17 - 04 - 2024, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 157911 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
والخلائق تسبح بحمده “الضوء” نعم ، المخلوقات، مهما كانت صغيرة وتافهة، تعكس بطريقة أو بأخرى ، حكمة ومحبة ورسالة… وكلما كان الإنسان صالحاً وخالياً من الأنانية والكراهية ، وجد سهولة في فهم المعنى العميق لحوادث الحياة اليومية. فالقلب إذا ما خلا من الأنانية والكراهية ، أمتدّ تبصّره إلى عمق أعمق وأبعد، لأنه لا يتوقف عند سطحية الأمور، بل يفحص كل شيء ليصل إلى الغاية المنشودة والتي من أجلها كانت رسالة الله في المسيح الحي ، والتي فيها علّمنا ودرّبنا ورسم لنا طريقاً واحدة تقود إليه، وجعل الدنيا وما فيها من أجلنا عبرة ولغة وحقيقة.. وما الحقيقة إلا الله. فها هي المخلوقات تقودنا إلى الأمور العظيمة رغم الحواجز والفشل، وإلى الاستسلام لإرادة الله لأنه الخير الأسمى والعبرة السامية والغاية القصوى . فعبرَ مقالات من ” والخلائق تسبح بحمده” أُدرج هنا مخلوقات تعكس لنا ولكم محبة ورسالة وحقيقة . لقد خلقتَ الضوء يا سيدي فوق الخواء الكوني منذ فجر التكوين،” فكانت الشمس وكان النهار”( تك 5:1) ، ووجدتَ الضوء جيداً ومفيدا بل” حسناً “(تك 40:1). ونحن أيضاً نقدّر قيمة الضياء لاسيما عندما ينقطع التيار الكهربائي فجأة.فنحن اليوم نعيش في عصر يدعى “عصر النــــور”” عصر التكنولوجيا ” ، كما كانوا يسمّون القرن الخامس عشر “عصر النهضة”. وقد تعــدّدت مسمّيات الضوء وأوصافه، استعمالاته ومنافعه، فيقال مثلاً: أن هذا المربّي يحمل أنوار الحكمة وهو كشمعة تحترق، وإن الثورة الفرنسية جاءت بمشعل الحرية، وإن الوحي وهب البشر نور الإيمان، وإن المسيح الرب صعد إلى السماء بضياء مجده. وكانت الشعوب البدائية تعبد أشعة الشمس، وأحياناً تتحدث الصحافة عن الحفلات الماجنة تحت الأنوار الصارخة في الليالي البيضاء للمدن الكبيرة الصاخبة. وقبّة كنيسة مار بطرس في روما تتلألأ بالأنوار الساطعة كلما أقيم إحتفال تتويج لبابا جديد. نحن مغمورون بالضياء من قمة رأسنا حتى أخمص قدمنا إلا في وطننا فهذه سنين ونحن نعاني من عدم الضياء إلا عبر المولدات، فهو لنا كنشرة ضوئية، ومع الاسف . لقد دجَّنا الضوء كما قمنا بتدجين الحيوانات من قبل. ويهرب الظلام مذعوراً مندحراً ومعه جميع الأطياف والأوهام والخرافات بمجرد أننا نضغط على زرّ كهربائي صغير بإصبع متراخية. مصابيح زيتية، مصابيح نفطية، مصابيح كهربائية. لا شيء أكثر تفاهة من الضوء في زماننا هذا، لا بل أصبح حتى أطفالنا يحملون مصابيح متنقلة داخل جيوبهم. أما الخسوف والكسوف فما عادا يخيفاننا، ولا أحد اليوم يقرع الطبول عند حصولهما، لا بل أن الجرائد تعلن عنهما بدقّة رياضية مع صور تبيّن خطوطهما البنفسجية وما فوق البنفسجية وما دون الحمراء. ومنذ المرحلة المتوسطة يعرف الطالب أن سرعة الضوء تساوي (300) ألف كيلومتر في الثانية كما هو تعليمنا في مدارسنا بالامس . لقـد غدا الضوء سجين حساباتنا ومعادلاتنا، ويخال لي أنه أصبح اليوم أمراً صبيانياً أن يقف شاعر أمام غسق الصباح مستلهماً قريحته ليصف أشعة الشمس المشرقة، أو يلجأ ناسك متعبّد إلى شفق الشمس الغاربة بحثاً وراءها عن إلهامات وانخطافات روحية. ومع ذلك فقد قلتَ يا سيدي إنكَ “الضياء الحقيقي ومَن يتبعكَ لا يسير في الظلام” (يو12:8).وجعلتَ رجالات الكنيسة تُشبه الثالوث المقدس بضياء الشمس ونورها وحرارتها . نعم في ظلمة الليل أتلمّس طريقي، وأتخيل أشباحاً ملثّمة تتهامس، وعفاريت تثرثر، وأقزاماً تتعثّر، وأتحسس لطخةً في ثوبي، وبقعةً أو حفرةً لا وجود لها على الجدار. ذلك لأن الوهم هو وليد الظلام. فإذا غمرنا الضياء على حين غرّة، إذا بحجاب الظلمة كأنه ينشقّ حالاً بضربة قاصمة، لأن الضياء عنيف وسريع عندما يقتحم، ولأنه صريح عندما يتكلم، ولكنه يتكلم بدون صوت، ولا يستخدم ألفاظاً ولا يناقش عندما يصعقنا حضوره ببريقٍ مفاجئ، وبدون سابق إنذار، يبدّد من أمامنا كل أنواع الخرافات والأوهام، ويفضح جميع أكاذيب العالم!وبياناتهم المصلحية والتدميرية القاتلة المحشوة حلاوة وكأن العالم لا يسير إلا بدفن الحقيقة قبل وقوعها من أجل انتصار كلام الدجل والكذب والفساد . إن القبح لا يظهر بأتمّ وضوح إلاّ عندما يفاجئه النور!. ونحن في الشرق لا نجهل ما للشمس من قوة حرارة وضوء، وهذا مما دعا الهنود القدماء يشيّدون لها المعابد الضخمة، وسكان المكسيك يقدّمون لها آلاف القرابين. إنها ليست كشمس شعراء الغرب الرومانتيكيين التي تتلصلص بين وريقات أشجار الصفصاف والصنوبر والتي يحتمي بها الشيوخ المقعدون في آخر سنواتهم على الأرض… بل هي الشمس الاستوائية المحرقة، سيدة الحياة والموت، والتي تتلوى الأرض تحت حرارتها مثل دودة عارية. لقد لعبنا كثيراً بهذا اللغز العظيم الذي هو الضوء،والحقيقة ما هي إلا فيه ، وتجاسرنا وقلنا إنه محتوى داخل مملكتنا وقصورنا وبلاطاتنا ، بينما في الحقيقة كان هو الذي يضمّنا داخل مملكته الواسعة. إنه يمتلكنا ويحتوينا، وفي أية لحظة، من أية ثغرة، من أي ثقب صغير، من أية ثلمة في جدار يستطيع أن يفاجئنا داخل غرفنا المقفلة. مهما لجأنا إلى بيوتنا واحتمينا بعماراتنا الشاهقة،واشخاصنا المختارين والمنزهين ، فإنه ينساب بدون تحفّظ أو خجل، ويتسرّب حتى ما بين أجفاننا وداخل خياشيمنا. ليس عبثاً يا سيدي أنكَ ناديتَ منذ عشرين قرناً من الزمن أنكَ “الضياء” كما أنكَ “الحق”! (يو12:8).بل الحق بذاته . وإني أعلم اليوم أن الكذب والتنكّر ، وان كان اليوم سبيلا للنجاح، ففي وسط الأنوار الكاشفة أكثر صعوبة مما داخل الظلمات السوداء الثخينة. وإذا كانوا قد صوّروا لنا السماء مغمورة بالضياء، أفليس لإفهامنا أن الحقيقة هي المنتصرة دوماً!؟.ففيها يُظهر كالنور برك وكالظهيرة حقَك ( مزمور6:37). نعم لا أريد الرجوع إلى كهوف أفلاطون المظلمة حيث لا تبدو الحقيقة إلاّ من خلال أنصاف أطياف وأنصاف خيالات تتمايل ثم تختفي، لأني أحب الأنوار القوية الساطعة التي تُظهر جميع الأشياء كما هي على حقيقتها، نعم على حقيقتها ، والتي تمزّق جميع البراقع والأقنعة، وتصيّر الكون شفافاً رائقاً بدون أي لُبْس أو تشويه!!. كم يلزمنا من الشجاعة يا سيدي للحصول على شرف الشفافية وعدم الهلع من الانكشاف أمام الناس كما نحن!.في قول الحقيقة بام عينها ، فقد قلت في إنجيلك ” الذي أقوله لكم في الظلمات قولوه في وضح النهار ” ( متى (10 :26-33) . وإذا ما أردنا أن نتشبه بك ،يا سيدي ، كما تقول ، فلنكن شفافين صريحين مملوئين نوراً بل ضياءً من أجل دروب الحياة كي لا نكون ظلاماً . إن الأطفال يخافون سواد الظلمة، أما البالغون فإنهم يتدثّرون بجلباب صفيق تجنبـاً من لدغة النور الذي يكشفهم على حقيقتهم، وهناك أشياء كثيرة نريد أن نخفيها عن أنظار الناس، وحتى داخل معابدنا ومن أجل مصالحنا. هنالك مَن اعتاد الوقوف منزوياً وراء أحد الأعمدة أو يلجأ إلى الاختباء في ركن مظلم بعيداً عن أنظار المصلّين. ولكن نظرتكَ يا سيدي من فوق المذبح تخترق حتى أعماق القلوب، وتدعونا إلى نوركَ الإلهي ليطهّرنا من كل ما نخجل من كشفه على رؤوس الملأ، وينقذنا من هواجسنا، ويشفينا من تخيلاتنا المريضة، لكي نرى ذواتنا بواقعيتها كما تراها أنتَ ، لانك النور، نعم أنت النور الذي يجب أن يُبشر به ليُبدد الظلام ” وبنورك نعاين النور أيها الممتلىء نوراً ” ( مزمور 36) وعبر حقيقتك نشهد للحق ” لانكم تعرفون الحق والحق يحرركم ” ( يوحنا 32:8) فأملأ يارب قلوبنا من نورك كي نعرف حقيقة ضياءنا ، آمين ، نعم وامين . |
||||
17 - 04 - 2024, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 157912 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
والخلائق تسبح بحمده “الرمال” نعم ، المخلوقات، مهما كانت صغيرة وتافهة، تعكس بطريقة أو بأخرى ، حكمة ومحبة ورسالة… وكلما كان الإنسان صالحاً وخالياً من الأنانية والكراهية ، وجد سهولة في فهم المعنى العميق لحوادث الحياة اليومية. فالقلب إذا ما خلا من الأنانية والكراهية ، أمتدّ تبصّره إلى عمق أعمق وأبعد، لأنه لا يتوقف عند سطحية الأمور، بل يفحص كل شيء ليصل إلى الغاية المنشودة والتي من أجلها كانت رسالة الله في المسيح الحي ، والتي فيها علّمنا ودرّبنا ورسم لنا طريقاً واحدة تقود إليه، وجعل الدنيا وما فيها من أجلنا عبرة ولغة وحقيقة.. وما الحقيقة إلا الله. فها هي المخلوقات تقودنا إلى الأمور العظيمة رغم الحواجز والفشل، وإلى الاستسلام لإرادة الله لأنه الخير الأسمى والعبرة السامية والغاية القصوى . فعبرَ مقالات من ” والخلائق تسبح بحمده” أُدرج هنا مخلوقات تعكس لنا ولكم محبة ورسالة وحقيقة . مَثَل صيني قديم يقول: أن الأشياء الليّنة والرخوة تستطيع أن تتغلّب على الأشياء الصلبة وتحطّمها، ولكن العكس غير صحيح. فالهواء يقتلع الأشجار القوية العملاقة، والماء ينخر صخور الجبال ويفتّتها على مرّ الأجيال. حاولتُ أن أفهم هذه الحقيقة يا سيدي، وأنا قابض على حفنة من الرمل بين أصابعي. إن رمال الشواطئ كانت في الأصل صخوراً صلبة وكثيفة ثم تفتّتت وتآكلت بفعل المَدّ والجَزر. واليوم أصبحت هذه الصخور الضخمة عواصف من الرمل والغبار، تدور في بطون الصحارى ثم تهجم على مدننا وأريافنا، وتدخل حتى في خياشيمنا( أنوفنا) . إن الرمال تحكي لنا قصة تاريخ الكون بصوت خفيض. أريـد أن أجدكَ يا سيدي في صميـم هذه الحكاية. أريد أن أفهم العلاقة بين الصلابة والنعومة، بين القوة والليونة، بين الحقيقة والفساد، بين الكبرياء والوداعة ، بين السذاجة والبساطة ، بين الغرور والانفتاح ، ومَـن منهما سوف يتغلّب على الآخر؟. لاشكّ أن النعمة تحاول جذب الإنسان إلى الله، وإن الحرية الشخصية تحاول الابتعاد عن الله. ولكن هنالك مؤرّخون مسيحيون كثيرون أدانوا حملات الحروب باعتبارها وسائل عنف محرَّمة في الدين المسيحي. وأنا بدوري لا أريد أن أخوض في المعارك الدامية التي دارت بين الألبيجيين والهوسيين من جهة، وبين المحاربين البابويين من جهة أخرى، ولا في السجون المظلمة التي أُعدَّت للهراطقة، ولا في محارق محاكم التفتيش الإسبانية، ولا في صكوك الحرمان التي كانت تتهاوى كالصواعق والرصاص على كل مَن يَحيد قيد شعرة عن قرارات المجامع. إن الرمل الناعم يعلّمني أن القوة الغاشمة ليست هي أصل الدين،وأن المصالح ليست حقيقة الحياة ، وأن القساوة ليست حقيقة الغفران، وإن صلابة الجماد غير كافية لمنع تفتّت الصخـور، كما إن الطغيان والاستبداد لا يحميان البشر من الاندثـار. فما تعلّمني الرمال خاصةً هو أنْ أقيم ألف حساب لعامل الزمن. هذا الزمن الذي لا يرحم البشر، ويكشف كل خفّي حسب قولك يا سيدي ” ليس خفي إلا سيظهر “( لو17:8) فيه تُبان الحقيقة والذي لا يستطيع جبابرة الأرض وكبار دنيانا، ورؤوساء زماننا، صدّه مهما فعلوا. إن الزمن يردّد لي على لسان الرمال أنْ لا شيء على الأرض يدوم أو يثبت بصورة نهائية، وأن الحقيقة ستبان يوما حسب قولك يا سيدي ، ولأجل الاستمرار في الحياة على البشر أن يتجدّدوا كما يتبدّل جلد بشرتهم الذي ينضرنّ ويتوالد باستمرار. إني أعلم أنه من الممكن أن ترتخي عزيمتنا شيئاً فشيئاً، وتتبدد إرادتنا درجةً درجة بفعل نفخة من الريح، وبدون سابق إنذار، وهذا ما يدعوه المرشدون الروحيون بالإهمال أو الطيش أو الروتين أو “الفتور”. لقد رأيتُ حولي ألوفاً مِمَّن سقطوا من ارتفاعات عالية ببطء وبدون شعور، كالجبال الشاهقة التي سقطت فيما مضى في بطون البحار، وإني أعتقد أنه للحفاظ على مستوانا وعدم الانخفاض إلى الأسفل، هو نوع من أعمال البطولة، لأن الذي لا يتقدم سوف يهبط حتى إلى الأسفل، ولأن عدم التقهقر هو نوع من التقدم، لأن عدم التقهقر معناه المقاومة بصلابة ضد قوة معادية،أو كبار مغرورين ، وعدم الارتخاء تحت ضغط الأعداء مهما كان فسادهم وعمق مصالحهم وشرورهم وكبريائهم . أنا لا أحب كلمة “رجعي” أو “محافظ” في السياسة لأنها كلمة مقيتة، ولكن عند المسيحيين “المحافظة على النعمة” تعني شيئاً كثيراً لأنها تتضمن شجاعةً وبطولة، إحتمالاً وداعةً ، إنتظاراً وفرجاً . هناك صفة أخرى أساسية للرمل مهمة جداً وهي، إذا كان الرمل ناتجاً عن تفتّت الصخور، فإنه سبق وأن كوّنها بواسطة الترسبات، خلال أجيال وأجيال تراكمت الترسبات في أعماق البحار، وتكدّست وتكثّفت بفعل الضغط الشديد الهائل وتحوّلت إلى حجارة نبني اليوم بها منازلنا وكنائسنا وقصورنا وصروحنا واستراحاتنا الصيفية ، . هنالك إذن طريقة لحصول كتل كبيرة صلدة من حبيبات صغيرة مجهرية لا تُرى بالعين المجرَّدة. إن عملية رصّ هذه الحبيبات الناعمة في مجموعة متينة هي سرّ قوة الوجود. كانوا يكررون علينا غالباً أن الاتحاد قوة، ولكن الاتحاد لا ينتج دائماً قوة، بل أحياناً ينتج الضعف. هل إن إضافة حفنة من المترهلين المصابين بداء المفاصل إلى مجموعة من الشباب المحاربين تزيد هؤلاء قوة؟ هل أن فيلقاً من الخيّالة تصبح أكثر شجاعة لأنكَ عضدْتَها بكوكبة من الحمير؟ هل وضع أناس مصابين بالكورونا فايروس مع كبار السن والمرضى المزمنين تحمي من الاصابة أليس ذلك تدمير شعوب وقتل أبرياء ، وفي كل جيوش العالم قاطبة، تخلية الجرحى والقتلى من ساحة المعركة أمر ضروري لتجنب عرقلة سير القتال… إن الاتحاد ضمن التجانس هو الذي يصنع القوة، بشرط أن كل عنصر يلعب دوره المخصَّص له، ويحترم أدوار الآخرين. كم أحبّ ذرّات الرمل المتكدّسة فوق بعضها بصمت ومحبة واحترام لحقوق بعضهـا دون كراهية ، بكل طاعة واتّضاع. إن كل رملـة وجدت مكانها واستقرّت فيه، من دون أن تحاول أن تميّز نفسها عن غيرها، ولا أن تبرز في المقدمة بمظهر المباهاة، ومن دون أن تختار جاراتها، ولا أن تتدافع لاختيار مواقعها، كل هذا سهّل عملية تكوين الصخرة الصلدة. وأنا هل اخترتُ عائلتي وطبيعة وطني وتاريخ ميلادي؟، ألم تكن أنتَ يا سيدي أساساً لوجودي حيث أنا الآن؟ شئتُ أم أبيتُ فإني جزء من مجموعة عليّ أن أرضى بالانتماء إليها، وبوطن ولدتُ فيه، ولكن وا أسفاه، غالباً ما أتمرّد وأشكو من ظروفي التي وضعتَني فيها. ما كان ينفع مريم المجدلية (يو7:26) لو تمرّدت على دورها وحاولت أن تقوم بدور مار بولس؟، أليس الاكتفاء بالقيام بأدوارنا دون أستغلال المصالح والمحسوبيات هو طريق تقدمنا في البرّ والفضيلة؟ عندما تحاول العين اليمنى أن تلعب دور العين اليسرى، أو بالعكس، فإن النتيجة الوحيدة هو “الحَوَل”. إذن ، إن القوة الحقيقية غير ناتجة من مجرد التراكم، بل من الوفاق.وهذا ما حصل مع إبراهيم بطاعته إذ ” جعلتَ سلالته كرمل البحر” ( تك 17:22). نعم يا إلهي، اجعلني مثل حبة الرمل التي تستقر في مكانها راضيةً، وإن رفضها حاملها ،فاجعلني ياسيد، متّحداً مع ذاتي، عاملا ” بكلمتك ومشيئتك”(متى 42:26) ، لأستمر في القيام بالدور الذي خصصتَه لي منذ خلقتَني.نعم ياسيدي ، نعم وآمين . |
||||
17 - 04 - 2024, 05:12 PM | رقم المشاركة : ( 157913 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور الثَّلاَثُونَ شكر الله المخلص مزمور أغنية تدشين البيت . لداود "أعظمك يا رب لأنك نشلتنى" (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي كما يظهر من العنوان، وليس أرميا كما ادعى البعض أنه كاتبه، اعتمادًا على ما كتب في المزمور "أحييتنى من بين الهابطين في الجب" (ع3)، لأن المعنى المقصود رمزى؛ إذ أن الله انتشل داود من الموت. 2. متى قيل ؟ أ - في تدشين بيت داود الخاص لسكناه. ب - قاله في حقل أرونا اليبوسى، حيث بنى مذبحًا، وشكر الله الذي أوقف الوبأ. وهناك أقيم هيكل سليمان. ج - قاله داود عندما غفر له الله خطيته الكبيرة مع إمرأة أوريا الحثى، وكان ذلك على يد ناثان النبي، فهذه الخطية هى المرض الشديد، الذي يحدثنا المزمور عنه، والذي قارب به إلى الموت، وشفاه الله منه. 3. كان يقال هذا المزمور في تدشين الهيكل، سواء أيام سليمان، أو زربابل، أو يهوذا المكابى، وظل يقال في عيد التدشين حتى أيام المسيح. 4. لعل داود كتب هذا المزمور بروح النبوة عن حزقيا الملك، الذي سيتعرض لمرض الموت، وبعد صلاة أشعياء شفاه الله. وكذلك عن إنقاذ الله لحزقيا من جيش سنحاريب، حيث قتل ملاك الله 185000 جنديًا من هذا الجيش في ليلة واحدة. 5. هذا المزمور يشير إلى ميلاد المسيح وقيامته بقوله "أصعدت من الهاوية نفسي من بين الهابطين في الجب" (ع3). 6. في عنوان هذا المزمور نجد "مزمور أغنية"، وهذا معناه أنه كان يقال بآلتين موسيقيتين، أو بآلة موسيقية وهي المزمار، أي "المزمور"، وصوت الإنسان وهو "الأغنية". 7. هذا المزمور مع الأربعة مزامير التالية، أي حتى مز34 هي مزامير شكر لله. 8. هذا المزمور يردده الكاهن عندما يلبس ملابس الكهنوت؛ ليبدأ صلاة القداس الإلهي. 9. هذا المزمور تردده الكنيسة في صلاة الساعة الثالثة، وهي ساعة حلول الروح القدس؛ لأن هذا المزمور تظهر فيه بركات عمل الروح القدس في حياة المؤمن، فيمجد الله. (1) الله الشافي والمنقذ (ع1-3): ع1: أُعَظِّمُكَ يَا رَبُّ لأَنَّكَ نَشَلْتَنِي وَلَمْ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي. يبدأ هذا المزمور بشكر الله، بل تمجيده وتعظيمه؛ لأنه ليس إله مثله في رعايته وعنايته بأولاده؛ لذا يشكره داود من أجل أعماله معه. كان داود غارقًا في خطيته، ولم يشعر بجرمها، فتدخل الله عن طريق ناثان النبي، ونبهه، فأفاق وقام يشكر الله، الذي انتشله من طين الخطية، الذي كان منغمسًا فيه، ورفعه إلى مجد الطهارة والنقاوة التي نالها بغفران الله. إن الأمم المحيطة بداود، وكذا الشياطين يريدون إهلاك داود، ولكنهم لم يقدروا؛ لأن الله نجاه وانتشله من بين أيديهم، فلم يستطيعوا أن يشمتوا به. يشعر داود بعناية الله الخاصة به، فيقول نشلتنى ولم تشمت بى، فهو يشعر أنه موضوع عناية الله ومحبته وحمايته من أعدائه. ينطبق نفس الكلام على حزقيا الملك، الذي تعرض للهلاك بيد سنحاريب الأشوري، وكذلك بالمرض، فأنقذه الله وقتل جيش سنحاريب، وشفاه من مرضه. تنطبق هذه الآية على كل إنسان روحي يجاهد مع الله ضد الشياطين والخطية، فيشعر بيد الله التي تسانده وتنقذه في سرى الاعتراف والتناول، فيمجده. ع2: يَا رَبُّ إِلهِي، اسْتَغَثْتُ بِكَ فَشَفَيْتَنِي. الله قادر على كل شيء ويحب أولاده، ولكن ينتظر إيمانهم به، الذي يظهر في التجائهم إليه، واستغاثتهم به، وحينئذ يتدخل بقوة، وينقذهم من كل شر. إن داود له دالة بنوة عند الله، فيقول له يا إلهى، ويصرخ إليه، فيفرح الله بتمسك داود به، ويجيب طلبته. إن الله يشفى أولاده، ليس فقط من أمراض الجسد، بل أيضًا الأمراض الروحية، وهي الخطايا. وشفاؤه يكون كاملًا، كما قام داود بكل قوة، وواصل حياته مع الله في صلوات وعمل للخير. ع3: يَا رَبُّ، أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. تعرض داود للموت من أعدائه اليهود القريبين منه، مثل شاول وأبشالوم، وتعرض أيضًا للموت من الأمم المحيطين به، مثل الفلسطينيين، وكذلك تعرض للموت الروحي بسقوطه في الخطية. ولكن الله أصعده من الموت والهاوية، وأحياه أمامه؛ لذا فهو يشكره. المقصود بالجب هنا هو الموت والهاوية، وأصعب ما في الجب أنه حفرة عميقة، تبعده عن الحياة والبشر. فهو يرمز لانفصال الإنسان عن الله بسقوطه وذهابه إلى الجحيم. فهو يشكرالله الذي خلصه من هذا الموت. لقد تعرض حزقيا الملك للموت مرتين؛ على يد سنحاريب، ثم بالمرض ولكن الله أعطاه حياة جديدة. فداود بروح النبوة يتكلم عن حزقيا، الذي نال نعمة الحياة من الموت (أش36-39). داود كان رمزًا للمسيح الذي مات ودفن في القبر، ثم صعد منه بالقيامة؛ ليكون بكر الراقدين، ويعطى المؤمنين به القيام من الخطية وكل ضعف. † إن قوة الله قادرة أن تنقذك من أية ضيقة، أو خطية، فلا تنزعج من صعوبة الضيقة، ولا من ضعفك، بل قم سريعًا بالتوبة والصلاة، وثق أن الله يسندك فتمجده. (2) تسبيح الأتقياء (ع4، 5): ع4: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَتْقِيَاءَهُ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ. إن الأتقياء هم الذين يخافون الله، ويشعرون بعدم استحقاقهم لمراحمه وبركاته، فإذا باركهم الله يرنمون شكرًا وفرحًا، ويرنمون من كل قلوبهم. فالأتقياء وحدهم هم الذين يهبهم الله الفرح والتسبيح، أما الذين لا يخافون الله يسقطون بسهولة في التذمر ولا يستطيعون تسبيحه. الأتقياء الذين يخافون الله يحيون في البر؛ لأنهم تأثروا بقداسة الله وبره، وهم منشغلون دائمًا بجمال الله، فيسبحونه ويتذكرون دائمًا قداسته. وكلما باركوا الله وتذكروا قداسته تنجذب قلوبهم إلى القداسة والبر في كل سلوكهم. إن ذكر اسم الله وقداسته هو أساس تدشين ومباركة أى بيت. وهذا هو أول إشارة للتدشين في هذا المزمور. وأنت أيضًا فإن مباركة حياتك تأتى بذكر قداسة الله كل يوم. إن داود الذي اختبر حياة التسبيح وتمتع بها تحرك قلبه نحو باقي المؤمنين، فيدعوهم لمشاركته في التسبيح وذكر قداسة الله، فهو عضو من أعضاء شعب الله لا يستطيع أن ينفصل عنه، كما أن المسيحى عضو في الكنيسة لا يشعر بالحياة بعيدًا عن إخوته. ع5: لأَنَّ لِلَحْظَةٍ غَضَبَهُ. حَيَاةٌ فِي رِضَاهُ. عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ، وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّمٌ. يظهر حنان الله -الذي يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون- في أنه يغضب على أولاده فترة قصيرة جدًا، يعبر عنها هنا بلحظة؛ حتى يشعروا بجرم الخطية، ويؤدبهم، فيبتعدون عنها، ويرفضونها، ثم تأتى مراحم الله ورضاه في حياة كاملة سعيدة يحياها المؤمنون به، كما غضب الله على داود عندما أحصى الشعب، فضربهم بالوبأ، ولكنه عاد سريعًا فسامحهم، وقدم داود ذبيحة في حقل أرونا اليبوسى (2 صم24: 25). إن الحياة هي في رضا الله، أما البعد عنه فهو موت؛ لذا فأولاد الله يسعون لإرضائه بحفظ وصاياه، وعندما يرضونه ينالون بركاته الوفيرة، فيشكرونه ويفرحون. يحدثنا داود عن البكاء في المساء، وذلك بمحاسبة الإنسان نفسه على خطاياه طوال اليوم، فيندم عليها، ويعترف بها أمام الله في دموع، ثم ينام هادئًا، ويصحو ليسبح الله الذي حفظه طوال الليل، وأعطاه أن يبدأ يومًا جديدًا. لقد مات المسيح على الصليب ودفن في المساء، وبكت عليه المريمات وكل أحبائه، ولكن في صباح القيامة رأى أحباؤه القبر فارغًا، بل وظهر لهم، ففرحوا بقيامته. إن المساء يرمز لحياتنا في العالم، حيث نعانى من آلام وضيقات كثيرة يعبر عنها هنا بالبكاء، ولكن في صباح الأبدية، أي عند دخولنا ملكوت السموات نحيا في الترنم والتسبيح إلى الأبد. في المساء عير سنحاريب الأشوري شعب الله، فكانوا في حزن وبكاء، وفى الصباح تخلص اليهود من الأشوريين، إذ وجدوهم جثثًا بعد أن قتلهم الملاك، أما الباقون فهربوا. وفى المساء حزن حزقيا الملك لمرضه الذي سيؤدى إلى وفاته، وفى الصباح أعطاه الله عمرًا جديدًا لمدة خمسة عشر عامًا (أش36-39). † لا تنسى محاسبة نفسك في كل ليلة، وعلى قدر ما تندم على خطاياك يعطيك الله رجاءً، ويغفر لك خطاياك، فتبدأ بعد هذا بنشاط روحي كبير. (3) طلب الله المخلص وتسبيحه (ع6-12): ع6: وَأَنَا قُلْتُ فِي طُمَأْنِينَتِي: «لاَ أَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ». داود يعبر عن طمأنينته في حياته القديمة، عندما كان يرعى الغنم، فشعر بيد الله معه، وقتل الأسد والدب. وعندما رأى جليات لم ينزعج وظل مطمئنًا، وخرج له وقتله. آدم أيضًا كان يحيا مطمئنًا في الجنة مع الله، متمتعًا بعشرته، وكان بعيدًا عن الخطية، فشعر أنه يحيا بهذه الطمأنينة إلى الأبد. شعر حزقيا الملك بطمأنينة عندما شفاه الله من مرضه، وأطال حياته، ولكنه بكبرياء فتح خزائنه؛ ليُرى عظمته للبابليين الذين أتوا لتهنئته بالشفاء، ففقد سلامه، وغضب الله عليه، وتم سبى أولاده بعد موته بسنوات (2 مل20: 13). لعل داود في تهاونه عندما صعد إلى سطح منزله شعر بطمأنينة زائفة، فسقط في الزنا مع امرأة أوريا الحثى (2 صم11: 1-5). ولعله أيضًا تكبر عندما أحصى الشعب فجاء عقاب الله له بالوباء. ع7: يَا رَبُّ، بِرِضَاكَ ثَبَّتَّ لِجَبَلِي عِزًّا. حَجَبْتَ وَجْهَكَ فَصِرْتُ مُرْتَاعًا. إن داود يعلن أن سبب قوته وعزه، هو رضا الله عنه. وإن كان الجبل يرمز للقوة والثبات، فداود يعلن أن جبله، أي حياته، صارت ثابتة وقوية برضا الله عنه. وهو بهذا يرجع الفضل في ثبات مملكته وانتصاراته الكثيرة إلى رضا الله عنه. فداود يعلن هنا رجوعه إلى الله، واتكاله عليه، وليس على قوته الشخصية، التي بسببها سقط في خطايا الكبرياء والزنا وإحصاء الشعب. في نفس الوقت يوضح داود اهتمامه برضا الله عنه، فعلى قدر ما يحفظ وصاياه، ويخضع له، يثبت في حياته الروحية وفى مملكته وقيادته للشعب وانتصاراته على الأمم. إن ثبات الجبل ينطبق أيضًا على مملكة بني إسرائيل وعاصمتها أورشليم التي كانت مبنية على خمسة جبال، فإن أرضت أورشليم الله، فهو يثبتها فتصير عظيمة وتخضع لها الأمم. أما إن عصت وصاياه تؤدب بالسبي وتخضع للأمم، ثم إن عادت إليه بالتوبة يعيدها من السبي، ويثبتها ثانية. يعلن داود أنه محتاج لرعاية الله الدائمة، فإن تخلى عنه الله، وحجب وجهه يصير في خوف وذعر، ويغلبه أعداؤه، فهو يعلن احتياجه الدائم لرعاية الله التي هي سبب قوته. وهكذا كل أولاد الله وكنيسته تعلن حاجتها الدائمة لرعايته؛ لتحيا أمامه. من أجل هذا أيضًا رفض موسى أن يتخلى الله عن شعبه، عندما سقط في عبادة العجل الذهبى، ومن أجل تمسك موسى بالله، سامح الله شعبه وقادهم في البرية (خر33: 15-17). ع8: إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ، وإِلَى السَّيِّدِ أَتَضَرَّعُ، إذ آمن داود أن حياته هي في رضا الله، وإذا أبعد وجهه عنه يفزع ويرتاع، صرخ إلى الله؛ لأنه هو عونه الوحيد، وفيه يجد حياته. إن الصراخ ليس بارتفاع الصوت، ولكن بتوسل القلب والدموع والتمسك بالله؛ لهذا يسمع الله ويهتم ويعتنى، بل ويرفع أيضًا أولاده. إن التضرع إلى السيد يبين اتضاع داود ولجاجته، فهو يشعر أنه عبد يترجى سيده، ويتضرع إليه من عمق قلبه؛ لينقذه. والله ينظر إلى صلاة المسكين والمتضع، ويسرع إليه. ع9: مَا الْفَائِدَةُ مِنْ دَمِي إِذَا نَزَلْتُ إِلَى الْحُفْرَةِ؟ هَلْ يَحْمَدُكَ التُّرَابُ؟ هَلْ يُخْبِرُ بِحَقِّكَ؟ إن داود يعاتب الله بدالة البنوة ويقول له، لماذا تتركنى ولا تسمع صراخى؟ لأنه بدونك سأهلك، وتنتهي حياتى بوضعى في الحفرة، أو التراب، أي القبر، وأخسر بنوتى لك، وتمتعى بعشرتك إلى الأبد في الملكوت. فهو بهذا يستحث الله أن يسرع إليه لينقذه من كل خطية، ويسنده في حياته على الأرض. إن داود يعاتب الله أيضًا، ويطلب منه الإسراع لنجدته؛ لأنه يريد أن يسبح الله، ويظل يسبحه إلى الأبد في الملكوت. ولكن إن مات وهو بعيد عن الله، فسيفقد القدرة على تسبيح الله، وتسبيح الله هو أمل حياته. إن الذين لا يصلون ولا يسبحون الله هم في نظر الله أموات، رغم أنهم في الظاهر أحياء يتحركون على الأرض، ولكن صفة الأحياء هي الصلاة والتسبيح. وعلى قدر الاهتمام بالصلاة يكون الإنسان حيًا. إن الإنسان الروحي يشكر الله دائمًا، ويخبر بأمانة الله وحقه؛ لأنه يحب الله. وعندما يخبر بأمانة الله ويسبحه، فهو بهذا يدعو الآخرين إلى محبة الله الأمين في رعايته ومحبته لأولاده. إن المسيح يقول لكل الخطاة الذين رفضوا الإيمان به، ما المنفعة في موتى على الصليب ونزولى إلى القبر، أي الحفرة؟ فإنكم لم تستفيدوا بموتى عنكم، وصرتم أيها الخطاة موتى، أي تراب، لا تصلون، ولا تسبحون، ولا تخبرون بحقى. ع10: اسْتَمِعْ يَا رَبُّ وَارْحَمْنِي. يَا رَبُّ، كُنْ مُعِينًا لِي. استمر داود في صلواته أمام الله؛ لشعوره أنه ملجأه الوحيد. فيكرر طلبه هنا من الله أن يسمع صلاته، وبهذا يطمئن داود، بل وينتظر من الله أن يجيبه ويشعره برعايته، فيفرح قلبه. طلب داود الرحمة يبين اتضاعه، واعترافه بخطاياه أمام الله، وأنه محتاج لرحمة الله حتى يعيش. وعلى قدر توبة داود، واتضاعه ينال مراحم وفيرة، مهما كانت خطاياه.وهكذا يرى داود المسيح ليس ديانا، بل شفيعًا وغافرًا للخطايا. رغم خبرات داود الكثيرة لكنه يثق أن لا نجاح له إلا بمساندة الله ومعونته، فهو يطلب دخول الله في كل تفاصيل حياته، وبهذا يتمتع بعشرته، ويضمن سلامة طريقه، ونجاحه في كل خطواته، وهذا يدفعه إلى شكر الله الدائم، فيتمتع بالفرح الحقيقي. ع11، 12: 11 حَوَّلْتَ نَوْحِي إِلَى رَقْصٍ لِي. حَلَلْتَ مِسْحِي وَمَنْطَقْتَنِي فَرَحًا، 12 لِكَيْ تَتَرَنَّمَ لَكَ رُوحِي وَلاَ تَسْكُتَ. يَا رَبُّ إِلهِي، إِلَى الأَبَدِ أَحْمَدُكَ. منطقتنى: ألبستنى منطقة، والمنطقة هي ما يلبس على الوسط ويمتد إلى أعلى الفخذين. بتقديم داود توبة، وطلبه مراحم الله، نال غفرانه، ومسح الله دموعه، فتحول بكاؤه إلى فرح ورقص روحي، أي بهجة قلب. ففى التوبة يمتزج الحزن والفرح معًا في آن واحد بشكل عجيب، فيغطى الفرح الدموع، وتذوب مشاعر الندم بين يدى الله الحنون الغافر. كان داود في تذللـه أمام الله قد لبس المسوح، وهي ملابس خشنة تعلن ضعفه وتقشفه عن العالم، وطلبه الله. وعندما استمر في الصوم والصلوات، مد الله يده، وخلع عنه ثياب التذلل، وألبسه ثياب الفرح. وقد شدده بالفرح؛ لأن المتمنطق على الوسط يبين التشدد، والاستعداد للانطلاق، فقد امتلأ قلبه فرحًا، وأصبح مستعدًا لكل عمل صالح، ولكل خدمة باذلة. أي مملوء رجاءً، واستعدادًا لإسعاد الآخرين. أمام أعمال الله العظيمة التي رآها داود في نفسه عبَّرت روحه عن فرحها بالترنيم والتسبيح، بعد سكوتها مدة طويلة؛ لحزنها على خطاياها. وهكذا عادت الحياة إلى روحه؛ لأن الصلاة والتسبيح هما لذة الحياة. تظهر في النهاية دالة داود عند الله، فهو يشعر ببنوته لله، ويناديه يا إلهى، فهو يشعر أن الله هو سيده وإلهه والمسئول عنه، فيسبحه على أعماله، ليس فقط في هذه الحياة، بل وإلى الأبد. وذلك يبين إيمان داود بالحياة الأخرى بعد الموت، وبثقته في محبة الله، الذي يهبه أمجاد الملكوت. إن حمد داود لله إلى الأبد، يدل على فرحه بالله مخلصه، وشكره له على كل ما يمر به في حياته. وأن هذا الفرح يدوم إلى الأبد. † اهتم بالصلاة في كل حين؛ حتى ترى الله الأب الحنون، والغافر لخطاياك، فتتشجع مهما سقطت، وتفرح بمحبة الله وتشكره على الدوام. المزمور الْحَادِي وَالثَّلاَثُونَ رجائي في الله مخلصي لإمام المغنين . مزمور لداود "عليك يا رب توكلت" (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي. 2. ضمن مزامير الشكر، وهي من (مز30-34). 3. متى قيل ؟ أ - عندما كان هاربًا من وجه شاول، وغالبًا كان في منطقة معون. ب - هناك رأي آخر أنه كان هاربًا من أبشالوم ابنه. ج - لعله عندما أخطأ داود خطيته مع إمرأة أوريا الحثى، ثم رجع إلى الله بالتوبة واتكل عليه، فكتب هذا المزمور. 4. هذا المزمور يدعو إلى الاتكال على الله وتسليم الحياة له، ثم شكره على أعماله، فهذا المزمور يثبت إيمان كل من تقابله مشاكل. 5. هذا المزمور غير موجود بالأجبية. (1) الله حصني ومتكلي (ع 1-8) ع1: عَلَيْكَ يَا رَبُّ تَوَكَّلْتُ. لاَ تَدَعْنِي أَخْزَى مَدَى الدَّهْرِ. بِعَدْلِكَ نَجِّنِي. يبدو من كلمات هذه الآية أن داود كان معرضًا لمتاعب من أعدائه تفوق طاقته، ولكنه آمن بالله واتكل عليه، فاطمأن قلبه ولم يعد منزعجًا رغم استمرار مقاومة الأعداء. يظهر إيمان داود الكامل بالله في ثقته أن الله قادر على مساندته طوال عمره؛ حتى ينقله من هذه الحياة إلى الحياة الأفضل؛ أي الأبدية. قد يكون داود تعرض لخطية وتاب عنها، فسامحه الله واتكل داود عليه؛ ليحميه من السقوط مرة أخرى، بل في ثقة يشعر أن الله قادر أن يرفعه دائمًا في علاقة حب دائمة معه. من أجل قسوة مقاومة الأعداء الذين يظلمونه، طلب من الله أن ينجيه بعدل، إذ أن الله لا يرضى بالظلم، ويساند أولاده الضعفاء. ع2: أَمِلْ إِلَيَّ أُذُنَكَ. سَرِيعًا أَنْقِذْنِي. كُنْ لِي صَخْرَةَ حِصْنٍ، بَيْتَ مَلْجَإٍ لِتَخْلِيصِي. يظهر اتضاع داود بقوله أمل إلىَّ أذنك، فهو يشعر بضعفه أمام سمو الله، ويطلب إليه أن يميل أذنه إليه. لعل الضيقة التي يمر بها داود جعلته يتكلم بصوت منخفض، وهذا يظهر مدى معاناته من تهديدات الأشرار له. وإذ كان صوته منخفضًا طلب من الله أن يتنازل ويميل أذنه؛ ليسمعه. يبدو أن داود كان في ضيقة شديدة وتهديدات من الأعداء قوية، وكادوا يلحقون به، فطلب من الله بدالة البنوة أن يسرع إليه، فهو يثق في أبوة الله وحنانه واهتمامه بنجدته. من أجل كثرة الأعداء احتاج داود أن يختبئ منهم، ولم يكن أمامه إلا الله؛ ليختبئ فيه كحصن وملجأ، وبهذا ينقذه الرب من أعدائه. إنها نبوة عن المسيح صخرة الحصن، وكذلك بيت الملجأ، وذلك بفدائه لنا على الصليب. فمن يلتجئ إلى صليب المسيح يخلص من حروب الشياطين. ع3: لأَنَّ صَخْرَتِي وَمَعْقِلِي أَنْتَ. مِنْ أَجْلِ اسْمِكَ تَهْدِينِي وَتَقُودُنِي. معقل: حصن. إن رجاء داود هو إسم الله الذي ينجيه ولا يتكل على شيء سواه، إذ ليس له قوة أخرى تحميه، ولا يعتمد على قوته، أو قوة رجاله، ولكن رجاءه في الخلاص معتمدة على نعمة الله، التي يفيضها عليه لأجل اسمه القدوس. إن داود يعتمد أيضًا في سلوكه وتحركاته على الله الذي يرشده، وإذ يرشده الله لا يستطيع أعداؤه أن يلحقوا به، فالله يخفيه عن أعينهم، ويعطيه مهربًا بعيدًا عنهم. توصى الكنيسة في حربنا الروحية أن نعتمد على اسم الله ونردده كثيرًا - سواء من خلال صلاة يسوع، أو الابصاليات في التسبحة - فهو ينقذنا من فخاخ الشياطين. ع4: أَخْرِجْنِي مِنَ الشَّبَكَةِ الَّتِي خَبَّأُوهَا لِي، لأَنَّكَ أَنْتَ حِصْنِي. حماية الله لداود لا تعنى فقط إيقاف الحروب الموجهة ضده، ولا تعنى أيضًا منع احتمال سقوطه، ولكنها تعنى إنقاذه إن سقط، وبالتالي لا يهلك. فداود يثق في الله حصنه الذي ينجيه إن سقط في الشبكة. إنه اعتراف من داود بضعفه وحاجته لله، عندما قال أخرجنى من الشبكة، والإنسان المتضع ينال كل مراحم الله. داود معرض لحروب كثيرة من شاول، ليست فقط هجوم مباشر، بل أيضًا فخاخ مخفية، مثل تحايل بعض من يظهرون صداقة لداود؛ حتى يسقطوه في يد شاول؛ حتى لو كان داود أحسن إليهم كما حدث في قعيلة (1 صم23: 12)، ولكن صلوات داود تنجيه لأن الله حصنه، والله يعرف الغيب، فينقذه من كل شر. ع5: فِي يَدِكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي. فَدَيْتَنِي يَا رَبُّ إِلهَ الْحَقِّ. عندما يقول داود في يدك أستودع روحي يعنى اتكاله الكامل على الله، وإيمانه بالله الذي يحمى ليس فقط جسده، بل روحه من كل خطية، ويحفظها فيه. عندما يستودع داود روحه في يد الله يظهر مدى روحانية داود، الذي يهتم بخلاص نفسه أكثر من راحة جسده، فحتى لو تعرض لأتعاب وضيقات من شاول، أو غيره، فإن روحه محفوظة في يد الله. وضع داود روحه في يد الله تبين إيمانه وانشغال قلبه بالأبدية التي تتمتع فيها روحه بالوجود مع الله؛ لأنه إن كان مشتاقًا للتمتع بعشرة الله وهو على الأرض، فكم بالأحرى أشواقه للتمتع بالوجود الدائم في الأبدية. داود يشكر الله الذي أنقذه مرات كثيرة من يد أعدائه، فبحسب المنطق كان لابد أن يموت داود، ولكن الله فداه، وأنقذه بمعجزات، فلم تصل إليه سهام العدو، ولكنها طارت في الهواء، وظل هو محفوظًا في يد الله. الله هو الذي فدى داود، وهو إلهه الحق، فهذا يعنى أن داود مظلوم، وبرئ، والله يعرف هذا؛ لذا أنقذه من يد أعدائه. هذه الآية نبوة واضحة عن المسيح، فقد رأى داود بعين النبوة المسيح وهو يموت على الصليب، ويستودع روحه في يد الآب؛ ليفدى داود، ويفدى كل البشرية. وقد نطق المسيح بهذه الكلمات وهو على الصليب قبل أن يموت مباشرة (لو23: 46). ع6: أَبْغَضْتُ الَّذِينَ يُرَاعُونَ أَبَاطِيلَ كَاذِبَةً. أَمَّا أَنَا فَعَلَى الرَّبِّ تَوَكَّلْتُ. أعداء داود اتكلوا على قوتهم ومركزهم وأموالهم، وكل هذه أباطيل كاذبة؛ لأنها لا شيء أمام قوة الله، وداود اتكل على الله وحده، وليس على أية قوة أخرى؛ لذا كان مطمئنًا. إن كانت الظروف قد جعلت داود في هروبه من وجه شاول يلتجئ للسكن بين الوثنيين، ولكنه يرفض ويبغض عبادتهم الوثنية، وأسلوب حياتهم الشرير، فهي في نظره أباطيل كاذبة، والحق هو الله وحده؛ لذا اتكل عليه. إن داود لم يرفض فقط الاتكال على قوى العالم، ولكنه أيضًا أبغضها؛ لأن محبته لله جعلت أي شيء آخر مرفوض من قلبه ومكروه؛ لأن الله قد ملأ قلبه وأشبعه. إن كل الناس حول داود يهتمون، ويراعون أباطيل كاذبة، فيتعبدون للأوثان، أو يهتمون بالمال والمركز والقوة العسكرية، مثل شاول، ولكن داود اهتم بعبادة الله وترديد اسمه القدوس، والصلاة في كل حين، فساعده هذا أن يتكل على الله. ع7: أَبْتَهِجُ وَأَفْرَحُ بِرَحْمَتِكَ، لأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى مَذَلَّتِي، وَعَرَفْتَ فِي الشَّدَائِدِ نَفْسِي، عندما استودع داود روحه في يد الله (ع5)، بالطبع رفض كل خطية، وتنقى بالتوبة؛ ولهذا نال مراحم الله وعبر به الله داخل الضيقة بسلام، بل ومتعه بعشرته، ومن أجل هذا فهو في بهجة وفرح عظيمين. يبين داود أبوة الله وحنانه في اهتمامه به وإنقاذه من شدائده، فإن كان يسمح بالتجربة ولكن إلى حين ليستفيد منها الإنسان، ثم يرفعها ويعوض الإنسان بحنان عظيم. لقد نال داود وحقق الهدف من التجربة وهو التذلل أمام الله، أي الاتضاع والمسكنة والصلاة بانسحاق، فتحولت التجربة إلى بركة، ثم اختبر داود التفات الله إليه ونظره، فهو موضوع حب الله. إن الله يسمح بالتجارب ولكن بمقدار محدد بحسب احتمال الإنسان، والله الذي يراقب الإنسان وينظر إليه يرفع التجربة في وقت مناسب، فهو يعرف الإنسان ومدى احتماله، فلا يمكن أن يعطيه شيء فوق طاقته، فقد نظر الله إلى مذلة داود، وعرفه في شدائده. ع8: وَلَمْ تَحْبِسْنِي فِي يَدِ الْعَدُوِّ، بَلْ أَقَمْتَ فِي الرَّحْبِ رِجْلِي. يشكر داود الله أنه نجاه من يد أعدائه، فلم يستطيعوا القبض عليه، أو سجنه، أو قتله، أو الإساءة إليه بأية إساءة جسدية. في نفس الوقت يشكر الله على أنه وسع له الطريق للهرب من أعدائه، فاستطاع أن يجرى بعيدًا عنهم، وذلك طوال حياته، وفى جميع حروبه، بل كان ينصره على أعدائه. عندما سقط داود في خطية الزنا (2 صم11: 4) أو عد الشعب (2 صم24: 1) أعطاه الله مهربًا من يد الشيطان، أي نجاه بالتوبة، فعاد إلى وضعه الأول، أي بنوته. † إن الله يريد خلاصك مهما كان ضعفك، فلو سمح لك بضيقات لا تنزعج منها، ولكن اطلبه وثق أنه ينجيك من أيدي الشياطين، بل يمتعك برؤيته. (2) آلامي وأحزاني (ع9-13): ع9: اِرْحَمْنِي يَا رَبُّ لأَنِّي فِي ضِيْق. خَسَفَتْ مِنَ الْغَمِّ عَيْنِي. نَفْسِي وَبَطْنِي. خسفت: تلفت. الغم: الحزن. واجه داود ضيقات شديدة من مطاردة شاول، أو ضيقات أخرى ضغطت على نفسه وجسده، بل حتى وعلى تمييزه لما حوله، فصرخ إلى الله؛ ليرحمه ويخلصه من هذا الضيق وكل آثاره. صلاة داود لله تعنى معاناته الشديدة جسدًا وروحًا، وأن ليس له ملجأ إلا الله، فهذا يؤكد أمرين: أ - اتضاعه وإظهار احتياجه لله. ب - إيمانه بالله. كلمات داود هذه تنطبق على الكنيسة التي تطلب رحمة الله بسبب الاضطهاد والضيقات التي تمر بها، فتلفت عيناها؛ أي استشهد وتعذب كثير من كهنتها وخدامها الذين هم عيون لها. والنفس ترمز لكل القديسين الروحانيين أعضاء الكنيسة، والجسد يرمز لكل الشعب. وعندما تتلف العين، أو النفس تؤثر على الجسد؛ لذا تطلب الكنيسة مراحم الله. ع10: لأَنَّ حَيَاتِي قَدْ فَنِيَتْ بِالْحُزْنِ، وَسِنِينِي بِالتَّنَهُّدِ. ضَعُفَتْ بِشَقَاوَتِي قُوَّتِي، وَبَلِيَتْ عِظَامِي. يعبر داود عن آثار الضيقات عليه، أو سقوطه في الخطية، وهذه الآثار هي: أ - حزن داخلي. ب - تنهدات. ج - ضعف جسدي. إذا استمرت المشاكل والضيقات يتعب الجسد والنفس، ولذا داود يعبر عن آلامه فيلتجئ إلى الله؛ ليرحمه ويرفع عنه أتعابه؛ لأنه قاسى متاعبًا لمدة سنين طويلة، هي فترة مطاردة شاول له. التجاء داود لله بالصلاة والتنهد هو اتضاع من داود يجعله ينال مراحم الله الكثيرة. ع11: عِنْدَ كُلِّ أَعْدَائِي صِرْتُ عَارًا، وَعِنْدَ جِيرَانِي بِالْكُلِّيَّةِ، وَرُعْبًا لِمَعَارِفِي. الَّذِينَ رَأَوْنِي خَارِجًا هَرَبُوا عَنِّي. عندما هرب داود من وجه شاول ظن من يعرفونه أنه أخطأ، ولذا غضب عليه شاول، واستحق الموت، فصار داود في نظرهم مثالًا للعار، فابتعدوا عنه. عندما علم أعداء داود بهروبه من وجه شاول شمتوا به، وتأكدوا أنه شرير يستحق العقاب، بل لعلهم ساعدوا شاول حتى يقبض عليه. عندما علم جيران ومعارف داود بهروبه من وجه شاول خافوا على أنفسهم، فابتعدوا عنه ولم يحاولوا مساعدته لئلا يؤذيهم شاول. كلام داود هذا ينطبق على المسيح، عندما قبض عليه اليهود وعذبوه، ثم صلبوه، وينطبق أيضًا على آبائنا الشهداء وكل من احتمل اضطهادات شديدة. ع12: نُسِيتُ مِنَ الْقَلْبِ مِثْلَ الْمَيْتِ. صِرْتُ مِثْلَ إِنَاءٍ مُتْلَفٍ. كان مؤلمًا جدًا على نفس داود إحساسه بأن جيرانه ومعارفه وأحباءه، عندما وجدوه يهرب من شاول لم يتحركوا، ومع الوقت اعتبروه مفقودًا وميتًا، فنسوه ولم يعودوا يشعرون به. هذا الإهمال الشديد كان مؤلمًا لنفسه. عندما هرب داود اعتبره معارفه إناء متلف، أي نفاية وشئ بلا قيمة قد ألقى بعيدًا وتخلصوا منه، فلم يعد أمام داود إلا الله الذي يشعر به ويسنده ويعزيه. هذه الآية أيضًا نبوة عن المسيح، الذي اعتبروه مثل ميت مرذول عند صلبه ودفنه، ولم يعرف العالم أنه مخلصه الذي مات لأجله. ع13: لأَنِّي سَمِعْتُ مَذَمَّةً مِنْ كَثِيرِينَ. الْخَوْفُ مُسْتَدِيرٌ بِي بِمُؤَامَرَتِهِمْ مَعًا عَلَيَّ. تَفَكَّرُوا فِي أَخْذِ نَفْسِي. لم تقف أوجاع داود على هروبه من شاول الذي يريد قتله، ولكنه أيضًا تعرض لكلمات شريرة وإساءات من الآخرين، الذين شمتوا به، وانتهزوا فرصة هروبه ليختلقوا من قلوبهم الشريرة كلمات ردية عليه، واحتملها من أجل الله. تعاون أعداء داود مع شاول ليهلكوه، ودبروا مؤامرات للقبض عليه، ولكن الله نجاه من أيديهم من أجل بره، ولأجل اتهاماتهم الزور عليه. إن تهديدات شاول وكل أعداء داود جعلت من يرافق داود في خوف، أي صار الخوف مستديرًا حوله، ولكنه ظل ثابتًا في إيمانه. † إن توالت الضيقات عليك، فاثبت في إيمانك، وارفع قلبك بالصلاة، وثق أن الله لن يتركك وحتمًا سيحول الضيقات إلى بركات في حياتك، ويخرجك بعد هذا إلى الراحة. (2) الله رجائي ومخلصي ( ع14-18) ع14: أَمَّا أَنَا فَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ يَا رَبُّ. قُلْتُ: «إِلهِي أَنْتَ». أمام الضيقات التي قابلت داود لم يجد أمامه إلا الله ليتكل عليه ويشعر بالطمأنينة بين يديه. شعر داود بدالة وعلاقة خاصة مع الله، فقال له إلهى، ورفع صلوات إليه سكب فيها نفسه أمامه، واطمأن لرعايته وحمايته له. ع15: فِي يَدِكَ آجَالِي. نَجِّنِي مِنْ يَدِ أَعْدَائِي وَمِنَ الَّذِينَ يَطْرُدُونَنِي. آجالى: جمع أجل وهو النهاية. الآجال هي النهايات وداود تعرض للموت مرات كثيرة، والله كان ينقذه ويعطيه عمرًا جديدًا، فهو مطمئن أن كل نهايات حياته في يد الله، ومن أجل هذا يتفرغ هو للصلاة والتمتع بعشرة الله الذي يحميه. الآجال أيضًا هي المراحل التي يمر بها داود في حياته، بعضها كان ثقيلًا مثل مطاردة شاول له، وبعضها كان أخف في المتاعب، مثل تملكه على سبط يهوذا، وحروبه لمدة سبعة سنين مع إيشبوشث ابن شاول، وبعضها أكثر راحة عند تملكه على كل بني إسرائيل. في كل هذه يشعر داود أنه في يد الله، فيحيا في مخافته، متمتعًا بحبه. حيث أن داود مطمئن في يد الله، يطلب منه في ثقة أن ينجيه من يد شاول الذي يطارده، ومن يد كل أعدائه؛ لأن الله أقوى من الكل وقادر أن يحميه. ع16: أَضِئْ بِوَجْهِكَ عَلَى عَبْدِكَ. خَلِّصْنِي بِرَحْمَتِكَ. انشغال قلب داود هو بالله، فهو يريد أن يتمتع بالوجود معه، وهو غير منزعج من الأعداء؛ لأنه يضمن حماية الله. وهذا يبين مدى تعلق داود بمحبة الله. ضياء الله على داود وكل البشرية كمل في تجسد المسيح، فداود بروح النبوة ينتظر ظهور المسيا المنتظر، مخلص العالم كله؛ لينير قلوب المؤمنين به. في اتضاع يقول داود لله أنا عبدك وخلصنى برحمتك؛ إذ يشعر داود بعدم استحقاقه في شيء، وفى نفس الوقت يثق في رحمة الله القادرة أن تخلصه من كل من يضايقونه. ع17: يَا رَبُّ، لاَ تَدَعْنِي أَخْزَى لأَنِّي دَعَوْتُكَ. لِيَخْزَ الأَشْرَارُ. لِيَسْكُتُوا فِي الْهَاوِيَةِ. إذ رفع داود صوته بالصلاة، وتمتع بضياء الله، فرح قلبه وعاش متمتعًا بعشرته، لذا فهو يثق بالنصرة على أعدائه في الأرض، ثم بالمجد الذي ينتظره في الحياة الأبدية. الصلاة هي وجود مع الله، ويتذوق فيها الإنسان عربون الملكوت، أي يشعر بحلاوة عشرة الله، ويمتد بعد هذا إلى صلاة دائمة هي الحياة الأبدية. فمن يحب عشرة الله يرفعه الله إلى عشرة دائمة معه في السماء. الأشرار الذين رفضوا الوجود مع الله، وفضلوا الوجود مع الخطية لا ينتظرهم إلا الخزي في الجحيم؛ لينالوا عقاب خطاياهم، وهناك يشعرون بالحرمان من الله إلى الأبد، وهذا في حد ذاته عذاب شديد. في الجحيم يسكت الأشرار من خوفهم، ومن خزيهم، إذ ليس لهم ما يبررون به خطاياهم التي فعلوها على الأرض، ويعلمون يقينًا أنهم متسحقون هذا العذاب؛ لذلك يصمتون. وإن كان لهم فرصة للكلام مع الله على الأرض فقد فقدوها في الجحيم، فيصمتون ويحرمون من الله إلى الأبد. ع18: لِتُبْكَمْ شِفَاهُ الْكَذِبِ، الْمُتَكَلِّمَةُ عَلَى الصِّدِّيقِ بِوَقَاحَةٍ، بِكِبْرِيَاءَ وَاسْتِهَانَةٍ. لتبكم: لتصمت لأن الأبكم هو الأخرس. يطلب داود من الله، ويتمنى سكوت ألسنة الأشرار التي تنسب الشر للأبرار؛ لئلا تعثرهم، وتعبهم. في الجحيم أيضًا يفقد الأشرار القدرة على الكلام الباطل الذي تكلموه على الأبرار، إذ كانوا يكذبون ويتهمونهم زورًا، فيشعر الأشرار بخطيتهم ولكن بيأس، فيصمتون في العذاب. إن كان البار قد احتمل أكاذيب، واستهانة، ووقاحة، وكبرياء من الأشرار، فهو يتعزى بأفراح السماء التي تعوضه عن كل ما احتمله، أما الأشرار فيعذبون بسبب كل هذه الأخطاء التي عملوها. البار يتمتع بتسبيح الله، والشرير يصمت في خزى. † إن كنت تحتمل إساءات من الآخرين، فاطلب معونة الله، واعلم أن هذه المتاعب مؤقتة، بل وإذ تحتملها برضا، يعوضك الله عنها بأمجاد عظيمة في السماء. (4) شكر وتعزية ( ع19-24) ع19: مَا أَعْظَمَ جُودَكَ الَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ، وَفَعَلْتَهُ لِلْمُتَّكِلِينَ عَلَيْكَ تُجَاهَ بَنِي الْبَشَرِ! جودك: كرمك. ذخرته: ادخرته. يشكر داود الله من أجل بركاته التي أفاضها عليه، فقد أعطاه تعزيات وسلام في قلبه، بل وفرح أثناء الضيقة، فلم ينزعج من مطاردة شاول وتهديداته. إن بركات الله لأولاده تفوق العقل، حتى أن داود لم يستطع أن يصفها، فقال ما أعظم جودك. فهي بالتالى ترفع الإنسان فوق الضيقة وتجعله يتذوق حلاوة السماء وهو على الأرض. إن بركات الله وجوده يعطيها الله لخائفيه فقط، وليس لكل البشر، فإن كان الله يعطى بركات عامة لكل البشر، لكنه يخص خائفيه ببركات روحية عظيمة، هي الإحساس به، والتمتع بعشرته، وهي تفوق كل البركات المادية والروحية. إن الله أحب أولاده الذين يتقونه ويخافونه، أحبهم من قبل تأسيس العالم، وادخر لهم منذ الأزل بركات لا تحصى. وهذا يبين محبة الله غير المحدودة لأولاده التي تشبعهم، فلا يحتاجون لشئ. إن من يخاف الله يبعد عن كل خطية، وينفذ وصاياه، ويتكل عليه، ويحيا مطمئنًا وسط البشر المنزعجين، فيكون نورًا للعالم وملحًا للأرض. ع20: تَسْتُرُهُمْ بِسِتْرِ وَجْهِكَ مِنْ مَكَايِدِ النَّاسِ. تُخْفِيهِمْ فِي مَظَلَّةٍ مِنْ مُخَاصَمَةِ الأَلْسُنِ. الله يستر على خائفيه والمتكلين عليه، فيحميهم من مكايد الأشرار، وما دام الله يسترهم لا يستطيع أحد أن يصيبهم بشئ، فهو الذي حافظ على داود من كل مؤامرات شاول. الله يستر على أولاده بستر وجهه، فلا يرون أثناء الضيقة إلا وجه الله، فيتمتعون بحبه وعشرته، كما حدث مع الثلاثة فتية، فسبحوا الله ولم يشعروا بالنار. الله عندما يستر على أولاده بوجهه وينظر إلى مكايد الناس يفسدها ويتلفها، فتصبح بلا قيمة ولا تسئ إلى أولاده، كما أفسد مؤامرة الأشرار ضد دانيال، فاصبحت الأسود حيوانات أليفة، ولم تؤذِ دانيال. إذ يستر الله على أولاده يعطيهم حكمة وقوة في الكلام، فلا يستطيع الأشرار أن يغلبوهم، وكل خصومهم يصبحون ضعفاء أمامهم، كما وعد في العهد الجديد أن يعطى أولاده فمًا وحكمة لا يستطيع جميع معانديهم أن يقاوموها، أو يناقضوها (لو21: 15). الله في محبته يخفى أولاده من الشر والمؤامرات المدبرة لهم في مظلة رعايته، وهي ترمز للكنيسة في العهد الجديد. فإما يعطيهم حكمة في كلامهم مع الأشرار، أو لا يستطيع الأشرار إثبات كلامهم، أو يبعدهم عن أولاده بأى شكل، فيشعر أولاد الله دائمًا برعاية الله وحمايته لهم. ع21: مُبَارَكٌ الرَّبُّ، لأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ عَجَبًا رَحْمَتَهُ لِي فِي مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ. ظهرت محبة الله لداود البار في حمايته له، كأنه في مدينة محصنة، أسوارها العالية لا يمكن اقتحامها وهي الإيمان، وهذه المدينة ترمز للكنيسة في العهد الجديد، المحوطة بالملائكة والقديسين، وتعتمد على المسيح رأس الكنيسة الذي يغذى أولاده بجسده ودمه. وهي أيضًا ترمز إلى المدينة الكاملة التحصين في السماء، وهي أورشليم السمائية، حيث يتمتع أولاد الله بعشرته دون أي إزعاج من الشياطين. إن داود يشكر الله ويباركه؛ لأنه صنع معجزات في حمايته له من مطاردات شاول، فرحمة الله صنعت عجبًا يفوق العقل، بل وأوقعت شاول في يدى داود مرتين، ولكن داود سامحه، فشعر شاول بالخزى واعترف بذلك أمام داود، وقال له أنت أبر منى (1 صم24: 17). ع22: وَأَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: «إِنِّي قَدِ انْقَطَعْتُ مِنْ قُدَّامِ عَيْنَيْكَ». وَلكِنَّكَ سَمِعْتَ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ صَرَخْتُ إِلَيْكَ. عندما زادت مطاردات شاول لداود حاربه الشيطان بالتشكيك في حماية الله له، وانشغل بمؤامرات شاول، فاحتار وقال في نفسه هل نسينى الله ولم يعد ينظر إلىّ؟! فصار في ضيق روحي ونفسى. لكن داود لم يستمر في حيرته، بل عاد إلى ما تعوده، وهو الصلاة، وصرخ إلى الله، فاستعاد سلامه، وشعر بالله الذي معه ويحميه، ويسمع صلاته وتضرعاته. ع23: أَحِبُّوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ أَتْقِيَائِهِ. الرَّبُّ حَافِظُ الأَمَانَةِ، وَمُجَازٍ بِكِثْرَةٍ الْعَامِلَ بِالْكِبْرِيَاءِ. يختم داود المزمور بدعوة الاتقياء الذين يخافون الله؛ ليتمتعوا بحبه، فإذ يتأملون محبته لهم، تنجذب قلوبهم إليه ويتعلقون به. إن الله يهتم جدًا بأمانة أولاده معه، فيباركهم ويعطيهم سلامًا، خاصة عندما يتمسكون بالأمانة في حفظ وصاياه، مهما أحاطت بهم الضيقات، ويباركهم في النهاية ببركات كثيرة، كما حدث مع داود، وجعله ملكًا عظيمًا على كل بني إسرائيل، وأخضع أعداءه له، وكما حفظ يوسف الأمين في بيت فوطيفار وفى السجن، ثم رفعه إلى عرش مصر. من ناحية أخرى، الأشرار المتكبرون، الذين يقاومون الله، ويسيئون إلى أولاده، يعاقبهم الله بشدة، كما حدث مع شاول وبنيه، إذ ماتوا في الحرب مع الفلسطينيين (1 صم31). ع24: لِتَتَشَدَّدْ وَلْتَتَشَجَّعْ قُلُوبُكُمْ، يَا جَمِيعَ الْمُنْتَظِرِينَ الرَّبَّ. في النهاية يدعو داود المؤمنين بالله ليتشددوا، أى يثبتوا في الإيمان، ولا يخافون من الأشرار، وكذلك يتشجعون، فيستطيعون أن يهاجموا أعداءهم بقوة؛ لأن النصرة مضمونة لهم بقوة الله. يدعو داود المؤمنين ويلقبهم بمنتظرى الرب، أي الذين يصبرون في الضيقات، ويحتملون آلام الجهاد، فهؤلاء يتمتعون بعمل الله فيهم، الذي يثبتهم ويشجعهم، وإذ يشعرون بمساندة الله لهم، يفرحون بمعيته. † إذا أحاطت بك الضيقات وألقى الشيطان إليك بشكوكه، لا تضطرب، ولكن أسرع باتضاع إلى الله، واطلبه واصرخ إليه، فهو قريب منك، ويسرع لنجدتك، ويطمئنك، ويخلصك من أعدائك. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:13 PM | رقم المشاركة : ( 157914 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المزمور الثَّلاَثُونَ شكر الله المخلص مزمور أغنية تدشين البيت . لداود "أعظمك يا رب لأنك نشلتنى" (ع1) مقدمة: 1. كاتبه: داود النبي كما يظهر من العنوان، وليس أرميا كما ادعى البعض أنه كاتبه، اعتمادًا على ما كتب في المزمور "أحييتنى من بين الهابطين في الجب" (ع3)، لأن المعنى المقصود رمزى؛ إذ أن الله انتشل داود من الموت. 2. متى قيل ؟ أ - في تدشين بيت داود الخاص لسكناه. ب - قاله في حقل أرونا اليبوسى، حيث بنى مذبحًا، وشكر الله الذي أوقف الوبأ. وهناك أقيم هيكل سليمان. ج - قاله داود عندما غفر له الله خطيته الكبيرة مع إمرأة أوريا الحثى، وكان ذلك على يد ناثان النبي، فهذه الخطية هى المرض الشديد، الذي يحدثنا المزمور عنه، والذي قارب به إلى الموت، وشفاه الله منه. 3. كان يقال هذا المزمور في تدشين الهيكل، سواء أيام سليمان، أو زربابل، أو يهوذا المكابى، وظل يقال في عيد التدشين حتى أيام المسيح. 4. لعل داود كتب هذا المزمور بروح النبوة عن حزقيا الملك، الذي سيتعرض لمرض الموت، وبعد صلاة أشعياء شفاه الله. وكذلك عن إنقاذ الله لحزقيا من جيش سنحاريب، حيث قتل ملاك الله 185000 جنديًا من هذا الجيش في ليلة واحدة. 5. هذا المزمور يشير إلى ميلاد المسيح وقيامته بقوله "أصعدت من الهاوية نفسي من بين الهابطين في الجب" (ع3). 6. في عنوان هذا المزمور نجد "مزمور أغنية"، وهذا معناه أنه كان يقال بآلتين موسيقيتين، أو بآلة موسيقية وهي المزمار، أي "المزمور"، وصوت الإنسان وهو "الأغنية". 7. هذا المزمور مع الأربعة مزامير التالية، أي حتى مز34 هي مزامير شكر لله. 8. هذا المزمور يردده الكاهن عندما يلبس ملابس الكهنوت؛ ليبدأ صلاة القداس الإلهي. 9. هذا المزمور تردده الكنيسة في صلاة الساعة الثالثة، وهي ساعة حلول الروح القدس؛ لأن هذا المزمور تظهر فيه بركات عمل الروح القدس في حياة المؤمن، فيمجد الله. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:15 PM | رقم المشاركة : ( 157915 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أُعَظِّمُكَ يَا رَبُّ لأَنَّكَ نَشَلْتَنِي وَلَمْ تُشْمِتْ بِي أَعْدَائِي. يبدأ هذا المزمور بشكر الله، بل تمجيده وتعظيمه؛ لأنه ليس إله مثله في رعايته وعنايته بأولاده؛ لذا يشكره داود من أجل أعماله معه. كان داود غارقًا في خطيته، ولم يشعر بجرمها، فتدخل الله عن طريق ناثان النبي، ونبهه، فأفاق وقام يشكر الله، الذي انتشله من طين الخطية، الذي كان منغمسًا فيه، ورفعه إلى مجد الطهارة والنقاوة التي نالها بغفران الله. إن الأمم المحيطة بداود، وكذا الشياطين يريدون إهلاك داود، ولكنهم لم يقدروا؛ لأن الله نجاه وانتشله من بين أيديهم، فلم يستطيعوا أن يشمتوا به. يشعر داود بعناية الله الخاصة به، فيقول نشلتنى ولم تشمت بى، فهو يشعر أنه موضوع عناية الله ومحبته وحمايته من أعدائه. ينطبق نفس الكلام على حزقيا الملك، الذي تعرض للهلاك بيد سنحاريب الأشوري، وكذلك بالمرض، فأنقذه الله وقتل جيش سنحاريب، وشفاه من مرضه. تنطبق هذه الآية على كل إنسان روحي يجاهد مع الله ضد الشياطين والخطية، فيشعر بيد الله التي تسانده وتنقذه في سرى الاعتراف والتناول، فيمجده. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 157916 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله قادر على كل شيء ويحب أولاده ولكن ينتظر إيمانهم به، الذي يظهر في التجائهم إليه، واستغاثتهم به، وحينئذ يتدخل بقوة، وينقذهم من كل شر. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 157917 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن الله يشفى أولاده ليس فقط من أمراض الجسد، بل أيضًا الأمراض الروحية، وهي الخطايا. وشفاؤه يكون كاملًا، كما قام داود بكل قوة، وواصل حياته مع الله في صلوات وعمل للخير. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 157918 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يَا رَبُّ، أَصْعَدْتَ مِنَ الْهَاوِيَةِ نَفْسِي. أَحْيَيْتَنِي مِنْ بَيْنِ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. تعرض داود للموت من أعدائه اليهود القريبين منه، مثل شاول وأبشالوم، وتعرض أيضًا للموت من الأمم المحيطين به، مثل الفلسطينيين، وكذلك تعرض للموت الروحي بسقوطه في الخطية. ولكن الله أصعده من الموت والهاوية، وأحياه أمامه؛ لذا فهو يشكره. المقصود بالجب هنا هو الموت والهاوية، وأصعب ما في الجب أنه حفرة عميقة، تبعده عن الحياة والبشر. فهو يرمز لانفصال الإنسان عن الله بسقوطه وذهابه إلى الجحيم. فهو يشكرالله الذي خلصه من هذا الموت. لقد تعرض حزقيا الملك للموت مرتين؛ على يد سنحاريب، ثم بالمرض ولكن الله أعطاه حياة جديدة. فداود بروح النبوة يتكلم عن حزقيا، الذي نال نعمة الحياة من الموت (أش36-39). داود كان رمزًا للمسيح الذي مات ودفن في القبر، ثم صعد منه بالقيامة؛ ليكون بكر الراقدين، ويعطى المؤمنين به القيام من الخطية وكل ضعف. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:19 PM | رقم المشاركة : ( 157919 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† إن قوة الله قادرة أن تنقذك من أية ضيقة، أو خطية، فلا تنزعج من صعوبة الضيقة، ولا من ضعفك، بل قم سريعًا بالتوبة والصلاة، وثق أن الله يسندك فتمجده. |
||||
17 - 04 - 2024, 05:21 PM | رقم المشاركة : ( 157920 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأتقياء هم الذين يخافون الله، ويشعرون بعدم استحقاقهم لمراحمه وبركاته، فإذا باركهم الله يرنمون شكرًا وفرحًا، ويرنمون من كل قلوبهم. فالأتقياء وحدهم هم الذين يهبهم الله الفرح والتسبيح، أما الذين لا يخافون الله يسقطون بسهولة في التذمر ولا يستطيعون تسبيحه. |
||||