منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15 - 05 - 2024, 04:39 PM   رقم المشاركة : ( 160481 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


هل الرّوح الوثنيّة بداخلنا؟ وسيرنا هادفين على ضوء كلمات الرّبّ بحسب اشعيا (56: 1- 7) الّذي كشف عن مخطط الرّبّ في تقديم الخلاص للجميع، من جانب. وكلمات يسوع بحسب متّى (15: 21- 28) لنعرف مقياس إيماننا مقارنة بإيمان المرأة الوثنية هذه المعايير الّتي قلبت موازين الله بالعهد الأوّل ففجر نعمة الخلاص لكل الّذين لا ينتمون إليه متى أعلنوا الإيمان به فيتجلى في حياتهم. وأيضًا يسوع الّذي بناء أعلن عظمة إيمان المرأة النجسة في نظر اليهود. بالتأكيد تختلف معايير القياس الخاصة به اختلافًا جذريًا عن معاييرنا! في الواقع ، قد يبدو أن أكثر الناس كفاءة في النهاية هو الأبعد، في حين أن الأقل كفاءة هو الأقرب لأن الله لا أحد مؤهل ولا يدع الله نفسه موجودًا في ما هو متاح. من ناحية أخرى، يُطلق على البعض اسم رجال ونساء الإيمان العظيم: هم وثنييّن، أولئك الذين هم في حد ذاتها أقل كفاءة مع إله إسرائيل، وأولئك الذين لا يستطيعون المطالبة بحق لدى الله. لكن هؤلاء الوثنيين هم في أفضل حالة للانفتاح على الله غير المتاح دائمًا والذي هو دع الفقراء بلقب المُطوبين (راج مت 5: 3 - 5). التلاميذ واليهود ومثلهم نحن أيضًا، قليلي الإيمان. اليّوم قبل الوثنيين إعلان الملكوت والخلاص، لكن لا نزال نحن مدعوين للقيام بقفزة صغيرة ولكنها حاسمة لتحرير أنفسنا من وهّم التفوق على الله. هذا ما فعلته الكنعانية بإيمانها العظيم لدرجة أنها صارت قادرة على تغيير فكر يسوع. مقياس الإيمان مبني على هذه المعايير الغريبة الإلحاح والثقة في الرّبّ. في هذا الأسبوع، نحن مدعوون أيها لاقراء الأفاضل للاستماع إلى المرأة الكنعانية وكيف تحررت من الرّوح الوثنية والتحلي بالرّوح الإيمانيّة.
 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 160482 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





"التعظيم من الهيكل للبيت" بين كاتبي سفر صموئيل الأوّل والإنجيل الثالث



مُقدّمة




في عيد اليّوم، الّذي هو بمثابة عيد مريمي بدرجة ساميّة، حيث تضع الصفحات الكتابيّة شخصية مريم الـمُختارة مه الله الآب والّـي بنعمة الرّوح القدس صارت أمّ الله إذ تتكلل مسيرة الإختيار الإلهي في حياتنا بالإنتقال وليس بالموعليه ت الجسدي البشري العادي. لماذا؟ هذا ما سنتعرف في مقالنا هذا، إذ يروييّن نصّا العهدين حالتي إمرائتين برعَّن كليهما في التسبيح والغناء للرّبّ كتعبير عن المفاجأت الإلهيّة الّتي إخترقت حياتهما. فمن خلال العهد الأوّل، من خلال سفر صموئيل الأوّل (2: 1-11)، سنتوقف أوّلاً أمام إمراة كانت عاقر ولكن صلاتها وإنسكاب قلبها بالهيكل، جعلها تنال مركز إهتمام الرّبّ إذّ يفاجأها بما تضرعت لأجله وبفيض. على ذات المنوال سنرافق خطوات المرأة الثانية بالعهد الثاني بإنجيل لوقا (1: 39- 56) وهي إمرأة شابة قامت بتقديم نشيدها التسبيحي في بيت قريبتها حينما قرع الرّبّ على باب حياتها وطلب تكريس أحشائها البتولية ليتجسده إبنه الإلهي. ونحن ككنيسة اليوم نعترف بدور مريم العذراء الّتي فتحت قلبها ليدخل الله إلى عالمنا. غالبًا ما توجد في الكتاب المقدس شخصيات ذوي قيمة تتجاوز فرديتهم. نهدف من خلال هذا المقال بالتنقل من الهيكل والمنزل للتسبيح بصوت التهليل للرّبّ ولخيراته الّتي يجسدها في حياتنا.





1. إمرأة بالهيكل؟ (1صم 2: 1- 11)



في العهد الأوّل، يتضح مضمون التعظيم كأحد حقائق هيكل الله بمدينة أورشليم. فهو ليس مكانًا جغرافيًا فحسب، بل مكانًا يُلخص كلّ ما يمكن أن يرغب فيه كلّ شخصيّة يهوديّة. في الهيكل، الّذي هو بمثابة مسكن الله ومكان اللقاء بالمؤمنين به، يتم التعبير عن رجاء شعب الله هناك من أفراح والآم مما يتطلب إنسكاب القلب أمام رّبّ الهيكل وليس الهيكل كمبنى. ونحن اليّوم نراقب المرأة الّتي كانت قبلاً عقيمة وصارت لاحقًا أُمّا لابن نذرته للرّبّ بسبب كرمه وسخائه عليها. يمكننا القول أن هذه المرأة وهي "حنّة"، تُذكر من كاتب صفر صموئيل بلإسم، صارت أيقونة لكلّ مؤمن اليّوم، بسبب إنسكاب قلبها بالإصحاح السابق (راج 1صم 1)، ليس أمام البشر بل أمام الرّبّ وفي هيكله. حنّة "أمّ صموئيل" سنسمعها في مقال اليّوم، تتغنى بنشيد تُبارك به إلهها، بحسب وصف كاتب سفر صموئيل الأوّل لها، يُشدد على إنّه منذ لحظة دخولها للهيكل، بدأت بالتهليل بالرّبّ قائلة: «إِبتَهَجِ قَلْبي بِالرَّبّ وارتَفع رَأسي بِالرَّبّ واتَّسَعَ فَمي على أَعْدائي لأَنِّي قد فَرِحت بخَلاصِكَ. لا قُدُّوسَ مِثلُ الرًّب لأَنَّه لَيسَ أَحَدٌ سِواكَ ولَيسَ صَخرَةٌ كإِلهِنا» (1صم 2: 1- 2). نعلم أنّ مكان النساء بهيكل أورشليم، في إحدى جوانبه المختفيّة وليست الظاهرة كالرجال أيّ ليست بالمقدمة. ومع هذا يقترب كاتب السفر بعدسته عليها ليكشف لنا ما غير إعتيادي من إمرأة يهوديّة في زمن المرأة لا تعني شيء سوى إنها ابنة هذا الرجل، أو زوجة هذا الرجل، أو أمّ هذا الرجل. مكان حنّة ثانوي بداخل الهيكل، أيّ ليس له أهميّة وليس ظاهر للكلّ! لماذا يصفها الكاتب في هذا المكان؟



السبب هو أنّ حنّة، وهي مَثّل لنا، حينما كانت تتألم وتبكي، لم تجد سوى الرّبّ في هيكله لتستنجد به، وحينما أعطاها إبنًا عادت ثانية للرّبّ لتعظمه وتشكره على فضائله. فتح القدير رحمّ حنّة العاقر فأنجبت وصارت أمّا وهي قبلاً كانت تذرف الدموع. تميّيز هذه المرأة إنها عاشت كل شيء أمام الرّبّ وليس بمفردها. علّم الرّبّ منها بمعاناتها، وقبل الرّبّ منها تسبيحها وتقدمتها المجانيّة لإبنها البكر فصارت بلا دموع، ورأسها مرتفعة وبلا خجل من عار العقم، فصارت تعلن عمل الله فيها وهي تكشف لنا اليّوم قداسة الرّبّ الّذي لا مثيل له. وكثيراً ما كانت الفتيات في عصر حنّة ومريم-أم يسوع، اللواتي عشنّ بحسب شريعة موسى بالعهد الأوّل، لا يذهبن لتعلّم الشريعة كالذكور، ولكن نُفاجأ بأنّ شفاههم تعلن ما تحمله قلوبهم وهو "تعظيم الرّبّ" الّذي سيستمر بين المرأتين. مركز التسبيح هو "القدوس" بل وسيدوم في مريم بالرغم من تغير المكان والزمان بينها وبين حنّة. بعد إنّ تأملنا حنّة الّتي أنشدّت تسبيحها للرّبّ بعد أنّ نظر إليها وأزال عار عقمها سنتناول ذات الكلمات من إمرأة شابة وليس بسبب العقم، حيث فاضت النعمة الإلهيّة عليها ومن خلالها على البشريّة وهي مريم البتول والأم في مكان آخر ولأسباب أخرى سنتعرف عليها لاحقًا.





2. التعظيم من المنزل (لو 1: 39- 56)



التعظيم في العهد الثاني من خلال مريم صورة الكنيسة الّتي وُلِدت من جنب المسيح على الصليب. نجد أوّل شخصية كتابيّة، بحسب لوقا، تتلفظ بنشيد التعظيم للرّبّ، هي مريم العذراء، ابنة صهيون. هي كإمرأة في حضور شخصيات أخرى كأليصابات وزكريا، كما نعلّم إنّها لا تتكلم كثيراً بحسب الإنجيليين. فقد عرفناها كإمرأة الصمت. ولكن في نشيد التعظيم في بيت زكريا وضعت مريم القدوس في المقدمة بل في مركز حوارها مع أليصابات. لا يمكننا إنكار قيمة البيت الفردية، هذه القيمة الفرديّة ستجعل هناك تّوسع في الآفاق ويصبح أحد الأماكن الّتي يلتقي الرّبّ فيها بالـمؤمن والعكس بإمتياز. وهذا التعظيم المريمي سيكتشف لنا كثير الجوانب المركزية للحياة المسيحيّة والكنسيّة، الّذي سيكون له عامل جوهري في إحتفالنا المريمي بسيدة الإنتقال. في كلمات نشيد التعظيم التي وضعها لوقا على فم مريم بحسب إنجيله، نكتشف ككنيسة، أنّ مريم، سيدة الإنتقال، قادرة على التسبيح وتحدد في هذه النشيد هويتها العميقة وعلاقتها بالله وهذه العلاقة هي سندّ كتابي لهذه العقيدة.





3. الإستناد الكتابيّ لإنتقال مريم (لو 1: 46- 45)



نشّدد من الناحيّة الكتابيّة، على أنّ سمات هذا التعظيم المريمي للرّب هو إعتراف مُسبق بما تحياه الكنيسة بسرّ ماضيها وحاضرها ومستقبلها الّذي يتجدد في الرّبّ. إنّ نشيد التعظيم، هو قبل كل شيء نشيد الفقراء. مريم، الّتي نتضرع إلهيا وتصير نموذج الحياة المستقبليّة لنا، هي إمرأة فقيرة. هذا الفقر الخارجي والباطني أهلها للإنتقال من حياة بشريّة بحتة إلى حياة إلهيّة مع يسوع إبنها. المجتمع الّذي وُلِدَ فيه نشيد التعظيم هذا هو مجتمع من أُناس فقراء. بل هو أوّل مجتمع مسيحي بأورشليم يعيش في فقر واضطهاد. إنها ليست مجرد مسألة فقر كشرط اجتماعي أو خارجي، لكنه فقر يأخذ أيضًا معنى لاهوتيًا. الفقير هو الشخص الّذي يعرف كيف يقف أمام الله وهو يعلم أنه ليس لديه ما يطالب به بل كلّ شيء لديّه قد حصّل عليه بمجانيّة وسخاء إلهي. الرجل الفقير هو الوحيد القادر على تقديم الشكر، وبالتالي فهو الوحيد القادر على غناء نشيد التعظيم.



إن نشيد التعظيم إذن هو تسبيح لّاهوتيّ، نبع من قلب شابة فقيرة وجدت أن غناها في علاقتها بالرّبّ. مريم ونحن ككنيسة في هذه النشيد، لا نسبح أنفسنا، بل نسبح الله القدوس الّذي نظر إلى فقرنا الباطني وجاء لفيض نعمته. في نشيدنا التعظيمي للرّبّ مريم ونحن ككنيسة نعترف بأننا موضع رحمة الله. أدعوكم لقراءة نشيد التعظيم متوقفين على بعض الأفعال فهناك فعلين فقط يشيران إلى مريم «تعظم نفسي الرّب، وتبتهج رّوحي بالله مخلصي» (لو 1: 46). بكلمات بسيطة تعبر مريم عن فرحها الباطني، فالفقراء لديهم الله كموضوع تعظيمهم. لم تكن تعلّم مريم من خلال نشيد التعظيم بحسب إنجيل لوقا بحياتها الـمُستقبليّة وبسرّ إنتقالها إلى السماء بالنفس والجسد. إلّا إننا ككنيسة تعلّم ومدعويين مثل مريم أن نُجدد وعينا بأننا أداة في يد الله العظيم والقدوس. الإنتباه بعدم تقديم التسبيح والتعظيم لذاواتنا ولفضائلها كمريم هو العامل الجوهري الّذي يجعل الله يفيض بنعمته، بل الله وحده الإله الحق هو الوحيد القادر على تحررنا وخلاصنا بجلوسنا على مأدبته الإلهيّة. هذا النشيد هو نشيد تسبيحنا لله!





4. سيدة الإنتقال اليّوم



وُدّه تساؤل البابا بيوس الثاني عشر، في أوّل أيّار-مايو عام 1946، إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم كلّه قائلاً: "هل يؤمن المسيحيّين في رعايانا بسرّ انتقال مريم العذراء إلى السماء بجسدها ونفسها؟" فكان شبه إجماع حول وجود مثل هذا الإيمان لدى الأساقفة واللاهوتيّين وسائر المؤمنين من الشعب المسيحي. لذا أعلن البابا، في أوّل تشرين الأوّل-أكتوبر عام 1950، هذا الانتقال المريميّ كعقيدة إيمانيّة. فرسم أوّلاً لوحة لتاريخ هذا الاعتقاد منذ القرن السادس، ثمّ بيّن كيف نضجت الكنيسة في الإيمان نحو هذا الموضوع، وكيف استخلصت هذا الإيمان من معطيات الكتاب المقدّس قائلاً:



إنّ كلّ هذه البراهين والاعتبارات التي نقرأها لدى الآباء القدّيسين واللّاهوتيّين تستند على الكتاب المقدّس كأساس أخير لها. فالكتاب المقدّس يرينا والدة الإله متّحدة اتحادًا وثيقًا بابنها الإلهي ومشاركة إيّاه على الدوام مصيره. فيبدو من ثمّ من المحال أنّ التي حبلت بالسيّد المسيح وولدته وغذّته بلبنها وحملته على ذراعيها وضمّته إلى صدرها قد انفصلت عنه بعد حياتها على هذه الأرض، إن لم نقل بنفسها، فبجسدها. فبما أنّ فادينا هو ابن مريم، لما يكن باستطاعته، هو الخاضع خضوعًا تامًّا للشريعة الإلهيّة، ألاّ يؤدّي الإكرام ليس فقط إلي الآب الأزلي بل أيضاً إلى أمّه المجبوّبة. وبما أنّه كان يقدر أن يصنع لها هذا الإكرام فيحفظها من فساد الموت، فيجب الإيمان بأنّه صّنعه لها.



مدعوين اليّوم، بنوع خاص، لتذكّر أنّ آباء الكنيسة، منذ القرن الثاني، رأوا في مريم العذراء حوّاء الجديدة، خاضعة دون شكّ لآدم الجديد، لكن متّحدة به اتّحادًا وثيقًا، في التحدي ضد العدوّ الجهنّمي، هذا التحدي الذي سبق سفر التكوين (راج تك 3: 15) فبشّر بأنّه سوف ينتهي بالنصر الكامل على الخطيئة والموت اللّذين يذكرهما رسول الأمم متّحدين دائما (راج رو 5: 6؛ 1 كو 15: 21- 26، 54- 57). لذلك، فكما أنّ قيامة المسيح المجيدة كانت جزءًا أساسيًّا من هذا الانتصار وآخر أهدافه، كذلك كان يجب أنّ ينتهي التحدي الّذي قامت به مريم العذراء بالاتّحاد مع ابنها بتمجيد جسدها البتوليّ، حسب قول الرسول: «متى لبس هذا الجسد الفاسد عدم الفساد، ولبس هذا الجسد المائت عدم الموت، فحينئذ يتمّ القول الذي كتب: لقد ابتُلع الموت في الغلبة» (1كو 15: 54).



إن والدة الإله السامية المقام، المتّحدة اتّحادًا سريًّا بيسوع المسيح "في قرار الاختيار الواحد عينه الذي مسبق الله فاتّخذه"، المنزّهة عن العيب في حبلها، العذراء الكلّية الطهارة في أمومتها الإلهيّة، الرفيقة السخيّة للفادي الإلهي الذي أحرز انتصارًا شاملاً على الخطيئة ونتائجها، قد حصلت أخيرًا على هذا التتويج الفائق لامتيازاتها، فحُفظت من فساد القبر، وعلى غرار ابنها، بعد أن غلبت الموت، رُفعت بالجسد والنفس إلى المجد في أعلى السماوات، لتتألّق فيها كملكة على يمين ابنها، ملك الدهور الأزلي (راج 2تي 1: 17).





الخلّاصة



نختتم هذا المقال بتأكيد قيمة "نشيد التعظيم" سواء من حنّة بالماضي، بالعهد الأوّل، الّتي تهللت بكلمات التسبيح في هيكل أورشليم (1صم 2: 1- 10) للرّبّ حينما أصغى إلى طلبة قلبها الّذي سُكب أمامه (راج 1صم 1). وفي مرحلة تاليّة إستعارت مريم، أمّ يسوع،يلذات الكلمات (لو 1: 46- 56) ولكن في زمن مختلف وظروف مختلفة لّاهوتيًا كما أشرنا سابقًا. واليّوم يحيّن تعظيمنا للرّبّ فتصير كلمات حنّة ومريم كترنيمتنا ككنيسة الواحدة، ويصير نشيد وحدة يجمع أبناء الكنيسة بطوائفها حول يسوع، إبن مريم سيدة الإنتقال. قد إنتقلت مريم من بيتها بالجليل إلى بيت إليصابات باليهودية، من مملكة الشمال القديمة إلى مملكة الجنوب. هاتين المملكتان الّلتان بسبب انقسامهما في التاريخ القديم لشعب الله شكلا الجرح المرئي للكفر والعداوة فيما بينهما. إلّا أنّ تجديد التعظيم من حَنّة لمريم يبث من جديد الأمل في إسرائيل. كانت علامة الوحدة الجديدة للشعب علامة على الوفاء بالوعود. الآن يتجلى كل هذا في "مريم سيدة الإنتقال" التي أصبحت هي موضع تحقق الوحدة ليس فقط بين مملكتي إسرائيل بل بين أبناء البشريّة. يسوع، الذي حملته مريم في أحشائها، هو في الواقع الشخص الذي يحقق الوحدة ليس فقط لشعب الله، بل للبشرية جمعاء، محطمًا كل جدار انفصال ومدمّر العداء بتجسده المجيد (راج أف 2: 13-14). نجد في نشيد مريم ترنيمتنا ككنيسة واحدة، ونشيد إسرائيل، وأخيراً يصير نشيد البشرية بأكملها. إنّ نشيد التعظيم هو حقًا نشيد الوحدة، فهذا هو النششيد الّذي تتهلل به كنيسة الله والّتي سترنمها عندما يعود طريقها إلينا إلى طريق حِنّة ومريم وسيظل نشيد التعظيم نبوءة وإعلانًا عن مصير مريم الـمُنتقلة إلى السماء بالنفس والجسد. احتفالنا بالافخارستيا في هذا اليّوم المريمي، يدعونا للجلوس في وليمة الملكوت، الّذي هو مأدبة الفقراء، لأنهم يعرفون كيف يستقبلون كل شيء كنعمة حيث يتمكنوا من الجلوس في المأدبة الّلاهوتية الّتي إفتتحها الثالوث في إنتقال مريم البتول. لأن الله هو الضيف الذي يعطي ذاته كغذاء لنا. مدعوين أيّها القراء الأفاضل بقبول المشاركة في وليمة الوحدة، لأننا بالمشاركة في الخبز المكسور نصبح جسدًا واحدًا. في هذه الوليمة، الّتي هي نبوءة واستباق للملكوت، نعيش خبرة التعظيم الّتي عاشتها مريم، ويصير القدوس جوهر هذا النشيد الذي تتغنى به كنيسة الله. دُمتم أيّها الأفاضل مُسبحين ومُنشدين التعظيم للرّبّ بحسب كلمات أم يسوع، سيدة الإنتقال،؟ فنصير أبناء سيدة الإنتقال بالقول والفعل.

 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 160483 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إمرأة بالهيكل؟ (1صم 2: 1- 11)



في العهد الأوّل، يتضح مضمون التعظيم كأحد حقائق هيكل الله بمدينة أورشليم. فهو ليس مكانًا جغرافيًا فحسب، بل مكانًا يُلخص كلّ ما يمكن أن يرغب فيه كلّ شخصيّة يهوديّة. في الهيكل، الّذي هو بمثابة مسكن الله ومكان اللقاء بالمؤمنين به، يتم التعبير عن رجاء شعب الله هناك من أفراح والآم مما يتطلب إنسكاب القلب أمام رّبّ الهيكل وليس الهيكل كمبنى. ونحن اليّوم نراقب المرأة الّتي كانت قبلاً عقيمة وصارت لاحقًا أُمّا لابن نذرته للرّبّ بسبب كرمه وسخائه عليها. يمكننا القول أن هذه المرأة وهي "حنّة"، تُذكر من كاتب صفر صموئيل بلإسم، صارت أيقونة لكلّ مؤمن اليّوم، بسبب إنسكاب قلبها بالإصحاح السابق (راج 1صم 1)، ليس أمام البشر بل أمام الرّبّ وفي هيكله. حنّة "أمّ صموئيل" سنسمعها في مقال اليّوم، تتغنى بنشيد تُبارك به إلهها، بحسب وصف كاتب سفر صموئيل الأوّل لها، يُشدد على إنّه منذ لحظة دخولها للهيكل، بدأت بالتهليل بالرّبّ قائلة: «إِبتَهَجِ قَلْبي بِالرَّبّ وارتَفع رَأسي بِالرَّبّ واتَّسَعَ فَمي على أَعْدائي لأَنِّي قد فَرِحت بخَلاصِكَ. لا قُدُّوسَ مِثلُ الرًّب لأَنَّه لَيسَ أَحَدٌ سِواكَ ولَيسَ صَخرَةٌ كإِلهِنا» (1صم 2: 1- 2). نعلم أنّ مكان النساء بهيكل أورشليم، في إحدى جوانبه المختفيّة وليست الظاهرة كالرجال أيّ ليست بالمقدمة. ومع هذا يقترب كاتب السفر بعدسته عليها ليكشف لنا ما غير إعتيادي من إمرأة يهوديّة في زمن المرأة لا تعني شيء سوى إنها ابنة هذا الرجل، أو زوجة هذا الرجل، أو أمّ هذا الرجل. مكان حنّة ثانوي بداخل الهيكل، أيّ ليس له أهميّة وليس ظاهر للكلّ! لماذا يصفها الكاتب في هذا المكان؟



السبب هو أنّ حنّة، وهي مَثّل لنا، حينما كانت تتألم وتبكي، لم تجد سوى الرّبّ في هيكله لتستنجد به، وحينما أعطاها إبنًا عادت ثانية للرّبّ لتعظمه وتشكره على فضائله. فتح القدير رحمّ حنّة العاقر فأنجبت وصارت أمّا وهي قبلاً كانت تذرف الدموع. تميّيز هذه المرأة إنها عاشت كل شيء أمام الرّبّ وليس بمفردها. علّم الرّبّ منها بمعاناتها، وقبل الرّبّ منها تسبيحها وتقدمتها المجانيّة لإبنها البكر فصارت بلا دموع، ورأسها مرتفعة وبلا خجل من عار العقم، فصارت تعلن عمل الله فيها وهي تكشف لنا اليّوم قداسة الرّبّ الّذي لا مثيل له. وكثيراً ما كانت الفتيات في عصر حنّة ومريم-أم يسوع، اللواتي عشنّ بحسب شريعة موسى بالعهد الأوّل، لا يذهبن لتعلّم الشريعة كالذكور، ولكن نُفاجأ بأنّ شفاههم تعلن ما تحمله قلوبهم وهو "تعظيم الرّبّ" الّذي سيستمر بين المرأتين. مركز التسبيح هو "القدوس" بل وسيدوم في مريم بالرغم من تغير المكان والزمان بينها وبين حنّة. بعد إنّ تأملنا حنّة الّتي أنشدّت تسبيحها للرّبّ بعد أنّ نظر إليها وأزال عار عقمها سنتناول ذات الكلمات من إمرأة شابة وليس بسبب العقم، حيث فاضت النعمة الإلهيّة عليها ومن خلالها على البشريّة وهي مريم البتول والأم في مكان آخر ولأسباب أخرى سنتعرف عليها لاحقًا.
 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:45 PM   رقم المشاركة : ( 160484 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




التعظيم من المنزل (لو 1: 39- 56)



التعظيم في العهد الثاني من خلال مريم صورة الكنيسة الّتي وُلِدت من جنب المسيح على الصليب. نجد أوّل شخصية كتابيّة، بحسب لوقا، تتلفظ بنشيد التعظيم للرّبّ، هي مريم العذراء، ابنة صهيون. هي كإمرأة في حضور شخصيات أخرى كأليصابات وزكريا، كما نعلّم إنّها لا تتكلم كثيراً بحسب الإنجيليين. فقد عرفناها كإمرأة الصمت. ولكن في نشيد التعظيم في بيت زكريا وضعت مريم القدوس في المقدمة بل في مركز حوارها مع أليصابات. لا يمكننا إنكار قيمة البيت الفردية، هذه القيمة الفرديّة ستجعل هناك تّوسع في الآفاق ويصبح أحد الأماكن الّتي يلتقي الرّبّ فيها بالـمؤمن والعكس بإمتياز. وهذا التعظيم المريمي سيكتشف لنا كثير الجوانب المركزية للحياة المسيحيّة والكنسيّة، الّذي سيكون له عامل جوهري في إحتفالنا المريمي بسيدة الإنتقال. في كلمات نشيد التعظيم التي وضعها لوقا على فم مريم بحسب إنجيله، نكتشف ككنيسة، أنّ مريم، سيدة الإنتقال، قادرة على التسبيح وتحدد في هذه النشيد هويتها العميقة وعلاقتها بالله وهذه العلاقة هي سندّ كتابي لهذه العقيدة.



 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:46 PM   رقم المشاركة : ( 160485 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الإستناد الكتابيّ لإنتقال مريم (لو 1: 46- 45)



نشّدد من الناحيّة الكتابيّة، على أنّ سمات هذا التعظيم المريمي للرّب هو إعتراف مُسبق بما تحياه الكنيسة بسرّ ماضيها وحاضرها ومستقبلها الّذي يتجدد في الرّبّ. إنّ نشيد التعظيم، هو قبل كل شيء نشيد الفقراء. مريم، الّتي نتضرع إلهيا وتصير نموذج الحياة المستقبليّة لنا، هي إمرأة فقيرة. هذا الفقر الخارجي والباطني أهلها للإنتقال من حياة بشريّة بحتة إلى حياة إلهيّة مع يسوع إبنها. المجتمع الّذي وُلِدَ فيه نشيد التعظيم هذا هو مجتمع من أُناس فقراء. بل هو أوّل مجتمع مسيحي بأورشليم يعيش في فقر واضطهاد. إنها ليست مجرد مسألة فقر كشرط اجتماعي أو خارجي، لكنه فقر يأخذ أيضًا معنى لاهوتيًا. الفقير هو الشخص الّذي يعرف كيف يقف أمام الله وهو يعلم أنه ليس لديه ما يطالب به بل كلّ شيء لديّه قد حصّل عليه بمجانيّة وسخاء إلهي. الرجل الفقير هو الوحيد القادر على تقديم الشكر، وبالتالي فهو الوحيد القادر على غناء نشيد التعظيم.



إن نشيد التعظيم إذن هو تسبيح لّاهوتيّ، نبع من قلب شابة فقيرة وجدت أن غناها في علاقتها بالرّبّ. مريم ونحن ككنيسة في هذه النشيد، لا نسبح أنفسنا، بل نسبح الله القدوس الّذي نظر إلى فقرنا الباطني وجاء لفيض نعمته. في نشيدنا التعظيمي للرّبّ مريم ونحن ككنيسة نعترف بأننا موضع رحمة الله. أدعوكم لقراءة نشيد التعظيم متوقفين على بعض الأفعال فهناك فعلين فقط يشيران إلى مريم «تعظم نفسي الرّب، وتبتهج رّوحي بالله مخلصي» (لو 1: 46). بكلمات بسيطة تعبر مريم عن فرحها الباطني، فالفقراء لديهم الله كموضوع تعظيمهم. لم تكن تعلّم مريم من خلال نشيد التعظيم بحسب إنجيل لوقا بحياتها الـمُستقبليّة وبسرّ إنتقالها إلى السماء بالنفس والجسد. إلّا إننا ككنيسة تعلّم ومدعويين مثل مريم أن نُجدد وعينا بأننا أداة في يد الله العظيم والقدوس. الإنتباه بعدم تقديم التسبيح والتعظيم لذاواتنا ولفضائلها كمريم هو العامل الجوهري الّذي يجعل الله يفيض بنعمته، بل الله وحده الإله الحق هو الوحيد القادر على تحررنا وخلاصنا بجلوسنا على مأدبته الإلهيّة. هذا النشيد هو نشيد تسبيحنا لله!


 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:47 PM   رقم المشاركة : ( 160486 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سيدة الإنتقال اليّوم



وُدّه تساؤل البابا بيوس الثاني عشر، في أوّل أيّار-مايو عام 1946، إلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة في العالم كلّه قائلاً: "هل يؤمن المسيحيّين في رعايانا بسرّ انتقال مريم العذراء إلى السماء بجسدها ونفسها؟" فكان شبه إجماع حول وجود مثل هذا الإيمان لدى الأساقفة واللاهوتيّين وسائر المؤمنين من الشعب المسيحي. لذا أعلن البابا، في أوّل تشرين الأوّل-أكتوبر عام 1950، هذا الانتقال المريميّ كعقيدة إيمانيّة. فرسم أوّلاً لوحة لتاريخ هذا الاعتقاد منذ القرن السادس، ثمّ بيّن كيف نضجت الكنيسة في الإيمان نحو هذا الموضوع، وكيف استخلصت هذا الإيمان من معطيات الكتاب المقدّس قائلاً:



إنّ كلّ هذه البراهين والاعتبارات التي نقرأها لدى الآباء القدّيسين واللّاهوتيّين تستند على الكتاب المقدّس كأساس أخير لها. فالكتاب المقدّس يرينا والدة الإله متّحدة اتحادًا وثيقًا بابنها الإلهي ومشاركة إيّاه على الدوام مصيره. فيبدو من ثمّ من المحال أنّ التي حبلت بالسيّد المسيح وولدته وغذّته بلبنها وحملته على ذراعيها وضمّته إلى صدرها قد انفصلت عنه بعد حياتها على هذه الأرض، إن لم نقل بنفسها، فبجسدها. فبما أنّ فادينا هو ابن مريم، لما يكن باستطاعته، هو الخاضع خضوعًا تامًّا للشريعة الإلهيّة، ألاّ يؤدّي الإكرام ليس فقط إلي الآب الأزلي بل أيضاً إلى أمّه المجبوّبة. وبما أنّه كان يقدر أن يصنع لها هذا الإكرام فيحفظها من فساد الموت، فيجب الإيمان بأنّه صّنعه لها.



مدعوين اليّوم، بنوع خاص، لتذكّر أنّ آباء الكنيسة، منذ القرن الثاني، رأوا في مريم العذراء حوّاء الجديدة، خاضعة دون شكّ لآدم الجديد، لكن متّحدة به اتّحادًا وثيقًا، في التحدي ضد العدوّ الجهنّمي، هذا التحدي الذي سبق سفر التكوين (راج تك 3: 15) فبشّر بأنّه سوف ينتهي بالنصر الكامل على الخطيئة والموت اللّذين يذكرهما رسول الأمم متّحدين دائما (راج رو 5: 6؛ 1 كو 15: 21- 26، 54- 57). لذلك، فكما أنّ قيامة المسيح المجيدة كانت جزءًا أساسيًّا من هذا الانتصار وآخر أهدافه، كذلك كان يجب أنّ ينتهي التحدي الّذي قامت به مريم العذراء بالاتّحاد مع ابنها بتمجيد جسدها البتوليّ، حسب قول الرسول: «متى لبس هذا الجسد الفاسد عدم الفساد، ولبس هذا الجسد المائت عدم الموت، فحينئذ يتمّ القول الذي كتب: لقد ابتُلع الموت في الغلبة» (1كو 15: 54).



إن والدة الإله السامية المقام، المتّحدة اتّحادًا سريًّا بيسوع المسيح "في قرار الاختيار الواحد عينه الذي مسبق الله فاتّخذه"، المنزّهة عن العيب في حبلها، العذراء الكلّية الطهارة في أمومتها الإلهيّة، الرفيقة السخيّة للفادي الإلهي الذي أحرز انتصارًا شاملاً على الخطيئة ونتائجها، قد حصلت أخيرًا على هذا التتويج الفائق لامتيازاتها، فحُفظت من فساد القبر، وعلى غرار ابنها، بعد أن غلبت الموت، رُفعت بالجسد والنفس إلى المجد في أعلى السماوات، لتتألّق فيها كملكة على يمين ابنها، ملك الدهور الأزلي (راج 2تي 1: 17).

 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 160487 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




قيمة "نشيد التعظيم" سواء من حنّة بالماضي، بالعهد الأوّل،
الّتي تهللت بكلمات التسبيح في هيكل أورشليم (1صم 2: 1- 10)
للرّبّ حينما أصغى إلى طلبة قلبها الّذي سُكب أمامه (راج 1صم 1).
وفي مرحلة تاليّة إستعارت مريم أمّ يسوع بلذات الكلمات (لو 1: 46- 56) ولكن في زمن مختلف وظروف مختلفة لّاهوتيًا كما أشرنا سابقًا. واليّوم يحيّن تعظيمنا للرّبّ فتصير كلمات حنّة ومريم كترنيمتنا ككنيسة الواحدة، ويصير نشيد وحدة يجمع أبناء الكنيسة بطوائفها حول يسوع، إبن مريم سيدة الإنتقال. قد إنتقلت مريم من بيتها بالجليل إلى بيت إليصابات باليهودية، من مملكة الشمال القديمة إلى مملكة الجنوب. هاتين المملكتان الّلتان بسبب انقسامهما في التاريخ القديم لشعب الله شكلا الجرح المرئي للكفر والعداوة فيما بينهما. إلّا أنّ تجديد التعظيم من حَنّة لمريم يبث من جديد الأمل في إسرائيل. كانت علامة الوحدة الجديدة للشعب علامة على الوفاء بالوعود. الآن يتجلى كل هذا في "مريم سيدة الإنتقال" التي أصبحت هي موضع تحقق الوحدة ليس فقط بين مملكتي إسرائيل بل بين أبناء البشريّة. يسوع، الذي حملته مريم في أحشائها، هو في الواقع الشخص الذي يحقق الوحدة ليس فقط لشعب الله، بل للبشرية جمعاء، محطمًا كل جدار انفصال ومدمّر العداء بتجسده المجيد (راج أف 2: 13-14). نجد في نشيد مريم ترنيمتنا ككنيسة واحدة، ونشيد إسرائيل، وأخيراً يصير نشيد البشرية بأكملها. إنّ نشيد التعظيم هو حقًا نشيد الوحدة، فهذا هو النششيد الّذي تتهلل به كنيسة الله والّتي سترنمها عندما يعود طريقها إلينا إلى طريق حِنّة ومريم وسيظل نشيد التعظيم نبوءة وإعلانًا عن مصير مريم الـمُنتقلة إلى السماء بالنفس والجسد. احتفالنا بالافخارستيا في هذا اليّوم المريمي، يدعونا للجلوس في وليمة الملكوت، الّذي هو مأدبة الفقراء، لأنهم يعرفون كيف يستقبلون كل شيء كنعمة حيث يتمكنوا من الجلوس في المأدبة الّلاهوتية الّتي إفتتحها الثالوث في إنتقال مريم البتول. لأن الله هو الضيف الذي يعطي ذاته كغذاء لنا. مدعوين أيّها القراء الأفاضل بقبول المشاركة في وليمة الوحدة، لأننا بالمشاركة في الخبز المكسور نصبح جسدًا واحدًا. في هذه الوليمة، الّتي هي نبوءة واستباق للملكوت، نعيش خبرة التعظيم الّتي عاشتها مريم، ويصير القدوس جوهر هذا النشيد الذي تتغنى به كنيسة الله.
 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:52 PM   رقم المشاركة : ( 160488 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






"انزعاج القلب البشري" بين سفر الملوك الأوّل وإنجيل متّى




مقدّمة



يتميّز مقال هذا الأسبوع أيّها القراء الأفاضل بحدثيّن يكشفاهما الحضور الإلهي أمام مغامرتين بشريتين يعانين فيها رجال ونساء الله، كحالنا اليّوم حينما نطلب الموت لأنفسنا، من إنزعاج القلب والشعور بالقلق الإضطراب الباطني العميق بسبب أحداث خارجيّة تسببت لهم بالشعور بالخوف والرغب.



وفي أثناء عبورهم بهذا الوقت الصعب يأتي الإله الحاضر أمام بنيه. ففي نص العهد الأوّل يلتقي بإيليا على جبل حوريب (1مل 19: 9-13)، بعد رحلة أربعين يومًا في الصحراء بيشدد من أزره ويكشف له معاني جديدة لحياته. بينما نص العهد الثاني نتعمق حدث ظهور يسوع على مياه البحر العاصف بحسب روايّة متّى (14: 22-33). بينما التلاميذ يصرخون مرتعبين وفي حالة إضطراب شديد، نجد أن المفاجأة بأنهم ليسوا بمفردهم فالغير متوقع بالنسبة لهم يأتي في الوقت الّذي فيه تشعر قلوبهم بالإنزعاج. نهدف في مقالنا هذا أن تصل لقلوبنا رسالة إلهيّة تهدئ من قوة إنزعاجه، واثقين أنّ الحضور الإلهي يأتي في الوقت الغير متوقع لنا ليحمل لنا طمأنينة إلهيّة، تُحول إنزعاج القلب إلى ما يُبهر ويُدهش الإنسان.





1. إلتماس الموت (1مل 19: 1- 8)



لا يروي كاتب سفر الملوك نشأة أو دعوة إيليا أو قليل من الماضي عنه ولكننا نفاجأ بوجوده يحمل الرسائل الإلهيّة للملك وزوجته وللشعب الله. في رواية هذا النص لقائه بالله على جبل حوريب أثناء توليّة ملك غريب على بني إسرائيل. نجد أنّ إيليا يصل لمرحلة الهروب: لقد شعر بأنه تُرك وحده بين أنبياء البعل ويبدو أنّ بني إسرائيل قد سلك طريق عبادة الأصنام. حارب إيليا، بالفصل السابق (1مل 18) أنبياء البعل بل وهزمهم وأهلكهم. ثمّ واجه الملك آخاب مُوبخًا إياه على إستغلاله للضعفاء من الشعب. ثم تلقى تهديدات إيزابل، زوجة الملك، ولم يجد مفر سوى الهروب أمام تهديده بالقتل مُلتمسًا من الله الموت قائلاً: «حَسْبي الآن يا رَبِّ، فخُذْ نَفْسي، فإني لَستُ خَيرًا مِن آبائي» (1مل 19 :4). وبعد مسيره بالصحراء وبقوة الطعام الإلهي (راج 1مل 19: 5 - 8)، سّار إيليا أربعين يومًا وأربعين ليلة، حتى وصل إلى جبل حوريب، يعاني من الحيرة والخوف، مع حضور الله، نجح في أنّ ُيكمل مسيرته ليصل إلى مُهددي حياته أولئك الّذين نادوا بأنهم ينتمون إلى إله بني إسرائيل، وإذ ظلّ إيليا، الشخص الوحيد إمينًا له مستمراً في خدمته. يُذكرنا إيليا بالّذين عبروا البحر الأحمر وذهبوا إلى البريّة لخدمة إله بني إسرائيل بالماضي (راج خر 26: 7؛ 16: 1- 9؛... إلخ) إلا إنهم وقعوا في فخ عبادة البعل. تتبع إيليا بمفرده عامل الوقت (أربعين يومًا) والأماكن التي عبرها بني إسرائيل عندما عبروا البريّة (لمدة أربعين عاما) عابرين من سيناء حتى دخلوا أرض الموعد. يعاني إيليا من شعوره الضياع وفقدان الأمل؛ الرعب والإرتباك واليأس حتى إنه في صلاته طلب الموت من الله لينتهي من هذا الألم.





2. الحضور العذب (1مل 19: 9- 19)



في وقت الألم وإلتماس الموت من الله لوضع نهايّة للألم، يمر الله ويتحاور مع إيليا متسائلاً: «ما بالَكَ ههُنا يا إِيليَّا؟» (1مل 19: 9). حينما تكلم إيليا إلى الله أتى الله بناء على طلب إيليا ليرافقة ويعيده لمصدر حياته وحياة إسرائيل ويتبيّن المعنى الّذي كان وراء تلك الأحداث الّتي بَدّت خالية من أيّ معنى. وهوذا ريح عاصفة ثم زلزل من نار، ويتحقق إيليا بأنّ الرّبّ لمّ يكن في هذه العناصر. بالتأكيد كانت هذه الظواهر بباطن إيليا ثم رأى ريح شديدة في قلبه تشق الجبال وتحطم الصخور، أحرق بغضب وقتل أنبياء البعل بالسيف. وأمره الرّبّ قائلاً: «"اخرُجْ وقِفْ على الجَبَلَ أمامَ الرَّبّ". فإِذا الرَّبُّ عابِرٌ وريحٌ عَظيمةٌ وشَديدةٌ تُصَدِّغ الجِبالَ وتُحَطِّمُ الصُّخورَ أمامَ الرَّبّ. ولَم يَكُنِ الرَّبُّ في الرِّيح. وبَعدَ الرِّيحَ زِلْزالٌ، ولم يَكُنَ الرَّبُّ في الزِّلْزال. وبَعدَ الزِّلْزالِ نار، ولم يَكنِ الرَّب في النار. وبَعدَ النَّارِ صَوِت نَسيمٍ لَطيف» (1 مل 19 :11- 13). فقد شعر إيليا بأنّ هناك زلزال في قلبه يجعله يهرع هاربًا مرعوباً من تهديدات إيزابل، حيث كان مستقبله غير مؤكد. كما حطمت حياته اليقين في قوة إلهه المتذبذبة نوعًا ما. كانت هناك نار في قلبه (1مل 19: 12) ، لأنه على الرغم من كل شيء، كان يشعر إيليا بملء الغيرة على الرّبّ (راج 1مل 19: 10)، أمام الّذين تركوه ليتبعوا آلهة أخرى. توقع إيليا إلهًا يتوافق مع ما يحمله الله في قلبه من ريح وزلزال ونار. لكن الله لم يكن في الريح ولا في الزلزال ولا في النار، لأنه ليس مرآة إيليا، ولم يدع نالله ذاته يُعثر عليه في صورة إسقاط لأنفسنا المنزعجة. لكن الله هو عكس ذلك تمامًا. الله هو الآخر العظيم، يوجد الله حيث يحلّ الصمت الناعم، وفي هذا الوقت شعر إيليا بأنّه يتوجب عليه بغطاء وجهه، لأنه يتمتع بحضور الله غير المتوقع بل وتحول إنزعاجه الباطني إلى هدوء بسبب لمسّ الله لأعماقه بهدوء الصمت الّذي إستطاع أنّ يكتشف ما يريده الله له وليس ما يريده لذاته.





3. إستمرار أوقات الهلع (مت 14: 22- 27)



الاضطراب الباطني الّذي عاني منه إيليا بالعهد الأوّل سيستمر أيضًا بالعهد الثاني ونراه يرافق تلاميذ يسوع في قارب بوسط المياه. في هذا المقطع تتقاذف القارب الأمواج ليلاً بسبب ريح معاكسة (راج مت 14 :24). الإنسان تحت رحمة مياه وريح البحر. لذا البحر في الكتب المقدسة هو رمز للشر والخطر وعدم الاستقرار. كانت الأمواج تقذف بالتلاميذ من جانب لآخر، بينما كان يسوع وحده على الجبل يصلي (راج مت 14 :23). في نهاية الليل، عند الفجر بالتحديد، يأتي يسوع للقاء تلاميذه المنزعجين بسبب الوضع الخطير فيجدهم بقلوبهم منزعجة وتعاني الإضطراب تمامًا كالأمواج الّتي تهز قاربهم. يرمز القارب بحسب إنجيل متّى للكنيسة. في وقت إنزعاج أعضاء الكنيسة يأتي يسوع سائراً على المياه (مت 14: 25)، متحديًا كل ما يخيف تلاميذه، ويدوس على الشر، ويظهر حقيقة ذاته فهو الرّبّ.





4. إجابة على المخاوف البشرية (مت 14: 28- 33)



يصير يسوع لتلاميذه، كالصمت الناعم الهادئ الّذي إكتشفه إيليا أثناء لقائه بالله على جبل حوريب. لم يقدم يسوع ذاته كإسقاط لتوقعات تلاميذه وفت معاناتهم الإنزعاج، وصرخهم خائفين. من ناحية أخرى، لا يسمح يسوع بأن تقذفه الأمواج. حتى بطرس، صورة كل تلميذ، يطلب المشي على الماء ولكن عنف الريح، بمجرد نزوله من القارب، يملأه بالرعب ويغرق في أمواج البحر. هذا أيضًا، مثل تجربة إيليا في حوريب، هو ظهور أو ظهور المسيح لتلاميذه. إنهم يجدون أنفسهم بمفردهم في القارب، بمفردهم يقاتلون ضد تحديات الحياة وأمواجها الّتي ترمز لأمواج الشر.، هذه العواصف، هذه الرياح تخاطر باحتلال قلوبهم، وتعتيم نظرهم في ضوء الفجر، لدرجة أنهم غير قادرين على التعّرف على يسوع الّذي يأتي للقائهم في وسط الإنزعاج بالبحر. هذه الأمواج، هذه العواصف، هذه الرياح، تجعلنا نخاطر اليّوم، أيضًا بأنّ تصبح معايير لقراءة شخص يسوع وما يفعله يصبح جوابه رداً على مخاوفنا. لكن يسوع يأتي ليلتقي بنا وهو غير منزعج من الشر الّذي يجعلنا مضطربين وعندما يصعد على قارب حياتنا تتوقف الريح المزعجة الّتي تنزع سلام قلوبنا.





الخلّاصة



هناك سؤال يجمع عبر مقطعين العهدين وهو كيف نتعرف على مرور الله عندما تزعجنا وتقلقنا حقائق الحياة، عندما نشعر بالرياح وبالزلازل وبالنار المتهورة بباطننا وبخارجنا؟ صوت رقيق من الصمت هو نجدتنا! اللقاء مع الله الذي يسمح لذاته بحضور عذب، يتيح لنا البقاء في حضوره، إذا عرفنا كيف نتخلى عن الإنزعاج، مما يجعله يعلن استجابة تلقائية وواضحة لمخاوفنا. لن نستعيد سّلامنا عندما يُرضي الله توقعاتنا منه، ولكن عندما نعرف نحن الّذين نهاني من القلق والاضطراب، كيف نترك له مكانًا على متن قاربنا رمز حياتنا الّذي تقذفه أمواج الإضطراب، الّتي تقذفها الرياح. يمكن للتلميذ أن يظل واقفاً على قدميّه فقط إذا ظلّ في تبعيته للرّبّ، دون أن يجعل نفسه سيدًا. عندما يريد أيّ منا اليّوم سواء تلميذ أمّ جماعة كنسية، أن يضع نفسه في مكان يسوع، فلا شيء يكفي، نفحة ريح تجعلنا نتعثر وننزعج إلى قاع حياتنا طالبين الموت. تعبر الكنيسة أمواج ورياح الحياة من الماضي للحاضر، إلّا إنها حينما تنتقل من إيمان بطرس الصغير إلى الإيمان العظيم تستعيد سلامها ويضع الرّبّ حدّاً للإنزعاج فلا يدوم. دُمتم مرافقين بصمت إلهي عذب يتحول فيه كل إنزعاج وقلق إلى سّلام في حضور الرّبّ.

 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:57 PM   رقم المشاركة : ( 160489 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




في أثناء عبورهم بهذا الوقت الصعب يأتي الإله الحاضر أمام بنيه. ففي نص العهد الأوّل يلتقي بإيليا على جبل حوريب (1مل 19: 9-13)، بعد رحلة أربعين يومًا في الصحراء بيشدد من أزره ويكشف له معاني جديدة لحياته. بينما نص العهد الثاني نتعمق حدث ظهور يسوع على مياه البحر العاصف بحسب روايّة متّى (14: 22-33). بينما التلاميذ يصرخون مرتعبين وفي حالة إضطراب شديد، نجد أن المفاجأة بأنهم ليسوا بمفردهم فالغير متوقع بالنسبة لهم يأتي في الوقت الّذي فيه تشعر قلوبهم بالإنزعاج. نهدف في مقالنا هذا أن تصل لقلوبنا رسالة إلهيّة تهدئ من قوة إنزعاجه، واثقين أنّ الحضور الإلهي يأتي في الوقت الغير متوقع لنا ليحمل لنا طمأنينة إلهيّة، تُحول إنزعاج القلب إلى ما يُبهر ويُدهش الإنسان.





إلتماس الموت (1مل 19: 1- 8)



لا يروي كاتب سفر الملوك نشأة أو دعوة إيليا أو قليل من الماضي عنه ولكننا نفاجأ بوجوده يحمل الرسائل الإلهيّة للملك وزوجته وللشعب الله. في رواية هذا النص لقائه بالله على جبل حوريب أثناء توليّة ملك غريب على بني إسرائيل. نجد أنّ إيليا يصل لمرحلة الهروب: لقد شعر بأنه تُرك وحده بين أنبياء البعل ويبدو أنّ بني إسرائيل قد سلك طريق عبادة الأصنام. حارب إيليا، بالفصل السابق (1مل 18) أنبياء البعل بل وهزمهم وأهلكهم. ثمّ واجه الملك آخاب مُوبخًا إياه على إستغلاله للضعفاء من الشعب. ثم تلقى تهديدات إيزابل، زوجة الملك، ولم يجد مفر سوى الهروب أمام تهديده بالقتل مُلتمسًا من الله الموت قائلاً: «حَسْبي الآن يا رَبِّ، فخُذْ نَفْسي، فإني لَستُ خَيرًا مِن آبائي» (1مل 19 :4). وبعد مسيره بالصحراء وبقوة الطعام الإلهي (راج 1مل 19: 5 - 8)، سّار إيليا أربعين يومًا وأربعين ليلة، حتى وصل إلى جبل حوريب، يعاني من الحيرة والخوف، مع حضور الله، نجح في أنّ ُيكمل مسيرته ليصل إلى مُهددي حياته أولئك الّذين نادوا بأنهم ينتمون إلى إله بني إسرائيل، وإذ ظلّ إيليا، الشخص الوحيد إمينًا له مستمراً في خدمته. يُذكرنا إيليا بالّذين عبروا البحر الأحمر وذهبوا إلى البريّة لخدمة إله بني إسرائيل بالماضي (راج خر 26: 7؛ 16: 1- 9؛... إلخ) إلا إنهم وقعوا في فخ عبادة البعل. تتبع إيليا بمفرده عامل الوقت (أربعين يومًا) والأماكن التي عبرها بني إسرائيل عندما عبروا البريّة (لمدة أربعين عاما) عابرين من سيناء حتى دخلوا أرض الموعد. يعاني إيليا من شعوره الضياع وفقدان الأمل؛ الرعب والإرتباك واليأس حتى إنه في صلاته طلب الموت من الله لينتهي من هذا الألم.
 
قديم 15 - 05 - 2024, 04:59 PM   رقم المشاركة : ( 160490 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الحضور العذب (1مل 19: 9- 19)



في وقت الألم وإلتماس الموت من الله لوضع نهايّة للألم، يمر الله ويتحاور مع إيليا متسائلاً: «ما بالَكَ ههُنا يا إِيليَّا؟» (1مل 19: 9). حينما تكلم إيليا إلى الله أتى الله بناء على طلب إيليا ليرافقة ويعيده لمصدر حياته وحياة إسرائيل ويتبيّن المعنى الّذي كان وراء تلك الأحداث الّتي بَدّت خالية من أيّ معنى. وهوذا ريح عاصفة ثم زلزل من نار، ويتحقق إيليا بأنّ الرّبّ لمّ يكن في هذه العناصر. بالتأكيد كانت هذه الظواهر بباطن إيليا ثم رأى ريح شديدة في قلبه تشق الجبال وتحطم الصخور، أحرق بغضب وقتل أنبياء البعل بالسيف. وأمره الرّبّ قائلاً: «"اخرُجْ وقِفْ على الجَبَلَ أمامَ الرَّبّ". فإِذا الرَّبُّ عابِرٌ وريحٌ عَظيمةٌ وشَديدةٌ تُصَدِّغ الجِبالَ وتُحَطِّمُ الصُّخورَ أمامَ الرَّبّ. ولَم يَكُنِ الرَّبُّ في الرِّيح. وبَعدَ الرِّيحَ زِلْزالٌ، ولم يَكُنَ الرَّبُّ في الزِّلْزال. وبَعدَ الزِّلْزالِ نار، ولم يَكنِ الرَّب في النار. وبَعدَ النَّارِ صَوِت نَسيمٍ لَطيف» (1 مل 19 :11- 13). فقد شعر إيليا بأنّ هناك زلزال في قلبه يجعله يهرع هاربًا مرعوباً من تهديدات إيزابل، حيث كان مستقبله غير مؤكد. كما حطمت حياته اليقين في قوة إلهه المتذبذبة نوعًا ما. كانت هناك نار في قلبه (1مل 19: 12) ، لأنه على الرغم من كل شيء، كان يشعر إيليا بملء الغيرة على الرّبّ (راج 1مل 19: 10)، أمام الّذين تركوه ليتبعوا آلهة أخرى. توقع إيليا إلهًا يتوافق مع ما يحمله الله في قلبه من ريح وزلزال ونار. لكن الله لم يكن في الريح ولا في الزلزال ولا في النار، لأنه ليس مرآة إيليا، ولم يدع نالله ذاته يُعثر عليه في صورة إسقاط لأنفسنا المنزعجة. لكن الله هو عكس ذلك تمامًا. الله هو الآخر العظيم، يوجد الله حيث يحلّ الصمت الناعم، وفي هذا الوقت شعر إيليا بأنّه يتوجب عليه بغطاء وجهه، لأنه يتمتع بحضور الله غير المتوقع بل وتحول إنزعاجه الباطني إلى هدوء بسبب لمسّ الله لأعماقه بهدوء الصمت الّذي إستطاع أنّ يكتشف ما يريده الله له وليس ما يريده لذاته.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024