26 - 04 - 2024, 02:32 PM | رقم المشاركة : ( 158911 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأوثان والزنا في الأصحاحين السابقين (18-19) إذ قدم لنا الوحي شريعة التقديس معلنًا أن غايتها الالتصاق بالله القدوس، ومكررًا للعبارة "أنا الرب إلهكم" في نهاية كل وصية تقريبًا، مطالبًا إيانا أن نتقدس له فتكون لنا سماته عاملة فينا تفرزنا عن الوثنين... الآن يقدم عقوبات صارمة ضد مرتكبي الشر خاصة السحر والزنا. أما علة هذه الصرامة فهو الكشف عن فاعلية الشر داخل النفس، هذا من جانب ومن جانب آخر تطهير الجماعة المقدسة من الخميرة الفاسدة حتى لا يفسد الكل. إن كانت العقوبات تناسب رجال العهد القديم لكنها في نفس الوقت ترعبنا كرجال عهد جديد، إذ توضح لنا بشاعة الخطية والتزامنا الهروب منها. 1. مقدمة في العقوبات الكنسية: كانت العقوبات في العهد القديم قاسية، ربما لأن الله كان يتعامل مع شعب بدائي في معرفته لله غليظ الرقبة، فمن محبته لهم استخدم الشدة لا للانتقام وإنما لردع الكل بسقوط البعض تحت عصا التأديب القاسية. فما سمح الله به من تأديبات أو عقوبات كان علامة اهتمام الله بشعبه ورغبته في خلاصهم وتقديسهم. هذا بجانب ما كان لهذه التأديبات من كشف عن فاعلية الخطية في القلب والحياة الداخلية... فرجم الزاني إنما يكشف عما أصاب قلبه في الداخل من هلاك حقيقي وموت أبدي، فإن كنا نئن لرجم إنسان يليق بنا بالحري أن نحترق من أجل هلاك نفسه. أما في العهد الجديد فإن الكنيسة لا تستخدم العقوبات الجنائية القاسية إذ تتعامل مع أولادها على مستوى النضوج، لكنه من حقها فرض العقوبة التأديبية لتجتذب الساقطين نحو التوبة، كما فعل بولس الرسول مع الشاب الذي ارتكب الشر مع امرأة أبيه (1 كو 5: 6-7). إذ أفرزه عن الكنيسة حتى قدم توبة صادقة، فأسرع الرسول يكتب إلى الكنيسة أن تقبله حتى لا يهلك من فرط الحزن (2 كو 2: 6-7). من جانب آخر العقوبات الواردة في العهد القديم تمثل القانون الجنائي بعقوباته، أما في العهد الجديد فتركت المسيحية التشريعات المدنية والجنائية... إلخ، يضعها رجال القانون بما يناسب العصر والبلد، إذ جاءت المسيحية تهب الفكر والنضوج وتترك التنظيم والتشريع للجماعة. 2. عقوبة السلوك الوثني: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «وَتَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ النَّازِلِينَ فِي إِسْرَائِيلَ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ شَعْبُ الأَرْضِ بِالْحِجَارَةِ. 3 وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذلِكَ الإِنْسَانِ، وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي، وَيُدَنِّسَ اسْمِيَ الْقُدُّوسَ. 4 وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ الأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذلِكَ الإِنْسَانِ عِنْدَمَا يُعْطِي مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ، فَلَمْ يَقْتُلُوهُ، 5 فَإِنِّي أَضَعُ وَجْهِي ضِدَّ ذلِكَ الإِنْسَانِ، وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ، وَأَقْطَعُهُ وَجَمِيعَ الْفَاجِرِينَ وَرَاءَهُ، بِالزِّنَى وَرَاءَ مُولَكَ مِنْ شَعْبِهِمْ. 6 وَالنَّفْسُ الَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى الْجَانِّ، وَإِلَى التَّوَابعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ النَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا. 7 فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 8 وَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ. جاء الحكم على من يعطي من زرعه أي من نسله للإله مولك ذبيحة بشرية يُرجم [2]، سواء كان يهوديًا أو متهودًا (الغرباء النازلون في إسرائيل)، فإن تهاونت الجماعة في أمره ولم ترجمه يقف الرب نفسه ضد ذلك الإنسان [3] ويحسبه مقطوعًا من الشعب [3] كما يقف ضد عشيرته كلها. هذا الحكم أيضًا ينطبق على من يلجأ إلى الجان يستشيره أو يطلب معونته [6]، ومن يجري وراء الأرواح الشريرة (التوابع)، فيُحسب زانيًا، إذ ترك الله عريس نفسه وطلب لنفسه عريسًا آخر [6]. وقد جاء الحكم بالرجم في الحالات الآتية: تقديم الإنسان من نسله ذبائح بشرية للإله مولك (لا 20: 2)، الزنا مع الأم (لا 20: 11)، أو مع زوجة الأب (لا 20: 12)، أو الكنة (لا 20: 12)، أو مع عذراء مخطوبة (تث 22: 23-24)، أو من يضاجع ذكرًا (لا 20: 13)، أو بهيمة (لا 20: 15)، أو يلجأ إلى السحرة (لا 20: 27)، ومن يسب أحد الوالدين (لا 20: 9)، أو من يدعى النبوة كذبًا (تث 13: 6)، أو من يجدف (لا 24: 10-16)، أو من يكسر السبت (عد 15: 32-36)، أو يحث الناس على عبادة الأوثان (تث 13: 6-11)، أو يمارسها (تث 17: 2-5)...إلخ. وكان الرجم يتم بأحد طريقتين: الأول، كان المحكوم عليه يُطاف به في المدينة حتى إن كان لأحد اعتراض يتقدم، ومن ناحية أخرى ليكون عبرة للكل. وقبيل الرجم كان يلزم أن يعترف بخطاياه أولًا ليظهر أن الحكم عليه عادل ولكي تتزكى روحه ويجد رحمة لدى الله. تُربط يداه وهو على مكان مرتفع في أسفله حجر ضخم، يقوم الشاهد الأول بدفعه من المكان المرتفع ليسقط مرتطمًا بالحجر السفلي، ثم يقوم الشاهد الثاني بإلقاء حجر كبير على صدره، فإن لم يمت ترجمه الجماعة حتى الموت. أما الطريقة الثانية فتتلخص في الرجم بالحجارة مباشرة، وغالبًا ما يُعْطَى للمحكوم عليه خمرًا ممزوجًا بمرارة تخفف آلامه. 3. عقوبة إهانة الوالدين: 9 «كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ. "كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" [9]. من يسب الله أباه والجماعة المقدسة أمه خلال تقديم ابنه أو ابنته ذبيحة بشرية لمولك إله العمونيين يُرجم، وأيضًا من يسب أباه أو أمه حسب الجسد يُرجم. يعلق العلامة أوريجانوس على هذه الشريعة بقوله: [من بين الخطايا التي عقوبتها الموت في الناموس الإلهي: "كل إنسان سب أباه أو أمه فإنه يُقتل". لقب "أب" يعني سرًا عظيمًا، وأيضًا لقب "أم" يحمل كرامة. حسب الروح، الله هو أبوك وأورشليم السماوية هي أمك (غلا 4: 26، عب 12: 22). هذا ما نتعلمه من التصريحات النبوية والرسولية، إذ يكتب موسى في نشيده: "أليس هو أباك ومقتنيك؟!" (تث 32: 6)، ويقول الرسول عن أورشليم السماوية: "هي أمنا جميعًا، فهي حرة" (غلا 4: 26). الأب الأول بالنسبة لك هو الله الذي ولد روحك، إذ يقول "ربيت بنين ونشأتهم" (إش 1: 2)، ويقول الرسول بولس: [إخضعوا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا] (عب 12: 9). أما الأب الثاني فهو أبوك الجسدي الذي أنجبك فجئت إلى هذا العالم... فلأن لقب "أب" مقدس وذو جلال لذلك من سب أباه أو أمه يُقتل... فإنك إن لم تكرم أباك الجسدي تكون إهانتك له موجهة إلى أبي الأرواح (عب 12: 9). إن شتمت أمك الجسدية فإن هذا السب يُنسب للأم أورشليم السماوية. من يهين العبد (أباه أو أمًا) يسيء إلى إله المجد]. مرة أخرى يقول: [إن كان الحكم هذا لمن يسب أسرته الجسدية، فكم بالأكثر من يهين الله بكلمات سب وينكرون إنه خالق العالم؟! أو من يسيء إلى أورشليم السماوية التي هي أمنا كلنا (غلا 4: 26)؟!]. ربما يتساءل البعض إن كانت شريعة العهد القديم قد حكمت برجم من يسب أباه وأمه، فهل صمت العهد الجديد عن إصدار حكم كهذا يعني تساهله؟ يُجيب العلامة أوريجانوس هكذا: [يقول بولس الرسول: "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله؟!" (عب 10: 29)... لا تظن أن الإنجيل سهلًا بطريقة مطلقًا من أجل فتحه باب المغفرة]. كأن العهد القديم حكم على من يسب أحد والديه بالرجم، أما العهد الجديد فحسب ذلك إهانة لدم ابن الله نفسه. يؤكد الآباء التزام المؤمن بالطاعة للوالدين لكن في الرب فمن كلمات القديس كيرلس الأورشليمي: [عندما تكون مشاعرنا نحو آبائنا الأرضيين مضادة لعلاقتنا بالآب السماوي يلزم العمل بقول الرب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر منيّ فلا يستحقني" (مت 10: 37). لكنهم ما داموا لا يعارضون تقوانا نُحسب ناكرين للجميل إن احتقرنا حسناتهم نحونا ونستوجب الحكم: "من لعن أباه أو أمه فليقتل قتلًا" (خر 21: 7، مت 15: 4)]. 10 وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ. 11 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 12 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 13 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 14 وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ. 15 وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. 16 وَإِذَا اقْتَرَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ الْمَرْأَةَ وَالْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 17 وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ. 18 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلاَهُمَا مِنْ شَعِبْهِمَا. 19 عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ، أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. 20 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ. 21 وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَخِيهِ، فَذلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ. بعد أن أعلن عقوبة العبادة الوثنية، سبّ أحد الوالدين، تحدث عن عقوبة الزنا بوجه عام ثم حدد بعض الحالات الشائنة، ويلاحظ في حديثه عن هذا الأمر الآتي: أولًا: جاء الحكم بقتل الزاني والزانية إن كانت الزانية متزوجة [10]، ويكون ذلك بالرجم. وينطبق ذات الحكم على المخطوبة لرجل وأخطأت بإرادتها (تث 22: 23-24)، أما إذا كانت غير مخطوبة، فيلتزم الزاني بدفع غرامة والزواج من الفتاة. أما إذا أخذ رجل امرأة وأمها، سواء وهما على قيد الحياة أم ماتت الواحدة فتزوج بالأخرى فجاء الحكم هكذا: "بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم" [14]. ويسقط تحت ذات الحكم إن سقطت ابنة كاهن في الزنا (لا 21: 9)، أو سقط إنسان في الخطية مع ابنته أو حفيدته، أو مع بنت زوجته أو حفيدتها أو من يرتكب الخطية مع أم حماته أم حميه.... يتم الحرق غالبًا بعد الرجم، فإن كان الرجم بالحجارة يكشف عما فعلته الخطية بالإنسان، إذ جعلته كحجر بلا إحساس، أو كأن الإنسان الزاني يرجم نفسه بنفسه بقلبه الحجري، أما حرقة بالنار فيُشير إلى بشاعة شره إذ ألهبت مشاعره بنيران تهلك نفسه. أما العقوبة الأخرى فهي متى ارتكب إنسان شرًا مع امرأة عمه يقول: "يموتان عقيمين" [20]، ويسقط الإنسان تحت نفس الحكم إن صنع شرًا مع امرأة أخيه [12]. هنا ربما يعني أن الله يضربهما بالعقم (هو 4: 10)، أو بموت نسلهما وحرمانهما منه، أو أن هؤلاء الأولاد يُحسبون نغولًا لا بنين، أي أولاد غير شرعيين ليس لهم حق البنين. ثانيًا: تبرز الشريعة مدى كراهية الله للنجاسة بحكمه حتى على البهيمة التي بلا ذنب ارتكب معها الشر بالقتل [16]، حتى لا يُترك أثر للخطية... أو لإعلان إنها مفسدة حتى للخليقة غير العاقلة. ثالثًا: حين يرتكب الإنسان شرًا مع سيدة يُهين رجلها، فإن ارتكبه إنسان ما مع امرأة أبيه مثلًا يقول: "فقد كشف عورة أبيه" [11]. فإن كانت السيدة شريرة وقبلت برضاها الخطية فإنها تنجست وفي نفس الوقت أساءت لرجلها لأنها معه جسد واحد. 5. تأكيد الالتزام بالوصية: 22 «فَتَحْفَظُونَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَجَمِيعَ أَحْكَامِي، وَتَعْمَلُونَهَا لِكَيْ لاَ تَقْذِفَكُمُ الأَرْضُ الَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لِتَسْكُنُوا فِيهَا. 23 وَلاَ تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. لأَنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا كُلَّ هذِهِ، فَكَرِهْتُهُمْ. 24 وَقُلْتُ لَكُمْ: تَرِثُونَ أَنْتُمْ أَرْضَهُمْ، وَأَنَا أُعْطِيكُمْ إِيَّاهَا لِتَرِثُوهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ. 25 فَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ، وَبَيْنَ الطُّيُورِ النَّجِسَةِ وَالطَّاهِرَةِ. فَلاَ تُدَنِّسُوا نُفُوسَكُمْ بِالْبَهَائِمِ وَالطُّيُورِ، وَلاَ بِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ مِمَّا مَيَّزْتُهُ لَكُمْ لِيَكُونَ نَجِسًا. 26 وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ، وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي. 27 «وَإِذَا كَانَ فِي رَجُل أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ». يختم حديثه هنا بتأكيد الالتزام بالوصية الإلهية حتى لا تقذفنا الأرض نفسها كما سبق فقذفت الكنعانيين بسبب شرهم، ولكي يكون لنا سمة خاصة وشهادة حق لله القدوس العامل فينا، أما ما هو أهم من هذا كله فهو كما يقول الرب: "وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ" [26]. يريدنا له نحمل سماته لنشاركه أمجاده كأولاد مقدسين فيه... إنه يؤكد: "تكونون ليّ"! شرائع خاصة بقداسة الكهنة إذ قدم شرائع السابقة التي تمس حياة الجماعة كلها -شعبهًا وكهنة- يقدم الآن شرائع خاصة بالكهنة ليمارسوا الحياة المقدسة التي تليق بهم ككهنة الرب القدوس [6]، الذين يقدمون له القرابين [6-8]، وكقادة روحيين [8]، إذ كلما ازدادت المسئولية التزم الإنسان بحياة أكثر تدقيقًا. 1. الكهنة وحالات الوفاة: 1 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «كَلِّمْ الْكَهَنَةَ بَنِي هَارُونَ وَقُلْ لَهُمْ: لاَ يَتَنَجَّسْ أَحَدٌ مِنْكُمْ لِمَيْتٍ فِي قَوْمِهِ، 2 إِلاَّ لأَقْرِبَائِهِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ: أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَابْنِهِ وَابْنَتِهِ وَأَخِيهِ 3 وَأُخْتِهِ الْعَذْرَاءِ الْقَرِيبَةِ إِلَيْهِ الَّتِي لَمْ تَصِرْ لِرَجُل. لأَجْلِهَا يَتَنَجَّسُ. 4 كَزَوْجٍ لاَ يَتَنَجَّسْ بِأَهْلِهِ لِتَدْنِيسِهِ. 5 لاَ يَجْعَلُوا قَرْعَةً فِي رُؤُوسِهِمْ، وَلاَ يَحْلِقُوا عَوَارِضَ لِحَاهُمْ، وَلاَ يَجْرَحُوا جِرَاحَةً فِي أَجْسَادِهِمْ. 6 مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لإِلهِهِمْ، وَلاَ يُدَنِّسُونَ اسْمَ إِلهِهِمْ، لأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ وَقَائِدَ الرَّبِّ طَعَامَ إِلهِهِمْ، فَيَكُونُونَ قُدْسًا. يليق بالكاهن وقد قبل الأبوة في المسيح يسوع أن يرتفع فوق العواطف البشرية الخاصة، فيرى في الكل أولاده وإخوته وأحباءه بلا تمييز وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الكاهن بما أنه وكيل الله، فيلزمه أن يهتم بسائر البشر، لكونه أبًا للعالم كله]. خلال هذه الأبوة العامة طالبته حتى شريعة العهد القديم ألا يحزن لموت أحد أقربائه ويتنجس "لِمَيْتٍ فِي قَوْمِهِ" [1]، وقد استثنى من ذلك الأب والأم والابن والابنة والأخ والأخت غير المتزوجة [2-3]. هذه الشريعة قدمها رب المجد بفكر إنجيلي حينما قال: "دع الموتى يدفنون موتاهم" (مت 8: 22، لو 9: 60)، إذ يليق بالخادم ألا يرتبك حتى بهذه الواجبات العائلية من أجل خدمته للجماعة كلها. وكما يقول العلامة ترتليان: [إنه يكرس نفسه لله... أظن أنه يليق بالنذير ومن نال وظيفة الكهنوت أن يُلهم بالكرازة بملكوت الله...]. حسب الشريعة الموسوية الكاهن لا يلمس ميتًا من أقربائه عدا أقرب الذين ذكرناهم، وحتى في حزنه على هؤلاء يليق به ألا يمارس العادات الوثنية الممنوعة حتى بالنسبة للشعب مثل حلق شعر الرأس فيصير أقرع، وحلق عوارض اللحية، وتجريح الجسد. إن كانت هذه الأمور لا تليق بالشعب فكم بالأكثر بالنسبة للكاهن الذي يقرب وقائد الرب [6] ويخدم الأقداس! 2. الكهنة والزواج: 7 إِمْرَأَةً زَانِيَةً أَوْ مُدَنَّسَةً لاَ يَأْخُذُوا، وَلاَ يَأْخُذُوا امْرَأَةً مُطَلَّقَةً مِنْ زَوْجِهَا. لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لإِلهِهِ. 8 فَتَحْسِبُهُ مُقَدَّسًا لأَنَّهُ يُقَرِّبُ خُبْزَ إِلهِكَ. مُقَدَّسًا يَكُونُ عِنْدَكَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ. حسب الشريعة الموسوية لا يجوز للكاهن أن يتزوج من زانية حتى وإن تابت ولا من مدنسة أو مطلقة... حتى يكون هو وزوجته بلا عيب في عيني الله والناس، بكونهما قدوة صالحة للشعب. أما رئيس الكهنة فلا يجوز له حتى الزواج بأرملة بل يتزوج عذراء، لأنه يُشير إلى السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم الذي اقتنى الكنيسة عذراء له عفيفة (2 كو 11: 2). "وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ." [9]. إذ يقبل الكاهن نعمًا إلهية كثيرة يلزمه أن يكون هو وزوجته وأولاده بلا عيب، كل خطأ يرتكبه أحدهم يُعاقب بحكم أقسى مما يسقط تحته الشخص العادي. وكما يقول القديس كيرلس الإسكندري: [في حالة عائلة الكاهن تزداد العقوبة، [لأن كل من أعطى كثيرًا يُطلب منه الكثير] (لو 12: 48)]. 4. شرائع خاصة برئيس الكهنة: 10 «وَالْكَاهِنُ الأَعْظَمُ بَيْنَ إِخْوَتِهِ الَّذِي صُبَّ عَلَى رَأْسِهِ دُهْنُ الْمَسْحَةِ، وَمُلِئَتْ يَدُهُ لِيَلْبَسَ الثِّيَابَ، لاَ يَكْشِفُ رَأْسَهُ، وَلاَ يَشُقُّ ثِيَابَهُ، 11 وَلاَ يَأْتِي إِلَى نَفْسٍ مَيْتَةٍ، وَلاَ يَتَنَجَّسُ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، 12 وَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَقْدِسِ لِئَلاَّ يُدَنِّسَ مَقْدِسَ إِلهِهِ، لأَنَّ إِكْلِيلَ دُهْنِ مَسْحَةِ إِلهِهِ عَلَيْهِ. أَنَا الرَّبُّ. 13 هذَا يَأْخُذُ امْرَأَةً عَذْرَاءَ. 14 أَمَّا الأَرْمَلَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ وَالْمُدَنَّسَةُ وَالزَّانِيَةُ فَمِنْ هؤُلاَءِ لاَ يَأْخُذُ، بَلْ يَتَّخِذُ عَذْرَاءَ مِنْ قَوْمِهِ امْرَأَةً. 15 وَلاَ يُدَنِّسُ زَرْعَهُ بَيْنَ شَعْبِهِ لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُ». رئيس الكهنة أو الكاهن الأعظم كما يدعوه هنا [10]، إذ يرمز للسيد المسيح رئيس كهنتنا الأعظم خضع لشرائع خاصة به، منها: أولًا: "الذي صب على رأسه دهن المسحة وملئت يده ليلبس الثياب لا يكشف رأسه ولا يشق ثيابه" [10]. لا يجوز له أن يكشف رأسه التي مسحت بدهن المسحة، فإن الرأس الممسوحة تُشير إلى السيد المسيح (راجع تفسير لا 2)، وكأنه إذ قبلنا المسيح يسوع فينا نخفيه في أعماقنا، قائلين: "أَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ، حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي" (نش 3: 4)، إنما هي الجنة التي حملت في داخلها مسيحها شجرة الحياة، والينبوع الذي يمتلئ بمياه الحياة والينبوع الذي لا ينضب لأن رب المجد في داخله! ليكن عريسنا في داخلنا كما في جنة مغلقة وعين مقفلة وينبوع مختوم... نفرح به ونتحد معه ونشاركه أمجاده الداخلية! أما عدم شق الثياب، فلأن الثوب يُشير إلى الكنيسة التي يلتحف بها السيد المسيح. لتبق كنيسة واحدة بلا انشقاق، فإن عريسها واحد! ثانيًا: "ولا يأتي إلى نفس ميتة ولا يتنجس لأبيه أو أمه" [11]. يقصد بذلك أنه لا يمس ميتًا حتى وإن كان أباه أو أمه... بكونه رمزًا للسيد المسيح فإنه كواهب حياة لا يشترك مع الموت، إن مس ميتًا لا يحتمل الموت لمسته بل يهرب...! هكذا إذ حمل الرسول بولس في داخله السيد المسيح الذي لا شركة له مع الموت أو الهاوية، بجسارة قال: "أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية؟! أما شوكة الموت فهي الخطية، وقوة الخطية هي الناموس، ولكن شكرًا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح" (1 كو 15: 55-57). ثالثًا: "ولا يخرج من المقدس لئلا يُدنس مقدس إلهه، لأن إكليل دهن مسحة إلهه عليه" [12]. يعني بهذا إنه متى كان يؤدي خدمته في بيت الله لا يجوز أن يخرج من خيمة الاجتماع ولا يتوقف عن العمل أيًا كان السبب حتى إن مات له أقرب المقربين، فإن تركه للخدمة يُحسب امتهانًا لهذا العمل القدسي واحتقارًا للمجد الذي زينته به المسحة على رأسه. يعلق القديس جيروم على هذه الشريعة بقوله: [بالتأكيد إذ نؤمن بالمسيح نحمله فينا، وبسبب زيت المسحة التي تقبلناها يلزمنا ألا نفارق الهيكل، أي لا نترك عملنا المسيحي، ولا نخرج خارجًا فنرتبك بأعمال الأمم غير المؤمنين إنما نبقى في الداخل على الدوام كخدام مطيعين لإرادة الرب]. ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم في هذه الشريعة صورة حيَّة لقلب المؤمن الذي يصير مقدسًا لله ومسكنًا له (رو 6: 16)، فلا تمارس فيه أعمال بشرية بل ما هو إلهي. لذلك كل كلمة تخرج من فمه تكون خارجة من عند الله، فلا تخرج منه كلمة دنسة ولا يبتهج بالمزاح وكثرة الضحك. بمعنى آخر إذ نتبرر بربنا يسوع المسيح تصير مسكنًا لرئيس الكهنة الذي لا يفارقنا، لأننا مقدسه، وتكون تصرفاتنا إنما هي تصرفاته فينا وبنا. بنفس المعنى يقول الأب نسطور: [هذا يعني إنه لا يخرج (السيد المسيح) من قلبه، إذ وعد أن يسكن فيه إلى الأبد، قائلًا: "إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ" (2 كو 6: 16). رابعًا: "هذا يأخذ امرأة عذراء" [13]. يشترط أن تكون زوجته عذراء من قومه [14]. وقد استنتج بعض المفسرين أن رئيس الكهنة كان يلتزم أن يكون بعل امرأة واحدة، يأخذها عذراء. هذه الامرأة هي بكر، وكما يقول الرسول [وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَوَاتِ] (عب 12: 13). إنها من قومه وليست أجنبية، إذ صرنا في مياه المعمودية جسد المسيح، لسنا أجنبيين عنه، بل أعضاء جسده، ووهب لنا روحه القدوس ساكنًا فينا! 16 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 17 «كَلِّمْ هَارُون قَائِلًا: إِذَا كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَسْلِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ فِيهِ عَيْبٌ فَلاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلهِهِ. 18 لأَنَّ كُلَّ رَجُل فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ. لاَ رَجُلٌ أَعْمَى وَلاَ أَعْرَجُ، وَلاَ أَفْطَسُ وَلاَ زَوَائِدِيٌّ، 19 وَلاَ رَجُلٌ فِيهِ كَسْرُ رِجْل أَوْ كَسْرُ يَدٍ، 20 وَلاَ أَحْدَبُ وَلاَ أَكْشَمُ، وَلاَ مَنْ فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ، وَلاَ أَجْرَبُ وَلاَ أَكْلَفُ، وَلاَ مَرْضُوضُ الْخُصَى. 21 كُلُّ رَجُل فِيهِ عَيْبٌ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ الْكَاهِنِ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ وَقَائِدَ الرَّبِّ. فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلهِهِ. 22 خُبْزَ إِلهِهِ مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ وَمِنَ الْقُدْسِ يَأْكُلُ. 23 لكِنْ إِلَى الْحِجَابِ لاَ يَأْتِي، وَإِلَى الْمَذْبَحِ لاَ يَقْتَرِبُ، لأَنَّ فِيهِ عَيْبًا، لِئَلاَّ يُدَنِّسَ مَقْدِسِي، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ». 24 فَكَلَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَكُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ. اشترطت الشريعة في الكاهن الذي يمارس الأعمال الكهنوتية كتقديم الذبيحة والبخور... ألا يكون به عيب، فلا يكون أعمى أو أعرج ولا أفطس ولا زوائدي ولا أحدب ولا أكشم ولا من في عينه بياض ولا أجرب ولا أكلف ولا مرضوض الخصي [18-19]. لذلك عندما يبلغ أبناء الكهنة السن القانوني لاستلام العمل الكهنوتي يفحصهم الشيوخ أعضاء مجمع السنهدريم ويفرز الذين بلا عيب للعمل الكهنوتي الكامل أما من به عيب فيقوم ببعض أعمال كهنوتية بسيطة مثل إيقاد النار... إلخ. في العهد الجديد اشترط بولس الرسول في الأسقف أن يكون بلا عيب (1 تي 3: 2)، وأن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج (1 تي 3: 7). وقد رأى البابا غريعوريوس (الكبير) في الشريعة التي بين أيدينا فهمًا رمزيًا لشروط الكاهن، إذ يجب ألا يقبل من كان أعمى أو أعرج أو أفطس... روحيًا، وفيما يلي مقتطفات من كلماته التي وردت في حديثه عن "الرعاية": [الأعمى هو الذي لا يعرف ضياء التأمل السمائي، فالذي أدركته ظلمة العالم الحاضر لا يستطيع أن يدرك النور الآتي لأنه لا يشتاق إليه. لذلك فهو لا يعرف أن يخطو أو يعرف إلى أين يمضي، ومن ثم قالت حنة النبية: "أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالأَشْرَارُ فِي الظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ" (1 صم 2: 9). الأعرج هو الذي يعرف حقًا الطريق لكنه لا يستطيع أن يسير فيه بثبات بسبب نفسه العليلة، ولأنه لا يستطيع أن يرتفع بعاداته القبيحة إلى مستوى الفضيلة، فإنه لا يملك القوة ليسلك تبعًا لإرادته. لذلك قال القديس بولس الرسول: "قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى" (عب 12: 12-13). الأفطس هو الذي يعجز عن التمييز، فنحن نميز بحاسة الشم الروائح الذكية من العفنة. إن هذه الحاسة تُشير حقًا إلى حاسة التمييز التي بها نختار الفضيلة ونرفض الرذيلة. لذلك قيل في مدح الكنيسة العروس: "أنفك كبرج لبنان" (نش 7: 4). فالكنيسة المقدسة تدرك تمامًا بالتمييز التجارب التي تُثار عليها بأسباب متنوعة، وتعرف مقدمًا - من فوق برجها - معارك الشر المزمعة أن تحدث. الزوائدي... بعض الناس ينشغلون دائمًا بأسئلة فضولية أكثر من اللازم، وهم لا يعترفون أنهم أغبياء، ولكنهم يفرطون في الثقة بنفوسهم، لذلك أضاف الكتاب قائلًا: "ولا زوائدي". ومن الواضح أن الأنف الكبير المنحني يعبر عن إفراط في التمييز، وهذا الإفراط يشوه كمال هذه الحاسة وجمالها. الرجل الذي فيه كسر رجل وكسر يد هو الذي لا يستطيع مطلقًا أن يسير في طريق الله وقد تجرد تمامًا من نصيب الأعمال الصالحة. في هذا يختلف عن الأعرج الذي يمكنه - ولو بصعوبة - الاشتراك في الأعمال الصالحة، أما المكسور فقد تجرد منها تمامًا. الأحدب هو الذي يرزح تحت ثقل الهموم العالمية فلا يمكنه أن يرفع عينيه إلى ما هو فوق بل يُثبتها على موطئ الأقدام حيث أدنى الأشياء. وهو إن سمع أخبارًا سارة عن مسكن الآب السماوي فإنه - تحت ثقل عاداته الشريرة - لا يستطيع أن يرفع محيا قلبه ولا يستطيع حتى أن يرتفع بفكره الذي ربطته الهموم العالمية إلى الأرض. هذا الإنسان يقول عنه المرتل داود: "لويت انحنيت إلى الغاية" (مز 38: 6). ويقول الإله المتجسد عن هؤلاء رافضًا آثامهم: "والذي سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمرًا" (لو 8: 14). أما الأكشم أو مَنْ على عينيه غشاوة فهو الذي بنظراته الطبيعية يضيء بمعرفة الحق لكن عينيه أظلمتا بالأعمال الجسدية، فالعين التي عليها غشاوة تكون حدقتها سليمة لكن الجفون تضعف وتنتفخ بسبب الإفرازات وتذبل بسبب سيل الدموع فتضعف حدقة العين. إن البعض تضعف بصريتهم بسبب الحياة الجسدية، هؤلاء كان لهم قدرة تمييز الخير لكن بصيرتهم اظلمت بسبب اعتيادهم فعل الإثم. الذي على عينيه غشاوة هو الذي كان له بالفطرة فطنة الحواس لكنه شوهها بحياته الفاسدة. لمثل هؤلاء يقول الملاك: "كَحِّل عينيك بكحل لكي تبصر" (رؤ 3: 18). إن كحلنا عيوننا بكحل لنبصر فإننا نقوي عيون أفهامنا بأدوية الأعمال الصالحة لتبصر بريق النور الحقيقي. أما الذي في عينيه بياض فهو الذي حرم من معاينة النور الحقيقي بسبب عماه مدفوعًا بادعاء الحكمة والصلاح. إن حدقة العين تبصر إن كانت سوداء لكن إن كان بها بياض فهي لا تبصر شيئًا، فمن الواضح أنه حينما يدرك الإنسان أنه أحمق وأثيم فإنه يفهم بقوى عقله مدى وهج الضياء الداخلي، لكنه إذ يعزي إلى نفسه إشراق الحكمة والصلاح فإنه يحجز عنها ضياء المعرفة الفائق، أما بالنسبة لكبرياء مجده الذاتي فإنه يعبث إذ يحاول إدراك بريق النور الإلهي فقد قيل عن البعض: "بينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء" (رو 1: 22). أما الإنسان الأجرب فهو الذي يسوده دائمًا بطر الجسد. ففي حالة الجرب تنتثر الحرارة الداخلية على الجلد، وهذه الحالة تمثل الدعارة تمامًا. وهكذا عندما يُترجم إغراء القلب بالأفعال فإننا نستطيع أن نقول أن الحرارة الداخلية تنتثر كما ينتثر الجرب على الجلد، أما الأذى الظاهر الذي يلحق بالجسد فإنه يطابق هذه الحقيقة. إنه كما أن الشهوة إذا لم تخضع في الفكر فإنها تسود بالفعل، لذلك كان بولس مهتمًا بتطهيرها كما لو كانت جربًا على الجلد فقال: "لم تصبكم تجربة إلاَّ بشرية" (1 كو 10: 13). وكأنه يُريد أن يوضح أنه كبشر لا بُد أن نقاسي من تجارب الفكر، ولكن إن تغلبت علينا في وسط حربنا معها واستقرت في قلوبنا فإن هذا يكون من الشيطان. أما الأكلف فقد أتلف الطمع عقله، فإن لم يضبط هذا الطمع في الأمور الصغيرة فإنه سيسود على حياته كلها. إن الكلف يغزو الجسد لكنه لا يسبب آلامًا، وينتشر على المريض دون أن يُضايقه، لكنه يشوه جمال الأعضاء، وهكذا الطمع أيضًا إذ يملأ عقل ضحيته بالسرور إلاَّ أنه يُنجسه. وإذ يضع أمام الفكر أشياء ليقتنيها فإنه يثيره بالبغضة والعداوة. أما أنه لا يسبب آلامًا فهذا لأنه يعد النفس العليلة بأشياء كثيرة وفيرة ثمنًا للخطية. أما أن جمال الأعضاء يتشوه فهذا لأن الجشع يشوه جمال الفضيلة، أي أن الجسد كله يفسد حقًا إذا ملأت الرذائل نفس الإنسان، لذلك يقول القديس بولس بحق: "لأن محبة المال أصل لكل الشرور" (1 تي 6: 10). أما مرضوض الخصي، مع أنه لا يفعل النجاسة إلاَّ أنه يرزح تحت نير التفكير الدائم فيها بإفراط، ومع أنه لم يتدنس أبدًا بالفعل إلاَّ أن قلبه افتتن بلهو الدعارة دون أي وخز للضمير. إن مرض ارتضاض الخصية يحدث نتيجة دخول سائل داخلي في الخصية فيسبب مضايقات وتورم معيب. فمرضوض الخصي إذن هو الذي يترك لِفِكره العنان في الأمور التي تُحَرِّك الشهوة، وبذلك يحمل في قلبه حِمْلًا دنيئًا لا تستطيع نفسه أن تلقيه عنها وهو يفتقر في نفس الوقت إلى القوة ليرتفع بنفسه إلى التدرب العلني على الأعمال الصالحة إذ هو يرزح تحت ثقل أعماله الفاضحة الخفية. إذن فليمتنع كل مَنْ به إحدى هذه العيوب التي سبق ذكرها عن تقديم خبز الرب، لأنه لا يستطيع إنسان أن يكفر عن ذنوب الآخرين ما دامت نقائصه الشخصية تملك عليه]. شرائع خاصة بقداسة المقدسات من أجل تقديس شعب الله قدم شرائع خاصة بالشعب حتى يتجنبوا كل ما يمكن أن يسيء إلى حياتهم المقدسة في الرب، وألزم الكهنة أن يسلكوا بحياة مقدسة تليق بمن يخدم لأجل تقديس الشعب، وأخيرًا يتحدث عن الذبيحة المقدسة التي من خلالها يتقدس الشعب بكونها رمزًا للسيد المسيح الذبيح واهب القداسة. 1. الاستعداد لتناول الذبيحة المقدسة: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي وَلاَ يُدَنِّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ. أَنَا الرَّبُّ. 3 قُلْ لَهُمْ: فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ اقْتَرَبَ إِلَى الأَقْدَاسِ الَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ، وَنَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ، تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ أَمَامِي. أَنَا الرَّبُّ. 4 كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَهُوَ أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْل، لاَ يَأْكُلْ مِنَ الأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ. وَمَنْ مَسَّ شَيْئًا نَجِسًا لِمَيْتٍ، أَوْ إِنْسَانٌ حَدَثَ مِنْهُ اضْطِجَاعُ زَرْعٍ، 5 أَوْ إِنْسَانٌ مَسَّ دَبِيبًا يَتَنَجَّسُ بِهِ، أَوْ إِنْسَانًا يَتَنَجَّسُ بِهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهِ، 6 فَالَّذِي يَمَسُّ ذلِكَ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ، وَلاَ يَأْكُلْ مِنَ الأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ. 7 فَمَتَى غَرَبَتِ الشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِرًا، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ الأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ. 8 مِيْتَةً أَوْ فَرِيسَةً لاَ يَأْكُلْ فَيَتَنَجَّسَ بِهَا. أَنَا الرَّبُّ. 9 فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لاَ يَحْمِلُوا لأَجْلِهَا خَطِيَّةً يَمُوتُونَ بِهَا لأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ. في هذه الشرائع يعلن الله قدسية الذبيحة، لذا يُحذر الكهنة من أكل نصيبهم منها بلا استعداد، إذ يقول: "كلم هرون وبنيه أن يتوقوا أقداس بني إسرائيل التي يقدسونها ليّ، ولا يدنسوا إسمي القدوس، أنا الرب" [2]. وكأنه يقول لرئيس الكهنة والكهنة أن ما يتمتعون به من أنصبة في الذبائح ليست عطية لإشباع بطونهم أو شهواتهم، إنما هو عمل قدسيّ يلزم ممارسته بفكر روحي واستعداد خاص، يلزمهم ألا يقتحموا أقداس الله ويدنسوا اسمه القدوس بأكلهم من الذبيحة بغير استعداد. يقول "أنا الرب"، أنا أغير على اسمي ومقدساتي التي تتدنس بالكهنة المستهترين. إن كان الله في حبه للإنسان جعل من البشر كهنة ينالون نصيبًا من الذبيحة يُحسب كنصيب للرب، فيليق بهم كوكلاء الله أن يقابلوا الحب بقدسية ومهابة لا باستهتار واستخفاف. أما الاستعداد الذي التزم به كهنة العهد القديم للتمتع بنصيبهم في الذبيحة المقدسة فهو: ألا يكون الكاهن أبرصًا أو مصابًا بسيل (لا 15)، ولا مس ميتًا أو أشياء تتعلق بميت (لا 21)، ولا مس حيوانًا نجسًا، ولا اقترب من زوجته... فإن كان الكاهن قد تنجس بلمسه شيئًا أو إنسانًا دنسًا يبقى طول يومه نجسًا يحرم من ممارسة عمله الكهنوتي ومن التمتع بنصيبه ككاهن بالأكل من الذبيحة حتى المساء حيث يرحض جسده [6]، ثم يأكل من الأقداس بكونه طاهرًا. إذا صارت الذبيحة في ملكية الله، وقدمت على مذبحه، فإن أكل الكهنة منها كان إشارة إلى الشركة بين الله والإنسان، وإتمامه المصالحة. هذه الشركة أو المصالحة تتحقق بين الله القدوس والإنسان الذي يتقدس به وفيه. لهذا ألزمت الكنيسة كهنتها وشعبها ألا يشتركوا في التناول من الذبيحة المقدسة باستهتار، وإنما يلزم الاستعداد لها روحيًا وجسديًا. يغتسل الإنسان بدموع التوبة ويعترف بخطاياه في انسحاق مقتربًا إلى مذبح الله في مهابة ليتقبل السرّ المقدس. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [كثيرون من المؤمنين أمعنوا في الجهالة والتهاون العظيم فيتقدمون لمناولة الأسرار المقدسة في الأعياد، مملوئين بالخطايا وغير مهتمين لنفوسهم، ولا عالمين أن وقت المناولة المقدسة لا يحده عيد أو فرح، بل الضمير النقي والحياة التي لا عيب فيها]. 10 «وَكُلُّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ قُدْسًا. نَزِيلُ كَاهِنٍ وَأَجِيرُهُ لاَ يَأْكُلُونَ قُدْسًا. 11 لكِنْ إِذَا اشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَدًا شِرَاءَ فِضَّةٍ، فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَالْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ. هُمَا يَأْكُلاَنِ مِنْ طَعَامِهِ. 12 وَإِذَا صَارَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُل أَجْنَبِيٍّ لاَ تَأْكُلُ مِنْ رَفِيعَةِ الأَقْدَاسِ. 13 وَأَمَّا ابْنَةُ كَاهِنٍ قَدْ صَارَتْ أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ، وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا، فَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهَا. لكِنَّ كُلَّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ مِنْهُ. 14 وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْسًا سَهْوًا، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَيَدْفَعُ الْقُدْسَ لِلْكَاهِنِ. 15 فَلاَ يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ، 16 فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ بِأَكْلِهِمْ أَقْدَاسَهُمْ. لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ». يتمتع بأكل الذبيحة الكاهن ومولود بيته وَمَنْ اشتراه الكاهن بفضة، ولا يأكل معه في هذه المقدسات أجنبي أي عبراني ليس من نسل هرون (عد 16: 40)(*)، أو مَنْ كان غريب الجنس أو عبدًا ثقبت أذنه يبقى حتى سنة اليوبيل (خر 21: 6)، أو من كان نزيلًا (ضيفًا) أو أجيرًا، كما لا تشاركه ابنته التي تزوجت بمن ليس من نسل هرون إلاَّ إذا كانت قد ترملت أو طُلقت ورجعت إلى بيت أبيها [13]. هذه الشريعة التي خضع لها رجال العهد القديم هي كلمة الله التي لا تبطل في روحها، إنما تبقى دستورًا للكنيسة، إذ يقدم السيد المسيح ذبيحته المقدسة ليتناولها الكاهن، سواء الكاهن الذي تمتع بسر الكهنوت لممارسة الأسرار المقدسة أو الذي نال الكهنوت العام في مياه المعمودية. يقدمها أيضًا لمولود البيت، أي لذاك الذي نال الميلاد الجديد في مياه المعمودية بالروح القدس، كما يقدمها لمن اشترى بفضة، أي اقتناه الله بكلمته المصفاة كالفضة سبع مرات (مز 12). تُحذرنا الكنيسة من تقديم الذبيحة لأجنبي، أي لإنسان تغرب عن الله ورفض الشركة معه كابن، أو لإنسان ثقب أذنيه ليعيش عبدًا لا يطلب الحرية الروحية. لا يتمتع بها النزيل ولا الأجير، فإن الله يطلب أن نعيش معه على مستوى الشركة الدائمة والحياة معه وفيه لا أن نلتقي به كنزلاء إلى حين ولا كأجراء نطلب أجرة، إنما كأبناء نطلب أبانا نفسه. أما الابنة التي تتزوج بغريب فهي النفس التي قبلت الميلاد الجديد ثم عادت لتلتصق بعريس أجنبي أي بإله آخر لها قد يكون شهوة البطن أو لذة الجسد أو محبة المال أو طلب الكرامة الزمنية... مسكينة هي النفس التي تحرم نفسها بنفسها من التمتع بالمقدسات خلال اتحاد شرير، لتُطلق الخطية وليمت رجلها (الشر) فتعود إلى بيت أبيها من جديد، لتجده يعد لها الوليمة المقدسة ليفرح بها وهي تفرح به! 17 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 18 «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ، قَرَّبَ قُرْبَانَهُ مِنْ جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ الَّتِي يُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً، 19 فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ يَكُونُ ذَكَرًا صَحِيحًا مِنَ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ أَوِ الْمَعْزِ. 20 كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لاَ تُقَرِّبُوهُ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ. 21 وَإِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ وَفَاءً لِنَذْرٍ، أَوْ نَافِلَةً مِنَ الْبَقَرِ أَوِ الأَغْنَامِ، تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا. كُلُّ عَيْبٍ لاَ يَكُونُ فِيهَا. 22 الأَعْمَى وَالْمَكْسُورُ وَالْمَجْرُوحُ وَالْبَثِيرُ وَالأَجْرَبُ وَالأَكْلَفُ، هذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ، وَلاَ تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُودًا عَلَى الْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ. 23 وَأَمَّا الثَّوْرُ أَوِ الشَّاةُ الزَّوَائِدِيُّ أَوِ الْقُزُمُ فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ، وَلكِنْ لِنَذْرٍ لاَ يُرْضَى بِهِ. 24 وَمَرْضُوضَ الْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا لاَ تُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ. وَفِي أَرْضِكُمْ لاَ تَعْمَلُوهَا. 25 وَمِنْ يَدِ ابْنِ الْغَرِيبِ لاَ تُقَرِّبُوا خُبْزَ إِلهِكُمْ مِنْ جَمِيعِ هذِهِ، لأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا. فِيهَا عَيْبٌ لاَ يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ». 26 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 27 «مَتَى وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزًى يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ، ثُمَّ مِنَ الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَصَاعِدًا يُرْضَى بِهِ قُرْبَانَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ. 28 وَأَمَّا الْبَقَرَةُ أَوِ الشَّاةُ فَلاَ تَذْبَحُوهَا وَابْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. في دراستنا للذبائح (لا 1-2-3-4-5-6-7) رأينا التزام المؤمن بتقديم الذبيحة بلا عيب، صحيحة... وهنا يُحذرنا من تقديم الأعمى والمكسور والمجروح والبثير (الذي بجسمه بثور) والأجرب والأكلف (ما كان بجسمه كلف أي بقع مرضية مثل النمش الذي يُصيب الجلد) والزوائدي (كأن يكون به الأعضاء غير متناسبة معًا أو بها زيادات) والأقزم ومرضوض الخصية ومسحوقها ومقطوعها [22-23]. غني عن البيان أن الله لا يطلب كثرة الذبائح بل نوعيتها، إذ هي تمثل السيد المسيح نفسه الذي بلا عيب، القادر وحده أن يردنا إلى أبيه لينزع كل عيب فينا واهبًا إيانا الحياة المقدسة فيه. هذا وقد اشترط ألا يقدم حيوان كذبيحة ما لم يكن قد مضى عليه سبعة أيام تحت أمه ويرضع، من اليوم الثامن فصاعدًا يمكن تقديمه قربانًا للرب [27]. ولعل الحكمة من ذلك أن كثيرًا من الحيوانات تحزن بمرارة إن نُزع رضيعها في الأيام الأولى... وكأن الله يترفق حتى على الحيوان الأم فلا يحزنها خلال تقديم قربان له. هذا وكان اليهود يعتقدون أن لحم الحيوانات الرضيعة لا تصلح للأكل في أسبوع ولادتها الأول، فما لا يصلح للإنسان لا يقدم ذبيحة لله! أخيرًا فإن بقاء الرضيع سبعة أيام ليذبح في اليوم الثامن فصاعدًا يُشار إلى تقديسه، إذ يكون قد مرّ عليه سبت فتقدس! أيضًا طالبهم ألا يقدموا حيوانًا وأمه في يوم واحد [28]... ولعل الحكمة من هذا أنه أراد لهم أن يكونوا مترفقين بالحيوانات، فقد جاء في سفر الأمثال "الصديق يُراعي نفس بهيمته" (أم 12: 10). ولعله أراد أن يحثهم على الاهتمام بالروابط الدموية حتى بالنسبة لتقديم الذبائح بين الحيوانات. 29 وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ شُكْرٍ لِلرَّبِّ، فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا. 30 فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تُؤْكَلُ. لاَ تُبْقُوا مِنْهَا إِلَى الْغَدِ. أَنَا الرَّبُّ. 31 فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ. 32 وَلاَ تُدَنِّسُونَ اسْمِي الْقُدُّوسَ، فَأَتَقَدَّسُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمُ 33 الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلهًا. أَنَا الرَّبُّ». مع ذبيحة السلامة تقدم تقدمة طعامية تشمل الآتي: أ. أقراص زيت (فطير) ملتوتة بالزيت أو رقاق مدهون بالزيت أو دقيق ملتوت بالزيت... هذه التقدمة لا يدخلها خمير. ب. أقراص خبز مختمر تؤكل مع اللحم، ولا يرفع منها شيء على المذبح، إذ لا يجوز الإيقاد على خمير (لا 2: 11-12)(*). ثالثًا: يمكننا القول بأن تقدمة ذبيحة السلامة للشكر تضم ثلاثة أنواع: الذبيحة وتقدمة القربان والخبز المختمر، هذه الثلاثة ربما تُشير إلى الالتزام بتقديم حياة الشكر خلال العمل والكلام والفكر، فلا نشكر الله بلساننا وقلبنا أو فكرنا يجحده أو أعمالنا وتصرفاتنا لا تتناغم مع كلماتنا. لتكن حياتنا كلها الداخلية والخارجية تنشد بقيثارة الروح لتقدم ذبيحة شكر متكاملة تفرح قلب الله. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:33 PM | رقم المشاركة : ( 158912 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قدم لنا الوحي شريعة التقديس معلنًا أن غايتها الالتصاق بالله القدوس في الأصحاحين السابقين (18-19) سفر اللاويين إذ قدم لنا الوحي شريعة التقديس معلنًا أن غايتها الالتصاق بالله القدوس، ومكررًا للعبارة "أنا الرب إلهكم" في نهاية كل وصية تقريبًا، مطالبًا إيانا أن نتقدس له فتكون لنا سماته عاملة فينا تفرزنا عن الوثنين... الآن يقدم عقوبات صارمة ضد مرتكبي الشر خاصة السحر والزنا. أما علة هذه الصرامة فهو الكشف عن فاعلية الشر داخل النفس، هذا من جانب ومن جانب آخر تطهير الجماعة المقدسة من الخميرة الفاسدة حتى لا يفسد الكل. إن كانت العقوبات تناسب رجال العهد القديم لكنها في نفس الوقت ترعبنا كرجال عهد جديد، إذ توضح لنا بشاعة الخطية والتزامنا الهروب منها. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 158913 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مقدمة في العقوبات الكنسية: كانت العقوبات في العهد القديم قاسية، ربما لأن الله كان يتعامل مع شعب بدائي في معرفته لله غليظ الرقبة، فمن محبته لهم استخدم الشدة لا للانتقام وإنما لردع الكل بسقوط البعض تحت عصا التأديب القاسية. فما سمح الله به من تأديبات أو عقوبات كان علامة اهتمام الله بشعبه ورغبته في خلاصهم وتقديسهم. هذا بجانب ما كان لهذه التأديبات من كشف عن فاعلية الخطية في القلب والحياة الداخلية... فرجم الزاني إنما يكشف عما أصاب قلبه في الداخل من هلاك حقيقي وموت أبدي، فإن كنا نئن لرجم إنسان يليق بنا بالحري أن نحترق من أجل هلاك نفسه. أما في العهد الجديد فإن الكنيسة لا تستخدم العقوبات الجنائية القاسية إذ تتعامل مع أولادها على مستوى النضوج، لكنه من حقها فرض العقوبة التأديبية لتجتذب الساقطين نحو التوبة، كما فعل بولس الرسول مع الشاب الذي ارتكب الشر مع امرأة أبيه (1 كو 5: 6-7). إذ أفرزه عن الكنيسة حتى قدم توبة صادقة، فأسرع الرسول يكتب إلى الكنيسة أن تقبله حتى لا يهلك من فرط الحزن (2 كو 2: 6-7). من جانب آخر العقوبات الواردة في العهد القديم تمثل القانون الجنائي بعقوباته، أما في العهد الجديد فتركت المسيحية التشريعات المدنية والجنائية... إلخ، يضعها رجال القانون بما يناسب العصر والبلد، إذ جاءت المسيحية تهب الفكر والنضوج وتترك التنظيم والتشريع للجماعة. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 158914 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عقوبة السلوك الوثني: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «وَتَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ النَّازِلِينَ فِي إِسْرَائِيلَ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ شَعْبُ الأَرْضِ بِالْحِجَارَةِ. 3 وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذلِكَ الإِنْسَانِ، وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي، وَيُدَنِّسَ اسْمِيَ الْقُدُّوسَ. 4 وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ الأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذلِكَ الإِنْسَانِ عِنْدَمَا يُعْطِي مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ، فَلَمْ يَقْتُلُوهُ، 5 فَإِنِّي أَضَعُ وَجْهِي ضِدَّ ذلِكَ الإِنْسَانِ، وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ، وَأَقْطَعُهُ وَجَمِيعَ الْفَاجِرِينَ وَرَاءَهُ، بِالزِّنَى وَرَاءَ مُولَكَ مِنْ شَعْبِهِمْ. 6 وَالنَّفْسُ الَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى الْجَانِّ، وَإِلَى التَّوَابعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ النَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا. 7 فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 8 وَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ. جاء الحكم على من يعطي من زرعه أي من نسله للإله مولك ذبيحة بشرية يُرجم [2]، سواء كان يهوديًا أو متهودًا (الغرباء النازلون في إسرائيل)، فإن تهاونت الجماعة في أمره ولم ترجمه يقف الرب نفسه ضد ذلك الإنسان [3] ويحسبه مقطوعًا من الشعب [3] كما يقف ضد عشيرته كلها. هذا الحكم أيضًا ينطبق على من يلجأ إلى الجان يستشيره أو يطلب معونته [6]، ومن يجري وراء الأرواح الشريرة (التوابع)، فيُحسب زانيًا، إذ ترك الله عريس نفسه وطلب لنفسه عريسًا آخر [6]. وقد جاء الحكم بالرجم في الحالات الآتية: تقديم الإنسان من نسله ذبائح بشرية للإله مولك (لا 20: 2)، الزنا مع الأم (لا 20: 11)، أو مع زوجة الأب (لا 20: 12)، أو الكنة (لا 20: 12)، أو مع عذراء مخطوبة (تث 22: 23-24)، أو من يضاجع ذكرًا (لا 20: 13)، أو بهيمة (لا 20: 15)، أو يلجأ إلى السحرة (لا 20: 27)، ومن يسب أحد الوالدين (لا 20: 9)، أو من يدعى النبوة كذبًا (تث 13: 6)، أو من يجدف (لا 24: 10-16)، أو من يكسر السبت (عد 15: 32-36)، أو يحث الناس على عبادة الأوثان (تث 13: 6-11)، أو يمارسها (تث 17: 2-5)...إلخ. وكان الرجم يتم بأحد طريقتين: الأول، كان المحكوم عليه يُطاف به في المدينة حتى إن كان لأحد اعتراض يتقدم، ومن ناحية أخرى ليكون عبرة للكل. وقبيل الرجم كان يلزم أن يعترف بخطاياه أولًا ليظهر أن الحكم عليه عادل ولكي تتزكى روحه ويجد رحمة لدى الله. تُربط يداه وهو على مكان مرتفع في أسفله حجر ضخم، يقوم الشاهد الأول بدفعه من المكان المرتفع ليسقط مرتطمًا بالحجر السفلي، ثم يقوم الشاهد الثاني بإلقاء حجر كبير على صدره، فإن لم يمت ترجمه الجماعة حتى الموت. أما الطريقة الثانية فتتلخص في الرجم بالحجارة مباشرة، وغالبًا ما يُعْطَى للمحكوم عليه خمرًا ممزوجًا بمرارة تخفف آلامه. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 158915 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عقوبة إهانة الوالدين: 9 «كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ. "كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" [9]. من يسب الله أباه والجماعة المقدسة أمه خلال تقديم ابنه أو ابنته ذبيحة بشرية لمولك إله العمونيين يُرجم، وأيضًا من يسب أباه أو أمه حسب الجسد يُرجم. يعلق العلامة أوريجانوس على هذه الشريعة بقوله: [من بين الخطايا التي عقوبتها الموت في الناموس الإلهي: "كل إنسان سب أباه أو أمه فإنه يُقتل". لقب "أب" يعني سرًا عظيمًا، وأيضًا لقب "أم" يحمل كرامة. حسب الروح، الله هو أبوك وأورشليم السماوية هي أمك (غلا 4: 26، عب 12: 22). هذا ما نتعلمه من التصريحات النبوية والرسولية، إذ يكتب موسى في نشيده: "أليس هو أباك ومقتنيك؟!" (تث 32: 6)، ويقول الرسول عن أورشليم السماوية: "هي أمنا جميعًا، فهي حرة" (غلا 4: 26). الأب الأول بالنسبة لك هو الله الذي ولد روحك، إذ يقول "ربيت بنين ونشأتهم" (إش 1: 2)، ويقول الرسول بولس: [إخضعوا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا] (عب 12: 9). أما الأب الثاني فهو أبوك الجسدي الذي أنجبك فجئت إلى هذا العالم... فلأن لقب "أب" مقدس وذو جلال لذلك من سب أباه أو أمه يُقتل... فإنك إن لم تكرم أباك الجسدي تكون إهانتك له موجهة إلى أبي الأرواح (عب 12: 9). إن شتمت أمك الجسدية فإن هذا السب يُنسب للأم أورشليم السماوية. من يهين العبد (أباه أو أمًا) يسيء إلى إله المجد]. مرة أخرى يقول: [إن كان الحكم هذا لمن يسب أسرته الجسدية، فكم بالأكثر من يهين الله بكلمات سب وينكرون إنه خالق العالم؟! أو من يسيء إلى أورشليم السماوية التي هي أمنا كلنا (غلا 4: 26)؟!]. ربما يتساءل البعض إن كانت شريعة العهد القديم قد حكمت برجم من يسب أباه وأمه، فهل صمت العهد الجديد عن إصدار حكم كهذا يعني تساهله؟ يُجيب العلامة أوريجانوس هكذا: [يقول بولس الرسول: "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله؟!" (عب 10: 29)... لا تظن أن الإنجيل سهلًا بطريقة مطلقًا من أجل فتحه باب المغفرة]. كأن العهد القديم حكم على من يسب أحد والديه بالرجم، أما العهد الجديد فحسب ذلك إهانة لدم ابن الله نفسه. يؤكد الآباء التزام المؤمن بالطاعة للوالدين لكن في الرب فمن كلمات القديس كيرلس الأورشليمي: [عندما تكون مشاعرنا نحو آبائنا الأرضيين مضادة لعلاقتنا بالآب السماوي يلزم العمل بقول الرب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر منيّ فلا يستحقني" (مت 10: 37). لكنهم ما داموا لا يعارضون تقوانا نُحسب ناكرين للجميل إن احتقرنا حسناتهم نحونا ونستوجب الحكم: "من لعن أباه أو أمه فليقتل قتلًا" (خر 21: 7، مت 15: 4)]. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:37 PM | رقم المشاركة : ( 158916 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" يعلق العلامة أوريجانوس على هذه الشريعة بقوله: [من بين الخطايا التي عقوبتها الموت في الناموس الإلهي: "كل إنسان سب أباه أو أمه فإنه يُقتل". لقب "أب" يعني سرًا عظيمًا، وأيضًا لقب "أم" يحمل كرامة. حسب الروح، الله هو أبوك وأورشليم السماوية هي أمك (غلا 4: 26، عب 12: 22). هذا ما نتعلمه من التصريحات النبوية والرسولية، إذ يكتب موسى في نشيده: "أليس هو أباك ومقتنيك؟!" (تث 32: 6)، ويقول الرسول عن أورشليم السماوية: "هي أمنا جميعًا، فهي حرة" (غلا 4: 26). الأب الأول بالنسبة لك هو الله الذي ولد روحك، إذ يقول "ربيت بنين ونشأتهم" (إش 1: 2)، ويقول الرسول بولس: [إخضعوا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا] (عب 12: 9). أما الأب الثاني فهو أبوك الجسدي الذي أنجبك فجئت إلى هذا العالم... فلأن لقب "أب" مقدس وذو جلال لذلك من سب أباه أو أمه يُقتل... فإنك إن لم تكرم أباك الجسدي تكون إهانتك له موجهة إلى أبي الأرواح (عب 12: 9). إن شتمت أمك الجسدية فإن هذا السب يُنسب للأم أورشليم السماوية. من يهين العبد (أباه أو أمًا) يسيء إلى إله المجد]. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 158917 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" العلامة أوريجانوس [إن كان الحكم هذا لمن يسب أسرته الجسدية، فكم بالأكثر من يهين الله بكلمات سب وينكرون إنه خالق العالم؟! أو من يسيء إلى أورشليم السماوية التي هي أمنا كلنا (غلا 4: 26)؟!]. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:39 PM | رقم المشاركة : ( 158918 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" العلامة أوريجانوس [يقول بولس الرسول: "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يحسب مستحقًا من داس ابن الله؟!" (عب 10: 29)... لا تظن أن الإنجيل سهلًا بطريقة مطلقًا من أجل فتحه باب المغفرة]. كأن العهد القديم حكم على من يسب أحد والديه بالرجم، أما العهد الجديد فحسب ذلك إهانة لدم ابن الله نفسه. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:39 PM | رقم المشاركة : ( 158919 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"كل إنسان سب أباه وأمه فإنه يقتل... دمه عليه" القديس كيرلس الأورشليمي [عندما تكون مشاعرنا نحو آبائنا الأرضيين مضادة لعلاقتنا بالآب السماوي يلزم العمل بقول الرب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر منيّ فلا يستحقني" (مت 10: 37). لكنهم ما داموا لا يعارضون تقوانا نُحسب ناكرين للجميل إن احتقرنا حسناتهم نحونا ونستوجب الحكم: "من لعن أباه أو أمه فليقتل قتلًا" (خر 21: 7، مت 15: 4)]. |
||||
26 - 04 - 2024, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 158920 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عقوبة الزنا: 10 وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ امْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ. 11 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 12 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 13 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ اضْطِجَاعَ امْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلاَ كِلاَهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 14 وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ. 15 وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَالْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. 16 وَإِذَا اقْتَرَبَتِ امْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ الْمَرْأَةَ وَالْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 17 وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ. 18 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلاَهُمَا مِنْ شَعِبْهِمَا. 19 عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ، أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. 20 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلاَنِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ. 21 وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةَ أَخِيهِ، فَذلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ. بعد أن أعلن عقوبة العبادة الوثنية، سبّ أحد الوالدين، تحدث عن عقوبة الزنا بوجه عام ثم حدد بعض الحالات الشائنة، ويلاحظ في حديثه عن هذا الأمر الآتي: أولًا: جاء الحكم بقتل الزاني والزانية إن كانت الزانية متزوجة [10]، ويكون ذلك بالرجم. وينطبق ذات الحكم على المخطوبة لرجل وأخطأت بإرادتها (تث 22: 23-24)، أما إذا كانت غير مخطوبة، فيلتزم الزاني بدفع غرامة والزواج من الفتاة. أما إذا أخذ رجل امرأة وأمها، سواء وهما على قيد الحياة أم ماتت الواحدة فتزوج بالأخرى فجاء الحكم هكذا: "بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم" [14]. ويسقط تحت ذات الحكم إن سقطت ابنة كاهن في الزنا (لا 21: 9)، أو سقط إنسان في الخطية مع ابنته أو حفيدته، أو مع بنت زوجته أو حفيدتها أو من يرتكب الخطية مع أم حماته أم حميه.... يتم الحرق غالبًا بعد الرجم، فإن كان الرجم بالحجارة يكشف عما فعلته الخطية بالإنسان، إذ جعلته كحجر بلا إحساس، أو كأن الإنسان الزاني يرجم نفسه بنفسه بقلبه الحجري، أما حرقة بالنار فيُشير إلى بشاعة شره إذ ألهبت مشاعره بنيران تهلك نفسه. أما العقوبة الأخرى فهي متى ارتكب إنسان شرًا مع امرأة عمه يقول: "يموتان عقيمين" [20]، ويسقط الإنسان تحت نفس الحكم إن صنع شرًا مع امرأة أخيه [12]. هنا ربما يعني أن الله يضربهما بالعقم (هو 4: 10)، أو بموت نسلهما وحرمانهما منه، أو أن هؤلاء الأولاد يُحسبون نغولًا لا بنين، أي أولاد غير شرعيين ليس لهم حق البنين. ثانيًا: تبرز الشريعة مدى كراهية الله للنجاسة بحكمه حتى على البهيمة التي بلا ذنب ارتكب معها الشر بالقتل [16]، حتى لا يُترك أثر للخطية... أو لإعلان إنها مفسدة حتى للخليقة غير العاقلة. ثالثًا: حين يرتكب الإنسان شرًا مع سيدة يُهين رجلها، فإن ارتكبه إنسان ما مع امرأة أبيه مثلًا يقول: "فقد كشف عورة أبيه" [11]. فإن كانت السيدة شريرة وقبلت برضاها الخطية فإنها تنجست وفي نفس الوقت أساءت لرجلها لأنها معه جسد واحد. |
||||