01 - 04 - 2024, 01:48 PM | رقم المشاركة : ( 156251 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل العُرْس (مرقس 2: 19-20) كانت صورة العَريس معروفة بالنسبة للتقليد اليهودي كدلالة على الخلاص المَسيحاني في نهاية الزَّمان. وفي إجابته للفريسيين شرح يسوع مفهومًا جديدًا للصوم في المسيحيَّة، أن المسيحي هو عروس للمسيح العَريس، والمسيح دفع دمه ثمنًا لهذه الخطبة. فطالما هو موجود بالجسد، فالتَّلاميذ ينعمون بوجود عَريسهم معهم، فهم في فرح، والفرح لا يصحُّ معه النَّوح والتَّذلل والصَّوم. أمَّا بعد أن يُرفع العَريس، فالعروس سوف تفهم أنه طالما أن عَريسها في السَّماء فهي غريبة على الأرض. فرحنا يقوم كليًا على أساس حضور يسوع وغيابه. النَّفس التي تذوقت حب عَريسها لن تكتفي بالصَّوم بهذا المفهوم، بل ستترك عن طيب قلب كل ملذات العَالَم، وستبكي وتنوح على خطاياها التي سبَّبت الألم لعَريسها، لذلك نسمع في إنجيل متى قول السَّيد "أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرْس أَن يَحزَنوا ما دامَ العَريس بَيْنَهُم؟ " (متى 9: 15). ومن هذا المنطلق يظهر اكتمال وليمة العرس في ملكوت الآب، حيث يشرب المدعوّون الخمرة الجديدة (مرقس 14: 25) الّذي تحوّلت إلى دم الرّب يسوع المسيح" (التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة 1335). يكرِّر إنجيل مرقس ولوقا القول مستبدلين كلمة "ينوحوا" بكلمة "يصوموا". "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرْس أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟"(مرقس 2: 19، لوقا 5: 34). وهذا ما يذكرنا نبوءة يوئيل " إِرجعوا إِلَيَّ بكُلِّ قُلوبِكم وبِالصَّوم والبُكَاءَ والانتحاب" (يوئيل 2: 12). فالصَّوم يأخذ آنذاك منحى جديدًا. ويُعلق البابا القديس يوحَنّا بولس الثَّاني " إنّ زمن الصَّوم ما هو إلا تذكير لنا بأن العَريس رُفِع من بيننا. رُفع وألقي القبض عليه وسُجن وضُرب وجُلد بالسِّياط وكُلِّل بإكليل من الشَّوك وصُلب" (المقابلة العامّة بتاريخ 21/03/1979). |
||||
01 - 04 - 2024, 01:49 PM | رقم المشاركة : ( 156252 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البابا القديس يوحَنّا بولس الثَّاني " إنّ زمن الصَّوم ما هو إلا تذكير لنا بأن العَريس رُفِع من بيننا. رُفع وألقي القبض عليه وسُجن وضُرب وجُلد بالسِّياط وكُلِّل بإكليل من الشَّوك وصُلب" |
||||
01 - 04 - 2024, 01:51 PM | رقم المشاركة : ( 156253 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
زمن الصَّوم ما هو إلاَّ تذكير لنا أن العَريس (يسوع) رُفِع من بيننا. فمن جهة، أصبح الصَّوم للمسيحييِّن "حزن" لأنَّ العَريس قد رُفِع بشكلٍ مُؤلم عنهم، ومن جهةٍ أُخرى، فعل محبّة وتضامن مع "عَريس نفوسنا" الذي حمل "أوجاعنا وأحزاننا". وهكذا استبدل المسيحيُّون اليوم الذي كان فيه اليهود يصومون في "عيد التَّكفير" ويذبحون "كبش المحرقة" باليوم الذي فيه ذُبح يسوع حمل الفِصح الحقيقي " كَفَّارةٌ لِخَطايانا لا لِخَطايانا وحْدَها بل لِخَطايا العَالَم أَجمعَ" (1يوحَنّا 2: 2). |
||||
01 - 04 - 2024, 01:52 PM | رقم المشاركة : ( 156254 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لم يلغِ يسوع الصَّوم عند تلاميذه، ولكنَّه أوضح أنه وسيلة ً للوجود معه. ولِمَا كان هو العَريس وسط تلاميذه أثناء تجسُّده، فلا حاجة للصَّوم والعُرْس قائم. ولكنَّ، متى ارتفع العَريس عنهم بصعوده، سيكون الصَّوم واجبًا عليهم. ولم يُقلل السَّيد من شأن الصَّوم، ولا أعلن امتناع تلاميذه عنه مطلقًا، وإنَّما سحب قلوبهم من الرُّؤيا الخارجيَّة لأعمال الصَّوم الظاهرة إلى جوهر الصَّوم ذاته، وهو التَّمتع بالعَريس السَّماوي نفسه، إذ يقول: "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرْس أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ (مرقس 2: 19). أنه يأتي وقت فيه يُمارس التَّلاميذ والرُّسل الصَّوم بحزمٍ، عندما يرتفع عنهم جَسديًا ويُرسلهم للكرازة لأجل تمتع كلِّ نفس بالعَريس. |
||||
01 - 04 - 2024, 01:54 PM | رقم المشاركة : ( 156255 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع أعلن أن تَلامِيذه يصومون حين يرتفع العَريس عنهم، لكنَّهم يصومون بفهمٍ جديدٍ يليق بالعهد الجديد. فبعد صعوده حلّ الرُّوح القدس عليهم، فصاروا أشبه بثوبٍ جديدٍ أو زِقَاق جديدٍ، يحملون الطُّبيعة الجديدة التي على صورة خَالقهم، يمارسون العبادة بفكر جديد. بعد أن كان الصَّوم في العهد القديم حِرمانًا للجسد، صار في العهد الجديد تَحريرًا للنَّفس وإنعاشًا للقلب في الدَّاخل. يسوع هو مِحْوَر الصَّوم، حول وجوده وعدم وجوده. هذا يعني أن الصَّوم يستمدَّ معناه من يسوع، وليس من أي مصدرٍ آخر. بمعنى آخر يمكننا القول بأن المسيح أعطى للصوم معنى جديد وجذري. يقول لنا أنه عندما يكون حاضرًا بيننا فلا حاجة لنا للصوم. والكنيسة تقول استنادًا للإنجيل، بأن المسيح حيّ بيننا وهو حاضر معنا دائمًا. هذا يعني أن المسيحي ليس بحاجة إلى الصِّيام، بما أن المسيح "العَريس" حاضر في حياته وفيه؛ ولكن المُشكلة هي من طرفنا، بمعنى أننا نحن بعيدون عن المسيح بحيث نخرجه من حياتنا، وغالبًا نعيش كما لو أننا لسنا بحاجة إليه، وبالتَّالي على المسيحي أن تكون حياته كلها صيام، بمعنى أنها محاولات جادّة لجعل المسيح أكثر حضورًا في حياته. |
||||
01 - 04 - 2024, 01:56 PM | رقم المشاركة : ( 156256 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل النَّسيجٍ الخَام (مرقس 2: 21) حوّل السَّيد المسيح أنظار الفِرّيسيِّين والكتبة من ممارسة الصَّوم إلى التَّغير الكامل الذي يَليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال "ما مِن أَحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِقُطعَةٍ مِن نَسيجٍ خام، لِئَلاَّ تَأخُذَ القِطعَةُ الجديدَةُ على مِقْدارِها مِن الثَّوبِ وهو عَتيق، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأ. (مرقس 2: 21). ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذا النَّسيج الخام هو قماش الإنجيل الذي يحيكه الآن من صوف حمل الله: اللِّباس الملكيّ الذي سيُصبغ بالأرجوانِ من دم الآلام. كيف سيقبل المسيح بتوحيد هذا النَّسيج الخام مع حرفيَّة شريعة إسرائيل البالية؟" (عظة عن القدّيس مرقس). قصد المسيح بهذا المثل الفرق بين أصوام النَّاموس وفرائض اليهود الحرفيَّة والمَظهريَّة "ثوب عتيق"، أي ثوب قديم، وبين الأصوام الرُّوحيَّة أي "القطعة الجديد، رمز القلب الجديد، ولا يمكن الجمع بينهما حتى لا يصير "الْخُرْقُ أردأَ"، إذ أن القماش الجديد عادة ما ينكمش بعد الغسل، فيشقّ بدوره القماش القديم ويزيد من تلفه. وما هي الرُّقعة من القطعة الجديدة إلا الصَّوم بكونه جُزءً من تعاليم السَّيد المسيح، فإنها لا تخيط على ثوب عتيق، وإنَّما ليتغير الثَّوب كله بالتَّجديد الكامل بالرُّوح القدس، وعندئذ نتقبل القطعة الجديدة، أي الصَّوم بالمفهوم الجديد كجزء لا يتجزأ من العِبادة كلها. يرفض يسوع فكرة التَّرقيع، إذ لا فائدة من ترقيع الثَّوب القديم، لانَّ الثَّوب الجديد يخرِّق الثَّوب القديم، إذ يوجد تنافر بين الجديد والقديم. وعندما نُمزِّق ثوبًا جديدًا كي نصلح ثوبًا قديمًا، نتلف لا محالة الاثنين. ولذلك لا يصحّ أن يصوم تلاميذه ويسوع معهم بنفس الأفكار القديمة الفِرِّيسيَّة، بل يريدهم التَّحول الجذري في الصَّوم في خط الإنجيل. لا يريد يسوع أن يرتبط بمقولات "معلبة" بل يحاول أن يصل إلى عمق الإنسان. وكانت تلك غلط المعلمين اليهود فيما بعد الذين وجَّه بولس الرَّسول جدله إليهم " أَمَّا الآن، وقَد عَرَفتُمُ الله، بل عَرَفَكمُ الله، فكَيفَ تَعودونَ مَرَّةً أُخْرى إلى تِلكَ الأَرْكانِ الضَّعيفةِ الحَقيرة وتُريدونَ أَن تَعودوا عَبيدًا لَها مَرَّةً أُخْرى؟" (غلاطية 4: 9-10). |
||||
01 - 04 - 2024, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 156257 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذا النَّسيج الخام هو قماش الإنجيل الذي يحيكه الآن من صوف حمل الله: اللِّباس الملكيّ الذي سيُصبغ بالأرجوانِ من دم الآلام. كيف سيقبل المسيح بتوحيد هذا النَّسيج الخام مع حرفيَّة شريعة إسرائيل البالية؟" |
||||
01 - 04 - 2024, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 156258 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بعد أن كان الصَّوم في العهد القديم حِرمانًا للجسد، صار في العهد الجديد تحَريرًا للنَّفس وإنعاشًا للقلب، فطلب يسوع من تلاميذه أن يصوموا بفكرٍ مسيحيٍ جديدٍ ولائقٍ حين يرتفع العَريس عنهم، بعد حلول الرُّوح القدس عليهم ونيلهم الطُّبيعة الجديدة أي الخليقة الجديدة، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول " فإِذا كانَ أَحَدٌ في المسيح، فإِنَّه خَلْقٌ جَديد. قد زالتِ الأَشياءُ القَديمة وها قد جاءَت أشياءُ جَديدة" (2 قورنتس 5: 17). ويُعلق القديس أمبروسيوس: "ينبغي ألاَّ نخلط بين أعمال الإنسان العتيق وأعمال الإنسان الجديد، فالأول جسدي يفعل أعمال الجسد، أمَّا الإنسان الدَّاخلي الذي يتجدَّد، فيليق به أن يميِّز بين الأعمال العتيقة والجديدة، ويتدرَّب على الاقتداء بذاك الذي وُلد منه من جديد في المعمودية". وبمعنى آخر، ليس الإنجيل ثوبًا خلقًا مرقّعًا للمسيحيِّين، بل ثوبًا جديدًا، نلبسه كل يوم، ليقي نفوسنا من تَحدٍّيات العصر وهبوب رياحه المُدمِّرة. |
||||
01 - 04 - 2024, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 156259 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس أمبروسيوس: "ينبغي ألاَّ نخلط بين أعمال الإنسان العتيق وأعمال الإنسان الجديد، فالأول جسدي يفعل أعمال الجسد، أمَّا الإنسان الدَّاخلي الذي يتجدَّد، فيليق به أن يميِّز بين الأعمال العتيقة والجديدة، ويتدرَّب على الاقتداء بذاك الذي وُلد منه من جديد في المعمودية". |
||||
01 - 04 - 2024, 02:07 PM | رقم المشاركة : ( 156260 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل حفظ الخَمر (مرقس 2: 22) حوّل السَّيد المسيح أنظار الفِرّيسيِّين والكتبة من ممارسة الصَّوم إلى التَّغير الكامل الذي يليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال " ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمْرَة الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقَاق، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقَاق معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقَاق جَديدة" (مرقس 21-22). يقصد يسوع بذاك أنَّه لا يتقبل تلاميذه الصَّوم في مفهومه الجديد -كخمر جديدة-في زِقَاق قديم، إنَّما ليتجدد زِقَاق حياتهم الدَّاخليَّة فيتقبلوا الخمر الجديد. ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذه الزِّقَاق تُمثّل المسيحيّين. وحده صوم المسيح سوف يطهّر هذه الزِّقَاق من كلّ قذارة بحيث تحفظ طعم الخَمْرَة الجديدة سليمًا. وهكذا يُصبح المسيحي زِقَاقا جديدةً جاهزةً لاحتواءِ الخَمْرَة الجديدة، خَمْرَة عرس الابن التي عُصِرت في معصرة الصَّليب (عظة عن القدّيس مرقس). ويقول البابا بِندِكتُس السادس "الخمرة الجيدة" تشير إلى سرّ دمّ الرّبِّ يسوع المسيح" عظة بمناسبة ختام الشّهر المريميّ، الفاتيكان 30/05/2009). لا يمكن لمن عاش ومارس أصوامه بمظهريَّة طوال حياته، أن يحتمل أو يفهم متطلبات الصَّوم الرُّوحي. ويُعلق القديس كيرلس الكبير "كانت قلوب اليهود زِقَاقا قديمة لا تسع خمرًا جديدة، أمَّا القلب المسيحي فقد وهبه المسيح بركات روحيَّة فائقة، فتح الباب على مصراعيه للتحلي بمختلف الفضائل السَّلميَّة والسَّجايا العالية". فالعمل لأجل ملكوت يسوع والدُّخول فيه يتطلّب منطقًا جديدًا. ولا يمكن العمل لأجل الملكوت مع صور قديمة لله البعيد عن النَّاس، فتلميذ المسيح لا يصوم كفرض عليه، وإنَّما حبًا في عَريسها، وسموًا بالنَّفس إلى مجال الرُّوح حتى تنتعش وتتخلص من رباط المادة. لقد صار الصَّوم في المسيحيَّة تحريرًا للنفس من الأرضيات لتلتقي بعَريسها في علاقة سريَّة سواء في الصَّوم والتَّقشف والنَّوح أو في الفرح والتَّعزية. |
||||