25 - 04 - 2024, 01:11 PM | رقم المشاركة : ( 158741 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إلهي !!!! علمنى الاتضاع واملك على قلبى واسكنه ليشبع منك ويتمثل بقلبك الذى احب كل البشر وبذل نفسه لاجلهم . آمين |
||||
25 - 04 - 2024, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 158742 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"الرب رحيم ورؤوف طويل الروح و كثير الرحمة" (مز103: 8) |
||||
25 - 04 - 2024, 01:21 PM | رقم المشاركة : ( 158743 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" أم تستهين بغنى لطفه و إمهاله و طول أناته غير عالم إن لطف الله إنما يقتادك الى التوبة" (رو2: 4) |
||||
25 - 04 - 2024, 01:25 PM | رقم المشاركة : ( 158744 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله الذى يريح القلب ويملاه بالاطمئنان |
||||
25 - 04 - 2024, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 158745 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصبر الصحيح يمتزج تماما بمعرفه الله الكلى المحبة |
||||
25 - 04 - 2024, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 158746 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" لأجل ذلك آنا اصبر على كل شيء" (2تى2: 10) |
||||
25 - 04 - 2024, 01:50 PM | رقم المشاركة : ( 158747 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المذبح والذبائح في الأصحاح السابق إذ أعلنت الشريعة دور الذبيحة المقدسة في تقديس هرون أو رئيس الكهنة حتى يخترق الحجاب ويتمتع بالاقتراب من تابوت العهد ليشفع عن نفسه وكل شعب، أراد أن يعلن عن أهمية الذبيحة وارتباطها بالمذبح المقدس وقدسية الدم، حتى لا يحدث لبس بين الشعب. 1. المذبح والذبائح: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: هذَا هُوَ الأَمْرُ الَّذِي يُوصِي بِهِ الرَّبُّ قَائِلًا: 3 كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَذْبَحُ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا أَوْ مِعْزًى فِي الْمَحَلَّةِ، أَوْ يَذْبَحُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، 4 وَإِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لاَ يَأْتِي بِهِ لِيُقَرِّبَ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ أَمَامَ مَسْكَنِ الرَّبِّ، يُحْسَبُ عَلَى ذلِكَ الإِنْسَانِ دَمٌ. قَدْ سَفَكَ دَمًا. فَيُقْطَعُ ذلِكَ الإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ. 5 لِكَيْ يَأْتِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِذَبَائِحِهِمِ الَّتِي يَذْبَحُونَهَا عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ وَيُقَدِّمُوهَا لِلرَّبِّ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ إِلَى الْكَاهِنِ، وَيَذْبَحُوهَا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ. 6 وَيَرُشُّ الْكَاهِنُ الدَّمَ عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَيُوقِدُ الشَّحْمَ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. 7 وَلاَ يَذْبَحُوا بَعْدُ ذَبَائِحَهُمْ لِلتُّيُوسِ الَّتِي هُمْ يَزْنُونَ وَرَاءَهَا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً تَكُونُ هذِهِ لَهُمْ فِي أَجْيَالِهِمْ. 8 «وَتَقُولُ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ فِي وَسَطِكُمْ يُصْعِدُ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً، 9 وَلاَ يَأْتِي بِهَا إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ، يُقْطَعُ ذلِكَ الإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ. كان الأمر الإلهي: "كل إنسان من بيت إسرائيل يذبح بقرًا أو غنمًا أو معزى في المحلة أو يذبح خارج المحلة وإلى باب خيمة الاجتماع لا يأتي به ليقرب قربانًا للرب أمام مسكن الرب يُحسب على ذلك الإنسان دم، قد سفك دمًا فيُقطع ذلك الإنسان من شعبه. لكي يأتي بنو إسرائيل بذبائحهم التي يذبحونها على وجه الصحراء للرب إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن ويذبحونها ذبائح سلامة للرب..." [3-5]. ماذا تعني هذه الشريعة؟ هل تحرم على شعب بني إسرائيل ذبح الحيوانات المحللة للأكل خارج باب خيمة الاجتماع، وتلزمهم بتقديم كل ذبائحهم كذبائح سلامة للرب [6]؟ هناك رأيان: الرأي الأول: أن هذا النص يُفسر حرفيًا بالنسبة لشعب بني إسرائيل في البرية، فقد كان الله يهتم بأكلهم وشربهم وكل احتياجتهم، فيرسل لهم المن من السماء، فلم يُصَرِّح لهم بذبح حتى الحيوانات المحللة إلاَّ خلال الذبائح المُقَدَّمة للرب. ولعل كان غاية هذا تأكيد أن الله يعولهم حتى في أكلهم بطريقة فائقة أثناء تجوالهم في البرية. وما تم أنه خشى عليهم من الذبح للأوثان، لذلك اشترط أن تقدم كل ما يذبح من الحيوانات الطاهرة باسم الرب عند باب خيمة الاجتماع ليكون للرب نصيب فيها. لعل بعض اليهود كان قد مارس الذبح لعجل أبيس في مصر أو كانت صورة الذبائح المصرية أمام عينيه فأراد الرب أن يمسح هذه الصورة حتى من ذهنهم فترة الأربعين سنة. أما عند بلوغهم أرض كنعان وتقسيم الأراضي على الأسباط، إذ صاروا يأكلون من ثمار أرض الموعد ويذبحون سمح لهم بذبح الحيوانات الطاهرة وأكل لحمها (تث 12: 20-22)، بشرط أن يأتوا بذبائحهم التي للرب (غير الذبائح التي للأكل) وتقدماتهم وباكوراتهم إلى بيت الرب (تث 12: 11- 19، 26-27). الرأي الثاني: إن ما ورد في هذا الأصحاح يقصد الذبح لا للطعام، وإنما كذبائح للرب، إذا أراد عدم تقديم ذبائح للعبادة خارج دائرة الخيمة أو الهيكل، أي بعيدًا عن مذبح الرب المقدس. هذه الشريعة يلتزم بها المؤمنون حتى لا ينحرفوا إلى الذبح للأوثان أو الاشتراك في العبادات الوثنية. وقد سمح الله لبعض رجال الله أن يقيموا مذبح لله وتقديم ذبائح لمقاصد إلهية استثنائية كما فعل يشوع على جبل عيبال (يش 8: 20)، وجدعون الذي هدم هيكل البعل وساريته وقام ببناء مذبح الرب بأمر إلهي (قض 6: 25-27)، وصموئيل النبي حين قدم ذبيحة في المصفاة (1 صم 7: 5-11)، وداود النبي في بيدر أرونة اليبوسي (2 صم 24: 18-25)، وإيليا النبي حين قاوم كهنة البعل (1 مل 18: 19-40). هذه الحالات وأمثالها لم تكن ممارسات يومية عادية وإنما تحت ظروف معينة طلب الله من رجاله أن يقيموا له مذبحًا لتمجيدة أو مقاومة العبادة الوثنية أو لرفع غضبه عن شعبه في ظرف طارئ! في العهد الجديد نتمتع بمذبح إلهي لا تقدم عليه ذبائح حيوانية ولا يرش عليه دم تيوس وعجول، إنما نراه مذبحًا سماويًا يقدم لنا الله الآب بروحه القدوس جسد الرب ودمه المبذولين لتقديسنا. يقول القديس أغسطينوس: [يوجد مذبح غير منظور في الأعالي لا يقترب إليه الشرير... خلال مقدس الله وخيمته وكنيسته اذهب إلى مذبح الله الذي هو في الأعالي]. يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم على مهابة مذبح كنيسة العهد الجديد، قائلًا: [مهوبة حقًا هي أسرار الكنيسة! مهوبة حقًا هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهارًا مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعًا يبعث أنهارًا روحية، لا يُزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر بل تزرع أشجارًا تصل إلى السماء وتحمل ثمرًا دائمًا لا يفسد. إن كان أحد لفحة الحر فليقترب من الينبوع فتبرد حروقه وينطفئ ظمأه ويحمل راحة عوض الحروق التي سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته في الأعالي ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هي مجاري هذا الينبوع الذي يرسله المعزي. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأسًا ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا. هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية في الأعالي تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذي لا يُقترب منه. من يشترك في هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفًا بثوب المسيح الملوكي، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه]. مرة أخرى يقول: [أتوسل إليكم، انظروا، إنها مائدة ملوكية قد أعدت لنا! الملائكة تخدمها، والملك جالس بنفسه، فهل تقفوا متثائبين؟!]. 10 وَكُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ النَّازِلِينَ فِي وَسَطِكُمْ يَأْكُلُ دَمًا، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ النَّفْسِ الآكِلَةِ الدَّمِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا، 11 لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ. 12 لِذلِكَ قُلْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَأْكُلْ نَفْسٌ مِنْكُمْ دَمًا، وَلاَ يَأْكُلِ الْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ دَمًا. إذ منع تقديم أي ذبيحة للعبادة خارج دائرة الطقس الإلهي حتى لا ينحرف اليهود إلى العبادات الوثنية، رابطًا شعبه كله -كهنة وشعبًا- بالمذبح، ليجتمع الكل معًا في الرب خلال الذبيحة، عاد ليؤكد منعه أكل الدم لا بالنسبة للإسرائيليين فحسب وإنما حتى للغرباء الذين ينزلون في وسطهم، وقد سبق لنا الحديث عن الحكمة من منع أكل الدم في دراستنا للأصحاح الثالث. 3. دم الصيد: 13 وَكُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ النَّازِلِينَ فِي وَسَطِكُمْ يَصْطَادُ صَيْدًا، وَحْشًا أَوْ طَائِرًا يُؤْكَلُ، يَسْفِكُ دَمَهُ وَيُغَطِّيهِ بِالتُّرَابِ. 14 لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ دَمُهُ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَقُلْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لاَ تَأْكُلُوا دَمَ جَسَدٍ مَا، لأَنَّ نَفْسَ كُلِّ جَسَدٍ هِيَ دَمُهُ. كُلُّ مَنْ أَكَلَهُ يُقْطَعُ. سمح للإسرائيلين وللنازلين في وسطهم إن اصطادوا صيدًا، سواء كان حيوانًا أو طائرًا - أن يأكلوا منه إن كان من الأطعمة المحللة، أما بالنسبة لدمها المسفوك فيقول "يغطيه بالتراب" [13]. ولعل الحكمة من تغطية الدم هنا بالتراب أن يذكر الإنسان أن هذه الحيوانات التي خرجت من الأرض (تك 1: 24)، تعود إليها... أما الإنسان وقد حمل نسمة حياة خلال النفخة الإلهية فيليق به ألا يلتصق بعد بالتراب حتى لا يعود إلى التراب، إنما يلتصق بالله السماوي لينطلق إلى السماء أبديًا. ولعل تغطية دم الصيد بالتراب فيه توقير الإنسان لكل كائن، حتى وإن كان حيوانًا أو طيرًا يأكل لحمه، فلا يليق به أن يطأ دمه بقدميه، إنما يغطي الدم بالتراب كمن يدفنه. هذا الفكر يهب للإنسان اتجاه لطف وترفق حتى بدم الصيد، فلا يعيش الإنسان متعجرفًا وعنيفًا. وربما أيضًا أراد الله أن يقدم شريعة حتى عن تغطية دم الصيد حتى لا يستخدم هذا الدم في أغراض وثنية نجسة كسكبه للأصنام. "15 وَكُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ مَيْتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَطَنِيًّا كَانَ أَوْ غَرِيبًا، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَبْقَى نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ ثُمَّ يَكُونُ طَاهِرًا. 16 وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ وَلَمْ يَرْحَضْ جَسَدَهُ يَحْمِلْ ذَنْبَهُ»." [15-16]. حرمت الشريعة أكل الحيوانات الميتة طبيعيًا أو خلال الاختناق، أي ما لم يكن مذبوحًا، كما حرمت أكل الحيوانات أو الطيور التي افترسها وحش... من يفعل ذلك عمدًا كان يتعرض للجلد وأحيانًا للقطع من شعب الله. إنما هنا الشريعة لمن أكل سهوًا أي بدون معرفة، فإن عرف يلتزم أن يغسل ثيابه ويستحم ويبقى نجسًا لا يدخل المقدسات ولا يلمسها حتى المساء. أما علة منع أكل الميت والفريسة، فهي أولًا لأسباب صحية، حتى لا يكون قد مات بمرض تنتقل عدواه إلى الإنسان، أو افترسه وحش بث فيه سم كالحيات أو حملت أسنانه ميكروبًا. والسبب الثاني إن أكل ما هو ليس مذبوحًا يحمل نوعًا من الشراهة والنهم خاصة وأنه يدرك أن اللحم خاص بميت أو هو فضلة من فضلات الوحوش. وربما كان المنع لأن الدم في الحالتين يحتمل أن يكون قد حبس في اللحم. وأخيرًا فإن الفريسة قد لمسها وحش دنس فتدنست لذلك لا يأكلها الإنسان حتى لا يتدنس. في عصر الرسل قررت الكنيسة امتناع الأمم عن أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان (أع 15). شرائع التقديس أبرز سفر اللاويين بشاعة الخطية ونتائجها المُرّة على حياة الإنسان، وما تؤديه من انفصال للنفس عن الله مصدر حياتها، وقد قدم لنا الذبائح المتنوعة تكشف عن جوانب مختلفة للصليب كطريق لعودة الإنسان لله مصدر حياته وتقديسه. وإذ يلتزم المؤمنون بالتجاوب مع عمل الذبيحة في حياتهم اليومية في كل جوانبها قدم الله الشرائع العملية التي تمس أكلهم وشربهم وثيابهم ومساكنهم وصحتهم (لا 11-15)، والآن يقدم الشرائع العملية التي تمس المعاملات سواء مع الله أو مع الأخوة أو مع الخليقة الجامدة، أو التصرف في المقدسات الإلهية. وقد عالجت هذه الشرائع قداسة شعب الله، وقداسة الكهنة ثم قداسة المقدسات الإلهية. القداسة والعلاقات الجسدية افتتح حديثه هنا عن شرائع التقديس خاصة شريعة الزيجة المحرمة لا كأوامر تلتزم بها الجماعة قسرًا وإنما كطريق تتمتع فيه الجماعة بالحياة المقدسة التي لم ينعم بها الأمم، ولكي تتأهل الجماعة لأن تُحسب شعبًا لله القدوس، وأخيرًا حتى لا ينجسوا الأرض بالشر فتلفظهم عنها. 1. مقدمة للشرائع: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 3 مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ الَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لاَ تَعْمَلُوا، وَحَسَبَ فَرَائِضِهِمْ لاَ تَسْلُكُوا. 4 أَحْكَامِي تَعْمَلُونَ، وَفَرَائِضِي تَحْفَظُونَ لِتَسْلُكُوا فِيهَا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 5 فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، الَّتِي إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا الرَّبُّ. إن كان الرب يفتتح هذه الشرائع بشريعة "الزيجات المحرمة" فلئلا يظنوا في الشريعة أنها حرمان ومنع أعلن غايتها: "أنا الرب إلهكم، مثل عمل أرض مصر التي سكنتم فيها لا تعملوا ومثل عمل أرض كنعان التي أنا آت بكم إليها لا تعملوا، وحسب فرائضهم لا تسلكوا، أحكامي تعملون وفرائضي تحفظون لتسلكوا فيها، أنا الرب إلهكم، فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها. أنا الرب" [2-5]. يلاحظ في هذه الافتتاحية الآتي: أولًا: أنه يبدأها بقوله: "أنا الرب إلهكم"، ويختمها بقوله: "أنا الرب"، وفي المنتصف أيضًا يقول: "أنا الرب إلهكم"، مكررًا هذا التعبير أثناء حديثه في نص الشرائع ذاتها. وكأنه يود أن يقول أنا الرب إلهكم، أنا هو البداية، وأنا النهاية، وأنا هو طريقكم... ما أقدمه لكم من شرائع ليس حرمانًا ولا تركًا لشيء إنما هو اقتناء ليّ أنا مشبعكم! الله هو غاية الوصية، نقبل وصيته وشريعته لكي نكتشفه ونقتنيه كسرّ حياتنا. ثانيًا: أوضح في هذه الافتتاحية أنه بهذه الشرائع أراد أن يفرزهم له، فإن كان قد أطلقهم من أرض العبودية ووهبهم كنعان ميراثًا فلا يليق بهم أن يسلكوا بذات سلوك من استعبدوهم ولا بسلوك من اقتنوا أرضهم. يليق بشعب الله، وبكل عضو فيه أن تكون له شريعته الروحية التي تميزه عن محبي العالم. ثالثًا: يرى القديس أكليمندس الإسكندري في هذه العبارة أن مصر تُشير إلى محبة العالم وأهل كنعان إلى الخداع، وقد جاءت الوصية الإلهية تحذرنا من محبة العالم كما من الخداع. رابعًا: يعلق القديس يوحنا الذهبي الفمعلى العبارة "فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها" قائلًا: [لا يوجد طريق آخر به يكون الإنسان بارًا إلاَّ بحفظ الناموس كله، لكن هذا ليس في استطاعة أحد قط، فقد فشل اليهود في التمتع بهذا البر]. لذلك كانت الحاجة إلى من يحفظ الناموس ولا يكسر وصيه منه، وهو ربنا يسوع المسيح، الذي انحنى تحت الناموس ليتممه بإرادته عاتقًا إيانا من لعنته التي حلت بنا خلال كسرنا وصياه. لهذا قال الرسول بطرس: "إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ؟!" (يو 6: 68). 6 «لاَ يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ إِلَى قَرِيبِ جَسَدِهِ لِيَكْشِفَ الْعَوْرَةَ. أَنَا الرَّبُّ. 7 عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا أُمُّكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 8 عَوْرَةَ امْرَأَةِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَبِيكَ. 9 عَوْرَةَ أُخْتِكَ بِنْتِ أَبِيكَ أَوْ بِنْتِ أُمِّكَ، الْمَوْلُودَةِ فِي الْبَيْتِ أَوِ الْمَوْلُودَةِ خَارِجًا، لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 10 عَوْرَةَ ابْنَةِ ابْنِكَ، أَوِ ابْنَةِ ابْنَتِكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. إِنَّهَا عَوْرَتُكَ. 11 عَوْرَةَ بِنْتِ امْرَأَةِ أَبِيكَ الْمَوْلُودَةِ مِنْ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. إِنَّهَا أُخْتُكَ. 12 عَوْرَةَ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أَبِيكَ. 13 عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أُمِّكَ. 14 عَوْرَةَ أَخِي أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِلَى امْرَأَتِهِ لاَ تَقْتَرِبْ. إِنَّهَا عَمَّتُكَ. 15 عَوْرَةَ كَنَّتِكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا امْرَأَةُ ابْنِكَ. لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 16 عَوْرَةَ امْرَأَةِ أَخِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَخِيكَ. 17 عَوْرَةَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِهَا لاَ تَكْشِفْ. وَلاَ تَأْخُذِ ابْنَةَ ابْنِهَا، أَوِ ابْنَةَ بِنْتِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا. إِنَّهُمَا قَرِيبَتَاهَا. إِنَّهُ رَذِيلَةٌ. 18 وَلاَ تَأْخُذِ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِلضِّرِّ لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا. بعد الافتتاحية السابقة عرض للزيجات المحرمة، مانعًا الاقتراب إلى جسد الأقرباء، وكشف عورتهم بمعنى الامتناع عن الإتحاد معهم في علاقة زوجية، وقد حدد الزيجات الممنوعة هكذا: أ. الزواج من الأب أو الأم [7]، حتى لا يسقط أحد فيما فعله إبنتا لوط (تك 19: 30-38) فأنجبتا للعالم موآب وعمون اللذين أقاما أمتين مقاومتين لله. ب. الزواج من امرأة الأب [8] سواء في حياة والده أو بعد وفاته. لقد تمررت نفس يعقوب عندما سمع أن ابنه البكر رأوبين اضطجع مع سريته بلهة (تك 35: 22)، حاسبًا إياه أنه دنس مضطجع أبيه، وبسبب هذا فقد بكوريته (تك 48: 22). ارتكب إبشالوم نفس الخطأ عندما ثار على أبيه داود وأقام نفسه ملكًا واضطجع مع سراري أبيه (2 صم 16: 22) ج. الزواج من الأخت [9]. د. الزواج من الحفيدة [10]. ه. الزواج من بنت امرأة الأب [11] متى كانت مولودة من أبيه... ربما يقصد بهذا أن ابنة امرأة أبيه حتى وإن كانت ليست من أمه ولا من أبيه، لكنها تحسب مولودة من أبيه لارتباط أمها به كزوجة. بمعنى آخر لا يجوز الزواج بإبنة امرأة الأب حتى وإن كانت من أب آخر لأنها هي ابنة لأبيه خلال اتحاد أمها معه. و. الزواج بالعمة أو الخالة [12، 13]. ز. الزواج من زوجة العم [14]. ط. الزواج من الكنة [15]. س. الزواج من امرأة وبنتها، أو من امرأة وإبنة ابنها أو ابنة بنتها [17]. ش. الزواج من أخت كضرة لأختها [18]، بمعنى ألا يتزوج إنسان أخت زوجته بعد تطلق أختها حتى لا تشعر الأولى بالكراهية نحو أختها، وبالأولى أيضًا لا يتزوج إنسان أختين معًا في حياتهما كما فعل يعقوب حين تزوج ليئة وراحيل قبل الشريعة. والآن: لماذا جاءت الشريعة تحرم الزواج من هؤلاء القريبات جسديًا؟ أولًا: جاء التحريم ليحفظ قدسية الحياة العائلية خاصة وقد عاشت العائلات تحت سقف واحد، فالشاب يتطلع إلى والديه وأخوته وعمه وخاله وزوجة العم أو الخال وبنات الخال والعم بقدسية، خاصة إنهم من لحمه ودمه... فهو يدرك أنه لا يتزوح أحدًا منهم فيتعامل بحب أخوي أو بنوي طاهر، بنظرة بعيدة كل البعد عن أي فكر جسداني. ثانيًا: من الناحية الصحية يرى علماء الوراثة أن الزواج من الأقرباء كأبناء العم يعرض النسل لأمراض وراثية أكثر مما لو تزوج الإنسان من غير الأقرباء. ثالثًا: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الامتناع عن الزواج من أهل الزوجة أو الزوج المقربين إنما يعني الدخول في رباطات حب قوية حتى يحسب الإنسان أهل زوجته أهله، فلا يلتصق بهم بالزواج لأنه التصق بهم خلال زوجته. وبنفس الفكر يرى القديس باسيليوس الكبير أن الرجل لا يستطيع أن يتزوج أخت زوجته حتى بعد وفاتها، لأن الشريعة تمنع الزواج من الأقارب الملتصقين به. فبالزواج إذ صار الإنسان واحدًا مع زوجته لا يجوز له الزواج بأمها أو ابنتها بكونهما أمه وإبنته، وهكذا لا يجوز له الزواج بأختها بكونها قد صارت له أختًا. رابعًا: هذه الزيجات المحرمة ربما توسع دائرة الارتباط الأسري، فلا تتقوقع كل عائلة حول نفسها... بل يأخذ الأبناء من عائلات أخرى فترتبط العائلات معًا. 3. الانحرافات الجسدية: 19 «وَلاَ تَقْتَرِبْ إِلَى امْرَأَةٍ فِي نَجَاسَةِ طَمْثِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا. 20 وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ امْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ، فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. 21 وَلاَ تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ لِلإِجَازَةِ لِمُولَكَ لِئَلاَّ تُدَنِّسَ اسْمَ إِلهِكَ. أَنَا الرَّبُّ. 22 وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ. 23 وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلاَ تَقِفِ امْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ. بعد منعه من الزواج بالمقربات جدًا، حذرت الشريعة من الانحرافات الجسدية التي كانت منتشرة في بعض الشعوب الوثنية مثل: أولًا: "لا تقترب إلى امرأة في نجاسة طمثها لتكشف عورتها" [19]. تمنع الشريعة من معاشرة الرجل لامرأته في أثناء مرضها الشهري أو إذا كان بها نزف دم... فإن تم ذلك عمدًا يُقْطَع الاثنان من الشعب (لا 20: 18)، أما إن كان سهوًا يُحسب الرجل نجسًا سبعة أيام (لا 15: 24). المنع يقوم على أساس صحي، إذ غالبًا ما تكون الزوجة من الجانب الصحي والنفسي غير مستعدة للمعاشرة الزوجية. أما الأساس الروحي، فكما جاء في قوانين الرسل: [إنهم يفعلون هذا لا لإنجاب أطفال بل لأجل اللذة. يليق بمحب الله ألا يكون محبًا للذة]. ثانيًا: الامتناع عن الزنا [20]، وكان عقاب الرجل الذي يزني مع امرأة رجل آخر الموت رجمًا هو والمرأة (لا 20: 10، تث 22: 22). ثالثًا: الامتناع عن تقديم الأطفال كذبائح بشرية كملوك إله عمون، بإجازتهم في النار أما الصنم [21]. رابعًا: الامتناع عن الشذوذ الجنسي كمعاشرة الذكور [22]، أو الحيوانات [23]. 4. نتائج الإباحية: 24 «بِكُلِّ هذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا، لأَنَّهُ بِكُلِّ هذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ 25 فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا، فَتَقْذِفُ الأَرْضُ سُكَّانَهَا. 26 لكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، وَلاَ تَعْمَلُونَ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ هذِهِ الرَّجَسَاتِ، لاَ الْوَطَنِيُّ وَلاَ الْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ، 27 لأَنَّ جَمِيعَ هذِهِ الرَّجَسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ الأَرْضِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ الأَرْضُ. 28 فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ. 29 بَلْ كُلُّ مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ هذِهِ الرَّجَسَاتِ تُقْطَعُ الأَنْفُسُ الَّتِي تَعْمَلُهَا مِنْ شَعْبِهَا. 30 فَتَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لاَ تَعْمَلُوا شَيْئًا مِنَ الرُّسُومِ الرَّجِسَةِ الَّتِي عُمِلَتْ قَبْلَكُمْ وَلاَ تَتَنَجَّسُوا بِهَا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ». إن كان الله في الافتتاحية أعلن شوقه نحو شعبه أن يحيا مقدسًا ليتسم الشعب بما يليق بإلهه، وأن يكون له سمته الخاصة التي تفرزه عن الأمم الوثنية، الآن في نهاية هذه الشريعة يكشف عن الجانب السلبي، وهو ثمر الخطية خاصة الإباحية الجسدية: أولًا: حينما يلهو الإنسان في الرجاسات تتنجس الأرض به، ثم تعود فتقذفه خارجًا، وكأنها تجازيه عما فعله بها [25]. إن كان الله قد خلق العالم من أجل الإنسان، فإذ يفسد الإنسان سيد الأرض يفسد الأرض فلا تطيقه بل تتقيأه. في القديم أخطأ آدم وحواء، فسقطت الأرض تحت اللعنة تنبت شوكًا وحسكًا (تك 3: 17، 18)، وحينما سفك قايين دم هابيل، قيل: "لا تعود تعطيك الأرض قوتها" (تك 4: 12)... ويقول الرسول: "فإننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن" (رو 8: 22). والآن إذ نرجع إلى الرب مقدسين في دمه تباركه الخليقة وتمجده! ثانيًا: إن كانت الأرض أو الخليقة لا تطيق الفساد فتقذفه، فبالأولى لا تطيق كنيسة الله المقدسة الشرير المصرّ على شره بل تفرزه وتطرده من العضوية في الجسد المقدس: "كل من عمل شيئًا من جميع هذه الرجسات تقطع الأنفس التي تعملها من شعبها" [29]. كان القطع في العهد القديم غالبًا ما يكون بالرجم، أما في العهد الجديد فبالحرمان من الشركة، كقول الرسول بولس عن ذاك الذي صنع شرًا مع امرأة أبيه: "فإنيّ أنا كأنيّ غائب بالجسد ولكن حاضر بالروح قد حكمت كأنيّ حاضر في الذي فعل هذا هكذا، باسم ربنا يسوع المسيح أن يُسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1 كو 5: 3-5). إنه كمن يسلمه للشيطان بطرده من شركة الحياة، لا عن كراهية وإنما لكي إذ تتمرر حياته يرجع تائبًا فيسمع كلمات الرسول نفسه عن ذات الشخص: "تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا الحزن المفرط" (2 كو 2: 7). _____ القداسة والمعاملاتإذ تحدث عن الامتناع عن الزيجات المحرمة والعلاقات الجسدية الخاطئة، يحدثنا هنا عن ترجمة الحياة المقدسة عمليًا خلال علاقتنا بالله والوالدين والإخوة حتى في تصرفاتنا مع الحيوانات والنباتات. 1. علاقتنا بالله القدوس: "1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ." [1-2]. الله هو سرّ قداستنا، إذ ندخل معه في شركة بثبوتنا في الابن القدوس بواسطة روحه القدوس الساكن فينا نحمل سماته فينا فنحسب قديسين. وكأن القداسة ليست امتناعًا عن الشر فحسب ولا حتى مجرد ممارسة لأعمال فاضلة إنسانية، إنما هي قبول لله القدوس وتمتع به، فنحمل سماته هبة من عندياته. القداسة هي هبة الله القدوس لأولاده، إذ يقول: "لأجلهم أقدس أنا ذاتيّ ليكونوا هم أيضًا مقدسين في الحق" (يو 17: 19). أدرك القديس أغسطينوس هذه القداسة كهبة إلهية ننعم بها خلال تمتعنا بالقدوس ذاته خاصة خلال مياه المعمودية، لذا قال: [بالبر الذي تهبني إياه أصير بارًا، فليكن برّي هو برك لأنك تهبني إياه]. كما يقول: [الذي نال نعمة القداسة ونعمة المعمودية وغفران الخطايا (1 كو 6: 11)... يقول لإلهه، إنيّ قديس لأنك تقدسني، ليس لأن القداسة هي من عندي، إنما لأني تقبلتها، ليس لأني أستحقها إنما أنت وهبتني إياها]. وأيضًا: [إن كان كل المسيحيين المؤمنين الذي يتعمدون يلبسونه كقول الرسول: "لأن كلكم (كثيرين) الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غلا 3: 27)، إن كانوا قد صاروا أعضاء في جسده ومع هذا يقولون إنهم ليسوا قديسين فإنهم يسيئون إلى الرأس الذي هم أعضاؤه وغير مقدسين. انظروا أين أنتم ومن هو رأسكم فتنالون كرامة]. بأكثر وضوح يقول: [تقديس المسيحي يتحقق بالمسيح نفسه، فهو قوة التقديس لله فيه... لذلك يتم التقديس في المعمودية وهناك ينتعش ويتلألأ]. يقدم لنا العلامة أوريجانوس مفهومًا للتقديس من جانب آخر، إذ يرى أن التقديس يعني تكريس الإنسان بكليته لحساب مملكة الله، حتى الأمور الزمنية إنما تتقدس بتقديمها للرب، معطيًا لذلك أمثلة أن البكور التي تقدس للرب إنما تُسلم له، والملابس الكهنوتية الأواني المقدسة وأدوات الهيكل أو الخيمة تتقدس بمعنى أنها لا تستخدم إلاَّ في خدمة الرب... وهكذا الإنسان المقدس إنما يكون بكل طاقاته وإمكانياته وكل نسمات حياته لحساب مملكة النور. إنه يقول: [إن فهمنا بأي معنى يكون الحيوان (الذبيحة) والأشياء والملابس مقدسة يمكننا بمنطق جيد أن نفهم الإنسان كقديس. بالحقيقة يلزمنا أن نكرس أنفسنا للرب ولا ننشغل بأي عمل علماني حتى نرضي من جندنا (2 تي 2: 4). لنبتعد عن الذين يعيشوا جسديًا ويتمسكون بالزمنيات ولننفصل عنهم، إذ قيل: "اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو 3: 1-2)، بهذا نستحق أن نحسب قديسين... يجب أن نتجنب "كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ (الرسولي) الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا" (2 تس 3: 6)، وكما قيل: "اعتزلوا اعتزلوا أخرجوا من هناك لا تمسوا نجسًا، أخرجوا من وسطها، تطهروا يا حاملي آنية الرب" (إش 52: 11، رؤ 18: 4). ابتعدوا عن الأرضيات، أتركوا شهوات العالم "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، ليس من الآب بل من العالم" (1 يو 2: 16). لتترك هذا كله ولتكرس نفسك للرب... هذا ولا يقصد بالاعتزال ترك المكان إنما ترك الأعمال، فلا نترك الموضع إنما نغير طريقة الحياة. فإن كلمة قدوس άγιος باليونانية hagios تعني الارتفاع فوق الأرضيات. فمن يكرس نفسه للرب يظهر فوق الأرض والعالم، ويمكنه أن يقول وهو بعد سالكًا على الأرض: "لنا مدينة في السماء"]. 2. إكرام الوالدين: 3 تَهَابُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ أُمَّهُ وَأَبَاهُ، وَتَحْفَظُونَ سُبُوتِي. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. جاءت الوصية "تهابون كل إنسان أمه وأباه" [3] مباشرة بعد قوله: "تكونون قديسين لأنيّ قدوس الرب إلهكم" [2]، وكأن أول علامات القداسة تظهر في حياتنا العملية خلال علاقتنا بأبينا وأمنا، فإن الأبوة والأمومة تمثلان أبوة الله وأمومة الكنيسة. إحتلت وصية إكرام الوالدين مكانًا في الوصايا العشرة (خر 20: 12)، كما في مواضع كثيرة، وكما يقول الرسول بولس إنها وصية بوعد (أف 6: 2). في الوصية الخامسة جاء الأب قبل الأم، وهنا يذكر الأم أولًا، ليعلن المساواة بين الأب والأم وعدم التحيز لطرف على حساب الآخر، بل تكون كرامتهما واحدة في عيني الابن أو الابنة. 3 تَهَابُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ أُمَّهُ وَأَبَاهُ، وَتَحْفَظُونَ سُبُوتِي. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 4 لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى الأَوْثَانِ، وَآلِهَةً مَسْبُوكَةً لاَ تَصْنَعُوا لأَنْفُسِكُمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 5 وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا. 6 يَوْمَ تَذْبَحُونَهَا تُؤْكَلُ، وَفِي الْغَدِ. وَالْفَاضِلُ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ يُحْرَقُ بِالنَّارِ. 7 وَإِذَا أُكِلَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَذلِكَ نَجَاسَةٌ لاَ يُرْضَى بِهِ. 8 وَمَنْ أَكَلَ مِنْهَا يَحْمِلُ ذَنْبَهُ لأَنَّهُ قَدْ دَنَّسَ قُدْسَ الرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. اهتم الرب بحفظ السبت كوصية إلهية (خر 20: 8)، وكعهد بين الله وشعبه، علامة راحة الله في شعبه وراحة الشعب في إلهه وحده، لذلك فإن السبت يعتبر عيدًا أسبوعيًا له طقسه الخاص، نتحدث عنه في الأصحاح الثالث والعشرين إن شاء الرب وعشنا. حذرهم الرب أيضًا من الالتفات إلى الأوثان أي الاهتمام بها [4]، أو صنعها، وتقديم ذبائح لها... هذه الوصية تقدم لنا حتى لا نقيم لأنفسنا آلهة نتعبد لها، سواء كانت هذه الآلهة هي بطوننا أو كرامتنا أو غنانا أو شهوة جسدية! ليته لا يحتل القلب آخر غير الرب، له وحده نتطلع وإياه نشتاق ونتعبد. أوصاهم أيضًا أن يأكلوا ذبيحة السلامة يوم ذبحها أو في اليوم الثاني، أما ما يتبقى في اليوم الثالث فيحرق بالنار[6]... وكما سبق فقلنا أن هذا التصرف يُشير إلى قبولنا الرب القائم من الأموات في اليوم الثالث. بقاء الذبيحة بعد ذلك يعرضها للفساد، وإذ هي تُشير للمسيح يسوع الذبيح القائم من الأموات فإن جسده لم يصبه فساد. 4. شرائع خاصة بالحصاد: 9 «وَعِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي الْحَصَادِ. وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. 10 وَكَرْمَكَ لاَ تُعَلِّلْهُ، وَنِثَارَ كَرْمِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَالْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. "وعندما تحصدون حصيد أرضكم لا تكمل زوايا حقلك في الحصاد، ولقاط حصيدك لا تلتقط" [9]. هذه الوصية تمس حياة المؤمن نفسه، فإذ يحمل في قلبه اتساعًا نحو إخوته المحتاجين والغرباء يقدم لهم من الحصاد دون إحراج لمشاعرهم، فيطلب من الحصادين أن يتركوا زوايا الحقل بلا حصاد ولا يلتقطوا ما يسقط من الحزم من سنابل أثناء نقلها، حتى لا يتحرج المسكين أو الغريب، إذ يدخل الحقل ليجد في جوانبه ما يستطيع حصاده دون خجل أو يلتقط الساقط من الحصادين كما فعلت راعوث الموآبية. كأن هذه الوصية تحثنا لا على العطاء للفقراء والمساكين بل بالأكثر على عدم مس كرامتهم أو جرح مشاعرهم، فنعطيهم حبًا من القلب قبل أن نعطيهم طعامًا أو كساءً لذلك يقول الحكيم: "المستهزئ بالفقير يعيّر خالقه" (أم 17: 5). بنفس الروح يقول: "كرمك لا تعلله" [10]، أي لا تجمعه عدة مرات حتى تجرد الكروم من كل ثمارها فلا يجد الغريب أو الفقير نصيبًا. وقد جاءت الترجمة السبعينية "لا تعد إلى خصاصة الكرم"، أي لا تجني الفضلات الباقية. يقول أيضًا "ونثار كرمك لا تلتقط" بمعنى ما يسقط من الأشجار على الأرض طبيعيًا أو خلال الجني أتركه للمساكين والغرباء. 5. شرائع خاصة بالأخوة: 11 «لاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَكْذِبُوا، وَلاَ تَغْدُرُوا أَحَدُكُمْ بِصَاحِبِهِ. 12 وَلاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ، فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلهِكَ. أَنَا الرَّبُّ. 13 «لاَ تَغْصِبْ قَرِيبَكَ وَلاَ تَسْلُبْ، وَلاَ تَبِتْ أُجْرَةُ أَجِيرٍ عِنْدَكَ إِلَى الْغَدِ. 14 لاَ تَشْتِمِ الأَصَمَّ، وَقُدَّامَ الأَعْمَى لاَ تَجْعَلْ مَعْثَرَةً، بَلِ اخْشَ إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ. 15 لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْرًا فِي الْقَضَاءِ. لاَ تَأْخُذُوا بِوَجْهِ مِسْكِينٍ وَلاَ تَحْتَرِمْ وَجْهَ كَبِيرٍ. بِالْعَدْلِ تَحْكُمُ لِقَرِيبِكَ. 16 لاَ تَسْعَ فِي الْوِشَايَةِ بَيْنَ شَعْبِكَ. لاَ تَقِفْ عَلَى دَمِ قَرِيبِكَ. أَنَا الرَّبُّ. 17 لاَ تُبْغِضْ أَخَاكَ فِي قَلْبِكَ. إِنْذَارًا تُنْذِرُ صَاحِبَكَ، وَلاَ تَحْمِلْ لأَجْلِهِ خَطِيَّةً. 18 لاَ تَنْتَقِمْ وَلاَ تَحْقِدْ عَلَى أَبْنَاءِ شَعْبِكَ، بَلْ تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. أَنَا الرَّبُّ. بعد أن حدثنا عن علاقتنا بالله نفسه وبالوالدين والمساكين والغرباء قدم لنا دستورًا يمس علاقتنا بالإخوة، أهم بنوده: أ. "لا تسرقوا" [11]: جاءت الوصية صريحة "لا تسرق" (خر 20: 15)، فالمؤمن الحقيقي ليس فقط لا يسرق ما هو للآخرين إنما يشتاق أن يقدم ما لديه للآخرين، إذ يقول الرسول: "لا يسرق السارق فيما بعد بل بالحري يتعب عاملًا الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج" (أف 4: 28). إنه يحمل روح سيده الذي يتعب ليهب شبعًا لكل محتاج، وراحة لكل نفس متعبة! ب. "ولا تكذبوا" [11]: يقول القديس يوحنا كليماكوس: [الكذب يدمر المحبة، واليمين الكاذبة إنكار لله]، [الطفل لا يعرف شيئًا عن الكذب وكذلك النفس المنزهة عن الشر]. ج. "ولا تغدروا أحدكم بصاحبه" [11]: يقصد بالغدر الخيانة بكل صورها وعدم انفتاح القلب بالحب للآخرين، كما غدر قايين بأخيه هابيل (تك 4: 8)، وأخوة يوسف بأخيهم (تك 37)، ويهوذا بمعلمه السيد المسيح (مت 26: 47-49). يقول القديس يوحنا الدرجي: [إن حقدت فاحقد على الشياطين، وإن عاديت فعاد (شهوات) جسدك كل حين]، [متوحد حقود يشبه أفعى في وكرها تحمل سمًا مميتًا في داخلها]. د. "لا تحلفوا باسمي للكذب، فتدنس اسم إلهك" [12]. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن أورشليم مدينة الله التي حملت في داخلها الهيكل وتابوت العهد وتمتعت بالأنبياء ومواعيد الله هلكت خلال القسم الباطل]. وقد جاءت الوصايا العشر تنهي عن القسم الباطل (خر 20: 7)، سمحت بالقسم في العهد القديم علامة اعتزاز الشعب بالإله، وحتى لا يقسم بالآلهة الوثنية، لكنها شددت ألا يكون باطلًا، أما وقد جاء السيد المسيح فنهى عن القسم تمامًا، قائلًا: "لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ" (مت 5: 37). ه. "لا تغصب قريبك ولا تسلب، ولا تبت أجرة أجير عندك إلى الغد" [13]. هكذا تحذرنا الشريعة من اغتصاب حقوق الأخوة وسلبهم ما لهم سواء كان أمرًا ماديًا أو معنويًا... وقد قدم نوعًا من الظلم الذي قد يحدث عفوًا، كأن يؤجل إنسان أجرة الأجير إلى اليوم التالي بينما يكون هذا العامل وعائلته في عوز للأجرة. كأن الظلم لا يقف عند سلب مال الإنسان وإنما حتى تأخير إعطائه حقه يُحسب ظلمًا وسلبًا وسرقة! في وضوح يقول: "لا تظلم أجيرًا مسكينًا وفقيرًا من أخوتك أو من الغرباء الذين في أرضك في أبوابك، في يومه تعطيه أجرته ولا تغرب عليها الشمس لأنه فقير وإليها حامل نفسه لئلا يصرخ عليك إلى الرب فتكون عليك خطية" (تث 24: 14-15)، وقد ندد معلمنا يعقوب بالسالبين حقوق العمال والأجراء بقوله: "هُوَذَا أُجْرَةُ الْفَعَلَةِ الَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ، الْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ الْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذْنَيْ رَبِّ الْجُنُودِ" (يع 5: 4). و. "لا تشتم الأصم، وقدام الأعمى لا تجعل معثرة، بل إخش إلهك، أنا الرب" [14]. يقدم نوعًا آخر من الظلم يقوم على استغلال ضعف الآخرين عوض مساندتهم، فنشتم الأصم الذي لا يسمع ليدافع عن نفسه، ونعثر الأعمى عوض إقامته من العثرة، وقد اعتبر الرب هذه الإهانات موجهة له شخصيًا، إذ هو أب المساكين والمعتازين والمعوقين، إذ يقول "بل إخش إلهك". لعله يقصد بالأصم الذي نشتمه، ذاك الذي نغتابه من خلف فلا يسمع إساءتنا له، والأعمى الذي نضع أمامه العثرة الضعيف روحيًا الذي ندينه ونحطمه عوض مساندته بروح الرجاء وإقامته من ضعفه. يحذرنا القديس مقاريوس الكبيرعن شتم الأصم مطالبًا إيانا بالهروب من كلمة النميمة، قائلًا: [احفظوا ألسنتكم وذلك بأن لا تقولوا على إخوتكم شرًا، لأن الذي يقول على أخيه شرًا يغضب الله الساكن فيه. ما يفعله كل واحد برفيقه فبالله يفعله]. ويقول القديس جيروم: [إذا سمعت أحدًا يثلب غيره اهرب منه كهروبك من حيَّة سامة، حتى يخجل ويتعلم ألا يتكلم بهذا مرة أخرى]. أما عن عدم وضع معثرة للأعمى فيقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [يليق بنا أن نضع زيتًا مرطبًا على جراحات الضعفاء لا مواد ملتهبه تزيد آلامهم]. ز. لا ترتكبوا جورًا في القضاء، لا تأخذوا بوجه مسكين، ولا تحترم وجه كبير، بالعدل تحكم لقريبك" [15]. يليق بنا أن نحكم بالعدل بغير ظلم، فالمسكين لا يشفع فيه فقره لنحابيه، والغني لا يسنده غناه وجاهه لنجامله. ط. "لا تسع في الوشاية بين شعبك، لا تقف على دم قريبك، أنا الرب" [16]. يقصد بالوشاية الافتراء على الآخرين أمام أصدقائهم أو عائلاتهم أو رؤسائهم وكما يقول إرميا النبي "علموا ألسنتهم التكلم بالكذب وتعبوا في الافتراء" (إر 9: 5). أما الوقوف ضد دم القريب أو ضد حياته فيعني ألا يكون سببًا في هلاكه أو تحطيمه جسديًا أولًا: معنويًا خلال شهادة زور أو الامتناع عن الدفاع عنه... إلخ. أما قوله "أنا الرب"، فكأنه يقول: إن كنت تشي بأخيك أو تحطم حياته، فأنا الرب أدافع عن كرامة المظلومين وحياة المحطمين! ظ. "لا تبغض أخاك في قلبك، إنذارًا تنذر صاحبك، ولا تحمل لأجله خطية" [17]. إن أخطأ إليك أخوك فلا تبغضه في قلبك إنما عاتبه وانذره (مت 18: 15-17)، فقد تكون أسأت فهمه أو وشى به أحد ظلمًا، وقد يكون قد تصرف هو عن عدم فهم... إعط لنفسك فرصة ألا تحمل في قلبك كراهية أو بغضة، واعط لأخيك فرصة للدفاع عن نفسه وكشف نيته أو توبته ورجوعه عما فعله بك، وقد سبق لنا الحديث في هذا الموضوع في دراستنا لإنجيل متى (أصحاح 18). أما قوله "ولا تحمل لأجله خطية" فيعني أنك إذ تبغض أخاك حتى وإن كان قد أخطأ إليك، فإنك بهذه البُغضة تفسد قلبك وتحمل خطية في داخلك. لذلك يرى القديس أغسطينوسفي قول الرسول: "كل مَنْ يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1 يو 3: 15)، أن الغَضوب يقتل نفسه الداخلية بِحَمْله روح البُغضة، إذ يقول: [إن وجدتم في منازلكم عقارب وحيات، ألا تجتهدوا في طردها حتى تعيشوا في أمان منها في منازلكم؟! ومع ذلك فها أنتم غَضْبَى، وهوذا الغضب يتأصل في قلوبكم، وينمي فيها حقدًا وبُغْضًا كثيرًا وعقارب وحيات، ومع هذا فلا تنقون قلوبكم التي هي مسكن الله!!]. لاحظ القديس يوحنا كاسيان أن الشريعة أرادت استئصال الشر من جذوره، بالقول: "لا تبغض أخاك في قلبك"، قبل أن يتحول الغضب الداخلي والبغضة التي في القلب إلى انتقام وحقد [18]. يقول: [لماذا نتحدث بعد عن الوصايا الإنجيلية والرسولية إن كان حتى الناموس القديم الذي يُظن إلى حد ما أنه ليس صارمًا يحذرنا من الغضب بالقول: "لا تبغض أخاك في قلبك"... ها أنت ترى الشر يُصد ليس في تنفيذه فقط وإنما وهو بعد في الفكر الداخلي إذ جاءت الوصية تمنع الكراهية من جذرها وهي في القلب]. ع. "لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك، بل تحب قريبك كنفسك أنا الرب" [18]. الله لا يطيق الكراهية أو البغضة خاصة إن صارت نقمة أو حقدًا... يقول العلامة ترتليان: [لم يضع الخالق حدودًا للمغفرة بل يأمرك ألا تحمل كراهية ضد أخيك بلا حدود، ولا تهب من يسألك فقط بل ومن لا يسألك. إرادته لا أن تغفر أية معصية بل تنساها]. أخيرًا فإن علاج هذا كله هو: "تحب قريبك كنفسك، أنا الرب". بمعنى أن المؤمن إذ يحب نفسه بحق ويشتهي خلاصها ومجدها الأبدي يفرح بخلاص أخيه ويتسع قلبه له، فيراه عضوًا معه في الجسد الذي الرب نفسه رأسه. ويرى القديس أغسطينوس أن الإنسان لكي يحب نفسه يليق به أن يحب الله من كل قلبه وكل نفسه وكل فكره (تث 6: 5)، فتكون أفكاره كلها وحياته ممتصة في الله واهب الحياة، وتفيض قنواته الداخلية بالحب بلا نقصان، وهكذا إذ يحب قريبه كنفسه إنما يحب أن يكون قريبه محبًا لله أيضًا من كل قلبه وكل نفسه وكل فكره. بهذا حتى في محبة الإنسان لقريبه يتجه بمحبته لله ولقريبه إلى قناة حب الله التي لا تنضب. أخيرًا يعلق القديس أغسطينوس على هذه الشرائع الخاصة بعدم الحقد... قائلًا: [لا يفهم هذا صوت وصية موجهة إلى إنسان بار بل بالحري صوت سماح مقدم لإنسان ضعيف]. 19 فَرَائِضِي تَحْفَظُونَ. لاَ تُنَزِّ بَهَائِمَكَ جِنْسَيْنِ، وَحَقْلَكَ لاَ تَزْرَعْ صِنْفَيْنِ، وَلاَ يَكُنْ عَلَيْكَ ثَوْبٌ مُصَنَّفٌ مِنْ صِنْفَيْنِ. يبدأ هذه الشرائع بقوله "فرائضي تحفظون" [19]، ليؤكد أن هذه الشرائع سواء الخاصة بعلاقة المؤمن بوالديه أو بإخوته أو بالمساكين أو حتى بالحيوانات والزراعة إنما هي "فرائض الله" يلزم أن نحفظها من أجل علاقتنا واتحادنا معه... نحب الوصية لأنها وصية إلهنا المحبوب الذي يقدمها ليضمنا إليه بالحب. "لا تُنز بهائمك جنسين، وحقلك لا تزرع صنفين، ولا يكون عليك ثوب مصنف من صنفين" [19]. جاءت الوصية تمنع التهجين بين جنسين من الحيوانات لإنجاب جنس ثالث، أو زرع صنفين في حقل واحد، أو نسج نوعين من الخيوط (كالصوف والكتان) في نسيج واحد... فما الهدف من هذه الوصية؟ أولًا: يرى البعض أن الله منع التهجين حتى لا يظن الإنسان إنه يقوم بعمل "خِلْقة" لإجناس جديدة فيدعى لنفسه الألوهية. والعجيب أن الله يسمح بالجنس الجديد غير قادر على الإنجاب، كظهور البغل ثمرة للتهجين بين الحمار والحصان. هذا وقد استخدم اليهود "البغل" كحيوان للنقل وحمل الأثقال، يشترونه من الشعوب المجاورة لكنهم لا يقومون بعملية التهجين للحصول عليه، إلاَّ إذا حصلت هذه العملية بطريقة لا إرادية غير مقصودة. ما هو هذا الحيوان الذي هو ثمرة التهجين بين جنسين مختلفين والعقيم غير القادر على الإنجاب إلاَّ الجسد الذي يفسده الإنسان بالشهوات والملذات المتضاربة، فيحمل الجسد انقسامًا وتضاربًا بين أفكار الملذات والكبرياء، ولا يكون له ثمر روحي لائق يفرح قلب الله. أما جسد المؤمن الحقيقي فيحمل انسجامًا داخليًا فيما بينه، وأيضًا انسجامًا مع النفس بكونه خاضعًا لروح الله القدوس بجسده كما بنفسه. وكما يقول القديس أغسطينوس: [إن الروح القدس هو روح الوحدة أما روح إبليس فهو روح الانقسام والانشقاقات، فمن يسلك بروح الرب إنما يحمل روح الوحدة، أما من يسلك بروح إبليس فيحمل انقسامًا وانشقاقًا ليس فقط ضد إخوته لكن حتى في داخله بين جسده ونفسه]. ثانيًا:منع الله زراعة صنفين في حقل واحد، ربما يُقصد بذلك عدم خلطهما معًا... الأمر الذي يجعل الحصاد صعبًا أو مستحيلًا. ويرى البعض أن زراعة صنفين معًا يسبب تدهورًا لمحصولهما. على أي الأحوال هذا الحقل الذي يُزرع بصنفين ليس بكنيسة الله التي تضم صنفًا واحدًا، هم أولاد الله القديسين، أو هو ليس بقلب المؤمن الحقيقي الذي يضم نورًا دون ظلمة. الحقل الذي يضم صنفين هو القلب المتذبذب. الذي يخلط بين النور والظلمة، فلا يسلك بروح الإفراز والتمييز، بل يعرج بين الطريقين. أما قلب المؤمن فبسيط له هدف واحد، يسلك في النور ويرفض الظلمة، يقبل الحق ولا يطيق الباطل! ثالثًا: يرى البعض أن وجود نوعين من الخيوط في النسيج كالكتان مع الصوف (تث 22: 11) يسبب التهابات جلدية وحساسية. على أي الأحوال كنيسة المسيح هي توبة الذي من نسيج واحد، هو نسيج الروح الواحد والفكر الواحد غير المنقسم. إذن في اختصار نقول أن الحيوان غير المهجّن يُشير إلى الجسد المقدس في الرب المثمر روحيًا والمنسجم مع النفس المقدسة، والحقل ذو الصنف الواحد يُشير إلى كنيسة الله التي تسلك في النور دون الظلمة، لها روح التمييز والإفراز، والثوب ذو النسيج الواحد هو وحدانية الروح والفكر! 7. شريعة السقوط مع جارية: 20 وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَةٍ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ وَهِيَ أَمَةٌ مَخْطُوبَةٌ لِرَجُل، وَلَمْ تُفْدَ فِدَاءً وَلاَ أُعْطِيَتْ حُرِّيَّتَهَا، فَلْيَكُنْ تَأْدِيبٌ. لاَ يُقْتَلاَ لأَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ. 21 وَيَأْتِي إِلَى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ: كَبْشًا، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ. 22 فَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ بِكَبْشِ الإِثْمِ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ، فَيُصْفَحُ لَهُ عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ. من يسقط في الخطية مع جارية لم تتحرر بعد ولم يفدها خطيبها يسقط الاثنان تحت التأديب غالبًا "الجلد"، ويقوم الزاني بتقديم ذبيحة إثم أما الجارية فإذ لا تملك شيئًا تُعفى من تقديم ذبائح. على أي الأحوال لا بُد من تقديم دم للتطهير حتى إن سقط الاثنان تحت التأديب. إن كانت الأمة المخطوبة قد تحررت قبل السقوط ترجم مع من ارتكبت معه الخطية. لعل سبب التساهل إلى حد ما بالنسبة للعبيد والجواري هو معاملة الله للشعب القديم كمبتدئين روحيًا، خاصة لاختلاطهم بالشعوب الوثنية المحيطة بهم. أما الآن إذ نضج المؤمنون فلا تمييز بين العبد والحر، بل كلاهما واحد في الرب (غل 3: 28). 8. شريعة بكور الأشجار: 23 «وَمَتَى دَخَلْتُمُ الأَرْضَ وَغَرَسْتُمْ كُلَّ شَجَرَةٍ لِلطَّعَامِ، تَحْسِبُونَ ثَمَرَهَا غُرْلَتَهَا. ثَلاَثَ سِنِينَ تَكُونُ لَكُمْ غَلْفَاءَ. لاَ يُؤْكَلْ مِنْهَا. 24 وَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ يَكُونُ كُلُّ ثَمَرِهَا قُدْسًا لِتَمْجِيدِ الرَّبِّ. 25 وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ تَأْكُلُونَ ثَمَرَهَا، لِتَزِيدَ لَكُمْ غَلَّتَهَا. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. قدمت لهم شريعة خاصة بثمار الأشجار التي يغرسونها في أرض الموعد، هذه نصها: "تحسبون ثمرها غرلتها، ثلاث سنين تكون لكم غلفاء لا يؤكل منها، وفي السنة الرابعة يكون كل ثمرها قدسًا لتمجيد الرب، وفي السنة الخامسة تأكلون ثمرها، لتزيد لكم غلتها، أنا الرب إلهكم" [23-25]. من الناحية الزراعية يطالبهم حين يغرسون أشجار فاكهة ألا يأكلوا منها ثلاث سنوات، وذلك حتى متى ظهرت أي ثمار تقطع في بدايتها وتلقى، فلا تصاب الشجرة بعجز... ففي شجر الزيتون مثلًا لو فرح الغارس بالثمار في السنوات الأولى تمتص الثمار العصارة ويصيب الشجرة العجز، أما إن نُزعت الثمار في السنوات الأولى تنمو الشجرة، وفي السنة الرابعة يكون الثمر كثيرًا فيقدم كبكور لله، فتتقدس الشجرة وتبقى بقية عمرها لغارسها. يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذه الشريعة بقوله: [أيها الإخوة الأحباء، إننا لا نقدم البكور متى كانت فقيرة وضعيفة بل عندما تكون غنية ولائقة... لو أن الثمرة الأولى هي البكور لكان ما يجمع في السنة الأولى للرب. لكننا نجده يقول: "ثلاث سنين تكون لكم غلفاء، لا يؤكل منها" أتركها تسقط لأن الشجرة صغيرة، إنها ضعيفة وثمرها غير ناضج. لكنه يقول إنه في السنة الرابعة تكون مقدسًا للرب، وهنا نلاحظ حكمة المشرع الذي يمنع الأكل (في الثلاث سنوات الأولى) حتى لا يسبق أحد ويأخذ ثمرًا قبل الرب، ويمنع أيضًا تقديمها للرب حتى لا تقدم ثمرة غير كاملة... ها أنتم ترون كيف أنه لا تدعى الثمرة الأولى بالبكور بل الثمرة المتأهلة للتقديم]. بهذه النظرة يرى القديس يوحنا الذهبي الفمأن آدم الأول هو ثمرة السنة الأولى الضعيفة بسبب الخطية فلم يُحسب بكرًا، لكن آدم الثاني، ربنا يسوع المسيح هو الثمرة اللائقة، البكر الحقيقي يشْتَمّهُ الآب رائحة رِضا. يمكننا أن نقول إن الإنسان في السنة الأولى داخل الفردوس لم يعرف أن يقدم ثمرًا كبكور لله، وأيضًا بعد الطرد من الفردوس إذ خضع للناموس الطبيعي كما في السنة الثانية فشل أيضًا، وفي السنة الثالثة حين صار تحت الناموس الموسوي لم يجد الله من يصلح بكرًا بلا عيب، أما في السنة الرابعة عهد النعمة فقد وجد السيد المسيح البكر الحقيقي الذي قدمته البشرية من شجرتها للآب فتتقدس الشجرة كلها بسببه. هذا هو ثمر السنة الرابعة الذي به تقدسنا عبر العصور كلها! 9. أحكام عامة: 26 «لاَ تَأْكُلُوا بِالدَّمِ. لاَ تَتَفَاءَلُوا وَلاَ تَعِيفُوا. 27 لاَ تُقَصِّرُوا رُؤُوسَكُمْ مُسْتَدِيرًا، وَلاَ تُفْسِدْ عَارِضَيْكَ. 28 وَلاَ تَجْرَحُوا أَجْسَادَكُمْ لِمَيْتٍ. وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لاَ تَجْعَلُوا فِيكُمْ. أَنَا الرَّبُّ. 29 لاَ تُدَنِّسِ ابْنَتَكَ بِتَعْرِيضِهَا لِلزِّنَى لِئَلاَّ تَزْنِيَ الأَرْضُ وَتَمْتَلِئَ الأَرْضُ رَذِيلَةً. 30 سُبُوتِي تَحْفَظُونَ، وَمَقْدِسِي تَهَابُونَ. أَنَا الرَّبُّ. 31 لاَ تَلْتَفِتُوا إِلَى الْجَانِّ وَلاَ تَطْلُبُوا التَّوَابِعَ، فَتَتَنَجَّسُوا بِهِمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 32 مِنْ أَمَامِ الأَشْيَبِ تَقُومُ وَتَحْتَرِمُ وَجْهَ الشَّيْخِ، وَتَخْشَى إِلهَكَ. أَنَا الرَّبُّ. 33 «وَإِذَا نَزَلَ عِنْدَكَ غَرِيبٌ فِي أَرْضِكُمْ فَلاَ تَظْلِمُوهُ. 34 كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ الْغَرِيبُ النَّازِلُ عِنْدَكُمْ، وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ، لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. 35 لاَ تَرْتَكِبُوا جَوْرًا فِي الْقَضَاءِ، لاَ فِي الْقِيَاسِ، وَلاَ فِي الْوَزْنِ، وَلاَ فِي الْكَيْلِ. 36 مِيزَانُ حَقّ، وَوَزْنَاتُ حَقّ، وَإِيفَةُ حَقّ، وَهِينُ حَقّ تَكُونُ لَكُمْ. أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 37 فَتَحْفَظُونَ كُلَّ فَرَائِضِي، وَكُلَّ أَحْكَامِي، وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا الرَّبُّ». يختم هذا الأصحاح ببعض الأحكام العامة التي تمس قداسة شعب الله، جاءت غالبيتها تحذر من الأخطاء التي سقطت فيها الشعوب الوثنية المحيطة بهم، منها: أولًا: "لا تأكلوا بالدم" [26]. يرى علماء اليهود أن هذه الشريعة تتضمن الآتي: أ. عدم أكل لحم الحيوان بدمه كما تنص الشريعة، وعدم أكل الدم نفسه. ب. عدم أكل لحم الحيوان بعد ذَبْحه مباشرة، إنما يجب الانتظار حتى يُصَفي دمه. ج. الحديث هنا خاص بلحم الذبائح، لا تؤكل إلاَّ بعد تقديم الدم على المذبح للتكفير. د. عدم أكل القضاة لحمًا في يوم حكموا فيه على إنسان بالموت. ه. يقصد بها تحاشي الشراهة في الأكل إذ حسبها معلمو اليهود أكل دم. ثانيًا: "لا تتفاءلوا ولا تعيفوا" [26]. وهما دربان من فنون السحر والشعوذة يستخدمان لمعرفة المستقبل، ففي سفر التكوين (تك 44: 5، 15) أظهر يوسف كيف يتفاءل المصريون بكأس الخمر الذي يشربونه، وذلك خلال الفقاعات التي تظهر على الخمر. أما العيافة فهي استخدام الطير في السحر ومعرفة الغيب. ثالثًا: "لا تقصروا رؤوسكم مستديرًا، ولا تفسد عارضيك" [27]. أراد الله من شعبه ألا يتمثل بشيء مع الشعوب الوثنية، فمن عادات بعض الشعوب يقص الرجال شعرهم ويبقون جزءًا في شكل سطح مستدير وسط الرأس إرضاء لآلهتهم، لذلك دعاهم الوحي "مقصوصي الشعر مستديرًا" (إر 9: 26). أما العارضات فهما جانبًا اللحية يقصونها وتترك اللحية في الجزء الأسفل يغطى الذقن، هذا ما قصده بقوله "لا تفسد عارضيك". هاتان العادتان من قص شعر الرأس مستديرًا وإفساد العارضين كانا إشارة إلى تكريس الإنسان لعبادة آلهة معينة وثنية، أما مكرسو الرب أو النذيرون فلا يعلو موسى رؤوسهم أو لحاهم. بقاء شعر الرأس يُشير إلى الكنيسة المجتمعة حول السيد المسيح رأسها، بدونه يفقد الشعر جماله وقيمته. كأن كل نفس تعتزل مسيحها تكون كشعر رأس سقطت عن مصدر حياتها لا تستحق إلاَّ إلقائها في سلة المهملات. أما بقاء شعر اللحية فيُشير إلى كرامة الكهنوت، فالمسيحي إذ يدخل مياه المعمودية يصير كاهنًا روحيًا بالمفهوم العام، يليق أن يحافظ على شعر لحيته الروحية أي سلوكه بما يليق كإبن لله وكاهنه. رابعًا: "ولا تجرحوا أجسادكم لميت" [28]. كان الوثنيون في إفراطهم في الحزن على ميت يدهنون وجوههم بصبغة سوداء وزرقاء (هذه العادة كانت بصعيد مصر إلى وقت قريب" ويمزقون ثيابهم وأحيانًا يجرحون أجسادهم... كانت هذه التصرفات تكشف عن فقدان الرجاء وعدم الالتصاق بالسماويات، لهذا يحذرنا الرسول بولس: "ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم، لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضًا معه" (1 تس 4: 13-14). أولاد الله إذ يرون الرب القائم من الأموات لا يجرحون أجسادهم بسبب حزنهم على الراقدين بل يقولون مع المرتل: "أنا ذاهب وأما هو فلا يرجع إليّ" (2 صم 12: 23)، مشتاقين أن ينطلقوا ليكونوا مع المسيح يسوع القائم من الأموات. خامسًا: "وكتابة وشم لا تجعلوا فيكم" [28]. كانت الشعوب القديمة ترسم آلهتها الوثنية على أجسادهم كوشم علامة تعلقهم بهذه الآلهة والتمتع ببركتها. وها نحن الآن في الغرب البعض يرسم وشمًا على صدره أو ذراعيه لنساء عاريات أو حيوانات مرعبة وشياطين... ويا للعجب، عوض أن يقدم الإنسان جسده آلة برّ لحساب الله يسلمه حتى في تزينه للإثارة الجسدية والأرواح الدنسة! سادسًا: "لا تدنس ابنتك بتعريضها للزنى لئلا تزني الأرض وتمتلئ الأرض رذيلة" [29]. قديمًا كان بعض الرجال يسلمون بناتهم للزنى لأجل مكسب مادي أو كعمل تعبدي للآلهة الوثنية كناذرات أنفسهن للدنس والرجاسة لحساب الهياكل الوثنية. من هي هذه الابنة التي ندنسها إلاَّ النفس التي تنحرف عن غايتها فتجري وراء شهوات الجسد فتمتلئ أرضنا "جسدنا" رذيلة. سابعًا: "سبوتي تحفظون، ومقدسي تهابون، أنا الرب" [30]. إذ يحذرهم من التصرفات الوثنية يذكرهم بحفظ السبت لا خلال ممارسة طقس السبت الذي نتحدث عنه في الأصحاح 23، ولا بالامتناع عن العمل وإنما بحفظهم من دنس الأمم ورجاستهم وتقديس حياتهم الداخلية، لذلك يقول "ومقدسي تهابون"... أي تكرمون بيتي ومقدساتي. ربما قصد هنا بحفظ السبت وتكريم بيته طهارة الجسد، كما أمر يعقوب بنيه عندما كان يستعد لإقامة بيت الرب في بيت إيل (تك 35: 2-3)... على عكس كثير من الوثنيين كانوا يجدون في العبادة فرصة للإباحية والدنس. ليتنا نقدس يوم الرب وبيت الرب الداخلي بسلوكنا بما يليق كأولاد لله القدوس. ثامنًا: "لا تلتفتوا إلى الجان ولا تطلبوا التوابع فتتنجسوا بهم، أنا الرب إلهكم" [31]. إذ سبق فمنعهم من التفاءل والعرافة [26] أي من أعمال السحر لمعرفة المستقبل، متكلين على الرب إلههم الذي يدبر كل مستقبل حياتهم، والآن يحذرهم من التشبه بالوثنيين الذين يلجأون إلى الأرواح الشريرة (الجان) والأرواح النجسة مثل روح العرافة الذي أخرجه الرسول بولس (أع 16: 16-18)... فيكون الرب نفسه هو معين لهم والمعتني بكل دقائق حياتهم. تاسعًا: "من أمام الأشيب تقوم وتحترم وجه الشيخ، وتخشى إلهك، أنا الرب" [32]. يربط بين احترام الأشيب (الشخص المسن) والشيخ وخشية الرب، فكل وقار نقدمه للآخرين من أجل الوصية إنما هو خلال اتحادنا في الرب، نقدمه للرب نفسه. كان عادة اليهود ألا يجلس إنسان صغير السن في حضرة شيخ ما لم يسمح له الأخير بذلك. عاشرًا: "وإذا نزل عندك غريب في أرضكم فلا تظلموه" [33]. غالبًا ما يضم الغريب مع اليتيم والأرملة في الوصية من جهتهم (تث 10: 18)، إذ يشعر الغريب كمن هو متيتم ليس له معين... لهذا يليق بالمؤمن ألا يظلم غريبًا بل يترفق به ويسنده، متذكرًا أنه هو أيضًا غريب على الأرض يحتاج إلى مساندة الله وترفقه به. حادي عشر: "لا ترتكبوا جورًا في القضاء، ولا في القياس ولا في الوزن ولا في الكيل" [35]. هكذا يختم الوصايا هنا بالالتزام، بالعدالة وعدم الغش أو الظلم. ليكن لنا كيل حق، يأخذ كل إنسان حقه. ولعل الكيل الحق يُشير إلى روح التميز الداخلي، فنعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. لنعطِ للجسد حقه في الحياة بلا لذات وترف، وللنفس حقها في حمل صورة خالقها ومثاله حتى تستريح في أحضانه ويستريح معها الجسد. ويرى الأب ثيؤناس أن الموازين الصالحة غير الظالمة تعني ألا نزن أنفسنا بميزان التساهل وللآخرين بميزان القسوة والعنف، إذ يقول: [يجدر بنا ألا تكون في قلوبنا موازين ظالمة، ولا موازين مزدوجة في مخزن ضمائرنا، بمعنى أنه يجب علينا ألا نحطم من يجب أن نكرز لهم بكلمة الرب بشرائع حازمة مبالغ فيها أثقل مما نحتمله نحن، بينما نعطي لأنفسنا الحرية ونخفف عنها... لأننا إن كنا نزن لإخوتنا بطريقة ولأنفسنا بأخرى يلومنا الرب بأن موازيننا غير عادلة ومقاييسنا مزدوجة وذلك كقول سليمان بأن الوزن المزدوج مكرهة عند الرب، والميزان غير صالح في عينيه [راجع أم 20: 10]]. |
||||
25 - 04 - 2024, 01:52 PM | رقم المشاركة : ( 158748 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المذبح والذبائح: 1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2 «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: هذَا هُوَ الأَمْرُ الَّذِي يُوصِي بِهِ الرَّبُّ قَائِلًا: 3 كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَذْبَحُ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا أَوْ مِعْزًى فِي الْمَحَلَّةِ، أَوْ يَذْبَحُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، 4 وَإِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لاَ يَأْتِي بِهِ لِيُقَرِّبَ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ أَمَامَ مَسْكَنِ الرَّبِّ، يُحْسَبُ عَلَى ذلِكَ الإِنْسَانِ دَمٌ. قَدْ سَفَكَ دَمًا. فَيُقْطَعُ ذلِكَ الإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ. 5 لِكَيْ يَأْتِيَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِذَبَائِحِهِمِ الَّتِي يَذْبَحُونَهَا عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ وَيُقَدِّمُوهَا لِلرَّبِّ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ إِلَى الْكَاهِنِ، وَيَذْبَحُوهَا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ. 6 وَيَرُشُّ الْكَاهِنُ الدَّمَ عَلَى مَذْبَحِ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَيُوقِدُ الشَّحْمَ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. 7 وَلاَ يَذْبَحُوا بَعْدُ ذَبَائِحَهُمْ لِلتُّيُوسِ الَّتِي هُمْ يَزْنُونَ وَرَاءَهَا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً تَكُونُ هذِهِ لَهُمْ فِي أَجْيَالِهِمْ. 8 «وَتَقُولُ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ فِي وَسَطِكُمْ يُصْعِدُ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً، 9 وَلاَ يَأْتِي بِهَا إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِيَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ، يُقْطَعُ ذلِكَ الإِنْسَانُ مِنْ شَعْبِهِ. كان الأمر الإلهي: "كل إنسان من بيت إسرائيل يذبح بقرًا أو غنمًا أو معزى في المحلة أو يذبح خارج المحلة وإلى باب خيمة الاجتماع لا يأتي به ليقرب قربانًا للرب أمام مسكن الرب يُحسب على ذلك الإنسان دم، قد سفك دمًا فيُقطع ذلك الإنسان من شعبه. لكي يأتي بنو إسرائيل بذبائحهم التي يذبحونها على وجه الصحراء للرب إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن ويذبحونها ذبائح سلامة للرب..." [3-5]. ماذا تعني هذه الشريعة؟ هل تحرم على شعب بني إسرائيل ذبح الحيوانات المحللة للأكل خارج باب خيمة الاجتماع، وتلزمهم بتقديم كل ذبائحهم كذبائح سلامة للرب [6]؟ هناك رأيان: الرأي الأول: أن هذا النص يُفسر حرفيًا بالنسبة لشعب بني إسرائيل في البرية، فقد كان الله يهتم بأكلهم وشربهم وكل احتياجتهم، فيرسل لهم المن من السماء، فلم يُصَرِّح لهم بذبح حتى الحيوانات المحللة إلاَّ خلال الذبائح المُقَدَّمة للرب. ولعل كان غاية هذا تأكيد أن الله يعولهم حتى في أكلهم بطريقة فائقة أثناء تجوالهم في البرية. وما تم أنه خشى عليهم من الذبح للأوثان، لذلك اشترط أن تقدم كل ما يذبح من الحيوانات الطاهرة باسم الرب عند باب خيمة الاجتماع ليكون للرب نصيب فيها. لعل بعض اليهود كان قد مارس الذبح لعجل أبيس في مصر أو كانت صورة الذبائح المصرية أمام عينيه فأراد الرب أن يمسح هذه الصورة حتى من ذهنهم فترة الأربعين سنة. أما عند بلوغهم أرض كنعان وتقسيم الأراضي على الأسباط، إذ صاروا يأكلون من ثمار أرض الموعد ويذبحون سمح لهم بذبح الحيوانات الطاهرة وأكل لحمها (تث 12: 20-22)، بشرط أن يأتوا بذبائحهم التي للرب (غير الذبائح التي للأكل) وتقدماتهم وباكوراتهم إلى بيت الرب (تث 12: 11- 19، 26-27). الرأي الثاني: إن ما ورد في هذا الأصحاح يقصد الذبح لا للطعام، وإنما كذبائح للرب، إذا أراد عدم تقديم ذبائح للعبادة خارج دائرة الخيمة أو الهيكل، أي بعيدًا عن مذبح الرب المقدس. هذه الشريعة يلتزم بها المؤمنون حتى لا ينحرفوا إلى الذبح للأوثان أو الاشتراك في العبادات الوثنية. وقد سمح الله لبعض رجال الله أن يقيموا مذبح لله وتقديم ذبائح لمقاصد إلهية استثنائية كما فعل يشوع على جبل عيبال (يش 8: 20)، وجدعون الذي هدم هيكل البعل وساريته وقام ببناء مذبح الرب بأمر إلهي (قض 6: 25-27)، وصموئيل النبي حين قدم ذبيحة في المصفاة (1 صم 7: 5-11)، وداود النبي في بيدر أرونة اليبوسي (2 صم 24: 18-25)، وإيليا النبي حين قاوم كهنة البعل (1 مل 18: 19-40). هذه الحالات وأمثالها لم تكن ممارسات يومية عادية وإنما تحت ظروف معينة طلب الله من رجاله أن يقيموا له مذبحًا لتمجيدة أو مقاومة العبادة الوثنية أو لرفع غضبه عن شعبه في ظرف طارئ! في العهد الجديد نتمتع بمذبح إلهي لا تقدم عليه ذبائح حيوانية ولا يرش عليه دم تيوس وعجول، إنما نراه مذبحًا سماويًا يقدم لنا الله الآب بروحه القدوس جسد الرب ودمه المبذولين لتقديسنا. يقول القديس أغسطينوس: [يوجد مذبح غير منظور في الأعالي لا يقترب إليه الشرير... خلال مقدس الله وخيمته وكنيسته اذهب إلى مذبح الله الذي هو في الأعالي]. يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم على مهابة مذبح كنيسة العهد الجديد، قائلًا: [مهوبة حقًا هي أسرار الكنيسة! مهوبة حقًا هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهارًا مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعًا يبعث أنهارًا روحية، لا يُزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر بل تزرع أشجارًا تصل إلى السماء وتحمل ثمرًا دائمًا لا يفسد. إن كان أحد لفحة الحر فليقترب من الينبوع فتبرد حروقه وينطفئ ظمأه ويحمل راحة عوض الحروق التي سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته في الأعالي ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هي مجاري هذا الينبوع الذي يرسله المعزي. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأسًا ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا. هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية في الأعالي تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذي لا يُقترب منه. من يشترك في هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفًا بثوب المسيح الملوكي، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه]. مرة أخرى يقول: [أتوسل إليكم، انظروا، إنها مائدة ملوكية قد أعدت لنا! الملائكة تخدمها، والملك جالس بنفسه، فهل تقفوا متثائبين؟!]. |
||||
25 - 04 - 2024, 01:53 PM | رقم المشاركة : ( 158749 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس أغسطينوس [يوجد مذبح غير منظور في الأعالي لا يقترب إليه الشرير... خلال مقدس الله وخيمته وكنيسته اذهب إلى مذبح الله الذي هو في الأعالي]. |
||||
25 - 04 - 2024, 01:55 PM | رقم المشاركة : ( 158750 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس يوحنا الذهبي الفم على مهابة مذبح كنيسة العهد الجديد، قائلًا: [مهوبة حقًا هي أسرار الكنيسة! مهوبة حقًا هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهارًا مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعًا يبعث أنهارًا روحية، لا يُزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر بل تزرع أشجارًا تصل إلى السماء وتحمل ثمرًا دائمًا لا يفسد. إن كان أحد لفحة الحر فليقترب من الينبوع فتبرد حروقه وينطفئ ظمأه ويحمل راحة عوض الحروق التي سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته في الأعالي ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هي مجاري هذا الينبوع الذي يرسله المعزي. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأسًا ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا. هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية في الأعالي تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذي لا يُقترب منه. من يشترك في هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحفًا بثوب المسيح الملوكي، له أسلحة الروح، لا بل يلتحف بالملك نفسه]. |
||||