منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 05 - 2024, 10:47 AM   رقم المشاركة : ( 160261 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تغطية المقدَّسات الإلهيّة:

أ. إذ تُشير هذه المقدَّسات إلى المؤمنين، فإنه تبقى هذه المقدَّسات مكشوفة داخل الأقداس، لكنها متى حُملت يلزم أن تُغطى. وكأنه يليق بالمؤمنين أن يعيشوا في حياة سرّية، تنفتح قلوبهم على الله، يعيشون مع الله بوجهٍ مكشوف، يتحدثون معه في دالة وصداقة بلا عائق، أما أمام الناس فلا يكشفون أسرار حياتهم الخفيّة. هذا ما أكده السيد المسيح بقوله [احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم وإلاَّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات... أما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِ إلى أبيك الذي في الخفاء، فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية] (مت 6: 1، 7).
إنه لا يمنع العبادة الجماعيّة، إنما يرفض أن تكون غايتها الظهور والمجد الباطل، إذ يقول "لكي ينظروكم" (مت 6: 1).. والكنيسة الأولى كانت تشترك في العبادة العامة في الهيكل يوميًا (أع 1: 14) في المزامير والتسابيح والطلبات بجانب الاشتراك في سرّ الإفخارستيا في الكنائس (أع 2: 46). لكن يليق بالمؤمن حتى في عبادته الجماعيّة أن يدخل في علاقة خفيّة مع الله لا يشعر بها حتى الواقفون بجواره.
يقول القديس أغسطينوس: [احترزوا من السلوك بالبرّ لأجل هذا الهدف، فتتركز سعادتكم في نظرة الناس إليكم].
وللأب إسحق تلميذ القدِّيس أنطونيوس تعليق جميل على الصلاة الخفيّة، إذ يقول: [نصلي بأبواب مغلقة، عندما نصلي بشفاه مغلقة في هدوء وصمت كامل لذاك الذي يطلب القلوب لا الكلمات. ونصلي في الخفاء عندما نكتم طلباتنا الصادرة من قلوبنا وأذهاننا المتقدة حيث لا نكشفها إلاَّ لله وحده، فلا تستطيع القوات المضادة (الشياطين) أن تكتشفها. لذلك يجب أن نصلي في صمت كامل، لا لنتحاشى فقط التشويش على إخوتنا المجاورين لنا... وإنما لكيما نخفي مغزى طلباتنا عن أعدائنا الذن يراقبوننا وبالأخص في وقت الصلاة، وبهذا تتم الوصيّة: احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك].

ب. حذَّر الله اللاويّين من غير الكهنة من لمس هذه المقدَّسات أو رؤيتها، فإن الله لا يريد أن يعرف أحد قدسيّة علاقتنا معه سوى كهنته الذين يسندوننا بإرشاداتهم وصلواتهم.

ج. يرى العلامة أوريجينوس في تغطية المقدَّسات بيد الكهنة قبل أن يحملها بنو قهات رمزًا لعمل الكاهن الذي يعرف أسرار حكمة الله ويفهمها لكنه لا يقدمها للضعفاء كما هي لئلا يهلكوا(29)، إنما يقدمها لهم قدر احتمالهم.

د. يرى العلامة أوريجينوس أيضًا في هذا الأمر صورة لما كان عليه رجال العهد القديم الذين حملوا المقدَّسات الإلهيّة على أكتافهم، لكنها مغطاة ومحتجبة خلال الظلال والرموز، أما أبناء هرون الحقيقيّون أي رجال العهد الجديد فقد اكتشفوا الحقيقة وعرفوا أسرارها فعرفوا الفصح الحقيقي والسبت الحقيقي والختان الحقيقي(30)... في هذا يقول إشعياء النبي: "يُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ" (إش 25: 7).

ه. حملت الأغطية معانٍ جميلة نذكر على سبيل المثال تابوت العهد الذي يوضع عليه غطاء من جلد تُخس يبسطون فوقه ثوبًا كله أسمانجوني (ع 6). إذ يرمز تابوت العهد للسيد المسيح المصلوب. لهذا إن ظهر في الضعف مخفيًا وراء الجلد، لكنه في حقيقته كله سماوي (أسمانجوني). ظهر بالضعف وهو القوي! أما مائدة الوجوه فهي ترمز لربنا يسوع خبز الحياة المُقدَّم للبشريّة، يبسطون عليه ثوبًا أسمانجونيًا (سماويًا) ثم ثوبًا قرمزيًا (علامة الدم) فغطاء من جلد التخس، وكأن السيد هو الخبز السماوي النازل إلينا، يقدم ذاته مكسورًا لأجلنا (القرمزي)، مخفيًا عن الأعين البشريّة فنراه خبزًا ضعيفًا (جلد التخس).
لا أريد أن أكرر الحديث فيما يخص المنارة الذهبيّة والمذبح الذهبي، فإن كلٍ منهما يُغطى بثوبٍ أسماجوني عليه غطاء من جلد التخس. أما المذبح النحاسي فهو وحده الذي يُغطى بثوبٍ من الأرجوان الذي هو لباس الملوك، ثم يبسطون عليه غطاء من جلد التخس. فإن كان المذبح النُحاسي يشير إلى ذبيحة الصليب، فهو العرش الملوكي الذي خلاله يملك الرب على قلوب مؤمنيه.
أخيرًا لم يُشِر الكتاب إلى غطاء للمرحضة وهي تشير للمعموديّة، لكي يراها الكل فتسرع إليها البشريّة كلها!


 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:49 AM   رقم المشاركة : ( 160262 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس يوحنا الذهبي الفم


[كونك قد أخذت موهبة أصغر فذلك لفائدتك.
إذن لا تحزن كأنك مرذول، لأن الله لم يصنع بك ذلك احتقارًا منه بك،
ولا لكونك أقل من الآخرين، لكنه صنع ذلك لفائدتك.
فلو حمل الإنسان موهبة أكثر من إمكانياته فستكون غير مفيدة وضارة له
].
 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:50 AM   رقم المشاركة : ( 160263 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الشيخ الروحاني





[لا نحسب الذي يتكلم بالروحيّات عظيمًا من أجل سمو فهمه فقط،
وذاك الذي يُعلِّم الأطفال ندعوه ناقص الفهم.

فهناك أنواع مواهب كثيرة ولكن الروح واحد يفعل في جميعهم
كما يشاء، يعطي كل رعية على يد راعيها المرعى الذي يصلح لها،
فلا ينبغي على الذي يفسر أن ينتفخ على ذاك الناشئ في الإيمان].




 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:51 AM   رقم المشاركة : ( 160264 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أغسطينوس





[احترزوا من السلوك بالبرّ لأجل هذا الهدف
فتتركز سعادتكم في نظرة الناس إليكم].
 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:52 AM   رقم المشاركة : ( 160265 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

للأب إسحق تلميذ القدِّيس أنطونيوس


تعليق جميل على الصلاة الخفيّة، إذ يقول:
[نصلي بأبواب مغلقة، عندما نصلي بشفاه مغلقة في هدوء وصمت كامل لذاك الذي يطلب القلوب لا الكلمات. ونصلي في الخفاء عندما نكتم طلباتنا الصادرة من قلوبنا وأذهاننا المتقدة حيث لا نكشفها إلاَّ لله وحده، فلا تستطيع القوات المضادة (الشياطين) أن تكتشفها. لذلك يجب أن نصلي في صمت كامل، لا لنتحاشى فقط التشويش على إخوتنا المجاورين لنا... وإنما لكيما نخفي مغزى طلباتنا عن أعدائنا الذن يراقبوننا وبالأخص في وقت الصلاة، وبهذا تتم الوصيّة: احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك].
 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:55 AM   رقم المشاركة : ( 160266 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العلامة أوريجينوس


في تغطية المقدَّسات بيد الكهنة قبل أن يحملها بنو قهات رمزًا
لعمل الكاهن الذي يعرف أسرار حكمة الله ويفهمها لكنه لا يقدمها
للضعفاء كما هي لئلا يهلكوا، إنما يقدمها لهم قدر احتمالهم.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 10:56 AM   رقم المشاركة : ( 160267 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العلامة أوريجينوس


في تغطية المقدَّسات بيد الكهنة في هذا الأمر صورة لما كان عليه
رجال العهد القديم الذين حملوا المقدَّسات الإلهيّة على أكتافهم،
لكنها مغطاة ومحتجبة خلال الظلال والرموز، أما أبناء هرون
الحقيقيّون أي رجال العهد الجديد فقد اكتشفوا الحقيقة وعرفوا
أسرارها فعرفوا الفصح الحقيقي والسبت الحقيقي والختان الحقيقي
في هذا يقول إشعياء النبي: "يُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ" (إش 25: 7).
 
قديم 13 - 05 - 2024, 11:06 AM   رقم المشاركة : ( 160268 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




القيمة الغذائية لليانسون

يحتوي اليانسون على العديد من العناصر الغذائية الضرورية للصحة والتي قد تساهم في تعزيز فوائد اليانسون لصحة الجسم والشعر، إذ يحتوي اليانسون على الحديد، الضروري لإنتاج خلايا الدم الحمراء في الجسم، كما أنه يحتوي على المنغنيز، الذي يستخدم في الجسم في عمليات الأيض، ويعمل كمضاد للأكسدة.

وقد توفر سبع غرامات من اليانسون (ملعقة كبيرة تقريباً) العناصر الغذائية التالية:

السعرات الحرارية: 23 سعرة حرارية.
البروتين: 1 غم.
الدهون: 1 غم.
الكربوهيدرات: 3 غم.
الألياف: 1 غم.
الحديد: 13% من الكمية الموصى بها يومياً.
المنغنيز: 7% من الكمية الموصى بها يومياً.
الكالسيوم: 4% من الكمية الموصى بها يومياً.
المغنيسيوم: 3% من الكمية الموصى بها يومياً.
الفسفور: 3% من الكمية الموصى بها يومياً.
البوتاسيوم: 3% من الكمية الموصى بها يومياً.
النحاس: 3% من الكمية الموصى بها يومياً.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:10 PM   رقم المشاركة : ( 160269 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




"هل أنا صورة الله حقًا؟" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل



مُقدّمة



القراء الأفاضل، تتجدد حياتنا بفضل نور الكلمة الإلهيّة، ففي هذا المقال نقرأ من العهد الأوّل كلمات اشعيا النبي (45: 1- 6) والّتي تترك صداها في زمننا المعاصر إذ يكشف لنا النص عن شخصية غريبة وهي كورش، الملك البابلي الّذي دعاه الله كمسيا له موكلاً إياه برسالة. على هذا المنوال نقرأ بالعهد الثاني نص بحسب إنجيل متّى (22: 15-21) والّذي يتوازى مع كلمات النبي في ذات الهدف وهو بمثابة تجربة أو فخ موجه ليسوع المدعو لاتخاذ موقف بشأن قضية يمكننا القول بأنها قضية ساخنة بالنسبة لعصره. لانزال نتابع في سلسلتنا وعلى مدار المقال الرابع ذات السيّاق السائد بالفعل بين الجدل والخلاف للفريسييّن وعظماء الكهنة. لقد توقفنا أمام الثلاث أمثال، بالمقالات الثالاث السابقة، والّذين تمحوروا حول رفض الملكوت. فجاء تَّدخُل يسوع بتعليمه بالأمثال الّتي رواها سابقًا. والآن من جديد، يتقدم الفريسيين بتسأول جديد يسوع ليضعوه في مأزق بين السلطة السياسيّة والدينيّة، ليمسكوا عليه أيّ علّة ليتمكنوا من إتهّامه والحكم عليه. لذا عنوان مقالنا "هل أحمل صورة الله" أم أشوهها أم أستعيدها يومًا بعد يّوم؟ سنتعرف على الإجابات في مقال هذا الأسبوع.





1. السيادة المطلقة (اش 45: 1-6)



قد نعتبر نص أشعيا (45: 1- 6) في قرأتنا للوهلة الأوّلى نصًا غريبًا إلى حد ما. والسبب هو أنّ الملك الوثني وهو كورش، يُصوَّر بكلمات النبي كمسيح أيّ مسيّا مُرسل مِن قِبل الرّبّ إله بني إسرائيل، بل وكمبعوث له. ولذا يفتتح النبي هذا النص بتوجيه الرّبّ بجلالته، في هذا الحوار، إلى كورش قائلاً: «هكذا قالَ الرَّبّ لِمَسيحِه» (اش 45: 1) كورش هو الرجل الّذي لا يعرف إله إسرائيل ولم ينتمي لإله بني إسرائيل في الإيمان، إلّا إنّه يجد بأنّ في يديه أداة للخلاص لشعبه. ثم يسرد النبي كلمة الرّبّ للنبي على شخص كورش الّذي اختاره لسببين لييعرف إله بني إسرائيل الّذي يجهله وفي ذات الوقت ليحرر شعبه من السبي البابلي قائلاً: «أنا الَّذي أَخَذتُ بِيَمينِه لِأُخضِعَ الأُمَمَ بَينَ يَدَيه [...] إِنِّي أَسيرُ أمامك [...] وأُعْطيكَ كُنوزَ الظُّلمَةِ ودَفائِنَ المَخابِئ لِتَعلَمَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ الَّذي دَعاكَ بِاسمِكَ، إِلهُ إِسْرائيل. لِأَجلِ عَبْدي يَعْقوب وإِسْرائيلَ مُخْتاري دَعَوتُكَ بِاسمِكَ ولَقَّبتُكَ وأَنتَ لم تَعرِفنْي» (اش 45: 1- 4). ومع ذلك، فقد استدعاه ومنحه رسالة ودور هامين في التاريخ المقدس لشعبه. يؤكد الرّبّ بدعوته تلك بأنّ هويته الأساسية كرّبّ وإله ليس فقط لبني إسرائيل بل إله كل الشعوب وسيادته تسود على شعوب بخلاف شعبه وسلطات سياسية بخلاف الدينيّة. لذا كرّر النبي مرتين في رسالته سيّادة لرّبّ بهذا المقطع: «إنَّه لَيسَ غَيري أَنا الرَّبّ ولَيسَ مِن رَبٍّ، آخَر» (45: 5، 6). من هذا المنطلق، لا يريد كاتب النبؤة أنّ يكون هناك حق لكل ما هو بحسب الشريعة ويطغي على كلّ السلطات السياسية كسياسة مُستمدة من الله. بل يؤكد النص بشكل رسمي بأنّ سيادة الله على تاريخ البشرية وحريته هي مطلقة الحدود. بهذا المعنى، يصبح هذا المقطع مفتاحًا ثمينًا لقراءة مقالنا هذا.





2. جهل السيّد الحقيقي (مت 22: 15-19)



من هذه السيادة المطلقة ليسوع بحسب العهد الأوّل تتطلق لنحللها بالعهد الثاني بحسب متى. فنجد كقراء أنّ السؤال المطروح من قبل الفريسيين على يسوع هو سؤال خبيث وخطير معًا إذ تسألوا «“يا مُعَلِّم، نَحنُ نَعلَمُ أَنَّكَ صادق، تُعَلِّمُ سَبيلَ اللهِ بِالحَقّ، ولا تُبالي بِأَحَد، لأَنَّكَ لا تُراعي مَقامَ النَّاس. فقُلْ لَنا ما رأيُكَ: “أَيحِلُّ دَفعُ الجِزيَةِ إِلى قَيصَر أَم لا؟"» (مت 22: 16- 17). يتيح هذا التساؤل، من جانب، شرعية القوة الرومانية، ومن جانب آخر يكشف إيمان بني إسرائيل بربوبية وإلوهيّة الله وحده.



في واقع الأمر، السؤال المطروح على يسوع لا يمثل سوى تساؤل سياسي، ولكن بالنسبة لمتهميّ يسوع، فإن هذا سؤال ديني أيضًا. من خلال تقديم الجزية لقيصر، ألا يخاطر اليهود الملتزمين بالتناقض مع اختيارهم لسيادة أخرى بخلاف سييادة الرب وحده كملك إسرائيل الوحيد؟ لا يسمح يسوع لنفسه بالانجرار إلى هذه الخلافات، ولا يقع في الفخ الذي نصب له كما أشار متى منذ البداية قائلاً: «فذَهبَ الفِرِّيسيُّونَ وعَقَدوا مَجلِسَ شورى لِيَصطادوه بِكَلِمَة» (مت 22: 15). تكمن المفاجأة، بحسب السردّ المتّاويّ، عن سيادة الرّبّ بقوله: «فشعَرَ يسوع بِخُبْثِهم فقال: “لِماذا تُحاوِلونَ إِحراجي، أَيُّها المُراؤُون!» (متى 22 :19). يعرف يسوع كيف يقرأ قلب الإنسان ليس بفضل القوى السحرية، بقدر معرفته العميقة بالإنسان بسبب كونه إنسانًا بملء وتضامنه مع كل إنسان. المرأي من اليوناني هو الّذي يلعب على المسرح ويمثل أيّ دور يُسند إليه. فيسوع أمام الممثلين البارعين دينيًا لأنهم يجهلون سيادته.





3. الصورة! (مت 22: 20-21)



إن يسوع في هذا الحدث، لا يبتكر طريقة للتملص من مصيدة أسئلة خصومه. بل من خلال إجابته، يعيد خصومه إلى واقع مختلف على غير السؤال المطروح ليضعهم على المحك. فهو لا يبرر لـمُجادليه بأي شكل من الأشكال سيادة السلطة السياسية الرومانية، المتمثلة في القيصر.



مما يذهل المؤمن اليّوم هو ما تحمله دعوة يسوع الكامنة في سؤاله لمحاوريه ليحملهم إلى البُعد اللاهوتي وليس البُعد السياسي لسؤالهم الخبيث. فيسوع في حقيقة الأمر لا يجيب على سؤالهم، بل يعيدهم إلى الأمانة لإله آبائهم الجهول منهم. يجيب يسوع على تسأولهم بتساؤل قائلاً: «لِمَنِ الصُّورَةُ هذه والكِتابة؟» (مت 22: 20). الدعوة لنا اليّوم مع محاوريّ يسوع إلى النظر إلى عملة معدنية معاصرة لمعرفة الصورة المطبوعة عليها. فقد تأملنا سابقًا كيف دعى اشعيا إلى قراءة التاريخ من خلال قراءة سيادة الله المطلقة والحرة. والحقيقة أنّ مَن يتبع طرقًا غير متوقعة من تصميمه، فيتمكن من قراءتها أيضًا من هذا المنظور. يجذب نظرنا متّى إلى أنّ موضوع السيادة الإلهيّة هو على المحك أيضًا في حياتنا كمؤمنين قد نجهل الله الّذي نعبده ونفقد صورته فينا.



نجد من الناحيّة اللّاهوتيّة بأنّ المصطلح المستخدم في المقطع بحسب إنجيل متّى "صورة" من النص اليوناني للكتاب المقدس المطلق عليه "الترجمة السبعينية"، هو ذات التعبير المستخدم بسفر التكوين حينما قال الله: «لنخلق الإنسان على صورتنا ومثالنا» (تك 1: 26-27). هذا ما يشير إلى صورة الله أعجب بها الخالق في الإنسان بمجرد إنتهائه من عمل يديه الخلّاق. نجد هذا المصطلح مرة أخرى بسفر التثنية والذي يحظّر من صنع الصور لآلهة العشتاروت والبعل قائلاً: «فتَنبّهوا لأَنفُسِكم جِدًّا، فإِنَّكم لم تَرَوا صورَةً ما يَومَ كَلَّمَكمُ الرَّبُّ في حوريب مِن وَسَطِ النَّار، لِئَلاَّ تَفسُدوا وتَصنَعوا لَكم تِمْثالاً مَنْحوتًا على شَكْلِ صورَةً ما مِن ذَكَرٍ أَو أُنْثى» (تث 4: 15-16).





4. صورتي!



يدعونا يسوع مع محاوريه إلى تركيز انتباهنا ليس كثيرًا على مشاكلنا الثانوية والإقتصاديّة، ولكن لإعادة كل شيء إلى خطة الله الأصلية، وإستعادة صورتنا الأصليّة الّتي خلقنا عليها دون تشويهها. بإجابته هذه لا يريد إضفاء الشرعية على السلطة الرومانية على بني إسرائيل، ولا إضفاء الشرعية على أيّ سلطة سياسية أو نزع الشرعية عنها. يدافع يسوع عن حقوق الله، كما فعل جميع الأنبياء قبله. في إجابته، يُذكرنا مع محاوريه ويدعونا مسيحيّ كل عصر إلى سؤال نفسه عما يخص الله: أين هو الحق الإلهي وسيادته؟ هل لازلنا نحتفظ بصورة الله الّتي خلقنا على أساسها؟



غالبًا ما نعتقد أنه يجب تقديم أشيائنا أو خدماتنا الدينية أو سلوكياتنا لله. بدلاً من ذلك، يذكرنا يسوع أن ما ندين به لله هو صورته فينا كما خلقنا. مدعوين اليّوم من خلال هذين النصيين أن نستعيد صورة الله فينا. في الواقع، تمامًا كما أن الصورة المطروحة على العملة هي صورة قيصر، فإن صورة الله لا تتأثر بالقطع النقدية أو التماثيل بل تنعكس علينا نحن خلائقه منذ إبداعه فينا (راج تك 1: 26،27). مّن يحمل صورة الله هو الّذي ينتمي إلى الله والّذي يعتبره الله ملكًا له، وميراثه، وكنزه. لذلك يدافع يسوع عن حقوق الله، مذكّرًا إيانا بما يخص الله هامسًا في أذن كلاً منا اليّوم: «أَدُّوا إِذاً لِقَيصَرَ ما لِقَيصر، وللهِ ما لله» (مت 22 : 21).



يعكسا كلمات الله بالعهد الأوّل وكلمات يسوع بالعهد الثاني أنهما ليسا مدافعين عن حقوق الله فقط من خلال هذه الكلمات، فكليهما أُناس بحسب الله. يضيء على وجه يسوع تمامًا تلك الصورة الّتي ينتظر الله أنّ يستعيدها الإنسان، وإذا فقدها أو تشوهت فيه فحان الوقت ليستعيدها مدركًا إنه على صورة الله وعلى وجه يضيء من جديد المجد الإلهي يضيء على وجهه. كشف لنا يسوع سرّ خاص بالله موضحًا لنا الطريق لنرد ما هو له، يمكننا نحن أيضًا أن نردّ لله صورته فينا.





الخلّاصة



يصبح الدفاع عن حقوق الله دفاعًا عن حق كل إمرأة ورجل، دعوة لاكتشاف عميق لحقيقة كل بشري، واكتشاف صورة تجعل المرء حُراً لأنه عندما يكتشف صورة الله فيه يكتسب أيضًا حريته. كل دفاع حقيقي عن حقوق الله هو دفاع حقيقي عن الإنسان، فالله لا يحتاج من يدافع عنه لأنه السيّد والرّبّ. ونودّ أن نختتم معكم قراتنا لنصي اشعيا (45: 1-6) ومتىّ (22: 25-21) بالإندهاش فالله الّذي يختار كورش ليحرر شعبه لأنه وجد صورته فيه دون أنّ يشوهها ولذا صار رسولاً له، بالرغم من إنه كان يجهله قبلاً. وبذات المنطق يسوع كشف بكلامه صورة الله الحقيقية فيه وكان ردّ فعل مستمعيه: «فلمَّا سَمِعوا هذا الكَلامَ تَعَجَّبوا وتَركوهُ وانصَرَفوا» (مت 22: 21). نعم تجمل كلمات يسوع إفاقة لحياتنا ليوقظنا من الجهل ويحملنا لمعرفة إلهنا وإستعادتنا صورتنا الّتي خُلقنا عليها دون أن نفقدها. وهنا بكلمات بسيطة يأتي سؤال يسوع ليّ ولك: "هل تحمل صورة الله حقًا". دًمتم إيّها الأفاضل صورة الله يعكس الله بهائه وجماله من خلالكم.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:12 PM   رقم المشاركة : ( 160270 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,281

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




"هل أنا صورة الله حقًا؟" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل



مُقدّمة



القراء الأفاضل، تتجدد حياتنا بفضل نور الكلمة الإلهيّة، ففي هذا المقال نقرأ من العهد الأوّل كلمات اشعيا النبي (45: 1- 6) والّتي تترك صداها في زمننا المعاصر إذ يكشف لنا النص عن شخصية غريبة وهي كورش، الملك البابلي الّذي دعاه الله كمسيا له موكلاً إياه برسالة. على هذا المنوال نقرأ بالعهد الثاني نص بحسب إنجيل متّى (22: 15-21) والّذي يتوازى مع كلمات النبي في ذات الهدف وهو بمثابة تجربة أو فخ موجه ليسوع المدعو لاتخاذ موقف بشأن قضية يمكننا القول بأنها قضية ساخنة بالنسبة لعصره. لانزال نتابع في سلسلتنا وعلى مدار المقال الرابع ذات السيّاق السائد بالفعل بين الجدل والخلاف للفريسييّن وعظماء الكهنة. لقد توقفنا أمام الثلاث أمثال، بالمقالات الثالاث السابقة، والّذين تمحوروا حول رفض الملكوت. فجاء تَّدخُل يسوع بتعليمه بالأمثال الّتي رواها سابقًا. والآن من جديد، يتقدم الفريسيين بتسأول جديد يسوع ليضعوه في مأزق بين السلطة السياسيّة والدينيّة، ليمسكوا عليه أيّ علّة ليتمكنوا من إتهّامه والحكم عليه. لذا عنوان مقالنا "هل أحمل صورة الله" أم أشوهها أم أستعيدها يومًا بعد يّوم؟ سنتعرف على الإجابات في مقال هذا الأسبوع.





السيادة المطلقة (اش 45: 1-6)



قد نعتبر نص أشعيا (45: 1- 6) في قرأتنا للوهلة الأوّلى نصًا غريبًا إلى حد ما. والسبب هو أنّ الملك الوثني وهو كورش، يُصوَّر بكلمات النبي كمسيح أيّ مسيّا مُرسل مِن قِبل الرّبّ إله بني إسرائيل، بل وكمبعوث له. ولذا يفتتح النبي هذا النص بتوجيه الرّبّ بجلالته، في هذا الحوار، إلى كورش قائلاً: «هكذا قالَ الرَّبّ لِمَسيحِه» (اش 45: 1) كورش هو الرجل الّذي لا يعرف إله إسرائيل ولم ينتمي لإله بني إسرائيل في الإيمان، إلّا إنّه يجد بأنّ في يديه أداة للخلاص لشعبه. ثم يسرد النبي كلمة الرّبّ للنبي على شخص كورش الّذي اختاره لسببين لييعرف إله بني إسرائيل الّذي يجهله وفي ذات الوقت ليحرر شعبه من السبي البابلي قائلاً: «أنا الَّذي أَخَذتُ بِيَمينِه لِأُخضِعَ الأُمَمَ بَينَ يَدَيه [...] إِنِّي أَسيرُ أمامك [...] وأُعْطيكَ كُنوزَ الظُّلمَةِ ودَفائِنَ المَخابِئ لِتَعلَمَ أَنِّي أَنا الرَّبُّ الَّذي دَعاكَ بِاسمِكَ، إِلهُ إِسْرائيل. لِأَجلِ عَبْدي يَعْقوب وإِسْرائيلَ مُخْتاري دَعَوتُكَ بِاسمِكَ ولَقَّبتُكَ وأَنتَ لم تَعرِفنْي» (اش 45: 1- 4). ومع ذلك، فقد استدعاه ومنحه رسالة ودور هامين في التاريخ المقدس لشعبه. يؤكد الرّبّ بدعوته تلك بأنّ هويته الأساسية كرّبّ وإله ليس فقط لبني إسرائيل بل إله كل الشعوب وسيادته تسود على شعوب بخلاف شعبه وسلطات سياسية بخلاف الدينيّة. لذا كرّر النبي مرتين في رسالته سيّادة لرّبّ بهذا المقطع: «إنَّه لَيسَ غَيري أَنا الرَّبّ ولَيسَ مِن رَبٍّ، آخَر» (45: 5، 6). من هذا المنطلق، لا يريد كاتب النبؤة أنّ يكون هناك حق لكل ما هو بحسب الشريعة ويطغي على كلّ السلطات السياسية كسياسة مُستمدة من الله. بل يؤكد النص بشكل رسمي بأنّ سيادة الله على تاريخ البشرية وحريته هي مطلقة الحدود. بهذا المعنى، يصبح هذا المقطع مفتاحًا ثمينًا لقراءة مقالنا هذا.


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024