منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 04 - 2024, 04:30 PM   رقم المشاركة : ( 156691 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




† لا تخف من الضيقة،
فمنظرها في البداية يبدو صعبًا.
ولكن ثق أن داخل مرارتها حلاوة عجيبة،
واختبار لله لم تتذوقه من قبل،
فثابر في جهادك واثقًا من معونة الله وتعزياته..
 
قديم 05 - 04 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 156692 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يسوع يَشفى حَماة بُطْرُس في كَفَرْناحوم



النَّص الإنجيلي (مَرقُس 1: 29-39)



29 ولَمَّا خَرَجوا مِنَ المَجْمَع، جاؤُوا إلى بَيتِ سِمعانَ وأَندَراوس ومعَهم يَعقوب ويوحَنَّا. 30 وكانَت حَماةُ سِمعانَ في الفِراشِ مَحمومة، فأَخَبَروه بأمرِها. 31 فدنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها، ففارَقَتْها الحُمَّى، وأَخَذَت تَخدمُهُم. 32 وعِندَ المَساء بَعدَ غُروبِ الشَّمْس، أَخَذَ النَّاسُ يَحمِلونَ إِلَيه جَميعَ المَرْضَى والمَمَسوسين. 33 وَاحتَشَدَتِ المَدينةُ بِأَجمَعِها على الباب. 34 فَشَفى كثيراً مِنَ المَرْضَى المُصابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل، وطرَدَ كثيراً مِنَ الشَّياطين، ولَم يَدَعِ الشَّياطينَ تَتَكَلَّم لأَنَّها عَرَفَتهُ.35 وقامَ قَبلَ الفَجْرِ مُبَكِّراً، فخَرجَ وذهَبَ إلى مَكانٍ قَفْر، وأَخذَ يُصَلِّي هُناك. 36 فَانَطَلَقَ سِمْعانُ وأَصْحابُه يَبحَثونَ عَنه، 37 فوَجَدوه. وقالوا له: ((جَميعُ النَّاسِ يَطلُبونَكَ)). 38 فقالَ لَهم: ((لِنَذهَبْ إلى مَكانٍ آخَر، إلى القُرى المُجاوِرَة، لِأُبشِّرَ فيها أَيضاً، فَإِنِّي لِهذا خَرَجْت)). 39 وسارَ في الجَليلِ كُلِّه، يُبَشِّرُ في مَجامِعِهم ويَطرُدُ الشَّياطين.





مقدمة



يَصف مَرقُس الإنجيلي رسالة يسوع في اليوم الأول في كَفَرْناحوم، وهي رسالة التَّعليم وشفاء المَرْضَى وطرد الشياطين والصَّلاة، وهي علامات مَلَكُوت الله الذي جاء يسوع يدشّنه والتي تُلَخِّص أعماله في خدمته العلنيَّة طيلة ثلاث سنوات. وهذا اليوم هو يوم نموذجي في حياة يسوع العلنيَّة. ويصف مَرقُس الإنجيلي بنوع خاص شفاء يسوع لحَماة بُطْرُس، وهذا الشِّفاء هو إحدى المعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع أمام تلاميذه الأوَّلين الأربعة مِمّا يدلّ أنَّ مَلَكُوت الله أخذ يتحقَّق بلقاء يسوع والعمل لأجلنا ولأجل شفائنا وخلاصنا. وهذا الامر يزيد رغبتنا في معرفة من هو يسوع، وما هي رسالته. ومن هنا تكمن أهميَّة البحث في وقائع النَّص الإنجيلي وتطبيقاته.





أولاً: وقائع النَّص الإنجيلي (مَرقُس 1: 29-39)



29 ولَمَّا خَرَجوا مِنَ المَجْمَع، جاؤُوا إلى بَيتِ سِمعانَ وأَندَراوس ومعَهم يَعقوبُ ويوحَنَّا



تشير عبارة " لَمَّا " في الأصل اليوناني εὐθὺς (معناها في الحال أو للوقت) إلى تعبير مَرقُس الإنجيلي الذي تكرَّر 41 مرة. ويُعطيه مَرقُس الإنجيلي أهميَّة كبرى. وتدل هنا على قرب المَجْمَع من بيت سِمْعان. أمَّا عبارة "المَجْمَع" في الأصل اليوناني συναγωγή وفي العبريَّة " בֵּית הַכְּנֵסֶת (كنيس) أو كنش في السِّريانيَّة (معناها جمع) فتشير إلى مُؤسَّسة دينيَّة مَركزيَّة في العَالَم اليهودي، وهو مكان ذو طابع مؤسَّسي للقاء الجَماعة، ومكان إعلان كلمة الله وموضع مُعدٌّ للصَّلاة العلنيَّة وسائر الفَعاليات الدِّينيَّة الجماعيَّة، وقد تمَّ العُثور على مَجْمَع كَفَرْناحوم في وسط المدينة، وهو يعود إلى القرن الرَّابع أو الخامس للميلاد. وعُثر تحت أنقاض هذا المَجْمَع على آثار مَجْمَع رُوماني الذي بناه قائد المائة (لوقا 7: 5) والذي كان يسوع يرتاده، ويناقش فيه الكتبة والفِرِّيسييِّن، وفيه علَّم يسوع الجموع عن خُبز الحَياة (يوحَنَّا 6: 59). ودلّت التَّنقيبات على أن المَجْمَع كان بناء مستطيلاً مُقسَّماً إلى ثلاثة أجنحة يَفصل بينها أعمدة. وكان لكلِّ جَناح مدخلٌ خاصٌ به، ووُجد على طول الجُدران مقاعدٌ للمؤمنين (متى 23 :6). وبما أن اليهود يتوجَّهون إلى أورشليم للصَّلاة (دانيال 6 :10)، نجد مكانًا مرتفعًا (بياما)، لرئيس الجماعة والقارئ باتجاه القدس؛ وكانت الأبواب مُتَّجهة نحو أورشليم أيضًا. فالمَجْمَع هو صورة مُصغّرة عن الهيكل. وقد تمَّ خراب هذا المَجْمَع والمدينة كما أنبأ به ربنا (متى 11: 21-23). أمَّا عبارة "جاؤُوا" في الأصل اليوناني ἦλθον (معناها أتوا) فتشير إلى يسوع وتلاميذه؛ وهناك قراءة مختلفة "جاء" أي يسوع. أمَّا عبارة "بَيتِ سِمعانَ وأَندَراوس" فتشير إلى بيت الأخوين التي سكنا فيه في كَفَرْناحوم والذي صار منذ ذلك الحين بمثابة مركز ليسوع أثناء إقامته في الجَليل (مَرقُس 2: 1، 3: 19؛9: 33). ويُضيف يوحَنَّا الإنجيلي أنَّ بيت صيدا هي مسقط راس الأخوين، كما جاء في إنجيله الطاهر: "اللذين كانا من بَيتَ صَيدا مَدينَةِ أَندَراوسَ وبُطْرُس"(يوحَنَّا 1: 44)، وقد انتقلا إلى كَفَرْناحوم للعمل في مهمة الصَّيد. ويسوع يدخل بيت بُطْرُس، ويتعرّف على عائلته وأصدقائه وصُعوباته. والبيت كان المكان الذي يحدث الخلاص فيه، إذ يكشف يسوع فيه عن طبيعة المَلَكُوت. وكان البيت على مقربة من المَجْمَع، كما كشفت الحُفريات الأثريَّة للفرنسيسكان عن الموقع الذي تمَّ تحديده على أنه بيت بُطْرُس، وهو المكان الذي فيه أعلن يسوع تعاليمه وصنع المعجزات، وأصبح واحد من أكثر المواقع التي يرتادها الحُجَّاج القادمين من كل بقاع العَالَم. نجد من جهة، آثار المنازل التي تعود للقرن الأول، ومن جهة أخرى نجد آثار كنيسة بيزنطيَّة تعود إلى القرن الخامس على شكل مثمّن الأضلاع فوق موضع بيت سِمْعان بُطْرُس. وقد حافظ المهندس البيزنطي على آثار بيت بُطْرُس لحفْظِها من الخَراب. وفي 29 حزيران 1990 انتهت أعمال بناء الكنيسة الفرنسيسكانيَّة الحَاليَّة، وهي مبنيَّة على شكل قارب صيد وتحتفظ تحتها بأثار الأبنية السَّابقة. وفي 15 تشرين الأول من كل عام يُقام احتفال على ضفاف البحيرة بعد الغروب بقليل، وذلك بقراءة من الإنجيل المقدّس التي تروي حدث دعوة التَّلاميذ الأوائل. وتُذكّر كلمة الله الحضور مرة أخرى بالأحداث التي جرت في هذا المكان، بدءاً بشفاء المقعد وانتهاء بدعوة متى؛ وتساعد هذه الاحتفالات في إعادة اكتشاف جذور إيماننا ورفع آيات الشكر والتَّسبيح ويتم أيضًا مباركة عناقيد العِنب وتوزيعها على جماعة المؤمنين تذكيرًا بالإفخارستيا وعلامة فعل شكر لله لأجل هباته. أمَّا عبارة " بَيتِ "في الأصل اليوناني οἰκία فلا تشير إلى السُّكنى فقط، إنَّما أيضًا إلى العائلة ومكان العلاقات الإنسانيَّة الحميمة. وهو مكان التربية الأولى حيث يتعلم الإنسان الخطوات الأوّلى للتواصل مع أعضاء أسرته ومع الله والمحيطين في مجتمعه، ومكان الراحة (مرقس 7: 17؛ 9: 33؛ 9: 28؛ 10: 10). البيت هو أيضا مكان الصداقة والاحتفال، فرح المائدة، مثال تلك المرأة التي دهنت يسوع بالطيب في بيت سمعان الأبرص (مرقس 14: 3). والبيت هو في الإنجيل أيضا مكان الشفاء والقرب من حالات الألم والموت الّتي يعيشها الرجال والنساء ليواجه معاناتهم، مثل حماة بطرس (مرقس 1: 30)، وشفاء مقعد كفرناحوم (مرقس 2: 4) وليعيد لهم الحياة مثال أحياء ابنة يائيرس (مرقس 5: 38)، وكان يسوع يأمر المرضى الذي شفاهم بالعودة إلى بيوتهم، ليكون بيتهم مكانًا لإعلان أعمال الله العظيمة، فهي رؤيّة للكنيسة البيتيّة (مرق 5: 19؛ 8: 26). ومن الواضح في إنجيل مَرقُس الاستعمال المجازي لكلمة " بيت" الذي له علاقة بالجماعة المَسيحيَّة الكنسيَّة الأولى (مَرقُس 11: 17؛ 13: 35)، فهو المكان اللاهوتي الّذي يعلّم فيه يسوع تلاميذه، وفيه يكشف يسوع عن طبيعة المَلَكُوت، وفيه يستطيع الإنسان أن يختبر الخلاص. وقد عهد رّبُّ البيت، الّذي سافر، إلى خَدَمه ليعتنوا به (مرقس 13: 34). ويسهروا عليه حتى يّوم عودته (مرقس 13: 35). والخروج من البيت له هدف لاهوتي لإنجيلي مرقس حيث يخرج يسوع بإرادته من البيت ثم من أبواب أورشليم، ويتجه إلى مكان الجلجلة ليُقدّم ذاته على الصليب (مرقس 15: 22)؛ ويطلب يسوع من تلاميذه بالخروج من بيت العائلي للتبشير وُفقًا لقوله : "ما مِن أَحَدٍ تَرَكَ بَيتاً أَو إِخوَةً أَو أَخَواتٍ أَو أُمَّا أَو أَباً أَو بَنينَ أَو حُقولاً مِن أَجْلي وأَجْلِ البِشارَة إِلاَّ نالَ الآنَ في هذهِ الدُّنْيا مِائةَ ضِعْفٍ مِنَ البُيوتِ والإِخوَةِ والأَخَواتِ والأُمَّهاتِ والبَنينَ والحُقولِ مع الاضطِهادات، ونالَ في الآخِرَةِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة" (مرقس 10: 29- 30). أمَّا عبارة "سِمعانَ وأَندَراوس ومعَهم يَعقوبُ ويوحَنَّا" فتشير إلى هؤلاء التَّلاميذ الذين هم أول المَدعُويّن (مَرقُس 1: 16-20). وهم التَّلاميذ الأربعة المقرَّبون للرب يسوع. ويعلق القديس ايرونيموس "كان هؤلاء الثلاثة يرافقونه. اختير بُطْرُس، وعليه بُنيت الكنيسة، وكذلك يَعقوب، أول رسول تسلّم إكليل الشَّهادة، ويوحَنَّا، أول رسول بشّر بالبتوليَّة". وبعد أن خرج يسوع وتلاميذه الأربعة من مَجْمَع كَفَرْناحوم، مكان عام، جاء إلى بيت بُطْرُس مكان خاص. يسوع يمارس عمله اليوم في كل مكان، في جميع ميادين الحياة الدِّينيَّة والدُّنيويَّة وف الأمَاكِن العامة والأمَاكِن الخاصة. وهكذا نجد يسوع يعمل أينما وُجد وتحت كل الظُّروف، يعمل في المَجْمَع العام كما في البيت الخاص. يا ريث ندعو يسوع ليدخل بيوتنا، فيصير بيته، ونجد فيه بيتًا دائمًا.



30 وكانَت حَماةُ سِمعانَ في الفِراشِ مَحمومة، فأَخَبَروه بأمرِها



تشير عبارة "حَماةُ سِمعانَ" إلى بُطْرُس الذي كان متزوجًا وربَّ بيتٍ، كما جاء في رسالة بولس الرَّسول (1 قورنتس 9: 5)، وان زوجته ربما كانت ترافقه في خدمته في وقت لاحق. أمَّا عبارة " في الفِراشِ " في الأصل اليوناني κατέκειτο (معناها ملقاة) فتشير إلى حَماة سِمْعان التي كانت طريحة الفراش مصابة بالحُمَّى. كما جاء واضحًا في إنجيل متى " فرأَى حَماتَهُ مُلقاةً على الفِراشِ " (متى 8: 14)، ويُعلِّق القديس أمبروسيوس: "إنَّ حَماة سِمْعان تُمثِل جسدنا الذي أصابته حُمَّى الخطايا المختلفة فصار أسير الألم، مطروحًا بلا عمل، يحتاج إلى طبيب قادرٍ أن يحلَّه من رباط المَرَض". أمَّا عبارة "مَحمومة" فتشير إلى مرضِ الحُمَّى، كما أوضحه الطبيب لوقا الإنجيلي "وكانَت حَماةُ سِمْعانَ مُصابَةً بِحُمَّى شديدةٍ " (لوقا 4: 38) او نار العظام بحسب الرَّبّانيين، بناء على ما جاء في سفر التَّثنية " يَضرِبُكَ الرَّبُّ بِالضَّنى والحُمَّى والبُرَداءِ والالتِهابِ مع الجَفافِ والصَّدَع والذُّبول، فتُطارِدُكَ حتَّى تَهلِك" (سفر تثنية الاشتراع 28: 22)، ويُنسب عادة مرض الحُمَّى إلى سبب غير طبيعي، كما جاء في سفر الأحبار " أُسَلِّطُ علَيكم رُعْباً وضَنًى وحُمَّى تُفْني العَينَينِ وتُرهِقُ النَّفَس" (الأحبار 26: 16). وفي الواقع، كانت هناك ثلاثة أنواع معروفة من الحُمَّى: أوَّلها ما كانوا يسمّونها «الحُمَّى المَالطيَّة». وهي التي تُسبِّب الضَّعْف والأنيميا التي تستمر شهورًا، وتنتهي بالموت. هناك ما يُشبه حُمّى التَّيفوئيد كما نعرفها اليوم، وهناك حُمَّى الملاريا التي ينقلها البعوض الذي يتوالد في المنطقة التي يلتقي فيها نهر الأُردُنِّ ببُحيْرة طبريَّة. كانت الحُمَّى بأنواعها متفشِّية في كَفَرْناحوم وطبريَّة. ويمكن إزالة الحُمَّى بالصَّلاة للمسيح، كما حدث في شفاء ابن عامل الملك "فاستَخبَرَهم يسوع عنِ السَّاعةِ الَّتي فيها تَعافى. فقالوا له: أَمْسِ في السَّاعَةِ الواحِدَةِ بَعدَ الظُّهْر فارَقَته الحُمَّى" (يوحَنَّا 4: 52). وكان المَرَض علامة على هَشاشة الإنسان وخطاياه. ويُعلق العلامة القدّيس ايرونيموس: "ليْتَ المسيح يدخل إلى منزلنا حتّى يشفي بكلمة واحدة حُمّى خطايانا. كلّ واحدٍ منّا يُصاب بالحُمّى. كلّ مرّة نغضبُ فيها، نُصاب بالحُمّى؛ إنّ ضُعفَنا على تنوّعه يُشكِّل معبرًا للحمّى" (عظات عن إنجيل القدّيس مَرقُس). وتُعتبر حَماة بُطْرُس من المُسنِّين، وكثيرون منهم يحسبون أنفسهم غير مُهمِّين، لكن ليس هناك شخص غير مُهم في نظر الرب، كما جاء في نبوءة أشعيا " إلى شَيخوخَتِكم أَنا أَنا، وإلى مَشيبِكم أَحتَمِلُكم، أَنا صَنَعتُكَم فأَنا أَحمِلُكم أَنا أَحتَمِلُكِم وأُنَجِّيكم" (أشعيا 46: 4). أمَّا عبارة " فأَخَبَروه " في الأصل اليوناني εὐθὺς λέγουσιν (معناها أخبروه حالا) فتشير إلى تعبير مَرقُس الإنجيلي الذي تكرر 41 مرة. ويعطيه مَرقُس الإنجيلي أهميَّة كبرى. ويدل فعل " أَخَبَروه" على حَماة بُطْرُس التي كانت طريحة الفراش عاجزة عن أن تشكو حالها للمسيح، وأن بُطْرُس لم يسأل شيئًا لنفسه أو عائلته لكن للمُحيطين بالسَّيِّد المسيح "سألوه فورًا من أجلها"؛ وهذه هي صورة حيَّة لإيمان الحاضرين بقدرته على الشِّفاء، وصورة على شفاعة الأعضاء لبعضها عن البعض أمام الرأس الواحد ربَّنا يسوع! ويُعلق القديس يوحَنَّا الذَّهبي الفم: "إن سِمْعان لم يستدعِ السَّيد المسيح ليشفي حماته المريضة بل انتظره حتى يتمِّم عمله التَّعليمي في هذا المَجْمَع؛ هكذا منذ البداية تدرَّب أن يفضِّل ما هو للآخرين عمَّا هو لنفسه". ليس لنا إذا أصابتنا الأمراض إلاَّ أن نذهب إلى يسوع ونُخبره بها.



31 فدنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها، ففارَقَتْها الحُمَّى، وأَخَذَت تَخدمُهُم



تشير عبارة "فدنا مِنها" إلى اقتراب يسوع من حَماة بُطْرُس دون التَّفوّه بكلمة. أنه "عِمَّانوئيل أَيِ اللهُ معَنا" (متى 1: 23). إنَّه يتضامن معنا في طبيعتنا الضَّعيفة كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "هو الَّذي في صُورةِ الله لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة بل تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان" (فيلبي 2: 6-7). أمَّا عبارة " فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها " فتشير إلى حركات وديَّة وإنسانيَّة مألوفة، مليئة بالرَّقَّة والقُرب والصَّداقة والعطف. إنَّ يد يسوع، عندما أخذ بيد حَماة بُطْرُس، أنهضها وأعاد لها الحياة. يا لها من شهادة على قُدْرة يسوع، وعلامة قوة وعطف وصداقة تجاه تلك المرأة المُسنَّة المريضة! ويُعلق القديس كيرلس الكبير: "أرجو أيضًا أن تلاحظوا قوة جسده المقدس إذا ما مسّ أحدًا، فان هذه القوة تقضي على مختلف الأسقام والأمراض، وتَهزم الشَّيطان وأعوانه، وتشفى جماهير النَّاس في لحظة من الزمن. ومع أن المسيح كان في قُدْرته أن يُجري معجزات بكلمة منه، بمجرد إشارة تصدر عنه، إلاَّ أنَّه وضع يديه على المَرْضَى ليُعلِّمنا أن الجَسد المُقدس الذي اتخذه هيكلًا له كان به قوة الكلمة الإلهي". إن يسوع هو صاحب سُلطان حقيقي، يعمل بكلمته وبلمسة يديه. ارتبطت هذه الحركة بفعل الشِّفاء، بل أكثر من ذلك؛ ارتبطت بإعادة الحياة، كما حدث في إحياء ابنة يائيرس " فأَخَذَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وقالَ لها: ((طَليتا قوم!)) أي: يا صَبِيَّة أَقولُ لكِ: قومي" (مَرقُس 5: 41) وكما حدث مع الصَّبي المصاب بالصَّرع الذي “مات” عندما طرد يسوع الرُّوح النَّجس منه، "فأَخَذَ يسوعُ بِيَدِه وأَنَهَضَه فقام" (مَرقُس 9: 27). أمَّا عبارة " أَنَهَضَها" في الأصل اليوناني ἤγειρεν (معناها أقام) فتشير إلى العمل المركزي ليسوع تجاه حَماة بُطْرُس. وفي هذا الصَّدد يقول صاحب المزامير: " يُرسِلُ مِن عَلْيائِه فيأخُذُني ومِنَ البِحارِ يَنتَشِلُني "(مزمور 18: 17)، وغالبًا ما يُستخدم هذه الفعل في قيامة السَّيد المسيح نفسه (مَرقُس 14: 28؛ 16: 6). وتدل هذه الآية أنَّ يسوع لم يلمس يد حَماة بُطْرُس فحسب، إنَّما أيضًا عاونها على النَّهوض والوقوف والقيام. ويعلق القديس ايرونيموس: "في الواقع لم يكن بإمكان هذه المرأة المريضة أن تنهض من فراشها بمفردها وتأتي للقاء الرَّب يسوع. غير أنّ هذا الطبيب العظيم يسوع المسيح اقترب بنفسه من السَّرير. وما زال حتّى اليوم يقترب نحو هذا السَّرير ويشفي أيضًا ". فكل شفاء هو صورة لنهوضنا من حُمّى الموت وقيامتنا. وكل شفاء عند المسيح هو قيامة ونهوض، والنهوض علامة القيامة وصورة لنهوضنا وقيامتنا من حُمّى الموت والقبور. ويُعلق القديس كيرلس: "وكأن حَماة بُطْرُس لم تكن في حاجة إلى من يشفيها من مرض جسدي، بل من يُقيمها من الموت. احتاجت إلى واهب القيامة نفسه يُقيمها معه!" إنَّ يسوع يُنهض الإنسان لا لمجده الخاص بل تلبية لنداء الله الآب ليستطيع الإنسان أن يكتشف الله. ويُعلق القديس أوغسطينوس: "لقد أرادهم أن يفهموا أعماله، إنَّها ليست بقصد الإعجاب، وإنَّما بقصد حبٍّ لأجل الشِّفاء"؛ لا أحد يُخلص نفسَه، الله الذي يُخلص الإنسان. لكلِّ علَّة وداء، عند المسيح الشِّفاء، فلنطلب من الله ان يمسك يدنا في كل سرِّ من أسرار الكنيسة: في سرِّ الاعتراف والمناولة لكي تشفينا من "حُمّى" أمراضنا وخطايانا. ويستعمل بولس الرَّسول فعل "أنهض" للدلالة على القيامة الحاصلة في حياة المعموديَّة (أفسس 5: 4)، فالرَّب الذي يشفي هو نفسه الذي يُجدِّد الجماعة المسيحيَّة من خلال المعموديَّة الجديدة، إذ إنه في المعموديَّة يبلغ المُؤمن ملءَ الخلاص. أمَّا عبارة " ففارَقَتْها الحُمَّى" فتشير إلى شِفاء حَماة بُطْرُس، إذ تستعيد عافيتها وتنهض بلمسة منه، ويُعلق العلامة القدّيس ايرونيموس: " فلنَسألْ الرُّسل أن يصلّوا حتّى يأتي يسوع إلى نَجدتنا وليأخذنا بيده؛ لأنّه ما إن يلمس أيادينا، حتّى تزول الحُمَّى" (عظات عن إنجيل القدّيس مَرقُس). يدخل يسوع بيت بُطْرُس، ويتعرّف على عائلته وأصدقائه وصعوباته، ويهتم بالإنسان شخصيًا، فهو قريبٌ من العائلات واحتياجاتهم. أمَّا عبارة "أَخَذَت تَخدمُهُم" فتشير إلى حَماة سِمْعان التي تخلَّصت فورًا من الضّعْف الذي يعقب الحُمَّى عادة واستعادت نشاطها من جديد وقامت تخدم أهلّ بيتها ويسوع معهم. فكانت قادرة لتحضير عشاء السَّبت بعد الصَّلاة في المَجْمَع دون أن يبدو عليها الإعياء والتَّعب اللذان عادة ما يعقبان حُمَّى كهذه، دلالة على شِّفاء فوري وكامل. وبعد ان شُفيت المرأة، استطاعت من جديد ان تقوم بعمل الخدمة العاديَّة اليوميَّة. هذا شيء بسيط يكرمه الإنجيل، لأنَّ عملنا اليومي مقدس. فقُدْرة المسيح الشَّافية تجعل الشَّخص قادر على العمل وعلى وضع نفسه في خدمة القريب والإنجيل والمَلَكُوت. إن الرَّب سجَّل في الإنجيل خدمة حَماة بُطْرُس في تحضير الطعام تقديرًا لخدمتها، لآنَّ الدَّافع لها هو المحبَّة للمسيح والإخلاص له. والحَماة التي تخدم يسوع وتلاميذه تمثل الكنيسة. حين يقوم الإنسان بيد يسوع التي تُنهضه، يصبح حرًا وخادمًا على خطى المسيح الذي قال قبل آلامه "لأَنَّ ابنَ الإنسان لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس" (مَرقُس 10: 45). وفي الخدمة يتشابه التَّلميذ بالمُعلم. فكلما خدمنا ربنا يسوع المسيح في محبة وإخلاص إنَّما في الحقيقة ننال خدمته وننعم بعمله الفائق فينا. وهكذا نجد أنَّ المَلَكُوت يتحقق في الأمور العَاديَّة اليوميَّة مثل العلاقات الاجتماعيَّة، مثل زيارة البيوت والخدمة وتبادل خبرات الحياة.



32 وعِندَ المَساء بَعدَ غُروبِ الشَّمْس، أَخَذَ النَّاسُ يَحمِلونَ إِلَيه جَميعَ المَرْضَى والمَمَسوسين



تشير عبارة "بعد غروب الشَّمس" إلى طلوع الكواكب الأولى مَمَّا يدلُّ على انتهاء السَّبت. وفي هذا الوقت يُسمح للنَّاس ان يحملوا مرضاهم دون مُخالفة شريعة يوم السَّبت (مَرقُس 1: 21)؛ ويوم السَّبت كان يبدأ من غروب الشَّمس يوم الجُمعة إلى غروب الشَّمس يوم السَّبت. وقد أعلن قادة اليهود الدِّينيَّة أنَّ الشِّفاء يوم السَّبت يُعتبر مُخالفًا للشَّريعة (متى 12: 10). وحيث أنَّ المَرْضَى لا يريدون مُخالفة الشَّريعة، انتظروا غروب الشَّمس ليأتوا إلى يسوع حتى يَشفيهم. أما عبارة " أَخَذَ النَّاسُ يَحمِلونَ إِلَيه " فتشير إلى تضامن الناس مع المُستَضْعفين من المَرْضَى والمَمَسوسين طالبين من يسوع أن يهبَّ لنجدتهم. أمَّا عبارة "جَميعَ المَرْضى والمَمَسوسين" فتشير إلى وضع المَرْضَى والمَمْسوسين في فئةٍ واحدةٍ أمام يسوع، كما ورد مرارًا في إنجيل مَرقُس (1: 34 و3: 19 و6: 13)، وتدلُّ هذه العبارة أيضًا على الجَمْع بين المَرَض وتأثير الرُّوح الشَّريرة، كما تدلُّ أيضا على التَّصنيف بين المَرْضَى جسديًا وأولئك المُصابين بتسلُّط الأرواح النَّجسة. بينما صنَّف لوقا الإنجيلي المَمَسوسين في عداد المَرْضَى (لوقا 4: 40-41)؛ وهذا يدلَّ على شِدَّة اليأس والمَرَض والحاجة للشفاء عند أهل كَفَرْناحوم. أمَّا عبارة " المَمَسوسين" فتشير إلى المتِّأثرين بالشَّياطين (مرقس 1:5-20). في الإنجيل تدل عبارة المَمَسوسين إلى أربع عبارات مشابهة: والشَّياطين، والأرواح، والأرواح النَّجسة. ولم يردْ ذكرُ الشَّياطين في العهد الجديد إلاَّ من ناحية تأثيرهم في هذا العَالَم. وفي هذه النصوص إنَّ المس الشيطاني يُسبِّب المرض الجسدي، مثل عدم القدرة على التَّحدث، أعراض صرع، وفَقْد البصر، الخ. وفي بعض الأحيان الأخرى تدفعا لإنسان على فِعْل الشِّر، مثال على ذلك يهوذا الإسخريوطي. وفي حالة واحدة يعطي المس الشيطاني الإنسان المقدرة على معرفة أشياء أكثر من قدرته وعلمه (عمال الرسل 16:16-18). وفي حالة واحدة تمتع المَمسوس بشياطين كثيرة على مقدرة خارقة والعيش عاريًا في وسط القبور. وأيضا الملك شاول، عندما تمرَّد ضد الله، فقد سمح الله بأن يصارع مع الروح الشريرة وظهرت أعراض ذلك في تقلب مزاجه وإصابته الكآبة وإرادته دفعته محاولة قتل داود. (1ملوك 14:16-15 و 10:18-11 و 9:19-10). ويوجد الكثير من الأعراض التي تدل على المس الشيطاني، مثل الإعاقة الجسدية الغير مرتبطة بمعضلة طبيعية. وتغير في الشخصيَّة مثل الكآبة أو العنف، قوة خارقة، التصرف بغرابة في المواقف الاجتماعية، معرفة معلومات لا يمكن لشخص عادي أن يعلمها. يمكن للمَرء أن ينظر إلى الصِّفات الرُّوحية التي تظهر التَّأثير الشَّيطاني. وقد يتضمن ذلك رفض المغفرة (2قورنتس 10:2-11). والإيمان بانتشار المعتقدات الخاطئة خاصة بما يتعلق بيسوع المسيح وعمله الكفاري (2 قورنتس :11-4 و13-14 و1طيموتاوس1:4-5 و1يوحنا 1:4-3). ويرتبط المس الشيطاني بعبادة بالأشياء المادية (تثنية 17:32 ومزمور 37:106 و1 قورنتس 20:10)، ويمكن أن يفتح المَرء قلبه وحياته للتَّدخل الشيطاني من خلال الخطيئة والمعتقدات الباطلة منها الفساد الأخلاقي، المخدرات / السكر، والتأمل الذاتي كما في الديانات الشرقية الأسيوية. والإيمان بديانات ومعتقدات خاطئة. وتقوم رسالة يسوع بالقضاء على هذا التَّأثير الشَّيطاني ووضْع حدٍ له. إن حضور يسوع يُنجّينا من الخطيئة والمَرَض وروح الشَّر الذي يُحدق بنا من جميع الجهَّات. لم تتوقف رسالة يسوع بتحرير الإنسان من أمراضه وعبوديته حتى يومنا هذا.



33 وَاحتَشَدَتِ المَدينةُ بِأَجمَعِها على الباب



تشير عبارة " المَدينةُ بِأَجمَعِها " إلى مبالغة يُراد بها أناس كثيرون من السُّكان إمَّا لمجرد المعاينة، وإمَّا طلبًا لشفائهم أو لشفاء أصحابهم. أمَّا عبارة "الباب" في الأصل اليوناني θύραν فتشير إلى مدخل المدينة حيث هناك ساحة عامة، يجتمع فيها النَّاس، لان شوارع المدن كانت ضيقة. إنَّه مكان مركزي، يحتشد عنده النَّاس إمَّا لتبادل الأخبار وإمَّا للقضاء (راعوت 4:1). والجدير بالذِّكر أنَّ مَرقُس الإنجيلي يدقِّق في تفاصيل الحدث. ودعا سِمْعان بُطْرُس السَّيِّد المسيح إلى بيته حيث شفى حماته، ثم انتقل يسوع إلى باب المدينة فصار يأتي إليه المَرْضَى المُتعبون من الأرواح النَّجسة، لنيل نعمة الشِّفاء. يسوع يعمل أينما وُجد ليجتذب الكل بحبِّه العملي إلى أبيه السَّماوي.



34 فَشَفى كثيرًا مِنَ المَرْضى المُصابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل، وطرَدَ كثيرًا مِنَ الشَّياطين، ولَم يَدَعِ الشَّياطينَ تَتَكَلَّم لأَنَّها عَرَفَتهُ



تشير عبارة " فَشَفى كثيرًا مِنَ المَرْضى المُصابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل " إلى "شفاء كثيرين وليس "الجميع"، رُبَّما لأن عدم إيمان القلِّة منهم حرمهم من الشِّفاء. وإن شفاء المَرْضَى وتخفيف الألم هي علامات مَلَكُوت الله القريب. ويسوع يُتمِّم مُخطط الله من أجل شِفاء البَشر وخلاصهم، كما جاء في إنجيل متى "لِيَتِمَّ ما قيلَ على لِسانِ النَّبِيِّ أَشَعْيا: "هوَ الَّذي أَخذَ أَسقامَنا وحَمَلَ أَمراضَنا " (متى 8: 17). ولم يُخيِّب يسوع آمال المَرْضَى بل بشفقته وقوَّته الإلهيَّة استجاب لدُعاء حاجة البشريَّة، لأنَه جاء إلى العَالَم كلِّه لإخلاص الجميع. يده التي لمست يد حَماة بُطْرُس هي نفسها التي تلمس هؤلاء المَرْضَى الذين يلتجئون فتشفيهم. والمَرض هو صورة ملموسة ومرئيَّة لشرٍّ آخر داخلي كامن، تصعب مراقبته ألا وهو الخطيئة. ويسوع هو المسيح المنتظر، رجاء البشريَّة، المُخلص والمعلم والشَّافي. إنَّه شفى المرضى الضعفاء، والمستضعفين والمستبعدين، لأنه يعرف مدى الضُعف، وكم من الشَّرِّ يسكن بيوت الناس ومدنهم. ولا يزال يسوع يتجول في بيوتنا وقُرانا ومُدننا ليقوم بسلسلة من شفاء جسدي أم النفسي، وروحي بسبب سلطته الإلهيّة. أمَّا عبارة " طرَدَ كثيرًا مِنَ الشَّياطين " فتشير إلى تحرير الإنسان من تأثير الشَّياطين، وهو من علامات مَلَكُوت الله القريب، وتتميم رسالة يسوع في خلاص العَالَم، إذ أنَّ رسالة يسوع تقوم فعليًا بوضع حدٍّ لهذا التَّأثير الشيطاني؛ وفي عمليَّة طرد الشَّياطين التي قام بها يسوع، لا بدَّ من الإشارة إلى دور كلمته الفعَّالة، خلافًا للتعاويذ المُعقَّدة التي كان المُقَسِّمون في زمانه يقومون بها. يطرد يسوع الشَّياطين بكلمته التي تفعل ما يقوله، بعكس النَّاس الذين يقومون بطرد الشَّياطين بأعمال سِحْرية. يسوع يطرد الشَّياطين كي يكفّوا عن إغواء النَّاس والسَّيطرة عليهم والإقامة فيهم وسلبهم حرّيَّة الاختيار، وحثّهم على فعل الشَّرّ. أمَّا عبارة "لَم يَدَعِ الشَّياطينَ تَتَكَلَّم" فتشير إلى يسوع الذي يريد أن يتعرَّف النَّاس على هويته من خلال أقواله وأعماله عن طريق إيمانهم بها بصورة تدريجيَّة وليس بشهادة الشَّياطين. والمسيح لم يُردْ شهادتهم ولا يحتاج إليها. ومن هنا جاء المثل الشَّعبي "لا يُحدث الخير ضجّة، كما لا تصنع الضَّجة خيرًا". لهذا اسكت الشَّياطين الذين أرادوا أن يكشفوا شخصه، لأنه لم يحنْ وقتُ كشفِ هويته بوجه نهائي (مَرقُس 1: 44). ويُعلق القديس كيرلس الكبير: "لم يدعْ المسيح الشَّيَّاطين أن يعترفوا به، لأنَّه لا يليق أن يغتصبوا حق الوظيفة الرَّسوليَّة. كذلك لا يجوز أن يتكلَّموا بألسِنة نجسة عن سرّ المسيح الفدائي. نعم يجب ألا تُصدِّق هذه الأرواح الشَّرِّيرة حتى لو تكلَّمَت صِدْقًا. لأنَّ النُّور لا يُكشف من خلال الظَّلام الدَّامس، كما أشار إلى ذلك رسول المسيح بالقول: " أَيُّ اتِّحادٍ بَينَ النُّورِ والظُّلْمَة؟ وأَيُّ ائتِلافٍ بَينَ المسيحِ وبَليعار؟ (2 قورنتس 6: 14-15)"، ويقول القديس أمبروسيوس: يعترف الشَّيطان بالمسيح، لكنه يُنكره بأعماله". ومن جهة أخرى، أراد يسوع أن يُعلن حقيقة كونه المسيح في التَّوقيت الذي يختاره هو، اذ أراد ان يعلن ذاته كالعبد المتألم قبل ان يصبح الملك العظيم. في حين الوقت الذي أختاره الشَّيطان في إعلان عن هويَّة المسيح كملك في وقت مُبكِّر، مما يُثير الجموع بالتَّوقعات الخاطئة حول ما جاء يسوع ليفعله. أمَّا عبارة "عَرَفَتهُ" في الأصل اليوناني δεισαν αὐτόν (معناها لأنهم عرفوه) فتشير إلى معرفة الشَّياطين أنَّ يسوع هو المسيح. لكن يسوع اسكت الشَّياطين الذين أرادوا أن يكشفوا شخصه، لأَّنَّه لا يريد أن يستبق الوقت للكشف عن هويته.



35 وقامَ قَبلَ الفَجْرِ مُبَكِّرًا، فخَرجَ وذهَبَ إلى مَكانٍ قَفْر، وأَخذَ يُصَلِّي هُناك



تشير عبارة "قَبلَ الفَجْرِ مُبَكِّرًا" في الأصل اليوناني πρωῒ ἔννυχα λίαν (معناها الليل لا يزال حالكًا) إلى الظَّلام الذي لا يزال مُخيّمًا والنَّاس في البيوت نيامٌ. أمَّا عبارة " مَكانٍ قَفْر" فتشير إلى مكانٍ خارج كَفَرْناحوم وبعيد عن الجموع، في عزلةٍ وصمتٍ للاختلاء؛ أمَّا سبب عزلته فهو رغبة يسوع في الشَّركة مع آبيه تحضيرًا للتبشير في أمَاكِن أخرى: مرّ يسوع من المَجْمَع، موضع الصَّلاة لليهود إلى بيت بُطْرُس، مكان خاص، ومن هناك إلى السَّاحة العامة حيث يجتمع النَّاس، والآن ها هو في مكان قَفْرٍ من أجل صلاة مع الله الآب والاختلاء به. لا ينحصر حضور يسوع في مكان واحد بل يتوجّه إلى كل مكان. امَّا عبارة " أَخذَ يُصَلِّي هُناك " فتشير إلى اختلاء يسوع في الليل مع الآب آبيه، فهو والآب واحد (يوحنا 10: 30). فالصَّلاة هي مهمته الثالثة بعد التَّعليم وطرد الشَّياطين، وهي الدُّخول في لقاء حميم مع أبيه السَّماوي والاختلاء به وجهًا لوجه ومحاورته وحده. وسيكون وحده في بستان الزيتون بعد أنَّ نام التَّلاميذ، كما سيكون وحده على الجلجلة. وهنا يلفت مَرقُس الإنجيلي انتباهنا إلى صلاة يسوع الصَّباحيَّة. والصَّلاة هي رباط حيوي مع الله. وتُعلق النَّاسكة الإنكليزية جوليانّ من نورويتش: "إن الصَّلاة توحّد النَّفس مع الله وتشهد على أن النَّفس يجب أن تريد ما يريده الله" (وحي الحب الإلهي، الفصل 43). وكما يسوع خصَّص وقتا للصلاة العلنيَّة في المَجْمَع، كذلك خصَّص ووقتًا آخرًا للصلاة الفرديَّة التي تخرج من القلب إلى القلب. المعلم يُصلي كي يُعلمنا أن نلجأ إلى الصَّلاة دائمًا، وأننا كلما نختلي مع الله كلما التّهب قلبُنا نحو خلاص العَالَم، فالحياة التَّأمُّليَّة الصَّادقة هي التي تفتح القلب بالأكثر وتُلهبه نحو الشَّوق لخلاص الكلِّ، وكثيرًا ما ذكر الإنجيل ان يسوع كان يصلي: صلى يسوع عندما اعتمد (لوقا 3:21) وعندما تجلَّى (لوقا 9: 29)، وصلى قبل انتخاب الاثني عشر رسولا (لوقا 6: 12)، ولما أراد النَّاس أن يمسكوه ويجعلوه ملكًا انفرد للصَّلاة (متى 14: 23) وقبل ما صُلب صلى في بستان الجسمانيَّة (لوقا 22: 41). فكلّما زاد العمل الّذي كان يتعيّن عليه القيام به، كلّما ازداد شعوره بالحاجة للصلاة. إن صلىَّ المسيح فكم بالحَري نحن بحاجة للصَّلاة. بدون الصَّلاة لا حماية الله لنا. ويعلق البابا فرنسيس: "إنّ حياتنا مدعوّة لتصبح عبادة حيال الله، لكن هذا لا يمكن أن يحصل بدون الصَّلاة" (3/2/2021).



36 فَانَطَلَقَ سِمْعانُ وأَصْحابُه يَبحَثونَ عَنه



تشير عبارة " سِمْعانُ وأَصْحابُه " في الأصل اليوناني Σίμων καὶ οἱ μετ' αὐτοῦ (معناه سِمْعان واللذين معه) إلى تزعم سِمْعان بُطْرُس رفاقه، وهم أندَراوس ويَعقوب ويوحَنَّا وربما فيلبس ونثنائيل. أمَّا عبارة "يَبحَثونَ عَنه" في الأصل اليوناني κατεδίωξεν αὐτὸν (معناها حرفيا السَّير وراءه) فتشير إلى اقتفاء أثره حتى لا تخيب توقعات الكثيرين. وهذه هي عبارة لا نجدها في العهد الجديد إلاّ هنا فقط. ومن هذا المنطلق يأتي موضوع هام، وهو البحث عن الله لكي نتبعه ونطيعه ونتمِّم مشيئته. يدعو يسوع بُطْرُس إلى التَّفكير بطريقة جديدة لإيجاده.



37 "فوَجَدوه. وقالوا له: "جَميعُ النَّاسِ يَطلُبونَكَ"



تشير عبارة "وقالوا له: "جَميعُ النَّاسِ" إلى استعمال الرُّسل سؤال النَّاس عنه عذْرا لطلبهم إيَّاه وإرجاعه إلى كَفَرْناحوم وإقامته هناك، كما يشير قول لوقا الإنجيلي " خَرَجَ عِندَ الصَّباح، وذَهَبَ إلى مِكانٍ قَفْر، فسَعَت إِلَيهِ الـجُموعُ تَطلُبُه فأَدرَكَتْه، وحاوَلوا أَن يُمسِكوا بِه لِئَلاَّ يَذهَبَ عَنهُم" (لوقا 4: 42) ظنًا منهم أنَّ من واجبه إرضاء الجموع. أمَّا عبارة “يطلبونك" فتشير إلى الكلمات التي قالها التلاميذ الأوائل ليسوع عندما وجدوه بعد أن تبعوا أثره لان سكان كَفَرْناحوم حاولوا أن يبحثوا عن يسوع ويحتفظوا به لكنه شرح لهم بمحبة أنه جاء للجميع.



38 فقالَ لَهم: لِنَذهَبْ إلى مَكانٍ آخَر، إلى القُرى المُجاوِرَة، لِأُبشِّرَ فيها أَيضًا، فَإِنِّي لِهذا خَرَجْت



تشير عبارة "مَكانٍ آخَر" إلى ترك كَفَرْناحوم الذي شفى وبشَّر فيها، مُطيعًا بذلك للدَّعوة التي تطلب منه الذِّهاب إلى القرى المجاورة للتبشير بالخلاص ويقوم بالشِّفاء ووضع اليد على الجميع. فهناك أيضا إمكانية الخلاص. المكان الآخر إذن هو مكان ضعفنا الذي يأتي فيه يسوع ليبحث عنا في صعوبات حياتنا اليومية. أمَّا عبارة "إلى القُرى المُجاوِرَة" فتشير إلى عدم حصر عمل يسوع في مدينة واحدة معيَّنة في كَفَرْناحوم، بل أراد أن يذهب إلى القُرى المُجاورة إلى كَفَرْناحوم مثل كورزين وبيت صيدا ومجدلة ...ويشرق بأشعة محبته على كل مكان لكي يُحرِّر الكلَّ من تأثير قوى الشَّر وسلطان إبليس. أمَّا عبارة "لِأُبشِّرَ" في الأصل اليوناني κηρύσσω (معناها أعلن، نادى، كرز) واللغة السِّريانيَّة "ك ر ز" مما يشكّل مفهوم الوعظ) فتشير إلى إعلان بشارة الخلاص وبشارة المَلَكُوت. وفي التَّفسير الحديث، فإنّ "كرازة" κήρυγμα قد اتّخذت مدلولاً محصورًا، فدلّت على إعلان الإنجيل جوا آلام المسيح وموتع وقيامته بواسطة الرُّسل والكنيسة الأولى. ومن هذا المنطلق، نفهم كيف أعلِن الإنجيلُ قبل أن يدوَّن. أمَّا عبارة " لِأُبشِّرَ فيها أَيضًا" فتشير إلى مُهمَّة الكرازة التي كانت مقتصرة حينئذ بيسوع، لأنه لم يكن الرُّسل سوى أربعة ولم يكرزوا بعد. وأمَّا عبارة "لِهذا خَرَجْت" فهي لا تشير فقط إلى خروجه من المدينة بل إلى خروجه برسالته من عند الآب، كما أعلن يسوع للجموع التي تطلبه " يَجِبُ عَلَّي أَنَّ أُبَشِّرَ سائرَ الـمُدُنِ أَيضًا بِمَلَكُوت الله، فإِنِّي لِهذا أُرسِلْت" (لوقا 4: 43). فهو لم يأتِ لراحته بل لراحة النَّاس وخلاصهم. فغايته لمجيئه إلى العَالَم هي المناداة بالإنجيل لكلِّ النَّاس. الحياة لها هدف. وبموجب هذا الهدف علينا أن نتّخذ قراراتنا ونستعمل الوسائل النَّافعة لبلوغه. يسوع يعرف الهدف الّذي يسعى إليه، واكتشف أنّ التَّمسّك بنجاح كَفَرْناحوم سيجعله يُحيد عن هدفه. إنّ الإنجيل يدعو اليوم كلَّ واحدٍ منّا كي يُجيب عن هذا السُّؤال. فهل سالت نفسي ما هو هدف حياتي؟ كيف يُمكنني أن أسير في حياتي الرُّوحيَّة؟



39 وسارَ في الجَليلِ كُلِّه، يُبَشِّرُ في مَجامِعِهم ويَطرُدُ الشَّياطين



تشير عبارة "سارَ في الجَليلِ كُلِّه" إلى انتقال يسوع من إطار المَجْمَع إلى إطار خاص، من بيت سِمْعان وأندَراوس؛ ومن إطار خاص (حَماة بُطْرُس) إلى إطار عام (كل المَرْضَى والممسوسين في المدنيَّة). انتقل يسوع أيضا من إطار مُحدَّد (مدينة كَفَرْناحوم) إلى إطار عام (كل المدن في الجَليل والقرى المجاورة المُقفرة). يذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس ان عدد المدن والقرى في الجَليل بلغ نحو 250 مدينة وقرية. وهذا الانتقال يعني أن يسوع جاء للجميع ولكلِّ مدينة ولكلِّ مكان، وما عمله يسوع مرة واحدة في مكان مُحدَّد وفي وقت محدَّد يعمله في مكان آخر ويعمله دائما. أمَّا عبارة "الجَليلِ" فتشير إلى منطقة الشِّمال في الأرض المقدسة الذي يبلغ طولها نحو (90) كم وعرضها (45) كم. وفي الواقع، قسَّم الرُّومان البلاد إلى ثلاث مناطق: الجَليل والسَّامرة واليهوديَّة. وقد أمضى يسوع معظم تبشيره في منطقة الجَليل التي تضم نحو 250 بلدة ومجامع كثيرة. وكانت هذه الجولة الأولى الذي يتكلم بها مَرقُس هي نموذج ما يُعلمه يسوع في أنحاء الجَليل. انه يُبشّر بالمَلَكُوت ويُقاوم الشَّر. ويتحدَّث لوقا عن جولة ثانية (لوقا 8: 1) ومتى ومَرقُس يتحدثان عن جولة ثالثة (متى 11: 1 ومَرقُس 6: 6). يسوع هو الرَّسول النَّموذجي والمثالي: يسافر من مكان إلى مكان ويقطع المسافات الشَّاسعة لملاقاة النَّاس لتعليمهم وشفائهم وخلاصهم. أمَّا عبارة " يُبَشِّرُ في مَجامِعِهم" فتشير إلى إعلان مَلَكُوت الله حيثُ أنّ الكرازة بمَلَكُوت الله هي مُلخّص لكرازة يسوع. وكان مباحًا للمسيح في أول تبشيره في الإنجيل ان يدخل المجامع ويعلم فيها، لانَّ شكاوى رؤساء الكهنة في اورشليم لم تبلغ أهل الجَليل يومئذٍ (يوحَنَّا 4: 1). أمَّا عبارة "يَطرُدُ الشَّياطين" في الأصل اليوناني ἐκβάλλων (معناها طاردًا) إلى إخراج عددٍ كبيرٍ من الشَّياطين (مَرقُس 1 :34) كي يُحطم مملكة الظُّلمة. وبطرده الشَّياطين لم يلجأ يسوع إلى عبارات التَّقسيم، بل اكتفى بكلمة أو بأمر (مَرقُس 1 :25). ولا يُسمّى يسوع أبدًا "المقسِّم" ἐκβάλλω الذي يعني عزّم، قسّم. فالمُقسّم أو المعزّم هو الذي يطرد الشَّياطين بفرض قسم أو باستحلاف أو بعبارات سحريّة (أعمال 19 :13). وتحفظ لفظةُ التَّقسيم لحالات طرد الشَّيطان في امتلاكه للإنسان. وفي زمن يسوع، لجأ بعض المُقسِّمين في فلسطين إلى اسم يسوع لطرد الشَّياطين (مَرقُس 9 :38). في حياة يسوع، كان طرد الشَّياطين إثباتًا لصحَّة تعليمه ورحمة للممسوسين وعلامة على مَلَكُوت الله وقهرًا لإبليس واستباقًا للانتصار الإسكاتولوجيَّة (متى 12 :34؛ لوقا 10 :18). وهي علامة مميَّزة أيضًا لمقاومة يسوع ضد الشَّرّ في جميع أشكاله. وقد سلّم يسوع تلاميذه سُلطان طرد الشَّياطين، ومنحهم القدرة على ذلك (متى 10 :1، 8؛ مَرقُس 16 :17). ولكنَّهم لم يستطيعوا دائمًا طرد الشَّياطين لقلة إيمان، أو لنقص في الصَّوم والصَّلاة (مَرقُس 9 :14-29). وقد واصلوا هذه المُهمّة بعد العنصرة (أعمال 5 :16؛ 8 :7). وتقسيمات يسوع وتلاميذه تدلّ على أن الله يهتمّ بالبشر حين يواجهون سلطان الشَّرّ، حتى في أشكاله التي تُظهره وكأنّه شخص حيّ. فالممسوس هو بمثابة ساحة صراع بين خصمين: مُجري المعجزة والشَّيطان الذي يجب أن يتحرّر الإنسان منه.





ثانيًا: تطبيقات النَّص الإنجيلي (مَرقُس 1: 29-39)



بعد دراسة موجزة عن وقائع النَّص الإنجيلي وتحليله (مَرقُس 1: 29-39)، نستنتج انه يتمحور حول ثلاث نقاط هامة: المَرَض والشِّفاء وموقف يسوع المسيح منهما.



أولًا: المَرَض



المَرَض مشكلة تعاني منها البشريَّة في كل زمان ومكان. ويهتم الكتاب المقدس بالمعنى الدِّيني للمَرَض في علاقته في مُخطط الخلاص. فالله خلق الإنسان للسَّعادة (التَّكوين 2: 4-25). أمَّا المَرَض فهو مناقض للسَّعادة. ولم يدخل المَرَض إلى العَالَم إلا كنتيجة للخطيئة أو كامتحان من الله أو كقيمة تكفيريَّة.



1) المَرَض كنتيجة للخطيئة:

يرجع المَرَض نفسه إلى الله الذي يُصيب الإنسان بسبب خطاياه (خروج 4: 6). هذا ما توضِّحه خطيئة أبوينا الأوَّلين (تكوين 3: 16-19). فالمَرَض إذن هو أحد علامات "غضب" الله على العَالَم الخاطئ، كما تدل ضربات الله العشر (خروج 9: 1-12). ويهدف اختبار المَرَض، إلى إرهاف الشعور بالخطيئة عند الإنسان. ومن هنا نجد صاحب المزامير يطلب الشِّفاء من الله مُعترفًا بالمعاصي "حينَ سَكَتّ بَلِيَت عِظامي ْأَبَحتُكَ خَطيئَتي وما كَتَمت إِثْمي قُلتُ: أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِمَعاصِيَّ" (مزمور 38: 2-6، 17).



2) المَرَض كامتحان الأبرار:

عندما يصيب المَرَض الأبرار على مثال أيوب وطوبيَّا، يُمكن اعتباره محنة من قِبَل العناية الإلهيَّة؛ ويهدف المَرَض عند ذلك إلى امتحان الأبرار لإظهار أمانتهم، كما قال الرَّب لطوبيا "حينَما لم تَتَوانَ في القِيامِ وتَرْكِ المائِدةِ والذَّهابِ لِدَفْنِ المَيْت، أُرسِلْتُ حينَئِذٍ إليكَ لِأَمتَحِنَكَ" (طوبيا 12: 13).



3) المَرَض كقيمة تكفيريَّة:

المسيح ليس بحاجة إلى امتحان في الإيمان ومع ذلك كان "رَجُلُ أَوجاعٍ وعارِفٌ بِالأَلَم". ومن هذا المنطلق، فإنَّ حالة "يسوع المسيح"، وهو البار المتألم، أخذ المَرَض كقيمة تكفيريَّة عن معاصي الخطأة، كما جاء في وصف أشعيا النَّبي للسيد المسيح "احتَمَلَ أَوجاعَنا... طُعِنَ بِسَبَبِ مَعاصينا وسُحِقَ بِسَبَبِ آثامِنا نَزَلَ بِه العِقابُ مِن أَجلِ سَلامِنا وبجُرحِه شُفينا" (أشعيا 53: 4-5). أخذ يسوع على عاتقه أمراضنا وقت آلامه، ومنحها معنى جديدًا، وأعطاها قيمة خلاصيه تكفيريَّة. والقديس بولس الرَّسول يتكلم عن هذه الخبرة في الضِّيقات التي تجعلنا أن نتحد مع المسيح المُتألم بقوله "نَحمِلُ في أَجسادِنا كُلَّ حِينٍ مَوتَ المسيح لِتَظهَرَ في أَجسادِنا حَياةُ المسيحِ أَيضًا" (2 قورنتس 4: 10) وهكذا المسيحي "يتِمُّ في جَسَدِه ما نَقَصَ مِن شَدائِدِ المسيح في سَبيلِ جَسَدِه الَّذي هو الكَنيسة" (قولسي 1: 24).



ثانيًا: الشِّفاء من المَرَض



يعود الشِّفاء من الأمراض بحسب الكتاب المقدس إلى قوَّة الصَّلاة والعِلاج الطِّبِّي



1) الصَّلاة للشفاء:



للشِّفاء مطلوب الالتجاء أولاً إلى الله، لأنَّه هو ربّ الحياة، كما جاء في تعليم الحكيم يشوع بن سيراخ "إِذا مَرِضتَ فلا تَتَهاوَنْ بل صَلِّ إلى الرَّبِّ فهو يَشْفيكَ"(سيراخ 38: 9). هو الذي يبتلي، وهو الذي يشفي (تثنية 32: 39). إنَّه الطبيب الأسمى للإنسان (خروج 15: 26)، هذا ما يؤكِّده الملاك رافائيل רָפָאֵל (معنى اسمه "الله يشفي") الذي أرسله الله لكي يشفي سارة (طوبيا 3: 17). ولهذا يتوجَّه المَرْضَى إلى ممثّليه ألا وهم الكهنة (متى 8: 4)، والأنبياء (1 ملوك 14: 13). فصلاة المؤمن تشفي المريض وخير مثال على ذلك، صلاة بولس الرَّسول " كانَ أَبو بُبْلِيوس يَلزَمُ الفِراشَ مُصابًا بِالحُمَّى والزُّحار، فدَخَلَ إِلَيهِ بوُلس وصَلَّى واضِعًا يَدَيهِ علَيه فعافاه وما إِن حَدَثَ ذلك حتَّى أَخَذَ سائِرُ المَرْضَى في الجَزيرَةِ يَأتونَه فيَنالونَ الشِّفاء" (سفر أعمال الرُّسل 28: 8-9).



عندما يعترف المَرْضَى بخطاياهم بقلب مُنكسر مُنسحقٍ، إنَّما يطلبون الشِّفاء كنعمة. ويُظهر صاحب المزامير المَرْضَى وهم يطلبون الشِّفاء من الله " إِرحَمْني يا رَبِّ فلا قُوَّةَ لي واْشفِني يا رَبِّ، فإِنَّ عِظامي قد تَزَعزَعَت ونَفْسيَ اْضطَرَبَت كَثيرًا...فإنَّ الرَّبَّ سمِعَ صَوتَ بُكائي. سَمِعَ الرَّبُّ تَضَرُّعي. الرَّبُّ يَتقبلُ صَلاتي (مزمور 38: 3-5، 10). وبإظهار المَرْضَى ثقتهم في قدرته ورحمته تعالى يستعدُّون لنيل الهبة المطلوبة التي يحصلون عليها أحيانًا على سبيل المعجزة (1 ملوك 17: 17-24).



وعلى أي حال، حيث أن المَرَض يعتبر بمثابة علامة، يتعطّف الله بقدرته ورحمته على الإنسانيَّة المتألمة لكي يُخفِّف من آلامها. فإن خدمة المَرْضَى هي خدمة يسوع نفسه في أعضائه المتألِّمة حيث يُحاسبنا يسوع عليها يوم الدُّينونة بقوله: "كُنتُ مَريضًا فعُدتُموني" (متى 25: 36). فأصبح المريض صورة يسوع المسيح وعلامته المنظورة. فنحن بدورنا علينا على خطى يسوع أن نساعد المَرْضَى من باب المحبَّة على تخفيف آلامهم، كما ينصح أغناطيوس الأنطاكي "أحملوا أمراض الجميع".



2) العلاج الطبِّي للشِّفاء:



لا يعارض الكتاب المقدس اللجوء إلى العلاج الطبِّي للشِّفاء من الأمراض. ويستخدم أشعيا النَّبي العلاج لكي يشفي حزقيّا (2 ملوك 20: 7)، ورافائيل لكي يعالج طوبيا (طوبيا 11: 8). ويمتدح سفر ابن سيراخ مهنة الطبِّ "أدِّ لِلطَّبيبِ كَرامَتَه لأَجلِ خَدَماتِه" (سيراخ 38: 1-8).



وأمَّا استعمال الممارسات السِّحريَّة للشفاء فهو أمرٌ مرفوض، ونتيجته غضب الرَّب، كما جاء في سفر الملوك "فخاطَبَ مَلاكُ الرَّبِّ إِيليَّا التشبِيَّ قائلًا: ((قُمْ فأصعَدْ لِمُلاقاةِ رُسُلِ مَلِكِ السَّامِرَةِ وقُلْ لَهِم: ألَعَلَّه لَيسَ إله ٌ في إِسْرائيلَ حتَّى تَذهَبوا وتَستشيروا بَعلَ زَبوب، إِلهَ عَقرون؟ فلِذلك هكذا يَقولُ الرَّبّ: إِنَّ السَّريرَ الَّذي عَلوته لا تَنزِلُ عَنه، بل تَموتُ موتًا "(2 ملوك 1: 1-4).





ثالثًا: موقف يسوع تجاه المَرَض والشِّفاء



1) موقف يسوع تجاه المَرَض



يرى يسوع في المَرَض شرًا نتيجة لخطيئة الإنسان، ودليلاً على تسلّط الشَّيطان عليه (لوقا 13: 16). لذا يشعر بالشَّفقة على المريض (متى 20: 34)، وهذه الشَّفقة تُملي عليه عمله بالشِّفاء. وبدون إبطاء في التَّمييز بين ما هو مرض طبيعي أو ما هو مسّ شيطاني، فهو "شَفى كثيرًا مِنَ المَرْضى المُصابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل، وطرَدَ كثيرًا مِنَ الشَّياطين" (مَرقُس 1: 34) حيث أنَّ من خلال المَرَض يظهر تأثير الشَّياطين على العَالَم الذي نعيش فيه. ونرى المسيح. يدخل بيوت ويقابل النَّاس حيث هم موجودون ويسمع ويُصغي ويشفي ويُغيّر



تجاه كل المَرْضَى الذين يولُّون يسوع ثِقتهم (مَرقُس 1: 40)، لا يطلب منهم إلاَّ شرطًا واحدًا، وهو أن يؤمنوا، لأنَّ كل شيء ممكن بالإيمان، كما قالَ يسوع لِرئيسِ المَجْمَع يائِيرس لما طلب منه شفاء ابنته" لا تَخَفْ، آمِنْ فقط" (مَرقُس 5: 36)، ولأنَّ إيمانهم يقتضي الإيمان بمَلَكُوت الله. وهذا هو الإيمان الذي يُخلصهم، كما صرّح يسوع لأعمى أريحا "اِذهَبْ! إِيمانُكَ خلَّصَكَ" (مَرقُس 52:10).



2) موقف يسوع تجاه الشِّفاء



وصف أنبياء العهد القديم عن احدى صفات المسيح المُنتظر أنَّه صانع العجائب وشافي المَرْضَى، كما جاء في نبوءة أشعيا " قولوا لِفَزِعي القُلوب: ((تَقَوَّوا ولا تَخافوا هُوَذا إلهُكم ...يَأتي فيُخَلِّصُكم)). حينَئِذ تتَفتَحُ عُيوِنُ العُمْيان وآذانُ الصُمِ تَتَفَتَّح وحينَئذٍ يَقفِزُ الأَعرَجُ كالأَيِّل ويَهتِفُ لِسانُ الأَبكَم " (أشعيا 35: 4-6). وقد أكَّد ذلك يسوع بقوله إلى تلميذي يوحَنَّا المعمدان " اِذهَبا فأَخبِرا يوحَنَّا بِما سَمِعتُما ورَأَيتُما: العُمْيانُ يُبصِرونَ، العُرْجُ يَمشُونَ مَشيْاً سَوِيًّا، البُرصُ يَبَرأُونَ والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومونَ، الفُقَراءُ يُبَشَّرون. طوبى لِمنَ لا أَكونُ لَه حَجَرَ عَثرَة " (لوقا 7: 22-23). وكرّس يسوع الكثير من وقته وعجائبه لشِفاء المَرْضَى. ويذكر إنجيل اليوم كيف انتشر صيت يسوع من بعد ما ذاع خبر شفاء حَماة بُطْرُس (مَرقُس 1: 31) وشَفاء كثير مِنَ المَرْضى المُصَابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل في كَفَرْناحوم (مَرقُس 1: 34)، فراح " جَميعُ النَّاسِ يَطلُبونَه" (مَرقُس 1: 37). فالشِّفاء عند يسوع له رمز التَّحرير الرُّوحي ويوحي صفة من صفاته المسيحانيَّة.



(ا) الشِّفاء رمز التَّحرير الرُّوحي:



الشِّفاء الذي يُجريه يسوع هو شفاء حقيقي يُعيد الإنسان إلى عالم الصِّحَّة الذي نصبو إيه كلّنا. ولكن له بُعدٌ رمزي روحي أيضًا، وهو التَّحرير الرُّوحي وإعادة كرامة الإنسان الذي كان نجسًا ومُبْعدًا عن الجماعة. ومن هنا يسير الأمران -شفاء المَرْضَى وطرد الشَّياطين -جنبًا إلى جنب، كما نجده في إنجيل مَرقُس " أَخَذَ النَّاسُ يَحمِلونَ إِلَيه جَميعَ المَرْضَى والمَمَسوسين" (مَرقُس 1: 32)، وفي النِّهاية يبقى لهما المعنى نفسه: إنهما يشيران إلى انتصار يسوع على الشَّيطان وإقامة مَلَكُوت الله في الحياة الدُّنيا، تتميمًا لِمَا ورد في الكتب المقدسة "العُميانُ يُبصِرون والعُرْجُ يَمشونَ مَشْيًا سَوِيًّا، البُرصُ يَبرَأُون والصُّمُّ يَسمَعون، المَوتى يَقومون والفُقراءُ يُبَشَّرون" (متى 11: 5). وتعبِّر معجزات الشِّفاء الذي قام بها يسوع مسبقًا عن حالة الكمال التي ستعود إليها الإنسانيَّة في مَلَكُوت الله وِفقَا للنبوءات.



تحمل معجزات الشِّفاء أيضًا معنى رمزيًا خاصًا بالزمن الحاضر. فالمَرَض هو رمز للحالة التي يوجد فيها الإنسان الخاطئ: فهو روحيًا أعمى وأصمّ ومشلول ومُقعد... وشفاء المريض هو رمز أيضًا للشِّفاء الرُّوحي الذي جاء يسوع ليتمِّمه في البشر، فيغفر خطايا مقعد كَفَرْناحوم، ولكي يظهر أنه يملك سلطان مغفرته بشفاء جسده، كما جاء في الإنجيل "فلَمَّا رأَى يسوعُ إِيمانَهم، قالَ لِلمُقعَد: يا بُنَيَّ، غُفِرَت لكَ خَطاياك "(مَرقُس 2: 1-11).



(ب) الشِّفاء رمز إلى جوانب معينة في حياة يسوع



أوحى الرُّوح القدس في موضوع معجزات الشِّفاء لكل من البشيرين الأربعة بكتابة الإنجيل في إلقاء كل منهم ضوءً على جانب مختلف من حياة المسيح، ففي شفاء حَماة بُطْرُس في إنجيل مَرقُس عاون يسوع هذه المرأة على النُّهوض، "فدنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها، ففارَقَتْها الحُمَّى" (متى 1: 31) واستعمل مفردات كانت توحي إلى المسيحيين الأوَّلين الإيمان بالقيامة: إنَّ يسوع، بإنهاضه حَماة بُطْرُس المريضة، أقامها من الموت (متى 9: 25) وأمَّا في إنجيل متى " فَلَمَسَ يَدَها فَفارَقَتْها الحُمَّى، فنَهضَت وأَخذَت تَخدُمُه " ( متى 8: 15) فبلمسة واحدة يشفي يسوع ( متى 8: 3)؛ وكان رد فعل حَماة بُطْرُس للمسة يسوع، هو أن تنهض لوحدها وتخدمه حالا. أمَّا في إنجيل لوقا فيخاطب يسوع "الحُمَّى" مخاطبة لقدرة شيطانيَّة حيث " زَجَرَ الـحُمَّى ففارَقَتْها" (لوقا 4: 39)، فبدت الحُمّى كشخص حي وقوة شيطانيَّة فأطاعته (لوقا 4: 35). وليس في هذه التَّفاصيل أي تعارض، بل كل كاتب أنجيل أراد أن يؤكد تفاصيل مختلفة في المعجزة الشِّفاء لإلقاء الضُّوء على خصائص معينة في حياة يسوع المسيح.



(ج) الشِّفاء تمهِّد للأسرار المسيحيَّة



تُمهِّد معجزات شِّفاء المَرْضَى إلى الأسرار المسيحيَّة، وذلك لانَّ يسوع جاء إلى العَالَم طبيب للخطأة، كما جاء في قول يسوع للكَتَبَةُ مِنَ الفِرِّيسِيِّينَ: "ليسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إلى طَبيب، بلِ المَرْضَى. ما جِئتُ لأَدعُوَ الأَبرار، بلِ الخاطِئين" (مَرقُس 2: 17)، فهو الطبيب الذي " أَخذَ أَسقامَنا وحَمَلَ أَمراضَنا " (متى 8: 17). وهذا هو بالفعل معنى آلامه: يتضامن يسوع مع البشريَّة المتألمة، لكي يتمكن في النِّهاية من الانتصار على جميع آلامها.



أعطى يسوع تلاميذه السُّلطة لصنع العجائب وشفاء المَرْضَى ليكمِّلوا عَمَلَه، كما جاء في الإنجيل "دَعا تَلاميذَه الاثَني عَشَر، فأَولاهُم سُلطانًا يَطرُدُونَ بِه الأَرواحَ النَّجِسَة ويَشْفونَ النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة" (متى 10: 1)، وذلك لتأييد بشارتهم بالإنجيل "والَّذينَ يُؤمِنونَ تَصحَبُهم هذهِ الآيات: فبِاسْمي يَطرُدونَ الشَّياطين، ويَتَكَلَّمون بِلُغاتٍ لا يَعرِفونَها، ويُمسِكونَ الحَيَّاتِ بِأَيديهِم، وإِن شَرِبوا شَرابًا قاتِلًا لا يُؤذيهِم، ويضَعونَ أَيديَهُم على المَرْضَى فَيَتَعافَون"(مَرقُس 16: 17-18). ولذا يذكر سفر أعمال الرُّسل معجزات الشِّفاء خاصة شفاء بُطْرُس للمقعد (أعمال 3: 1-3) وشفاء فيلبس الشَّماس " كَثيرٌ مِنَ المُقعَدينَ والكُسْحان" في السَّامرة (أعمال الرُّسل 8: 7) التي تظهر قوَّة اسم يسوع وحقيقة قيامته. وإن الشِّفاء علامة دائمة تستمر في مساندة كنيسة يسوع المسيح، وتُظهر عمل الرُّوح القدس فيها من خلال الأسرار المقدسة.



على خُطى الرُّسل، يمسح كهنة الكنيسة المَرْضَى بالزيت باسم الرَّب، بينما هم يصلون بإيمان ويعترفون بخطاياهم، وهذه الصَّلاة تُخلِّصهم، لأنَّ خطاياهم تغفر لهم وتمكِّنهم أن يأملوا الشِّفاء بإذن الله، كما جاء في تعليم يَعقوب الرَّسول "هل فيكُم مَريض؟ فلْيَدْعُ شُيوخَ الكَنيسة، ولِيُصَلُّوا عليه بَعدَ أَن يَمسَحوه بِالزَّيتِ بِاسمِ الرَّبّ. إِنَّ صَلاةَ الإِيمانِ تُخلِّصُ المَريض، والرَّبَّ يُعافيه" (يَعقوب 5: 14-15). فنحن الذين بعد الرُّسل نلنا الكثير لا نستطيع إلاّ أن نعطي. ونحن الذين سمعنا لا نستطيع إلاَّ أنَّ نتكلم، ونحن الذين غمرنا الله بنعمه لا نستطيع إلاَّ أن نخدم في كنيسة الله وحقله في العَالَم. إن حياتنا هي هديَّة من الله، من بدايتها وإلى نهايتها، لذا يجب حمايتها من بدايتها وإلى نهايتها.





الخلاصة



بدأ يسوع خدمته العلنيَّة في نشر المَلَكُوت في كَفَرْناحوم، وذلك في الظُّروف الحياتيَّة العادية واللقاءات في البيت والمَجْمَع والعلاقات وفي الحياة العادية. ويصف مَرقُس الإنجيلي جزء مما يُسمى "يوم كَفَرْناحوم" كيوم نموذجي في حياة يسوع يَعرض ما يقوم به ي في يوم من أيام حياته العلنيَّة. وهو اليوم يترك المَجْمَع ويتوجَّه إلى بيت بُطْرُس. وفيه شفى حَماة بُطْرُس، وسرعان ما شفى مرضى كثيرين وطرد الشَّياطين، وهذه الأعمال هي علامة من علامات الخلاص والمَلَكُوت. ألم يقلْ يسوع " تَعالَوا إِليَّ جَميعًا أَيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم " (متى 11: 28). وفي موضعٍ آخر قال: ليسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إلى طَبيب، بلِ المَرْضَى" (مَرقُس 2: 17).



إذا كان المسيح لايزال يطرد الأروح الشَّريرة ويشفي المَرْضَى، لكنَّه لم يُزلْ المَرَض، لذلك لا يزال المَرْضَى بيننا؛ ولم يلغِ وجود الأروح الشَّريرة، لذلك لم يختفِ المَمْسوسون بالأرواح النَّجسة في أيّامنا. إنّهم هنا، حاضرون حولنا ومُنتشرون في كلّ مكان. إنّهم في كلّ مَن يتحجّج بالله ليُبرّر العنف والقتل. إنّهم في كلّ مَن يستعمل كلام كتابه المقدّس ليُطلق العنان لنزواته المُنحرفة. إنّهم في كلّ مَن يؤمن بأنّ القتل مشيئة إلهيَّة، وتعذيب الآخرين طريقة لهدايتهم. فالشَّياطين تَجرّنا إلى طريق الكراهيَّة والنَّبذ والاحتقار، وتحثّنا على التَّعالي والكبرياء، وتُثيرنا للثأر والانتقام ونشر الأوبئة وقتل الآخرين. لكن عندما نستقبل يسوع في حياتنا وندعه يقودها فهو يحرِّرنا منها وخاصة من عملها فينا؛ وحده قادر أن يشفينا ويُحوِّل حياتنا إلى حياة حقيقيَّة مبنيَّة على صخرة الإيمان، فلنصلِّ بحرارةٍ ونقول "نجّنا يا ربّ من الشَّرّير".





دعاء



اللُّهم يا طبيب النُّفوس والأجساد، يا من أراد ابنه الوحيد أن يحملَ أوجاعنا، المس ايدينا حتى تشفينا من كل عاهاتنا وأمراضنا فنسير في الحال على خُطاك، واستمع الدُّعاء الذي نرفعه إليك، من أجل إخوتنا المَرْضَى. إنَّهم يا رب خلائقك وصنعُ يديك وموضع محبتك، وأعطهم الصِّحة والعافية، ليعودوا إلى بيتك مُعافين، فيرفعوا لك الشكر والحمد معنا، ويُمجِّدوك ويسبِّحوكَ مع جماعة المؤمنين، لأنَّ كل شفاءٍ وصلاحٍ وخيرٍ هو منك، أيها ألآب والابن والرُّوح القدس، الإله الواحد. آمين.





قصة: الشِّفاء لا للهلاك إنما للخدمة



كتب الشَّاعر الأيرلندي "أوسكار وايلد" قصة قصيرة وصفها هو بأنها أجمل قصة قصيرة في العَالَم. قال فيها: "ذهب المسيح من الوادي الأبيض إلى المدينة الرَّماديَّة اللون، ورأى سكيرًا مُضطجعًا في أول شارع. سأله: "لماذا تُهلك حياتك في السُّكر؟" فأجابه: "كنتُ أبرص فأشفيتني، ولمَّا أرجعتَ الصِّحة لم أجد ما أفعله!"

ثم قال "وسكار وايلد": " إن المسيح ذهب إلى شارع آخر في ذات المدينة، ورأى شابًا يسير وراء زانية، فسأله: "لماذا تُهلك حياتك في الدَّنس؟" أجابه: "كنت أعمى ففتحت عينيَّ، فماذا عساي أن أستعمل عينيَّ في غير ما أفعله الآن؟"

ثم رأى المسيح رجلًا عجوزًا جالسًا على الأرض يبكي، فسأله: "ماذا تفعل ولماذا تبكي؟" أجابه: "لقد أقمتني من الموت، فماذا عساي أفعل غير البكاء؟"

أعتقد أن هذه القصة المؤلمة تذكِّرنا بكثيرين ممن يأخذون بركات الرَّبّ ويسيئون استخدامها. في حين حَماة بُطْرُس لم تكن من هؤلاء! إن سر حياة جميلة بسيط نجده في شفائها، هي التي لمَّا نالت الشِّفاء من يسوع "أَخَذَت تَخدمُهُ" (مَرقُس 1: 31).

 
قديم 06 - 04 - 2024, 02:26 PM   رقم المشاركة : ( 156693 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




هل تعانى من الحزن والقلق


"فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟ اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اَللهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ. مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا. مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا."

(رو 8: 31-39).



أيها القارئ.. هل تعاني من دوام الحزن والقلق؟ هل أنت متعب؟ تعالَ.. تعالَ إلى الرب يسوع.. ثق فيه، أترك قلبك له، وهو بيده الماهرة سيعزف عليه أجمل الألحان وأشجاها.. انفرد به.. قصّ عليه كل شيء.. وسيبدأ معك عمله الحلو العجيب، وسيصنع المعجزات.. ستتحرر من الهموم.. وستمتلئ بالسعادة.. وستنطلق في طريق المجد






منذ نحو قرن مضي، اعتاد شحات فقير جداً أن يقف فوق أحد الكباري بمدينة لندن.. كان وحيداً، تظهر عليه علامات الحزن والأسي.. يقضي وقته عازفاً على "كمان" قديم تبدو عليه أيضاً مظاهر الفقر.. كان يعزف محاولاً أن يجذب بموسيقاه انتباه العابرين، آملاً أن يأتوا إليه ويعطوه القليل من المال، لكن أحداً لم يعبأ به..

فجأة، توقف بجواره رجل غريب.. اندهش الشحاذ وبدأ يتفرس فيه بنظرات توسل.. يريد أن يأخذ صدقة.. لكن الغريب لم يعطه النقود التي يحلم بها بل صنع معه أمراً آخراً غير متوقع.. طلب منه الكمان لكي يعزف عليه.. أخذه بالفعل وبدأ يعزف.

على غير العادة، جذبت الأنغام أول المارة.. فأتي واستمع، ثم ألقي نقوداً في قبعة الشحاذ الموضوعة على الأرض.. ولم يذهب بل بقي يتمتع بالعزف الرائع..

وواصل الغريب عزفه للألحان العذبة، وازداد عدد المتجمهرين، وامتلأت القبعة بالنقود.. تزاحم الناس جداً.. الكل يريد أن يستمع، وأتي رجل الشرطة، لكنه بدلاً من أن يصرف الواقفين، جذبته أيضاً الموسيقي فوقف معهم يتمتع بهذه الأنغمام الحلوة..

وسري همسُ بينهم.. هو الفنان "باجانيني".. هو "باجانيني" Paganini الشهير

هذه قصة تشبه قصص كثيرين.. كانوا لفترة من الزمن مثل هذا الشحاذ.. يتسولون على كوبري الحياة المليئة بالهموم.. مراراً حاولوا أن يعزفوا على قلوبهم الكئيبة أنغاماً مفرحة بلا جدوي.. فجأة مرّ عليهم شخص عجيب، غريب ليس من عالمهم.. وقف يستمع لموسيقي حياتهم الشقية.. اقترب إليهم أكثر.. نظر وأمعن النظر في حالتهم التعيسة.. نظر إليهم بعينيه المملؤتين بالحب.. ظنوه سيَمنُّ عليهم بحل لمشكلة أو تسديد لاحتياج، ففعل ما هو أعظم.. ما أحن قلبه.. وما أقوي نظرات حبه!! كشفت لهم احتياجاتهم الحقيقية.. أظهرت خراب قلوبهم.. ثم أعطتهم الأمل.. عرفوا أنه هو الوحيد الذي يعطي الراحة. سلَّموا له قلوبهم.. أخذها، وبدأ يعزف عليها بيديه المثقوبتين ألحاناً تُشع بالمجد.. وتغيرت حياتهم.. ووضعوا أقدامهم على طريق الفرح والراحة.. صاروا أغنياء وشهدوا لما حدث لهم.. وسُمع صوت شهادتهم عالياً.. "هو الرب يسوع الذي يشفي ويحرر ويغفر".

............ ......... ......... ......... ......
 
قديم 06 - 04 - 2024, 02:32 PM   رقم المشاركة : ( 156694 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟"
(رو 3: 6).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:52 PM   رقم المشاركة : ( 156695 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أبنى الغالى .. بنتي الغالية
ثابروا في جهادكم ولاتنزعجوا من حروب إبليس
أو كثرة سقطاتكم أنتم تضمنوا بقوتي النصرة على الشيطان.
تمسكوا بقانونكم الروحي، واتضعوا أمامي فيتحطم إبليس أمامكم
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:53 PM   رقم المشاركة : ( 156696 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إمنحنا يارب طهارة القلب والفكر واللسان
وبارك حياتنا وقدسها واعطنا نعمة أن نعرف
مشيئتك في حياتنا ، وان نعمل بكل
وصاياك ونقي نفوسنا وحررها من الخطيئة
وأقمنا من سبات أرواحنا واوقد فينا حرارة الأيمان
والمحبة المسيحية من جديد.
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 156697 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يارب بارك حياتنا وقدسها
واعطنا نعمة أن نعرف
مشيئتك في حياتنا

آمين
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:56 PM   رقم المشاركة : ( 156698 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يارب أجعلنا ان نعمل بكل
وصاياك ونقي نفوسنا

آمين
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:56 PM   رقم المشاركة : ( 156699 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يارب نقي نفوسنا
وحررها من الخطيئة

آمين
 
قديم 06 - 04 - 2024, 03:57 PM   رقم المشاركة : ( 156700 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,304,428

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يارب أقمنا من سبات أرواحنا
واوقد فينا حرارة الأيمان
والمحبة المسيحية من جديد

آمين
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025