30 - 05 - 2024, 10:58 AM | رقم المشاركة : ( 161951 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اغفر لي ربي واقبل توبتي ... بحق كل نقطة دم سالت منك آمين |
||||
30 - 05 - 2024, 10:59 AM | رقم المشاركة : ( 161952 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ربي اجعلني مستحقة لفدائك وتضحياتك .... واذكرني متى جئت في ملكوتك... كما طلب منك اللص المصلوب عن يمينك آمين |
||||
30 - 05 - 2024, 11:07 AM | رقم المشاركة : ( 161953 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اسـتحوِذ عـليّ يـا رب. حَـوّلني، إملأني من حضورك آمين |
||||
30 - 05 - 2024, 11:08 AM | رقم المشاركة : ( 161954 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يـا رب اجعلني رسـولا لك وشـاهدا لحبـّك، أطـرد مـنـّي كـل قـوى الشـّر، اسـحقـهـا، دمّرها، حتى أسـتطيع أن أكون بكامل عافيتي وأتمم عمل الخير. آمين |
||||
30 - 05 - 2024, 11:10 AM | رقم المشاركة : ( 161955 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يـا رب أطرد منـّي كل أذيّة الشّعوذات، السّـحر الأسود، تدنيـس المقدّسات آمين |
||||
30 - 05 - 2024, 11:21 AM | رقم المشاركة : ( 161956 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ حتمية الموت لإمام المغنين . لبنى قورح . مزمور "اسمعوا هذا يا جميع الشعوب..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: بنو قورح. 2. مزمور حِكَمِي، أي مملوء بكلمات الحكمة، فهو يشبه أسفار أيوب، والأمثال، والحكمة، ويشوع بن سيراخ. 3. يوضح فكرة هامة، وهي أن الأغنياء المتعاظمين في الأرض ليسوا أفضل من الفقراء؛ لأن الكل نهايتهم واحدة وهي الموت. 4. يستنتج من هذا المزمور حكم ونصائح كثيرة أهمها: أ - أهمية الاستقامة في الحياة. ب- الاتكال على الله. ج - غربة العالم. 5. هذا المزمور هو المزمور الثامن من المزامير التي تحمل عنوان لبنى قورح وهي المزامير من (مز42-49) ويضاف إليها أربعة مزامير أخرى لبني قورح أيضًا هي (مز84، 85، 87، 88) فيكون إجمالى المزامير التي تحمل في عنوانها لبنى قورح اثنى عشر مزمورًا. 6. هذا المزمور غير موجود بالأجبية. (1) دعوة الجميع للإنصات (ع1-4): ع1، 2: اِسْمَعُوا هذَا يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ. أَصْغُوا يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الدُّنْيَا، عَالٍ وَدُونٍ، أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، سَوَاءً. يدعو الكاتب كل الشعوب والساكنين في العالم، سواء كانوا عظماء، أو أدنياء، أغنياء، أو فقراء، أي جميع الشعوب، بما فيهم اليهود، أن يسمعوا وينصتوا باهتمام للحقائق التي سيذكرها في هذا المزمور. وبهذا يظهر أهمية ما سيقوله. ع3، 4: فَمِي يَتَكَلَّمُ بِالْحِكَمِ، وَلَهَجُ قَلْبِي فَهْمٌ. أُمِيلُ أُذُنِي إِلَى مَثَل، وَأُوضِّحُ بِعُودٍ لُغْزِي. لهج قلبى: مشاعر متكررة تستحوذ وتسيطر. أميل أذنى: استمع باتضاع. يوضح الكاتب أن ما يعلنه في هذا المزمور هو حكم ونصائح نطق بها لسانه، وهي نابعة من مشاعر تتكرر في داخله. فهو يشعر بكل كلمة ينطق بها؛ لأنها حقائق هامة، ومفاهيم أساسية يحتاجها كل إنسان. الكاتب أيضًا يتضع، مستمعًا لخفقات قلبه، ثم يعبر عنها بمثل يؤكد الحقيقة التي يريدها؛ لأن الأمثال مؤثرة في السامع أكثر من الحقيقة المباشرة، ويسهل فهمها. ويوضح كذلك النصائح التي يعلنها وتبدو أنها خفية كاللغز، فيقدمها منغمة بمصاحبة آلة موسيقية، وهي العود، حتى يسهل قبول السامع لها. † ليتك تنصت باهتمام لكلمات الله، وإرشادات أب اعترافك، فهي صوت الله المباشر لك لتعمل به، فتحيا مطمئنًا، وتخطو خطوات ثابتة نحو الملكوت. (2) الموت نهاية كل البشر (ع5-15): ع5: لِمَاذَا أَخَافُ فِي أَيَّامِ الشَّرِّ عِنْدَمَا يُحِيطُ بِي إِثْمُ مُتَعَقِّبِيَّ؟ متعقبىَّ: أي عقبىَّ، وهما الكعبان اللذان في أسفل قدمى الإنسان. يتساءل الكاتب لماذا أخاف من أيام الشر، أي الأيام التي تأتى فيها مصائب وتجارب. ولا توجد أيام شريرة، ولكن يقصد أيام تحمل متاعب له. فهذه التجارب يستخدمها الله لخيره، وتنقية نفسه، واستعداده للأبدية. الذى يخيف الإنسان فقط في أيام الشر، والتي تعنى يوم الدينونة، أن تحيط برجليه آثامه وخطاياه التي يحاسبه الله عنها، ولذا فينبغى للإنسان أن يتوب عن خطاياه ويستعد ليوم الدينونة. اثم متعقبىَّ هو الخطية الجدية -خطية آدم- التي تتعقبنى إلى يوم الدينونة، ولكن بالمسيح الفادى أتحرر منها في ماء المعمودية. واثم متعقبىَّ أيضًا هي الآثام التي أصنعها في عقب حياتى، أي أواخر حياتى ولا أتوب عنها، فهذه تديننى في يوم الدينونة. ع6، 7: الَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَى ثَرْوَتِهِمْ، وَبِكَثْرَةِ غِنَاهُمْ يَفْتَخِرُونَ. الأَخُ لَنْ يَفْدِيَ الإِنْسَانَ فِدَاءً، وَلاَ يُعْطِيَ اللهَ كَفَّارَةً عَنْهُ. يوبخ الكاتب اتكال الأغنياء على أموالهم، وافتخارهم بها. فهي لا تستطيع أن ترفع عنهم خطاياهم، أو توقف التجارب التي تحل بهم، وبالتالي لا تستطيع الثروة أن تفدى الإنسان بعد الموت، أو تضمن له الحياة الأبدية السعيدة. ولا يستطيع الإنسان، أو الأخ المستقيم أن يفدى أخيه الشرير، ولا يستطيع المستقيم أن يعطى كفارة لله عن أخيه الشرير، بل كل واحد يحاسب بحسب أعماله. ع8، 9: وَكَرِيمَةٌ هِيَ فِدْيَةُ نُفُوسِهِمْ، فَغَلِقَتْ إِلَى الدَّهْرِ. حَتَّى يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ فَلاَ يَرَى الْقَبْرَ. غلقت: تظل محفوظة. يتحول الكاتب بحديثه إلى الفقراء، والأدنياء، والمحتقرين، فيشجعهم بأن نفوسهم غالية جدًا في نظر الله، وأنها ستخلد إلى الدهر والأبد. وعليهم أن يحيوا ناظرين إلى الأبدية؛ وليس إلى هذه الحياة القصيرة بشقائها، والتي تنتهي سريعًا بالموت، فلا ينزعجون من أتعاب هذه الحياة، ولا الموت والقبر؛ لأن نفوسهم الغالية إن عاشت مع الله سيمجدها ويريحها في الأبدية. ع10، 11: بَلْ يَرَاهُ! الْحُكَمَاءُ يَمُوتُونَ. كَذلِكَ الْجَاهِلُ وَالْبَلِيدُ يَهْلِكَانِ، وَيَتْرُكَانِ ثَرْوَتَهُمَا لآخَرِينَ. بَاطِنُهُمْ أَنَّ بُيُوتَهُمْ إِلَى الأَبَدِ، مَسَاكِنَهُمْ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. يُنَادُونَ بِأَسْمَائِهِمْ فِي الأَرَاضِي. إن الموت يراه الحكماء ويستعدون له بالحياة المستقيمة، أما الجاهل وهو الذي لديه معلومات وعلم هذا العالم، ولكنه جاهل في الحياة الروحية، ومنغمس في الشهوات ومحبة المال، وكذلك أيضًا البليد، وهو الذي لا يفهم علوم هذا العالم، ولا يعرف أهمية الاستعداد للأبدية؛ كلاهما - الجاهل والبليد - يموتان ويتركان ثرواتهما، ولا ينالا راحة في الأبدية. العجيب أن الجاهل والبليد في داخلهما أفكارًا غريبة؛ إذ يعتقدان أنهما سيخلدان في راحة وعظمة إلى الأبد؛ أي أن عظمتهما الظاهرة في بيوتهما وشهرتهما؛ إذ يطلقان أسماءهما على البيوت، والشوارع، والميادين، والمدن؛ لتخليد أسمائهما ويعتقدان أن هذا سيستمر إلى الأبد مع أنه زائل. والخلاصة أن المال والشهرة في هذا العالم لا تفيد في الأبدية. ع12: وَالإِنْسَانُ فِي كَرَامَةٍ لاَ يَبِيتُ. يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ. يواصل الكاتب حديثه هنا عن الغنى الذي انشغل بشهوة محبة المال، ونال كرامة بين البشر لغناه، يعلن هنا أنه لا يبيت في الكرامة، أي لا تتبعه الكرامة بعد الموت، بل يذهب إلى الجحيم، ويفقد كرامته؛ لأنه يموت ويدفن مثل البهائم التي تمثل الشهوة الحيوانية، فليس لها كرامة في الأبدية، ولا تخلد في الملكوت. ع13: هذَا طَرِيقُهُمُ اعْتِمَادُهُمْ، وَخُلَفَاؤُهُمْ يَرْتَضُونَ بِأَقْوَالِهِمْ. سِلاَهْ. يعلن الكاتب في هذه الآية أن الذين اعتمدوا على ثرواتهم، وكذلك نسلهم الذي اقتدى بهم، وعاش منشغلًا بشهوة المال يموت ويدفن بلا كرامة مثل الحيوانات، كما ذكرنا في الآية السابقة. ثم يذكر كلمة سلاه، وهي نغمة موسيقية؛ ليتأمل القارئ في بطلان الغنى وكرامة هذا العالم الزائل. ع14: مِثْلَ الْغَنَمِ لِلْهَاوِيَةِ يُسَاقُونَ. الْمَوْتُ يَرْعَاهُمْ، وَيَسُودُهُمُ الْمُسْتَقِيمُونَ. غَدَاةً وَصُورَتُهُمْ تَبْلَى. الْهَاوِيَةُ مَسْكَنٌ لَهُمْ. الأغنياء الذين انشغلوا بشهوة المال يموتون ويدفنون مثل البهائم، كما ذكرنا في الآيتين السابقتين. وصورهم التي علقوها على الحوائط، وكذلك قوتهم، ومجدهم أثناء حياتهم في العالم تبلى وتزول بعد الموت؛ لأنهم يسكنون ويستقرون في الهاوية، أي الجحيم. ثم تنتظرهم الدينونة، حيث يدينهم الله. والمستقيمون يسودونهم، أي يدينونهم؛ لأنهم عاشوا في العالم مثلهم ولكنهم اتقوا الله. ويقصد بالغداة باكر بعد الموت، أي الدينونة، حيث يشرق الله بنوره، ويأخذ الاتقياء إلى الملكوت، ويلقى الأشرار في العذاب الأبدي. الذين انشغلوا بمحبة المال يرعاهم الموت، فيفقدون كل كرامتهم؛ لأنهم رفضوا رعاية الله أثناء حياتهم، وتركوا وصايا الله، وأحبوا العالم؛ ولذا يواجهون الذل والهوان في الجحيم بعد الموت. ع15: إِنَّمَا اللهُ يَفْدِي نَفْسِي مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ لأَنَّهُ يَأْخُذُنِي. سِلاَهْ. رجاء المستقيمون أن الله يفديهم من الهاوية. فالذين ماتوا على رجاء المسيا المنتظر، انتظروا فداءه الذي تم في ملء الزمان، ففداهم، وأصعدهم من الجحيم ونقلهم إلى الفردوس. يظهر إيمان الكاتب بالله أنه يترجى فداء المسيح بعد أن يذهب إلى الجحيم، فيصعده مع المؤمنين إلى الفردوس. ثم يختم بكلمة سلاه ليتأمل القارئ فداء المسيح العظيم للمؤمنين به. † لا تنشغل بشهوات هذا العالم الزائل؛ لأنها فانية ولا تنزعج إذا ضاع حق من حقوقك المادية، بل اهتم أولًا بعلاقتك مع الله، واحتفظ بسلامك، ناظرًا إلى الأمجاد السماوية التي سيعوضك فيها الله عن كل ما خسرته في العالم. (3) بُطلان الغِنَى (ع16-20): ع16-18: لاَ تَخْشَ إِذَا اسْتَغْنَى إِنْسَانٌ، إِذَا زَادَ مَجْدُ بَيْتِهِ. أَنَّهُ عِنْدَ مَوْتِهِ كُلَّهُ لاَ يَأْخُذُ. لاَ يَنْزِلُ وَرَاءَهُ مَجْدُهُ. لأَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يُبَارِكُ نَفْسَهُ، وَيَحْمَدُونَكَ إِذَا أَحْسَنْتَ إِلَى نَفْسِكَ. لا تخف من الأغنياء الذين لهم أملاك وقوة مادية كبيرة، فهؤلاء الأغنياء مجدهم متعلق بأملاكهم الزائلة التي سيفقدونها بالموت، فيصبحون بلا مجد، خاصة وأنهم اهتموا واعتمدوا على المال ليمجدهم؛ إذ يقول "مجد بيته" وليس مجده. هؤلاء الأغنياء ليس لهم مجد آخر -ويُقصد به المجد الروحي في إيمانهم بالمسيح- وقبلوا أيضًا مدح من المرائين والمغرضين المحيطين بهم، إذ رأوا الأغنياء يباركون أنفسهم، أي يمتعون أنفسهم بالشهوات المادية المختلفة. وبهذا زاد هؤلاء الأغنياء في خداع أنفسهم، وابتعدوا عن الله. ع19، 20: تَدْخُلُ إِلَى جِيلِ آبَائِهِ، الَّذِينَ لاَ يُعَايِنُونَ النُّورَ إِلَى الأَبَدِ. إِنْسَانٌ فِي كَرَامَةٍ وَلاَ يَفْهَمُ يُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الَّتِي تُبَادُ. هذا الغنى الذي انشغل بغناه، والشهوات العالمية، ومدح الآخرين له، سيترك كل هذا ويموت، وينضم إلى آبائه الذين عاش مثلهم، منشغلًا بمحبة المال، فيدخل إلى الجحيم، حيث الظلمة الأبدية، جزاء ابتعاده عن الله النور الحقيقي. يختم الكاتب هذا المزمور بأن الله أعطى كرامة لكل إنسان، بل زاد في عطائه فأكرم الأغنياء بممتلكات كثيرة؛ ليستخدموها في الإحسان على المحتاجين. ولكنهم في أنانية حفظوها لأنفسهم. والإنسان العادي لم يحيا كصورة لله. وكذلك من وهبهم الله معرفته، مثل اليهود ولم يستخدموا هذه المعرفة للإيمان بالمسيح، كل هؤلاء يموتون مثل البهائم، أي يفقدون المجد السماوى، ويذهبون إلى الجحيم والعذاب، كما أن البهائم ليس لها مجد سماوى. † إن كان الغنى باطل وزائل فاحرص أن تستخدمه لمجد الله، خذ احتياجاتك واستخدم الباقى في عمل الخير. لا تنشغل مثل الآخرين بجمع المال، ولا تتعلق به، فهو مجرد وسيلة تعينك على الحياة؛ لتتمتع بعلاقة قوية مع الله، حتى تصل إلى مكانك السماوى العظيم. المزمور الخمسون الله الديان مزمور . لآساف "إله الآلهة الرب تكلم ..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: آساف وهو رئيس المغنيين أيام داود النبي، وهو من سبط لاوى، وكان يساعده اثنين من رؤساء المغنين هما هيمان الأزراحى وإيثان الأزراحى (1 أى15: 19). وكان يقود جميع فرق التسبيح في الهيكل أيام الأعياد المقدسة. وكان يلقب بالرائى (2 أى29: 30). وبنو آساف كانوا أيضًا يخدمون خدمة الترنيم، واستمروا في خدمتهم بعد السبي، إذ عاد منهم مئة وثمانية وعشرون رجلًا إلى أورشليم مع زربابل (عز2: 41). وكتب آساف اثنى عشر مزمورًا أولها هذا المزمور، ثم المزامير من (مز73-83). 2. متى كتب؟ كتب أيام داود النبي، وكان يتكلم عن عظمة أورشليم وجمالها، ولعله كتبه بروح النبوة عن أورشليم بعد انقسام المملكة، بالتحديد أيام حزقيا، أو يوشيا الملك. 3. يحدثنا هذا المزمور عن الله الديان الذي سيدين شعبه، وكذلك الأشرار، وعن تفضيل الله للعبادة القلبية، وليس العبادة الشكلية. 4. يوجه كاتب المزمور أنظارنا إلى أهمية محبة الله وتسبيحه، وكذا محبة الآخرين وعدم إدانتهم. 5. هذا المزمور تعليمى يتكلم فيه الله ليوجه شعبه إلى العبادة الصحيحة. 6. يحدثنا المزمور عن مجئ المسيح الأول في ملء الزمان متجسدًا، وخارجًا من أورشليم (ع1، 2) ثم عن مجيئه الثاني في يوم الدينونة العظيم (ع4)، لذا يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية. 7. هذا المزمور غير موجود بالأجبية. (1) مجيء الديان (ع1-6): ع1، 2: إِلهُ الآلِهَةِ الرَّبُّ تَكَلَّمَ، وَدَعَا الأَرْضَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا. مِنْ صِهْيَوْنَ، كَمَالِ الْجَمَالِ، اللهُ أَشْرَقَ. يتنبأ الكاتب عن تجسد المسيح ومجيئه في ملء الزمان، فهو الرب الذي فوق جميع الآلهة الوثنية. وتكلم المسيح كلمة الله ودعى البشر من كل مكان في العالم؛ ليسمعوا بشارة الخلاص. فقد ظهر في أورشليم، التي يصفها بأنها كمال الجمال. وأورشليم مبنية على خمسة جبال أهمها جبل صهيون، ولذا تدعى أحيانًا صهيون، كما في هذه الآية. وسمع بشارته اليهود والأمم في أورشليم، ثم انتشر خبر كرازته عن طريق الرسل في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها. يصف صهيون بكمال الجمال؛ لأن فيها هيكل الله، الذي يرمز إلى الكنيسة، حيث يعطى الروح القدس الخلاص الذي أتمه المسيح على الصليب، ويهبه للمؤمنين في أسرار الكنيسة، ووسائط النعمة. ع3، 4: يَأْتِي إِلهُنَا وَلاَ يَصْمُتُ. نَارٌ قُدَّامَهُ تَأْكُلُ، وَحَوْلَهُ عَاصِفٌ جِدًّا. يَدْعُو السَّمَاوَاتِ مِنْ فَوْقُ، وَالأَرْضَ إِلَى مُدَايَنَةِ شَعْبِهِ: أتى الله بنار وعاصف عندما حل على الرسل والكنيسة في يوم الخمسين، وتكلم على ألسنتهم بلغات لم يعرفوها، وبدأوا الكرازة لشعب الله الآتي من جميع الأمم. ودعى الله السماوات والأرض لمداينة شعبه؛ لأن السموات ترمز إلى الأنبياء الذين في الفردوس، والأرض ترمز للرسل الأتقياء، الذين يعلنون جميعًا أن المسيا قد أتى وفدى شعبه، ويدينون اليهود الذين لم يؤمنوا، ويدعونهم للإيمان. وقد آمن فعلًا ثلاثة آلاف نفس من اليهود، واعتمدوا على أيدي الرسل في يوم الخمسين. هاتين الآيتين تتكلمان أيضًا عن مجئ المسيح الثاني المخوف في يوم الدينونة بنار وعاصف، ويشهد السماء والأرض، أي يشهد الملائكة والقديسون الذين في السماء، وكذا الأتقياء الذين ما زالوا يحيون على الأرض، والكل يدين شعب الله الذي لم يؤمن فيساق إلى العذاب الأبدي. ترمز النار إلى قوة عمل الروح القدس وكلمة الله، الذي يحرق الخطايا داخل من يؤمن بالمسيح. والعاصف هو عمل الروح القدس الذي يهز النفس، فيعيدها إلى خالقها. والنار والعاصف يرمزان أيضًا إلى الضيقات التي تحل بالمؤمنين؛ لكيما تجذبهم إلى الله. ع5، 6: «اجْمَعُوا إِلَيَّ أَتْقِيَائِي، الْقَاطِعِينَ عَهْدِي عَلَى ذَبِيحَةٍ». وَتُخْبِرُ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ، لأَنَّ اللهَ هُوَ الدَّيَّانُ. سِلاَهْ. يطلب الله من ملائكته أن يجمعوا له المؤمنين باسمه القدوس، والقاطعين عهده على ذبيحة الصليب المقدمة على مذبح الكنيسة، جسده ودمه الأقدسين، يجمعونهم من أرجاء المسكونة؛ ليدخلوا ملكوته السماوى، هؤلاء هم الذين عاشوا في مخافة الله، وسلكوا بالتقوى كل أيام حياتهم. عندما يضم الله أتقياءه إلى ملكوته تخبر الملائكة الذين في السموات بعدله في مكافأته للأبرار بالحياة الأبدية. أما الأشرار فيبعدهم عنه في الظلمة الخارجية، أي العذاب الأبدي. وهكذا يتم الله الديان دينونته لكل البشر. كلمة "سلاه" في نهاية الآية هي وقفة موسيقية تدعونا للتأمل في عدل الله، ومخافته؛ لنبتعد عن كل خطية، ونحفظ وصاياه. † ليتك تضع يوم الدينونة أمام عينيك كل يوم؛ لتستعد له بالتوبة، والصلوات، ومحبة كل من حولك، والتسامح مع الجميع. (2) الله يطلب ذبائح التسبيح (ع 7-15): ع7: «اِسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأَتَكَلَّمَ. يَا إِسْرَائِيلُ فَأَشْهَدَ عَلَيْكَ: اَللهُ إِلهُكَ أَنَا. ينادى الله شعبه بنى إسرايل؛ ليسمعوا له. ويظهر من ندائه عدة أمور: اهتمامه بتنبيه شعبه حتى لا يستمر في خطاياه. رغم أن لهم خطايا، لكن قبل كل شيء هم شعبه الذي يهتم به. يذكرهم أنهم نسل إسرائيل (يعقوب) أى أبيهم المحبوب لديه، فيتشجعون بأنهم قريبون إلى قلب الله. أنه الإله الخصوصى لهم، الذي يرعاهم، إذ يقول "إلهك أنا"، فهم تحت رعايته وعنايته، فيثقون أنهم قريبين إلى قلبه ومحبوبون. يبدأ الله بالتشجيع وإظهار محبته لشعبه قبل أن يشهد على أخطائهم ويوبخهم عليها، فهو أسلوب لطيف لجذب السامعين للإستماع. ع8: لاَ عَلَى ذَبَائِحِكَ أُوَبِّخُكَ، فَإِنَّ مُحْرَقَاتِكَ هِيَ دَائِمًا قُدَّامِي. يشهد الله أن شعبه ملتزم بتقديم الذبائح والتقدمات التي تفرضها العبادة. وبالتالي لا يوبخهم الله عن أي تقصير في العبادة، ولكنه يوبخهم على شكلية العبادة، التي لا تصاحبها مشاعر قلبية، مثل التوبة، والاتضاع ومحبة الله، والله يريد محبة شعبه، ومشاعره قبل العبادة الخارجية. فقد قبل الله ذبيحة هابيل لمشاعره الطيبة، ولم يقبل تقدمة قايين لشره، وفرح بفلسى الأرملة أكثر من كل عطايا الأغنياء. ع9-13: لاَ آخُذُ مِنْ بَيْتِكَ ثَوْرًا، وَلاَ مِنْ حَظَائِرِكَ أَعْتِدَةً. لأَنَّ لِي حَيَوَانَ الْوَعْرِ وَالْبَهَائِمَ عَلَى الْجِبَالِ الأُلُوفِ. قَدْ عَلِمْتُ كُلَّ طُيُورِ الْجِبَالِ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ عِنْدِي. إِنْ جُعْتُ فَلاَ أَقُولُ لَكَ، لأَنَّ لِي الْمَسْكُونَةَ وَمِلأَهَا. هَلْ آكُلُ لَحْمَ الثِّيرَانِ، أَوْ أَشْرَبُ دَمَ التُّيُوسِ؟ أعتدة: يقصد بها التيوس، أو الجداء. الوعر: المكان المقفر، أو غير المأهول، أو الجبلى. يعلن الله عدم احتياجه أن يقدم له الإنسان ذبائح كثيرة كعبادة شكلية. فالله غير محتاج، إذ يملك كل الحيوانات التي خلقها، وتجرى على الجبال، وفى البرارى، وتطير في السماء. والله لا يجوع ولا يحتاج لأنه كامل في ذاته، ولكنه يطلب فقد قلب الإنسان ومحبته، وإن اقترنت بذبائحه تصير الذبائح مقبولة ومحبوبة من الله. فالله يفرح برؤية أولاده الآتين لعبادته، المحبين له. لعل هذه الآيات إشارة إلى أن الذبائح الحيوانية ستبطل، بعد أن قدم المسيح دمه على الصليب، وأصبح لا حاجة للذبائح الحيوانية التي كانت رمزًا لذبيحة المسيح. ع14: اِذْبَحْ للهِ حَمْدًا، وَأَوْفِ الْعَلِيَّ نُذُورَكَ، الله يطلب ذبائح الحمد، وهي الصلوات والتسابيح التي يقدمها الإنسان من القلب والشفاه، فالله يطلب محبة الإنسان، وليس العبادة الشكلية. وكذلك الأعمال الصالحة، وأتعاب الخدمة هي ذبائح حمد. وأعظم ذبيحة في العهد الجديد هي ذبيحة الأفخارستيا أي الشكر، وهي التناول من جسد الرب ودمه. يفرح أيضًا الله بإيفاء النذور، لأنها تعبير محبة من الإنسان لله، وتعلن عدم تعلق الإنسان بالماديات وتعلقه بالله، بالإضافة إلى أن هذه النذور تساعد المحتاجين. وإيفاء النذور هو إتمام لمحبة الإنسان لله، وتنفيذ للوعود، وفى نفس الوقت تغرب عن العالم والماديات. ع15: وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي». إن كنت تحب الله بتقديم ذبائح الحمد وتقديم النذور، فهو يفتح بابه لك لتطلب منه ما تريد، خاصة أثناء الضيقات. وثق أن الله قادر أن ينقذك من أصعب الضيقات، فتشكره وتمجده. إن يوم الضيق هو يوم الدينونة الذي يلتجئ فيه الإنسان إلى الله؛ لينقذه من الهلاك، فيستجيب له؛ لأنه أحب الله طوال حياته بذبائح الحمد وإيفاء النذور، ويدخله إلى الملكوت؛ ليحيا مسبحًا الله إلى الأبد. † ليتك تَعِي وتفهم معانى صلوات القداس عندما تشترك فيها، فتعد قلبك، وتحركه في طريق الحب، وإذ تتناول في النهاية من جسد الرب ودمه تنال قوة وبركة، ويفرح بك الله. (3) الله يوبخ رياء الأشرار (ع 16-23): ع16: وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ اللهُ: «مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَى فَمِكَ؟ يعاتب الله الأشرار؛ لأنهم في الشكل هم خدام الله، وفى الحقيقة قلوبهم شريرة، فهم في مظهرهم قطعوا عهدًا مع الله أن يكونوا له ويخدمونه، ولكنهم يتحدثون عن فرائض الله، بدون أن يكون الكلام نابع من قلوبهم؛ لأنهم لا يحيون فيها، وفى روحها، وبالتالي ليس لها تأثير على الآخرين، بل تبدو ثقيلة؛ لأن ليس فيها روح الله. لماذا يهتم بالإنسان بسماع رأى الآخرين فيه، ويهمل الأهم وهو رأى الله؟! الأجدر به أن يسمع صوت الله فيه؛ ليغير ويصلح نفسه بالتوبة، ثم بعدما يتنقى يستطيع أن يحيا بوصايا الله، فيسهل عليه أن يعلم بها. وحينئذ يتحول عهد الله من كلمات على فمه إلى كلمات حية في قلبه، وفى حياته، فيقبل الناس تعاليمه. ع17: وَأَنْتَ قَدْ أَبْغَضْتَ التَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. يوبخ الله الخدام الذين لا يعملون بوصاياه، فيقول للخادم إنك قد أبغضت كلامى الذي يكشف ضعفاتك، ويطالبك بأوامرى لتحيا بها. فأنت قد أبغضت أن تتأدب بها وتنفذها، بل أهملتها، أي ألقيتها خلفك. إن هذا الخادم الشرير كان يقبل كلام الله السهل، أما وصايا الله الصعبة فكان يرفضها، ويهملها. فهو ليس أمينا في خضوعه لكل كلام الله، بل يختار ما يعجبه منها، والخلاصة أنه يرفض التأديب، أى وصايا الله التي تؤدبه. ع18: إِذَا رَأَيْتَ سَارِقًا وَافَقْتَهُ، وَمَعَ الزُّنَاةِ نَصِيبُكَ. عندما يهمل الإنسان وصايا الله يتعرى من البر، فيصبح من السهل أن يسقط في أية خطية، وتجذبه إغراءها. فعندما يرى سارقًا يغريه بالاشتراك معه، يوافقه ويسرق معه. وإذا رأى زناة يلتصق بهم، ويزنى مثلهم. إن الخادم الذي لا يعمل بوصايا الله، ويتحدث بها فقط، هو غير أمين لهذه الوصايا، أي سارقًا لقوة كلمة الله، ولا يدعها تعمل فيه. وهو أيضًا خائنًا لكلمة الله برفض العمل بوصايا الله، فيتكلم بلسانه بوصايا الله، أما قلبه فمنشغل بانشغالات العالم ومتعلقًا بها، وهذا ما يسمى بالزنى الروحي، فهذا يستحق توبيخ بولس الرسول في (رو2: 21-24). ع19، 20: أَطْلَقْتَ فَمَكَ بِالشَّرِّ، وَلِسَانُكَ يَخْتَرِعُ غِشًّا. تَجْلِسُ تَتَكَلَّمُ عَلَى أَخِيكَ. لابْنِ أُمِّكَ تَضَعُ مَعْثَرَةً. خطية أخرى يسقط فيها الخادم الشرير، وهي التكلم بالشر وبالغش وبالكذب؛ كما فعل اليهود مع المسيح، فاتهموه اتهامات زور باطلة. لأن الشرير يتكلم بما في داخله، أي بالشر؛ لأنه من فضلة القلب يتكلم الفم (مت12: 34). تزداد بجاحة الشرير، فيسئ بكلامه الشرير إلى إخوته وبنى أمه. ويقصد بالإخوة كل البشر، وبنو الأم القريبين منه، مثل المسيحى الذي يسئ إلى المسيحيين، أو أقاربه في الجسد. وبهذا يسئ للكل بلا ضوابط، أو حدود، أي أن الشر قد سيطر عليه. ع21، 22: هذِهِ صَنَعْتَ وَسَكَتُّ. ظَنَنْتَ أَنِّي مِثْلُكَ. أُوَبِّخُكَ، وَأَصُفُّ خَطَايَاكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. افْهَمُوا هذَا يَا أَيُّهَا النَّاسُونَ اللهَ، لِئَلاَّ أَفْتَرِسَكُمْ وَلاَ مُنْقِذَ. يوبخ الله الشرير بأنه يصنع خطايا كثيرة، والله ساكت ويطيل أناته؛ ليعطيه فرصة للتوبة. ولكن الغريب أن الشرير يظن أن هذا ضعف من الله، أو أن الله موافق على شره "ظننت أنى مثلك". يهدد الله الشرير أنه إن لم يتب فلا ينتظره إلا عقاب يوم الدينونة، الذي فيه يصف الله خطاياه أمام عينيه، أي يشهر به، ويفضح خطاياه أمام كل البشر. وكذلك يفترسه ولا يستطيع أحد أن ينقذه من يد الله. والمقصود أن الله بعد أن يدين الشرير يلقيه في العذاب الأبدي، الذي لا يستطيع أحد أن يشفع فيه، ولا يخرج من العذاب إلى الأبد، والله يقصد بهذا التهديد أن ينبه الشرير لعله يتوب. وقد يستخدم الله هذا الافتراس أثناء الحياة، عن طريق التجارب لتدعو الشرير للتوبة، كما افترس شعبه بالسبي الأشوري والبابلي. ع23: ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ». يختم المزمور بمدح الأبرار الذين يقدمون ذبائح الحمد، وهي ذبائح الشفاه التي تسبح الله، أو الذين يجاهدون ضد الخطايا، ويرفعون الصلوات الكثيرة في أتعاب وأسهار وهذه كلها ذبائح حمد؛ بالإضافة لكل الأعمال الصالحة والخدمة، وأيضًا كل تنازل وطاعة وتجرد، فهي ذبح الإنسان لمشيئته وخضوعه لله. فذبائح الحمد هي بالكلام، وبالأعمال أيضًا. يمدح الله أيضًا البار الذي يقوم طريقه عن طريق التوبة، والجهاد الروحي لتغيير سلوكه واكتساب الفضائل. وبهذا الجهاد يمجد الله؛ لأنه يسعى نحو الملكوت، ويتخلص من شهوات العالم وانشغالاته. † كن مطيعًا لوصايا الله، واخضع لها، مهما كلفتك من تعب، واثقًا أن الله سيسندك في تنفيذها. وإن سقطت قم سريعًا، وكذلك أشكر الله على كل عطاياه، فيفرح قلبك، وتتقدم نحو الملكوت. المزمور الحادي والخمسون التوبة المقبولة صلاة للاعتراف بالخطية "عندما جاء إليه ناثان النبى يبكته على خطيته" "إرحمنى يا الله حسب رحمتك ..." (ع1) مقدمة: كاتبه: داود النبي. متى كتب؟ بعد حوالي عام من سقوطه في خطية الزنا مع بثشبع امرأة أوريا الحثى، التي ولدت ابنها، ومات، وجاء ناثان النبي، ونبه داود على خطيته، فقدم توبة وغفر له الله، فكتب هذا المزمور. من أهم مزامير التوبة السبعة، وهي (6، 32، 38، 51، 10، 130، 143). إذ بعد كتابة هذا المزمور ظل داود يعوم كل ليلة سريره بدموعه، واستمر منسحقًا كل أيام حياته أمام الله. يوضح هذا المزمور خطورة الخطية ونتائجها؛ لنرفضها ونبتعد عنها. ويوضح في نفس الوقت عظمة رحمة الله وغفرانه الذي يفرح القلب، ويجدده، فيبدأ من جديد في عبادة الله وتسبيح اسمه القدوس، ولكن باتضاع وانسحاق. تظهر شجاعة داود الذي أخطأ سرًا، ولكنه اعترف علنًا في هذا المزمور، شاكرًا مراحم الله التي قبلته، ونقلت عنه خطيته. اعترف داود أمام ناثان النبي، الذي يرمز لأب الاعتراف في كنيسة العهد الجديد، فأخبره ناثان بغفران الله له، ونقله خطيته عنه. هذا المزمور يعطى رجاء لكل خاطئ مهما كانت خطيته، فرغم عظمة داود سقط في الزنا والقتل، ولكن الله غفر له. تظهر في هذا المزمور التوبة المقبولة وهي الندم الشديد ورفض الخطية، وفى نفس الوقت وبنفس المقدار التمسك بنعمة الله وغفرانه ورحمته. فهي توبة مملوءة انسحاقًا ورجاءً في نفس الوقت. ينبهنا هذا المزمور لخطورة عدم التدقيق فيما يلي : أ - كثرة التطلع التي يمكن أن تسقطنا في النظرات الشريرة. ب - الراحة والاسترخاء والفراغ التي كانت سببًا لسقوط داود في الخطية. ج - الاندفاع وراء أفكارنا الشريرة حتى لا نسقط في خطايا أصعب؛ لأن داود اندفع وراء أفكاره، واستدعى امرأة أوريا، وسقط في الخطية. (1) اعتراف وطلب الرحمة (ع1-9): ع1: اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. شعر داود أن خطيتى الزنا والقتل تستحقان الموت، ولم يعد له فرصة للنجاة من العدل الإلهي إلا بطلب مراحم الله، ورأفاته. وبهذا يعلن داود باتضاع ضعفه وخطاياه. إن توبة داود عن خطيتيه السابق ذكرهما دفعه للتوبة عن كل خطاياه، وطلب غفران الله. وتأكيده طلب الرحمة الإلهية يعلن إيمانه بمحبة الله، وقدرته على غفران كل الخطايا، بل إن هذا يبين أن داود تطلع بروح النبوة إلى المسيح الآتي في ملء الزمان؛ ليرفع كل الخطايا عن التائبين، والمؤمنين به. ع2: اغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي، وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. يعبر داود عن شروره بثلاث كلمات؛ الأولى معاصىَّ (ع1) ومعناها في الأصل العبري انحراف عن الله، والآثام (ع2) ومعناها تبرير الأخطاء، والخطايا (ع3) ومعناها نية الشر المصاحبة للأفعال، ولذا استخدم للحل ثلاث كلمات هي: المحو للمعاصى، والغسيل للآثام، والتطهير للخطايا. لأن داود يشعر أن أخطاءه كثيرة، فطلب غسلًا كثيرًا لآثامه. وهذا الغسيل يتم بما يلي: أ - التجارب ليبتعد الإنسان عن الخطية ويكرهها. ب- دم المسيح الفادى الذي رآه داود بروح النبوة أنه التناول من الأسرار المقدسة، التي تغفر وتقوى الإنسان ضد الخطية. ج- التوبة والاعتراف. الغسل يشير لماء المعمودية؛ الذي يطهر المعمد من خطاياه. ع3: لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ، وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا. يقر داود بمعاصيه، وبهذا ينال غفرانًا لها. وخطيته وضعها أمام عينيه دائمًا ليقدم توبة عنها كل حين. وعندما فعل هذا ساعده الله بإرسال ناثان له ونخس ضميره، أي زادت مشاعر الندم في داخله، فهو بالحقيقة يستحق مراحم الله. ع4: إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ. تزكو في قضائك: تكون عادلًا ونزيهًا وممدوحًا في قضائك. يشعر داود أن خطيته موجهة لله قبل أن تكون موجهة نحو إنسان؛ لأن الله خالقه، وهو الذي يحاسبه إن لم يسلك مستقيمًا. وحتى لو نافقه من حوله ومدحوه لأنه ملك، فهو لا ينسى أن الله هو الذي سيحاكمه. فهنا يؤكد داود اعترافه بخطيته ولا يبرر نفسه، بل يبين شناعة خطيته؛ لأنه عملها باستهانة وتحدى أمام عينى الله. وبالتالي ليس أمامه إلا التوبة لنوال مراحم الله. اعتراف داود بخطيته يبين عدل الله، وأنه منزه في قضائه. فعندما يعاقب الله داود فداود يستحق هذا، وليس ذلك ظلمًا. وإن سامحه الله فهذه رحمة عظيمة منه لا يستحقها داود. فعطايا الله كثيرة، إذ رفع داود من رعى الغنم وجعله ملكًا، وعلمه وصاياه، ولكن داود أخطأ، وبالتالي يستحق العدل الإلهي والعقاب، فداود خاطئ والله بار وصادق في وعوده. ع5: هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي. إن داود تربى مع أم تقية هي عبدة لله (مز116: 16)، فهو لا يقصد أنه مولود من زنا، ولكن يقصد الخطية الجدية التي ولد بها كل البشر عندما ذكر الإثم والخطية التي ولد بها. ذكر داود لولادته بالخطية يبين اتضاعه وانسحاقه أمام الله، وبالتالي يستدر مراحم الله الحنون، الذي يشفق على المتضرعين إليه. فداود بهذه الآية يحيا في انسحاق التوبة والتذلل أمام الله، وفى نفس الوقت يتمتع بحنان الله وغفرانه؛ إذ يلتمس الله له العذر لأنه مولود بالخطية، ومعرض للسقوط فيها. ع6: هَا قَدْ سُرِرْتَ بِالْحَقِّ فِي الْبَاطِنِ، فَفِي السَّرِيرَةِ تُعَرِّفُنِي حِكْمَةً. السريرة: الخفاء. يشعر داود بمحبة الله الذي سر بأن باطن داود، وأحشاءه تميل للحق والخير، وليس صنع الشر، وأن الخطية التي سقط فيها هي مكيدة من الشيطان، أي أن داود يشعر بأن الله يحبه ويلتمس له العذر. يشعر أيضًا داود بلطف الله الذي لم يوبخه أمام الشعب من أجل خطيته، ولكنه أرسل له في الخفاء "السريرة" ناثان النبي، وعرفه خطيته، فأعلن داود توبته، وأخبره ناثان بأن الله غفرها له. داود بروح النبوة رأى الحق، الذي هو كلمة الله الأقنوم الثاني، أي المسيح الذي سر به الآب، وأدرك أيضًا في الخفاء، أي بينه وبين نفسه أن المسيح هو الحكمة الحقيقية، وعلم بالتجسد وأسراره، التي ستتم في ملء الزمان، فتعطيه وكل البشرية المؤمنة الخلاص الحقيقي، والطهارة، والنقاوة، على خلاف الشريعة الموسوية، التي كانت تمارس في أيام داود، فهي كلها رمز للمسيح الآتي في ملء الزمان؛ ليغفر خطاياه. ع7: طَهِّرْنِي بِالزُّوفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ. الزوفا: نبات برى ذو ساق طويلة وفى نهايته أوراق كثيفة، مثل سعف النخل. وكانوا قديمًا يستخدمونه في تنظيف أجسادهم من الأوساخ، والعرق. ووضع اليهود الخل عليه ورفعوه للمسيح، وهو على الصليب؛ ليشرب (يو19: 29). طلب داود من الله أن يطهره بالزوفا، والتي كانت تستخدم في التطهير بحسب شريعة موسى (عد19: 6، 18؛ لا14: 6). وهذا يبين إحساس داود بكثرة خطاياه، ومن ناحية أخرى ثقته في الله القادر على تطهيره مهما كانت خطاياه. الزوفا استخدمها اليهود لتلطيخ العتبة العليا والقائمتين للباب بالدم؛ ليعبر عنهم الملاك المهلك (خر12: 22). فالزوفا ترمز للمعمودية؛ إذ تستخدم في غسل الأوساخ والتطهير، وفى نفس الوقت الدم الذي يوضع عليها هو رمز لدم المسيح، الذي يطهر من كل خطية. فداود يشتاق للتطهير بكل أبعاده سواء في العهد القديم، أو عندما يكمل في العهد الجديد. يشتاق داود أن يغتسل بيد الله، فيصير نقيًا ناصع البياض مثل الثلج، وهذا يعبر عن إيمانه ورجائه في الحياة الجديدة النقية، التي يريد أن يحيا فيها بعد أن يغفر له الله خطاياه. ع8: أَسْمِعْنِي سُرُورًا وَفَرَحًا، فَتَبْتَهِجَ عِظَامٌ سَحَقْتَهَا. إن كانت الخطية قد أزعجت، وأحزنت داود، ولكن نعمة الله، ومحبته، وغفرانه تعيد إليه سلامه، بل تفرح قلبه؛ لأن فرحه قائم على إحساسه بوجود الله. عظام داود سحقها الله، وذلك لأن داود عندما سقط تذكر مخافة الله، فندم جدًا، وشعر بجرم خطيته. ولكن حنان الله لم يتركه في أحزانه، بل أعاد إليه بهجته عندما تاب. فالخطية تنتج الحزن، أما الفرح فهو من ثمار الروح القدس، الذي يهبه الله لأولاده التائبين. ع9: اسْتُرْ وَجْهَكَ عَنْ خَطَايَايَ، وَامْحُ كُلَّ آثامِي. إذ يشعر داود بشناعة خطيته يطلب من الله أن يستر وجهه عن خطاياه، أي ينساها، وينظر إلى داود بعين الرأفة، ويعيد إليه بنوته. عندما سقط داود في خطيتى الزنا والقتل، أفاق وندم على هاتين الخطيتين، وإذ كان ندمه شديدًا حاسب نفسه على كل خطاياه السابقة، فقدم ندمًا عنها كلها، وترجى من الله أن يمحوها، ويغفرها؛ ليصير نقيًا تمامًا؛ لأنه إذا استبقى داود خطية واحدة بدون توبة، فسيخسر الملكوت. † انتبه أن تقدم توبة عن كل خطية؛ لتنال غفران الله؛ لأنه إذا حاولت أن تخفيها، وتسترها، ولا تعترف بها، فالله سيدينك عليها، أما إذا تبت، فسيغفرها لك، ويستر وجهه عنها، فتحيا في فرح على الأرض، ثم في السماء. (2) التجديد والخدمة (ع10-13): ع10: قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. بعد سقوط داود شعر أن أفكاره ومشاعره قد تلوثت كلها، ولذا فقد احتاج إلى مشاعر جديدة نقية، فطلب من الله أن يخلق له قلبًا يشتهى الحياة مع الله. طلب أيضًا داود تجديد روحه، ويقصد بها ضميره، وكل ما ميزه به الله كإنسان عن باقي الخلائق. وطلب روحًا مستقيًا ليس له هدف إلا محبة الله، حتى أن أحشاءه تصير مشتاقة إلى الله، وتقود جسده في طريق الملكوت. ع11: لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ، وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. عاش داود متمتعًا بعشرة الله منذ أن كان صبيًا يرعى الغنم، وكان يطلب الله في كل ضيقة، فينقذه ويسنده، كما قتل الأسد والدب، وبعد ذلك جليات، ثم المئات من الفلسطينيين الأعداء. ولكن بعد سقوطه أيقن أنه غير مستحق للتمتع برؤية الله، ولكن إذ تاب تجددت الأشواق داخله لعشرة الله، فترجاه ألا يطرحه من أمام وجهه؛ لأن رؤية الله وعشرته هي الحياة بالنسبة لداود. إن روح الله الذي سكن في داود، وأعطاه النبوة، وكذلك حكمة قيادة المملكة كملك، وقوة الحرب والنصرة، والحكمة لتطبيق العدل في القضاء، كل هذا لم يعد داود مستحقًا للتمتع به بسبب سقوطه في الخطية. ولكنه مازال ملكًا، وقائدًا حربيًا، وقاضيًا، بل كإنسان روحي محتاج لروح الله الذي يوجهه، وينخسه إن أخطأ، ويعطيه مواهب وقدرات يحتاجها حتميًا، ولذا ترجى الله ألا ينزع روحه القدوس منه. ع12: رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ، وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي. روح منتدبة: روح مطيعة بإرادة حرة. إن الخطية أنتجت حزنًا في قلب داود، وفقد كل مشاعر الفرح التي عاشها مع الله، فهو إذ يتوب يترجى من الله أن يعيد إليه بهجة، وفرح الخلاص من الخطية؛ ليحيا من جديد معه. بروح النبوة يرى داود أن الخلاص الكامل يتم بفداء المسيح، وهذا الخلاص قادر أن يملأ قلب الإنسان بالفرح، فيشتاق داود أن يستعيد الإنسان أفراحه التي عاشها في جنة عدن بنواله خلاص المسيح. يطلب داود أيضًا من الله أن يسنده بتجديد روحه؛ لتكون مطيعة لوصايا الله، فتنطلق بحرية وإرادة ذاتية، مستندة على نعمة الله؛ لتتمتع بالوجود معه. ع13: فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، وَالْخُطَاةُ إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ. إذ ذاق داود مرارة الخطية، وتاب، اشتاق أن ينبه كل الذين سقطوا في الخطية؛ ليتوبوا مثله، ويتمتعوا بالسلام بين يدى الله. وكما أعثر الآخرين بخطيته، الآن يدعو كل ساقط في الخطية ليتوب؛ لأن من اختبر مرارة الخطية، وتاب، هو أكثر إنسان قادر أن يدعو غيره للتوبة. إن الخطاة والأثمة الذين يقصدهم داود هم كل حواسه، وإمكانياته التي تدنست بالخطية، فهو إذ تاب يعلم، ويدرب أفكاره، وحواسه، وجسده، وكل إمكانياته ألا تحيد عن الله، بل تحفظ وصاياه، وتسلك في طرقه. † عندما تسقط في الخطية لا تكتفِ بالحزن، أو تركن إلى اليأس، بل قم سريعًا في رجاء، واطلب بتذلل أمام الله؛ ليرحمك، ويسامحك، بل يسندك بقوته؛ لتعوض كل ما فاتك، وبهذا لا يشمت إبليس فيك، ويفرح الله بتوبتك. (3) الاتضاع والتسبيح (ع14-17): ع14، 15: نَجِّنِي مِنَ الدِّمَاءِ يَا اَللهُ، إِلهَ خَلاَصِي، فَيُسَبِّحَ لِسَانِي بِرَّكَ. يَا رَبُّ افْتَحْ شَفَتَيَّ، فَيُخْبِرَ فَمِي بِتَسْبِيحِكَ. يطلب داود من الله أن يرفع عنه آثار خطيته، وهي دم أوريا الحثى الذي قتله، ودماء كل من قتلوا معه من الجيش. وأيضًا يقصد بالدماء كل من أعثروا من داود، وأولهم إمرأة أوريا الحثى، وكل من عرف خطية داود وأعثر منه. فهو يطلب أن يسامحه الله عن كل هذه الدماء؛ لأنه يثق أن الله يحبه، فيدعوه "إله خلاصى"، أي من يرعانى، ويهتم بخلاصى من كل خطية. فهو بإيمان، ورجاء عظيم، وبروح النبوة يرى المسيح، المخلص الحقيقي في ملء الزمان، الذي يخلصه، ويخلص البشرية من خطاياها. عندما يتنقى داود من الخطية، ويسامحه الله من آثارها، يستطيع أن يسبح الله البار، القدوس، الذي برره، وغفر له خطاياه. فيقف أمام الله، وينطق بكلمات التسبيح والتمجيد، التي تثبت إيمانه، وتملأ قلبه سلامًا. إن الخطية تغلق قلب الإنسان عن الله، وتسد أيضًا فمه، ولكن التوبة تعيد الإنسان إلى حالته الطبيعية، وينعم بنعمة الله، التي تفتح شفتيه، فينطلق في التسبيح، شاكرًا الله، الذي قبله، وسامحه. فالله هو المحرك لمشاعر وكلمات التسبيح في أولاده ومحبيه. ع16، 17: لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ. رغم التزام داود بالشريعة، وتقديم الذبائح - مثل ذبيحة الخطية، والإثم التي يقدمها الإنسان إذا أخطأ - ولكنه يوضح هنا أن تقديم الذبائح ليس كافيًا، ليس فقط لأنها رمز لذبيحة المسيح، ولكن لأن الله يشترط أن يصاحبها القلب المتضع التائب. فلو كان الحل هو تقديم الذبائح، لكان داود قد قدم الكثير منها، خاصة وأنه ملك، وقادر ماديًا على هذا، ولكنه يعلن بوضوح أن هذا وحده لا يرضى الله، بل يشترط الروح المنسحقة في توبة. ومعنى هذا أن الله يحتقر الذبائح الغير مصحوبة بالتوبة الحقيقية، ولكن يفرح باتضاع قلوب التائبين. عظمة الاتضاع هو في أنه ذبح للكرامة، وذبح لمشيئة الإنسان، واستعداد لاحتمال الإهانات، فالله يفرح جدًا بالقلوب المتضعة. وقد كمل الاتضاع في المسيح المنسحق في الصليب والآلام لأجل فدائنا، هنا تكمل مسرة الآب. † اطلب إليك يا رب أن تحرسنى من إعثار الآخرين، حتى لا أطالب بدمائهم. وأعطنى يا رب اتضاعًا لأحفظ وصاياك، وأقبل الآلام من أجلك، وحينئذ تحفظنى في يمينك من كل شر، وتملأ قلبى سلامًا وفرحًا. (4) العبادة المقبولة (ع18، 19): ع18: أَحْسِنْ بِرِضَاكَ إِلَى صِهْيَوْنَ. ابْنِ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ. صهيون: أهم الجبال الخمسة المبنية عليها مدينة أورشليم. ويستخدم اسم صهيون في كثير من المواضع للدلالة على مدينة أورشليم. بعدما ذاق داود حلاوة غفران الله له، طلب منه أن يبارك أورشليم برضاه عنها، ويبنى أسوارها، أي تصير مدينة قوية حصينة. وهذا يبين مدى محبة داود للمدينة المقدسة أورشليم، ومسكن الله الذي فيها. فهو يشعر بعضويته مع شعب الله، ويطلب من أجل كل المؤمنين الذين يعبدون الله في هذه المدينة المقدسة. يقصد أيضًا داود بصهيون وأورشليم نفسه، أي يطلب أن يباركه الله، ويحصنه ضد هجمات إبليس، ليثبت في محبة الله ويظهر الله إحسانه ورضاه في تجسده لفداء البشرية. وكذلك أيضًا يقصد بأورشليم كنيسة العهد الجديد، والأسوار هم الرسل، الذين حفظوا الإيمان وبشروا به العالم كله. ع19: حِينَئِذٍ تُسَرُّ بِذَبَائِحِ الْبِرِّ، مُحْرَقَةٍ وَتَقْدِمَةٍ تَامَّةٍ. حِينَئِذٍ يُصْعِدُونَ عَلَى مَذْبَحِكَ عُجُولًا. عندما يبارك الله أورشليم، مدينته المقدسة، وكل المؤمنين الآتين إليها، يفرح، ويتشجع هؤلاء المؤمنون، ويقدمون لله ذبائح البر والتقدمات الكاملة، أي مشاعر قلوبهم، وأفكارهم، وتسابيح خارجة من أفواههم، وأعمال بر تشهد لله، فيتمجد فيهم. بعدما تتحرك القلوب في طريق محبة البر، تصبح الذبائح "عجولًا" مقبولة، بل وتسر الله؛ لأنها صادرة من قلوب امتلأت بمحبته. يرى داود بروح النبوة كنيسة العهد الجديد، التي بعدما تمتعت بفداء المسيح، فيقدم المؤمنون فيها ذبائح البر وتقدمات قلوبهم الكاملة، بل تلهج ألسنتهم بتسبيح الله، وأعمالهم تمجده، وفى النهاية يقدمون عجولًا هي بذل حياتهم في الجهاد الروحي، والخدمة، ثم تكمل في الاستشهاد. † عبر عن محبتك لله -الذي يباركك كل يوم ببركات كثيرة- بتقديم ذبائح شفتيك، وهي صلواتك، وتسابيحك، ثم أكملها بأعمال الرحمة والخدمة؛ لأجل محبتك لفاديك الذي بذل حياته لأجلك. |
||||
30 - 05 - 2024, 11:23 AM | رقم المشاركة : ( 161957 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور التَّاسِعُ وَالأَرْبَعُونَ حتمية الموت لإمام المغنين . لبنى قورح . مزمور "اسمعوا هذا يا جميع الشعوب..." (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: بنو قورح. 2. مزمور حِكَمِي، أي مملوء بكلمات الحكمة، فهو يشبه أسفار أيوب، والأمثال، والحكمة، ويشوع بن سيراخ. 3. يوضح فكرة هامة، وهي أن الأغنياء المتعاظمين في الأرض ليسوا أفضل من الفقراء؛ لأن الكل نهايتهم واحدة وهي الموت. 4. يستنتج من هذا المزمور حكم ونصائح كثيرة أهمها: أ - أهمية الاستقامة في الحياة. ب- الاتكال على الله. ج - غربة العالم. 5. هذا المزمور هو المزمور الثامن من المزامير التي تحمل عنوان لبنى قورح وهي المزامير من (مز42-49) ويضاف إليها أربعة مزامير أخرى لبني قورح أيضًا هي (مز84، 85، 87، 88) فيكون إجمالى المزامير التي تحمل في عنوانها لبنى قورح اثنى عشر مزمورًا. 6. هذا المزمور غير موجود بالأجبية. |
||||
30 - 05 - 2024, 11:25 AM | رقم المشاركة : ( 161958 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اِسْمَعُوا هذَا يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ. أَصْغُوا يَا جَمِيعَ سُكَّانِ الدُّنْيَا، عَالٍ وَدُونٍ، أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، سَوَاءً. يدعو الكاتب كل الشعوب والساكنين في العالم، سواء كانوا عظماء، أو أدنياء، أغنياء، أو فقراء، أي جميع الشعوب، بما فيهم اليهود، أن يسمعوا وينصتوا باهتمام للحقائق التي سيذكرها في هذا المزمور. وبهذا يظهر أهمية ما سيقوله. |
||||
30 - 05 - 2024, 11:27 AM | رقم المشاركة : ( 161959 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فَمِي يَتَكَلَّمُ بِالْحِكَمِ، وَلَهَجُ قَلْبِي فَهْمٌ. أُمِيلُ أُذُنِي إِلَى مَثَل، وَأُوضِّحُ بِعُودٍ لُغْزِي. لهج قلبى: مشاعر متكررة تستحوذ وتسيطر. أميل أذنى: استمع باتضاع. يوضح الكاتب أن ما يعلنه في هذا المزمور هو حكم ونصائح نطق بها لسانه، وهي نابعة من مشاعر تتكرر في داخله. فهو يشعر بكل كلمة ينطق بها؛ لأنها حقائق هامة، ومفاهيم أساسية يحتاجها كل إنسان. الكاتب أيضًا يتضع، مستمعًا لخفقات قلبه، ثم يعبر عنها بمثل يؤكد الحقيقة التي يريدها؛ لأن الأمثال مؤثرة في السامع أكثر من الحقيقة المباشرة، ويسهل فهمها. ويوضح كذلك النصائح التي يعلنها وتبدو أنها خفية كاللغز، فيقدمها منغمة بمصاحبة آلة موسيقية، وهي العود، حتى يسهل قبول السامع لها. |
||||
30 - 05 - 2024, 11:27 AM | رقم المشاركة : ( 161960 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† ليتك تنصت باهتمام لكلمات الله، وإرشادات أب اعترافك، فهي صوت الله المباشر لك لتعمل به، فتحيا مطمئنًا، وتخطو خطوات ثابتة نحو الملكوت. |
||||