23 - 12 - 2016, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 15471 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوسف الناجح إختبر يوسف نوعين من التجارب ماأصعبهما على الشاب فى كل جيل وعصر. تعرَّض للتهديد وللترغيب، للإضطهاد وللإغراء، للوعيد وللوعد. فلقد إضطهده إخوته بشدة وأذلوا نفسه «فى الحديد دخلت نفسه» . فقد خلعوا عنه قميصه الملوّن ثم ألقوه فى البئر وأخيراً باعوه عبداً. ولقد استرحمهم لكنهم لم يُشفقوا عليه بل امتلأوا قسوة نحوه. أما فى بيت فوطيفار فقد ألحَّت عليه تلك المرأة الشريرة كثيراً ملوّحة أمامه بتنعم الخطية الوقتى وماكان أصعب التجربة على نفسه الحساسة. لقد جاءه الشيطان كالأسد الزائر عن طريق ظلم إخوته واضطهادهم له ولما لم ينجح جاءه بأسلوب الإغراء كالحية الخادعة بواسطة إمرأة فوطيفار. لكنه فى هذه وتلك وقف ثابتاً مرفوع الرأس ناجحاً أمام التجارب. ماهو سر نجاحه : عاش قريباً من الرب جداً فتمتع بوجود الرب معه «وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً» . إن النجاح الحقيقى ينبع من نفس مُلتصقة بالرب متمتعة برفقته العظيمة التى لايساويها أى شئ فى الوجود . أخى الشاب . أتشتاق أن تكون ناجحاً؟ سلّم حياتك كُلية للرب ودعه يملك على قلبك بالتمام. |
||||
23 - 12 - 2016, 06:20 PM | رقم المشاركة : ( 15472 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوشيا وحديثنا هذه المرة عن يوشيا ، الملك الشاب - الذى وردت قصته فى سفر الملوك الثانى أصحاحى 22، 23 وسفر أخبار الأيام الثانى أصحاحى 34، 35 . وُلِدَ هذا الشاب من أب شرير، وتولى حكم المملكة فى الثامنة من عمره ومات فى معركة حربية فى سن التاسعة والثلاثين. إنها قصة مُثيرة حقاً. ورغم أنه لم تَطُل حياته، لكنه صنع مايمكن أن يكون نموذجاً يُحتذى لجميع الشباب فى كل العصور والأجيال . الإتجاه الصحيح لم يولد يوشيا فى بيت تقى لكنه وجد نفسه فى سنيه الأولى إبناً لأب شرير هو آمون الملك. ومات أبوه مقتولاً بفتنة فى المملكة (أخبار الأيام الثاني 33: 21- 25). ومرة أخرى وجد يوشيا نفسه صبياً عمره 8 سنوات يرِث عرشاً متهاوياً ومملكة ضعيفة بل يحكم شعباً شريراً قد ابتعد عن الله وكان شبح الدينونة الإلهية يلوح فى الأفق. كان من الممكن أن يُصيبه كل هذا بالفشل فيبتعد عن الله سالكاً فى شرور أبيه لكنه، على العكس إتجه للرب، «رجع إلى الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته» ، وفى سن السادسة عشرة، السن الحرجة، إبتدأ يطلب إله داود أبيه (34: 3). لقد رغب فى التعرّف بالرب شخصياً، فطلبه من قلبه «أطلبوا الرب مادام يوجد ادعوه وهو قريب» (إشعياء 55: 6). لم يكتفِ بما سمعه عن الرب لكنه أراد أن يتخذه إلهاً شخصياً له. عزيزى ، لايكفى أن تعرف عن الله عن طريق التعليم أو الوراثة، فهذا لايمكن أن يقنع أو يفى حاجات قلبك ولن تستريح نفسك حتى تقول «آه يارب . لأنى عبدك» (مزمور 116: 16). هل تعرّفت بالرب شخصياً؟ هل لكَ علاقة قلبية حقيقية معه؟ التحدى الصعب وفى السنة الثانية عشرة إبتدأ يطهر يهوذا وأورشليم من المرتفعات والسوارى ... (34: 3- 5). لما بلغ سن العشرين كان أول مافكر فيه وعمله هو تطهير البلاد من كل مظاهر العبادة الوثنية التى تراكمت فيها. وجد نفسه أمام جبل ضخم من الشرور وعبادة الأوثان التى أدخلها آباؤه. لكنه صمم على أن يعزل من حياته وحياة شعبه مايغيظ الله. لم يشعر بالخوف بسبب صِغر السن ولم ييأس بسبب انتشار الشر لكنه مُعتمداً على قوة الله وحده مضى لتطهير الأرض من الأوثان. بدأ بتطهير محلى فى المكان الذى يعيش فيه (يهوذا وأورشليم)، وكان التطهير عملياً إذ هدموا أمامه مذابح البعليم وتماثيل الشمس التى عليها من فوق ثم كان التطهير شاملاً إذ كسَّر السوارى والتماثيل والمسبوكات، وكان تطهيراً كاملاً حتى أنه بعد أن كسَّرها دقها ورشها على قبور الذين ذبحوا لها وأحرق عظام الكهنة على مذابحهم. وبعد ذلك إتجه لبقية مدن المملكة فكان التطهير عاماً (34: 6، 7). أخى الشاب ستواجه فى حياتك تحديات شر كثيرة ربما فى مدرستك أو مكان سكنك أو من أصدقائك، ماذا تفعل؟ لتضع فى قلبك تصميماً على رفض كل صور الشر التى يقدمها العالم . هل تشتاق أن تطهر قلبك وحياتك وبيتك من كل مالايرضى عنه الرب؟ إذاً فانتبه لصداقاتك، فالصداقات مع غير المؤمنين تُدخل لحياتك مبادئ العالم وأفكاره وستؤدى للضعف الروحى . كما إحذر من المجلات الخليعة والروايات المُثيرة وغيرها مثل شرائط الكاسيت والفيديو فهى تدمر الحياة الروحىة . كُنْ حازماً كيوشيا واستبعد من حياتك مايقدمه إبليس ليوثر على أفكارك ويتلاعب بمشاعرك. الإتضاع الحقيقى كيف تعامل يوشيا مع كلمة الرب التى وجدوها أثناء ترميم الهيكل؟ عندما قرأوها أمامه يقول الكتاب «لما سمع الملك كلام الشريعة مزق ثيابه» ثم أرسل عبيده ليسألوا خلدة النبية الموجودة وقتها عن ماسيفعله الرب معه ومع شعبه. كان له قلب رقيق وضمير حساس لكلمة الرب. والرب سُرَّ جداً بموقفه فأرسل يمتدحه ويشجعه (34: 21- 28). كيف نتعامل فى هذه الأيام مع كلمة الله هل نوقرها ونُعطيها الإحترام اللائق؟ ماهو موقفنا من الكلمة التى نسمعها فى الاجتماعات؟ هل نجتهد أن نفهمها ونعرف ماذا يقصد منها الرب لنا؟ وهل نتجاوب مع المكتوب ونطلب من الرب باتضاع أن يساعدنا لإتمام وصاياه - «إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامى» (إشعياء 66: 2). لازال الرب يُقيم فى عصرنا شباباً مثل يوشيا يريد أن يتمجد بهم رغم ضعف إمكانياتهم وصعوبة الأيام. إن اشتقت أن تكون من ضمن هؤلاء فلتضع أمامك : - تطلب الرب من كل قلبك. - ترفض وتعزل من حياتك كل ما يتعارض مع حقوق الرب. - تُطيع كلمة الله بكل دقة. |
||||
23 - 12 - 2016, 06:24 PM | رقم المشاركة : ( 15473 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الفتية الثلاثة فتيان مكرسون : إنهم المعروفون بأسماء شدرخ وميشخ وعبدنغو ولكن ليست هذه أسماءهم الأصلية إذ كانت لهم أسماء عبرية مرتبطة بالله: حنانيا ويعنى «الله حنان» وميشائيل أى «مَنْ مثل الله» وعزريا «الله يُعين». حاولوا فى السبى أن يُنسُّوهم إرتباطهم بالله بتغيير أسمائهم وإضافة آلهة البابليين إلى أسمائهم الجديدة فأخذ حنانيا إسم «شدرخ» أو «أمرآخ» وآخ كان معبود القمر عند البابليين. وميشائيل تغير إلى «ميشخ». فبدلاً من «مَنْ مثل الله» أصبح «مَنْ مثل آخ». وعزريا تغير إلى «عبدنغو». ونغو هذا، هو معبود النار عند البابليين ، على أن هذا التغيير فى الأسماء لم يغير تكريس قلوبهم لإلههم الحى العظيم. أخى الشاب هل قلبك للمسيح؟ وهل تواجه كل محاولات من العالم للتأثير على مبادئك وأفكارك بتعلقك بالرب وحده؟ ظروف صعبة وارتباط الفتية الثلاثة معاً يعلمنا درساً هاماً عن التأثير القوى الذى للصداقات. فوجودهم معاً كان له أقوى الأثر فى حفظهم من الشرور التى فى مدينة بابل بل وفى مدرسة بابل. فهم عاشوا فى مد-ينة شريرة وارتبطوا إجبارياً بمدرسة داخلية لمدة 3 سنوات، كانوا يُقيمون فيها آكلين شاربين دارسين. غيروا أسماءهم ولغتهم وأسلوب حياتهم وحتى طعامهم. وماكان لهم حرية ترك هذا الوسط الصعب أو حتى الحصول على بعض العطلات. لكنهم صمموا ألا يفعلوا شيئاً يتعارض مع كلمة الله التى تعلموها وأحبوها. ولاشك أنه كانت لهم فرص صلاة معاً فيها يسكبون قلوبهم أمام الله العظيم وينالون منه الحكمة والقوة للنصرة على تيار الشر المُحيط بهم. هل أدركت إذاً أهمية صداقاتك؟ مَنْ هم الأصدقاء الذين تختارهم وتقضى معظم وقتك معهم؟ «رفيق أنا لكل الذين يتقونك ولحافظى وصاياك» (مزمور119: 63). ويقول سليمان الحكيم «المُساير الحكماء يصير حكيماً ورفيق الجهال يُضَّر» (أمثال13: 20). هل تبحث فى مدرستك أو جيرانك عن المؤمنين الحقيقيين؟ هل تتحدث معهم فى أمور تخص الرب؟ هل فكرت فى أن ترتب وقتاً لتصلى معهم؟. إمتحان صعب صنع الملك نبوخذنصر تمثالاًَ من ذهب وطلب من الجميع السجود أمام التمثال. وانحنى الجميع وسجدوا للأرض ماعدا هؤلاء الثلاثة الذين صاروا الآن رجالاً. بلغت الأخبار للملك الذى إستشاط غضباً وأحضرهم وحقق معهم وهددهم بالطرح فى أتون النار. لكنهم أجابوه بشجاعة وثقة إنهم لن يسجدوا حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم. أخى الشاب ، نبوخذنصر يمثل الشيطان رئيس هذا العالم. وهو يقدم عروضاً كثيرة للناس وللشباب خاصة لكى يسجدوا له ويبتعدوا عن الإله الحقيقى. فالمال مثلاً هو أحد الآلهة التى يقدمها للناس، والمسيح علَّمنا «لايقدر أحد أن يخدم سيدين» (متى6: 24). ليس المال فقط بل الشهوات والكبرياء والشهرة ومحبة الذات (لوقا12: 19)، والطمع (كولوسى3: 5). كل هذه الأمور من ورائها إبليس رئيس هذا العالم. وكل إنسان أمامه اختيار إما أن يسجد له أو يسجد للإله الحقيقى. هل قلبك متعلق بالرب يسوع المسيح الذى «هو الإله الحق (الحقيقى) والحياة الأبدية؟ هل نُصغى لقول يوحنا الرسول «أيها الأولاد إحفظوا أنفسكم من الأصنام»؟ 1يوحنا5: 20، 21 شجاعة وأمانة رفض الأبطال الثلاثة السجود للتمثال وأعلنوا عن ثقتهم فى إلههم «هوذا يوجد إلهنا الذى نعبده يستطيع أن يُنجينا من أتون النار المتقدة وأن ينقذنا من يدك أيها الملك. وإلا فليكن معلوماً لك أيها الملك أننا لانعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذى نصبته» (دانيال3: 17، 18). ألقاهم الملك فى الأتون لكن الرب نفسه جاء ليكون معهم مُتمماً وعده «إذا مشيت فى النار فلا تُلذع واللهيب لايحرقك» (إشعياء43: 2). لاتخف ياأخى من أن تواجه إضطهاداً أو إفتراءً من أجل أمانتك للمسيح وتمسكك به وبكلمته. إعلم أنه لابد أن تتألم قليلاً عندما تمتنع عن مغرياته وترفض معروضاته. ربما تجد نفسك وحيداً أو حتى مُضطهداً لكن ستختبر فى ذلك الوقت رفقة رب المجد لك. ويالها من رفقة ! فى معسكرات الإعتقال الشيوعية قُبض على جمع من الشباب وكانوا عشرين. ودخل الضابط الشيوعى وعدّهم قائلاً : أنتم عشرون وقال شاب : لا بل نحن واحد وعشرون، وعدّ الضابط مرة أخرى وقال أنتم عشرون، ورّد عليه نفس الشاب : بل واحد وعشرون، وإذ أعاد العد، قال: ومَنْ هو الواحد والعشرون !! ..... فأجاب الشاب: إنه الرب يسوع المسيح !! |
||||
23 - 12 - 2016, 06:28 PM | رقم المشاركة : ( 15474 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دانيال
دانيال: هل تصوّرت شاباً له من العمر حوالى خمسة عشر عاماً يتمتع بصحة جيدة وعلى قدر كبير من الجمال والذكاء أيضاً، كما أنه متفوق فى دراسته وذو شخصية قوية شُجاعة ويمكنه أن يعمل فى قصر ملك. وبالإضافة لكل هذا له علاقة حقيقية مع الله ويعيش حياة العِفة والطهارة؟ مَنْ يمكن أن أن يكون هذا؟ أيمكن أن نجد شاباً تتجمع فيه هذه الصفات؟ نعم إنه دانيال. هذا البطل الذى نقرأ عنه فى الكتاب المقدس فى العهدين القديم والجديد.مَنْ هو ؟ دانيال هو أحد الشبان الذين سُبوا من أورشليم بواسطة نبوخذنصر وقد كان من الشرفاء أى من أسرة تنتمى إلى العائلة المالكة. ولنتصوره وهو يؤخذ من بلاده كأسير ويُحرم من أسرته ويُنقل إلى مدينة بابل، وهناك يوضع تحت برنامج تدريبى مكثف يستمر لمدة ثلاث سنين. فى هذه المدرسة الداخلية كان عليه أن يتعلم اللغة الكلدانية وعادات أهل البلاد الوثنيين ويأكل من الطعام الذى أمر به الملك. ماذا كنت تفعل لو كنت مكانه؟ هل كنت ستعانى من صِغر النفس بسبب البُعد عن الأهل والوجود كأسير فقد حريته الشخصية وفى بلاد غريبة لايعرف أهلها شيئاً عن الله؟ كان دانيال رغم صِغر سنه وصعوبة ظروفه ناجحاً من كل جهة. ماهى الأسباب ياتُرى؟ بداءة حسنة بدأ دانيال حياته بعلاقة حقيقية مع الرب. ربما كان هذا من خلال والدين تقيين علّماه عن الإله الحى الحقيقى وعن شريعته المقدسة، فسلّم حياته له وصمم أن يعيش مُرضياً إياه فى كل مراحل حياته. هنا سر نجاح الشاب؛ لايكفى مجرد معرفة عقلية عن المسيح بل يلزم قبوله فى القلب مُخلصاً ورباً. نتيجة لهذا تُصبح كلمة الله ثمينة جداً للنفس بل ويجد المؤمن سروره فى طاعتها. وبالنسبة لدانيال كانت للشريعة مكانة فى حياته وبنى قراراته عليها فيما يختاره ومايرفضه حتى بالنسبة للطعام. «شريعة إلهه فى قلبه. لاتتقلقل خطواته» (مزمور 37: 31). مبادئ ثابتة رغم أن دانيال كان فتى غضاً لكنه كان رجلاً فى تفكيره وقراراته. كان صاحب مبادئ واضحة مُحددة. غيّروا إسمه من دانيال (الله قاضىّ) إلى بلطشاصر (بيل يحفظ حياته) وبيل هو أحد آلهة البابليين. وعلّموه اللغة الكلدانية ووضعوا أمامه أطايب الملك وخمر مشروبه لكنهم لم يقدروا أن يغيّروا قلبه الأمين المكرس للرب. ورغماً عن تغيّر ظروفه والوسط المُحيط به وافتقاده للأهل الأتقياء والكهنة فى الهيكل والمُرشدين الروحيين فى شعبه إلا أنه كان مصمماً ألا يفعل شيئاً يتعارض مع إرضاء إلهه. كانت عنده الشجاعة ليقول لا لكل ماتنهى عنه كلمة الله. «أما دانيال فجعل فى قلبه أنه لايتنجس بأطايب الملك ولابخمر مشروبه فطلب من رئيس الخصيان أن لايتنجس» (دانيال 1: 8). هل تتعرض ياصديقى أحياناً لضغوط من زملائك وأصدقائك لفعل الخطية فى أى صورة من صورها؟ هل تجد نفسك وحيداً بلا صديق ينصحك أو قائد يوجهك؟ هل فى ذلك الوقت ترفع قلبك للرب طالباً القوة والشجاعة لرفض كل مالايمجده؟ إن مايلمس قلبى فى هذا الشاب هو تصميمه الواضح وعزمه. ربما يقدم لكَ العالم من طعامه، أقصد أفكاره ومبادئه وذلك من خلال مجلات وروايات أو شرائط كاسيت أو خلافه. ماذا تفعل؟ هل تقبل هذه الأشياء بحجة أن كل زملائك يسيرون فى هذا التيار وأنه لابد أن تكون مُلماً بكل شئ وإلا تعرضت للإستهزاء والسخرية؟ أم تصمم على الإبتعاد عنها لأنك صممت على الإمتناع عن كل شر وشبه شر (1تسالونيكى 5: 22) حتى تُرضى الرب. الامتحان الصعب عرف دانيال من كلمة الله أنه ينبغى عدم أكل لحم حيوان أو طائر نجس وحتى من الحيوانات والطيور الطاهرة لايأكل الشحم ولا الدم (لاويين (11،7: 22-25). وواجه أوامر الملك التى تُلزمه بالأكل والشرب مما ينجس. فإن هو رضخ وأطاع تنجس حسب شريعة الله لأنه لايستطيع أن يكون مُطيعاً للشريعة ولأوامر الملك فى نفس الوقت. واجه إيمانه إمتحاناً صعباً : فهل يطيع الله أم نبوخذنصر؟ وهنا ظهرت شجاعته، إذ واجه جبروت هذا الامبراطور العظيم. لاشك أنه طلب من الله الحكمة والمعونة لفعل رضاه والله تدخل ودبّر الطريقة لإنقاذ عبده. دور الله «وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان» (دانيال 1: 9). كان عنده التصميم لطاعة الرب والثقة الكاملة فيه أنه قادر أن ينقذه، والرب تجاوب مع هذا الإيمان إذ جعل المسئولين يوافقون على طلبه ثم منحه هو وأصحابه صحة جيدة فاقت صحة بقية الفتيان. عندما تُصمم ياصديقى على إطاعة كلمة الله ستختبر يد الله فى كل أمور حياتك، فى صحتك وفَهمك وحياتك كلها. «أما هؤلاء الفتيان الأربعة فأعطاهم الله معرفة وعقلاً فى كل كتابة وحكمة وكان دانيال فهيماً بكل الرؤى والأحلام» (دانيال 1: 17). هل اختبرت تدخل الله فى حياتك؟ وهل صلّيت طالباً منه الحكمة والإرشاد فى المواقف الصعبة ثم تمتعت باستجابته؟ إنى أشجعك أن تتعلم من بداية حياتك أن تُطالب الرب بأن تكون يده واضحة فى كل ظروفك. «لتكن يدك لمعونتى لأننى اخترت وصاياك» (مزمور 119: 173). ثم أكرم الله دانيال وأصحابه إكراماً آخر فى نهاية فترة تدريبهم التى إستمرت لمدة ثلاث سنين. فعندما وقفوا أمام الملك ليختبرهم - وهو مايُقابل الآن كشف الهيئة- حازوا إعجاب الملك جداً وتفوّقوا على كل الحكماء الذين فى المملكة عشرة أضعاف «وفى كل أمر حكمة فهم الذى سألهم عنه الملك وجدهم عشرة أضعاف فوق كل المجوس والسحرة الذين فى كل مملكته» (دانيال 1: 20). إن دانيال يقدم مثالاً رائعاً لكل شاب يريد أن يمجد الله ويعيش له وسط عالم شرير فاجر، وأستطيع أن أُلخِّص أسباب نجاحه فى النقاط الآتية: 1 – قلب مكرس للرب. 2 – معرفة لكلمة الله ورغبة فى طاعتها. 3 – وقوف ضد التيار وشجاعة لإعلان لا. 4 – تصميم على إرضاء الله مهما كان الثمن. 5 – ثقة في الرب وتعلق كلي به. |
||||
23 - 12 - 2016, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 15475 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إحترام مبادىء وقوانين الله “اللعب بالهرمونات كاللعب بالمجهول” هو عنوان لدراسة علمية عن مخاطر استخدام الهرمونات بطريقة خاطئة. تقول فيه أن هرمون النمو “growth hormone” والذي يلجأ إليه كثيرين من أبطال كمال الأجسام، هو أقوى عقار للحصول على مكسب عضلي ضخم جدًا، بل وهو العقار الوحيد الذي يداوي التركيب الوراثي المعتل، حيث أنه يساعد على النمو، ولكنه يُعتبَر أكبر مغامرة، حيث أنه ذو أعراض جانبية خطيرة جدًا مثل نقص معدل السكر في الدم، ونقص معدل الوظيفة للغدة الدرقية، وأحيانًا تشوهات العظام وكبر حجم القلب ومشاكل تضخم الأعضاء والموت المبكر؟ أحبائي في كل مرة يحاول الإنسان أن يتدخل في تعديل النظام الإلهي يسبب كارثة!! ودعونا في هذا المقال نحكي سويًا عن بعض هذه المخاطر التي نجلبها لأنفسنا عندما لا نخضع للقانون الإلهي فلا نحترم النظام الدقيق للطبيعة وللكون الذي حولنا. فنزداد تمسّكًا بهذه الفضيلة، ألا وهي احترام مبادئ الله، الطبيعية والأدبية الأخلاقية. أولاً: دعني أعطيك مثالاً واحدًا من دقة النظام الإلهي الرائع من الطبيعة التي حولنا، وهو التوازن الدقيق في نسبة الأكسجين. معروف أن الغلاف الجوي الذي يحيط بنا هو الذي يحافظ على نسب الغازات اللازمة، ليس لبقاء البشر فحسب، بل لكل الكائنات الحية على الأرض. وهذه النسبة هي ٧٧٪ من النيتروجين و٢١٪ من الأوكسجين و١٪ من ثاني أُكسيد الكربون بالإضافة إلى باقي الغازات الموجودة في الغلاف الجوي، وهي تمثل الأرقام المُثلى اللازمة لبقاء الكائنات الحية. فالأوكسجين هو الغاز الفعَّال بالنسبة للكائنات الحية، الذي يساعد طعامنا لينضج ثم ليتحول إلى طاقة في داخل أجسادنا. فإذا ازدادت كمية الأوكسجين في الغلاف الجوي عن ٢١٪، تبدأ الخلايا في أجسادنا في التلف بسرعة أكبر، كما أن جزيئات الهيدروكربون اللازمة للحياة سوف تتدمَّر. أما إذا نقصت هذه الكمية فسنشعر بصعوبة في التنفس، كما لن يتحول الطعام الذي نأكله إلى طاقة. وهذا التوازن يتم بحكمة إلهية فائقة وعلى مدار آلاف السنين. ثانيًا: عندما يتدخل الإنسان ليس بهدف الأكتشاف أو الدراسة والبحث - والتي هي في غاية الأهمية - بل محاولاً تغيير النظام الإلهي والتعديل فيه.. هنا تحدث الكارثة!! وأسمح لي قارئي العزيز أن أسرد لك مثالين لتدخل الإنسان غير الصحيح وعدم احترامه لقوانين الله البيئية التي حولنا: المثال الأول من عالم النباتات: هل سمعت عن نبات “زهرة النيل - الأيلوديا”..؟؟ هو من أخطر النباتات ضررًا على الإنسان وبيئته في العالم. والموطن الأصلي لهذا النبات هو حوض نهر الأمازون بأميركا الجنوبية، وقد أدخله عالم أجنبي من عدة سنوات إلى النيل لعمل تجارب ما، والنتيجة أنه انتشر بطريقة مرعبة مسببًا عدة أزمات بيئية لا حصر لها مثل: استهلاك كمية كبيرة من المياه وامتصاص كمّ كبير من المواد الغذائية الذائبة فيها، مما يؤثّر على سلامة الثروة السمكية، كما أنه يحجب وصول ضوء الشمس إلى الأحياء الأخرى التي تعيش في الماء، ويعيق بصورة مباشرة حركة الري للأراضي الزراعية!! أما المثال الثاني فهو من عالم الحيوان؛ في مقال نشرته أحدي الجرائد المصريه عن خطورة التلاعب بالهرمونات في حياة الحيوان وما سببته من أضرار رهيبة لكل من الحيوان والإنسان ذكرت الآتي: صرّح الدكتور محمد بيومي، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين الفرعية بالقليوبية، أن انتشار مرض السرطان بين الحيوانات يرجع إلى عدة أسباب من بينها: تناول تلك الحيوانات للمأكولات المحمَّلة بالمواد المسرطنة، كالمبيدات الحشرية بعد رشها على الأراضي الزراعية، أو استخدام المربيين حقن الهرمونات مع الحيوانات المنزلية كالكلاب والقطط لأغراض زيادة معدل نموها السريع أو التدخل لمنعها من التكاثر!! من هذه الملاحظات السريعة والأمثلة القليلة التي ذكرناها نستخلص عدة أمور هامة: ١. وضع الله الخالق والمصمم نظامًا دقيقًا للحياة من حولنا أشار إليها الكتاب المقدس بالقول «مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ: زَرْعٌ وَحَصَادٌ، وَبَرْدٌ وَحَرٌّ، وَصَيْفٌ وَشِتَاءٌ، وَنَهَارٌ وَلَيْلٌ، لاَ تَزَالُ» (تكوين٨: ٢٢). كما أن الله أشار لهذا النظام بالقول «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ» (تكوين١: ١١). كما أن المرنم أشار إليها بالقول «أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ... إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا» (مزمور٨: ١، ٣) وقال أيضًا عنها «مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ« (مزمور١٠٤: ٢٤). ٢. أوصى الله الإنسان أن يعمل الأرض ويدرس ويبحث الظواهر، لا أن يتعدى على نظام الخليقة حتى لا يدمر هذا الصنيع البديع. فيقول لآدم وحواء «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ» (تكوين١: ٢٨). وعن التأمل والدراسة يقول الخالق الأعظم «ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟» (أشعياء٤٠: ٢٦). ٣. خطورة عدم احترام أمور الله وأفكاره وقوانينه سواء في الطبيعة أو في علاقاتنا معه أو مع الآخرين. فمرة قال الله عن قوانين الزراعة «لاَ تَزْرَعْ حَقْلَكَ صِنْفَيْنِ، لِئَلاَّ يَتَقَدَّسَ الْمِلْءُ: الزَّرْعُ الَّذِي تَزْرَعُ وَمَحْصُولُ الْحَقْلِ» (تثنية٢٢: ٩). بمعنى لا تغيِّر نظام الزراعة لئلا تفسد كل الإنتاج، والمعنى الأعمق لهذه الآيه، هو عدم الخلط بين النجس والمقدس لأن قانون الله هو «لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟» (٢كورنثوس٦: ١٤). عزيزي... ما أروع هذا الدرس، الثقة في حكمة الله وقوانينه والخضوع لها، ليس خنوعًا بل تقديرًا واحترامًا لهذا العظيم الذي لا يبغي ألا راحتنا وسلامنا. فبطاعتنا وتقديرنا لمبادئه نحصد خيرًا وفيرًا «أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ» (أمثال١: ٣٣). وليحفظنا الرب من خطورة التمرد على قوانينه الموضوعة لخيرنا وراحتنا «إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ... وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ. لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ» (إشعياء١: ١٩). |
||||
23 - 12 - 2016, 06:37 PM | رقم المشاركة : ( 15476 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إحترام مباديء وقوانين الله
قرَّرت الأرض فجأة أن تستقل بذاتها، وتصبح سيد قرارها!! فأعلنت استقلالها عن تبعيتها للشمس والدوارن حولها، بل وعقدت العزم بعدم الالتزام بجاذبية الشمس مرة أخرى. هذا ما تخيلته قارئي العزيز وأنا أكتب هذا المقال!! وأخذتُ أفكِّر: ماذا سيكون مصير هذا الكوكب المسكين، وماذا سيصيب الخلائق التي تعيش فيه؟ أدركت عزيزي أنه لن تمر دقائق قليلة عقب ابتعادها عن الشمس، إلا ويحل الظلام وتسري البرودة على سطحها، بل وسيسري الموت حتمًا إلى جميع كائناتها، ويُكتب لهذا الكوكب التيهان والضياع في فضاء الكون الفسيح الذي لا نهاية له!! والسبب أن الأرض قرَّرت الخروج عن القانون الإلهي الذي وضعه الخالق لحمايتها والحفاظ على كينونتها!! عزيزي هل تدرك معي خطورة الخروج عن المبادئ والقوانين الإلهيه، التي وضعها، لحماية وصون حياتنا، المحب الحكيم الله القدير؟! وهذا ما نستعرضه سويًا من خلال تاريخ بعض الدول والممالك، ونتأمل ما حدث لها ولحكامها عندما لم تحترم مبادئ الله. أولاً: شعب إسرائيل كمثال في سفر التثنية ٢٦-٢٨، توصيات خاصة من الرب لشعبه على فم موسي، موضحًا لهم بركات احترامهم لمبادئ الله وخطورة أهمالها، وإليك بعض هذه العبارات: ١. ما هو المطلوب؟ «قدْ أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهذِهِ الْفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ، فَاحْفَظْ وَاعْمَلْ بِهَا مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ» (تثنية٢٦: ١٦). ٢. ما هي الكرامة التي تنتظرهم إن أطاعوا؟ «يَجْعَلَكَ مُسْتَعْلِيًا عَلَى جَمِيعِ الْقَبَائِلِ الَّتِي عَمِلَهَا فِي الثَّنَاءِ وَالاسْمِ وَالْبَهَاءِ، وَأَنْ تَكُونَ شَعْبًا مُقَدَّسًا لِلرَّبِّ إِلهِكَ» (تثنية٢٦: ١٩). وهذا فعلاً ما أعطاهم الرب إياه، بل وشهد به الأعداء عن شعب الله فلقد قال سكان أريحا «سَمِعْنَا فَذَابَتْ قُلُوبُنَا وَلَمْ تَبْقَ بَعْدُ رُوحٌ فِي إِنْسَانٍ بِسَبَبِكُمْ» (يشوع٢: ١١). ٣. ما هي الخطورة لتركهم مبادئ الله؟ «يُبَدِّدُكَ الرَّبُّ فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا»، والسبب «لأَنَّهُمْ تَرَكُوا عَهْدَ الرَّبِّ إِلهِ آبَائِهِمِ... وَذَهَبُوا وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا... فَاشْتَعَلَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ» (تثنية٢٨: ٦٤؛ ٢٩: ٢٥-٢٧). ٤. وتُرى ماذا حدث لهم؟ لم يحترموا الله ولا مبادئه، فتم سبيهم دفعة إلى بابل وأخرى إلى أشور، ثم أشفق الرب عليهم وأرجع منهم لأرضهم. ثم جاء إليهم المسيح الملك «إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ»، فصلبوه وقالوا «لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا... اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ.. دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا»، والنتيجة المريرة، تم تدمير هيكلهم المقدس وتشتتوا بين الشعوب والأمم حتى يومنا هذا. نعم الأرض خرجت عن مدارها، يا للهول وهذا الشعب أيضًا «رَفَضَ الإِلهَ الَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ» (تثنيه٣٢: ١٥). ثانيًا: مثال آخر من بعض الممالك القديمة من يقرأ التاريخ يرى بوضوح هذه الحقيقية: إن احترام مبادئ الله، يجلب الكرامة والرضا الإلهي، والعكس صحيح. وسآخذ مثالين من تلك الممالك القديمة: ١. سدوم وعمورة: ما أجمل هذه الديار، من الناحية الطبيعية، بخضرتها وماؤها وجبالها، وصفها لوط قائلاً «جَمِيعَهَا سَقْيٌ... كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ» (تكوين١٣: ١٠). لكن هذه البلاد قرَّرت أن تدوس مبادئ الله الأخلاقية، وأنغمست في خطايا كثيرة أشهرها كان الشذوذ الجنسي. ولشفقة الرب بهم أرسل ملاكان برسالة خطيرة «لأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هذَا الْمَكَانَ» (تكوين١٩: ١٣). لكن وأسفاه، تطاول سكانها جدًا على الله ومن أرسلهم، فقرر الله هلاكهم. ويصف الرسول بطرس هلاكهم موضحًا السبب قائلاً «وَإِذْ رَمَّدَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِالانْقِلاَبِ، وَاضِعًا عِبْرَةً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يَفْجُرُوا» (٢بطرس٢: ٦). ٢. الأمبراطورية البابلية: واحدة من أضخم الإمبراطوريات الأربع التي عرفها التاريخ، قيل عن ملكها «وَلِلْعَظَمَةِ الَّتِي أَعْطَاهُ إِيَّاهَا كَانَتْ تَرْتَعِدُ وَتَفْزَعُ قُدَّامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ» (دانيال٥: ١٩). لكن هذه الأمبراطورية انهارت بعد أن تطاول ملوكها على الله ولم يستمعوا لتحذير الل «فَإِنَّ مَمْلَكَتَكَ تَثْبُتُ لَكَ عِنْدَمَا تَعْلَمُ أَنَّ السَّمَاءَ سُلْطَانٌ» (دانيال٤: ٢٦). فمنهم من صنع تمثالاً وطلب الجميع بالسجود له، وتطاول على الله بالقول «وَمَنْ هُوَ الإِلهُ الَّذِي يُنْقِذُكُمْ مِنْ يَدَيَّ؟» (دانيال٣: ١٥). وابنه أيضًا أخذ آنية بيت الرب ليشرب فيها خمرًا في تحدٍ آخر لله!! فقرَّر الله إنهاء هذه المملكة بعد تاريخ حافل من الإنتهاك المتزايد لمبادئ الله «فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ قُتِلَ بَيْلْشَاصَّرُ مَلِكُ الْكَلْدَانِيِّينَ، فَأَخَذَ الْمَمْلَكَةَ دَارِيُّوسُ الْمَادِيُّ» (دانيال٥: ٣٠). آه.. مرة أخرى نعود لتشبيهنا الأول: لقد خرجت الأرض عن تبعيتها للشمس فجلبت الدمار لنفسها! وهذا ما حدث لتلك الممالك، فلقد قال إلهنا العظيم «وَمَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ» (أمثال٨: ٣٦). ثالثًا: مثال آخر من الدول الأوربية الحديثة عندما نتأمل الدول الأوربية وسبب ازدهارها وتقدمها نلاحظ أمرين: ١. لقد مرَّت على أوروبا عصور حالكة الظلام، مليئة بالجهل والظلم والفساد، أطلق عليها المؤرخون “العصور المظلمة”. ثم جاء عصر النهضة والأصلاح، والذي أبتدأ بالنهضة الروحية وانتشار نور الإنجيل في ربوع أوروبا المختلفة. فوُضعت الدساتير المبنية على أقوال الإنجيل ومبادئه. وكان نتيجة لرجوع البلاد لله، عمَّت نهضة ثقافية واقتصادية كل البلدان، وتوالت الإكتشافات الطبية والصناعية والعلمية، وأزدهرت الفنون والهندسة المعمارية في كل من دول إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا. وأصبحت هذه الدول مصدر بركة وتنوير لكل دول العالم، خرجت منها الأرساليات المسيحية التبشيرية والطبية، والاهتمام بفقراء العالم؛ فكانت أوروبا سبب بركة ونهضة روحية وعلمية لكل ربوع العالم. ٢. لكن ماذا حدث الآن معها؟! لقد قرَّرت معظم تلك الدول الابتعاد عن الله وهجر الإنجيل. بل تبنت أوروبا أفكار عالميه شيطانية إباحية معادية لمبادئ الله، فقننت الشذوذ بكل أشكاله، والإلحاد بكل طرقه. وهجر الناس عبادة الله وقلّ العابدين في الكنائس، وأصبحت الكنائس مزارات سياحية فقط! والنتيجة تدهورت الحالة الإقتصادية لمعظم دول أوروبا، وضربها الأرهاب بلطمات قوية ضربة تلو الأخرى، ودولة بعد دولة! وهذا ما جعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل - في حديثها بجامعة بيرن السويسرية مؤخَّرًا - تدعو مسيحي أوروبا بالرجوع مرة أخرى للمسيحية الحقيقية والكتاب المقدس لتفادي الدمار الذي يزحف على أوروبا. يا ليتك يا نفسي تتعلمين هذا الدرس! الدرس القديم الجديد: إحترام الله ومبادئه، لخيرك وسلامك وأمانك. فهذا ما أعلنه إلهك المحب «عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ. قِنْيَةٌ فَاخِرَةٌ وَحَظٌّ... فَأُوَرِّثُ مُحِبِّيَّ رِزْقًا وَأَمْلأُ خَزَائِنَهُمْ... وَمَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ» (أمثال٨: ١٨، ٢١، ٣٦). |
||||
23 - 12 - 2016, 07:25 PM | رقم المشاركة : ( 15477 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القدّيس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة قيصرية كبادوكية القدّيس باسيليوس الكبير رئيس أساقفة قيصرية كبادوكية (+379م) تراث قداسة: ولد القدّيس باسيليوس الكبير أواخر العام 329م أو أوائل 330م. العائلة التي احتضنته كانت مميّزة بتراثها وسيرتها ومواهبها ومكانتها. عنوانها كان التقى والولاء للرّب يسوع. ولها الحياة النسكية فخر واعتزاز. جده من جهة أمه شهيد للمسيح وجداه من جهة أبيه معترفان. صودرت ممتلكاتهما ولجأا إلى جبال سبسطيا وكانت الأيائل تطعمها كما جاء على لسان القدّيس غريغوريوس اللاهوتي (الحديث 20). ورد ذكرهما كقديسين في بعض التقويمات في 14 كانون الثاني. أمّا قدّيسنا فأنشأته جدتّه مكرينا الكبرى على الفضيلة لما كان عندها في منزل ريفي في قيصرية الجديدة في البنطس. مكرينا الكبرى كانت أيضاً قدّيسة تتلّمذت على يد القدّيس غريغوريوس الصانع العجائب (17 تشرين الثاني). وقد شهد هو نفسه لها، في غير مناسبة. أنّه لم ينس طيلة حياته ما خلفته في نفسه مواعظ جدّته ومثالها الطيب. كذلك كان والداه مميزين. والده باسيليوس الأكبر كان فذاً في علمه، لاسيما في البيان والخطابة، راقياً في روحه. القدّيس غريغوريوس اللاهوتي يصفه بـ «معلّم الفضيلة في إقليم البنطس». كانت له أملاك واسعة في ثلاثة أقاليم في آسيا الصغرى، وسرّى اعتقاد بين الناس أنّه صانع عجائب. أمه أمّاليا كانت ورعة صالحة جميلة بين النساء. وقد أنجب الزوجان عشرة أولاد، خمسة ذكور وخمس إناث. يعيد لهما في بعض التقويمات في 30 أيار. خمسة من أولادهما صاروا قديسين. فبالإضافة إلى قدّيسنا المعيد له اليوم، عندنا نكراتيوس وغريغوريوس أسقف نيصص وبطرس أسقف سبسطيا ومكرينا المدعوة الحكيمة. ويفيد القدّيس غريغوريوس اللاهوتي أن بقية أفراد الأسرّة لم ينقصوا عن إخوتهم في سلامة الطوية والسيرة النقية ولو اختاروا الحياة الزوجية. قيصرية الكبادوك: كانت ولادة القدّيس باسيليوس في قيصرية الكبادوك. الكبادوك معناها «ذات المنظر المستدير». وهي ناحية شاسعة من نواحي آسيا الصغرى. تحيط بها أرمينيا من الشرق وكيليكيا من الجنوب غلاطية وليكاؤنية من الغرب والبنطس من الشمال. الكبادوك تسمية أطلقها الفرس. قبل ذلك عرف سكانها بـ «السوريين» أو «السوريين البيض». طولها التقريبي حوالي 400 كلّم. كانت تعتبر واحدة والبنطس. يصل بعض قممها إلى ما يزيد على الألف من الأمتار علواَ. فيها الكثير مما يشبه الأبراج الصخرية المسننة والبساتين. بردها في الشتاء قارص وحرّها في الصيف لاهب وربيعها طوفان وبرد ورياح شديدة. مشهورة بأحصنتها والتندر الساخر لشعبها. يتّسم شعبها بالجد والصرامة والرقة في آن. كان يحلو لجيرانها أن يخبروا بشأنّها أن أفعى لسعت كبادوكياً فماتت الأفعى. وكانت لسكانها لكنة فظة قاسية على آذان الهيلينيين. أمّا قيصرية فكانت العاصمة المدنية والكنسية لكبادوكيا. سكانها، في ذلك الزمان، كانوا في حدود النصف مليون. وهي مدينة مهمة فسيحة رخامية الأعمدة. غنية بقصورها. تزدان بالجنائن المعلّقة. وتقع على الطريق الروماني الواصل أفسس بالمشرق. عند سفح جبل أرغايوس، وسينوبي ببابل والفرات. تجارتها واسعة مزدهرة. تتفاعل فيها تأثيرات حضارية شتّى، فارسية وسورية وهيلينية. في هذا المناخ الطبيعي والإنساني والحضاري ترعرع قدّيسنا. نشأة القدّيس ودراسته: كان القدّيس باسيليوس معتل الصحة منذ طفوليته. وقد ذكر أخوه، القدّيس غريغوريوس النيصصي، أن مرضاً خطيراً أصابه وهو صغير كاد أن يقضي عليه لولا صلوات أمه وتضرعاتها. طفولته الأولى كانت في حضن جدتّه. كما ذكرنا، ثم اهتمت به أخته الكبرى مكرينا، رباه والداه على محبة الكلّمة وجمال التعبير وحسن الأداء. فلما رقد أبوه تردد على دور العلم في قيصرية لبعض الوقت ثم انتقل إلى القسطنطينية وقيل إلى أنطاكية أيضاً. ويبدو أن احد معلميه كان ليبانيوس المعروف الذي شهد أنّه كان يشعر بالغبطة كلّما سمعه يتكلّم. سنة 351م طلب العلم في أثينا حيث أقام خمس سنوات يدرس على كبار معلمي زمانه التاريخ والشعر والهندسة وعلم الفلك والمنطق والبلاغة والبيان والفلسفة والطبابة العملانية. ويظهر أن باسيليوس تمكن جيداً مما تعلمه وبرز فيه. نقطة تحول: في حدود السنة 351م، لما غادر القدّيس باسيليوس إلى أثينا لمتابعة دراسته تحوّلت أخته الكبرى مكرينا إلى البيت العائلي في «أنيسي» فحوّلته ديراً منشئة رهبنة نسائية. كانت قد التزمت العفة بعدما توفي خطيبها. وقد انضمت إليها والدتها أمّاليا التي أخذت تعامل إماءها كمساويات لها، ورافقها بطرس، أصغر الأبناء، فيما اعتزل نكراتيوس برفقة خادم في مكان ما من البنطس وسلك في الفضيلة. فلما عاد باسيليوس إلى قيصرية اكتشف تغييرات جمة حصلت في محيطه العائلي: قسم من أحبائه صار رهباناً! لم يبال أول الأمر. ويبدو أنّه صار أستاذاً في البيان والخطابة في جامعة قيصرية حيث راج صيته فانتفخ. شواهده برمتها كانت من التراث الكلّاسيكي الأدبي والفلسفي. فخشيت عليه أخته مكرينا واتهمته بالاستكبار واحتقار الناس والإدعاء. فأثر كلّامها فيه ولكن ليس إلى حد تغيير وجهة سيره. كانت الحاجة إلى صدمة أكبر تصيبه فتخرجه من سباته وغروروه. وحلت به الصدمة! فجأة رقد أخوه نكراتيوس الذي كان يصغره بسنة أو اثنتين. وكان أكثر إخوته جمالاً وأشدهم بأساً وأحدهم ذكاء وأوفرهم مواهب. خرج ليصطاد سمكاً فأعيد ميتاً. كأنما ضربته الصاعقة! لم تظهر عليه علامات المرض ولا كان ما يشير إلى إمكان وفاته. إذ ذاك بان لباسيليوس بطلان ما حصّله في أثينا وما سار عليه، فجلس عند قدمي أخته مكرينا يتعلم منها سرّ التخلي وحياة الفضيلة. ثم اقتبل سرّ العماد. معمودية الأطفال كانت ممارسة في ذلك الزمان، ولكن كانت ممارسة أيضاً عادة تأجيل المعمودية إلى سن متأخرة لأن الاعتقاد القوي كان أن من أزمع على المعمودية طلق حياة الخطيئة بالكلّية وسلك في حياة الفضيلة وإلا خسرّ النعمة الإلهية. وقد روى القدّيس باسيليوس قصة هدايته في الرسالة 223 فقال: «بعد أن أمضيت زمناً طويلاً في الأباطيل وصرفت عهد شبابي في الكد والجد في تحصيل العلوم وبلوغ حكمة تنكرها الحكمة الإلهية، صحوت يوماً كما يصحو النائم من رقاد عميق، ولمحت النور الباهر المشرق من تعليم الإنجيل. فعرفت بطلان الحكمة التي كنت قد تعلمتها وأدركت فراغها وزوالها وأسفت أسفاً شديداً على ما مر من عمري حتى الآن... فتشت عن صديق يدلّني على طريق التقوى... وأصبح جل اهتمامي أن أعمل على إصلاح أخلاقي بعد أن أفسدها طول اختلاطي برفقاء السوء. ثم قرأت الإنجيل ورأيت أن لا سبيل إلى بلوغ الكمال إلا بأن يبيع المرء ما له ويعطي الفقراء نصيبهم ويتخلّى عن مطامع الحياة جميعها حتى لا يبقى للنفس ما يعكر صفوها من كلّ ما في الدنيا...» نحو الرهبنة: اتصل باسيليوس بأفسطاتيوس السبسطي الذي كان معروفاً، يومذاك، في الأوساط الرهبانية، بنظرياته وطريقته المتشدّدة. ولعل إرشادات أفسطاتيوس هي التي شجّعته على القيام برحلة إلى المراكز البارزة للحياة الرهبانية في العالم المسيحي. مصر وفلسطين وسوريا وبلاد ما بين النهرين فزار كبار المتوحدين المعروفين في ذلك الزمان كما أقام في الأديرة المعروفة. أذهله تقشّف النسّاك وعكوفهم على الصلوات الطويلة. والحق أن رحلته هذه نفعته نفعاً كبيراً. إذ أنّه أطّلع على مختلف أنماط الحياة النسكية ووقف على مبالغات بعض الرهبان التي اعتبر، كما ذكر هو فيما بعد، أنّها تتخطى حدود الحرص والحكمة. كذلك مكنّته المعطيات التي اجتمعت لديه من تبين مخاطر العزلة الكاملة وضرورة إيجاد طريقة تجمع، في آن، ما بين المرونة والدقة بحيث تحافظ على خير ما هو موجود وتنمية وتجتنب ما هو مشكوك فيه وتلغيه. فلما عاد إلى بلاده في الكبادوك بدا مستعدًّا للخوض في خبرات وتأمّلات رهبانية أبرزت اتجاهاته الشخصية في هذا الشأن. رهبنته: اختار القدّيس باسيليوس، بعد جهد، مكاناً اعتبره أكثر الأمكنة التي عرفها ملاءمة للحياة الرهباينة: أيبورا الواقعة على ضفة نهر إيريس مقابل أنيسي حيث أنشأت أخته مكرينا ديرها. هكذا وصفه: «... مكان يتوافق تماماً ورغبتي الشديدة في النسك والعزلة... هناك جبال عالية تكسوها الأشجار المختلفة، تشق سفوحها وأعماقها وديان متعرجة. تنبسط عند أقدامها سهول خصبة تتفجر منها أنّهار وجداول... مثل جزيرة لا يضاهيها جملاً وروعة ولا حتى جزيرة «كالبسو» التي تغنّى بها هوميروس. وعلى مرتفع، وسط هذه البقعة، يقوم منسكي الذي يشرف على كلّ تلك الأرجاء... النهر يجري هادراً وتنظر الأزهار المتنوعة وتسمع تغريد الطيور الممتزج بخرير الماء. لكن المهم... تلك العزلة التي أتمتّع بها... بعيداً عن ضجيج العالم. ولا يأتيها الزوار إلا نادراً. لم يُقم باسيليوس في المكان وحيداً. انضم إليه بعض طلاب الحياة الرهبانية وكذلك، ولو بعد تردد، صديقه الصدوق القدّيس غريغوريوس اللاهوتي. ذكر باسيليوس ما كان يقوم به في الموضع فحصر اهتماماته في أربعة: الاختلاء، الصلاة الممتزجة بالنشيد والتسبيح، قراءة الكتاب المقدّس وكتب الآباء والتأمل. ولكن، تحدّث سواه عن نسكه فأورد أخوه القدّيس غريغوريوس النيصصي أنّه « لم يكن يملك إلا رداءً واحدًا وثوبًا واحدًا وخشبة وبساطًا يفرش على الأرض. وكان يأكلّ فقط الخبز والملح والأعشاب البرية ويشرب، ليطفئ ظمأه، الماء العذب النابع من الجبل.وهكذا، هذا الإنسان الذي تربّى في الغنى والبحبوحة كان في هذه العزلة ناحل الجسم، شاحب الوجه بسبب الصوم. عائشاً دون امرأة ودون خيرات البتة. كما أضحى دون لحم يغطّي جسمه ودون دم يجري في عروقه...» وقد ورد أن باسيليوس وصديقه غريغوريوس كانا يعملان بأيديهما ويحملان الحطب وينقلان الأثقال وأن آثارها بقيت على أيديهما طويلاً. كذلك قيل أن الخبز الذي اعتادا تناوله كان جافاً وسيّء الصنع وشاق المضغ. كان القدّيس باسيليوس في رهبنته، ويمكنك القول في حياته، عنيفاً حيال نفسه. كان يطيب له أن يستشهد بمتى الرسول القائل: «ملكوت السموات يُغصب والغاصبون يختطفونه» (12:11). فولاذي المعدن كان. بعض المعلّقين قال أنّه بدا في مشيته كما لو كانت الأرض ملكاً له. وما سار عليه طالب به رهبانه. لم يطلب من الآخرين غير ما التزم هو به. اهتم القدّيس باسيليوس بالرهبنة المشتركة ووضع لها قواعد تحكمها. ولنا منه القوانين المطولة الخمسة والخمسون والقوانين المختصرة الثلاثمائة والثلاثة عشر. موهبته كمشرع كانت فذّة. لكنه لم يغفل أهمية المناسك قريباً من الأديرة المشتركة. كهنوته: قيل عن القدّيس باسيليوس أنّه صار قارئاً في حدود العام 359م وشماساً سنة 360م بيد أساقفة ديانوس، وربما لاونديوس. على أن ثمة من يذكر أن الذي سامه شماساً كان القدّيس ملاتيوس الإنطاكي. ثم جعله أفسافيوس القيصري كاهناً سنة 362 أو 363م. وصار رئيس أساقفة قيصرية سنة 370م. علاقته باٍلأساقفة كثيراً ما كانت موجعة. ديانوس الضعيف وقع دستور إيمان هرطوقياً فقطع باسيليوس الشركة معه لبعض الوقت. وأفسافيوس الذي سامه كاهناً اصطدم به مرات. هذا الأخير كان موظفاً قبل أن يصير أسقفاً. وكان كثير الاهتمام باللياقات والاستقبالات، ودون باسيليوس معرفة إن بالإلهيات والإداريات أو بالتشريع ورعاية النفوس. لذلك كان الرجلان يتجادلان باستمرار. الغيرة استبدّت بالأسقف إلى حد أنّه لم تعد تُعرف أسباب الخلاف بينهما. فعاد باسيليوس إلى إيبورا. وقد راودته فكرة الوقوف في وجه الأسقف، وحتى مقاومته، لكن كان لصديقه القدّيس غريغوريوس اللاهوتي دور المهدئ فسكت ولو على مضض. وما لبث أفسافيوس الأسقف أن استدعى باسيليوس من جديد لحاجته إليه إثر تولي والنس الآريوسي السلطة (365م). القدّيس غريغوريوس اللاهوتي توسّط فكتب لباسيليوس قائلاً: «عجل بالرجوع إلى قيصرية. الأسقف يبدي نحوك العواطف الكريمة المتوسلة... أعداء الإيمان القويم ينشطون.... الحقيقة في خطر». أسقفيّته: توّفي أفسافيوس سنة 370م وانطرح موضوع خلافته. حميت المعركة. الآريوسيون كانوا أقوياء، والفريق الأرثوذكسي مشتت. غريغوريوس الشيخ ، والد القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، لعب دوراً بارزاً. تهافت الأساقفة من كلّ حدب وصوب. القدّيس غريغوريوس الشيخ، رغم سنّه ومرضه، تمكّن من استقطاب العديدين. وثمة ما يوحي أن أساقفة من خارج حدود المتروبوليتية اشتركوا في اختيار رئيس الأساقفة الجديد. إحدى المآخذ على باسيليوس كانت أنّه مريض، لا بل معتل الصحة. فسأل غريغوريوس المعارضين: ما المطلوب؟ أسقف أم مصارع! ثم القدّاسة واعتلال الصحة يبسيران يداً بيد! أخيراً نجح باسيليوس، ربما بفضل أصوات غريغوريوس الشيخ وصحبه، أو حتى صوت غريغوريوس بالذات. إلى هذه الدرجة كان الصراع عنيفاً! على هذا النحو ربح باسيليوس معركة، ولكن كانت بانتظاره معارك. معركة الفساد في صفوف الكهنة كانت إحداها. فبعد سنتين من تولّيه الأسقفية قال: «بادت كرامة الكهنوت! ليس بعد من يرعى رعية الرب بحكمة. قوم متكبرون يبذرون مال الفقير على ملذاتهم وتوزيع الهدايا. ليس بعد حفظ القوانين مصوناً. إجازة ارتكاب الخطايا باتت وسع الأرض. والذين وصلوا إلى مناصبهم بالمحاباة يردون لسادتهم الجميل بغض الطرف عن الخطايا والموبقات التي يرتكبونها. الحكم بالحق مات. كلّ يتبع نزوات قلبه. تخطى الشر الحدود». مجاعة ومرض: سنة 368م، وباسيليوس كاهن، حلّت بقيصرية الفواجع. ضربتها عواصف البرد ثم جاء الطوفان. ثم الهزات الأرضية. فالجفاف. باسيليوس تحدث عن الطوفان الذي تخطى كلّ الحدود. شحت المواد الغذائية وانقطع الاتصال بالمقاطعات المجاورة فحصلت المجاعة. وقد كتب القدّيس غريغوريوس اللاهوتي يقول: «أن قيصرية قاست مجاعة هائلة لم يسمع بمثلها من قبل. كلّ سكان المدينة كانوا مرضى ولم تعد ترد إليهم أية معونة من الخارج. لم يبق في المدينة شيء يباع أو يمكن أن يُشترى. وفاق كلّ هذا فظاعة مشهد القسوة والجشع عند التجار والملاكين...» انبرى باسيليوس لعمل الرحمة بلا هوادة. باع ما كان يمكن بيعه من أملاك تركها له والداه واشترى بثمنها طعاماً للجائعين. نظم مخزناً شعبياً جمع فيه ما تيسرّ له من أغذية وثياب. أخذ يوزعها بنفسه على البائسين والفقراء والمسنين. كان يطعم الجائعين بيديه ويغسل أقدامهم ويطوف على المرضى والمحتاجين بثيابه السميكة المغبرة في عز حر شهر آب. كذلك رفع صوته في مواعظ ألهبت النفوس أكثر مما ألهبت الشمس الأبدان. كثيرون فتحوا مخازنهم وبيوتهم على الأثر. وإلى تلك الفترة تعود أهم مواعظه في شأن العناية بالفقراء.: « بم تجيب الله الديان العادل أنت الذي يلبّس جدران منزله ذهباً وعاجاً، ولا يكسو أخاه بثوب؟. أنت الذي يزيّن خيوله ولا يلتفت إلى بؤس أخيه. أنت الذي يدع السوس يقرض قمحه ويبخل به على الجائعين. أنت الذي يكدّس الذهب ولا ينهض لمعونة المعوزين!». وأيضاً « إن لم يكن عندك من الغذاء غير رغيف واحد وقرع بابك سائل، فأخرج هذا الرغيف الواحد من خزانتك وقل له: يا رب لم يبق لي إلاّ هذا الرغيف الواحد والمجاعة تهددني. لكني أفضل وصيتك على نفسي، وأعطي أخي الجائع من القليل الذي عندي. فأنت الآن أعن عبدك الذي هو في خطر. أنا أعرف رحمتك وأؤمن بقدرتك. فلا تحبس منتك طويلاً بل هبني إياها على حسب مشيئتك. فلو قلت ذلك لتغير الخبز الذي أعطيته في فقرك إلى حصاد وافر». صراعه مع السلطة: بقي الصراع بين القدّيس باسيليوس ووالنس الإمبراطور الآريوسي خفياًُ لبعض الوقت. ثم في السنة 371م. أصدر الإمبراطور مرسوماً بتجزئة قيصرية إلى قيصرية الأولى وقيصرية الثانية. همّه كان إضعاف باسيليوس، لا بل سحقه. لهذا فقد قدّيسنا العديد من أسقفياته بعد أن كانت قيصرية تعد خمسين أسقفاً وتمتّد ولايتها على إحدى عشرة مقاطعة.وقد رد باسيليوس بأن رفع عدداً من كنائس القرى إلى أسقفيات وجعل عليها بعضاً من المقرّبين إليه أمثال صديقه القدّيس غريغوريوس اللاهوتي وأخيه القدّيس غريغوريوس النيصصي. وقد كانت المعركة على أشدها ضده إذ كان عليلاً طريح الفراش شهرين من الزمن يشكو الغثيان والأوجاع المبرحة في الكبد والأرق والوهن. ثم في العام التالي 372م. أوفد والنس عامله مودستوس، حامل لقب كونت المشرق، ليعرض عليه إمّا الإذعان للهرطقة الآريوسية أو التخلّي عن الإدارة الكنسية. وقائع الحوار بين الرجلين حفظها القدّيس غريغوريوس اللاهوتي في مقالته 43 وفي مقالة القدّيس غريغوريوس النيصصي الأولى ضد أفنوميوس. مما جاء فيه: - مودستوس: كيف تجرؤ يا باسيليوس على تحدّي سلطاننا العظيم؟ كيف تجرؤ على الوقوف في وجهنا وحيداً؟ - قد. باسيليوس: ماذا تعني؟ - مودستوس: تعرف تماماً تمام المعرفة ماذا أعني. الجميع رضخوا، إلاّ أنت، للديانة التي يأمر الإمبراطور بإتباعها. - قد. باسيليوس: إمبراطوري أنا يمنعني من إتباعها. لا أستطيع أن أعبد خليقة، وأنا خليقة الله ومدعو إلى الاشتراك في حياته! - مودستوس: من تظننا نكون، إذن؟ لا شيء؟! - قد. باسيليوس: أنت حاكم وأحد البارزين، لكنّي لا أكرّمك أكثر مما أكرّم الله. - مودستوس: أتعلم ماذا بإمكاني أن أفعل بك؟! أمّا تخاف من سلطاني؟! - قد. باسيليوس: ماذا بإمكانك أن تفعل؟ - مودستوس: بإمكاني أن أصادر ممتلكاتك وأنفيك وأحيلك على التعذيب وأنزل بك عقاب الموت! - قد. باسيليوس: أهذا كلّ شيء؟ لست أبالي به! لا يمكنك أن تصادر مقتنياتي لأني لا أملك شيئاً، إلا إذا كنت تريد ثوبي العتيق هذا أو الكتب القليلة التي في مكتبتي. والنفي، ماذا يضيرني؟ حيثما حللت في أرض الله. والتعذيب لا ينال مني لأني ليس لي بعد جسد يحتمل التعذيب. ضربة واحدة ويأتيني الموت. أمّا الموت فمرحى به لأنّه يأتي بي سرّيعاً إلى حضرة الله المباركة. وإنني لأحسب نفسي ميتاً وأتعجل الوصول إلى القبر. فتعجّب مودستوس وتحيّر جداً وأجاب: - مودستوس: لم يجسرّ أحد قبل اليوم على مخاطبتي بهذه اللهجة! - قد. باسيليوس: ربّما لأنّك لم تلتق أسقفاً قط. وإلّا لكلّمك بالطريقة التي كلّمتك بها. نحن الأساقفة قوم ودعاء مسالمون لأن شريعتنا تأمرنا بذلك. ونحن كذلك لا مع الرؤساء وحسب بل مع كلّ الناس بلا استثناء. ولكن قيل في سبيل الله لا نحسب حساباً لشيء، لا للتعذيب ولا للموت. فالتعذيب يقوي عزيمتنا. أهنا، هددنا، افعل ما يحلو لك. مارس سلطانك علينا! ولكن ليسمع الإمبراطور كلّامي جيداً! لن تقنعنا أبداً بالانضمام إلى قوى الإثم مهما بلغ تهديدك لنا!» فعاد مودستوس إلى والنس الإمبراطور وقدّم له تقريراً بشأن القدّيس باسيليوس: «لقد دحرنا هذا القائد الكنسي. أنّه فوق التهديد وأثبت من كلّ حجة وأقوى من كلّ إقناع». ولم يستسلم والنس. عاد بعد حين فأرسل أحد أبرز جنرالاته، تيرنتيوس، عساه بالإطراء والمديح والكياسة والكلّام المليح يستميله إليه فباءت محاولته بالفشل. ديموستينوس الخصي. مهجعي الملك وأمين مطبخه كان له، هو أيضاً، دور في محاولة إقناع القدّيس باسيليوس. هذا كانت له شهرة إيجاد الحلول السرّيعة للمسائل الشائكة. حاول أن يكلّم القدّيس باللاهوت فبدى مضحكاً. شهر سيفاً في وجهه وهدده بانتزاع كبده. فأجابه القدّيس بابتسامة: ليتك تفعل، إذن لخلصتني من الألم الذي أشعر به في كبدي! ثم أن والنس في أوائل العام 373م جاء بنفسه إلى كنيسة القدّيس باسيليوس فقابله قدّيسنا، وكان مع الملك ديموستينوس الأنف الذكر. لم يسع ديموستينوس أن يحفظ الصمت ولا بدا كأنّه تعلّم درساً من محاولته الأخيرة، فأخذ يجادل في مسائل اللاهوت. كان القدّيس هادئاً وديموستينوس محتدّاً. فجأة التفت القدّيس ناحية الإمبراطور وقال له: «يبدو أن لدينا ديموستينوس آخر لا يعرف أن يتكلّم اليونانية! فخير له، والحال هذه، أن يهتم بصلصاته!». بعد ذلك عزم الإمبراطور على نفي القدّيس. ولكن، ثلاث مرّات حاول أن يوقع أمر نفيه وثلاث مرّات أنكسرّ قلمه. في المرة الثالثة جاءه خبر أن ولده غلاتوس، البالغ من العمر ست سنوات، يحتضر. وقد أرسلت إليه زوجته تقول له: «أتعلم لماذا يحتضر ولدنا؟ لأن إيمانك بالله غير مستقيم ولأنك تضطهد رجل الله!» فأرسل والنس في طلب باسيليوس وقال له: «إذا كان إيمانك مرضياً لله فاشف ولدي بصلواتك!» فأجاب القدّيس: «إذا كنت تنضم إلى جماعة الرأي القويم يحيا ولدك». فوافق الملك. وكان أن رفع باسيليوس يديه وصلّى فمن عليه الرّب الإله بشفاء ابن الملك. فسرّ الملك سرّوراً عظيماً لكن قلبه لم يكن نقياً. ولما جاء الآريوسيين ليعمّدوا الصبي، بعد حين، مات بين أيديهم. فقط في السنوات الأخيرة من عمر القدّيس باسيليوس لم يعد والنس يزعجه. لاسيما بعد صراعات نشبت حول العرش. المدينة الباسيلية: من الأعمال الملفتة التي أطلقها القدّيس باسيليوس، أسقفاً، المدينة الباسيلية التي أقامها عند مدخل مدينة قيصرية. والتي يبدو أن عجلتها بدأت في الدوران ابتداء من منتصف السبعينات من القرن الرابع الميلادي. المشروع كان مجمعاً ضخماً ضم مستشفى ومدارس مهنية ودوراً للأيتام وملاجئ للبرص وفنادق وكنائس، عدا بيوت الأطباء والعاملين. كانت الباسيلية مدينة للفقراء والمرضى والمحتاجين. القدّيس باسيليوس وظف، في المكان، معلوماته الطبّية التي سبق له أن حصلها في أثينا وغير مكان. وقد ورد أنّه كان يضم البرص إلى صدره. شهادة القدّيس غريغوريوس اللاهوتي فيه: في أكثر من موضع، في مواعظ القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، كلّام عن القدّيس باسيليوس يعكس صورة أصيلة عنه لأن الرجلين ارتبطا بصداقة تمتّنت مع الأيام منذ أن التقيا في قيصرية وعبرا بأثينا وإيبورا إلى آخر أيام باسيليوس. فلقد كتب غريغوريوس إليه مرّة يقول: « أني أتنشقك أكثر ممّا أتنشق الهواء. وأنا سواء كنت حاضراً أم غائباً، لا أعيش إلا الوقت الذي أنت فيه معي». وكتب عنه يقول: «لما حصل التعارف بيننا واتضحت رغبتنا المشتركة في درس الفلسفة الحقيقية أصبح كلّ واحد منا للآخر كلّ شيء. كان لنا سقف بيت واحد وطاولة واحدة ندرس عليها، وعواطف مشتركة. إن أعيننا كانت تحلق نحو هدف واحد، وعاطفتنا لم تكن إلا يتزيد وتترسخ يوماً بعد يوم....» هذا وفي رأي القدّيس غريغوريوس أن من الناس من برزوا في إحدى المناقب وآخرون في إحدى أشكال الفضيلة وهي كثير، ولكن ما من احد بلغها كلّها أو أدرك في المحمدة الواحدة شأواً بعيداً. أمّا باسيليوس فقد أتى على جميعها حتى أضحى مفخرة للطبيعة. باسيليوس هو الكبير، قاعدة الفضيلة للجميع. وهو رجل سخي تخطى جسده قبل أن يترك هذا العالم. غناه كان الاستغناء عن كلّ شيء. كان همه أن يكون حقيقة لا أن يظهر فاضلاً. اختار طريق الفقر والعوز ولم يرغب في الكرامة. ولما فضل طرح كلّ الأشياء التي في حوزته جاز بخفة بحر هذه الحياة. كان يعيش بالقوت الضروري فقط. ولذّته أن يمتع النظر في الزنابق والطيور. يفتخر بثوبه الوحيد وعباءته الوحيدة وافتراشه الأرض وانقطاعه عن الاستحمام. من أكرم البتولية أكثر من باسيليوس ومن سن الشريعة للجسد لا بمثاله فقط بل بجهوده أيضاً؟! عطف الجمال إلى الداخل، من الأمور المنظورة إلى الأمور الغير المنظورة. إي إنسان أكرم الفضيلة وعاقب الرذيلة، وكان عطوفاً مع المستقيمين جافياً مع المنافقين أكثر من باسيليوس، وهو الذي كانت ابتسامته في غالب الأحيان ثناء وسكوته توبيخاً يعذّب الإثم في صميم الضمير؟ أي إنسان كان حلو المجالسة مثل ما عرفت في باسيليوس أنا الذي خدمته أكثر من غيري؟ من كان أرق منه كلّاماً في رواية الأخبار وفي المزاح بأدب والتأنيب بلطف؟ لم يكن ليحول اللوم إلى خشونة ولا الصفح إلى تراخ. من فاقه في تطهير نفسه وتأهيلها للكلّام عن الأمور الإلهية؟ من استنار أكثر منه بنور اعلم فأمعن النظر في أعماق الروح ومع الله استقصى أعمال الله؟ هذّب الأخلاق كلّها وعلم سمو التعاليم فمال بالأنظار عن الحاضرات وصرفها إلى المقبلات. جماله الفضيلة وعظمته التعليم باللاهوت وسيره الحركة المتواصلة المؤدية إلى الله في مصاعدها، وقوته بذر الكلّام وتوزيعه. في اعتقادي أن أقدر الناس كلّاماً من تفرد بحفظ أقوال باسيليوس فحملها على لسانه، وفقه لها الإسماع. وحده من كلّ الذين سبقوه أغنى الراغبين علماً. اقتدى بغيرة بطرس وحمية بولس والصوت الكبير لابني زبدى وببساطة التلاميذ واعتدالهم. بعض ملامحه: ورد عن القدّيس باسيليوس أنّه كان طويل القامة، نحيف الجسم، ناشف القسمات، أصفر اللون، نظراته تأملية، أصلع الرأس تقريباً، ذا لحية طويلة. كان بطيئاً في الكلّام، كثير التفكير، خجولاً يتحاشى الجدل العلني، جريئاً، شجاعاً عندما يلتزم الدفاع عن قضية عادلة، محباً للعزلة والصمت، يتمتع بالقدرة على ضبط النفس. يحافظ على هدوئه وبرودة أعصابه. ذو أدب جم ومتوازن في التصرف. يبتسم عندما يرضى بالأمر ويسكت عندما يرفض. هذا وقد ورد أنّه فقد أسنانه في حدود السادسة والأربعين. وكانت أوجاع بدنه عارمة لدرجة أنّه من سن الثالثة والأربعين كان أعجز عن الإتيان بأية حركة من دون وجع. على أن نفسه كانت قوية. لذلك كان يعمل بشكلّ شبه متواصل. يكتب ويملي ويزور الكنائس ويقارع أعداء الإيمان ويدافع عن الأرثوذكسية. بعض ما كتب: عندنا منه شروحاته على «ستة أيام الخلق» التي قال عنها القدّيس غريغوريوس اللاهوتي أنّه لما يقرأها يشعر بأنّه متحد بخالقه ويفهم أسباب الخليقة فهماً أفضل. وله شرح للمزامير ومواعظ إيمانية ومواعظ عن عدد من القدّيسين كالأربعين شهيداً. وثمة مقالة له عن الروح القدس ورسائل تبلغ الثلاثمائة والخمسة والستين عدداً. وله أيضاً إصلاحاته الليتورجية وقوانينه الرهبانية. بعض أخباره: جاءت القدّيس مرة امرأة فقيرة ظلمها موظف حكومي عساه أن يتوسط لديه لأنّها حسبت أن الموظف كان يكن له احتراماً كبيراً. فأخذ القدّيس ورقة وكتب إلى الرجل الرسالة التالية: «هذه المرأة الفقيرة حضرت أمّامي قائلة أن رسالة مني تعني لك الكثير. فإذا كان الأمر كذلك فهات على ذلك برهاناً وأرأف بهذه المرأة الفقيرة». أخذت المرأة الرسالة وسلّمتها للموظف. فلما قرأها أجاب عليها بالكلّمات التالية: «تصديقاً لما ورد في رسالتك، أيها الأب القدّيس، فإني أرغب في إظهار الرحمة في شأن هذه المرأة لكني لا أستطيع لأنّها ملزمة بدفع الضريبة العامة». فكتب إليه القدّيس من جديد: «حسن أنك ترغب في إظهار الرحمة حيال هذه المرأة ولا تقدر. ولكن إن قدرت ولم ترغب في ذلك فإن الله سوف يحصيك مع المعوزين حتى لا تقوى على فعل ما ترغب أنت فيه». ولم يمض وقت طويل على الرسالة حتى بلغ الإمبراطور ظلمة الناس فغضب عليه وأخذ وظيفته منه وسجنه. باسيليوس وأفرام: سمع القدّيس أفرام السرّياني، وهو في الصحراء، عن القدّيس باسيليوس فأخذ يصلي إلى الله أن يريه أي نوع من الرجال يكون. وإن هي سوى أيام قلائل حتى رأى، في انخطاف، عموداً من نار رأسه في السماوات، وسمع صوتاً يقول له: «أفرام، أفرام! كما ترى هذا العمود الناري كذلك باسيليوس! فقام القدّيس أفرام لتوه إلى قيصرية آخذاً معه مترجماً ينقل له الكلّام إلى السرّيانية لأنّه كان لا يعرف اليونانية. فلما وصل إلى هناك، وكان عيد الظهور الإلهي، دخل إلى الكنيسة فعاين باسيليوس في أبهّة عظيمة فقال في نفسه: أترى تعبنا في المجيء عبثاً؟! كيف يمكن لهذا المتجلبب بالمجد والكرامة أن يكون عموداً نارياً؟! في تلك الأثناء، عرف باسيليوس بالروح بحضور أفرام فبعث إليه برئيس شمامسته قائلاً: اخرج إلى باب الكنيسة الغربي فتجد راهباً قصير اللحية، قصير القامة. فقل له رئيس الأساقفة يدعوك. ففعل رئيس الشمامسة كما أمره باسيليوس. فلما وصل إليه، بعد لأي، قال له رئيس الأساقفة يدعوه. فأجاب أفرام عبر المترجم: لا شك أنك تقصد أحداً آخر لأننا نحن غير معروفين عند رئيس الأساقفة وقد وصلنا لتونا. فعاد رئيس الشمامسة إلى باسيليوس وكان حينذاك يعظ. فإذا بأفرام يرى ناراً تخرج من فم باسيليوس متكلّماً. ثم قال باسيليوس لرئيس شمامسته: عد إلى الراهب الذي رأيته وقل له: يا سيدي أفرام، أتوسل إليك أن تأتي إلى الهيكلّ فإن رئيس الأساقفة يدعوك! فعاد رئيس الشمامسة وقال له ذلك الكلّام عينه، فتعجب أفرام ومجّد الله وسجد إلى الأرض قائلاً: حقاً أن باسيليوس كبير هو عمود من نار والروح القدس يتكلّم فيه». ثم أن التمس القدّيس أفرام أن يرى باسيليوس على انفراد بعد الخدمة الإلهية. فلما التقى الرجلان قبل باسيليوس أفرام وقال له: «أهلاً بك، يا أبانا الذي ضاعف عدد تلاميذ المسيح في البرية، وبقوّة المسيح طرد منها الشياطين. لم تحملت كلّ هذه المشاق لتأتي وتنظر رجلاً خاطئاً؟ جازاك الله خيراً عن تعبك! فأفضى إليه أفرام بكلّ ما في قلبه وتناول القدسات من يده. ولكن لما جلس الاثنان إلى المائدة ليأكلّا شيئاً أن سأل أفرام باسيليوس منة قائلاً: لقد علمت، أيها الأب القدّيس، أن الله يعطيك ما تطلب. لذا أسألك أن تصلي من أجلي ليهبني المولى القدرة على التكلّم باللسان اليوناني. فأجابه باسيليوس قائلاً: طلبك أكبر من طاقتي، ولكن، لنصلي إلى الله عسى أن يعطيك منية قلبك لأنّه قال أنّه «يتمم بغية خائفيه ويسمع تضرعهم ويخلصهم» (مزمور19:144). فبعدما صليا طويلاً راكعين، قال له باسيليوس: مر، أيها الأب المكرّم. أن نقف على أقدامنا. في تلك اللحظة بالذات أخذ أفرام يفهم اليونانية وقال هو نفسه فيها: أعضد وخلص وارحم وأقمنا واحفظنا يا لله بنعمتك». فمجّد الله كلّ الذين كانوا حاضرين. وقد بقي أفرام عند باسيليوس ثلاثة أيام، ولم يغادره إلا بعدما سامه باسيليوس شماساً وصاحبه المترجم كاهناً. رقاد القدّيس باسيليوس: رقد القدّيس باسيليوس الكبير في أوائل كانون الثاني من العام 379م عن عمر ناهز التاسعة والأربعين أو الخمسين. وقد ذكره معاصروه، ومن بينهم القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، أنّه بعدما كان ممدداً على سرّير الاحتضار وقد ضؤلت النسمة في منخاريه، إذا بالحياة تدب فيه من جديد كأنّما كان قد ترك أمراً لم ينجزه ورغب في نجازه. وبالفعل فإنه امتلأ بحيوية ووضع يده على بعض من الخدم وسامهم كهنة وشمامسة. ثم عاد وتمدّد من جديد وأسلم الروح. كلّ المدينة كانت حوله. كانت الخسارة أعظم من أن تعوّض. كانوا كمن يحاول منع باسيليوس من مغادرتهم. بان الألم سيّد الموقف وكلّ، حسب القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، كان مستعداً لأن يتنازل عن قسط من حياته لحساب راعي النفوس الكبير. ولكن، عبثاً حاولوا، لأن الملائكة أخذته. وبعدما جُعل على كرسي ومشى به المشيّعون في موكب مهيب، أخذ الناس يدوسون بعضهم بعضاً. وسقط عدد منهم صرعى. وقد التقى في مأتمه اليونانيين واليهود والغرباء. ولعل قوماً ظنوا أن مجيء المسيح ثانية كان على الأبواب. وقد جرت برفاته عجائب جمّة. كما قيل أن نفسه استقرّت قريبة من العرش الإلهي تحقيقاً لاسمه الذي معناه الملكي. هذا هو النموذج الأول للأسقف القدّيس في كنيسة المسيح. كان معلماً للمسكونة وقمراً للإيمان الأرثوذكسي وأباً للرهبان ومشرّعاً ومعيلاً للفقراء وعناية لكلّ الذين وضعوا رجاءهم على الله. ومعزيّاً للمضنوكين وسنداً للضعفاء ومؤدّباً للملوك. تعيّد له الكنيسة الغربية في 14 حزيران، وكانت، قبل القرن التاسع للميلاد، تعيّد له في أول كانون الثاني. جمجمته، إلى اليوم، موجودة في دير اللافرا الكبير في جبل آثوس. |
||||
24 - 12 - 2016, 06:22 PM | رقم المشاركة : ( 15478 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ليلة في الناصرة
ليلة في الناصرة أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ،إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. (لوقا 26:1-27). "فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: ..." "وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ." (31:1) كانت المفاجأة عظيمة، فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» (34:1) فقال لها الملاك: "اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." (35:1) فَقَالَتْ مَرْيَمُ: "هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ." (38:1) ويتحدث متى البشير قائلاً: " أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ، قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 18:1) ذُهل يوسف من هول المفاجأة، انكسر قلبه وتحيّر عقله، لكنه لم يفقد صوابه، قضى ليلة مؤلمة، لكن الرب ظهر له وكشف له السر. * إننا نتعلم من يوسف البار أمورًا كثيرة هي: -1- عدم التسرع في الحكم: لم يتسرّع يوسف البار في الحكم على خطيبته مريم العذراء حين وُجدت حبلى من الروح القدس، مع أن الأمر بالنسبة ليوسف كان محيّرًا جدًا. ولو كان يوسف تسرّع في حكمه لكان ارتكب أكبر حماقة في تاريخ البشرية. وكان قد افترى على أقدس وأطهر عذراء. إن يوسف كان بارًا وحكيمًا غير متسرّع في حكمه. هذا ما نحتاج أن نتعلّمه في هذه الأيام. فكثيرًا ما نحكم على الآخرين حسب ما يتراءى لنا ووفقًا لمفهومنا البشري دون تروٍّ، غير عالمين أن : " السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، وَالْمُعْلَنَاتُ لَنَا .." (تثنية 29:29) نعم، نحتاج أن نفهم جيدًا قول الرسول بولس : "إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ." (1كورنثوس 5:4) كم مرة تسرعنا في حكمنا على الآخرين دون أن نعلم أنهم أبرّ وأقدس منا! -2- عدم التشهير: يقول الكتاب، "فَيُوسُفُ رَجُلُهَا إِذْ كَانَ بَارًّا، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُشْهِرَهَا، أَرَادَ تَخْلِيَتَهَا سِرًّا." (متى 19:1) بحقّ كان يوسف بارًّا. في حيرته لم يفقد صوابه وحكمته، ولم يرد أن يشهّر بخطيبته بل أراد تخليتها سرًّا. إن البار لا يشهّر بخطايا الآخرين. إن خطية التشهير متفشية بين الناس في هذه الأيام، ويا للأسف حتى أن بعض المؤمنين يجدون لذة في إذاعة خطايا البعض حسب تصوّرهم، وربما تكون هذه الخطايا لا أساس لها من الصحة. إن المحبة تستر الخطايا، ولا تشهّرها. حمانا الله من خطية التشهير. لنعمل على إذاعة بشرى الخلاص، وليس على إعلان خطايا الناس. -3- طلب إرشاد الله: كانت المشكلة بالنسبة ليوسف محيّرة، لكنه تعلّم أن يضع كل أمر أمام الرب. لقد طلب إرشاد الله. نعم، فكّر كثيرًا في أبعاد المشكلة، لكنه سلّم الأمر ليد القدير. هذا ما نحتاج أن نتعلّمه نحن، لأنه توجد مشاكل لا تُحلّ بالعقل البشري أو الحكمة الإنسانية. إن الإنسان مهما وصل إلى حكمة أو علم فإنه لا يستطيع أن يدرك جوانب الأمور كلها. وتوجد أسرار لا نعرفها، ونظرتنا تكون قاصرة في أغلب الأحيان. وحكمنا على الأمور قد يكون خاطئًا وبعيدًا جدًا عن حقيقة الأمر. -4- ظهور ملاك الرب له: يقول الكتاب، " وَلكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هذِهِ الأُمُورِ، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ. لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 20:1) إن الله لا يترك أولاده في حيرة. وكل من يلتمس منه الإرشاد يجده قريبًا منه يرشده وينصحه، يعلّمه ويهديه. إن الله يكشف للقديسين الأسرار، وينير لهم الطريق، ولا يمكن أن يتركهم في حيرة لأن الكتاب المقدس يقول: "أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ." (مزمور 8:32) -5- حلّ لغز التجسد: قال الملاك ليوسف عن مريم: "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ». وَهذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا." (متى 21:1-23) في تلك الليلة كُشف الستار عن لغز التجسد ليوسف البار، ففهم أن العذراء مريم هي..المنعم عليها، والمباركة في النساء، وأنها قد وجدت نعمة عند الله (لوقا 28:1-30). وأنها ستلد عمانوئيل، الذي سيخلص العالم من الخطية. "هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ." (لوقا 32:1-33) -6- طاعة يوسف: كانت تلك الليلة بالنسبة ليوسف رهيبة جدًا، فيها كادت الأفكار تقتله وتفقده صوابه. لكن الرب لم يتركه وظهر له في حلم الليل، وكشف له لغز التجسد، فاستيقظ يوسف وهو يرنّم قائلاً: "عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ، وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّمٌ." (مزمور 5:30) نعم، ما أمجد الطاعة للرب! إن الله يعلن سرّه لخائفيه وينير لهم الطريق، ويمنحهم قوة للطاعة. ليتنا نتعلم من يوسف البار ألا نتسرّع في حكمنا على الآخرين، ونتحرّر من خطية التشهير، ونطلب إرشاد الله في كل شيء، وخاصة في الأمور التي تكون فوق مستوى إدراكنا البشري، ونسلك بموجب النور الإلهي الذي يعلنه لنا، ونحرص على طاعته حتى لا نخرج عن دائرة مشيئته الصالحة. * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
24 - 12 - 2016, 06:24 PM | رقم المشاركة : ( 15479 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل من الممكن ان يتذكر الله خطاياي مرة أخرى
سؤال من أحد الأحباء:أنا أعرف أن حينما أتوب الله ينسى الخطية، فهل من الممكن ان يتذكرها مرة أخرى، يعني هل ممكن يفضل فاكر الخطية اللي عملتها أو لما اضعف يفتكرلي كل اللي عملته قبل كده، وهل ممكن يغفر لي ابشع الخطايا اللي وقعت فيها والا فيه خطايا معينة مش ليها غفران ويفضل الله فاكرها ومش ممكن ينساها أبداً !!! _____ الإجابة _____ قبل أن أجيب أحب ناخد جولة سريعة في الكتاب المقدس: + كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا (مزمور 103: 12) + هلم نتحاجج يقول الرب أن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج، أن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف (اشعياء 1: 18) + أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي، وخطاياك لا أذكرها (أشعياء 43: 25) + قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك، أرجع إليَّ لأني فديتك (أشعياء 44: 22) + ثم قال لها مغفورة لك خطاياك (لوقا 7: 48) + فتوبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب (أعمال 3: 19) + والآن لماذا تتوانى! قم واعتمد واغسل خطاياك داعيا باسم الرب (أعمال 22: 16) + وان لم يكن المسيح قد قام، فباطل إيمانكم، أنتم بعد في خطاياكم (1كورنثوس 15: 17) طبعاً بعد هذه الجولة السريعة المختصرة، لا تحتاج لأي إجابة أو تعليق آخر، لكن دعني انبه شخصك العزيز والمحبوب من الله على شيء مهم جداً أحب أن اقوله لك ولجميع قراء السؤال والإجابة: الله لا ينسى مجرد نسيان الخطية مثلما ينسى الناس، لأن الله لا ينسى مثلنا لكنه يصفح بغسيل القلب ومحو ومسح الخطية من جذورها لأنه يغير طبيعة الإنسان، لأن دمه قادر أن يُطهر ويغسل الأعماق فلا تعود هناك خطية في كيان الإنسان لأنها اتغطت بدم شخص ربنا يسوع لأنه مكتوب: ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم (1يوحنا 1: 9) والاعتراف هنا ليس مجرد إني أقول إني أخطأت، لكن اعتراف إيمان حي بأن الله هو القيامة والحياة، وكل من آمن به ينال قوة الحياة الأبدية ويدخل في سرّ المصالحة والغفران لأنه في المسيح يصير خليقة جديدة والأشياء العتيقة تمضي تماماً حتى تتلاشى ولا يعود لها اي ذكر أو وجود (مثل إنسان مسافر فهو يعطي ظهره لبيته الذي خرج منه متجهاً نحو الغاية التي يسعها إليها، وكلما تقدم للأمام يتصاغر بيته إلى أن يتلاشى ولا يعد يراه مرة أخرى)، فكل من تقدم بإيمان نحو المسيح الرب لن يعد هو الإنسان الساقط تحت سلطان الخطية والموت، بل دخل في الخليقة الجديدة وتبع شخص المسيح الحي في التجديد، وصار يحيا في حرية مجد أولاد الله، وبذلك صار رعية مع القديسين وأهل بيت الله، فتغيرت حياته وصار شخصاً جديداً وهذا هو عمل الروح القدس في التائب أنه يغيره لشخص المسيح الكلمة أي يلبس أخلاقه (أخلاق المسيح الرب) ويدخل في سرّ روح الحياة في المسيح يسوع لذلك صار في عتق من سلطان الخطية والموت، وطبعاً هذا يستمر مع الإنسان منذ يوم بداية إيمانه وحياته مع الله ليوم انتقاله من هذا العالم، لأنه في حالة تجديد مستمر بفعل عمل الروح القدس فيه. فالله يُشرق بنوره على النفس ويبدد ظلمتها حتى أنها تصير نور فتسلك في النور: أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية (1يوحنا 1: 7)، وبذلك تصير حياة التائب الذي آمن واعترف بالله المخلص، حياة تقديس وتطهير ونمو في النعمة مستمر، لذلك لن يعود يُسمى خاطي أو قاتل أو سارق، بل الإنسان الجديد المولود من الله في المسيح يسوع، الذي له مع جميع المؤمنين إيمان حي واعي رائي: ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع (عبرانيين 10: 19).. +++ واعلم يقينا انه لم ولن (في المطلق) توجد خطية في الوجود كله (مهما ما كانت بشاعتها وقوة فعلها المُدمر) يقف امامها قوة دم المسيح الذي يطهر منها ويمحوها محواً ولا يعود لها أي ذكر قط لا أمامه ولا في الضمير، لأنه يشفي الأعماق حتى انه يرفع ملامة الضمير ويشع فرحه الخاص في النفس، فقط ثق فيه وعيش معاه ولا تترك مخدعك قط ولا إنجيلك (مهما ما حدث) لأن منه تستمد معونة القوة العُليا... كن معافي |
||||
24 - 12 - 2016, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 15480 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إيماننا الحي - إعادة فحص
المعنى العام لكلمة ولفظة الإيمان في الكتاب المقدس الجزء الثاني إيماننا الحي - إعادة فحص مفهوم الإيمان الصحيح وكيف نعيشه المعنى الأول للإيمان في الكتاب المقدس + الثقة - בָטָח - Πιστεύω + تتنوع المفردات العبرية الخاصة بكلمة الإيمان، وهي تعكس صورة الوضع الحقيقي للمؤمن بالله الحي، وللكلمة أصلين غالبين يأتيان بمعنى الأمن والرسوخ والثقة التامة: + الكلمة الأولى [אמן – אָמֵן] 'âman، وهي توحي بالرسوخ والصلابة والاستقرار إذ تحمل معنى الوقوف بحزم على أساس ثقة راسخة، ومن جهة تحليل الكلمة فهي تحمل عدة معاني كثيرة منها:** يُفيد أو يُغذي ويُدعم (دعم وتعزيز الأمانة؛ الأصالة أو طبق الأصل؛ أعمدة الباب أي التي تحمل الباب وتدعمه) ** الدفع والشركة (من جهة التحقق والتوثيق، التأكيد والدوام، أي التحقق من ديمومة الشركة واستمرارها، موثق فعال، جدير بالثقة، جاد أو الجدية) ** من المؤكد، صدَّق (عن يقين واضح لذلك يتمسك بـ) ** وهذا المستوى من الإيمان نجده في سفر التكوين: فآمن بالرب فحسبه له براً. (تكوين 15: 6) + الكلمة الثانية [בּטח – בָּטַח] bâṭach وهي توحي بالضمان وتدفع للجراءة وتؤكد على الحياة بأمان بسبب الثقة الشديدة الراسخة التي تولد الطمأنينة والراحة التامة.** وهذا المستوى نجده في المزامير التي ترجمت دعوة الرب هكذا: أَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ الْبَطْنِ. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنّاً عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي؛ إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لاَ يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذَلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ؛ الرَّبُّ عِزِّي وَتُرْسِي. عَلَيْهِ اتَّكَلَ قَلْبِي فَانْتَصَرْتُ. وَيَبْتَهِجُ قَلْبِي وَبِأُغْنِيَتِي أَحْمَدُهُ؛ تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. (مزمور 22: 9؛ 27: 3؛ 28: 7؛ متى 11: 28) أما المفردات اليونانية فهي أكثر تنوع من العبرية، وذلك لأن اليونانية لم تكن في الواقع عملية – من جهة خبرة معرفة الله الحي – لتجعل للإيمان مكاناً قوياً، حيث أنها كانت تختص بالأفكار الفلسفية وحوارات الفلاسفة وترتكز على قدرات الإنسان العقلية، ولا ترتكز على مفهوم الإيمان العملي كما كان عند شعب إسرائيل على مستوى أنهم رأوا الله الحي وسمعوا منه شخصياً بواسطة الأنبياء وأحياناً برؤية بعض الخوارق التي يصعب حدوثها طبيعياً كما هو معروف في تلك الأزمنة، وحينما بدأت الترجمة السبعينية لنقل المعاني العبرية للسان اليوناني، فقد أخذت تُدقق في اختيار الألفاظ لتوضيح المعنى المقصود كما هوَّ، ووضع المصطلحات التي تليق بالمعنى الأساسي كما قصده الله على صفحات العهد القديم حسب خبرة الآباء القديسين الذين عاشوا به، لأن الإيمان عندهم نتيجة خبرة شخصية غير منقولة، والخبرة عندهم لم تكن عن طريق المعلومات اعتماداً على فكر ومنطق وحوار أو نتيجة جدل مُثار بين الناس، بل تستند على لقاء خاص وشخصي مع الله بسماع بشارة خبر عن طريق كلمته ومعرفة دعوته ووعده، ومن هذا اللقاء الواقعي والعملي في حياتهم بدأوا يتمسكوا بوعده ويتكلموا معه في الصلاة وينطقوا ويتكلموا حسب إرسالية الله لهم، وحتى على مستوى العهد الجديد كانت نفس ذات الخبرة موجوده وحاضره، لأن الرسل لو لم يكونوا رأوا وعاينوا ولمسوا وشاهدوا وآمنوا بأنفسهم، ما كانوا تقدموا لعرش الرحمة وتكلموا مع الله بإيمان راسخ لينالوا منه نعمة لأجل العون في حينه، ولا كانوا بالتالي خبروا ببشارة الإنجيل لأجل وعد الحياة الأبدية، لذلك يقول الكتاب المقدس: آمنت (האמנתי επίστευσα trusted believed) لذلك تكلمت (مع الرب) أو بناء على هذا الإيمان تكلمت I believed, and therefore will I speak (مزمور 116: 10)؛ فنحن نؤمن بالخبر أولاً فنرى مجد الله الحي: قال لها يسوع ألم أقل لكِ أن آمنتِ ترين مجد الله (يوحنا 11: 40)، وبعد ذلك نشهد ونتكلم ونُخبَّر عنه، أي نشهد بالخبر السار ليكون كرازة حية مقدمة وعد الله للجميع:+ كل من يدعو باسم الرب يخلص. فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به!، وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به!، وكيف يسمعون بلا كارز!، وكيف يكرزون أن لم يُرسلوا!، كما هو مكتوب: ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام، المبشرين بالخيرات. لكن ليس الجميع قد أطاعوا (υπήκουσαν والكلمة في تحليل معناها السمع بانتباه to listen attentively – داخلي – المترجم لطاعة = آمنوا، بمعنى التفاعل مع سماع خبر البشارة فامتزج بالإيمان فولِّد طاعة) الإنجيل لأن أشعياء يقول: يا رب من صدق (وثق وآمن بـ) خبرنا (أو من سمع بآذان قلبه منتبهاً فتفاعل مع الخبر بالإيمان فوثق في الخبر وأطاع أي مثل من سمع قرع على الباب فقام وفتح واستقبل الشخص الواقف على الباب)؛ إذاً الإيمان πίστις بالخبر ἀκοή [خبر بالصوت يُسمع بالأُذن - hearing (the act, the sense or the thing heard)]، والخبر بكلمة الله. (رومية 10: 13 – 17) وفي تلك الحالة فأن الإيمان يتحول لعمل محبة واضح ويظهر في ترك كل شيء من القلب، وحسبان كل الأشياء خسارة ونفاية من أجل معرفة مسيح القيامة والحياة، أي طرح الكنز الفاني الذي تعلَّق به القلب، ويتعلَّق القلب ويمسك بالرب وحده (الكنز الغالي الحقيقي) فتتبعه النفس: لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً (متى 6: 21)، ثم بعد ذلك أو من خلال هذا تأتي الشهادة الحقيقية له بسلوك المحبة الواضح في حفظ الوصية، ومن ثمَّ يأتي الخبر – من واقع خبرة حقيقية – ليتم دعوة الكل لنفس ذات الشركة عينها بالإيمان الحي العامل بالمحبة: لأنه في المسيح يسوع لا (ولا هنا للجزم) الختان ينفع شيئاً ولا الغُرلة (لا هذا ولا ذاك ينفع إطلاقاً)، بل (القيمة في) الإيمان πίστις العامل (أي الفعال – نافذ المفعول) (action, operate) بالمحبة. (غلاطية 5: 6)+ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فأن الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونُخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به (فتسمعوا بالإيمان وتطيعوا الدعوة فتفتحوا قلوبكم فيأتي ويسكن فيكم) لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا، وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. (1يوحنا 1: 1 – 3) *** فلفظة الإيمان الأصلية تأتي في العبرية [bâṭach – בּטַח] ويقابلها هذه الكلمات في اللغة اليونانية: Θαρ̀ρ́έω – παρ̀ρ́ησὶα – πεὶθω – ύπὸστασις وفي الترجمة اللاتينية المعروفة بالڤولجاتا: Confide – sperare – spes أما الأصل [אמן – אָמֵן] 'âman فيقابله في اللغة اليونانية: πιστός – πστεύω وعلى الأخص هذه الكلمة التي سنشرحها بدقة فيما بعد: άλήθεια = آليثيا وفي الڤولجاتا: Veritas – fides – credere أما كلمة الإيمان نفسها ككلمة مباشرة: Faith تأتي في العبرية אמוּן (ay-moon) – אמוּנה (em-oo-nah) وهي تعني: حق – حقيقة – جدير بالثقة – محل ثقة أمن وأمان – بالصدق أو بالحق – يعتمد على – أو يتكل على Trusty - Trustworthiness – truth Firmness – security – truly – rely وتُترجم لليونانية: Ἐλπίς – ελπω = Confidence وتعني: ثقة، إيمان، سرّ، مسألة شخصية Πίστις = The truthfulness of God Reliance upon Christ for salvation Constancy in such profession Belief – Believe – Fidelity بمعنى: صدق الله، أو وضع ثقته المطلقة وصدق الله؛ الاتكال أو الاعتماد على المسيح (وحده فقط) للخلاص، كما لها معانٍ متعددة منها: ثبات – وفاء – إخلاص – ولاء – استقرار – يؤمن – يصدق – ثقة تامة – وفاء بالوعد أو العهد. وتأتي عموماً في اللغة العربية مُترجمة من أصولها اللغوية بمعنى: التصديق التام؛ والأَمْنُ (ضد الخوف)؛ وتأتي بمعنى ائتمنه على شيء، أو على وديعة خاصة؛ وتأتي بمعنى حفظ الود والقيام بالعهود على أتم وجه. عموماً نستطيع أن نقول بتركيز أن كلمة الإيمان في أصلها العبري تعني: الثقة والرجاء معاً، وهما الصفتان اللتان أخذ بهما القديس بولس الرسول قائلاً: الإيمان (πίστις) هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى (عبرانيين 11: 1)، وفي العهد الجديد عموماً، تُأخذ كلمة الإيمان بمعنى: التصديق بيقين والاعتقاد والثقة.ونجد أن الألفاظ اليونانية المتعلقة بالإيمان، تتعلق بالدرجة الأولى بمجال معرفة الله، وهي تعتبر المعاني الغالبة بوضوح، ودراسة المفردات اللغوية بالنسبة للإيمان بشكلٍ عام، توحي من أول الأمر بأن للإيمان – حسب الكتاب المقدس – له قطبين: (1) الثقة التي تتجه نحو شخص "أمين" أمانة مطلقة، وتُلزم الإنسان بالأمانة تجاهه بكل طاقاته، أي يتجه نحوه من أعماق قلبه، بكل نفسه وفكره ومشاعره وقدرته، أي بكل كيانه وملكات نفسه. (2) ومن جهة أُخرى، مسعى الذهن المستنير التي تتيح له كلمة أو بعض العلامات والإعلانات، بلوغ حقائق لا يُعاينها من الخارج، أي لا تكون عياناً يراها بعيون جسده من الخارج، أو حتى باستنتاج عقله أو بكثرة معارفه وأبحاثه الدقيقة والصحيحة، بل يراها برؤية عقله المستنير بنور فوقاني إلهي فائق: لأن عندك ينبوع الحياة، بنورك نرى نوراً؛ وأما الإيمان فهو الثقة ... الإيقان بأمور لا تُرى (عياناً). (مزمور 36: 9؛ عبرانيين 11: 1)وأيضاً قوة الإيمان ترتكز على ركيزتين: + الأولى هي: حُرية الفكر والضمير من أي تأثير أو خوف أو استعباد، أي حرية مجد أولاد الله بالنعمة المنسكبة من الله الآب بواسطة الابن في الروح القدس، وهي نعمة تحريــر النفس: فأن حرركم ἐλευθερόω (يفك قيد – يعفي من العبودية أو يحرر من الالتزام الخاص بالعبودية) الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً (حر طليق Freeborn). (يوحنا 8: 36) + والثانية هي: اليقظة الروحية والانتباه الخاص تجاه خِداع الذات التي تتدخل لمصلحتها فتفسد الانحياز إلى الحق، وهذا ما يُسمى روح الإفراز والتمييز فيما هو من الإيمان وما هو من الذات، لأن لو لم يفصل الإنسان بدقة بما هو من الإيمان الحي (الذي هو عطية الله) والحياة الروحية المستقيمة في النعمة ونور إشراقها على القلب، فمن الطبيعي أن يتوه ويضل عن الحق، وحتى لو وجد الحق وعرفه يقيناً في عقله، فأنه يحيد عنه وينحاز للباطل لمصلحة ذاته ومصلحة الأشخاص، حتى أنه على استعداد تام ان يُغير معاني ويحور ألفاظ الإنجيل وقوانين الآباء والكنيسة لكي يرائي الناس أو يفتخر بذاته، أو يحصل على مناصب وكراسي أو لكي يتملق الآخرين، أو يدعم كبرياء ذاته ويخطف رعية المسيح لحساب ذاته الخاص ويقودها نحو أفكاره واعتقاداته، ومن هنا تفسد الضمائر وتزوغ عن الحق، حتى في النهاية تُقنن الباطل وتُفسد الحق ولا تشهد له، بل تقاومه بشدة وعنف إلى اتهامه بأنه هو الهرطقة والضلال عينه، حتى يصدق الناس الكذب ويحدث عندهم حَوَّل في أعين قلوبهم وتظلم أذهانهم حتى أنهم يشتركوا في الباطل ويدافعوا عنه ضد الحق المُعلن من الله، فتكون الخطية أعظم وتظهر خاطئة جداً (رومية 7: 13)، ويضل الناس عن الإيمان الحي ليحيوا في إيمان ميت بلا معنى أو فعل يرفعهم للمجد الإلهي الحي.* عموماً أصل الكلمة في العبرية – في العهد القديم – يميل إلى العامل الأدبي الأخلاقي دون العقلي كهبة تُمنح من الله للإنسان، وذلك للثبوت في المواقف مع الله، لأن في طبيعة الحال يستحيل على الإنسان أن يقف ثابتاً أمام المتناقضات التي يراها في حياته الشخصية، أو يستطيع أن يثق في الله ثقة حقيقية (بيقين وامان تام) حينما يجد الضيقات أو الأمور المعاكسة، فلا بُدَّ من عطية إيمان خاص تأتي من الله للإنسان. * أما في اليونانية – في العهد الجديد – فتميل الكلمة بالأكثر إلى عامل المعرفة للتقرب إلى الله عن طريق الحق المُعلن في شخص المسيح يسوع الذي هو: الطريق والحق والحياة، ولذلك قال الرب يسوع: وهذه هي الحيــاة الأبديــة أن يعرفوك (γινώσκω ghin-oce'-ko) (معرفة إدراك داخلي واعي بفهم منفتح على الأسرار المعلنة) أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح (الحق) الذي أرسلته؛ لأن الناموس بموسى أُعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا؛ لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا (γνώναι - γινώσκω) أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لِأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. (يوحنا 17: 3؛ 1: 17؛ متى 13: 11) لذلك نجد أن كلمة يؤمن في العهد الجديد وبالأخص في إنجيل يوحنا تُفيد التصديق، تصديق الحق، لأن الحق هنا مُشخص، وهو شخص صادق مطلق في الصدق لأنه هو بذاته الحق نفسه لذلك حينما يقول: يا امرأة "صدقيني"، فهو ينطقها بكونه هو الحق ذاته فهو يتكلم بيقن الحق المُطلق: قال لها يسوع يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب (يوحنا 4: 21)؛ ولكن الصفة الغالبة للإيمان في العهد الجديد هي الثقة الشخصية القائمة على تصديق شخص الحق ذاته: أنتم تؤمنون بالله (الآب، أبي الخاص من جهة الطبيعة، وإيمانكم به يجعلكم أهلاً لتصدقوني وتؤمني بي على قدر المساواة معهُ) فآمنوا بي (اربطوا ثقتكم ورجاءكم في شخصي أنا) (يوحنا 14: 1)، فالإيمان باللغة الآرامية يعني الثبوت Firmness، لأن قاعدة الثبوت الجوهرية في الأدب العبري هو صلابة الثبوت الراسخ في الحق الذي يؤدي للاستقرار، أي في شخص الله الحي، فالذي يؤمن بالله إيمان حي حقيقي صادق وأصيل، هو الذي يثبت في الله أو يشترك في ثبوته كما في الصخر المستقرّ، لأن الله معروف في الفكر العبري وحسب اختبار الآباء (ابراهيم – اسحق – يعقوب.... الخ) هو صخر الدهور (أشعياء 26: 4)، أي هو الثابت على مر الدهور كلها، لذلك قال الرب يسوع: اثبتـــوا (μένω menō) فيَّ وأنـــا فيكم (وهي تأتي بمعنى يسكن ويعيش – الاستقرار في البيت – أقامه دائمة – الاستمرار في التواجد)، كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته أن لم يثبت في الكرمة، كذلك أنتم أيضاً أن لم تثبتـــوا فيَّ؛ كما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا، اثبتـــوا في محبتي (you should abide). (يوحنا 15: 4، 9)ونجد ان الرسول نفسه استلهم من واقع خبرة الحياة مع الله، نفس ذات المعنى الذي وضحه الرب، لذلك نجده يقول: + اسهروا، اثبتوا في الإيمان، كونوا رجالاً، تقووا. (1كورنثوس 16: 13)+++ عموماً المعاني الرئيسية لكلمة الإيمان والتي سنشرحها بالتدقيق واستفاضة هي كالآتي: *** الثقـــــة – الأمانـــــة – آميـــــن – الحـــــق *** ويلزمنا أن نؤكد، قبلما نخوض في الموضوع ونشرح ونتعمق في هذه الألفاظ على الآتي:+ أن الإيمان ليس هوَّ شعوراً أو إحساساً أو عاطفة انفعالية تعتمد على العواطف والأحاسيس. ++ إذن فالإيمان الحي هوَّ إدراك الله في ذاته وفينا بالروح القدس، والإيمان والثقة في مواعيده هوَّ الإيمان به. |
||||