منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31 - 03 - 2024, 04:47 PM   رقم المشاركة : ( 156221 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




عثرة تابعيه (ع 60 - 63):

60 فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟» 61 فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ 62 فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا! 63 اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ،



ع60-61: التلاميذ هنا لم يُقصد بهم الاثنى عشر والسبعين رسولا الآخرين، ولكن المقصود كثيرين من الذين كانوا يتبعونه من مكان لمكان، معتبرين أنفسهم تلاميذَ له... وأما ما أعثرهم فيه، هو أمرين: قوله بأنه خبز الحياة النازل من فوق، والتأكيد على ضرورة أكل جسده وشرب دمه، إذ فهموا كلامه بصورة حرفية. فعلم يسوع بلاهوته أن كلامه يعثرهم، وأخبرهم بهذا.



ع62: إذا كنتم لا تقبلوا ما قلته الآن، فكيف يكون حالكم إذن وأنتم تروننى صاعدا إلى السماء، حيث مكانى أولا؟ فالمسيح، حتى الآن، لم يحل لهؤلاء مشكلتهم الأولى في أكل جسده وشرب دمه، بل زاد عليها مشكلة جديدة، إذ يتحدث عن أزليته، مشيرا إلى صعوده لحضن أبيه، حيث كان أولًا قبل تجسده (مر 16: 19؛ لو 24:51؛ أع 1: 9).



ع63: المعنى المبسط لهذه الآية، هو أن المسيح يقدم لمن أعثروا في كلامه الحل، وهو أنه لا بُد من الإيمان بكلامه روحيا، بعيدا عن الفهم العقلى والمادي المحدود، كلامى "هو روح وحياة". ومعنى "أما الجسد فلا يفيد شيئًا"، فقد أجمع كل من اغسطينوس والقديس كيرلس الكبير على أن المعنى الذي قصده المسيح هو: إذا كان تصوركم هو أكل جسدي بالفهم المادي، كأنكم تأكلون لحما ماديا، فهو لا يفيد شيئًا في الحياة الأبدية. ولكن الذي يفيد، أن تأكلوا جسدي الحقيقي متحدا بلاهوتي. وهو ما شرحه لتلاميذه بعد هذا لاحقا في العشاء الربانى يوم خميس العهد، فأعطاهم جسده ودمه تحت أغراض الخبز والخمر. وهذا هو الإيمان الروحي المعطى للحياة الأبدية. راجع تاسيس السر في (مت 26: 26، مر 14: 22، لو 22: 17، 19).

 
قديم 31 - 03 - 2024, 04:49 PM   رقم المشاركة : ( 156222 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إيمان التلاميذ (ع 64 - 71):

64 وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. 65 فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». 66 مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. 67 فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟» 68 فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ، 69 وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ». 70 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71 قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ، لأَنَّ هذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ.



ع64: إشارة قوية للاهوت الابن، من حيث المعرفة السابقة والقاصرة على الله، فهو يعرف أن من بين الذين يسمعونه قوم لا يؤمنون بكلامه. ولكي نعلم إنه ليس استنتاجًا للمسيح نتيجة قراءة وجوه الجمع، يضيف القديس يوحنا كلمتا "من البدء"، لتأكيد هذا الجانب اللاهوتي في المعرفة السابقة للمسيح، مشيرا أيضًا إلى أن معرفة المسيح، ليست فقط لمن لا يقبل كلامه، بل للتلميذ المزمع أن يسلمه أيضًا.



ع65: يذكرهم المسيح بما قاله سابقا في ع 44، 45 إنه لا يستطيع الإنسان أن يأتي أو يُقبل إلى المسيح، ما لم يكن الإيمان الذي وضعه الآب في قلبه، هو الدافع الحقيقي والوحيد. أما من يأتي لدافع نفعى، أو ذاتى، أو سياسى كتحرير اليهود، فسيكون المسيح له حجر عثرة؛ وهو ما قاله سِمعان الشيخ في نبوته إنه "وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل" (لو 2: 34).



ع66: أي الناس الذين رفضوا قوله بأن جسده مأكل حق ودمه مشرب حق.


ع67-68: ليس المقصود أن المسيح يريد أن يعرف قصدهم، وهو العارف منذ البدء، من الذي يتركه ومن الذي يتبعه، ولكن هذا السؤال، كان الغرض منه امتحان إيمانهم وإقرارهم به. ولهذا، جاءت إجابة بطرس موافقة تمامًا لسؤال المسيح، وكانت تعبيرا أيضًا عما بداخل باقي التلاميذ، وتحمل إيمانا قويا. وعبارة "إلى من نذهب؟" تعني أنه ليس لنا سواك، ولا نستطيع أن نرتد إلى الوراء كما فعل الآخرين. وعبارة "الحياة الأبدية عندك"، هى تصديق لكل ما قاله المسيح في الأعداد السابقة عن الحياة الأبدية، وأنه مصدرها ومانحها من خلال أنه خبز الحياة وعطية جسده ودمه الأقدسين.



ع69: يكمل بطرس حديثه، في إعلانه عن موقف التلاميذ معه، في أن أساس تبعيتهم للمسيح هى الإيمان المعطى من الآب لهم، وهي تبعية سوف تستمر، بصرف النظر عمن تركوه: فإيماننا بك أنك أنت هو المسيح المخلص، وأنك أنت ابن الله الحي، لن يدع لنا مجالا آخر لتركك، وإلا صرنا كأننا نترك الحياة إلى الموت، والأبدية إلى الهلاك.



ع70-71: يستكمل السيد المسيح استعلان معرفته الإلهية بتصحيح كلام بطرس، فيقول له: لقد تكلمت يا بطرس عن سائر إخوتك التلاميذ بكلام الإيمان الحسن، ولكن ليس هذا إقرار الجميع كما قلت، لأن بينكم من لا يؤمن، بل ملأ الشيطان قلبه، وهو الذي يسلمنى ويخوننى...

ولنلاحظ هنا قول السيد: إنه بالرغم من اختيارى وتلمذتى لكم، فوسطكم شيطان. وهذا معناه أن الله يختار الإنسان ويدعوه، ولكن الإنسان قد يثبت أو يترك الله بإرادته الحرة. وبالتالي، فإن التعليم بأن المؤمن لا يهلك أبدا هو تعليم غريب، فالله أيضًا اختار يهوذا، ولكن يهوذا لم يثبت في هذا الاختيار، فكان هلاكه.
 
قديم 31 - 03 - 2024, 04:51 PM   رقم المشاركة : ( 156223 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




† إلهي الحبيب، نرفع لك صلاة موضوعها هؤلاء
الذين يتركونك كل يوم إلى الوراء، ولم يعودوا معك يسيرون...
يتركون ينبوع الحياة الحي، ويتركون أحضان حبك،
إلى ماذا يا إلهي... إلى ماديات ومشاغل، لا يجنى منها الإنسان
سوى تعبا دون راحة... إلهي... لا تسمح لنا، نحن الضعفاء،
أن يشغلنا شيء عنك، بل نظل معك في كنيستك، نأخذ من حبك
وعطائك، خادمين لاسمك القدوس طوال أيام عمرنا... آمين.


 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:08 PM   رقم المشاركة : ( 156224 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






الصَّوم في مَفْهوم يسوع وتوقيته






النَّص الإنجيلي (مرقس 2: 18--22)



18 وكانَ تَلامِيذ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين، فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له: ((لِماذا يَصومُ تَلامِيذ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟)) 19 فقالَ لَهم يسوع: ((أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا. 20 ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعُ العَريسُ مِن بَينِهم. فعِندئِذٍ يَصومونَ في ذلك اليَوم. 21 ما مِن أَحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِقُطعَةٍ مِن نَسيجٍ خام، لِئَلاَّ تَأخُذَ القِطعَةُ الجديدَةُ على مِقْدارِها مِن الثَّوبِ وهو عَتيق، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأ. 22 وما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمرَةَ الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقاقَ، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقاقُ معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقاقٌ جَديدة)).





مقدمة



يُقدِّم إنجيل مرقس مفهوم يسوع في الصَّوم. فيما أوصت الشَّريعة الموسويَّة بصومٍ يومٍ واحدٍ فقط، هو يوم الكفَّارة العظيم (الأحبار 23: 27-29) أُضيفت إلى هذا بعض الأيَّام الأخرى حتى أصبح الصَّوم في أيام حياة المسيح مَظهرًا من مظاهر الحياة الدِّينيَّة (لوقا 18: 12). فهاجم خصوم يسوع تَلامِيذه ووجَّهوا الاعتراض إلى يسوع:" لِماذا يَصومُ تَلامِيذ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟". فتضامن يسوع مع تَلامِيذه وبيَّن لخصومهم أن هناك لا توافق بين صومهم ووجوده معهم. وتبع ذلك بثلاث أمثلة موضِّحا انَّه لا يقوم بترقيع النظام القانوني البالي لكنه يضع نظاما جديدًا مبينًا في الصَّوم على حضوره وغيابه. ومن هنا تكمن أهمية البحث في وقائع النَّص الإنجيلي وتطبيقاته.





أولًا: وقائع النَّص الإنجيلي (مرقس 2: 18--22)



18 وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين، فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له: ((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))



تشير عبارة "تَلاميذُ يوحَنّا" إلى جماعة من مؤمنين نشأت حول يوحَنّا المَعْمَدان واستمرت بعد موته حتى القرن الثَّاني (متى 11: 2، يوحَنّا 3: 25؛ أعمال الرُّسل 18: 25). وهؤلاء التَّلاميذُ هم صائمون، لأنَّ معلمهم في السِّجن. أمَّا عبارة "الفِرِّيسِيُّونَ" فتشير إلى جماعة يهوديَّة متزمِّتة كانوا يؤيِّدون الطَّاعة الحرفيَّة للشَّريعة والتَّقاليد اليهوديَّة وكان لهم نفوذٌ كبيرٌ في المجامع، فاتفقوا مع المسيح باحترام الشَّريعة والإيمان بقيامة الأموات والالتزام بطاعة الله، ولكنَّهم اختلفوا عنه، إذ رفضوا دعواه أنَّه المسيح، لأنَّه لا يتبع كل تقاليدهم، وكان يختلط بالعشَّارين والخطأة ذوي السُّمعة السَّيِّئة. وكانوا يصومون مرتين في الأسبوع (لوقا 18: 12)، أمَّا في الشَّريعة، فلا نجد سوى صوم يوم التَّكفير (الأحبار 16: 29-31). ولكن بعد منفى بابل، نُظمت في العَالَم اليهودي أربعة أيام من الصَّوم (زكريا 7: 5؛ 8: 19). أمَّا عبارة " صائِمين" فتشير إلى أصوام طوعيَّة كان يمارسها اليهود الأتقياء، وهي المقصودة هنا بالإضافة إلى الأصوام الطَّقسيَّة (أحبار 16: 29 و23: 27). ومع أنَّ يسوع لا يًعلّق على الأصوام الطَّوعيَّة أهميَّة كُبرى (متى 9: 14-17)، فأنَّه لا يُنكر الصَّوم في حدِّ ذاته، بل هاجم الأسلوب الذي يُمارس به والوقت الذي يُمارس فيه، إذ مع هؤلاء ضاع المعنى الحقيقي للصَّوم، أي الانفتاح الجذري لله الذي منه يُنتظر كل شيء (متى 4: 2، أعمال الرُّسل 13: 2-3) كما فعل الأنبياء (يوئيل 2: 13، وزكريا 7: 5). أمَّا عبارة "لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))" فتشير إلى السُؤال الذي طرحه اليهود على السَّيد المسيح حول طقوس الصِّيام عند تَلاميذه. فكان تَلاميذ يوحَنّا يصومون للتَّوبة عن الخطيئة، والإعداد لمجيء المسيح. وربما تَلامِيذ يوحَنّا سألوا يسوع هذا السُّؤال بدافع الغيرة الرُّوحيَّة، إذ كانوا محافظين على شريعة موسى الطَّقسيَّة من ناحية، وتَلامِيذ الفِرّيسيِّين بدافع الغيظ من ناحية أخرى. وفي السُّؤال هناك شيء من العِتاب أو اصطياد الأخطاء، عن عدم صوم تَلامِيذه. ولعلَّ بعض تَلامِيذ يوحَنّا رأوا في معلمهم ناسكًا متقشفا في كلماته، كما في أكله وشُربه ومَلبسه ومع هذا ينحني أمام السَّيد المسيح الذي لم يكن ناسكًا في أعينهم، ولا ألزم تَلامِيذه بأصوام يمارسونها مثلهم! وقد لاحظ تَلامِيذ الفِرّيسيِّين في معلميهم أنهم يتقهقرون أمام المسيح، حيث كانت الجماهير تتركهم بالرُّغم مما بلغ إليه الفِّرِّيسيُّون من مرتبة دينيَّة وما يمارسونه من عبادات خاصة بالصَّوم. لنطرح نحن بدورنا على المسيح جميع أسئلة السَّاعة العالقة والمُحيِّرة، ونصغي إلى إيحاءاته الإلهيَّة لكي نهتدي بهديها. أمَّا عبارة " تَلامِيذك لا يَصومون؟" فتشير إلى تَلامِيذ يسوع الذي كانوا "يأكُلونَ ويَشرَبونَ!" كما يوضِّح لوقا (لوقا 5: 33). فكان الصَّوم والانقطاع عن شُرْب الخَمر في العهد القديم علامة تقشُّف استعدادًا لمجيء المسيح المنتظر. لكن تَلامِيذ يسوع هم الآن أهل العَريس. والصَّوم يدل على الحزن، إذن لا مكان للصَّوم والعَريس معهم، لأنَّ تَلامِيذ يسوع لم يكونوا بحاجة إلى الصَّوم للإعداد لمجيء المسيح، لأنه كان معهم. فالأزمنة المِسيحانيَّة على الأبواب وقد بدأ زمن الفرح.



19 فقالَ لَهم يسوع: ((أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا.



تشير عبارة "فقالَ لَهم يسوع" إلى يسوع وتَلامِيذه الذين يؤلِّفون فريقًا متضامنًا أمام تحدِّيات خصومه، وهم الفِرّيسيِّون والكتبة وبعض اليهود الذين يتضامنون تضامنًا شاملا، ويتفقون اتفاقًا عامًا ضِدَّ يسوع وتَلامِيذه. وهنا بدأت تُحاك خيوط المُؤامرة ضِدَّ يسوع التي ستؤدي به أخيرًا إلى آلامه وموته. أمَّا عبارة "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا" فتشير إلى جواب يسوع الحاسم على سؤال بعض النَّاس: "لِماذا يَصومُ تَلامِيذ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟ وفي الواقع يعفي اليهود العَريس والعروس وأصدقاءهم من الصَّوم في أسبوع فرحهم حتى لو جاء يوم الكفارة وسط أيام فرحهم، لأنهم يعتبرون إسعاد العَريس والعروس أثناء أسبوع فرحهم هو واجب ديني. ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس "لماذا نحن نصوم، وتَلامِيذك لا يصومون؟" لماذا؟ لأنّ الصَّوم هو أمر متعلّق بالشَّريعة بالنسبة إليكم، وليس موهبة عفويَّة. الصَّوم في حدّ ذاته لا قيمة له، والمهمّ هو رغبة الصَّائم. ماذا تستفيد من صومك إذا كنت تصوم بالرَّغم عنك وبهدف تطبيق أحكام الشَّريعة فحسب؟ تَلامِيذ المسيح وُضعوا وسط حقل القداسة النَّاضج مسبقًا؛ وهم يأكلون خبز المحصول الجديد. كيف يكونون مُجبرين على ممارسة صوم من الآن أصبح باطلاً؟ "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟" (عظة عن القدّيس مرقس). أمَّا عبارة "أَهلُ العُرسِ" في اللغة اليونانيَّة οἱ υἱοὶ τοῦ νυμφῶνος (معناها أبناء العُرْس) وهو تعبير عبراني " בְּנֵי הַחֻפָּה (معناها أهل العُرْس) فتشير إلى الضُّيوف والأصدقاء الذين يدعوهم العَريس إلى عُرسه، وهنا بالتحديد أهل العُرْس، وهم تَلامِيذ يسوع. أمَّا " صديق العَريس" الوارد ذكره في إنجيل يوحَنّا (3: 29 و2 قورنتس 11: 2) فيدلُّ في التَّقليد اليهودي على الرَّجل الموثوق به الذي يقوم بتنظيم امر العُرْس ويساعد العَريس، ويسهر على كل شيء أثناء العُرْس. أمَّا عبارة " عُرسِ" فتشير في الكتاب المقدس إلى الاتحاد النِّهائي في الفرح بين الله وشعبه (متى 25: 1-12). وهكذا، العهد بين الله وشعبه يصوّر بشكل عرس، ويسوع هو العَريس. ويُعلق القديس غريغوريوس الكبير: "يمكننا بوضوح وثقة أن نقول بأن الآب صنع للمَلك ابنه العُرْس خلال سرّ التَّجسّد، حيث التصقت به الكنيسة المقدّسة". أمَّا عبارة "العَريسُ" فتشير إلى صورة مألوفة لدى اليهود فهي ترمز إلى الله (أشعيا 54: 4-8) وأحيانًا إلى المَلك المشيح (مزمور 45: 7-8) وفي هذا النَّص ترمز إلى يسوع (متى 9: 15، رؤيا 21: 2) وقد شَبَّهَ يسوع َنفْسَهُ صَرَاحَةً بِعَرِيسٍ بقوله " أَبِوُسعِكُم أَن تُصوِّموا أَهلَ العُرْس والعَريسُ بَينَهم؟ ولكِن سَتَأْتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعُ العَريسُ مِن بَينِهم، فعِندَئذٍ يصومونَ في تِلكَ الأَيَّام " (لوقا 5: 34-35)، وهكذا ملكوت السَّماوات يُشبه العُرْس. قارن يسوع نفسه بعَريس، لأنَّه في العهد القديم، كثيرًا ما كانت تُطلق كلمة "عروس" على إسرائيل، وعَريسها هو الله الذي يُحبُّها (ارميا 2: 2، حزقيال 16: 8-14). ولذلك يسوع يقدّم نفسه كالعَريس المُنتظر ويربط عَالَم البشر بعَالَم الله، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول" أَحِبُّوا نِساءَكم كما أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها"(أفسس5: 25). فهي صورة تشير إلى اتحاد يسوع بالطَّبيعة البشريَّة، إنَّه العروس الرُّوحي. لقد بدأ السَّيِّد المسيح خدمته بدخوله عرس قانا الجليل ليُقدّسه مُعلنًا أن رسالته تنطلق بدخوله إلينا ليقيم عرسنا الدَّاخلي متقدّمًا كعَريس أبدي، قادر وحده أن يتّحد بنا ويُقدّسنا ويكشف لنا أسراره الإلهيّة الفائقة. أمَّا عبارة "فما دامَ العَريسُ بينَهم" فتشير إلى يسوع بمظهر العَريس المسيحاني الذي سمح الفرح لتَلامِيذه الذين كانوا بمثابة "أهل العُرْس ". وما دام يسوع مع تَلامِيذه فاحتفالات العُرْس قائمة وقد تستمر لبضعة أيام؛ وهناك تشابه بين وليمة العُرْس وملكوت الله، وقد بدأ الملكوت في شخص يسوع، لذلك كان تَلامِيذه مملوئين بالفرح، فلم يكن من الصَّواب أن ينوحوا أو أن يصوموا ما دام العَريس معهم.



20 ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعُ العَريسُ مِن بَينِهم. فعِندئِذٍ يَصومونَ في ذلك اليَوم.



تشير عبارة "سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعُ العَريسُ" إلى إعلان يسوع موته حين يُرفع على الصَّليب، وهي أول إشارة للصَّليب، وإلى رفعه في مجده حين يُرفع في الصُّعود؛ عندئذٍ يغيب يسوع، فيسيطر على الكنيسة الحزن إلى جين لقائها مع ربَّها. يعلن يسوع أنَّ موته قادم، وبعد ذلك يُستباح الصَّوم. ومع كون يسوع إنسانًا كاملاً، كان يعلم أنَّه الله المُتجسد، كما علم لماذا جاء؟ فقد جاء لكي يموت عن خطايا العَالَم. أمَّا عبارة "فعِندئِذٍ " في الأصل اليوناني τότε (في ذلك اليوم) فتشير إلى إمكانية استباحة الصَّوم بعد موت المسيح ليس بدافع واجبٍ دينيّ بحسب التَّقليدي اليهودي، بل بدافعٍ آخر مُنبثق من واقع العُرْس الجديد؛ أيّ تحقيق مواعد الله القديمة باقترانه مع البشر في شخص الابن الوحيد يسوع خاصة في موته على الصَّليب وقيامته وصعوده. وكان الصَّوم في التَّقليد اليهودي يدلّ على الحزن، على خسارة ما. ولكن من هو مع يسوع لا ينقصه شيء ولا يمكن أن يحسب حساب خسارة. يا له من صوم فريد حقًا ذاك الذي ينتظره المسيح-العَريس من "أهل العُرْس" تَلامِيذه وقد رُفع عن عيونهم لا عن قلوبهم النَّابضة بمحبته! أمَّا عبارة " يَصومونَ" فتشير إلى الصَّوم الذي يأخذ منحىً جديدًا في المُدة الواقعة بين" موت يسوع وصعوده إلى السَّماء وعودته في نهاية العَالَم. هل ننتظر بفارغ الصَّبر والصَّوم والصَّلاة هذا اللقاء المَيمون؟ أمَّا عبارة "في ذلك اليَوم" فتشير إلى "الأيّام" التي ستأتي، وهي زمن الكنيسة بعد موت مؤسّسها وربّها، بل إلى "ذلك اليوم" بعينه الذي فيه يُرفع يسوع على الصَّليب. فالنَّص بتأكيده على "ذلك اليوم" يُبرِّر استبدال اليوم الذي كان فيه اليهود يصومون في "عيد التَّكفير" ويذبحون "كبش المحرقة" (الأحبار 16: 29-31) باليوم الذي فيه ذُبح يسوع حمل الفصح الحقيقي "كَفَّارةٌ لِخَطايانا لا لِخَطايانا وحْدَها بل لِخَطايا العَالَم أَجمعَ". (1يوحَنّا 2: 2)، وهذا "اليوم" يعني يوم "الجمعة" بالتَّحديد. كما يُبرِّر النَّصّ من جهة أخرى تغيّر توقيت الصَّوم المسيحي وانفصاله النِّهائي عن المُمارسات اليهوديَّة -الفِرّيسيَّة التي كانت تتمّ يومَيّ الاثنين والخميس.



21 ما مِن أَحَدٍ يَرقَعُ ثَوبٍا عَتيقٍا بِقُطعَةٍ مِن نَسيجٍ خام، لِئَلاَّ تَأخُذَ القِطعَةُ الجديدَةُ على مِقْدارِها مِن الثَّوبِ وهو عَتيق، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأ.



تشير الآية إلى مثل يوضِّح كلام يسوع السَّابق أي كما إن رقعة جديدة في ثوب عتيق تزيد الثَّوب خرابا ولا تقوم بإصلاحه كذلك لا يمكن أن نكيِّف الإنجيل مع التَّعاليم اليهوديَّة، التي إذا دخل فيها الإنجيل فجَّرها وأعطاها اتجاهًا جديدًا. لذلك يعتبر منتهى الجهالة في أن يضع المؤمن جدَّة الإنجيل في العادات القديمة التي جاءت من العَالَم اليهودي. غاية مثل يسوع هنا توضيح تعليمه وتوسيعه.



22 وما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمرَةَ الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقاقَ، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقاقُ معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقاقٌ جَديدة)).



تشير عبارة "ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمرَةَ الجَديدَةَ في زِقاقٍ عَتيقة" إلى عادة اليهود في أيام المسيح أن تُحفظ الخَمر لا في زجاجات، بل في قِربٍ من جلد المَعز تُخاط أطرافها بحيث تُصبح مُحكمة فلا يُنفذ منها الخَمر؛ والخَمر الجديد يزداد حجمها بالتَّخمير؛ وعند التَّخزين تضغط على القِرب، وعندما تتعتَّق الخَمر ويمكن أن ينفجر الجلد المتمدِّد إن أضيفت إليه كميَّة من الخمر الجديدة، لذلك كانت الخَمرة الجديدة توضع في قِرب جديدة لينة. وإذا حُفظت الخمرة الجديدة في قِربة عتيقة، وتكون عادة جافة، فان القِربة تتفجر فتُراق الخمرة فتكون العاقبة وخيمة. وبهذا المثل يوضِّح يسوع تعليمه عن الصَّوم وتوسيعه. ويدلُّ هنا على عدم توافق الجديد مع العتيق بمعنى لا يكيَّف الإنجيل مع تقاليد الدَّين اليهودي، حيث أنَّ المقصود بالعتيق هو عادات الدِّين اليهودي القديمة (مرقس 7: 3-4 و15) والجديد هو البشارة الجديدة، أي الإنجيل. فلا يجوز مزج الخَمْرَة الجديدة، أي الإنجيل مع عتيق المُمارسات الموسويَّة. أمَّا عبارة " الخَمرَةَ " فتشير إلى رمز الفرح. أمَّا عبارة " لِلخَمرَةِ الجَديدة " فتشير إلى المُمارسة الرُّوحيَّة الجديدة. أمَّا عبارة " زِقاقٍ عَتيقة " فتشير إلى رمز الإنسان قبل تجديد الطَّبيعة. أمَّا عبارة " لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقاقَ" فتشير إلى قوة تخمّر الخَمْرَة الجديدة التي هي أكبر من أن تحتملها القِرب الجديدة القديمة غير الليِّنة، ولذا فإنها تتمزَّق. بمعنى آخر إن الفِّريسي أو اليَهودي أو الإنسان العتيق لن يستسيغ تعاليم المسيح والعهد الجديد بعد أن اعتاد على تعليم العهد القديم. أمَّا عبارة "زِقَاق" فتشير إلى وعاء من جلد الماعز (قِرَبة ٌ)، الذي يُخاط أطرافه ليُصبح صالحًا لحفظ السَّوائل كالخمر أو الماء أو أي سائل. وكانت الخَمرَة تزداد في الحجم بمضي الوقت وبفعل التَّخمُّر، فتتمدَّد القِربة، لذلك لم يكن في الإمكان وضع الخَمرَة الجديدة في قرْبة قديمة قد تمدَّدت فعلا، وتتمزق لانَّ الجِلد القديم اليابس يتمزَّق إذ لم يَعدْ قابلاً للتمدُّد أكثر. فالمطلوب أن يختار الإنسان بين " العتيق" الذي يمثل الأعمال الرَّتيبة في الدِّين اليهودي أو الجديد الذي يمثل الإنجيل. قلوبنا تشبه القِربة، وقد تُصبح يابسة تحول بيننا وبين قبول الحياة الجديدة التي يهبها المسيح. لذلك يطلب المسيح منَّا أن نحفظ قلوبنا منفتحة ومرنه لقبول حقائق رسالة الإنجيل التي تغيِّر الحياة. لم يأتِ يسوع ليضع رقعة جديدة على النظام الدِّيني اليهودي بكل شرائعه وتقاليده، فلو أنه فعل ذلك لمُزِّقت رسالته الجديدة مع هذا النظام العتيق. لقد كان هدف يسوع أن يأتي بشيء جديد، ولكنه شيء سبق التَّنبؤ به منذ قرون طويله، وهذه الرَّسالة الجديدة، الإنجيل، هي أن يسوع المسيح، ابن الله، جاء إلى الأرض ليمنح كل النَّاس مغفرة الخطايا ويصالحهم مع الله. ومن هذا المبدأ عندما نتبع المسيح يجب أن نكون على استعداد أن نحيا بأساليب جديدة، وان ننظر إلى النَّاس بنظرة جديدة، وان نخدم الله بطرق جديدة. من يعرف الجديد الذي يحمله يسوع فكيف يتعلق بالعتيق؟ إنَّ يسوع المسيح قد جاء ليأتي بتدير إلهي جديد كليَّة، لا يمكن أن ينسجم مع صورة التَّدبير اليهودي القديم. أن حكم النَّاموس أو الشَّريعة ينبغي أن ينتهي حتى يكون للنعمة تصرُّف حرّ. أمَّا عبارة " لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقَاق جَديدة" في الأصل اليوناني οἱ ἀσκοί ἀλλὰ οἶνον νέον εἰς ἀσκοὺς καινούς. فتشير في النَّص الأصلي لفظتان مختلفتان مترجمتان بكلة "جديد" فالكملة الأولى νέον . معناها جديدة بالنسبة إلى الزمان أي خمر طازج حديث الصنع. والكلمة الثَّانيَّة καινούς. ومعناها جديد بالنسبة للنوع مثل نوع الإناء ليس باليًا أو معطوبًا بسبب الاستعمال. وهكذا يمكن ان تترجم كملة الرَّبّ: خمر طازجة في قِرب جديدة. أمَّا عبارة "زِقَاق جديدة" فتشير إلى رمز الطَّبيعة الرُّوحيَّة الجديدة الممنوحة لنا بالمعموديَّة والرُّوح القدس.





ثانيًا: تطبيقات النَّص الإنجيلي (مرقس 2: 18--22)



بعد دراسة موجزة عن وقائع النَّص الإنجيلي (مرقس 2: 18--22)، يمكن الاستنتاج أن النَّص يتمحور حول الصَّوم في نظر يوحَنّا المَعْمَدان وفي نظر الفِرّيسيِّين، وفي نظر يسوع المسيح، ثم نبحث توقيت الصَّوم وما هي مدَّتها وما هو دور الكنيسة في تحديد أيام الصِّيام؟



1) الصَّوم في نظر يوحَنّا المَعْمَدان والفِرّيسيِّين ويسوع المسيح



(أ) الصَّوم في نظر يوحَنّا المَعْمَدان:



كان لدى يوحَنّا المَعْمَدان هدفان:
توبة الناس عن الخطيئة، وإعدادهم لمَجيء المسيح. وكان هذا الوقت لفحص النَّفس العميق، لذا استلزم صومًا كعلامة خارجيَّة للاتِّضاع والنَّدم على الخطيئة. والصَّوم يُفرِّغ الجسم من الطَّعام، والتَّوبة تفرِّغ حياتنا من الخطيئة. ولم يكون تَلامِيذ في حاجة إلى الصَّوم استعدادًا لمجيئه، لأَّنه كان معهم.



(ب) الصَّوم في نظر الفِرّيسيِّين:



أيام الصِّيام عند اليهود معروفة وأبرزها صيام يوم التَّكفير. نسخ الكتبة النَّاموس وشرحوه، لكنَّهم حمَّلوا النَّاموس بالتَّقليد وقد أضافوا – ضمن أشياء أخرى – أصوامًا جديدة متعددة، وأكره ما عند الكتبة والفِرّيسيِّين في أمر الصِّيام أنَّهم لا يقصدون به وجه الله، ولا يتَّخذون من الصِّيام رُكنًا من أركان الدِّين، وإنَّما يقصدون به أنفسهم. ويتَّخذونه وسيلة يُظهرون بها للنَّاس على غير حقيقتهم، لكي يمتدحهم النَّاس بما ليس فيهم. وهم أحب النَّاس للظواهر والمراءة، كما وصفهم يسوع: إِذا صُمتُم فلا تُعبِّسوا كالمُرائين، فإِنَّهم يُكلِّحونَ وُجوهَهُم، لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ أَنَّهم صَائمون. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّهم أَخذوا أَجَرهم" (متى 6: 16).



تحوَّلت العِبادة في اليهوديَّة إلى مظاهر طلبًا للمَجد الدُّنيوي، فكان الفريسيُّون يصومون ويصلون ليثيروا انتباه النَّاس إلى تقواهم، وهم هنا بسؤالهم عن عدم صوم تَلامِيذ المسيح يشيروا بطريقة غير مباشرة لأفضليتهم عن تَلامِيذ المسيح. فاخذوا يجادلون المسيح في الصِّيام، وكأنَّ الصِّيام غايةٌ لا وسيلة. ويُوضّح يسوع كم كان من الصَّعب على الذين أدركوا قيمة الدِّيانة اليهوديَّة القديمة أن يتخلّوا عنَّها ليَحل مكانها شيءٌ جديدٌ غير مجرَّب "وما مِن أَحَدٍ إِذا شرِبَ مُعَتَّقَةً، يَرغَبُ في الجَديدة، لأَنَّهُ يقول: ((المُعَتَّقَةُ هيَ الطَّيِّبة!))" (لوقا 5: 39).



لم يستطع الفِرّيسيِّون مقاومة السَّيد المسيح مباشرة فهاجموه في شخص تَلامِيذه لعدم صومهم قائلين له: "لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟)) "مرقس 2: 18). يعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس: "لماذا؟ لأنّ الصوم هو أمر متعلّق بالشريعة بالنسبة إليكم، وليس موهبة عفويّة. الصوم في حدّ ذاته لا قيمة له، والمهمّ هو رغبة الصائم" ماذا تستفيد من صومك إذا كنت تصوم بالرغم عنك وبهدف تطبيق أحكام الشريعة فحسب؟" (عظة عن القدّيس مرقس).



ولم يُدرك هؤلاء الفَريسيِّون أنَّهم يصومون ظاهريًا لأنَّ قلوبهم مملوءة شرًا، بينما كان التَلامِيذ يمارسون صوم القلب الدَّاخلي ليصوموا أيضًا بالجسد في الوقت المناسب. ويعلق القديس كيرلس "أيُّها اليهود، فإنكم تجهلون ماهيَّة الصَّوم ومع ذلك تلومون التَّلاميذ، لأنَّهم لا يصومون على شاكلكم. ولننظر نحن إلى الصَّوم من ناحية أخرى، فأولئك الذين استناروا بحكمة المسيح يصومون صومًا ذهنيًا، وذلك بتواضعهم أمام الحضرة الإلهية، وتأديب أنفسهم طوعًا لا كُرهًا بالعمل والتَّقشف، فإن هذا لمدعاة إلى غفران ذنوبهم أو نيل نعمة روحيَّة جديدة أو قتل ناموس الخطيئة الذي يسود أعضاء الجسد اللحميَّة. ومثلك يهمل أيها الفريسي هذا الصنف من الصَّوم، لأنك رفضت قبول العَريس السَّماوي غارس الفضائل ومُعلِّمها يسوع المسيح المُخلص والفادي".



(ج) الصَّوم في نظر تَلامِيذ يسوع



اتَّخذ تَلامِيذ يسوع الإنجيل ثوبًا جديدًا، وإن كانوا لا يصومون، فليس ذلك إلاّ لأنَّهم مع المسيح في عُرس وعيد. وليس من شَريعة تفرض على أهل العُرْس صومًا. والعُرْس عيد. والعيد أن يقيموا مع المسيح، وان يستمتعوا بأقواله، ويشاهدوا معجزاته. وللعُرْس مدة محدَّدة من الأيام. فاذا ما انقضت أيام العُرْس، بارتفاع العَريس بينهم صاموا. لأنَّهم من بعد العُرْس، يبقون وحدهم يتابعون رسالة المسيح من خلال المَصاعب والمُقاومات والاضطهادات. وعندئذ يصومون فيتَّخذون الصِّيام وسيلة يذلّلون بها أجسادهم، ويخضعوها لشريعة المسيح للتَّقرب الوجداني بها إلى الله لكسب رضاه. ولم يكن لطريق الرَّبّ يسوع أن تتطابق بسهولة مع الطُّرق القديمة. فالمسيح يتطلب مداخل جديدة، وتقاليد جديدةـ وتنظيمات الجديدة في الصوم، ووضَّح ذلك من خلال ثلاث أمثله: مثل العُرْس والنَّسيج الخام وحفظ الخمر.



مثل العُرْس (مرقس 2: 19-20)



كانت صورة العَريس معروفة بالنسبة للتقليد اليهودي كدلالة على الخلاص المَسيحاني في نهاية الزَّمان. وفي إجابته للفريسيين شرح يسوع مفهومًا جديدًا للصوم في المسيحيَّة، أن المسيحي هو عروس للمسيح العَريس، والمسيح دفع دمه ثمنًا لهذه الخطبة. فطالما هو موجود بالجسد، فالتَّلاميذ ينعمون بوجود عَريسهم معهم، فهم في فرح، والفرح لا يصحُّ معه النَّوح والتَّذلل والصَّوم. أمَّا بعد أن يُرفع العَريس، فالعروس سوف تفهم أنه طالما أن عَريسها في السَّماء فهي غريبة على الأرض. فرحنا يقوم كليًا على أساس حضور يسوع وغيابه. النَّفس التي تذوقت حب عَريسها لن تكتفي بالصَّوم بهذا المفهوم، بل ستترك عن طيب قلب كل ملذات العَالَم، وستبكي وتنوح على خطاياها التي سبَّبت الألم لعَريسها، لذلك نسمع في إنجيل متى قول السَّيد "أَيَسْتَطيعُ أَهْلُ العُرْس أَن يَحزَنوا ما دامَ العَريس بَيْنَهُم؟ " (متى 9: 15). ومن هذا المنطلق يظهر اكتمال وليمة العرس في ملكوت الآب، حيث يشرب المدعوّون الخمرة الجديدة (مرقس 14: 25) الّذي تحوّلت إلى دم الرّب يسوع المسيح" (التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة 1335).



يكرِّر إنجيل مرقس ولوقا القول مستبدلين كلمة "ينوحوا" بكلمة "يصوموا". "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرْس أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟"(مرقس 2: 19، لوقا 5: 34). وهذا ما يذكرنا نبوءة يوئيل " إِرجعوا إِلَيَّ بكُلِّ قُلوبِكم وبِالصَّوم والبُكَاءَ والانتحاب" (يوئيل 2: 12). فالصَّوم يأخذ آنذاك منحى جديدًا. ويُعلق البابا القديس يوحَنّا بولس الثَّاني " إنّ زمن الصَّوم ما هو إلا تذكير لنا بأن العَريس رُفِع من بيننا. رُفع وألقي القبض عليه وسُجن وضُرب وجُلد بالسِّياط وكُلِّل بإكليل من الشَّوك وصُلب" (المقابلة العامّة بتاريخ 21/03/1979).



زمن الصَّوم ما هو إلاَّ تذكير لنا أن العَريس (يسوع) رُفِع من بيننا. فمن جهة، أصبح الصَّوم للمسيحييِّن "حزن" لأنَّ العَريس قد رُفِع بشكلٍ مُؤلم عنهم، ومن جهةٍ أُخرى، فعل محبّة وتضامن مع "عَريس نفوسنا" الذي حمل "أوجاعنا وأحزاننا". وهكذا استبدل المسيحيُّون اليوم الذي كان فيه اليهود يصومون في "عيد التَّكفير" ويذبحون "كبش المحرقة" باليوم الذي فيه ذُبح يسوع حمل الفِصح الحقيقي " كَفَّارةٌ لِخَطايانا لا لِخَطايانا وحْدَها بل لِخَطايا العَالَم أَجمعَ" (1يوحَنّا 2: 2).



لم يلغِ يسوع الصَّوم عند تلاميذه، ولكنَّه أوضح أنه وسيلة ً للوجود معه. ولِمَا كان هو العَريس وسط تلاميذه أثناء تجسُّده، فلا حاجة للصَّوم والعُرْس قائم. ولكنَّ، متى ارتفع العَريس عنهم بصعوده، سيكون الصَّوم واجبًا عليهم. ولم يُقلل السَّيد من شأن الصَّوم، ولا أعلن امتناع تلاميذه عنه مطلقًا، وإنَّما سحب قلوبهم من الرُّؤيا الخارجيَّة لأعمال الصَّوم الظاهرة إلى جوهر الصَّوم ذاته، وهو التَّمتع بالعَريس السَّماوي نفسه، إذ يقول: "أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرْس أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ (مرقس 2: 19). أنه يأتي وقت فيه يُمارس التَّلاميذ والرُّسل الصَّوم بحزمٍ، عندما يرتفع عنهم جَسديًا ويُرسلهم للكرازة لأجل تمتع كلِّ نفس بالعَريس.



نستنتج مما سبق أنَّ يسوع أعلن أن تَلامِيذه يصومون حين يرتفع العَريس عنهم، لكنَّهم يصومون بفهمٍ جديدٍ يليق بالعهد الجديد. فبعد صعوده حلّ الرُّوح القدس عليهم، فصاروا أشبه بثوبٍ جديدٍ أو زِقَاق جديدٍ، يحملون الطُّبيعة الجديدة التي على صورة خَالقهم، يمارسون العبادة بفكر جديد. بعد أن كان الصَّوم في العهد القديم حِرمانًا للجسد، صار في العهد الجديد تَحريرًا للنَّفس وإنعاشًا للقلب في الدَّاخل. يسوع هو مِحْوَر الصَّوم، حول وجوده وعدم وجوده. هذا يعني أن الصَّوم يستمدَّ معناه من يسوع، وليس من أي مصدرٍ آخر. بمعنى آخر يمكننا القول بأن المسيح أعطى للصوم معنى جديد وجذري. يقول لنا أنه عندما يكون حاضرًا بيننا فلا حاجة لنا للصوم. والكنيسة تقول استنادًا للإنجيل، بأن المسيح حيّ بيننا وهو حاضر معنا دائمًا. هذا يعني أن المسيحي ليس بحاجة إلى الصِّيام، بما أن المسيح "العَريس" حاضر في حياته وفيه؛ ولكن المُشكلة هي من طرفنا، بمعنى أننا نحن بعيدون عن المسيح بحيث نخرجه من حياتنا، وغالبًا نعيش كما لو أننا لسنا بحاجة إليه، وبالتَّالي على المسيحي أن تكون حياته كلها صيام، بمعنى أنها محاولات جادّة لجعل المسيح أكثر حضورًا في حياته.



مثل النَّسيجٍ الخَام (مرقس 2: 21)



حوّل السَّيد المسيح أنظار الفِرّيسيِّين والكتبة من ممارسة الصَّوم إلى التَّغير الكامل الذي يَليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال "ما مِن أَحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِقُطعَةٍ مِن نَسيجٍ خام، لِئَلاَّ تَأخُذَ القِطعَةُ الجديدَةُ على مِقْدارِها مِن الثَّوبِ وهو عَتيق، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأ. (مرقس 2: 21). ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذا النَّسيج الخام هو قماش الإنجيل الذي يحيكه الآن من صوف حمل الله: اللِّباس الملكيّ الذي سيُصبغ بالأرجوانِ من دم الآلام. كيف سيقبل المسيح بتوحيد هذا النَّسيج الخام مع حرفيَّة شريعة إسرائيل البالية؟" (عظة عن القدّيس مرقس).



قصد المسيح بهذا المثل الفرق بين أصوام النَّاموس وفرائض اليهود الحرفيَّة والمَظهريَّة "ثوب عتيق"، أي ثوب قديم، وبين الأصوام الرُّوحيَّة أي "القطعة الجديد، رمز القلب الجديد، ولا يمكن الجمع بينهما حتى لا يصير "الْخُرْقُ أردأَ"، إذ أن القماش الجديد عادة ما ينكمش بعد الغسل، فيشقّ بدوره القماش القديم ويزيد من تلفه. وما هي الرُّقعة من القطعة الجديدة إلا الصَّوم بكونه جُزءً من تعاليم السَّيد المسيح، فإنها لا تخيط على ثوب عتيق، وإنَّما ليتغير الثَّوب كله بالتَّجديد الكامل بالرُّوح القدس، وعندئذ نتقبل القطعة الجديدة، أي الصَّوم بالمفهوم الجديد كجزء لا يتجزأ من العِبادة كلها.



يرفض يسوع فكرة التَّرقيع، إذ لا فائدة من ترقيع الثَّوب القديم، لانَّ الثَّوب الجديد يخرِّق الثَّوب القديم، إذ يوجد تنافر بين الجديد والقديم. وعندما نُمزِّق ثوبًا جديدًا كي نصلح ثوبًا قديمًا، نتلف لا محالة الاثنين. ولذلك لا يصحّ أن يصوم تلاميذه ويسوع معهم بنفس الأفكار القديمة الفِرِّيسيَّة، بل يريدهم التَّحول الجذري في الصَّوم في خط الإنجيل. لا يريد يسوع أن يرتبط بمقولات "معلبة" بل يحاول أن يصل إلى عمق الإنسان. وكانت تلك غلط المعلمين اليهود فيما بعد الذين وجَّه بولس الرَّسول جدله إليهم " أَمَّا الآن، وقَد عَرَفتُمُ الله، بل عَرَفَكمُ الله، فكَيفَ تَعودونَ مَرَّةً أُخْرى إلى تِلكَ الأَرْكانِ الضَّعيفةِ الحَقيرة وتُريدونَ أَن تَعودوا عَبيدًا لَها مَرَّةً أُخْرى؟" (غلاطية 4: 9-10).



نستنتج مِمَّا سبق أنَّه بعد أن كان الصَّوم في العهد القديم حِرمانًا للجسد، صار في العهد الجديد تحَريرًا للنَّفس وإنعاشًا للقلب، فطلب يسوع من تلاميذه أن يصوموا بفكرٍ مسيحيٍ جديدٍ ولائقٍ حين يرتفع العَريس عنهم، بعد حلول الرُّوح القدس عليهم ونيلهم الطُّبيعة الجديدة أي الخليقة الجديدة، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول " فإِذا كانَ أَحَدٌ في المسيح، فإِنَّه خَلْقٌ جَديد. قد زالتِ الأَشياءُ القَديمة وها قد جاءَت أشياءُ جَديدة" (2 قورنتس 5: 17). ويُعلق القديس أمبروسيوس: "ينبغي ألاَّ نخلط بين أعمال الإنسان العتيق وأعمال الإنسان الجديد، فالأول جسدي يفعل أعمال الجسد، أمَّا الإنسان الدَّاخلي الذي يتجدَّد، فيليق به أن يميِّز بين الأعمال العتيقة والجديدة، ويتدرَّب على الاقتداء بذاك الذي وُلد منه من جديد في المعمودية". وبمعنى آخر، ليس الإنجيل ثوبًا خلقًا مرقّعًا للمسيحيِّين، بل ثوبًا جديدًا، نلبسه كل يوم، ليقي نفوسنا من تَحدٍّيات العصر وهبوب رياحه المُدمِّرة.



مثل حفظ الخَمر (مرقس 2: 22)



حوّل السَّيد المسيح أنظار الفِرّيسيِّين والكتبة من ممارسة الصَّوم إلى التَّغير الكامل الذي يليق بتلاميذه أن ينعموا به، إذ قال " ما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمْرَة الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقَاق، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقَاق معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقَاق جَديدة" (مرقس 21-22). يقصد يسوع بذاك أنَّه لا يتقبل تلاميذه الصَّوم في مفهومه الجديد -كخمر جديدة-في زِقَاق قديم، إنَّما ليتجدد زِقَاق حياتهم الدَّاخليَّة فيتقبلوا الخمر الجديد. ويُعلق القدّيس بطرس خريزولوغُس " هذه الزِّقَاق تُمثّل المسيحيّين. وحده صوم المسيح سوف يطهّر هذه الزِّقَاق من كلّ قذارة بحيث تحفظ طعم الخَمْرَة الجديدة سليمًا. وهكذا يُصبح المسيحي زِقَاقا جديدةً جاهزةً لاحتواءِ الخَمْرَة الجديدة، خَمْرَة عرس الابن التي عُصِرت في معصرة الصَّليب (عظة عن القدّيس مرقس). ويقول البابا بِندِكتُس السادس عشران "الخمرة الجيدة" تشير إلى سرّ دمّ الرّبِّ يسوع المسيح" عظة بمناسبة ختام الشّهر المريميّ، الفاتيكان 30/05/2009).



لا يمكن لمن عاش ومارس أصوامه بمظهريَّة طوال حياته، أن يحتمل أو يفهم متطلبات الصَّوم الرُّوحي. ويُعلق القديس كيرلس الكبير "كانت قلوب اليهود زِقَاقا قديمة لا تسع خمرًا جديدة، أمَّا القلب المسيحي فقد وهبه المسيح بركات روحيَّة فائقة، فتح الباب على مصراعيه للتحلي بمختلف الفضائل السَّلميَّة والسَّجايا العالية". فالعمل لأجل ملكوت يسوع والدُّخول فيه يتطلّب منطقًا جديدًا. ولا يمكن العمل لأجل الملكوت مع صور قديمة لله البعيد عن النَّاس، فتلميذ المسيح لا يصوم كفرض عليه، وإنَّما حبًا في عَريسها، وسموًا بالنَّفس إلى مجال الرُّوح حتى تنتعش وتتخلص من رباط المادة. لقد صار الصَّوم في المسيحيَّة تحريرًا للنفس من الأرضيات لتلتقي بعَريسها في علاقة سريَّة سواء في الصَّوم والتَّقشف والنَّوح أو في الفرح والتَّعزية.



بعد مغادرة المسيح بالجسد للأرض سيبدأ تَلامِيذه في الصَّوم، ولكن بالمفاهيم المسيحيَّة الجديدة. ولكنَّهم في حبهِّم للمسيح الذي أحبَّهم سيقبلون ليس فقط الصَّوم بل الموت. هذا هو الخَمر الجديد. الحب الجديد الذي يجعلهم يصومون في فرح، ويتألمون من أجل المسيح في فرح، ويحسبون هذا الألم هبة من المسيح أن يشتركوا معه في آلامه " لأَنَّه أُنعِمَ علَيكُم، بِالنَّظَرِ إلى المسيح، أَن تَتأَلَّموا مِن أَجلِه، لا أَن تُؤمِنوا بِه فحَسبُ"(فيلبي 1: 29).



خلاصة القول يمكن أن تشير الأمثال الثَّلاثة السَّابقة من النَّاحية الرَّمزيَّة، إلى تأثير العهد الجديد على العهد القديم بالحياة المُتجددة بالإيمان المسيحي. ولا يمكن حصر رسالة الإنجيل الجديدة في طقوس الشَّريعة اليهوديَّة القديمة كما يمارسها الفَريسيُّون، لأنّ الدِّيانة الجديدة هي ديانة رُوحيَّة عامة، وهي ديانة النُّمو والحُريَّة والحياة، فلا يمكنها أن تكون في عبوديَّة نظام طقسي ضيِّق. فالصَّوم في جوهره تدريب للنَّفس، وإخضاع الجسدي للرُّوح طواعيَّة وباختيار "وكُلُّ مُبارٍ يَحرِمُ نَفْسَه كُلَّ شَيء، أمَّا هؤُلاءِ فلِكَي يَنالوا إِكْليلًا يَزول، وأمَّا نَحنُ فلِكَي نَنالَ إِكْليلًا لا يَزول. 26 وهكذا فإِنِّي لا أَعْدو على غَيرِ هُدً ى ولا أُلاكِمُ كَمَن يَلطِمُ الرِّيح، بل أقَمَعُ جَسَدي وأُعامِلُه بِشِدَّة، مَخافةَ أَن أَكونَ مَرفوضًا بَعدَ ما بَشَّرتُ الآخَرين" (1 قورنتس 9: 24-27).



2) ما هي أيام الصِّيام وتوقيته؟



في العهد القديم نجد أن وقت الصِّيام كان في أيام مختلفة حسب الظروف منها:



(أ‌) يوم الكفارة: هو اليوم الوحيد الذي أمرت الشَّريعة بالصَّوم فيه. وهو اليوم العاشر من الشَّهر السَّابع حسب التَّقويم العبري وكل ما هو مطلوب: تذليل النفوس، والامتناع عن كل عمل، وهو يوم عطلة مقدسة، يصومون فيه اليهود ويقدِّمون قربانًا للرَّبِّ (الأحبار 16: 29-34 وعدد 29: 7).



ب‌) وقت الشِّدة: كان اليهود يصومون في أوقات أخرى لم تأمر الشَّريعة بها، وهي: وقت الاستعداد لملاقاة الله، كما حدث مع موسى (خروج 34: 28) ومع دانيال (9: 3)، وفي زمن الحرب أو التَّهديد بالحرب (قضاة 20/26). وقت المرض: صام داود عندما مَرِضَ ابنه (2 صموئيل12: 16)، وقت النَّوح: صام داود سبعة أيامٍ من أجل مقتل شاول (1 صموئيل31: 13)، وقت النَّدم والتَّوبة: كانت المصائب تعتبر دليلا على غضب الله، فكان النَّدم والتَّوبة وسيلة الخلاص منها. فصام أخاب واتَّضع أمام الله عندما أنذره إيليا بالمصير الذي ينتظره لقتْله نابوت اليزعيلي (1 ملوك21: 27)، ووقت الخطر الدَّائم: نادى عزرا بصوم طالبًا رعاية الرَّبّ له وللشَّعب الرَّاجع من بابل إلى وطنه (عزرا 8: 21)، وفي ذكرى الكوارث: اليوم العاشر من الشَّهر الخامس الذي فيه أُحْرق الهيكل (ارميا 52: 12)، واليوم العاشر من الشَّهر العاشر الذي بدأ فيه البابليون حصار أورشليم (2 ملوك 25: 1)، وزمن الأزمات: يحدث الصَّوم حالة دمار البلاد (يوئيل 14:1).



وفي العهد الجديد نجد مناسبتين يطلب الله فيها الصِّيام:



ا) طرد الشَّياطين: هناك شياطين لا تخرج إلاَّ بالصَّلاة والصَّوم. ويشير الصَّوم هنا كمؤشِّر للإيمان (متى 17: 21 ومرقس 9: 29). وعلى هذا المبدأ سار المسيح الذي صام أربعين يومًا وحارب بعدها الشَّيطان وجابهه، وعلى خطاه سار الرُّسل وآباء الكنيسة، فيقول على سبيل المثال القديس باسيليوس: "الصَّوم يُهدِّئ النَّفس، يُنقي الفكر، يُبعد الشَّياطين ويطردهم بعيدًا ويُقرّب الإنسان إلى الله". واتبع هذه الطّريق القديسون، ونذكر منهم القديس جان ماري فيانيه شفيع الكهنة، الذي اعتمد على الصَّوم والصَّلاة لطرد الشَّيطان: "سأقهرك، أيها الشَّيطان الخطّاف، بنعمته تعالى".



ب) القيام برسالة الإنجيل: مطلوب الصيام للقيام برسالة الإنجيل كما حدث مع الجماعة المسيحية الأولى: "قال الرُّوح القدس للتَّلاميذ في أنطاكية:" أَفرِدوا بَرْنابا وشاوُلَ للعَمَلِ الَّذي دَعَوتُهما إِليه. فصاموا وصلَّوا" (أعمال الرُّسل 13: 1-3).





3) ما هي مدة الصَّوم؟



كان الصَّوم في العهد القديم عادة لمدة يوم واحد من شروق الشَّمس إلى مَغربها (قضاة 20: 26)، إذ صام الشعب اليهودي (1صموئيل 14: 24)، في حين استمر صوم استير ثلاثة أيام ليلًا ونهارًا (استير 4: 16) وصام أهل يابش جلعاد سبعة أيام لموت شاول (1 صموئيل 13: 13) وصام داود سبعة أيام عند مرض ابنه (2 صموئيل 12: 16-18). وصام موسى أربعين يومًا (خروج 34: 28؛ 28، تثنية الاشتراع 9: 9) وكذلك صام إيليا (1ملوك 19: 8). ويدل رقم "أربعين" وهو عمر جيل بكامله على فترة زمنيَّة طويلة لا تعرف مدتها معرفة دقيقة. يرجح أن هذه المدة تشير إلى الوقت الذي قضاه موسى على الجبل أو إلى الأربعين سنة التي قضاها إسرائيل في البريَّة (عدد 14: 34) والتي تشير أيضًا إلى مسيرة إيليا أربعين يومًا (1ملوك 19: 8).



في العهد الجديد كان الفِرِّيسيُّون يصومون يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع بدافع من تقواهم الخاصة (لوقا 2: 37، 18: 9-12). فالخميس هو يوم ذهاب موسى النَّبي للجبل لاستقبال الوحي الإلهي، والاثنين هو اليوم الذي عاد فيه من الجبل. وأمَّا قرنيليوس فكان صائمًا لمدة أربعة أيام عندما ظهر له الملاك (أعمال الرُّسل 10: 1-3). وصام الرِّجَال الذين مع بولس في السَّفينة مدة أربعة عشر يومًا (أعمال الرُّسل 27: 33)). وأمَّا الأرملة حنّة فكانت تواظب ليلَ نهارٍ على الصَّلاة والصَّوم "لا تُفارقُ الهيكلَ، مُتعبِّدةً بالصَّوم والصَّلاة ليلَ نهار" (لوقا 2:37). وصام يسوع أربعين يومًا ليفتتح رسالته بفعل تسليم لآبيه بثقة كاملة (متى 4: 1-4).



كلما زاد الوعي المسيحي لمركزية الحدث الفصحى أي سر موت يسوع وقيامته زاد تطور تدريجي لمدة زمن الصَّوم. فمن يوم واحد كان يبتدئ مساء الخميس، إلى ثلاثة أيام ترافق المُخلص من يوم تسليمه وموته حتى ساعة الاحتفال بقيامته، إلى سائر أيام الأسبوع العظيم (أيام يسوع الأخيرة على الأرض)، ثم في مرحلة أخيرة في مجمع نيقيه سنة 325 طيلة أربعين يومًا. وإن هذه الأربعين يومًا هي أيام مسيرتنا الجماعيَّة إلى ليلة الفصح المقدسة، إنَّها تمثِّل صعود يسوع إلى أورشليم. إنَّها تمثل طول الطَّريق التي تُبعدنا عن الله، وسلوكنا لدرب العودة والرُّجوع وملاقاة الله ومصالحته في عيد الفصح. "فلا نترك الفصح يمرّ من غير أن ندخل في حقيقته وفي مَطالبه" كما وصانا قداسة البابا بولس السَّادس (10 نيسان 1968).



وفي الواقع، إنَّ الصَّوم قبل أن يتَّخذ معنى الاستعداد للعيد الكبير من خلال التَّوبة والحزن النَّادم بسبب ارتكاب الخطايا، هو المعنى الطَّبيعي متأتٍ من حزن التَّلاميذ لفراق معلمهم (متى 9: 15) من جهة، ومن جهة أخرى من موقف الخاطئ التَّائب أمام رحمة الله التي تجلَّت في كمالها بموت الابن الوحيد مصلوبًا. وهكذا نجد أنَّ الصَّوم هو جزء هامٌ وأصيل في العبادة للوصول إلى الله: الصَّوم والصَّلاة والصَّدقة (متى 6: 18).





4) ما هو دور الكنيسة في شريعة الصَّوم؟



رسم السَّيد المسيح لنا الخطوط الرَّئيسة للصوم، غير أنه لم يُحدِّد أيامًا للصيام، ولا ساعة لبداية الصَّوم، كما لم يُحدِّد لهذا الصِّيام التزامات أو ممنوعات أو مباحات، إنَّما أنهى عن الصَّوم الشَّكلي والظاهري، تاركًا التَّفاصيل للكنيسة لتبتَّ فيها، ولتفسِّر للمؤمنين كيفيَّة الصَّوم بحسب البيئة والظروف، وبما تراه مناسبًا لتحقيق مفهوم الصَّوم وهدفه. فوضعت الكنيسة قوانين للصيام. وغايتها أن تكفل للمؤمنين الحد الأدنى الذي لا بدَّ منه في روح الصَّلاة وفي الجهد الأخلاقي كي يتَّحد الجميع في ممارسة مشتركة لأعمال الصَّوم والانقطاع للزهد بذواتهم والنمو في محبَّة الله والقريب.

هناك صيام واجب وصيام مستحب. الصِّيام الواجب هو ما جاء في الوصيَّة الرَّابعة من وصايا الكنيسة: "انقطع عن أكل اللحم وصُم الصَّوم في الأيام التي تقرّها الكنيسة" (التَّعليم المسيحي رقم 2043). يقوم الصَّوم بالاقتصار على وجبة واحدة في النَّهار، مع تناول شيء من الطَّعام صباحًا ومساءً، وَفقًا للعادات المحليَّة الموافق عليها، من حيث النَّوع والكميَّة (منشور: توبوا، البابا بولس السَّادس القسم 3: 3: 2). والانقطاع يعني الامتناع عن "لزَّفر". والزَّفر هو عندنا اللحوم ومشتقاتها" (كتاب التَّعليمات، 23). ويعلق البابا القديس يوحَنّا بولس الثَّاني: "يجب أن يصوم الإنسان في أيامنا هذه ليس فقط عن المأكل والمشرب فحسب، إنَّما أيضً عن وسائل استهلاك كثيرة، التي تُثير الحواس وترضيها" (المقابلة العامّة بتاريخ 21/03/1979).



يحافظ على الصَّوم والانقطاع معًا يومي أربعاء الرَّماد والجمعة العظيمة في ذكرى آلام ربنا يسوع المسيح وموته (منشور: توبوا البابا بولس السَّادس القسم 3:3:2). وتلزم فريضة الانقطاع وحدها كل يوم جمعة مدة الصَّوم الأربعين الذي يمتد من أربعاء الرَّماد إلى ما قبل عشاء الرَّبّ. وقد جرت العادة أن يوضع الرَّماد على الرُّؤوس في أربعاء الرَّماد وَفقًا لما عهده العهد القديم (أيوب 42: 6، المراثي 2: 1) دلالة على التَّوبة والحداد، كما تدل هذه الإشارة على حالة الإنسان الخاطئ الذي يقرُّ بذنْبه بين يديّ الله بطريقة ظاهرة، وبها يُعرب عن عزمه على الرُّجوع لله راجيًا منه تعالى أن يكون به رؤوفا رحيمًا.



يلزم بفريضة الانقطاع (عن اللحم، أو طعام آخر، وفقًا لما تقرره الهيئة الأسقفيَّة،) من أتموا الرَّابعة عشرة من العمر. أمَّا قانون الصَّوم، فيُلزم جميع من بلغوا سن الرُّشد (21 من العمر) وحتى بداية السَّتِّين من عمرهم، غير أنَّه، على رعاة النُّفوس والوالدين أن يسهروا، على تربية من هم غير مُلزمين، لصغر سنهم، بالانقطاع والصَّوم على اكتساب معنى صادق للتوبة (الحق القانوني للكنيسة الكاثوليكيَّة اللاتينيَّة، 1252).



هناك الصَّوم القرباني الواجب ورد في قوانين الكنيسة "على المؤمنين أن يراعوا الصَّوم المفروض في كنيستهم ليحسنوا الاستعداد لقبول هذا القربان المقدس" (الحق القانوني رقم 1387) حيث يصبح فيها المسيح ضيفنا. وفي الكنيسة الكاثوليكيَّة اللاتينيَّة ينص قانون الصَّوم القرباني: "على المُقبل على تناول الإفخارستيا المقدسة أن ينقطع لمدة ساعة على الأقل قبل المناولة المقدسة عن كل طعام وشراب، عدا الماء والدَّواء" (الحق القانوني للكنيسة الكاثوليكيَّة اللاتينيَّة 919، البند 1).



الصِّيام المُستحب هو ما يفرضه كل شخص من صيام على نفسه وعائلته حسب ظروفه الصِّحيَّة وعمله. هناك من يصومون يومي الأربعاء والجمعة طوال السَّنة، لأنَّ يوم الأربعاء تمًّت فيه المؤامرة على السَّيد المسيح عندما وعد يهوذا رؤساء الكهنة أنْ يسلمه لهم مقابل ثلاثين من الفضة. أمَّا الصَّوم يوم جمعة فهو تذكار لليوم الذي صُلب فيه السَّيِّد المسيح ومات على الصَّليب. فالكنيسة الكاثوليكيَّة منفتحة في هذا الخصوص تحترم حريتنا وتتيح المجال للاختيار، فهي تعرض ولا تفرض، ولكي يتم تجنب الفوضى تُحدِّد عمر الصَّائم وفترة الصَّوم وأنواع المأكولات وغايات الصَّوم وطرقها وتطلب من المؤمنين تطبيقها طواعيَّة وليس بالإكراه من باب مبدأ: "الرُّوح يُحيي والحرفُ يقتل".

أمَّا شريعة الصَّوم في كنيسة الرُّوم الكاثوليك كما وردت في الكتب الطَّقسيَّة وفي نشرات الأبرشيّات والرَّعايا فهي كما يلي:



1
- الصَّوم الأربعيني الكبير: أيام الصَّوم هي أيام الأربعاء والجمعة من أسبوع مرفع الجبن. وأيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة من أسابيع الصَّوم والأسبوع العظيم المقدّس. ما عدا اليوم الذي يقع فيه عيد البشارة 25 آذار. بصوم أربعين يومًا في رفقة المسيح وتأمّل أعماله وكلماته (يوحَنّا 6: 63) نصل حتمًا لنعيش معه رسالته ونبلغ ذلك "اليوم" الوحيد الذي فيه تتمّ التَّقدمة المُطلقة الكاملة حبًّا على الصَّليب.



2
- سبت النور. هو السَّبت الوحيد الذي يجب الصَّوم فيه. بينما يمنع الصَّوم في السبوت الأخرى لارتباط السَّبت بأحد القيامة



3
- أيام القطاعة تشمل الصَّوم الأربعين بكامله بما فيها أيام الآحاد. بالإضافة إلى الأسبوع العظيم المقدّس. ما عدا عيد البشارة وأحد الشَّعانين حيث يسمح بأكل السَّمك.



4
- القطاعة هي الامتناع عن اللحم ومرق اللحم، وعن البياض، أعني البيض والجبن والألبان والزَّبدة الخ. أمَّا السَّمك فيسمح به في أيام معيّنة. وكذلك الزَّيت والخمر في أيام معيّنة. هذا مع العلم أن السِّينودس المقدّس قد ترك لكلّ مطران أن يعطي تعليمات وتوجيهات إضافيَّة مناسبة لأبرشيّته





خلاصة



يتناول النَّص الإنجيلي مرقس 2: 18-22) موضوع الصَّوم، والذي من خلاله يتم التَّمييز بين تَلامِيذ يسوع وتَلامِيذ يوحَنّا والفِرّيسيِّين (مرقس 2: 18). والجواب الذي يتبع، يُشبِّه تَلامِيذ يسوع بأهل العَريس، ويتكلم عن الصَّوم مميزًا بين وجود العَريس وعدم وجوده (مرقس 2: 19-20). وفي النهاية نجد كلمتين تشبيهيّتين، "الثَّوب" (مرقس 2: 21) و" الخمر" (مرقس 2: 22)، كتعليق عما قيل بخصوص التَّناقض يبن الجديد والقديم، وينتهي النَّص بدعوة إلى الحياة الجديدة المُعبّر عنها في الدَّعوة الموجهة إلينا:" الخَمْرَة الجديدة في الزِّقَاق الجديدة" (مرقس 2: 22). فلا بدَّ من الاختيار بين الجِدة التي أتى بها يسوع الذي يصف نفسه بأنَّه عَريس شعبه، أو البقاء في أعراف وعادات قديمة بالية.

يُعلِّمنا يسوع من خلال جداله مع الفِرّيسيِّين أنَّ الصَّوم ليس غرضًا في ذاته بل يجب أن يٌمارس في ظروف مناسبة. وترك يسوع المقولات الجامدة من ثوب عتيق وأوعية جدل عتيقة ليصل إلى عمق الإنسان وما فيه من صلاح. ومثله يفعل تَلامِيذه بعد دخولهم العهد الجديد الذي دشَّنه يسوع بحضوره.



بعد أن حاولنا أن نجيب على الأسئلة التي يطرحها حول الصَّوم نجد أن الأهم هو أن يصوم الإنسان ويختبر معنى الصَّوم وحينئذ يفهم ويكتشف فائدته، إن لم يصمْ لن يكتشف حقيقة الصَّوم ولو قرأ وسمع الكثير عن هذا الموضوع. لذا فخير ما نختتم هذا التَّأمل هو ما قاله القديس يوحَنّا فم الذهب في إحدى عظاته عن الصَّوم: "اشحذ منجلك التي أتلفتها الشَّراهة، أشحذها بالصَّوم". وليكن طعامنا في زمن الصَّوم الأربعين "الكلمة" التي تخرج من فم الله، لأنه "ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإنسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله " (متى 4:4)، والعمل بمشيئته وهو القائل "طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأَن أُتِمَّ عَمَلَه "(يوحَنّا 4: 34) وان نُلبِّي دعوته ونُقبل بتوبةٍ وإيمانٍ إلى تناول جسده وشرب دمه وهو القائل: " لأَنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ " (يوحَنّا 6: 55). ليتنا راجع أنفسنا بسؤال مُحدّد: كيف نصوم... كيف نصلي؟ يريد يسوع منا أن نصلي ونصوم ونسجد بالرُّوح. فالصَّوم في العهد القديم كان حرمانا للجسد... أمَّا في العهد الجديد، فهو تحرير للرُّوح.





دعاء



امنحنا، يا رب، أن تؤهلنا مسيرة الصَّوم هذه للاحتفال بأسرار موتك وقيامتك المجيدة. وامنحنا يا ربّ أن تكون كلّ أفكارنا، أقوالنا، وأفعالنا موافقة لإرادتك، لأنك إلهٌ حنون رحيم طويل الأناة كثير الرَّحمة لكلّ من يدعونك بقلبٍ نادمٍ متواضعٍ. آمين.

 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:13 PM   رقم المشاركة : ( 156225 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الصَّوم في مَفْهوم يسوع وتوقيته





18 وكانَ تَلامِيذ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين، فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له: ((لِماذا يَصومُ تَلامِيذ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟)) 19 فقالَ لَهم يسوع: ((أَيَستَطيعُ أَهلُ العُرسِ أَن يَصوموا والعَريسُ بَينَهم؟ فمادامَ العَريسُ بينَهم، لا يَستَطيعونَ أَن يَصوموا. 20 ولكِن سَتَأتي أَيَّامٌ فيها يُرفَعُ العَريسُ مِن بَينِهم. فعِندئِذٍ يَصومونَ في ذلك اليَوم. 21 ما مِن أَحَدٍ يَرقَعُ ثَوبًا عَتيقًا بِقُطعَةٍ مِن نَسيجٍ خام، لِئَلاَّ تَأخُذَ القِطعَةُ الجديدَةُ على مِقْدارِها مِن الثَّوبِ وهو عَتيق، فيَصيرُ الخَرقُ أَسوَأ. 22 وما مِن أَحَدٍ يَجعَلُ الخَمرَةَ الجَديدَةَ في زِقَاق عَتيقة، لِئَلاَّ تَشُقَّ الخَمرُ الزِّقاقَ، فَتتلَفَ الخَمرُ والزِّقاقُ معًا. ولكِن لِلخَمرَةِ الجَديدة زِقاقٌ جَديدة)).



يُقدِّم إنجيل مرقس مفهوم يسوع في الصَّوم. فيما أوصت الشَّريعة الموسويَّة بصومٍ يومٍ واحدٍ فقط، هو يوم الكفَّارة العظيم (الأحبار 23: 27-29) أُضيفت إلى هذا بعض الأيَّام الأخرى حتى أصبح الصَّوم في أيام حياة المسيح مَظهرًا من مظاهر الحياة الدِّينيَّة (لوقا 18: 12). فهاجم خصوم يسوع تَلامِيذه ووجَّهوا الاعتراض إلى يسوع:" لِماذا يَصومُ تَلامِيذ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟". فتضامن يسوع مع تَلامِيذه وبيَّن لخصومهم أن هناك لا توافق بين صومهم ووجوده معهم. وتبع ذلك بثلاث أمثلة موضِّحا انَّه لا يقوم بترقيع النظام القانوني البالي لكنه يضع نظاما جديدًا مبينًا في الصَّوم على حضوره وغيابه.
 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:13 PM   رقم المشاركة : ( 156226 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




تشير عبارة "تَلاميذُ يوحَنّا" إلى جماعة من مؤمنين
نشأت حول يوحَنّا المَعْمَدان واستمرت بعد موته حتى القرن الثَّاني
(متى 11: 2، يوحَنّا 3: 25؛ أعمال الرُّسل 18: 25).
وهؤلاء التَّلاميذُ هم صائمون، لأنَّ معلمهم في السِّجن.
 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:14 PM   رقم المشاركة : ( 156227 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




"الفِرِّيسِيُّونَ" فتشير إلى جماعة يهوديَّة متزمِّتة كانوا يؤيِّدون الطَّاعة الحرفيَّة للشَّريعة والتَّقاليد اليهوديَّة وكان لهم نفوذٌ كبيرٌ في المجامع، فاتفقوا مع المسيح باحترام الشَّريعة والإيمان بقيامة الأموات والالتزام بطاعة الله، ولكنَّهم اختلفوا عنه، إذ رفضوا دعواه أنَّه المسيح، لأنَّه لا يتبع كل تقاليدهم، وكان يختلط بالعشَّارين والخطأة ذوي السُّمعة السَّيِّئة.
وكانوا يصومون مرتين في الأسبوع (لوقا 18: 12)، أمَّا في الشَّريعة، فلا نجد سوى صوم يوم التَّكفير (الأحبار 16: 29-31). ولكن بعد منفى بابل، نُظمت في العَالَم اليهودي أربعة أيام من الصَّوم (زكريا 7: 5؛ 8: 19).
 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:15 PM   رقم المشاركة : ( 156228 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




" صائِمين" فتشير إلى أصوام طوعيَّة كان يمارسها اليهود الأتقياء،
وهي المقصودة هنا بالإضافة إلى الأصوام الطَّقسيَّة (أحبار 16: 29 و23: 27).
ومع أنَّ يسوع لا يًعلّق على الأصوام الطَّوعيَّة أهميَّة كُبرى (متى 9: 14-17)،
فأنَّه لا يُنكر الصَّوم في حدِّ ذاته، بل هاجم الأسلوب الذي يُمارس
به والوقت الذي يُمارس فيه، إذ مع هؤلاء ضاع المعنى الحقيقي للصَّوم، أي الانفتاح الجذري لله الذي منه يُنتظر كل شيء (متى 4: 2، أعمال الرُّسل 13: 2-3)
كما فعل الأنبياء (يوئيل 2: 13، وزكريا 7: 5).
 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:27 PM   رقم المشاركة : ( 156229 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




"لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))" فتشير إلى السُؤال الذي طرحه اليهود على السَّيد المسيح حول طقوس الصِّيام عند تَلاميذه.
فكان تَلاميذ يوحَنّا يصومون للتَّوبة عن الخطيئة، والإعداد لمجيء المسيح. وربما تَلامِيذ يوحَنّا سألوا يسوع هذا السُّؤال بدافع الغيرة الرُّوحيَّة، إذ كانوا محافظين على شريعة موسى الطَّقسيَّة من ناحية، وتَلامِيذ الفِرّيسيِّين بدافع الغيظ من ناحية أخرى. وفي السُّؤال هناك شيء من العِتاب أو اصطياد الأخطاء، عن عدم صوم تَلامِيذه.
ولعلَّ بعض تَلامِيذ يوحَنّا رأوا في معلمهم ناسكًا متقشفا في كلماته، كما في أكله وشُربه ومَلبسه ومع هذا ينحني أمام السَّيد المسيح الذي لم يكن ناسكًا في أعينهم، ولا ألزم تَلامِيذه بأصوام يمارسونها مثلهم! وقد لاحظ تَلامِيذ الفِرّيسيِّين في معلميهم أنهم يتقهقرون أمام المسيح، حيث كانت الجماهير تتركهم بالرُّغم مما بلغ إليه الفِّرِّيسيُّون من مرتبة دينيَّة وما يمارسونه من عبادات خاصة بالصَّوم.
لنطرح نحن بدورنا على المسيح جميع أسئلة السَّاعة العالقة والمُحيِّرة، ونصغي إلى إيحاءاته الإلهيَّة لكي نهتدي بهديها.
 
قديم 01 - 04 - 2024, 12:32 PM   رقم المشاركة : ( 156230 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,269,661

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




" تَلامِيذك لا يَصومون؟" فتشير إلى تَلامِيذ يسوع الذي كانوا
"يأكُلونَ ويَشرَبونَ!" كما يوضِّح لوقا (لوقا 5: 33).
فكان الصَّوم والانقطاع عن شُرْب الخَمر في العهد القديم
علامة تقشُّف استعدادًا لمجيء المسيح المنتظر. لكن تَلامِيذ يسوع هم الآن أهل العَريس. والصَّوم يدل على الحزن، إذن لا مكان للصَّوم والعَريس معهم، لأنَّ تَلامِيذ يسوع لم يكونوا بحاجة إلى الصَّوم للإعداد لمجيء المسيح، لأنه كان معهم. فالأزمنة المِسيحانيَّة على الأبواب وقد بدأ زمن الفرح.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وكانَ تَلاميذُ يوحَنّا والفِرِّيسِيُّونَ صائِمين،
فأَتاه بَعضُ النَّاسِ وقالوا له:
((لِماذا يَصومُ تَلاميذُ يوحَنّا وتَلاميذُ الفِرّيسيِّين، وتَلاميذُك لا يَصومون؟))




" تَلامِيذك لا يَصومون؟" فتشير إلى تَلامِيذ يسوع الذي كانوا
"يأكُلونَ ويَشرَبونَ!" كما يوضِّح لوقا (لوقا 5: 33).
فكان الصَّوم والانقطاع عن شُرْب الخَمر في العهد القديم
علامة تقشُّف استعدادًا لمجيء المسيح المنتظر. لكن تَلامِيذ يسوع هم الآن أهل العَريس. والصَّوم يدل على الحزن، إذن لا مكان للصَّوم والعَريس معهم، لأنَّ تَلامِيذ يسوع لم يكونوا بحاجة إلى الصَّوم للإعداد لمجيء المسيح، لأنه كان معهم. فالأزمنة المِسيحانيَّة على الأبواب وقد بدأ زمن الفرح.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 04:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024