08 - 02 - 2017, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 16111 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس أفثيميوس المعترف، أسقف صرده (831) 26 كانون الأول شرقي (8 كانون الثاني غربي) أصله من أوزاريس المتاخمة لليكأونية. ترهب. كان قدوة في التواضع والصبر وسائر الفضائل. سيم شماساً ثم كاهناً. ذاع صيته فدعاه المؤمنون في صرده إلى تولي الأسقفية عليهم بعد وفاة أسقفهم. رفض وقاوم ثم رضخ. أقبل على رعاية شعبه بهمة كبيرة قاطعاً باستقامة كلمة حق. احتضن الفقراء احتضاناً كبيراً. اشترك سنة 787 م في المجمع المسكوني السابع دفاعاً عن الإيقونات. هو الذي لفظ بيان المجمع بشأن إكرامها. نفاه الإمبراطور البيزنطي نقفر الأول (903 -811م) إلى جزيرة بانالارا بعدما حمى فتاة هربت من أحد المسؤولين الكبار في القصر إذ شاء أن يتخذها زوجة له بالقوة. وكان القديس أفثيميوس قد ألبسها الخمار الرهباني ليحفظها. بقي في المنفى بضع سنوات عرضة لمعاملة البرابرة السيئة في الجزيرة. استُدعي إلى القسطنطينية سنة 814 م. رغب الإمبراطور ىون الخامس الأرمني (813 -820 م) أن يضمه عنوة إلى حزبه بعدما حمل على الإيقونات المقدسة من جديد. لم يشأ قديس الله، ولا للحظة، أن يخضع لرغبة الإمبراطور فحنق هذا الأخير عليه ورحّله إلى مدينة أصّون. عانى الكثير من أجل الرب يسوع. إثر موت لاون، عاد خلفه ميخائيل الثاني (820 -829 م) فاستدعاه إلى المدينة المتملكة علّه ينجح حيث فشل سلفه فلم يلق غير الخيبة. صرخ أفثيميوس في وجهه: "ليكن كل من لا يوقر صورة ربنا يسوع المسيح بحسب الجسد مقطوعاً!". شعر الإمبراطور بالمهانة فصب عليه جام غضبه ونفاه من جديد إلى رأس أكريناس، في الطرف الشرقي من البحر الأسود. حيث ألقاه في حبس مظلم ضيّق قذر. ثم أن الإمبراطور ثيوفيلوس (839 -842 م)، المحارب للإيقونات نظير سابقيه. استقدمه إلى عاصمة ملكه فوجده حديدي العزم لا يلين ولا يتنازل فأمر به فجلده عماله أربعمائة جلدة. ثم استحضره بعد أيام أيضاً واستجوبه فقال له أفثيميوس في وجهه، بحدة، أنه رجل كافر. عرّضه الإمبراطور للضرب دون هوادة. انهال عليه الجلادون بأعصاب البقر. كان صربهم له عنيفاً لدرجة أن جسد القديس، وهو ملطخ بالدم، انتفخ كالقربة. ثم ألقوه كالبهيمة في حبس قاتم. صعد ثمانية أيام كاملة وعانى من آلام مبرحة إلى أن استودع روحه يدي الله الحي في 26 كانون الأول سنة 831م. للحال جرت، بجسد القديس، جملة من العجائب والأشفية. بقيت رفاته في القسطنطينية بضعة قرون ثم انتقلت إلى الكريمية، عند البحر الأسود، إثر سقوط المدينة في يد الأتراك سنة 1452 م حمل سكان خيليا، في آسيا الصغرى، جمجمته كأثمن الكنوز إلى اليونان حيث استقر بهم المقام بعد الهجرة الجماعية للروميين الناطقين باليونانية من آسيا الصغرى. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 16112 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس استفانوس أول الشهداء ورئيس الشمامسة (القرن1م) 27 كانون الأول شرقي (9 كانون الثاني غربي) هو باب الشهداء وطريق القدّيسين وزعيم الاستشهاد الذي قدّس بجهاداته أقطار العالم، كما تقول عنه خدمتنا الليتورجية اليوم. اسمه معناه "تاج" أو "إكليل من الزهور". لذلك تقول عنه أنشودة إنه قُدِّم لسيِّد الكل، المولود على الأرض، إكليلاً فائق البهاء، ليس مصنوعاً من حجارة كريمة بل مزهراً من دمائه نفسها. وتقول عنه أنشودة أخرى أن الحجارة التي رُجم بها حصلت له درجات ومراق إلى الصعود السماوي. في تلك الأيام التي تلت نزول الروح القدس على التلاميذ، ازداد عدد المؤمنين وازدادت أعباء الرسل الاثني عشر لجهة توزيع حاجات الجسد على الجماعة. فلقد أخذ المؤمنون الأوائل يبيعون أملاكهم ويتقاسمون الثمن على قدر احتياج كل منهم بعدما أخذوا على عاتقهم أن يكون كل شيء بينهم مشتركاً (أعمال2). وكان الرسل يشرفون على هذا العمل. وإذ كانت الجماعة بعد متواضعة في حجمها سّهُل على الرسل التوفيق بين خدمة الكلمة وخدمة الموائد. ولكن بعدما كثر المؤمنون أضحى توزيع المؤن عملاً شاقاً، ولاحظ الرسل أنه بات يتم على حساب الصلاة والبشارة نفسها. كما أن المؤمنين من اليهود المتهلّنين بدأوا يتذمرون أن أراملهم كُنَّ يُغفل عنّهن في خدمة التوزيع اليومية. كل هذا دعا الرسل إلى تنظيم الخدمة على نحو أوفق، فاختارت الجماعة سبعة رجال مشهوداً لهم بالإيمان والتقوى، ممتلئين من الروح القدس، ولهم من الحكمة والدراية ما يسمح لهم بالقيام بعمل التوزيع اليومي على أفضل وجه ممكن. هؤلاء هم استفانوس وفيليبس وبروخورس ونيكانور وتيمون وبرميناس ونيقولاوس الدخيل الإنطاكي. وقد صلّى الرسل ووضعوا على المنتخبين الأيادي. أما استفانوس فكان المتقدم في الشمامسة، كما لاحظ الذهبي الفم، وكان رجلاً مملوءاً من الإيمان والروح القدس والقوة، يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب. وقد أثارت مواهبه حفيظة اليهود فاجتمع عليه عدد منهم، من الليبرتينيين، أي من اليهود المعتقين، ومن القيروانيين الليبيين ومن الإسكندريين ومن الذين من كيليكيا وأسيا الصغرى يحاورونه ويجادلونه فلم يتمكّنوا منه فاشتدّوا غيظاً ولجاؤا إلى الدس والافتراء لينالوا منه. وإذ اتهموه بأنه تفوه بكلام تجديف على موسى وعلى الله هيّجوا الشعب وحرّكوا الشيوخ والكتبة فقبضوا عليه وأوقفوه أمام مجمع السبعين وهو المجمع عينه الذي حكم على الرب يسوع بالموت. وكما أقام اليهود شهود زور على المعلم أقاموا على التلميذ، فانبرى منهم من اتهمه بأنه يتكلم ضد الموضع المقدّس والناموس ويدعو إلى تغيير عوائد موسى. وفي ردّ استفانوس على اتهامات العاقدين المفترين كان ممتلئاً من نور الرب حتى إن وجهه بدا كوجه ملاك. وقد بيّن لهم كيف أن إبراهيم، أب المؤمنين، تبرّر لدى الله وحظي بنعم عظيمة من دون الهيكل ومن دون أن يكون له ميراث أرض ولا وطأة قدم. كذلك كان الرب الإله مع يوسف وأنقذه من جميع ضيقاته فيما حسده رؤساء الآباء وباعوه إلى مصر. ثم كان موسى الذي قال لبني إسرائيل نبيا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم، له تسمعون. هذا أنكره الآباء قائلين له من أقامك رئيساً وقاضياً علينا، فيما جعله الله رئيساً وفادياً فأخرج إسرائيل من مصر بآيات وعجائب. وعاند الآباء فلم يشاؤوا أن يكونوا طائعين له بل دفعوه ورجعوا بقلوبهم إلى مصر، فجعلوا لهم بهرون آلهة يعبدونها من دون الله وظنّوا بموسى الظنون، فعاد الله وأسلمهم إلى نجاسة قلوبهم. ومع أن الله لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيدي لأن السماء كرسيّ له والأرض موطئ لقدميه فإن سليمان بنى له بيتاً. لكن إقامة الله وسط شعبه تتخطى البيت: "أي بيت تبنون لي يقول الرب وأي مكان هو مكان راحتي" (إشعياء 1:66). هذا وغيره دلّ دائماً ويدل على مقاومة اليهود، آباء وبنين، للروح القدس. لذلك لا يتردّد استفانوس في المجاهرة بإيمانه بالمسيح البار والحكم على اليهود بقساوة الرقبة ونجاسة القلب والأذن مثلهم مثل آبائهم. "كما آباؤكم كذلك أنتم. أيّ الأنبياء لم يضطهده آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه وقاتليه، الذين أخذتم الناموس... ولم تحفظوه". هذا القدر من الكلام الناري كان كافياً ليشعل في اليهود غيظاً شديداً فصرّوا بأسنانهم عليه وسدّوا آذانهم. وإذ شخص إلى السماء رأى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله فشهد قائلاً: "ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله". هذا كان عندهم قمة التجديف وعنده قمة الحق ومل ء الروح القدس. وقبل أن يلفظ المجمع حكماً عليه أدانه الحاضرون وهجموا عليه بنفس واحدة فأخرجوه خارجاً ورجموه مع أنه لم يكن لهم الحق، لا هم ولا مجمعهم، أن يقتلوا أحداً (يوحنا31:18). والذين شهدوا أنه جدَّف خلعوا ثيابهم عند رجلي شاول، الذي تسمى بولس فيما بعد، ليحفظها، ثم كانت أيديهم عليه أولاً ليقتلوه على حسب الوصية إن أيدي الشهود تكون على المجدِّف أولاً لقتله ثم أيدي جميع الشعب أخيراً (تثنية7:17). وإذ انهالت عليه الحجارة كالسيل سأل من أجل نفسه: "أيها الرب يسوع اقبل روحي" وسأل أيضاً من أجل قاتليه: "يا رب لا تقم له هذه الخطيئة"، فكان بذلك صدى لمعلمه لما سأل أباه من أجل قاتليه: "اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون". ولما قال استفانوس هذا أسلم الروح. كان رقاد استفانوس، على ما ورد في مصادر قديمة، في أواخر السنة نفسها التي صلّب فيها الرب يسوع. وثمة من يذكر أن ذلك حدث في السادس والعشرين من كانون الأول من تلك السنة. ويظهر إنه دُفن في مكان يبعد عشرين ميلاً عن أورشليم يدعى كفراغمالا. وقد حفر على قبره اسم خليال الذي يعني إكليل أي استفانوس. المعلومات في هذا الشأن أوردها باسيليوس سلفكيا(+459م) في عظة عن القديس استفانوس، وكذلك كاهن اسمه لوقيانوس كتب وقائع اكتشاف رفات القدّيس في القرن الخامس الميلادي. المعلومات التاريخية تفيد أن ذراعه اليمنى كانت في القسطنطينية في القرن الثاني عشر. وإن خمسة أديرة اليوم تدّعي أن عندها أقساماً من جمجمته بينها أديرة الضابط الكل وستفرونيكيتا واللافرا الكبيرة وكزينوفونتوس في جبل آثوس. وهناك قسم من رفاته في جنوى الإيطالية. من جهة أخرى ورد عند بعض آباء الكنيسة أن شارل الذي كان راضياً بقتل استفانوس وحارساً لألبسة الشهود عليه قد اهتدى وآمن بالرب يسوع بقوة الصلاة التي رفعها الشهيد من أجل قاتليه. أحدهم قال: "لو لم يرفع استفانوس الصلاة، ما كانت الكنيسة حظيت ببولس". هذا وتعيِّد الكنيسة المقدسة لاكتشاف رفات القديس استفانوس في 15أيلول ولنقلها إلى أورشليم ثم إلى القسطنطينية في 2 آب. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 16113 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار أثناسيوس أسقف ماثونه (حوالي 880م) 31 كانون الثاني غربي (13 شباط شرقي) ولد في صقلية. لجأت عائلته الى باتراس في البليوبونيز هربا من العرب المسلمين ترهب فتى ونسك لبعض الوقت, اختير رئيسا للدير رغم تمنعه صار فيما بعد أسقفا على ماثونه. كان مثال الفقر الانجيلي و راعياً ممتازاً. لما دنت ساعة موته حث اخوته على المحبة والمثول الدائم في الذهن امام عرش المسيح تحول ضريحه الى محجة ومصدر عجائب . |
||||
08 - 02 - 2017, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 16114 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار أفرآآت الفارسي (القرن4م) 29 كانون الثاني غربي (11 شباط شرقي) هو غير أفرآآت الحكيم , الكاتب الكنسي المعروف . كتب عنه ثيودوريتوس , أسقف قورس (الفصل 8 من تاريخ أصفياء الله). ولد و نشأ في فارس في كنف والدين وثنيين . عرف المسيح فآمن به . ترك عائلته و قصد مدينة الرها . اختلى في بيت بجوارها . تفرغ لحياة النسك و الصلاة . انتقل بعدها الى أنطاكية . كانت الآريوسية تعصف , آنذاك , بأرجاء الكنيسة . لم يكن أفرآآت يعرف اللغة اليونانية إلا قليلاً . اخذ يعبّر عن أفكاره بلغة نصفها فارسي , لكن كانت نعمة الله تؤازره بسيولها الغزيرة . جابة بقوة و فعالية حجج المتفلسفين . تراكض إليه الكبار و الصغار , المثقفون و الجهال , الفقراء و الأغنياء . أخذ الناس بالحكمة و الفهم الجاريين من فمه . لم يقبل , في أنطاكية , أن يخدمه أحد . اعتاد أن يستقبل الزوار عند باب الدار . لم يقبل من الناس العطايا . فقط أحد أصدقائه كان يأتيه بالخبز . و لما تقدم في السن أخذ يأكل الخضار بعد غروب الشمس . جاءه أحد الموظفين الكبار بهدية من بلاد فارس , حلة جديدة أنيقة , فلم يقبلها و لم يرفضها , بل قال للمعطي : " لقد أخذت على عاتقي , يا صاحبي , ألا أسكن إلا و رفيق واحد , و هو معي منذ 16 سنة , فهل يجوز لي أن أقبل آخر لمجرد أنه مواطني و أتخلى عن الأول؟ إني في حيرة من أمري . ماذا تراني أعمل؟ " , فأجاب الضيف : "ليس حسناً أن تصرف من خدمك كل هذه المدة و تتخذ لنفسك من لم تختبره لمجرد أنه من وطنك !" , فأجاب أفرآآت :"و أنت قلت ! سأعمل بنصيحتك . فاسمح لي ألا أقبل هذه الحلة من يدك لأني أفضّل ان أحافظ على ثوبي العتيق الذي خدمني كل هذه السنين ! " . في تلك الأيام , تولى فالنس قيصر الحكم , و كان آريوسياً و فترك أفرآآت السكينة جانباً و انضم الى صفوف المجاهدين من أجل الإيمان القويم . سلاحه كانت سيرة حياته و كلامه و عجائبه . فالنس كان يعرف أفرآآت لأنه اشتهر , فرآه مرة يسير على الشاطئ النهر فسأله : إلى أين أنت ذاهب ؟ فأجاب :لأصلي لأجل المسكونة و لأجل ملككّ , فقال له : و لكنك ناذر الحياة النسكية فكيف تترك مسكنك و تذهب إلى الساحة العامة ؟ , فأجابه افرآآت بمثل : قل لي , أيها الملك , لو كنتُ فتاة محصنة في بيتها و شاهدت إنساناً يلقي النار في بيت أبي , أأبقى في موضعي و أترك البيت تأكله النيران و انتظر أن تأتي عليّ أم أسرع صعوداً و نزولاً و أخمد الحريق ؟! لا تلمني , أيها الملك , إذا رأيتني أعمل الشيء نفسه . لُم نفسك بالأحرى لأنك وضعت النار في بيت الله . و قد أورد ثيودورييتوس ان فالنس لم يجرؤ على ارسال أفرآآت الى المنفى كما فعل بكثيرين لأنه خاف منه . لا سيما بعد أن قضى أحد خصيان الملك الثائرين على أفرآآت حرقاً بالماء المغلي , و بعدما شفى القديس حصان الملك إثر مرض ألمّ به . و قد ذكر ثيودوريتوس أنه عرف القديس حين كلن فتى و نال بركته . |
||||
08 - 02 - 2017, 06:28 PM | رقم المشاركة : ( 16115 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار أسحق السرياني (القرن7م) 28 كانون الثاني غربي (10 شباط شرقي) ورد في السنكسارات السلافية ولم يرد في السنكسارات اليونانية. ربما كان السبب الظن في أنه كان نسطوري الانتماء. من أعظم وأعمق من كتب في النسكيات. كتاباته خالية تماماً من أي أثر نسطوري. له في التراث الروحي الأرثوذكسي أثر لا يمحى. أجيال من الرهبان عاشت على مقالاته، و كذلك من غير الرهبان. معلوماتنا عن سيرته محدودة. له في السريانية سيرتان مقتضبتان. يبدو أنه ولد في منطقة قطر على الخليج الفارسي. كانت قطر في زمانه، أي في القرن السابع الميلادي. مركزاً مسيحياً مهماً. وقد أعطت الكنيسة عدداً من الكتبة البارزين. ترهب أسحق و صار معلماً في وطنه. أول الأمر، و لعله انتقل بعد ذلك إلى جبال خوزستان إثر انشقاق حدث بين بطريركية سلفكية، ستيزيفون و أساقفة قطر. و لا بد أن يكون قد عاد إلى قطر بعدما سوي الأمر وزار الكاثوليكوس جاورجيس المنطقة، سنة 676م. أخذه الكاثوليكوس معه وجعله أسقفاً على نينوى (الموصل) في بلاد ما بين النهرين. تخلى عن الأسقفية واعتزل بعد خمسة أشهر. السبب، حسب أحد المصادر، لا يعلمه إلا الله. مصدر آخر أورد أن رجلين اقتضيا عنده، دائن و مديون، الدائن طلب ماله والمديون مهلة. فلما أشار أسحق إلى الكتاب المقدس وسأل الدائن الصبر على أخيه. انفعل صاحب المال ورد قائلاً: ضع الكتاب المقدس جانباً و ألزمه برد المال! فقال إسحق في نفسه: إذا لم يكن الكتاب المقدس بيني وبينهم فما لي و إياهم؟! فقام إلى الكاثوليكوس و التمس إعفاءه من الأسقفية فأعفاه.بعد ذلك، يبدو أنه اعتزل في جبال خوزستان بجوار نساك آخرين. ثم لما تقدم في أيامه انتقل إلى دير مجاور هو دير ربان شابور. ليس تاريخ وفاته معروفاً. أحد المصادر يذكر أنه أصيب بالعمى في سنواته الأخيرة. يظن الدارسون أن كتاباته وضعها في شيخوخته. ربما كان ذلك في العقد الأخير من القرن السابع الميلادي. إحدى سيرتيه تذكر أنه ترك للرهبان خمسة مجلدات إرشادية. هذا معناه أن أكثر ما ترك ذاع. مقالاته المتبقية تقع في قسمين جُمعا بعد موته. نسخها رهبان سريان وتناقلوها. نقل شقاً منها إلى اليونانية. في القرن الثامن أو التاسع، راهبان من رهبان دير القديس سابا في فلسطين. تضمن هذا الشق في السريانية اثنين وثمانين مقالة. الشق الثاني جرى الكشف عنه في هذا القرن وهو يتضمن أربعين مقالة إضافية، أبرزها أربع مئويات حول المعرفة. ينسب إليه أيضاً كتاب يعرب بـ "كتاب النعمة" وهو عبارة عن سبع مئويات، لكن نسبته مشكوك فيها. من أقواله: سُئل القديس أسحق ما هي التوبة؟ هي القلب المنسحق المتواضع وإماتة الذات إرادياً عن الأشياء الداخلية والخارجية. ومن هو رحيم القلب؟ فأجاب: هو الذي يحترق من أجل الخليقة كلها: الناس والطيور والحيوانات والشياطين وكل مخلوق، الذي تنسكب الدموع من عينيه عند تذكرها أو مشاهدتها. هو من ينقبض قلبه ويشفق عند سماع أو مشاهدة أي شر أو حزن يصيب الخليقة مهما كان صغيراً، لذلك فهو يقدم صلاته كل ساعة مصحوبة بالدموع من أجل الحيوانات وأعداء الحقيقة وحتى من أجل الذين يؤذونه كي يحفظهم الله ويغفر لهم، ويصلي أيضاً من أجل الزحافات. إن قلبه يفيض بالرحمة فيوزعها على الكل دون قياس كما يفعل الله. وسئل أيضاً: كيف يقتني الإنسان التواضع؟ فأجاب: يتذكر خطاياه على الدوام وترقب الموت واختيار المكان الأخير وقبوله أن يكون مجهولاً وألا يفكر في شيء دنيوي.... وسئل أيضاً: ما هي الصلاة؟ فأجاب: إنها إفراغ الذهن من كل ما هو دنيوي واشتياق القلب للخيرات الآتية (المقالة 81). |
||||
08 - 02 - 2017, 06:30 PM | رقم المشاركة : ( 16116 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس الشهيد الجديد أثناسيوس أتاليا المستشهد في إزمير (1700م) 7 كانون الثاني غربي (20 كانون الثاني شرقي) أقام في إزمير واعتاد الاحتكاك بالأتراك واحتمال تحقيراتهم بشكلٍ يومي، ومرةً وبدون انتباه خرجت من فمه القولة الإسلامية: "لا إله إلا الله" فسمعه بعض الأتراك فاستقاوه إلى القاضي مدعين إشهار إسلامه، لكن قديسنا أنكر ذلك وأن كل ما تفوه به ما هو إلا صيغة كلامية عامة، ويقصد بها الإله الذي يؤمن به هو كمسيحي. أُودع السجن وتعرّض للضرب والتعذيب، ومع هذا لم يتزعزع إيمانه بل بقي ثابتاً، إلا أن عيل صبر القاضي فقطع رأسه وألقاه للكلاب التي تمسه إلى جاء بعض الأتقياء وأخذوه بعد ثلاثة أيام، واره الثرى بلياقة |
||||
08 - 02 - 2017, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 16117 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار اوستراتيوس العجائبي (القرن9م) 9 كانون الثاني غربي (22 كانون الثاني شرقي) ولد اوستراتيوس في ترسيا من أعمال بيثينيا وقيل في طرسوس. نشأ في كنف والديه على التقوى. لما بلغ العشرين من العمر التهبت فيه محبة الله واجتاحه رغبة لا تخبو لتكريس نفسه له. خرج إلى دير الأغوار، قريباً من مدينة بروس. هناك كان خالاه باسيليوس وغريغوريوس راهبين لامعين في النسك والفضيلة. غريغوريوس كان رئيس الدير. فطلب اوستراتيوس من خاله أن يضمه إلى مصاف المنظور إليهم كملائكة أرضيين. لفت غريغوريوس ابن أخته إلى أن الحياة الرهبانية ليست سوى عنف متواتر يوقعه الراهب على طبيعته البشرية وأن حمية الفتوة لا تكفي بل يحتاج المرء في هذا المسرى إلى المثابرة والبسالة في معارك متواصلة ضد الأهواء والأبالسة. فوقع اوستراتيوس باكياً عند قدمي خاله وقال له: "مع أني لا أستأهل مثل هذه النعمة فإن الله دعاني إليها. من غيره كان يمكن أن يشعل في قلبي، طيلة هذا الزمان، شعلة الحياة الرهبانية وأن يعطيني القوة على التخلي عن والدي؟ إن الله الذي قادني إلى هذا المكان هو يعطيني قوة الغلبة على كل التجارب". أمام هذا الإصرار، قبل غريغوريوس ابن أخته وألبسه الثوب الرهباني. كرس طالب الرهبنة الجديد نفسه للطاعة وخدمة الإخوة بتواضع قلب. تخلى عن مشيئته الذاتية بالكامل وأخذ يكشف لأبيه الروحي كل فكر يخطر بباله حالما يطرأ. وإذ نبذ كل قنية، لم يحتفظ لنفسه إلا برداء من الصوف والمسح كان يتمدد عليه متى احتاج إلى قليل من الراحة لأنه لم تكن له قلاية. طيلة حياته الرهبانية لم يتمدد على ظهره ولا رقد على جنبه الأيسر. كان يحفظ الصحو على الدوام ممتداً أبداً إلى الأمام. وقد حقق تقدماً سريعاً وسيم كاهناً. ثم بعد وفاة غريغوريوس خاله واوستاتيوس خلفه الذي كان أحد أقربائه أيضاً، وقع اختيار الإخوة الرهبان عليه ليكون رئيساً لهم. في ذلك الوقت، عام 813م، أثار لاون الأرمني موجة جديدة من الاضطهاد للإيقونات المقدسة. وقد دفعت تدابيره كثرة من المؤمنين إلى ترك بيوتهم وأديرتهم، لاسيما الرهبان، ليبحثوا لأنفسهم عن ملاذ في الجبال والقفار أو ليرتحلوا إلى مناف بعيدة. وإذ لم يعد بإمكان اوستراتيوس أن ينكفئ في إحدى مغاور جبل الأوليمبوس، وجد لنفسه ملجأ لدى بعض كبار نساك العصر، خصوصاً لدى صديقه القديس يوانيكيوس الكبير الذي نعيد له في الرابع من تشرين الأول. ثم بعدما عبر بالقسطنطينية وتعرض للسجن وإساءة المعاملة، عاد إلى موطنه. لكن لم يتمكن من إعادة جمع شمل رهبانه واسترداد زمام ديره إلا بعدما استتبت الأرثوذكسية من جديد عام 842م. كان القديس اوستراتيوس مثالاً حياً لكل الفضائل الرهبانية. خلال النهار كان ينفق نفسه والإخوة بلا كلل في الأشغال اليدوية، فيما اعتاد قضاء القسم الأكبر من ليله في السجود والصلاة. أثناء خدمة السحر، كان ينتصب واقفاً في الهيكل مردداً في نفسه من أول الخدمة إلى آخرها بحرارة: "يا رب ارحم..." كما كان يزور المناسك التابعة للدير ويفتقد الإخوة الرهبان ويشددهم. ثم في طريقه إليهم كان لا يتردد في إعطاء ردائه لمحتاج أو حصانه لجندي ضيع دابته. مرة بذل الثور الوحيد الذي كان في الدير لفلاح فقد ثوره وصار إلى حال بائسة. ومرة أخرى عاد من القسطنطينية بمال قدمه إليه الإمبراطور مساعدة للدير، فلم يتردد في توزيعه على الفقراء في تلك النواحي. وإذ التقى، ذات مرة، رجلاً يئس من خلاص نفسه لكثرة خطاياه وهم بقتل نفسه، أخذ بيده وجعلها على عنقه قائلاً: "ليستقر ثقل خطاياك علي من هذه اللحظة يا ولدي، وأنا أجيب عنها في يوم الدينونة. أما أنت فلم يبق لك سوى أن تلقى عنك هذا الوزر وتضع رجاءك على الله". إلى ذلك شفى اوستراتيوس، بصلاته، المرضى وأقام الموتى وأطفأ حريقاً شب في مكان واجترح جملة عجائب باسم الله. وفيما كان عابراً على المياه إلى القسطنطينية لأخر مرة في حياته، اصطدم المركب بصخرة فأحدث الاصطدام فيه تشققاً وأخذت المياه تتسرب إليه. لم يلاحظ أحد غير اوستراتيوس ما حدث، وإذ به يصلي فيتوقف تسرب المياه. وما إن وصل المركب إلى المرفأ حتى نزل الجميع وكان اوستراتيوس آخر النازلين. فبعدما نجوا امتلأ المركب ماء وغرق. أخيراً بلغ القديس نواحي ديره فأحس بأجله يدنو فبعث في طلب الإخوة. فلما اجتمعوا إليه وعظهم أن يبذلوا كل ما في وسعهم لينالوا الخيرات الأبدية في أمانة للتراث المقدس. ثم رفع ذراعيه وعينيه إلى السماء وأسلم الروح. كان قد بلغ الخامسة والتسعين. وكان قد صار له في الرهبنة خمسة وسبعون عاماً. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:50 PM | رقم المشاركة : ( 16118 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار انطونيوس الكبير أبو الرهبان (+356م) 17 كانون الثاني شرقي وغربي كتب سيرة أبينا البار القديس أنطونيوس الكبير رئيس أساقفة الإسكندرية القديس أثناسيوس الكبير. وجّهها لمنفعة الرهبان بناء لطلبهم. كما ورد بعض أخباره في مصادر أخرى. ميلاده ونشأته ولد القديس أنطونيوس في قرية صغيرة في صعيد مصر تدعى كوما قرابة العام 250م. كان أهله من أعيان البلد، ذوي ثروة يعتدّ بها، مسيحيّين فنشأ على التقوى. وكانت له أخت أصغر منه سنّاً. اعتاد ملازمة البيت إلا للضرورة أو للخروج إلى الكنيسة. ولمّا يشأ أن يحصّل العلم الدنيوي تجنّباً للخلطة بالناس. لكنه كان يصفي جيِّداً لما يُقرأ عليه ويحفظه في قلبه. سلك في بساطة وامتاز بكونه رضيّاً وعفّ عن الملذات. لما توفّي والده تأمّل فيه وقال: تبارك الله! أليست هذه الجثّة كاملة ولم يتغيّر منها شيء البتة سوى توقّف هذا النفس الضعيف؟! فأين هي همّتك وعزيمتك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال؟! ثم أردف: إن كنت أنت قد خرجت بغير اختيارك فلا أعجبنّ من ذلك بل أعجب أنا من نفسي إن عملتُ مثل ما عملت أنت. وقد ذكر القدّيس أثناسيوس الكبير أنه ترك العالم بعد وفاة أبيه بستّة أشهر. فيما ذكرت مصادر أخرى أنه ترك والده بغير دفن وخرج يهيم على وجهه مخلّفاً وراءه ما كان له من مال وأراضٍ وخدم. لسان حاله كان: ها أنا أخرج من الدنيا بإرادتي كيلا يخرجوني مثل أبي رغماً عنّي. عمره، يومذاك، كان ثمانية عشر أو ربما عشرين ربيعاً. رهبنته انصرف أنطونيوس إلى النسك متأمّلاً في ذاته، متدرِّباً على الصبر. لم يكن في بلاد مصر يومذاك أديار. فقط بعض الشيوخ كان يتنسّك، هنا وثمّة، في مكان قريب من بيته أو قريته. فتّش أنطونيوس عن مثل هؤلاء في جواره فوجد بعضاً. كان منهم، على حد تعبير القدّيس أثناسيوس، "كالنحلة الحكيمة" لا يرجع إلى مكانه إلا بعدما يراهم ويتزوّد لديهم بما ينفعه في طريق الفضيلة. يتعلّم من الواحد الفرح ومن الآخر الصلوات الطويلة. من هذا التحرّر من الغضب ومن ذاك الإحسان. يأخذ عن فلان السهر وعن فلان الصبر وعن فلان النوم على الأرض. لاحظ وداعة هذا وطول أناة ذاك، وتشدّد بإيمان هذا ومحبة ذاك. ملاك يزوره كان أنطونيوس جالساً في قلايته، يوماً، فاستبدّ به روح ملل وصغر نفس وحيرة فضاق صدره وأخذ يشكو إلى الله حاله قائلاً: أحبّ يا رب أن أخلص، لكن الأفكار لا تتركني، فماذا أعمل؟ فجأة رأى إنساناً جالساً أمامه يلبس رداء طويلاً، وهو متّشح بزنّار صليب كالإسكيم الرهباني، وعلى رأسه قلنسوة. وأخذ الرجل يضفر الخوص. ثم قام للصلاة. ثم جلس من جديد وأخذ يعمل في ضفر الخوص وهكذا دواليك. كان هذا ملاكاً من عند الله جاء يعزّي القدّيس ويقوّيه ويعلّمه. لذلك قال له: "اعمل هكذا تسترح!". من ذلك الوقت، اتخذ أنطونيوس الزيّ الذي رأى الملاك متّشحاً به وصار يصلّي ويعمل على الوتيرة التي رآه يعمل بها، فاستراح بقوة الرب يسوع. صلاة وعمل وسماع كان أنطونيوس يصلّي باستمرار ويعمل بيديه. أما عمله فكان يبيعه ويستعين بالمحصلة لتأمين حاجة نفسه إتماماً لما قيل "بعرق جبينك تأكل خبزك". أما الباقي فكان يوزّعه على الفقراء. إلى ذلك كان يصغي إلى تلاوات الكتاب المقدّس ما وسعه إلى ذلك سبيلاً ويجهد حتى لا يسقط شيء مما يتلى على الأرض. همّه كان أن يحفظه ليكون في ذاكرته بديلاً عن الكتاب المقدّس. هجمات شيطانية لم ترق غيرة أنطونيوس لعدو الخير فأخذ يتصدّى له بقوة متزايدة. أخذ يذكّره بالممتلكات التي خلّفها وراءه ليبثّ فيه الأسى، وبأخته التي أهملها ليشعره بالذنب. عظّم لديه حلاوات مودّة الأقرباء وأطايب العيش. لو بقي في قومه لنفعهم وكان فيهم سيِّداً. نفخ فيه الشرّير روح المجد الباطل. ذكّره، بالمقابل، بصعوبات الفضيلة وجهاداتها. لفته إلى ضعف جسده وطول المدة التي ينبغي عليه تمضيتها في أتعاب قد لا تتمخّض في النهاية عن شيء. وشوش له أن جهده هذا مضيعة للوقت فيما الشباب يعبر ولا يعود. أثار في ذهنه الأفكار القبيحة ودغدغه في جسده وظهر له في الليل بهيئة امرأة لعوب. كل هذا وغيره قاومه أنطونيوس بالثبات والعزم والإيمان بالله والصلاة المستمرة والصوم وذكر الموت والنار والدود. وبنعمة الله غلب. لم يطق عدو الخير غلبة الشاب عليه. أخذ يصرّ بأسنانه وكأنه خرج من طوره. أخذ يظهر له في الخيال كعبد أسود. كفّ عن مهاجمته بالأفكار واتخذ صوتاً بشرياً. سأله أنطونيوس من أنت؟ فقال: أنا صديق الزنى. أنا من ينصب فخاخ الزنى ويثير الدغدغة في الشباب. أنا روح الزنى. فاعتصم أنطونيوس بالله وواجه الشيطان بشجاعة قائلاً: أنت تستحق كل احتقار! أنت مظلم العقل وعديم القوة! مثلك مثل ولد صغير! لن أهتمّ لك بعد اليوم لأن معيني الرب. فلم يعد الشيطان يجسر على الدنو منه. غادره بأصوات مخنوقة من الخوف. تحصينه لنفسه: لم يظهر أنطونيوس أي تكاسل أو تراخ لانتصاره على الشيطان. كان يعرف أن الشيطان لا بدّ أن يعيد الكرّة وبطرق أخرى "لأن الشيطان ربيب الخطيئة". لهذا السبب زاد أنطونيوس من قسوته على نفسه. فكثيراً ما كان يمضي الليل ساهراً في الصلاة. لا يأكل سوى مرة واحدة في اليوم، بعد غروب الشمس، أحياناً كل يومين وأحياناً كل أربعة أيام. طعامه كان الخبز والملح والماء. لا ينام إلا قليلاً على الأرض، ولا يمتّع نفسه بأية لذّة جسدية. يبدأ حياته النسكية من جديد كل يوم وكأنه أول يوم له في النسك. همّه كان أن يظهر أمام الله طاهر القلب، مستعداً للسلوك في مشيئته بكل قواه. بين القبور ولكي يضيِّق أنطونيوس على نفسه طلب السكنى في قبر، بعيداً عن القرية. طلب من أحد معارفه أن يأتيه بالخبز. أغلق عليه صاحبه الباب وانصرف. فاهتاج الشيطان وأبالسته وكأن أنطونيوس جاء يهاجمه في عقر داره، في مقر الموت. فانقضّ عليه، ذات ليلة، وجرّحه كثيراً حتى سقط على الأرض. كان الألم عليه شديداً، أشدّ من ضربات الإنسان بمقادير، ولم تعد فيه قوة على الكلام. لكن، بعناية الله، أتى صاحبه في اليوم التالي يحمل الخبز. فلما فتح الباب رآه مطروحاً على الأرض كالميت فحمله إلى كنيسة القرية حيث تحلّق حوله الناس تحلّقهم حول رجل ميت. لكنه استردّ وعيه في نصف الليل. وإذ وجد الجميع نياماً إلا صاحبه أشار إليه بأن يعود به إلى القبر. لم يقوّ أنطونيوس في القبر على الوقوف. استلقى على الأرض وأخذ يصلّي. ثم صرخ بقوة: أنا هو أنطونيوس! أنا هنا! لن أهرب من جراحاتكم! لا شيء يفصلني عن محبة المسيح. إني ولو اصطفّ عليّ عسكر فإن قلبي لا يخاف (مزمور26). فجمع الشيطان كلابه وهاجمه من جديد. بدا المكان كما في زلزلة وبدت الجدران مفتوحة والأبالسة تدخل وتخرج منها بشكل حيوانات متوحّشة وزحّافات. ثم أخذت تصوّر له وكأنها تنقضّ عليه لكنها لم تقترب منه ولا مسّته بأذى. غير أن ضجيج الأشباح كان مخيفاً وغضبهم عنيفاً. الضغطة عليه قوية كانت. ألمه الجسدي كان شديداً. بدا كأنه يُجلد ويُنخس. لكنه كان صاحياً، ساهراً، ساكن القلب. قال وهو يهزأ بالشياطين: لو كنتم تملكون القوة لكفاكم أن يأتي عليّ حيوان واحد منكم، لكن الرب جعلكم عديمي القوة! وإذ رفع أنطونيوس نظره إلى سقف المقبرة رآه ينفتح شيئاً فشيئاً. وإذا بشعاع من النور ينزل عليه. فجأة اختفت الشياطين وزال ألم جسده وعاد البناء كما كان. فتنفّس أنطونيوس الصعداء وأدرك أنّه ربّه في النور فسأله: أين كنت؟! لماذا لم تظهر قبل الآن لتريحني من العذاب؟ فأتاه صوت يقول له: كنت هنا يا أنطونيوس. كنت انتظر جهادك. وبما أنك صبرت ولم تُهزم فسأكون لك عوناً على الدوام وسأعمل ليكون اسمك معروفاً في كل مكان. فلما بلغه الصوت تقوّى فنهض وصلّى وأحسّ بجسده أكثر قوة من ذي قبل. عمره، يومذاك، كان خمسة وثلاثين عاماً. إلى الصحراء بعد ذلك خرج أنطونيوس إلى الصحراء. لم يتخلّ الشيطان عن ألاعيبه. جعل له في سبيله قرصاً فضياً كبيراً وذهباً كثيراً فجاز بالكل وهو عالم أنه من الشرّير لإعاقته وإلهائه. ولما وجد عبر النهر حصناً مهجوراً مليئاً بالزحّافات عبر إليه وسكن فيه فهربت الزحّافات. أقفل على نفسه عشرين سنة لا يقبل الخبز إلا مرتين في السنة من السقف. فلما رغب قوم في الاقتداء به في نسكه أتوا وفتحوا الباب عنوة فخرج إليهم كمن هيكل الله، فتعجّبوا لأنهم رأوه في حالته المعتادة. لا ترهّل ولا ضعف. كان عقله راجحاً وحالته طبيعية. لم يكن عابساً ولا ضاحكاً. وقد أعطى الرب الإله بواسطته الشفاء لعدد كبير من المرضى الحاضرين وطهر آخرون من الشياطين. كما أعطاه الرب نعمة كبيرة في الكلام فعزّى الحزانى وصالح المتخاصمين. قال لهم: ينبغي ألا نصنع في العالم شيئاً أرفع من محبة المسيح. حثّهم على تذكّر الخيرات الآتية ومحبة الله للإنسان، وأقنع الكثيرين باختيار حياة التوحّد. هكذا نشأت الأديار على الجبال واستحالت الصحراء مدينة. من خبرته كلّم القديس أنطونيوس جماعة من الرهبان، مرة، قال: الكتاب المقدّس كاف للتعليم؛ لكن، حسناً أن يشدّد الواحد الآخر في الإيمان وأن نطيِّب النفس بالكلام الروحي. لا نفكِّرن في الرجوع إلى الحياة الدنيا بعد أن خرجنا منها. لا نقل إننا عتقنا في الحياة النسكية بل ليزد حماسنا وكأننا نبدأ كل يوم. كل ما في العالم نقايضه بشيء يساويه، أما وعد الحياة الأبدية فيُشرى بسعر بخس. إذا ما تركتم بيتاً أو ذهباً فلا تفتخروا ولا تكتئبوا. ما لم نكفر بكل شيء من أجل الفضيلة فسنتركه حتماً ساعة يأتي الموت، وعلى الأرجح لأناس لا نريدهم. لنثبت في نسكنا كل يوم عالمين أننا إن تهاونّا يوماً واحداً فلن يسامحنا الله بسبب ماضينا الحسن بل سيغضب علينا لتهاوننا. إذا ما عشنا وكأننا نموت كل يوم فلن نخطأ. لنجاهد ناظرين دائماً إلى يوم الدينونة لأن الخوف والصراع ضد التجارب يحبطان سهولة اللذّة وينهضان النفس الساقطة. لا تخافوا عندما تسمعون عن الفضيلة لأنها ليست ببعيدة عنا وليست خارج أنفسنا بل فينا. الفضيلة أمر سهل يكفي أن نريده. روحانية النفس من طبيعتها، أي أن تكون مستقيمة كما خُلقت. اكتساب الفضيلة صعب عندما نضطر للبحث عنها خارج أنفسنا. أما إذا كانت فينا فلنحفظ أنفسنا من الأفكار الدنسة. لنجاهد كي لا يطغى علينا الغضب ولا تتسلّط علينا الشهوة. أعداؤنا مرعبون وخدّاعون وصراعنا هو ضدّهم. جمهرتهم كثيرة في الجو وهي ليست بعيدة عنا وأنواعها متعدّدة. يريدون إعاقتنا عن الارتفاع إلى السماوات حسداً لأنهم من هناك سقطوا. نحتاج إلى الصلاة الكثيرة والنسك لنحصل من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح. يجب على كل واحد منا أن يصلح سواه وفق خبرته مع الشياطين. لا تخافوا من هجماتهم لأنهم يُهزمون حالاً بالصلوات والأصوام والإيمان بالرب. لكنهم لا يتوقّفون عن الهجوم. يقتربون بغش وخبث، بالشهوة الدنسة، بالخيالات. لا نرتعب من الخيالات. ليست هي بشيء وتختفي بسرعة. يكفي الإنسان أن يحمي نفسه بالإيمان وإشارة الصليب. الشياطين وقحون جداً. هكذا يظهر رئيس الشياطين: "عيناه كهدب الصباح. من فمه تخرج مصابيح مشتعلة. شرار نار يتطاير منه. من منخاريه يخرج دخاناً كما من قدر منفوخ أو من مرجل. نَفَسُه يشعل كالجمر واللهيب يخرج من فمه" (أيوب4). يرعب ويتكلم بفخر واعتزاز. علينا ألاّ نخاف من ظهوراته ولا نأبه لكلماته لأنه كاذب ولا يتكلّم بالصدق أبداً. والمخلّص قبض عليه بصنّارة ووضع الرسن في فكّه كالدابة وكهارب أوثق منخره وثقب شفتيه. أوثقه الرب حتى نسخر منه. والشياطين قادرة على أن تأخذ الشكل الذي تريده. فكثيراً ما تتظاهر، وهي مختفية، بأنها ترتّل أو تتلو أقوالاً من الكتاب المقدّس. أحياناً تردّد ما نقرأه وكأنها صدى. تارة تنهضنا للصلاة كي لا ننام. تفعل هذا باستمرار لتمنع عنا النوم. تتخذ أحياناً شكل الرهبان وتتكلّم بتقوى لتخدعنا. تجرّ الذين خدعتهم إلى حيث تريد. لذلك لا نصغينّ إليها حين تنهضنا للصلاة وحين تنصحنا بألا نأكل أبداً وتتهمنا وتوبُخنا في أمور وافقتنا فيها سابقاً. والشياطين تسعى لتقود المستقيمين إلى اليأس، مظهرة لهم إن الحياة النسكية غير نافعة. تثير فيهم الاشمئزاز وتجعلهم يظنون أن الحياة الرهبانية حمل ثقيل. ومع أن الشياطين اعترفت بالحقيقة للرب: "إنك أنت ابن الله" (لوقا4) فقد أغلق أفواهها وأعاقها عن الكلام خوفاً من أن تزرع الشر مع الحق، ومن أن نألفها ونصغي إليها، حتى ولو نطقت بالحق. فمن غير اللائق أن نتعلّم من الشيطان الذي لم يحافظ على مركزه. وبما أن الشياطين لا تقدر على شيء فإنها تلجأ إلى التهديد، إذ لو كانت ذات قوة لما تردّدت في ارتكاب الشر حالاً ولما تركت مسيحياًَ واحداً على قيد الحياة. السلاح الكبير ضد الشياطين هو حياة مستقيمة وإيمان بالله. فهي تخاف صوم النسّاك وسهرهم وصلواتهم ووداعتهم وسكينتهم وعدم محبّتهم للفضّة وكرههم للمجد الباطل واتضاعهم ومحبّتهم للفقراء وإحساناتهم وعدم غضبهم، وقبل كل شيء إيمانهم بالمسيح. وإذا ما تظاهرت الشياطين بالنبوءة فلا تبالوا بها. إنها لا تعرف الأمور التي لم تحدث. وحده الله يعرف كل شيء قبل حدوثه. للشياطين أجساد أكثر خفّة من أجساد الناس لذلك تسرع وتخبر بأشياء حدثت بالفعل. وهي لا تفعل هذا حباً بالناس بل لتقنعهم بأنها قادرة فيثقوا بها؛ ومتى ملكتهم انقضّت عليهم وأهلكتهم. وهي تقوى على التخمين ولا تقوى على المعرفة المسبقة. فلا نعجبنّ بها ولو تكلّمت بالصدق أحياناً. ثم ماذا ينتفع الذين يصغون إلى الشياطين إذا ما عرفوا المستقبل قبل أيام؟ المعرفة لا تصنع الفضيلة ولا هي علامة الخُلق الصالح. لا يدان أحد لأنه يجهل المستقبل ولا يُطوَّب لأنه يعرفه. بل سيحاكم المرء على صونه الإيمان وحفظه الوصايا. لا نتعبنّ للحصول على معرفة المستقبلات بل لإرضاء الله بسيرتنا. وأنا أؤمن أن النفس المتطهِّرة من الأفكار الشرّيرة والمحافظة على الطبيعة التي خلقها الرب فيها تقدر أن تكون رائية أكثر مما يرى الشيطان، لأنها تملك الرب الذي سيعلن لها كل شيء. أما كيف نفرِّق الأرواح الشرّيرة عن الأرواح الصالحة فالرب يعطينا قوة التمييز بينها. لا يكون ظهور الأرواح الصالحة مرعباً بل هادئاً. تخلق فرحاً في النفس وشجاعة. والأفكار التي تولّدها تبقي النفس غير متزعزعة إلى أن تنيرها من هذا الفرح فتعرف. والأرواح الصالحة تطرح الخوف بالمحبة التي تظهرها كما فعل الملاك الذي ظهر للنسوة عند قبر الرب وعندما ظهر للرعاة. أما هجوم الأرواح الشرّيرة وظهورها الخيالي فترافقه جلبة وضربات وأصوات وصراخ كهجوم الأولاد الأشرار واللصوص. ومتى ظهرت ساد الرعب واضطراب النفس وتشويش الفكر والتهجّم والتهامل والحزن وتذكّر الأقرباء وخوف الموت. وفوق ذلك نتجت رغبة في الشر وكسل في اكتساب الفضيلة واضطراب في الخُلق. إذا رأيتم روحاً واعتراكم الخوف أولاً ثم حلّ محل الخوف فرح لا يُعبّر عنه وحماس وشجاعة وإقدام ومحبّة لله فتشجّعوا وصلّوا للرب. أما إذا رأيتم أرواحاً أثارت فيكم اضطراباً وضربات خارجية وتخيّلات دنيوية وتهديداً بالموت فاعلموا أن هذا هجوم من الأرواح الشرّيرة. وتكلّم القديس أنطونيوس عن نفسه، قال: كم من مرة طوّبتني الشياطين وباسم الرب أبدتها! أتت مرّة في الظلام حاملة نوراً خيالياً وقالت: أتينا لننيرك يا أنطونيوس فأغلقت عينيّ وصلّيت فانطفأ نور الأشرار للحين. أتتني ترتّل وتتفوّه بآيات كتابية فكنت كأصمّ لا يسمع! ظهر لي مرة شيطان متعظّم طويل القامة جداً وتجرّأ على القول: أنا هو قوّة الله، أنا هو العناية الإلهية، ماذا تريد أن أعطيك!؟ أما أنا فذكرت اسم المسيح وبصقت عليه وأعتقد بأني لطمته. وحالما سمع اسم المسيح اختفى ومن معه. مرة كنت صائماً فأتاني الشيطان كراهب وفي يده خبز خيالي وقال لي: كلْ وكفّ عن العذابات الكثيرة. أنت إنسان وسوف تمرض! فأدركت حيلته ونهضت للصلاة فاختفى للحين. عندما تأتي الشياطين إلينا فإنها تعاملنا بحسب حالتنا النفسية مكيِّفة التخيلات التي تثيرها وفق أفكارنا وتفعل بمغالاة ما تجدنا مفكّرين فيه. فإذا وجدتنا خائفين أكثرت التخيّلات والتهديدات لتعذِّب النفس الشقيّة. وإذا وجدتنا فرحين بالرب، مفكِّرين في الصالحات ابتعدت عنا خازية. فلكي نزدري العدو علينا أن نتذكّر الإلهيات دائماً وأن تكون نفسنا فرحة. اضطهاد وبطولة وساد الكنيسة اضطهاد في زمن الإمبراطور الروماني مكسيميانوس. فترك القديس أنطونيوس منسكه وتبع الشهداء القدّيسين إلى الإسكندرية. حرّكه الشوق إلى موت الشهادة. لم يسلم نفسه بل خدم المعترفين بالإيمان في السجون والمناجم وشدّدهم أمام المحاكم. كان يقبِّل الشهداء ويرافقهم حتى يقضوا نحبهم. وقد عرّض نفسه للموت مراراً. كان يصلّي لكي يستشهد لكن الرب حفظه من أجل منفعتنا ومنفعة الآخرين. وعندما رأى الكثيرون أسلوب حياته رغبوا في الاقتداء به. إلى الصحراء الداخلية لما رأى القدّيس أنطونيوس أن الناس يقمعونه ولا يتركون له فرصة للخلود إلى النسك على هواه فكّر في الصعود إلى ثيبة العليا حيث لا يعرفه أحد، لكن صوتاً جاءه وقال له أن يدخل إلى الصحراء الداخلية. ولكي يتبيّن الطريق إلى هناك مرّت به جماعة من البدو رضيت أن يصحبها. فبعدما سار ثلاثة أيام وثلاث ليال أتى إلى جبل عال فيه مياه عذبة باردة وسهل يضمّ أشجاراً من النخيل. عاش أنطونيوس هناك وحيداً أوّل الأمر وكان البدو يمرّون به ويقدّمون له بعض الخبز. اكتفى بالخبز والبلح. ثم عرف تلامذته مكان وجوده فأخذوا يرسلون إليه الطعام. كما أتوه بمعول وفأس وبعض القمح فأخذ يفلح الأرض ويزرعها. قصده كان أن يأكل من تعبه ويخفّف عن الإخوة مشقة تزويده بما يحتاج إليه. كما زرع بض الخضار لأن قوماً كانوا يزورونه، فأحب أن تكون لهم الخضار عزاء. وكانت الوحوش تأتي وتشرب من الماء في بقعته، وكثيراً ما أتلفت مزروعاته. فأمسك وحشاً بلطف مرة وقال له: لماذا تسبّبون لي الأذى وأنا لا أصنع بكم شرّاً؟ باسم الرب يسوع ابتعدوا عن المكان! من ذلك الحين لم تعد الوحوش تقترب. من عجائبه اثنان من الرهبان كانا ذاهبين مرة إلى الدير فنفد ماؤهما في الطريق، وكانا على بعد يوم واحد فمات أحدهما وأشرف الثاني على الموت. في تلك الساعة استدعى القديس أنطونيوس في الجبل راهبين وقال لهما: خذا جرّة ماء واحملاها بسرعة إلى الطريق المؤدّي إلى مصر. هناك تجدان راهبين أحدهما مات والآخر ينتظر الموت ما لم تسعفوه. هذا ما أعلنه الله لي فيما كنت أصلّي. ولما وصل الراهبان إلى المكان وجدا كما قال لهما القدّيس فأعانا الحي فانتعش ودفنا الميت. ولعلّ سائلاً يسأل: لماذا لم يتكلّم أنطونيوس قبل موت الثاني؟ هذا قول في غير محلّه لأن حكم الموت لم يكن في يد القدّيس بل في يد الله الذي حكم على الواحد بالموت وأعلن عن الآخر للحياة. وفيما كان أنطونيوس جالساً في الجبل، مرة، رفع عينيه إلى السماء فرأى إنساناً مرتفعاً ورأى الذين يصادفونه فرحين جداً. وفيما كان القدّيس يتعجّب ويطوِّب هذا المصف الجليل صلّى لكي يعرف من هو. فأتاه صوت يقول له إنها نفس آمون راهب نترية. المسافة بين الجبل ونترية كانت ثلاثة عشر يوماً. فأخبر أنطونيوس تلاميذه أن آمون مات منذ برهة. فلما مضى ثلاثون يوماً على ذلك، أتى بعض الإخوة من نترية وأخبروا عن موت آمون الشيخ في نفس اليوم ونفس الساعة التي أخبر عنها أنطونيوس. كذلك أخبروا أنه لما نزل أنطونيوس إلى الأديار الخارجية طلب منه الرهبان أن يصعد إلى السفينة ليصلّي معهم. فاشتمّ رائحة نتنة جداً فسأل عما تكون، فنفى ركاب السفينة أن يكون على ظهر السفينة غير السمك المملّح. وفيما أنطونيوس متحيِّر متسائل إذ بشاب فيه أرواح نجسة، وكان مختبئاً، يظهر ذاته. فزجر أنطونيوس الشيطان باسم الرب يسوع فخرج منه وعاد الرجل صحيحاً. إذ ذاك تبدّدت رائحة النتن بالكلّية. خارج نفسه نهض أنطونيوس، مرة، للصلاة في الساعة التاسعة فشعر بأنه يُخطف عقلياً. كان ينظر إلى نفسه وكأنه واقف خارجها، كما أحسّ بأن هناك من يقوده في الفضاء. غير أن جماعة من الأرواح الشرّيرة اعترضت سبيلهم وطلبت أن تعرف ما إذا كان أنطونيوس مسؤولاً أمامها أم لا. ولما رغبوا في محاسبته على أعماله منذ يوم ولادته لم يسمح لهم الذين كانوا يصطحبونه قائلين: كل شرّ فعله من يوم ولادته محاه الرب. ولكن مسموح لكم التحدّث عما فعله من اليوم الذي صار فيه ناسكاً وأعطى الرب وعداً. وإذ كانت التهمة من دون إثبات خلت طريقه من العوائق. فلما عاد أنطونيوس إلى نفسه رأى أنه واقف أمام ذاته، فاندهش لأنه عرف كم علينا أن نحارب من الأعداء وبأية أتعاب سيعبر المرء الفضاء. خُلقه كان أنطونيوس يحترم قوانين الكنيسة ويجلّ الإكليروس ويحني رأسه للأساقفة والكهنة. لم يكن يخجل من أن يتعلّم من أحد. كما كان يطرح الأسئلة ويرجو أن يسمع آراء الإخوة. وإذا ما اتفق أن وُجد وسط جمهرة من الرهبان وأراد أحدهم التعرّف إليه، كان يدنو منه على الفور ويوجّه كلامه إليه. لم يكن مختلفاً عن باقي الرهبان في طول قامته وعرضها بل خُلُقه وطهارة نفسه. نفسه هادئة وحواسه مستكينة ووجهه وضّاء لفرحه بالرب. كل حركات جسده كانت تعكس حالة روحه. ولم يكن عابساً أبداً. دحضه للهرطقات والمنشقين وكان للقدّيس دوره في دحض عدد من الهرطقات التي شاعت في زمانه. لم يكن في شركة وأتباع مليتيوس، أسقف ليكوبوليس المصرية، الذي سام أشخاصاً من خارج أبرشيته فأحدث شقاقاً دام سنوات. كما علّم أن مصادقة المانويين، القائلين بإلهي الخير والشر، دمار للنفس. وأوصى بعدم الاقتراب من الآريوسيين أو مشاركتهم معتقدهم الوخيم. وقد طرد الآريوسيّين الذين أتوا إليه في الجبل ليكلّموه. قال إن كلامهم أخطر من سمّ الأفاعي. يذكر أن أنطونيوس نزل من الجبل وأتى إلى الإسكندرية ليشهد للإيمان القويم ويشجب الآريوسية. قال: هذه الهرطقة سابقة للمسيح الدجّال ولا يختلف أتباعها عن الوثنيّين في شيء. وقد أخرج الرب الإله على يديه، هناك، شياطين كثيرة. كما أثّر في نفوس العديد من الوثنيّين حتى قيل إن الذين اعتنقوا المسيحية بفضله، في أيام قليلة، فاق الذين يعتنقونها في سنة كاملة. ولما أراد قوم إبعاد الجموع عنه لئلا يزحموه ويزعجوه أجاب: ليست الجموع أكثر عدداً من الشياطين التي نصارعها في الجبل! مع الفلاسفة لم يتعلّم القديس أنطونيوس القراءة والكتابة، لكنه كان رجلاً ذكياً حكيماً. جاءه مرة فيلسوفان فعرفهما من وجهيهما وقال لهما من خلال مترجم: لماذا أتعبتما نفسيكما في المجيء للقاء رجل أحمق. ولما قالا له إنه ليس أحمق بل حكيماً، أجابهما: إذا ابتغيتما رجلاً أحمق فباطلاً تعبتما وإذا حسبتماني فطناً فكونا مثلي لأن المرء يحبّ أن يقتدي بالخير. فتعجبّا منه وتركا المكان. وظنّ فلاسفة آخرون، أتوا إليه، أن بإمكانهم أن يسخروا منه، فسألوه: هل العقل سبب العلم أم العلم سبب العقل؟ أجاب: ذو العقل الصحيح لا يحتاج إلى العلم! فاندهشوا وذهبوا متحيّرين. هذا ولم يكن أنطونيوس فظّ الخُلق بسبب عيشه في الجبل بل كان فرحاً واجتماعياً، وكان القادمون إليه يُسرُّون به. مرة، حاول بعض الفلاسفة استعمال القياس المنطقي في كلامهم على الصليب الإلهي، فحدّثهم طويلاً ثم ختم حديثه بالقول: أنتم لا تؤمنون بالله لأنكم تطلبون مقاييس منطقية. نحن لا نعتمد أساليب الحكمة الهلينية في الإقناع بل نُقنع بالإيمان الذي يسبق الصناعة المنطقية. وكان هناك، قريباً منه، مرضى بهم شياطين فأقامهم في الوسط قائلاً: أبرئوا هؤلاء بقياسكم المنطقي أو بأي فن آخر أو بالسحر وادعوا أصنامكم! فإذا كنتم لا تقدرون على إخراج الشياطين فأوقفوا حربكم ضدّنا فتروا قوة صليب المسيح. ولما قال هذا دعا باسم يسوع ورسم إشارة الصليب ثلاث مرّات على المرضى فنهضوا للحين كاملي العقل يسبّحون الله. فتعجّبوا وانصرفوا بعدما قبّلوه واعترفوا بالفائدة التي نالوها منه. يذكر أن آخر الدراسات بشأن رسائل القدّيس أنطونيوس السبعة بيّن أن قدّيسنا لم يكن أميّاً وكان يعرف اليونانية بعضاً وكان عارفاً ببعض التيّارات الفلسفية، أقله في المستوى الشعبي، كما كان متأثّراً بفكر المعلمين اللاهوتيين المصريّين، أمثال أوريجنيس وكليمنضوس الإسكندري. الرهبان كالسمك جاء إلى أنطونيوس، مرة، قائد عسكري ورجاه أن ينزل من الجبل لمقابلته فنزل وكلّمه وطلب العودة سريعاً، فتمنى القائد عليه أن يبقى معه مدّة أطول فأجابه: إذا بقي السمك على اليابسة طويلاً مات، وإذا أقام الرهبان بين الناس طويلاً أصيبوا بالتراخي. توديعه ورقاده وكان جبل القديس أنطونيوس جبلين، واحد خارجي وواحد داخلي. وقد اعتاد زيارة الرهبان في الجبل الخارجي. فلما أتاهم مرة عرّفته العناية الإلهية أنه على وشك المغادرة إلى ربه فكلّمهم قائلاً: هذه هي زيارتي الأخيرة لكم. لا أدري إذا كنا سنلتقي في هذه الحياة بعد اليوم. حان وقت رحيلي وقد بلغت مائة عام وخمسة. فبكوا وعانقوه. فكلّمهم وكأنه يترك مدينة غريبة ليعود إلى مقرِّه. أوصاهم ألا يتهاملوا في الأتعاب ولا يكلّوا في النسك بل أن يعيشوا وكأنهم يموتون كل يوم. كما أوصاهم بحفظ أنفسهم من الأفكار الدنسة، والسلوك في غيرة القدّيسين وحفظ تقليدات الآباء. ثم غادرهم. بعد أشهر قليلة مرض فدعا الناسكين اللذين كانا معه خمسة عشر عاماً وخدماه في شيخوخته. قال لهما: ها أنا أسير على طريق الآباء والرب يدعوني. فكونا صاحيين. اهتما بالحفاظ على غيرتكما كما لو كنتما في البداءة. تنفّسا المسيح دائماً و آمنا به. تذكّرا نصائحي. اتحدا أولاً بالمسيح ثم بالقدّيسين الذين ستلتقيانهم بعد الموت في المساكن الأبدية. لا تفسحا في المجال للآخرين بنقل جسدي إلى مصر كي لا يضعوه في بيوتهم. ادفنا جسدي تحت التراب ولا يعرف أحد غيركما المكان لأني سأحصل عليه بلا فساد في قيامة الأموات. وزّعا ثيابي. أعطيا أثناسيوس ثوبي الذي كان كفراش لي والأسقف سرابيون ثوبي المفرّى الآخر، واحتفظا أنتما بكسائي المكسو بالشعر. وحالما قال هذا عانقاه فمدّ رجليه ونظر إليهما كصديقين قادمين إليه، وفرح جداً والتمع وجهه بهاءً. ثم مات وانضمّ إلى الآباء. تعليق القديس اثناسيوس وقد ختم القديس أثناسيوس سيرة القديس أنطونيوس بالقول إنه لم يُعرف بسبب مؤلفاته ولا بسبب حكمة خارجية أو فن ما بل بسبب اتّقائه لله. فلا أحد ينكر إنها موهبة من الله، إذ كيف وصلت شهرته إلى إسبانيا وفرنسا وروما وإفريقيا وهو قابع في الجبل لو لم يكن من أخصّاء الله؟ فحتى لو عمل أخصّاؤه في الخفاء وسعوا إلى تجنّب انتباه الناس فإنهم يعرفون. ثم خاطب القديس أثناسيوس الرهبان الذين وجّه إليهم كتابه فحثّهم على قراءته على بقية الإخوة ليعرف الجميع كيف يجب أن تكون حياة الرهبان ويقتنعوا بأن الرب يسوع يمجِّد الذين يمجِّدونه ويقود الذين يخدمونه إلى النهاية. طروبارية القديس أنطونيوس باللحن الرابع لقد ماثلتَ إيليا الغيور في أحواله، وتبعتَ المعمدان في مناهجه القويمة، فحصلتَ في البرية ساكناً، وللمسكونة بصلواتك مشدّداً, أيها الأب أنطونيوس، فتشفَّع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا. قنداق باللحن الثاني لقد أقصيتَ الاضطرابات العالمية، قضيتَ حياتكَ بالهدوء والسكينة، مماثلاً المعمدان في جميع الأحوال يا كلي البرِّ، فمعه إذاً نكرمك يا أبا الآباء أنطونيوس. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:51 PM | رقم المشاركة : ( 16119 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار أنطونيوس الجديد 17 كانون الثاني غربي (30 كانون الثاني شرقي) لا نعرف بالتحديد متى عاش. يبدو أنه من القرن الحادي عشر. كان من عائلة تقية ميسورة في بيرية المقدونية. اشتهى الحياة النسكية وهو حدث. انضم إلى أحد الديورة في تلك الأنحاء. أضحى نموذجاً في الفضائل الرهبانية. وإذ مالت نفسه إلى الحياة النسكية حظي ببركة رئيس الدير واعتزل في مغارة يصعب الوصول إليها. بقرب ضفاف نهر ألياقمون. أقام في المغارة خمسين سنة لا يغتذي إلا بالأعشاب التي تنبت في جوار المغارة. لم يدر به أحد سوى كاهن اعتاد أن يأتي إليه من وقت لآخر بالقدسات. جاهد جهاداً بطولياً ضد الشياطين نظير سميه الكبير عمل الشيطان ما لا يعمل ليقطع عليه صلاته ويحمله على مغادرة المكان. رغم كل شيء ثبت إلى سن التسعين ورقد بسلام. بعد ذلك بفترة. مر بالمكان صيادون. فجأة أخذت الكلاب تنبح فانتبه الصيادون إلى يد بشرية تظهر من بين أغصان الشجر.فاقتربوا فوجدوا مدخل المغارة. فلما دخلوا وجدوا جسد الناسك القديس غير منحل. خرجوا واستدعوا أسقف بيرية فحضر وحضر معه آخرون. وبعدما تبينوا هوية الناسك اختلف أهل البلدة وأهل الدير في من يأخذه إليه. فجعله الأسقف على عربة يجرها ثوران. فإذ بالعربة تتحرك باتجاه البلدة وتتوقف عند المنزل العائلي للقديس فأنزل هناك وجعلت له كنيسة كبيرة. |
||||
08 - 02 - 2017, 06:53 PM | رقم المشاركة : ( 16120 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس البار أنطونيوس الجيورجي (القرن6م) 19 كانون الثاني غربي (1 شباط شرقي) توحّد بالقرب من تبلّيسي الجيورجيّة. ساهم بنسكه وصلاته في دعم إيمان الشعب الجيورجي. أسّس ديرًا ، وصعد على عمود. دعي بـ "عمودي كنيسة الإيبريين". رقد في سلام في الربّ خلال القرن السادس للميلاد. دفن في كنيسة ديره حيث جرت برفاته عجائب جمّة |
||||