![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 156101 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أنتم دائمًا في قلبي حين كان بولس في سجن أفسس وهو مهدَّد بالموت(8)، كتب إلى أهل فيلبّي وقال لهم: »أنتم دائمًا في قلبي، وكلّكم شركائي في نعمة الله، سواء في السجن أو في الدفاع عن البشارة وتأييدها« (فل 1: 7). يُمنَع الرسول من رؤية مشاركيه في العمل بالجسد، فيكون معهم بالقلب. وما قرأناه في سجن أفسس، يمكن بالأحرى أن نقرأه في سجن رومة: جميع الذين شاركوه في العمل هم في قلبه؛ فالرسالة جزء من حياة بولس، فكيف يتخلّى عنها وفيه بعضُ الرمق من حياته. هو الذي تمنّى أن يأتي إلى رومة لكي يحمل البشارة إلى أهلها (رو 1: 15)، فوصل إليها سجينًا. أتراه ينسى البشارة؟ كلاّ. إذًا، ها هو ينظّم الأمور من عمق سجنه. من هم الأشخاص الذين كانوا مع بولس في سجنه الثاني؟ أولّهم ديماس. هو تصغير ديمتريوس. مسيحيّ من رومة، شارك بولس في الرسالة، وأرسل تحيّاته من رومة إلى كنيسة كولوسّي (كو 4: 14). أمّا هنا فنراه يترك بولس »حبٌّا بهذه الدنيا« (2 تم 4: 9)، حبٌّا بالعالم الحاضر. أتراه استقال من الرسالة؟ أتُراه خاف كما خاف مرقس في أوّل رحلة رسوليّة مع بولس وبرنابا؟ أمّا مرقس فحاول العودة إلى الرسالة، فكان بولس قاسيًا معه، ولكنّنا سوف نجده مع بولس في سجنه الأوّل: »يسلّم عليكم أرسترخس، رفيقي في السجن، ومرقس ابن عمّ برنابا، وهو الذي طلبتُ منكم أن ترحِّبوا به« (كو 4:9). إذًا، هو بولس يرسل مرقس في مهمّة إلى كولوسّي، كما أرسل في حالات مشابهة تيطس وتيموتاوس. ويبدو أنّ ديماس عاد إلى نفسه بعد الخوف، وإن هو ترك بولس فلم يترك الرسالة. قال فيه يوحنّا الذهبيّ الفمّ: »هرب من الخطر باحثًا عن الهدوء والراحة. وإن هو ترك الأمانة، فهو ما ترك الإيمان«(9). ولكنّ التقليد اللاحق سوف يكون قاسيًا بالنسبة إليه؛ فإنّ أعمال بولس جعلت ديماس مع هرموجينيس، كخصم بولس الحسود والمرائي(10). وقال بعض الشرّاح: »جحد إيمانه وترك الرسالة« (1 تم 6: 17؛ تي 2: 12). فضّل محبّة هذا الدهر على محبّة الربّ في تجلّيه (2 تم 4: 8). ووُجد في مخطوط في فلورنسا: »صار كاهنًا في هيكل وثنيّ، في تسالونيكي«. كريسكيس، أو كريسانس، اسم لاتينيّ. هو شخص حرّره نيرون. يبدو أنّه كان خزّافًا من غالية (فرنسا الحاليّة)، كما تقول كتابة يونانيّة. انطلق من رومة إلى غالية، لا إلى غلاطية الواقعة في تركيا. هنا نتذكّر تيودور أسقف المصِّيصة: »يسمّي بولس غلاطية ما يُسمّى الآن غالية«. وهكذا يكون هذا التلميذ عاد إلى بلده، إلى غالية، ليحمل الانجيل الذي حمله بولس إلى إسبانية. أتُرى بولس أرسله إلى هناك؟ الأمر معقول. إن غالية التي احتلّها يوليوس قيصر خلال القرن الأول ق. م.، توسّعت في سيطرة رومانيّة سريعة، وفرضت اللغة اللاتينيّة نفسها، فدُوِّنت فيها الأعمال الإداريّة بحيث غابت اللغة القلتيّة شيئًا فشيئًا. هنا نفهم أن يكون كريسكيس مضى يبشّر في بلاد غالية، لأنّهم يفهمون عليه ويفهم عليهم(11). أمّا المسيحيّة فأتت باكرًا إلى غالية، ولكنّ أوّل إشارة إليها نقرأها في »رسالة خدّام المسيح المتجوّلين في فيان وليون (فرنسا) إلى إخوتهم في آسية (الصغرى) وفي فريجية (تركيا الحاليّة). في هذه الرسالة كلام عن الاضطّهاد، وبين الأسماء عدد من اليونان والشرقيّين«(12). مضى كريسكيس إلى غلاطية أو بالأحرى غالية، وتيطس إلى دلماطية، على البحر الأدرياتيكيّ، واحد إلى الغرب من رومة، وآخر إلى الشرق. فتيطس هو صديق بولس ورفيقه في الرسالة. لا يُذكَر في سفر الأعمال، بل في الرسائل. إسمه اسم لاتينيّ، أمّا هو فيونانيّ، هداه بولس فرافقه إلى مجمع أورشليم. ما ختَنَهُ بولس كما ختن تيموتاوس، بالرغم من الضغوط التي جاءت من هنا وهناك. قال الرسول: »وبعد أربع عشرة سنة، صعدتُ ثانية إلى أورشليم مع برنابا وأخذت معي تيطس« (غل 2: 1). تذكّر بولس تيطس الذي لعب دورًا كبيرًا في العلاقات بين الرسول والكورنثيّين، خلال إقامة بولس في أفسس، فكان الوسيطَ قبل وصول الرسول إلى كورنتوس. وإذا قرأنا 2 كو 7: 14-15، نفهم أنّ المهمّة التي كلّفه بها الرسول كانت ناجحة، بحيث عاد بولس إلى كورنتوس واستُقبل استقبالاً لائقًا. وتذكّر بولس كيف اهتمّ تيطس بجمع الإعانات من أجل كنيسة أورشليم (2 كو 2:13؛ 8: 6، 16، 23؛ 12: 18). رأى الرسول في تيطس صفات المحاور الجامد والصبور، الذي يعرف أن يجد الكلمات والتصرّف اللازم لإقناع الآخرين. يحمل المصالحة، ويستطيع أن يتدخّل في الأمور الدقيقة. »ويُضاف إلى عزائنا هذا ازديادُ سرورنا كثيرًا بفرح تيطس، لأنّه لقي منكم جميعًا ما أراح باله. وإذا كنتُ أظهرتُ له افتخاري بكم، فأنا لا أخجل به. فكما صدَقْنا في كلّ ما قلناه لكم، فكذلك صدَقْنا في كلّ افتخارنا بكم لدى تيطس. ويزداد قلبه محبّة لكم، كلَّما تذكّر طاعتكم جميعًا وكيف قبلتموه بخوف ورعدة« (2 كو 7: 13-16)(13). مرقس ولوقا الإنجيليّان. لوقا هو قرب الرسول، ولا بدّ أن يأتي مرقس. يبدو أنّ هناك أيقونتَين أرمنيَّتَيين، واحدة تصوّر بولس قرب مرقس لكي يكتب إنجيله، فيشدّد بشكل خاصّ على التحرّر من الشريعة الطعاميّة، ولا سيّما حين ينهي جدال يسوع مع اليهود: »وفي قوله هذا جعل يسوع الأطعمة كلّها طاهرة« (مر7: 19). والأيقونة الثانية تقدّم بولس وهو »يُمْلي« على لوقا إنجيله؛ فمنذ القديم ربط التقليدُ الأناجيلَ بالرسل، سواء بشكل مباشر كما هو الأمر مع متّى ويوحنّا، أو بشكل غير مباشر. قيل ارتبط مرقس ببطرس، ولوقا ببولس؛ فإنجيل لوقا هو إنجيل الأمم بامتياز، بل إنجيل البشريّة، الذي يربط يسوع بآدم، أبي البشر (لو 3: 38). عن يسوع قال يوحنّا المعمدان مُوردًا كلام أشعيا: »صوت صارخ في البرّيّة« (لو 3: 4). ولكنّه ما توقّف في منتصف الطريق، بل قال: »ويرى كلّ بشر خلاص الله« (آ 6). مرقس رافق بولس في الرحلة الرسوليّة الأولى، وكان بعد شابٌّا لا خبرة له. ولكن ما شجّعه هو وجود ابن عمّـه برنــابـا في الفريــق الرسوليّ (كو 4: 10). غير أنّه خاف من العبور في جبال طورس الصعبة المسالك المليئة باللصوص وقطّاع الطرق. عاد إلى أورشليم حيث يجد بعض »الأمان والراحة«. وحرّكه مجمعُ أورشليم، فأراد مرافقة الرسول في الرحلة الرسوليّة الثانية، ولكنّه في النهاية، رافق ابن عمّه إلى قبرص. وتذكرُ أعمال برنابا(14) بعضًا من »سيرة« مرقس: »أنا يوحنّا، رفيق الرسولَين القدّيسَين برنابا وبولس...، حصلتُ الآن على نعمة الروح القدس«. وعاد مرقس في النهاية إلى بولس. أمّا لوقا فتصغير لوقيان، والقريب من لوقيوس. هو رفيق النور. قال عنه التقليد: هو سوريّ من أصل وثنيّ. مهنته طبيب (كو 4: 14)، ولكنّه انتقل من طبّ إلى طبّ. رافق الرسول في رحلاته الرسوليّة، وها هو الآن بقربه. الجميع تركوا ذاك السجين المتألّم في قرارة نفسه، فقال: »لوقا وحده بقيَ معي« (2 تم 4: 11) يُقال إنّ لوقا كتب إنجيله إلى الطبقة المثقّفة في العالم اليونانيّ. كتبه من كورنتوس، تلك المدينة العزيزة على قلب بولس، التي خطبها للمسيح، التي ولدها، فتميّز عن عدد من المعلّمين أتوا إليها. أتُرى هذا الإنجيليّ شارك في اجتماعات المؤمنين، فخرجت من تأمّلهم الرسالة إلى رومة؟ ربّما. في مناخ بولس كتب لوقا إنجيله: فالمسيح هو كلمة نعمة الله (أع 20: 24). جاء يزور البشر ويدشّن في وسطهم ملكوت الله، ويقول لهم: اليوم هو يوم الخلاص. أمّا الإله الذي يكرز به فهو إله الرحمة. يسوع محرّر البشر، جاء كذلك المخلّص الذي صار صديقَ الخطأة والعشّارين، الذي تضامن مع البشر حتى نهاية حياته على الأرض، فما رفض اللصَّ المرفوع قربه على الصليب: »اليوم تكون معي في الفردوس« (لو 23: 43). وزّع بولس المهمّات، فبقي تيخيكس وتيموتاوس. تيخيكس اسم يونانيّ يعني »الطارئ«، ما لا يُنتظر. هو مسيحيّ من آسية الصغرى، رافق بولس في رحلته الرسوليّة إلى أورشليم (أع 20: 4) مع عدد من المرسلين. أرسله بولس إلى أفسس (أف 6: 2) وإلى كولوسّي (كو 4: 7) لكي يحمل اليه الأخبار من عند كنائس آسية. وها هو يرسله الآن، لأنّ باله مشغول على هذه الكنائس التي تتعرّض للأخطار، على ما يشير سفر الرؤيا. »يا تيموتاوس«، »تعالَ إليّ سريعًا«. الرسول يكتب من قلبه إلى ابنه العزيز. أوّل مرة يُذكَر تيموتاوس (= الذي يخاف الله) الذي يرافق الرسول في الرحلة الثانية، المدعوّة الرحلة الكبرى التي فيها وصل بولس إلى دلماطية (في يوغوسلافيا)، في أع 16: 1-2: »وكان في لسترة تلميذ اسمه تيموتاوس، وهو ابن يهوديّة مؤمنة وأبوه يونانيّ. وكان الإخوة في لسترة يشهدون له شهادة حسنة. فأراد بولس أن يأخذه معه، فختنه لأنّ جميع اليهود هناك كانوا يعرفون أنّ أباه يونانيّ«. تيموتاوس الرفيق المفضّل، رافق بولس إلى تسالونيكي وبيرية، ولكنّه لبث مدّة في بيرية مع سيلا، بانتظار أن يلتحق ببولس بأسرع وقت (أع 17: 14-15). انتظرهما الرسول في أثينة (آ 16)، ولكنّهما لحقاه في كورنتوس (أع 18: 5). من كورنتوس كتب بولس رسالة إلى أهل تسالونيكي ووقَّعها مع »سلوانس (أو سيلا) وتيموتاوس« (1 تس 1: 1). ما حدث لبولس في تسالونيكي وبيرية، عرفه تيموتاوس، وكذلك ما حصل له في أفسس (أع 19: 22). تسلّم هذا التلميذُ المهمّات من الرسول. أوّلها في تسالونيكي. أُجبر بولس على الهرب، فأرسل تيموتاوس »أخانا العامل مع الله (sunergon tou qeou) في بشارة المسيح ليشجّعكم ويقوّي إيمانكم« (1تس 3: 2). هو يعمل مع الله، يدًا بيد، فكيف لا ينجح؟ ويتابع الرسول كلامه: »الآن رجع إلينا تيموتاوس من عندكم وبشّر بما أنتم عليه من إيمان ومحبّة، وقال لنا إنّكم تذكروننا بالخير، وتشتاقون إلى رؤيتنا كما نشتاق إلى رؤيتكم« (آ 6). وقبل أن يكتب بولس إلى كنيسة كورنتوس، مهّد لكتابته ببعثة تيموتاوس. قال: »ولذلك أرسلت إليكم ابني الحبيب الأمين في الربّ، وهو يذكّركم بمسيرتي في المسيح يسوع، كما أُعلّمها في كلّ مكان وفي جميع الكنائس« (1 كو 4: 17). لماذا الكلام عن »سيرة« بولس؟ لأنّ الهجوم بدأ عليه: هو رسول من الدرجة الثانية. هو ما رافق الربّ في حياته على الأرض، شأنه شأن بطرس ويعقوب ويوحنّا. وما يدلّ على ذلك ردّة الفعل لدى هؤلاء الخصوم: »انتفخوا من الكبرياء« (آ 18)، فودّ بولس أن يعرف »لا ما يقوله هؤلاء المتكّبرون، بل ما يفعلونه؛ فملكوت الله لا يكون بالكلام، بل بالفعل. أيّما تفضّلون؟ أن أجيء إليكم بالعصا أم بالمحبّة وروح الوداعة؟« (آ 19-21). لا بدّ من شخص يأتي إلى الكورنثيّين »بـــروح الـــــوداعــة« (pneumati te prauthtoV). هو تيـموتـاوس يأتـي إليـهـم بالمحبـّة (agaph). نحـتـاج إلى شـخــص »حبيــب«: »فهو لي ولدٌ حبيب« teknon agaphton)). يتردّد ما يتعلّق بالمحبّة: نحتاج إلى مرسل أمين (pistoV). هل هي فقط أمانة بشرية؟ كلا، بل هي أيضًا أمانة نابعة من أمانة الرب .en kuriw هل هناك مسافة بين الرسول وتلميذه؟ كلاّ؛ فبولس نفسه قال: »هو يعمل مثلي wV kagw)) عمل الرب« (1 كو 16: 10). هل انتهت مهمّة تيموتاوس؟ كلاّ. بولس يحتاج إليه. وضَعَه في الصورة: هو وحده مع لوقا. يُحسّ بالبرد فيحتاج إلى »عباءته« (2 تم 4: 13)، وحدّد له أين تركها: في ترواس عند كاربس. كما يحتاج إلى »الكتب«. لا مجال للبقاء محرومًا من الكتب المقدّسة، من »مصاحف الجلد«. فهي النور في خطانا والسراج في سبيلنا (مز 119: 105). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156102 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تركني ديماس ما وقف أحدٌ معي في نهاية حياته، ها هو يتطلّع إلى حياة يسوع. الفعل الأول »ترك« ((egkataleipw ديماسُ بولسَ، تخلّى عنّي. مثل يسوع في بستان الزيتون: الجميع تركوه وهربوا. أمّا ديماس فربّما ترك الرسالة، خان المهمّة، ولو كان هربه موقّتًا. وكما يسوع صرخ: »إلهي إلهي لماذا تركتني؟« (مز 22: 2)، الفعل عينه egkatelipeV، أما يكون بولس صلّى هذا المزمور وهو في زنزانته، ليكون في ليلة موته شبيهًا بيسوع؟ فهذا المزمور الذي تلاه يسوع، يتحدّث عن الضيــق.لم يَعُـد لـدى الانسـان قـوّة. قال المرتّل الذي أحسّ بالوحدة: »يَبِست كالخزف قوّتي، ولساني لصق بحنكي« (آ 16). وسبق له فقال: »كالماء سالت قواي، وتفكّكت جميعُ عظامي. صار قلبي مثل الشمع يذوب في داخل صدري« (آ 15). ولمــــاذا هــــذا الضـــعف؟ بسبب الأعداء. هم شرسون، وحوش متعطّشة إلى الدماء، يُشبهون الأسد ساعة يزأر على فريسته ويزأر: »أشدّاء كثيرون يطوّقونني، كثيران باشان يُحيطون بي، فاغرين أفواههم عليّ، كأَسد مفترس مزمجر« (آ 13-14). تحدّث بولس في 2 تم عن »الأسد« (leontoV) الذي نجا من فمه (4: 17) (errusqhn ek stomatoV). الألفاظ هي هي كما في مز 22. ومن هو الأسد هنا الذي يهدّد بولس في سجنه؟ الجنود أوّلاً الذين سوف يقطعون رأسه. وخصوصًا، هناك يهوذا (يوضاس) آخـر اسمـه »إسكندر النحّاس« (آ 14) . عُرف الإسكندر في أماكن عديدة، ولا بدّ أن تكون الكنيسة الأولى عرفته، وبالأحرى تيموتاوس. هل هو ذلك المذكور في 1 تم 1: 20؟ فالرسول يجمعه مع هيمينايس »اللذين أسلمهما إلى الشيطان ليتعلّمَا أن لا يجدّفَا«، أي ألقى عليهما »الحرم« وأخرجهما من الجماعة بحيث لا يحقّ لهما ممارسة الأسرار مع الكنيسة (رج 1 كو 5: 5). نشير إلى أن هيمينايس ذُكر في 2 تم 2: 17 مع فيليتُس. »ماذا نقول عن الاسكندر هذا؟ هو نحّاس أو حدّاد؟ كان مسؤولاً عن توقيف بولس، إن لم يكن عن الشهادة ضدّه، بحيث اتّخذ الاتهام منحى مأساويٌّا. نقرأ الفعل endeiknumai في 2 تم 4: 14: قدّم البرهان، وشى إلى السلطات، لاحق في القضاء. وشى الإسكندر ببولس، ولحق به إلى رومة ليشهد عليه(15). قال يسوع عن الخائن: »الويل للإنسان الذي به يُسلَّم ابن الانسان؟« وتذكّر التلميذ: »ليس تلميذ أفضل من معلّمه« (مت 10: 25). لهذا قرأ مز 52: 13أ: »أَفِقْ، يا سيّد، فتجازي كلّ إنسان حسب أعماله«. وقرأ مز 48: 4: »عاملْهم يا ربّ حسب سلوكهم وحسب شرّ أعمالهم«. وقال الرسول: »الربّ يجازيه حسب أعماله« (2 تم 4: 14). يبقى على تيموتاوس أن يحترس منه (آ 15)، لئلاّ يكون ضحيّة الكذب، شأنه شأن معلمه. أتُرى الرسول هو وحده في المحنة؟ كلاّ. سبق وقال: »ما وقف أحد معي« (2 تم 4: 16أ) (oudeiV moi paregeneto). وأضاف: »تـركونـــي كلّهم ((egkatelipon. سامحهم الله« (آ 16ب). ويسوع أيضًا، يقول عنه إنجيل مرقس: »تركوه كلّهم وهربوا« (مز 14: 50). البشر تركوا الرسول، لكن لا الله. قال بولس: »الربّ وقف معي وقوّاني« (paresth 2 تــم 4: 17). المسبق هو في الفعلين: isthmi ثمّ ginomai. ويضيف الرسول إلى هذا »الحضور«، الوقوفَ بجانبه في »السجن«، وكأنّه يريد أن يرافع عنه ويحميه: »وقوّاني« (enedunamwsen). جعل قوّة (dunamiV) في داخلي. هنا نعود إلى مز 22 الذي ينتهي بكلام عن الرجاء وعن الاستعداد للانطلاق من أجل البشارة. أوّلاً هي النجاة مع الفعل ruomai الذي يرد مرّة أولى في الماضي المبهم (aoriste): نجوتُ أو نُجِّيت (في صيغة المجهول، errusqhn. والذي فَعل مرّة أولى يتمّم في ما بعد. لهذا جاء الفعل مرّة أخرى ولكن في صيغة المضارع: »سوف ينجّيني« .(rusetai) مثل هذا الكلام يرد في مز 22. نقرأ في آ 20 صيغة الأمر rusai: »نجّني«. وفي آ 21، فعلاً آخر في الأمر، يحمل المعنى عينه: swson. وكما أنّ المرتّل الذي نجا من الموت »يُخبر باسم الرب إخوته، ويهلّل له بين الجماعة« (آ 23)، هكذا يفعل الرسول. به تتمّ ((plhpojorhqh، أو صيغة المجهول: »تُكمَّل«. هو الربّ يُتمّمها بواسطة سجينه. ولا يقول الرسول كما قيل في المزمور: أهلّل (umnhsw): »أنشد مدائح«، بل هو يعلن نشيده (doxa): »له المجد إلى أبد الدهور«. وما هو هدف البشارة والدعوة؟ »ليسمع جميعُ الأمم« (ta eqnh) (2 تم 4: 17). أمَا هذا الذي يقوله مز 22: »جميع الأمم تتذكّر الربّ، وترجع إليه من أقاصي الأرض. أمام وجهه تسجد جميع الشعوب« (آ 28). هذا يعني أنّ الإنجيل، الخبر الحلو، يجب أن يصل إلى جميع البشر. يذكر نصُّ المزمور كلَّ أقاصي الأرض (panta ta perata thV ghV). يرد لفظ »كلّ« مرّة أولى مع »الأقاصي«، ومرّة ثانيّة pasai مع الأمـــم: pasai ai patriai twn eqnwn. وفي النهاية، الربّ هو مَن يخلّص رسوله، مع الفعل الذي قرأناه في مز 22: swsei. تلك هي ثقة بولس: يعيش في الرجاء مع أنّه عالم بأنّه »ذبيحة يُراق دمُها، وساعة رحيله اقتربت« (2 تم 4: 6). فماذا ينتظر؟ »إكليل البرّ الذي سيكافئني به الربّ الديّان العادل فـــــي ذلك اليوم« (آ 8). ''البرّ (dikaiosunhV)، هذا البرّ الذي عمل ((epoihsen في البشريّة، وبالتالي في تقيّ الله، سوف يُصبح موضوع بشارة: (مـز 22: 32). قُبض على بولس بوشاية من اليهود أو من اليهومسيحيّين. وبدأت المحاكمة في وجود الفضوليّين الكثيرين، مع الأقارب والأصحاب، فلا يحسّ المتّهم »أنّه وحده في وجه أشخاص يريدون أن يأكلوا لحمه«، كما يقول المزمور. ولكن بولس وحده. لا أحد بقربه. لا أحد معه. أحسّ بالحزن والمرارة. لماذا هربوا؟ خافوا على أنفسهم، أو هم رأوا أن لا فائدة من البقاء هنا بعد أن انتهى كلّ شيء. هل حقد الرسول على أحد؟ كلاّ، بل طلب الصفح لهم قبل موته على مثال الربّ (لو 23: 34: »يا أبتِ، إغفر لهم«)، وإسطفانس (أع 7: 60). فالمحبّة لا تُضمر سوءًا، كما قال الرسول نفسه في 1 كو 13: 5. غاب كلّ شاهد يخفّف من الحكم على بولس، فصار وضعُ الرسول ميؤوسًا منه. هذا على مستوى البشر، ولكن لا على مستوى الله؛ فالمسيح القائم من الموت هو هنا. كان قرب إسطفانس حين كان يُرجَم، فناداه الشهيد: »أيّها الربّ يسوع، تقبّل روحي« (أع 7: 59). وحين كان بطرس في السجن، أرسل الرب ملاكه فنجّاه، فأعلن: »الآن تأكّد لي أنّ الربّ أرسل ملاكه فأنقذني« (أع 12: 11). وعد يسوع تلاميذه حين يكونون أمام الولاة والحكّام: »لا يهمّكم كيف تدافعون عن أنفسكم أو ماذا تقولون« (لو 12: 11). ثم إنّ الربّ طلب من بولس أن يستعدّ ليشهد له في رومة، وذلك خلال السفر بحرًا: »تشجَّعْ! مثلما شهدتَ لي في أورشليم، هكذا يجب أن تَشهد لي في رومة« (أع 23: 11). مرّة أولى شهد بولس ليسوع. والآن سيكون الشاهدَ والشهيد، ويسوعُ يكون بقربه فيعطيه القوّة والعزاء. قوّة البشر ضعيفة، وعزاء الناس يبقى في الخارج، أمّا الربّ فهو من يملأ القلوب بالفرح في وقت الشدّة ويمنحهم السلام العميم. وهكذا فعل مع بولس الذي تمنّى أن ينحلّ ليكون سريعًا مع المسيح. هل كان بولس وحده؟ كلاّ. فالربّ بقربه. هل كان أحبّاؤه قربه؟ بل أعداؤه. ولكن على مستوى الإيمان، الكنيسة كلّها كانت بقربه؛ فبالإضافة إلى الذين ذكرهم، هناك برسكلّة وأكيلا (2 تم 4: 19). بدأ معهما الرسالة ولا يزالان في قلبه. ثم أونيسيفورس الذي جاء إلى رومة وبحث عن الرسول في كلّ مكان حتّى وجده. قال عنه في 2 تم 1: 16: »رحم الله بيت أونيسفورس لأنه شجّعني كثيرًا وما خجل من قيودي، بل أخذ يبحث عنّي عند وصوله إلى رومة حتّى وجدني«. وتطّلع الرسول إلى أرِستُس (أع 19: 22). هو يواصل الرسالة في كورنتوس؛ فعملُ الإنجيل يجب أن يتواصل وهو لا يرتبط بشخص. تروفيمس هو مريض في ميليتس. وقد يكون زار بولسَ في سجنه بعضُ الأصحاب، وكأنّهم لا يزالون حاضرين معه: هم أعضاء في كنيسة رومة. أوبولس هو صاحب المشورة والفطنة. بوديس هو المتواضع والمتحلّي بالبساطة. جعل التقليدُ من أوبولس عضوًا في مجلس الشيوخ؟ هداه بطرس فصار عضوًا فاعلاً في الكنيسة. أمّا كلودية فهي زوجته. وهكذا نكون أمام عائلة مسيحيّة تعمل في الرسالة، على مثال أكيلا وبرسكلّة. وأخيرًا لِينُس هو ابن كلودية، ويبدو أنّه كان أوّل خلفٍ لبطرس على كرسيّ رومة(16). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156103 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() جلسنا بعض الوقت مع بولس في سجنه الثاني الذي فيه تنتهي حياته. سجنٌ قاسٍ لا يزوره إلاّ بصعوبة من يريد أن يزوره. ولكنّ الإيمان يرفع الرسول إلى ما وراء الجدران، فلا تقف بوجهه الحواجز ولا المسافات ولا بُعد الأشخاص أو تخلّيهم عنه. وإن هو قال: »لا أحد معي«، ففي الواقع الله معه، يعزّيه، يقوّيه، لا يدع اليأس يدخل إلى قلبه. ومن يكون سائرًا مع الله، مسجونًا مع الربّ يسوع، لا يمكن أن يكون وحده؛ فالكنيسة كلّها معه. وإن هو صلّى كما الربّ صلّى في بستان الزيتون، أو على الصليب، فلا بدّ أن يقول: لتكن مشيئتك يا ربّ. وفي النهاية: »يا أبتاه في يديك أستودع روحي، تمَّ كلُّ شيء«. ذاك كان وضع بولس في غروب حياته. ولكن مثلُ هذا الرسول لا يُلقي السلاح بسهولة؛ فهو الجنديّ الجالس على صهوة حصانه يوجّه الرسالة من عمق سجنه، بل يريد »مصاحف« الأسفار المقدّسة لكي يدعو الأمم إلى الإيمان، كما اعتاد أن يفعل. وإن هو مُنع، أَرسل هذا إلى هنا، وذاك إلى هناك. هكذا يتمجّد الله، فتهتف الكنيسة مع رسولها نحو الربّ: »له المجد إلى أبد الدهور. آمين«. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156104 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أبنى الغالى .. بنتي الغالية مهما كان حجم المصاعب التي تواجهوها في حياتكم فهي ليست أكبر من محبتي ورأفتي عليكم لذلك حين تواجهون أي تجربة ضعوها مباشرة بين يدي سلموني كل حياتكم وضعوها بين يدي حتى تكونوا مطمئنين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156105 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المس بقوّتك الشَّافية كل جانب من جوانب حياتنا آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156106 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب نقي أفكارنا ومشاعرنا ومواقفنا وذكرياتنا آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156107 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب أنت تحمل الشِّفاء والتَّجدّد للجَسد والنَّفس، من خلال رحمتك وغُفْرانك فاعنا يارب برحمتك آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156108 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب اغفر خطايانا وحوّلنا بقوّة روحِك القدّوس لخليقة جديدة فنعيش جِدّة حياة المحبّة في الغُفْران، آمين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156109 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() إن سمح لك بضيقة فهو بجوارك يسندك ![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 156110 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ليتك يا الله تنقذني (مز 70: 1)إلى معونتي ونجاتي أسرع يا الله ![]() |
||||