03 - 06 - 2024, 12:38 PM | رقم المشاركة : ( 162381 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أيها الآب السّماوي، نطلب إليك، باسم ابنك يسوع المسيح، أن تنظُرْ وتفتَقِدْ كَرْمتك وتحمي ما غَرَسَت يَمينُكَ، فيبق كل واحد مِنَّا غُصنًا مثمرًا في الكَرْمَة الحقيقيَّة فننمو ونثبت في المسيح، ويثبت المسيح فينا، فنكون حقًا تلاميذه وشهودًا لقيامته المجيدة فنحمل ثمار الملكوت والحياة التي لا تدوم لفترة بل للأبد مُردِّدين مع القديسة تريزا دي كالكوتا: "اجعلنا يا رب أن نكون أغصانًا ثابتة وغنيَّة بالكَرْمَة، التي هي أنت يا ربّي يسوع، وأن نستقبلك في حياتنا كما يحلو لك أن تأتي إلينا: كونك الحقّ – لنقوله؛ كونك الحياة – لنحياها؛ كونك النّور – لنكون نحن منارة؛ كونك المَحبَّة – لنكون مُحبوبِّين؛ كونك الطَّريق – لنسير عليه؛ كونك الفرح – لنعطيه؛ كونك السّلام – لننشره؛ كونك القربان – لنقدّمه، في عائلاتنا وفي كل مكان حولنا." ومع صاحب المزامير لنترنَّم " طوبى لِمَن في شَريعةِ الرَّبَ هَواه وبِشَريعَتِه يُتَمتِمُ نَهارَه ولَيلَه. فيَكونُ كالشَّجَرَةِ المَغْروسةِ على مَجاري المِياه تُؤْتي ثَمَرَها في أَوانِه "(مزمور 1: 1-3). وِتَحْيَ قُلوبُنا للأبدِ» (مزمور 21: 27). |
||||
03 - 06 - 2024, 12:39 PM | رقم المشاركة : ( 162382 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نموذج للثبات في الكَرْمَة الحقة القديس لورنس ظهر في القرن السّادس عشر القدّيس لورنس، الّذي عرف في التَّاريخ باسم الأخ لورنس، من رهبانيَّة الإخوة الكرمليّين في باريس. وقد جمعت اختباراته تحت عنوان "إختبار حضور الرَّبّ"، ويقول فيها: "بعد أن سلّمت نفسي تسليمًا كاملًا للرب، هجرت في سبيل محبّته كل شيء سواه، وبدأت أحيا في الوجود وكأنّه لا وجود لأحد سوى أنا وهو". |
||||
03 - 06 - 2024, 12:52 PM | رقم المشاركة : ( 162383 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور السَّابِعُ والخمسون شكر الله مخلصي لإمام المغنين. على لا تهلك. مذهبة لداود عندما هرب من قدام شاول في المغارة "ارحمني يا الله ارحمني.." (ع1) مقدمة: كاتبه: داود النبي. متى كتب ؟ عندما كان داود هاربًا من وجه شاول، واختبأ في مغارة في برية عين جدى (1 صم24)، وفيما هو مختبئ دخل شاول، ونام في مدخل المغارة، ولكن لم يقتله داود، وقطع طرف جبته، وشكر الله الذي أنقذه من يد شاول، بل أسقط شاول بين يديه، ثم سامحه داود. يناسب هذا المزمور كل إنسان يمر بضيقات كثيرة، ويحيط به أعداؤه، فيرفع قلبه إلى الله مخلصه، وبعدما ينقذه يشكر الله، ويسبحه. هذا المزمور تم تلحين كلماته بلحن يسمى "لا تُهلك"، وقد تم تلحين المزمورين التاليين لهذا المزمور وهما (مز58، 59) وكذلك (مز75) على نفس اللحن. وقد تشير كلمة لا تهلك إلى آلة موسيقية ذات تسعة أوتار، صاحبت تقديم المزمور. يعتبر هذا المزمور من المزامير المتميزة التي ألفها داود؛ لذا يسمى مذهبة، وكان يكتبه اليهود بماء الذهب. هذا المزمور كان يرنمه جماعة من اللاويين بقيادة قائد يسمى إمام المغنين. فهو مزمور ليتورجى ترنمه جماعة بني إسرائيل المجتمعين في هيكل الله، خاصة في أوقات الضيقات والألم. يعد هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأنه يحدثنا عن أحداث كثيرة في حياة المسيح، مثل قيامة المسيح باكرًا في فجر الأحد (ع8)، ويحدثنا عن صعوده إلى السموات (ع5). الجزء الأخير من هذا المزمور (ع7-11) مكرر في (مز108: 1-5). يوجد هذا المزمور في الأجبية في صلاة الساعة السادسة، التي تم فيها صلب المسيح؛ لذا فهو يحدثنا عن الضيقات التي قابلها المسيح، ولكن بعد أن مات قام من الأموات. (1) طلب الحماية (ع1-6): ع1: اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ. يطلب داود الرحمة مرتين من الله؛ لاحتياجه الشديد لمعونته وحمايته. وطلب الرحمة مرتين يشير إلى حاجة اليهود والأمم للرحمة. يطلب داود حماية الله تحت جناحيه، وقد شبه الله نفسه بدجاجة تجمع فراخها تحت جناحيها (لو13: 34). وحماية الله كاملة تحمى من جميع المصائب والمشاكل. وقد يرمز جناحى الله إلى تجسده في ملء الزمان. والجناحان يتميزان بالقدرة على الحماية والخطف بسرعة لمن يحتاج للحماية، أي تشير لسرعة استجابة الله لمن يطلبونه. ع2: أَصْرُخُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ، إِلَى اللهِ الْمُحَامِي عَنِّي. لشدة حاجة داود إلى الله ليخلصه من مطاردة شاول، صرخ إليه، وهذا الصراخ أيضًا يؤكد إيمانه بالله القادر على حمايته. بروح النبوة يصرخ داود إلى المسيح المخلص، المصلوب في الساعة السادسة ليخلصه مع باقي المؤمنين به من البشرية. بل المسيح الذي يصرخ وهو على الصليب، يعلن حاجة البشرية أن تصرخ إلى الله ليخلصها. ع3: يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي. عَيَّرَ الَّذِي يَتَهَمَّمُنِي. سِلاَهْ يُرْسِلُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ. يتهممنى: مزمع أن يفترسنى. طارد شاول داود، وحاول قتله، ولكن الله حفظ داود، وعلى العكس أسقط شاول تحت يد داود، وحينئذ ظهرت فضيلة داود، وهي التسامح. فهنا يظهر الله المخلص الذي أرسل ودبر من السماء خلاص داود، وعير وأظهر ضعف شاول الساقط عند قدمى داود. فتحول من يريد افتراس داود إلى شخص ضعيف ساقط عند قدمى داود. وهكذا ظهرت رحمة الله التي أنقذت داود، وحقه، وعدله اللذان أسقطا شاول ضعيفًا عند قدمى داود. هذه الآية نبوة عن المسيح المتجسد، الذي أرسله الآب؛ ليخلص البشرية، وعير إبليس، بل قيده بالصليب، وتكاملت الرحمة والحق في شخص المسيح، الذي فدى البشرية، ودان الشيطان بصليبه. توجد كلمة سلاه في هذه الآية، بعد تعيير العدو، وإعلان الخلاص من السماء؛ ليتأمل الإنسان في هذه الوقفة الموسيقية قوة الله المخلص لأولاده من يد الشياطين والأشرار. ع4: نَفْسِي بَيْنَ الأَشْبَالِ. أَضْطَجعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ. أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ، وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ. المتقدين: الأشرار المشتعلين بنار الشر. أسنة: مفردها سنان وهو سلاح الرمح، أي نهايته المدببة. يشبه داود شاول وجماعته الذين يطاردونه بالأشبال، أسنانهم مثل أسنة الرماح والسهام، وألسنتهم مثل السيوف؛ ليبين مدى شراسة أعدائه، وعنفهم ومؤامراتهم. ولكن كل هذا لم يجعل داود مضطربًا، بل نام بين أعدائه المتقدين بنار الشر مطمئنًا؛ لأن الله يحميه، فلا يستطيع أحد أن يقترب إليه، بل على العكس أسقط عدوه شاول عند قدميه في المغارة. هذه الآية أيضًا نبوة عن مؤامرات اليهود، التي انتهت بصلب المسيح، لكنه نام مستريحًا على صليبه في الساعة السادسة، ثم قام ليقدم فداء للبشرية. ع5: ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ. يطلب داود من الله أن يرتفع على السموات، أي يظهر مجده فوق كل الملائكة، وفيما هو يظهر عظمته على السموات، يرفع داود، وكل المحبين لله ليتمتعوا بعشرته. وأيضًا يرتفع مجد الله على الأرض، أي يظهر مجد الله فوق كل أمجاد البشر، وأعمالهم التي هي عظيمة في نظرهم، ويظهر ضعف البشر وتصبح شرورهم لا شيء أمام مجده وقوته. يتكلم داود بروح النبوة عن المسيح الذي يرتفع على السموات، وعلى الأرض، فبعد أن أخفى لاهوته بتجسده يقوم من الأموات، ثم يصعد إلى السموات، أي يرتفع فوق الأرض بمجد عظيم إلى أن يختفى بين السحاب؛ ليجذب قلوب أولاده إلى السماء، فيصلون كل حين. ع6: هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا. سِلاَهْ. فيما قلب داود متعلق بالله العظيم الممجد، كما ظهر في الآية السابقة، يظهر الجانب الثاني، وهو عمل الأشرار معه، ويظهر فيما يلى: أ - الفخاخ التي أعدها الأشرار له خلال مطاردته سنينًا طويلة. ب - التهديدات والمحاولات المستمرة لإهلاكه كانت شديدة التأثير عليه، حتى عبر عنها بأن نفسه قد انحنت تحت هذه الضغوط. كل هذا يبين مدى عنف الأعداء، ومدى الآلام التي عاناها داود. الفخاخ التي نصبها شاول لداود للقبض عليه تحولت إلى فخ لشاول نفسه، ففيما شاول يطارد داود، دخل، واستراح في المغارة التي يقيم فيها داود، فتحول العدو المطارد - وهو شاول - إلى فريسة سهلة، وتقدم داود؛ ليقطع طرف جبة شاول، وكان في إمكانه أن يهلكه، ولكنه سامحه. فشاول سقط في الحفرة التي حفرها لداود، وتحول المطارد إلى فريسة، أما المطارد وهو داود فتحول إلى جبار بقوة الله. تنطبق هذه الآية على المسيح الذي وضع له اليهود فخاخًا كثيرة، وأحنوا نفسه بالحزن طوال خدمته على الأرض، وفى النهاية حفروا له حفرة وهي الصليب، وأهلكوه، فظهرت قوته؛ إذ بموته قيد الشيطان؛ لأنه أوفى الدين عن البشرية المؤمنة به، وهكذا أسقط الشيطان في الحفرة، فلم يستطع أن يقيد المسيح، ولكن هو الذي قُيد، فلم يعد يستطيع بعد الصليب أن يلقى أولاد الله في الجحيم. في نهاية هذه الآية نجد كلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية ليتأمل المرنم في قوة الله المغيرة للأحوال، والمنقذة لأولاده، حتى تخلصهم من كل أعدائهم. † أنظر إلى المسيح مخلصك، وحصنك وتأمل جماله، فيسبى عقلك، ويفرح قلبك، وتطمئن، فلا تعود مؤامرات الشياطين، أو كل الضيقات التي تمر بك تزعجك؛ لانشغال قلبك بالله. وهكذا ترتفع إلى السموات وأنت على الأرض. (2) أغنية الخلاص (ع7-11): ع7: ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اَللهُ، ثَابِتٌ قَلْبِي. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ. عندما تعلق قلب داود بالله المرتفع على السموات، إطمأن قلبه، وصار ثابتًا في الله، لا يضطرب مع تهديدات العدو، أو تقلبات الحياة، بل صار هذا الثبات دافعًا لنموه الروحي بهدوء، فتمتع بعشرة الله. استمرار ثبات قلب داود دفعه إلى تسبيح الله، فلأن داود مستقر استنارت عيناه، فرأى الله بوضوح، فغنى له وترنم، وحينئذ كشف له الله مجده، وشارك السمائيين في تسبيحهم. ع8: اسْتَيْقِظْ يَا مَجْدِي! اسْتَيْقِظِي يَا رَبَابُ وَيَا عُودُ! أَنَا أَسْتَيْقِظُ سَحَرًا. سحرًا: السحر هو آخر الليل، وقبيل الفجر. رباب: هي آلات موسيقية كل منها له وتر واحد. عود: آلة موسيقية وترية معروفة حتى الآن. آمن داود بأن الله سينقذه من أعدائه لأنه رأى أعمال الله معه، فرغم أنه ما زال مطاردًا من شاول، لكن الله أنقذه عدة مرات، فاطمأن قلبه، وشعر أن مجده هو الله. وفى خلوته نادى الله مجده ليستيقظ في داخله، وشعر بالقوة التي فيه، فسبح الله بالرباب والعود، بل تعلق قلبه بالله فاستيقظ وقت السحر؛ ليسبح الله قبل الفجر. هذه الآية نبوة عن قيامة المسيح التي أشير إليها بـ"مجدي"، فنسبحه بالآلات الموسيقية، بل نستيقظ وقت السحر؛ لنسبحه؛ لأن قلوبنا قد تعلقت به. هذه الآية نبوة أيضًا عن الروح القدس الذي يشار إليه بكلمة "مجدى"، فنسبحه بقوة وفى كل وقت. يشير وقت السحر للعمر كله الذي نحياه على الأرض، وينبغى أن نستيقظ فيه لنسبح الله، قبل أن يشرق فجر حياتنا وهو الحياة الأبدية. يذكر التلمود أن داود عندما ينام كان يعلق فوق سريره عودًا، وفى منتصف الليل عندما تهب رياح الشمال كانت تحرك أوتار العود، فتصدر أنغامًا جميلة توقظه من نومه، ليقرأ في شريعة الله، ثم يسبح ويمجد اسمه القدوس حتى وقت السحر. ع9: أَحْمَدُكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَا رَبُّ. أُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ. إن داود لا يستطيع أن يستغنى عن الله، فحتى لو هرب إلى الفلسطينيين من وجه شاول فهو يظل يصلى، ويرنم، ويشكر الله؛ لأن الله هو حياته. هذه الآية نبوة عن قبول الأمم في الإيمان بالمسيح، فيرنمون مزامير داود، ويؤمنون بالمسيح، ويسبحونه. ع10: لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ إِلَى السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ. الغمام: السحب الداكنة. شعر داود أن رحمة الله قد غطت المؤمنين به، وسامحتهم عن خطاياهم الكثيرة جدًا، ورفعت هؤلاء الضعفاء إلى السموات في سلوكهم، ونقاوتهم، وحياتهم السامية، بل وتنتظرهم أمجاد السماء. إن حق الله، وهو عدله يتجلى إلى السحاب، أي السموات، حيث يتمجد الأبرار مع الله، أما الأشرار فيلقون في العذاب. ع11: ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ. يكرر هنا داود الآية الموجودة في (ع5)؛ ليؤكد أشواقه أن يتمجد الله، ويظهر هذا المجد في السموات، وعلى الأرض. وتتمتع البشرية بمجد الخلاص بالمسيح يسوع، كما سبق وشرحنا في (ع5). † ما أجمل أن تستيقظ مبكرًا لتصلى، وتبدأ يومك بكلام مع الله. احرص أن تصلى قبل أي عمل آخر. اطلب من ملاكك الحارس ليوقظك مبكرًا، واعلم أن الله أبيك ينتظرك ليسمع صلاتك، ويفرح بها. المزمور الثَّامِنُ والخمسون الله القاضي العادل لإمام المغنين. على لا تُهلك لداود. مذهبة "أحقًا بالحق الأخرس تتكلمون..." ع1 مقدمة: كاتبه: داود النبي كما هو مذكور في العنوان. متى كتب؟ عندما تعرض داود للهرب من وجه أبشالوم ورأى الشر مقبلًا عليه، فيطلب من الله القاضى العادل أن ينقذه، ويخلصه. هذا المزمور يرنم على لحن لا تهلك، وقد تكون لا تهلك آلة موسيقية تصاحب المزمور، كما ذكرنا في المزمور السابق. موضوع هذا المزمور هو مهاجمة القضاة والرؤساء غير العادلين؛ لعلهم يتوبون، وتذكيرهم بالهلاك الذي ينتظرهم، وعلى العكس ينتظر الأبرار البركة والفرح. هذا المزمور من المزامير المتميزة لذا سمى "مذهبة"، وقد يكون كتب بماء الذهب. يرنم هذا المزمور بواسطة جماعة من المغنين لهم إمام، أو قائد؛ لذا كتب في العنوان لإمام المغنين. يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأنه يتكلم عن قيام اليهود الأشرار على المسيح وصلبه، ولكنه فرح بأنه تمم خلاص البشرية. لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية. (1) توبيخ الأشرار (ع1-5): ع1: أَحَقًّا بِالْحَقِّ الأَخْرَسِ تَتَكَلَّمُونَ، بِالْمُسْتَقِيمَاتِ تَقْضُونَ يَا بَنِي آدَمَ؟ الحق الأخرس: الحق المكتوم الذي لا يعلن، ولا ينفذ. يسأل داود النبي الرؤساء، والمسئولين الأشرار؛ هل في أحكامهم ينطقون بالحق؟ أم يكتمون الحق ولا ينفذونه، أو يقولون كلامًا مخادعًا يبدو حقًا، وهو باطل، مثلما كان يتعاطف أبشالوم مع الشعب، وقضاياه، متمنيًا أن ينصفه لو تملَّك على الشعب، فهو كان يتملق شعبه ليحبه، ثم يقوم بثورة ضد أبيه. واستمر سنتين حتى استمال الكثيرين إليه، وقام بثورته، وطرد أبيه داود (2 صم15: 2-6). يؤكد سؤاله الاستنكارى الأول بسؤال آخر مثله، فيسأل المسئولين هل تقضون بالمستقيمات؟ لأنهم في قضائهم كانوا يحكمون أحكامًا ظالمة، كما فعل اليهود مع المسيح، واستصدروا أمرًا من بيلاطس لصلبه، معتمدين على اتهامات زور. يتعجب داود أن هؤلاء الرؤساء الظالمين يدعون أنهم يقضون بالحق والاستقامة، مع أنهم يريدون قتله وهو برئ، فهذا الظلم الذي وقع على داود يكشف شرهم، ودهاءهم. وذكرهم بضعفهم؛ إذ قال لهم يا بنى آدم، أي أن الله القاضى العادل بيده كل السلطان؛ حتى يمنع ظلمهم وشرهم الموجه نحوه. ع2: بَلْ بِالْقَلْبِ تَعْمَلُونَ شُرُورًا فِي الأَرْضِ ظُلْمَ أَيْدِيكُمْ تَزِنُونَ. يوضح داود للرؤساء الظالمين أن رغبتهم ونية قلوبهم هي الشر، ثم يحولون رغبتهم إلى فعل يفعلونه بأيديهم. فيقومون بوزن الظلم، ويقصد أنهم يعدون له، ويعلمون مقداره، وثقله، وهم في وعى بما يعملون من شر. وهذا يبين إصرارهم على الشر، وتماديهم فيه. ع3: زَاغَ الأَشْرَارُ مِنَ الرَّحِمِ. ضَلُّوا مِنَ الْبَطْنِ، مُتَكَلِّمِينَ كَذِبًا. يصف داود هؤلاء القضاة الأشرار بأنهم زاغوا من الرحم، وضلوا من البطن. والمقصود ليس ضلالهم وهم أجنة؛ لأن الجنين لا يضل، ولكن يقصد أنهم منذ بداية حياتهم تعلموا الشر من آبائهم، فلما كبروا عاشوا فيه، وتكلموا بالكذب. فهذا يبين أهمية التربية الروحية السليمة. ع4، 5: لَهُمْ حُمَةٌ مِثْلُ حُمَةِ الْحَيَّةِ. مِثْلُ الصِّلِّ الأَصَمِّ يَسُدُّ أُذُنَهُ الَّذِي لاَ يَسْتَمِعُ إِلَى صَوْتِ الْحُوَاةِ الرَّاقِينَ رُقَى حَكِيمٍ. حمة: مصدر السم في جسم الحية. الصل: الثعبان. الحواة: جمع حاوى وهو من يقوم بجمع الثعابين حتى لا تلدغ البشر. الراقين: يتلو الحواة بتعاويذ وينادون على الثعابين؛ ليجمعونها ويبطلوا أذيتها للبشر. يصف داود تأثير هؤلاء الأشرار كالسم الذي لا شفاء منه، ويصفهم أيضًا بأنهم كالثعبان الذي لا يسمع؛ لأنهم لا يسمعون صوت الله، ويسدون آذانهم عنه. ومن ناحية أخرى لا يسمعون لصرخات المظلومين، أي أنهم قساة القلوب، بلا رحمة على أحد، فهم بذلك أولاد الشيطان المعروف في الكتاب المقدس بالحية، التي أسقطت الجنس البشرى بلا رحمة. فشاول مثلًا كان لا يطارد داود فقط، بل يحاول قتله، مثل الثعبان السام الذي يقتل ضحيته، ولا شفاء من سمه. وفى نفس الوقت كان شاول مخادعًا مثل الثعبان، فقد أظهر محبته لداود أولًا، وأنه يريد أن يهبه نعمة الزواج من ابنته، ثم طلب منه مهرًا هو قتل مئة فلسطينى؛ ليتخلص منه. يشبه الأشرار ليس فقط بأنهم كالثعابين السامة، بل أنهم يرفضون الاستجابة للحواة، الراقين، الذين يحاولون إبطال سمومهم، أي أن هؤلاء الأشرار يرفضون الاستجابة لأية نصيحة ليتوقفوا عن شرهم. † ليتك تستجيب لصوت الله على لسان معلمي الكنيسة، وكل مَنْ ينصحك حتى لا تسقط في الشر، وإن سقطت فيه لا تتمادى، فَيَتَقَسَّى قلبك. (2) عقاب الأشرار (ع6-9): ع6: اَللَّهُمَّ، كَسِّرْ أَسْنَانَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمِ. اهْشِمْ أَضْرَاسَ الأَشْبَالِ يَا رَبُّ. أهشم: حطم. شبه داود أعداءه بوحوش لها أسنان حادة تريد أن تفترسه، وتقطعه، وبأشبال ذات أضراس لها القدرة على طحن عظامه، ولعله تذكر الأسد والدب اللذين نصره الله عليهما عندما كان راعيًا للغنم (1 صم17: 36). فهو إن كان قد شبه أعداءه في (ع4) بالحيات، أي الأعداء الذين يحاربونه بخبث ودهاء، يشبههم هنا بالأشبال الشرسة التي تهاجمه علانية، فداود يحَارب بكل الطرق في السر، وفى العلانية، وهذا يبين صعوبة الحرب، ومدى معاناته. يطلب من الله أن يكسر الأسنان الحادة التي ترمز لكلمات الأعداء الحادة الجارحة، ويهشم الأضراس التي ترمز لقوة الأعداء الطاحنة. ولكن فوق هؤلاء الأعداء يوجد الله الذي يحميه، وقادر أن يكسر، ويزيل كل قوة للعدو، لذا فداود مطمئن ما دام يصلى. هذا المزمور نبوة عن المسيح، الذي كان يحاربه أعداؤه بدهاء الحيات، في محاولات اصطياد كلمة عليه، أو مهاجمته بعنف وطلب إهلاكه، كما نادوا أصلبه أصلبه (لو23: 21). ع7: لِيَذُوبُوا كَالْمَاءِ، لِيَذْهَبُوا. إِذَا فَوَّقَ سِهَامَهُ فَلْتَنْبُ. فوَّق: أعد السهم لإطلاقه. فلتنب: فلتنحرف عن هدفها. يطلب داود من الله أيضًا أن يمحو قوة أعدائه، فيشبههم بالماء الذي يسقط على الأرض في الصحراء، فيبتلع ويزول، ولا يبقى له أثر، أي تبطل قوة الأعداء ولا تؤثر فيه. يشبه أيضًا داود أعداءه بالسهام التي تعد لإطلاقها على الهدف، فتنحرف عنه، أي لا تصيب داود.وبهذا يحمى الله داود مهما كانت قوة أعدائه، وتهديداتهم له. ع8: كَمَا يَذُوبُ الْحَلَزُونُ مَاشِيًا. مِثْلَ سِقْطِ الْمَرْأَةِ لاَ يُعَايِنُوا الشَّمْسَ. الحلزون: هو حيوان رخو يعيش في صدفة البحر. كذلك يشبه داود الأعداء بحيوان بحرى صغير يسمى الحلزون، يعيش داخل صدفة، وإذ خرج منها ووجد أحد الأعداء يغير لونه من اللون الأحمر إلى الأبيض الباهت، ثم يفرز مادة لزجة ليتزحلق عليها، فيصل إلى مخبأه داخل الصدفة ويبدو كأنه قد ذاب. هكذا يجعل الله أعداء داود ضعفاء يخافون، ويختفون من أمام وجه داود؛ لأن قوة الله معه. يشبه داود الأعداء بتشبيه جديد، وهو سقط المرأة، أى الجنين الذي لم يكتمل نموه؛ ليصير طفلًا، فيسقط من الرحم ويموت، أي لا يصير وليدًا يتمتع بالشمس والهواء. ع9: قَبْلَ أَنْ تَشْعُرَ قُدُورُكُمْ بِالشَّوْكِ، نِيئًا أَوْ مَحْرُوقًا، يَجْرُفُهُمْ. يجرفهم: يدفعهم أمامه بقوة. يعطى داود أيضًا تشبيهًا جديدًا في سرعة زوال الأعداء، فيتخيل قدورًا موضوعة على شوك أُشعلت فيها نارًا، فقبل أن تشعر القدور بالسخونة المنبعثة من الشوك - سواء كان هذا الشوك نيئًا لم يحترق، أو قد احترق جزء منه - أي قبل أن تتأثر المواد الموجودة داخل القدور من الحرارة المنبعثة من الشوك يزول الأعداء، وتجرفهم الرياح العاصفة، فلا يوجدون. كل هذا يبين قوة الله التي تبعد الأعداء سريعًا عن داود. إن القدور لا تشعر بالشوك، سواء نيئًا أو محروقًا (أخضرًا أو يابسًا)، أي أن داود لا يشعر بمضايقة أعدائه؛ لأن الله يبعدهم عنه سريعًا. الريح العاصفة ترمز لغضب الله، الذي يبعد الأعداء عن داود، سواء كانوا شوكًا نيئًا أخضرًا، أي لهم حيوية، أو محترقًا، أي في ضعف، ففى كلتا الحالتين لا يقفون أمام غضب الله. † إن كان إلهك كاملًا في قدرته، فلا تنزعج من قوة الشياطين التي تحاربك، فهم لا شيء أمام قوته، حتى لو كانوا قد أسقطوك في الخطية مرات كثيرة، قم مستندًا على الله في صلوات، وجهاد، واثقًا من نصرتك. (3) فرح الصديقين (ع10، 11): ع10: يَفْرَحُ الصِّدِّيقُ إِذَا رَأَى النَّقْمَةَ. يَغْسِلُ خُطُواتِهِ بِدَمِ الشِّرِّيرِ. النقمة: أي الانتقام، ويقصد به غضب الله، وعقاب الأشرار. إن الله ينتقم من أعداء داود؛ لذا يفرح داود، أي الصديق بانتقام الله، ليس كراهية للأعداء، أو شماتة فيهم، بل لانتصار الحق، وظهور بطلان الشر، وبهذا يثبت في البر والحياة مع الله. كانت هناك عادة قديمة في الحروب أنه بعد الانتصار على الأعداء يغسلون أرجلهم بدماء الأعداء. فيستخدم داود هذا التشبيه؛ ليبين تمام نصرة البر، وفرح الصديق. وهذا يجعل داود يتعظ من هلاك الشرير، ويتباعد عن الشر، ويدوس كل فساد العالم. ع11: وَيَقُولُ الإِنْسَانُ: «إِنَّ لِلصِّدِّيقِ ثَمَرًا. إِنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ قَاضٍ فِي الأَرْضِ». يلخص داود المزمور كله في هذه الآية، إذ يرى البار عقاب الأشرار المذكور في (ع6-9) يثق في عدل الله القاضى الذي يحكم العالم، فلا ينزعج من قوة الأعداء مهما تكبروا. إيمان داود وكل الأبرار بقضاء الله العادل يدفعهم للثبات في البر، والتحلى بثماره التي هي الفضائل، إذ يحيون مطمئنين، فيتقدمون في حياة البر. † ليتك تنظر إلى المسيح القدوس البار في كل يوم؛ لتثبت في حياة البر، بل وتنمو فيه، وتتعلم من القديسين، فتجتاز وسط العالم وشروره بسلام، بل وبفرح. المزمور التَّاسِعُ والخمسون نداء لله المخلص لإمام المغنين. على لا تُهلك. مذهبة لداود لما أرسل شاول وراقبوا البيت ليقتلوه "أنقذني من أعدائي يا إلهي..." (ع1) مقدمة: كاتبه: داود النبي. متى كتب؟ عندما أرسل شاول رسلًا ليقتلوا داود في بيته، ولكن زوجته ميكال بنت شاول نبهت داود، وأنزلته من كوة منزلهما قبل أن يصلوا، ووضعت على سريره الترافيم، ولبدة المعزى وغطتها، فلما وصل رسل شاول ليمسكوا داود أخبرتهم ميكال أنه مريض، ولكن طلب شاول من رسله إحضاره وهو مريض، فلما هجموا على البيت لم يجدوه (1 صم19: 12-14). ويعد هذا المزمور من أقدم المزامير التي كتبها داود. هذا المزمور كان يرنم بواسطة جماعة من اللاويين المغنين لهم قائد، أي إمام. كان يرنم هذا المزمور على نغمة موسيقية تسمى لا تهلك، أو آلة تدعى لا تهلك ذات تسعة أوتار. ويرى بعض الآباء أن كلمة لا تهلك تعنى أيضًا أن الله لم يسمح أن يهلك داود ونجاه من يد شاول. هذا المزمور من المزامير العظيمة الثمينة لداود؛ لذا سمى مذهبة، وكان يكتب بماء الذهب. إن فكرة هرب داود بإنزاله من الكوة قد تكررت في العهد الجديد عندما أنزلوا بولس الرسول من الكوة؛ ليهرب من دمشق (أع9: 25). يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية لأن داود هنا يرمز للمسيح، فكما راقب رسل شاول سرير داود وظنوه نائمًا عليه، ثم هجموا فلم يجدوا إلا ثيابه، هكذا أيضًا وقف الحراس على القبر، وظنوا أن جسد المسيح داخل القبر، ولكن فوجئوا بقيامته، وأنه لا يوجد في القبر إلا الأكفان. يعبر هذا المزمور عن إنسان يعانى من ضيقة، فيصلى وينجيه الرب، فيسبحه ويشكره. لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية. (1) استغاثة للخلاص من الأعداء (ع1-9): ع1، 2: أَنْقِذْنِي مِنْ أَعْدَائِي يَا إِلهِي. مِنْ مُقَاوِمِيَّ احْمِنِي. نَجِّنِي مِنْ فَاعِلِي الإِثْمِ، وَمِنْ رِجَالِ الدِّمَاءِ خَلِّصْنِي، عندما شعر داود أن شاول يريد قتله، وكان لا يزال ساكنًا في بيته في أورشليم مع زوجته ميكال، صرخ إلى الله لينقذه من أعدائه، ويحميه من شرهم. وإذ صلى إطمأن أنه قد وضع نفسه في يد الله القادرة أن تصونه وتحميه، وتدخل الله بشكل إعجازى، إذ جعل ابنة شاول تقف ضد أبيها، فقالت ميكال لداود اهرب سريعًا لئلا يقتلك أبى، وأنزلته من كوة بيتها فهرب دون أن يشعر جواسيس شاول، الذين يراقبون باب البيت. فداود يؤمن أن الله هو الذي أنقذه مستخدمًا ميكال، وهذا جعل إيمانه يثبت بالله. يبدو أن شاول كان يريد ذبح داود؛ لذا طلب داود من الله أن ينجيه من سافكى الدماء. والكنيسة تطلب في كل حين من الله أن ينقذها، ويحميها، وينجيها، ويخلصها والرب يستجيب ويحفظ كنيسته على مدى الأجيال. ع3: لأَنَّهُمْ يَكْمِنُونَ لِنَفْسِي. الأَقْوِيَاءُ يَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ، لاَ لإِثْمِي وَلاَ لِخَطِيَّتِي يَا رَبُّ. يعلن داود كيف صنع له شاول ومن معه كمينًا؛ ليقتلوه، فهم أقوياء، وداود ضعيف، ولكن قوته في اعتماده على الله، ولأنه يسلك بالاستقامة، فهو برئ، وهم يريدون قتله. هذه الآية نبوة عن المسيح الذي حاول اليهود مرات كثيرة اصطياده بكلمة ليقبضوا عليه، ويقتلوه، معتمدين على قوتهم، واتصالهم بالسلطة الرومانية مع أنه بلا خطية، وهم يعلمون هذا، ولا يحركهم إلا شرهم ومحبتهم للتمسك بالرئاسة، خوفًا من المسيح وشعبيته، كما تعلق شاول بحب السلطة، وخاف من ازدياد شعبية داود فيأخذ منه العرش. الأقوياء هم الخطاة والشياطين، الذين بخبث ومكر يكمنون لأولاد الله الأبرياء ليسقطوهم في الخطايا. ع4: بِلاَ إِثْمٍ مِنِّي يَجْرُونَ وَيُعِدُّونَ أَنْفُسَهُمُ. اسْتَيْقِظْ إِلَى لِقَائِي وَانْظُرْ! يوضح داود لله أن أعداءه يتجمهرون، ويجرون نحوه، أى يسرعون ليهلكوه. وهم يعدون المؤامرة لقتله، مع علمهم أنه برئ؛ لذا يستنجد بالله لينظر إليه وينقذه. وإن كانوا قد تجمهروا حول بيته ليلًا، ولكنه يثق في الله القادر على إنقاذه؛ لذا يقول له استيقظ لأنهم يحيطون بى، ولا تنتظر يا الله إلى الصباح لئلا يقتلوننى. وفعلًا حرك الله ميكال؛ فأنزلته ليلًا من الكوة، ونجا من أيدي أعدائه. يطلب داود أن ينظر الله إلى براءته؛ لينقذه من الأشرار الذين يريدون إهلاكه. ع5: وَأَنْتَ يَا رَبُّ إِلهَ الْجُنُودِ، إِلهَ إِسْرَائِيلَ انْتَبِهْ لِتُطَالِبَ كُلَّ الأُمَمِ. كُلَّ غَادِرٍ أَثِيمٍ لاَ تَرْحَمْ. سِلاَهْ. عندما شعر داود باقتراب الأعداء منه؛ ليقتلوه، صرخ إلى الله الذي يثق في قوته؛ لذا دعاه رب الجنود، وهو في نفس الوقت إله إسرائيل، فقوته لصالح شعبه وأولاده. لذا يطلب منه داود أن ينتبه، أي يستعد للتدخل لإنقاذه من الموت. ولأن شاول، ومعاونيه ساروا في الشر في محاولات قتل داود، فهم يشبهون الأمم في شرهم، واستحقوا مطالبة الله لهم، أي محاسبتهم، ومعاقبتهم على غدرهم وإثمهم، فعقاب الإصرار على الشر هو الهلاك. هذا المزمور يصلح أن يردده شعب الله في حروبهم مع الأمم المحيطة بهم، إذ أنه يذكر هنا كلمة الأمم، وقد يعنى بها الأمم المحيطة بشعب الله، فيطالب الله القوى، رب الجنود، الحامى لشعبه إسرائيل أن ينتبه، ويحاسب الأمم، ويعاقبهم بلا رحمة؛ لرفضهم الله، وإصرارهم على الشر. ينهى هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية للتأمل في قوة الله المساندة لأولاده. ع6: يَعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ، وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ. يهرون: صوت الكلب الذي يظهر ضعفه، وهو غير النباح الذي يظهر قوته. يصف داود أعداءه بأنهم مثل الكلاب التي تأتى عند المساء، وتصدر أصواتًا ضعيفة. فقد أتى فعلًا رجال، وراقبوا بيت داود ليلًا، وكانوا يكلمون بعضهم بعضًا بأصوات خافتة حتى لا يشعر بهم أحد. ويدورون في مدينة أورشليم، ليتجسسوا، ويعرفوا أخبار داود، ويتأكدوا من وجوده في بيته حتى يستطيعوا قتله. اجتماع الأشرار في المساء حيث الظلمة، يبين ميلهم للشر الذي يصنعونه في الظلمة، ويقضون ليلهم في قلق، وتدبير للمؤامرات، أما البار فيعطيه الله نومًا هادئًا في الليل. ع7: هُوَذَا يُبِقُّونَ بِأَفْوَاهِهِمْ. سُيُوفٌ فِي شِفَاهِهِمْ. لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: «مَنْ سَامِعٌ؟» يبقون: يتكلمون بالشر. يستكمل داود وصف أعدائه بثلاثة أمور؛ أولها أنهم يتكلمون كلامًا شريرًا، ثانيًا يظلمون الناس، فكلماتهم تجرح وتهلك؛ لذا دعاها سيوف. وثالثًا يستهينون بطول أناة الله عليهم، ويظنون أنه لا يسمع شرورهم. كل هذا معناه تمادى الأعداء في خطاياهم، غير مستفيدين من طول أناة الله كفرصة لتوبتهم. ع8: أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَتَضْحَكُ بِهِمْ. تَسْتَهْزِئُ بِجَمِيعِ الأُمَمِ. يرفع داود نظره إلى الله، ويحول عينيه عن محاولات الأشرار إهلاكه، فيرى الله في قوته يستهزئ بكل مؤامرتهم الشريرة، فهو قادر أن يبطلها في لحظة، وينجى ابنه داود. هذا يبين مدى إيمان داود، وثقته في الله. ع9: مِنْ قُوَّتِهِ، إِلَيْكَ أَلْتَجِئُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي. عندما نظر داود إلى قوة أعدائه شعر بضعفه، فأسرع ينظر إلى الله، الذي هو أقوى من الكل، والتجأ إليه ليحميه من العدو؛ لأن داود قد تعود أن يلتجئ إلى الله، ويتحصن فيه، فيحيا مطمئنًا مهما أحاط به الشر. † تعود أن تنظر إلى الله كل حين؛ لتعتمد عليه، فلا تهتز من اضطرابات العالم المحيطة بك، ويسهل عليك أن تطلبه، فيبطل كل مؤامرات إبليس، وإذ تطمئن تتمتع بعشرة الله وخدمته. (2) الله المخلص (ع10-15): ع10: إِلهِي رَحْمَتُهُ تَتَقَدَّمُنِي. اللهُ يُرِينِي بِأَعْدَائِي. إذ اطمأن داود لله حصنه، وملجأه أخذ يصف باتضاع إلهه، بأن رحمته تتقدمه، أي أنه يحيا برحمة الله؛ لأنه خاطئ، وضعيف، ومقصر. الله الذي يحمى داود يريه ضعف أعدائه، وكيف يؤدبهم الله، ويعاقبهم؛ لأنهم أساءوا إليه، كما يرشده كيف يتصرف معهم، وهكذا يتمتع داود برؤية الله، وسماع صوته. ع11: لاَ تَقْتُلْهُمْ لِئَلاَّ يَنْسَى شَعْبِي. تَيِّهْهُمْ بِقُوَّتِكَ وَأَهْبِطْهُمْ يَا رَبُّ تُرْسَنَا. تيههم: اجعلهم يتوهون، أي يتفرقون، ويتبددون، ويتشتتون، ولا يعرفون طريقهم. ترسنا: الترس آلة دفاعية كان يستخدمها الجندى قديمًا، وهي قطعة خشبية لها عروة خلفية يضع الجندى فيها يده، ويحركها أمام وجهه وجسمه ليحميه من السهام. يطلب داود من الله ألا يقبل أعداء شعبه، بل يجعلهم تائهين، أي في ضعف ولا يعرفون كيف يسيرون، أو يتصرفون، ويهبطهم، أي ينزلهم عن كبريائهم، ويشعرون بضعفهم. وبهذا تظهر محبة داود لشعبه ولأعدائه فيما يلى: أ - يحمى الله شعبه من الأعداء الذين صاروا ضعفاء، ولا يستطيعون أن يسيئوا إلى شعبه. ب - إذ ينظر شعب الله أعداءهم في ضعف يثبت إيمانهم بالله الذي هو ترسهم، والمدافع عنهم. ج - يظل شعب الله في استعداد للحرب، والدفاع عن بلادهم، أي لا يتهاونون؛ لأن الأعداء ما زالوا موجودين، ولكن ضعفاء. د - فرصة للأعداء أن يتوبوا، ويؤمنوا، ويرجعوا إلى الله، وهذا يبين قلب داود المتسع المحب حتى لأعدائه. هذه الآية تنطبق على المسيح الذي قام عليه اليهود، وصلبوه، ولكنه لم ينتقم منهم، ويقتلهم، كما أراد بطرس أن يقتل بسيفه الذين أتوا للقبض على المسيح، فقال له أنه لو أراد لطلب اثنى عشر جيشًا من الملائكة؛ ليحاربوا عنه، ولكنه يريد أن يفدى البشرية (مت26: 53). وبعد قيامته لم يقتل اليهود، ولكن شتتهم في بلاد العالم بعد خراب أورشليم عام 70 م، فصاروا في ضعف، وكذلك قايين بعد قتله هابيل صار تائهًا في الأرض، فنتيجة الخطية دائمًا هى التيهان والضعف (تك4: 12-14). ع12: خَطِيَّةُ أَفْوَاهِهِمْ هِيَ كَلاَمُ شِفَاهِهِمْ. وَلْيُؤْخَذُوا بِكِبْرِيَائِهِمْ وَمِنَ اللَّعْنَةِ وَمِنَ الْكَذِب الَّذِي يُحَدِّثُونَ بِهِ. حدد داود خطايا أعدائه في خطيتين: أ - كلامهم؛ إذ سقطوا في خطايا الكلام، مثل اللعن، أي الشتائم، والكذب. ب - كبرياؤهم، إذ شعروا أن مؤامراتهم لابد أن تنجح، ووثقوا في قوتهم الشخصية. وبهاتين الخطيتين أخذهم الله، أي حاسبهم، وعاقبهم، فهلك شاول، وأبناؤه في الحرب، وانتقل العرش إلى داود. هذه الآية نبوة عن المسيح، الذي قام عليه اليهود بكبرياء، وبكلمات شريرة طالبين صلبه، وتخيلوا أنهم قد تخلصوا منه بموته على الصليب، ولكن الحقيقة أنه قام من الأموات، واجتذبهم للإيمان، وخضعوا له. ع13: أَفْنِ، بِحَنَق أَفْنِ، وَلاَ يَكُونُوا، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مُتَسَلِّطٌ فِي يَعْقُوبَ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. سِلاَهْ. بروح النبوة يعلن داود أن الله سيفنى أعداءه، ويكرر كلمة "إفن" مرتين؛ لأنهم سيهلكون على الأرض، ثم في الحياة الأخرى. وبهذا الفناء، أي عندما ينتهى وجود هؤلاء الأشرار، يتمجد الله في شعبه بنى يعقوب، أي المؤمنين به، لأنه حفظ أولاده، وأفنى الأشرار الذين يضايقونهم، فيثبت إيمان الأبرار، ويخشى باقي الأشرار؛ لعلهم يرجعون، ويؤمنون ويتوبون. تمت هذه الآية في اليهود الذين قاوموا المسيح، فأفناهم على الأرض بخراب أورشليم عام 70 م بيد الرومان، ثم سيفنيهم في يوم الدينونة، في العذاب الأبدي. تنتهي هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية للتأمل في قوة الله التي تتمجد في أولاده، وتعاقب مقاوميه. ع14: وَيَعُودُونَ عِنْدَ الْمَسَاءِ. يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ، وَيَدُورُونَ فِي الْمَدِينَةِ. الآية (14) هي تكرار لـ(ع6)، ولكن بمعنى آخر إذ يتكلم عن الأشرار في الأبدية، فيصف حياتهم بأنها عند المساء، أي في الظلمة الخارجية، وفى ضعف يهرون مثل الكلاب، ويدورون، أي في تيه، ويظلون هكذا إلى الأبد في هذا العذاب، والحيرة، كما عبر عن ذلك موقف الغنى في مثل الغنى ولعازر (لو16: 19-31). ع15: هُمْ يَتِيهُونَ لِلأَكْلِ. إِنْ لَمْ يَشْبَعُوا وَيَبِيتُوا. يستكمل داود وصفه لحالة الأشرار في العذاب الأبدي، بأنهم في تيهانهم يعانون من الجوع، ويظلون، أي يبيتون في هذا الجوع إلى الأبد، بينما الأبرار يشبعون بالحب الإلهي في الملكوت. † لا تفرح بالمكاسب التي تحققها بكسر وصايا الله، فهي كلها مؤقتة وزائلة، بل تستوجب الدينونة في النهاية، وعلى العكس إن سقطت في خطية، فاسرع إلى التوبة؛ لتنال مراحم الله. (3) تسبحة الخلاص (ع16، 17): ع16، 17: أَمَّا أَنَا فَأُغَنِّي بِقُوَّتِكَ، وَأُرَنِّمُ بِالْغَدَاةِ بِرَحْمَتِكَ لأَنَّكَ كُنْتَ مَلْجَأً لِي، وَمَنَاصًا فِي يَوْمِ ضِيقِي. يَا قُوَّتِي لَكَ أُرَنِّمُ، لأَنَّ اللهَ مَلْجَإِي، إِلهُ رَحْمَتِي. الغداة: الصباح الباكر. مناص: ملجأ. إن كان داود قد بدأ مزموره بالصراخ إلى الله ليخلصه، ولكن بإيمان ينهى المزمور بتسبيح الله القوى الذي خلصه من أعدائه. ويرنم بالغداة بعد خلاصه من أيديهم، وانتهاء التجربة، لأن الله كان ملجأه. ويشكر الله على مراحمه الكثيرة التي يصعب إحصاءها. يتنبأ داود عن قيامة المسيح في فجر الأحد "الغداة"، فيسبح الله القوى والرحوم، الذي مات وقام، ليقيم أولاده فيه، ويكون ملجأ لهم على الدوام. هذه الآية تنطبق على مشاعر داود، وكل المؤمنين به في الأبدية، فيسبحون الله في الغداة، التي هي فجر الحياة الجديدة، ويشكرون قوته، ورحمته التي حفظتهم طوال عمرهم، وكانت ملجأ لهم. † اشكر الله كل يوم على رعايته لك، وإنقاذه لك من الشرور الكثيرة، التي تعرفها، أو التي حفظك منها دون أن تدرى، وبتسبيحك له يثبت إيمانك، وتبتعد عن الخطية، وتتمتع بعشرته. المزمور الستون الله ناصرنا لإمام المغنين على السوسن. شهادة مذهبة لداود للتعليم عند محاربته آرام النهرين وآرام صوبة فرجع يوآب وضرب من أدوم في وادي الملح اثنى عشر ألفًا "يا الله رفضتنا اقتحمتنا ... " (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي. 2. متى كتب؟ أ - عندما كان بنو إسرائيل يحاربون آرام النهرين، الذي يسكن شمال العراق وآرام صوبة، الذي يسكن غرب آرام النهرين، أي شمال سوريا، ووجد مقاومة شديدة منهم. وفى نفس الوقت ضرب أدوم جنوب مملكة يهوذا، فأرسل داود أبيشاى فقتل ستة آلاف منهم، ثم يوآب فقتل منهم أثنى عشر ألفًا، أي قتلا 18000 من الأدوميين (2 صم8: 13). وكان ذلك في وادي الملح، وهو ما يسمى بالغور، ووادى الملح وادي مهجور يقع جنوب مملكة يهوذا، على حدود أدوم، جنوب البحر الميت. ب - هناك رأي آخر مكمل للرأى السابق، وهو أن داود تذكر أيضًا ما حدث له عندما كان مطرودًا من شاول، وعندما تملك لمدة سبع سنوات على سبط يهوذا، وكان ايشبوشث ابن شاول يحاربه، فاحتمل داود معاناة كثيرة، ولكن الله نصره، وتملك بعد ذلك على كل إسرائيل. 3. كان يرنم هذا المزمور على لحن يسمى السوسن، وهناك رأى آخر أن السوسن آلة موسيقية تشبه زهرة السوسن ذات الرائحة الذكية. 4. يعتبر هذا المزمور شهادة من داود على معونة الله وقوته التي تساند أولاده. وداود يقصد بهذا المزمور تعليم أولاد الله في كل جيل، أن يؤمنوا، ويتكلوا عليه. وكان اللاويون يرددون هذا المزمور في جماعة لها إمام؛ ليعلموا الشعب أن لا ينزعجوا من الضيقات، بل يصبروا، ويجاهدوا، ويقدموا توبة عن خطاياهم، فيتدخل الله، وينصرهم على أعدائهم، فيشكروه، ويمجدوه؛ لأنه هو وحده سبب نصرتهم. وما أجمل أن يقدم التعليم بشكل تسبيح، وشكر لله. 5. هذا المزمور مذهبة لداود، أي أنه من المزامير العظيمة الغالية لداود، وكان يكتب بماء الذهب. 6. هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأن داود فيها يرمز للمسيح، الذي احتمل الآلام من أجلنا، ثم انتصر على كل أعدائه الشياطين بالصليب. 7. يعتبر هذا المزمور نبوة عن السبي الأشوري، ثم السبي البابلي، ثم تتجلى عظمة الله في ارجاع شعبه من السبي، وإعادة بناء الهيكل، والفرح بنعمة الله، وتمجيده. 8. يناسب هذا المزمور كل إنسان في ضيقة، ويساعده أن يصبر حتى ينال نصرة الله، واجتياز الضيقة، فيسبحه. 9. هذا المزمور لا يوجد بالأجبية. (1) تأديب ورجاء (ع1-5): ع1: يَا اَللهُ رَفَضْتَنَا. اقْتَحَمْتَنَا. سَخِطْتَ. أَرْجِعْنَا. سخطت: غضبت جدًا. يعاتب داود الله لأنه رفض أولاده، واقتحمهم، أي دخل بين صفوف الجيش، وفرقه، وشتته. وكذلك سخط عليه، أي أدبه بغضب شديد، كل هذا يظهر تخلى الله عن شعبه، فتعرضوا لعنف جيوش الأعداء. ولكن يظهر إيمان داود، ورجاؤه في الله، بقوله أرجعنا، أي ارجع عنايتك لنا، ولنعد إلى أحضانك، فترعانا بأبوتك ومحبتك. هذه الآية نبوة عما حدث في السبي الأشوري، ثم البابلي، عندما تخلى الله عن شعبه، وأدبهم بالسبي، فأقتحمهم الأعداء، وخربوا بلادهم، وأخذوهم عبيدًا. ولكن شعب الله تاب، وترك عنه الأوثان، والشهوات، وطلبوا منه أن يرجعهم من السبي، فأعادهم بكرامة عظيمة، وبنوا الهيكل. هذه الآية أيضًا نبوة عن المسيح الذي رُفض، واقتحم، وأتى عليه السخط الإلهي في العذابات، والصليب لأجلنا؛ لأنه حمل خطايا العالم كله، ولكنه يرجع بقوة في القيامة المقدسة. ع2: زَلْزَلْتَ الأَرْضَ، فَصَمْتَهَا. اجْبُرْ كَسْرَهَا لأَنَّهَا مُتَزَعْزِعَةٌ! فصمتها: فصلتها، وقسمتها. يظهر داود ما حدث لجيشه وهو يحارب الآراميين، ويشبه ما حدث بزلزال قسم الأرض تحت أرجلهم، فهجم الأعداء عليهم، ولذا يطلب من الله أن يجبر الكسر الذي حدث في الجيش، فاستجاب الله، وتغلب على الآراميين، وأيضًا على الأدوميين الذين في الجنوب. هذه الآية نبوة عما حدث لأورشليم في الهجوم البابلي، ويشبهه بزلزال قسم الأرض، وزعزعها، فيطلب من الله أن يجبر كسرها، وهذا ما حدث عندما أرجع الله شعبه من السبي، وبنوا الهيكل، وعبدوا الله فيه. هذه نبوة عن المسيح المصلوب الذي تزلزلت الأرض عند صلبه، ولكنه قام وأعاد الهدوء للنفوس التي آمنت به فعاشوا في طمأنينة، وأصلح كل ضعف فيهم. ع3: أَرَيْتَ شَعْبَكَ عُسْرًا. سَقَيْتَنَا خَمْرَ التَّرَنُّحِ. عسرًا: ضيقة. الترنح: التمايل والاهتزاز كما يحدث لمن يسكر من الخمر. ما حدث مع جيش بني إسرائيل أمام آرام يصفه داود بالعسر، ويشبهه بالخمر المسكرة، التي تجعل من يشربها يترنح، أي صار جيش بنى إسرائيل ضعيفًا أمام آرام، ولكن عندما طلب الله استعاد قوته، وانتصر على الأعداء، بل وانتصر أيضًا على أدوم، الذي استغل الفرصة، وهاجم جنوب بلاد اليهود. هذا العُسْر، وخمر الترنح هو ما حدث مع المسيحيين من بداية العصر الرسولى حتى اليوم، ولكن الله لا يترك شعبه الصارخين إليه في توبة. ع4: أَعْطَيْتَ خَائِفِيكَ رَايَةً تُرْفَعُ لأَجْلِ الْحَقِّ. سِلاَهْ. يظهر هنا داود استجابة الله لصراخ شعبه الذي أدبه، فرجع إليه، حينئذ تحنن الله على شعبه، الذي يخافه، وأعطاهم راية هي راية النصرة، إذ كان معتادًا قديمًا في الحروب أن ترفع الجيوش راية للنصرة. وهذه الراية ترفع لإعلان الحق الذي هو الله المساند لشعبه، فيهزم أعداءه. أول راية أعطاها الله لشعبه؛ ليطمئنه كانت قوس قزح، ليؤكد لهم أنه لن يغرق العالم بطوفان مرة أخرى، ومازالت هذه الراية ترفع حتى الآن، عندما ينزل المطر بشدة. رفع شعب الله في مصر أيام موسى الراية على بيوتهم وهي الدم الذي لطخوا به العتبة العليا، والقائمتين، عندما ذبحوا الخروف، فاجتاز الملاك المهلك من أمام بيوتهم؛ لأنهم في حماية الدم، الذي يرمز لدم المسيح. في الحرب مع الشيطان الراية هي المسيح المصلوب، وهو الحق، الذي قيد الشيطان بالصليب، فرايتنا هي الصليب. والكنيسة تؤكد هذه الآية في أبصالية يوم الجمعة. كلمة سلاه وقفة موسيقية للتأمل في قوة الله التي يهبها لخائفيه، الذين يحبون الحق. ع5: لِكَيْ يَنْجُوَ أَحِبَّاؤُكَ. خَلِّصْ بِيَمِينِكَ وَاسْتَجِبْ لِي! راية النصرة التي وهبها الله لأحبائه؛ أولاده وخائفيه تنجيهم من أيدي الأعداء، ويخلصون من كل ضيقة بقوة الله، أي يمينه، فيفرح داود؛ لأن الله استجاب لصلواته، ونجى شعبه. إن داود هنا يطلب لشعبه وليس لنفسه فقط، إذ يشعر بمسئوليته، وأبوته لكل شعبه، فيصلى لأجلهم ليعطيهم الله النصرة الكاملة؛ لأن يمين الله قادرة على كل شيء. † اهتم أن تصلى من أجل كل من حولك، فأنت مسئول عنهم أمام الله أن ترشدهم، وتشجعهم في علاقتهم بالله، وإن لم تستطع أن تتكلم فعلى الأقل ارفع صلواتك، وكن قدوة لهم. (2) الفرح بنصرة الله (ع6-8): ع6: اَللهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِقُدْسِهِ: «أَبْتَهِجُ، أَقْسِمُ شَكِيمَ، وَأَقِيسُ وَادِيَ سُكُّوتَ. شكيم: مدينة تقع غرب نهر الأردن، بين جبلى جرزيم وعيبال، وتسمى حاليًا نابلس، وقد سكن فيها يعقوب قديمًا. سكوت: منطقة تقع شرق نهر الأردن، جنوب نهر يبوق، وقد سكن فيها يعقوب قديمًا. الله أمر بكلامه المقدس، ووعد داود أن يعطيه مملكة إسرائيل كلها، التي تسكن شرق، وغرب نهر الأردن، أي أرض كنعان، وكل ما حولها. والله يفرح، ويبتهج بهذا، ويقسم الأرض، ويقيس حدودها، ويعطيها كلها لشعبه الذي يملك عليه داود. ينطبق هذا الكلام أيضًا على داود، الذي يفرح بوعد الله له، فيتملك الأرض شرق وغرب نهر الأردن، وتخضع له الأمم المحيطة به. وهذه الأرض هي التي سكن فيها الآباء الأولون إبراهيم، واسحق، ويعقوب، وباركوها. الله في ملء الزمان تكلم بابنه القدوس، الذي تجسد لفدائنا. والله يبتهج لأن ابنه هو موضع سروره. ويقسم ويقيس الأرض التي ترمز إلى بركات العهد الجديد المعطاة في كنيسته في شكل الأسرار المقدسة، ووسائط النعمة، وثمار ومواهب الروح القدس. ع7: لِي جِلْعَادُ وَلِي مَنَسَّى، وَأَفْرَايِمُ خُوذَةُ رَأْسِي، يَهُوذَا صَوْلَجَانِي. جلعاد: حفيد منسى، وهي منطقة واسعة تقع شرق نهر الأردن، وقد سكن فيها نصف سبط منسى. أفرايم: أكبر الأسباط في مملكة إسرائيل الشمالية، وهو خط الدفاع الأول لها. يهوذا: السبط الذي أتى منه الملك داود، واستمر نسله يملك على هذا السبط حتى أتى من نسله المسيح. صولجانى: العصا الذهبية التي يمسك بها الملك، وتمثل سلطانه، وملكه. يعلن الله أن له منطقة شرق الأردن، وهي جلعاد حيث سكن نصف سبط منسى مع سبطى رأوبين، وجاد، أي أن الله أسكن شعبه شرق نهر الأردن، وكذلك أسكنه غرب نهر الأردن، حيث ملَّك سبط أفرايم الكبير في العدد، والذي تملك في منطقة واسعة، ويمثل القوة الكبرى في المملكة الشمالية إسرائيل، لذا دعاه خوذتى، أي حماية رأسى، إذ هو المدافع الأول عن مملكة إسرائيل. أما يهوذا فهو سبط كبير أيضًا يسكن جنوبًا غرب نهر الأردن، ومنه جاء الملك داود، ونسله الذين ملكوا على مملكة يهوذا. إن كان الله قد سمح لشعبه الساكن شرق الأردن، وفى مملكة إسرائيل أن يؤخذوا عبيدًا في السبي الأشوري، وكذلك مملكة يهوذا تؤخذ مع السبي البابلي، ولكنهم جميعًا أولاده الذين يعيدهم من السبي، ويحفظهم؛ لأنهم آمنوا به، وعاشوا معه. ع8: مُوآبُ مِرْحَضَتِي. عَلَى أَدُومَ أَطْرَحُ نَعْلِي. يَا فَلَسْطِينُ اهْتِفِي عَلَيَّ». موآب: ابن لوط، وهو شعب معادى لشعب الله، ويسكن شرق البحر الميت. أدوم: نسل عيسو، وهو شعب معادى لشعب الله، يسكن جنوب مملكة يهوذا. فلسطين: شعب معادى لشعب الله ويسكن جنوب شرق مملكة يهوذا. مرحضتى: إناء للغسيل من القاذورات. بعد أن أظهر داود نعمة الله المعطاة له بتملك أرض جلعاد، وسكن سبط منسى فيها، والقوة المعطاة لسبط أفرايم، والحكمة المعطاة لسبط يهوذا ليخرج منه الملوك، تكلم في هذه الآية عن الشعوب المعادية، المقاومة لبنى إسرائيل. وأظهر تمنياته أن يصير موآب مرحضة له، أي يكون منحطًا، هو وآلهته الوثنية، فلا ينجذب إليها شعب الله، بل يحتقرها. وبالنسبة لأدوم المتكبر بسكنه في الجبال، ينحط، ويدوسه داود، وبنو إسرائيل بنعالهم. أما فلسطين التي أذلت بنى إسرائيل كثيرًا، فيقهرها داود؛ حتى تهتف عليه وتصرخ متألمة مما سيصنعه فيها، حينما ينتصر عليها. الله الذي أنعم على شعبه بتملك أرض كنعان، وما حولها، أعطى أيضًا شعبه أن يتغلبوا على الأمم المحيطة بهم حتى لا تقاومهم، وقد حدث هذا فعلًا في أيام داود، ثم سليمان. † إن كان الله معنا، فمن علينا. لا تضطرب من الضيقات، أو التهديدات، بل تذكر دائمًا قوة الله التي معك، فتسندك، بل وتمجدك، وتفرح قلبك. (3) الله سر النصرة (ع9-12): ع9: مَنْ يَقُودُنِي إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُحَصَّنَةِ؟ مَنْ يَهْدِينِي إِلَى أَدُومَ؟ إذ نظر داود إلى عاصمة بلاد أدوم المرتفعة على الجبال، ومتحصنة بها، ويصعب جدًا الوصول إليها وإخضاعها؛ صرخ إلى الله، وقال - معبرًا عن ضعفه - من يقودنى إليها، وهذا يظهر اتضاع داود، وإعلانه احتياجه لله، خاصة أمام قوة الأعداء، أي أدوم. ع10: أَلَيْسَ أَنْتَ يَا اَللهُ الَّذِي رَفَضْتَنَا، وَلاَ تَخْرُجُ يَا اَللهُ مَعَ جُيُوشِنَا؟ استكمل داود صلاته، وقال لله ليس غيرك يا رب يوصلني إلى أدوم، فأنتصر عليها بقوتك، وأنا أعلم أنك رفضتنا، ولم تخرج مع جيوشنا مؤقتًا، لتأديبنا، لنثق أن القوة منك وليست منا، فنتضِع، ونتوب عن خطايانا. ع11، 12: أَعْطِنَا عَوْنًا فِي الضِّيقِ، فَبَاطِلٌ هُوَ خَلاَصُ الإِنْسَانِ. بِاللهِ نَصْنَعُ بِبَأْسٍ، وَهُوَ يَدُوسُ أَعْدَاءَنَا. بأس: قوة. في الختام يعلن داود أن الإنسان عاجز عن أن يخلص نفسه، ولابد أن يحتاج إلى معونة الله. فقوة الإنسان تبدو في الظاهر قوية، ولكنها مؤقتة، وضعيفة أمام تقلبات الحياة. والحل هو الالتجاء إلى الله لطلب معونته. يقول داود إذا اتكلنا على الله، فإنه يتدخل بقوة جبارة، ويهزم أعداءنا، ويدوسهم، فلا تصير لهم قوة أمامنا، سواء الشياطين، أو الأشرار الذين يتبعونهم؛ لأن قوة الله لا تقاوم. † لا تضطرب من عجزك، وضعف قوتك أمام متطلبات الحياة؛ لأن إلهك قادر أن يكمل كل نقص فيك، بل يسندك فتصير أقوى ممن حولك، ومتميزًا، فتمجد الله. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:53 PM | رقم المشاركة : ( 162384 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور السَّابِعُ والخمسون شكر الله مخلصي لإمام المغنين. على لا تهلك. مذهبة لداود عندما هرب من قدام شاول في المغارة "ارحمني يا الله ارحمني.." (ع1) مقدمة: كاتبه: داود النبي. متى كتب ؟ عندما كان داود هاربًا من وجه شاول، واختبأ في مغارة في برية عين جدى (1 صم24)، وفيما هو مختبئ دخل شاول، ونام في مدخل المغارة، ولكن لم يقتله داود، وقطع طرف جبته، وشكر الله الذي أنقذه من يد شاول، بل أسقط شاول بين يديه، ثم سامحه داود. يناسب هذا المزمور كل إنسان يمر بضيقات كثيرة، ويحيط به أعداؤه، فيرفع قلبه إلى الله مخلصه، وبعدما ينقذه يشكر الله، ويسبحه. هذا المزمور تم تلحين كلماته بلحن يسمى "لا تُهلك"، وقد تم تلحين المزمورين التاليين لهذا المزمور وهما (مز58، 59) وكذلك (مز75) على نفس اللحن. وقد تشير كلمة لا تهلك إلى آلة موسيقية ذات تسعة أوتار، صاحبت تقديم المزمور. يعتبر هذا المزمور من المزامير المتميزة التي ألفها داود؛ لذا يسمى مذهبة، وكان يكتبه اليهود بماء الذهب. هذا المزمور كان يرنمه جماعة من اللاويين بقيادة قائد يسمى إمام المغنين. فهو مزمور ليتورجى ترنمه جماعة بني إسرائيل المجتمعين في هيكل الله، خاصة في أوقات الضيقات والألم. يعد هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأنه يحدثنا عن أحداث كثيرة في حياة المسيح، مثل قيامة المسيح باكرًا في فجر الأحد (ع8)، ويحدثنا عن صعوده إلى السموات (ع5). الجزء الأخير من هذا المزمور (ع7-11) مكرر في (مز108: 1-5). يوجد هذا المزمور في الأجبية في صلاة الساعة السادسة، التي تم فيها صلب المسيح؛ لذا فهو يحدثنا عن الضيقات التي قابلها المسيح، ولكن بعد أن مات قام من الأموات. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:54 PM | رقم المشاركة : ( 162385 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ ارْحَمْنِي، لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي، وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ. يطلب داود الرحمة مرتين من الله؛ لاحتياجه الشديد لمعونته وحمايته. وطلب الرحمة مرتين يشير إلى حاجة اليهود والأمم للرحمة. يطلب داود حماية الله تحت جناحيه، وقد شبه الله نفسه بدجاجة تجمع فراخها تحت جناحيها (لو13: 34). وحماية الله كاملة تحمى من جميع المصائب والمشاكل. وقد يرمز جناحى الله إلى تجسده في ملء الزمان. والجناحان يتميزان بالقدرة على الحماية والخطف بسرعة لمن يحتاج للحماية، أي تشير لسرعة استجابة الله لمن يطلبونه. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:55 PM | رقم المشاركة : ( 162386 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَصْرُخُ إِلَى اللهِ الْعَلِيِّ، إِلَى اللهِ الْمُحَامِي عَنِّي. لشدة حاجة داود إلى الله ليخلصه من مطاردة شاول، صرخ إليه، وهذا الصراخ أيضًا يؤكد إيمانه بالله القادر على حمايته. بروح النبوة يصرخ داود إلى المسيح المخلص، المصلوب في الساعة السادسة ليخلصه مع باقي المؤمنين به من البشرية. بل المسيح الذي يصرخ وهو على الصليب، يعلن حاجة البشرية أن تصرخ إلى الله ليخلصها. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:55 PM | رقم المشاركة : ( 162387 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يُرْسِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَيُخَلِّصُنِي. عَيَّرَ الَّذِي يَتَهَمَّمُنِي. سِلاَهْ يُرْسِلُ اللهُ رَحْمَتَهُ وَحَقَّهُ. يتهممنى: مزمع أن يفترسنى. طارد شاول داود، وحاول قتله، ولكن الله حفظ داود، وعلى العكس أسقط شاول تحت يد داود، وحينئذ ظهرت فضيلة داود، وهي التسامح. فهنا يظهر الله المخلص الذي أرسل ودبر من السماء خلاص داود، وعير وأظهر ضعف شاول الساقط عند قدمى داود. فتحول من يريد افتراس داود إلى شخص ضعيف ساقط عند قدمى داود. وهكذا ظهرت رحمة الله التي أنقذت داود، وحقه، وعدله اللذان أسقطا شاول ضعيفًا عند قدمى داود. هذه الآية نبوة عن المسيح المتجسد، الذي أرسله الآب؛ ليخلص البشرية، وعير إبليس، بل قيده بالصليب، وتكاملت الرحمة والحق في شخص المسيح، الذي فدى البشرية، ودان الشيطان بصليبه. توجد كلمة سلاه في هذه الآية، بعد تعيير العدو، وإعلان الخلاص من السماء؛ ليتأمل الإنسان في هذه الوقفة الموسيقية قوة الله المخلص لأولاده من يد الشياطين والأشرار. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:56 PM | رقم المشاركة : ( 162388 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نَفْسِي بَيْنَ الأَشْبَالِ. أَضْطَجعُ بَيْنَ الْمُتَّقِدِينَ بَنِي آدَمَ. أَسْنَانُهُمْ أَسِنَّةٌ وَسِهَامٌ، وَلِسَانُهُمْ سَيْفٌ مَاضٍ. المتقدين: الأشرار المشتعلين بنار الشر. أسنة: مفردها سنان وهو سلاح الرمح، أي نهايته المدببة. يشبه داود شاول وجماعته الذين يطاردونه بالأشبال، أسنانهم مثل أسنة الرماح والسهام، وألسنتهم مثل السيوف؛ ليبين مدى شراسة أعدائه، وعنفهم ومؤامراتهم. ولكن كل هذا لم يجعل داود مضطربًا، بل نام بين أعدائه المتقدين بنار الشر مطمئنًا؛ لأن الله يحميه، فلا يستطيع أحد أن يقترب إليه، بل على العكس أسقط عدوه شاول عند قدميه في المغارة. هذه الآية أيضًا نبوة عن مؤامرات اليهود، التي انتهت بصلب المسيح، لكنه نام مستريحًا على صليبه في الساعة السادسة، ثم قام ليقدم فداء للبشرية. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:57 PM | رقم المشاركة : ( 162389 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ارْتَفِعِ اللَّهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ. لِيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ. يطلب داود من الله أن يرتفع على السموات، أي يظهر مجده فوق كل الملائكة، وفيما هو يظهر عظمته على السموات، يرفع داود، وكل المحبين لله ليتمتعوا بعشرته. وأيضًا يرتفع مجد الله على الأرض، أي يظهر مجد الله فوق كل أمجاد البشر، وأعمالهم التي هي عظيمة في نظرهم، ويظهر ضعف البشر وتصبح شرورهم لا شيء أمام مجده وقوته. يتكلم داود بروح النبوة عن المسيح الذي يرتفع على السموات، وعلى الأرض، فبعد أن أخفى لاهوته بتجسده يقوم من الأموات، ثم يصعد إلى السموات، أي يرتفع فوق الأرض بمجد عظيم إلى أن يختفى بين السحاب؛ ليجذب قلوب أولاده إلى السماء، فيصلون كل حين. |
||||
03 - 06 - 2024, 12:58 PM | رقم المشاركة : ( 162390 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي. انْحَنَتْ نَفْسِي. حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً. سَقَطُوا فِي وَسَطِهَا. سِلاَهْ. فيما قلب داود متعلق بالله العظيم الممجد، كما ظهر في الآية السابقة، يظهر الجانب الثاني، وهو عمل الأشرار معه، ويظهر فيما يلى: أ - الفخاخ التي أعدها الأشرار له خلال مطاردته سنينًا طويلة. ب - التهديدات والمحاولات المستمرة لإهلاكه كانت شديدة التأثير عليه، حتى عبر عنها بأن نفسه قد انحنت تحت هذه الضغوط. كل هذا يبين مدى عنف الأعداء، ومدى الآلام التي عاناها داود. الفخاخ التي نصبها شاول لداود للقبض عليه تحولت إلى فخ لشاول نفسه، ففيما شاول يطارد داود، دخل، واستراح في المغارة التي يقيم فيها داود، فتحول العدو المطارد - وهو شاول - إلى فريسة سهلة، وتقدم داود؛ ليقطع طرف جبة شاول، وكان في إمكانه أن يهلكه، ولكنه سامحه. فشاول سقط في الحفرة التي حفرها لداود، وتحول المطارد إلى فريسة، أما المطارد وهو داود فتحول إلى جبار بقوة الله. |
||||