منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23 - 04 - 2024, 06:17 PM   رقم المشاركة : ( 158561 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






عن أيّ يسوع نبحث في الكَنيسَة؟




يمكننا– بأقصى صدق وشجاعة لدينا– أن نطرح السّؤال البلاغيّ الذي وُجِّه من قِبل الرَّجُلين إلى النِّسْوة الحائرات أمام قبر يسوع الفارغ، في فجر يوم القيامة، على واقعنا الكنسيّ الرّاهن: «لِماذا تَبحَثنَ عن الحَيِّ بَينَ الأَموات؟» (لو 24/ 5)؛ أو أن نطرح أيضًا سؤال يسوع البلاغيّ– بصِيغة المفرد– الذي وَجَّهه إلى مريم المجدليّة: «لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟» (يو 20/ 15). ولنتساءل نحن أيضًا: عن أيّ يسوع نبحث في الكَنيسَة؟ عمَّن نبحث حقًّا؟



هل نحن نبحث عن "يسوع المعجزات والعَجائِب والأعاجيب"، الذي يحوّل الحِجارة إلى أَرغِفة خُبز، ويلقي بنفسه لأَسفَل من شُرفَةِ الهَيكل لتحمله المَلائكة على أَيديهم وتحميه، حتّى نستعبد البشرَ الأحرار عبر النّزعة الإعجازيّة والسّرّيّة أو الخُزَعْبِلَات الوهميّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع السّلطة"، الذي لا يمتّ بصلة لـ"سلطة يسوع" من أيّ زاوية، فهو مجرّد تعبير دينيّ ظاهريّ وخارجيّ لنزعة بشريّة باطنيّة (حتّى لا نقول "شيطانيّة") متأصّلة فينا للتسلُّط والتّملُّك على الآخرين وإظهار "الأنا" الأنانيّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الخضوع والخنوع"، لنقدّمه إلى أنفسنا والآخرين على أنّه منهج "تواضع وطاعة" يَرضَى عنه الله، ويكافِئ ممارسيه خَير مكافأة، في حين إنّها مجرّد حيلة خبيثة منّا لإسكات صوت يسوع ("الحقّ") وصوت الرّوح القدس ("روح الحقّ")؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الجمعة العظيمة"، غير المتلاحم والمتناغم مع "يسوع الفصحيّ"، ونعلن– كنظريّة ثابتة ومُتَجمَّدة– أنّ لكلّ منّا صليب عليه حمله بصرامة ورعْدَة، بدلًا من أن نحاول– انطلاقًا من صليب يسوع وقيامته– إنزال كلّ مصلوب ومسلوب ومظلوم وضَحِيَّة وفقير من على الصّلبان التي صنعتها لهم البشر ظُلْمًا وعَنْوةً، ودون وجه حقّ؟ أليست هذه هي نتيجةٌ مُتَّسِقة مع حدث الصّليب ذاته؟ وأليست هذه إحدى الرّسائل الفصحيّة النّاجمة عن القيامة والصّعود؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الانتصارات"، الذي ينادي بكَنيسَة جنديّة وتجنيديّة وانتصاريّة ومعاديّة، والتي رُبَّما نست أو تناست لغة وأسلوب "ملكوت الله" في الخدمة والعرض والاقتراح والاهتمام والإقناع والسّلم، إذ إنّه "ملكوتٌ" يتضادّ أَشَدّ التَّضَادّ مع كَنيسَة "الاستغلال والفرض والقمع والمقاطعة والحرمان والحرب"، بل وأحيانًا– للأسف– دعامة للحروب على مستويات عدّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع التّحزُّبات والانقسامات"، وليس يسوع السّاعي للوحدة الجامعة والمصلّي من أجلها، حيث إنّها الخُطَّة القديمة الأزليّة المنادية بالتفريق حتّى يسود المرء على القوم، مقدّمين الآخرين أعداء وهميّين غير موجودين في الواقع الفعليّ، وإنّما في أذهان المغرضين منّا وأتْباعهم، وفي قلوبهم الخبيثة الباحثة عن النّزعة "السّلطويّة"؟

أَمْ نبحث عن

"يسوع آخر غير متجسّد"، بدون جسد ملموس وواقع محسوس، قابع في مَتْحَف عقول "العارفين" و"المستنيرين"، وحَبيس لها، ولا يمتّ بصلة للّوغوس المتجسّد، ولا لواقعيّة التّجسُّد والقيامة، ولا حتّى لتجسُّد وقيامة الواقع؟



أَمْ نبحث عن "يسوع المتجسّد والمحرِّر والخادم والمصلوب والقائم والحي والجامع والموحِّد"، الذي يقدَّمه لنا الكِتابُ المقدّس، وتعلِّمنا إياه الكنيسةُ الجامعة والأمّ والمعلِّمة والحاضنة، التي هي– جَوْهَرِيًّا– كنيسة إفخارستيّة وسنودسيّة ومجمعيّة؟





ما بين "أسلوب يسوع" و"أسلوب التّلميذ والكنيسة"



انطلاقًا من منطق "اتّباع" يسوع و"الاقتداء به"، يربط البابا فرنسيس– على حقٍّ– بين أسلوب يسوع وسلوكه من ناحية، وما ينبغي أنْ يكون عليه أسلوب التّلميذ والكنيسة وسلوكهما من ناحية أخرى؛ فيقول: «في الواقع، أشخاص كثيرون من هذه الجموع ربّما تبعوا يسوع لأنّهم كانوا يأملون أن يكون قائدًا يحرّرهم من أعدائهم، وشخصًا سيستولي على السّلطة وسيتقاسمها معهم، أو كونه شخصًا يصنع المعجزات، سيحلّ مشاكل الجوع والمرض. في الواقع، يمكن أن نسير وراء الرّبّ يسوع لأسباب مختلفة، وبعضها، يجب أن نعترف بذلك، دنيويّ: وراء مظهر دينيّ مثاليّ، يمكن أن نُخفي رغبتنا في إرضاء احتياجاتنا، أو بحثنا عن مكانة شخصيّة، ورغبتنا في أن يكون لنا دور مهمّ، وأن نسيطر على الأمور، أو نطمع في أن نحتلّ بعض المساحات، ونحصل على امتيازات، ونطمح في أن نتلقّى التقدير، وأمور أخرى أيضًا. هذا يحدث اليوم بين المسيحيّين. لكنّ هذا ليس أسلوب يسوع، ولا يمكن أن يكون أسلوب التّلميذ والكنيسة. إذا تبع أحدٌ ما يسوع بهذه المصالح الشّخصيّة، فقد سلك الطريق الخطأ.



يطلب الرّبّ يسوع سلوكًا آخر. أن نتبعه هذا لا يعني أن ندخل في بلاط ملوكي، أو أن نشارك في موكب ظفر، ولا حتّى أن نحصل على تأمين على الحياة. عكس ذلك، أن نتبعه يعني أيضًا أن "نَحمِلَ الصَليب" (لوقا 14، 27): مثله، ونحمل أثقالنا وأثقال الآخرين، ونجعل من الحياة عطيّة، لا مُلكًا، ونبذلها فنقتدي بالمحبّة السخية والرّحيمة التي يحبّنا هو بها. إنّها خيارات تُلزم الحياة كلّها. لهذا يريد يسوع ألّا يفضِّل التلميذ أيّ شيء على هذه المحبّة، ولا حتّى أعزّ المشاعر وأكبر الخيرات.



لكي نفعل هذا الأمر، يجب أن ننظر إليه أكثر من نظرنا إلى أنفسنا، وأن نتعلّم المحبّة، ونستقيها من المصلوب. هناك نرى تلك المحبّة التي تبذل نفسها حتّى النّهاية، بلا قياس وبلا حدود. مقياس المحبّة هو أن نحب بلا قياس».





مُنَاجَاةُ ليسوع النّاصريّ القائم



ولنختم هذه الخواطر بمُنَاجَاة مَن قام من بين الأموات قائلين:

يا يسوع النّاصريّ،

أنت الغائب الحاضر؛

أجل، فأنت غائب عنّا، وعن كنائسنا وعالمنا، بجسدك الماديّ الحسيّ الذي أخذته من أمّك العذراء مريم،

والذي اقتربوا منه رسلك المكرمين ولَمَسُوه بأَيديهم،

ومتّ وقمت وصعدت به إلى آفاق أبيك السمائيّ؛

وأنت الحاضر فينا، وفي كنائسنا وعالمنا، حضورًا حقيقيًّا بواسطة جسدك ودمك الكريمين،

وكلمتك الحيّة، وروحك المُحْيي، والإخوة والأخوات الصّغار.

ولكن، دعني أعاتبك بعِشق وغَرَام، يا ربّي وإلهي ومخلصي،

فبينما أنت الغائب الحاضر، والمصلوب القائم،

أَتْباعك حاضرون غائبون، وموتى غير قائمين؛

فأَتْباعك، يا سيّدي، حاضرون في عالمنا المعاصر وكأنّهم غائبون عنه وعنك.


 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:18 PM   رقم المشاركة : ( 158562 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





عن أيّ يسوع نبحث في الكَنيسَة؟




يمكننا– بأقصى صدق وشجاعة لدينا– أن نطرح السّؤال البلاغيّ الذي وُجِّه من قِبل الرَّجُلين إلى النِّسْوة الحائرات أمام قبر يسوع الفارغ، في فجر يوم القيامة، على واقعنا الكنسيّ الرّاهن: «لِماذا تَبحَثنَ عن الحَيِّ بَينَ الأَموات؟» (لو 24/ 5)؛ أو أن نطرح أيضًا سؤال يسوع البلاغيّ– بصِيغة المفرد– الذي وَجَّهه إلى مريم المجدليّة: «لِماذا تَبْكينَ، أَيَّتُها المَرأَة، وعَمَّن تَبحَثين؟» (يو 20/ 15). ولنتساءل نحن أيضًا: عن أيّ يسوع نبحث في الكَنيسَة؟ عمَّن نبحث حقًّا؟



هل نحن نبحث عن "يسوع المعجزات والعَجائِب والأعاجيب"، الذي يحوّل الحِجارة إلى أَرغِفة خُبز، ويلقي بنفسه لأَسفَل من شُرفَةِ الهَيكل لتحمله المَلائكة على أَيديهم وتحميه، حتّى نستعبد البشرَ الأحرار عبر النّزعة الإعجازيّة والسّرّيّة أو الخُزَعْبِلَات الوهميّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع السّلطة"، الذي لا يمتّ بصلة لـ"سلطة يسوع" من أيّ زاوية، فهو مجرّد تعبير دينيّ ظاهريّ وخارجيّ لنزعة بشريّة باطنيّة (حتّى لا نقول "شيطانيّة") متأصّلة فينا للتسلُّط والتّملُّك على الآخرين وإظهار "الأنا" الأنانيّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الخضوع والخنوع"، لنقدّمه إلى أنفسنا والآخرين على أنّه منهج "تواضع وطاعة" يَرضَى عنه الله، ويكافِئ ممارسيه خَير مكافأة، في حين إنّها مجرّد حيلة خبيثة منّا لإسكات صوت يسوع ("الحقّ") وصوت الرّوح القدس ("روح الحقّ")؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الجمعة العظيمة"، غير المتلاحم والمتناغم مع "يسوع الفصحيّ"، ونعلن– كنظريّة ثابتة ومُتَجمَّدة– أنّ لكلّ منّا صليب عليه حمله بصرامة ورعْدَة، بدلًا من أن نحاول– انطلاقًا من صليب يسوع وقيامته– إنزال كلّ مصلوب ومسلوب ومظلوم وضَحِيَّة وفقير من على الصّلبان التي صنعتها لهم البشر ظُلْمًا وعَنْوةً، ودون وجه حقّ؟ أليست هذه هي نتيجةٌ مُتَّسِقة مع حدث الصّليب ذاته؟ وأليست هذه إحدى الرّسائل الفصحيّة النّاجمة عن القيامة والصّعود؟



أَمْ نبحث عن "يسوع الانتصارات"، الذي ينادي بكَنيسَة جنديّة وتجنيديّة وانتصاريّة ومعاديّة، والتي رُبَّما نست أو تناست لغة وأسلوب "ملكوت الله" في الخدمة والعرض والاقتراح والاهتمام والإقناع والسّلم، إذ إنّه "ملكوتٌ" يتضادّ أَشَدّ التَّضَادّ مع كَنيسَة "الاستغلال والفرض والقمع والمقاطعة والحرمان والحرب"، بل وأحيانًا– للأسف– دعامة للحروب على مستويات عدّة؟



أَمْ نبحث عن "يسوع التّحزُّبات والانقسامات"، وليس يسوع السّاعي للوحدة الجامعة والمصلّي من أجلها، حيث إنّها الخُطَّة القديمة الأزليّة المنادية بالتفريق حتّى يسود المرء على القوم، مقدّمين الآخرين أعداء وهميّين غير موجودين في الواقع الفعليّ، وإنّما في أذهان المغرضين منّا وأتْباعهم، وفي قلوبهم الخبيثة الباحثة عن النّزعة "السّلطويّة"؟

أَمْ نبحث عن

"يسوع آخر غير متجسّد"، بدون جسد ملموس وواقع محسوس، قابع في مَتْحَف عقول "العارفين" و"المستنيرين"، وحَبيس لها، ولا يمتّ بصلة للّوغوس المتجسّد، ولا لواقعيّة التّجسُّد والقيامة، ولا حتّى لتجسُّد وقيامة الواقع؟



أَمْ نبحث عن "يسوع المتجسّد والمحرِّر والخادم والمصلوب والقائم والحي والجامع والموحِّد"، الذي يقدَّمه لنا الكِتابُ المقدّس، وتعلِّمنا إياه الكنيسةُ الجامعة والأمّ والمعلِّمة والحاضنة، التي هي– جَوْهَرِيًّا– كنيسة إفخارستيّة وسنودسيّة ومجمعيّة؟



 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:22 PM   رقم المشاركة : ( 158563 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






"الرَّاعي والرعيّة" بين كاتب سفر المزامير والإنجيل الرابع


سِلسلة قِراءات كِتابيّة بين العَهدَّين

(مز 117 (118)؛ يو 10: 11- 18)



الأحد الرابع لقيامة الرّبّ (ب)



مُقدّمة



"المسيح قام"، هي التحيّة الّتي لا تزال تغمر قلبنا كمؤمنيّن بقيامة الرّبّ والتمتع بفرح وبهجة الرّبّ القائم الّذي إنتصر ليّرعانا بما لم نتوقعه وما يفوق الطبيعيّ. تحمل لنا قراءات مقالنا اليّوم "صورة الرَّاعي" الّذي يبذل ذاته ثمّ يقوم مُنتصراً لأجل منح الحياة لرعيته. من خلال بعض من آيات المزمور 117 (118) والّذي سنتوقف من خلال كلماته إلى صورة الله الرَّاعي لشعبه في العهد الأوّل. ثمّ سنستعين ببعض الآيات من النص الشهير بنص الرَّاعي الصالح (يو 10: 1- 20). يُقدم لنا كاتب الإنجيل الرابع في هذا الزمن الـمُميّز القائم في شخصية الرَّاعي (يو 10: 11- 18). سنكتشف أنّ صورة الرَّاعي لا تنفصل عن صورة القائم وسرّ فصحه الّذي نحتفل به في هذا الزمن وسنجد الجديد من خلال علاقة الرَّاعي بالرعيّة في حياة الكنيسة بالعهد الثاني والّتي تحيا اليّوم بحياة القائم والّتي تأسست على علاقة الله بشعبه في العهد الأوّل.



1. الحجر المرفوض (مز 117)



نستعيد أيضًا في قرائتنا لهذا المقال بالإستعانة ببعض آيات المزمور 117 (118)، الّذي إستعنا به في مقالاتنا الماضيّة. وبسبب غناه اللّاهوتي وغنى الموضوعات الّتي يحتويها نجد أنّ به ما يغنينا اليّوم. سنتوقف أمام إله العهد الأوّل الّذي يدرك كاتب سفر المزامير إنه متميز ويصفه بشكل غير مباشر بملامح الرَّاعي الّذي يستمر في رعاية رعيته وهو شعبه إسرائيل. يحمل كاتب سفر المزامير صوت الشعب الجماعي داعيًا إياهم، قائلاً: «اْحمَدوا الرَّبَّ لأنه صالِح لانَّ للأبد رَحمَتَه (مز 117: 1). ثمّ يعلن كاتب سفر المزامير بأن إله بني إسرائيل هو بمثابة «الحَجَرُ الَّذي رَذَلَه البَنَّاؤون قد صارَ رأسَ الزَّاوِيَة» (مز 117: 22). فقد كان في زمن داود النبي والملك، شعوب وآلهة كثيرة إلّا أنّ هناك بعض الشعوب رفضت الإنتماء والتعرف على إله بني إسرائيل وهو إله فريد ومتميز. مما لا شك فيه، أنّ بني إسرائيل بعباداتهم لآلهة آخرى قاموا برفض الله كراعي لهم. لذا تأتينا كلمات الكاتب اليوم لتذكرنا هل نحن ممن يرفضون أم مما يضعون الرّبّ في مركز حياتهم وإهتمامهم. لا يمكن لحجر الأساس أن يكون بعيداً أو مرفوضًا وألّا سيسقط بيتنا، وسنصير كرعيّة بدون راعي، لأنه سنكون بدون أساس وبدون راعي يقودنا إلى بيتنا، وهو الرّبّ رّاعينا.



2. الرَّاعي المرفوض (يو 10: 11- 19)



على ضوء اللّاهوت اليوحنّاويّ نعلم أنّ يسوع رُفض من كثير من معاصريّه سواء مُعلميّ الشريعة أم الكهنة ... إلخ (راج يو 8: 40- 59). رفض يسوع وهو ابن الله بسبب جهل معاصريّه لهويته الإلهيّة. فالله الآب يرسل إبنه من عُلاه والإنسان يرفضه. هكذا تأتينا صورة الرَّاعي الّذي يستمر في بذل ذاته ليستعيد كل مَن ينتمي لرعيته. يأتي يسوع القائم اليّوم ليّذكرنا بأنه لازال من مجده يستمر في رعايتنا. وهذا ما فعله بطرس في شهادته عند بدء إنطلاق الرّعيّة وهي الكنيسة الأوّلى، في حياتها، أمام الشيوخ والكتبة عندما سُئل عن معجزة شفاء المفلوج وكرازته (راج أع 4). إذ به يعلن في كلمات واضحة مُكرراً ثانيّة أنّ الشفاء تمّ باِسم القائم من بين الأموات فهو الرَّاعي الّذي يستمر في الإهتمام برّعيته من مجده. نجد مصطلحات أخرى، يستخدمها بطرس، تصف سرّ يسوع الفصحيّ مثل "الحجر المرفوض، الذي صار رأسًا للزاوية". هكذا فإن عملية البذل والنوال، الّتي سنراها في المقطع بحسب يوحنّا، تُعاد قراءتها في أُفق مشروع الله الّذي يُشكل حجر الزاويّة لما أهمله العالم، وما إعتبره ضعيفًا. فقط في هذا "الحجر المرفوض" أي في المنطق الّذي جسده، يمكن أن يكون هناك خلاص لحياة كل إنسان بالبشريّة.



3. بذل الرَّاعي ذاته! (يو 10: 11)



قد نرى إنّه من الغريب أن نقرأ هذا النص في هذا الزمن الفصحي فهو يخرج عن العادة إذ لا تتوالي قرائتنا سلسلة ظهورات القائم كما رأينا في المقالات السابقة. إلّا إننا سنتعمق في هذا النص مُستعيدين كلمات يسوع قبل إتمامّ سرّه الفصحيّ. فنجد من الجانب اللّاهوتي أنّ جوهر الرسالة الإنجيليّة والمأخوذة من الإنجيل اليوحنّاوي (10: 11- 18)، ينشأ بشكل رئيسي من إستخدام الفعل الأوّل الجوهري وهو «يبذل» بهذا المصطلح يُلخص الإنجيليّ كلّ حياة يسوع وفصحه من خلال صورة الرَّاعي.



ففي الآية الإفتتاحية للنص نسمع يسوع مُعلنًا: «أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف» (يو 10: 11). وهذا يبرز قيمة الفعل الأول يبذل حيث نُلاحظ أنّ يسوع يُعرّف نفسه بالرَّاعي الجميل-Kallos من اليوناني لأنّه يبذل حياته. وردّ فعل يبذل لدى يوحنّا عدة مرات. مرة واحدة بالجزء الأول (يو 2- 12 في "يو 2: 10") ؛ بينما في الجزء الثاني (يو 13- 19) ست عشرة مرة، بدءاً من حديث يسوع عن الخراف والرَّاعي (يو 10: 11. 15. 17). مما يؤكد أهميّة فعل يبذل بحسب إنجيل يوحنّا فهو يشير لّاهوتيّا إلى حركة يسوع الّتي تُعبر عن المعنى العميق لحياته ولرسالته وعلاقته مع الآب ومع تلاميذه، والّتي تتمثل في منح حياته كهبة لكل خرافه الّتي تضعه مركز حياتها.



بالنسبة ليسوع يكمن سرّ الحياة الحقّة في معرفة كيف يبذل المرء حياته بإرادته «ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ» (يو 10: 18). وهو نفس الفعل الّذي يظهر عندما كان يسوع في عشائه الأخير (راج يو 13: 4) ليقوم بالفعل الجوهري الّذي يعبر عن معنى موته، أي غسل الأرجل، إذ خلع ثيابه ليغسل أرجل تلاميذه. ترك لتلاميذه النموذج ليحتذون به حتّى يحيوا حياة ذات معنى كحياته. قام يسوع ببذل جسده بالموت ثم بالقبر. هكذا يخبرنا فعل يبذل أنّ جمال أي صلاح الرَّاعي الجميل يعتمد على محبته الّتي تصل حتّى النهاية، إلى حد بذل حياته (يو 13: 1).



4. ماذا ينال الرّاعي؟ (يو 10: 17- 18)



بعد أن تحدثنا عن فعل "يبذل" كفعل جوهري سنتوقف قليلاً أمام الفعل الثاني والّذي لا تقل أهميته بالنسبة للّاهوت اليوحنّاوي ويرتبط بالـ«بذل» وهو فعل «ينال» بهذ المصطلح الثاني يساعدنا الإنجيليّ بتفحص أقوال وأفعال يسوع في حياته والّتي تممّها بفصحه. تتجلى أهمية فعل «ينال» بالتركيز على جمال وصلاح الرَّاعي الجميل لا يكمن فقط في فعل "يبذل" الّذي يُعبر عن محبته وتقديم حياته. يسوع، رّاعي الخراف يُدعى أيضًا جميلًا -صالحًا لحريته الّتي يتم التعبير عنها بدقة باستخدام عبارة «إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً» (يو 10: 17- 18). لقد بذل يسوع حياته، لكنه فعل ذلك بحرية كاملة، فله من القدرة على أنّ يهبها ويأخذها مرة أخرى. ولأن يسوع يعيش محبته بحرية، ويبذل حياته، فيمكنه أنّ يبثّها لنا الّذين نؤمن به. ولهذا السبب يصبح بذله، بالموت حياة جديدة لنا، بل خلقًا جديدًا وقيامتنا به. وكما أنّ يسوع بسبب حبه بذل حياته وصار نموذجًا في الجمال لتلاميذه، هكذا أصبح أيضًا واحدًا في الحرية. إنّ الخراف-نحن، الّتي تستمع إلى صوت الرَّاعي وتتبعه، ليست فقط مدعوة إلى أن تبذل حياتها مثله، بل أيضًا إلى أن تعيش بحرية لأجله.



الخلّاصة



اتباعًا لله الراعي بالعهد الأوّل، وهو في صورة الحجر الّذي كان مرفوضًا بحسب توقفنا على كلمات كاتب سفر المزامير 117 (118)، الّذي شّدد على رعايّة الله لشعبه بأمانته. على هذا المنوال أصغينا لكلمات يسوع رَّاعينا الجميل، الّذي بقيامته يأتينا القائم، اليّوم، كرّاعي لنا كنساء ورجال هذا العصر. مدعويّن لنختبر حبّ الله الكبير الّذي جعل من ابنه حياة لنا. فنحن كمؤمنين مدعوين لتمييّز صوته كرَّاعي، لندخل في ذات العلاقة بين الآب والابن فيصبح كلّ مؤمن به ابنًا في الآب. حياة الرّاعي هي ثمرة فصح يسوع الّتي أصبحت حاضرة في حياة المؤمنين في كلّ العصور، مدعويّن اليّوم لاتباع الرَّاعي الصالح-الجميل على الطريق نحو ملء الملكوت. من خلال ما نوهنا عنه، في هذا المقال، وعلى ضوء كلمات يسوع الّذي يبذل وينال الحياة بارادته، والّذي أعلن لتلاميذه بحسب يوحنّا لاحقًا: «إِن ثَبتُّم في كلامي كُنتُم تلاميذي حَقاً تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم» (يو 8: 31 – 32). بهذا المعنى، علينا أنّ نفرح ونحتفل، في هذا الأسبوع الرابع من الفصح، بالرّبّ القائم بصورته البهيّة وهو الرَّاعي الجميل كثمرة فصحه المبارك. حياة القائم الّتي بذلها وقدمها بحريّة تصبح أيضًا حياة لنا نحن تلاميذه اليّوم. وبهذا المعنى، فالقائم هو الرَّاعي الحقيقي، الّذي أعطي حياته لتكون لنا حياة أفضل (راج يو 10: 10) ويعرف كيف يقودنا على طريق آمن، وهو الطريق نحو الآب


 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:23 PM   رقم المشاركة : ( 158564 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






"المسيح قام"، هي التحيّة الّتي لا تزال تغمر قلبنا كمؤمنيّن بقيامة الرّبّ والتمتع بفرح وبهجة الرّبّ القائم الّذي إنتصر ليّرعانا بما لم نتوقعه وما يفوق الطبيعيّ.

تحمل لنا قراءات مقالنا اليّوم "صورة الرَّاعي" الّذي يبذل ذاته ثمّ يقوم مُنتصراً لأجل منح الحياة لرعيته. من خلال بعض من آيات المزمور 117 (118) والّذي سنتوقف من خلال كلماته إلى صورة الله الرَّاعي لشعبه في العهد الأوّل.
ثمّ سنستعين ببعض الآيات من النص الشهير بنص الرَّاعي الصالح (يو 10: 1- 20). يُقدم لنا كاتب الإنجيل الرابع في هذا الزمن الـمُميّز القائم في شخصية الرَّاعي (يو 10: 11- 18).
سنكتشف أنّ صورة الرَّاعي لا تنفصل عن صورة القائم وسرّ فصحه الّذي نحتفل به في هذا الزمن وسنجد الجديد من خلال علاقة الرَّاعي بالرعيّة في حياة الكنيسة بالعهد الثاني والّتي تحيا اليّوم بحياة القائم والّتي تأسست على علاقة الله بشعبه في العهد الأوّل.
 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:25 PM   رقم المشاركة : ( 158565 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





الحجر المرفوض (مز 117)



نستعيد في قرائتنا لهذا المقال بالإستعانة ببعض آيات المزمور 117 (118)، الّذي إستعنا به في مقالاتنا الماضيّة. وبسبب غناه اللّاهوتي وغنى الموضوعات الّتي يحتويها نجد أنّ به ما يغنينا اليّوم. سنتوقف أمام إله العهد الأوّل الّذي يدرك كاتب سفر المزامير إنه متميز ويصفه بشكل غير مباشر بملامح الرَّاعي الّذي يستمر في رعاية رعيته وهو شعبه إسرائيل. يحمل كاتب سفر المزامير صوت الشعب الجماعي داعيًا إياهم، قائلاً: «اْحمَدوا الرَّبَّ لأنه صالِح لانَّ للأبد رَحمَتَه (مز 117: 1).

ثمّ يعلن كاتب سفر المزامير بأن إله بني إسرائيل هو بمثابة «الحَجَرُ الَّذي رَذَلَه البَنَّاؤون قد صارَ رأسَ الزَّاوِيَة» (مز 117: 22). فقد كان في زمن داود النبي والملك، شعوب وآلهة كثيرة إلّا أنّ هناك بعض الشعوب رفضت الإنتماء والتعرف على إله بني إسرائيل وهو إله فريد ومتميز. مما لا شك فيه، أنّ بني إسرائيل بعباداتهم لآلهة آخرى قاموا برفض الله كراعي لهم. لذا تأتينا كلمات الكاتب اليوم لتذكرنا هل نحن ممن يرفضون أم مما يضعون الرّبّ في مركز حياتهم وإهتمامهم. لا يمكن لحجر الأساس أن يكون بعيداً أو مرفوضًا وألّا سيسقط بيتنا، وسنصير كرعيّة بدون راعي، لأنه سنكون بدون أساس وبدون راعي يقودنا إلى بيتنا، وهو الرّبّ رّاعينا.
 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:26 PM   رقم المشاركة : ( 158566 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





الرَّاعي المرفوض (يو 10: 11- 19)



على ضوء اللّاهوت اليوحنّاويّ نعلم أنّ يسوع رُفض من كثير من معاصريّه سواء مُعلميّ الشريعة أم الكهنة ... إلخ (راج يو 8: 40- 59). رفض يسوع وهو ابن الله بسبب جهل معاصريّه لهويته الإلهيّة. فالله الآب يرسل إبنه من عُلاه والإنسان يرفضه. هكذا تأتينا صورة الرَّاعي الّذي يستمر في بذل ذاته ليستعيد كل مَن ينتمي لرعيته. يأتي يسوع القائم اليّوم ليّذكرنا بأنه لازال من مجده يستمر في رعايتنا. وهذا ما فعله بطرس في شهادته عند بدء إنطلاق الرّعيّة وهي الكنيسة الأوّلى، في حياتها، أمام الشيوخ والكتبة عندما سُئل عن معجزة شفاء المفلوج وكرازته (راج أع 4). إذ به يعلن في كلمات واضحة مُكرراً ثانيّة أنّ الشفاء تمّ باِسم القائم من بين الأموات فهو الرَّاعي الّذي يستمر في الإهتمام برّعيته من مجده. نجد مصطلحات أخرى، يستخدمها بطرس، تصف سرّ يسوع الفصحيّ مثل "الحجر المرفوض، الذي صار رأسًا للزاوية". هكذا فإن عملية البذل والنوال، الّتي سنراها في المقطع بحسب يوحنّا، تُعاد قراءتها في أُفق مشروع الله الّذي يُشكل حجر الزاويّة لما أهمله العالم، وما إعتبره ضعيفًا. فقط في هذا "الحجر المرفوض" أي في المنطق الّذي جسده، يمكن أن يكون هناك خلاص لحياة كل إنسان بالبشريّة.

 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:27 PM   رقم المشاركة : ( 158567 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





بذل الرَّاعي ذاته! (يو 10: 11)



قد نرى إنّه من الغريب أن نقرأ هذا النص في هذا الزمن الفصحي فهو يخرج عن العادة إذ لا تتوالي قرائتنا سلسلة ظهورات القائم كما رأينا في المقالات السابقة. إلّا إننا سنتعمق في هذا النص مُستعيدين كلمات يسوع قبل إتمامّ سرّه الفصحيّ. فنجد من الجانب اللّاهوتي أنّ جوهر الرسالة الإنجيليّة والمأخوذة من الإنجيل اليوحنّاوي (10: 11- 18)، ينشأ بشكل رئيسي من إستخدام الفعل الأوّل الجوهري وهو «يبذل» بهذا المصطلح يُلخص الإنجيليّ كلّ حياة يسوع وفصحه من خلال صورة الرَّاعي.



ففي الآية الإفتتاحية للنص نسمع يسوع مُعلنًا: «أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف» (يو 10: 11). وهذا يبرز قيمة الفعل الأول يبذل حيث نُلاحظ أنّ يسوع يُعرّف نفسه بالرَّاعي الجميل-Kallos من اليوناني لأنّه يبذل حياته. وردّ فعل يبذل لدى يوحنّا عدة مرات. مرة واحدة بالجزء الأول (يو 2- 12 في "يو 2: 10") ؛ بينما في الجزء الثاني (يو 13- 19) ست عشرة مرة، بدءاً من حديث يسوع عن الخراف والرَّاعي (يو 10: 11. 15. 17). مما يؤكد أهميّة فعل يبذل بحسب إنجيل يوحنّا فهو يشير لّاهوتيّا إلى حركة يسوع الّتي تُعبر عن المعنى العميق لحياته ولرسالته وعلاقته مع الآب ومع تلاميذه، والّتي تتمثل في منح حياته كهبة لكل خرافه الّتي تضعه مركز حياتها.



بالنسبة ليسوع يكمن سرّ الحياة الحقّة في معرفة كيف يبذل المرء حياته بإرادته «ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ» (يو 10: 18). وهو نفس الفعل الّذي يظهر عندما كان يسوع في عشائه الأخير (راج يو 13: 4) ليقوم بالفعل الجوهري الّذي يعبر عن معنى موته، أي غسل الأرجل، إذ خلع ثيابه ليغسل أرجل تلاميذه. ترك لتلاميذه النموذج ليحتذون به حتّى يحيوا حياة ذات معنى كحياته. قام يسوع ببذل جسده بالموت ثم بالقبر. هكذا يخبرنا فعل يبذل أنّ جمال أي صلاح الرَّاعي الجميل يعتمد على محبته الّتي تصل حتّى النهاية، إلى حد بذل حياته (يو 13: 1).


 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:28 PM   رقم المشاركة : ( 158568 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





ماذا ينال الرّاعي؟ (يو 10: 17- 18)



فعل "يبذل" كفعل جوهري سنتوقف قليلاً أمام الفعل الثاني والّذي لا تقل أهميته بالنسبة للّاهوت اليوحنّاوي ويرتبط بالـ«بذل» وهو فعل «ينال» بهذ المصطلح الثاني يساعدنا الإنجيليّ بتفحص أقوال وأفعال يسوع في حياته والّتي تممّها بفصحه. تتجلى أهمية فعل «ينال» بالتركيز على جمال وصلاح الرَّاعي الجميل لا يكمن فقط في فعل "يبذل" الّذي يُعبر عن محبته وتقديم حياته. يسوع، رّاعي الخراف يُدعى أيضًا جميلًا -صالحًا لحريته الّتي يتم التعبير عنها بدقة باستخدام عبارة «إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً» (يو 10: 17- 18). لقد بذل يسوع حياته، لكنه فعل ذلك بحرية كاملة، فله من القدرة على أنّ يهبها ويأخذها مرة أخرى. ولأن يسوع يعيش محبته بحرية، ويبذل حياته، فيمكنه أنّ يبثّها لنا الّذين نؤمن به. ولهذا السبب يصبح بذله، بالموت حياة جديدة لنا، بل خلقًا جديدًا وقيامتنا به. وكما أنّ يسوع بسبب حبه بذل حياته وصار نموذجًا في الجمال لتلاميذه، هكذا أصبح أيضًا واحدًا في الحرية. إنّ الخراف-نحن، الّتي تستمع إلى صوت الرَّاعي وتتبعه، ليست فقط مدعوة إلى أن تبذل حياتها مثله، بل أيضًا إلى أن تعيش بحرية لأجله.

 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:29 PM   رقم المشاركة : ( 158569 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





اتباعًا لله الراعي بالعهد الأوّل، وهو في صورة الحجر الّذي كان مرفوضًا بحسب توقفنا على كلمات كاتب سفر المزامير 117 (118)، الّذي شّدد على رعايّة الله لشعبه بأمانته. على هذا المنوال أصغينا لكلمات يسوع رَّاعينا الجميل، الّذي بقيامته يأتينا القائم، اليّوم، كرّاعي لنا كنساء ورجال هذا العصر. مدعويّن لنختبر حبّ الله الكبير الّذي جعل من ابنه حياة لنا. فنحن كمؤمنين مدعوين لتمييّز صوته كرَّاعي، لندخل في ذات العلاقة بين الآب والابن فيصبح كلّ مؤمن به ابنًا في الآب. حياة الرّاعي هي ثمرة فصح يسوع الّتي أصبحت حاضرة في حياة المؤمنين في كلّ العصور، مدعويّن اليّوم لاتباع الرَّاعي الصالح-الجميل على الطريق نحو ملء الملكوت. من خلال ما نوهنا عنه، في هذا المقال، وعلى ضوء كلمات يسوع الّذي يبذل وينال الحياة بارادته، والّذي أعلن لتلاميذه بحسب يوحنّا لاحقًا: «إِن ثَبتُّم في كلامي كُنتُم تلاميذي حَقاً تَعرِفونَ الحَقّ: والحَقُّ يُحَرِّرُكُم» (يو 8: 31 – 32). بهذا المعنى، علينا أنّ نفرح ونحتفل، في هذا الأسبوع الرابع من الفصح، بالرّبّ القائم بصورته البهيّة وهو الرَّاعي الجميل كثمرة فصحه المبارك. حياة القائم الّتي بذلها وقدمها بحريّة تصبح أيضًا حياة لنا نحن تلاميذه اليّوم. وبهذا المعنى، فالقائم هو الرَّاعي الحقيقي، الّذي أعطي حياته لتكون لنا حياة أفضل (راج يو 10: 10) ويعرف كيف يقودنا على طريق آمن، وهو الطريق نحو الآب
 
قديم 23 - 04 - 2024, 06:32 PM   رقم المشاركة : ( 158570 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,340,412

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يا يسوع النّاصريّ،

أنت الغائب الحاضر



 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025