منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21 - 12 - 2016, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 15431 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن غاب القط العب يا فار

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل شهير متوفر في عدة لغات، فيُقال مثلاً في الإنجليزية When the cat is away the mice play

والمقصود به أنه عندما تغيب الرقابة (ممثًّلَة في القط) يعبث العابثون (ممثَّلين في الفأر)، أي يفعلون ما يريدون، بغضِّ النظر عن النظام أو القواعد.

قد يكون “القط” و“الفأر” هما على الترتيب: المدير والموظف غير الأمين، وقد يكونا المدرِّس والتلميذ غير الملتزم، أو الأب والأم والابن المتمرد السالك بهواه. ولكل فأر لاهٍ عابث القِط الذي يلتزم أمام عينيه، وما أن يتوارى بعيدًا حتى يفعل ما بدا له من فساد.
ولكننا لسنا فئران، يراقبنا قِط نهرب من عينيه لنفعل ما نشاء. بل نحن أميز مخلوقات الله، خلقنا بإرادة واعية، يريد أن يرانا ونحن نطيعه اختيارًا، في السر وفي العلن، في النهار وفي الليل.
والذي يراقب تصرفاتنا ليس قِطًّا يمكن أن “يغيب” أو يتوارى أمرٌ عن عينيه، بل هو الله العظيم الذي لا يخفى عنه شيء؛ إذ أنه «لَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا» (عبرانيين4: 13). إنه مَن قال يومًا «إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟» (إرميا23: 24)؛ فأين عساك أن تختبئ منه لتفعل شرَّك دون حساب؟
بل هو من قيل عنه «مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ. مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ» (مزمور33: 13-15)، فهو لا يرى ما نعمله فحسب، بل ما في داخل قلوبنا أيضًا، و«عَيْنَاهُ تَنْظُرَانِ. أَجْفَانُهُ تَمْتَحِنُ بَنِي آدَمَ» (مزمور11: 4)، ومن يستطيع النجاح في مثل هذا الامتحان؟!
هلا أدلك على طريقٍ! لا تهرب منه محاولاً أن تتوراى عن عينيه، فهذا هو المُحال بعينه، بل اهرب إليه من شرِّك، ليخلِقك خليقة جديدة، ويراك في المسيح بلا لوم ولا عيب. افتح له قلبك ليطهِّره، يومها لن تحتاج مرة أخرى للهروب منه.
 
قديم 21 - 12 - 2016, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 15432 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ابن الوز عوام

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
“الوز” أو بالفصحى “الأوز” هو طائر غني عن التعريف، من ضمن ما يتميز به أنه يستطيع السباحة (العوم) بسلاسة وطلاقة. والمثل في معناه الحرفي أن الأوز (والذي يبيض ولا يلد) يأتي بأبناء يعرفون السباحة بالطبيعة دون احتياج أن يعلِّمهم أحد. والمثل يُقال عندما تظهر صفات أو مواهب الأب أو الأم في أبنائهما تلقائيًا؛ عندما يكون ابن الفنان فنانًا، وابن الكريم كريمًا. كما يُقال كتدليل على أن الصغار هم أبناء آبائهم بالحق إذ يحملون صفاتهم ويشبهونهم. وهذا يعلِّمنا درسًا روحيًا هامًا.
فكلّ منا، روحيًا، له أبٌ واحد من اثنين: إما الله أو إبليس! بالطبيعة نحن أولاد الغضب لأننا أولاد إبليس (أفسس2: 3)، لكن يمكن أن يتغير الحال بالإيمان القلبي الحقيقي بالمسيح «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ» (يوحنا1: 12).
وقد أكَّد الرب حقيقة مشابَهة الأبناء لأبيهم لليهود الأشرار عندما رأي عدم صدقهم ورغبتهم في قتله، فقال «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يوحنا8: 44). وعلى الجانب الآخر يحرِّض، في موعظته الأشهر، من يدعون الله أبًا: «لْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ... فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» (متى5: 16، 48).
لذا يجب أن نلتفت أن أعمالنا هي المحك الذي يُظهر طبيعتنا، وشهادة تُعلِن أمام الجميع إلى من ننتمي. يقول يوحنا الرسول: «بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ» (1يوحنا3: 10). فمن يظهر إذًا في حياتك عزيزي القاريء؟ من تقول أعمالك أنه أبوك؟
فإن كنت بالإيمان الحقيقي ابنًا لله فاسمع تحريض بولس الرسول: «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ» (أفسس5: 1)، وانتبه أيضًا لما يقول بطرس الرسول: «كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بطرس1: 14-17).
فليتنا كأبناء لله نشابه أبينا ونحيا حياة القداسة لنشابهه، فنكون قديسين لأنه هو قدوس.
 
قديم 21 - 12 - 2016, 05:31 PM   رقم المشاركة : ( 15433 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العين بصيرة والإيد قصيرة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عندما تحكي لواحد مشكلة لديك قد لا يشعر بك ولا بمعاناتك، سواء لأنه لا يهتم أو لأنه لم يجرِّب مشكلتك، أو لعلك أخطأت في اختيار الشخص الذي شكيت له. ومن الممكن أن تحكي مشكلتك لآخرٍ يكون أكثر تعاطفًا من الأول؛ فيتفاعل معك ويتعاطف مع مشكلتك، لكن عندما تنتظر منه الحل، يفاجئك بقول مِثل هذا المَثَل: “العين بصيرة والإيد قصيرة”؛ بمعنى أنه يقدِّر المشكلة لكن لا يقدِر أن يفعل شيئًا. وغالبًا لن تجد من يُقدِّر ويقدر أن يحلّ مشاكلك.
لكن أبشِر! فهناك من هو على استعداد أن يسمعك في كل مشاكلك، ويتعاطف معك، ويتدخَّل لصالحك بقدرته غير المحدودة.
يقول الكتاب، في إشعياء63: 9، عن الرب، في علاقته بالمؤمنين به، إنه: «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ»، أي أن عينيه تريان كل ظروفهم الصعبة، ويتعاطف معهم فيها. لكنه لا يكتفي بذلك، بل يُكمل بالقول «وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ». أي أنه يتدخل بقدرته لصالحهم وليحِل مشاكلهم. وبالإجمال يقول إنه «بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ».
قديمًا كان عند أسرة في بيت عنيا مشكلة موت الأخ، لعازر. وعندما رأى الرب بكاء الأختين، يقول الكتاب عنه: «بَكَى يَسُوعُ»، تعاطُفًا مع المتألمين. لكنه عمل بقدرته في حل مشكلتهم بإقامة لعازر وإعادة البهجة لهم (يوحنا 11).
لقد عاش الرب يسوع هنا في الأرض أكثر من ثلاثة وثلاثين سنة مثلنا، عاشها في ظروف صعبة جدًا، قاسى فيها من فقر وظلم وبُغضة وغدر وخيانة، وعن ذلك يقول الكتاب «مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا... لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ». ويلتفت إلينا ليطمئن قلوبنا «فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ... فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ». لذا نفعل حسنًا عندما، في كل مشاكلنا وضيقاتنا، نسمع التحريض: «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عبرانيين2: 17، 18؛ 4: 14‑16؛ 7: 25).
صديقي... في كل مشاكلك تعالَ للمسيح الذي قال «تعالوا إليَّ... وأنا أريحكم»، فهو الوحيد الذي ستجده دائمًا: عينه بصيرة ويده قديرة.
 
قديم 21 - 12 - 2016, 05:32 PM   رقم المشاركة : ( 15434 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اللي بيته من قزاز ما يحدفش الناس بالطوب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مثل شعبي شهير بالعامية المصرية، يُقال لشخص ينتقد آخر في عيب أو خطإ معروف عنه هو نفسه؛ كأن يقوم واحد معروف عنه الكذب بانتقاد كذب واحد آخر. فمن كان بيته من زجاج عليه أن يخشى أن ترتد الحجارة التي يقذفها إلى بيته فتحطِّمه.
والكتاب المقدس يحذِّرنا كثيرًا من هذا السلوك؛ أن ندين الآخرين في ما نخطئ نحن فيه. فعندما جاء الكتبة والفريسيون بالمرأة التي أُمسِكت في زنا، وكل
منهم وكأنه يَسِن أسنانه لافتراسها بسبب خطئها، كان قول الرب الواضح والصادم لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» (يوحنا8: 7). وقد انسحبوا جميعًا من أمام ذلك الذي يكشف القلوب؛ إذ لم يكن منهم مَن ينطبق عليه هذا الشرط. فما أكثر خطايا كل منا، نخفيها عن الناس، لكن المستحيل أن تخفى عن عين الله.

وفي موعظة المسيح على الجبل، يرنّ صدى تعليمه العظيم ليجتاز كل الأجيال إلى مسامعنا: «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى (إفرازات لزجة من العين) الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى7: 1-5). والكلام لا يحتاج إلى تعليق
ونحن عُرضة أن نحاول نسيان أخطائنا بأن نبحث عن أخطاء الآخرين، وهو ما يُسمَّى في علم النفس بـ“الإسقاط”، وهو حيلة دفاعية للهروب من مواجهة الأخطاء.
تعلَّمت أن أول ما يريدني الله أن أعمله إذا ما اكتشفت خطأً في آخرٍ، هو أن أفحص نفسي أولاً؛ لئلا أكون مثله أو أسوأ، والله يستخدم ذلك كجرس إنذار لي. ثم إن اجتزت هذه الخطوة باتضاع أمام الله، فعليَّ أن أصلّي كثيرًا من أجل أن يعالج الرب الخطأ في الآخر. وأخيرًا إن كنت مؤهَّلاً لمعالجة هذا الخطإ (مِن حيث السِّن والخبرة الروحية والإمكانيات) فإني أستمع لقول الكتاب: «أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ (وهُم المؤهَّلين للحل) مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا» (غلاطية6: 1). وإن لم أكن مؤهَّلاً، فلأستمر في الصلاة، وربما أمكن أن أُدخِل شخصًا روحيًّا في الأمر يمكنه الحل. وفي كل الأحوال لا يجوز لي أن أُشَوِّه سُمعة المخطئ أمام الناس.
صديقي العزيز..
ليتنا نكفّ عن “حدف الناس بالطوب”!
 
قديم 21 - 12 - 2016, 05:34 PM   رقم المشاركة : ( 15435 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أصل هذا المثل بيت شعر لأبي الطيب المتنبي، أحد شعراء العصر العباسي (القرن العاشر الميلادي)، يقول: ما كُلُّ ما يَتَمَنَّى المَرءُ يُدرِكُه تجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
وقد اقتُطع من سياقه ليدلِّل به قائله على أن ظروف الحياة تأتي عكس ما يتمنى الإنسان، كما أن السفن (كناية عن قبطانها ورُكَّابها) تتمنى أن تكون الريح سهلة ومواتية؛ أي في اتجاه سير السفينة لتدفعها للأمام، لكن كثيرًا ما تكون الرياح مضادة فتعوق مسيرتها، وأحيانًا عاتية مهاجمة قد تصل لتحطيمها.
ونحن غالبًا، ولا سيما في أيامنا الحاضرة بأوضاعها، نلوم ظروفنا أنها ضدنا، ومن وراء الظروف قد نلوم الله نفسه أنه يسمح بالظروف الصعبة، بل قد يصل الأمر بالبعض إلى إنكار وجود الله من الأساس، تحت دعوى أنه لا يمكن لإله طيب عادل أن يسمح للبشر بالمعاناة.
والحقيقة أن لله دائمًا حكمة من وراء الظروف المعاندة، يمكننا أن نرى بعض جوانبها في عودة ضالين إلى الله بسبب ضيق الظروف (كالابن الضال في لوقا15)، أو في تعديل مفاهيم خاطئة لدى البعض (كما في حالة أيوب)، أو في أن يُقاد الإنسان من خلال ظروف صعبة إلى الرفعة (كما في قصة يوسف بن يعقوب)، أو لتنقية المعدن الأصيل للإيمان. ودائمًا عند الله سبب لصالحنا عندما يسمح بالضيق (للمزيد اقرأ تثنية8: 2؛ أيوب42: 1‑6؛ يونان2: 1‑4؛ يوحنا15: 18‑21؛ رومية8: 19‑23؛ 2كورنثوس4: 17؛ 12: 7‑10؛ 1بطرس1: 6، 7؛ 3: 14؛ 4: 12‑19). ودائمًا من حقنا أن نثق أنه يجعل «كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ (أي المؤمنين الحقيقيين به)».
وفي سياق هذا المثل أتذكر القول البليغ لمزمور107: 23‑32: «اَلنَّازِلُونَ إِلَى الْبَحْرِ فِي السُّفُنِ... هُمْ رَأَوْا أَعْمَالَ الرَّبِّ وَعَجَائِبَهُ فِي الْعُمْقِ. أَمَرَ فَأَهَاجَ رِيحًا عَاصِفَةً فَرَفَعَتْ أَمْوَاجَهُ... ذَابَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالشَّقَاءِ... وَكُلُّ حِكْمَتِهِمِ ابْتُلِعَتْ. فَيَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ، وَمِنْ شَدَائِدِهِمْ يُخَلِّصُهُمْ. يُهْدِئُ الْعَاصِفَةَ فَتَسْكُنُ، وَتَسْكُتُ أَمْوَاجُهَا. فَيَفْرَحُونَ لأَنَّهُمْ هَدَأُوا، فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْمَرْفَإِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ. فَلْيَحْمَدُوا الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ».
وليتنا نفهم أن الله يتمجد في أن يُرينا أعماله في عمق الظروف!
وليتنا نتعلم طريق الصراخ إلى الرب لا الناس!
كما وليتنا نفرح به ونحمده في كل الظروف؛ إن أتت الرياح بما اشتهينا أو عكسها!
وقريبًا، وهذا رجاء كل مُخَلَّص بدم المسيح، سترسو سفينتنا في المينا الأمين، في السماء، حيث لا رياح بعد.
فهل لك هذا الرجاء؟!
إن كان لا فأسرع للمسيح فيمنحك إياه!
 
قديم 21 - 12 - 2016, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 15436 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هزيمة الشر بالخير
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كان هناك صديق اعتاد ان يذكرني ان الهدف الأول
فى التعامل مع الأشخاص او الظروف الصعبة هو الآتي:
لا تصبح ما تكره. هو لم يكن يتحدث عن كره الشخص،
لكنه يقصد اننا لا نريد ان نصبح اشرار، ملعونين، حقراء،
وآثمين في أفعالنا وحوافزنا.
نحن لا نغلب الشرير بطرق مخادعة مشينة.
نتغلب على الشر، ندفعه للهاوية،
بالقيام بما هو صحيح وملئ قلوبنا وحياتنا بالصلاح.
لا يوجد مثال اعظم من هزيمة الشر بالخير أكثر من يسوع.
 
قديم 21 - 12 - 2016, 06:11 PM   رقم المشاركة : ( 15437 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ألم الخطية الموجع للنفس والشفاء منه

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


++ ألم الخطية الموجع للنفس والشفاء منه ++


+ الخطية تؤلم النفس وتجرحها وتثقلها وتشدها للجحيم إذ تطعنها بأوجاع كثيرة لا تنتهي، وهي مُخيفة في فعلها لأنها تفصلنا عن المحبوب الذي دعانا بالمجد والفضيلة لندخل في سر الشركة التي تقطعها الخطية بسكين الآثام، فالخطية مُرعبة والتعدي التي تحمله في باطنها هو أكثر الأمراض وجعاً للنفس لأنه يمزق أوصالها ويجعلها أشلاء مُمزقة حزينة لا سلام فيها..
الخطية هي ثمرة الإرادة المخدوعة وميل القلب الخفي للخير الغير موجود الذي هو الزوان الفاسد غرس الشيطان القتال للناس منذ البدء: وأنا (الله) غرستُك (شعب إسرائيل) أجود كرمة، وزرعتك كلك أفضل زرع، فكيف تحولت إلى كرمة تنكرت لي (إرميا 2: 21)
* ولكن مهما ما كانت الخطية فهي داء ليس عديم الشفاء، لذلك أفرحوا ايها الخطاة معي ولنتقدم كلنا (معاً) بتوبة عالمين أن قانون ومقياس التوبة وميزانها حسب أساس الإنجيل ومقياس المسيح الرب المجروح لأجل معاصينا والمسحوق لأجل آثامنا والذي بجرحه شُفينا (أشعياء 53: 5) أن يقول الخاطي بصدق القلب: [ أنا تائب ]:
+ ويجب أيضاً أن تغفروا للتائبين. وإذا قال واحد من الخطاة بسريرة طاهرة "أخطأت يا رب" لوقته يُجيبه الروح القدس: "إن الرب رفع خطيئتك ولن تموت" (دسقولية 4: 15)، فأن اعترفنا بخطايانا بتواضع لن نُرد لأنه مكتوب: القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره (مزمور 51: 17)، لأن كل اعتراف صادق أمام المسيح الرب في ثقة إيمان حي بأنه هو بشخصه وذاته القيامة والحياة فسيتم فينا المكتوب عن صدق لأن الرب تكلم على فم عبيده القديسين الرسل قائلاً: أن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل إثم (1يوحنا 1: 9)، وسنسمع صوت الروح يقول: ثق يا بني مغفورة لك خطاياك (متى 9: 2).

+++ حقاً أن لنفوسنا قيمة عظيمة، والخطية تحط من قيمتنا للتراب وتضيع كرامتنا الحقيقية، فالنفس صنيع إلهي عظيم، هي كيان روحي، هي [ الموضع حيث فيه يستقر الله ]، فالله المحبة خلق الإنسان ليكون مدينته الخاصة ومكان مقرّ سكناه الشخصي. فنفوسنا جُعلت لتكون مسكن الله الحي، تخصه هوَّ وحده ويشع فيها نوره الخاص ويملأها من بهاء مجد حضوره فيها أن قبلت وخضعت له بكل تواضع القلب في طاعة إيمان حي واثق في كلمته الصادقة.
لذلك فنحن حينما ننزل لمستوى الخطية نحط من كرامة نفوسنا ونشوه هيكل الله وندنس هيكله الخاص، وهيكل الله هو نحن (جسد ونفس وروح معاً)، لذلك نحن نحتاج أن يتطهر الهيكل المُدنس بالتوبة ليرجع لجماله وبهاؤه الخاص، لذلك نحن في حاجة دائمة أن نحفظ ونصون هذه الكرامة التي منحها لنا الله، أي كرامة سُكناه فينا، ونظل دائماً على شركة حية معه متأملين في شخصه العظيم القدوس، متشحين بالمحبة الحارة والشديدة نحو شخصه الساكن فينا، فالنفس كما قال الآباء [ لأنها عاقلة فهي متشحة بقوة العقل والتعقل، والثبات في الله ].

+++ علينا الآن وفي هذه الساعة أن نعي أنفسنا ونرجع من سبينا وندرك من نحن وعلى ماذا خُلقنا ونعرف كرامتنا الحقيقية وسمو طبعنا الجديد في المسيح يسوع ربنا، وندرك أن النفس تنكسر عادة بالشهوات والخطايا، مثل الهيكل المُنهدم الذي تشوهت كل زينة فيه وفقد كل الكنوز التي في داخله بفعل عمل الأعداء. لذلك فإقامتها من سقوطها المُدمر ومن هذا الانكسار الذي ذبح كرامتها الخاصة تكون بإعادة تقديمها لله بالصلاة النقية الطاهرة وعن احتياج لإعادة بناءها مرة أخرى بقوة الله، ليُزينها الروح بزينته السماوية لتعود كهيكل مقدس بهي وأعظم مما كان فيحل فيه الله وتعكس بهاؤه بكل جواهر الروح التي تُزينها من الداخل وتنضح عليها في النهاية من الخارج، بعد ما تتشرب من النعمة وتغتسل وتتطهر وتتبرر بدم المسيح الذي يُطهرنا من كل إثم.
والله في حالة توبة النفس وقربها من شخصه بالصلاة المتواضعة والقلب المنكسر عن احتياج لغفرانه وحلوله فيها، يحرر إرادتها المسلوبة ويُدخلها في حرية مجد أولاد الله، ثم يضع وصاياه موضع التنفيذ أمامها إذ أعطاها الإرادة الصالحة، فان استجابت وعملت بالوصايا حسب أمر الرب باستدعائها لاسم الله والمُناداة باسم يسوع دائماً باستمرار ولا توقف (الصلاة الدائمة)، وبالندم على الخطايا باستمرار (التوبة الدائمة) والاتضاع والمحبة نحو الله وكل الناس، فأن الله يرى محبتها وصدق توبتها فيأتيها ويستقر فيها كما قال بفمه الطاهر: أجاب يسوع وقال له أن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً. (يوحنا 14: 23)

 
قديم 21 - 12 - 2016, 06:13 PM   رقم المشاركة : ( 15438 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لننظر بذهن مستنير

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


نرى اليوم أن كثيرين يفسرون الكتب المقدسة ويشرحون دقة الإيمان ويخطون التعاليم في كل مكان ويتأملون في كلمة الله، ولكنهم بعدم استنارة يضعون أفكار تُشابه النور ويظنون أنهم وصلوا لقمة المعرفة واكتشاف الحقيقة الدامغة، وبسبب تعاليمهم وإرشاداتهم يتعثر الكثيرين في الطريق بسبب عدم الإفراز والتمييز، لأنه يوجد طرق تظهر مستقيمة لكن عواقبها السقوط تحت وطأة عدم الفهم باستناره حقيقية لأن كلمة الله هي كلمة استعلان للنور الحقيقي: لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2كورنثوس 4: 6)، وفعلها – من جهة الخبرة في حياتنا العملية – قوة قيامة وحياة : قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا (يوحنا 11: 25)، وعلامة قوة قيامة يسوع فينا هي: فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كولوسي 3: 1)
يا إخوتي انتبهوا أرجوكم لأنه ينبغي علينا أن نستوعب سرّ كلمة الله على مستوى الخبرة في حياتنا العملية، لا بأفكارنا وما توصلنا إليه حسب ظننا وفكرنا، لأن كثيراً للأسف لا ندرك عمق اتساع كلمة الله، ويظن البعض أن الكتاب المقدس بمجرد فحصه والتأمل فيه وربط الآيات مع بعضها البعض ومعرفة معاني أصلها اللغوي (وغالباً كثيرين يربطون الآيات ويستنتجون معاني بعيداً عن النص التي أتت فيه تماماً وتعتبر غريبة عن القصد المعلن فيها)، فيضعون التعاليم في ظن يقيني عندهم أنهم عرفوا الحق والتعليم السليم الذي يبني النفس، مع أن بهذه التعاليم المشوشة لا يدخل إنسان في دائرة قوة قيامة يسوع لتسري حياة الله فيه ويدخل في مجال النور الإلهي المُعلن في الكلمة، ومن هنا لا يقدر أن يستفيد من الكلمة شيئاً غير مجرد معلومات وفكر مشوش يخطه للناس أو يحفظه !!!
فلنا أن نعلم يقيناً أن كلمة الله ليست كلمة بشر تحمل فكر أو مجموعة من العقائد المجردة أو فلسفة عقلية أو جدلية، ولا حتى تعاليم دون تمييز ولا إفراز، ولا مجرد ظنون ولا التخيلات التي يظن البعض انها تأمل، بل كلمة الله هي الله بشخصه، الله المستعلن كحياة تتدفق من الكلمة لقلب الإنسان، لأن حينما نقترب من كلمة الله بإيمان حي بشخص اللوغوس اي المسيح الرب ذاته يحدث فوراً استنارة فينكشف للقلب سر الكلمة وتدفق قوة حياة الله للقلب، فيختبر ويتذوق روح قيامة يسوع، فيدخل في سرّ حرية مجد أولاد الله والعتق من سلطان الخطية وفساد الموت: لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 2)
اليوم يا إخوتي أكتب إليكم هذا لنعي الكلمة وفعلها الواقعي في حياتنا العملية، وندخل لسر الكلمة باشتياق عظيم لننال قوة حياة يسوع التي فيها، لأن الكلمة هي شخص المسيح الرب ذاته وتحمل حياته، لكي كل من يجلس عندها - بإخلاص دون أن يضع فكره أو تأملاته فيها - يتشرب من حياة يسوع ويدخل في مجال النور، لأن وجه الرب يُشرق على النفس فتستنير، وبدورها تعكس جمال المحبوب أمام الجميع كشهادة حياة، تجعل الكل يشتاق لنفس ذات الحياة ليدخل فيها وتنعكس عليه ويعيش متغيراً كل يوم لتلك الصورة عينها كما قال الرسول: ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح (2كورنثوس 3: 18)
+++ فطوبى للإنسان الذي في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً، لأن من يجلس عند ينبوع الكتاب المقدس مرتوياً من مياهه المتدفقة المنسابة من الله على الدوام، يتقبل في نفسه ندى الروح القدس، فيرتفع للعلو الحلو الذي للقديسين فينطق تسبيحاً وتهليلاً مشتاقاً أن ينطلق ليكون مع المسيح لأن ذلك أفضل عنده جداً.
فلننتبه يا إخوتي بكل قلبنا، فأن قراءة كلمة الله وحدها والتأمل الفكري فيها لا يكفي أبداً للوصول لروح الحياة ونوال قوة القيامة، بل ينبغي أن تقودنا قراءة الكلمة إلى شخص المسيح كلمة الله المتجسد، لنتواجه معه ونطرح اثقالنا عنده، ونتوب ونرفع قلبنا إليه ونصغي لصوته، بغرض أن تكون لنا شركة معه لننال حياته ونتشرب من روحه وندخل في حياة البنوة لله فيه لنصرخ - بتلقائية دون تصنع - بالروح القدس لله الآب قائلين أبانا.
+++ فأن لم ننال قوة الحياة من كلمة الله، فلنا أن نعلم يقيناً أننا لا زلنا لم ندخل بعد في سرّ الكلمة واقعياً، ولا زلنا نقرأ كجسديين لا نستطيع أن ندخل للحضرة الإلهية.
فلنعطي لكلمة الله الفرصة (دون أن نتدخل ونفرض فكرنا ورأينا عليها) لتدخل قلوبنا وتُثمر فينا حياة، وتشرق فينا نور، ولكي ندخل في سرها، علينا أولاً أن نفهم طبيعتها كما أوضحنا ونؤمن بسرّ الحياة الذي فيها، ونقرع بابها بصلاة دائمة منتظرين أن يُنير الله ذهننا بإشراق وجه يسوع على قلوبنا، ليعطينا ذهن مستنير بنوره لأنه مكتوب: لأن عندك ينبوع الحياة، بنورك نرى نوراً (مزمور 36: 9).
فبدون إشراق نور الله على القلب يستحيل معاينة نور الكلمة، لأن كلمة الله تخص الله وحده، وإشراق الحياة فيها هي إشراقه نور وجه الله، ومن منا يقدر أن يستحضر نور الله بقدرته أوبافكاره ومعرفته حتى يضع قصد الله - أمام نفسه وامام الآخرين - بتأملاته دون أن يصغي إليه ويعرف ماذا يُريد.
إذاً فلندخل لكلمة الله بتوبة وتقوى، بوقار وإيمان ورجاء حي منتظرين عطية الله طالبين أن نتشرب من كلمته لتصير فينا حياة لنحيا به ونتحرك ونوجد.
وهبنا الله إشراق نور وجه علينا لنعاين نوره الحقيقي في كلمته، لنصير نحن أيضاً نور يُظهر نوره أمام العالم كله، ولنبتعد عن الأعشاب الضارة والغريبة والأفكار السمجة والسخيفة التي تضلنا عن الحق المعلن في ملء الزمان، وتجعلنا ندخل في طريق شبه إلهي ونظن اننا نسير حسناً وباستقامه، لأن كل من يظن انه شيئاً وهو لم ينل (من الله) حتى اللبن العقلي العديم الغش فهو يخدع نفسه، فلنجلس إذن في مخداعنا طالبين من الله عطية التمييز والإفراز لكي لا ننخدع من أنفسنا ولا نسير وفق اي تعليم غريب عن روح شخص ربنا يسوع آمين
 
قديم 21 - 12 - 2016, 06:15 PM   رقم المشاركة : ( 15439 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

رسالة يقظة على مشارف عام جديد

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

رسالة يقظة على مشارف عام جديد
2017


الزمان - الذي نعيشه - بطبعه ديناميكي متحرك غير متوقف قط حتى لو توقفنا نحن، لأن الوقت ممكن ان يأكلنا فنخسره ونفقد حياتنا وتكون خسارتنا عظيمة في آخر ايامنا، أو ممكن نسير معه ويكون لنا كنز ثمين يُحفظ لنا ذخراً لنكون محملين بكل ثمار السنين الذي عشناها سابقاً.
ولننتبه يا إخوتي لأن هناك حركة تُميز كل زمان يحيا فيه الإنسان، ونحن وصلنا لأيام تتميز بحركة ظلمة حالكة تشدّ الكيان الإنساني كلّه إلى الفراغ العميق والتيه وتسطيح الأمور والاكتفاء بالقليل وعدم التعمق والتأصل في الحق، والركض الدائم وراء أحاسيس النفس الخادعة والرأي الخاص المبتلع نبض الحياة السّاكنة في داخل قلب الإنسان.
وأيضاً نرى الكثيرين (في هذا الزمان الرديء) قد وقفت المعرفة بينهم وبين الله حاجزاً قوياً منيعاً كالحصن المبني بحجر الصوان الصلد، حتى أنهم برعوا في البحث والكتابة والرد على شبهات والدفاع عن كلمة الله.. الخ، ولكنهم ليس لديهم قوة النعمة المُخلِّصة للنفس، ولا تمتعوا بحرية ابن الله الحي، ولا حتى صار لهم رؤية الحق بإعلان يسوع المسيح في قلبهم بقوة الوصية وحفظها بالمحبة اي الحياة بها.

وهكذا صارت حركة ظلمة هذا الزمان متسلطة على كثير من النفوس لتشدهم لأسفل ليدخلوا في حالة خسارة شركة الحياة الحقيقية والأصيلة مع الله والقديسين في النور، فعوض أن يحرك قلب الإنسان الروح القدس في زمن عهد جديد مُعلن فيه مشيئة الله وسط المحن والمشقات ليرى الإنسان المجد المستتر فيها معلناً حركة الأبدية نحو الآب بالمسيح الرب في الروح القدس، صار الإنسان يسير بسرعة مذهلة (في عدم إيمان حي ظاهر في تتميم الوصية) لينحدر إلى حركة الأرضيات مُصاباً بالعمى الداخلي فلا يرى نور إنجيل المسيح الرب فلا يستنير بمعرفة الحق أي المسيح الرب، لذلك مكتوب: الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله (2كورثوس 4: 4)، فسار إلى حالة من راحة الضمير المزيف ليعيش على الأفكار اللاهوتية والمعرفة العقلية ظناً منه أنه يعرف الحق أكثر من غيره، وانه ينظر لنور إنجيل المسيح الذي يُريد أن الكل يستنير به، مع أنه في الحقيقة هو الغائب عن المسيح الرب ولا يعرفه نور مشرق لمعرفة مجد الله ليصير صورته ومجده الخاص، لأن المسيحي الحقيقي هو صورة الله ومجده.

فللأسف الشديد أن الكثيرين في هذا الزمان مضروبين بالعصيان حسب قول أشعياء النبي
+ أسمعي أيتها السماوات واصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم: ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا علي. الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم. ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الإثم، نسل فاعلي الشرّ، أولاد مفسدين، تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا الى وراء. على م تضربون بعد (تحتفلون احتفالات دينية) تزدادون زيغاناً، كل الرأس مريض وكل القلب سقيم. من أسفل القدم الى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وأحباط، وضربة طرية لم تعصر ولم تُعَصب ولم تُلين بالزيت. (أشعياء 1: 2 - 6)
لقد فتح الإنسان حصنة العظيم (أي عقله) للشرّ وقلبه للكراهية والتي خُدع فيها لأنها أخذت شكل الدفاع عن الحق وعن الكنيسة، فسلبت العداوة روحه وتركته مطروحاً للأرض على ضفاف موت الرّوح، فأصبح يُريد النقمة لنفسه والقصاص من الآخرين فاختفت المحبة وغابت كوصية في قلبه، التي يعرفها فكراً ويتكلم عنها من فوق المنابر، وضاع قناع التواضع، فظهر زيف الحياة المسيحية التي كان يحياها لأنه لم يحياها عملاً بقوة الروح القدس الذي منه تنسكب المحبة، وهذا دليل قوي على انطفاء الروح القدس.
لذلك النفوس صارت معذّبة ومسحوقة بالحزن وليس لها راحة، لذلك نرى اليوم أن الناس في هذه الأيام الصعبة تبدأ أيّامهم بالاضطراب وينهونها بالغضب، وكل واحد يشهر صليبه ويرفعه لا بالحب وبشارة الحياة في المسيح يسوع، بل في وجه الظالمين لإعلان الغضب مع أن غضب الإنسان لا يصنع برّ الله (يعقوب 1: 20)، وهذا هو ضد صليب المصالحة، لأن هذا الصليب المرفوع غريب عن صليب المسيح الذي به رفع العداوة وزرع سلاماً بين المتخاصمين بالحب، وغفر لصالبيه وأعطانا نحن الذين دُعيَّ علينا اسمه (لو كنا نؤمن به فعلاً) خدمة المصالحة: أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المصالحة (2كورنثوس 5: 19)
يا إخوتي، هذا هو الشرّ الحقيقي الذي يجب أن نحذر منه وينبغي أن نخاف جداً على أنفسنا لئلا بدون وعي منا نركب موجة الأيام وهذا العصر ونحيا في دائرة الغضب القاتل للنفس والذي يُبطل فينا صليب المصالحة فنصير أعداء المسيح الرب المصلوب لأجل المصالحة والسلام، وبذلك نخرج عن الهدف وهو إعلان كلمة الحق أي الإنجيل كما قصدها ربنا يسوع وشرحها الآباء الذين عاشوا مع المسيح متحدين به عن صدق ومتمسكين به للنفس الأخير.
فينبغي أن نحذر جداً لئلا تعصرنا هذه الأيام لو شابهنا من فيها والذين يتكلمون عن غله الغضب، فيخرُج منا روح الإنجيل وشركة المسيح، ونُترَك جيَفًا لا حياة فيها بل أموات فاقدين كل قوة تُميزنا، لأن كل واحد بنى بيتاً يُمتحن بالنار، فأن قشاً سيُحرق سريعاً ويتلاشى، وان كان خشباً سيشتعل وقتاً لكنه سينهار، اما أن كان حجراً مبنياً على صخر الدهور فأنه سيثبتن فاحذروا من هذا الزمان لئلا يُعرينا من مجد الإنجيل والنعمة وحق المسيح، لأن لو عشنا تحت سلطانه فنحن لم نؤمن بعد بالمسيح الرب كما نظن !!!
+ جربوا أنفسكم هل أنتم في الإيمان، امتحنوا أنفسكم، أم لستم تعرفون أنفسكم أن يسوع المسيح هو فيكم إن لم تكونوا مرفوضين (2كو13: 5)
فالشرّ الحقيقي هو هذا الارتداد عن عيش روح الإنجيل أي المحبة والثبات في الحق الكلمة المتجسّد لأجل خلاصنا، حقاً لم يكن عدوّ الخير أقوى ممّا هو عليه الآن، لأنه ويلٌ لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم عالماً أن له زماناً قليلاً (رؤيا 12: 12)، والإنسان هو المسئول وحده عن قوته لأنه أعطاه سلطان على ذاته بإرادته وبحريته وسعيه المتواصل ليحيا بعيداً عن شخص الكلمة يسوع المسيح الذي هو خلاصة وحياته الأبدية، لأننا في المسيح أخذنا سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوات العدو وننتصر بقوة المحبة الظاهرة في صليب المصالة: بك ننطح مضايقينا، باسمك ندوس القائمين علينا (مزمور 44: 5)

بصليب المحبة الشامخ نصرتنا الحقيقية، لأننا لا نطلب الانتقام من الناس بل الانتقام من الشرّ وكسر قوة الشرير المعاند القتال للناس منذ البدء، فأن لم ننتبه لحربنا مع قوات الشر الروحية وزادت ثقة غيماننا في المسيح الرب متكلين عليه وحده، وتركنا مخادعنا مهجورة أو عشنا حياة روحية هزيلة، نقتات على الفتات او كل سعينا من اجل أن نكون معلمينن فاننا سننهار في هذه الأيام أمام الضيقات والمشقات والآلام المتنوعة الكثيرة، لأننا أمام عدو لا يهدأ ولا ينام بل كأسد يجول ملتمساً من يبتلعهن فاحذروا من الأيام الشريرة، لأنه ان لم نعرف زماننا حق المعرفة فاننا لن نعرف كيف نعيش فيه وبالتالي سننهار تماماً ونفقد كل كنز القلب الذي جمعنا وستصير الخسارة عظيمة:
+ هذا وإنكم عارفون الوقت أنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم فأن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسُكر لا بالمضاجع والعُهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات. (رومية 13: 11 - 14)
 
قديم 22 - 12 - 2016, 05:39 PM   رقم المشاركة : ( 15440 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المطوّب الذكر غريغوريوس الرابع بطريرك أنطاكية وسائر المشرق

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من هو؟
اسمه في الأساس كان غنطوس الحدّاد. وهو إبن جرجس بن غنطوس من عبيه، إحدى قرى الغرب (جبل لبنان)، وهند بنت عسّاف سليم من كفرشيما القريبة. ولد في الأوّل من تموز من سنة 1859م ونشأ في قرية أبيه، عبيه. وصف، فيما بعد، بأنه كان معتدل القامة، صبوح الوجه، أبيض البشرة، أشقر الشعر، بهي الطلعة، ناعم اليدين، جاحظ العينين، باسم الثغر، وديعا، طاهر القلب.
تعليمه
بدت على غنطوس، منذ الطفولية، علامات الذكاء إذ كان عريض الجبهة، حاد الذهن، سريع الفهم، فاهتمّ أبواه بإلحاقه بمدرسة عبيه الأميركية حيث أتمّ دروسه الإبتدائية (1872 م). ثم انتقل الى كلية الثلاثة الأقمار الأرثوذكسية في بيروت فأنهى فيها دروسه الثانوية. وإذ لاحظه السيد غفرائيل شاتيلا، مطران بيروت ولبنان (1870-1901)، ألحقه بمدرسته الإكليريكية المتاخمة لكاتدرائية القدّيس جاورجيوس.
سيامته وترقّيه
لبس غنطوسالاسكيم الرهباني ودعي “غريغوريوس” في 19 كانون الأول 1877. تشمّس في 29 آب 1879. كهن في 6 أيار 1890. تسقّف على طرابلس في 10 أيار من السنة نفسها. وأخيرا تبطرك في 5 حزيران 1906 .
خدمته شمّاساً
بعد أن خدم غنطوس معلمه، السيّد غفرائيل، كاتباً أربع سنوات، منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره، سامه أسقفه شمّاساً وأوكل اليه مهمات كنسيّة عديدة، رغم حداثته. فاهتم بإنشاء جريدة “الهديّة” وأشرف على طبع كتاب “البوق الإنجيلي” و “الصلوات والمزامير” وعمل على نقل خطب ومقالات عديدة من اليونانية الى العربية قام بنشرها في جريدة “الهديّة”. كما أنشأ مكتبة في دار المطرانية حفظ فيها كتباً ومخطوطات قيّمة وناب عن البطريرك في جمعية القدّيس بولس الرسول. وقد ترقّت الجمعية، بهمتّه، وأخذ أعضاؤها يطوفون البلاد عاملين على نشر الثقافة الإيمانية بين الناس.
خدمته أسقفاً
اختير غريغوريوس أسقفاً على طرابلس وهو في الحادية والأربعين عقب وفاة المثلّث الرحمات، السيّد صفرونيوس (النجّار). وقد سار بالأبرشية الى ميناء التآخي والمصالحة بعدما طالت المنازعات فيها.
في هذه المرحلة، التي استمرت ست عشرة سنة من حياته، اهتمّ غريغوريوس، فيما اهتمّ، بتأسيس الأخويّة الأرثوذكسية الطرابلسية للعناية بالمحتاجين، وإنشاء مكتبة في دار المطرانية وتجديد مدرسة بكفتين، بعدما كانت متوقفة منذ بعض الوقت. كذلك تعهّد مدرسة البلمندالإكليريكية واستقدم لها مرتلين متفوّقين لتعليم الترتيل البيزنطي فيها، كما زوّدها بمكتبة ومدّ مكتبات أديار النورية وحماطورة وكفتون بالكتب والمخطوطات.
خدمته بطريركاً
خلف غريغوريوس المطوّب الذكر، البطريرك ملاتيوسالدوماني، إثر وفاته. كان له من العمر سبع وأربعون سنة. من أبرز ما جرى في أيامه عودة السلام الى مجاريه بين الكرسي الأنطاكي من جهة وكراسي القسطنطينية وأورشليم والإسكندرية من جهة أخرى. وكانت الأجواء قد اكفهرّت وانقطعت العلاقات بين الفريقين بعدما تمكّن المحلّيون من إيصال ملاتيوسالدوماني الى سدّة البطريركية سنة 1899 دون الذين كانوا يعيّنون عليها من الخارج، في اسطنبول وأورشليم وكليهما معا، منذ العام 1724 .
كبطريرك، عزّز غريغوريوس المدارس، لا سيما البلمند منها بعدما كان سلفه قد افتتحها في مطلع السنة 1900 . كما أنشأ مجلّة النعمة سنة 1909 . وسعى الى تحريك عجلة النهضة في سائر أرجاء الكرسي الأنطاكي وزار بقاعاً عديدة منها.
ترأس غريغوريوس سنة 1913 الاحتفالات الدينية المقامة في بطرسبرج بمناسبة مرور ثلاثمائة عام على تملّك أسرة رومانوف في روسيا. ولدى عودته استقدم بضعة عشر راهباً روسيا أوكل اليهم إدارة دير مار الياس شويا البطريركي. وقد أعجب نصارى المنطقة بورع هؤلاء الرهبان وزهدهم ووداعتهم ومحبتهم المسيحية الطاهرة ونشاطهم. لكنهم عادوا فتركوا لبنان سنة 1915 إثر الحرب العالمية الأولى.
أثناء هذه الحرب (1914 – 1918) تجلّت محبة البطريرك وأحشاء رأفاته على الفقراء والمرضى والمظلومين ففتح أبواب قلبه والبطريركية لكل محتاج الى أية ملّة انتمى، لا فرق، حتى دعي بـ “أب الفقير”. وله في هذا الشأن مآثر وأخبار وشهادات تناقلتها الألسن طويلاً وما زالت الى اليوم.
وفي ربيع سنة 1920، إثر مؤتمر دمشق الذي نادى باستقلال سورية الطبيعية وبايع الوجهاء والأعيان فيه فيصلاً ملكاً عليها، كان البطريرك في طليعة المبايعين. ولما رجحت كفّة الفرنسيين واضطر فيصل الى أن يبرح دمشق في تموز من العام نفسه كان غريغوريوس الوحيد الذي خرج لوداعه حفظاً للعهد وثباتاً على العقد. قال له: “إن هذه اليد التي بايعتك ستبقى على العهد الى الأبد”. فما كان من الملك فيصل سوى أن قبّلها باكياً.
صلاته وصومه ومحبته
اذا كانت الصلاة سر المؤمن ومرآته فإن البطريرك غريغوريوس الرابع، كما بدا لأهل زمانه، كان رجل صلاة ممتازاً. لا أخبار كثيرة ومفصّلة عندنا في هذا الشأن بل عيّنات. فقد ذكر عنه أنه أثناء الحرب العالمية الأولى، في مساء أحد مرفع الجبن، التقى نساء مسلمات يشكين الجوع قائلات: “نريد خبزاً يا أبا المساكين. نريد خبزاً لأطفالنا الجائعين!” فعاد أدراجه الى الدار البطريركية وأمر بأن توزّع عليهن المؤن من البطريركية ثم أقفل على نفسه راكعاً يصلي بين الساعة الرابعة من بعد الظهر والحادية عشر ليلاً. ولما جاءه طبّاخ البطريركية عارضاً إعداد بيضتين مقليتين بالسمن مع رغيف وقطعة حلوى، أجاب “لا يليق بي أن آكل وغيري يتضوّر جوعاً!”. ثم أمر بأن يعطى طعامه لأول فقير يمرّ بالبطريركية في الغد.
تأخّر البطريرك يوماً عن وجبة الطعام فحفظ له الطبّاخ حصّة مميّزة. فلما حضر ولاحظ أن ما أفرز له كان أشهى مما قدّم لسواه بادر بالقول: “أعطوني مما قدّمتم لإخوتي!”.
لما حان وقت الطعام مرة، وكان الزمن صياماً، أحضر له الطاهي إفطاره. في هذه الأثناء كان أولاد يضجّون في ساحة البطريركية فسأل عما بهم فقيل له إنهم فقراء جائعون فاستدعاهم وأعطاهم طعامه.
وقد قيل عن البطريرك غريغوريوس إنه كان يصلّي من دون ملل ويصوم من دون تذمّر. وإذ اعتلّت صحته في كبره أصرّ على ملازمة تقشفاته حتى الأخير.
هذا وكثيراً ما كان البطريرك يطوف على أفراد حاشيته سائلاً منهم الصفح عما بدر منه حتى لا يدع الشمس تغيب على غضبه.
وكان يوقظ النائمين في البطريركية ليقيم وإيّاهم صلاة السحر باكراً.
من جهة أخرى، كان البطريرك غريغوريوس يشمل كهنته، لا سيما الفقراء منهم، بعطف أبوي كبير. وإذ كان المعوزون بينهم يأتون اليه بجبب رثّة كان يعطيهم من أجود ما عنده ويبقي لنفسه الممزّقة يرقّعها بنفسه ويسكف نعله بيديه. وقد اضطرت حاشية البطريرك، تدبيراً، الى إخفاء بعض ملابسه الكهنوتية عنه حتى لا يهبها للمحتاجين، هي أيضا.
هذا وقد فتح غريغوريوس أبواب البطريركية أمام الجميع، أيّام الحرب الأولى، دونما تمييز. ويقال انه استدان أموالاً طائلة لإطعام الجائعين. من أخباره في هذا الشأن أنه كان له صليب ماسي أهداه إيّاه قيصر روسيا، نقولا الثاني. هذا رهنه البطريرك لدى صائغ يهودي دمشقي بألف ليرة عثمانية. فلاحظه أحد أغنياء المسلمين وفك رهنه وأعاده الى البطريرك. فأخذه البطريرك وباعه من جديد دون أن يدري به أحد وحفظ مثيلاً له من زجاج. هذا لم يعرف به أهل الدار البطريركية الا بعد موته.
وقد كان البطريرك يطوف مع شمّاسه وقوّاسه يجمع المطروحين في الأزقة الى الدار البطريركية والمدرسة التي تقابلها ويعنى بإعالتهم. وكثيراً ما كان يطعمهم بيده.
وقد قيل انه لما تفشّى وباء الكوليرا وغريغوريوس مطران على طرابلس، لم يهرب من المدينة بل شرع يزور المرضى ويعزّي المنكوبين ويعطف على الفقراء. ولمّا ألحّ عليه أصدقاؤه بالمغادرة أجاب: “ليست حياتي أفضل من الذين لا يستطيعون الفرار من الوباء!”.
بلغه يوما نفاذ الدقيق من البطريركية الا كيساً عزم الخدّام على خبزه وتوزيعه على الأرثوذكسيين دون غيرهم. فجمعهم وأخذ رغيفاً بيديه وقلّبه ثم نظر اليهم قائلاً: “لم أجد كتابة ما على الرغيف تقول إنه للروم دون سواهم!” وللحال أمرهم بتوزيع الخبز على الفقراء كافة دونما تفرقة.
سأل متسوّل البطريرك يوماً حسنة فقال له أحد الإكليريكيين المرافقين له: ما طائفتك؟ فانتهره البطريرك قائلاً: هل تمنع عنه الصدقة اذا كان من طائفة غير طائفتك؟ ألا يكفيه ذلاً انه مدّ يده ليستعطي لتذله بسؤالك عن عقيدته؟! ولما قال هذا أخرج نقوداً من جيبه وأعطاه إيّاها فانصرف مسروراً مجبور الخاطر.
كان البطريرك مرة في زحلة. فبعد القدّاس الإلهي تقدّم منه رجل درزي وطلب إحساناً فلم يجد البطريرك ما يعطيه فاعتذر منه وصرفه. وما كاد الرجل يبتعد قليلا حتى دفع صاحب المنزل الذي استضاف البطريرك اليه بخمس ليرات ذهبية، فنادى غريغوريوس الرجل الدرزي وأعطاه مما منّ به الرب عليه قائلاً: لقد بعث الله لنا ولك!
من جهة أخرى، عرض مرة، على ما روى الشمّاس ثيوذوسيوس مطلق، انه أثناء القداس الإلهي والبطريرك جالس في كرسيّه، خرج الشمّاس بالإنجيل ولم تكن أمامه شمعة لأنه لم يكن هناك من يحملها. فما كان من البطريرك سوى أن نزل عن كرسيه وأخذ شمعة وسار بها أمام الشمّاس وهو يحمل الإنجيل.
رقاده
لفظ البطريرك غريغوريوس الرابع أنفاسه الأخيرة في سوق الغرب عند الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء 12 كانون الأول 1928 . كانت صحته قد أخذت في التدهور قبل ذلك بثلاثة أيام فيما كان المجمع المقدّس على وشك اختتام إحدى دوراته. وقد قيل إن كلماته الأخيرة كانت “لقد صبرت حتى النهاية!”.
نقل جسده عبر بيروت الى دمشق فاستقبله خمسون ألف مسلم دمشقي غير المسيحيين وأطلقت المدفعية مئة طلقة وطلقة فيما كانت الجماهير تصرخ: “مات أبو الفقير، بطريرك النصارى وإمام المسلمين. نزلت بالعرب الكارثة العظمى!”.
وقد شارك الملك فيصل الأول من العراق بمئة فارس استقبلوا نعشه. كما شارك في الجنازة عدد كبير من شيوخ المسلمين.
مفتي البقاع، محمد أمين قزعون، قال على تابوته: “لو أجاز لنا ديننا الإعتراف بنبي بعد محمد لقلت أنت هو!”. وقد قيل إن المسلمين أرادوا الصلاة عليه في الجامع الأموي الكبير.
أحد التجّار المسلمين الدمشقيين كان يرشّ الملبّس ويصيح بأعلى صوته: “هذا القدّيس أعالني أنا وأسرتي طيلة الحرب”.
وقد ووري جسد البطريرك في مدافن البطاركة أمام الكاتدرائية المريمية.
عن القديسون المنسيّون في التراث الأنطاكي للأرشمندريت توما بيطار
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024