، وثابر في جهادك، فإن إكليلك في المجد الأبدي ينتظرك. (3) خلاص المتكلين على الله (ع21-28): ع21، 22: لأَنَّهُ تَمَرْمَرَ قَلْبِي، وَانْتَخَسْتُ فِي كُلْيَتَيَّ. وَأَنَا بَلِيدٌ وَلاَ أَعْرِفُ. صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ. تمرمر: ذاق المر وتألم جدًا. انتخست: في كليتى: توجعت كما من منخاس ضرب في كليتى. عندما تذمر كاتب المزمور على الله، كما ظهر في الآيات السابقة من هذا المزمور، تألم قلبه كمن شرب المر، وتوجع كمن نخس في كليته فتوجع جدًا، ولذا فقد قرر في النهاية الابتعاد عن كل تذمر، والاتكال الكامل على الله، معلنًا جهله أمام حكمة الله، وخضوعه الكامل له، وتركه يقود حياته بحسب مشيئته الإلهية، كما تنقاد البهيمة وراء من يسوقها، لأن البهيمة لا تهتم بأتعاب الطريق، أو استقامته، لأن قائدها هو المسئول، أي أن الإنسان يخضع لله، ويتكل عليه، ويتركه يدبر له حياته، ولا يتعب نفسه بأفكار التذمر. ع23، 24: وَلكِنِّي دَائِمًا مَعَكَ. أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. عندما استسلم كاتب المزمور واتكل على الله، ورفض كل أفكار التشكك التي هاجمته بسبب نجاح الأشرار وضيق الأبرار تمتع بقيادة الله، إذ هداه إلى الطريق الصحيح برأيه. ورأى الله هو وصاياه، وكلامه في الكتاب المقدس، بل أمسك بيده اليمنى، أي قوَّى أعماله؛ لأن اليد ترمز للعمل، وسانده بقوته الإلهية؛ لأن اليمين يرمز للقوة. وهكذا تمتع كاتب المزمور بعشرة الله، واختبر عمله العظيم فيه. نقل الله كاتب المزمور إلى مجد عظيم، ويقصد به المجد السماوى الذي ينتظره بعد جهاد هذه الحياة، أو الراحة التي تمتع بها بعد أن أخرجه الله من تجربته، فنال بركات الاحتمال. قد تكون هاتان الآيتان نبوة عن ضيقة السبي، التي أثنائها عاد الشعب إلى الله بتوبة، وإيمان، فأمسكهم الله، وقادهم إلى بلادهم، وتمتعوا ببناء الهيكل، ومجد عبادة الله في هيكله. ع25: مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ. إذ اختبر كاتب المزمور عشرة الله، وتمتع به، شعر أنه غير محتاج لشئ على الأرض سوى الرب، ثم في السماء لا يتمنى إلا رؤية الله والتمتع به، فقد أصبح الله هو شغله الشاغل، ومتعة قلبه، وتمنياته إلى الأبد، فهو بهذا يعلن إيمانه وأشواقه للملكوت السماوى. ع26: قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي. صَخْرَةُ قَلْبِي وَنَصِيبِي اللهُ إِلَى الدَّهْرِ. يعلن كاتب المزمور أنه إن فنى لحمه وقلبه، أي ضعف جسديًا، ونفسيًا أمام ضغوط التجارب التي مرَّ بها، فإنه يؤمن أن سنده هو الله صخرته، ونصيبه، أي أن الله هو ملجأه الذي يستقر فيه، وهو شبعه الذي يعوضه عن كل ما خسر في العالم، ولذا فهو لا يخشى التجارب، بل هي سبيله لمعرفة الله صخرته ونصيبه، وبهذا ينمو روحيًا ويتمتع بعشرة الله. يشعر أيضًا كاتب المزمور أنه لكيما يختبر الله ويعرفه، ويصبح الله حياته، ونصيبه لابد أن يتنازل عن ماديات العالم، فيتجرد ويتضع أيضًا حتى يكاد يفنى وحينئذ يعرف الله. والجميل أنه سيتمتع بالله إلى الدهر، أي أنه مشتاق للوجود الدائم في الأبدية. ع27: لأَنَّهُ هُوَذَا الْبُعَدَاءُ عَنْكَ يَبِيدُونَ. تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ. يعلن كاتب المزمور في نهايته أن البعيدين عن الله، أي الأشرار، مهما نجحوا في العالم، أو تلذذوا بشهوات الزنا، وكل شهوة ردية، ورفضوا الله - وهو الزنا الروحي- فإنه لا ينتظرهم إلا الإبادة، والهلاك في العذاب الأبدي، أي يحرمون من كل راحة، ومن رؤية الله نتيجة لشرورهم. ع28: أَمَّا أَنَا فَالاقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي. جَعَلْتُ بِالسَّيِّدِ الرَّبِّ مَلْجَإِي، لأُخْبِرَ بِكُلِّ صَنَائِعِكَ. ويقرر في الختام أنه سيقترب من الله مبتعدا عن كل خطية، وأنه غير منزعج من نجاح الأشرار، فيتمتع بعشرة الله على الأرض، ثم في السماء. القرار الثاني هو شعوره بضرورة الكرازة للآخرين البعيدين عن الله، حتى يؤمنوا به، ويحبوه، ويحيوا له، ولا ينجذبوا إلى الشر. كل هذه الكرازة يقوم بها، وهو في أحضان الله ملجأه، أي يحيا مع الله، فيستطيع بقوته أن يبشر كل من حوله للابتعاد عن الخطية، والرجوع إلى الله. † عندما ترى نجاح الأشرار، صلى من أجلهم لينتبهوا من غفلتهم، واشكر الله الذي عرفك طريقك، فيزداد تمسكك بوصاياه، بل تقوى إخوتك، وتثبت إيمانهم، فيحيوا مع الله دائمًا. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 162834 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور التَّاسِعُ والستون الله مخلص المتضايقين لإمام المغنين . على السوسن . لداود "خلصني يا الله لأن المياه قد دخلت إلى نفسي..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي. 2. متى كتب؟ عندما كان داود هاربًا من وجه ابنه أبشالوم، ثم قامت الحرب بينهما، ومات أبشالوم، وقبل أن يرجع داود إلى عرشه. فكان يحيا ويتذكر آلامه التي مرَّ بها وما زال يعانى منها، وهو غريب عن عرشه في أورشليم. 3. هذا المزمور يرنم على السوسن وهو: أ- لحن خاص. ب- آلة موسيقية تشبه زهرة السوسن. 4. يعتبر من المزامير المسيانية لأنه يتكلم بوضوح عن آلام المسيح. 5. يتشابه هذا المزمور مع مزمور 22 في الحديث عن آلام المسيح. 6. اقتبس من هذا المزمور آيات كثيرة في العهد الجديد، فهو من أكثر المزامير التي اقتبس منها (مت27: 35، مر15: 24، يو15: 25، اع1: 20، رو15: 3). 7. تصلى أجزاء كثيرة من هذا المزمور في الصلاة على الراقدين في صلاة الثالث. 8. لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 162835 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خَلِّصْنِي يَا اَللهُ لأَنَّ الْمِيَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إِلَى نَفْسِي. يشعر داود أن الأحزان زادت عليه، فصارت مثل مياه ارتفعت حتى غطت جسمه كله إلى عنقه وكادت تغرقه. لذا يطلب الخلاص من الله؛ ليرفع عنه هذه الأحداث، إذ كان سبطه يهوذا متقاعس عن إرجاعه إلى عرشه، في الوقت الذي كان ينبغى عليه أن يكون أول الأسباط المهتم بهذا؛ لأن أورشليم تقع في سبط يهوذا، وباقى الأسباط كانت تريد إرجاعه، وأصبح هناك صراع متوقع بين الأسباط وبين سبط يهوذا. كل هذا وداود مطرود غريب عن مدينته أورشليم، وبعيدًا عن تابوت عهد الله، ومتألم بسبب ما فعله أبشالوم به، وخيانة الكثيرين له. لذا طلب من الله أن يخلصه من كل هذه المتاعب النفسية، بالإضافة للمتاعب الجسدية، إذ أنه لا يحيا مكرمًا كملك. هذه الآية نبوة عن المسيح الذي تجمعت عليه الأحزان في الأسبوع الأخير من حياته، وخاصة عندما كان يصلى في بستان جثسيماني قبل القبض عليه. هذه الآية نبوة أيضًا عن السبي البابلي، فهذه هي مشاعر اليهود عند سبيهم. وهي نبوة أيضًا عن يونان النبي، فهذه هي مشاعره وهو في بطن الحوت. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 162836 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
غَرِقْتُ فِي حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ وَلَيْسَ مَقَرٌّ. دَخَلْتُ إِلَى أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ، وَالسَّيْلُ غَمَرَنِي. حمأة: طين أسود. السيل: تيار مياه شديد. يصور داود مدى آلامه كأنه قد غرق في طين عميق، ولا يجد مكانًا تستقر عليه قدماه، بل يغوص بلا نهاية، أي أنه معرض للهلاك. ثم يصور نفسه أيضًا وقد دخل في مياه عميقة، وغطته تيارات مياه قوية، فكاد يغرق، هكذا أيضًا أحزانه وآلامه، خاصة وأنه لا يجد مخرجًا منها ولا سند يستند عليه، ولم يعد أمامه إلا الله مخلصه. هذه أيضًا نبوة عن المسيح، وهو في الأسبوع الأخير من حياته غارقًا في أحزانه وآلامه من أجل فداء البشرية. |
||||
06 - 06 - 2024, 04:59 PM | رقم المشاركة : ( 162837 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي. يَبِسَ حَلْقِي. كَلَّتْ عَيْنَايَ مِنِ انْتِظَارِ إِلهِي. كلت: تعبت. يعبر داود عن أوجاعه الكثيرة التي شملت كل أعضائه، فقدماه لا تجد لها مستقرًا كما في الآية السابقة، وكذلك في هذه الآية نجد أن حلقه قد تعب وجف ولم يعد قادرًا على مواصلة الصراخ. أما عيناه فقد تعبت من كثرة التطلع إلى الله، وهو متأنى لا يستجيب. فهذه الآية تعبر عن مدى أحزان داود، وحاجته الشديدة لله. وهي نوع من التوسل والإلحاح على الله ليتحنن عليه. لعل هذه الآية تصور جزءً من آلام المسيح على الصليب، حيث جف حلقه، إذ قال: أنا عطشان، وكلت عيناه وهو يحمل كأس غضب الله عن البشرية، ويطلب أن تعبر عنه الكأس فلا تعبر، وتمم الفداء ليفدينا بحبه العجيب. |
||||
06 - 06 - 2024, 05:00 PM | رقم المشاركة : ( 162838 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي بِلاَ سَبَبٍ. اعْتَزَّ مُسْتَهْلِكِيَّ أَعْدَائِي ظُلْمًا. حِينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ. يبين داود كثرة الذين ظلموه، وأبغضوه، فيقول أنهم أكثر من شعر رأسه، وأنهم حاولوا استهلاكه بشرورهم الكثيرة ليتخلصوا منه، وهو في كل هذا مظلوم لم يفعل شرًا، ورد لهم ما لم يخطفه وهو عرش الملك؛ لأن الله هو الذي مسحه بيد صموئيل، وأقامه الشعب ملكًا. أما الذين قاموا على داود فكثيرون يصعب حصرهم، مثل شمعى بن جيرا وأخيتوفل. تنطبق هذه الآية أيضًا على المسيح الذي قام عليه شعب اليهود والكتبة والفريسيون، وحاولوا اصطياده في أخطاء فعجزوا، ورد ما لم يخطفه، إذ صلب كذبيحة إثم عنا مع أنه لم يخطئ، ورد آدم الذي خطفه الشيطان وأسقطه في الخطية، فأعاده إلى الفردوس. |
||||
06 - 06 - 2024, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 162839 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† إذا كنت تعانى من آلام وأحزان فاعلم أن مسيحك قد تألم قبلًا عنك، وهو غير مخطئ، فاطلب معونته فيسندك، بل ويعوضك عما احتملته ببركات وفيرة. |
||||
06 - 06 - 2024, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 162840 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يَا اَللهُ أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي، وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ. إن كان داود قد أعلن في الآيات السابقة أنه مظلوم، وتعرض لمتاعب كثيرة، ولكنه يعود فيعترف بحماقته وذنوبه. وليس هناك تعارض بين هذه الآية والآيات السابقة، لأنه لا يوجد إنسان بلا خطية، سواء خطايا إرادية ولو قليلة، بالإضافة إلى الخطايا التي يعملها بدون معرفة وبجهل. وهذا يبين أمرين: تدقيق داود وتوبته عن كل خطية. اتضاع داود في إعلان ضعفه بقوله حماقتى؛ لأنه إن كان الله ينسب حماقة لملائكته فبالأولى البشر يسقطون في حماقات مختلفة. |
||||