منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01 - 06 - 2024, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 162191 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




لأَنَّكَ نَجَّيْتَ نَفْسِي مِنَ الْمَوْتِ.
نَعَمْ، وَرِجْلَيَّ مِنَ الزَّلَقِ، لِكَيْ أَسِيرَ قُدَّامَ اللهِ فِي نُورِ الأَحْيَاءِ.

يوضح في نهاية المزمور سبب شكره، وإيفاء نذوره لله لما يلي:

أ - لأن الله نجاه من موت محقق تعرض له مرات كثيرة.

ب - نجاه الله أيضًا من الانزلاق في تصرفات خاطئة، أو آراء فاسدة تبعده عن الله، وتحرمه من الملكوت، خاصة وأن ضيقاته كانت شديدة، بل عاش بين الوثنيين فترة، هربًا من شاول.

ج - السير في طريق النور، أي القداسة، وتنفيذ وصايا الله، هذا هو نور الأحياء مع الله، والذي نهايته النور الكامل للأحياء إلى الأبد في الملكوت، حيث التمتع الكامل بنور الله. وأيضًا نور الأحياء هو نور القديسين الأحياء في السماء، الذين نقتدى بسيرهم، ويساعدوننا بصلواتهم.
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 162192 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






† الله يريدك أن تحيا في نور الأحياء كل أيامك، فانظر إليه؛
لأنه هو النور الحقيقي، واعمل صداقة مع قديسيه؛
لأنهم أول المستنيرين به، حينئذ تستطيع أن تثبت في كنيسته،
وتتمتع بأسراره، وتحب الصلاة والتأمل، فتحيا مستنيرًا،
وتكون حيًا أمامه إلى الأبد.
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:33 PM   رقم المشاركة : ( 162193 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأحَد الخامِس للفِصْح: الكَرْمَة الحَقّ: يسوع وتلاميذه





النَّص الإنجيلي: (يوحنا 15: 1-8)



1 ((أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام. 2 كُلُّ غُصن فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه. وكُلُّ غُصن يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه. 3 أَنتُمُ الآنَ أَطهار بِفَضْلِ الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم. 4 اُثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم. وكما أَنَّ الغُصن، إِن لم يَثْبُتْ في الكَرْمَة لا يَستَطيعُ أَن يُثمِرَ مِن نَفْسِه، فكذلكَ لا تَستَطيعونَ أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ. 5 أَنا الكَرْمَة وأَنتُمُ الأغْصَان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي يُثمِرُ ثَمَرًا كثيرًا لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا. 6 مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصن إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ الأغْصَان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل. 7 إِذا ثَبَتُّم فيَّ وثَبَتَ كَلامي فيكُم فَاسأَلوا ما شِئتُم يَكُنْ لَكم. 8 أَلا إِنَّ ما يُمَجَّدُ بِه أَبي أن تُثمِروا ثمرًا كثيرًا وتكونوا لي تلاميذ.





مقدِّمة



في إنجيل الأحَد الخَامِس للفِصْح يتكلم يسوع في خُطابه الوادعي الثَّاني أثناء العَشاء الأخير عن حاجة ثبات المؤمنين مع المسيح والاتحاد به من خلال مَثل الكَرْمَة الحَقّ (يوحنا 15: 1-8). يسوع هو الكَرْمَة الحقيقيَّة، فكما أنَّ الأغْصَان لا تعيش إلاَّ إذا ثبتت بوحدة عضويَّة في الكَرْمَة كذلك لا يُمكن للمؤمنين أن يكونوا تلاميذ المسيح ويُثمرون دون الاتِّحاد والثِّبات به. ومن هنا تكمن أهميَّة البحث في وقائع النَّص الإنجيلي وتطبيقاته.





أولًا: وقائع النَّص الإنجيلي (يوحنا 15: 1-8)



1 أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام"



تشير عبارة "أنا" باليونانيَّة Ἐγώ εἰμι (معناها أنا أكون، أنا هو) إلى الكيان الحَي الإلهي، كما "قالَ اللهُ لِموسى: אֶהְיֶה אֲשֶׁר אֶהְיֶה أَنا هو مَن هو (خروج 3: 14)؛ وهنا يلمح يسوع أنَّه الله، من يؤمن به يشاركه الحياة الأبديَّة. وقد تحدَّث يسوع ستَّ مراتٍ في إنجيل يوحنا بمثل هذه العبارة: "أَنا نُورُ العَالَم" (يوحنا 8: 12)؛ "أَنا بابُ الخِراف" (يوحنا 10: 7)؛ "أنا الباب" (يوحنا 10: 9)؛ "أَنا الرَّاعي الصَّالِح" (يوحنا 10 :11)؛ "أَنا القِيامةُ والحَياة" (يوحنا 11: 25)؛ "أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة" (يوحنا 14: 6). أمَّا عبارة "الكَرْمَة " فتشير إلى كَرْمَة العِنب، وهو نبات وفير الإنتاج، وترمز للفرح والثَّروة والحياة والى شعب الله ككَرْمَة مُثمرة تُقدِّم عِنبًا يُستخرج منه خمر روحي مفرح، كما جاء في نبوءات الأنبياء" مثل ارميا "إِنِّي غَرَستُك أَفضَلَ كَرْمَة (إرميا 2: 21)، وأشعيا 5: 1، وهوشع 10: 1)؛ والثَّمر الذي كان يجب على شعب العهد القديم أن يعطيه هو الأمانة للعهد وللوصايا، وبنوع خاص ما يتعلّق بالعدالة الاجتماعيَّة (أشعيا 5: 7). وفي العهد الجَديد تدل صورة الكَرْمَة على تيار الحياة الذي ينتقل من يسوع إلى التَّلاميذ جاعلا إيَّاهم يُثمرون الثَّمر الذي ينتظره العَالَم. والكَرْمَة هي مصدر وحدة كل الأغْصَان؛ ولذلك فإنَّ التَّلاميذ الذين اتَّحدوا بالكَرْمَة، واجب عليهم أن يُثُمروا ثمرًا صالحًا. أمَّا عبارة " الكَرْمَة الحَقّ " فتشير إلى استعارة يُعلن يسوع فيها أنَّه شعب الله الحق، إسرائيل الجَديدة. ويقارن يسوع هنا الكَرْمَة الكاذبة في العهد القديم والكَرْمَة الحق في العهد الجَديد. حيث أنَّ الكَرْمَة في العهد القديم تدلُّ على شعب إسرائيل الذي انتظر منه الله عِنبًا (ثمار بر وقداسة) فأثمر حُصرمًا بَرّيًا، وتعرَّض للدَّمار عند الدَّينونة الأخيرة، كما ورد في نبوءة أشعيا: " أيّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟ فما بالِيَ آنتَظَرتُ أَن يُثمِرَ عِنبَا فأَثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا؟"(أشعيا 5: 3-4). وأمَّا الكَرْمَة الحقيقيَّة في العهد الجَديد فتدلّ على يسوع وعلى التَّلاميذ الذين يرتبطون به ارتباطًا حياتيًا بالإيمان، ويُثمرون أعمال المَحبَّة. يُمثل شعب الله اليوم الكنيسة، جسد المسيح حيث يُباشر الله عمله. فهذه الكَرْمَة الجَديدة (الكنيسة) بدأت بغُصنٍ (المسيح) (أشعيا 11: 1) وتفرَّع منه أغصان كثيرة (المؤمنين المُعمَّدين) ليكونوا الكَرْمَة الحق. وبتعبير آخر، صورة الكَرْمَة توضّح هذه العلاقة الشَّخصيَّة التي يجب أن تنمو بين يسوع التَّلاميذ، وهي مبنيَّة على كلمة الله المُدوِّنة، وهي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجَديد.أي الوحي الذي أظهره يسوع لتلاميذه بالملء. وتدل الكَرْمَة أيضًا على حياة الكنيسة، شعب الله الجَديد وحياة التِّلميذ؛ أمَّا " الحَقّ " باليونانيَّة ἡ ἀληθινή (معناها الحقيقيَّة) فتشير لغويًا إلى الكَرْمَة الثَّابتة التي لا تتغيَّر ولا تفسد ولا تزول. أمَّا عبارة "أَبي " فتشير إلى الآب الذي هو مُتميز عن الكَرْمَة التي تدلَّ على المسيح والمؤمنين. وأمَّا المسيح بسبب إنسانيته اتحد بالكَرْمَة. الآب هو حارس هذا الاتحاد، فهو الذي يريده ليكون هناك حياة للكنيسة الكَرْمَة. وهذه الكَرْمَة حقيقيَّة لها صفة البَقاء والخلود وعدم التَّغيير وعدم الفساد. أمَّا عبارة "الكَرَّام" فتشير إلى الله الذي يعتني بالأغْصَان حتى تُثمر (مرقس 12: 1-12). كما كان الآب مع شعب العهد القديم، كذلك يكون مع شعب العهد الجَديد، أي كنيسته، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "نَحنُ عامِلونَ مَعًا في عَمَلِ الله، وأَنتُم حَقْلُ اللهِ وبُنيانُ الله" (1 قورنتس 3: 9).



2كُلُّ غُصنٍ فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه. وكُلُّ غُصنٍ يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه"



تشير عبارة "غُصنٍ" إلى ما هو مُتشعِّب من ساق الشَّجرة. وفي الكتاب المقدس ثمانِ عشرة كلمة عبريَّة وأربع كلمات يونانيَّة للدلالة على الغُصن أو الفرع، وتستخدم في بضع دلالات مختلفة بين المعنى الحرفي (غُصن الشَّجرة) والمجازي للدلالة على شخص هام (تكوين 49: 22)، أو للدلالة على الأمم (أشعيا 16: 8). أمَّا عبارة "كُلُّ غُصنٍ فِيَّ" باليونانيَّة πᾶν κλῆμα ἐν ἐμοὶ فتشير إلى كلَّ إنسانٍ يتبع المسيح الذي يتوجب عليه أن يكون في المسيح، كما هي الأغْصَان في الكَرْمَة، أما عبارة "فِيَّ" فتشير إلى الأغْصَان التي تُؤلف مع المسيح كائنًا واحدًا، وجسدًا روحيًا واحدًا حيث أنَّه لا يمكن فصل المؤمنين عن المسيح، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "فنَحنُ أَعْضاءُ جَسَدِه" (أفسس 5: 30) بل إن شرط حياتنا هو اتِّحادنا بالمسيح. والغُصن المُثمر هو المؤمن الحقيقي الذي باتِّحاده الحَي بالمسيح يحمل ثمرًا، وإلاَّ يكون غُصنًا كاذبًا، مصيره أن يُقطع ويُرمى في النَّار. تكرَّرت هذه العبارة ست مرات في هذا النَّص لأهميتها (يوحنا 15: 2، 4، 5، 6، 7). أمَّا عبارة "كُلُّ غُصن فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه" فتشير إلى النَّوع الأول من التَّقضيب أو التَّقليم، وهو قطع الغُصن وفصله عن باقي الأغْصَان. فاذا لم يَثبتْ الغُصن في الكَرْمَة كان غصنًا ميتًا، والغُصن الميت يحكم على نفسه بنفسه ولا يَصلح إلاَّ وقودًا للنَّار، إذ رفض التَّزوّد بعصارة الحياة ورفض أن يحمل ثمرًا، كما قال الرَّبُ: " كُلَّ مَن كانَ له شَيء، يُعطى فيَفيض. ومَن لَيسَ له شيء، يُنتَزَعُ مِنهُ حتَّى الَّذي له" (متى 25: 29). فالأغْصَان التي لا تحمل ثمرًا تقطع من الكَرْمَة، فهذه الأغْصَان ليست فقط عديمة القيمة، ولكنّها قد تحدث عدُوى للأغصان الأخرى، لانَّ من لا يحمل ثمر لله، أو يسعى لإعاقة جهود المؤمنين سوف يُفصل عن الحياة الإلهيَّة. وفي هذا الصَّدد يقول يسوع " كُلُّ غَرْسٍ لم يَغْرِسْهُ أَبي السَّماويُّ يُقلَع " (متى 15: 13). ويعلق القديس يوحنا الذَّهبي الفم بقوله "أنه دون أعمال لا يحق للتلاميذ أن يوجدوا فيه". والغُصن الذي لا يعمل لصالح الكَرْمَة التي منها يستمد وجوده لا يحقُّ له أن يكون أصلًا في الشَّجرة. فمن يعمل ما لا يحق له لا يحق له أن يكون في الكل. أمَّا عبارة "يَفصِلُه" باليونانيَّة αἴρει (معناه ينزع) فتشير إلى قطعِ كلِّ غُصن جافٍ وحرقه، لأنَّه لا يحمل ثمرًا في كَرْمَة الرَّبِّ ولا يشارك في حياته. يرى البعض أن يسوع يشير هنا إلى يهوذا الإسخريوطي الذي لم يحمل ثمرًا، فاستحق نزعه من الخدمة الرَّسوليَّة وحرمانه من الملكوت. أمَّا عبارة "كُلُّ غُصن يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه" فتشير إلى النَّوع الثَّاني من التَّقضيب، وهو تقليم الأغْصَان الجَيدة، كي تتحلّب العصارة في الغُصن، ويعطي نتاجًا كثيرًا من العناقيد ومزيدًا من الثَّمر. والكَرْمَة التي لا تُقضّب، لا تعطي إلاّ ورقًا. الغُصن الذي في المسيح الذي يُمثِّل المؤمنين الحقيقيين يُنقّى بواسطة اتَّحادهم بالكَرْمَة فيحملون ثمرًا، وبعكس ذلك يكون غُصنًا كاذبًا، ويجب قطعه وإلقاءه في النَّار. يزيل الآب عنا كلّ ما يعيق الإثمار، ويحافظ على كل غُصن من أغصان الكَرْمَة، الذي يشاركه في حياته ويعيش حسب هذه الحياة الجَديدة، لكنه يقطع كل غُصن لا يحمل ثمرًا: "كُلُّ غُصن فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه". نحن مدعويّن كمؤمنين لا إلى القطع، بقدر تسليّم أنفسنا للآب للتطهير لتكون حياة ابنه يسوع فينا. أمَّا عبارة " يُقَضِّبُه "باليونانيَّة καθαίρει (معناه ينقِّيه أو يُطهِّره) فتشير إلى شذب الكرَّام كرمه ليُكثر ثمارها. يذهب الكرّام إلى كرمه ليشذّب الأغْصَان التي لا تحمل ثمرًا. فإذا لم يفعل ذلك وترك تلك الأغْصَان تنمو مع الأغْصَان الجَيّدة، فلن تعطي كرمته سوى خمرة فاسدة وخلًا. ويرى القديس يوحنا الذَّهبي الفم "أنَّ التَّقليم هنا يشير إلى المِحن والاضطهادات التي تواجه المؤمنين، فهي لا تحطمهم، بل تزيدهم قوة وإثمارًا. حيث أنَّ المحن تُنقِّي أعمال المؤمن وتؤدي به إلى حمل الثَّمر". ومن هذه المِحن الآلام الجَسديَّة والرُّوحيَّة والأمراض والتَّجارب والشُّكوك وشعور المؤمن أنَّه متروك وأوضاعه الصَّعبة. فالمِحن ليس هدفًا في حدِّ ذاتها، وإنما يسمح الله بها لكي تمكّن الإنسان الحمل ثمرًا. فالتَّنقية تأديب. ومن هذا المنطلق، يُميّز يسوع بين نوعين من التَّقليم: قطع الغُصن ليفصله؛ وتقضيب الغُصن بهدف تطهيره وتنقيته وإكثار ثماره. صورة عن عمل الله في كنيسته، فهو يقضِّب باستمرار الأغْصَان الفاسدة والجَافة. تُسبب عمليَّة التَّقليم آلامًا وأتعابًا، غير أنها تضاعف الغلة والمحصول وتأتي الكَرْمَة بثمار يانعة. وبتعبير آخر، لا بُدَّ في بعض الأحيان من تأديب الله لنا لتقوية المؤمنين وزيادة إيمانهم وتقوية شخصيّتهم؛ وأمَّا عبارة "ثمر" فتشير إلى أهميته، إذ تكرَّر خمس مرات (يوحنا 15: 2، 4، 5، 8). يهتم المُزارع بالكَرم ويعرف كيف يقضّبه، إلاَّ أن الغاية لا تَكمن بازدهار النبتة، بل ما تنتجه من ثمر. والثمر يحدد ما إذا كان الغُصن ثابتًا في الكرمة أم لا. إن لم يكن هناك ثمر، فالكرمة يابسة، وهذا يشير إلى أن الغُصن غير ثابت في الكرمة فلا يصله الغذاء المناسب لينمو. فالثمر يرمز في العهد القديم إلى ثمر الكَرْمَة إلى الحكمة (سيراخ 24: 17) وإلى زوجة البار الخصبة (مزمور 128: 3)، كما يرمز أيضًا إلى أمل الزوجين (نشيد 6: 11) والثَّمر يرمز أخيرًا إلى الأمانة للوصايا؛ وأمَّا في العهد الجَديد فترمز خاصة إلى الإيمان الذي نعيشه في حياتنا اليوميَّة (يوحنا 14: 21)، وكما أنَّ الغُصن يشارك في حياة الكَرْمَة، كذلك المؤمن يشارك باتِّحاده بالمسيح في حياة الله. وهذه المشاركة تفرض عليه أن يحيا ويعمل بحسب تعليم يسوع. فنحن مرتبطون بالمسيح ارتباطًا يعود بالخير على الكنيسة، جسد المسيح السِّري. ولذاك فان التَّلاميذ الذين يرتبطون بالمسيح ارتباطًا حياتيًا بالإيمان يجب أن يثمروا أعمال المَحبَّة. كما أنَّ الغُصن يشارك في حياة الكَرْمَة، كذلك يشارك المؤمن باتحاده بالمسيح في حياة الله. وهذه المشاركة تفرض عليه أن يحيا ويعمل بحسب ما أوحى به يسوع. يطلب الله من الكَرْمَة عنبًا جيدًا (أشعيا ٥: ٢)، هل حياتنا خصبة ومثمرة؟ يطلب يسوع من المسيحي حياة مسيحيَّة لائقة، فكر مسيحي، وسلوك مسيحي، وقلب مسيحي مُحب لكلِّ البشريَّة. ما نفع الكَرْمَة بلا عنب؟ وما نفع المسيحي لا حُب ولا ثمر؟



3أَنتُمُ الآنَ أَطهار بِفَضْلِ الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم"



تشير عبارة "أَطهار" باليونانيَّة καθαροί (معناها نظيف وطاهر) إلى حالة نفس التَّلاميذ الضروريَّة للوقوف أمام الله، وإبعاد كلِّ العقبات التي تعترض لقاءهم بما هو مُقدس وإلهي. ولا ينحصر عمل التَّطهير والتَّنقيَّة في أبعاده الماديَّة، إنَّما المهم أن يقبل الإنسان في الإيمان ما يرمز إليه التَّطهير. ليس في الأطهار الذي أتى به يسوع من مفعول تلقائي، فلقد غسل يسوع يهوذا الإسخريوطي دون أن يُطهَّر فعلا كما أعلن يسوع: " أَنتُم أَيضًأ أَطهار، ولكِن لا كُلُّكم. فقَد كانَ يَعرِفُ مَن سَيُسْلِمُه، ولِذلِكَ قال: لَستُم كُلُّكم أَطهارًا " (يوحنا 13: 10-11)، ويُعلق القديس يوحنا الذَّهبي الفم "صار كل منهم نقيًا بكلمة الحق التي للمسيح (يوحنا 17: 17)، بالإيمان به الذي يُطهِّر قلوبهم ويُنقِّيها من كلِّ شائبة، كما جاء في تعليم بطرس الرَّسول "طَهَّرَ قُلوبَهم بِالإِيمان"(أعمال الرُّسل 15: 9). أمَّا عبارة "بِفَضْلِ" باليونانيَّة διὰ (معناها لأجل) فتشير إلى حاجة التَّلاميذ لعون الله، كما عبّر عن ذلك صاحب المزامير " قَلبًا طاهِرًا اْخلُقْ فيَّ يا ألله ورُوحًا ثابِتًا جَدِّد في باطِني " (مزمور 51: 12). أمَّا عبارة "الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم" فتشير إلى كلمة يسوع، تلك الكلمة التي سمعها الرُّسل والتي التزموا بها فطهَّرتهم. وهذا الكلام باليونانيَّة λόγος, هو الإنجيل، يسوع يعطى كلمة الإنجيل ويُعطيها الآن كاملة لبقاء التَّلاميذ في علاقة عضويَّة معه مثل الأغْصَان والكَرْمَة. وما دام المسيحي يدع الكلمة تعمل في داخله سيكون مُحرَّرًا من الخطيئة، وبالتَّالي طاهرًا، لأنَّ يسوع ذاته موجود في كلمته، كما هو موجود بالقُربان الأقدس. ومن خلال كلمته يدخل يسوع إلى داخلنا، وفي هذا الصَّدد قال البابا بولس السادس: "عندما تصلنا كلمة الله، يصلنا فكره الإلهي، أي الكلمة ابن الله الذي صار بشرًا. وحين نقبل أن تأتي كلمة الله وتعيش فينا، نستطيع التأكيد أنَّ الرَّبَّ يتجسَّد فينا". أمَّا عبارة "أَنتُمُ الآنَ أَطهار بِفَضْلِ الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم" فتشير إلى كون التَّلاميذ "أَطهارًا" بالإيمان بكلام يسوع وتعليمه من ناحية، وبالاستسلام لعمله دون أن يضعوا العوائق من ناحية أخرى (يوحنا 13:10). فالإيمان والعمل بمشيئة الله يثمران الخلاص.



4اُثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم. وكما أَنَّ الغُصن، إِن لم يَثْبُتْ
في الكَرْمَة لا يَستَطيعُ أَن يُثمِرَ مِن نَفْسِه، فكذلكَ لا تَستَطيعونَ
أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ.



يشير فعل "اُثبُتوا" إلى دعوة للاتحاد بالمسيح والحياة فيه، والتَّعلق به ليس فقط لأوقات معينة بل بصورة دائمة وذلك باتحاد يشبه أتحاد الأغْصَان بالكَرْمَة واتحاد الأعضاء في الجَسد. وهذا الاتحاد يتم عن طريق الإيمان والعماد. وكلمة الثَّبات وردت في العهد الجَديد 112 مرة، منها 66 مرة في إنجيل يوحنا، وتكرَّرت في هذه النَّص ثماني مرات مما يدل على أهميّة الموضوع في تعليم كتابات يوحنا. "الثَّبات" عند الإنسان هو المحافظة بعزم ونشاط على ما أعطي في الماضي والتَّمسك به في الحاضر والنَّظر إلى المستقبل انطلاقا منه. وبهذا المعنى، يثبت المؤمن في الله (1يوحنا 4: 13-16) ويثبت في كلامه تعالى (يوحنا 8: 31) بحيث يعيش كلامه فيه (يوحنا 7: 15) بحفظ وصايا الله (يوحنا 10: 15)، ويثبت في المَحبَّة (15: 9-10) خاصة المَحبَّة الأخويَّة (يوحنا 7: 12-15)، ويثبت في النَّور (1 يوحنا 2: 10) ويثبت في الله (1 يوحنا 4: 13-16)؛ والعشاء الإفخارستي هو في الوقت الحاضر هو الوسيلة المفضَّلة والأولى لتحقيق هذا الثَّبات، كما جاء في تعليم يسوع "مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثَبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه" (يوحنا 6: 55). الثبات هي عطية الخلاص الممنوحة للمؤمنين (1 يوحنا 2: 27). ومن هذا الثَّبات ينشا الثَّمر الكثير، لا يمكن للغُصن أن يثمر من تلقاء نفسه، فهو بحاجة إلى الكرمة لينمو. وهكذا بالأمانة يربط المؤمن حياته دون مقابل بالمسيح الذي تُمنح فيه عطايا الله للأبد، وهذه الأمانة تفترض أيضًا تطابقًا فعّالا ومعرفة تدريجيَّة لحياة يسوع. إن يسوع يَثبت فينا بقدر ما نثبت فيه. وحين نتَّحد به تكون لنا حياته، كما صرّح بولس الرَّسول " الحَياةُ عِندي هي المسيح" (فيلبي 23:1)؛ وإذا كنَّا ثابتًين في المسيح. ولنا حياة المسيح فإنِّنا أغصان مُثمرة. وحياة المسيح فيَّ تُعطينا قوة لنثبت فيه ونثمر. ويوضَّح يوحنا الذَّهبي الفم: "إن التَّقضيب أو التَّقليم هما خاص بالابن والثَّبات في الكَرْمَة خاص بالآب". إن الحياة المسيحية ليست مرحلة نمو تصل بنا إلى الاستقلال التام، أو الشعور بالقدرة على تحقيق كل شيء بأنفسنا دون الحاجة إلى عون الله ومساعدة الآخرين. أمَّا عبارة "أَنا أَثبُتُ فيكم" فتشير إلى فتح قلوبنا ليدخلها المسيح ليعمل فينا، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول " أَن يُقيمَ المسيحُ في قُلوبِكم بالإِيمان، حتَّى إِذا ما تأَصَّلتُم في المَحبَّة وأسِّستُم علَيها، أَمكَنَكم أَن تُدركوا مع جَميعِ القدَّيسين ما هو العَرْضُ والطَّول والعُلُوُّ والعُمق، وتَعرِفوا مَحبَّةَ المسيحِ الَّتي تَفوقُ كلَّ مَعرِفة، فتَمتَلِئوا بِكُلِّ ما في اللهِ من كَمَال" (أفسس 3: 17-19). وثبات المؤمن في المسيح شرط مطلوب لثبات المسيح في المؤمن. وثبات المسيح في المؤمن هو نتيجة طبيعيَّة لثبات المؤمن في المسيح. فمن يثبت في المسيح بأعماله وتوبته ومحبَّته، يثبت فيه المسيح. فالثَّبات يتطلب عمل المسيح وإرادة الإنسان.



5 أَنا الكَرْمَة وأَنتُمُ الأغْصَان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي

يُثمِرُ ثَمَرًا كثيرًا لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا"



تشير عبارة "أَنا الكَرْمَة وأَنتُمُ الأغْصَان" إلى عقيدة الجَسد السِّرِّي في تعليم بولس الرَّسول "نَحنُ أَعْضاءُ جَسَد المسيح" (أفسس 5: 3). إنَّ شعب الله يتكوّن بالمسيح وبه وبواسطة اتحاد التَّلاميذ بشخص المسيح الإنسان-الاله، عن طريق الإيمان، ويُعلق القديس أوغسطينوس" أن السّيد المسيح يدعو نفسه الكَرْمَة ويدعونا نحن بالأغْصَان، والكَرْمَة والأغْصَان من طبيعة واحدة. هكذا إذ صار إنسانًا حمل ناسوتنا، وصار كَرْمَة ونحن الأغْصَان الثَّابتة فيه إذ حملنا فيه. كما أن الغُصن يشارك طبيعة الشَّجرة وينتعش بعصارتها ويحيا بحياتها، هكذا يليق بنا أن نكون شركاء في الطَّبيعة الإلهيَّة ونسلك بحكمته، ونحمل قوته وإمكانياته، ونتطهر ببرّه وقداسته"؛ فالغُصن الذي يثبت في الكَرْمَة يعمل لصالح نفسه ولصالح الكَرْمَة، فيحقِّق نفسَه. والغُصن الذي لا يثبت يموت، فيخسر نفسه ويخسر الكَرْمَة، بينما تستمر الكَرْمَة في الحياة. أمَّا عبارة " فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه" فتشير إلى اتحادٍ يفترض وجود اختيار مُتبادل حُرٌّ. ولكن يوحنا يركز على الاختيار الذي قام به يسوع من أولويَّة مطلقة "لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم" (يوحنا 15: 16)؛ أمَّا عبارة "ثَمَر" فتشير إلى الصَّلاة والفرح والمَحبَّة، كما ورد في هذا الفصل من إنجيل يوحنا، وهذه الثِّمار هي صفات الشَّخصيَّة المَسيحيَّة. أمَّا العنب، ثمر الكَرْمَة في العهد القديم، فكان رمزًا لإثمار بني إسرائيل في أداء عمل الله على الأرض (مزمور 80: 8)؛ أمَّا في عشاء الفصح فإن ثمر الكَرْمَة رمز لصلاح الله لشعبه. أمَّا عبارة "كثير" فلا تأتي من كميَّة العمل أو وفرة وسائل العمل، إنَّما من الاتِّحاد بالمسيح. وعليه يتوجب على التَّلاميذ الذين اتَّحدوا بالكَرْمَة، أن يثمروا ثمرًا صالحًا، كما اختبر ذلك بولس الرَّسول: " أَستَطيعُ كُلَّ شيَءٍ بِذاكَ الَّذي يُقوِّيني" (فيلبي 4: 3). أمَّا عبارة " بِمَعزِلٍ عَنِّي (بدوني) لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا" فتشير إلى كل مجهود بشري الذي ينطلق من المسيح، ويصل إلى المسيح يبقى باطلاً، إن لم نستعن بقوة المسيح الخلاصيَّة، لانَّ يسوع مصدر كلِّ شيء وغاية كلِّ شيء (يوحنا 1: 3)؛ وكلُّ الجُهود ستضل غير مُجدية في نظر الأبدية، ومن هنا لا يُنكر يسوع واقع المشاريع البشريَّة وقيمتها الخاصة، ولكن لا بُدَّ من الاعتراف بأنَّها تصب آخر الأمر في فراغ إن لم يكن المُقْدِمون عليها ثابتين في المسيح، فإنَّه وحده يستطيع أن يُضفي على حياتهم وجهودهم قيمة الأبدية ، كما جاء في مقدَّمة إنجيل يوحنا: "بِه كانَ كُلُّ شَيء وبِدونِه ما كانَ شَيءٌ مِمَّا كان"(يوحنا 1: 3). لأنَّ العمل لا يأتي من كميَّة العمل أو وفرة وسائل العمل، إنَّما يأتي من الاتَّحاد بالمسيح، ويُعلق القديس يوحنا الذَّهبي الفم "بدون قوة السّيد المسيح لا يمكن أن يعمل التَّلاميذ شيئًا، وأنَّهم على هذا المثال يحتاجون أن يتَّحدوا به كاتِّحاد الغُصن بالكَرْمَة ". نحن نثبت فيه، وهو يثبت فينا، نقيم معه ونتعلق بشخصه وهو يثبت فينا بعطايا خلاصه. فنحن، بغير صلة بالمسيح، لا نستطيع أن نؤتي تمارًا من الأعمال الصَّالحة. بدونه لا نعمة، ولا قوة ولا حياة. فمعزل عن المسيح نصبح كالكرَّامين الذين تحوَّلوا عن هدف رسالتهم، وعن مهمتهم كخدَّام وكعبيد لسيدهم، ونسوا أنفسهم وظنُّوا أنَّهم هم أصحاب الأمر والنَّهى، ونسوا أنهم وكلاء (متى 21: 33-44). كيف نستطيع أن نثابر على طريق الإيمان وعلاقتنا مع الرَّبّ؟ ومن هنا ينصحنا القدّيس فرنسيس كسفاريوس "ضعوا قوّتكم كلّها في الله".



6 مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصن إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ
الأغْصَان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل"



تشير عبارة "مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصن إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس" إلى إنذار مُخيف لِمن هو غير ثابت في الكَرْمَة، حيث يصف يسوع مصير الأغْصَان التي لا تثبت في الكَرْمَة، وهذا الإنذار هو صدى لنبوءة حزقيال: "يا ابنَ الإِنْسان، بِماذا يَفضُلُ خَشَبُ الكَرم على كُلِّ خَشَبِ غُصن في أَشْجار الغابَة؟" (حزقيال15: 2-4). بهذه الآية يؤكِّد يسوع أن الطَّريق الوحيد للحياة الصَّالحة هو الثَّبات به، أي الاتَّحاد به كاتِّحاد الغُصن بالكَرْمَة. فكما يُقطع الغُصن اليابس ويُتلف، كذلك وضع التِّلميذ غير الوفي الذي لا يُثمر، يُفصل من جماعة المسيح ولا يعود يشارك في واقع موته وقيامته فيفقد الحياة الأبديَّة. ويُعلق العلامة أوغسطينوس: "يصلح الغُصن فقط لأحد أمرين: إمَّا في الكَرْمَة أو في النَّار. إن لم يكن في الكَرْمَة فمكانه يكون النَّار. ولكي يهرب من النَّار يلزمه أن يكون في الكَرْمَة ". أمَّا عبارة " فَيَيْبَس " فتشير إلى جفاف، بمعنى إن كان ليس له جذور فإنَّه يتعرض لخطر الاشتعال، مما يدلُّ على أنَّ التِّلميذ لا يعيش إلاَّ بمقدار ارتباطه الحيوي بيسوع الكَرْمَة. أمَّا عبارة "يُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل" فتشير إلى مثل الكَرْمَة في نبوءة حزقيال: " كخَشَبِ الكَرْمِ بَينَ أَشْجارِ الغابة، الَّذي جَعَلتُه مَأكَلاً لِلنَّار، كذلك جَعَلتُ سُكَّانَ أُورَشَليم" (حزقيال 15: 6). إذا عزل الشَّخص نفسه عن الكَرْمَة، يطرح نفسه خارجًا، ويصير فرعًا جافًا مبتورًا لا يصلح إلا للحريق، ويحلُّ به ما حلَّ بشجرة التِّين العقيمة التي لعنها الرَّبَّ فيَبست (متى 21: 19)؛ ومن هذا المنطلق، إن كل الذين يقاومون المسيح يحترقون. هل نحن شركاء في الكَرْمَة الحق المقدسة؟



7 إِذا ثَبَتُّم فيَّ وثَبَتَ كَلامي فيكُم فَاسأَلوا ما شِئتُم يَكُنْ لَكم"



تشير عبارة" إِذا ثَبَتُّم فيَّ " إلى الشَّرط القائم على وَحدة التَّلاميذ بيسوع عن طريق الإيمان بالمسيح والعمل وَفقًا لهذا الإيمان وحفظ وصاياه (يوحنا 15: 1)، والتي تتلخص في وصيَّة المَحبَّة الأخويَّة (يوحنا 15: 2)؛ وعلامة الثَّبات بيسوع وفي محبَّته، هي حفظ وصاياه (يوحنا 15: 10). فالعمل بكلام يسوع هو شرطٌ أساسيٌ وعلامة محسوسة للثَّبات في المسيح والعيش فيه. ويعلق القديس يوحنا الذَّهبي الفم: "يربط السّيد المسيح بين الثَّبات فيه والثَّبات في كلمته، فإنه خلال إنجيله نتمتع بالوَحدة الصَّادقة". وبناء على ذلك، فإن الثَّبات في كلمة المسيح هو لقاء دائم مع شخص السّيد المسيح. أمَّا عبارة " وثَبَتَ كَلامي فيكُم " فتشير إلى المسيح الذي يضع كلامه مكان شخصه. فنرى كيف نثبت في المسيح عندما نثبت في كلامه. أمَّا عبارة "فَاسأَلوا ما شِئتُم يَكُنْ لَكم" فتشير إلى الوعد كثمرة ثبات المؤمنين مع المسيح، ويقوم هذا الوعد على استجابة الصَّلاة، عندما تُقدّم باسم يسوع وفقًا لإرادة الآب. ثباتنا في المسيح وفي كلمته، وبالتَّالي ثباته فينا، يجعلنا بالحق رجال صلاة، نعرف ماذا نطلب، وما هي طلبتنا سوى أن نصير كصورته، ونحمل مشيئته فينا، ونلتقي به، ونتمتع بالشَّركة في مجده، ولن نطلب إلاّ ما هو حسب إرادته ومشيئته، كما جاء في تعليم يوحنا الرَّسول " الثِّقةُ الَّتي لَنا بِه هي أَنَّه إذا سأَلْناه شَيئًا مُوافِقًا لِمَشيئَتِه استَجابَ لَنا "(1يوحنا 14:5). ويعلق القديس أوغسطينوس: " يا ليتنا لا نُسقط من كلمات صلاة يسوع " أبانا الذي في السّماوات" ومعانيها في طلباتنا، فكل ما نسأله عندئذ يكون لنا". أمَّا عبارة "ما شِئتُم" فتشير إلى تَماثل في الإرادة بين الذي يثبت في المسيح والمسيح نفسه، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "ذاكَ الَّذي يَستَطيعُ، بِقُوَّتِه العامِلَةِ فينا، أَن يَبلُغَ ما يَفوقُ كثيرًا كُلَّ ما نَسأَلُه أَو نَتصَوَّرُه" (أفسس3: 20). فمن ثبت في المسيح تُصبح إرادته الحرَّة حسب حريَّة البنين لا العبيد، والابن لا يطلب سوى ما يَسُّرْ أباه. لذا ثباتنا في المسيح يجعل صلاتنا مقبولة. لان الابن يعمل فينا ويتمجّد بواسطة أعمالنا، كما صرّح يسوع "فكُلَّ شيءٍ سأَلتُم بِاسْمي أَعمَلُه لِكَي يُمَجَّدَ الآبُ في الاِبْن" (يوحنا14: 13). وليس استجابة صلاتنا هي ثمرة الثَّبات بالمسيح فحسب، إنَّما الفرح (يوحنا 15: 11) والمَحبَّة (يوحنا 15: 12) هما أيضا ثمار للثبات مع المسيح. ويضيف بولس الرَّسول ثمار أخرى: "أَمَّا ثَمَرُ الرُّوح فهو المَحبَّة والفَرَحُ والسَّلام والصَّبرُ واللُّطْفُ وكَرَمُ الأَخْلاق والإِيمانُ والوَداعةُ والعَفاف" (غلاطية 5: 22 -23) وإن هذه الثِّمار هي صفات الشَّخصيَّة المَسيحيَّة.



8 أَلا إِنَّ ما يُمَجَّدُ بِه أَبي أن تُثمِروا ثمرًا كثيرًا وتكونوا لي تلاميذ"



تشير عبارة "يُمَجَّدُ " باليونانيَّة δοξάζω, (معناها كثر بهاءً أو وضوحًا" في نظر النَّاس، كما تعني يتمجد) إلى المجد الذي هو ليس مجدنا بل مجد الله تعالى. يتمجَّد الآب لأننا نحمل ثمرًا كثيرًا، وصرنا تلاميذ المسيح. أمَّا عبارة "إِنَّ ما يُمَجَّدُ بِه أَبي" فتشير إلى ثمرة الثَّبات، وهي مجد الآب بفضل الاتحاد القائم بين المسيح (الكَرْمَة) وبين الآب (الكرام)، فالثِّمار التي تحملها الأغْصَان تمجّد الآب والابن، الكرّام والكَرْمَة حيث يُعلن حبُّ الآب الفائق في حياتنا، ويتجلى بهاؤه بنا، ونمارس بالحق بنوَّتنا له. تمجيد الآب في يسوع، هو أيضًا تمجيده في التَّلاميذ الذين يثبتون في المسيح فيثمرون. في هذا المعنى جاء قول بولس الرَّسول "فإِذا أَكَلتُم أَو شَرِبتُم أَو مَهما فَعَلتُم؟ فَافعَلوا كُلَّ شَيءٍ لِمَجدِ الله" (1 قورنتس 10: 31). فان الحصاد تمجيد لله رب الحصاد. فيتمجد الله ويتعظم عندما يأتي تلاميذ يسوع بالنَّاس إلى ملكوته. بثبات المسيح فينا وثباتنا فيَّه وثباتنا في كلامي تُستجاب صلواتنا كونها تتفق مع إرادة الآب السّماوي. أمَّا عبارة "أن تُثمِروا ثمرًا كثيرًا" فتشير إلى ثمار الصَّلاة والمَحبَّة والطَّاعة والقداسة. فالمَحبَّة والطَّاعة هما علامتان التِّلميذ الحقيقي، القادر على فتح أعين أشخاص كثيرين على المسيح. وأمَّا القداسة فهي إرادة الله، ويقول المجمع الفاتيكاني الثَّاني: "إنَّ شعب الله كله مدعو إلى القداسة". والقداسة هي ثمرة الاتَّحاد بالمسيح. فان الحصاد في المقام الأول هو تمجيد لله رب الحصاد. أمَّا عبارة "تكونوا لي تلاميذ " فتشير إلى مجد الآب المُتجلي في يسوع الذي يتجلَّى أيضا بتلاميذه الذين يثمرون ثمار المَحبَّة بحكم ثباتهم بالمسيح. فالتَّلاميذ هم رجال الله، يشهدون له ليردُّوا كلَّ نفس إليه، لكي يصير الكلُّ "مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله" (أفسس 2: 19).





ثانيًا: تطبيقات النَّص الإنجيلي (يوحنا 15: 1-8)



بعد دراسة موجزة عن وقائع النَّص الإنجيلي (يوحنا 15: 1-8)، يمكن أن نستنتج انه يتمحور حول ثلاث مفردات لاهوتيَّة مترابطة، وهي: الكَرْمَة والثَّمر والتَّلاميذ.



1) الكَرْمَة



فلسطين، وهي أرض الكروم، فامتلاك الكَرْمَة وحراثتها والتَّذوق من ثمارها، هي عنوان السّعادة، وعلامة الأيام السّعيدة (1ملوك 5:5). وان الكروم العامرة هي واحدة من الرُّموز المميزة للبهجة المسيحانيَّة "ها إنَّها تَأتي أَيَّامٌ، يَقولُ الرَّبّ يُدرِكُ فيها الحارِثُ الحاصِد ودائِسُ العِنَبِ باذرَ الزَّرْع وتَقطُرُ الجِبالُ نَبيذًا وتَسيلُ جَميعُ التِّلال" (عاموس 9: 13). وقد عبَّر حزقيال النَّبي عن السِّر الخاص بالكَرْمَة حيث وَحْدها بين الأشجار لا تصلح إلاَّ بثمرها (حزقيال 15: 1-8)، وهذا الثَّمر الذي يُعطي الخمر "وخَمرٍ تُفَرِّحُ قَلبَ الإِنْسان" (مزمور 104: 15)، وثمر الكَرْمَة هي رمز للخصب وفيض الحياة (نشيد الأناشيد 1: 2).



لا عجب أن كثيرًا ما طُبقت صورة "الكَرْمَة " في العهد القديم خاصة لدى الأنبياء على شعب إسرائيل القديم الذي ينتظر الله منه ثمرًا (ارميا 2:21، حزقيال 15: 2، مزمور 8: 9)، للدلالة على ما خُصّ به من المَحبَّة والاختيار. فبعد أن غرس الله شعبه وحماه (ارميا 2: 21)، كان يتوجب على الشَّعب أن يُخرج ثمار بِرِّ وقداسة؛ إلاَّ أنَّ هذه الكَرْمَة بدلاً من ثمر العدل لم تنتج إلاَّ سفك الدَّم (أشعيا 1:5-7)، وتحوَّلت إلى غرس أجنبي عقيم (إرميا 11: 21)، وخانت العهد (حزقيال 17: 5-19). وبقدر ما ترفض هذه الكَرْمَة تلبية ما يريده الله، فإنَّها معرّضةٌ للدَّمار عند الدَّينونة الأخيرة (اشعيا5:1-7).



في العهد الجَديد جعل يسوع من عصير الكَرْمَة سر العهد الجَديد بدمه، كما أعلن يسوع لتلاميذه في العشاء الأخير: " أَخَذَ كَأسًا وشَكَرَ وناوَلَهم إِيَّاها قائلاً: ((اِشرَبوا مِنها كُلُّكم فهذا هُوَ دَمي، دَمُ العَهد يُراقُ مِن أَجْلِ جَماعةِ النَّاس لِغُفرانِ الخَطايا. قولُ لكم: لَن أَشرَبَ بعدَ الآن مِن عَصيرِ الكَرْمَة هذا حتَّى ذلك اليَومِ الَّذي فيهِ أَشرَبُه مَعَكُم جَديدًا في مَلكوتِ أَبي " (متى 26: 27-29). ونستنتج مما سبق أنَّ ثمرة الكَرْمَة تصبح في سر الإفخارستيا (القربان) العلامة السِّريَّة لهذا الدَّم الذي سُفك توثيقًا للعهد الجَديد، وسوف يكون الطَّريق للاتَّحاد في مَحبَّة يسوع والاستقرار فيه (يوحنا 15: 4-10).



تطورت صورة الكَرْمَة خاصة في إنجيل يوحنا. فأعلن المسيح نفسه أنَّه هو الكَرْمَة الحق، قدّم نفسه كممثِّل لشعب الله، وكرأس له، كما يقول الرَّسول:" وجَعَلَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قَدَمَيْه ووَهَبَه لَنا فَوقَ كُلِّ شيء رَأسًا لِلكَنيسة، وهي جَسدُه ومِلْءُ ذاك الَّذي يَملأُه اللّهُ تمامًا" (أفسس 1: 22-23). فيسوع رأس الكنيسة ونحن أعضاؤه، وهو وسيط بين الله والنَّاس "لأَنَّ اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ" (1 طيموتاوس 2: 5). وفي الحقيقة، إنّ الكَرْمَة والأغْصَان هي من الطَّبيعة ذاتها؛ لذلك، صار يسوع إنسانًا، حتّى يتخذ الطَّبيعة البشريّة كالكَرْمَة التي نستطيع نحن أن نكون أغصانها. كما قال يسوع لتلاميذه إنّا الكَرْمَة وأنتم الأغْصَان، وبه يتجلَّى ويتحقق شعب الله القديم الحقيقي، الكَرْمَة المختارة للأزمنة الأخيرة، لأنَّه هو الابن، وأبوه الكرَّام (يوحنا 15: 1). ويؤكد يسوع أنَّه لن يستطيع أحدٌ أن يكون من شعب الله، ما لم ينتسب إلى الكَرْمَة الحق، أي إذا لم يكن فيه، كما الأغْصَان في الكَرْمَة. فالكَرْمَة الحق هي يسوع، فهو الكَرْمَة المثمرة، يأتي بثمر وفير (يوحنا 15: 21)، وهو يؤتي ثمره بالتَّضحية بحياته، بسفك دمه كأقصى دليل على الحبّ "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظمُ مِن أَن يَبذِلَ نَفَسَه في سَبيلِ أَحِبَّائِه"(يوحنا 15: 13).

يسوع هو الكَرْمَة، ونحن الأغْصَان، كما أنَّه هو الجَسد ونحن الأعضاء المتّحدون به. ويعلق القديس أثناسيوس: "كما أن الأغْصَان واحدة مع الكَرْمَة (الأصل) وهي منها (يوحنا 1:15) هكذا نحن أيضًا جسد واحد متجانس مع جسد الرَّبِّ، ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا (يوحنا 1: 16)؛ وبفضل هذا الاتّحاد، يصبح الإنسان غُصنًا في الكَرْمَة الحقيقيّة. وإذ ينعشه الحب الذي يتَّحد به يسوع بأبيه فيأتي بثمر، فيتمجّد الآب. وهكذا يشترك المؤمن في فرح الابن في تمجيد الآب (يوحنا 15: 8-11). وحيث أنَّ يسوع وحده، الكَرْمَة الحق، يمكنه أن يؤتي ثمرًا يمجّد الكرام أي الآب. وبالعكس دون الاتَّحاد به نصبح أغصانًا منفصلة، محرومة من العصابة، يابسة عقيمة تصلح فقط لطرحها في النَّار (يوحنا 13: 4-6).



بتعبير آخر، المسيح هو الكَرْمَة، والله هو الكرَّام الذي يعتني بالأغْصَان حتى تثمر. والأغْصَان هي كل إنسان يتبع المسيح. والغُصن المُثمر هو المؤمن الحقيقي الذي باتَّحاده الحي بالمسيح يُثمر ثمرًا وفيرًا. وقد اختار يسوع تلاميذه وأوكل إليهم رسالة خاصة وعلق عليهم امله " أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم" (يوحنا 15: 16). ومن هذا المنطلق، تثمر كَرْمَة شعب الله لله وللبشر ويشع قلوب التَّلاميذ بالفرح: " لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا" (يوحنا 15:11).



2) الثَّمر



إن لفظ ثَمر تُشير إلى ما ينتجه كائن مخلوق حي بأعماله (ارميا 17: 10). والثَّمر لا يعني هنا فقط النَّجاح في الحقل الرَّسولي أو المقدرة على نشر الإيمان أو بناء الجَماعة المسيحيَّة، إنَّما أيضًا مقدرتنا أن نطلب أي شيء نريد فيُستجاب لنا (يوحنا 16: 7، 15)، ومقدرتنا على تمجيد الآب (يوحنا 8: 15)، والحصول على ملء الفرح (يوحنا 11: 15). ففكرة الثِّمار لها مكانة رئيسة في الكتاب المقدس. فقد غرس الله كَرْمَته، واعتنى بها على امل أن تُثمر تمرًا وافرًا، ولكن أمله قد خاب، أمَّا الكَرْمَة في يسوع فقد لبَّت انتظار الله ومن هنا أهميَّة تكرار لفظة الثَّمر في نص الكَرْمَة الحق (يوحنا 15: 2، 4، 5، 8، 16) التي تدل على حفظ الوصايا (يوحنا 15: 10-12) وبنوع خاص وصيَّة المَحبَّة الأخويَّة (يوحنا 15: 9-17).



كون الله مصدر كل ثمرٍ، فإنَّه تعالى يحصد الثَّمر التي ينبغي أن تُظهر مجده. وينبغي للمؤمن أن يُقدِّم بواكير ثماره كعلامة لاعترافه بالجَميل (تثنية 26: 2). ولذا فإن الله يطلب ثمارًا من كرمته: إن كل تهاون مُعاقب عليه (يهوذا 12). فالأغْصَان غير المثمرة تلقى في النَّار وتُحرق (يوحنا 15: 6)، والأتباع غير المثمرين هم كالموتى يُفصلون ويُلقون خارجًا.



يعلمنا يسوع أن نميّز بين الأتباع الحقيقيِّين والأتباع المزيَّفين من خلال الثَّمر بقوله: "إن الشَّجرة تُعرف من ثمارها" إذ يكشف وراء القشرة الغريبة، عصارة ملعونة (متى 12: 33-35)؛ كما علَّم تلاميذه كيف يميّزون الأنبياء الكذبة: "من ثمارهم تعرفونهم. أَيُجْنَى من الشَّوك عنَب، أو من العُلَّيق تين؟" (متى 7: 16). إذن، هناك التباس في قلب الإنسان الذي قد "يثمر ثمارًا للموت"، في حين يجب "أن يثمر ثمارًا للحياة" (رومة 7: 4-5).



في إعطاء الثَّمر الذي أعلنه يسوع على العَالَم فكان لنا قدوة: " إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا" (يوحنا 12: 24). فقد قَبِل يسوع ساعة التَّضحية فمجّده الآب. وبذا صارت الشَّريعة الطَّبيعية، عن طريق المسيح، "شريعة الوجود المسيحي". "أنا الكَرْمَة الحق وأبي هو الكرّام" (يوحنا 5: 1-2)، لا بُدَّ لإعطاء الثَّمر من أن نبقى على الكَرْمَة (15: 4)، أي أن نكون أُمناء للمسيح ومُتَّحدين به. والتِّلميذ المُتَّحد بالمسيح يُساهم في إعطاء الثِّمار الرُّوحيَّة. وقد وعد يسوع التِّلميذ المُتَّحد به والمؤمن به بان " يَعمَلُ هو أَيضًا الأَعمالَ الَّتي أَعمَلُها أَنا بل يَعمَلُ أَعظَمَ مِنها" (يوحنا 14: 12). فتلاميذ المسيح يسهمون في عمل الخلاص: بهم يثمر المسيح وبواسطتهم تُكثر ثماره. ونستنتج من ذلك كما يعلق أحد مفسري الكتاب المقدس أنَّ "الكَرْمَة لا تؤلف عالمًا مغلقًا على ذاته، وإنما عالمًا منفتحًا".



إن الاتَّحاد بالمسيح يجب أن يكون خَصبًا وسخيًا: "كل غُصن يُثمر يُقضِّبه الآب ليكثر حمله" (15: 2): تلك هي الطَّريقة الإلهيَّة التي تفترض أن يتطهّر التِّلميذ باستمرار وبصبر (لوقا 8: 15)، وهكذا يبلغ نضجه كاملًا. "أَلا إِنَّ ما يُمَجَّدُ بِه أَبي أن تُثمِروا ثمرًا كثيرًا وتكونوا لي تلاميذ (يوحنا 15: 8) "ممتَلِئينَ مِن ثَمَرِ البِرِّ الذي هو مِن فَضْلِ يسوعَ المسيح تَمجيدًا وتَسبيحًا له" (فيلبي 1: 11). وأمَّا ثمر الثَّبات في الكَرْمَة الحقّ فهو الرِّسالة: " لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي. (يوحنا 15: 16). الثَّمر إذًا هو حفظ وصيَّة يسوع الأولى، وصيَّة المَحبَّة والقيام بالرِّسالة المُوكلة إلى التَّلاميذ من قبله. المَحبَّة والرِّسالة يعيشهما التِّلميذ بفرح وتُنتجان عن الثَّبات بالمسيح.



3) تلاميذ يسوع



التِّلميذ في اللغة اليونانيَّة μαθητής يدلُّ على من يتبع باختياره مُعلّمًا ويشاركه أفكاره. فيما عدا بعض الإشارات إلى تلاميذ موسى (يوحنا 9: 28)، وتلاميذ يوحنا المعمدان (يوحنا 1: 35)، وتلاميذ الفِرّيسيِّين (متى 22: 16)، يُخصّص العهد الجَديد اسم " تِلميذ" لمن اعترفوا بيسوع مُعلّمًا. في الأناجيل، يُشير اسم التِّلميذ أولًا إلى الاثني عشر (متى 10: 1)، ثم يُشير إلى كلِّ من يتبع يسوع (متى 8: 21)، ولا سيّما إلى الاثنين والسّبعين الذين بعثهم في رسالة التَّبشير بالإنجيل (لوقا 10: 1). ويُشير أخيرًا لقب "تلميذ" إلى كلِّ مؤمن، سواء عرف يسوع خلال حياته الأرضيَّة أم لم يعرفه (أعمال 6: 1-2)؛ لان تلميذ يسوع يتتلمذ لا لنفسه بل للمسيح وحده. وعلى هذا النَّحو، يتيسر للجميع أن يصيروا "تلامذة الرَّبِ" (يوحنا 6: 45). ومن هنا نجد أن شروط التَّلمذة للمسيح هي:



أ) دعوة فريدة:



إن ما يطلب من الإنسان لكي يصير تلميذًا للمسيح، لا الاستعدادات الذِّهنيَّة، ولا حتّى الأدبيَّة، بل النِّداء الحُر الذي يوجِّهه له يسوع "اِتْبَعْني" (يوحنا 1: 43) ومن خلال هذه الدَّعوة "يعطي" الآب ليسوع تلاميذه "ومَشيَئةُ الَّذي أَرسَلَني أَلاَّ أُهلِكَ أَحَدًا مِن جَميعِ ما أَعْطانيه" (يوحنا 6: 39).



ب) تعلّق شخصي بالمسيح والثَّبات فيه:



ليس من الضروري أن يكون الإنسان عَالمًا، لكي يصير تلميذًا للمسيح، لكن المهم أن يرتبط بشخص المسيح. يقول يسوع لتلميذه: "اتبعني" ويدلّ لفظ "يتبع" على التَّعلّق بشخص يسوع (متى 8: 19). إن اتّباع يسوع بمفهوم تلاميذه، يعني قطع كلّ علاقة بالماضي قطعًا باتًا، كما يعني الاقتداء بمثاله وسماع تعاليمه، ومطابقة الحياة على سيرة يسوع المسيح المخلّص "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني" (مرقس 8: 34).



ومن هذا المنطلق، فإن تلميذ يسوع لا يرتبط بتعليم، بل بشخص، ولذا فهو لا يستطيع أن يترك معلمه يسوع الذي أصبح مرتبطًا به أكثر من أبيه وأمِّه "مَن كانَ أَبوه أو أُمُّه أَحَبَّ إِلَيه مِنّي، فلَيسَ أَهْلًا لي" (متى 10: 37).



أمَّا الثَّبات في المسيح فيَكمن في الاتحاد بالمسيح والتَّعلق به. بهذا المعنى يثبت المؤمن في كلام الله (يوحنا 8: 31) بحيث يعيش كلماته الله فيه (يوحنا 7: 15) ويحفظ وصايا الله (يوحنا 10: 15)، ويثبت في المَحبَّة (15: 9-10) خاصة المَحبَّة الأخويَّة (يوحنا 7: 12-15)، ويثبت في النور (1 يوحنا 2: 10) وفي الله (1 يوحنا 4: 13-16). فالثَّبات في الإنجيل هو الثَّبات في يسوع، فالثَّبات في يسوع، يعني أن نثبت في محبّته ونبذل ذاتنا مثله (يوحنا 15: 9-17). وفي هذا الصَّدد علقت القديسة تيريزا دي كالكوتا "علينا أن نكون مُدركين وحدتنا مع الرّبِّ يسوع المسيح، كما كان هو مدركًا بأنّه واحدٌ مع الآب. لا يكون نشاطنا رسوليًّا حقًّا إلّا بقدر ما نتركه يعمل فينا ومن خلالنا بقدرته، ورغبته وحبّه".



ينشا عن هذا الثَّبات الحياةُ الزَّاخرة المُثمرة، وتمجيد الرَّبّ. إنّ حياة الغُصن المُثمر توجّه أفكار النَّاس لله الّذي أثمر في الإنسان؛ وهكذا بالأمانة يربط المؤمن حياته دون مقابل بالمسيح الذي تُمنح له عطايا الله للأبد، وهذه الأمانة تفترض أيضًا تطابقًا فعّالاً ومعرفة تدريجيَّة لحياة يسوع. الثَّبات في يسوع أمرٌ اختياري، لكنَّه هو شرط قاطع للمؤمن، دونه لن يتمتع بثمرٍ روحيٍ، إما ثبات فإثمار، وإلا فلا إثمار قط! لأَنَّكُم، كما يقول يسوع "بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا" (يوحنا 15: 5)، وليس هناك حلٌّ وسط بين الأمرين. فالثَّبات في الكَرْمَة في زمن تُكثر فيه الشِّيع واللامبالاة وحتى الاضطهادات على أنواعها، يعني المثابرة على قبول الوديعة، وديعة الإيمان من الكنيسة الرَّسوليَّة. وكيف نعرف أننا ثابتين في المسيح وهو فينا؟ يجيب يوحنا الرَّسول "نَعرِفُ أَنَّنا فيه نُقيمُ وأَنَّه يُقيمُ فينا بِأَنَّه مِن رُوحِه وَهَبَ لنا (1 يوحنا 4: 13).



أخيرًا، نرى أن الذَّبيحة الإلهيَّة هي سرّ الثَّبات في المسيح. فالمُثابرة على الاشتراك بإيمان بمائدتي كلام الله وجسد ودم المسيح، تُوحدّنا بالكَرْمَة الحقّ فنُثمر بالمَحبَّة ونمجّد الآب بحياتنا التي تُظهر المسيح الحيّ بيننا. وهذا الحضور يتمّ بقوة الرُّوح القُدُس، هبة الفصح (يوحنا 14: 17).



ج) مصير وكرامة:



يطلب يسوع من تلميذه مشاركته في المصير نفسه: عليه أن يحمل صليبه "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني" (مرقس 8: 34)، ويشرب كأسه كما جاء في طلب يسوع إلى ابني زبدى: "أَتَستَطيعانِ أَن تَشرَبا الكأسَ الَّتي سأَشرَبُها" (مرقس 10: 38)، وينال منه أخيرًا الملكوت كما وعد يسوع تلاميذه" إِنِّي ذاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مُقامًا (يوحنا 14: 3).



ليس مصير التَّلاميذ مثل مصير يسوع فقط بل كرامتهم هي من كرامة يسوع أيضًا، وهذا ما نستدل عليه من قول يسوع: "ومَن سَقى أَحَدَ هَؤلاءِ الصِّغارِ، وَلَو كَأسَ ماءٍ باردٍ لأَنَّه تِلميذ، فالحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ أَجرَه لن يَضيع"، وبالعكس، فما أعظم ذِنْب من يُعرّض للخطيئة أحد تلاميذه: "مَن كانَ حَجَرَ عَثرَةٍ لِهؤلاءِ الصِّغارِ المؤمِنين، فأَولى بِه أَن تُعَلَّقَ الرَّحَى في عُنُقِه ويُلقى في البَحْر" (مرقس 9: 42).





الخلاصة



الفصح قيامة والقيامة حياة جديدة والمسيح هو الحياة الجَديدة، بل هو ينبوع كلِّ حياة، ودون المسيح لا حياة جديدة. هذا ما يكشفه المسيح بمثل الكَرْمَة والأغْصَان. تمثّل الكَرْمَة شخص الرّبِّ يسوع المسيح، والأغْصَان هم المسيحيّون؛ أما الكرّام، فهو الآب السّماوي. يعلمنا يسوع التسليم أنفسنا ليّد الآب مثله لتُهذيبهاّ كي نثمر ثمرًا يليق بالآب والابن ونستحق حقًا أن نكون تلاميذ حقيقيين في الكنيسة.



يسوع قال لتلاميذه أنّه الكَرْمَة بصفته رأس الكنيسة ونحن أعضاؤه، وبصفته أيضًا وسيط بين الله والنَّاس "لأَنَّ اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ" (1 طيموتاوس 2: 5).



من هذا المنطلق، يُعلن لنا يسوع ضرورة العَلاقة الشَّخصيَّة معه لنعطي الثَّمر الذي يُمجّد الآب، وهو الإيمان والمَحبَّة. وهذه العَلاقة مع المسيح هي الأساس لبناء الكنيسة، شعب العهد الجَديد لكي نُصبح نحن أغْصان في الكَرْمَة. صار يسوع إنسانًا واتَّخذ طبيعتنا البشريَّة كالكَرْمَة التي نستطيع نحن أن نكون أغصانها. لو لم يصر الرّبّ يسوع المسيح إنسانًا لَما استطاع أن يكون الكَرْمَة ويعطي هذه النِّعمة للأغصان.



طالبنا يسوع قائلا: "اثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم". فهذا الاتَّحاد المُتبادل لا يفيد الكَرْمَة بل الأغْصَان. لا تثبتُ الأغْصَان في الكَرْمَة لكي تُغنيها، بل لتأخذَ منها مبدأ حياتها. كما أنَّ الكَرْمَة تُبثّ في الأغْصَان الطَّاقة المُحْيية كذلك ثبات المسيح في التَّلاميذ وثباتهم في المسيح فيه إفادة مُضاعفة للتلاميذ. وكما أنّ الغُصن مُحتقَر عندما ينفصل عن الكَرْمَة، كذلك هو مُمجَّدٌ عندما يثبت فيها. "مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصن إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ الأغْصَان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل" (يوحنا 15: 6).





دعاء



أيها الآب السّماوي، نطلب إليك، باسم ابنك يسوع المسيح، أن تنظُرْ وتفتَقِدْ كَرْمتك وتحمي ما غَرَسَت يَمينُكَ، فيبق كل واحد مِنَّا غُصنًا مثمرًا في الكَرْمَة الحقيقيَّة فننمو ونثبت في المسيح، ويثبت المسيح فينا، فنكون حقًا تلاميذه وشهودًا لقيامته المجيدة فنحمل ثمار الملكوت والحياة التي لا تدوم لفترة بل للأبد مُردِّدين مع القديسة تريزا دي كالكوتا:



"اجعلنا يا رب أن نكون أغصانًا ثابتة وغنيَّة بالكَرْمَة، التي هي أنت يا ربّي يسوع، وأن نستقبلك في حياتنا كما يحلو لك أن تأتي إلينا:

كونك الحقّ – لنقوله؛

كونك الحياة – لنحياها؛

كونك النّور – لنكون نحن منارة؛

كونك المَحبَّة – لنكون مُحبوبِّين؛

كونك الطَّريق – لنسير عليه؛

كونك الفرح – لنعطيه؛

كونك السّلام – لننشره؛

كونك القربان – لنقدّمه، في عائلاتنا وفي كل مكان حولنا."



ومع صاحب المزامير لنترنَّم " طوبى لِمَن في شَريعةِ الرَّبَ هَواه وبِشَريعَتِه يُتَمتِمُ نَهارَه ولَيلَه. فيَكونُ كالشَّجَرَةِ المَغْروسةِ على مَجاري المِياه تُؤْتي ثَمَرَها في أَوانِه "(مزمور 1: 1-3). وِتَحْيَ قُلوبُنا للأبدِ» (مزمور 21: 27).





نموذج للثبات في الكَرْمَة الحقة: القديس لورنس

ظهر في القرن السّادس عشر القدّيس لورنس، الّذي عرف في التَّاريخ باسم الأخ لورنس، من رهبانيَّة الإخوة الكرمليّين في باريس. وقد جمعت اختباراته تحت عنوان "إختبار حضور الرَّبّ"، ويقول فيها: "بعد أن سلّمت نفسي تسليمًا كاملًا للرب، هجرت في سبيل محبّته كل شيء سواه، وبدأت أحيا في الوجود وكأنّه لا وجود لأحد سوى أنا وهو".
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:35 PM   رقم المشاركة : ( 162194 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأحَد الخامِس للفِصْح: الكَرْمَة الحَقّ: يسوع وتلاميذه





1 ((أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام. 2 كُلُّ غُصن فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه. وكُلُّ غُصن يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه. 3 أَنتُمُ الآنَ أَطهار بِفَضْلِ الكَلامِ الَّذي قُلتُه لَكم. 4 اُثبُتوا فيَّ وأَنا أَثبُتُ فيكم. وكما أَنَّ الغُصن، إِن لم يَثْبُتْ في الكَرْمَة لا يَستَطيعُ أَن يُثمِرَ مِن نَفْسِه، فكذلكَ لا تَستَطيعونَ أَنتُم أَن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ. 5 أَنا الكَرْمَة وأَنتُمُ الأغْصَان. فمَن ثَبَتَ فيَّ وثَبَتُّ فيه فَذاكَ الَّذي يُثمِرُ ثَمَرًا كثيرًا لأَنَّكُم، بِمَعزِلٍ عَنِّي لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا شيئًا. 6 مَن لا يَثْبُتْ فيَّ يُلْقَ كالغُصن إِلى الخارِجِ فَيَيْبَس فيَجمَعونَ الأغْصَان وَيُلْقونَها في النَّارِ فَتَشتَعِل. 7 إِذا ثَبَتُّم فيَّ وثَبَتَ كَلامي فيكُم فَاسأَلوا ما شِئتُم يَكُنْ لَكم. 8 أَلا إِنَّ ما يُمَجَّدُ بِه أَبي أن تُثمِروا ثمرًا كثيرًا وتكونوا لي تلاميذ.



في إنجيل الأحَد الخَامِس للفِصْح يتكلم يسوع في خُطابه الوادعي الثَّاني أثناء العَشاء الأخير عن حاجة ثبات المؤمنين مع المسيح والاتحاد به من خلال مَثل الكَرْمَة الحَقّ (يوحنا 15: 1-8). يسوع هو الكَرْمَة الحقيقيَّة، فكما أنَّ الأغْصَان لا تعيش إلاَّ إذا ثبتت بوحدة عضويَّة في الكَرْمَة كذلك لا يُمكن للمؤمنين أن يكونوا تلاميذ المسيح ويُثمرون دون الاتِّحاد والثِّبات به.
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:36 PM   رقم المشاركة : ( 162195 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام"



تشير عبارة "أنا" باليونانيَّة ل¼کخ³ل½½ خµل¼°خ¼خ¹ (معناها أنا أكون، أنا هو) إلى الكيان الحَي الإلهي، كما "قالَ اللهُ لِموسى: ×گض¶×”ض°×™ض¶×” ×گض²×©×پض¶×¨ ×گض¶×”ض°×™ض¶×” أَنا هو مَن هو (خروج 3: 14)؛ وهنا يلمح يسوع أنَّه الله، من يؤمن به يشاركه الحياة الأبديَّة.

وقد تحدَّث يسوع ستَّ مراتٍ في إنجيل يوحنا بمثل هذه العبارة: "أَنا نُورُ العَالَم" (يوحنا 8: 12)؛ "أَنا بابُ الخِراف" (يوحنا 10: 7)؛ "أنا الباب" (يوحنا 10: 9)؛ "أَنا الرَّاعي الصَّالِح" (يوحنا 10 :11)؛ "أَنا القِيامةُ والحَياة" (يوحنا 11: 25)؛ "أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة" (يوحنا 14: 6).
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:37 PM   رقم المشاركة : ( 162196 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام"


"الكَرْمَة " فتشير إلى كَرْمَة العِنب، وهو نبات وفير الإنتاج، وترمز للفرح والثَّروة والحياة والى شعب الله ككَرْمَة مُثمرة تُقدِّم عِنبًا يُستخرج منه خمر روحي مفرح، كما جاء في نبوءات الأنبياء" مثل ارميا "إِنِّي غَرَستُك أَفضَلَ كَرْمَة (إرميا 2: 21)، وأشعيا 5: 1، وهوشع 10: 1)؛ والثَّمر الذي كان يجب على شعب العهد القديم أن يعطيه هو الأمانة للعهد وللوصايا، وبنوع خاص ما يتعلّق بالعدالة الاجتماعيَّة (أشعيا 5: 7).
وفي العهد الجَديد تدل صورة الكَرْمَة على تيار الحياة الذي ينتقل من يسوع إلى التَّلاميذ جاعلا إيَّاهم يُثمرون الثَّمر الذي ينتظره العَالَم. والكَرْمَة هي مصدر وحدة كل الأغْصَان؛ ولذلك فإنَّ التَّلاميذ الذين اتَّحدوا بالكَرْمَة، واجب عليهم أن يُثُمروا ثمرًا صالحًا.
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:38 PM   رقم المشاركة : ( 162197 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام"


" الكَرْمَة الحَقّ " فتشير إلى استعارة يُعلن يسوع فيها أنَّه شعب الله الحق، إسرائيل الجَديدة. ويقارن يسوع هنا الكَرْمَة الكاذبة في العهد القديم والكَرْمَة الحق في العهد الجَديد.
حيث أنَّ الكَرْمَة في العهد القديم تدلُّ على شعب إسرائيل الذي انتظر منه الله عِنبًا (ثمار بر وقداسة) فأثمر حُصرمًا بَرّيًا، وتعرَّض للدَّمار عند الدَّينونة الأخيرة، كما ورد في نبوءة أشعيا: " أيّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟ فما بالِيَ آنتَظَرتُ أَن يُثمِرَ عِنبَا فأَثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا؟"(أشعيا 5: 3-4). وأمَّا الكَرْمَة الحقيقيَّة في العهد الجَديد فتدلّ على يسوع وعلى التَّلاميذ الذين يرتبطون به ارتباطًا حياتيًا بالإيمان، ويُثمرون أعمال المَحبَّة.
يُمثل شعب الله اليوم الكنيسة، جسد المسيح حيث يُباشر الله عمله. فهذه الكَرْمَة الجَديدة (الكنيسة) بدأت بغُصنٍ (المسيح) (أشعيا 11: 1) وتفرَّع منه أغصان كثيرة (المؤمنين المُعمَّدين) ليكونوا الكَرْمَة الحق. وبتعبير آخر، صورة الكَرْمَة توضّح هذه العلاقة الشَّخصيَّة التي يجب أن تنمو بين يسوع التَّلاميذ، وهي مبنيَّة على كلمة الله المُدوِّنة، وهي الكتاب المقدس بعهديه القديم والجَديد.أي الوحي الذي أظهره يسوع لتلاميذه بالملء. وتدل الكَرْمَة أيضًا على حياة الكنيسة، شعب الله الجَديد وحياة التِّلميذ؛ أمَّا " الحَقّ " باليونانيَّة ل¼، ل¼€خ»خ·خ¸خ¹خ½ل½µ (معناها الحقيقيَّة) فتشير لغويًا إلى الكَرْمَة الثَّابتة التي لا تتغيَّر ولا تفسد ولا تزول.


 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:44 PM   رقم المشاركة : ( 162198 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





أَنا الكَرْمَة الحَقّ وأَبي هوَ الكَرَّام"

"الكَرَّام" فتشير إلى الله الذي يعتني بالأغْصَان حتى تُثمر (مرقس 12: 1-12).
كما كان الآب مع شعب العهد القديم، كذلك يكون مع شعب العهد
الجَديد، أي كنيسته، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول
"نَحنُ عامِلونَ مَعًا في عَمَلِ الله، وأَنتُم حَقْلُ اللهِ وبُنيانُ الله" (1 قورنتس 3: 9).
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:47 PM   رقم المشاركة : ( 162199 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





كُلُّ غُصنٍ فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه. وكُلُّ غُصنٍ يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه"




تشير عبارة "غُصنٍ" إلى ما هو مُتشعِّب من ساق الشَّجرة.
وفي الكتاب المقدس ثمانِ عشرة كلمة عبريَّة وأربع كلمات
يونانيَّة للدلالة على الغُصن أو الفرع، وتستخدم في بضع دلالات
مختلفة بين المعنى الحرفي (غُصن الشَّجرة)
والمجازي للدلالة على شخص هام (تكوين 49: 22)،
أو للدلالة على الأمم (أشعيا 16: 8).
 
قديم 01 - 06 - 2024, 01:48 PM   رقم المشاركة : ( 162200 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,259,347

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





كُلُّ غُصنٍ فِيَّ لا يُثمِر يَفصِلُه. وكُلُّ غُصنٍ يثُمِر يُقَضِّبُه لِيَكثُرَ ثَمَرُه"




"كُلُّ غُصنٍ فِيَّ" باليونانيَّة د€ل¾¶خ½ خ؛خ»ل؟†خ¼خ± ل¼گخ½ ل¼گخ¼خ؟ل½¶
فتشير إلى كلَّ إنسانٍ يتبع المسيح الذي يتوجب
عليه أن يكون في المسيح، كما هي الأغْصَان في الكَرْمَة
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 01:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024