27 - 04 - 2024, 02:25 PM | رقم المشاركة : ( 159091 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في أَحَدِ الشَّعَانِين فَيَومًا اسْتَقبَلُوهُ بِصَيحَاتِ السُّرورِ والْمُبَايَعَة ويومًا آَخَر حَكَمُوا عَليهِ بِصَرَخَاتِ الإدانَةِ والخِيَانَة. يَومًا فَرَشُوا أَمَامَهُ الطَّريقَ بِأَرْدِيَتِهم وبالأغْصَان، ويَومًا آَخر عَبَّدُوهُ بالبُصَاقِ والشَّتَائِمِ والَّلطَمَات! هَذَا الأسبوعُ الْمَلْحَميّ، يُرينَا كَيفَ أَنَّ الّذي يَبدُو مُتَنَاقِضًا، يَغدُو عِندَ الإنسانِ مُتَوافِقًا! فَهَذَا الْمَخلُوقُ الَّذي مَيَّزَهُ اللهُ بالْمَجدِ والكَرامَة، يملِكُ القُدرَةَ والحُرّيّةَ في الانتِقَالِ مِنَ الخَيرِ إلى الشَّرِّ الْمُطلَق، والعُبورِ مِنَ الشَّرِّ إلى الخَير العَظيم. هَذا الإنسَانُ في تَنَاقُضَاتِه، هو الَّذي لِأجلِهِ جَاءَ الْمَسيحُ فَادِيًا، وهَذَا هو عُنوانُ وجَوهَرُ "أُسبوعِ الآَلام". هَذَا الإنسَانُ هُوَ الكَائِنُ الّذي لأجلِهِ صَارَ الكَائِنُ الأزَليّ، كَلِمَةُ الله، يَسوعُ الْمَسيح، إنْسَانًا: ï´؟جَاءَ لِيَبحَثَ عَنِ الهَالِكِ فيُخَلِّصَهُï´¾ (لوقا 10:19). |
||||
27 - 04 - 2024, 02:26 PM | رقم المشاركة : ( 159092 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في أَحَدِ الشَّعَانِين كتُبُ رَاهِبٌ عَاشَ في القَرنِ العَاشِر، قَائِلًا: ((عِيدُ اليَومِ يُقَدَّمُ لَنَا مِنْ خِلالِ حَالَتينِ مُختَلِفَتَين! فَفِي الشَّعَانين نَرَى الرَّبَّ يَسوعَ مِنْ جِهَةٍ سَامِيًا وَمُكَرَّمًا، ومِنْ جِهَةٍ أُخرَى نَراهُ مُهَانًا ومُتَأَلّمًا. نَرَاهُ مُحَاطًا بالْمَجدِ والشَّرَف، ونَراهُ أيضًا ï´؟لا صُورَةَ لَهُ ولا بَهاءَï´¾ (أشعيا 2:53). هُنَا يَهتِفُونَ لَهُ: ï´؟هُوشَعْنا! تَبارَكَ الآتي بِاسمِ الرَّبِّ، مَلِكُ إِسرائيلï´¾ (يوحنّا 13:12)، وهُنَاكَ يَسخَرونَ مِنهُ ويَطلُبونَ مَوتَه. هُنَا يَركُضونَ نحوَهُ بِسُعَفِ النَّخل، وهُنَاكَ يَصفَعُونَهُ ويَضرِبونَ رَأَسَهُ بِقَصَبَة! هُنَا يُغرِقُونَهُ بالْمَدائِح، وهُنَاكَ يُشبِعُونَهُ مِنَ الشَّتائِم. هُنَا يَتَسَابَقُونَ عَلَى فَرشِ طَريقِهِ بِأَردِيَتِهم، وهُناكَ يُعَرُّونَهُ مِنْ ثَوبِه! هُنَا يمتَطِي حِمارًا مُحَاطًا بالتَّكريم، وهُناكَ يُعلَّقُ عَلَى خَشبَةِ الصّليبِ، ممزَّقًا بالسّياطِ، وَحِيدًا ومَرذُولًا! فَيَا أَيُّهَا الرَّبُّ يَسوع، إِنْ ظَهَرتَ مُمَجَّدًا أو مُهَانًا، رَاكِبًا أو مُعَلَّقًا، تَبقَى أَنتَ فَرحَ الجَميعِ وخَلاصَهُم). |
||||
27 - 04 - 2024, 02:26 PM | رقم المشاركة : ( 159093 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في أَحَدِ الشَّعَانِين أَيُّها الأحبّة، أُسبوعُ الآلامِ القَاسِي، لم ينتَهي بِموتِ الصَّليب، إنَّما بأَمجَادِ القِيَامَةِ وأَفرَاحِهَا. والكَلِمَةُ الأخيرة لَم تَكُنْ لِلموتِ إنّما للحَيَاة. فَإنْ كَانَ الألَمُ جُزءًا أَصيلًا مِن حَيَاتِنَا، فَلْنَقبلهُ إذًا بِصَبرٍ وإيمان. وإنْ كانَ الْمَوتُ نهايةَ حَياةٍ فَانِيَة، فَلْنَجعَل مِنهُ جِسرَ عُبورٍ لحيَاةٍ لا تَفنَى. أُسبوعُ الآلامِ يُعَلِّمُنا أَنَّ الْمَجدَ الآتي مِنَ النَّاسِ والدُّنيا، مَا هو إلّا بَاطِلٌ وغُرورٌ يَتبَدَّدُ كالضَّبابِ إذَا أَشرَقَت عَليهِ شَمسُ الظُّروفِ والْمَواقِف. ولا مَجدٌ يَبقَى سِوَى الْمَجدِ الحَقيقيِّ الآتي مِن الله، فَإليهِ أَسْعَى. لِأنَّ النَّاسَ وإنْ رَفَعوكَ اليَومَ ومَجَّدُوك، فَاعلمَ أَنَّهم غَدًا قَدْ يُسَفِّهونَكَ ويَصلِبوك! وعَليه، قَالَ الرَّبُّ عَلَى لِسانِ نَبيّهِ إرمِيَا: ï´؟مُبَارَكٌ الَّذي يَتَّكِلُ عَلَى الرَّبِّ، ويَكونُ الرَّبُّ مُعتَمَدَهُï´¾ (إر 7:17). |
||||
27 - 04 - 2024, 02:27 PM | رقم المشاركة : ( 159094 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مع أَحَدِ الشَّعانين وأُسبوعِ الآلام، أَقولُ لِنفسي ولِكُلِّ إنسَانٍ يُعَانِي، وقَدْ تَألَّبَت عَليهِ الحَيَاةُ وظُروفُهَا، عَلَى مِثالِ الْمَسيحِ الْمُتَألِّم، كَلِمَاتِ الْمَزمورِ الْمُعزّي: ï´؟الرَّبُّ نُورِي وخَلاصِي، فَمِمَّن أَخَاف؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَياتي فمِمَّن أَفزَع؟ إِذَا اْصطَفَّ علَيَّ عَسكَرٌ فَلا يَخافُ قَلْبي، وإِنْ قَامَ علَيَّ قِتالٌ فَفِي ذَلِكَ ثِقَتي. ناصِرًا كُنتَ لي فلا تَخْذُلْني، ولا تَترُكْني يا إِلهَ خَلاصيï´¾ (راجع مز 27). |
||||
27 - 04 - 2024, 02:33 PM | رقم المشاركة : ( 159095 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مبارك الآتي باسم الرب إلهنا الرسالة مبارك الآتي باسم الرب إلهنا اعترفوا للرب فإنه صالحٌ وإن إلى الأبد رحمته فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيليبي (4: 4–9) يا أخوة اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. الإنجيل فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (12: 1-18) ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ يَهُوذَا سِمْعَانُ الإِسْخَرْيُوطِيُّ، الْمُزْمِعُ أَنْ يُسَلِّمَهُ: «لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟» قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ. فَقَالَ يَسُوعُ:«اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ، لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ». فَعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ هُنَاكَ، فَجَاءُوا لَيْسَ لأَجْلِ يَسُوعَ فَقَطْ، بَلْ لِيَنْظُرُوا أَيْضًا لِعَازَرَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَتَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لِيَقْتُلُوا لِعَازَرَ أَيْضًا، لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ وَيُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ. وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا.مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ.» وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ. بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين سبت لعازر من وجهة نظر طقسية هو عشية أحد الشعانين أي دخول ربنا إلى أورشليم. كل من هذه الاحتفالات لها موضوع مشترك: النصر. سبت لعازر يكشف العدو، أي أن أحد الشعانين يبشر بمعنى النصر باعتباره انتصار ملكوت الله وقبول العالم للملك الوحيد يسوع المسيح. طوال حياة يسوع المسيح على الأرض، كان دخوله المتواضع إلى المدينة المقدسة علامة النصر المرئية الوحيدة. حتى يومنا هذا أظهر يسوع إنكارًا مستمرًا في كل حالة من انتصاره ومجده. ولكن قبل عيد الفصح بستة أيام، لم يقبل أن يتمجد فحسب، بل هو نفسه الذي تسبب في هذا التمجيد ونظمه. من خلال قيامه بما تنبأ به النبي زكريا: "هوذا ملكك يأتي إليك... متواضعًا وجالسًا على كرسي وعصبة جديدة" ، أظهر أنه يريد أن يحظى بالقبول والاعتراف به. المسيح ملك وفادي إسرائيل. تؤكد مقاطع الإنجيل على كل هذه العناصر المسيحانية، أي أغصان النخيل والهتاف ليسوع المسيح كابن داود وملك إسرائيل. إن تاريخ إسرائيل يكتمل الآن، ويقترب من نهايته، وهذا أيضًا هو معنى هذا الحدث، إعلان ملكوت الله. لتحقيق هدف هذا التاريخ كان لا بد من الإعلان عن ملكوت الله، أي مجيء المسيح والتحضير له. والآن تحقق ذلك إذ دخل الملك مدينته المقدسة، وكل النبؤات والتوقعات تتحقق في شخصه. المسيح يؤسس مملكته على الأرض. في أحد الشعانين نتذكر ونكرم هذا الحدث الأعظم. من خلال حمل سعف النخيل، فإننا نتماثل مع أهل القدس. ومعهم نحيي الرب والملك المتواضع ونصرخ: "مبارك الآتي باسم الرب". فما هو المعنى الحقيقي لهذا بالنسبة لنا اليوم؟ أولًا وقبل كل شيء هو اعترافنا بأن المسيح هو ملكنا وربنا. في كثير من الأحيان، في حياتنا اليومية، ننسى أن ملكوت الله قد تم تأسيسه بالفعل على الأرض وأنه في يوم معموديتنا أصبحنا مواطنين في هذه المملكة وتعهدنا بإخلاصنا وإيماننا لها فوق كل دياناتنا الأخرى. دعونا لا ننسى أن المسيح كان حقًا لساعات قليلة هو الملك على الأرض، في عالمنا هذا لساعات قليلة فقط وفي مدينة معينة. ولكن، كما تعرفنا في وجه لعازر على صورة كل واحد منا، كل فرد، كذلك في هذه المدينة (القدس) نتعرف على المركز السري للعالم كله والخليقة بأكملها بشكل عام. لأن هذا هو بالضبط المعنى الكتابي لمدينة أورشليم، أي أنها النقطة المحورية لتاريخ الخلاص والفداء بأكمله، وهي مدينة مجيء الله المقدسة إلى الأرض. فالملكوت المقام في أورشليم هو مملكة عالمية تشمل الإنسان وكل الخليقة بشكل عالمي... لساعات قليلة - لكن هذه الساعات كانت وقتًا حاسمًا للغاية "ساعة يسوع" الأخيرة، وقت تحقيق الله للجميع. وعوده في كل قراراته. لقد انتهى المسار التحضيري المعلن عنه في الكتاب المقدس؛ لقد انتهى كل ما فعله الله من أجل الإنسان. وهكذا فإن هذه الساعة الوجيزة لانتصار المسيح على الأرض تكتسب معنى أبديًا. إنه يقدم حقيقة الملكوت الإلهي في زمننا هذا وفي ساعاتنا الخاصة. هذا الملكوت يعطي معنى للوقت ويصبح هدفه الأبدي النهائي. لقد ظهر ملكوت الله في هذا العالم، وفي هذه الساعة حضوره يدين التاريخ البشري ويغيره. عندما، في مرحلة ما من الخدمة، في أحد الشعانين، نأخذ غصن نخلة من الكاهن، ونجدد نذرنا لملكنا، ونعترف بأن ملكيته تعطي المعنى والمحتوى النهائي لحياتنا. نعترف أن كل شيء في حياتنا وفي العالم هو للمسيح ولا يمكن انتزاع أي شيء من خالقه الحقيقي الوحيد، لأنه لا توجد منطقة في الحياة لا يحكم فيها، ويخلص، ويفدي. إننا نعلن مسؤولية الكنيسة العالمية تجاه تاريخ البشرية ونؤكد على رسالتها العالمية. ونحن نعلم بالطبع أن الملك الذي هتف له اليهود آنذاك والذي نصفق له اليوم، هو في طريق الجلجلة والصليب والقبر. ونعلم أيضًا أن هذا الانتصار القصير ما هو إلا مقدمة لتضحيته. إن الأغصان التي بين أيدينا تؤكد استعدادنا واستعدادنا لاتباعه في طريق التضحية هذا، وأننا نقبل التضحية ونكران الذات كطريق ملكي وحيد إلى الملكوت الإلهي. في النهاية تكشف هذه الفروع والاحتفال بأكمله عن إيماننا بانتصار المسيح النهائي. لكن ملكوت الله ما زال مخفياً والعالم يتجاهله، ويعيش اليوم وكأن كل هذه الأحداث الصادمة لم تحدث. وكأن الصليب لم يمت والإله الإنسان لم يقم. ولكننا نحن المسيحيين نؤمن بالملكوت القادم الذي يكون فيه الله "كلي الوجود" والمسيح هو الملك الوحيد. في خدمات كنيستنا نتذكر أحداث الماضي. لكن المعنى الكامل للقداس الإلهي وقوته يكمنان في حقيقة أنه يحول الذاكرة إلى حاضر، إلى واقع حاضر. في أحد الشعانين، هذا الواقع هو مشاركتنا في الأحداث واستجابتنا لها، أي ملكوت الله ذاته. ولم يعد المسيح يدخل أورشليم منتصراً. لقد فعل ذلك مرة واحدة وإلى الأبد. وهو لم يعد بحاجة إلى "رموز" بعد الآن، لأنه لم يمت على الصليب لكي "نرمز" لحياته إلى الأبد. لكنه يطلب منا قبولًا حقيقيًا وصادقًا للملكوت الذي أتى بنا... إذا لم نكن مستعدين للوفاء بالوعد المقدس الذي قطعناه عند معموديتنا والذي نجدده كل عام في أحد الشعانين، وإذا لم نصر على جعل ملكوت الله هو حكم حياتنا كلها. الطروباريات طروباريَّة الشَّعَانين باللَّحن الأوَّل أيُّها المسيحُ الإله، لـمَّا أقَمتَ لعازَرَ مِنْ بينِ الأمواتِ قَبْلَ آلامِكَ، حَقَّقْتَ القِيامَةَ العامَّة. لذلِكَ، وَنَحْنُ كالأطفالِ، نَحْمِلُ علاماتِ الغَلَبَةِ والظَّفَرِ صارِخِينَ نحوكَ يا غالِبَ الموت: أوصَنَّا في الأعالي، مُبارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ. قنداق أحد الشَّعَانِين باللَّحن السَّادِس يَا مَنْ هُوَ جَالِسٌ على العَرْشِ في السَّماء، وراكِبٌ جَحْشًا على الأرض، تَقَبَّلْ تَسابيحَ الملائِكَةِ وتماجِيدَ الأطفال، هاتِفينَ إليكَ: أَيُّها المسيحُ الإله، مبارَكٌ أنتَ الآتي، لِتُعِيدَ آدَمَ ثانِيَةً. |
||||
27 - 04 - 2024, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 159096 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اعترفوا للرب فإنه صالحٌ وإن إلى الأبد رحمته فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل فيليبي (4: 4–9) يا أخوة اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. لِيَكُنْ حِلْمُكُمْ مَعْرُوفًا عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ. اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْل، يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا. وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهذَا افْعَلُوا، وَإِلهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. الإنجيل فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (12: 1-18) ثُمَّ قَبْلَ الْفِصْحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ أَتَى يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، حَيْثُ كَانَ لِعَازَرُ الْمَيْتُ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَصَنَعُوا لَهُ هُنَاكَ عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ، وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ. فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا، فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ. فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ يَهُوذَا سِمْعَانُ الإِسْخَرْيُوطِيُّ، الْمُزْمِعُ أَنْ يُسَلِّمَهُ: «لِمَاذَا لَمْ يُبَعْ هذَا الطِّيبُ بِثَلاَثَمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَ لِلْفُقَرَاءِ؟» قَالَ هذَا لَيْسَ لأَنَّهُ كَانَ يُبَالِي بِالْفُقَرَاءِ، بَلْ لأَنَّهُ كَانَ سَارِقًا، وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ. فَقَالَ يَسُوعُ:«اتْرُكُوهَا! إِنَّهَا لِيَوْمِ تَكْفِينِي قَدْ حَفِظَتْهُ، لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ». فَعَلِمَ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ أَنَّهُ هُنَاكَ، فَجَاءُوا لَيْسَ لأَجْلِ يَسُوعَ فَقَطْ، بَلْ لِيَنْظُرُوا أَيْضًا لِعَازَرَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَتَشَاوَرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ لِيَقْتُلُوا لِعَازَرَ أَيْضًا، لأَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا بِسَبَبِهِ يَذْهَبُونَ وَيُؤْمِنُونَ بِيَسُوعَ. وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا.مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ.» وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ. ). |
||||
27 - 04 - 2024, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 159097 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سبت لعازر من وجهة نظر طقسية هو عشية أحد الشعانين أي دخول ربنا إلى أورشليم. كل من هذه الاحتفالات لها موضوع مشترك: النصر. سبت لعازر يكشف العدو، أي أن أحد الشعانين يبشر بمعنى النصر باعتباره انتصار ملكوت الله وقبول العالم للملك الوحيد يسوع المسيح. طوال حياة يسوع المسيح على الأرض، كان دخوله المتواضع إلى المدينة المقدسة علامة النصر المرئية الوحيدة. حتى يومنا هذا أظهر يسوع إنكارًا مستمرًا في كل حالة من انتصاره ومجده. ولكن قبل عيد الفصح بستة أيام، لم يقبل أن يتمجد فحسب، بل هو نفسه الذي تسبب في هذا التمجيد ونظمه. من خلال قيامه بما تنبأ به النبي زكريا: "هوذا ملكك يأتي إليك... متواضعًا وجالسًا على كرسي وعصبة جديدة" ، أظهر أنه يريد أن يحظى بالقبول والاعتراف به. المسيح ملك وفادي إسرائيل. تؤكد مقاطع الإنجيل على كل هذه العناصر المسيحانية، أي أغصان النخيل والهتاف ليسوع المسيح كابن داود وملك إسرائيل. إن تاريخ إسرائيل يكتمل الآن، ويقترب من نهايته، وهذا أيضًا هو معنى هذا الحدث، إعلان ملكوت الله. لتحقيق هدف هذا التاريخ كان لا بد من الإعلان عن ملكوت الله، أي مجيء المسيح والتحضير له. والآن تحقق ذلك إذ دخل الملك مدينته المقدسة، وكل النبؤات والتوقعات تتحقق في شخصه. المسيح يؤسس مملكته على الأرض. في أحد الشعانين نتذكر ونكرم هذا الحدث الأعظم. من خلال حمل سعف النخيل، فإننا نتماثل مع أهل القدس. ومعهم نحيي الرب والملك المتواضع ونصرخ: "مبارك الآتي باسم الرب". فما هو المعنى الحقيقي لهذا بالنسبة لنا اليوم؟ |
||||
27 - 04 - 2024, 02:37 PM | رقم المشاركة : ( 159098 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اعترافنا بأن المسيح هو ملكنا وربنا. في كثير من الأحيان، في حياتنا اليومية، ننسى أن ملكوت الله قد تم تأسيسه بالفعل على الأرض وأنه في يوم معموديتنا أصبحنا مواطنين في هذه المملكة وتعهدنا بإخلاصنا وإيماننا لها فوق كل دياناتنا الأخرى. دعونا لا ننسى أن المسيح كان حقًا لساعات قليلة هو الملك على الأرض، في عالمنا هذا لساعات قليلة فقط وفي مدينة معينة. ولكن، كما تعرفنا في وجه لعازر على صورة كل واحد منا، كل فرد، كذلك في هذه المدينة (القدس) نتعرف على المركز السري للعالم كله والخليقة بأكملها بشكل عام. لأن هذا هو بالضبط المعنى الكتابي لمدينة أورشليم، أي أنها النقطة المحورية لتاريخ الخلاص والفداء بأكمله، وهي مدينة مجيء الله المقدسة إلى الأرض. فالملكوت المقام في أورشليم هو مملكة عالمية تشمل الإنسان وكل الخليقة بشكل عالمي... لساعات قليلة - لكن هذه الساعات كانت وقتًا حاسمًا للغاية "ساعة يسوع" الأخيرة، وقت تحقيق الله للجميع. وعوده في كل قراراته. لقد انتهى المسار التحضيري المعلن عنه في الكتاب المقدس؛ لقد انتهى كل ما فعله الله من أجل الإنسان. وهكذا فإن هذه الساعة الوجيزة لانتصار المسيح على الأرض تكتسب معنى أبديًا. إنه يقدم حقيقة الملكوت الإلهي في زمننا هذا وفي ساعاتنا الخاصة. هذا الملكوت يعطي معنى للوقت ويصبح هدفه الأبدي النهائي. لقد ظهر ملكوت الله في هذا العالم، وفي هذه الساعة حضوره يدين التاريخ البشري ويغيره. |
||||
27 - 04 - 2024, 02:39 PM | رقم المشاركة : ( 159099 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في مرحلة ما من الخدمة في أحد الشعانين، نأخذ غصن نخلة من الكاهن، ونجدد نذرنا لملكنا، ونعترف بأن ملكيته تعطي المعنى والمحتوى النهائي لحياتنا. نعترف أن كل شيء في حياتنا وفي العالم هو للمسيح ولا يمكن انتزاع أي شيء من خالقه الحقيقي الوحيد، لأنه لا توجد منطقة في الحياة لا يحكم فيها، ويخلص، ويفدي. إننا نعلن مسؤولية الكنيسة العالمية تجاه تاريخ البشرية ونؤكد على رسالتها العالمية. ونحن نعلم بالطبع أن الملك الذي هتف له اليهود آنذاك والذي نصفق له اليوم، هو في طريق الجلجلة والصليب والقبر. ونعلم أيضًا أن هذا الانتصار القصير ما هو إلا مقدمة لتضحيته. إن الأغصان التي بين أيدينا تؤكد استعدادنا واستعدادنا لاتباعه في طريق التضحية هذا، وأننا نقبل التضحية ونكران الذات كطريق ملكي وحيد إلى الملكوت الإلهي. في النهاية تكشف هذه الفروع والاحتفال بأكمله عن إيماننا بانتصار المسيح النهائي. لكن ملكوت الله ما زال مخفياً والعالم يتجاهله، ويعيش اليوم وكأن كل هذه الأحداث الصادمة لم تحدث. وكأن الصليب لم يمت والإله الإنسان لم يقم. ولكننا نحن المسيحيين نؤمن بالملكوت القادم الذي يكون فيه الله "كلي الوجود" والمسيح هو الملك الوحيد. في خدمات كنيستنا نتذكر أحداث الماضي. لكن المعنى الكامل للقداس الإلهي وقوته يكمنان في حقيقة أنه يحول الذاكرة إلى حاضر، إلى واقع حاضر. في أحد الشعانين، هذا الواقع هو مشاركتنا في الأحداث واستجابتنا لها، أي ملكوت الله ذاته. ولم يعد المسيح يدخل أورشليم منتصراً. لقد فعل ذلك مرة واحدة وإلى الأبد. وهو لم يعد بحاجة إلى "رموز" بعد الآن، لأنه لم يمت على الصليب لكي "نرمز" لحياته إلى الأبد. لكنه يطلب منا قبولًا حقيقيًا وصادقًا للملكوت الذي أتى بنا... إذا لم نكن مستعدين للوفاء بالوعد المقدس الذي قطعناه عند معموديتنا والذي نجدده كل عام في أحد الشعانين، وإذا لم نصر على جعل ملكوت الله هو حكم حياتنا كلها. |
||||
27 - 04 - 2024, 02:45 PM | رقم المشاركة : ( 159100 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل الخطيئة حقًا هي السبب لآلام البشرية؟ ولماذا لم يتدخل الله لمنع أبوينا الأولين من السقوط فيها وكيف تتسبب الخطية في الآلام؟ الإجابة: إن الألم عرضٌ ناتج عن معرفة الإنسان للشر، وهو أيضًا صناعة بشرية خالصة، ومقياس صادق لا يخطئ (ثرموميتر thermometer) لشرور البشر وأنانيتهم. وكلما زاد بُعدَ البشر عن الله طبيب البشرية الصالح زاد فسادهم وشرورهم، وقلّ صلاحهم، وبالتالي كثرت آلامهم، والعكس صحيح، وذلك كشهادة الكتاب القائل: "وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ. لاَ تَكُونُ مُسْقِطَةٌ وَلاَ عَاقِرٌ فِي أَرْضِكَ، وَأُكَمِّلُ عَدَدَ أَيَّامِكَ" (خر23: 25- 26). يتضح من الشاهد السابق إن زوال البركة عن الأشرار هي سبب الكثير من الآلام، وأما بركة الله للإنسان فَتُرِيَحهُ وتُجَنِبَهُ الكثير من الأتعاب بحسب قول الحكيم:"بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا" (أم 10: 22). والآن دعنا أيها السائل العزيز نبين ذلك من خلال ما جاء في السؤال بالتتابع من خلال النقاط التالية: أولًا: الخطية وراء آلام البشرية: ● ارتباط الألم بالخطية وفساد وشر الإنسان: بدراسة سفر التكوين نجد أن بداية آلام البشرية بدأت بالتعدي على وصية الله، بالأكل من شجرة معرفة الخير والشر. لقد أحس أبونا آدم ولأول مرة بالاضطراب النفسي والخوف نتيجة لمخالفته لوصية الله، وهذا ما يؤكد ارتباط الخطية بالألم النفسي. لقد كانت إجابة أب البشرية على سؤال الله له : "أين أنت" هي: .. «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».( تك: 3: 9- 10). وهذه الإجابة تشهد على آثار ونتائج خطيته. إن أعظم دليل على أن أبونا آدم كان يستمد سلامه النفسي وسعادته من ارتباطه بالله هو خوفه وفقدانه للسلام بمجرد معاداته، ومخالفته لله. لقد كان ما عاناه أب البشرية من اضطراب، وخوف هو مقدمة لما عاناه البشر من أوجاع وآلام فيما بعد. ثانيًا: لم يمنع الله الإنسان من الخطأ حفاظًا على حريته: أن الألم هو النتيجة الحتمية للخطية، والتي فعلها الإنسان بكامل حريته الممنوحة له من الله. أما إذا منعه الله من الخطأ فكان لابد أن يسلبه نعمة الحرية والإرادة، وهذا بالطبع ما لا يُرضي الله، ولا يُرضي الإنسان المخلوق على صورة الله في الحرية والإرادة. إن مشيئة الله للإنسان هي خيره وسلامه، ولكن الإنسان رفض طريق الحياة، واختار طريق الموت والألم. لقد أكد إشعياء النبي هذه الحقيقة قائلًا: "لَيْتَكَ أَصْغَيْتَ لِوَصَايَايَ، فَكَانَ كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ وَبِرُّكَ كَلُجَجِ الْبَحْرِ. وَكَانَ كَالرَّمْلِ نَسْلُكَ، وَذُرِّيَّةُ أَحْشَائِكَ كَأَحْشَائِهِ. لاَ يَنْقَطِعُ وَلاَ يُبَادُ اسْمُهُ مِنْ أَمَامِي." (إش48: 18- 19). ثالثًا: كيف تسببت الخطية في آلام البشرية؟: ● تأصل الخطية في البشر، أو فساد طبيعتهم: صار لأبوينا الأولين خبرة في معرفة الخير والشر بعد أن صدقا الحية وأطاعاها. وقد أثرت هذه الخبرة السيئة سلبيًا على سلوكهما وحياتهما، وذلك لأن الإنسان حينما يقع تحت تأثير الخطية يعتاد عليها بسهولة، ثم تتحول فيه إلى طبع يتحكم فيه، فلا يقدر التوقف عنها، حتى لو كانت تسبب له ضررًا. وأبسط دليل على ذلك هو: أن الناس كثيرًا ما يذكرون عيوب بعضهم البعض، وكأنها طبيعة فيهم، وليس كأنها شيئًا عارضًا فيقولون مثلًا: فلان طبعه أناني، أو أنه مراوغ ومخادع، أو عنيف، أو شهواني، أو... ،أو... ● الخطية تُفقِدُ الإنسان سلامه: بتحول الخطية إلى طبيعة في الإنسان وُجد الصراع في قلبه بين الخير الذي خُلِقَ عليه، والشر الذي أصبح واقعًا في حياته، ولكن الشر أكثر قبولًا للإنسان الطبيعي من الخير. كقول الكتاب: «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ». (أم9: 17). لقد تملك الشر على الإنسان، حتى أنه إذا أراد فعل الخير يجد الشر حاضرًا أمامه ويمنعه أيضًا عن صنع الخير. إن فعل الحق والبر للإنسان الطبيعي يحتاج منه لصراع وجهاد، وهذا بعكس صنع الشر الذي صار سهلًا وميسورًا، كقول الكتاب: "لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ، فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا، بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. إذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي." (رو7: 19- 21). · البغضة والأنانية وراء الكثير من الآلام: لقد صار الانسان مُستَعبدًا للخطية والشر، وبالتالي زادت آلام البشرية بازدياد شرور الناس، فُوجد الطمع والغيرة والحسد والشهوة التي أدت إلى العنف والإيذاء و....و...، وكلما زاد شر الإنسان زاد إبتعاده عن الله القدوس، وبالتالي صار يطلب شهوته ولذته ويبحث عن ذاته في كبرياء، ففقد النعمة الإلهية. لقد اتخذ من الشيطان مُلهِمًا وسيدًا له، بل صار الشيطان هو رئيس هذا العالم الذي يقود الناس في طريق الفساد وهكذا ملأ الغم والألم الناس. ● شر الناس وإيذاؤهم لبعضهم البعض مصدر أساسي للألم: بتحكم الشر في البشرية اصطدم البشر بعضهم ببعض، ولم يراعِ الإنسان انسجامه، واتفاقه، ووحدانيته مع إخوته من البشر. لقد تمكنت الكراهية والبغضة من قلوب الكثيرين من أبناء البشر نحو إخوتهم، حتى تخلى الكثيرون عن محبتهم لإخوتهم، وصار لسان حالهم قول قايين لله بعد قتله لأخيه: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟»، ومع ازدياد شر الناس زادت العداوة والقتل بين البشر، وقامت الصراعات والحروب بين الأفراد، والعائلات، والقبائل، والشعوب، والدول، واخترع البشر الأسلحة الفتاكة المدمرة، والتي تركت آثارها على صحة البشر لأجيال متلاحقة، بل أكثر من هذا أثرت على الطبيعة نفسها كما هو الحال في استخدام الأسلحة النووية. إنها الذات وعدم المحبة علة الشقاء والألم. ● فساد الطبيعة والألم الجسدي: بدأ الألم الجسدي يزحف إلى جسد أبوينا الأولين مع سريان الحكم الإلهي بالموت، وذلك بعدما كسرا وصية الله وأصبحا مستحقين للموت بحسب القول الإلهي: "وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تك2: 17)، ومع أنهما لم يموتا في الحال، لكن الموت بدأ يعمل فيهما تدريجيًا من خلال الضعف والشيخوخة التي زحفت إلى كل خلية من خلايا جسديهما، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومنذ ذلك الوقت أصبح الإنسان معرضًا لأنواع كثيرة من الأمراض، وبالتالي دخله الألم الجسدي كنتيجة للخطية، والذي لا نهاية له سوى بانفصال روح الإنسان من جسده، (أي بموته). ● الأمراض العضوية، والاضطرابات النفسية تسري في جسد البشرية: إن الجينات الوراثية التي تحمل صفاتنا الجسمانية مصدرها واحد وهو أبوينا الأولين، ومع دخول الخطية وطمع الإنسان، وما سببه ذلك من اختراعات صناعية وحربية تأثرت البيئة الطبيعية المحيطة بنا بعوامل صناعية كثيرة، وهذا بدوره له تأثيره الضار على الجينات الوراثية للإنسان، وهكذا ظهرت أمراض عضوية كثيرة مستحدثة، توارثتها الأجيال المتعاقبة، وبالطبع صاحب الألم تلك الأمراض. إن عامل الوراثة يؤثر أيضًا في انتقال الأمراض النفسية من الآباء إلى الأبناء كما في انتقال الأمراض العضوية. ● الأرض الملعونة سبب لآلام وشقاء البشرية: خُلق الإنسان ليكون سيدًا للخليقة كلها، لكنه بخطيته وشره أضر بالطبيعة التي أصبحت ملعونة بسببه بحسب قول الرب: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِك. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ». (تك 3: 17- 19). ومن ذلك الحين لم تعد الأرض تعطيه قوتها. لقد صارت الأرض الملعونة ضمن أسباب شقائه. أما الحيوانات والبهائم فقد كانت خاضعة لأبونا آدم الذي أعطاها أسماءها، ولكن ذلك لم يدم بعد الخطية، لأن الكثير منها أصبح مفترسًا للإنسان بحسب قول قايين القاتل: "... : «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَل. إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي وَأَكُونُ تَائِهًا وَهَارِبًا فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي" (تك 4: 13- 14). رابعًا: هل نشترك مع الله الحنون في رفع آلام البشر ولا تكون سببًا في مضاعفتها؟: أشفق الله على البشرية، وأعطاها إمكانيات كثيرة لتبرأ من آلامها، ولكن الكثير من الناس يتقاعسون، ولا يستخدمون تلك الإمكانيات لتخفيف آلام إخوتهم من البشر مضاعفين آلام أنفسهم بشرهم، وعدم محبتهم لبعضهم البعض وفيما يلي نذكر بعض هذه الإمكانات: ● المشاعر والأحاسيس الطبيعية والتي وضعها الله في قلوب البشر: وضع الله هذه الأحاسيس النبيلة لتدفع الناس للإحساس بآلام المرضى، والمساكين، والفقراء، والمشردين، والمعاقين، والمنكوبين لنخدمهم ونهتم بهم. لقد أكد الرب في مثل السامري الصالح أهمية الإحساس بالآخرين ومسئوليتنا نحو إخوتنا المنكوبين. وفي هذا المثل فضح الرب خطية البشرية التي لا تشعر بآلام أفرادها في صورة الكاهن واللاوي، اللذين لم يكترثا بالرجل المجروح والمتألم بقوله: "فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ" (لو 10: 31- 32). إن الرب يريدنا كلنا أن نشعر، ونتفاعل مع إخوتنا مثله، وذلك كقول الكتاب: "فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ. مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ بَلْ مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ. لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ" (رو 12: 15- 16). ● الإنسان وكيل الله على كل الإمكانيات والطاقات المعطاة لخدمة البشرية: أعطى الله البشرية طاقات وإمكانيات جبارة لتحيا بها. لقد استأمن الله البشر على الكثير من الخيرات، سواء كانوا أفراد أو جماعات أو دول، وعندما استخدم البشر تلك الإمكانيات لحساب الخير عم السلام والفرح. لقد خفف النبلاء من البشر آلام إخوتهم بإقامتهم المستشفيات ودور الرعاية للاهتمام بالأيتام والمسنين والمشردين، وأيضًا بذهابهم في رحلات شاقة إلى بلاد لم يعرفوها بحثًا عن المتألمين والفقراء والمعذبين، وكم أيضًا صنعوا خيرًا باختراعاتهم واكتشافاتهم العلمية المفيدة و.. و.. و.. لقد اقتدوا بالرب يسوع الطبيب الشافي، وخادم البشرية الحنون والمتضع الذي قيل عنه: "وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا" (مت9: 35-36). الخلاصة: إن الألم صناعة بشرية خالصة، لأنه ثمرة شر الإنسان، ولكن الله كطبيب شفوق وضع بين أيدي البشر الكثير من الإمكانيات لتفادي آلام إخوتهم، أو على الأقل تخفيفها، ولكن على البشر أولًا أن يمتلئوا حبًا بعضهم نحو بعض وأن يستغلوا الإمكانيات الموهوبة لهم من الله في خدمة البشر إخوتهم بحسب وصية الله القائلة: "فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ." (غل 6: 10). أما العكس فهو الشر بعينه من كبرياء البشر وأنانيتهم، وطمعهم الذي يتسبب في الحروب والإيذاء للآخرين، وعدم مد يد الحب للشعوب الفقيرة، وهذا بخلاف الحروب والعنف، وما ينتج عنها من قتل للآلاف بل للملايين من البشر، وما تتركه وراءها هذه الحروب من تشريد، وتجويع، وأمراض، بل تدمير وإفساد للطبيعة الجامدة. |
||||