13 - 05 - 2024, 12:33 PM | رقم المشاركة : ( 160281 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رفقة المعلم وصبره (مت 22: 1- 14) على ضوء المأدبة الّتي نوّه عنها اشعيا في قرائتنا الأولى نتابع مع متى تعليم يسوع من خلال مثل "الدعوة إلى الوليمة". نعم، لازالنا إيّها القراء الأفاضل، نتابع يسوع وهو يوجه رسالته التعلّيميّة بهيكل أورشليم لعظماء الكهنة (راج مت 21: 23- 27) وقبل خوضه في مسيرة الآلام. يرويّ متّى بأنّ يسوع: «دخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَو يُعَلِّمُ وقالوا لَه: بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ [...] ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان [...] إِسمَعوا مَثَلاً آخَر ...» (مت 21: 23. 28. 33). بناء على هذا السؤال علّم يسوع بمثل الابنين (راج 21: 28- 32). ثمّ من خلال المثل الثاني عن الخدام القتلة (راج 21: 33- 43). واليّوم يستمر يسوع بصبر في رفقة الحكماء المزيفيين ليحررهم من الإعتقادات الخاطئة ليقبلوا دعوتهم ليدخلوا ملكوته. في هذا المقال من الهيكل يعلن يسوع تعليم جديد من خلال المثل الثالث (22: 1- 14). على مدار المقالات الثلاث المتتابعين يفسر بعمق إجابته للرافضين لقبول الملكوت، كاشفًا في هذا المثل والّذي اطلق عليه اللّاهوتييّن "مثل وليمة الملك" عن "وليمة العُرس". يفتتح الإنجيلي هذا النص مشيراُ إلى أهميّة الملكوت، محور تعلّيم يسوع مؤكداً: «كَلَّمهُم يسوعُ بالأَمثالِ مَرَّةً أُخْرى قال “مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثَلِ مَلِكٍ أَقامَ وَليمةً في عُرسِ ابنِه» (مت 22: 1- 2). نعلم أنّ هذا الإحتفال هو نوع مميز من الإحتفالات خاصة بالشرق وتنظيمه ليس بالأمر السهل. إنها بالنسبة للبعض "فرصة مثيرة"، وبالنسبة للآخرين "واجب ضروري لابد وأنّ يتممه" خاصة لدينا نحن الشرقيين عند الإحتفال بزواج الابن الذكر وحيد والديه. الملك يوجه دعوته للكل، فهناك فئات من المدعويّن، يمثلوا البشرية باجمعها، بحسب رسالة اشعيا. قد تكمن سعادة المدعوين في شعورهم بأنهم مركز الاهتمام لفترة من الوقت، والبعض الآخر يشعر بالحرج ويتجنب هذا الإلتزام عن رضا. بمعنى آخر، نؤد أن نشير أن المشاركة في الإحتفالات يعلن شيء عنا نحن البشر، وكما بأفراحنا الأسريّة، يمكن أن يصبح العُرس فرصة للتعبير بشكل ملموس عن المودة وقيمة الحياة هكذا يمكن أنّ يكشف عن الرفض لصاحب الدعوة أو تجاهلها تعبيراً عن الرفض للشخص الّذي يوجه الدعوة. ها هو الملك الإلهي يدعونا للإحتفال في وليمته الإلهيّة وهي بمثابة عرس أبدي، فهل نقبل هذه الدعوة؟ |
||||
13 - 05 - 2024, 12:34 PM | رقم المشاركة : ( 160282 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المدعوييّن وإنتظار الملك (مت 22: 3- 8) من خلال خبرات الأفراح ببلادنا نعلم أنّ إحدى اللحظات الأكثر حساسية في التحضير لأي تحضير لهذا الإحتفال هي تحضير قائمة المدعويّن. غالبًا ما تكون فرصة لتذكر التجارب الإيجابية أو للتعبير عن الألم والاستياء من بعض الشخصيات الّتي ينبغي أنّ يتم دعوتها. تلقيّ تقديم دعوة لإحتفال الضوء على العلاقاتنا سواء بأعضاء الأسرة أوبالأصدقاء. في بعض الأحيان ندرك أنّ الأمر لا يستحق تقديم دعوة شخص ما، وفي بعض الأحيان تقوم بدعوته فقط من باب الإحترام. يكتشف البعض أنّ هناك العديد من الأشخاص المُهمين في حياتهم، والبعض الآخر يدرك أنّ هناك فراغًا في حياتهم. لكن الأمر المؤلم هو إدراك أنّ بعض من الشخصيات الّذين تمّ دعوتهم لم يلبوا الدعوة بحسب كلمات المثل: «فأَرسَلَ خَدَمَه لِيُخبروا المَدعُوِّينَ إِلى العُرْس فأَبَوا أَن يَأتوا. فأَرسَلَ خَدَماً آخَرين وأَوعَزَ إِلَيهم أَن “قولوا لِلمَدعُوِّين: ها قد أَعدَدتُ وَليمَتي فذُبِحَت ثِيراني والسِّمانُ مِن ماشِيَتي،وأُعِدَّ كُلُّ شَيء فتَعالَوا إِلى العُرْس. ولكِنَّهم لم يُبالوا، فَمِنهُم مَن ذَهبَ إِلى حَقلِه، ومِنهُم مَن ذَهبَ إِلى تِجارتِه. وأَمسَكَ الآخَرونَ خَدَمَه فَشَتَموهم وقَتَلوهم» (مت 22: 3- 6). حينما يكون الرفض أو اللامبالاة أو إهانة من يحمل الدعوة، مِن قبل المدعوييّن ردّ فعل يتوجب إتخاذ قرار من صاحب الحفل الّذي أعد وإختم ودعى. غالبًا ما تكون مناسبة نهاية العلاقة معهم! من المؤكد أنّ عدم الذهاب إلى الإحتفال الّذي تمت دعوتنا إليه يمثل تغييراً في العلاقة. عدم تلبيّة الدعوة هي صورة للحياة تجعل أصحاب الإحتفال يشعرون بالوحدة. وأحيانًا أخرى قد يتم من خلالها معايشة تجربة الرفض. أحياناً نجد أنفسنا حول أشخاص لم نكن نفكر بهم، وأحياناً هناك أيضاً من يدخل حياتنا دون أن ندعوه، ربما يحاول تغطية زيفه بثوب خادع. يصرّ الإنجيلي في سرده لهذا المثل الثالث ليسوع على تجربة الرفض. فقد قرأنا في مثل يسوع الأوّل نقرأ عن الابن الّذي رفض الذهاب إلى كرم أبيه. وفي مثل يسوع الثاني بالعمال الغير قابلين خدام صاحب الكرم وقاموا بقتلهم بل وقتل إبنه. بنفس المنطق نقرأ الآن مثل المدعوين إلى عرس الإبن الوحيد ومع هذا تأتي الإجابة بالرفض ولا يستجيب المدعوييّن لهذه الدعوة. ربما يعطينا متى شعورًا يخص يسوع والّذي يصف بالتأكيد واقعًا لا يزال يتمّ في يومنا هذا ألّا وهو الابن المرفوض وغير مرحب به! وتتكرر تجربته هذه باستمرار في حياة كلّاً منا اليّوم. مع الأسف الشديد سيكون هناك دائمًا أولئك الذين لا يهتمون بحياة الآخرين، والّذين، على الرغم من دعوتهم، لا يريدون الاحتفال والفرح مع الملك الإلهي. بناء على هذا الرفض، يأتي قرار الملك المفاجئ صاحب الإحتفال والّذي ينم عن عضبه إذّ: «أَرسلَ جُنودَه، فأَهلَكَ هؤُلاءِ القَتَلَة، وأَحرَقَ مَدينَتَهم. ثُمَّ قالَ لِخَدَمِه: “الوَليمَةُ مُعَدّةٌ ولكِنَّ المَدعوَّينَ غيرُ مُستَحِقِّين» (مت 22: 3- 6). هذا هو الحكم الّذي حكم به المدعوييّن على أنفسهم به، دون ن يتفوهوا به، بل أعلنه صاحب الإحتفال بجرأة. عليا بالإنتباه أمام الدعوات الإلهيّة الّتي تتوجه إلينا يوميًا في حياتنا العمليّة، ونتنبه لئلا نرفض الوليمة الإلهيّة ومشاركتنا في الملكوت. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:34 PM | رقم المشاركة : ( 160283 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الضيوف الغير المتوقعين (مت 22: 9- 10) بناء على ردّ فعل المدعويييّن الرافضين، يفاجأ الملك بأمره للخدم قائلاً: «"اذهَبوا إِلى مَفارِقِ الطُّرق وَادعُوا إِلى العُرسِ كُلَّ مَن تَجِدونَه". فخرَجَ أُولَئِكَ الخَدَمُ إِلى الطُّرُق، فجمَعوا كُلَّ مَن وجَدوا مِن أَشْرارٍ وأَخيار، فامتَلأَت رَدهَةُ العُرْسِ بِالجالِسينَ لِلطَّعام» (مت 22: 9- 10). يحاول من جديد الملك الإلهي بالّا يستثني أحد، ويدعو أشخاص آخرين. إن صاحب المثل الّذي رواه، وهو يسوع، لا يوافق على ترك البيت فارغًا، وهو رمز الملكوت، بل يقرر بعد إعداد الغذاء والآن أيّ في اللحظة الأخيرة. بالقيام بعمل غير منتظر وقد يكون لم يخطر على باله قبلاً، ويوجه الدعوة لأولئك الّذين لم يظن نهائيًا إنهم سيتمكنون من دخول القصر الملكي، أيّ ملكوته، وهؤلاء ضيوف "اللحظة الأخيرة" يجدون أنفسهم الضيوف المطلوبين والمدعوين للإحتفال. إنهم المستبعدون، كالحجر المرفوض، الابن. الحجارة المرفوضة الّتي يتم إختيارها في اللحظة الأخيرة ويقرر الملك بدء العرس وبناء مملكته عليهم. الضيوف هم أولئك الّذين يعتبرهم المجتمع غير مستحقين، وغير مناسبين، وأولئك الّذين لن يفكر بهم أحد على الإطلاق، هم غير المُقدرين من كبار القوم والّذين لا ينتمون لمستوى الملك. لكن الله يعرف دائمًا كيف يعطي معنى لحياتنا، ويحتار الضعفاء والفقراء والمهمشين ليصيروا وراث الملكوت، لذا يوجه دعوته لنا من جديد ليفرح بنا ولنتمع بملكوته. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:35 PM | رقم المشاركة : ( 160284 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اللُباس الملائم للوليمة (مت 22: 11- 14) هؤلاء الأشخاص المهملون الّذين سيملأون قاعة الإحتفال بالقصر الملكي، الآن، الّذين ليسوا على ذات المستوى المنتظر لنّ يحلوا محل أولئك الّذين لم يحضروا، بل يأخذون أماكنهم الحقيقية. في الواقع، الملك يريد رؤيتهم. ولذا عند رؤيته لشخص ما ليس لديه الملبس المناسب للتواجد في ذلك الإحتفال يتسأل: «يا صديقي، كَيفَ دخَلتَ إِلى هُنا، ولَيسَ عليكَ لِباسُ العُرس؟» (مت 22: 13). كما فسر اباء الكنيسة هذا المثل بأنه إشارة إلى الملبس غير المرئي أيّ الباطني، لأن الملك الإلهي وحده هو الّذي يلاحظ العالم الباطني لكل بشر. هذا الثوب هو "ثوب الحب" النابع عن صدق القلب الذذي قبل الدعوة بالرغم من عدم إستحقاقه وبدون تزييف. فلنحضر ملبس يليق بالعرس الإلهي من الآن متى قبلنا دعوة الملك. الخلّاصة الوليمة بحسب متّى (22: 1-14) تتبع ذات المنطق اللّاهوتي في المأدبة الإلهيّة بحسب نبؤة اشعيا (25: 6- 10). التوازي في القرائتين من كلا العهدّين. يؤكدا الملكوت فالعهد الاوّل أشار بصورة مسبقة عن الملكوت بمادبة إلهيّة يدعو الله فيها كل الشعوب. والعهد الثاني صور الإنجيليّ من خلال مثل الدعوة إلى العرس، حب الله الإبدي للبشرية. وهكذا لا يبدو إعلان الإنجيل من قبل يسوع كحقيقة منعزلة عن رسالة النبي إشعيا بل إكتمال لما تمّ نسجه من يد الله في تاريخ البشريّةالملكوت هو العرس الّذي يدعونا الرّبّ يوميّا إليه وبدون إستحقاق منّا بل بحسب سخاء وقلب الرّبّ الّذي يهيأ أبناء لملكوته. فلننبته ونستعد بملبس تليق لعرس الإبدي. فيأتي يسوع هامسًا اليّوم في أذاننا قائلاً: «يا صديقي، كَيفَ دخَلتَ إِلى هُنا، ولَيسَ عليكَ لِباسُ العُرس؟» دُمتم في قبول للدعوة الإلهيّة ايّها القراء الأفاضل. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:38 PM | رقم المشاركة : ( 160285 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"إلهنا المنتظر!" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل مقدّمة نستكمل من جديد، أيّها القراء الأفاضل، إستمادانا نور جديد من الكلمة الإلهيّة، لهذا الأسبوع الّذي يشع من خلال نصيّين العهدين. الأوّل سنقرأ معًا كلمات النبي اشعيا (5: 1-7) والّذي يبشرنا فيه بـغنة حب الله ونشيده وإهتمامه. أما النص الثاني فيستكمل حوارنا التالي لما توقفنا لديه بالأسبوع الماضي بالإنجيل بحسب متّى. إذ بعد تعليم يسوع للفريسييّن، من خلال مثل عمال الساعة الأخيرة (راج مت 21: 28-32)، سيستمر الكاتب في تأكيد هدفه على حب الله. تمّ سرد هذا النص بالقرب من الأحداث الّتي وقعت في أورشليم عند نهاية حياة يسوع وخدمته. يتحدث كلا النصييّن عن كرم الله وهو رمز لصورة شعبه وعن الرعاية الّتي يعتني بها صاحب الكرم وهو الله، وينتظرها حتى تُثمر ثمراً ناضجًا. نهدف في هذا المقال أن ننتفح على حب الله وللتحرر من الحياة العقيمة فتصير بعنايته خصبة ومثمرة، فهو ينتظرنا. 1. كرم الرّبّ (اش 5: 1- 7) تتكون الرسالة الإلهيّة بحسب نص اشعيا، نبي القرن الثامن ق. م.، (أش 5: 1-7) وهو نص شهير بدوره يُطلق عليه "نشيد الكرم". هذا النص المؤثر والراقي للغايّة يوفر لنا وجهة نظر إلهيّة جديدة ويشدد على مدى إنتظاره لثمر الشعب الّذي إختاره عن حب. إذا قرأنا نشيد الكرم لاشعيا بدءًا من البشر ونتائج العلاقة مع الله، فسنرى وصفًا للفشل الذريع. والسبب هو أن كلمات رّبّ الكرم في نشيده، كثيراً ما تُدهشنا كيف بدأ النص مشيراً لعلاقة الحب بين الله وحبيبه، الّذي سنكتشفه بالنص الثاني، قائلاً: «لَأُنشِدَنَّ لِحَبيبي نَشيدَ مَحْبوبي لِكَرمِه» (5: 1). يستمر واصفا كرم حبيبه مشيراً لكل ما بذله من عناية بكرمه: «كانَ لِحَبيبي كَرْمٌ في رابِيَةٍ خَصيبة وقد قَلَّبَه [أيّ حرثّهُ] وحَصَّاه [نزع الحصى الّذي يمنع تنفس الجذور] "وغَرَسَ فيه أَفضَلَ كَرمِه" وبَنى بُرجاً في وَسَطِه وحَفرَ فيه مَعصَرَةً وانتَظَرَ أَن يُثمِرَ عِنباً» (5: 1). من خلال كل الأفعال: تقليب ونزع، ثمّ غرس، وبناء، وحفر، ... عمل ما يمكن عمله بعناية تامة وأخيراً إنتظر ثمار من كرمه. بعد أن الرّبّ وضع كل حبه في كرمه نتفاجأ كقراء في بأنّ نتيجة الكرم هي: «فأَثمَرَ حِصرِماً بَرِّيّاً» (5: 1). نعلم جيداّ أنّ: «كَرمَ رَبِّ القواتِ هو بَيتُ إِسْرائيل وأُناسُ يَهوذا هم غَرْسُ نَعيمِه وتدِ انتَظَرَ الحَقَّ» (5: 7). فالنهايّة غير مستحبة للأسف بسبب إنتاج الكرم ثمراً غير منتظراً "حصرمًا" لا يصلح بشئ. ثمّ يأتي تساؤل الله طالبًا حكم الكرم ذاته قائلاً: «فالآنَ يا سُكَّانَ أُورَشَليمَ ويا رِجالَ يَهوذا أُحكموا بَيني وبَينَ كَرْمي. أَيّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟» (5: 3-4). 2. حصرمًا لا عنبًا! (اش 5: 1- 7) للإجابة على تساؤل الله: الّذي أحب خالقًا العالم للبشر ثم يخلق البشر ليبادلوه الحب وعند إنتظاره لتحقيق هذا يجد النتيجة الغير متوقعة هي الثمار الّتي لا تفيد بشيء "حصرم" دليل على خيانة الكرم. وهنا يتسأل الله ماذا أفعل بكرمي؟ دليل على إستمراره في الحب للكرم الّذي هو بمثابة جزء منه. سنقرأ بعد قليل مثل الكرم بحسب إنجيل متّى، بدءًا من البشر والنتائج، فإنه لا يزال يبدو لنا مثل ينُم عن الخيانة واللإيمان. أيضًا في هذه الحالة كانت التوقعات مخيبة للآمال. يهدف هذا النص (5: 1-7)، إلى أنّ كرم الرّبّ هو "شعبه-نحن". هو صورة الكنيسة بعصرنا الحالي. وهكذا يذوب هذا التشبيه ليُطبقها على حميميّة العلاقة بين الله وشعبه. يتوقع الله العدل والحق من شعبه، ولكن الشعب وحده لا يستطيع أن يعطي هذه الثمرة المتوقعة. مدعوين للحرص على عدم قراءة هذا النص بنظرة مُعاديّة لليهود لئلا نقع في قضية «استبدال اللّاهوت». 3. إنتظار الله (مت 21: 33- 43) لازال يمارس يسوع تعليمه، لعظماء الكهنة، بالهيكل في مدينة أورشليم (راج مت 21: 23-27) قبل بدأه مسيرة الآلام، إذ يرويّ متّى بأنّ يسوع: «دخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَويُعَلِّمُ وقالوا لَه: بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ [...] ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان [...] إِسمَعوا مَثَلاً آخَر...» (مت 21: 23، 28، 33). في هذا الحوار بعد أن أعطى مثل الابنين (21: 28-32)، يستمر يسوع، في ذات المكان وأمام ذات الجمهور، في تعليمه بمثل آخر ليفسر بعمق إجابته للحكماء ظاهريًا. المثل الجديد بحسب متّى، يحمل نبرة تحذيريّة من خطر دائم وهو تحذير موجه لأولئك اّلذين يشغلون منصب المسؤولية في جماعتنا الكنسيّة. في خط نص المأخزذ من العهد الأوّل، يصور الإنجيلييّن من خلال هذا المثل الكشف عن تاريخ الخلاص ويشيرون فيه على "حدث المسيح". نعم، فالمسيح هو "الخطوة الإلهيّة الأخيرة" نحو البشرية. وهكذا لا يبدو إعلان الإنجيل من قبل يسوع كحقيقة منعزلة بل إكتمال لما تمّ نسجه من يد الله في تاريخ البشريّة. بل هو مرحلة جوهريّة من تاريخ طويل اعتنى فيه الله بكرمه الّذي يحمل صورة الشعب. عند وضع هذا المثل قبل روايّة آلام يسوع مباشرة، يؤكد أنّ معنى تلك الأحداث يجب أنّ تُفهم في مسيرة اهتمام الآب، الّذي يذهب بحثًا عن إنسانية بعيدة. هدفنا من الربط بين النصيين هو إرشادنا إلى هذا المنظور الإلهي. وهنا يفتحنا "يسوع المعلم" على إستمراريّة مخطط حب أبيه السماويّ للبشريّة وهو إتخاذ قراره بـ «غَرَسَ رَبُّ بَيتٍ كَرْماً فَسيَّجَه، وحفَرَ فيه مَعصَرَةً وبَنى بُرجاً، وآجَرَه بَعضَ الكرَّامين ثُمَّ سافَر» (مت 21: 33). ذات التشبيه الّذي إستند عليه اشعيا يستعيده يسوع ليوضح أنّ الرّبّ الكرام لازال ينتظر ثمراً من كرمه! ذكر يسوع لكرمه، بروايّة متّى الإنجيليّة، لا ينتهي عند هذا الحد، بعد أنّ غرسها أوكلّها إلى الكرامين لرعايتها وحفظها. في وقت لاحق، أرسل أيضًا عبيده ليجمعوا ثمر الكرم. ولكن، بعد أن تلقى رفضًا من أولئك الذين أوكلّ إليهم الكرم في البداية، لم يفقد الأمل في العاملين بالكرم (أنا وأنت) بل أرسل عبيدًا آخرين وغيرهم، إلى حد إنّه قام بإرسال ابنه، لحم وجسد، وريثه الوحيد. الّذي حققّ كل مخططاته، يشبه إلى حد ما ذهابه الشخصي إلى الكرم، يضع الرّبّ ذاته على المحك من أجل كرمه أيّ شعبه. مثل نشيد الحب، لحبيبين اللذين يبحثان عن بعضهما البعض، يعبران عن رغبتهما، اللذان يستمعان باهتمام لسماع الخطوة المألوفة للحبيب الآخر، الّذي ينتبه لأدق الأشياء الّتي قد تؤذي الحبيب. تشير لغة نشيد الحب بالكتاب المقدس إلى المشاعر الإنسانية، بل يجعله خاصًا به تمامًا للتحدث عن العلاقة بين الله وشعبه دون خوف أو تحفظ، دون خوف من سوء الفهم. يعرف الكتاب المقدس كيفية التحدث بلغة حقيقية قادرة على التواصل، تلك اللغة الّتي ربما لا نعرف كيف نتحدث بها في خطاباتنا عن الله. إنتظار الله لما لا يتوقعه، فهو بمثابة توقع خائن، لا يعطي الكرم (شعب الله) الثمر الناضج، والله صاحب البرّ والعدل يتفاجأ بأشياء سيئة فقط. حصرم جاء من كرمه رمز لسفك الدماء وصرخات المظلومين. ذهب كل جهده من عناية وحب عبثًا، ولم يكن التزام الكرام مفيدًا في جعل كرمه يؤتي يثماره. إذا قرأنا هذه الصفحات من الكتاب المقدس اليهودي المسيحي بعيون مختلفة، فيمكننا سماع "نشيد حب حقيقي"! الّذي يشير إلى قصة البحث الدؤوب، ووصف قلق الله المستمر عن الكرم، كما ورد في الصفحة الأخيرة من كتاب سفر أخبار الأيام الثاني (36: 15). لذلك، في جوهر النشيد لم يخطط أي مجال للخطيئة وللخيانة، بل على العكس حب وإخلاص، وهما السمتان اللتان تميزان وجه إله الكتاب المقدس. إنها في الواقع رواية للعديد من إشارات رعاية صانع النبيذ لكرمه. تم وصف الإفعال بالتفصيل، وبدقة وباهتمام لأدق التفاصيل، كما هو الحال مع كل أفعال الحب الأصيل. تم حراثة الأرض بعناية، وإزالة الحجارة التي تمنع النمو، ويتم اختيار أفضلها من بين الكروم، وتم بناء برج في الوسط، ويضيف النث الإنجيليّ إنّه تم وضع سياج لحماية الكرم. يتم ترتيب كل شيء بحيث ينتج الكرم ثمارًا مختارة قادرة على إسعاد رّبّ الذي أرادها وزرعها بهذه العناية. والآن بناء على إنتظار الرّبّ، مدعوين للإثمار بالكثير فهناك النعم الّتي أحاطنا الله بها وما علنيا إلّا أن ننشطها وننفتح بها على كل آخر فيثمر الله فينا بحسب مخططه ثلاثون وستون ومئة. الخلّاصة القراء الأفاضل، يتميز نصي اليوم بنبرة هادئة وإيجابية تكشف عن حب الله، حيث يترك النبي (اش 5: 1-7) تساؤلاً "ماذ أفعل لكرمي؟" هذا التساءل الّذي يدل على إنتماء الله لشعبه، فهو مستعد للإنتظار. مما يدعونا اليّوم لإهتمام كل مسيحي بالإثمار أيّ بالخير الّذي يحيط به وألا يرى ويدين الشر فقط. هذه النظرة الإيجابية التي يجب أن تميز المسيحيين تأتي إليهم من الفرح الذي ينشأ من يقين حضور المسيح في حياتهم. فقد أثبتت الخطة الأوّلية أنها فاشلة. حلقتان يمكن أن تقولا فقط الخطيئة والخيانة. وبالتالي، فإن العقوبة والإدانة اللذان يُنظر إليهما على أنهما الكلمة الأخيرة، كنتيجة لا رجوع عنها تشهد بشكل قاطع على فشل الحدثين المذكورين بالعهدين، لا يمكن إلا أن تنشأ من قراءة مثل هذه: صورتان تتحدثان إلينا عن علاقة إله إبراهيم، لإسحق ويعقوب، إله المسيح يسوع مع شعبه ومع البشرية. قصة سارت بشكل خاطئ! نظرتان مختلفتان ترين أشياء معاكسة: إعلان إدانة بدلاً من نشيد حب! تختلف اللغات لتتمكن من التعبير عن العلاقة بكل قوتها وحقيقتها. النظرات واللغات الجديدة والقديمة في نفس الوقت التي ربما يجب أن نتعلمها من جديد حتى نتمكن من رؤية وجه إله يسوع الّذي، باهتمام دائم، لا يزال اليّوم دون ملل من المجيء لمقابلتنا عندما نحن بعيدون عنه، إله لا يستسلم لرؤيتنا ويشعر بالبعد. فهناك مظاهر ولغات جديدة وقديمة يجب أنّ نتعلمها مرة أخرى، كشعب الله، لنعود قادرين على الاستماع إلى "نشيد حبه" - دون تحويلها إلى حكم إدانة؛ مدعوين لترديد نشيد الحب تلك الّتي تعلمنا فقط كيف تجعل إعلان اللهالحبي يتردد صداه، والّذي يبحث باهتمام دائم عن كل رجل وكل امرأة. دُمتم أيّها الأفاضل في إثمار كرومكم فلا زال الله ينتظرنا مثمرين بحسب خطته الغنية لحياتنا. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:40 PM | رقم المشاركة : ( 160286 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"إلهنا المنتظر!" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل نستكمل من جديد، أيّها القراء الأفاضل، إستمادانا نور جديد من الكلمة الإلهيّة، لهذا الأسبوع الّذي يشع من خلال نصيّين العهدين. الأوّل سنقرأ معًا كلمات النبي اشعيا (5: 1-7) والّذي يبشرنا فيه بـغنة حب الله ونشيده وإهتمامه. أما النص الثاني فيستكمل حوارنا التالي لما توقفنا لديه بالأسبوع الماضي بالإنجيل بحسب متّى. إذ بعد تعليم يسوع للفريسييّن، من خلال مثل عمال الساعة الأخيرة (راج مت 21: 28-32)، سيستمر الكاتب في تأكيد هدفه على حب الله. تمّ سرد هذا النص بالقرب من الأحداث الّتي وقعت في أورشليم عند نهاية حياة يسوع وخدمته. يتحدث كلا النصييّن عن كرم الله وهو رمز لصورة شعبه وعن الرعاية الّتي يعتني بها صاحب الكرم وهو الله، وينتظرها حتى تُثمر ثمراً ناضجًا. نهدف في هذا المقال أن ننتفح على حب الله وللتحرر من الحياة العقيمة فتصير بعنايته خصبة ومثمرة، فهو ينتظرنا. كرم الرّبّ (اش 5: 1- 7) تتكون الرسالة الإلهيّة بحسب نص اشعيا، نبي القرن الثامن ق. م.، (أش 5: 1-7) وهو نص شهير بدوره يُطلق عليه "نشيد الكرم". هذا النص المؤثر والراقي للغايّة يوفر لنا وجهة نظر إلهيّة جديدة ويشدد على مدى إنتظاره لثمر الشعب الّذي إختاره عن حب. إذا قرأنا نشيد الكرم لاشعيا بدءًا من البشر ونتائج العلاقة مع الله، فسنرى وصفًا للفشل الذريع. والسبب هو أن كلمات رّبّ الكرم في نشيده، كثيراً ما تُدهشنا كيف بدأ النص مشيراً لعلاقة الحب بين الله وحبيبه، الّذي سنكتشفه بالنص الثاني، قائلاً: «لَأُنشِدَنَّ لِحَبيبي نَشيدَ مَحْبوبي لِكَرمِه» (5: 1). يستمر واصفا كرم حبيبه مشيراً لكل ما بذله من عناية بكرمه: «كانَ لِحَبيبي كَرْمٌ في رابِيَةٍ خَصيبة وقد قَلَّبَه [أيّ حرثّهُ] وحَصَّاه [نزع الحصى الّذي يمنع تنفس الجذور] "وغَرَسَ فيه أَفضَلَ كَرمِه" وبَنى بُرجاً في وَسَطِه وحَفرَ فيه مَعصَرَةً وانتَظَرَ أَن يُثمِرَ عِنباً» (5: 1). من خلال كل الأفعال: تقليب ونزع، ثمّ غرس، وبناء، وحفر، ... عمل ما يمكن عمله بعناية تامة وأخيراً إنتظر ثمار من كرمه. بعد أن الرّبّ وضع كل حبه في كرمه نتفاجأ كقراء في بأنّ نتيجة الكرم هي: «فأَثمَرَ حِصرِماً بَرِّيّاً» (5: 1). نعلم جيداّ أنّ: «كَرمَ رَبِّ القواتِ هو بَيتُ إِسْرائيل وأُناسُ يَهوذا هم غَرْسُ نَعيمِه وتدِ انتَظَرَ الحَقَّ» (5: 7). فالنهايّة غير مستحبة للأسف بسبب إنتاج الكرم ثمراً غير منتظراً "حصرمًا" لا يصلح بشئ. ثمّ يأتي تساؤل الله طالبًا حكم الكرم ذاته قائلاً: «فالآنَ يا سُكَّانَ أُورَشَليمَ ويا رِجالَ يَهوذا أُحكموا بَيني وبَينَ كَرْمي. أَيّ شَيءٍ يُصنَعُ لِلكَرْمِ ولَم أَصنَعْه لِكَرْمي؟» (5: 3-4). |
||||
13 - 05 - 2024, 12:40 PM | رقم المشاركة : ( 160287 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حصرمًا لا عنبًا (اش 5: 1- 7) للإجابة على تساؤل الله: الّذي أحب خالقًا العالم للبشر ثم يخلق البشر ليبادلوه الحب وعند إنتظاره لتحقيق هذا يجد النتيجة الغير متوقعة هي الثمار الّتي لا تفيد بشيء "حصرم" دليل على خيانة الكرم. وهنا يتسأل الله ماذا أفعل بكرمي؟ دليل على إستمراره في الحب للكرم الّذي هو بمثابة جزء منه. سنقرأ بعد قليل مثل الكرم بحسب إنجيل متّى، بدءًا من البشر والنتائج، فإنه لا يزال يبدو لنا مثل ينُم عن الخيانة واللإيمان. أيضًا في هذه الحالة كانت التوقعات مخيبة للآمال. يهدف هذا النص (5: 1-7)، إلى أنّ كرم الرّبّ هو "شعبه-نحن". هو صورة الكنيسة بعصرنا الحالي. وهكذا يذوب هذا التشبيه ليُطبقها على حميميّة العلاقة بين الله وشعبه. يتوقع الله العدل والحق من شعبه، ولكن الشعب وحده لا يستطيع أن يعطي هذه الثمرة المتوقعة. مدعوين للحرص على عدم قراءة هذا النص بنظرة مُعاديّة لليهود لئلا نقع في قضية «استبدال اللّاهوت». |
||||
13 - 05 - 2024, 12:41 PM | رقم المشاركة : ( 160288 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إنتظار الله (مت 21: 33- 43) لازال يمارس يسوع تعليمه، لعظماء الكهنة، بالهيكل في مدينة أورشليم (راج مت 21: 23-27) قبل بدأه مسيرة الآلام، إذ يرويّ متّى بأنّ يسوع: «دخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَويُعَلِّمُ وقالوا لَه: بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ [...] ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان [...] إِسمَعوا مَثَلاً آخَر...» (مت 21: 23، 28، 33). في هذا الحوار بعد أن أعطى مثل الابنين (21: 28-32)، يستمر يسوع، في ذات المكان وأمام ذات الجمهور، في تعليمه بمثل آخر ليفسر بعمق إجابته للحكماء ظاهريًا. المثل الجديد بحسب متّى، يحمل نبرة تحذيريّة من خطر دائم وهو تحذير موجه لأولئك اّلذين يشغلون منصب المسؤولية في جماعتنا الكنسيّة. في خط نص المأخزذ من العهد الأوّل، يصور الإنجيلييّن من خلال هذا المثل الكشف عن تاريخ الخلاص ويشيرون فيه على "حدث المسيح". نعم، فالمسيح هو "الخطوة الإلهيّة الأخيرة" نحو البشرية. وهكذا لا يبدو إعلان الإنجيل من قبل يسوع كحقيقة منعزلة بل إكتمال لما تمّ نسجه من يد الله في تاريخ البشريّة. بل هو مرحلة جوهريّة من تاريخ طويل اعتنى فيه الله بكرمه الّذي يحمل صورة الشعب. عند وضع هذا المثل قبل روايّة آلام يسوع مباشرة، يؤكد أنّ معنى تلك الأحداث يجب أنّ تُفهم في مسيرة اهتمام الآب، الّذي يذهب بحثًا عن إنسانية بعيدة. هدفنا من الربط بين النصيين هو إرشادنا إلى هذا المنظور الإلهي. وهنا يفتحنا "يسوع المعلم" على إستمراريّة مخطط حب أبيه السماويّ للبشريّة وهو إتخاذ قراره بـ «غَرَسَ رَبُّ بَيتٍ كَرْماً فَسيَّجَه، وحفَرَ فيه مَعصَرَةً وبَنى بُرجاً، وآجَرَه بَعضَ الكرَّامين ثُمَّ سافَر» (مت 21: 33). ذات التشبيه الّذي إستند عليه اشعيا يستعيده يسوع ليوضح أنّ الرّبّ الكرام لازال ينتظر ثمراً من كرمه! ذكر يسوع لكرمه، بروايّة متّى الإنجيليّة، لا ينتهي عند هذا الحد، بعد أنّ غرسها أوكلّها إلى الكرامين لرعايتها وحفظها. في وقت لاحق، أرسل أيضًا عبيده ليجمعوا ثمر الكرم. ولكن، بعد أن تلقى رفضًا من أولئك الذين أوكلّ إليهم الكرم في البداية، لم يفقد الأمل في العاملين بالكرم (أنا وأنت) بل أرسل عبيدًا آخرين وغيرهم، إلى حد إنّه قام بإرسال ابنه، لحم وجسد، وريثه الوحيد. الّذي حققّ كل مخططاته، يشبه إلى حد ما ذهابه الشخصي إلى الكرم، يضع الرّبّ ذاته على المحك من أجل كرمه أيّ شعبه. مثل نشيد الحب، لحبيبين اللذين يبحثان عن بعضهما البعض، يعبران عن رغبتهما، اللذان يستمعان باهتمام لسماع الخطوة المألوفة للحبيب الآخر، الّذي ينتبه لأدق الأشياء الّتي قد تؤذي الحبيب. تشير لغة نشيد الحب بالكتاب المقدس إلى المشاعر الإنسانية، بل يجعله خاصًا به تمامًا للتحدث عن العلاقة بين الله وشعبه دون خوف أو تحفظ، دون خوف من سوء الفهم. يعرف الكتاب المقدس كيفية التحدث بلغة حقيقية قادرة على التواصل، تلك اللغة الّتي ربما لا نعرف كيف نتحدث بها في خطاباتنا عن الله. إنتظار الله لما لا يتوقعه، فهو بمثابة توقع خائن، لا يعطي الكرم (شعب الله) الثمر الناضج، والله صاحب البرّ والعدل يتفاجأ بأشياء سيئة فقط. حصرم جاء من كرمه رمز لسفك الدماء وصرخات المظلومين. ذهب كل جهده من عناية وحب عبثًا، ولم يكن التزام الكرام مفيدًا في جعل كرمه يؤتي يثماره. إذا قرأنا هذه الصفحات من الكتاب المقدس اليهودي المسيحي بعيون مختلفة، فيمكننا سماع "نشيد حب حقيقي"! الّذي يشير إلى قصة البحث الدؤوب، ووصف قلق الله المستمر عن الكرم، كما ورد في الصفحة الأخيرة من كتاب سفر أخبار الأيام الثاني (36: 15). لذلك، في جوهر النشيد لم يخطط أي مجال للخطيئة وللخيانة، بل على العكس حب وإخلاص، وهما السمتان اللتان تميزان وجه إله الكتاب المقدس. إنها في الواقع رواية للعديد من إشارات رعاية صانع النبيذ لكرمه. تم وصف الإفعال بالتفصيل، وبدقة وباهتمام لأدق التفاصيل، كما هو الحال مع كل أفعال الحب الأصيل. تم حراثة الأرض بعناية، وإزالة الحجارة التي تمنع النمو، ويتم اختيار أفضلها من بين الكروم، وتم بناء برج في الوسط، ويضيف النث الإنجيليّ إنّه تم وضع سياج لحماية الكرم. يتم ترتيب كل شيء بحيث ينتج الكرم ثمارًا مختارة قادرة على إسعاد رّبّ الذي أرادها وزرعها بهذه العناية. والآن بناء على إنتظار الرّبّ، مدعوين للإثمار بالكثير فهناك النعم الّتي أحاطنا الله بها وما علنيا إلّا أن ننشطها وننفتح بها على كل آخر فيثمر الله فينا بحسب مخططه ثلاثون وستون ومئة. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:42 PM | رقم المشاركة : ( 160289 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"ماذ أفعل لكرمي؟" هذا التساءل الّذي يدل على إنتماء الله لشعبه، فهو مستعد للإنتظار. مما يدعونا اليّوم لإهتمام كل مسيحي بالإثمار أيّ بالخير الّذي يحيط به وألا يرى ويدين الشر فقط. هذه النظرة الإيجابية التي يجب أن تميز المسيحيين تأتي إليهم من الفرح الذي ينشأ من يقين حضور المسيح في حياتهم. فقد أثبتت الخطة الأوّلية أنها فاشلة. حلقتان يمكن أن تقولا فقط الخطيئة والخيانة. وبالتالي، فإن العقوبة والإدانة اللذان يُنظر إليهما على أنهما الكلمة الأخيرة، كنتيجة لا رجوع عنها تشهد بشكل قاطع على فشل الحدثين المذكورين بالعهدين، لا يمكن إلا أن تنشأ من قراءة مثل هذه: صورتان تتحدثان إلينا عن علاقة إله إبراهيم، لإسحق ويعقوب، إله المسيح يسوع مع شعبه ومع البشرية. قصة سارت بشكل خاطئ! نظرتان مختلفتان ترين أشياء معاكسة: إعلان إدانة بدلاً من نشيد حب! تختلف اللغات لتتمكن من التعبير عن العلاقة بكل قوتها وحقيقتها. النظرات واللغات الجديدة والقديمة في نفس الوقت التي ربما يجب أن نتعلمها من جديد حتى نتمكن من رؤية وجه إله يسوع الّذي، باهتمام دائم، لا يزال اليّوم دون ملل من المجيء لمقابلتنا عندما نحن بعيدون عنه، إله لا يستسلم لرؤيتنا ويشعر بالبعد. فهناك مظاهر ولغات جديدة وقديمة يجب أنّ نتعلمها مرة أخرى، كشعب الله، لنعود قادرين على الاستماع إلى "نشيد حبه" - دون تحويلها إلى حكم إدانة؛ مدعوين لترديد نشيد الحب تلك الّتي تعلمنا فقط كيف تجعل إعلان اللهالحبي يتردد صداه، والّذي يبحث باهتمام دائم عن كل رجل وكل امرأة. دُمتم أيّها الأفاضل في إثمار كرومكم فلا زال الله ينتظرنا مثمرين بحسب خطته الغنية لحياتنا. |
||||
13 - 05 - 2024, 12:46 PM | رقم المشاركة : ( 160290 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"الخاطئ يتقدمني؟ كيف؟" بين كاتبي نبؤة حزقيال والإنجيل الأوّل مُقدّمة القراء الأفاضل نستمر في قرأتنا الكتابيّة من خلال النص الأوّل بالعهد الأوّل الّتي نقرأ فيها كلمات الرسالة النبويّة لحزقيال النبي الّذي يدعونا في قرائتنا للنص النبوي (حز 18: 25-28) إنه لا يتحدث عن قادة أو رعاة الشعب ، وهو موضوع كان من السهل العثور على مادة فيه في حزقيال، ولكن من قبل المؤمن بشكل عام. يتم التأكيد على حقيقة أن المؤمن لا يجب أن يشعر "على ما يرام" من أجل "نعم" أولية ، ولكن يجب أن يثابر في الإخلاص للرب وكلمته. تساعدنا قراءة هذا النص النبويّ لقراءة النص الإنجيليّ بدقة من هذا المنظور "الشخصي"، إذّ سنسمع إلى تعليم يسوع المعلم من خلال المثل بالعهد الثاني بالإنجيل الأوّل إذ يخبرنا متّى في هذا المقطع (مت 21: 28-32) عن مَثَل الابنين؛ فالأوّل يُطالبه أبيه والده بالذهاب للعمل في الكرم العائلي، يعطي إجابة إيجابية قائلاً: "نعم" ولكن بعد ذلك لا يذهب؛ الآخر الّذي يرفض في البداية ثم يتنبه لطلب أبيه فيطيع الطلب الأبويّ. نحن المؤمنين مدعوين من خلال تعليم ورسالة يسوع في أورشليم، الّذي يوحي بأنّه كمعلم كما يبدو بسياق هذا المقطع، يريد أنّ يوجه تعلميه هذا مخاطبًا بشكل رئيسي قادة الشعب. ومع ذلك، علينا بالّا نتجاهل دعوة يسوع فهو الابن بالطبيعة والمطيع لطلب الله الآب بخلاص إخوته وهو نحن البشريين. يرغب الإنجيلي، الّذي يُخاطب مجتمعه، وقرائه الـمُتمثلين في كلّ واحد منا اليّوم، أن نتبع الابن بالطبيعة يسوع في حبه للآب من خلال تمييز ما هو صالح وخيّر، فهو الّذي يتقدمنا نحو الملكوت وعلينا أن نتبعه. 1. الطريق مستقيم أم ...؟ (حز 18: 24- 28) النبي حزقيال هو أحد الأنبياء الكبار الأربعة (اش، ار، دا)، الّذين برسائلهم النبويّة نجحوا في توصيل كلمات الرّبّ في الزمن الّذي عاش فيه الشعب أوقات الأزمة بالسبي وأوقات النعمة بالتحرير والجلاء. رسالته اليّوم تحمل نور جديد يشرق على واقعنا بنور إلهي جديد بالرغم من اللأمانة البشريّة وإستمرار الأمانة الإلهيّة بنداء الرّبّ القائل: «إِنبِذوا عنكم جَميعَ مَعاصيكمُ الَّتي عَصَيتُم بِها [...] فلِماذا تَموتونَ، يا بَيتَ إِسْرائيل؟ فإِنَّه لَيسَ هَوايَ في مَوتِ مَن يَموت" [...] فارجِعوا واحيَوا» (حز 18: 31- 32). من خلال أفعال الأمر الثلاث الّذي يختم النبي رسالته النبويّة يمكننا على ضوئهم أن نقرأ مغزاه الّلاهوتي اليّوم. فالرّبّ يفسر الفرق بين طريقه المستقيم وطريق الإنسان المعوج. سبب إستقامة الطريق الإلهي هو أمانته للبشر. وهنا يختلف الإنسان عنه إذ يختار طرق خاطئة بسبب عدم إستقامته أيّ إنه لا يتحلى بالأمانة في العلاقة بالرّبّ. ففي التساؤل الّذي يطرحه النبي في مستهل هذا النص قائلاً: «إِذا ارتَدَّ البارُّ عن بِرِّه وصَنَعَ الإِثمَ وعَمِلَ مِثلَ كُلِّ القَبائِحِ الَّتي يَعمَلُها الشَرير، أفيَحْيا؟» (حز 18: 24). يعطي النبي إجابته على لسان الرّبّ الّتي تحمل مقارنة بين الطريق المستقيم وهو طريق الرّبّ لأبناء الشعب الّذي ينتمي إليه بدافع أمانته للعهد المقطوع معه من جانب وبين طريق الإنسان، حينما يخطأ، وهو غير مستقيم مما يجعل افراد شعبه خطأة بدلاً من أنّ يصيروا أبراراً باتباع الطريق المستقيم. يتوقف هذا القرار على الحرية البشريّة، فالرّبّ يتميز بأنه لا يجبرنا على الإيمان به ولا على الأمانة للعهد المقطوع معه. لكن برسالته اليّوم من خلال حزقيال ينبهنا بأنه لازال ينتظرنا أن نختاره بكامل حريتنا ونختار الطريق المستقيم الّذي يشير به علينا. ففي هذا الوقت ما علينا إلّا بالتحلي بنعمة التمييز للطريق المستقيم الّذي يجعلنا نسلك في طريق الرّبّ كأبناء يتحلون بالأمانة البنويّة والسبب هو العلاقة مع الله الآب. هذا ما يشير علينا به بوضوح متّى في المثل الّذي يلقيه علينا يسوع المعلم موضحًا الفرق بين الابنين اللّذان إختارا كلاً منهما طريق مختلف لرده على ابيهما ومع ذلك هناك من يتظاهر بالأمانة ولكننا سنكتشف إنها مزيفة لأنها لا تتناسب مع عمله. وهناك من يتظاهر بالعكس ومن عمله نكتشف العكس! 2. المزيف والحقيقي (مت 21: 28 – 32) قد نعتقد للوهلة الأوّلى أنّ هذا المقطع الإنجيلي ربما يكون شبه بسيط وخالي من التعليم اللّاهوتي، إذا لا نرى بوضوح جوهر الرسالة المتّاويّة القادرة على إلقاء الضوء قلب النص. يسرد الإنجيلي هذا المثل بناء على تساؤل الفريسيين ليسوع، بينما كان بالهيكل. كعادته أجاب على تساؤلهم بتساؤل آخر وأعلنوا عدم معرفتهم. فيأتي حاملاً النور وبتعليمه من خلال المثل يقود المعلمين المتحفظين بالشريعة من خلال هذا المثل. فهو يتقدمهم في العلاقة بالله الآب ويكشف عنه لهم. متى أرادوا أن يسلكوا في الطريق المستقيم، توقفوا عن ريائهم والحياة المزيفة وإنتموا أكثر إنتماء لله كأبناء وليس كحافظي الشريعة فيتمكن كلاً منهم أن يتقدم ذاته وليس الآخر ويصير متقدمًا في العلاقة بالآب اليوم أكثر من الأمس حينما يجد إجابة إذ عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟ أم لا (راج مت 21: 30)، فهناك الملكوت الحقيقي (راج مت 21: 31). يبدأ يسوع بمشاركة سائليه: «ما رَأيُكم؟» (مت 21: 28) ويفسر لهم هذا المثل مؤكداً لهم من خلال قوله: «الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله. فَقَد جاءَكُم يوحَنَّا سالِكاً طريقَ البِرّ، فلَم تُؤمِنوا بِه، وأَمَّا العشَّارونَ والبَغايا فآمَنوا بِه. وأَنتُم رَأَيتُم ذلك، فلَم تَندَموا آخِرَ الأَمرِ فتُؤمِنوا بِه» (مت 21: 31- 32). سرّ تقدمّ هؤلاء الخطأة سابقًا، مطوبين لاحقًا هو الإيمان. إذن قبول العشار والزانيّة رسالة المعمدان التبشريّة وتوبتهم الحقيقيّة بما يتناسب مع إرادة الله. جعلهم يتخلوا نهائيًأ عن الطريق المزيف والخاطئ ليؤهلوا بذلك للملكوت ويصيروا السابقين لنا نحن الّذين نعتقد إننا مؤمنين بالرّبّ. الإيمان وحدة لا يكفي بل التوبة وتغيرر الفكر والقلب بشكل يومي هما الوسائل الّتي تجعل الإنسان يتقدم نحو الملكوت وبهذا يُتممّ مشئية الله. 3. تقدّم الجباة والبغايا! (مت 21: 28- 32) جوهر المقطع الإنجيلي، كما نوهنا سابقًا هو قول يسوع: «إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله» (مت 21: 31). لا يمكننا فهم أهميّة هذه الجملة إلا إذا حاولنا استعادة معنى أقوى لتعبير "المضي قدمًا" الذي نجده في اللغة العربية. في الواقع، يمكن أن يعني الفعل اليوناني proago يعني أيضًا "يقود" و "يرشد" وليس فقط "يتقدم". هذا الفعل المستخدم في اللغة اليونانية، هو بشكل ملحوظ نفس الفعل الذي نجد أن متّى الإنجيلي يستخدمه عند الحديث عن النجم الذي يتقدم المجوس للوصول إلى بيت لحم الواضح في قوله: «وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه» (مت 2: 9). تمُّكن المجوس من الوصول إلى بيت لحم قد تمّ بحسب اللّاهوت المتاوي بسبب تبعيتهم للنجم الّذي يتقدمهم؛ ومن خلال هذه العلامة أتوا للسجود للملك المولود. ومع ذلك، نكتشف في مقطع إنجيل اليّوم أنّ العلامة الّتي يمكن أنّ تقودنا تساعدنا لنكون مؤمنين حقيقيين بالله. حينما نترك ذاواتنا لنعيش بمنطق ملكوته الّذي يكمن في " الجُباةَ والبَغايا" أيّ العشارين والعاهرات بتعبيرات بسيطة. فيصيرون هؤلاء المرفوضين في مجتماعاتنا وأخلاقياتنا كالنجوم الّتي تتقدمنا نحو الملكوت. بالنسبة للمجوس، فإنّ هؤلاء الممثلين عن المذنبين العامين والمستبعدين من كل زمان ومكان وثقافة أشار إليهم يسوع كعلامة موضوعة أمام أعين المؤمن حتى لا ينسى أين باب الملكوت الإلهيّ الّذي يحافظ حقيقة على مفاتيح الملكوت الّتي تؤهلنا لدخوله. من المؤكد أن يسوع لا يقلل من شأن مأساة الحالة الإنسانية والاجتماعية والدينية التي يجدون أنفسهم في حالة الإذلال والتهميش والعبودية. يشير إلى هذه الفئات من الناس في عصره "كمتقدمين" أي مرشدين وقادة لأنهم يصيروا علامات حاضرة بشكل دائم. وفي ذات الوقت يصيرون حجر عثرة، بالنسبة للمؤمن لتذكيره بمجانيّة النعمة الّتي تميلّ إلى الاعتقاد بأنه اكتسبها بقوته الخاصة و قد له من القدرة على إمتلاكها وفي هذا إعتقاد خاطئ. في عصرنا الحادي والعشرون، يكشف لنا العشارون والعاهرات مَن هم الفقراء، البائسيين، الودعاء، الجائعين والعطشى للعدالة، الرحماء، الطاهرين القلب، صانعي السلام، المضطهدين ... إلخ (راج مت 5: 3-11) في العظة الأوّلى الّتي من على الجبل التطويبات دعاهم يسوع "طوباويين". فهم المباركي ، لإنهم "متقدمينا"، و"قادتنا"، و"مرشدينا" نحو الملكوت. ليس لأنّ أسلوب حياتهم صالح وطيب، ولكن لأنهم مقارنة برفض الابن بقوله "لا" الحالي، يمكنهم إنقاذ الإنسان الّذي يقع في فخ الإيمان المزيف، والإنسانة الّتي تقع في إعتقادها بالحياة الحقة لأنهم أعلنوا كلمة أوّلية بقولهم السطحي "نعم". وهذا ما يشير إليه الإنجيلي مباشرة بقوله في حوار الاب مع ابنه: «"ها إِنِّي ذاهبٌ يا سيِّد!" ولكنَّه لم يَذهَبْ» (مت 21: 29-30). ذلك الإنكار الفعلي للإنجيل يخفي البشارة بيسوع كرّبّ في مجتمعاتهم. 4. تذكر قيمة الآخر (مت 21: 28-32) الجُباة والبغايا هم أشخاص آخرون، مختلفون ويعيشون في ذات المجتمع الّذي نحيا فيه، قد يخيفوننا نحن المتدينين والمترددين على الكنائس! لكن في الكتاب المقدس العبري (العهد الأوّل)، هناك أمر أساسي لا نفكر فيه كثيرًا ويمكن أن يساعدنا في فهم لّاهوت هذا النص وهو "قيمة الآخر" الّذي بجوارنا في ذات المجتمع. هنك عبارة تتكرر لخمس مرات في سفر التثنية: «اذكُرْ أَنَّكَ كنتَ عَبْدًا في أَرضِ مِصر» (تث 5 :15 ؛ 15: 15 ؛ 16: 12 ؛ 24: 18 ؛ 24: 22). العشارين والبغايا، في مقطع إنجيل اليوم، يذكروننا اليّوم وفي جميع الأوقات بأننا غرباء مثل آبائنا في مصر. نحن أيضًا نعيش في بلاد غريبة وعلينا بالعودة إلى أرضنا الّتي أعدّها الله لنا والّتي منحنا إياها كنعمة. العشارون والبغايا هم الآخرون الّذين يسمحون لنا اليّوم بتذكر المنطق الإنجيلي للتطويبات، ضد أي إغراء للشعور بالراحة والوصول إلى الله بقدرتنا بل بالتوبة إليه وبالإنتماء لأبوته. الخلّاصة كيف للخاطئ أن يتقدمني أنا البارّ؟ هذا الفكر هو إعتقاد خاطئ فبدلاً من إذانة الآخر والتمركز على أخطاء الآخر،مدعوين اليّوم أن ندخل في منطق الله الآب الّذي يدعونا من خلال نبؤة حزقيال بأن نسلك الطريق المستقيم. ثم من خلال المثل لدى متّى أنّ نتسامى ونبدأ في تقدير الآخر والتعرف على تقدمه في التوبة مما يدفع كلاً منا ليصير أكثر توبة وأكثر إنتماءً لله ببنوة حقة متجهًا نحو العمل في الكرم الإلهي ليس مجبراً بل طائعًا بحريّة. مسيرة التقدمّ سنبدأ فيها متمثلين بالنجم ومتى نظرنا لمَن حولنا ليس للإدانة بل للتعلم منهم فيصيروا يتقدمونا كـ"النجوم" حولنا والّتي ترشدنا في طريقنا نحو الملكوت،فهم يذكروننا بأننا لسنا مَن نصعد إلى الملكوت أو نبني ملكوت الله بفضائلنا وأعمالنا، لكنهم يعلنون لنا أنّ الله أعطانا ذاته بالنعمة وأنّ ما يهم حقًا هو قبولهم في حياتنا كمرشدين لنا. الآخر والمختلف، "العشار" و "الخاطئة" اليّوم، ما زالا مرشدينا نحو الملكوت، فيصيروا نجومنا، إذا نجحنا في التعرّف عليهم! من خلال مسيرة التقدم يمكنني أن أختتم هذا المقال بنموذج المسيح. صار يسوع ذاته نموذجًا للأمانة لله وللإنسان. لم تكن كلمة "نعم" التي قالها يسوع "نعم" أولية، لكنها حملت إلى عواقبها النهائية في إفراغ الذات. ومن خلال قيادته بهذا التعليم للفريسيين والمتنافسين معه صار متقدمًا لقرب علاقته بالله الآب عن أيّ آخر. فلنسعى بالتقدم ونصير أفضل من الأمس ونتقدم على ذواتنا بالتوبة وبالإنتماء لله الآب، كأبناء يطبقوا ما يعلنوه من طاعة للآب ويسيروا بهذا النهج نحو الملكوت. أحد مبارك أيّها القراء الأفاضل دُمتم في مسيرة تقدّم نحو الملكوت وإنتصار على الذات. |
||||