منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14 - 05 - 2024, 03:37 PM   رقم المشاركة : ( 160371 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يُشرق الرب عليكم بمحبته
ونعمته ونوره الذي لا يزول




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 14 - 05 - 2024, 03:41 PM   رقم المشاركة : ( 160372 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وسينقذ أيضا عن قريب خائفيه
فنحيا بكرامة على أرضنا
(مز 85: 9)


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 160373 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


"فيّضُ الرّوح" بين كاتب سفر المزامير والإنجيل الرابع




مُقدّمة



إحتفالاتنا بسرّ الآلام وموت وقيامة الرّبّ، وكل ما احتفلنا به في الثلاثيّة المقدسة وفي زمن الفصح، يظهر تحقيّقه في يّوم العنصرة البهيّ. حينما نُصلي في إفتتاح ليتورجيّة عيد العنصرة، بالطقس اللّاتيني يفتتح الـمُتراءس الّذبيحة الإلهيّة قائلاً: "لقد إكتملّ اليّوم السرّ الفصحي".نودّ أنّ نشير إلى أنّ الإكتمال يختلف تمامًا عن الإنتهاء. فلنّ ينتهي فصح الرّبّ بل سيستمر في كلّ أحد أثناء إحتفالنا بالذبيحة الإلهيّة فهي بمثابة "الفصح الإسبوعي". يهمنا توضيح مضمون إكتمال الفصح، في حلول الرّوح القدس، لأنّ باطننا كمؤمنين، بشكل خاص، ينتظر أنّ يصل فصح يسوع إلى ملئه فيحققّ يسوع وهو جوهر إيماننا ما أراده الله الآب لنا.



سنتوقف في مناقشتنا بهذا المقال على نص بالعهد الأوّل وهو ينتمي إلى سفر المزامير 103 (104)، حيث نهدف إلى ترك ذاواتنا لتجديد الأرض بفيض الرّوح. أما بالنسبة للعهد الثاني سنتوقف على بعض الآيات بحسب يوحنّا بالإصحاح الـ 15: 26- 27 و الـ 16: 12- 15. هذا الجزء الّذي خصصه كاتب الإنجيل الرابع على خطاب يسوع الوداعي لتلاميذه (13- 17)، وهو ما يسبق مباشرة القبض على يسوع وإتمامه سرّه الخلاصي. نهدف من خلال هذا المقال الإنفتاح الباطني الّذي يفيض فيه الرّبّ بتكليلّنا بعطيّة الرّوح القدس لنصير شهود حقيقيين عنه بالعالم. عيد العنصرة، فيض الرّوح القدس هو بمثابة، نعمة النعم لنا كمؤمنين في هذا العصر وكل عصر.





1. أصلُّ العنصرة (يؤ 3: 1- 3)



نوّد قبل أنّ نتوقف على تحليل المزمور من الوجهة الكتابيّة والتعرف على علاقته بفيض الرّوح القدس، التوقف قليلاً للتعرف على أصل العنصرة بالعهد الأوّل. يُطلعنا هذا العيد، من الوجهة الكتابيّة، على أنّ جذوره ليست بجديدة فقد كان ولا يزال الإحتفال بالعنصرة أساسيّ في تاريخ شعب إسرائيل. ويعود أصلّ عيد العنصرة حيث يحتفل بني إسرائيل-اليهود، حتّى يومنا هذا، بهذا العيد بعد مرور "خمسين يومًا" على عيد الفصح بعطيّة "عيد أسابيع الرّبّ" للشريعة وبشائر الأنبياء الّذين إنتظروا تنبؤا قبلاً بتحقيق زمن الرّبّ في المسيّا. تحقيق الروح على كل جسد، كما جاء، على لسان الرّبّ، بحسب نبؤة يوئيل وبشكل إستباقي القائل: «سيَكونُ بَعدَ هذه أَنِّي أُفيضُ روحىّ على كُلِّ بَشَر فيَتَنَبَّأَ بنوكم وبَناتُكم ويَحلُمُ شُيوخُكم أَحْلامًا ويَرى شُّبانُكم رُؤًى» (3: 1)، وهو ما سيستشهد به لاحقًا كاتب سفر الأعمال في رواية حدث العنصرة بالإصحاح الثاني.



إذا تسألنا عن معنى تعبير "إتمام الفصح" الّذي نجد أصداءه في روايّة أعمال الرسل وفي مقدمة سر الإفخارستيا لهذا الإحتفال؟ من المؤكد إننا سنكتشف بأنّ اكتمال الفصح قد تمّ بيدّ الآب القديرة في عطية الرّوح، فهي بلا شكّ عطيّة الله. ومع ذلك، يمكننا أيضًا أنّ نتسأل من جديد عن علاقة عطيّة الرّوح بموت يسوع وقيامته، علاوة على ذلك، ماذا يعني بالنسبة لنا، كمؤمنين اليّوم ونحن الّذين نلنا نعمة الرّوح القدس بسرّ المعموديّة، إلى أي مدى تحققّ عيد الفصح في عطيّة الرّوح؟ ترشدنا قراءاتنا الكتابيّة لهذا الأسبوع إلى اكتشاف بعض سمات هذا الواقع المركزي.





2. تجدد الأرض (مز 104)




«بارِكي الرَّبَّ يا نَفْسي، أَيّها الرَّبُّ إِلهي لقد عَظُمتَ جِدًّا تَسَربَلتَ البَهاءَ والجَلال» (مز 104: 1). بهذه الآيّة الإفتتاحيّة، يساعدنا كاتب سفر المزامير على تمحور إنتباهنا كمؤمنين على عظمة الرّبّ وما علينا إلّا الإعتراف على عظمته في حياتنا. ولاحقًا يعلن الجديد عن الرّبّ من خلال كلماته كحوار معه: «تُرسِلُ رُوحَكَ فيُخلَقون وتُجَدِّدُ وَجهَ الأَرض. لِيَكُنْ مَجدُ الرَّبِّ لِلأبد لِيَفرَحِ الرَّبُّ بأَعْمالِه [...] أُنشِدُ لِلرَّبِّ مُدَّةَ حَياتي أَعزِفُ لِلهِ ما دُمتُ. [...] أَمَّا أَنا فبِالرَّبِّ أَفرَح [...] باركي الرَّبَّ يا نَفْسي» (مز 104: 30-35). حينما يتواصل الرّبّ مع خلائقه البشر، يرسل رّوحه فيعيد الخلق الّذي دمره البشر، بخلق جديد ينتمي لمخططه الإلهي الصالح والخيّر وما يعود لصالحنا نحن البشر. هذا الرّوح هو عطيّ’ العطايا الّذي يمنحه الرّب بمجانيّة وبفيض علينا ثمرة حبه لنا. يهدف الرّوح أن يجدد ليس فقط قلوبنا الباطنيّة ولكن كلّ ما ينتمي للأرض ويحيا عليها مدعو ليحمل رّوح الله.





3. الشريعة والرّوح (يو 15: 26-27)



يستعيّن كاتب الإنجيل الرابع بنفس المفهوم الفيّاض لعطيّة الرّبّ لرّوحه القدوس لنا. يستخدم لغة قريبة جدًّا من تلك الـمُستخدمة بالعهد الأوّل لوصف عطيّة الشريعة لموسى على جبل سيناء حيث أعلن: «قالَ الرَّبُّ لِموسى: "اِصعَدْ إِلَيَّ إِلى الجَبَل وأَقِمْ هُنا حَتَّى أُعطِيَكَ لَوحَيِ الحِجارةِ والشَّريعَةَ والوَصِيَّةَ اَّلتي كَتَبتُها لِتَعْليمِهم". [...] وصَعِدَ موسى الجَبَل. [...] دعا الرَّبُّ موسى مِن وَسَطِ الغَمام. وكانَ مَنظَرُ مَجدِ الَرَّبِّ كَنارٍ آكِلةٍ في رَأسِ الجبَل أَمامَ عُيونِ بَني إِسرْائيل. فدَخَلَ موسى في وَسَطِ الغَمامِ وصَعِدَ الجَبَل. وأَقامَ موسى في الجَبَلِ أَربَعينَ يَوماً وأَربعينَ لَيلَة [...] ولَمَّا اِنتَهى اللهُ مِن مُخاطَبَةِ موسى على جَبَلِ سِيناء، سلَّمَه لَوحَيِ الشَّهادة، لَوحَينِ مِن حَجَر، مَكْتوبَينِ بِإِصبَعِ الله» (خر 24: 12- 18؛ 31: 18). تمّ تسليم الشريعة لموسى حيث هناك الريح، والنار، والزلزال، والهدير فهي علامات الظهور الإلهي الّذي سيغمر العلّية في حدث العنصرة (راج أع 2).



وفي هذا المقطع والمأخوذ من الإنجيل بحسب يوحنّا، نجد أنفسنا، بعد الإحتفال بسرّ الآلام والموت والقيامة والصعود، مرة أخرى داخل خطاب يسوع الوداعي بحسب الليتورجيّة بالطقس اللّاتيني. سنناقش أولاً الشهادة الّتي أُعطيت ليسوع، على لسان المعمدان، وهو مضمون يمتد عبر الإنجيل الرابع بأكمله، إذ بدء الكاتب بالتنويّه عنه منذ وصفه لدور المعمدان (راج يو 1: 19- 35).حيث ربط الإنجيلي فكرته اللّاهوتيّة بفيض الرّوح بشهادة المعمدان قائلاً: «شَهِدَ يوحَنَّا قال: "رَأَيتُ الرُّوحَ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ كأَنَّه حَمامَة فيَستَقِرُّ علَيه. وأَنا لَم أَكُنْ أَعرِفُه، ولكِنَّ الَّذي أَرسَلَني أُعَمِّدُ في الماءِ هو قالَ لي: إِنَّ الَّذي تَرى الرُّوحَ يَنزِلُ فيَستَقِرُّ علَيهِ، هو ذاكَ الَّذي يُعَمِّدُ في الرُّوحِ القُدُس. وأَنا رأَيتُ وشَهِدتُ أَنَّه هو ابنُ الله"» (يو 1: 32-34).



نجد الإنجيلي يضع الشهادة الثانيّة، هي شهادة مزدوجة، على لسان يسوع القائل: «ومَتى جاءَ المُؤَيِّدُ الَّذي أُرسِلُه إِلَيكُم مِن لَدُنِ الآب رُوحُ الحَقِّ المُنبَثِقُ مِنَ الآب فهُو يَشهَدُ لي وأَنتُم أَيضاً تَشهَدون لأَنَّكُم مَعي مُنذُ البَدْء» (يو 15: 26- 27). الرّوح يشهد للإبن الإلهي ولإتمامه سرّه الفصحي، وفي ذات الوقت التلاميذ، وهم بمثابة شهود عيّان (راج أع 1-2). واليّوم شهادتنا كمؤمنين بسرّ يسوع الفصحي الّذي يجد ملئه في فيض رّوحه علينا، فما علينا إلّا أن نكون شهوداً عن سخائه وعطية رّوحه القدوس بمجانيّة أي دونّ أن نطلبه.





4. فيضّ الرّوح (يو 15: 26- 27؛ 16: 12- 15)



في مرحلة أخرى يخاطبنا الإنجيليّ بفكره اللّاهوتي عن إكتمال عيد الفصح في عطيّة الرّوح. تشير عطيّة الرّوح إلى ملء تحقيق الفصح لأنها تتوافق مع عطيّة الشريعة المكتوبة في قلوبنا (راج إر 31: 31 – 34)، ولكن أيضًا لأن الرّوح ينقش فينا، كتلاميذ مؤمنين، ملامح وجه يسوع القائل قبل عبوره سرّه الخلّاصي: «فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُّوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث. سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه. جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه» (يو 16: 13- 15). لا يتوجب علينا أن ننسى أن "الحقّ" بحسب فكر الإنحيليّ هو يسوع ذاته (راج يو 14: 6)، لذا فإنّ هبة الرّوح هي تحقيق ملء الفصح، لأنها تتقش فينا وجه الرّبّ القائم من بين الأموات، وتجعلنا حقًا تلاميذه، فالرّوح الفياض سيذكرنا بكل ما علّمه وذكره يسوع في أثناء حياته الأرضيّة (راج يو 14: 26).



هكذا يؤكد الإنجيليّ من خلال ما ذكرناه سابقًا بأنّ فضلّ هبة الرّوح، يمكن أنّ يُتّمم فينا كمال آلام المسيح، أي فصحه، الّذي تحدث عنه بولس في رسالته إلى أهل كولوسي: «يَسُرُّني الآنَ ما أُعاني لأَجلِكم فأُتِمُّ في جَسَدِي ما نَقَصَ مِن شَدائِدِ المسيح في سَبيلِ جَسَدِه الَّذي هو الكَنيسة» (كو 1: 24). هذا هو قبولنا لفيض الرّوح فينا حينما نفهم أنّ تحقيق ملء الفصح ليس شيئًا خارجيًا عنا، بل هو واقع يفيض بباطننا. لقد كان فصح يسوع من أجلنا ولصالحنا. لهذا السبب لا يمكن إلا أنّ يتحقق فينا هذا الفيض الّذي أنعّم به علينا. هذا لا يعني أنّ الإنجاز يعتمد علينا بل علينا أن نتذكر دائمًا بأنّ فيض الروح هذا لهو نعمة مجانية من الله بشكل دائم. علينا أن ننفتح وندرك أنّ كلًّا منا كمُعمدّ يصير بقلبه وبجسده ذاك المكان الّذي يتحقق فيه ملء الفيضّ والكمال الإلهي. إنفتاحنا المطيع، اليّوم، على الرّوح القدس هو المكان الّذي يتحقق فيه فصح يسوع من خلال جعل ثمار الرّوح تنمو فينا وهذا يتطلب منا التفاعل بالتواصل بشكل شخصي مع الرّوح القدس وبدون إنغلاق (راج غل 5: 16 – 25). مدعوين اليّوم كمؤمنين بقبول هذا المنطق الإلهي الجديد وهو فيض الروّح ككمال للفصح في يسوع ذاته. يدعونا القبول لفيض الرّوح إلى الحياة بالرّوح وهي بمثابة الحياة المنعكسة بالعالم أيّ الّتي لا تتبع منطق العالم بل تعيش في العالم الأرضي برّوح إلهيّة ساميّة لها من القدرة التمييز على ما ينتمي لرّوح الرّبّ. فالحياة بحسب الرّوح، لا تجعلنا نرتكز على أعمال ما بل عن ثمار الرّوح متّى قبلنا فيضه بباطننا (راج غل 5: 22). تولّد فينا هذه الثمار الروحيّة بفضل إنفتاحنا على هذا الفيض وقبوله كعطيّة فيصير فيض الرّوح الـمُنسكب في قلوبنا كمؤمنين بالمسيح، ثمرة تجعلنا نعكس صورة المسيح فينا في منطق الحياة الّذي حقق فصحه فينا. إنّ الثمار الّتي يتحدث عنه بولس هي في الواقع ملامح الوجه الّذي رسمه فينا الرّوح المسكوب، وهذه هي ملامح وجه ابن الله الّذي سكبه في قلوبنا.





الخلّاصة



تنقلنا بين صفحات العهدين، ففي العهد الأوّل بين سفر الخروج ونبؤة يوئيل والمزمور الـ104 ورأينا أنّ إستباق العنصرة بالشريعة ورّوح الرؤىّ والنبؤة التّي أعلنها يوئيل. فصارت في كلمات كاتب سفر المزامير دعوة للتهليل بالمجد الإلهي الّذي لازال يرغب في ارسال رّوحه في كل عصر ليُجدد وجه الأرض الّذي شوهناه بأعمال لا تليق بخلائق تشهد بفيض الرّوح. بالعهد الثاني إنطلقنا من شهادة المعمدّان وشهادة الرّوح والتلاميذ معًا (راج يو 1) كشهود عيّان يعلنوا عظمة الرّبّ في تحقيق سرّ فصح الابن بفيض الرّوح (يو 15: 26-27؛ 16: 12-15). مدعوين في هذا العيد الّذي ليس هو ختام بل هو يمثل بشكل جديد بدايّة من خلال شهادتنا كمؤمنين عن إستمراريّة فيض الرّوح الإلهيّ فينا اليّوم وكل يّوم. ليحلّ علينا فيض الرّوح القدس ونصير شهوداً.
 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 160374 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




أصلُّ العنصرة (يؤ 3: 1- 3)



نوّد قبل أنّ نتوقف على تحليل المزمور من الوجهة الكتابيّة والتعرف على علاقته بفيض الرّوح القدس، التوقف قليلاً للتعرف على أصل العنصرة بالعهد الأوّل. يُطلعنا هذا العيد، من الوجهة الكتابيّة، على أنّ جذوره ليست بجديدة فقد كان ولا يزال الإحتفال بالعنصرة أساسيّ في تاريخ شعب إسرائيل. ويعود أصلّ عيد العنصرة حيث يحتفل بني إسرائيل-اليهود، حتّى يومنا هذا، بهذا العيد بعد مرور "خمسين يومًا" على عيد الفصح بعطيّة "عيد أسابيع الرّبّ" للشريعة وبشائر الأنبياء الّذين إنتظروا تنبؤا قبلاً بتحقيق زمن الرّبّ في المسيّا. تحقيق الروح على كل جسد، كما جاء، على لسان الرّبّ، بحسب نبؤة يوئيل وبشكل إستباقي القائل: «سيَكونُ بَعدَ هذه أَنِّي أُفيضُ روحىّ على كُلِّ بَشَر فيَتَنَبَّأَ بنوكم وبَناتُكم ويَحلُمُ شُيوخُكم أَحْلامًا ويَرى شُّبانُكم رُؤًى» (3: 1)، وهو ما سيستشهد به لاحقًا كاتب سفر الأعمال في رواية حدث العنصرة بالإصحاح الثاني.



إذا تسألنا عن معنى تعبير "إتمام الفصح" الّذي نجد أصداءه في روايّة أعمال الرسل وفي مقدمة سر الإفخارستيا لهذا الإحتفال؟ من المؤكد إننا سنكتشف بأنّ اكتمال الفصح قد تمّ بيدّ الآب القديرة في عطية الرّوح، فهي بلا شكّ عطيّة الله. ومع ذلك، يمكننا أيضًا أنّ نتسأل من جديد عن علاقة عطيّة الرّوح بموت يسوع وقيامته، علاوة على ذلك، ماذا يعني بالنسبة لنا، كمؤمنين اليّوم ونحن الّذين نلنا نعمة الرّوح القدس بسرّ المعموديّة، إلى أي مدى تحققّ عيد الفصح في عطيّة الرّوح؟ ترشدنا قراءاتنا الكتابيّة لهذا الأسبوع إلى اكتشاف بعض سمات هذا الواقع المركزي.





 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 160375 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






تجدد الأرض (مز 104)



«بارِكي الرَّبَّ يا نَفْسي، أَيّها الرَّبُّ إِلهي لقد عَظُمتَ جِدًّا تَسَربَلتَ البَهاءَ والجَلال» (مز 104: 1). بهذه الآيّة الإفتتاحيّة، يساعدنا كاتب سفر المزامير على تمحور إنتباهنا كمؤمنين على عظمة الرّبّ وما علينا إلّا الإعتراف على عظمته في حياتنا. ولاحقًا يعلن الجديد عن الرّبّ من خلال كلماته كحوار معه: «تُرسِلُ رُوحَكَ فيُخلَقون وتُجَدِّدُ وَجهَ الأَرض. لِيَكُنْ مَجدُ الرَّبِّ لِلأبد لِيَفرَحِ الرَّبُّ بأَعْمالِه [...] أُنشِدُ لِلرَّبِّ مُدَّةَ حَياتي أَعزِفُ لِلهِ ما دُمتُ. [...] أَمَّا أَنا فبِالرَّبِّ أَفرَح [...] باركي الرَّبَّ يا نَفْسي» (مز 104: 30-35). حينما يتواصل الرّبّ مع خلائقه البشر، يرسل رّوحه فيعيد الخلق الّذي دمره البشر، بخلق جديد ينتمي لمخططه الإلهي الصالح والخيّر وما يعود لصالحنا نحن البشر. هذا الرّوح هو عطيّ’ العطايا الّذي يمنحه الرّب بمجانيّة وبفيض علينا ثمرة حبه لنا. يهدف الرّوح أن يجدد ليس فقط قلوبنا الباطنيّة ولكن كلّ ما ينتمي للأرض ويحيا عليها مدعو ليحمل رّوح الله.
 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 160376 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






الشريعة والرّوح (يو 15: 26-27)



يستعيّن كاتب الإنجيل الرابع بنفس المفهوم الفيّاض لعطيّة الرّبّ لرّوحه القدوس لنا. يستخدم لغة قريبة جدًّا من تلك الـمُستخدمة بالعهد الأوّل لوصف عطيّة الشريعة لموسى على جبل سيناء حيث أعلن: «قالَ الرَّبُّ لِموسى: "اِصعَدْ إِلَيَّ إِلى الجَبَل وأَقِمْ هُنا حَتَّى أُعطِيَكَ لَوحَيِ الحِجارةِ والشَّريعَةَ والوَصِيَّةَ اَّلتي كَتَبتُها لِتَعْليمِهم". [...] وصَعِدَ موسى الجَبَل. [...] دعا الرَّبُّ موسى مِن وَسَطِ الغَمام. وكانَ مَنظَرُ مَجدِ الَرَّبِّ كَنارٍ آكِلةٍ في رَأسِ الجبَل أَمامَ عُيونِ بَني إِسرْائيل. فدَخَلَ موسى في وَسَطِ الغَمامِ وصَعِدَ الجَبَل. وأَقامَ موسى في الجَبَلِ أَربَعينَ يَوماً وأَربعينَ لَيلَة [...] ولَمَّا اِنتَهى اللهُ مِن مُخاطَبَةِ موسى على جَبَلِ سِيناء، سلَّمَه لَوحَيِ الشَّهادة، لَوحَينِ مِن حَجَر، مَكْتوبَينِ بِإِصبَعِ الله» (خر 24: 12- 18؛ 31: 18). تمّ تسليم الشريعة لموسى حيث هناك الريح، والنار، والزلزال، والهدير فهي علامات الظهور الإلهي الّذي سيغمر العلّية في حدث العنصرة (راج أع 2).



وفي هذا المقطع والمأخوذ من الإنجيل بحسب يوحنّا، نجد أنفسنا، بعد الإحتفال بسرّ الآلام والموت والقيامة والصعود، مرة أخرى داخل خطاب يسوع الوداعي بحسب الليتورجيّة بالطقس اللّاتيني. سنناقش أولاً الشهادة الّتي أُعطيت ليسوع، على لسان المعمدان، وهو مضمون يمتد عبر الإنجيل الرابع بأكمله، إذ بدء الكاتب بالتنويّه عنه منذ وصفه لدور المعمدان (راج يو 1: 19- 35).حيث ربط الإنجيلي فكرته اللّاهوتيّة بفيض الرّوح بشهادة المعمدان قائلاً: «شَهِدَ يوحَنَّا قال: "رَأَيتُ الرُّوحَ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ كأَنَّه حَمامَة فيَستَقِرُّ علَيه. وأَنا لَم أَكُنْ أَعرِفُه، ولكِنَّ الَّذي أَرسَلَني أُعَمِّدُ في الماءِ هو قالَ لي: إِنَّ الَّذي تَرى الرُّوحَ يَنزِلُ فيَستَقِرُّ علَيهِ، هو ذاكَ الَّذي يُعَمِّدُ في الرُّوحِ القُدُس. وأَنا رأَيتُ وشَهِدتُ أَنَّه هو ابنُ الله"» (يو 1: 32-34).



نجد الإنجيلي يضع الشهادة الثانيّة، هي شهادة مزدوجة، على لسان يسوع القائل: «ومَتى جاءَ المُؤَيِّدُ الَّذي أُرسِلُه إِلَيكُم مِن لَدُنِ الآب رُوحُ الحَقِّ المُنبَثِقُ مِنَ الآب فهُو يَشهَدُ لي وأَنتُم أَيضاً تَشهَدون لأَنَّكُم مَعي مُنذُ البَدْء» (يو 15: 26- 27). الرّوح يشهد للإبن الإلهي ولإتمامه سرّه الفصحي، وفي ذات الوقت التلاميذ، وهم بمثابة شهود عيّان (راج أع 1-2). واليّوم شهادتنا كمؤمنين بسرّ يسوع الفصحي الّذي يجد ملئه في فيض رّوحه علينا، فما علينا إلّا أن نكون شهوداً عن سخائه وعطية رّوحه القدوس بمجانيّة أي دونّ أن نطلبه.
 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 160377 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






فيضّ الرّوح (يو 15: 26- 27؛ 16: 12- 15)



في مرحلة أخرى يخاطبنا الإنجيليّ بفكره اللّاهوتي عن إكتمال عيد الفصح في عطيّة الرّوح. تشير عطيّة الرّوح إلى ملء تحقيق الفصح لأنها تتوافق مع عطيّة الشريعة المكتوبة في قلوبنا (راج إر 31: 31 – 34)، ولكن أيضًا لأن الرّوح ينقش فينا، كتلاميذ مؤمنين، ملامح وجه يسوع القائل قبل عبوره سرّه الخلّاصي: «فَمتى جاءَ هوَ، أَي رُّوحُ الحَقّ، أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث. سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه. جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه» (يو 16: 13- 15). لا يتوجب علينا أن ننسى أن "الحقّ" بحسب فكر الإنحيليّ هو يسوع ذاته (راج يو 14: 6)، لذا فإنّ هبة الرّوح هي تحقيق ملء الفصح، لأنها تتقش فينا وجه الرّبّ القائم من بين الأموات، وتجعلنا حقًا تلاميذه، فالرّوح الفياض سيذكرنا بكل ما علّمه وذكره يسوع في أثناء حياته الأرضيّة (راج يو 14: 26).



هكذا يؤكد الإنجيليّ من خلال ما ذكرناه سابقًا بأنّ فضلّ هبة الرّوح، يمكن أنّ يُتّمم فينا كمال آلام المسيح، أي فصحه، الّذي تحدث عنه بولس في رسالته إلى أهل كولوسي: «يَسُرُّني الآنَ ما أُعاني لأَجلِكم فأُتِمُّ في جَسَدِي ما نَقَصَ مِن شَدائِدِ المسيح في سَبيلِ جَسَدِه الَّذي هو الكَنيسة» (كو 1: 24). هذا هو قبولنا لفيض الرّوح فينا حينما نفهم أنّ تحقيق ملء الفصح ليس شيئًا خارجيًا عنا، بل هو واقع يفيض بباطننا. لقد كان فصح يسوع من أجلنا ولصالحنا. لهذا السبب لا يمكن إلا أنّ يتحقق فينا هذا الفيض الّذي أنعّم به علينا. هذا لا يعني أنّ الإنجاز يعتمد علينا بل علينا أن نتذكر دائمًا بأنّ فيض الروح هذا لهو نعمة مجانية من الله بشكل دائم. علينا أن ننفتح وندرك أنّ كلًّا منا كمُعمدّ يصير بقلبه وبجسده ذاك المكان الّذي يتحقق فيه ملء الفيضّ والكمال الإلهي. إنفتاحنا المطيع، اليّوم، على الرّوح القدس هو المكان الّذي يتحقق فيه فصح يسوع من خلال جعل ثمار الرّوح تنمو فينا وهذا يتطلب منا التفاعل بالتواصل بشكل شخصي مع الرّوح القدس وبدون إنغلاق (راج غل 5: 16 – 25). مدعوين اليّوم كمؤمنين بقبول هذا المنطق الإلهي الجديد وهو فيض الروّح ككمال للفصح في يسوع ذاته. يدعونا القبول لفيض الرّوح إلى الحياة بالرّوح وهي بمثابة الحياة المنعكسة بالعالم أيّ الّتي لا تتبع منطق العالم بل تعيش في العالم الأرضي برّوح إلهيّة ساميّة لها من القدرة التمييز على ما ينتمي لرّوح الرّبّ. فالحياة بحسب الرّوح، لا تجعلنا نرتكز على أعمال ما بل عن ثمار الرّوح متّى قبلنا فيضه بباطننا (راج غل 5: 22). تولّد فينا هذه الثمار الروحيّة بفضل إنفتاحنا على هذا الفيض وقبوله كعطيّة فيصير فيض الرّوح الـمُنسكب في قلوبنا كمؤمنين بالمسيح، ثمرة تجعلنا نعكس صورة المسيح فينا في منطق الحياة الّذي حقق فصحه فينا. إنّ الثمار الّتي يتحدث عنه بولس هي في الواقع ملامح الوجه الّذي رسمه فينا الرّوح المسكوب، وهذه هي ملامح وجه ابن الله الّذي سكبه في قلوبنا.



 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:45 PM   رقم المشاركة : ( 160378 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






صارت في كلمات كاتب سفر المزامير دعوة للتهليل بالمجد الإلهي الّذي لازال يرغب في ارسال رّوحه في كل عصر ليُجدد وجه الأرض الّذي شوهناه بأعمال لا تليق بخلائق تشهد بفيض الرّوح. بالعهد الثاني إنطلقنا من شهادة المعمدّان وشهادة الرّوح والتلاميذ معًا (راج يو 1) كشهود عيّان يعلنوا عظمة الرّبّ في تحقيق سرّ فصح الابن بفيض الرّوح (يو 15: 26-27؛ 16: 12-15). مدعوين في هذا العيد الّذي ليس هو ختام بل هو يمثل بشكل جديد بدايّة من خلال شهادتنا كمؤمنين عن إستمراريّة فيض الرّوح الإلهيّ فينا اليّوم وكل يّوم. ليحلّ علينا فيض الرّوح القدس ونصير شهوداً.
 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 160379 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




"رقصة الموت" بين كاتبي نبؤة ارميا والإنجيل الثاني



مقدّمة



يوحنّا المعمدان، من الشخصيات الّتي نطلق عليها في لّاهوت الكتاب المقدس "شخصيات ما بين العهدين". المعمدان هو شخصية جوهريّة لدوره الُمتميز كمهييء ومُعدّ ليسوع المخلص في حياته الأرضية. وَدَدّنَا كتابة هذا المقال لعدة أسباب؛ الأوّل هو أنّ الكنيسة الكاثوليكية خصصّت يومين ليوحنّا المعمدان للإحتفال به كل عام، يوم ميلاده والّذي نحتفل به في الرابع والعشرون من يونيو بسبب إنّه "شاهد للنّور" ففي هذا اليّوم تنخفض الشمس منذ القرن الخامس (بحسب فكر القديس اغسطينوس) علامة على إختفاءه لأن النّور الحقيقي، وهو يسوع، سيبدأ في التجلي من خلال الحياة العلنيّة. اليّوم الآخر هو يّوم إستشهاده في التاسع والعشرون من أغسطس بحسب الطقس اللّاتيني. أمّا السبب الثاني وهو أنّ شخصية المعمدان من الشخصيات الكتابيّة الّتي تكشف شيئًا جديداً لكلاً منا كمؤمنين في هذا الزمن وكلّ الأزمنة، فهو صوت الكلمة (مر 1) وهو صديق العريس (راج يو 3). والسبب الأخير هو أنّ شخصية المعمدان من الشخصيات الّتي رافقتني بشكل شخصي وعلمتني الكثير لمواجهة التحديات والتحلي بشجاعة في قول الحق أيّا كانت النتيجة. ففي هذا المقال أعطينا عنوانًا لمقالنا بـ "رقصة الموت" وسنتعرف على الأسباب الّتي جعلتنا نختار هذا العنوان بالتحديد مُنطلقين من شخصيّة ارميا وقرأتنا لثلاث آيات فقط من نص دعوته بالعهد الأوّل (1: 17- 19). وعلى ضوء هذه الآيات سترتكز نقاط المقال على شخصية المعمدان الّذي فقد حياته الأرضية بسبب رسالته وهي قول الحق. بحسب الإناجيل الإزائية وبالأخص مرقس (6: 17- 29) بالعهد الثاني سيتم إتخاذ قرار قتله أثناء حفلة وبعد إنتهاء إبنة هيردويّا رقصتها الّتي رفضت قبول الحق الّذي كشفه صراحة المعمدان مما جعلها ترفضه شخصيًا مما أدى إلى إنتهاء حياته. هدفنا من خلال قرأتنا لهذين النصييّن أن نتوقف قليلاً أمام الرقصات الّتي تُقدمها لنا الحياة الأرضية سارقة الحق منّا، ودافعة إيانّا إلى الموت، متسألين هل الحق جزء جوهري من رسالتنا لنكون شهوداً عن المسيح أمّ لأسباب أخرى؟





1. جرأة آخر الأنبياء (ار 1: 17- 19)



بحسب دعوة ارميا النبي الّتي يرويها كاتب النبؤة بصيغة المتكلم، في الإصحاح الأوّل، نستعين بقليل من الآيات بسبب التنويّه عن رسالة المعمدان النبويّة. بحسب كلمة الرّبّ نقرأ الأمر الإلهي: «أَنتَ فاشدُدْ حَقْوَيكَ وقُمْ وكَلِّمْهم بِكُلِّ ما آمُرُكَ بِه. لا تَفزَعْ مِن وجوهِهم [...] فإِنِّي هاءَنَذا قد جَعَلتكَ اليَومَ مَدينَةً حَصينةً وعَموداً مِن حَديد [...] فيُحارِبونَكَ ولا يَقوَونَ علَيكَ لِأَنِّي مَعَكَ، يَقولُ الرَّبّ، لِأُنقِذَكَ» (ار 1: 17- 19). بالفعل قد عاش المعمدان هذه الكلمات في رسالته النبويّة، فهو الّذي ختّم مسيرة الأنبياء الّتي سبق برسالته تجسد يسوع مباشرة. عاش في الزمن القديم هذا الرفض النبي ارميا منذ دعوته ولكن نجد أن الجرأة في حمل الرسالة من الله للشعب لمّ تكن صفة ارميا فقط بل إستمرت والمعمدان شاهد في رسالته النبويّة لما وكلّه الله به مما أدت هذه الجرأة في سبيل الله إلى محاربته بل ورفضه. هذه النبؤة، يرويها النبي منذ الحوار الأوّل لله بالنبي. وهذه الكلمات الّتي تتطلب "شدّ الحقويّن" بالحزام ما نفسره كتابيًا بجديّة الإستعداد والإلتزام، من قبل المدعو، علامة لقبول الرسالة الإلهيّة وإتمامها. سنرى كيف كانت نهايّة هذا الأمر الإلهي في حياة المعمدان، نبي الجرأة والإستعداد.





2. تمييز صوت الحق (مر 6: 17- 29)



تشير وجهة النظر السرديّة بحسب كاتب الإنجيل الثاني في هذا المقطع الإنجيلي إلى وجود شخصيات سطحية في هذه الواقعة الإنجيليّة، مآدبة الحاكم هيرودس، في حضور شخصية جوهريّة للتمهيد والإعداد للمسيّا، المعمدان. مع ذلك، من خلال تفسيرنا هذا، يمكننا إعادة بناء بعض التفاصيل الإضافية. أوّلًا يوحنّا المعمدان هو بذاته الّذي قررّ أنّ يعيش بحسب دعوته ليكون حقًا رجل ذو "صوت في الصحراء" صارخًا مُعلنًا ومُبشراً بـ "الكلمة". وهو ما يشير لكل ما هو حق حتى وإنّ كان هذا على حساب حياته في سبيل تمسكه بقول الحق. فليس من السّهل، كإنسان، أن تكون لديه القدرة للتغلب على الخوف من الموت واتخاذ قرار بالإصغاء فقط إلى الصوت الإلهي وتمييزه وهو الّذي طلب منه الاستمرار في رسالته، وليس الخوف من العواقب لأن المكافأة كانت ستكون عظيمة. التمييز للصوت الإلهي في وسط الكثير من الأصوات السياسية والقياديّة، كهيرودس وهيردويّا وابنتها، والّتي لها من السلطة أنّ تمحي إسمه. تعمّد المعمدان بقول الحق صاغيًا للصوت الإلهي بالرغم من كثرة وإتحاد الأصوات القياديّة من حوله، جعلت منه محاربًا في سلامه الباطني ضد شر عصره.





3. رقصة الموت (مر 6: 20- 25)



من خلال رقصة فتاة، ابنة هيردويّا، الّتي تُنفذ فقط، فهي مفعول بها وليس لها من الشجاعة أن تقرر ماذا تريد، فهي لا تريد شيئاً محدداً إلّا ما تقوله لها والدتها. «فرَجَت وسأَلَت أُمَّها: "ماذا أَطلُب؟" فقالت: "رأَسَ يوحَنَّا المَعمَدان". فدَخَلَت مُسرِعَةً إِلى المَلِكِ وطَلَبَت فقالَت: "أُريدُ أَن تُعطِيَني في هذِه السَّاعَةِ على طَبَقٍ رأسَ يوحَنَّا المَعمَدان"» (6: 24- 25). صوت ضمير هذه الفتاة غائب، تستعين برأيّ أمها الّتي تخشى على مركزها السياسي لذا تتبع صوت الخوف، تريد إزالة كل العقبات الّت تعرقل الطريق وتشير عليها بقرار يؤمن مركزها وعلاقاتها الفاسدة، مما يحافظ على سيطرتها وسلطتها حتى وإنّ بالظلم يتم قتل رجل الله، المعمدان. إذن الشخصييتين النسائيتين الأوّلى ذات ضمير متغيب والآخرى تزيل كل ما يمنع تأمين حياتها من على وجه الأرض بسلطتها. رقصة ابنة هيردويّا هي الّتي أدت بحياة المعمدان إلى الموت، فصارت رقصة تعلن موت علنًا.



وأخيرًا، شخصية هيرودس الحاكم فهو شخصية تكشف حالة الإرتباك والخوف، فهو حقيقة يخاف المعمدان ويحبه بحسب النص: «لأَنَّ هيرودُسَ كانَ يَهابُ يوحَنَّا لِعِلمِه أَنَّه رَجُلٌ بارٌّ قدِّيس. وكان يَحْميهِ. وإِذا استَمَعَ إِليه، وقَعَ في حَيرةٍ كَبيرة، وكانَ مع ذلِكَ يَسُرُّه الإِصغاءُ إِليه [...] فاغتَمَّ الملِك، ولِكِنَّه مِن أَجلِ أَيمانِه ومُراعاةً لِجُلَسائه، لم يَشأ أَن يَرُدَّ طلَبَها. فأَرسَلَ المَلِكُ مِن وقتِهِ حاجِباً وأَمَرَهُ بِأَن يَأتيَ بَرأسِه. فمَضى وقطَعَ رأسَه في السِّجْن، 28وأَتى بِرأسِ يوحَنَّا على طبَقَ، فأَعطاه لِلصَّبِيَّة والصَّبِيَّةُ أَعطَتْه لِأُمِّها» (6: 20. 26- 27). لذا صراع قلبه بين الخوف من شيء قد يقلب حياته رأسًا على عقب وبين التنفيذ لوعد أعلنه علانيّة لهذه الفتاة حتى لا يصغر في أعين الحاضرين. ومرة أخرى الرغبة في تقديم هدية سخية والخوف من التشويه أمام الحضور السلطوي. من بين هذه الأصوات الداخلية الّتي تجعله يُصارع، صوت شخص كان يغذي سلامه بالرغم من إنه غير يهودي، يعلن الحق الّذي يجعله يستمع إلى المعمدان هو الّذي كان يجعله يشعر بالرضا، لذا عندما يسمع طلب ابنه هيروديًا يصير حزينًا. مدعويين لفحص الأصوات الّتي تُفرقنا وتنزع سلامنا، ونستمر في التمييز متسألين: أين يقودنا إتباع الصوت الّذي يغذي الخوف وأين يقودنا الشخص الذي يتحدث عن الفرح؟





4. هيردوس العصر (6: 26- 29)



علينا أن نتسأل اليّوم، ونحن بالقرن الحادي والعشرين ألّا يزال هيرودس حيًا حتى اليّوم؟ هيرودس هو الّذي قرر قطع رأس المعمدان بناء على طلب إبنة هيردويّا عشيقته. نعم بسبب إنّه حي ونشط للغاية كلما وضعنا مصالحنا فوق الحق يمكننا أنّ ندفع أيّ ثمن. حتى داخل كنائسنا اليّوم، تجد الشخصيات الّتي مثل هيرودس مساحة، كلما حاول، أيّ مسئول بداخل الكنيسة، بأيّ ثمن الحفاظ على موقع سلطته ومكانته؛ في كل مرة ننسى كجماعة مسيحية علينا أنّ نرتدي ثياب الخدمة ونحمل بدلاً منه درع الهيمنة والسلطة، فإنّنا نفتح الأبواب أمام هيرودس، ونرقص رقصة موت ابنة هيردويّا. حينما يُفضل مسئول ما بالجماعة الكنسية الحفاظ على ثروته بدلاً من المشاركة بها، يرتدي ثياب ويحمل قرار هيروديّا الّتي تتحكم في حياة الآخرين. إيضًا في كل مرة يلتزم أعضاء الكنيسة بالصمت في وجه وحشية السياسات الّتي تنفذ خيارات معادية للإنسان فقط للحصول على الإجماع والحفاظ على السلطة، في كل مرة نفتح فيها الكنائس لاحتفالاتنا الجميلة ولكن بعد ذلك نحيي أولئك الّذين يغلقون الأبواب في وجه مَن يبحث عن الكرامة والعمل. نعم، في كل مرة يتمّ هذا، يواصل هيرودس ممارسة قوته ونرقص جميعنا رقصة الموت مع ابنة هيردويّا. كم أبعد من ذلك حتى يتم إسكات هيرودس أخيرًا! مدعوين لئلا نشعر بالإحباط، فهناك قوة الـملكوت، الّتي يتمتع بها المعمدان، فهي أقوى من أيّ قوة موت حولنا أو بداخلنا، لكنها لا تزال بحاجة إلى مغادرة تلك الإحتفالات المزيفة الّتي تعرقل الحق وتمييزنا للصوت الإلهي. الأمر متروك لك عزيزي القارئ كما هو الحال دائمًا.





الخلّاصة



إذّ لم يكن لديك من الشجاعة والجرأة أن تعلن الصوت الإلهي الّذي يتحاور في ضميرك ويعلو الصوت بقوة، لن يكون لك المجال للتمتع بالملكوت. علينا أنّ نحذر هذه الأصوات المزيفة الّـتي تنزع صوت الحق وتتراقص ببهجة مزيفة برقصات الموت من حولنا. دُمتم في مسيرة تمييز للصوت الإلهي وقول الحق مهما كان مُكلفًا دون عن الإستمرار في قبول رقصات الموت من خلالنا أو للحفاظ على سلطتنا داخل وخارج الكنيسة.

 
قديم 14 - 05 - 2024, 04:51 PM   رقم المشاركة : ( 160380 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,276,271

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




"رقصة الموت" بين كاتبي نبؤة ارميا والإنجيل الثاني



يوحنّا المعمدان، من الشخصيات الّتي نطلق عليها في لّاهوت الكتاب المقدس "شخصيات ما بين العهدين". المعمدان هو شخصية جوهريّة لدوره الُمتميز كمهييء ومُعدّ ليسوع المخلص في حياته الأرضية. وَدَدّنَا كتابة هذا المقال لعدة أسباب؛ الأوّل هو أنّ الكنيسة الكاثوليكية خصصّت يومين ليوحنّا المعمدان للإحتفال به كل عام، يوم ميلاده والّذي نحتفل به في الرابع والعشرون من يونيو بسبب إنّه "شاهد للنّور" ففي هذا اليّوم تنخفض الشمس منذ القرن الخامس (بحسب فكر القديس اغسطينوس) علامة على إختفاءه لأن النّور الحقيقي، وهو يسوع، سيبدأ في التجلي من خلال الحياة العلنيّة. اليّوم الآخر هو يّوم إستشهاده في التاسع والعشرون من أغسطس بحسب الطقس اللّاتيني. أمّا السبب الثاني وهو أنّ شخصية المعمدان من الشخصيات الكتابيّة الّتي تكشف شيئًا جديداً لكلاً منا كمؤمنين في هذا الزمن وكلّ الأزمنة، فهو صوت الكلمة (مر 1) وهو صديق العريس (راج يو 3). والسبب الأخير هو أنّ شخصية المعمدان من الشخصيات الّتي رافقتني بشكل شخصي وعلمتني الكثير لمواجهة التحديات والتحلي بشجاعة في قول الحق أيّا كانت النتيجة. ففي هذا المقال أعطينا عنوانًا لمقالنا بـ "رقصة الموت" وسنتعرف على الأسباب الّتي جعلتنا نختار هذا العنوان بالتحديد مُنطلقين من شخصيّة ارميا وقرأتنا لثلاث آيات فقط من نص دعوته بالعهد الأوّل (1: 17- 19). وعلى ضوء هذه الآيات سترتكز نقاط المقال على شخصية المعمدان الّذي فقد حياته الأرضية بسبب رسالته وهي قول الحق. بحسب الإناجيل الإزائية وبالأخص مرقس (6: 17- 29) بالعهد الثاني سيتم إتخاذ قرار قتله أثناء حفلة وبعد إنتهاء إبنة هيردويّا رقصتها الّتي رفضت قبول الحق الّذي كشفه صراحة المعمدان مما جعلها ترفضه شخصيًا مما أدى إلى إنتهاء حياته.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024