![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 157101 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() القديس السابق المجيد يوحنا المعمدان القدّيس يوحنّا المعمدان هو الشخصيّة الوحيدة بعد والدة الإله القدّيسة مريم الذي خصّصت له الكنيسة أعياداً عدّة في السنة: الحبل به، ومولده، وقطع رأسه، وتذكار جامع له، وتذكار وجود هامته (ثلاث مرّات)،23 ايلول تذكار الحبل به، 7 كانون الثاني تذكار جامع له بعد عيد الظهور، 24 حزيران تذكار ميلاده، 29 آب تذكار قطع رأسه.. وهذا ممّا يدلّ على أهمّيّته في تاريخ الكنيسة وعلى تأثّر المؤمنين بشخصيّته المتميّزة التي جعلت الكنيسة تطلق عليه ألقاباً عدّة، فهو الملاك المرسَل والنبيّ والسابق والصابغ والمنادي بالتوبة والغيور والشاهد والمشهود له. اسم يوحنّا في العبريّة يعني “الله يحنّ” أو بتعبير آخر “الله الحنّان”. والحنان قيمة من قيم الأبوّة والأمومة. فبشفاعات القدّيس يوحنّا، اللهم، أبانا، تحنّن علينا وارحمنا. “لم يظهر في اولاد النساء أكبر من يوحنا المعمدان… وأقول لكم انه افضل من نبي، فهذا الذي كتب عنه: هاءنذا أُرسل رسولي قدامك ليُعد الطريق امامك” (متى 11: 9- 11) هكذا عرَّف يسوع عن يوحنا. ولد يوحنا من ابوين بارين هما زكريا الكاهن وامرأته اليصابات (لوقا 1: 5). كلاهما كانا طاعنين في السن ولم يكن لهما ولد وكانت اليصابات عاقرا (لوقا 1: 7). وفي احد الايام بينما كان زكريا يقوم بالخدمة الكهنوتية ظهرعليه ملاك الرب وبشّره بأن اليصابات ستلد ابنا وسيدعى اسمه يوحنا، وسيكون عظيما امام الرب… يمتلىء من الروح القدس وهو في بطن امه، ويردّ كثيرين من بني اسرائيل الى الرب الههم، ويسير امامه وفيه روح ايليا وقوته… ويهدي العصاة الى حكمة الابرار فيعد للرب شعبا متأهبا (لوقا 1: 13 – 18). تعجب زكريا وطلب من الملاك ان يعطيه آية (لوقا 1: 18)، فأجابه الملاك:” انا جبرائيل القائم لدى الله، أُرسلت اليك لأُكلمك وأُبشرك بهذه الامور وستصاب بالخرس، فلا تستطيع الكلام الى اليوم يحدث ذلك لانك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتم في أوانها” (لوقا 1: 19 – 20). تم ما قاله الملاك، وخرج زكريا من الهيكل فلم يستطع ان يتكلم (لوقا 1: 22)، وحملت اليصبات (لوقا 1: 24). وبعد ستة اشهر اتت الى اليصابات نسيبتها مريم – ام يسوع – ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات، فلما سمعت سلامها ارتكض الجنين في بطنها ومتلأت من الروح القدس فهتفت بأعلى صوتها “مباركة انت في النساء ومباركة ثمرة بطنك… فما ان وقع صوت سلامك في اذنيّ حتى ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني” (لوقا 1: 39 – 44). وفي اليوم الثامن بعض ولادة الصبي دعي يوحنا (لوقا 1: 57 – 63)، كما قال الملاك (لوقا 1: 13). وكان الطفل يترعرع وتشتد روحه واقام في البراري الى يوم ظهور امره لاسرائيل (لوقا 1: 80). وكان لباس يوحنا من وبر الابل وحول وسطه زنار من جلد وكان طعامه الجراد والعسل البري (متى 3: 4). أوّل ما يطالعنا في الكتاب المقدّس عن يوحنّا أنّه كان يتنبّأ بمجيء السيّد المسيح واقتراب ملكوت السموات. فكان يصرخ: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” (متى 3: 2) معلناً مجيء المسيح بهذه: “يأتي بعدي مَن هو أقوى منّي، مَن لستُ أهلاً لأن أنحني فأفكّ رباط حذائه. أنا عمّدتكم بالماء، وأمّا هو فيعمّدكم بالروح القدس” (مرقس 1: 7-8). يوحنّا هو النبيّ الخاتم للعهد القديم، هو الأخير في سلسلة الأنبياء الذين تحدّثوا عن مجيء المسيح المخلّص. إحدى مهامّ يوحنّا الأساسيّة تكمن في إعداد الشعب لاستقبال المسيح الآتي. وفي هذا السياق يكون يوحنّا هو الملاك الذي تحدّثت عنه نبوءة ملاخي: “هاءنذا أرسل أمام وجهي ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي” (3: 1)، أمّا في إنجيل متّى فقد ورد: “هاءنذا أرسل أمام وجهك ملاكي ليهيّئ طريقك أمامك” (11 :10). تجدر الإشارة إلى أنّ استبدال ضمير المخاطب بضمير المتكلّم في الآية دليل على المساواة التامّة الكائنة بين الآب والابن. لذا، تصوّر الكنيسة يوحنّا في أيقوناتها ملاكاً مرسَلاً من الله: “وكان إنسان مرسَل من الله اسمه يوحنّا” (1: 6). يوحنّا هو الشاهد الأساسيّ على مجيء المسيح، وهذا ما قاله عنه القدّيس يوحنا الإنجيلي في فاتحة إنجيله: “جاء (يوحنّا) شاهداً ليشهد للنور، فيؤمن عن شهادته جميع الناس” (1: 8). هذه الشهادة للمسيح تكتمل بعد معموديّته من يوحنّا، حيث شهد يوحنّا قائلاً: “رأيت الروح ينزل من السماء كأنّه حمامة فيستقرّ عليه. وأنا لم أكن أعرفه، ولكنّ الذي أرسلني أعمّد في الماء هو قال لي: إنّ الذي ترى الروح ينزل فيستقرّ عليه، هو ذاك الذي يعمّد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أنّه هو ابن الله” (يوحنّا 1: 32-34). يشهد يوحنّا هنا أنّ الله الذي أرسله (يوحنّا 1: 6) ليعمّد في الأردنّ، هو قال له إنّ الذي سينزل عليه الروح القدس هو المسيح، فرأى وآمن وشهد. القديس السابق المجيد يوحنا المعمدان يوحنّا هو أيضاً مثال التلميذ الأمين الزاهد بالسلطة وبكلّ أمجاد هذه الدنيا الفانية. لقد دعا تلاميذه إلى تركه والالتحاق بالمسيح. لم يصنع لنفسه اتباعاً، بل أعدّ تلاميذه ليكونوا أتباعاً للمسيح فقط. فهو القائل عن المسيح: “هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم. هذا الذي قلتُ فيه: يأتي بعدي رجل قد تقدّمني لأنّه كان من قبلي”(يوحنّا 1: 29-30). وبناء على هذا الكلام، طلب يوحنّا إلى تلاميذه أن يتبعوا يسوع فتبعوه (يوحنّا 1: 37). والشهادة الأخيرة ليسوع يعطيها يوحنّا المعمدان عندما يقول: “لا بدّ له من أن يكبر. ولا بدّ لي من أن أصغر” (يوحنّا 3 :30). أي أنّ هذا القدّيس لم يرد أن يكبر بحيث يحجب يسوع، بل تواضع فكبر بتواضعه وأبرز المسيح للناس. وهذا له مدعاة فرح بأن يمّحي لكي يظهر المسيح نوراً للعالم. وهو نفسه يقول: “مَن كان له العروس فهو العريس. وأمّا صديق العريس الذي يقف يستمع إليه فإنّه يفرح أشدّ الفرح لصوت العريس” (يوحنّا 3: 29) العريس هو المسيح والعروس هي الكنيسة، ويوحنّا يفرح بالعروسين لكي ينال هو أيضاً إكليل المجد. ترتبط مهمّة يوحنّا ارتباطاً وثيقاً بالتوبة، فنراه يشدّد على التوبة كأساس للدخول في ملكوت السموات: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات”. وتمهيد طريق المسيح لا بدّ أن يعبر أيضاً في توبة الشعب المزمع أن يستقبله: “صوتُ صارخٍ في البرّيّة: أعدوا طريق الربّ واجعلوا سبله قويمة”(لوقا 3: 4). لذا كان يقول للجموع التي كانت تأتي إليه لتعتمد عن يده: “فأثمروا إذاً ثمراً يدلّ على توبتكم” (لوقا 3: 8). في ذلك الوقت أتى يسوع من الجليل الى الاردن ليعتمد على يد يوحن، وبينما هو خارج من الماء رأى يوحنا السموات تنشقّ والروح ينزل عليه كأنه حمامة (مرقس 1: 9- 10)، فقال يوحنا:”هذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم…انا لم اكن اعرفه، ولكني ما جئت أُعمد في الماء الا لكي يظهر أمره لاسرائيل… والذي ارسلني أُعمد في الماء هو قال لي: إن الذي ترى الروح ينزل فيستقر عليه، هو ذاك الذي يُعمد في الروح القدس. وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله ” (يوحنا 1: 29- 34). كان يوحنا يوبخ هيرودس انتيباس رئيس الربع (حاكم الجليل) الذي اتخذ امرأة اخيه هيروديا مخالفا بذلك الشريعة، وكان يوحنا يقول لهيرودس “لا يحل لك ان تأخذ امرأة اخيك” (مرقس 6: 18). وبسبب ذلك امر هيرودس بسجن يوحنا (لوقا 3: 20)، وأرادت هيروديا ان تقتل يوحنا لكنها لم تستطع (مرقس 6: 19).ولما احتفل هيرودس بذكرى مولده رقصت سالومة ابنة هيروديا في الحفل، فاعجبت هيرودس، فأقسم لها انه يعطيها كل ما تطلب. فسألت امها، فأشارت عليها بأن تطلب رأس يوحنا. فأرسل هيرودس حاجبا فقطع رأس يوحنا وأُتي بالرأس على طبق فأعطاه للصبية والصبية اعطته لامها. وبلغ الخبر الى تلاميذ يوحنا، فجاؤوا وحملوا جثمانه ووضعوه في القبر (6: 17- 29). في بشارة الملاك لزكريّا والد يوحنّا، يقول الملاك عن يوحنّا: “إنّه سيكون عظيماً أمام الربّ، ولن يشرب خمراً ولا مسكراً، ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن أمّه، ويردّ كثيراً من بني إسرائيل إلى الربّ إلههم، ويسير أمامه (…) فيعدّ للربّ شعباً متأهّباً” (لوقا 1 :15-17). ما قاله الملاك المرسل من الله إلى زكريّا مبشّراً بيوحنّا هو خير مختصر عن حياة يوحنّا كلّها. فطوبى لكلّ إنسان يستطيع أن يتمثّل بيوحنّا من حيث دعوته وشهادته وتوبته وتأهّبه الدائم. صورتُهُ في خدمتنا الليتورجية، ومكانتُهُ في ترتيباتنا الكنسية: النبي الكريم السابق المجيد، في خدمة عيد الظهور الإلهي، هو مُسَارٌ سماويٌ للثالوث ومصباح بالجسم وغصن للعاقر وصديق مولود البتول مريم. وهو عشقُ الروح وبلبل النعمة الناطق بالله، وإناء شريف كليِّ النقاوة لعدم الهوى. زينتهُ حكمة الله وتلألأ بمصابيح الفضيلة الفائقة الطبيعة وأظهر صورة إعادة الهيولى. يعتبر أرفع الأنبياء شأناً وأعظم مواليد النساء. هذا بشهادة الرَّب يسوع نفسه (متى11). وهو الوسيط بين العهدين القديم والجديد وخاتمة الأنبياء (صلاة السحر- الأودية السادسة)، مقاماً من الشريعة والنعمة في آن، مختتماً الأولى ومغتتماً الثانية (صلاة السحر والأودية التاسعة)، خاتمة الناموس وباكورة النعمة الجديدة (صلاة السحر- الأودية السابعة). وهو مساوٍ للملائكة بسيرته الغريبة وقد أجاز حياته كمثل ملاك على الأرض وسكن القفر”منذُ عهد الأقمطة” (صلاة السحر- ذكصا الإنيوس). كما أنهُ بارتكاضه في الحشا(لو 1:44) أنبأ بسرور بالثمر البتولي في بطن مريم وسجد له(الأودية الأولى). ويبقى السابق المجيد في الكنيسة بعد شهادته سابقاً للمسيح في حياة المؤمنين في كلِّ جيل. فهو نموذج الزهد والبتولية وحياة التوبة واللاهوى. وهو زعيم الرهبان وساكن القفار لا يكفُّ عن الإعداد لمجيء السيد فينا.” أعدَّوا طريق الرَّب. اجعلوا سبلَهُ قويمةً”. ونحنُ باتباعنا صورته الداعي إلى التوبة نستعد حسناً لاقتبال المعمودية المقدَّسة وتفعيله، ونحفظ، في خطّه الزاهد المتقشِّف، نعمة الله المستودعة بالمعمودية وننميها إلى أن يستقر الرب يسوع المسيح فينا بالكلية في ملْ قيامته المجيدة. هذا وقد كانت الكنيسة قديماً ترتل لهُ، في عيد الظهور الإلهي الطروبارية التالية: “أيُّها السابق، يا نبي القفر ومُواطِنَ البريَّة،يا من سمع الصوت الإلهي للأب واستحقَّ أن يُعمِّد الابن والسيِّد، الذي عاين الروح القدس بأمِّ العين وأذاع للجميع معمودية التوبة. …….. أيضاً من أجلن، نحن الخطأة، الشفاء بالمياه وصلواتك لكيما تكون لنا من لدن المسيح الرحمة الغنيَّة العُظمىَ”. في عيد الظهور الإلهي أيضاً تمَّ نقل يمين السابق المجيد من أنطاكية إلى القسطنطينية (القرن 10م). طروبارية باللحن الثاني تذكار الصدّيق بالمديح، فأنتَ أيها السابق تكفيك شهادة الرب، لأنك ظهرتَ بالحقيقة أشرف من كل الأنبياء، إذ قد استأهلتَ أن تعمّد في المجاري مَن قد كُرز به، ولذلك جاهدتَ عن الحق مسروراً، بشّرتَ الذينَ في الجحيم بالإله الظاهر بالجسد، الرافع خطيئةَ العالم، والمانح إيانا الرحمةَ العظمى. قنداق باللحن السادس إن الأردن قد تهيّبَ لحضوركَ الجسدي، فوَلىَّ مرتعداً، ويوحنا احتشم خوفاً عند إتمامه الخدمة النبوية، ومراتبُ الملائكة اندهشوا لما شاهدوكَ معتمداً بالجسد في المجاري، وجميعُ الذينَ في الظلام استناروا مسبحينَ إياكَ، أيها الظاهر والمنير الجميع |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157102 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() اسم يوحنّا في العبريّة يعني “الله يحنّ” أو بتعبير آخر “الله الحنّان”. والحنان قيمة من قيم الأبوّة والأمومة. فبشفاعات القدّيس يوحنّا، اللهم، أبانا، تحنّن علينا وارحمنا. القدّيس يوحنّا المعمدان هو الشخصيّة الوحيدة بعد والدة الإله القدّيسة مريم الذي خصّصت له الكنيسة أعياداً عدّة في السنة: الحبل به، ومولده، وقطع رأسه، وتذكار جامع له، وتذكار وجود هامته (ثلاث مرّات)،23 ايلول تذكار الحبل به، 7 كانون الثاني تذكار جامع له بعد عيد الظهور، 24 حزيران تذكار ميلاده، 29 آب تذكار قطع رأسه.. وهذا ممّا يدلّ على أهمّيّته في تاريخ الكنيسة وعلى تأثّر المؤمنين بشخصيّته المتميّزة التي جعلت الكنيسة تطلق عليه ألقاباً عدّة، فهو الملاك المرسَل والنبيّ والسابق والصابغ والمنادي بالتوبة والغيور والشاهد والمشهود له. “لم يظهر في اولاد النساء أكبر من يوحنا المعمدان… وأقول لكم انه افضل من نبي، فهذا الذي كتب عنه: هاءنذا أُرسل رسولي قدامك ليُعد الطريق امامك” (متى 11: 9- 11) هكذا عرَّف يسوع عن يوحنا. ولد يوحنا من ابوين بارين هما زكريا الكاهن وامرأته اليصابات (لوقا 1: 5). كلاهما كانا طاعنين في السن ولم يكن لهما ولد وكانت اليصابات عاقرا (لوقا 1: 7). وفي احد الايام بينما كان زكريا يقوم بالخدمة الكهنوتية ظهرعليه ملاك الرب وبشّره بأن اليصابات ستلد ابنا وسيدعى اسمه يوحنا، وسيكون عظيما امام الرب… يمتلىء من الروح القدس وهو في بطن امه، ويردّ كثيرين من بني اسرائيل الى الرب الههم، ويسير امامه وفيه روح ايليا وقوته… ويهدي العصاة الى حكمة الابرار فيعد للرب شعبا متأهبا (لوقا 1: 13 – 18). تعجب زكريا وطلب من الملاك ان يعطيه آية (لوقا 1: 18)، فأجابه الملاك:” انا جبرائيل القائم لدى الله، أُرسلت اليك لأُكلمك وأُبشرك بهذه الامور وستصاب بالخرس، فلا تستطيع الكلام الى اليوم يحدث ذلك لانك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتم في أوانها” (لوقا 1: 19 – 20). تم ما قاله الملاك، وخرج زكريا من الهيكل فلم يستطع ان يتكلم (لوقا 1: 22)، وحملت اليصبات (لوقا 1: 24). وبعد ستة اشهر اتت الى اليصابات نسيبتها مريم – ام يسوع – ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات، فلما سمعت سلامها ارتكض الجنين في بطنها ومتلأت من الروح القدس فهتفت بأعلى صوتها “مباركة انت في النساء ومباركة ثمرة بطنك… فما ان وقع صوت سلامك في اذنيّ حتى ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني” (لوقا 1: 39 – 44). وفي اليوم الثامن بعض ولادة الصبي دعي يوحنا (لوقا 1: 57 – 63)، كما قال الملاك (لوقا 1: 13). وكان الطفل يترعرع وتشتد روحه واقام في البراري الى يوم ظهور امره لاسرائيل (لوقا 1: 80). وكان لباس يوحنا من وبر الابل وحول وسطه زنار من جلد وكان طعامه الجراد والعسل البري (متى 3: 4). أوّل ما يطالعنا في الكتاب المقدّس عن يوحنّا أنّه كان يتنبّأ بمجيء السيّد المسيح واقتراب ملكوت السموات. فكان يصرخ: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” (متى 3: 2) معلناً مجيء المسيح بهذه: “يأتي بعدي مَن هو أقوى منّي، مَن لستُ أهلاً لأن أنحني فأفكّ رباط حذائه. أنا عمّدتكم بالماء، وأمّا هو فيعمّدكم بالروح القدس” (مرقس 1: 7-8). يوحنّا هو النبيّ الخاتم للعهد القديم، هو الأخير في سلسلة الأنبياء الذين تحدّثوا عن مجيء المسيح المخلّص. إحدى مهامّ يوحنّا الأساسيّة تكمن في إعداد الشعب لاستقبال المسيح الآتي. وفي هذا السياق يكون يوحنّا هو الملاك الذي تحدّثت عنه نبوءة ملاخي: “هاءنذا أرسل أمام وجهي ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي” (3: 1)، أمّا في إنجيل متّى فقد ورد: “هاءنذا أرسل أمام وجهك ملاكي ليهيّئ طريقك أمامك” (11 :10). تجدر الإشارة إلى أنّ استبدال ضمير المخاطب بضمير المتكلّم في الآية دليل على المساواة التامّة الكائنة بين الآب والابن. لذا، تصوّر الكنيسة يوحنّا في أيقوناتها ملاكاً مرسَلاً من الله: “وكان إنسان مرسَل من الله اسمه يوحنّا” (1: 6). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157103 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يوحنّا هو الشاهد الأساسيّ على مجيء المسيح، وهذا ما قاله عنه القدّيس يوحنا الإنجيلي في فاتحة إنجيله: “جاء (يوحنّا) شاهداً ليشهد للنور، فيؤمن عن شهادته جميع الناس” (1: 8). هذه الشهادة للمسيح تكتمل بعد معموديّته من يوحنّا، حيث شهد يوحنّا قائلاً: “رأيت الروح ينزل من السماء كأنّه حمامة فيستقرّ عليه. وأنا لم أكن أعرفه، ولكنّ الذي أرسلني أعمّد في الماء هو قال لي: إنّ الذي ترى الروح ينزل فيستقرّ عليه، هو ذاك الذي يعمّد بالروح القدس. وأنا رأيت وشهدت أنّه هو ابن الله” (يوحنّا 1: 32-34). يشهد يوحنّا هنا أنّ الله الذي أرسله (يوحنّا 1: 6) ليعمّد في الأردنّ، هو قال له إنّ الذي سينزل عليه الروح القدس هو المسيح، فرأى وآمن وشهد. القديس السابق المجيد يوحنا المعمدان يوحنّا هو أيضاً مثال التلميذ الأمين الزاهد بالسلطة وبكلّ أمجاد هذه الدنيا الفانية. لقد دعا تلاميذه إلى تركه والالتحاق بالمسيح. لم يصنع لنفسه اتباعاً، بل أعدّ تلاميذه ليكونوا أتباعاً للمسيح فقط. فهو القائل عن المسيح: “هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم. هذا الذي قلتُ فيه: يأتي بعدي رجل قد تقدّمني لأنّه كان من قبلي”(يوحنّا 1: 29-30). وبناء على هذا الكلام، طلب يوحنّا إلى تلاميذه أن يتبعوا يسوع فتبعوه (يوحنّا 1: 37). والشهادة الأخيرة ليسوع يعطيها يوحنّا المعمدان عندما يقول: “لا بدّ له من أن يكبر. ولا بدّ لي من أن أصغر” (يوحنّا 3 :30). أي أنّ هذا القدّيس لم يرد أن يكبر بحيث يحجب يسوع، بل تواضع فكبر بتواضعه وأبرز المسيح للناس. وهذا له مدعاة فرح بأن يمّحي لكي يظهر المسيح نوراً للعالم. وهو نفسه يقول: “مَن كان له العروس فهو العريس. وأمّا صديق العريس الذي يقف يستمع إليه فإنّه يفرح أشدّ الفرح لصوت العريس” (يوحنّا 3: 29) العريس هو المسيح والعروس هي الكنيسة، ويوحنّا يفرح بالعروسين لكي ينال هو أيضاً إكليل المجد. ترتبط مهمّة يوحنّا ارتباطاً وثيقاً بالتوبة، فنراه يشدّد على التوبة كأساس للدخول في ملكوت السموات: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات”. وتمهيد طريق المسيح لا بدّ أن يعبر أيضاً في توبة الشعب المزمع أن يستقبله: “صوتُ صارخٍ في البرّيّة: أعدوا طريق الربّ واجعلوا سبله قويمة”(لوقا 3: 4). لذا كان يقول للجموع التي كانت تأتي إليه لتعتمد عن يده: “فأثمروا إذاً ثمراً يدلّ على توبتكم” (لوقا 3: 8). في ذلك الوقت أتى يسوع من الجليل الى الاردن ليعتمد على يد يوحن، وبينما هو خارج من الماء رأى يوحنا السموات تنشقّ والروح ينزل عليه كأنه حمامة (مرقس 1: 9- 10)، فقال يوحنا:”هذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم…انا لم اكن اعرفه، ولكني ما جئت أُعمد في الماء الا لكي يظهر أمره لاسرائيل… والذي ارسلني أُعمد في الماء هو قال لي: إن الذي ترى الروح ينزل فيستقر عليه، هو ذاك الذي يُعمد في الروح القدس. وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله ” (يوحنا 1: 29- 34). كان يوحنا يوبخ هيرودس انتيباس رئيس الربع (حاكم الجليل) الذي اتخذ امرأة اخيه هيروديا مخالفا بذلك الشريعة، وكان يوحنا يقول لهيرودس “لا يحل لك ان تأخذ امرأة اخيك” (مرقس 6: 18). وبسبب ذلك امر هيرودس بسجن يوحنا (لوقا 3: 20)، وأرادت هيروديا ان تقتل يوحنا لكنها لم تستطع (مرقس 6: 19).ولما احتفل هيرودس بذكرى مولده رقصت سالومة ابنة هيروديا في الحفل، فاعجبت هيرودس، فأقسم لها انه يعطيها كل ما تطلب. فسألت امها، فأشارت عليها بأن تطلب رأس يوحنا. فأرسل هيرودس حاجبا فقطع رأس يوحنا وأُتي بالرأس على طبق فأعطاه للصبية والصبية اعطته لامها. وبلغ الخبر الى تلاميذ يوحنا، فجاؤوا وحملوا جثمانه ووضعوه في القبر (6: 17- 29). في بشارة الملاك لزكريّا والد يوحنّا، يقول الملاك عن يوحنّا: “إنّه سيكون عظيماً أمام الربّ، ولن يشرب خمراً ولا مسكراً، ويمتلئ من الروح القدس وهو في بطن أمّه، ويردّ كثيراً من بني إسرائيل إلى الربّ إلههم، ويسير أمامه (…) فيعدّ للربّ شعباً متأهّباً” (لوقا 1 :15-17). ما قاله الملاك المرسل من الله إلى زكريّا مبشّراً بيوحنّا هو خير مختصر عن حياة يوحنّا كلّها. فطوبى لكلّ إنسان يستطيع أن يتمثّل بيوحنّا من حيث دعوته وشهادته وتوبته وتأهّبه الدائم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157104 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() صورة يوحنا المعمدان في خدمتنا الليتورجية، ومكانتُهُ في ترتيباتنا الكنسية: النبي الكريم السابق المجيد، في خدمة عيد الظهور الإلهي، هو مُسَارٌ سماويٌ للثالوث ومصباح بالجسم وغصن للعاقر وصديق مولود البتول مريم. وهو عشقُ الروح وبلبل النعمة الناطق بالله، وإناء شريف كليِّ النقاوة لعدم الهوى. زينتهُ حكمة الله وتلألأ بمصابيح الفضيلة الفائقة الطبيعة وأظهر صورة إعادة الهيولى. يعتبر أرفع الأنبياء شأناً وأعظم مواليد النساء. هذا بشهادة الرَّب يسوع نفسه (متى11). وهو الوسيط بين العهدين القديم والجديد وخاتمة الأنبياء (صلاة السحر- الأودية السادسة)، مقاماً من الشريعة والنعمة في آن، مختتماً الأولى ومغتتماً الثانية (صلاة السحر والأودية التاسعة)، خاتمة الناموس وباكورة النعمة الجديدة (صلاة السحر- الأودية السابعة). وهو مساوٍ للملائكة بسيرته الغريبة وقد أجاز حياته كمثل ملاك على الأرض وسكن القفر”منذُ عهد الأقمطة” (صلاة السحر- ذكصا الإنيوس). كما أنهُ بارتكاضه في الحشا(لو 1:44) أنبأ بسرور بالثمر البتولي في بطن مريم وسجد له(الأودية الأولى). ويبقى السابق المجيد في الكنيسة بعد شهادته سابقاً للمسيح في حياة المؤمنين في كلِّ جيل. فهو نموذج الزهد والبتولية وحياة التوبة واللاهوى. وهو زعيم الرهبان وساكن القفار لا يكفُّ عن الإعداد لمجيء السيد فينا.” أعدَّوا طريق الرَّب. اجعلوا سبلَهُ قويمةً”. ونحنُ باتباعنا صورته الداعي إلى التوبة نستعد حسناً لاقتبال المعمودية المقدَّسة وتفعيله، ونحفظ، في خطّه الزاهد المتقشِّف، نعمة الله المستودعة بالمعمودية وننميها إلى أن يستقر الرب يسوع المسيح فينا بالكلية في ملْ قيامته المجيدة. هذا وقد كانت الكنيسة قديماً ترتل لهُ، في عيد الظهور الإلهي الطروبارية التالية: “أيُّها السابق، يا نبي القفر ومُواطِنَ البريَّة،يا من سمع الصوت الإلهي للأب واستحقَّ أن يُعمِّد الابن والسيِّد، الذي عاين الروح القدس بأمِّ العين وأذاع للجميع معمودية التوبة. …….. أيضاً من أجلن، نحن الخطأة، الشفاء بالمياه وصلواتك لكيما تكون لنا من لدن المسيح الرحمة الغنيَّة العُظمىَ”. في عيد الظهور الإلهي أيضاً تمَّ نقل يمين السابق المجيد من أنطاكية إلى القسطنطينية (القرن 10م). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157105 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() طروبارية باللحن الثاني ليوحنا المعمدان تذكار الصدّيق بالمديح، فأنتَ أيها السابق تكفيك شهادة الرب، لأنك ظهرتَ بالحقيقة أشرف من كل الأنبياء، إذ قد استأهلتَ أن تعمّد في المجاري مَن قد كُرز به، ولذلك جاهدتَ عن الحق مسروراً، بشّرتَ الذينَ في الجحيم بالإله الظاهر بالجسد، الرافع خطيئةَ العالم، والمانح إيانا الرحمةَ العظمى. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157106 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قنداق باللحن السادس الثاني ليوحنا المعمدان إن الأردن قد تهيّبَ لحضوركَ الجسدي، فوَلىَّ مرتعداً، ويوحنا احتشم خوفاً عند إتمامه الخدمة النبوية، ومراتبُ الملائكة اندهشوا لما شاهدوكَ معتمداً بالجسد في المجاري، وجميعُ الذينَ في الظلام استناروا مسبحينَ إياكَ، أيها الظاهر والمنير الجميع |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157107 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المزمور الثَّامِنُ وَالعِشْرُونَ صراخ إلى الله القدير لداود "إليك يا رب أصرخ" (ع1) مقدمة: كاتبه هو داود النبي كما يظهر من عنوانه. متى كتب؟ كتبه عندما كان هاربًا إما من وجه شاول، أو من وجه ابنه أبشالوم، بدليل نفوره من الأشرار المخادعين، معلنًا رفضه للخيانة التي فعلها أبشالوم (ع3). يعتبر من المزامير المسيانية؛ لأنه يتكلم عن المسيح المخلص، والذي يشفع في أولاده بدمه الذكى إلى الأبد (ع8، 9). يناسب هذا المزمور كل مؤمن يعانى من ضيقات، ويناسب أيضًا الكنيسة المتألمة في صراخها نحو الله. لا يوجد هذا المزمور في مزامير الأجبية. (1) استغاثة للخلاص من الأشرار ( ع1- 5): ع1: إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ. يَا صَخْرَتِي، لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي، لِئَلاَّ تَسْكُتَ عَنِّي فَأُشْبِهَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. تتصامم: تجعل نفسك أصمًا من جهتى، أي ترفض سماع صلاتى. صراخ داود يعلن مدى احتياجه إلى الله، فهو لا يتكلم فقط، بل يصرخ معلنًا ضيقته الشديدة. وفى نفس الوقت يبين دالته عند الله أنه وقف أمامه وصرخ، مظهرًا كل مشاعره واحتياجاته. إن داود يثق أن الله صخرته، أي ملجأه الحصين، الذي يلتجئ إليه ويثق أنه في حماية الله لا يستطيع أحد أن يؤذيه، بل من يحاول أن يصطدم بالصخرة، سينكسر، وإذا سقطت الصخرة عليه تسحقه. لذا فداود مطمئن ما دام محتميًا بإلهه صخرته، وهذا يؤكد أيضًا دالته عند الله، فالله ليس مجرد صخرة، بل صخرته. إذا سقط داود في الخطية بزناه مع إمرأة أوريا الحثى اتضع أمام الله في توبة، وطلب منه ألا يرفض صلاته ويسد أذنيه عنها، بل يسامحه، وفى نفس الوقت ظل يصلى، ويبكى، ويعوم سريره كل يوم. يؤمن داود أن الله هو حياته، فإذا رفض الله سماع صلاته سيشبه الهابطين في الجب، أي أنه معرض للموت إن تركه الله؛ لذا فهو يترجى الله أن يسمعه؛ حتى يحيا أمامه. ع2: اسْتَمِعْ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ أَسْتَغِيثُ بِكَ وَأَرْفَعُ يَدَيَّ إِلَى مِحْرَابِ قُدْسِكَ. المحراب: هو قدس الأقداس، حيث يوجد تابوت عهد الله في هيكل سليمان، ويدخل إليه رئيس الكهنة مرة واحدة كل عام. والمحراب يعلن حضور الله. إن صلاة داود تضرع إلى الله. والتضرع يعنى اتضاع وانسحاق أمام الله، وفى نفس الوقت إيمان بالله الذي يتضرع إليه؛ ليطلب معونته. استغاثة داوود بالله تعلن مدى احتياجه ومعاناته، بل أنه لا يجد منقذ له إلا الله؛ لذا فصلاته قوية وتصل إلى أحضان الله. إن المحراب لم يكن قد بنى بعد بيد سليمان، ولكن داود كان الله قد وعده أن ابنه سيبنى الهيكل. وأعد داود احتياجات بناء الهيكل بما فيها المحراب. والمحراب هو الذي يقابل قدس الأقداس في خيمة الاجتماع، وبه أهم شيء في الخيمة، أو الهيكل، وهو تابوت عهد الله، الذي يعلن حضوره وسط شعبه. وقد رأى داود بالإيمان هذا المحراب، ورفع يديه نحوه، أي رفع يديه نحو الله طالبًا معونته. إن رفع اليدين إعلان لطلب المعونة من السماء حيث يسكن الله، فرفع اليدين نحو المحراب، هو طلب النجدة والقوة من الله المخلص. لقد رفع موسى يديه على شكل صليب أمام الله في الصلاة، فاستطاع يشوع أن يغلب جيش العماليق الجبار. وبالصليب والصلاة يستطيع الإنسان الروحي التغلب على كل حروب الشياطين. إن داود المطرود من وجه أبشالوم قلبه متعلق بتابوت عهد الله. فهو يؤمن ويشعر بحضرة الله؛ حتى لو كان بعيدًا عن تابوت العهد. مؤكدًا أهمية الصلاة العقلية؛ حتى لو لم يتح للإنسان الوجود في هيكل الله، أو الكنيسة لظروف تمنعه من ذلك. ع3: لاَ تَجْذِبْنِي مَعَ الأَشْرَارِ، وَمَعَ فَعَلَةِ الإِثْمِ الْمُخَاطِبِينَ أَصْحَابَهُمْ بِالسَّلاَمِ وَالشَّرُّ فِي قُلُوبِهِمْ. يتضرع داود إلى الله ألا يبعده عنه ويجذبه بعيدًا عن أحضانه، فينضم للأشرار وفعلة الإثم؛ لأنه لا يتخيل نفسه إلا بين يدى الله الذي أحبه من كل قلبه. إن كان داود مطاردًا من شاول، وقد اضطر أحيانًا أن يوجد مع الوثنيين هربًا من شاول، ولكنه يحيا متمسكًا بوصايا الله، ومتعلقًا ببيته. فيطلب من الله ألا يحسبه ويحصيه مع الأشرار؛ لأنه ما زال ابنه ومتمسكًا بإيمانه. هؤلاء الأشرار مخادعون، يتكلمون بالسلام مع الناس والشر في قلوبهم. فداود متمسك بنقاوة قلبه، ويعلن لله أنه محتاج معونته؛ ليظل في هذه النقاوة، بعيدًا عن الأشرار المنافقين. هذه الآية نبوة عن المسيح البار القدوس، الذي أحصى مع الأثمة، عند احتماله للآلام والصلب من أجلنا. فيطلب من الآب ألا يتركه؛ لأنه يحمل خطايا العالم كله على رأسه، وهو مصلوب لأجل فدائنا، عندما قال إلهي إلهى لماذا تركتنى (مز22: 1). لعل داود رأى بروح النبوة يهوذا الأسخريوطى الخائن، الذي تكلم بالسلام مع سيده، وقبله، وسلمه لليهود، وقبضوا عليه. فيطلب داود ألا يحسبه الله مع يهوذا وكل الخونة والمخادعين الأشرار. ع4: أَعْطِهِمْ حَسَبَ فِعْلِهِمْ وَحَسَبَ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ. حَسَبَ صُنْعِ أَيْدِيهِمْ أَعْطِهِمْ. رُدَّ عَلَيْهِمْ مُعَامَلَتَهُمْ. يطلب داود مجازاة الأشرار حسب أفعالهم وقلوبهم الشريرة، وليس ككلامهم المعسول الذي ينطق بالسلام المخادع؛ لأن الله فاحص القلوب والكلى؛ حتى يخاف الأشرار الله، ويتوبوا، ويرجعوا إليه إذا أدبهم؛ لأن التأديب يشعرهم بقساوة قلوبهم وسوء أعمالهم، فيتوبون. يظهر العدل الإلهي في مجازاة الأشرار ومعاقبتهم، حتى يثبت المؤمنون في إيمانهم وسلوكهم المستقيم. ولا ينزعجون بالنجاح المؤقت المادي للأشرار في العالم. إذا ما رد الرب أعمال الإنسان على رأسه يخاف البشر في سلوكهم، ولا يسيئون إلى غيرهم؛ لئلا يأتي عليهم كل ما فعلوه من شر. يظهر داود كراهية الله للشر بقوله عن الأشرار فعلهم، وصنعهم، ومعاملاتهم، حتى ينفر الناس من الشر بكل صوره في كل سلوكياتهم. ع5: لأَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَبِهُوا إِلَى أَفْعَالِ الرَّبِّ، وَلاَ إِلَى أَعْمَالِ يَدَيْهِ، يَهْدِمُهُمْ وَلاَ يَبْنِيهِمْ. خطية الأشرار أنهم لم ينتبهوا إلى أعمال الله، وبالتالي لم يؤمنوا به، أو يسلكوا بوصاياه، فاستحقوا الهلاك، كما يقول الكتاب "هلك شعبى من عدم المعرفة" (هو4: 6). إن أفعال الرب وأعمال يديه هي عنايته بالبشر، ومساندته للأبرار، وضيقه من الأشرار، وتدبيره لجميع خلائقه. كل هذه إذا تأملها الإنسان يؤمن بالله، ويخضع لوصاياه. هؤلاء الأشرار يتضايق منهم الله ويكره شرورهم، فيهدم هذه الشرور، لعل الأشرار يتوبون. وإن لم يتوبوا يهدمهم، ويفنيهم في العذاب الأبدي. إن الله يهدم الأشرار ولا يعيد بناءهم إذا أصروا على الخطية. وبالتالي لأنهم رفضوا معرفة الله، فهم يستحقون هذا الهدم الدائم، أى الهلاك الأبدي. هؤلاء الأشرار مخادعون، خدعوا الناس بكلمات السلام المزيفة، وكانوا يبطنون لهم الشر. هذا الخداع جاء على رؤوسهم، إذ انخدعوا هم أنفسهم، وابتعدوا عن السلوك المستقيم فهلكوا. † إذا واجهت أية ضيقة أسرع إلى الله الذي يحبك واصرخ إليه، واثقًا أنه يسمعك، حتى لو كنت في عمق الضيقة، بل وينجيك من أيدي الأشرار، ويعطيك سلامًا وفرحًا. (2) شكر وفرح بالخلاص ( ع6-9): ع6: مُبَارَكٌ الرَّبُّ، لأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ تَضَرُّعِي. طلب داود بإيمان وصرخ إلى الله في بداية المزمور، والآن أيضًا بإيمان يرفع قلبه بالشكر لله الذي استجاب له. هذا الشكر شعر به داود قبل أن يستجيب الله؛ لأنه آمن أنه سيستجيب، ثم ظل يشكره حتى استجاب فعلًا. ما أجمل تذكر داود أن يشكر الله على استجابته ويباركه، فهذا يثبت إيمان داود ويشعره بمعية الله، فيزداد فرحه. ع7: الرَّبُّ عِزِّي وَتُرْسِي. عَلَيْهِ اتَّكَلَ قَلْبِي، فَانْتَصَرْتُ. وَيَبْتَهِجُ قَلْبِي وَبِأُغْنِيَتِي أَحْمَدُهُ. عزى: رفعتى وعظمتى. ترسى: حمايتى وحصنى؛ لأن الترس آلة حربية، كان الجندى يستخدمها قديمًا للدفاع عن نفسه. وهي قطعة خشبية لها عروة من الخلف، يضع فيها الجندى يده، ويحركها أمام رأسه وجسده، فتحميه من السهام. إيمان داود بقوة الله جعله يتكل عليه وليس على أي شيء آخر، فشعر بالعز والحماية فيه وهو هارب ومطارد. وإذ رأى الله إيمانه وهبه نصرة. فالنصرة أكيدة لكل من يؤمن بالله من كل قلبه. إذ اتكل داود على الله شعر بالنصرة فيه قبل أن تحدث، وفرح بمعية الله له وسرت هذه البهجة في كل مشاعره الداخلية، أي قلبه وبالتالي فكره، وكذلك بدا على وجهه. تعبيرًا من داود عن فرحته شكر الله وسبحه بأغنية، أى دام في الشكر والتسبيح مدة طويلة. إذ شعر داود بالفرح في قلبه وسبب هذا الفرح هو معية الله الذي اتكل عليه ونصره، صارت البهجة في قلبه دائمًا، وعبر عنها بالتسبيح الدائم، فصار الله أغنيته، أي تعلق قلبه بالله، ولم يعد له فرح إلا فيه. ع8: الرَّبُّ عِزٌّ لَهُمْ، وَحِصْنُ خَلاَصِ مَسِيحِهِ هُوَ. يعبر عن قوة عمل الآب مع المؤمنين به، فيقول الرب عز لهم، فهو فخرهم وعظمتهم. ويعبر عن عمل الابن مع المؤمنين بقوله "حصن خلاص مسيحه"، أي أن المسيح هو مخلصهم، الذي سيتمم فداءهم في ملء الزمان على الصليب. إن المسيح المخلص يعطى المؤمنين به خلاصًا قويًا مؤكدًا، يشبهه بالحصن، أي لا يستطيع إبليس أن يخترقه بكل قوته، وحيله، وحروبه المتنوعة، بل يتمتع المؤمنون داخل الحصن بعشرة مسيحهم ويفرحون معه. إذن داود لا يستطيع أن يفصل نفسه من جماعة المؤمنين، أي الكنيسة، فيقول إن الرب "عزٌ له" في (ع7)، ولكن داود يريد أن يشعر باتحاده مع باقي المؤمنين فيقول إن "الرب عزٌ لهم" في (ع8). الله القوى قد خلص داود مسيحه، أي الممسوح ملكًا على شعبه، وصار حصنًا له يحميه كل أيامه من أعدائه، فهذا يمثل قوة الله المخلصة، الدائمة في حمايتها لداود. ع9: خَلِّصْ شَعْبَكَ، وَبَارِكْ مِيرَاثَكَ، وَارْعَهُم وَاحْمِلْهُم إِلَى الأَبَدِ. يتحول داود من إنسان يستغيث بالله ويطلب معونته ليخلصه من أعدائه، إلى ملك مسئول، وشفيع عن شعبه يطلب لهم الخلاص. فهو باتكاله على الله اطمأن وشعر بالنصرة المؤكدة. وارتباطه بجماعة المؤمنين جعلته لا يطيق أن ينال الخلاص وحده، بل يريد أن كل المؤمنين ينالون الخلاص. فهذا يؤكد وحدانيته مع شعبه وكملك يسلم المسئولية كاملة لله بكل ثقة في إخلاص الله لشعبه. إنه لا يكتفى بطلب الخلاص لشعبه، ولكن بدالة حب يطلب من الله أن يباركهم أيضًا، فيعطيهم البركات المادية والروحية؛ ليتمتعوا بعشرته. إن الخلاص الذي يطلبه داود من الله لشعبه يشمل أمرين: أ - الخلاص من الأعداء، أي الأمم المحيطة بهم. ب - الخلاص من الأعداء الروحيين، أي الشياطين وكل ما يتصل بهم من خطايا. بدالة يقول داود لله أن المؤمنين به هم شعبه وهو إلههم المسئول عنهم، الذي لا يمكن أن يتركهم. بل هم ميراثه، أي أفضل ما يقتنيه؛ لأن الله قال "لذاتي مع بني آدم" (أم8: 31). الطلب الثالث الذي يطلبه داود من الله لشعبه، هو رعايتهم. وهذا يشمل أمورًا كثيرة أهمها: أ - إشباعهم ماديًا. ب- كفايتهم روحيًا بمعرفته والالتصاق به، وتغذيتهم بجسده ودمه في كنيسة العهد الجديد. ج - حمايتهم. د - إرشادهم في كل خطواتهم؛ حتى يصلوا إلى الملكوت. الطلب الرابع والأخير في شفاعة داود من أجل شعبه، هى أن يحملهم الله. وهذا يمثل حب على أعلى مستوى، فيكون شعب الله بين يديه، ويعبر بهم برية هذا العالم حتى يصلوا إلى الحياة الأبدية. وعندما يحملهم يمتعهم بعشرته، وهذا شيء يمتد من الأرض إلى السماء، أي يدوم إلى الأبد مع المؤمنين بالله. إن حمل الله لشعبه يعنى رفعهم عن التعلقات المادية وعن كل خطية، فيصيرون سماويين، روحانيين، محبين للفضائل. ويرفعهم بالأكثر أثناء الضيقات، فيشعرون بالسلام مهما كانت الآلام. † ما أجمل أن ترى عمل الله في حياتك وتشعر به، فيتحرك قلبك لتسبحه، وتتمتع بالتالى بعشرته، بل يصير الله هو تسبيحة حياتك الذي تجد فيه فرحتك الدائمة، ورجاءك وسط كل ظروف الحياة، مهما كانت صعبة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157108 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المزمور الثَّامِنُ وَالعِشْرُونَ صراخ إلى الله القدير لداود "إليك يا رب أصرخ" (ع1) مقدمة: كاتبه هو داود النبي كما يظهر من عنوانه. متى كتب؟ كتبه عندما كان هاربًا إما من وجه شاول، أو من وجه ابنه أبشالوم، بدليل نفوره من الأشرار المخادعين، معلنًا رفضه للخيانة التي فعلها أبشالوم (ع3). يعتبر من المزامير المسيانية؛ لأنه يتكلم عن المسيح المخلص، والذي يشفع في أولاده بدمه الذكى إلى الأبد (ع8، 9). يناسب هذا المزمور كل مؤمن يعانى من ضيقات، ويناسب أيضًا الكنيسة المتألمة في صراخها نحو الله. لا يوجد هذا المزمور في مزامير الأجبية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157109 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَصْرُخُ. يَا صَخْرَتِي، لاَ تَتَصَامَمْ مِنْ جِهَتِي، لِئَلاَّ تَسْكُتَ عَنِّي فَأُشْبِهَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. تتصامم: تجعل نفسك أصمًا من جهتى، أي ترفض سماع صلاتى. صراخ داود يعلن مدى احتياجه إلى الله، فهو لا يتكلم فقط، بل يصرخ معلنًا ضيقته الشديدة. وفى نفس الوقت يبين دالته عند الله أنه وقف أمامه وصرخ، مظهرًا كل مشاعره واحتياجاته. إن داود يثق أن الله صخرته، أي ملجأه الحصين، الذي يلتجئ إليه ويثق أنه في حماية الله لا يستطيع أحد أن يؤذيه، بل من يحاول أن يصطدم بالصخرة، سينكسر، وإذا سقطت الصخرة عليه تسحقه. لذا فداود مطمئن ما دام محتميًا بإلهه صخرته، وهذا يؤكد أيضًا دالته عند الله، فالله ليس مجرد صخرة، بل صخرته. إذا سقط داود في الخطية بزناه مع إمرأة أوريا الحثى اتضع أمام الله في توبة، وطلب منه ألا يرفض صلاته ويسد أذنيه عنها، بل يسامحه، وفى نفس الوقت ظل يصلى، ويبكى، ويعوم سريره كل يوم. يؤمن داود أن الله هو حياته، فإذا رفض الله سماع صلاته سيشبه الهابطين في الجب، أي أنه معرض للموت إن تركه الله؛ لذا فهو يترجى الله أن يسمعه؛ حتى يحيا أمامه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 157110 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() اسْتَمِعْ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ أَسْتَغِيثُ بِكَ وَأَرْفَعُ يَدَيَّ إِلَى مِحْرَابِ قُدْسِكَ. المحراب: هو قدس الأقداس، حيث يوجد تابوت عهد الله في هيكل سليمان، ويدخل إليه رئيس الكهنة مرة واحدة كل عام. والمحراب يعلن حضور الله. إن صلاة داود تضرع إلى الله. والتضرع يعنى اتضاع وانسحاق أمام الله، وفى نفس الوقت إيمان بالله الذي يتضرع إليه؛ ليطلب معونته. استغاثة داوود بالله تعلن مدى احتياجه ومعاناته، بل أنه لا يجد منقذ له إلا الله؛ لذا فصلاته قوية وتصل إلى أحضان الله. إن المحراب لم يكن قد بنى بعد بيد سليمان، ولكن داود كان الله قد وعده أن ابنه سيبنى الهيكل. وأعد داود احتياجات بناء الهيكل بما فيها المحراب. والمحراب هو الذي يقابل قدس الأقداس في خيمة الاجتماع، وبه أهم شيء في الخيمة، أو الهيكل، وهو تابوت عهد الله، الذي يعلن حضوره وسط شعبه. وقد رأى داود بالإيمان هذا المحراب، ورفع يديه نحوه، أي رفع يديه نحو الله طالبًا معونته. إن رفع اليدين إعلان لطلب المعونة من السماء حيث يسكن الله، فرفع اليدين نحو المحراب، هو طلب النجدة والقوة من الله المخلص. لقد رفع موسى يديه على شكل صليب أمام الله في الصلاة، فاستطاع يشوع أن يغلب جيش العماليق الجبار. وبالصليب والصلاة يستطيع الإنسان الروحي التغلب على كل حروب الشياطين. إن داود المطرود من وجه أبشالوم قلبه متعلق بتابوت عهد الله. فهو يؤمن ويشعر بحضرة الله؛ حتى لو كان بعيدًا عن تابوت العهد. مؤكدًا أهمية الصلاة العقلية؛ حتى لو لم يتح للإنسان الوجود في هيكل الله، أو الكنيسة لظروف تمنعه من ذلك. |
||||