02 - 05 - 2024, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 159481 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طلب اليونانيين (يو 12: 20- 23) بناء على ما قرأناه في الرسالة النبوية لارميا، نقرأ قليلاً من الآيات المأخوذة من ختام الجزء الأوّل من إنجيل يوحنّا والّذي يشمل الإصحاحات (2-12)، ونطلق على هذا الجزء في اللّاهوت اليوحنّاويّ "كتاب العلامات". في هذا المقال الأخير من الزمن الأربعيني سنتوقف أمام المقطع الإنجيلي الّذي يروي حدث يشير لرغبة بعض اليونانييّن، الّذين صعدوا لأورشليم في زمن عيد الفصح اليهودي وأرادوا أن يروا يسوع. فعل "يرى" بحسب إنجيل يوحنّا هو فعل له الكثير من الأهميّة إذ يشير ليس لرؤيّة خارجية بل لرؤيّة باطنيّة أيّ رؤية من الداخل. يتكرر كثيراً في لّاهوت يوحنّا داعيًا إيانا أنّ نترك ذاوتنا تحت النظرة الإلهيّة ونتمكن أن نسمو وننظر إلى يسوع في حقيقته الإلهيّة طابن الله ومخلصنا. وهنا يدعونا الإنجيلي في كل مرة ننظر ليسوع الّذي يتقدم تدريجيًا ليعطينا حياته أنّ نطلب منه الغفران فهو الوحيد الّذي يمكنه أن يمنحنا إياه. في هذه الآيات الّتي تأتي مباشرة قبل بدء الجزء الثاني، ونطلق عليه "كتاب المجد أو الألم أو السّاعة" من الإنجيل الرابع الذي سيتم تخصيصه بالكامل لسرد أحداث رواية آلام يسوع وموته وقيامته بالإصحاحات (13-21). والّتي يُقدمها الإنجيليّ من خلال خطاب الوداع الطويل الّذي وجهه يسوع المعلم إلى تلاميذه بالإصحاحات (13-17). يبدأ النصّ اليوحنّاوي بهذ المقال الأخير من الزمن الأربعيني والّذي يسبق أسبوع الآلام المقدس مباشرة، بطلب من بعض اليونانيين (يو 12: 20) أنّ يتمكنوا من رؤية يسوع، وأنّ يتمكنوا من لقائه. فقد لجأوا طالبين وساطة تلاميذ يسوع للقائه فقد قَصَدوا إِلى فيلِبُّس، وكانَ مِن بَيتَ صَيدا في الجَليل، فقالوا له مُلتَمِسين: «يا سَيِّد، نُريدُ أَن نَرى يسوع» (يو 12: 21). تلي هذه الرغبة كلمة يسوع الّتي تنبهنا بتطور الأحداث والّتي تتعلق بفصحه الّذي سيعبره من خلال سرّ آلامه وموته وقيامته قائلاً: «أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان» (يو 12: 20–23). ونحن اليوم مع اليونانيين وهم من الوثنيّن نرفع قلوبنا طالبين رؤيّة يسوع المخلص لنتسلح بالغفران الّذي يمنحنا إياه، لنتبادله مع إخوتنا. وهنا بمجانيّة القلب الإلهي الّذي يغفر لنا زلاتنا مدعويّن لتقديم الغفران لمّن أساء إلينا. كما نرى بالنص إنّه تمّ طرح سؤالهم على أحد تلاميذ يسوع يُدعى فيلبس، والّذي أشرك أندراوس على الفور في مهمته. وبدروهما يذهبا التلميذان معًا ليخبرا يسوع بما طُلب منهم. ويبدو أنّ هناك إستمرارية بين هذا النص ولقاء يسوع مع تلاميذه الأوائل في بداية الإنجيل. في الواقع، تم ذكر أندراوس وفيلبس بالإصحاح الأوّل من ذات الإنجيل الرابع (را 1: 35-51). فبعد أنّ إلتقيا معًا بيسوع، أعلنوا للآخرين أنهم وجدوا المسيّا، ذلك الّذي تتحدث عنه الكتب المقدسة (را يو 1: 41. 45). هناك تقريبًا حركة إنعاكسيّة، ففي بدايّة الإنجيل، أعلن التلاميذ للآخرين، بطرس ونثنائيل، إنهما التقيا بيسوع؛ والآن، في نهاية الجزء الأول من البشارة اليوحنّاويّة، يقدمون إلى يسوع رغبة بعض الأمم، المنسجميّن مع إيمان بني إسرائيل، لإمكانيّة لقائهم بالرّبّ. ستكون مهمة تلاميذ يسوع منذ عيد الفصح فصاعدًا: جلب كلّ الناس إلى يسوع. |
||||
|
|||||
02 - 05 - 2024, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 159482 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السّاعة اليوحنّاويّة (يو 12: 20- 23) كان ردّ فعلّ يسوع على هذا الإعلان مفاجئًا. فهو يعلن أمام هذا الطلب أنّ: "سّاعته قد حانّت" (يو 12: 23). يبدو أنّ تلك السّاعة التي أُعلن عنها منذ بداية الإنجيل (راج يو 2: 4)، في مواجهة طلب اليونانيين أنّ يتمكنوا من مقابلته، قد حلّت. إنّ الخلاص الّذي يصل إلى كلّ إمرأة وكلّ رجل من خلال فصح يسوع. يصير الفصح بمثابة الحدث الّذي يسمح لجميع الشعوب بالدخول في العهد مع الله. وأيضًا الفصح هو علامة أنّ السّاعة قد حلّت. إن سؤال اليونانيين يكشف عن هذا الإتمام الإكتمال. بعد الإعلان الأساسي للسّاعة، ينطق يسوع ببعض التعاليم حول معنى فصحه (را يو 12: 24 ت). في النص اللاحق لهذا النص يأخذ يسوع من صورة البذرة، مثل حيّ ليطبقها على هبة حياته مُعلنًا بأنه: إذا ماتت البذرة تحت الأرض، أعطت ثمرا، وإذا لم تمت، تبقى وحدها (را يو 12: 24). هذا هو المعنى الّذي ينطبق حقيقة على حدث فصح يسوع، باعتباره حياة معطاة ومثمرة، له عواقب على وجود تلاميذه: على صورة يسوع، عليهم أنّ يتعلموا أنّ مَن يحب نفسه يهلكها، ومن يبغض نفسه يحتفظ بها (را يو 12: 26). تحمل لنا كلمات الإنجيل اليوحنّاويّ، دعوة صريحة لتبعيّة يسوع في منطق الحياة هذا، وهو ما يؤكده أيضًا صوت الآب الّذي يقول إنّه في حياة الابن المعطاة، يتمجد اسم الآب. وينتهي المقطع بالإشارة إلى رفع يسوع على الصليب، والّذي بفضله يجذب إليه الجميع. هذا هو قلب موضوع المقال السابق (را يو 3: 14 – 21). الخلّاصة سيرنا معًا للربط بين نص من نبؤة ارميا (31: 31- 34)، ونص بحسب يوحنّا (12: 20- 23) لنتعرف على سلاح جديد وهو سلاح الغفران، لنتسلح به روحيّاً في هذا الزمن الأربعيني. سوف يتعرف تلاميذ يسوع على عبارة العهد الجديد، التي تظهر في العهد القديم فقط في هذا المقطع من ارميا (31: 31- 34)، وهو مفتاح لفهم فصح المعلم بعبوره الآلام والموت والقيامة حاملاً خطايانا البشريّة ومانحًا الغفران. في الواقع، يمكننا أنّ نؤكد أنّه بفضل طاعة يسوع للآب أصبح سببًا للخلاص الأبدي. ومن خلال تسليمه الكامل لإرادة الآب ومنحه حياته كحبة الحنطة الّتي لا تأتي بثمر كثير إلا إذا يموت في قلب الأرض. تسلّحنا بسلاح الغفران من خلال هذيّن النصيّن بقلب يرغب في رؤية المخلص ويقطع عهداً جديداً قابلاً غفران الرّبّ ومانحًا إياه لقريبه. دُمتم متسلحين بسلاح الغفران. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 159483 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"سلاح الحقّ" بين كاتبي سفر الأخبار الثاني والإنجيل الرابعمُقدّمة القُراء الأفاضل، زمن أربعيني مقدس. بعد أن تسلّحنا بثلاث من الأسلحة الإلهيّة بالمقالات السابقة وهي: سلاح القوس الإلهي، ثمّ سلاح الحياة، وأخيرا بالمقال الأخير توقفنا على مقال المجانيّة. سنتدرب في هذا المقال، على التسلّح بسلاح جديد وهو سلاح الـــحقّ، وهو يسوع ذاته (را يو 14: 6). سنستعين للتعرف على هذا السلاح، بنصوص كلّا العهديّن، نص العهد الأوّل من سفر الأخبار الثاني (36: 14- 23)، والّذي يكشف لنا عن تاريخ العهد بين الله وشعبه، ويشير كاتبه أيضًا إلى وضع بني إسرائيل في زمن السبي. أما بالعهد الثاني سنستعين بنصًا إنجيليًا مأخوذًا من الحوار الّذي دار بين يسوع ونيقوديموس في بداية الإنجيل الرابع (يو3: 14-21)، والّذي يقدم لنا بطريقة مكثفة جدًا فهم السرّ الفصحي بشكل إستباقي بين معلم يهودي وهو نيقوديموس ويسوع معلمنا. نهدف في زمن الإستعداد للصوم الأربعيني، بالجهاد للتعرف على حقيقتنا وحقيقة الله كسلاح جديد يجعلنا نخطو خطوة للأمام في مسيرتنا التغيريّة الّتي تحملنا على توبة القلب والفكر والسلوك اليوميّ. 1. الدعوة للنهوض (2أخ 36: 14- 23) النص الأوّل الّذي سنتوقف أمامه وهو مأخوذ من سفر أخبار الأيام الثاني (36: 14- 23)، وهو بمثابة آخر أسفار الكتب المقدسة العبريّة. يتتبع كتابيّ أخبار الأيام تاريخ النظام الملكي، وتتمّ قراءة هذا السفر بجزئيه، من خلال معيار أساسي وهو مصير الشعب الّذي يعتمد فقط على ولائه للعهد مع الله وإحترام الشريعة والرسائل النبويّة. هذا ما تم ذكره صراحةً في نهاية هذا النص بالعهد الأوّل والّذي يشكل ختام عمل الكاتب بشكل كامل. لقد أشار الكاتب بأنّ خطيئة شعب الله، تكمن، قبل كل شيء، في عدم الإصغاء أي التحلّي بروّح العناد تجاه الكلمة الإلهيّة. هذا هو الأمر الّذي لمّ يفشل الرّبّ أبدًا في فعله: «وأَكثَرَ جَميعُ رؤساءَ الكَهَنَةِ والشَّعبُ مِنَ المخالَفَة، بِحَسبِ جَميعِ قَبائِحِ الأمَم، ونَجَّسوا بَيتَ الرَّبِّ الذَّي قَدَّسَه في أُورشَليم. فأَرسَلَ إِليهمِ الرَّبُّ، إِلهُ آبائِهم، رُسُلاً بِلا مَلَل، لأَنَّه أَشفَقَ على شَعبِه وعلى مَسكِنِه. فَسخِروا مِن رُسُلِ الله، وإزدَرَوا كَلامَه وهَزِئوا مِنِ أَنبِيائه، حتَّى ثارَ غَضَبُ الرَّبِّ على شَعبِه» (2أخ 36: 14- 16). من خلال رسله الّذين أرسلهم بشكل مستمر ومدروس، بل وصل الأمر إلى حد الاستهزاء برسل الله، محتقرين كلامهم، مستهزئين بالأنبياء. أصبح وضع الشعب غير قابل للإصلاح. لمواجهة هذا الوضع، يأتي عمل الله الأخير وهو السماح بتجربة النفى إلى بابل، الشعب يحيا خبرة يستعيد فيها كنز العلاقة بالله ويتعرف على حقيقته كشعب فريد. يصبح المنفى أدة للتطهير الضروريّة حتى يتمكن الشعب من العودة للاستماع إلى صوت الله ويعترف به كإله حقيقي. إن تحديد زمن سبعين سنة يخبرنا أن غضب الله: «فتَمَّ ما تَكلَّمَ بِه الربُّ بفَم إِرميا، حتَّى إستَوفَتِ الأَرضُ سُبوتها، لأَنَّها تعَطلت كل أيَّامِ خرابِها إلى إنقِضاءِ سَبعين سنةً» (2أخ 36: 21). بعد أن بلغ ذروته، لا يؤدي إلى خراب الأرض ولكن في عمل بالغ لاستعادتها. على الشعب، نحن اليّوم، أنّ نتوقف عن عنادنا ونقبل رسائله الّتي تدعونا للتغيير والتوبة. يُختتم هذا النص برسالة تدعو إلى الإنفتاح على المستقبل بفضل العمل التحرري الّذي قام به الحاكم الوثني، كورش، بحسب المخطط الإلهي. فالكلمة الأخيرة هي للرّبّ: «جَميعُ مَمالِكِ الأَرضِ قد أَعْطانيها الرَّبُّ، إِلهُ السَّمَوات، وأَكلَ إِلَيَّ أَن أَبنيَ لَه بَيتًا في أورَشَليم الَّتي في يَهوذا. فمَن كانَ مِنكم مِن شَعبِه أَجمَع، فالرَّبُّ إِلهُه معَه، فليَصْعَدْ» (2أخ 36: 20). الشعب مدعو لاستئناف العودة إلى أورشليم، الحريّة والإعتراف بحقيقته كشعب الله ليبدأ من جديد في الحفاظ على العهد مع إلههم. نحن اليّوم مدعوين من خلال الومن الأربعيني للعودة للإله الحق بقلب يعترف به ويتوب عن عناده. 2. اللقاء الليليّ (يو 3: 1-14) لقاء خاص بين العجوز نيقوديموس وهو المعلم اليهودي الّذي ينتمي إلى فئة الفريسييّن، قام هذ الشيخ الممتلئ بالغيرة الدينية الواضحة، بالذهاب ليلاً إلى يسوع باحثًا عن إجابات ما. يختار هذا التوقيت الليليّ بسبب أنه من عادة الربانيين إنهم كانوا يتأملوا ويدرسوا كلمة الله فقط ليلاً، وبالنسبة لهم الليل ضروري كعامل مساعد للدراسة ليتمكنوا ترك ذواتهم لتتغلل فيهم الكلمة المقدسة. كم من الأسئلة الّتي تَرد على أذهاننا ونتهرب منها خلال اليوم تاركة صدى عميق ليلاً. نيقوديموس يشابهنا حينما نسعى للبحث عن النور الحقيقي بدون محاباة ودون أسئلة خبيثة. صعوباته ان يفهم أسس الديانة اليهوديّة الحقيقة التي اراد يسوع ان يكشفهنا بالنص السابق اثناء طرده للتجار والباعة من الهيكل. يشابهنا نيقوديموس حينما نجد صعوبة لتغيير الوضع الحالي ونقبل ما يكشفه الرب من إلهاماث جديدة. أثناء البحث عن الحقيقة يكتشف هذا المعلم أن يسوع يدعوه لحياة بل لولادة جديدة. ويشدد على اهمية الولادة من الرّوح، ويعاني نيقوديموس من عدم فهمه وصعوبة كلام يسوع. 3. الرفع: الـموت والمجد (يو 3: 14-17) الرحمة التي ظهرت في سلوك الرّبّ الإله بالعهد الأوّل، هي الصفة الّتي تكشف وجه يسوع بالأدب اليوحنّاويّ. يصف معنى رسالة يسوع وقيامته تحمل الإستباقات قبل إتمام هذا السرّ في جسده. لا يوجد ذكر صريح للموت على الصليب، لكن العديد من عناصر النص تشير بشكل غير مباشر إلى نعمة الحياة من خلال الموت الّتي قدمها يسوع. يذكر يسوع صراحة لاحقًا إنّه عندما يرتفع عن الأرض سيجذب إليه الجميع (راج يو 12: 32). إن الجذب الّذي وعد به يسوع عند قيامته هو صورة تشير إلى خلاصه لكل مَن يؤمن به. في الواقع، إن جذب الأبناء المتفرقين سيصير عمل الله في الأيام الأخيرة. 4. رمزيّة صورة الحية (يو 3: 18-21) يستخدم الكاتب فعل يرفع في الإنجيل والّذي يتكرر ثلاث مرات، مما يشير إلى الرفع أو الصعود بهدف الوصول لذروة الخلاص. يعتمد الكاتب على ما كشفته نبؤة اشعيا 53 عن عبد يهوه الّذي سيرتفع ولكن من خلال الصمت والتواضع مُقدمًا ذاته أثناء إحتقاره. يُنوه يسوع إلى حدث تمّ بسفر العدد فمع السير على رمال الصحراء الحيّات أي التعابين يتخفون فيها ويلدغون السائرين عليها فجأة وهذه هي حالة بني اسرائيل وقد يكونوا حُفاة بسبب حرّ الصحراء أو مرتدين الصنادل المفتوحة. هذا تمّ علاجه بالحية النحاسية الّتي رفعها موسى وهي تحمل رمز صليب يسوع الّذي سيرُفع عليه مصلوبًا. وبهذه النظرة الموجهة للمصلوب علينا أنّ نرفع قلوبنا وعيوننا لنعلن إيماننا به طالبين الخلاص من لا حقيقتنا بل ريائنا. يقدم يسوع تفسيرًا إضافيًا للمقارنة مع الحية النحاسيّة الّتي رُفعت في البرِّيَّة في زمن موسى، حيث أنّ جوهر رسالة يسوع مرتبطة بحب الله الآب. إنّه الحب الّذي لا يستحوذ على المحبوب، بل هو الّذي يعطي، بل يفرغ ذاته لأجل محبوبه. مدعوين اليّوم للتعرف على أنّ محبة الله اللامتناهية للعالم هي المصدر الّذي منه تُولد رسالة يسوع وهبة حياته على الصليب، والّتي تُذكرنا بها صورة الحية المرفوعة: «إِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة» (يو 3: 20). الإشارة الّتي نكتشفها في النص المختار هي رمزيّة صورة الحية الّتي رفعها موسى في البرِّيَّة لشفاء بعض من أبناء إسرائيل الّذين لدغتهم الثعابين السّامة (راج عد 21: 4 – 9). يشير فعل يرفع بحسب يوحنّا إلى موت يسوع على الصليب وإلى تمجيده من الآب الّذي سيقيمه لاحقًا. رمزيّة الحيّة لها الكثير من المعنى الخلاصيّ، ففي مسيرة الخروج من العالم هناك سموم الشر والشرير الّتي تحيط بنا والّتي تحرمنا من التمتع بانسانيتا. فهناك السموم الّتي نحملها بداخلنا كالإكتناز، والتسلط، والشهوات الّتي بالعالم، هذا النص يدعونا لننظر بعمق إلى الانسان الحقيقي، أنا وأنت، الّذي يعطيه يسوع حياته. «أَمَّا الَّذي يَعمَلُ لِلحَقّ فيُقبِلُ إِلى النُّورلِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله» (يو 3: 20- 21)، فالحياة تأتي من تجسدها وأُعطيت لنا بألم يسوع على الصليب. ومَن يؤمن له الحياة الابدية zoih Ionios باليوناني، والّتي تظهر للمرة الأولى هنا بحسب يوحنّا. مدعوين اليّوم ونحن الّذين نرغب في ملء الحياة الأبدية أنّ لا ننظر لبشريتنا وسمومها بل ننظر الى الشخص الوحيد الـمُعطي الحياة الحقيقة، متسلحين بسلاح الحقّ، ومتسألين عن السموم الّتي تملأ حياتنا الّيوم طالبين الخلاص منها بالنظر إلى المصلوب! الخلّاصة إنّ الدعوة إلى النهوض، الّتي تختتم نص سفر الأخبار الثاني 36، يمكن توجيهها إلينا ككنيسة اليّوم وإلى كل مؤمن في زمن الصوم هذا، حيث ننهض من زيفنا وحياتنا الّتي لا تشير لحقيقة إلهنا. في رسالة يسوع التحريريّة لنيقوديموس (يو 3: 14- 21) والّذي يشير هذا المعلم لكلّا منا مدعوين لقبول يسوع المصلوب والقائم من خلال النظر إليه فهو لمّ يأت ليدينا بل ليخلصنا، هذا هو قلب هذا الزمن الّذي سنعبر متذكرين حقيقة الله الخلّاصية بالماضي مع شعبه وبالحاضر معنا. نعلم أنّ الإدانة لا تنبع من عمل يريده الله، بل من انغلاقنا كنساء ورجال وعدم قبولنا رسائل الله الخلاصيّة الّتي وصلت لذروتها في تقديمه إبنه الوحيد. يتمّ تمييزنا في قبول أو عدم قبول الابن الّذي هو النور الذي جاء إلى العالم. دُمتم حاملين سلاح الحقّ لمواجهة كلّ ما هو مزيف وكاذب. دُمتم في مسيرة مرافقة المصلوب مُعطي الحقّ الحبّ والحياة الأبدية. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 159484 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الدعوة للنهوض (2أخ 36: 14- 23) النص الأوّل الّذي سنتوقف أمامه وهو مأخوذ من سفر أخبار الأيام الثاني (36: 14- 23)، وهو بمثابة آخر أسفار الكتب المقدسة العبريّة. يتتبع كتابيّ أخبار الأيام تاريخ النظام الملكي، وتتمّ قراءة هذا السفر بجزئيه، من خلال معيار أساسي وهو مصير الشعب الّذي يعتمد فقط على ولائه للعهد مع الله وإحترام الشريعة والرسائل النبويّة. هذا ما تم ذكره صراحةً في نهاية هذا النص بالعهد الأوّل والّذي يشكل ختام عمل الكاتب بشكل كامل. لقد أشار الكاتب بأنّ خطيئة شعب الله، تكمن، قبل كل شيء، في عدم الإصغاء أي التحلّي بروّح العناد تجاه الكلمة الإلهيّة. هذا هو الأمر الّذي لمّ يفشل الرّبّ أبدًا في فعله: «وأَكثَرَ جَميعُ رؤساءَ الكَهَنَةِ والشَّعبُ مِنَ المخالَفَة، بِحَسبِ جَميعِ قَبائِحِ الأمَم، ونَجَّسوا بَيتَ الرَّبِّ الذَّي قَدَّسَه في أُورشَليم. فأَرسَلَ إِليهمِ الرَّبُّ، إِلهُ آبائِهم، رُسُلاً بِلا مَلَل، لأَنَّه أَشفَقَ على شَعبِه وعلى مَسكِنِه. فَسخِروا مِن رُسُلِ الله، وإزدَرَوا كَلامَه وهَزِئوا مِنِ أَنبِيائه، حتَّى ثارَ غَضَبُ الرَّبِّ على شَعبِه» (2أخ 36: 14- 16). من خلال رسله الّذين أرسلهم بشكل مستمر ومدروس، بل وصل الأمر إلى حد الاستهزاء برسل الله، محتقرين كلامهم، مستهزئين بالأنبياء. أصبح وضع الشعب غير قابل للإصلاح. لمواجهة هذا الوضع، يأتي عمل الله الأخير وهو السماح بتجربة النفى إلى بابل، الشعب يحيا خبرة يستعيد فيها كنز العلاقة بالله ويتعرف على حقيقته كشعب فريد. يصبح المنفى أدة للتطهير الضروريّة حتى يتمكن الشعب من العودة للاستماع إلى صوت الله ويعترف به كإله حقيقي. إن تحديد زمن سبعين سنة يخبرنا أن غضب الله: «فتَمَّ ما تَكلَّمَ بِه الربُّ بفَم إِرميا، حتَّى إستَوفَتِ الأَرضُ سُبوتها، لأَنَّها تعَطلت كل أيَّامِ خرابِها إلى إنقِضاءِ سَبعين سنةً» (2أخ 36: 21). بعد أن بلغ ذروته، لا يؤدي إلى خراب الأرض ولكن في عمل بالغ لاستعادتها. على الشعب، نحن اليّوم، أنّ نتوقف عن عنادنا ونقبل رسائله الّتي تدعونا للتغيير والتوبة. يُختتم هذا النص برسالة تدعو إلى الإنفتاح على المستقبل بفضل العمل التحرري الّذي قام به الحاكم الوثني، كورش، بحسب المخطط الإلهي. فالكلمة الأخيرة هي للرّبّ: «جَميعُ مَمالِكِ الأَرضِ قد أَعْطانيها الرَّبُّ، إِلهُ السَّمَوات، وأَكلَ إِلَيَّ أَن أَبنيَ لَه بَيتًا في أورَشَليم الَّتي في يَهوذا. فمَن كانَ مِنكم مِن شَعبِه أَجمَع، فالرَّبُّ إِلهُه معَه، فليَصْعَدْ» (2أخ 36: 20). الشعب مدعو لاستئناف العودة إلى أورشليم، الحريّة والإعتراف بحقيقته كشعب الله ليبدأ من جديد في الحفاظ على العهد مع إلههم. نحن اليّوم مدعوين من خلال الومن الأربعيني للعودة للإله الحق بقلب يعترف به ويتوب عن عناده. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:43 PM | رقم المشاركة : ( 159485 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اللقاء الليليّ (يو 3: 1-14) لقاء خاص بين العجوز نيقوديموس وهو المعلم اليهودي الّذي ينتمي إلى فئة الفريسييّن، قام هذ الشيخ الممتلئ بالغيرة الدينية الواضحة، بالذهاب ليلاً إلى يسوع باحثًا عن إجابات ما. يختار هذا التوقيت الليليّ بسبب أنه من عادة الربانيين إنهم كانوا يتأملوا ويدرسوا كلمة الله فقط ليلاً، وبالنسبة لهم الليل ضروري كعامل مساعد للدراسة ليتمكنوا ترك ذواتهم لتتغلل فيهم الكلمة المقدسة. كم من الأسئلة الّتي تَرد على أذهاننا ونتهرب منها خلال اليوم تاركة صدى عميق ليلاً. نيقوديموس يشابهنا حينما نسعى للبحث عن النور الحقيقي بدون محاباة ودون أسئلة خبيثة. صعوباته ان يفهم أسس الديانة اليهوديّة الحقيقة التي اراد يسوع ان يكشفهنا بالنص السابق اثناء طرده للتجار والباعة من الهيكل. يشابهنا نيقوديموس حينما نجد صعوبة لتغيير الوضع الحالي ونقبل ما يكشفه الرب من إلهاماث جديدة. أثناء البحث عن الحقيقة يكتشف هذا المعلم أن يسوع يدعوه لحياة بل لولادة جديدة. ويشدد على اهمية الولادة من الرّوح، ويعاني نيقوديموس من عدم فهمه وصعوبة كلام يسوع. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 159486 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرفع: الـموت والمجد (يو 3: 14-17) الرحمة التي ظهرت في سلوك الرّبّ الإله بالعهد الأوّل، هي الصفة الّتي تكشف وجه يسوع بالأدب اليوحنّاويّ. يصف معنى رسالة يسوع وقيامته تحمل الإستباقات قبل إتمام هذا السرّ في جسده. لا يوجد ذكر صريح للموت على الصليب، لكن العديد من عناصر النص تشير بشكل غير مباشر إلى نعمة الحياة من خلال الموت الّتي قدمها يسوع. يذكر يسوع صراحة لاحقًا إنّه عندما يرتفع عن الأرض سيجذب إليه الجميع (راج يو 12: 32). إن الجذب الّذي وعد به يسوع عند قيامته هو صورة تشير إلى خلاصه لكل مَن يؤمن به. في الواقع، إن جذب الأبناء المتفرقين سيصير عمل الله في الأيام الأخيرة. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 159487 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رمزيّة صورة الحية (يو 3: 18-21) يستخدم الكاتب فعل يرفع في الإنجيل والّذي يتكرر ثلاث مرات، مما يشير إلى الرفع أو الصعود بهدف الوصول لذروة الخلاص. يعتمد الكاتب على ما كشفته نبؤة اشعيا 53 عن عبد يهوه الّذي سيرتفع ولكن من خلال الصمت والتواضع مُقدمًا ذاته أثناء إحتقاره. يُنوه يسوع إلى حدث تمّ بسفر العدد فمع السير على رمال الصحراء الحيّات أي التعابين يتخفون فيها ويلدغون السائرين عليها فجأة وهذه هي حالة بني اسرائيل وقد يكونوا حُفاة بسبب حرّ الصحراء أو مرتدين الصنادل المفتوحة. هذا تمّ علاجه بالحية النحاسية الّتي رفعها موسى وهي تحمل رمز صليب يسوع الّذي سيرُفع عليه مصلوبًا. وبهذه النظرة الموجهة للمصلوب علينا أنّ نرفع قلوبنا وعيوننا لنعلن إيماننا به طالبين الخلاص من لا حقيقتنا بل ريائنا. يقدم يسوع تفسيرًا إضافيًا للمقارنة مع الحية النحاسيّة الّتي رُفعت في البرِّيَّة في زمن موسى، حيث أنّ جوهر رسالة يسوع مرتبطة بحب الله الآب. إنّه الحب الّذي لا يستحوذ على المحبوب، بل هو الّذي يعطي، بل يفرغ ذاته لأجل محبوبه. مدعوين اليّوم للتعرف على أنّ محبة الله اللامتناهية للعالم هي المصدر الّذي منه تُولد رسالة يسوع وهبة حياته على الصليب، والّتي تُذكرنا بها صورة الحية المرفوعة: «إِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة» (يو 3: 20). الإشارة الّتي نكتشفها في النص المختار هي رمزيّة صورة الحية الّتي رفعها موسى في البرِّيَّة لشفاء بعض من أبناء إسرائيل الّذين لدغتهم الثعابين السّامة (راج عد 21: 4 – 9). يشير فعل يرفع بحسب يوحنّا إلى موت يسوع على الصليب وإلى تمجيده من الآب الّذي سيقيمه لاحقًا. رمزيّة الحيّة لها الكثير من المعنى الخلاصيّ، ففي مسيرة الخروج من العالم هناك سموم الشر والشرير الّتي تحيط بنا والّتي تحرمنا من التمتع بانسانيتا. فهناك السموم الّتي نحملها بداخلنا كالإكتناز، والتسلط، والشهوات الّتي بالعالم، هذا النص يدعونا لننظر بعمق إلى الانسان الحقيقي، أنا وأنت، الّذي يعطيه يسوع حياته. «أَمَّا الَّذي يَعمَلُ لِلحَقّ فيُقبِلُ إِلى النُّورلِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله» (يو 3: 20- 21)، فالحياة تأتي من تجسدها وأُعطيت لنا بألم يسوع على الصليب. ومَن يؤمن له الحياة الابدية zoih Ionios باليوناني، والّتي تظهر للمرة الأولى هنا بحسب يوحنّا. مدعوين اليّوم ونحن الّذين نرغب في ملء الحياة الأبدية أنّ لا ننظر لبشريتنا وسمومها بل ننظر الى الشخص الوحيد الـمُعطي الحياة الحقيقة، متسلحين بسلاح الحقّ، ومتسألين عن السموم الّتي تملأ حياتنا الّيوم طالبين الخلاص منها بالنظر إلى المصلوب! الخلّاصة إنّ الدعوة إلى النهوض، الّتي تختتم نص سفر الأخبار الثاني 36، يمكن توجيهها إلينا ككنيسة اليّوم وإلى كل مؤمن في زمن الصوم هذا، حيث ننهض من زيفنا وحياتنا الّتي لا تشير لحقيقة إلهنا. في رسالة يسوع التحريريّة لنيقوديموس (يو 3: 14- 21) والّذي يشير هذا المعلم لكلّا منا مدعوين لقبول يسوع المصلوب والقائم من خلال النظر إليه فهو لمّ يأت ليدينا بل ليخلصنا، هذا هو قلب هذا الزمن الّذي سنعبر متذكرين حقيقة الله الخلّاصية بالماضي مع شعبه وبالحاضر معنا. نعلم أنّ الإدانة لا تنبع من عمل يريده الله، بل من انغلاقنا كنساء ورجال وعدم قبولنا رسائل الله الخلاصيّة الّتي وصلت لذروتها في تقديمه إبنه الوحيد. يتمّ تمييزنا في قبول أو عدم قبول الابن الّذي هو النور الذي جاء إلى العالم. دُمتم حاملين سلاح الحقّ لمواجهة كلّ ما هو مزيف وكاذب. دُمتم في مسيرة مرافقة المصلوب مُعطي الحقّ الحبّ والحياة الأبدية. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:45 PM | رقم المشاركة : ( 159488 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"سلّاح الـمجانيّة" بين كاتبي سفر الخروج والإنجيل الرابع مُقدّمة في هذا الأسبوع الثالث، من الزمن الأربعينيّ، مدعويّن من خلال قرائتنا لنصوص كِلّا العهدين ندخل في مرحلة جديدة من مسيرتنا الإستعداديّة لفصح المسيح القائم. يتميز مقالنا لهذا الأسبوع بخلاف المقاليّن الماضييّن حيث نقاشنا سلّاحيّ القوس الإلهي من خلال نص نوح والطوفان وتجارب يسوع. ثمّ سلّاح الحياة الّذي جمع بين حدث نقدمة إبراهيم إسحق ذبيحة للرّب وحدث التجليّ الّذي إستبق المسيح به، قبل عبوره الآلم والموت، سر الحياة. يتميز مقالنا الحاليّ وهو الثالث من مسيرتنا الأربعينيّة بمقطع العهدّ الأوّل والّذي يرويّ كلمات الله العشر بحسب سفر الخروج (20: 1- 17). والّذي يهدف إلى إستمرار العهدّ الإلهي مع الشعب منذ تحريره. المقطع الثاني سنتواصل بنص فريد من نوعه بحسب إنجيل يوحنّا وهو نصّ يطلق عليه تطهير الهيكل ( 2: 13-25). يأخذ إنجيل يوحنّا قيمته اللّاهوتية بمنهجيّة هامة بشكل خاص لفهم شخص يسوع وجوهر رسالته. نهدف من خلال هذا المقال التعرف على السلّاح الثالث والّذي سنكتشفه من خلال سلاح المجانيّة الّذي يبدأ مع الله بالعهد الأوّل ويصل إلى قمته في يسوع الإبن. 1. كلمة أم كلمات؟ (خر 20: 1- 17) في القراءة الأولى نواجه النص الأساسي للمعاهدة السينائيّة، والّتي تتجسد في الكلمات العشر. في مقدمة نص الكلمات العشر يمدّنا الراوي بالسمّات الأساسيّة الّتي نحتاجها لتفسير النص ككلّ قائلاً: «تَكَلَّمَ اللهُ بِهذا الكَلامِ كُلِّه قائلاً» (خر 20: 2). لقد خلق الله الشعب وأعطاه حريّة مُطلقة حينما تحالّف معه. ولكن حتّى قبل قطع العهد مع الشعب، أراد الله شعبًا يختاره بإرادته ويريد أنّ يبقى كـمُحاور حرّاً له. لمّ يرغب الرّبّ في أنّ يتحرر إسرائيل من عبودية المصرييّن القمعيّة فحسب، بل أردّ الحريّة الجذريّة، أراد القضاء على أي تواطؤ مع العبوديّة، وأي إغراء لتفضيل العبوديّة على حرية عبادته. لهذا السبب، يتوجب على إسرائيل، قبل أنّ يستمع إلى كلمات إلهه، أنّ يتذكر ولادة حريته الّتي أرادها الله قبل أي شيء آخر. لكن الرّبّ ليس فقط إلهًا محررًا، بل هو أيضًا إله غيور وهذا نعلّمه من قوله: «أَنا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذي أَخَرجَكَ مِن أَرضِ مِصرَ، مِن دارِ العُبودِيَّة. [...] لإِنِّي أَنا الَرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيور» (خر 20: 2- 4). الغيّرة الإلهيّة هي سمة من سمات المحّبة البشريّة الّتي يستخدمها الكتاب المقدس العبريّ للحديث عن محبة الله لشعبه، كغيرة العريس على عروسه.والشعب هو بمثابة العروس وهنا سبب غيرة الله ليست ثمرة محبة التملك، بقدر ما هي ثمرة محّبة حقيقية لا تبالي بخيارات الآخر. يتألم الله لأنّه يرغب في إظهار فيض محبته الأمينة للشعب، فهو مُجبر على الإعتراف بأنّ الجراح الّتي تألم بها شعبه وهو شعب يتمتع بحريته وهذا الألم يستمر لأجيال (راج خر 20: 5) ولا يشفى على الفور، ولكن الأمر يستغرق وقتًا. ففي هذا الوقت الرّبّ يرافق شعبه في كل الأوقات الألم والفرح، العبوديّة والحريّة، ... فهو إله العهد والأمانة. لذا رحمته هي الكلمة الإخيرة: «وأَصنَعُ رَحمَةً إِلى أُلوفٍ مِن مُحِّبيَّ وحافِظي وَصاياي» (خر 20: 20). بهذه الرحمة الّتي ترجمها في عطاياه المجانيّة من الإحتفال بالفصح العبريّ قبل الخروج من مصر والتحرر من العبوديّة. هذا بالإضافة إلى منحه عطايا المنّ والماء بالبريّة وأخيراً بينما الشعب يعبد العجل الذهبي إلّا أنّ الله يستمر في إعطاء كلماته العشر. هذا هو جوهر مجانيّة الله الّذي يعطي بدون حدود وشروط لشعبه وبالأخص الكلمات العشر الّتي صارت جوهر الحضور الإلهي المجاني لله في وسط شعبه. 2. يسوع هو الهيكل الإلهي (يو 2: 13- 15) بحسب إنجيل يوحنّا، يمسّ هذا المقطع موضوع لّاهوتي يوحنّاويّ وهو العلاقة بين يسوع والهيكل، على عكس الأناجيل الإزائية الّتي تضعه بالقرب من نهاية حياة يسوع، أيّ بعد دخوله المنتصر إلى أورشليم. بينما يوحنّا يضعه مباشرة بعد المقدمة السردية (راج 1: 1- 18)، وإختيار تلاميذه الأوائل. وبعد حضور تلاميذه أوّل آياته أي معجزاته بقانا الجليل يرويّ يوحنّا جوهر رسالة يسوع. يشير حدث تطهير الهيكل إلى أنّ البُشرى اليوحنّاويّة تحتل دورًا خاصًا جدًا.بينما يأتي أوّل إشارة إلى عيد الفصح، مما يخلق دمجًا بين هذا المقطع المنهجي الّذي تمّ وضعه في بدايّة بشارته وربطه بروايّة الآلام والموت والقيامة الّتي ستختتم الإنجيل. إذ يفتتح الإنجيل النص قائلاً: «وكانَ فِصحُ اليَهود قَريباً، فصَعِدَ يسوعُ إِلى أُورَشَليم، فوَجَدَ في الهَيكَلِ باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمامِ والصَّيارِفَةَ جالِسين. فَصَنَعَ مِجلَداً مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعاً مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم» (يو 2: 13- 15). الهيكل في هذا الوقت هو مكان يستقبل الجميع، الوثنيين واليهود، الرجال والنساء، ... . هذا يدل على إنّه صار مكانًا للتجارة إذ فقدّ الهيكل الّذي كان يحتفظ فيه الشعب بكلمات الله العشر. وبهذا إختلف معنى الهيكل من العباداة والروحيات والإلتقاء بالله إلى مكان لتحقيق المكاسب الشخصية وكلّ هذا يتم بإذن السلطتن الكهنوتية في عصر يسوع. وهنا يستعيد يسوع الإكرام لهيكل الله آبيه طارداً الباعة والتجار والصيارفة وبضائعهم خارج الهيكل المكرس فقط لعبادة الله والإلتقاء به. وهنا يوحنّا يشير برسالة جوهريّة في ردّ فعل يسوع وهو تطهير الهيكل من النجاسة ومن كل ما هو لا ينتمي لله. الطهارة الّتي سمّة الهيكل الإلهي بسبب إحتوائه على كلمات الله العشر إلّا أنّ الفعل البشري المعاصر للباعة في زمن يسوع يشير على أنّ أمانة الله ومجانيته وتغييّب الشعب بالكامل عما هو ما لله وإنغلاقه على مصلحته الشخصيّة والماديّة في بيت الله ولكنه بعيداً تمامًا عن الله في الحقيقة. 3. مجانيّة يسوع (يو 2: 16- 22) لازالّ يسوع بحضوره يصرخ في كلًا منا ونحن الّذين نتردد على الكنائس والمعابد الدينية ولكن بسبب مصالح شخصيّة، وهنا يأتي نداء يسوع لنا اليوم قائلاً: «اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام! أَمَّا هو فكانَ يَعْني هَيكَلَ جَسَدِه» (يو 2: 19- 20). وهذا هو معنى الهيكل الجديد الّذي حمله يسوع من خلال عنفه وطرد الباعة من الهيكل. والهيكل هو جسد يسوع الإبن، فالله الآب لا يرغب في مكان اللقاء معنا بقدر أنّ نلتقي به في إبنه فنصير أبناء وهياكل حية مثل يسوع تحمل غنى كلمات يسوع. مجانيّة يسوع الّذي لا يحتفظ بأبوة الله لذاته، بل ليشاركنا بنوته فيصير أبًا لنا جميعًا ويأتي ليطّهر باطننا بقيامته ويصالحنا بالله الآب ونجعل من ذواتنا هياكل تقبل مجانيّة الحب الأبديّ الّذي بدأ في كلماته العشر ووصل إلى ذروته في يسوع الكلمة الحيّة. الخلّاصة يعطي الله بالعهد الأوّل (خر 20: 1- 17) من خلال موسى للشعب كلماته العشر دون أنّ يطلبونها ليحافظ على عهده وأمانته. هذا هو إله المجانيّة الّذي لا يتم التواصل معه بالتبادل لتقديم الذبائح والعطايا والعشور بقدر إنّه يطلب علاقة أمينة ودون مصلحة مع شعبه. وعلى هذا المنوال تناول يوحنّا في حدث تطهير الهيكل مجانيّة يسوع على مثال إله العهد الأوّل فصار هيكل الله لنا جميعًا. لذا يُذكرنا الإنجيلي بأنّهم: «فلمَّا قامَ مِن بَينِ الأَموات، تذكَّرَ تَلاميذُه أَنَّه قالَ ذلك، فآمنوا بِالكِتابِ وبِالكَلِمَةِ الَّتي قالَها يسوع» (يو 2: 22). هذا هو يسوع الكلمة الحيّة والأخيرة الّتي نطق بها الله الآب ليختتم حبه بمجانيّة عطاء ذاته. هذه مُداخلة الإنجيلي نفسه الّذي أكدّ كيف أنّ الكلمات الّتي قالها يسوع في هذه المناسبة سوف يتذكرها تلاميذه بعد قيامته وستكون أساسية للإيمان. الجوهر الأساسي الّذي يوحد كِلا النصين هو جسد يسوع نفسه الّذي يتحلى بسلاح المجانيّة الّذي وهبه له الله الآب وتعامل في علاقته مع شعبه بهذا السلاح. مدعوين للتحلّي بسلامح المجانيّة فنصير كلمات الرّبّ اليّوم وهياكله الحيّة. دُمتم بمحانيّة هياكل للآب والإبن والرّوح القدس. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:46 PM | رقم المشاركة : ( 159489 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كلمة أم كلمات؟ (خر 20: 1- 17) في القراءة الأولى نواجه النص الأساسي للمعاهدة السينائيّة، والّتي تتجسد في الكلمات العشر. في مقدمة نص الكلمات العشر يمدّنا الراوي بالسمّات الأساسيّة الّتي نحتاجها لتفسير النص ككلّ قائلاً: «تَكَلَّمَ اللهُ بِهذا الكَلامِ كُلِّه قائلاً» (خر 20: 2). لقد خلق الله الشعب وأعطاه حريّة مُطلقة حينما تحالّف معه. ولكن حتّى قبل قطع العهد مع الشعب، أراد الله شعبًا يختاره بإرادته ويريد أنّ يبقى كـمُحاور حرّاً له. لمّ يرغب الرّبّ في أنّ يتحرر إسرائيل من عبودية المصرييّن القمعيّة فحسب، بل أردّ الحريّة الجذريّة، أراد القضاء على أي تواطؤ مع العبوديّة، وأي إغراء لتفضيل العبوديّة على حرية عبادته. لهذا السبب، يتوجب على إسرائيل، قبل أنّ يستمع إلى كلمات إلهه، أنّ يتذكر ولادة حريته الّتي أرادها الله قبل أي شيء آخر. لكن الرّبّ ليس فقط إلهًا محررًا، بل هو أيضًا إله غيور وهذا نعلّمه من قوله: «أَنا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذي أَخَرجَكَ مِن أَرضِ مِصرَ، مِن دارِ العُبودِيَّة. [...] لإِنِّي أَنا الَرَّبُّ إِلهُكَ إِلهٌ غَيور» (خر 20: 2- 4). الغيّرة الإلهيّة هي سمة من سمات المحّبة البشريّة الّتي يستخدمها الكتاب المقدس العبريّ للحديث عن محبة الله لشعبه، كغيرة العريس على عروسه.والشعب هو بمثابة العروس وهنا سبب غيرة الله ليست ثمرة محبة التملك، بقدر ما هي ثمرة محّبة حقيقية لا تبالي بخيارات الآخر. يتألم الله لأنّه يرغب في إظهار فيض محبته الأمينة للشعب، فهو مُجبر على الإعتراف بأنّ الجراح الّتي تألم بها شعبه وهو شعب يتمتع بحريته وهذا الألم يستمر لأجيال (راج خر 20: 5) ولا يشفى على الفور، ولكن الأمر يستغرق وقتًا. ففي هذا الوقت الرّبّ يرافق شعبه في كل الأوقات الألم والفرح، العبوديّة والحريّة، ... فهو إله العهد والأمانة. لذا رحمته هي الكلمة الإخيرة: «وأَصنَعُ رَحمَةً إِلى أُلوفٍ مِن مُحِّبيَّ وحافِظي وَصاياي» (خر 20: 20). بهذه الرحمة الّتي ترجمها في عطاياه المجانيّة من الإحتفال بالفصح العبريّ قبل الخروج من مصر والتحرر من العبوديّة. هذا بالإضافة إلى منحه عطايا المنّ والماء بالبريّة وأخيراً بينما الشعب يعبد العجل الذهبي إلّا أنّ الله يستمر في إعطاء كلماته العشر. هذا هو جوهر مجانيّة الله الّذي يعطي بدون حدود وشروط لشعبه وبالأخص الكلمات العشر الّتي صارت جوهر الحضور الإلهي المجاني لله في وسط شعبه. |
||||
02 - 05 - 2024, 02:47 PM | رقم المشاركة : ( 159490 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع هو الهيكل الإلهي (يو 2: 13- 15) بحسب إنجيل يوحنّا، يمسّ هذا المقطع موضوع لّاهوتي يوحنّاويّ وهو العلاقة بين يسوع والهيكل، على عكس الأناجيل الإزائية الّتي تضعه بالقرب من نهاية حياة يسوع، أيّ بعد دخوله المنتصر إلى أورشليم. بينما يوحنّا يضعه مباشرة بعد المقدمة السردية (راج 1: 1- 18)، وإختيار تلاميذه الأوائل. وبعد حضور تلاميذه أوّل آياته أي معجزاته بقانا الجليل يرويّ يوحنّا جوهر رسالة يسوع. يشير حدث تطهير الهيكل إلى أنّ البُشرى اليوحنّاويّة تحتل دورًا خاصًا جدًا.بينما يأتي أوّل إشارة إلى عيد الفصح، مما يخلق دمجًا بين هذا المقطع المنهجي الّذي تمّ وضعه في بدايّة بشارته وربطه بروايّة الآلام والموت والقيامة الّتي ستختتم الإنجيل. إذ يفتتح الإنجيل النص قائلاً: «وكانَ فِصحُ اليَهود قَريباً، فصَعِدَ يسوعُ إِلى أُورَشَليم، فوَجَدَ في الهَيكَلِ باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمامِ والصَّيارِفَةَ جالِسين. فَصَنَعَ مِجلَداً مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعاً مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم» (يو 2: 13- 15). الهيكل في هذا الوقت هو مكان يستقبل الجميع، الوثنيين واليهود، الرجال والنساء، ... . هذا يدل على إنّه صار مكانًا للتجارة إذ فقدّ الهيكل الّذي كان يحتفظ فيه الشعب بكلمات الله العشر. وبهذا إختلف معنى الهيكل من العباداة والروحيات والإلتقاء بالله إلى مكان لتحقيق المكاسب الشخصية وكلّ هذا يتم بإذن السلطتن الكهنوتية في عصر يسوع. وهنا يستعيد يسوع الإكرام لهيكل الله آبيه طارداً الباعة والتجار والصيارفة وبضائعهم خارج الهيكل المكرس فقط لعبادة الله والإلتقاء به. وهنا يوحنّا يشير برسالة جوهريّة في ردّ فعل يسوع وهو تطهير الهيكل من النجاسة ومن كل ما هو لا ينتمي لله. الطهارة الّتي سمّة الهيكل الإلهي بسبب إحتوائه على كلمات الله العشر إلّا أنّ الفعل البشري المعاصر للباعة في زمن يسوع يشير على أنّ أمانة الله ومجانيته وتغييّب الشعب بالكامل عما هو ما لله وإنغلاقه على مصلحته الشخصيّة والماديّة في بيت الله ولكنه بعيداً تمامًا عن الله في الحقيقة. |
||||