06 - 06 - 2024, 02:02 PM | رقم المشاركة : ( 162791 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(مز 28: 5) وَلِأنَّهُمْ لَا يَهْتَمُّونَ بِمَا فَعَلَهُ اللهُ وَصَنَعَهُ. فَسَيُدَمِّرُهُمُ اللهُ وَلَا يَبْنِيهِمْ. |
||||
06 - 06 - 2024, 02:03 PM | رقم المشاركة : ( 162792 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(مز 28: 6) أُبَارِكُ اللهَ لِأنَّهُ اسْتَجَابَ لِطِلْبَاتِي. |
||||
06 - 06 - 2024, 02:17 PM | رقم المشاركة : ( 162793 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبنى الغالى .. بنتي الغالية قد أسمح ببعض الضيقات لأولادي الأبرار فأنا لن أتركهم بل أرفع الضيقات عنهم وإن كانوا قد أخطأوا مثل بطرس وأنكروني فأعاتبهم، وأسامحهم، وأعيدهم إلى مكانتهم الأولى |
||||
06 - 06 - 2024, 02:21 PM | رقم المشاركة : ( 162794 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لننهض روحياً من جديد ولنترك عنا الكسل واللامبالاة والعشوائية في اسلوب حياتنا ولنوجه انظار قلوبنا الى الرب ، ولنلتحق بركب القديسيين ولنخلع ثوب العالم ونلبس ثوب القداسة والمحبة والنعمة ولنتطهر من كل ما يلوث علاقتنا بخالقنا ونسير بخطى ثابته نحو الابدية ، ولنعش إيماننا ومبادئنا المسيحية التي سلمها لنا وزرعها في نفوسنا إلهنا القدوس الحي |
||||
06 - 06 - 2024, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 162795 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس فورس الرسول أحد السبعين |
||||
06 - 06 - 2024, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 162796 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البابا ميخائيل الثامن والستون |
||||
06 - 06 - 2024, 03:07 PM | رقم المشاركة : ( 162797 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سأتغنى على الدوام برحمتك يا الله وسأخبر بلساني عن أمانتك جيلا بعد جيل (مز 89: 1) |
||||
06 - 06 - 2024, 03:11 PM | رقم المشاركة : ( 162798 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع هو النور الحقيقي |
||||
06 - 06 - 2024, 03:29 PM | رقم المشاركة : ( 162799 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مريم العذراء بعد ان انهت مجرى حياتها على الأرض قد انتقلت الى ملكوت ابنها الحبيب. ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، ومريم أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة “هـا أنـا آمـة الرب”(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة، وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله وذلك عن طريق ظهوراتها وتجلياتها فى الكثير من بلدان العالم وما ترسله من رسائل روحية لحث المؤمنين للرجوع الى الله. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى ان مريم قد توجت بالمجد تقف كمذّكر ثابت لنا وعلامة ان الله يريدنا ان نحقق مشيئته في كل حياتنا كما فعلت امنا مريم. إذا ما كنا تلاميذ مؤمنين وأمناء مثل مريم وان كنا ثابتين في طريق حياتنا الإيمانية ونستعمل حياتنا لنخدم خطة الله، نحن أيضا سنشترك في ملك المسيح الإنتصاري. ويجب ان نثق ونؤمن ان ملكتنا السماوية ترشدنا دائما في رحلتنا على الأرض وتتشفع لنا دائما في السماء حتى يمكننا ان نتحد بها وبإبنها وحتى كما قال القديس بولس جاهدنا الجهاد الحسن وأنهينا السباق نتحد بها في سماء ابنها وملكوته وننال اكليل البر والمجد. وكما كانت مريم كإمرأة في رحلة غربتها على الأرض وفي مسيرة إيمانها واجهت الإضطهادات وعدم التأكيد والتجارب والصعوبات لكنها ظلّت قريبة جدا من أبنائها الروحيين وهم مازالوا على الأرض فهي أكثر إلماما بما نعانيه وكأم هي قادرة على توجيهنا وإرشادنا نحو ابنها يسوع فهي ليست ببعيدة عنا فلنلتجئ دائما اليها ملتمسين شفاعتها وصلواتها من أجلنا. تذكار عيد تكليل مريم سلطانـة على السموات والأرض – وضع هذا العيد البابا المُكرّم بيوس 12، عام 1954 “السنة المريميّة”. وينفل به يوم 22 أغسطس من كل عام. إنّ العذراء الطاهرة، بعد أن عَصمها الله مِن كلّ صلةٍ بالخطيئة الأصليّة، وطَوَت شَوْط حياتها الأرضيّة، نُقِلت جسدًا وروحًا الى السماء، وأعلنها الرّب سلطانة الكون لتكون بذلكَ أكثر ما يكون الشّبه بابنها، ربّ الأرباب، وقاهر الخطيئة والموت. فانتقال العذراء اشتراكٌ فريدٌ في قيامة ابنها، واستباق لقيامة المسيحيّين الآخرين. تعاليم البابا بيوس 12الهدف مِن هذا العيد هو أن يُدرك الجميع بطريقةٍ أوضحَ ويكرّموا بإيمانٍ أكبر رحمةَ وأمومةَ سيادةِ العذراء مريم التي حَمَلت الله في أحشائها. إنّ مريم التي تُدير قلبها الأمومي نحونا والتي تهتمّ لأمر خلاصنا، تعتني بالجنس البشري بأسرِه. لقد جعلها الرّب ملِكة السماء والأرض، مُمَجَّدةً فوق أجواق الملائكة وصفوف القديسين في السماء، جالسةً عن يمين يد ابنها الوحيد، ربّنا يسوع المسيح، تلتمسُ بقوةٍ أعظم وتحصل على ما تطلب، مِن خلال صلواتها الأموميّة. -هو، ابن الله، يعكُس على أمّه السّماويّة، المَجد والجلال وسُلطان ملوكيّته، فإنّه لم يُشارِك أحدٌ سلطانَ الشهداء يسوع، في عمل الخلاص كما شاركته “أمّه ومُساعِدَته؛ مريم. فإنّها تبقى أبدًا مُرتبطةً بِه، بقوّةٍ فريدةٍ لامتناهية، لتوزيع النّعم المُتدفّقة مِن الفداء. إنّ يسوع هو المَلك طَوال الأبديّة، بالطبيعة وبحقّ المُلكيّة: فبِه ومعه وبالتبعيّة له، مريم هي ملكة بالنّعمة، وبإرتباطها الإلهي (أمومتها)، وبحقّ المُلكيّة، وباختيارٍ فريد مِن الله الآب. فلنُكرّم إذًا سلطانة الملائكة والبشر، غير مُعتقدين البتّة بأنّ أحدً منّا مُعفًى عن تأدية الإشادة بنفس مريم الأمينة والمُحبّة، صارِخين الى تلك الملِكة الحقّة، الملِكة التي تستحضرُ لنا بركة السلام؛ بأن تُرينا بعد هذا المنفى، يسوع، سلامنا وفرحنا الآتي والدائم. كلمات مريم يذكر لنا الكتاب المقدس سبعة كلمات او جمل نطقت بها القديسة مريم العذراء أم يسوع، وكل من هذه الجمل والكلمات مملوءة بمعاني تعكس شخصيتها وحياتها الروحيـة ويمكن التأمل فيها بعمق. لقد قال السيد المسيح:” اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ.” (لوقا45:6)، ولهذا فكلمات القديسة مريم مملوءة بالمعاني وتعكس ما قلبها من إيمان قوي وهي تشابه في شهرتها كلمات السيد المسيح على الصليب: الكلمة الأولى- “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلا “(لوقا34:1)- بتوليـة محفوظـة تكلمت مريم بتلك الكلمات في الناصرة عندما بشّرها رئيس الملائكة جبرائيل بأنها ستصبح أما لله. كان رد فعلها في الحال لذلك الخبر العظيم ليس واحد من الإشادة بالنفس او المجد الشخصي ولكن كان احد الردود المثيرة للدهشة الصادقة. كيف ان دعوة الله للأمومة يمكن تحقيقها حيث انها لا تزال عذراء؟. ان اول جملة او كلمة قالتها مريم تظهر فطريتها الصادقة فعلاقتها بالله لا توجد اي مساحة للتظاهر او إخفاء حقيقة مشاعرها. لقد عبرّت بحرية عن دهشتها وخوفها وبساطتها. لايزال حسب الطريقة الطفولية، مريم بسرعة قبلت دعوة الله فلم تهرب او تختبئ من ذلك التحدي فهي كانت تتطلع الى توضيح فقط لكي يأتي الفعل الصحيح في مكانه. الكلمة الثانية – “هوذا أنا أمة الرب”(لوقا38:1) – خدمـة رائعة في أقرب واسرع وقت عندما أكد لها رئيس الملائكة ان بتوليتها ستبقى محفوظة ولن تمس وان ذلك الحدث سيأتي بحلول روح الله القدوس فلم يبقى امامها اي مجال للتحفظ، فهي على الفور حددت موقفها وعلاقتها بالله كخادمة مكرسة جاهزة لكي تعطي خدمة بكل حماس. ان الكلمة الثانية تظهر ان مريم منفتحة بكل حرية لمشيئة الله وخاضعة لإرادته القدوسة. ان كلمة “آمة” في اليونانية هي شكل أنثوي كما جاء في العهد القديم لعبد او خادم لله. ان الجملة بكاملها تشهد تأكيد مريم لسمو وعظمة الله وطاعتها التى لا تشوبها شائبة لخطته الخلاصية من اجل البشر، وفي نفس الوقت تظهر تواضع مريم ونكران الذات والتزامها بالفقر الحقيقي. الكلمة الثالثة- “ليكن لي كقولك”(لوقا38:1) – طاعـة إيمانيـة الآن تذهب مريم ابعد من ذلك بأن تضع مفهومها الى فعل، لقد وافقت ان تأخذ ما كشف لها رئيس الملائكة جبرائيل وان تصبح هي اما لإبن العليّ. في تلك اللحظة التاريخية اصبح ابن الله إنسانا وليبدأ تاريخ خلاص البشرية. هذه الكلمة الثلثة تشرح مدى عمق تفهم مريم ومعرفتها بالله وبمجرد ان عرفت ما يستلزمه دعوة الله لم تتردد لحظة. مثل ذلك الإيمان يمكن أن ينبع فقط من مشاركة فعالة وتأمل في الكتب المقدسة والتى تصف وعود الله وإتمامها في تاريخ الشعب المختار. أنها تشير الى معرفة مريم للتقليد المسياني المسلّم بأمانة عبر الأجيال. الكلمة الرابعة- “تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي….” (لوقا46:1-55) – تسبحة فرح في زيارة لأليصابات نسيبة العذراء مريم في جبال أورشليم ردت على تحية المرأة الأكبر سناً وتسبحتها العجيبة برسالة شعرية تسبح بها الله الذي صنع مع مريم العظائم, هذه هي أنشودة التعظيم واحدة من أجمل الترانيم والتسابيح التى قيلت. أمتلأت أنشودة التعظيم الى إشارات للعديد من الأعمال العظيمة التى قام بها الله لشعبه المختار كما جاءت في العهد القديم، وتشير الى الأشياء العظيمة التى ستأتي مبتدأ بالحدث العظيم والذي فيه مريم شاركت في جزء كبير منه ألا وهو تجسد إبن الله. في أنشودة التعظيم تلك يمكننا ان نلمح الى ذكاء مريم وروح المعرفة والقلب الفرح والإهتمام بالآخرين وحب الله، وتعكس ايمان ثابت ورجاء لا يخيب وحب غير عادي. تلك القطعة الشعرية أيضا تذكرنا بتيسحات العهد القديم أمثال ميريام أخت موسى وحنة أم صموئيل النبي ويهوديت. كلمات المجد والتى قيللت ليهوديت في القديم يمكن تطبيقها على مريم من قِبل الكنيسة:” «أَنْتِ مَجْدُ أُورُشَلِيمَ وَفَرَحُ إِسْرَائِيلَ وَفَخْرُ شَعْبِنَا” (يهوديت10:15). الكلمة الخامسة – “يا بني، لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين” (لوقا48:2) – مسؤوليـة حانية اثنا عشر عاما بعد مولد يسوع، فقدت مريم عن غير قصد ابنها أثناء رحلة الى أورشليم، وبعد بحث محموم والذي قد يكون تعرضت فيه لبعض الأفكار السلبية وجدت يسوع في اليوم الثالث في الهيكل وأظهرت معاناتها بتلك الكلمات. تلك الجملة الخامسة أبرزت حنان مريم وقبولها للمسؤولية وسلطة الله المعطاة لها، وابنها مازال خاضعا لها وليوسف ولكن المضمون كله لهذا الحدث اتجه الى أبعد. تلك الجملة الخامسة تظهر ان مريم تشارك الغالبية من البشر التى تختبر الصعوبات والقلق، وها هي تواجه بعض الغموض في إيمانها وتتعرض كبشر لما يتعرض له اي إنسان في رحلة الإيمان. الكلمة السادسة – “ليس لهم خمر”(يوحنا3:2) – عطاء المحب ما يقرب من عشرون عاما بعد حدث زيارة الهيكل هناك حفل زواج في قانا الجليل ولاحظت مريم ان نبيذ حفلة العرس قرب على النفاذ وهو شيئ محرج للغاية في ذلك الزمن، فتدخلت مريم على الفور وتشفعت الى ابنها قائلة له عما حدث. ان تلك الكلمة السادسة تظهر عظمة قلب مريم فهي ملاحظة لكل شيئ وكل التفاصيل وتعرف ما الذي تفعله هذا بالإضافة الى إيمانها بإبنها يسبق ويعد للمعجزة او العلامة التى سيجريها. وهكذا تظهر مريم يقظتها من انها متجهة لأداء دوررها في خلق شعب جديد لله، جماعة مسيانية ستتكون حول يسوع بدءا من اول آية في قانا:” هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ.” (يوحنا11:2). فدور مريم هو ان تشير طريق الشعب الجديد نحو يسوع بأن تعدهم من خلال تلك المعجزة لقبول آياته وتعايمه. الكلمة السابعة – “مهما قال لكم فافعلوه”(يوحنا5:2) – إيمان راسخ بعد ان ابلغت مريم يسوع بمشكلة العروسان في عرس قانا التفت مريم الى السقاة طلبت منهم ان يفعلوا كل ما يأمرهم به ابنها مهما قال لهم. ان كلماتها تطابق لكلمات الشعب المختار عندما وعدوا ان يتمسكوا بالعهد مع الرب:” «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ»“(خروج8:19)، وايضا:” تَقَدَّمْ أَنْتَ وَاسْمَعْ كُلَّ مَا يَقُولُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُنَا، وَكَلِّمْنَا بِكُلِّ مَا يُكَلِّمُكَ بِهِ الرَّبُّ إِلهُنَا، فَنَسْمَعَ وَنَعْمَلَ.“(تثنية27:5). بتلك الكلمة السابعة عبّرت مريم عن إيمان كل الشعب المستعد لتلقي الوحي الذي يعلنه يسوع. بالإضافة الى كشف مريم عن شخصيتها ودورها فكلمات مريم تحمل معنى خاص لنا، فهي كخادمة لله فهي مثال لكل المسيحيين من حيث اننا جميعا مدعوون ان نكون خداما لله. ان التأمل في كلمات مريم وفي حياتها سوف يفتح الباب لا محالة لنا فنستطيع ان ننمو في حياة الخدمة. اذا كنا حكماء سوف نتبع تلك النصيحة التى جاءت في سفر الأمثال:” احْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ وَلاَ تَتْرُكْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ. اُرْبُطْهَا عَلَى قَلْبِكَ دَائِمًا. قَلِّدْ بِهَا عُنُقَكَ. إِذَا ذَهَبْتَ تَهْدِيكَ. إِذَا نِمْتَ تَحْرُسُكَ، وَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَهِيَ تُحَدِّثُكَ. لأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِصْبَاحٌ، وَالشَّرِيعَةَ نُورٌ، وَتَوْبِيخَاتِ الأَدَبِ طَرِيقُ الْحَيَاةِ.“(أمثال20:6-23). رفات وذخائر الذخائر هي بقايا لقديس سواء كل الجسد او جزء منه او اشياء تلامست مع ذاك القديس، اما الرفات فهي عبارة عن بقاء الجسد بعد موته دون تحلل. والذخائر او رفات القديسين تكرم من المؤمنين بعد موافقة السلطة الكنسية (مجمع ترينت الجلسة 25) وذلك لأن أجساد القديسين بينما هم على الأرض هي هياكل للروح القدس واعضاء حيّة في جسد المسيح. ان الإكرام يمكن ان يأخذ صورة التمثل بفضائل ذلك القديس او اظهار احترام وتقدير خاص لرفاته او ذخائره. اخيرا ان ذلك الاحترام او التقدير لا يقدم للأشياء المادية ولكن لشخص القديس. لهذا فذخائر القديسين تعتبر اشياء مقدسة ويتم وضعها في مكان بجوار مذبح الصلاة في الهيكل او احيانا في دولاب خاص ويتم عرضها للمؤمنين للتبرك بها وذلك في عيد ذلك القديس وذلك من خلال دورة داخل الكنيسة مع التسابيح والترانيم. بدأ الاهتمام بتلك الذحائر والبحث عنها خاصة في بدء المسيحية مع دفن اجساد الشهداء، وزاد الأمر مع الجملات الصليبية للأراضي المقدسة واكتشاف قبر السيد المسيح وصليبه مع مجهودات القديسة هيلانة ثم بدأت عمليات انشاء الكنائس والمغارات وتم تهريب عدد كبير من تلك الذخائر الى روما ومن الى بلاد اوروبا. بالنسية الى القديسة مريم فنفس الشيئ ولكن هنا المر مختلف فبعد انتقالها للسماء بالنفس والجسد فمن الطبيعي لا يكون هناك اي بقايا او رفات او اشياء متعلقة بها ولكن كان البحث لا يتوقف عن اي شيئ لمسته العذراء او استخدمته اثناء حياتها على الأرض. بالطبع هناك العديد من الكنائس التى تعرف بإحتوائها على صورة او صور للعذراء رسمها القديس لوقا الانجيلي وهناك صور عجائبية مثل صورة جوادالوبي بالمكسيك لكن لا يوجد اي شيئ مادي سوى ما يعرف ب”زنار مريم” او “حزام مريم” والذي قيل ان القديس توما الرسول اخذه من القديسة مريم عندما شاهد موكب الملائكة وهي تنقل جسدها للسماء. وفيما يلي اشهر القطع او الأشياء المقدسة المعروفة والتى يدعى انها تخص القديسة مريم: قطعة من ملابس العذراء – يزعم ان الامبراطور مارسيان استلمها من المطران جوفينال مطران اورشليم قي سنة 452م واختفت عام 1453 عندما هزم الأتراك الامبراطورية ويقال ان جزء منه موجود الان في دير vatopedi في جبل آثوس اليوناني. زنار او حزام – وقصة الزنار تعود إلي وجوده مع رفات القديس توما الرسول كدليل علي رؤيته إصعاد جسد العذراء للسماء حتي تم نقل جسد توما الرسول والزنار لمدينة الرها في شهر اغسطس 394م، وهي مدينة سورية موجودة اليوم تحت السلطة التركية بإسم ” أورفة ” ثم تم نقل الزنار منفرداً إلي كنيسة السيدة العذراء بمدينة ” حمص ” السورية عن طريق أحد الأباء، وتم إكتشاف الزنار في يوليو 1953 وكان ذلك علي يد مار أغناطيوس أفرام الأول برصوم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس في كاتدرائية ” أم الزنار”. و كنيسة أم الزنارشيدت هذه الكنيسة في منطقة بستان الديوان عام 59م وسميت بهذا الإسم ” أم الزنار ” لوجود الزنار بها ويذهب لزيارتها الكثير من المسيحين من جميع الطرائف كل عام، كما تعتبر مقراً لطائفة السريان الأرثوذكس في حمص. شعر العذراء – بعض من شعر العذراء يدعى انه موجود في كاتدرائية Messina في صقلية بعد ان أحضر اليها اثناء الحملة الصليبية لأورشليم وهناك اماكن اخرى تتدعي نفس الشيئ. منزل العذراء Loreto“منزل العذراء مريم المقدّس” في لوريتو (إيطاليا) وهو ضمّ 3 جدران من بيت العذراء في الناصرة، نُقِلَت إلى لوريتو بطريقة عجائبية 5. خطاب – من المفترض ان ارسلته القديسة مريم للمسيحيين الوائل في Messina ولكن بالفحص والتحقيق تبين انه كتب الفعل بمعرفة Constantine Laskaris في القرن الخامس عشر. خاتم الزواج Santo Anello والذي يقال انه محفوظ في كاتدرائية Perugia بايطاليا رسالة للقديس اغناطيوس الإنطاكي لمريم العذراء وردها عليه واكتشف بعدها انه مزور وكتب في القرن الثاني عشر. التحليل النهائي والشيئ الأكثر اهمية انه لا يوجد اي شيئ من ذخائر او رفات للقديسة مريم وانها تركت لنا ذخائر روحية لطاعتها وايمانها وفضائلها التى أثرت على المسيحيين في انحاء العالم. صورة للعذراء مريم لم تحفظ لنا أي صورة على الشبه الحقيقي لمريم، و أما الصورة البيزنطية، التي يقال إن القديس لوقا رسمها، تنتمي فقط إلى القرن السادس، ولقد أعيد إنتاجهاو هناك سبع وعشرون نسخة موجودة، عشر منها في روما. وكتب القديس أوغسطينوس يعبر عن رأي مفاده أن المظهر الخارجي الحقيقي لمريم غير معروف لنا، وأننا في هذا الصدد لا نعرف ولا نؤمن بشيءمن هذا القبيل. ان أقدم صورة لمريم هي تلك الموجودة في مقبرة بريسيلا وتمثل العذراء كما لو كانت على وشك إرضاع الطفل يسوع، وبالقرب منها صورة نبي أو إشعياء أو ربما ميخا النبي ونتمي الصورة إلى بداية القرن الثاني، وتقارن بشكل إيجابي مع الأعمال الفنية الموجودة في بومبي. من القرن الثالث لدينا صور للسيدة العذراء حاضرة في عبادة المجوس؛ توجد في مقابر دوميتيلا وكاليكستوس. توجد صور تعود إلى القرن الرابع في مقبرة القديسين بطرس ومارسلينوس؛ في واحدة من هذه تظهر ورأسها مكشوف، وفي أخرى وذراعيها ممدودتان كما لو كانت في الدعاء، ويقف الطفل أمامها. على قبور المسيحيين الأوائل احتلت مريم دائما مكان الشرف. إلى جانب اللوحات على الجدران وعلى التوابيت، تقدم سراديب الموتى أيضا صورا لمريم مرسومة على أقراص زجاجية مذهبة ومختومة عن طريق قرص زجاجي آخر ملحوم بالأول. نتمي هذه الصور بشكل عام إلى القرن الثالث أو الرابع. التسلسل الزمنى لحياة القديسة مريم العذراء ان التسلسل الزمني لحياة مريم العذراء يعتمد تماما على التسلسل الزمني لحياة ابنها يسوع المسيح والتى هي في ذاتها حفظت وسجلت في العهد الجديد، ولذلك في احسن الظروف لتسلسل حياة مريم يمكن ان تكون ارشادية بدلا من ان تكون قاطعة. ومع ذلك التسلسل الزمني- حتى ولو كان واحد مؤقت- يكون احتمال ان يساعد في رؤيتنا لشخص كان في القديم حاضرا امامنا. هكذا فالتسلسل الزمني التالي تم رسمه ليعطينا فكرة ما عن حياة أمنا القديسة مريم: 20/23 قبل الميلاد – ولادة مريم ليواقيم وحنة 17/20 – تقديم مريم للهيكل 8/11 – خطبة مريم ليوسف (متى16:1) و (لوقا27:1) 7 – البشارة بميلاد المسيح لمريم (لوقا26:1-38) – زيارة مريم لنسيبتها اليصابات (لوقا39:1-56) 6/7 قبل الميلاد – ميلاد يسوع في بيت لحم (لوقا1:2-19) – وجدوا مريم مع الطفل (متى18:1-25) – ختان يسوع في اليوم الثامن (لوقا21:2) – تطهير مريم حسب الشريعة بعد 40 يوما (لوقا22:2-24) – نبؤة سمعان الشيخ عن يسوع ومريم (لوقا25:2-35) – حنة النبيّة تتكلم عن يسوع (لوقا36:2-38) – العودة الى الناصرة (لوقا 39:2) 4/6 قبل الميلاد – زيارة المجوس (متى1:2-11) – الهروب الى مصر من هيرودس الملك (متى 13:2-14) 4/؟ قبل الميلاد – العودة الى الناصرة بعد موت هيرودس (متى19:2-23) 6 بعد الميلاد – وجدوا يسوع في الهيكل في اورشليم (لوقا41:2-50) 6/؟ – 27/28 – حياة مريم ويوسف مع يسوع في الناصرة (لوقا51:2) 30 بعد الميلاد – مريم في عرس قانا الجليل (يوحنا1:2-11) مريم مع يسوع أثناء حياته وخدمته العلنية (متى46:12-50، مرقس 31:3، لوقا19:8-21، يوحنا12:2-13) تطويب يسوع الغير مباشر عن مريم لإيمانها (لوقا27:11-28) 33 ميلادية – مريم عند الصليب (يوحنا25:19-27) -مريم مع الرسل في العليّة بعد صعود يسوع (أعمال14:1) 43/48 – موت وانتقال مريم بالنفس والجسد للسماء لتتحد مع ابنها يسوع والدة الله العلم المريمي Mariology لأن مريم تحتل موقعا مميزا في تدبير الله الخلاصي، بأنها أم ابن الله المتجسد وبكر الخليقة المفتداة، نشأ في الكنيسة ما يسمى “اللاهوت المريمي”، علم كغيره من العلوم، يبحث ليُظهر الحقيقة ويوضح أمامنا صورة مريم، شارحاً ومثبتاً موقعها الذي أراده الله لها. وهذا اللاهوت له مرجعيته التي تعطيه حيويته وقوته وتجدده. الكنيسة الكاثوليكية تعتمد على الكتاب المقدس كمرجع أساسيّ لتعاليمها، وبالتالي كل تعاليمها هي لشرح وتوضيح ما اوحي في الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد وهي تسعى جاهدة لفهم تدبير الله المُعلن من خلال الكتاب المقدس، وهي حريصة الحرص الشديد على أن تبقى أمينة لشهادة المعلم يسوع لأبيه، وشهادة الرسل ليسوع. لذلك، إذا أردنا التكلم عن مريم، فالكتاب المقدس هو المرجع الأول الذي نعود إليه، ومنه ننطلق لنفهم سر مريم، الذي هو سر أمومتها ومرافقتها لابنها يسوع كلمة الله “في البدء كان الكلمة… والكلمة صار بشراً” (يوحنا1:1-14)، وهو مضمون البشارة الجديدة وهو منتظر الشعوب. والمصدر الثاني لكل تعليم كنسي هو ما يعرف “بالتقليد المقدس” والذي يتكلم عنه أيضاً المجمع الفاتيكاني الثاني في دستور عقائدي في الوحي الإلهي، الفصل الثاني، الفقرة 8: “…ولذا فالرسل، وقد سلَّموا ما كانوا قد تسلموه، ينبِّهون المؤمنين إلى التمسك بالتقاليد التي تعلموها سواء بالوعظ أو بالرسائل (2تيموثاوس15:2) وإلى الجهاد في سبيل الإيمان. وهكذا فإن الكنيسة بتعليمها وحياتها وطقوسها، تخلِّد وتنقل للأجيال بأسرها كل ما هي عليه وكل ما تؤمن به.هذا التقليد الذي استلمناه من الرسل يتقدّم في الكنيسة بمعونة الروح القدس، فهذا التقليد المقدَّس الذي وصل إلى أباء الكنيسة، تسلَّموه وتأملوا فيه وشرحوه. والمصدر الثالث هو الطقوس الكنسية، فالشعب المقدّس والممسوح بالروح القدس، نظَّم ذاته ونظم إحتفالاته وأعياده، ووضع مواعيد للقاء للصلاة وتمجيد الله وشكره. وبوضع المواعيد والأزمنة نشأ ما يسمى “بالوقت المقدس” و”اليوم المقدس”، وبالتالي نشأت ما تسمى “بالسنة الطقسية”، وهذا ما يسمى بالزمن الليتورجي الذي به تقام الإحتفالات الليتورجية. فهذا الزمن يكون مقدّساً لأنه مخصص للقدوس، ولأن أساس اللقاء وغايته هو الله. فهذا الشعب لكي يحيي هذه الإحتفالات الليتورجية استند إلى المرجعين السابق ذكرهما: فكان الكتاب المقدس والتقليد المقدس مصدر إلهام، فظهر دور الليتورجية بأنها تستند إلى هذين المرجعين وأصبحت بالنسبة لنا مرجعاً مهماً وأساسياً.والليتورجية احتفلت وأظهرت بعض خصائص مريم أو بعض الحقائق المريمية قبل أن تكون هذه الحقائق موضوع بحث لاهوتي أو موضوع إعلان عقائدي. مثلا على ذلك: شفاعة مريم السماوية، فقد نظمت صلوات تطلب شفاعة العذراء قبل أي إعلان كنسي رسمي عن ضرورة تكريم وطلب شفاعة مريم. وبالتالي أصبح رواج إحتفال ليتورجي معين بمثابة عمل الروح في وسط شعبه، فمئلا رواج عيد الحبل بلا دنس وانتشاره قبل إعلان عقيدة الحبل بلا دنس اعتبر بـمثابة برهان على هذه الحقيقة اللاهوتية. محتوى “العلم المريمي” او “اللاهوت المريمي” يمكن تقسيمه الي جزءان كالتالي: الجزء الأول ويشمل مهمة مريم الفردية وأمومتها والنتيجة الطبيعية لأمومتها الروحية للمؤمنين وفضائلها ومناقشة وتامل في مكانتها الفريدة. الجزء الثاني ويشمل امتيازات مريم مثل الحبل بلا دنس الخطيئة الأصلية والممتلئة نعمة والبرارة والبتولية الدائمة وعدم فساد جسدها وانتقالها بالنفس والجسد للسماء. الثالوث الأقدس ومريم اعلن المجمع الفاتيكاني الثاني في الفصل الثامن: دستوره العقائدي عن الطوباوية مريم أم الله في سر المسيح والكنيسة ما يلي:” أمَّا وقد قرَّرَ الله بصلاحِهِ المتسامي وحكمته الفائقة أن يفتدي العالم “لمّا بلغ ملءُ الزمان أرسل ابنه مولوداً من امرأة… لننال التبني” (غلاطية4:4-5) “الذي لأجلنا نحن البشر ولأجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء”. فالعذراء مريم التي قَبِلَت، عند بشارة الملاك، كلمةَ الله في قلبها وفي جسدها، وقدَّمَت الحياة للعالم، هي معروفة ومكرمة كأمّ الله الحقة، وأم المخلص. وقد افْتُدِيَت بطريقةٍ ساميةٍ نظراً إلى استحقاقات ابنها، المرتبطة به برباطٍ وثيقٍ لا ينفصم. اغتنت بهذه المهمّة الفائقة، وهذا الشرف، بأن تكون أم ابن الله، وبالتالي ابنة الآب المفضَّلة، وهيكلَ الروح القدس، بهذه العطية عطية النعمة غير العادية، تسامَت إلى حدٍ بعيد فوق كلِّ الخلائق في السماء وعلى الأرض”. مريم والأب السماوي: ان مريم هي نفسها تلك المرأة التي لوَّحَ عنها الله آنذاك بطريقةٍ نبويّة في الكلام على الوعد بالانتصار على الحية، الوعد الذي قطعه الله للأبوين الأولين بعد سقوطهما بالخطيئة (تكوين15:3) وهي كذلك العذراء التي ستحبل وتلد ابناً يُدعى اسمه عمانوئيل (را. إش 7: 14؛ مي 2:5- 3؛ متى 1: 22- 23). ولقد حَسُن لدى أبي النعم أن يسبق التجسد رضى هذه الأم المختارة، حتى أنه كما ساهمت امرأةٌ في عمل الموت، تساهم أيضاً امرأةٌ في الحياة. وهذا ما يَصحُّ بنوعٍ عجيب في أم يسوع التي أعطت العالم الحياة، حياةً منها تجدَّدَ كلُّ شيء، وقد حَباها الله نِعماً على مستوى مهمة عظمى كهذه. وقد زهت عذراء الناصرة، منذ اللحظة الأولى للحبل بها، بقداسةٍ وهّاجة وفريدة جداً، فحيَّاها ملاك البشارة المنتدب من الله ممتلئةً نعمة (لوقا28:1). فأجابت البشير السماوي، “هاءنذا أمةُ الربِّ، فليكن لي حسب قولك” (لوقا38:1). العذراء القديسة مع يسوع الإبن: إنَّ الاتحاد الذي يربط الأم بابنها في عمل الخلاص لظاهرٌ منذُ ساعة الحَمْل البتولي بيسوع حتى موته، ويبدو أول ما يبدو ساعةَ ذهبت مريم مسرعةً لتزورَ أليصابات؛ فحَيَّتها هذه بالمباركة التي آمنت بالخلاص الموعود به، في حين ارتكض السابق في أحشاء أمه (لو 1، 41 – 45) ثم في الميلاد عندما أرت أم الله بفرحٍ إلى الرعاة والمجوس، ابنها البكر الذي كانت ولادته تكريساً لبتوليَّتها الكاملة وليس فقداناً لها (181)، وأيضاً في الهيكل بعدما قدَّمت ذبيحةَ الفقراء، إذ قرَّبَت ابنها للربِّ؛ فسمعت سمعان يتنبأ في الوقت عينه، أن الابن سيكون علامةَ خلافٍ، وإنَّ نفسَ الأمِّ سيَنفذ فيها سيفٌ، وهكذا ستظهر أفكارُ الكثيرين (لو 2، 34- 35). أمَّا وقد ضاعَ الطفل يسوع ففتش عنه والداه حزينين، ووجداه في الهيكل منشغلاً بأعمالِ والده، لكنّهما لَمْ يفهما كلمة الصبي. أمّا أمه فكانت تحفظ كل هذا في قلبها وتتأمل فيه (لو 2، 41– 51). وفي حياة يسوع العامَّة تظهر أمُّه بكل وضوحٍ منذ البدء عندما حصلت بشفاعتها، وقد حرَّكَتها الشفقة، على أن يبدأ يسوع المسيح عجائبه في عرس قانا الجليل (يوحنا1:2-11). وطيلة كرازة يسوع قَبِلَت الكلام الذي به وَضَعَ الابنُ الملكوتَ فوق كلِّ اعتباراتِ وعلاقاتِ اللحم والدم، وذلك عندما أعطى الطوبى للذين يسمعونَ كلمةَ الله ويحفظونها (مرقس35:3؛ لوقا27:11-28)، كما كانت تعملُ هي بكلِّ أمانةٍ (لوقا19:2 و51). هكذا تقدَّمَت العذراء مريم في غُربة الإيمان مُحافظةً بكلِّ أمانةٍ على الاتحاد مع ابنها حتى الصليب حيث كانت واقفة (يوحنا25:19) -ولم يكن ذلك بدون تصميمٍ إلهي- تتألَّم بقوّةٍ مع ابنها الوحيد، مشتركةً بقلبها الأمومي في ذبيحته، معطيةً إلى تقدمة الذبيح، المولودِ من لحمها، رِضى حبِّها، إلى أن يُعطيها يسوع المسيح بالذات، المُنازع على الصليب، إلى تلميذه أُمَّاً له بهذه الكلمات “يا امرأة هذا ابنك” (يوحنا26:19-27). الروح القدس ومريم في مناسبتان في العهد الجديد أظهرت مريم وعلاقتها بالروح القدس. في يوم الخمسين نجد ان مريم كانت حاضرة في العلّية عندما حل الروح القدس:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ.“(اعمال14:1) و” وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”(اعمال1:2-4). ولكن عندما نتكلم عن الحبل المسياني في أحشاء البتول مريم نجد كلا من متى ولوقا يظهران تلك الحقيقة بصورة واضحة. في انجيل القديس متى وجدت مريم حبلى من الروح القدس:” أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.“(متى18:1)، ومن هنا جاء الإخطار ليوسف:” إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.“(متى20:1). في انجيل القديس لوقا اعلن الملاك لمريم ان ابنها سيدعى ابن العليّ:” وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ”(لوقا31:1-32)، ثم يضيف الملاك اجابة لتساؤلات مريم:” «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.“(لوقا35:1). وبالتالي فهي نتيجة لذلك ان فعل الروح القدس في مريم ان ابنها سيملك على كرسي داود والى الأبد:” وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».“(لوقا33:1)، وانه سيدعى ابن الله وابن العليّ وان مريم في نفس الوقت ان الروح القدس حلّ عليها وقوة العليّ ظللتها(لوقا35:1). منذ البداية لقب الملوكية في الشعب العبراني “الممسوح من الرب” اي المسيّا (والذي باللغة العبرية مثل “المسيح” في اللغة اليونانية للممسوح” كان مصاحب مع الآتي والمختار من الرب:” فَيَحِلُّ عَلَيْكَ رُوحُ الرَّبِّ”(1صموئيل6:10) و” فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قَرْنَ الدُّهْنِ وَمَسَحَهُ فِي وَسَطِ إِخْوَتِهِ. وَحَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا..“(1صموئيل13:16)، أو روح الله” فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ اللهِ فَتَنَبَّأَ فِي وَسَطِهِمْ.“(1صموئيل10:10). إذا ما أنقذ شاول الإسرائيليين من العمانويين وداود من الفلسطينيين فكان ذلك بسبب انهما قد قبلا قوة من الله والتى دعاها الكتاب المقدس “روح”. بالنسبة لشاول وداود فتلك “الروح” هي قوة من العليّ ضرورية للحياة ولقيادة شعب الله. في الكتاب المقدس فالروح خاضعة بالكامل للرب فهو قادر ان يأخذها من البشر :” فَقَالَ الرَّبُّ: «لاَ يَدِينُ رُوحِي فِي الإِنْسَانِ إِلَى الأَبَدِ، لِزَيَغَانِهِ، هُوَ بَشَرٌ.“(تكوين3:6)، في نهاية فترة من الزمن وبهذا تصبح حياة الإنسان محدودة. طبقا لمزمور داود 104 “ تَنْزِعُ أَرْوَاحَهَا فَتَمُوتُ، وَإِلَى تُرَابِهَا تَعُودُ.تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ”(مزمور29:104-30). ان تلك روح الحياة التى أعطاها الرب الى شاول ثم أخذها منهتاركا فيه قوة الروح الشريرة “ وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.“(1صموئيل14:16)، وداود من جهة أخرى حفظها له حتى آخر كلماته:” فَهذِهِ هِيَ كَلِمَاتُ دَاوُدَ الأَخِيرَةُ: «وَحْيُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى، وَوَحْيُ الرَّجُلِ الْقَائِمِ فِي الْعُلاَ، مَسِيحِ إِلهِ يَعْقُوبَ، وَمُرَنِّمِ إِسْرَائِيلَ الْحُلْوِ رُوحُ الرَّبِّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي.“02صموئيل1:23-2). في بعض قضاة اسرائيل فتلك الروح تصرفت بشكل عابر ولكن بشكل أكثر ديمومة مع يوسف:” فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلًا فِيهِ رُوحُ اللهِ؟»“(تكوين38:41). بعد سقوط المملكة منح روح الرب للأنبياء مثل حزقيال وبأمر من الله أمر النبي الروح ان تنشط في اسرائيل(حزقيال 37)، وسوف يتدفق الروج الى كل بيت اسرائيل:” وَلاَ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ بَعْدُ، لأَنِّي سَكَبْتُ رُوحِي عَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».“(حزقيال29:39)، وفيما بعد في كل الأجساد. ولكن طبقا للنبي اشعيا ومدرسته ما خدث كان بسبب ان روح الرب ستحلّ على جذع يسى بمواهب الحكمة والفهم والمشورة والقوة والمعرفة والرحمة والخوف من الرب وهي مواهب يستطيع بها الله ان يجغل الإنسان يخاف من الرب:” وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ، وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ. وَلَذَّتُهُ تَكُونُ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، فَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ نَظَرِ عَيْنَيْهِ، وَلاَ يَحْكُمُ بِحَسَبِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ”(اشعيا1:11-3) و” أَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تُغَطِّي الْمِيَاهُ الْبَحْرَ.“(اشعيا9:11). طبقا لما جاء في نبؤة اشعيا:” «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ”(اشعيا1:42)، فالروح على “عبد الرب” الذي سوف يجعل شريعة الرب معلومة للأمم:” لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ».“(اشعيا4:42). في النهاية وكما جاء في اشعيا النبي:” أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ، “(اشعيا11:63) سمي الروح القدس كما ان الله قدوس. احزن الشعب عندما كان هذا الروح في موسى فهو الذي سيقود الشعب للراحة:” الَّذِي سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ، الَّذِي شَقَّ الْمِيَاهَ قُدَّامَهُمْ لِيَصْنَعَ لِنَفْسِهِ اسْمًا أَبَدِيًّا، الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ، كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَعْثُرُوا؟ كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ، رُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ”(اشعيا12:63-14)، حيث ان الله يريد شعبه ان يكون مقدس:””كَلِّمْ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ.“(لاويين2:19)، وذلك بأن يحبوا اقرباؤهم وجيرانهم كأنفسهم:” بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ.“(لاويين18:19) و”كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ الْغَرِيبُ النَّازِلُ عِنْدَكُمْ، وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ.“(لاويين34:19). لذلك ففي العهد القديم فالمسيّا ورسالته لتقديس الشعب مرتبط كثيرا مع فعل حلول روح الله. وبخصوص أم المسيّا مهما كان دورها وما سيكون، لم يذكر اي شيئ عن روح الله بالنسبة لذلك الأمر. أكثر من ذلك كما جاء في العهد القديم ان المسيّ يكون إبن ووارث الله من خلال “ أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا.“(2صموئيل14:7) و “«أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي». إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قَالَ لِي: «أَنْتَ ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.“(مزمور5:2-7) و “الَّذِي تَثْبُتُ يَدِي مَعَهُ. أَيْضًا ذِرَاعِي تُشَدِّدُهُ.” “أَنَا أَيْضًا أَجْعَلُهُ بِكْرًا، دأَعْلَى مِنْ مُلُوكِ الأَرْضِ.“(مزمور21:89 و27)، ومزمور 110 هذه البنوة تكون مصحوبة بالكهنوت كملكي صادق:”أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ”(مزمور4:110) حيث ان الله هو رئيس الكهنة الأعظم:” وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ.“(تكوين18:14). في نص انجيل لوقا من جهة أخرى تلك البنوة ترجع الى أمومة مريم. في وصف فعل روح الله على المسيّا فالتوراة اليهودية غالبا ما تغير الفعل، ففي القضاة مثل شمشون جاء:” فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، فَشَقَّهُ كَشَقِّ الْجَدْيِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ.“(قضاة6:14) وللملوك مثل شاول وداود تكلم الكتاب المقدسعن “حلّ” و”فارق” في كثير من الترجمات، وفي مثال جدعون القاضي جاء “ وَلَبِسَ رُوحُ الرَّبِّ جِدْعُونَ فَضَرَبَ بِالْبُوقِ”(قضاة34:6). فالروح يمكن ايضا “يفارق” النبي او “يسقط” او “يحمله بعيدا” (مثال ايليا- وَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا مَعَ عَبِيدِكَ خَمْسُونَ رَجُلًا ذَوُو بَأْسٍ، فَدَعْهُمْ يَذْهَبُونَ وَيُفَتِّشُونَ عَلَى سَيِّدِكَ، لِئَلاَّ يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ رُوحُ الرَّبِّ وَطَرَحَهُ عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ، أَوْ فِي أَحَدِ الأَوْدِيَةِ»“(2ملوك16:2). في اليشع النبي “وَلَمَّا رَآهُ بَنُو الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي أَرِيحَا قُبَالَتَهُ قَالُوا: «قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ». فَجَاءُوا لِلِقَائِهِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى الأَرْضِ.“(2صموئيل15:2) ولداود جاء “يحل”” وَيَحُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.“(اشعيا2:11)، فالكتاب المقدس يشير الى دوام وجود روح الله بقوله “استقر على”فجاء عن يوسف ” فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلًا فِيهِ رُوحُ اللهِ؟»“(تكوين38:41)وفي موسى جاء “ ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، مُوسَى وَشَعْبَهُ: «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ”(اشعيا11:63)، ولكن جاء في سفر العدد عن القاضى عُثْنِيئِيلَ بْنَ قَنَازَ أَخَا كَالِبَ الأَصْغَرَ.فَكَانَ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ”(قضاة10:3)، وفي النهاية اتى روح الله الى العظام الميتة لشعب اسرائيل وأقامها:” فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدًّا جِدًّا”(حزقيال10:37). انه ذلك الفعل الذي اختاره القديس لوقا ليصف حلول الروح على مريم «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، “، ربما كطريقة لشرح دوره النشط والحلاصي لذلك التكريس لميلاد المسيّاني. “قوة العلي” يمكن ان تكون المقصود إشارة لكهنوت ملكيصادق “كاهن الله العلي” والذي هو احد السمات في الرسالة العبرانيين. لقد أشار القديس لوقا الى “سحابة تظللهم” كما جاء:” أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لَهُمْ عَيْنًا لِعَيْنٍ، وَسَحَابَتُكَ وَاقِفَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ سَائِرٌ أَمَامَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَارًا وَبِعَمُودِ نَارٍ لَيْلًا.“(عدد14:14)، وظهرت في مزمور لداود:” الرَّبُّ حَافِظُكَ. الرَّبُّ ظِلٌّ لَكَ”(مزمور4:121) لكي يصف لطف الحماية الإلهية ويتجنب ان ينظر الى “القوة” للعليّ كفعل عنيف. ان حضور الروح يكون احيانا كريح عنيفة ومخيفة كما حدث لموسى وايليا، ولكن النسل المقدس المولود من مريم قد قدّس شعبه في سلام وهدوء. ربما كان في فكر القديس لوقا خاصة ما جاء في مزمور داود:” احْفَظْنِي مِثْلَ حَدَقَةِ الْعَيْنِ. بِظِلِّ جَنَاحَيْكَ اسْتُرْنِي”(مزمور8:17)، وكيف ان الأب السماوي عندما اعلن عن ابنه الوحيد ظهر الروح القدس على هيئة حمامة علامة السلام، وايضا يمكن ان يكون الانجيلي متذكرا حماية الله لمؤمنيه كما جاء:” اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: «مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ».لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ.بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ، وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ.“(مزمور1:91-4). آباء الكنيسة ومريم في تقليد الكنيسة الحي والمقدس، المُستمر منذ تأسيس الكنيسة حتى أيامنا هذه، يحتل آباء الكنيسة مكانة خاصة، تجعلهم يتميَّزون عن أي شخصية أخرى في تاريخ الكنيسة. فالآباء هم أول من وضع الخطوط العريضة لبنية الكنيسة، التنظيمية، العقائدية والرعوية، وما قدَّموه يحتفظ بقيمتهِ بشكل دائم. من الآباء حصلنا على قانون الكتاب المقدس، قوانين الإيمان، قوانين الحياة الكنسيّة، الليتورجيا، أوائل الخلاصات اللاهوتية والتعليمية، أضف إلى ذلك التأملات في الحياة الروحية، الزهدية والصوفية. لهذا فإن سلطان تعليمهم في الأمور اللاهوتية يبقى فريداً في تاريخ الكنيسة. على أننا يجب أن نبقى يقظين لئلا نجعل من “لاهوت الآباء” عبارة جامدة، يمكنها أن تختصر كل الخبرات والآراء المتنوّعة في مسيرة واحدة، فالبحث اللاهوتي كان لا يزال في بداياتهِ، كما أن المواقف الرسمية للكنيسة من بعض الأمور العقائدية قد نضجت مع الزمن، لهذا ففي دراسة الآباء علينا أن نحذر تبسيط الأمور، وألا يكون استشهادنا بأقوالهم عفوياً خالياً من الموضوعية والدراسة النقدية للمحيط الزمني والمكاني الذي عاشوا فيهِ. ركزّت الـمؤلفات التى كتبها آباء الكنيسة للدفاع عن مكانـة مريـم العذراء وأمومتهـا وشفاعتهـا وبتوليتهـا الدائـمة وغيرهـا من العقائد. ولقد صدرت مؤلفات من آباء الكنيسة أمثال هيبوليتس الرومانى(130-235)، والقديس ايريناوس(130-202)، والقديس غريغوريوس صانع العجائب (+270) والقديس امبروسيوس اسقف ميلان(339-397)، والقديس يوستين الشهيد(100-163)، وترتليان(160-235)، والقديس افرام السرياني(303-373) والقديس كيرلس الأسكندري(+444)، والقديس أوغستينوس(+480)، والقديس البابا جريجورى الكبير(540-604)، والقديس جرمانوس بطريرك القسطنطينية(+733)، والقديس يوحنا الدمشقي(675-746)، والقديس غريغوريوس النارغي(+950)، والقديس بطرس دميانوس(1007-1072). العقائد المريمية عن أهم الـمعتقدات التى أعلنتهـا وتعلـمها الكنيسة الكاثوليكيـة عن القديسة مريـم العذراء أم يسوع امام التساؤلات العديدة التي تتعرض لمكانـة العذراء مريم أم يسوع ِوما تعلّمه الكنيسة الكاثوليكية، فلقد سبق ان تم نشر سلسلة من الكتيبات في الفترة من عام 2003 وحتى 2007 تحت عنوان “الأسانيد الكتابيـة للتعاليـم الكنسية عن القديسة مريم أم يسوع” فى خمسة أجزاء، والتى تحوي محاولة الإجابـة على أهم القضايـا التى تؤمن بها وتعلنهـا الكنيسة الكاثوليكيـة عبر عصورهـا والتى أثارت بعض الجدل فى نفوس البعض عن من هى القديسة مريـم العذراء أم يسوع. أما مجلّد “العقائد المريمية” فهو تجميع لتلك الكتيبات كمرجع لكل من يحاول البحث عن إجابة او من يريد التعمق عن كل ما يُثار نحو التعاليم الكنسية عن أم يسوع. يحتوي هذا المجلّد على عدة أبواب، ففى الجزء الأول سنتعرّض لبعض النقاط الأساسية للتأمـل وللإلتقـاء قبل الخوض فى العقائد والتعاليـم الكنسية عن مريم العذراء، ثم الباب الثاني يشمل بعض الأسانيد والحجج الخاصـة بالتعليم القائل بعصمة مريم العذراء من دنس الخطيئة الأصليـة. وفى الباب الثالث سنتعرّض لقضيـة بتوليـة مريـم الدائـمة، أما الباب الرابع فيتعرض لمعنى لقب مريم أم الله “ثيؤتوكوس”، وأمـا الباب الخامس فسوف يشمل معنى إنتقال مريم العذراء بالنفس والجسد للسماء ثم الباب السادس فهو عبارة عن شرح معنى الإكرام وأسبابه ونتعرض لشفاعة القديسة مريم والقديسين مع محاولة الرد على بعض التساؤلات الأخرى وذلك من خلال ما جاء في الكتاب المقدس والتعاليم الكنسية. الأمومة الإلهيـة أبرزت الكنيسة أهمية شخصية العذراء مريم كوالدة الله، بعد انعقاد مجمع أفسس مباشرة سنة 431م، وذلك لضبط مفهوم التجسد الإلهى ومقاومة بدعة نسطور. وهكذا أضافت مضمون العقيدة التى أقرها هذا المجمع فى مقدمة قانون الإيمان والتى مطلعها: “نعظمك يا أم النور الحقيقى ونمجدك ايتها العذراء القديسة والدة الإله لأنك ولدت لنا مخلص العالم أتى وخلص نفوسنا….”. “والدة الإله” ليس مجرد إسم ولا هو لقب تكريمي للعذراء، إنـما هو تعريف لاهوتـي يحمل حقيقة حيّة إيـمانية، وتحمل لنا أيضا فعل محبة الله فى أعلى صورها. الحقيقة ان العذراء مريم ولدت الإله الـمتأنس، أي الـمسيح بلاهوتـه وناسوتـه، وعندما نقول عن أم انها ولدت إنسانا لا نقول انها أم الجسد فقط بل أم الإنسان كله مع انها لـم تلد روح الإنسان الذى خلقه الله، هكذا تدعى القديسة مريم والدة الإله ولو انها لم تلد اللاهوت لكن ولدت الإله الـمتأنس. إذا كان السيد الـمسيح هو الله الذى ظهر فى الجسد كقول الرسول بولس”عظيم سر التقوى الذى تجّلى فى الجسد”(1تيمو16:3) فوجب أن تدعى العذراء بأم الله فهى أم يسوع، ويسوع هو الله وعلى هذا تكون القديسة مريم هى أم الله، وبالعكس إذا لـم تكن القديسة مريم أم الله لا يكون الإبن الـمولود منها إلها. إن حبل مريم بيسوع الـمسيح لـم ينتج عنه تكوين شخص جديد لـم يكن له وجود سابق كـما هى الحال فى سائر البشر بل تكوين طبيعة بشرية اتخذها الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس الـموجود منذ الأزل فى جوهر واحد مع الآب والروح القدس. فيسوع الـمسيح ليس إلا شخص واحد، شخص الإله الـمتجسد الذى اتخذ طبيعتنا البشرية من جسد مريم وصار بذلك إبن مريم. الحبل بلا دنس تحدد عقيدة الحبل بلا دنس ان مريم العذراء وحدها وُجدت منزهـة عن الخطيئة الأولـى فمريم دخلت العالم وهى ممتلئة نعمة وذلك منذ لحظة الحبل بها من أبويها. وهذه النعمة الخاصة قد أُعطيت لها بصفة فريدة وإستثنائية نظرا لإستحقاقات إبنها المسيح الفادي فلكي يتجسد ويصير إنسانا كاملا كان لا بد له من طبيعة إنسانية كاملة غير ملوثة بالخطيئة، لذلك وجب أن تكون تلك الأم التى سيأخذ منها طبيعته البشرية طاهرة بريئة من كل دنس الخطيئة ومن هنا نتج ضرورة منح العذراء بالرغم من كونها حُبل بها طبيعيا كأي إنسان بشري، إمتيازا خاصا يحررها من الخطيئة الأصلية التى يتوارثها الجنس البشري وهكذا تكون العذراء قد تمتعت بالنعمة المبررة وهى بعد فى أحشاء أمها وهىحالة النعمة التى تمتع بها الإنسان الأول فى لحظة خروجه من يد اللـه. ولقد اضاف البابا بيوس التاسع هذا اللقب لطلبة مريم العذراء فى عام 1854. البتولية الدائمة بتوليـة مريم العذراء حقيقة مؤكدة، فها هى شهادة الـملاك جبرائيل للقديس يوسف تعلن: “فإن المولود فيهـا إنـما هو من الروح القدس”(متى20:1)، وفـى بشارة الـملاك جبرائيل للعذراء يُعلن أن “الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة العلي تظللكِ ولذلك فالقدوس الـمولود منكِ يُدعـى إبن الله”(لوقا35:1)، وهذا تـتميمـاً لنبؤة اشعيا القائل”هـا أن العذراء تحبل وتلِد إبنـاً ويدعى اسـمه عـمانوئيل”(اش14:7). وهـذه الكلمة “عذراء”، أو كلمةALMA ألـما باللغة العبرية والتى استخدمها الوحي الإلهي على لسان إشعيا تعني فتاة صغيرة “بنت” عذراء وهي لم تستخدم من قبل لوصف امرأة متزوجة وهذه أول مرة تستخدم لوصف فتاة صغيرة. فسفر التكوين يصف رفقة قبل أن تتزوج بإسحق “بكراً لم يعرفها رجل” (تك16:24)، وكان على اشعيا أن يختار ما بين الكلمتين فقط الـمـتوافرتين فى ذلك الوقت، واحدة تصف امرأة صغيرة قبل زواجها، والأخرى التى ترتبط بالزواج والتى تحمل معنى العذريـة. والجدير بالذكر أن كلمة ألـما جاءت لغويـا بـما يفيد استمرار البتوليـة لهذا لـم تترجـم “عذراء” بل “العذراء” لتصف والدة عمانوئيل كعذراء دائـمة حتى بعد إنجابهـا الطفل. وعند ترجمة النص العبري الى اليونانية استخدمت الكلمة اليونانية “بارثينون” والتى تعني دائما عذراء كما جاء فى انجيل متى. وبحسب إيماننـا الـمسيحي فإن مريم هـى “الدائـمة البتوليـة” أي ان مريم بتول قبل الولادة وفى الولادة وبعد الولادة. بتول قبل الولادة إذ حبلت بيسوع المسيح دون معرفة رجل، وبتول فـى الولادة إذ انهـا ولدت يسوع وبقيت بتولا، وبعد أن ولدتـه لـم يكن لها علاقة مع أي رجل فليس من أمر يستحيل على الله، فالذى فى البدء وضع نواميس الحبل والولادة لدى البشر يغيـرها الآن فـى الحبل بـه وولادتـه، جامعـا فـى أمـه العذراء مريم مفخرتيـن تعتـز بهما كل الفتيات والنساء ألا وهـما البتولية والأمومـة. عقيدة الإنتقال أعلـن البابا بيوس الثانــى عـشـر فى 1/11/1950فى رسالته البابوية “إن والـدة الإلـه المنـًزهـة عـن كـل عيـب,مـريـم الدائـمـة البـتـوليـة, بعـد أن أنهـت مـجـرى حـيـاتـهـا الأرضــيـة, رٌفـعـت بجسـدهـا ونفـسـها إلـى المجـد السمـاوي” وهـكـذا تحتـفـل الكنيـسة الكاثوليكيــة فى أنحـاء العـالـم فى الخامـس عشر من أغسطس من كل عـام بهـذا العيـــد. إن إعـلان هـذه العقيدة يعبـر بشكل واضح عن إيمان الكنيسة منذ القرون الأولـى للمسـيحـية.إن إنتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو نتيجة لعمل الروح القدس فيها. فالروح الذى حـل عليها وأحيا جسدها لتصير أمـاً لابن الله, هو نفسه يكمـل عمله فيها ويحيي جسدها المائت وينقله الى المجد السماوي لآن مريم العذراء كانت فى جسدها ونفسها مستسلمة إستسلامـا تــامـا لعمل الروح القدس. فإنـتـقـال مريم حدث سـبـاق لتحرير البشر أجمعين من سلطان الموت وعودتهم الى وضعهـم الفردوسي الآول و هـذا الإنتقال كما يقول المجمع الفاتيكانى الثانى هو “علامة رجاء وطيد”، رجاء فى أن قيامة الأموات بفضل يسوع المسيح ستتم وتحدث, وإنتقال مريم الى السماء بجسدها وروحها علامة لقيامة البشر. أنـه يبدو من المحال إن مريم العذراء التى حبلت بالسيد المسيح وولدتـه وغـذتـه بلبنها وحملته على ذراعيها وضمتـه إلى صدرهـا قد إنفصلت عنه بعد حياتها على هذه الآرض، إن لم نقل بنفسها, فبجسدها. فبما أن فادينا هو إبن مريم، لم يكن بإستطاعته، هو الخاضع خضوعا تاما للشريعة الإلهية, ألاُ يؤدى الإكرام ليس فقط الى الآب الآزلي بل أيضا الى أمـه المحبوبة فحفظها من فساد القبر فرفعت بالجسد والنفس الى المجـد فى أعلى السماوات, لتــتألـق فيهـا كملكـة على يمين ابنها ملك الدهور الآزلي. فضائل مريم يوما مـا صرخت إمراءة فى إحدى عِظات يسوع فى الناصرة “طوبى للبطن الذى حملك والثديين الذين رضعتهمـا.أما هو فقال بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه” (لوقـا 27:11-28). فهـل إستحقت مريم التطويب لأنها ام يسوع وكفى؟، أم لإنها سمعت كلام الله وحفظته متفكرة فيه فى قلبها وعملت بـه (لوقا51:2). ان التأمل فى فضائل مريم وحياتها سوف يعكس لنا مثالاً حياً يشجع كل مؤمن على التقدم فى الفضائل الإنجيلية بفعل نعمة الروح القدس والذى حلّ على البتول وحصلنا نحن عليه فى المعمودية. سوف نتعلم من مريم إيـمانهـا وقبولها لكلمة الله (لوقا26:1-28)، وطاعتها (لوقا38:1)، وتواضعها (لوقا48:1)، ومحبتها (لوقا39:1-56)، وحكمتها (لوقا29:1ولوقا19:2)، وخدمتها للآخرين (لوقا56:1)، وممارستها للشرائع الإلهية(لوقا21:2-41)، فى شكرها لعطايا الله(لوقا46:1-49)، فى تقدمتها فى الهيكل(لوقا22:1-24)، وفى صلاتها مع المؤمنين(اعمال12:1-14)، وغربتها (متى13:2-23)، وآلامها (لوقا34:2-35و 49ويوحنا25:19)، وفقرها وثقتها فى الله (لوقا48:1و24:2)، وفى خدمتها لإبنها من الميلاد وحتى الموت على الصليب (لوقا1:2-7ويوحنا25:19-27)، فى رقة مشاعرها نحو إحتياج الآخرين(يوحنا1:2-11)، فى طهارة بتوليتها(متى18:1-25ولوقا26:1-38). ان التأمل فى فضائل مريم وحياتها سوف يعكس لنا مثالاً حياً يشجع كل مؤمن على التقدم فى الفضائل الإنجيلية بفعل نعمة الروح القدس والذى حلّ على البتول وحصلنا نحن عليه فى المعمودية. هذه الفضائل والتى للأم سوف تنقلها لأبنائها والذى يتأملون فيها ويتمثلون بها فى حياتهم للنمو فى النعمة و التقوى ومحاولـة التشبه بأم يسوع وأم الكنيسة جمعاء “لكي نجعل كل إنسان كاملاً فى المسيح”(كولوسي28:1). مـريـم العذراء فـى إيـمانهـــا نقرأ فى رسالة القديس بولس للعبرانيين تعريفاً عن الإيـمان: “الإيـمان هو الثقة بمـا يرجى والإيقان بأمور لا تُرى” (عبرانيين 1:11). وأيضاً كما يقول الرسول:”وبغيـر إيـمان لا يستطيع أحد أن يُرضي الله لأن الذى يدنو إلى الله عليه أن يؤمن بأنـه كائن وأنـه يُـثيب الذين يـبتغونـه”(عبرانيين6:11). وهناك عامـة أربعـة أنواع من الإيـمان: أ- إيـمان ناتج عن كلمات أو نتيجة إستجابة فورية لصياغة لفظية بعد عِظة مثلا أو قراءة كتاب. ب- إيـمـان يُفهم ويُدرك بالعقل فقط (سليمان رغم حكمته قد بّخر لألهة غريـبة). ج – إيـمـان كعمل سلوكي كمثل السامري الصالح وهذا يكون ثابت مع أي عقيدة أو مستوى أخلاقي وليس مع شخص يسوع. د – إيـمـان مـتكامـل، أي إيـمـان بفهم وإدراك وعمل، وهذا يتطلب إقتناع الفهم وتسليم الإرادة وثقـة القلب. الإيـمان هو تبعيـة كليـّة للـه ويتطلب فى الأساس معرفـة الله وهذه الـمعرفـة يلزمها قبول هبـة اللـه لكى تساعد الإنسان على قبول الحقائق الإلهيـة “نحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذى من الله لنعرف الأشياء الـموهوبـة لنـا من اللـه”(1كورنثوس12:2)، وكما يقول الرسول:”فإن كان أحد يظن انـه يعرف شيئاً فإنـه لـم يعرف شيئاً بعد كـما يجب أن يعرف ولكن ان كان احد يحب اللـه فاللـه معروف عنده”(1كورنثوس2:8-3)، ولهذا دعى يوحنا الإنجيلي الـمؤمنون بأنهم صاروا أبناء الله “فأمـّا الذين قبلوه فأعطى لهم سلطاناً أن يكونوا أبناء اللـه اي الذين يؤمنون بإسـمه”(يوحنا13:1). وكلمة “تؤمن” فى اللغة العِبريـة يُعبـر عنهـا بكلـمتان “Aman” والتى جاء منها كلـمة “آميـن”، وكلمة “batah” والتى ترتكز على الثقة والإستنارة، هـما تـمثلان قطبي فعل الإيمان “نور مُرسل قد أُستقبل” و”إستجابـة”. فالإيمان ليس حالـة أو فعل يظهر مرة ثم يختفى، بل هو ثقـة مطلقـة فى شخص مـا وهذا يعنى الإستعداد لقبول كل الأشياء والأفعال التى تأتـى من الله، حتى فى أصعب وأخطر الـمواقف، وهذا يستلزم أن يتخلّى الإنسان عن كل إعتماده وثقتـه فى إمكانياتـه وقدراتـه الشخصيـة. والكتاب المقدس مليئ بأنواع عديدة من الإيـمـان فهناك إيـمان الرعاة والتى أُعطيت لهم علامة من السماء، وموسى الذى طلب من الله عدة علامات ليصدقه فرعون والشعب العبراني، واليهود الذين طلبوا من يسوع “أيـّة آية تصنع لنرى ونؤمن بك”، ونثنائيل الذى صرخ بـمـلك الـمـسيح عندما أخبره بأنه رآه تحت التينة قبل أن يدعوة فيلبس، وإيـمـان إبراهـيم وتركه لأرضه و قبوله تقديم ابنه اسحق ذبيحة لله كأمر الرب له، وايـمـان زكريا الكاهن والذى شك وقال كيف أعلم هـذا وأنا شيخ وإمرأتي متقدمة فى حياتها. وإيـمـان مــريـم والذى لـم تطلب علامة عن صِدق قول الملاك جبرائيل عندما أخبرها بالميلاد العجيب بل أتت لهـا العلامـة من أن العاقر ستلد. عاشت مريم مع يسوع الطفل وكأي طفل عادي أرضعته وكان محتاجاً لها لتغذيته، فلو كان يسوع يعلن لها عن طبيعته الإلهية بإستمرار لـمـا كان لـمـريم فى إحتياج لحياة الإيـمـان ومـا كانت تتعجب من إجابة إبنها وهو فى الثانية عشر ” لماذا كنتمـا تطلبانني الم تعلما انه ينبغي أن أكون فيمـا لأبي” (لوقا 49:2) أو عند عرس قانا الجليل ” مـالي ولكِ ياإمراءة لم تأت ساعتي بعد” (يوحنا 2:4). أحداث البشارة والـميلاد والرعاة والـمجوس وفى الهيكل والهروب الى مصر ثم الحياة فى الناصرة ثم على الصليب لم تنكره بل وقفت بجانبه بشجاعة وثبات ثم اخيرا نجدها مع التلاميذ فى العُليـّة بعد الصعود مباشرة مواظبة على الصلاة والطلبة بنفس واحدة مع التلاميذ.كل تلك الأحداث التى تعكس إيـمان مريم برسالة إبنها وأثبتت أنها حفظت الكلمة وأطاعت الوصية وأكـمـلت مشيئة الله بدقة ومواظبة حتى النهاية. إيـمان مريم كان بلا فلسفة ولا طلب علامات أو آيات.لـم تفكر فى العار الذى يلحقها بهذا الحبل.فاقت بإيـمانها قائد الـمئة واللص اليمين والمرأة النازفـة، لهذا قالت “قالت أمه للخدام مهما قال لكم فإفعلوه” (يوحنا5:2). آمنت مريم برسالة السماء ولـم تقل انها مازالت صغيرة حتى تتبع الله كـما فعل أرميا فى القديم ذات يوم ” فقلت آه أيها السيد الرب هـآنذا لا أعرف أن أتكلـم لأنـي صبي” (أرميا 6:1). وعن إيمان مريم يقول القديس أُغسطينوس (مريم صارت مطّوبة بسبب تقبلها الإيـمـان بالمسيح أكثر من تقبلها الحمـل به وتقربها للمسيح بالجسد كأم كان بلا ربح لو لم تحمل المسيح فى قلبها). “من يصنع مشيئة أبي الذى فى السموات هو..أخي وأختي وأمي” (متى 50:12). عندما أخبر الملاك جبرائيل العذراء مريم قائلا “لا تخافي يا مريم فإنك قد نلت نعمة عند الله وها انت تحبلين وتلدين إبنا وتسمينه يسوع” وشرح لها كيف يكون هذا الحبل الإلهي ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللّك” فالـمنطق البشري يقول كيف يحدث هذا؟ وهذا ما أعلنته مريم “كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً”.. فمريم قد تقول فى نفسها (انا ناذرة البتولية..أنا كنت أخطط حاجة أخرى لحياتي..أنا كنت أريد..وانا كنت أخطط….) انها كلهـا تخطيطات بشرية. ولكن عندما عرفت مريم ان هذه هي مشيئة الرب، وتذكرت إيـمـان ابراهيم وكيف ترك أرضه وعشيرته وعندما قدّم ابنه ذبيحة حسب إختبار الله لـه. وتذكرت ايضا إيـمـان موسى وقبوله قيادة شعب الله من أرض العبودية الى أرض الـمـوعد. وتذكرت معنى حلول الروح القدس ومجد الرب يحل فى مكان ما، فتذكّرت خيمة الإجتماع “غطت السحابة خيمة الإجتماع وملأ بهاء الرب الـمسكن فلم يقدر موسى أن يدخل خيمة الإجتماع” (خروج35:40)، وأن قوة العلي ستظللهـا (لوقا35:1). إذن “انه ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله” (يوحنا23:2)، انه أمر سماوي، وإرادة سماوية. لـم تطلب مريم علامة لتؤمن مثل موسى لكي يصدقه فرعون والشعب العبرانـي” انهم لا يصدقونني ولا يسمعون لقولي بل يقولون لم يتجلّ لك الرب” (خروج7:4). لـم تطلب علامة مثل جدعون كما جاء فى سفر القضاة “ان كنت قد أصبت حظوة فى عينيك فأعطيني علامة على انك انت الذى كلمني “(قضاة 17:6) وكان أن الرب أعطاه من جزاز الصوف فى البيدر وسقوط الندى وغيرها من العلامات. لـم تطلب علامـة مثل بني اسرائيل عندما طلبوا من يسوع آية لكى يؤمنوا به “أيـّة آيـة تصنع لنراها ونؤمن بك”(يوحنا30:6). مـريم لم تطلب، ولكن أعطاها الـمـلاك العلامة ان نسيبتها أليصابات العاقر حبلى فى شيخوختها. مـريم فى إيـمـانها -لم تؤمن نتيجة علامة أو عظة او قراءة كتاب ونحن نريد أكثر من معجزة وآية كل يوم حتى نؤمن بالله. إستجابت مـريم لدعوة الرب والذى يحترم إرادة البشر. “فقالت للـمـلاك ها أنذا آمة للرب” (لوقا 38:1)، ولهذا استحقت أول تطويبات العهد الجديد على لسان القديسة اليصابات:”طوبـى للتى أمنت”(لوقا45:1). موضوع الإيـمـان والعلم ومدى تشكك الناس. الإيـمـان أعلى من العقل، والعقل أعلى من الغريزة. عقيدة مثل وجود الله والثالوث الأقدس، أو عقائد مثل الفداء، والقيامة والـموت فإننا لو أدركنا إيـمـاننا بهذه الـمـعتقدات بالعقل أو الغريزة والحواس فلن نؤمن. مـريم فى إيـمـانـها لم تفكر فى العار الذى سيلحقها بهذا الحبل الإلهي. آمنت بلا فلسفة وتعقيدات وعلامات. إن رسالة بولس للعبرانيين تشهد لإيـمـان الـمؤمنين:”الذين بالإيـمـان قهروا الـمـمـالك وعملوا البر ونالوا الـمـواعيد وسدّوا أفواه الأسود” (عب 11). إن الإيـمـان ليس قولا “أمـا أنا فأريك ايـمـاني بالأعمال، انت تؤمن ان الله واحد حسن والشياطين ايضا يؤمنون ويرتعدون. الإيـمـان بغير الأعمال ميت” (يعقوب14:2-19و26). مـريـم فى إيـمـانـها..أعطتنـا الـمثل والقدوة الصالحـة. فى قبولهـا بالحبل الإلهي، فى خدمتها لأليصابات، فى خدمتها ليسوع، فى خدمتها ليوسف، وفى خدمة بيتها، فى إحتمال الآلام والضيق والهروب الى أرض مصر وسماعها بقتل أطفال بيت لحم، وفى غربتها وحياتها فى الناصرة التى لا يخرج منها شيئ صالح فعاشت حياة منطوية بلا تذمر. إيـمـانها فى عرس قانا الجليل بقدرة إبنها الإلهي.إيـمـانها تحت الصليب فلم تيأس وتلعن السماء. أتعتقدون ان مريم فكرت فى نفسها قائلة (أحقا هذا الطفل الذى ولدته هو مخلص العالم؟..أحقا هذا الذى يعمل بيديه فى حانوت النجارة هو مخلص العالم؟..أحقا هذا الـمـعلّق على الصليب هو مخلص العالم ؟..أحقا هذا الذى قُبر داخل القبر هو مخلص العالم؟..أحقا هذا القائم من الأموات هو يسوع ابنها؟..والعديد من التساؤلات).. فى الحقيقة انه منذ أن سلّمت مريم نفسها لتكون آمة للرب حتى موتها وبعد موتها وإنتقال جسدها ونفسها للسماء مازالت تشهد بإيـمـانها..موجهة قلب أبنائها الـى يسوع مخلّص العالـم ومازالت تردد وصيتـهـا الوحيـدة لـنـا “مهما قال لكم فافعلوه”(يوحنا 5:2)، وبهذا أعطتنـا مثالاً حيـّا للكنيسة فى العالـم كما علّم القديس أمبروز (340-397م): “ان أم الله هى مثال للكنيسة فى إيمانهـا ومحبتها واتحادها الكامل مع المسيح”. كلام يسوع أحيانا صعب..معتقداته أحيانا صعبة على الفهم ” ان كثيرا لـمـا سـمعوا قالوا هذا الكلام صعب من يستطيع سمـاعه” (يوحنا61:6) وتركوه، لأنهم لم يؤمنوا انه الحق والطريق والحياةوالقيامة. وهنا يدعونـا الرسول بولس قائلاً:”فإمتحـنوا أنفسكم هل أنتم على الإيـمان. اختبـروا أنفسكم. أو مـا تعرفون أنفسكم إنّ فيكم الـمسيح يسوع إلاّ إذا كنتم فى شيئ غيـر مُـزّكيـن”(2كورنثوس5:13). مريـم العذراء فـى محبتهـــا كتب يوحنا الرسول فى رسالتـه عن الـمحبـة فقال:” اللـه محبة، من ثبتَ فى الـمحبة فقد ثبت فـى اللـه واللـه فيه” (1يوحنا16:4). عـن معـنى الـمحبـة كـما جاءت فـى العهـد الجديـد والذى قد كُتب باللغة اليونانيـة سوف نجد أنـه جاءت فيـه ثلاث كلمات تحمل معنى الـمحبة وهى:EROS,PHILEO, and AGAPE، ولكن كل كلمة تختلف فى مضمونها. فكلمة EROS تعنى ان الشخص يحب ولكن بشروط معينة ولا يـمكنه الـمساعدة، وكلمة PHILEO تعنى ان الشخص يحب إذا وجد شيئ يجذبـه نحو الشخص الآخر، أما كلمة AGAPE فتعنى ان الشخص يحب بلا شروط وهذا هو نوع حب الله للإنسان والذى لا يعتمد على مشاعر حسية بقدر ما يرتكن الى الفعل ذاتـه، وهى أيضاً تحمل أعلى وأنبل أنواع الحب الذى يتجه نحو غاية كريمة أبديـة. ولهذا كانت المحبة الـمسيحية من نوع “اغابـي” وهو عمل الخير للجميع بلا تمييز وعدم طلب أي شيئ بل عمل الصلاح ولا يهم من هم الناس ولا كيف يقابلون. وهنالك فرق جوهري بين الـمحبة فى الـمسيحية وبينها فى العلاقات الإنسانيـة، ففى العلاقات هى رد فعل لإنطباعات القلب نحو الآخرين بدون أن يكون هناك أي عمل خاص نعمله نحن، اما الـمحبة الـمسيحية فهى ممارسة كاملة تنبع من أنفسنا من القلب ومن العقل. واللـه عندما يصف نوع محبته للإنسان وضعها فى رتبة أقوى وأرفع من طبيعة الأمومـة التى تربط الأم برضيعهـا:”هل تنسى الـمرأة رضيعها فلا ترحم إبن بطنهـا حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك”(اشعيا15:49). وفى العهد الجديد إرتفعت محبة الله للإنسان حتى انه بذل إبنـه”هكذا أحب اللـه العالـم حتى إنـّه بذل ابنـه الوحيد”(يوحنا16:3)، و”بهذا تتبيـن محبة الله لنـا أنّ اللـه أرسل ابنـه الوحيد إلى العالـم لنحيا به وإنـما الـمحبة فى هذا أننـا لم نكن نحن أحببنـا الله بل هو أحبنـا فأرسل إبنـه كفّارة عن خطايانـا”(1يوحنا9:4-10). وهذه الـمحبـة الإلهيـة “قد إنسكبت فى قلوبنـا بالروح القدس الـمعطى لنـا”(رومية5:5)، وبهذه النعـمة نستطيع كما يقول بولس الرسول:”ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو وتعرفوا محبة الـمسيح الفائقـة الـمعرفة لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله”(افسس17:3-19). ولكى نحلل معنى الـمحبة الـمسيحية فلدينا رسائل القديس بولس حيث استخدم فيها كلمة الـمحبة 60 مرّة. وللتعرف على خواص هذه الـمحبـة يـلزم أن نتعرف: على أصلهـا: هى من الله “لأن محبة الله قد أُفيضت فى قلوبنا بالروح القدس الذى أُعطى لنـا”(رومية5:5) مكانهـا: فى قلب وإرادة الإنسان فعلهـا: فى حب فعل الخير وصداقـة الآخريـن فحب الله يجعل الإنسان يرغب فى تـمجيده وإجلالـه. دوافعهـا: إلهيـة مداهـا: اللـه والبشر “أحبب الرب إلهك بكل قلبِك وكل نفسِك وكل قدرتك وكل ذهنك وقريبك كنفسِك”(لوقا27:10). وفى مثل الـمرأة الخاطئة التى سكبت الطيِب عند قدمي يسوع نجد مثال واضح لخواص الـمحبة المسيحية فلقد قال عنهـا السيد الـمسيح:”إن خطاياها الكثيرة مغفورة لهـا لأنهـا أحبّت كثيراً” (لوقا47:7) وعـن صفات الـمحبـة فلقد تم وصـفهـا على لسـان القديـس بولس فى رسالته الأولـى الى كورونـثوس : “الـمحـبـة تـتأ نـى وتــرفـــق. المحـبـة لا تحـــسد ولا تتباهــى ولا تنـتـفـــخ. ولا تـأتـي قــباحــة ولا تـلتـمـس مـاهـو لـهـا. ولا تحــتد ولا تـظـن الســوء. ولا تفــرح بالظــلـم , بل تفــرح بالحــق. و تحـتـمـل كـل شـيئ.وتــصــدق كـل شـيئ.وتـرجـو كـل شـيئ.وتـصــبـر على كــل شـيئ. المحــبـة لا تـــســقط أبـداً “(1كورنثوس4:13-8). ونشـيد الإنـــشـاد يــصـف الـمحبـة بـإنهـا “قــويـة كالـمـوت..مــيــاه كثيرة لا تستطيع ان تـطفئ الـمحـبـة والسـيـول لا تـغـمـرهــا” (نـش 7:8). لقد قال السيد الـمسيح ان كل الوصايا والشرائع يـمكن ان تتلخص فى كلمة واحدة ألا وهى “الـمحبة “(متى36:22-40). والرسول بولس يقول ان هناك ثلاث فضائل تثبت “والذى يثبت الآن هو الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة وأعظمهن المحبة”(1كورنثوس13:13). والرسول يوحنا يعرّف لنا الـمحبة قائلاً: “انـما الـمحبة فى هذا اننا لم نكن نحن أحببنا الله بل هو الذى أحبنا فأرسل ابنه كفّارة عن خطايانا”(1يوحنا10:4)، ويقول أيضا “من لا يحب فانه لا يعرف الله لأن الله محبة”(1يوحنا8:4). وهذه الـمحبـة لا يـمكن أي شيئ يفصلنـا عنهـا كقول بولس الرسول: “فـمن يفصلنـا عن محـبّة الـمسيح أشّدة أم ضيـق أم جوع أم عري أم خطر أم إضطهاد أم سيف. كما هو مكتوب اننـا من أجلك نُـمات كل النهار. قد حُسبنـا مثل غنم للذبح ولكننا فى هذه جميعهـا يعظم إنتصارنـا بالذى أحبنـا فإنـي متيقن أنـه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوّات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ولا علو ولا عمق ولا خليقـة أخرى تقدر أن تفصلنـا عن محبـة الله التى فى الـمسيح يسوع ربنـا”(رومية35:8-39) وإلاّ لفقدنـا كل شيئ: “إن كان أحد لا يحب الرب يسوع فليكن أناثيما” كما أعلن الرسول بولس (1كورنثوس 22:16). وكل شيئ يجب أن يبدأ بـمحبة الله لأن اللـه محبـة، والتمحبة الـمسيحية هى إنطباع لـمحبة الله لنـا. وهناك إرتباط وثيق ما بين المحبة والإيمان وهو ما جاء فى رسائل القديس بولس لأهل افسس وكورنثوس وفليمون، فالـمحبة هى علاقة مع الله وشركة مع الآخرين، فالمحبة بدون إيـمان هى مجرد شعور وعواطف، والإيـمان بدون محبة هو أمر أجوف. فعلى الإنسان الـمسيحي أن يصلّى كثيراً طالباً ان تنسكب محبة الله فى القلب فالـمحبة الـمسيحية ليست عملاً بشريـاً، بل هى ثـمر من ثمار الروح القدس وعلى الإنسان أن يُستعلن فيـه الـمسيح ثانيـة فى كل أعماله وسلوكياتـه ولهذا أوصانـا الرسول قائلاً:”لتكن أموركم كلهـا بالـمحبـة”(1كورنثوس14:16)، و”اسلكوا فى الـمحبة كما أحبنا الـمسيح”(افسس2:5)، و”البسوا الـمحبـة التى هى رباط الكمال”(كولوسي14:3). أمـا عن الـمحبـة فى حياة مريم العذراء فقد انعكس الى سلوك عملى فنقرأ بدءاً من بشارة الـملاك لهـا وإستجابتهـا لدعوة اللـه لهـا بحب “فقالت مريم ها أنـا آمـة الرب”(لوقا38:1)، ثم نقرأ: “فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت مسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلّمت على اليصابات”(لوقا39:1). محبة مريم محبة عاملة، قويـة، سخية، كاملة عملاً بقول السيد الـمسيح:”هذه وصيتي أن يحب بعضكم بعضا كما انا أحببتكم”. وها هى مريم تحمل الكلمة وتأتي الى بيت العاقر لتخدم وليبارَك يوحنا وهو فى بطن امه اليصابات. وسمعت مريم مديح اليصابات ولم تفتخر بل أجابت بأنشودة التعظيم والتى تعكس الفكر اللاهوتي عند مريم العذراء. وفى عرس قانا الجليل عرفت حاجة العرس وأسرعت بطلب معونة ابنها الإلهي والذى صنع أولى عجائبه الزمنية عند طلبها. لقد أحبت العذراء مريم الله وعاشت مكرسـة لـه فى الهيكل منذ طفولتها وسط تسابيح ومزامير وصلوات وذبائح وبخور، وأحبت الله عندمـا أطاعت دعوتها ان تغادر الهيكل لتُخطب للقديس يوسف النجار، وظلّت على حبهـا للـه بأن جعلت بيتهـا هيكلاً آخر، وجاءت لهـا البشرى فعبّرت عن حبهـا للـه بأن قبلت فى تواضع أن تكون أم الكلـمة الـمتجسدة وواظبت على تطبيق وصايا الناموس والشرائع الإلهيـة بكل أمانـة وسلكت فى الـمحبة حتى نهاية رسالة إبنهـا الإلهـي عند الصليب وحتى ما بعد القيامة. وبعد إنتقالهـا بالنفس والجسد للسماء لـم تفقد محبتهـا للكنيسة ولا لأبنائهـا فكانت لظهوراتهـا تشجيعاً للجميع لكي يحبوا اللـه من كل القلب. لقد أحبت مريم العذراء الله إلى الـمنتهى وكان لها الرجاء والصبر والصدق والتفانى والتواضع والـمعرفة والإيمان وعدم التفاخر وعاشت الـمحبة فيها ليست فقط 9 أشهر بل عمرها كله فتحركت وعاشت فى ملء الـمحبة وكانت حياتها نموذجاً حيـّاً للإنسان الـمُحب للـه، فإستحقت أن ندعوها “أم المحبـة الإلهيـة”(يشوع بن سيراخ24:24). |
||||
06 - 06 - 2024, 03:30 PM | رقم المشاركة : ( 162800 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
\ مريم العذراء بعد ان انهت مجرى حياتها على الأرض قد انتقلت الى ملكوت ابنها الحبيب. ومُلك العذراء مريـم يجب أن يُفهم على انـه فـى الحب والخدمـة وليس للدينونـة والحُكم، ومريم أمضت كل حياتهـا فى الأرض فـى تواضع وخدمـة مستـمرة “هـا أنـا آمـة الرب”(لوقا28:1)، ومع يسوع إبنـها وخضوعهـا التام لـه ولرسالتـه حتى الصليب والقيامـة، وحتـى بعد موتهـا واصلت خدمتهـا نحو أبناءهـا لتساعدهـم للوصول للحياة مع الله وذلك عن طريق ظهوراتها وتجلياتها فى الكثير من بلدان العالم وما ترسله من رسائل روحية لحث المؤمنين للرجوع الى الله. مع كل تلك الخلفية يمكننا ان نرى ان مريم قد توجت بالمجد تقف كمذّكر ثابت لنا وعلامة ان الله يريدنا ان نحقق مشيئته في كل حياتنا كما فعلت امنا مريم. إذا ما كنا تلاميذ مؤمنين وأمناء مثل مريم وان كنا ثابتين في طريق حياتنا الإيمانية ونستعمل حياتنا لنخدم خطة الله، نحن أيضا سنشترك في ملك المسيح الإنتصاري. ويجب ان نثق ونؤمن ان ملكتنا السماوية ترشدنا دائما في رحلتنا على الأرض وتتشفع لنا دائما في السماء حتى يمكننا ان نتحد بها وبإبنها وحتى كما قال القديس بولس جاهدنا الجهاد الحسن وأنهينا السباق نتحد بها في سماء ابنها وملكوته وننال اكليل البر والمجد. وكما كانت مريم كإمرأة في رحلة غربتها على الأرض وفي مسيرة إيمانها واجهت الإضطهادات وعدم التأكيد والتجارب والصعوبات لكنها ظلّت قريبة جدا من أبنائها الروحيين وهم مازالوا على الأرض فهي أكثر إلماما بما نعانيه وكأم هي قادرة على توجيهنا وإرشادنا نحو ابنها يسوع فهي ليست ببعيدة عنا فلنلتجئ دائما اليها ملتمسين شفاعتها وصلواتها من أجلنا. |
||||