12 - 03 - 2024, 11:52 AM | رقم المشاركة : ( 153991 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا يسوع البار بماذا أدعوك يا شهوة قلبي! أنت كنزي الأبدي، أية كنوز في العالم تُقارن بك؟ فاعنا وارحمنا آمين |
||||
12 - 03 - 2024, 11:52 AM | رقم المشاركة : ( 153992 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا يسوع البار أنت غناي الحقيقي افتقرت فأغنيتني آمين |
||||
12 - 03 - 2024, 11:53 AM | رقم المشاركة : ( 153993 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا يسوع البار أنت هو الفنان الأعظم، أقتنيك، فأدرك أمورًا تفوق عقلي آمين |
||||
12 - 03 - 2024, 01:15 PM | رقم المشاركة : ( 153994 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك في ختام القسم الثاني من السفر يقدم لنا الحكيم صلاته التي رفعها لله لأجل طلب الحكمة. وفي عرضه للصلاة يكشف لنا عن نظرة الله للإنسان، وحاجة الإنسان إلى الحكمة الإلهية. فقد خلق الله الإنسان ليسود على الخليقة الأرضية، ولا يستطيع أن يمارس هذا العمل كما يليق دون التمتع بالحكمة الإلهية. هنا يعترف سليمان بتكريم الله للإنسان ليكون سيدًا يسوس العالم، وفي نفس الوقت يعترف بعجزه الكامل بدون الحكمة الجالسة مع الآب في عرشه. بدون الحكمة يصير الإنسان كلا شيء. أما الأمر الثاني فهو أن لسليمان كما لكل إنسانٍ رسالة خاصة تسلمها من الله. فرسالة سليمان هي أن يبني لله هيكلًا في جبل قدسه، ومذبحًا في المدينة المقدسة، مع رعايته للشعب. فهو محتاج على وجه الخصوص إلى الحكمة السماوية لتكشف له عن خطة الله وتعلمه ما يسره. امتاز سليمان الحكيم بشعوره بالالتزام، فلم يكن دوره كملكٍ استلم المملكة وهو صبي، وقد أعد له داود الملك كل الإمكانيات لبناء هيكل الله في المدينة المقدسة نابعًا عن رغبة في نوال كرامة زمنية أو مجدٍ بشري. ما كان يشغله كرجل إيمان أن يحقق الرسالة التي عهد الله له بها بكل أمانة. لقد أدرك هذا الحكيم حاجته إلى "الحكمة الجالسة إلى العرش" لتهيئته لتحقيق الغاية التي من أجلها خلقه الله. 1. الله يقيم الإنسان سيدًا 1 يَا إِلهَ الآبَاءِ، يَا رَبَّ الرَّحْمَةِ، يَا صَانِعَ الْجَمِيعِ بِكَلِمَتِكَ، 2 وَفَاطِرَ الإِنْسَانِ بِحِكْمَتِكَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الْخَلاَئِقِ الَّتِي كَوَّنْتَهَا، 3 وَيَسُوسَ الْعَالَمَ بِالْقَدَاسَةِ وَالْبِرِّ، وَيُجْرِيَ الْحُكْمَ بِاسْتِقَامَةِ النَّفْسِ. "يا إله آبائي، ويا رب الرحمة، يا صانع كل شيء بكلمتك. [1] يوجه سليمان في بداية حكمه وجهه نحو الله ليطلب منه التمتع بالحكمة. هنا يدعو الله بالألقاب التالية: أ. إله الآباء يقصد بالآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولعله كان في ذهنه أيضًا نوح وموسى النبي ويشوع بن نون وبعض القضاة وداود الملك وغيرهم. جميعهم قادة عظماء، لكل منهم شخصيته المتمايزة، لكن كل واحدٍ يكمل الآخرين، فالله هو القائد الأعظم للقادة. يدعو القادة آباء، وينسب الله نفسه للآباء: "إله الآباء". فالقيادة في ذهن سليمان الحكيم ليست إلاَّ أبوة وحنوُا وترفقًا بالغير، فيصير الكل بالنسبة له كمن في موضع الأبناء. يمارس القيادة لا من موقع السلطة حيث الأوامر والنواهي، وإنما من موقع الأبوة! إن كان خالق السماء والأرض يقدم نفسه لخليقته كإله للآباء، كم بالأكثر يليق بالقادة المدنيين والدينيين أن يفتحوا قلوبهم للآخرين بنوعٍ من الأبوةٍ. القيادة ليست مجرَّد مركز كنسي أو إدارة لأعمال معيَّنة أو مجرَّد طقوس وواجبات تنفَّذ كيفما كان، لكنَّها أولًا وقبل كل شيء هي أبوَّة، ينال الخادم هبة من الرب الذي دعاه. والله في تقديمه الأبوَّة لأولاده الخدَّام، يقدِّم لهم جوهرها وعمادها - الحب - الذي بدونه لا يمكن أن نتذوَّق حقيقة الأبوَّة أو نشعر بوجودها. إنه يدرِّب أولاده أيضًا وينمِّيهم في مدرسة الحب منذ الطفولة، لكي يكونوا مشابهين لله، فلا يكونوا آباء جافِّين، يغيظون أولادهم ويهلكونهم. لهذا نقول أن المدرسة الوحيدة التي يتخرَّج منها خدَّام الله الحقيقيُّون في العهد القديم والجديد - والتي لا تزال وستبقى هكذا حتى يتخرَّج فيها رجال الله الأمناء - هي مدرسة الحب المسيحي. * أيها المعلِّم شفيع الأسرار الإلهيَّة تكلَّم بالحب. الذي يعلِّم ولا يحب يرتدع بالسكوت، لأنَّه باطلًا يتعب بتصنيف الكلام غير المربح. الماهر العظيم إن شاء أن يربح سامعيه فليحب كثيرًا ويتكلَّم قليلًا مع تلاميذه. مار يعقوب السروجي * أعلِّم أن الرجل المتقدِّم على الجماعة والمتسلِّط عليهم، لا يؤيِّده ويفخِّمه مثل إظهاره الحب العميق لمرؤوسيه.فالأب لا يكون أبًا لمجرَّد ولادته للبنين بل لحبُّه إيَّاهم، هكذا إن كانت الطبيعة تقتضي ضرورة هذه المحبَّة، فكم بالأكثر البنوَّة التي بالنعمة؟! أعني إن كان يلزم على الشخص أن يحب أولاده الطبيعيِّين، حتى يُدعى أبًا طبيعيًا فكم بالأكثر يحب أولاده بحسب النعمة، الروحيِّين المتعمِّدين، لئلاَّ يصيروا في جهنَّم معاقبين. القديس يوحنا الذهبي الفم * مجيئه (المسيح) قد سكب على البشرية عطية عظمى للنعمة الأبوية. القديس إيريناؤس * يا لعظمة حب الله للبشر! فقد منح الذين ابتعدوا عنه وسقطوا في هاوية الرذائل غفران الخطايا ونصيبًا وافرًا من النعمة، حتى أنهم يدعونه أبًا، قائلين: "أبانا الذي في السماوات". السماوات هي هؤلاء الذين يحملون صورة العالم السماوي، والذي يسكن الله فيهم ويقيم. القديس كيرلس الأورشليمي ب. رب الرحمةما دام سليمان يتحدث مع الله طالبًا منه الحكمة التي تهبه روح الأبوة نحو شعبه، بل ونحو كل بشر، فإنه يدعو الله "رب الرحمة". إذ لا يستطيع الإنسان أن ينعم بروح الحنو واللطف والترفق بالغير ما لم يهبه الله الرحوم هذه العطية. فالرحمة في جوهرها ليست عاطفة مؤقتة نحو إنسانٍ متألمٍ أو محتاجٍ، وإنما هي شركة في سمه خاصة بالله "الحب" الحقيقي، واهب الرحمة كسمة داخلية في النفس، فيرحم الإنسان حتى الذين يقاومونه، كما يرحم الحيوانات، ويترفق بكل شيءٍ. *"طوبى للرحماء لأنهم يرحمون"... أعطى للرحماء رحمة لأنهم يقبلون مشورة حقيقية رائعة، فيعاملهم الأعظم منهم (الله) بنفس المعاملة التي يعاملون بها من هم أقل منهم "طوبى للرحماء لأنهم يرحمون". القديس أغسطينوس * لنكن رحومين، كما هو مكتوب لكي يكون الله رحيمًا بنا (مت 5: 7).* قاد موسى قطيع يثرون حميه، وأُختير من رعاية الغنم إلى رعاية شعبه، وكراعٍ صالحٍ قادهم. حمل موسى عصاه على كتفه، وتقدم شعبه الذي يقوده، ورعاهم أربعين عامًا، وكان ساهرًا يتعب من أجل قطيعه، كان راعيًا صالحًا. عندما أراد ربه أن يهلكهم بسبب خطاياهم، إذ عبدوا العجل، صلى موسى لأجلهم وطلب من ربه قائلًا: "والآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت" (خر 32: 32). هذا هو الراعي الساهر للغاية، يسلم نفسه لحساب قطيعه. هذا هو القائد الممتاز الذي يبذل ذاته من أجل قطيعه. هذا هو الأب الرحوم الذي يحتضن بنيه ويربيهم. القديس أفراهاط الحكيم الفارسي ج. خالق الكل بكلمته: يوجه سليمان صلاته إلى الله خالق الكل بكلمته أو حكمته. لا يكفي أن يكون القائد أبًا رحومًا، وإنما يلزم أن يقتدي بالله الخالق الذي أوجد كل الأشياء بكلمته الذي هو حكمة الله. فيكون القائد عاقلًا وحكيمًا. إذ يسيء البعض حتى بالنسبة لأبنائهم حيث يقدمون الحنو والعاطفة المتأججة بغير تعقل وفي غير تمييز وحكمة. لذا يحدثنا الأب غريغوريوس (الكبير) عن الرعاية أو القيادة أنها فن. * يكون دواءً حقيقيًا عندما نعالج مرضًا كائنا في الجسد وفي نفس الوقت نداوي حاجات البدن السائدة. إن كان دواءُ البدن يمكن تركيبه ووصفه ليخدم غايات متباينة، أليس حريًا بدواء الروح الذي يأتي في طيات التعليم الواحد والذي هو فن الفنون الرفيعة الذي يعالج الأمور التي لا ترى أن يقهر الشرور الأخلاقية المتنوعة؟ * العلاج في غير الوقت المناسب يجعل الجروح أكثر إيلامًا. وإذا كانت الأدوية غير مناسبة فمن المؤكد أنها لا تصلح لغرض الشفاء. * ينبغي على راعي النفوس أن يميز بحكمة وعناية ما بين الفضائل والرذائل، لئلا يتمكن البخل من قلبه، وهو يبالغ في الظهور بمظهر المدبر، أو يفخر بكرمه كما لو كان فضيلة وهو في الحقيقة مبذر ومتلف. أو يتغاضى عما يجب أن ينتقده بشدة، فيجلب على رعيته العقاب الأبدي، أو يعاقب الأخطاء بدون رحمة، فيخطئ بذلك خطأ أكبر، أو عندما يفسد ما كان يمكن أن يفعله بوقار واستقامة بتوقعاته المتعجلة والطائشة. كذلك فإن تأجيل عمل صالح قد يحوله إلى عملٍ شريرٍ. الأب غريغوريوس (الكبير) ومكوِّن الإنسان بحكمتك،لكي يسود الخلائق التي صنَعتَها. [2] د. القائد الإلهي الذي يقيم قادة لا عبيدًا يقف الحكيم في دهشة أمام حكمة الخالق التي تتجلى ليس فقط في خلقة الإنسان بهذا الإبداع الفائق، ولا باهتمامه به حيث خلق العالم من أجله، لكن ما هو أعظم الحكمة التي وهبه إياها ليسود الخليقة الأرضية. من العجيب أن يهب الخالق الإنسان هذا السلطان، ويقدم له الحكمة، ليقيم منه قائدًا يسود على العالم. إذ قال الله لآدم موصيًا إياه وزوجته ونسلهما من بعدهما: "تسلطوا على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدب على الأرض، وكل شجرٍ فيه ثمر شجرٍ يبذر بذورًا" (تك 1: 29). ويسوسَ العالم بالقداسة والبرّ، ويجري الحكم باستقامة النفْس. [3] ه القدوس البار يقيم قديسين أبرارًا يحكمون بالعدل لا بالظلم إن كان الله بحكمته كون الإنسان حكيمًا يعرف كيف يسود على الخليقة، فإنه إذ هو القدوس البار الذي بلا خطية وهب الإنسان أن يكون مقدسًا وبارًا حتى يسود العالم بالقداسة والبرّ، ويحكم في كل الأمور باستقامة نفسٍ أو استقامة قلبٍ. أقام الله الإنسان ليكون بالحق أيقونة للقدوس البار، ويصير هو نفسه هيكلًا للقدوس بلا عيب، يسكنه الله. بل ويشتهي أن يرى كل إخوته وأخواته مقدسين وأبرارًا، فيرى كل واحدٍ وواحدة في الجميع صورة الله الباهرة. بهذا ليس ما يشغل قلب المؤمن الحقيقي مثل أن يكون مقدسًا وبارًا في الرب، وأن يرى كل البشرية قد صارت مقدسة وبارة بلا لوم أمام الله. 2. الحاجة إلى الحكمة الإلهية 4 هَبْ لِي الْحِكْمَةَ الْجَالِسَةَ إِلَى عَرْشِكَ، وَلاَ تَرْذُلْنِي مِنْ بَيْنِ بَنِيكَ، 5 فَإِنِّي أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، إِنْسَانٌ ضَعِيفٌ قَلِيلُ الْبَقَاءِ، وَنَاقِصُ الْفَهْمِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّرَائِعِ. 6 عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ فِي بَنِي الْبَشَرِ أَحَدٌ كَامِلٌ؛ فَمَا لَمْ تَكُنْ مَعَهُ الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْكَ، لا يُحْسَبُ شَيْئًا. هب لي الحكمة الجالسة معك إلى عرشك، ولا تنبذني من بين أبنائك. [4] تطلع الحكيم إلى الله واهب الحكمة فرآه: · أب الآباء، واهب الأبوة الصادقة. · رب الرحمة، واهب الحنو واللطف. · الخالق بكلمته، وحكمته واهب الحكمة والتميز. · القائد الإلهي، يقيم قادة لا عبيدًا. · القدوس، المقيم قديسين شهودًا له، يحكمون بالبرّ والقداسة. هذا من جانب الله، فما هو دور الإنسان ليتمتع بحكمة الله؟ هنا يقف سليمان ليرى حكمة الله، الأقنوم الثاني الجالس على العرش، فمن يقدر أن يبلغ إليه. ليس من طريقٍ للعبور إليه، بل بتواضعه ينزل إلينا، وبروح التواضع نلتقي معه لنقتنيه. هو جالس على العرش، لكنه ليس ببعيدٍ عنا، إذ يبادر بالحب العملي، يطأطئ السماوات وينزل، ليقف عند أبواب قلوبنا يطلب الدخول. لا يقتحم قلوبنا أو أفكارنا بغير إرادتنا، إنما ينتظر أن ندعوه! من جانبنا ندرك أنه بنزوله أقامنا أبناء له، وقد فتح لنا باب المعمودية ودفع الثمن بالصليب. علينا أن نسأله في رجاء ودالة ألا ينبذنا فإننا أبناؤه. هو يقرع أبواب قلوبنا بحبه الفائق وتواضعه، ونحن نقرع أبوابه بالصلاة بروح التواضع مع الرجاء والدالة! إن كان الله قد خلق الإنسان ليسود على الخلائق ويسوس العالم بالقداسة والبرّ، فمن يقدر أن يهبه هذه الإمكانيات سوى الحكمة الجالسة على العرش الإلهي. فهي تقيم من الإنسان سيدًا حكيمًا وقادرًا على العمل بقدرةٍ وحكمة، في قداسةٍ وبرٍ. فمهما بلغ كمال الإنسان ومواهبه وقدراته وإمكانياته، بدون الحكمة الإلهية يُحسب الإنسان كلا شيء. * يلزم أن تُطلب من الله وحده الحكمة وليس من الفلاسفة أو المنجمين. الله يهب الحكمة كينبوعٍ لن تتوقف منه المياه، ويروي كل واحد يدخل به؛ أما حكمة الفلاسفة والوكالات البشرية الأخرى فلا تُعطى بسخاءٍ، وسرعان ما تجف. هيلاري أسقف آرل * أي بركة لا يقتنيها ذاك الإنسان الذي يطلب هذه الحكمة ويتقبلها من الرب؟ هذه تعطيك فهمًا. أية نعمة هي هذه؛ فلو أن هذه الحكمة هي من عندنا لما كانت من فوق، ولما كنا نطلبها من الله الذي خلقنا. القديس أغسطينوس فإني أنا عبدك وابن أمتِك، إنسان ضعيف قصير الحياة قليل الإدراك للقضاء والشرائع. [5] يعترف سليمان الملك أنه عبد للرب وابن أمته، ما يناله من الله إنما من قبيل نعمته المجانية ومحبته السخية، وليس عن استحقاق ذاتي. بروح التواضع يعلن الملك عجزه عن تحقيق رسالته التي ائتمنه الله عليها، فأيامه قصيرة وإدراكه قليل، ليست له معرفة ولا علم ولا خبرة، فهو في عوزٍ لنعمة الله واهبة الحكمة والإدراك والفهم. * الضعفاء في الجسد، والذين وهم حكماء في العالم يهجرون معرفتهم... يصيرون كأطفالٍ بمحض إرادتهم فيتعلمون الحكمة التي لا تقتنى بتعب الدراسة. القديس مار اسحق السرياني * يمنح الله الحكمة لكي ما نفهمها كما يليق. ثيؤدرت أسقف قورش * الذين يريدون أن يعودوا إلى رتبتهم الأولى، لن يمكنهم هذا إلا بالتواضع. لأن الكبرياء هو سبب السقوط في البداية من السماء. وهكذا فإن من ينقصه التواضع العميق من كل القلب والفكر والروح والجسد، لا يرث ملكوت الله. القديس أنبا أنطونيوس الكبير فلو كان إنسان في بني البشر كامل، ولم تكن معه الحكمة التي منك، يحسب كلا شيء. [6] أدرك سليمان أن الشعور بالاكتفاء الذاتي وعدم الجوع والعطش إلى الله يحرم الإنسان من كل عطية روحية إلهية، حتى وإن بدا في أعين البشر ناجحًا وصالحًا وكاملًا. * كل ما لدى الشخص خلال الخليقة الطبيعية، عندما يمارسها، ينال ما هو خلال نعمة الله. بهذا يكون لديه فيض ويصير في حالة أقوى فيما لديه. هذا ليس فقط بخصوص الحكمة، وإنما في كل أمرٍ صالحٍ يلزمنا أن نفكر مليًا في كلمات سليمان: "فلو كان في بني البشر أحد كامل، ولم تكن معه الحكمة التي منك فلا يُحسب شيئًا. العلامة أوريجينوس * الإنسان الحكيم حسب مقاييس العالم هو بالحقيقة جاهل جدًا، لأنه لا ينزع عنه التعليم الفاسد. فإن التعليم القليل أمر خطير، إذ يجعل الذين يقتنونه غير راغبين في التعلم بالأكثر. غير المتعلمين مستعدون بالأكثر للتعلم؛ إنهم ليسوا هكذا جهلاء مثل الذين يظنون في أنفسهم أنهم حكماء. القديس يوحنا الذهبي الفم 3. لكل إنسانٍ رسالة7 إِنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَنِي لِشَعْبِكَ مَلِكًا، وَلِبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ قَاضِيًا، 8 وَأَمَرْتَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَيْكَلًا فِي جَبَلِ قُدْسِكَ، وَمَذْبَحًا فِي مَدِينَةِ سُكْنَاكَ عَلَى مِثَالِ الْمَسْكَنِ الْمُقَدَّسِ الَّذِي هَيَّأَتَهُ مُنْذُ الْبَدْءِ. قد اخترتني أنت لشعبك ملكًا، ولأبنائك وبناتك قاضيًا. [7] سليمان صلى ونال، لأنه مع إدراكه بإمكانات الله الفائقة، واحتياجه إلى التمتع بحكمة الله ونعمته، أدرك أيضًا أن له رسالة خاصة متميزة لن تتحقق بإمكانات بشرية، إنما بنعمة الله المستعدة للعمل. فبجانب الرسالة العامة التي يلتزم بها كل بشرٍ، لكل إنسانٍ رسالة خاصة، يليق به إن يتعرف عليها ليحققها حسب خطة الله ومسرته الإلهية. فسليمان أُقيم ملكًا على شعب الله لرسالة حسب خطة الله. وأمرْتني أن أبني هيكلًا على جبل قُدسك، ومذبحًا في مسكنك، على مثال الخيمة المقدسة، التي هيأتها مُنذ البدء. [8] لم يكن ممكنًا لموسى النبي أن يقيم خيمة الشهادة حسب فكره البشري، إنما أقامها حسب المثال الذي أظهره له الرب في السماء، لكي تكون أيقونة السماء. فقد قيل: "الذين يخدمون شبه السماويات وظلها كما أوحي إلى موسى، وهو مزمع أن يصنع المسكن، لأنه قال: "أنظر أن تصنع كل شيء حسب المثال الذي أُظهر لك في الجبل" (عب 8: 5). والآن لم يكن في ذهن سليمان أن يبني الهيكل المقدس مطابقًا لخيمة الاجتماع، وإنما حسب الخيمة المقدسة التي هيأها الله منذ البدء، أي القائمة في السماء. هذه هي رسالة كل مؤمن حقيقي أن يقيم بروح الله القدوس والحكمة الإلهية هيكلًا للرب على مثال السماء عينها. كما يقول الكتاب المقدس: "أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟" (1 كو 3: 16). "إن كان أحد يفسد هيكل الله، فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1 كو 3: 17). "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم" (1 كو 6: 19). "من يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلى خارج وأكتب عليه اسم الهي، واسم مدينة إلهي، أورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند إلهي واسمي الجديد" (رؤ 3: 12). "الجالس على العرش يحل فوقهم" (رؤ 7: 15). * كل من تقوده كلمة الله إلى الكفاح معًا في طريق التقوى، يكون حجرًا ثمينًا في هيكل الله العظيم الواحد. لذلك يقول بطرس الرسول: "كونوا أنتم أيضًا مبنيين كحجارةٍ حيةٍ، بيتًا روحيًا، كهنوتًا مقدسًا، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله، بيسوع المسيح" (1 بط 5:2). ويقول أيضًا بولس الرسول: "مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه، حجر الزاوية" (أف 20:2). كما يوجد ما يشبه ذلك بتلميحٍ خفي في تلك الفقرة من إشعياء التي يخاطب فيها أورشليم: "هأنذا أبني بالأثمد حجارتكِ، وبالياقوت الأزرق أؤسسكِ، وأجعل شُرَفَكِ ياقوتًا، وأبوابكِ حجارة بهرمانية، وكل تخومك حجارة كريمة، وكل بنيك تلاميذ الرب، وسلام بنيكِ كثيرًا" (إش 11:54-14). إذن يوجد بين الأبرار من هم أثمد، ومن هم ياقوت أزرق، وآخرون بهرمان، أو حجارة كريمة، أي فيهم كل الأنواع للاختيار. العلامة أوريجينوس 4. صرخة ثانية لطلب الحكمة9 إِنَّ مَعَكَ الْحِكْمَةَ الْعَلِيمَةَ بِأَعْمَالِكَ، وَالَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةً إِذْ صَنَعْتَ الْعَالَمَ، وَهِيَ عَارِفَةٌ مَا الْمَرْضِيُّ فِي عَيْنَيْكَ، وَالْمُسْتَقِيمُ فِي وَصَايَاكَ، 10 فَأَرْسِلْهَا مِنَ السَّمَوَاتِ الْمُقَدَّسَةِ، وَابْعَثْهَا مِنْ عَرْشِ مَجْدِكَ، حَتَّى إِذَا حَضَرَتْ تَجِدُّ مَعِي، وَأَعْلَمُ مَّا الْمَرْضِيُّ لَدَيْكَ. 11 فَإِنَّهَا تَعْلَمُ وَتَفْهَمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ فَتَكُونُ لِي فِي أَفْعَالِي مُرْشِدًا فَطِينًا، وَبِعِزِّهَا تَحْفَظُنِي، 12 فَتَغْدُو أَعْمَالِي مَقْبُولَةً، وَأَحْكُمُ لِشَعْبِكَ بِالْعَدْلِ، وَأَكُونُ أَهْلًا لِعَرْشِ أَبِي. 13 فَأَيُّ إِنْسَانٍ يَعْلَمُ مَشُورَةَ اللهِ، أَوْ يَفْطَنُ لِمَا يُرِيدُ الرَّبُّ؟ 14 إِنَّ أَفْكَارَ الْبَشَرِ ذَاتُ إِحْجَامٍ، وَبَصَائِرَنَا غَيْرُ رَاسِخَةٍ، 15 إِذِ الْجَسَدُ الْفَاسِدُ يُثَقِّلُ النَّفْسَ، وَالْمَسْكِنُ الأَرْضِيُّ يَخْفِضُ الْعَقْلَ الْكَثِيرَ الْهُمُومِ. 16 وَنَحْنُ بِالْجَهْدِ نَتَمَثَّلُ مَا عَلَى الأَرْضِ، وَبِالْكَدِّ نُدْرِكُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا، فَمَا فِي السَّمَوَاتِ مَنِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ؟ إن معك الحكمة العليمة بأعمالك، والتي كانت حاضرة حين صنعت العالم، وهي عارفةٌ ما المرضيُّ في عينيك، والمُستقيم بحسب وصاياك. [9] يتطلع سليمان الحكيم إلى العرش الإلهي فيرى أقنوم الحكمة الإلهي الجالس عليه موضع سرور الآب ورضاه. وكأنه قد سبق فسمع صوت الآب السماوي أثناء عماد السيد المسيح كما أثناء تجليه: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17؛ 17: 5؛ مر 1: 11؛ لو 3: 22؛ 2 بط 1: 17). أدرك سليمان عجز الإنسان عن أن يكون موضع سرور الآب، بعد أن اختار برضاه العصيان، وفي كبرياء قبل مشورة إبليس عوض تصديق الوعود الإلهية. لقد اشتاق سليمان أن يقتني الحكمة الإلهي، ويختفي فيه، فيصير به موضع سرور الآب، بل ويُسر سليمان نفسه بالله. لقد عبرَّ الكتاب المقدس عن المسرة المشتركة بين الله والإنسان في المسيح يسوع المصلوب، والذي قدم المصالحة بين الآب والإنسان. لهذا كثيرًا ما قيل عن ذبيحة المحرقة، رمز الصليب: "محرقة للرب رائحة سرور وقود هو للرب" (خر 29: 18؛ راجع خر 29: 15، 41؛ لا 1: 9، 17 إلخ). هذا عن سرور الله بنا في المسيح موضوع سروره. أما من جانبنا، فقد قيل: "مخافة الرب مجد وفخر وسرور وإكليل ابتهاج" (سي 1: 11). "العبادة تحفظ القلب وتبرره وتمنح السرور والفرح" (سي 1: 18). هذا ما دفع سليمان نحو طلب الحكمة، إذ خلال أقنوم الحكمة يصير موضع سرور الله، ويتمتع هو بالمسرة والفرح. يقول ابن سيراخ عن الحكمة: "من أحبها أحب الحياة، والذين يبكرون إليها يمتلئون سرورًا. "ملكها يرث مجدًا، وحيثما دخلت فهناك بركة الرب" (سي 4: 12- 13). * اجعلنا سعداء يا إلهي في انشغالنا بك فلا نفقدك. * أقول سعيد هو من يقتني الله. القديس أغسطينوس فأرسلها من السماوات المُقدسة، وابعثها من عرش مجدك، لكي تقف إلى جانبي وتتعب معي، وأعلم ما هو المرضيُّ لديك. [10] كان سليمان يتوق إلى مجيء السيد المسيح، الكلمة السماوي. يطلب أن ينزل حكمة الله من السماوات المقدسة لكي يحمله إلى السماء وينعم عليه بالحياة المقدسة. وأن يبُعث من عرش المجد لكي يدخل به إلى العرش. جاء حكمة الله ليقف إلى جانبنا ضد إبليس، ويعمل فينا وبنا ومعنا، ويكشف لنا عن مسرة الآب بنا. * يظهر يعقوب (يع 1: 6) أن أساس كل حكمة بشرية هو الإيمان. هنا يهاجم سيمون الساحر الذي سأل الرسولين أن يهباه الروح القدس، ولم يسأل أن ينال الإيمان. هيلاري أسقف آرل * اليوم "ابن النجار"... صنع له سلمًا حيًا نصب قاعدته في الأرض، وارتفع رأسه نحو السماء، عليه يستريح اللَّه.إنها هي التي تأمل يعقوب صورتها (تك12:28)، بها نزل اللَّه في ثباته، أو بالأحرى انحنى بتنازل و"تراءى على الأرض، وتحدث مع البشر" (با38:2). الأب يوحنا الدمشقي * كيف يأخذ الله الحكماء بحيلتهم؟ (أي 5: 13) بأن يُظهر لهم وهم يظنون أنهم قادرون أن يعملوا بدون الله، أنهم بالأكثر محتاجون إليه. إنهم يدخلون في ضيق حتى يظهروا أنهم أقل من صيادي السمك والأميين، وحيث لا يقدرون أن يعملوا بدون حكمتهم. القديس يوحنا الذهبي الفم فإنها تعلم وتفهم كل الأشياء، فتقودني في أفعالي بحكمة، وبمجدها تحميني. [11] من يعرف الآب إلا الابن، ومن يُعلن له. فالابن "الحكمة"، وحده قادر أن يكشف لنا عن الأسرار الإلهية، ويهبنا فهمنا، ويمسك بأيدينا ليقودنا إلى المجد السماوي، حافظًا إيانا من العدو الشرير. * الحكمة الروحية هي علة كل عملٍ كاملٍ. هذه هي الحكمة السماوية، وعندما نتقوى بها يمكننا أن نفعل كل شيء بكمالٍ. ثيؤفلاكت * يحق لنا أن نكون هناك في حضرة الله في السماوات، نحن الذين حفظنا الدرس بينما كنا على الأرض، وذهبنا هناك إلى السماء كي نكون في محبة الله الآب، ذاك الذي عرفناه ونحن على الأرض، ولأن الله الكلمة القدوس صنع كل شيء وعلمنا ويعلمنا كل شيء، وهو يدربنا في كل الأمور الصالحة. القديس إكليمنضس الإسكندري فتُصبح أعمالي مقبولةً، وأحكم لشعبك بالبرّ، وأكون أهلًا لعرش أبي. [12] بدون السيد المسيح لن تُقبل أعمالنا، ولا تتحقق رسالتنا. * هل تسلمون بهذا أيضًا أن المسيح "قوة الله وحكمة الله"؟ تجيبون: "نسلم بهذا". اسمعوا إذن "روح البار كرسي الحكمة" (حك 1). نعم لأنه ما هو كرسي الله سوى المكان الذي يسكنه. وأين يسكن الله إلا في هيكله؟ "لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1 كو 3: 17). اسهروا في استقبالكم لله. "الله روح، والذين يسجدون لله فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يو 4: 24). ليدخل تابوت العهد قلوبكم وليسقط داجون إن أردتم" (1 صم 5: 3). لتصغوا الآن. ولتتعلموا أن تشتاقوا إلى الله. كونوا مستعدين لأن تتعلموا كيف ترون الله. أنه يقول "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله". القديس أغسطينوس فأي إنسانٍ يعلم قضاء الله، أو من الذي يتصور ما هي إرادة الرب؟ [13] مسيحنا يعلن فينا الإرادة الإلهية، ويهبنا القدرة على تنفيذها عمليًا. * إن لم أكن مخطئًا لم يذكر في أي موضع أنه (يسوع المسيح) صلى مع تلاميذه. في كل موضع كان يصلي وحده، لأن الصلوات البشرية لا يمكنها أن تستحوذ مشورات الله (حك 9: 13؛ إش 40: 13)، ولا يستطيع أحد أن يشترك في أسرار المسيح الداخلية. القديس أمبروسيوس لأن أفكار البشر القابلين للموت بائسة، وخواطرنا غير راسخة [14] يعترف سليمان الحكيم أنه محتاج إلى الحكمة الإلهي هذا الذي يعلن مشيئة الآب ويحققها فينا، بل ويهبنا الثبات فيه، فلا تكون أفكارنا كالعاصفة في مهب الرياح، ولا اشتياقاتنا وخواطرنا مذبذبة. * يترنم المرتل: "اقتربوا إليه واستنيروا، ووجوهكم لا تخجل" (مز 34: 5). نقترب إلى الله بالإيمان، والإيمان هو عمل الروح لا الجسد. ولكننا إذ لا نعرف أية درجة للكمال يبلغها الجسم الروحاني، إذ نتحدث هنا عن أمر ليس لنا خبرة فيه، إنما على مسئولية الكتاب المقدس لا نتكلم بطريقة محددة، يلزمنا أن نستعين بكلمات سفر الحكمة: "أفكار البشر مترددة، وخواطرنا غير راسخة" (حك 9: 14). القديس أغسطينوس فإن الجسد الفاسد يُثقِّل النفس، والخيمة الترابية عبء للعقل الكثير الهموم. [15] يرى العلامة أوريجينوس أن الذي يحبون الله بكل نفوسهم ويرغبون في الاتحاد معه يسحبون أنفسهم من ثقل (شهوات) الجسد وكل الأمور المادية، مصلين مع الرسول بولس: "ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت؟" (رو 7: 24). إنهم يئنون في هذه الخيمة (التي للجسد) إذ هم مثقلون بالجسد القابل للفساد (2 كو 5: 4). * لماذا إذن نتردد ونشك في خلع الإنسان الفاسد الذي يعوقنا ويثقل على النفس، الخيمة الأرضية التي تملأ العقل باهتمامات كثيرة، فنتحرر من رباطاتنا، ونرجع عن الأمواج العاصفة التي هي من نصيب الجسد والدم؟ فإننا بهذا ننعم بالمسيح يسوع، الراحة التي تصحب التطويب، ونتأمل فيه بكماله، الكلمة المحيية. وإذ نقتات به ندرك الحكمة المتنوعة فيه، ونُختم بالحق عينه، وتستنير عقولنا بنور المعرفة الحقيقية غير الواهنة ونتمتع برؤية تلك الأمور التي تُرى بواسطة العيون المستنيرة بوصية الرب (مز 19: 8؛ أف 1: 18). العلامة أوريجينوس * قيل لنا بالنبي أن نمزق قلوبنا لا ثيابنا (يوئيل 2: 13)، الأمر الذي يمكننا أن نفعله عندما نتذكر أننا نحن أنفسنا غالبًا ما نخطئ على الأقل بالفكر إن لم يكن بالعمل. لأن الخيمة الترابية تمثل العقل المهموم (حك 9: 15)، ولا تتوقف أرضنا عن إنتاج أشواك وحسكٍ لنا. إننا نعجز عن أن نأكل خبزنا ما لم نتعب بالجهد وعرق جبيننا. الأب فولجينتيوس * وإن كان ترابنا يرتبط إلى حدٍ ما بالشر، والخيمة الأرضية تضغط على النفس الطائرة إلى العلا (حك 9: 15)، والتي خلقت لكي تحلق في الأعالي؛ لكن لتغتسل الصورة من الدنس وترفع الجسد الشريك معها في النير، ترفعه بجناحي العقل. القديس غريغوريوس النزينزي * يلزمنا ألا ننسب الانحراف في تيه القلب إلى الطبيعة البشرية أو خالقها، فإنه بالحق يقول الكتاب المقدس "إن الله صنع الإنسان مستقيمًا، أما هم فطلبوا اختراعات كثيرة" (جا 29:7). اختلاف الأفكار يتوقف علينا نحن، لأن الفكر الصالح يقترب من الذين يعرفونه والإنسان العاقل يجده. فأي أمر يخضع لتمييزنا وعملنا يمكننا أن نصل إليه، فإذا لم نبلغه يرجع هذا إلى كسلنا وإهمالنا لا إلى خطأ في طبيعتنا. لو لم يكن هذا الأمر في قدرتنا لما وبّخ الرب الفرّيسيّين قائلًا: "لماذا تفكّرون بالشرّ في قلوبكم؟" (مت 4:9). ولمَا كلف النبي ليقول: "اعزلوا شرَّ أفعالكم من أمام عينيَّ" (إش 16:1)، "إلى متى تبيت في وسطكِ أفكاركِ الباطلة؟!" (إر 14:4)، ولما كان لنوع أفكارنا اعتبار في يوم الدينونة إذ يهدد الله بواسطة إشعياء قائلًا: "وأنا أجازي أعمالهم وأفكارهم" (إش66: 18).فما كان من الصواب أن نجازي أو نعاقب حسب شهادة أفكارنا في ذلك الامتحان الرهيب المميت، إذ يقول الرسول المبارك: "شاهدًا أيضًا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة. في اليوم الذي فيهِ يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي" (رو 15:2،16). الأب سيرينوس * هل سنكون صغارًا أم شيوخًا عندما نقوم؟ إن كنا نموت صغارًا (كأطفالٍ) ونقوم صغارًا، فإننا سنحتاج في القيامة إلى مربيات. على أي الأحوال إذ متنا صغارًا وقمنا شيوخًا، فالأموات لا يقومون نهائيًا، سيتحولون إلى كائنات جديدة.هل سيكون هناك تمييز في الجنس في العالم العتيد؟ أم سوف لا يوجد هذا التمييز؟ إن استمر التمييز فسيوجد زواج وعلاقات جسدية وإنجاب أطفالٍ. أن كان لا يستمر هذا فان الأجساد التي ستقوم سوف لا تكون هي بذاتها. قيل: "الخيمة الترابية عبء للعقل الكثير الهموم" (حك 9: 15). لكن الأجساد التي لنا في السماء ستكون رقيقة وروحية كقول الرسول: "يُنزع جسمًا حيوانيًا، ويُقام جسمًا روحانيًا" (1 كو 15: 44). القديس جيروم * ساهموا معي في تعبي، لأنكم ترون ما قد تعهدت به، ومن أكون أنا الذي قد تعهدت به. إنكم ترون ما أرغب الحديث عنه، وأين وما هو حالي سوى أني في "الجسد البالي يثقل النفس، والمسكن الأرضي يثقل العقل الكثير الاهتمام" (راجع حك 9: 15). لهذا أجرد فكري من الأشياء العديدة، وأجمعه في الإله الواحد، الثالوث غير القابل للانقسام، حتى أستطيع أن أرى شيئًا أتحدث عنه. فليعرفوا أنني في ذلك "الجسم (الذي) يثقل النفس" أستطيع أن أقول إليك يا رب أرفع نفسي" (مز 27:9) LXX (لكي ما أستطيع أن أحدثكم عن أمور جديرة في الموضوع). فليساعدني الرب وليرفع نفسي معي. لأنني ضعيف جدًا بالنسبة له، وهو قدير جدًا بالنسبة لي".* (الأبرار) الذين ماتوا قد تجردوا بالحقيقة من الجسد الفاسد الذي يثقل النفس (حك 9: 15). لكنهم لا يزالون ينتظرون خلاص أجسادهم (رو 8: 23)، حيث تستريح أجسادهم على رجاءٍ (أع 2: 26)، لكنها لم تشرق بعد بعدم الفساد العتيد أن يتحقق. * لنحمل في أذهاننا أننا في هذا الجسم الذي يثقل النفس (حك 9: 15) نحيا حياة بائسة. * إننا بشر نحمل جسدًا، يسير في هذه الحياة؛ وإن كنا قد وُلدنا مرة أخرى من زرع كلمة الله، إلاَّ أننا في المسيح تجددنا بطريقة لا نزال لم نتخلص تمامًا من آدم. فإنه بالحق الجزء القابل للموت وللفساد يثقل النفس (حك 9: 15)، مظهرًا نفسه أنه موجود، ويعلن أنه من آدم، ولكن ما هو روحي فينا ويقيم النفس فهو عطية الله ومن رحمته، هذا الذي أرسل ابنه الوحيد ليشاركنا موتنا ويقودنا إلى عدم موته. * لنرفع نفوسنا إلى الله، وليس ضد الله، فقد قيل: "إليك يا رب رفعت نفسي" (مز 25: 1). لنرفعها بمعونته، لأنها ثقيلة. وما هو علة ثقلها؟لأن الجسم الفاسد يثقل النفس (حك 9: 15)، والخيمة الترابية تضغط عليها، وهي تنشغل بأمورٍ كثيرة. * إذ نحن مثقلون بحملٍ ثقيلٍ جدًا هكذا، حيث نئن تحته، كيف أرفع نفسي ما لم يرفعها هو معي، هذا الذي سلَّم نفسه لأجلي؟ * من جانب فإن جسمنا الفاسد هو ثقل على نفوسنا، ومن جانب آخر فإن علة هذا العائق ليس في طبيعة الجسم وجوهره. لذلك إذ نعرف فساده لا نرغب في أن نتعرّى من الجسم بل بالأحرى أن يلبس عدم فساده. في الحياة الخالدة سيكون لنا جسم، لكنه لن يصير بعد ثقلًا إذ لا يكون بعد فاسدًا... لقد تثقلنا إذن بهذا الجسم الفاسد. لكننا إذ نعلم أن حالة الثقل هذه ليست من طبيعة الجسم وجوهره إنما من فساده، لذا فإننا لا نرغب في أن نتخلص منه بل أن نلبسه مع عدم فساده. عندئذ سيوجد جسم، لكنه لا يعود يكون ثقلًا لأنه لا يعود يكون فاسدًا. * هذا الجسد الميت بسبب الخطية يحيا، هذا الذي بلا شك قابل للفساد وهو ثقل على النفس (حك 9: 13). * أُضيفت كلمة "الفاسد" لتظهر أن النفس تثقَّل لا بأي جسم أيَّا كان، بل بالجسم الذي يصير إلى هذا الحال خلال ثمر الخطية. * إن كانت كل خطية هي شر، فمن يقدر أن يقاوم؟ نجيب: إن طبيعة الإنسان صالحة وفي نفس الوقت أيضًا قادرة أن تتحرر من الشر. لهذا نصلي بشغفٍ: "نجنا من الشرير" (مت 6: 13). لا يتحقق هذا الخلاص بالكامل ما دامت النفس مثقلة بالجسد الذي يسرع نحو الفساد (حك 9: 15). على أي الأحوال تتحقق هذه العملية بالنعمة خلال الإيمان، حتى يُقال: "أين جُهدك يا موت؟ أين شوكتك يا موت؟ أما شوكة الموت فهي الخطية، وقوة الخطية هي الناموس" (راجع 1 كو 15: 55-56). * صلاة مدينة الله كلها وهي في حالة تغرُّب تصرخ إلى الله بفم جميع أعضائها: "اغفر لنا ما علينا كما نغفر نحن لمن لنا عليهم" (مت 6: 12). هذه الصلاة فعَّالة ليس من أجل الذين لهم إيمان ميِّت بدون أعمال (يع 2: 17)، بل من أجل الذين إيمانهم عامل بالمحبة (غل 5: 6). فإنهم وهم خاضعون لله مثقَّلون بالجسد الفاسد (حك 9: 15)، ما دام قابلًا للموت، وليس له سلطان كامل على الرذيلة. لهذا فإن هذه الصلاة يحتاج إليها الأبرار. فإنهم وإن كانوا يمارسون سلطانًا، لكن الرذائل لا تخضع دون مقاومة. القديس أغسطينوس يخشى القديس أغسطينوس من أن يسقط المؤمن في اليأس عندما يُحارب بشهوة جسدية أو فكر جسداني يثقل على النفس، فإنه ما دام الإنسان في هذا العالم يبقى الجسد القبل للفساد يقاوم، لكن شتان بين المقاومة وبين الاستسلام.* مع أن كل جريمة هي خطية، فإنه ليس كل خطية هي جريمة. وهكذا نقول إن حياة القديسين قد لا تشوبها جريمة، ولكن كما يقول يوحنا الرسول: "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا، وليس الحق فينا" (1يو 1: 8). بل حتى الجرائم نفسها مهما كانت عظيمة يمكن أن تُغفر في الكنيسة المقدسة، ولا يأس من رحمة الله للذين بالحق يتوبون، كل حسب قياس خطيته. القديس أغسطينوس ونحن بالجهد نتكهن بما على الأرض، وبالكاد نهتدي إلى ما بين أيدينا، فما في السماوات من يقدر أن يكتشفه؟ [16] بالجهد يمكن للإنسان أن يتعرف على بعض أسرار العالم المنظور، وإن كان لا يزال يقف على شاطئ محيط العلم، فكيف يستطيع أن يتعرف على أسرار الله السماوي والسماويات؟ أليس في حاجه إلى الحكمة الإلهي ليعلن بنفسه عن نفسه وعن أبيه وروحه القدوس؟ * بينما لا يقوى السيرافيم حتى على مشاهدة الله الذي لا يتجلى لهم إلا كتنازلٍ منه حسب ضعفهم، نرى أناسًا يتجاسرون متصورين في عقلهم الطبيعة عينها التي يعجز السيرافيم عن إدراكها. إنهم يزعمون أنهم قادرون على التطلع إليها بوضوح وبغير حدود، ارتعدي أيتها السماوات واندهشي أيتها الأرض". * "حقًا إن الله حتى بالنسبة لهذه الطغمات غير مدرك، ولا يمكن الدنو منه. لهذا فهو يتنازل ليظهر بالطريقة التي وردت في الرؤيا. الله الذي لا يحده مكان ولا يجلس على عرش... من قبيل محبته لنا يظهر جالسًا على عرش وتحيط به القوات السمائية. إذ ظهر على العرش وأحاطت به هذه القوات لم تقدر هذه القوات على معاينته ولا احتملت التطلع إلى بهاء نوره، فغطت أعينها بأجنحتها، ولم يعد لها إلا أن تسبح وترنم بتسابيح مملوءة مجدا ورعدة مقدسة، وأناشيد تشهد لقداسة الجالس على العرش". القديس يوحنا الذهبي الفم 5. صرخة ثالثة17 وَمَنْ عَلِمَ مَشُورَتَكَ لَوْ لَمْ تُؤْتِ الْحِكْمَةَ، وَتَبْعَثْ رُوحَكَ الْقُدُّوسَ مِنَ الأَعَالِي؟ 18 فَإِنَّهُ كَذلِكَ قُوِّمَتْ سُبُلُ الَّذِينَ عَلَى الأَرْضِ، وَتَعَلَّمَ النَّاسُ مَرْضَاتَكَ، 19 وَالْحِكْمَةُ هِيَ الَّتِي خَلَّصَتْ كُلَّ مَنْ أَرْضَاكَ، يَا رَبُّ، مُنْذُ الْبَدْءِ. ومن الذي علِم بمشورتكَ، لو لم تؤتِ الحكمة، وترسل من العُلي رُوحك القُدوس؟ [17] مسيحنا هذا الذي أحبنا حتى الموت لكي يخلصنا ويدخل بنا إلى الاتحاد معه، يقدم لنا في ليلة آلامه معزيًا آخر، إذ يقول: وأمَّا المعزّي الروح القدس الذي سيرسلهُ الآب باسمي فهو يعلِّمكم كلَّ شيءٍ ويذكّركم بكلّ ما قلتهُ لكم". (يو 14: 16-18، 26) "ومتى جاءَ المعزّي الذي سأُرسِلهُ أنا إليكم من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو 15: 26). "وأما متى جاءَ ذاك روح الحقّ فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنهُ لا يتكلم من نفسهِ، بل كلُّ ما يسمع يتكلَّم بهِ ويخبركم بأمورٍ آتية. ذاك يمجّدني، لأنهُ يأخذ ممَّا لي ويخبركم" (يو 16: 13-14). * لا يكون للإنسان حكمة وفهم ومشورة وجَلَدْ ومعرفة وتقوى ومخافة الله ما لم يتقبل روح الحكمة والفهم والمشورة والجلد والمعرفة والتقوى ومخافة الله، وذلك لقول الرسول (2 تي 1: 7؛ إش 11: 2-3). * هذه هي الحكمة التي تروض اللسان، النازلة من فوق (يع 3: 17)، وليست نابعة عن قلب بشري. هل يجسر أحد أن ينتزعها عن نعمة الله، وفي خيلاء الكبرياء، يجعلها في سلطان إنسانٍ؟ القديس أغسطينوس * تُعْطَى الحكمة ليست خلال كتابٍ بتعلمه، وإنما خلال استنارة الروح القدس. الأب أمبروسياستر * إذ تتحد (النفس) مع الروح المعزي بألفةٍ لا توصف، وتختلط بالروح تمامًا تُحسب أهلًا أن تصير هي نفسها روحًا، في اختلاطها معه حينئذ تصير كلها نورًا وعينًا وفرحًا وراحة وبهجة ومحبة وأحشاء وصلاحًا ورأفات. القديس مقاريوس الكبير هكذا قُومت سُبل الذين يعيشون على الأرض، وتعلَّم الناس ما يُرضيك، وبالحكمة نالوا الخلاص". [18] كنا في حاجة إلى تجسد الله -الابن الكلمة، الأقنوم الثاني- ليتقدم الإله المتجسد في أعماق محبته لي حاملًا الموت عنِّي في جسده. وإن كان العقل يعجز عن إدراك أعماق حب الله له... الله الكلمة يصير جسدًا وهو المالئ الكل بلاهوته!! الله الكلمة يتجسَّد ليتألم ويحمل العار!! * لو أنهم قدموا تشكرات لله الذي أعطى هذه الحكمة، لما نسبوا شيئًا لأنفسهم. لهذا سلمهم الرب لشهوات قلوبهم وصنعوا ما لا يليق. القديس أغسطينوس * "لنا سلام مع الله" (رو 1:5)، من خلال ربنا يسوع المسيح الذي صالحنا مع الله خلال ذبيحة دمه... جاء المسيح لكي يُهْلِك الأعداء، ويصنع السلام، ويصالحنا مع الله الذي فَصَلْنَا عنه حاجز الشر الذي أقمناه بخطايانا. العلامة أوريجينوس من وحي الحكمة 9 لأقتنيك يا أيها الجالس على العرش * أصرخ إليك يا أب الآباء. تريد أن تقيم مني أبًا يحب كل البشرية. تريد أن تسكب رحمتك فيّ، فأصير بك رحومًا، يا رب الرحمة. تود أن تهبني الحكمة والتعقل، يا خالقي! * خلقتني لأسوس العالم بالقداسة والبرّ. قدسني فأتقدس، وأشتهي أن أرى العالم كله مقدسًا لك. بررني فأتبرر، فلا أكف عن الصلاة والعمل الدائم، حتى يتبرر الكل بك. لم تخلق الإنسان عبدًا بل حرًا. خلقته لينفتح قلبه بالحب لكل البشرية. يسود، لا بالتسلط ولا بالأوامر، وإنما باتساع القلب والبذل والعطاء! * إن تطلعتُ حولي، اشتهي أن أحب كل إنسانٍ بلا استثناء. لكن من يستطيع أن يعطي اتساعًا لقلبي سواك؟ أرفع عيني قلبي إلى عرشك، فامتلئ بالعزة، وأدرك اعتزازك بي، أشعر أنني ابن وسط أبنائك! ترفعني من التراب إلى السماء. تقيمني من الضعف إلى القوة، * اعترف لك إنني ضعيف، وأيامي قليلة ومعدودة. وإدراكي للأمور واهن. لكن ليس من موضعٍ لصغر النفس فيّ. فإني عبدك وابن أمتك. تحملني بيديك إلى أحضانك. تهبني إمكانيات فائقة من لدنك! * تسبحك نفسي، يا من اخترتني لك! وهبت لي أن أسلمك كل كياني، فتقيم مني هيكلًا مقدسًا، حتى جسدي يصير خيمة روحية! خلقتني لرسالة من قِبَلكْ. عرفني: ماذا تريد أن أفعل؟ قدني كل الطريق بحكمتك. بدونك لن أعرف كيف أبدأ! بدونك لن استمر في العمل! بدونك لن أبلغ المنتهى! * لتقدس فكري، فأعرف إرادتك. ولتقدس إرادتي، فتتناغم مع إرادتك. لتعمل بي، فيهرب مني كل ما لا يرضيك! ولا يستطيع عدو الخير أن يضللني، ولا محبة العالم أن تغويني، ولا شهوات الجسد أن تحطم روحي، ولا الخيمة الترابية أن تثقلني بالهموم. * أصرخ إليك يا أيها الحكمة الإلهي، أشرق بنورك عليّ، فتستنير نفسي، وتدرك أسرارك. تنفتح أمامي أبواب السماء، وأنعم برؤيتك. تحملني إليك، فأنعم بشركة المجد. لك الخلاص يا مخلص العالم! |
||||
12 - 03 - 2024, 01:16 PM | رقم المشاركة : ( 153995 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك |
||||
12 - 03 - 2024, 01:17 PM | رقم المشاركة : ( 153996 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقدم لنا الحكيم صلاته التي رفعها لله لأجل طلب الحكمة. وفي عرضه للصلاة يكشف لنا عن نظرة الله للإنسان، وحاجة الإنسان إلى الحكمة الإلهية. فقد خلق الله الإنسان ليسود على الخليقة الأرضية، ولا يستطيع أن يمارس هذا العمل كما يليق دون التمتع بالحكمة الإلهية. هنا يعترف سليمان بتكريم الله للإنسان ليكون سيدًا يسوس العالم، وفي نفس الوقت يعترف بعجزه الكامل بدون الحكمة الجالسة مع الآب في عرشه. بدون الحكمة يصير الإنسان كلا شيء. أما الأمر الثاني فهو أن لسليمان كما لكل إنسانٍ رسالة خاصة تسلمها من الله. فرسالة سليمان هي أن يبني لله هيكلًا في جبل قدسه، ومذبحًا في المدينة المقدسة، مع رعايته للشعب. فهو محتاج على وجه الخصوص إلى الحكمة السماوية لتكشف له عن خطة الله وتعلمه ما يسره. امتاز سليمان الحكيم بشعوره بالالتزام، فلم يكن دوره كملكٍ استلم المملكة وهو صبي، وقد أعد له داود الملك كل الإمكانيات لبناء هيكل الله في المدينة المقدسة نابعًا عن رغبة في نوال كرامة زمنية أو مجدٍ بشري. ما كان يشغله كرجل إيمان أن يحقق الرسالة التي عهد الله له بها بكل أمانة. لقد أدرك هذا الحكيم حاجته إلى "الحكمة الجالسة إلى العرش" لتهيئته لتحقيق الغاية التي من أجلها خلقه الله. |
||||
12 - 03 - 2024, 01:18 PM | رقم المشاركة : ( 153997 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"يا إله آبائي، ويا رب الرحمة، يا صانع كل شيء بكلمتك. [1] يوجه سليمان في بداية حكمه وجهه نحو الله ليطلب منه التمتع بالحكمة. يقصد بالآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولعله كان في ذهنه أيضًا نوح وموسى النبي ويشوع بن نون وبعض القضاة وداود الملك وغيرهم. جميعهم قادة عظماء، لكل منهم شخصيته المتمايزة، لكن كل واحدٍ يكمل الآخرين، فالله هو القائد الأعظم للقادة. يدعو القادة آباء، وينسب الله نفسه للآباء: "إله الآباء". فالقيادة في ذهن سليمان الحكيم ليست إلاَّ أبوة وحنوُا وترفقًا بالغير، فيصير الكل بالنسبة له كمن في موضع الأبناء. يمارس القيادة لا من موقع السلطة حيث الأوامر والنواهي، وإنما من موقع الأبوة! إن كان خالق السماء والأرض يقدم نفسه لخليقته كإله للآباء، كم بالأكثر يليق بالقادة المدنيين والدينيين أن يفتحوا قلوبهم للآخرين بنوعٍ من الأبوةٍ. القيادة ليست مجرَّد مركز كنسي أو إدارة لأعمال معيَّنة أو مجرَّد طقوس وواجبات تنفَّذ كيفما كان، لكنَّها أولًا وقبل كل شيء هي أبوَّة، ينال الخادم هبة من الرب الذي دعاه. والله في تقديمه الأبوَّة لأولاده الخدَّام، يقدِّم لهم جوهرها وعمادها - الحب - الذي بدونه لا يمكن أن نتذوَّق حقيقة الأبوَّة أو نشعر بوجودها. إنه يدرِّب أولاده أيضًا وينمِّيهم في مدرسة الحب منذ الطفولة، لكي يكونوا مشابهين لله، فلا يكونوا آباء جافِّين، يغيظون أولادهم ويهلكونهم. لهذا نقول أن المدرسة الوحيدة التي يتخرَّج منها خدَّام الله الحقيقيُّون في العهد القديم والجديد - والتي لا تزال وستبقى هكذا حتى يتخرَّج فيها رجال الله الأمناء - هي مدرسة الحب المسيحي. |
||||
12 - 03 - 2024, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 153998 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* أيها المعلِّم شفيع الأسرار الإلهيَّة تكلَّم بالحب. الذي يعلِّم ولا يحب يرتدع بالسكوت، لأنَّه باطلًا يتعب بتصنيف الكلام غير المربح. الماهر العظيم إن شاء أن يربح سامعيه فليحب كثيرًا ويتكلَّم قليلًا مع تلاميذه. مار يعقوب السروجي |
||||
12 - 03 - 2024, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 153999 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* أعلِّم أن الرجل المتقدِّم على الجماعة والمتسلِّط عليهم، لا يؤيِّده ويفخِّمه مثل إظهاره الحب العميق لمرؤوسيه. فالأب لا يكون أبًا لمجرَّد ولادته للبنين بل لحبُّه إيَّاهم، هكذا إن كانت الطبيعة تقتضي ضرورة هذه المحبَّة، فكم بالأكثر البنوَّة التي بالنعمة؟! أعني إن كان يلزم على الشخص أن يحب أولاده الطبيعيِّين، حتى يُدعى أبًا طبيعيًا فكم بالأكثر يحب أولاده بحسب النعمة، الروحيِّين المتعمِّدين، لئلاَّ يصيروا في جهنَّم معاقبين. القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
12 - 03 - 2024, 01:21 PM | رقم المشاركة : ( 154000 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* مجيئه (المسيح) قد سكب على البشرية عطية عظمى للنعمة الأبوية. القديس إيريناؤس |
||||