18 - 04 - 2024, 02:10 PM | رقم المشاركة : ( 158001 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تدبير الله (آ 7- 10) إنّ المقابلة مع كو 1: 13 تتيح لنا أن نقوله إنّ الفداء الذي تتحدّث عنه آ 7 يعود على المستوى النمطيّ إلى خلاص الشعب العبرانيّ من عبوديّة مصر. وقد استعمل أشعيا الثاني بشكل خاص تشبيه الفدية التي تدفع من أجل تحرير العبد. "لا تخف، يا يعقوب، أنا نصرتك، وفاديك هو قدّوس إسرائيل" (أش 41: 14). "لا تخف فإني افتديتك ودعوتك باسمي. أنت لي... هذا ما قال الربّ فاديكم" (43: 1، 14؛ رج 44: 22- 24؛ 52: 3؛ 54: 5). ولكن في نصّ أف، لم نعد أمام دم الحمل الفصحي، بل أمام دم المسيح (2: 13) الذي قدّم ذاته لأجلنا (5: 12). فالعبوديّة التي خضعنا لها هي عبوديّة الخطيئة (آ 7 ب). وسيتوسّع ف 2 في خطورة وضع البشريّة قبل المسيح (آ 1: كنتم أمواتاً بزلاّتكم؛ آ 3: خاضعين لشهوات الجسد). ونجد الملاحظة نفسها في 2: 17- 19 (أظلمت بصائرهم، تغرّيوا عن حياة الله). وهكذا يدعونا الكاتب إلى أن نُنشد غفران الله قبل أن نتوقف مطوّلاً عند خطايانا. لو لم يختبر بولس سّر الخلاص، لما كان تحدّث عن الخطيئة ونتائجها في البشريّة كما فعل هنا وفي الرسالة إلى رومة. وشدّد الرسول على نتيجتين من نتائج النعمة: الحكمة، المعرفة أو الفطنة أو الفهم. سيتحدّث عن الحكمة في 1: 17: "يؤتيكم ربُّنا روح الحكمة الذي يكشف لكم عنه لتعرفوه". وفي 3: 10: "تتجلّى حكمة الله بوجوهها". يعني: الظهور الأخير لقصد الله. هكذا تفهم القوّات أنّ البشريّة الجديدة بلغت بشكل مباشر إلى الله في المسيح. وأن قد زال دورها العابر والملتبس. ونصل إلى المعرفة بوحي (بكشف) عن السّر. نقرأ في 3: 3: "كشف لي سّر تدبيره بوحي"، عرفتُ السّر بوحي. والسّر هو قصد الله الأزليّ. كان خفياً على البشر، والآن قد انكشف. هذا السّر تمّ في يسوع المسيح، وكشف الآن عمّا يتضمّنه في الكنيسة، وذلك بواسطة المهمّة الموكلة إلى الرسول. يتضمّن هذا السّر دعوة الوثنيين إلى الخلاص، ومصالحة اليهود والوثنيين، وخضوع الكون كله للمسيح. أما الوحي الذي تتحدّث عنه الرسالة، فيدلّ على مجيء يسوع في المجد، وعلى وحي وصل إلى حامل الإنجيل إلى الأمم، وعلى وحي بالنسبة إلى إرادة الله في حالة خاصة. مع الحكمة والمعرفة تتسجّل أف في خطّ دانيال والأسفار الجليانية التي تطلب اكتشاف مخطّط الله وتحديد المهلة المحدّدة من أجل الخلاص (1 بط 1: 10- 12). ولكن حلّ محلّ الانتظار القلق، يقينُ ذاك الذي يعرف أنّ الزمان قد تمّ الآن (آ 10؛ رج مر 1: 15)، أن قد جاء الوقت الذي فيه يجمع المسيح الكون في شخصه: ما في السماء وما على الأرض. "من أجل تدبير ملء الأزمنة" (آ 10). التدبير الذي يتمّمه عندما تكتمل الأزمنة. قد تُفهم هذه العبارة في خطّ غل 4: 4: "لما تمّ ملء الزمان، أرسل الله ابنه". بعد العهد القديم، كان التجسّد الذي تجاوب مع انتظار الشعب العبرانيّ أجيالاً وأجيالاً. وقد تُفهم في خط خاص بالرسالة: يدلّ ملء الأزمنة على زمن الكنيسة التي تدشَّن بالقيامة. و"التدبير" هو الطريقة التي بها يقود الله التاريخ إلى تمامه. "يجمع في المسيح". الفعل المستعمل هنا هو نادر. يتألّف من جذر "الرأس"، ومسبّق (أنا) يدلّ على حركة من أسفل إلى أعلى. يجمع المسيح كل شيء ويرفعه من الأرض إلى السماء. الرب "يُجمل، يستعيد، يجمع"، ويجعل كل شيء خاضعاً له. نجد هذا الفعل في روم 13: 9: "فإنّ كل الوصايا تلخّص في هذه الكلمة: أحبب قريبك كنفسك". أما في نصّ أف فمعنى الفعل قويّ جداً: نحن أمام المسيح الرأس الذي يؤمّن الترتيب والتماسك في الكون، حين يصير رأسَ البشريّة المفتداة ويفرض سلطانه على القوى المعادية (1: 20- 21). وسيدلّ ولي الرسالة بشكل خاص كيف يقوم يسوع بعمل التجميع هذا: يضمّ في واحد اليهود والوثنيين الذين فصلتهم العداوة حتى الآن. يضمّهم في الهيكل الوحيد الذي يسكنه روح الله (2: 13- 22). |
||||
18 - 04 - 2024, 02:11 PM | رقم المشاركة : ( 158002 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الميراث الذي لنا (آ 11- 12) نقرأ في آ 11: فيه نلنا ميراثاً. ونستطيع أن نقرأ: "فيه حدّدنا بالقرعة". وهناك اختلافة تقوله: "فيه أيضاً دُعينا". إذا عدنا إلى العهد القديم، نفهم العبارة بطريقتين اثنتين: فيه أيضاً نلنا حصّتنا. أو: فيه أيضاً اختارنا (الله) كحصّته. الطريقة الأولى تستعيد فكرة أرض الموعد التي أعطاها الله لشعبه على أنها ميراث له (تث 3: 18: أعطاكم هذه الأرض لترثوها). فكرة معروفة لدى القدّيس بولس (روم 8: 17؛ غل 3: 29؛ 4: 6). وهي ستتوضّح في آ 14 (عربون ميراثنا) وفي 1: 18 (غنى مجد ميراثه). أما الطريقة الثانية فتستند إلى قول يعتبر إسرائيل حصّة الله الخاصة (خر 34: 19). نجد في آ 11بصيغة المتكلّم الجمع (دعينا نحن)، وفي آ 13 صيغة المخاطب الجمع (أنتم أيضاً). لسنا هنا كما في ف 2 أمام مجموعتين مختلفتين، اليهود والوثنيين. أما الألفاظ العامة فتصبح حيّة وبارزة حين نكتشف تجذّرها في تاريخ العهد القديم: نلنا حصتنا من الميراث. فحين دخلت القبائل إلى أرض الموعد، نالت كل منها حصّتها بالقرعة (يش 18- 19). أما اللاويون فلم تكن لهم حصّة خاصّة بهم، لأن الرب نفسه هو حصّتهم وميراثهم (تث 18: 2؛ رج مز 16: 5). وتعود لفظة "قرعة" في كتابات قمران لتدلّ على مكانة كل عضو في الجماعة. أما نحن فميراثنا هو في السماوات (1: 14). وهو يُعطى لنا حين نتّحد اتحاداً وثيقاً بالمسيح (2: 6؛ رج كو 1: 12). يرى البعض أنّ آ 11- 12 تعرض فكرة الوثنيّين واليهود، التي ستحتلّ مكانة هامّة في أف. قد تعني صيغة المتكلّم الجمع المسيحيّين الآتين من العالم اليهودي. وصيغة المخاطب المسيحيين الآتين من العالم الوثني. والرجاء الذي لنا في المسيح يعود في هذه الحالة إلى انتظار إسرائيل (2: 12). ولكن يرى آخرون أن البركة تعني بالإجمال جميع المسيحيين، وأنها تنتهي في صيغة المخاطب. فتوجّه إلى القارئين نداء إنجيل الخلاص. في هذه الحالة، لا نستطيع أن نتحدّث عن التمييز بين اليهود والوثنيين إلاّ في ف 2. أما كلمة "ترجّينا مسبقاً" فتدلّ على انتظار ما سيتمّ في النهاية (آ 10) بالنسبة إلى جميع المسيحيين. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 158003 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعنى اللاهوتي نكتشف في هذه القطعة الثانية ثلاثة أفكار. تحرير من الخطيئة. كشف عن السّر. آفاق الرجاء. * تحرير من الخطيئة مع آ 7 نبدأ مرحلة جديدة. لم نعد أمام تكوين قصد الله وتثبيته قبل الزمن، بل بالحريّ أمام تحقيقه في الزمن. وإذ أراد الله أن يحقّق مخطّطه، كان عليه أن "يصلح"، أن يكفّر. كان الكائن البشري خاطئاً. فلا بدّ من العمل الفدائي ليصير الإنسان مقدّساً، بلا عيب. تدخّلَ الله، فكان لنا به الفداء وغفران الخطايا. يتحدّث النصّ هنا عن الفداء وسيتحدّث عنه في آ 14 (كما في 4: 30) حيث نكون أمام المعنى الإيجاب للتتمة الإسكاتولوجيّة. وهكذا يكون الفداء في أف قد تمّ على مرحلتين: بدأ مع موت المسيح (آ 7). وتمّ بامتلاك الميراث النهائي (آ 14). في آ 7، فُهم الفداء في المعنى السلبي: غفران الخطايا (كو 1: 14). وارتبط بدم المسيح. وهكذا يعود الكاتب إلى التاريخ، إلى حدث يسوع، دون أن يشير إشارة صريحة إلى التجدد. إذن ننتقل من آ 3- 6 إلى آ 7- 8 وبشكل مباشر من مخطّط الله إلى التحرير من الخطايا. أما تدخّل المحرّر فقد ربطته آ 7 مع "غنى نعمته". والنعمة لا تدلّ فقط على الرضى السابق، بل على الرحمة. لقد انتقلنا من النعمة التي تهيّىء مخطّط الله إلى النعمة التي تصلحه: إنّ نعمة الله كانت من الغنى بحيث قامت بعمل الغفران. هذا ما يعبرّ عنه أيضاً 2: 7 الذي يتحدّث عن "غنى نعمة" الله. ولكن قبل ذلك، ارتبطت هذه النعمة بغفران الذنوب فتماهت مع الرحمة بشكل صريح. "ولكن الله بواسع رحمته وفائق محبته لنا، أحيانا مع المسيح بعد أن كنّا أمواتاً بزلاّتنا. فبنعمة الله نلتم الخلاص" (2: 4- 5). * الكشف عن السّر تحدّثت المباركة الرابعة عن الكشف عن السّر. موضوع مهمّ في كو (يُذكر 4 مرات) وفي أف (يُذكر 6 مرات). وهو يرتبط بفعل "عرّف، كشف". "هذا السّر الذي ما كشفه الله لأحد من البشر في العصور الماضية، وكشفه الآن في الروح لرسله وأنبيائه القدّيسيين" (3: 5). المنظار هو هو، هنا وفي آ 9- 10: كان السّر خفياً في الله الذي كوّنه من قبل، وها هو يُكشف الآن. وهذا الكشف يرتبط مع ملء الأزمنة في آ 10 (رج غل 4: 4). تحدّث بولس في غل عن ملء الأزمنة بالنظر إلى الإسكاتولوجيا التي تحقّقت بمجيء يسوع. أما أف 1: 10 فيوجّهنا إلى الإسكاتولوجيا الأخيرة. فجمع كلّ الكائنات (هكذا يتحقّق السّر) يتحدّد موقعُه ساعة يصل قصد الله إلى تمامه النهائي. منذ بداية المباركة في آ 3 تحدّث النمو عن مخطّط الله وعمله تجاه البشر. أما آ 10 فقد وسّعت الآفاق: فعملُ الله وتصميمُه لا يعنيان البشريّة فقط، بل الكون كله. وهكذا يكون عمل فداء على مستوى الكون كما على مستوى البشر. هناك غفران خطايا وهنا استعادة الكون وجمعُه في شخص المسيح. قامت المباركة السابقة (آ 7- 8) بافتداء البشريّة. إنطلقت النظرة من بشر مطبوعين بالخطيئة إلى مجمل الكائنات المخلوقة (آ 9- 10). والنظرة عينها نقرأها في كو 1: 15- 20. بعد أن أعلن النشيد خَلْق جميع الكائنات في المسيح، بالمسيح، للمسيح (آ 16)، قال إنّ "الله صالح به لنفسه كلّ الخلائق صانعاً السلام بدم صليبه" (آ 20). فبفضل دم المسيح تمّ فداء البشريّة، بل مصالحة الكون وإعادة ترتيبه لجمعه في المسيح. * آفاق الرجاء ونصل إلى المباركة الخامسة. "فيه أيضاً". هنا يختلف الشرّاح. يرى البعض أنّ فعليَ "حدّد مسبقاً" و"سبق وترجّى" يعودان إلى اختيار إسرائيل الذي كان رجاؤه مشدوداً إلى المسيح. في هذه الحالة، نجد نفوسنا أمام اليهود والوثنيين. ويرى البعض الآخر أننا أمام مجمل المؤمنين الذين اختارهم الله مسبقاً (آ 4) فرجوا قبل الأوان ملء تحقيق قصد الله في المسيح. في هذه الحالة، تدلّ صيغة المخاطب الجمع (أنتم) على قرّاء الرسالة الذين يتوجّه إليهم الكلام بشكل خاص. يبدو أنّ التفسير الثاني هو الأفضل. فمجمل المؤمنين (لا جزء منهم) ينعم ببركات الله، لا فئة من الفئات. فكلّهم مدعوّون إلى ميراث الله. وان عنت آ 11- 12 مجمل المؤمنين المتطلّعين إلى ملء تحقيق مخطّط الله، فهذا يعني أننا في خط ما رُسم في آ 10 (كل شيء)، وقبل آ 13- 14 اللتين تفتحان الباب على نظرة إسكاتولوجية. أما إذا عنت آ 11- 12 اختيار إسرائيل، وجب أن تأتيا قبل آ 7- 10 لكي نراعي ترتيب المراحل في تحقيق مخطّط الله. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 158004 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عمل الروح القدس (1: 13- 14) أ- آمنتم، ختمتم في آ 13، تتطوّر المباركة فتصبح كلاماً يتوجّه إلى المؤمنين: ليشكروا الله، لأنهم نالوا كلمة الحياة. نالوا هذا الإنجيل الذي ليس تعليماً كسائر التعاليم، بل المسيح نفسه (4: 20) المقيم فينا بالإيمان. وتنتهي المباركة بذكر الروح القدس الذي هو ذروة وعد الله (روح الوعد، رج غل 3: 14). إختلفت أف عن كو المركّزة كلّها على المسيح، فتركت مكاناً واسعاً للروح القدس، وبالتالي جاءت في خطّ الرسائل البولسيّة الكبرى. في 2: 18، نصل إلى الآب بروح واحد. وفي 2: 22 نصير مسكناً لله في الروح. الروح هو الذي أعلن السّر للرسل والأنبياء (3: 5)، وقوّته هي التي تؤيّد المؤمنين (3: 16). إن كان الجسد (أو كنيسة المسيح) واحداً، فالروح واحد (4: 4). هذا الروح الحاضر فينا، لا نحزنه (4: 30)، لا نتمرّد عليه كما فعل العبرانيون في البرية، لا نجدّف عليه رافضين أنواره كما تقول الأناجيل الإزائية. هذا الروح نمتلىء منه (5: 18) ونتسلّح به (6: 14- 18)، فهو يحرّك فينا كل صلاة ودعاء. ب- حمد مجده أما في آ 13، فالروح يتميّز بأنه عربون (كلمة تستعمل على مستوى التجارة 2 كور 1: 22) ميراثنا. لقد طَبعنا بخاتمه، بعلامة انتمائنا النهائي إلى الله. لقد طبعنا بوسم المعمودية، وهتف فينا: أبّا، أيها الآب. ترد عبارة "حمد مجده" ثلاث مرّات في هذه المباركة، فتدعونا إلى الإقرار بأن كلّ مخطّط الخلاص يعلّمنا أنّ لله وحده المجد. عرفت الكنيسة عبارة "تمجيد الله". ولكننا نتساءل اليوم: هل يحتاج الله إلى أشخاص "يمالقونه" فينشدون في كلّ ساعة حسناته؟ كلا. ونبدأ فنقول إنّ مجد الله هو عظمة سالإنسان. يتمجّد الله حين تنمو البشرية وينمو كل إنسان فيها، حين يتمّ جمعُ البشرية والكون تحت رأس واحد، هو يسوع المسيح. وإذا أردنا أن نفهم مجد الله نعود إلى التقليد البيبلي: فالمجد لا يعبرّ عن شيء غريب لدى شخص من الأشخاص، بل عن عمق كيانه وشعاع عمله. كما الشمس تنشر النور والدفء، كذلك يخلق الله في مجده الكون كله ويسوسه. وحين يعلن السرافيم أنّ الأرض كلّها قد امتلأت من مجد الله (أش 6: 3)، فهم يقرّون بأن كلّ شيء في الخليقة صالح، ما عدا خطيئة الإنسان. ولا يتجلّى مجد الله فقط في الكون الماديّ، بل في تصرّفه تجاه شعبه. ولقد فهم الأنبياء (حزقيال، أشعيا الثاني) بعد خيانات الشعب للربّ، أنّ الباعث الأعظم على الرجاء هو مجد الله أو قداسة اسمه (حز 36: 21- 23). وحين نسمع الله يعلن: "لا أعطي مجدي لأحد آخر" (أش 42: 8)، نفهم أنه الإله الأمين، وأنه وحده يخلّص شعبه، لا أحد آخر (مز 115: 1). أما قمّة هذا الوحي فنجدها في مجيء المسيح المخلّص والفادي. ونحن نعيش لمجد الله، حين نتجاوب مع النداء الذي يوجّهه الله إلينا لكي نشارك القدّيسين في غنى مجده (1: 18). ج- روح الوعد "فيه أنتم أيضاً سمعتم كلمة الحق، إنجيل خلاصكم". تتميّز هذه المباركة الأخيرة عن الخمس التي سبقتها بسمتين اثنتين. الأولى، هي لا تعود إلى عطايا (الاختيار، الفداء، الوحي) قدّمها الله لنا في وقت من الأوقات، في الماضي، قبل المسيح أو مع المسيح. إنّ هذه المباركة تحدّثنا بالأحرى عن عطايا (الروح القدس، استباق الميراث) تصل إلى كل مؤمن بمفرده في حاضر الكنيسة. الثانية لا ترسم آ 13- 14 فقط عطيّة الله أو عمله، بل ردّة فعل المؤمنين تجاه هذه العطيّة: سمعتم الكلمة، آمنتم، خُتمتم بالروح القدس. نحن هنا أمام المراحل الأساسيّة الثلاث في طريق تجعل الإنسان مسيحياً. كل شيء يبدأ بالاستماع إلى الكلمة. هنا نتذكّر ما قاله بولس في روم 10: 14، 17: "كيف يؤمنون إن لم يسمعوا... فالإيمان إذن من الكرازة". بعد هذا، يُختم تقبّل الكلمة في الإيمان بختم المعمودية التي هي الموضع المميّز لعطيّة الروح القدس. نقرأ في آ 13 ب: "خُتمتم بالروح القدس، روح الموعد". قد نكون هنا أمام تلميح عماديّ. فإن أف تتحدّث مراراً عن هذا السّر الأوّل من أسرار التنشئة (2: 1- 6؛ 4: 5، 20- 24؛ 5: 14، 25- 26). نقرأ في 4: 5: "ربّ واحد، إيمان واحد، معموديّة واحدة". وفي 1: 13: "وفيه، آمنتم، فختمتم". إرتبط الختم بعطيّة الروح، فكنا في التقليد البولسي حوله العماد (1 كور 6: 11؛ 12: 13؛ تي 3: 5). ثمّ لا ننسَ أنّ صورة الختم طُبّقت في الكنيسة الأولى على سّر العماد. خاتمة هكذا بدت المباركة التي تفتتح أف، وهي تحاول أن ترفعنا منذ البدء إلى عالم السماء. من هناك تنطلق منذ الأزل البركاتُ الروحيّة، وهناك تتحقّق. بركات ست يتوسّع فيها الرسول. في البركة الأولى، نداء المختارين إلى حياة من السعادة تبدأ على هذه الأرض بشكل مستيكي باتحاد المؤمنين مع المسيح الممجّد. وفي البركة الثانية نعرف الطريقة المختارة من أجل هذه القداسة، طريقة البنوّة الإلهية التي ينبوعها ونموذجها هو يسوع، الابن الوحيد. البركة الثالثة هي عمل الفداء التاريخي كما تمّ بصليب المسيح. في الرابعة نكتشف السّر بوحي وصل إلينا. وفي الخامسة، نحن امام اختيار إسرائيل كحصّة الله والشاهد في العالم للانتظار المسيحاني. والبركة السادسة تحدّثنا عن نداء يوجّه إلى الوثنيين ليشاركوا الشعب اليهودي في الخلاص الموعود به في الروح. وهكذا تأتي عطيّة الروح فتتوّج تنفيذ مخطّط الله وعرضه بشكل ثالوثي. بدأ هذا المخطّط بشكل سّري منذ الآن ساعة لا يزال العالم القديم قائماً. وسيكون كاملاً حين يقوم ملكوت الله بشكل مجيد ونهائيّ في مجيء المسيح. هذا هو أساس رجائنا. هذا هو عربون ميراثنا. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:18 PM | رقم المشاركة : ( 158005 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انتصار المسيح 1: 15- 23 يحتفل هذا المقطع بانتصار المسيح وجلوسه عن يمين الآب. وفيه تتجلّى حكمة الله وقدرته. لقد زاد بولس صلاة شخصيّة على المباركة التي بدأ بها رسالته (1: 3- 14)، فحلّت محلّ فعل الشكر الذي اعتاد أن يقدّمه. لقد أصعد إلى الله تمنّيات وصلوات من أجل جماعات لم يؤسّسها، ولكنه يحمل دوماً همّها. وفي هذه الصلاة (1: 15- 23) يجعل في اضمامة وثيقة فعلَ الشكر والتوسّل (1: 16) فيعبرّ أفضل تعبير عن مشاركته في سّر الله. تفجّر فعل الشكر من مشاهدة حدث الخلاص الذي تأوّن (صار الآن حاضراً) في حياة الجماعة. وشدّد التوسّل على أن هذا لا يتحقّق بقوانا الخاصّة. إن التوسّل هو موقف من وعى ضعف الإنسان أمام عظمة مشروع الله، وضرورة دينامية الروح القدس. وهكذا يجعلنا فعل الشكر والتوسّل في دينامية تحمل الكنيسة إلى الملء الذي أعدّه الله لها. 1- نظرة عامة نحن أمام بحث عن حكمة هي في الواقع "جنون". بدأ بولس فأرسل شكره إلى الله الآب من أجل اثنين هما في الواقع وجهتان من الحياة المسيحية: الإيمان بالربّ يسوع، والمحبّة وسط جماعة الإخوة (1: 15). وانتظرنا ذكر الرجاء لكي يكتمل المثلّثُ البولسي (الأيمان والرجاء والمحبة). وها هو سيظهر في صلاة التوسّل (1: 18: رجاء دعوته)، ولكن كثمرة حكمة ووحي ومعرفة (1: 17). لم يرتبط الرجاء بالمعرفة صدفة واتفاقاً. فارتباطهما هو محرّك جوهري في الفكر البولسيّ ولا سيّما في أف وكو. فالحكمة في نظر بولس اليهوديّ هي الشريعة ومعرفة مشيئة الله والبحث عن ممارستها بتطبيق الوصايا وبتتميم الأعمال الصالحة وبتكديس الاستحقاقات (مثل الفريسيين). هذه الحكمة الإلهيّة التي سبقت الزمن وأشرفت على الخلق، هي موجودة كلها في الشريعة التي صارت القاعدة السميا والمعيار لجميع الأعمال. والهمّ الأول هو أن يعرفها الإنسان ويمارسها. وبما أن بولس اتّبعها وكان إنساناً غيوراً عليها، أضطهد جماعة المسيح، اضطهد كنيسة الله. وحين التقى في منعطف حياته، يسوعَ القائم من الموت، وجب عليه أن يفكّر في حكمة الله التي هي كلمة الله. هذه الكلمة صارت إنساناً هو يسوع المسيح الذي مجّدَته فدرةُ الله. إذن، الحكمة التي يجب أن نعرفها هي شخص يجب أن نلتقي به ونتبعه. وهو يسوع المسيح. وانتقل بولس إلى العالم اليوناني حيث يعمل من أجل ربّه، فواجه فيه أيضاً رغبة في الحكمة. وبجانب الذين يطلبونها في براعة الخطبة والفكر، هناك أشخاص اجتذبتهم "غنوصية" أو معرفة انتقلت بوحي. وهذا الوحي يتعلّمه الإنسان عبر تنشئة محفوظة للكاملين (للكمّال). وهذه المعرفة تخلّص في ذاتها، وبالنور الذي فيها. فلا حاجة إلى الصليب. بل لا حاجة إلى المسيح والكنيسة وتقليد الرسل (رج 1 كور 1: 17- 2: 16). أما بولس فعرف أنه ليس إلا وحيٌ إلهيّ واحد، وهو الذي تمّ "في ملء الأزمنة". ففي المسيح كان لنا الوحي النهائي والحاسم المعطى لجميع الذين يتعلقون في الإيمان بشخص يسوع المسيح. 2- سمعت بإيمانكم (1: 15- 16) "لذلك... بالنسبة إليّ" (آ 15). لقد اعتاد بولس أن يقطع تصويراً عاماً لعلاقة الله بالكنيسة ويورد كلاماً عن نفسه (3: 1، 13؛ 4: 1؛ 6: 19، 21؛ روم 7: 24- 25؛ غل 1: 10- 2: 21). لسنا هنا في معرض البلاغة، بل أمام تعبير عن وعي رفيع لرسالته يجد جذوره في "الوظيفة" التي كلّفه بها الله كرسول. وفي 2 كور 3، وصلت الأمور ببولس إلى تشبيه خدمته بخدمة موسى، فنسب إلى عمله مجداً يفوق مجد موسى (آ 9: إن كانت خدمة القضاء "في موسى" مجيدة، فكم بالأحرى خدمة البرّ تفوقها مجداً". لقد كانت وظيفة بولس الخاصة بأن يعلن دخول الأمم في شعب الله (غل 1: 16؛ روم 1: 5؛ 15: 15- 21؛ أف 3: 5- 6). "بعد أن سمعتُ" (رج كو 1: 4). يبدو بولس وكأنه يتوجّه إلى جماعة لم يؤسّسها. وقد يكون تيخيكس حمل إليه أخباراً عنها (كو 4: 7؛ أع 20: 4). "إيمانكم بالرب يسوع". وربما: أمانتكم للربّ يسوع. إن كو 1: 4 قالت: "سمعنا بإيمانكم في المسيح يسوع". أما غل 5: 22 فجعلت "الإيمان" في لائحة ثمار الروح، فصار موقفاً أخلاقياً. "لجميع القدّيسين". يتحدّث بولس عن هذه الأمانة (هذا الإيمان) وهذه المحبّة التي ظهرت للقدّيسين. لا لجميع البشر. في غل 6: 10 حضّ القدّيسين على عمل الخير من أجل جميع البشر ولا سيّما أهل الإيمان. ونقول الشيء عينه عن العهد القديم حيث الحبّ والأمانة والحقّ تتوجّه أولاً إلى أبناء العهد. فعلى كل إسرائيل أن يحبّ الربّ من كل قلبه و"أخاه" أو "قريبه" مثل نفسه. لا يُذكر المصريّ البعيد ولا العماليقي المعاديّ. والبشريّة كلها (كل بشر) ليست موضوع حبّ. ويتضمّن أف 1: 5 التحديد عينه. فالإنسان لا يستطيع علمياً أن يحبّ كل إنسان. والمسيحي لا يستطيع أن يحب أناساً لا يعرفهم، أناساً لم يجعلهم الله في طريقه. "لا أزال أشكر لأجلكم" (آ 16). ظنّ بعضهم أننا أمام صلاة الكاهن الأعظم. وآخرون أننا أمام نواة ليتورجيا إفخارستية: موقفان لا يمكن المدافعة عنهما. "وأذكركم في صلواتي". لسنا فقط أمام عمل عقليّ. فالمضمون البيبليّ للتذكّر يفترض أيضاً عملاً ذا طابع عباديّ. بما أن بولس لا يعرف الأشخاص الذين إليهم يوجّه رسالته، فهو لا يمكنه أن يتذكّر في المعنى الحصري للكلمة. بل هو يستطيع أن يستغلّ كل ما يعرف عنهم: أصلهم، تاريخهم، طريقة حياتهم (1: 13، 15). بعد هذا يتوسّل إلى الله من أجلهم. 3- المعرفة الآتية من الله (1: 17- 18 أ) حين توسّل بولس من أجل هذه الجماعات، طلب الحكمة الحقيقيّة. وقد بدت منذ البداية بشكل موهبة ننالها ونعمة مجانيّة من الله. ولا يستطيع أن يعطيها إلا "إله ربنا يسوع المسيح وربّ المجد" (آ 17). إن هذه الألقاب الليتورجية (رج 1: 3؛ روم 15: 6؛ 2 كور 11: 31) تجد مكانها الأصلي في صلاة. ولكن بولس قد أدخلها هنأ كباعث على الثقة بالله. لسنا فقط أمام إله الآباء، أو إله موسى، بل "إله ربنا يسوع المسيح"، الذي كشف عن ذاته به (بالمسيح) وفيه. لا يدخل بولس في لاهوت مجرّد حول كيان الله. بل هو يعود إلى الحدث الذي طبع بطابعه تاريخ العالم، إلى هذا الحدث الذي يجب أن يكون أساس ثقتنا بالله. وسمّي الله أيضاً "إله المجد". لا شكّ في أن كيانه هو في المجد السماوي. ثم أنه يفيض بقدرته العجيبة شعاع كيانه الذي يستطيع وحده أن يمنح المعرفة والوحي. وإذ أراد بولس أن يحدّد واقع المعرفة هذا، ضمّ إليه كلمة "روح" (آ 17). فعطيّة الروح تميّز الأزمنة المسيحانية (أش 11: 2؛ يو 3: 1- 5). وهي تطبع بطابعها منعطف التاريخ الذي فيه يتدخّل الله بشكل حاسم في العالم. وحين استعمل بولس هذه العبارة دلّ على أن قدرة الله ما زالت تعمل، وأن هذا التبدّل ليس وليد مجهود الإنسان. فالله يتدخّل في عالم البشر لينشىء مشاركة تكمل يوماً بعد يوم، بين الله والبشر. فروح المسيح الذي هو موهبة مجانيّة من الربّ، يتيح لنا أن نلج سّر الله، أن ندخل إلى وحيه الذي هو حكمة (أي: صرفة قصده) وتأوين للسّر. فالجسد (أو البدن واللحم والدم) الذي يدلّ على الإنسان المتروك لنفسه، يعارض الروح ولا يستطيع أن يحقّق هذه المعرفة. إن بولس يجعل نفسه طوعاً في تيّار العهد القديم المواجه للاعتبارات الهلنستيّة. وإن استعمل المفردتين "حكمة" و"وحي" فقد استعملهما في خطّ التيّارات اليهودية المرتبطة بعالمَي الحكمة والجليان. فالمعرفة هي حكمة من حيث إنها تتيح لإنسان أن يتعرّف إلى مشيئة الله، أن يميّز ما هو حقّ، وما يجب أن يعمل في وقت محدّد. هنا تظهر الحرّية المسيحية التي هي توافقُ حبّ مع مخطّط الله من أجل خلاص العالم. وهذه الحكمة التي هي موهبة روح الله، التي تشرك الإنسان في الوحي، هي في خدمة معرفة الله. وقد أكّد بولس مراراً أن معرفة الله تفترض الإيمان والمحبّة أو بالأحرى تتضمّنهما (3: 17 ي؛ 4: 13؛ كو 2: 2). إذن، ليست معرفة الله علماً مجرّداً وخطبة عن الله. إنها خبرة إيمان ومحبّة، ومشاركة مع الله الذي يوحّد الكائن الحيّ ويوحّد معه أعماله. أما سبب هذه المعرفة فهو أن "عيون القلب قد استنيرت" (آ 18). عبارة تدهشنا للوهلة الأولى، ولكنها مأخوذة من تقليد ليتورجي قديم (مز 18: 9؛ نح 9: 8؛ با 1: 2). فتجاه تقسية القلب التي ترفض التعرّف إلى حضور الله في العالم، نحن أمام استنارة العقل الذي يلتقي بالله في معبده أو في شريعته. والفعل في صيغة الماضي الكامل، يدلّ على أن بولس يفكّر في حدث مضى واستمرت نتيجته باقية: في الواقع، إنه يحيلنا إلى التوبة العمادية. فبالعماد تبدّل قلب الإنسان، تبدّل كائنه الحميم الذي منه تخرج القرارات. فالإنسان الذي كان ظلمة (4: 18؛ رج 1: 21) قد صار نوراً (2 كور 4: 6). إذن، نقطة الإنطلاق هي استنارة أسراريّة في قلب الحياة التي تصبح وجوداً واعياً: وهي تعبرّ عن نفسها مدى العمر. هذه المعرفة التي أعطيت في بدء التوبة العماديّة، وعبرّت عنها خبرة حياة الإيمان والمحبّة، هي توسّع يصلح لأن يكون موضوع توسّل. 4- معرفة من أجل الرجاء (1: 18 ب ج- 19) يعبرّ بولس عن تمنّيه الحار بأن ننال هذه المعرفة: يجب على المسيحيّين أن لا يضيعوا اتجاهم ولا تأخذهم الحيرة، بل أن يشدّوا الهمّة نحو هدف واضح ووحيد. وتحدّد ثلاثُ جمل استفهامية مضمون هذه المعرفة: تبدو الجملة الأولى عامة. وستفسرها الجملتان التاليتان. أ- "رجاء دعوته" (آ 18ب) يجد المرتدّ نفسه أمام حياة منفتحة، مدفوعاً نحو مستقبل، نحو واقع يترجّاه، واقع يسميه الرسول هنا: "الرجاء". لا تعني الكلمة فقط موقفاً سيكولوجياً من الثقة والتأكّد والثبات، بل واقعاً يقدّمه لنا الله (غل 5: 5: بالإيمان ننتظر البرّ المرتجى؛ كو 1: 5، 27). والنداء هو الانفتاح على هذا العالم الجديد. إن النداء (أو: الدعوة) يحتلّ في فكر بولس مكانة من الدرجة الأولى: فكياننا يرتبط بنداء الله الذي يدعونا ويوجّه إلينا كلامه. فالإنسان هو الكائن الذي يدعوه الله من أجل رسالة. والمسيحيّون هم "مدعوّون". وكما أن مصدر دعوة إسرائيل هو نداء (روم 11: 28- 29)، كذلك نقول عن رسالة بولس (غل 1: 15: إرتضى الله ودعاني بنعمته). ونداء الإنجيل يوصل هذه الدعوة إلى المسيحيّين الذين يتقبّلونها في طاعة الإيمان (روم 8: 30؛ كو 3: 15؛ غل 1: 6 ي). إنه دعوة إلى الخلاص، إلى عالم جديد، إلى خليقة جديدة، إلى بُعد جديد لكائن يسمّيه بولس: النعمة، القداسة، السلام، المجد، الحرّية. قال بولس: "إبن الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح هو أمين" (1 كور 1: 9). وقال في 1 تس 2: 12: "الله الذي يدعوكم إلى ملكوته ومجده". وفي 4: 7: "لم يدعنا الله إلى النجاسة، بل إلى القداسة" (رج 1 كور 7: 22 والحرية؛ غل 5: 13: دعيتم إلى الحرية). هذه الدعوة ليست نداء عابراً: لهذا يجب أن نبقى أمناء لها. إذا كان كيان المسيحيّ يقوم بأن يكون مدعوّاً (روم 1: 6- 7؛ 8: 28؛ 1 كور 1: 2- 26)، فهذا يتضمّن أمانة خلاّقة وينبوع أعمال تتجدّد باستمرار. فحسب 1 كور 7: 20، "يجب أن يستمرّ كل واحد في الحالة التي دُعي فيها" (رج أف 4: 1، 4). وهذا التوسّع الواعي تجاه أوضاع مختلفة، لا يمكن أن يتمّ إلاّ في المسيح (فل 3: 14: ودعانا الله إليها في المسيح يسوع). وهو يتأصّل في انتمائنا للمسيح الذي فيه ينفتح مستقبلنا الذي يسميّه بولس "الرجاء". إذن، يتفجّر هذا الرجاء من معرفة الله التي أُعطيت لنا بالإنجيل حين نتقبّله في الإيمان والمحبّة. ب- "غنى مجد ميراثه" (آ 18 ج) وبعد أن أحاط بولس بمضمون معرفة الله التي هي الرجاء، حاول أن يوضح هذا الرجاء في اثنين من وجهتيه: في واقعه الأخير، في تحقيقه المتدرّج. الواقع الأخير هو "الميراث بين القدّيسين": هي عبارة ليتورجيّة تقليديّة تعود إلى زمن بولس، وقد استعملت مراراً في الأدب الجلياني. إنها تدلّ على حضور المختارين حضوراً مفرحاً وأبدياً قرب الله في رواق القوى السماوية. ما هو جديد هو أن المدعوّين يستطيعون أن يتعرّفوا إلى "غنى مجد" هذا الميراث. فقد أوحي لهم مجدُ القيامة في المسيح القائم من الموت، وبكر من قام من بين الأموات. إذن، عرفوا تدخّل الله القدير الذي يحوّلهم. والميراث ليس فقط العالم الماديّ ولا الأرض المقدّسة التي دلّت على إرادة الله الخلاصّية، بل عالم متجلٍّ رأوا بهاءه وقدرته ساطعين في قيامة المسيح. أما مضمون رجائنا، فهو تنعّم نهائي بهذا الحاضر المنير الذي يبدّل كياننا. ج- "عزّة قوّته" (آ 19) وتتدخّل قدرة الله بالضرورة لكي تقودنا إلى هذا الواقع السماويّ الذي هو حضور مجيد مع القدّيسين. هذه هي الوجهة الثانية للرجاء. فعلى المؤمن أن يعرف عظمة قدرة الله الذي يريد أن يجعلنا في ملكوته. وهكذا تتوازى قدرة الله مع مجده، لأنهما شكلان لواقع واحد: فالمجد وحده يجعلنا جديرين به. وقوّة الله التي لا تُقاس، تحمل القوّة الضرورية لهذا التجليّ، للإنسان الذي لا يستطيع أن يتجاوز نفسه لكي يتألّه. 5- المسيح الممجّد كفيل رجائنا (1: 20- 22) إن هذه القدرة الإلهيّة تبدو ناشطة فينا ومن أجلنا. وهي تبدو فاعلة وحيّة في شخص الربّ الذي إليه ننتمي وبه نرتبط. وقد أعلنت لنا في واقع سّر المسيح. وما إن يشاهد بولس هذا السّر حتى يحلّ محلّ التوسّل والدعاء مديحٌ يلامس اعتراف الإيمان، بل يوسّعه وينشده ويعظّمه. وتتلاحق كلمات القدّيس بولس وتتوسّع بقدر تأمّله في السّر. وهو يعطينا في أربع عبارات البواعث الأخيرة التي تؤسّس صلاته وتسند رجاءه. أ- المسيح القائم من الموت (آ 20 أ) إن قدرة الله عملت حين أقامت المسيح. هذه هي العبارة المركزيّة في اعتراف الإيمان المسيحي. "الله الذي أقام الربّ، يقيمنا نحن أيضاً بقدرته" (1 كور 6: 14). نحن "نؤمن أن يسوع مات ثم قام" (1 تس 4: 14). إنطلق الرسول من هنا فصوّر انتصار المسيح وسلطانه. ب- المسبح الممجّد (آ 20 ب- 21) وقد تجلّت قدرة الله هذه في تمجيد المسيح الذي يصوّر بكلمات مز 110 الذي يرد مراراً في هذا المعنى في مواعظ الدفاع في الجماعات المسيحية الأولى (روم 8: 36؛ كو 3: 1). ولمّا تمجّد المسيح شارك الله في سلطانه: إنه "عن يمين الله": هذه عبارة تقليدية تدلّ على مشاركة في السلطان والقدرة. وتتوضّح هذه السيادة من زاويتين: على مستوى المكان الذي منه تمارس. على مستوى الاتساع الذي لا حدود له. فالمسيح هو "في السماوات". عبارة استعملها بولس في 1: 3 فدلّ على التسامي الإلهي. وبما أنه القائم من الموت، فهو يسوس العالم. إنه لم يلجأ إلى عزلة مجيدة تخفي انتصاره عن الناس. وإذ أراد بولس أن يبرز هذا التسامي الفاعل والناشط، زاد أنه (أي: يسوع) تمجّد فوق كل القوى السماويّة التي يتكلّم عنها قرّاؤه في حلقات اجتماعهم. ولقد حاول بعضهم أن يجعل المسيح بين هذه القوى. أما الرسول فأكّد تسامي المسيح المطلق عليها. ظنّ الناس في ذلك الوقت أن لهذا القوى منطقة عمل. أنها ارتبطت بموضع تنطلق منه لكي تمارس نشاطها. أما بولس فيرى أن الربّ هو فوقها كلها، وأن لا حدود لتأثيره ونشاطه، فكرّر ما قال في كو 2: 10: "إنه رأس كل رئاسة وسلطان". وشدّد بولس أيضاً على أزليّة هذا السلطان: إنه يسري "ليس في هذا الدهر فقط، بل في الآتي أيضاً". إذ استعاد بولس التمييز اليهوديّ التقليديّ بين هذا العالم والعالم الآتي، عرف أن هذا التمييز ليس فقط زمنياً، بل نوعياً: نحن أمام تجلّ للعالم نجده الآن في مبدأه، في شخص المسيح وفي عطيّة الروح (عب 6: 5: "ذاقوا الموهبة السماوية وأشركوا في الروح القدس"). ج- "أخضع كل شيء" (آ 22 أ) وظهرت قدرة الله أيضاً في سلطان المسيح الفاعل في الكون. استعمل بولس مز 8: 7 الذي يطبّق عادة على الانتصار الإسكاتولوجيّ (عب 2: 8 ي). أما هنا فنحن أمام انتصار حاليّ: فهذه القوى ليست فقط أدنى منه، بل هي خاضعة له. هذا طرحٌ توسّع فيه بولس في كو 2: 15 ي وسيعود إليه في أف 6: 12. د- الله "جعله رأس الكنيسة، فوق كل شيء" (آ 22 ب) وحين شدّد بولس على هذا التأكيد الأخير، ظهرت الكنيسة في المستوى الأول كواقع اسكاتولوجيّ. والطريقة التي بها أدخله (أي: يسوع) بدت مميّزة: "وهو الذي جعله" بعد انتظار طويل. هذا هو هدف وخاتمة كل التأكيدات السابقة، وما يؤسّس في النهاية رجاءنا. هذه هي ذروة قصد الله الخلاصي. إن فاعليّة قدرة الله تمارَس ملء الممارسة حين تجعل المسيح رأس الكنيسة. المسيح هو رأس "فوق كل شيء" (رج عب 2: 18؛ كو 2: 10؛ أف 1: 15- 16). وهكذا يستبعد بولس سائر القوى التي لا تأثير خلاصياً لها في الكنيسة. فالمسيح هو وحده الذي يعطي قدرة الخلاص. إذا كان المسيح رأس الكنيسة ورأس القوى، فهو ليس كذلك بالصفة نفسها والطريقة عينها. إن سموّه على القوى يختلف عن سموّه على الكنيسة. فالقوى خاضعة مستعبدة. وقد جُعلت تحت قدمَي المسيح خلال انتصاره. أما الكنيسة فهي واحدة معه وإن خضعت له. وهو يمارس عليها سلطة التقديس والحبّ لا سلطة القسر والإكراه. ومن أجل هذه الكنيسة التي هو رأسها أعلن المسيح قدرة الله وأظهر نتيجة هذه القدرة في العالم. 6- الكنيسة جسد المسيح وملئه (1: 23) وبعد أن حدّد بولس الموضوع الأخير في الرجاء المسيحي الذي يوجّه جميع المسيحيّين نحو التتمة، توقّف يتأمّل في الكنيسة. وأعطاها صفتين: هي جسد المسيح، هي ملء المسيح. أ- الكنيسة جسد المسيح (آ 23 أ) إن فكرة الكنيسة جسد المسيح هي مركزيّة في الرسالة إلى أفسس (3: 6؛ 4: 4، 12، 16؛ 5: 23، 29). وهي تشكّل نقطة وصول في الفكر البولسيّ. أما هنا فتبدو كمفهوم معروف يجمع كل ما قاله بولس في أمكنة أخرى. - توخّت العبارة أن توكّد على الرباط الخاص الذي أقامه المسيح مع كنيسته. وهذا الرباط هو وسيلة الخلاص الوحيدة التي أقرّها الله، والنضج الأخير للخبرة المسيحيّة. - في الكنيسة، جسد المسيح، تتقوّى الوحدة في الكثرة. وحين يتّحد المسيحُ الرأس مع المسيح الجسد، يتكوّن الإنسان الجديد، آدم الجديد (2: 15). - لا شكّ في أن الجسد يخضع للرأس: هذه هي طاعة الإيمان للمسيح يؤدّيها كل واحد منا. وهو خضوع حبّ يخلق الحريّة الحقيقيّة. - ما هو جديد في الفكر البولسي هو أن الرأس هو الأول الفاعل للنموّ: المسيح هو رأس من حيث إنه ينمي جسده (4: 15- 16). - إن سيادة المسيح هي سيادة الزوج الذي يمارس واجب العناية والاهتمام لكي تصبح المحبّة واقعاً حاضراً (5: 22، 25، 28، 32). نفي هذه الخلفية (التي هي خلفيّة كل أف) تتخذ العبارة كامل معناها: إنها تدلّ على كل مستقبل رجائنا، على المعنى الأخير للخليقة، على الهدف الأخير للتاريخ البشريّ والإلهيّ في هذا العالم. ب- الكنيسة ملء المسيح (آ 23 ب) نسب بولس هذه الصفة الثانية إلى كنيسة المسيح. إنها "الملء" (بلاروما) والكمال. إن الكنيسة تكمّل المسيح كما يكمّل الجذع الرأس، والأعضاء الجسم. ولكن إن كان بولس قد استعمل لفظة "رأس" للمسيح ولفظة "جسد" للكنيسة، فليس من أصل واحد لاستعمال هاتين اللفظتين. أخذت لفظة "رأس" من العالم الساميّ، فدلّت على الرئيس وصاحب السلطان. وقد استعملها بولس ليحارب هرطقة الكولسيين التي أبرزت دور الرئاسات والسلاطين. لهذا قال بولس: إن المسيح هو بقيامته الرأس والرئيس. أما أصل كلمة "جسد" فيعود إلى عالم الرواقيّين الذي يتحدّث عن جسم موحّد رغم اختلاف الوظائف، رغم تنوّع الخدم. الفكرة هي الوحدة في الكثرة. لقد أعلن بولس أن المسيح هو رأس الكنيسة في معنيين: هو الرئيس، هو مبدأ الحياة الذي يوحّد الجسد وينمّيه (كو 2: 19). وهكذا كان للفظة "بلاروما" معنى فاعل. ولكن له أيضاً معنى منفعلاً، معنى الملء الذي نجده في العالم اليونانيّ وفي السبعينيّة. فحسب 3: 19 و4: 13، الإنسان الكامل وفي عزّ قوته، هو الكنيسة، جسد المسيح. ويتحقّق كمال هذا الجسد وكل عضو من أعضائه دون أن يتوجّب على المسيح الرأس أن "يكتمل". مثل هذه الفكرة غريبة كل الغربة عن النظرة البولسيّة. فمن المسيح الرأس تأتي قوة الحياة الضروريّة من أجل تكملة الجسد. فالكنيسة هي الموضع الذي إليه يحمل المسيح ملء عمله وحياته. هذا هو المعنى في أف. الكنيسة تسمّى الملء لأنها موضع تدخّل الله التام الكامل، لأن فيها يجتمع كل عمله الخلاصّي. يبقى علينا أن نفسّر الشقّ الثاني من النعت الذي يتعلّق بالمسيح. "المسيح هو مملوء". أو "المسيح يملأ". وهناك العبارة "كل في الكل". هذا ما يدلّ على اتساع لا حدود له. ويبدو أن صيغة المجهول هي الأفضل (المسيح مملوء). فإذا أراد بولس استعمل المعلوم عندما يراه ضرورياً (4: 10). إذن، فكّر بولس في المسيح القائم من الموت، "المملوء من الله". الذي يملأه الله. هذا ما قاله في المقطع الموازي في كو 2: 9- 10: "فيه يحلّ جسدياً كل ملء اللاهوت، وفيه امتلأتم" (أي: شاركتم في هذا الملء). وهناك عبارة أخرى في كو 1: 19: "لقد ارتضى الله أن يُحل فيه (في المسيح) الملءَ كلّه". إذن، امتلأت الكنيسة بالمسيح، بنشاطه، بقدرته. والمسيح نفسه امتلأ من الله بشكل لا يستطيع اللسان البشري أن يعبرّ عنه. مثل هذا القول يُبرز قدرة الله في عمل الخلاص، ويؤسّس رجاءنا بشكل نهائي. إذن، يحلّ ملء غنى الله على المسيح الذي يفيضه في كنيسته، لكي يجمع المسيح والكنيسة، العالم والبشر. وهكذا تصبح الخليقة من جديد الملء الذي يوحّده حضورُ الله وقدرته. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:19 PM | رقم المشاركة : ( 158006 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انتصار المسيح 1: 15- 23 يحتفل هذا المقطع بانتصار المسيح وجلوسه عن يمين الآب. وفيه تتجلّى حكمة الله وقدرته. لقد زاد بولس صلاة شخصيّة على المباركة التي بدأ بها رسالته (1: 3- 14)، فحلّت محلّ فعل الشكر الذي اعتاد أن يقدّمه. لقد أصعد إلى الله تمنّيات وصلوات من أجل جماعات لم يؤسّسها، ولكنه يحمل دوماً همّها. وفي هذه الصلاة (1: 15- 23) يجعل في اضمامة وثيقة فعلَ الشكر والتوسّل (1: 16) فيعبرّ أفضل تعبير عن مشاركته في سّر الله. تفجّر فعل الشكر من مشاهدة حدث الخلاص الذي تأوّن (صار الآن حاضراً) في حياة الجماعة. وشدّد التوسّل على أن هذا لا يتحقّق بقوانا الخاصّة. إن التوسّل هو موقف من وعى ضعف الإنسان أمام عظمة مشروع الله، وضرورة دينامية الروح القدس. وهكذا يجعلنا فعل الشكر والتوسّل في دينامية تحمل الكنيسة إلى الملء الذي أعدّه الله لها. - نظرة عامة نحن أمام بحث عن حكمة هي في الواقع "جنون". بدأ بولس فأرسل شكره إلى الله الآب من أجل اثنين هما في الواقع وجهتان من الحياة المسيحية: الإيمان بالربّ يسوع، والمحبّة وسط جماعة الإخوة (1: 15). وانتظرنا ذكر الرجاء لكي يكتمل المثلّثُ البولسي (الأيمان والرجاء والمحبة). وها هو سيظهر في صلاة التوسّل (1: 18: رجاء دعوته)، ولكن كثمرة حكمة ووحي ومعرفة (1: 17). لم يرتبط الرجاء بالمعرفة صدفة واتفاقاً. فارتباطهما هو محرّك جوهري في الفكر البولسيّ ولا سيّما في أف وكو. فالحكمة في نظر بولس اليهوديّ هي الشريعة ومعرفة مشيئة الله والبحث عن ممارستها بتطبيق الوصايا وبتتميم الأعمال الصالحة وبتكديس الاستحقاقات (مثل الفريسيين). هذه الحكمة الإلهيّة التي سبقت الزمن وأشرفت على الخلق، هي موجودة كلها في الشريعة التي صارت القاعدة السميا والمعيار لجميع الأعمال. والهمّ الأول هو أن يعرفها الإنسان ويمارسها. وبما أن بولس اتّبعها وكان إنساناً غيوراً عليها، أضطهد جماعة المسيح، اضطهد كنيسة الله. وحين التقى في منعطف حياته، يسوعَ القائم من الموت، وجب عليه أن يفكّر في حكمة الله التي هي كلمة الله. هذه الكلمة صارت إنساناً هو يسوع المسيح الذي مجّدَته فدرةُ الله. إذن، الحكمة التي يجب أن نعرفها هي شخص يجب أن نلتقي به ونتبعه. وهو يسوع المسيح. وانتقل بولس إلى العالم اليوناني حيث يعمل من أجل ربّه، فواجه فيه أيضاً رغبة في الحكمة. وبجانب الذين يطلبونها في براعة الخطبة والفكر، هناك أشخاص اجتذبتهم "غنوصية" أو معرفة انتقلت بوحي. وهذا الوحي يتعلّمه الإنسان عبر تنشئة محفوظة للكاملين (للكمّال). وهذه المعرفة تخلّص في ذاتها، وبالنور الذي فيها. فلا حاجة إلى الصليب. بل لا حاجة إلى المسيح والكنيسة وتقليد الرسل (رج 1 كور 1: 17- 2: 16). أما بولس فعرف أنه ليس إلا وحيٌ إلهيّ واحد، وهو الذي تمّ "في ملء الأزمنة". ففي المسيح كان لنا الوحي النهائي والحاسم المعطى لجميع الذين يتعلقون في الإيمان بشخص يسوع المسيح. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:20 PM | رقم المشاركة : ( 158007 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سمعت بإيمانكم (1: 15- 16) "لذلك... بالنسبة إليّ" (آ 15). لقد اعتاد بولس أن يقطع تصويراً عاماً لعلاقة الله بالكنيسة ويورد كلاماً عن نفسه (3: 1، 13؛ 4: 1؛ 6: 19، 21؛ روم 7: 24- 25؛ غل 1: 10- 2: 21). لسنا هنا في معرض البلاغة، بل أمام تعبير عن وعي رفيع لرسالته يجد جذوره في "الوظيفة" التي كلّفه بها الله كرسول. وفي 2 كور 3، وصلت الأمور ببولس إلى تشبيه خدمته بخدمة موسى، فنسب إلى عمله مجداً يفوق مجد موسى (آ 9: إن كانت خدمة القضاء "في موسى" مجيدة، فكم بالأحرى خدمة البرّ تفوقها مجداً". لقد كانت وظيفة بولس الخاصة بأن يعلن دخول الأمم في شعب الله (غل 1: 16؛ روم 1: 5؛ 15: 15- 21؛ أف 3: 5- 6). "بعد أن سمعتُ" (رج كو 1: 4). يبدو بولس وكأنه يتوجّه إلى جماعة لم يؤسّسها. وقد يكون تيخيكس حمل إليه أخباراً عنها (كو 4: 7؛ أع 20: 4). "إيمانكم بالرب يسوع". وربما: أمانتكم للربّ يسوع. إن كو 1: 4 قالت: "سمعنا بإيمانكم في المسيح يسوع". أما غل 5: 22 فجعلت "الإيمان" في لائحة ثمار الروح، فصار موقفاً أخلاقياً. "لجميع القدّيسين". يتحدّث بولس عن هذه الأمانة (هذا الإيمان) وهذه المحبّة التي ظهرت للقدّيسين. لا لجميع البشر. في غل 6: 10 حضّ القدّيسين على عمل الخير من أجل جميع البشر ولا سيّما أهل الإيمان. ونقول الشيء عينه عن العهد القديم حيث الحبّ والأمانة والحقّ تتوجّه أولاً إلى أبناء العهد. فعلى كل إسرائيل أن يحبّ الربّ من كل قلبه و"أخاه" أو "قريبه" مثل نفسه. لا يُذكر المصريّ البعيد ولا العماليقي المعاديّ. والبشريّة كلها (كل بشر) ليست موضوع حبّ. ويتضمّن أف 1: 5 التحديد عينه. فالإنسان لا يستطيع علمياً أن يحبّ كل إنسان. والمسيحي لا يستطيع أن يحب أناساً لا يعرفهم، أناساً لم يجعلهم الله في طريقه. "لا أزال أشكر لأجلكم" (آ 16). ظنّ بعضهم أننا أمام صلاة الكاهن الأعظم. وآخرون أننا أمام نواة ليتورجيا إفخارستية: موقفان لا يمكن المدافعة عنهما. "وأذكركم في صلواتي". لسنا فقط أمام عمل عقليّ. فالمضمون البيبليّ للتذكّر يفترض أيضاً عملاً ذا طابع عباديّ. بما أن بولس لا يعرف الأشخاص الذين إليهم يوجّه رسالته، فهو لا يمكنه أن يتذكّر في المعنى الحصري للكلمة. بل هو يستطيع أن يستغلّ كل ما يعرف عنهم: أصلهم، تاريخهم، طريقة حياتهم (1: 13، 15). بعد هذا يتوسّل إلى الله من أجلهم. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:22 PM | رقم المشاركة : ( 158008 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعرفة الآتية من الله (1: 17- 18 أ) حين توسّل بولس من أجل هذه الجماعات، طلب الحكمة الحقيقيّة. وقد بدت منذ البداية بشكل موهبة ننالها ونعمة مجانيّة من الله. ولا يستطيع أن يعطيها إلا "إله ربنا يسوع المسيح وربّ المجد" (آ 17). إن هذه الألقاب الليتورجية (رج 1: 3؛ روم 15: 6؛ 2 كور 11: 31) تجد مكانها الأصلي في صلاة. ولكن بولس قد أدخلها هنأ كباعث على الثقة بالله. لسنا فقط أمام إله الآباء، أو إله موسى، بل "إله ربنا يسوع المسيح"، الذي كشف عن ذاته به (بالمسيح) وفيه. لا يدخل بولس في لاهوت مجرّد حول كيان الله. بل هو يعود إلى الحدث الذي طبع بطابعه تاريخ العالم، إلى هذا الحدث الذي يجب أن يكون أساس ثقتنا بالله. وسمّي الله أيضاً "إله المجد". لا شكّ في أن كيانه هو في المجد السماوي. ثم أنه يفيض بقدرته العجيبة شعاع كيانه الذي يستطيع وحده أن يمنح المعرفة والوحي. وإذ أراد بولس أن يحدّد واقع المعرفة هذا، ضمّ إليه كلمة "روح" (آ 17). فعطيّة الروح تميّز الأزمنة المسيحانية (أش 11: 2؛ يو 3: 1- 5). وهي تطبع بطابعها منعطف التاريخ الذي فيه يتدخّل الله بشكل حاسم في العالم. وحين استعمل بولس هذه العبارة دلّ على أن قدرة الله ما زالت تعمل، وأن هذا التبدّل ليس وليد مجهود الإنسان. فالله يتدخّل في عالم البشر لينشىء مشاركة تكمل يوماً بعد يوم، بين الله والبشر. فروح المسيح الذي هو موهبة مجانيّة من الربّ، يتيح لنا أن نلج سّر الله، أن ندخل إلى وحيه الذي هو حكمة (أي: صرفة قصده) وتأوين للسّر. فالجسد (أو البدن واللحم والدم) الذي يدلّ على الإنسان المتروك لنفسه، يعارض الروح ولا يستطيع أن يحقّق هذه المعرفة. إن بولس يجعل نفسه طوعاً في تيّار العهد القديم المواجه للاعتبارات الهلنستيّة. وإن استعمل المفردتين "حكمة" و"وحي" فقد استعملهما في خطّ التيّارات اليهودية المرتبطة بعالمَي الحكمة والجليان. فالمعرفة هي حكمة من حيث إنها تتيح لإنسان أن يتعرّف إلى مشيئة الله، أن يميّز ما هو حقّ، وما يجب أن يعمل في وقت محدّد. هنا تظهر الحرّية المسيحية التي هي توافقُ حبّ مع مخطّط الله من أجل خلاص العالم. وهذه الحكمة التي هي موهبة روح الله، التي تشرك الإنسان في الوحي، هي في خدمة معرفة الله. وقد أكّد بولس مراراً أن معرفة الله تفترض الإيمان والمحبّة أو بالأحرى تتضمّنهما (3: 17 ي؛ 4: 13؛ كو 2: 2). إذن، ليست معرفة الله علماً مجرّداً وخطبة عن الله. إنها خبرة إيمان ومحبّة، ومشاركة مع الله الذي يوحّد الكائن الحيّ ويوحّد معه أعماله. أما سبب هذه المعرفة فهو أن "عيون القلب قد استنيرت" (آ 18). عبارة تدهشنا للوهلة الأولى، ولكنها مأخوذة من تقليد ليتورجي قديم (مز 18: 9؛ نح 9: 8؛ با 1: 2). فتجاه تقسية القلب التي ترفض التعرّف إلى حضور الله في العالم، نحن أمام استنارة العقل الذي يلتقي بالله في معبده أو في شريعته. والفعل في صيغة الماضي الكامل، يدلّ على أن بولس يفكّر في حدث مضى واستمرت نتيجته باقية: في الواقع، إنه يحيلنا إلى التوبة العمادية. فبالعماد تبدّل قلب الإنسان، تبدّل كائنه الحميم الذي منه تخرج القرارات. فالإنسان الذي كان ظلمة (4: 18؛ رج 1: 21) قد صار نوراً (2 كور 4: 6). إذن، نقطة الإنطلاق هي استنارة أسراريّة في قلب الحياة التي تصبح وجوداً واعياً: وهي تعبرّ عن نفسها مدى العمر. هذه المعرفة التي أعطيت في بدء التوبة العماديّة، وعبرّت عنها خبرة حياة الإيمان والمحبّة، هي توسّع يصلح لأن يكون موضوع توسّل. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:23 PM | رقم المشاركة : ( 158009 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معرفة من أجل الرجاء (1: 18 ب ج- 19) يعبرّ بولس عن تمنّيه الحار بأن ننال هذه المعرفة: يجب على المسيحيّين أن لا يضيعوا اتجاهم ولا تأخذهم الحيرة، بل أن يشدّوا الهمّة نحو هدف واضح ووحيد. وتحدّد ثلاثُ جمل استفهامية مضمون هذه المعرفة: تبدو الجملة الأولى عامة. وستفسرها الجملتان التاليتان. أ- "رجاء دعوته" (آ 18ب) يجد المرتدّ نفسه أمام حياة منفتحة، مدفوعاً نحو مستقبل، نحو واقع يترجّاه، واقع يسميه الرسول هنا: "الرجاء". لا تعني الكلمة فقط موقفاً سيكولوجياً من الثقة والتأكّد والثبات، بل واقعاً يقدّمه لنا الله (غل 5: 5: بالإيمان ننتظر البرّ المرتجى؛ كو 1: 5، 27). والنداء هو الانفتاح على هذا العالم الجديد. إن النداء (أو: الدعوة) يحتلّ في فكر بولس مكانة من الدرجة الأولى: فكياننا يرتبط بنداء الله الذي يدعونا ويوجّه إلينا كلامه. فالإنسان هو الكائن الذي يدعوه الله من أجل رسالة. والمسيحيّون هم "مدعوّون". وكما أن مصدر دعوة إسرائيل هو نداء (روم 11: 28- 29)، كذلك نقول عن رسالة بولس (غل 1: 15: إرتضى الله ودعاني بنعمته). ونداء الإنجيل يوصل هذه الدعوة إلى المسيحيّين الذين يتقبّلونها في طاعة الإيمان (روم 8: 30؛ كو 3: 15؛ غل 1: 6 ي). إنه دعوة إلى الخلاص، إلى عالم جديد، إلى خليقة جديدة، إلى بُعد جديد لكائن يسمّيه بولس: النعمة، القداسة، السلام، المجد، الحرّية. قال بولس: "إبن الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح هو أمين" (1 كور 1: 9). وقال في 1 تس 2: 12: "الله الذي يدعوكم إلى ملكوته ومجده". وفي 4: 7: "لم يدعنا الله إلى النجاسة، بل إلى القداسة" (رج 1 كور 7: 22 والحرية؛ غل 5: 13: دعيتم إلى الحرية). هذه الدعوة ليست نداء عابراً: لهذا يجب أن نبقى أمناء لها. إذا كان كيان المسيحيّ يقوم بأن يكون مدعوّاً (روم 1: 6- 7؛ 8: 28؛ 1 كور 1: 2- 26)، فهذا يتضمّن أمانة خلاّقة وينبوع أعمال تتجدّد باستمرار. فحسب 1 كور 7: 20، "يجب أن يستمرّ كل واحد في الحالة التي دُعي فيها" (رج أف 4: 1، 4). وهذا التوسّع الواعي تجاه أوضاع مختلفة، لا يمكن أن يتمّ إلاّ في المسيح (فل 3: 14: ودعانا الله إليها في المسيح يسوع). وهو يتأصّل في انتمائنا للمسيح الذي فيه ينفتح مستقبلنا الذي يسميّه بولس "الرجاء". إذن، يتفجّر هذا الرجاء من معرفة الله التي أُعطيت لنا بالإنجيل حين نتقبّله في الإيمان والمحبّة. ب- "غنى مجد ميراثه" (آ 18 ج) وبعد أن أحاط بولس بمضمون معرفة الله التي هي الرجاء، حاول أن يوضح هذا الرجاء في اثنين من وجهتيه: في واقعه الأخير، في تحقيقه المتدرّج. الواقع الأخير هو "الميراث بين القدّيسين": هي عبارة ليتورجيّة تقليديّة تعود إلى زمن بولس، وقد استعملت مراراً في الأدب الجلياني. إنها تدلّ على حضور المختارين حضوراً مفرحاً وأبدياً قرب الله في رواق القوى السماوية. ما هو جديد هو أن المدعوّين يستطيعون أن يتعرّفوا إلى "غنى مجد" هذا الميراث. فقد أوحي لهم مجدُ القيامة في المسيح القائم من الموت، وبكر من قام من بين الأموات. إذن، عرفوا تدخّل الله القدير الذي يحوّلهم. والميراث ليس فقط العالم الماديّ ولا الأرض المقدّسة التي دلّت على إرادة الله الخلاصّية، بل عالم متجلٍّ رأوا بهاءه وقدرته ساطعين في قيامة المسيح. أما مضمون رجائنا، فهو تنعّم نهائي بهذا الحاضر المنير الذي يبدّل كياننا. ج- "عزّة قوّته" (آ 19) وتتدخّل قدرة الله بالضرورة لكي تقودنا إلى هذا الواقع السماويّ الذي هو حضور مجيد مع القدّيسين. هذه هي الوجهة الثانية للرجاء. فعلى المؤمن أن يعرف عظمة قدرة الله الذي يريد أن يجعلنا في ملكوته. وهكذا تتوازى قدرة الله مع مجده، لأنهما شكلان لواقع واحد: فالمجد وحده يجعلنا جديرين به. وقوّة الله التي لا تُقاس، تحمل القوّة الضرورية لهذا التجليّ، للإنسان الذي لا يستطيع أن يتجاوز نفسه لكي يتألّه. |
||||
18 - 04 - 2024, 02:24 PM | رقم المشاركة : ( 158010 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح الممجّد كفيل رجائنا (1: 20- 22) إن هذه القدرة الإلهيّة تبدو ناشطة فينا ومن أجلنا. وهي تبدو فاعلة وحيّة في شخص الربّ الذي إليه ننتمي وبه نرتبط. وقد أعلنت لنا في واقع سّر المسيح. وما إن يشاهد بولس هذا السّر حتى يحلّ محلّ التوسّل والدعاء مديحٌ يلامس اعتراف الإيمان، بل يوسّعه وينشده ويعظّمه. وتتلاحق كلمات القدّيس بولس وتتوسّع بقدر تأمّله في السّر. وهو يعطينا في أربع عبارات البواعث الأخيرة التي تؤسّس صلاته وتسند رجاءه. أ- المسيح القائم من الموت (آ 20 أ) إن قدرة الله عملت حين أقامت المسيح. هذه هي العبارة المركزيّة في اعتراف الإيمان المسيحي. "الله الذي أقام الربّ، يقيمنا نحن أيضاً بقدرته" (1 كور 6: 14). نحن "نؤمن أن يسوع مات ثم قام" (1 تس 4: 14). إنطلق الرسول من هنا فصوّر انتصار المسيح وسلطانه. ب- المسبح الممجّد (آ 20 ب- 21) وقد تجلّت قدرة الله هذه في تمجيد المسيح الذي يصوّر بكلمات مز 110 الذي يرد مراراً في هذا المعنى في مواعظ الدفاع في الجماعات المسيحية الأولى (روم 8: 36؛ كو 3: 1). ولمّا تمجّد المسيح شارك الله في سلطانه: إنه "عن يمين الله": هذه عبارة تقليدية تدلّ على مشاركة في السلطان والقدرة. وتتوضّح هذه السيادة من زاويتين: على مستوى المكان الذي منه تمارس. على مستوى الاتساع الذي لا حدود له. فالمسيح هو "في السماوات". عبارة استعملها بولس في 1: 3 فدلّ على التسامي الإلهي. وبما أنه القائم من الموت، فهو يسوس العالم. إنه لم يلجأ إلى عزلة مجيدة تخفي انتصاره عن الناس. وإذ أراد بولس أن يبرز هذا التسامي الفاعل والناشط، زاد أنه (أي: يسوع) تمجّد فوق كل القوى السماويّة التي يتكلّم عنها قرّاؤه في حلقات اجتماعهم. ولقد حاول بعضهم أن يجعل المسيح بين هذه القوى. أما الرسول فأكّد تسامي المسيح المطلق عليها. ظنّ الناس في ذلك الوقت أن لهذا القوى منطقة عمل. أنها ارتبطت بموضع تنطلق منه لكي تمارس نشاطها. أما بولس فيرى أن الربّ هو فوقها كلها، وأن لا حدود لتأثيره ونشاطه، فكرّر ما قال في كو 2: 10: "إنه رأس كل رئاسة وسلطان". وشدّد بولس أيضاً على أزليّة هذا السلطان: إنه يسري "ليس في هذا الدهر فقط، بل في الآتي أيضاً". إذ استعاد بولس التمييز اليهوديّ التقليديّ بين هذا العالم والعالم الآتي، عرف أن هذا التمييز ليس فقط زمنياً، بل نوعياً: نحن أمام تجلّ للعالم نجده الآن في مبدأه، في شخص المسيح وفي عطيّة الروح (عب 6: 5: "ذاقوا الموهبة السماوية وأشركوا في الروح القدس"). ج- "أخضع كل شيء" (آ 22 أ) وظهرت قدرة الله أيضاً في سلطان المسيح الفاعل في الكون. استعمل بولس مز 8: 7 الذي يطبّق عادة على الانتصار الإسكاتولوجيّ (عب 2: 8 ي). أما هنا فنحن أمام انتصار حاليّ: فهذه القوى ليست فقط أدنى منه، بل هي خاضعة له. هذا طرحٌ توسّع فيه بولس في كو 2: 15 ي وسيعود إليه في أف 6: 12. د- الله "جعله رأس الكنيسة، فوق كل شيء" (آ 22 ب) وحين شدّد بولس على هذا التأكيد الأخير، ظهرت الكنيسة في المستوى الأول كواقع اسكاتولوجيّ. والطريقة التي بها أدخله (أي: يسوع) بدت مميّزة: "وهو الذي جعله" بعد انتظار طويل. هذا هو هدف وخاتمة كل التأكيدات السابقة، وما يؤسّس في النهاية رجاءنا. هذه هي ذروة قصد الله الخلاصي. إن فاعليّة قدرة الله تمارَس ملء الممارسة حين تجعل المسيح رأس الكنيسة. المسيح هو رأس "فوق كل شيء" (رج عب 2: 18؛ كو 2: 10؛ أف 1: 15- 16). وهكذا يستبعد بولس سائر القوى التي لا تأثير خلاصياً لها في الكنيسة. فالمسيح هو وحده الذي يعطي قدرة الخلاص. إذا كان المسيح رأس الكنيسة ورأس القوى، فهو ليس كذلك بالصفة نفسها والطريقة عينها. إن سموّه على القوى يختلف عن سموّه على الكنيسة. فالقوى خاضعة مستعبدة. وقد جُعلت تحت قدمَي المسيح خلال انتصاره. أما الكنيسة فهي واحدة معه وإن خضعت له. وهو يمارس عليها سلطة التقديس والحبّ لا سلطة القسر والإكراه. ومن أجل هذه الكنيسة التي هو رأسها أعلن المسيح قدرة الله وأظهر نتيجة هذه القدرة في العالم. |
||||