17 - 12 - 2016, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 15361 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القدّيس انطونيوس الكبير ما نعرفُه عن القدّيسِ أنطونيوسَ الكبير هو ما كتبه عنه القدّيس أثناسيوس الكبير بطريرك الإسكندريّة الذي عَرفَه عن كَثَب. وُلِدَ القدّيس أنطونيوس مِن أبَوَينِ مسيحيَّينِ ثَرِيَّين، في صعيد مصر (قرية كوما) حوالي عام 251م. تُوفِّيَ والداه باكرًا، تاركَين إرثًا عائليًّا غيرَ قليل. فكان للموت أثرٌ إيجابيٌّ في نفسه، إذ وَلَّدَ في نفسِه شرارةَ الحياةِ الأبديّة. في أحد الأيّام، طنّ في أُذُنَيهِ كلامُ الرّبِّ في الإنجيل : «إن أردتَ أن تكون كاملًا، فَاذهَبْ وَبِعْ أملاكَكَ وأَعطِ الفُقَراء، فيكونَ لك كنزٌ في السّماء، وتعالَ اتبَعني( مت21:19)»، فاعتبرَ هذا الكلامَ المُوَجَّهَ إلى الشّابِّ الغنيّ مُوَجَّهًا إليه شخصيًّا. على الفور، ترك لشقيقتِه الوحيدةِ حصّتَها من الميراث، وباعَ حصّتَهُ ووَزَّعَها على المساكينِ والمحتاجين، وراحَ يُخَصِّصُ كلّ وقتِه للصّلاةِ والتَّبَحُّرِ في كلام الله. عاش عيشةَ التخَلّي، فانتقلَ أوّلًا إلى ضفاف النيل، وَمِن ثَمَّ طلبَ التوحُّدَ أكثر، فقصد عُمقَ البرّيّة. لُقّب بأبي الرُّهبان، مع أنّه تعلّم كثيرًا مِن نُسّاكٍ سبقوه. حاربَهُ الشّيطانُ بِقُوَّةٍ ولكنّه لم يستطع التغلّبَ عليه لِشدّةِ تَمَسُّكِهِ بالله. كاد أن يقع في التكبُّر، إذ ناشد ربَّه قائلًا: «مَن أعظمُ منّي؟ يصومُ ويصلّي لكَ أيّها الرّبُّ القدّوس؟!» إلّا أنَّ الرَّبَّ نظرَ إلى نقاوة قلبه وجهاده، فأراه بالروحِ إسكافيًّا بسيطًا يمزج كلّ نَفَسٍ يتنفَّسُه في عمله ونومِه بالشُّكرانِ والتّسبيح ، فأدركَ حِينَها قدّيسُنا عن كثبٍ أنّ التّواضعَ سِرُّ الخلاص، والتّكبُّرَ قِمّةُ الأهواء. تحلّقَ حولَهُ رُهبانٌ وكانَ دائمًا يَحثُّهم على ذِكرِ الأبديّة، إذْ لا أحدَ يعرفُ متى تُطلَبُ روحُه، فاعتُبِرَ مِن كبارِ مؤسِّسي نظامٍ جمعَ بين عيش الجماعة والتوحُّد، بالإضافة إلى حركة شعبيّة. أرسل إليه الإمبراطور قسطنطين ذاتَ مرّةٍ، يَطلب بركتَه، فأرجأ بالرّدِّ عليه. ولمّا سألَهُ تلاميذُه عن السّبب، أجاب أنّه مشغولٌ بالرّدِّ على رسالةِ الله مَلِكِ المُلوك. وبعد إلحاحٍ بَعثَ بِالرّدِّ مِن أجل سلام الكنيسة. كان له دورٌ كبيرٌ في تشديد عزم المسيحيّين أثناء الاضطهاد ضدّهم، فسار بينهم في الشوارع والمنازل يشدِّدُهم ويصلّي معهم. كما لبّى دعوة القدّيس أثناسيوس الكبير عام 325م في مواجهة الهرطقة الأريوسيّة التي تنفي ألوهة المسيح، فجاء الإسكندريّةَ ووعظَ وشَهِدَ قائلًا: «الذي يتكلّمون عنه أنّه ليس إلهًا هو غيرُ المسيحِ الذي أنا أعرفُه ويعرفُني ويَعرفُ كلَّ واحدٍ منّا. فيسوعُ هو إلهٌ تامٌّ وإنسانٌ تامّ» وأكمل: «الكلام عن الرّبّ يسوع المسيح يأتي من القلب المجبول بالصلاة، وليس مِن أفكارٍ عقليّةٍ محضة، وفلسفاتٍ واستنتاجاتٍ وتحاليل». وقد وصف الباحثون زيارته للمدينة بِبُركانٍ زَلزلَ الأرض، إذ زحف الناس إليه ليستقبلوه وَيُهلّلوا لمجيئه، إذْ كانت قداستُهُ سَبَقَتْهُ، وكان وجهُه مُشرِقًا كالشمس، لدرجة قالوا فيه: «النور يتقدّمُه لِيَشُقَّ له طريقه». منسكه كان مدرسةً للكلمة الإلهيّة المعاشة، يخرج منها ليلبِّيَ الواجب، وَمِن ثَمَّ يَدخلُها طالبًا الاتّحادَ بِمَعشُوقِه. رقد بسلام عام 356م عن عُمرٍ ناهزَ المئة والخمسَ سنوات، تاركًا حركةً تَوَحُّدِيّةً مشهودًا لها. من ألقابه « كوكب البريّة ، ملاك الصحراء ، أبو الرهبان " من كلماته: - رأيت فخاخ العدوِّ في الأرض لامعةً، فقلت في نفسي من ينجو منها ؟ فأتاني صوتٌ من السماء يقول: المتواضع. - حياتنا وموتنا هما مع قريبنا، فإن ربحنا قريبنا نربح الله، وإن أعثرنا قريبَنا نخطئ ضدّ المسيح. - يأتي وقتٌ فيه يصاب البشر بالجنون، فإن رأوا إنسانًا غير مجنون، يهاجمونه، قائلين: أنت مجنون، إنّكَ لستَ مثلنا. |
||||
17 - 12 - 2016, 06:10 PM | رقم المشاركة : ( 15362 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السجود لسلسلة القديس بطرس الرسول المكرّمة السجود لسلسلة القديس بطرس الرسول المكرّمة: يستند العيد الذي نحتفل به اليوم إلى ما ورد في الإصحاح 12 من سفر أعمال الرسل بشأن القبض على بطرس الرسول وسجنه وتقييده بالسلاسل ثم إطلاقه من قبل ملاك الرب. ففي تلك الأيام أساء هيرودس الملك، وهو هيرودس أغريباس الأول، حفيد هيرودس الكبير، الذي حكم اليهودية والسامرة ما بين العامين 41 و44م، أقول أساء إلى عدد من رجال الكنيسة إرضاء لليهود. فألقى القبض على يعقوب، أخي يوحنا الحبيب، وقتله بحدّ السيف. كما أمسك بطرس الرسول وألقاه في السجن مزمعاً أن يقدّمه بعد الفصح إلى الشعب لأن الزمن كان الفطير. وقد سلّمه إلى أربعة أرابع من العسكر ليحرسوه. في تلك الأثناء كانت الكنيسة تصلّي بلجاجة إلى الله من أجله. وقبل أن يمثل بطرس للمحاكمة، في الليلة التي سبقت وقوفه أمام الحكّام، والمفترض أن تكون الأخيرة قبل لفظ حكم الإعدام بحقّه على غرار يعقوب، كان مقيَّداً بسلسلتين إلى عسكريّين، واحداً عن اليمين والآخر عن اليسار. وكان قدام الباب حرّاس يحرسون السجن. فحلّت بالعسكر والحرّاس غفوة عميقة ونزل ملاك الرب بنور بهي أضاء السجن، وضرب جنب بطرس وأيقظه قائلاً له: قم عاجلاً! للحال سقطت السلسلتان من يديه. ثم قال له: تمنطق والبس نعليك! ثم قال له: "البس رداءك واتبعني!" فلبس رداءه وتبعه وهو لا يعلم أن ما جرى له كان في اليقظة لا في الحلم كما ظنّ. ثم اجتاز الملاك وبطرس المحرس الأول والثاني إلى أن وصلا إلى الباب الخارجي المؤدّي إلى المدينة فانفتح لهما من ذاته. فخرجا وابتعدا قليلاً مسافة زقاق واحد. وإذ أضحى بطرس في مأمن فارقه الملاك، فعاد الرسول إلى نفسه وتيقّن من تدبير الله فسبّح وشكر. ثم إنه جاء إلى بيت مريم، وهي أم يوحنا الملقّب مرقص، حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلّون. فلما قرع الباب جاءت جارية اسمها رودا، التي معنى اسمها وردة، لتسمع. وإذ عرفت أنه بطرس ارتبكت من الفرح. وبدل أن تفتح له تركته يخبط على الباب وركضت إلى الداخل لتبشِّر الجميع بأن بطرس بالباب. فقالوا لها أنت تهذين! فأصرّت أنه هو إيّاه وإنها سمعت صوته. فقالوا إنه ملاكه! وفيما استغرق من في الداخل في الأخذ والرد لبث بطرس يقرع. فلما فتحوا له ورأوه اندهشوا، فأخبرهم بما جرى له وكيف أخرجه الرب من السجن. ثم غادرهم إلى موضع آخر. أما السلاسل التي جرى تقييد الرسول بها فقد حصل عليها، فيما بعد، مسيحيون أتقياء وحفظوها فتنوقلت من جيل إلى جيل إلى أن استقرت في كنيسة على اسم سلسلة الرسول بطرس في القسطنطينية، بقرب كنيسة الحكمة المقدّسة، حيث جرت بواسطتها، وعلى مدى أجيال، أعداد من العجائب والأشفية. الكنيسة التي ضمّت سلسلته تمّ تكريسها في 16 كانون الثاني، كما يبدو، فحُسب العيد في مثل هذا اليوم. هذا فيما درج الغرب على التعييد لها في الأول من آب، وهو ذكرى إنشاء كنيسة تحمل الاسم نفسه في رومية. الكنيسة عريقة في قدمها، ولكن لا نعرف ما إذا كانت السلسلة التي وصلت إلى رومية هي إيّاها التي كابدها الرسول في أورشليم. بعض الآراء يقول بأن التي في رومية كابدها الرسول هناك لا في أورشليم. والله أعلم! يذكر أن بعضاً من سلسلة الرسول بطرس موجود اليوم في دير ديونيسيو وبعضها في دير إيفيرون ودير القديس بندلايمون في جبل آثوس |
||||
17 - 12 - 2016, 06:37 PM | رقم المشاركة : ( 15363 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بقيت حبتا قمح في يد الفلاح يوم الزرع، فسألته إحداهما: “إنت ناوي تعمل بينا إيه؟” أجابها: “زي ما باعمل في كل الحبوب.” فسألته بحِدّة: “بتعمل فيهم إيه؟” “أزرعهم ليثمروا.” “إزاي؟” “أرميهم في الارض.” “في الأرض؟! في الطين؟! تحت الأقدام؟!” “تمام.. ولما تقع حبة القمح في الطين، تموت؛ وتكون النتيجة إنها تجيب ثمر.” “لا.. لا.. أنا مش عايزة اترمي في الأرض.” “بس كده ها تفضلي حباية واحدة لوحدك.” “أنا عايزة أعيش.. أعيش حياتي زي ما أنا عايزة.. أقضِّيها بالطول والعرض.. أنا لسة صغيرة. لا ما تزرعنيش.” “براحتك!” * والتفت للحبّة الثانية، التي بقيت تستمع صامتة طوال الوقت، وقال لها: “وأنتِ؟ عايزة إيه؟” أجابت بهدوء: “عايزة اللي أنت عايزه.. عايزه أجيب ثمر.” فرماها الزارع في الأرض، وقلَّبها في الطين، وفي لحظات اختفت عن الأنظار، تحت الأرض. بينما أخذ الحبة الأولى، المعترضة، ووضعها جانبًا. فتنفست بسرور لأنها نجَت من مصير زميلتها: أن تُرمى في الأرض؛ لقد كانت تريد أن تخلِّص نفسها. * بعد قليل، هبَّت الرياح، فتقاذفت الحبّة هنا وهناك، فصرخت للزارع: “انجدني.. الريح بتشيل وتحط فيَّ.. أنا تعبت”. أخذ الزارع الحبة، ووضعها على المنضدة داخل البيت ليبعدها عن الريح. ما أن استراحت قليلاً والتقطت أنفاسها، حتى فوجئت ببضعة أطفال يعبثون بها، واحد يفركها بيده، والآخر يقذفها في الهواء، والثالث يضغط عليها. فعادت للصراخ مرة أخرى: “انجدني.. تعبت من عبث الأطفال!” أخذها الزارع، ووضعها في صوان (دولاب)، فتنفست أخيرًا لشعورها بأنها وصلت لراحتها. مَرَّ الوقت، فشعرت بضعف شديد، وبدأت تعتريها ظواهر غريبة. لمحت الفلاح، فقالت له في صوت واهن ضعيف: “ما هذا الذي يحدث لي؟” أجابها: “ده سوس. طبيعي إن الحبة اللي تتركن كتير ياكلها السوس.” ازداد الضعف والوهن، واستمر الحال هكذا، حتى استنفذ السوس الحبة، ولم يعد لها وجود. لقد عبرت وإذ هي ليست بموجودة (مزمور37)!! أما الحبة الثانية، التي وقعت في الأرض وماتت، فبعد وقت، جاء موسم الحصاد؛ فإذ بها أثمرت سنبلة تحمل مئة حبة قمح. اكتشفت يومها أنها لم تَمُت، بل وضعت حياتها لتُثمر مئة حياة!! * ماذا تختار أنت يا عزيزي ؟ من حقك أن تختار أن “تعيش حياتك” بمفهوم الكثيرين من شباب اليوم؛ تفعل ما بدا لك وما تستحسنه عيناك : "افْرَحْ أَيُّهَا الشَّابُّ فِي حَدَاثَتِكَ، وَلْيُمَتِّعْكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، وَاتْبَعْ أَهْوَاءَ قَلْبِكَ، وَكُلَّ مَا تَشْهَدُهُ عَيْنَاكَ. وَلَكِنِ اعْلَمْ أَنَّهُ بِسَبَبِ هَذِهِ الأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي اللهُ بِكَ إِلَى كُرْسِيِّ الْقَضَاءِ." (جامعة11: 9). لكنك سريعًا ما ستجد نفسك ورياح شهواتك ورغباتك تتقاذفك، تارة تجري وراء هذه الرغبة وأخرى خلف تلك المتعة. يتلاعب بك الآخرون، وأنت تجري وراء رأي هذا، اليوم، ووراء رأي عكسه، غدًا. ثم حتى إذا ظننت أنك وجدت راحتك واستقريت، تجد في داخلك ما ينخر في كيانك، حتى تتلف تمام. وهكذا تنتهي هذه الحياة دون قيمة!! أيام قُضيت في “اللا شيء”، بلا هدف، سعيًا وراء السراب؛ هل نسمي مثل هذه“حياة”؟! * إن قرأت قصص حياة عظماء، سواء من الخدَّام أو العلماء أو شتى النافعين؛ فستلاحظ معي أنهم جميعًا يشتركون في أنهم لم يضيعوا شبابهم في تفاهات. أنا لا أقصد أنهم لم يتمتعوا بشبابهم، بل أقصد أنه مع كونهم شباب عاشوا سنهم بكل تفاصيله وانطلاقه وحيويته ومرحه، إلا أنهم تخلّوا اختياريًا عن الصغائر وتفاهات الأمور، ولم يسمحوا لها أن تشكِّل حياتهم؛ لأن حياتهم كان لها هدف واضح. * في المقابل، يمكن أن تختار حياة الإثمار لمجد الله، أن تتمم مشيئة الله لحياتك: أن تكون سبب خلاص لخطاة يرجعون إلى الرب. أن تصبح سبب بركة لمؤمنين يرون فيك قدوة حياة. أن يرى الناس أعمالك الحسنة ويمجِّدوا أباك الذي في السماوات. أن تكون نافعًا للآخرين. وما أعظم نتائج هذه الحياة! * مثل هذه الحياة لا يمكن أن تُقضى في التفاهات: في الاهتمام ببعض المظاهر، أو بالمقتنيات، أو بكلام الناس، أو بالمتع سريعة الزوال، أو في الأمور التي تستهلك الوقت دون نفع. بل إنها تتطلب منك بذل الجهد وتقديم التضحيات. تتطلب إنكار الذات: ألاّ تُعطي لرغباتك ومتعتك الأولوية في الحياة، أن تقبل اختياريًا أن تضحي براحتك ووقتك وجهدك، وفي بعض الأحيان حتى بكرامتك. بل وأذكِّرك أن هناك من ضحى بنفسه أيضًا في هذا الطريق. قال الرب يسوع: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا» (متى16: 24، 25). قول الرب هذا يذكِّرني بجيم إليوت : (مقالة “هل كان أحمق”، عدد 77) وهو أحد الذين ضحوا بحياتهم من أجل المسيح، ومقولته الشهيرة : “ليس أحمق من ضحى بما لا يمكن أن يحتفظ به، ليمتلك ما لا يمكن أن يخسره.” فمن يمكن أن يحتفظ بحياته ومتعها؟ وفي المقابل من يستطيع أن ينزع منا رضا الرب ومكافآته هنا وفي الأبدية؟! فهل اختيارك أنك تخلِّص نفسك كما ظنَّت الحبة الأولى، فتجد حياتك قد فنت في ما لا يُجدي؟ أم ترضى أن تضع حياتك على مذبح التكريس فتجدها. الاختيار لك! * قال الرب لتلاميذه يومًا: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ (لاحظ أسلوب الشرط القاطع) فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا (هذا هو الاختيار الأول، أما الاختيار الثاني فهو وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ. (ثم بدأ يشرح تطبيق ذلك علينا مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ (أي يدللها ويسعى لرفاهيتها) يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ (أي لا يسايرها في رغباتها وأهوائها) فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ (وهل من حدود لمثل هذا الإكرام؟!)» (يوحنا12: 24-26). لعلك رأيت بدايتا الحبتين، وعرفت نهايتيهما. والآن، الاختيار لك! {عصام خليل} * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
19 - 12 - 2016, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 15364 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الغذاء المناسب
رآينا في المرة السابقة أهمية التربة الجيدة في نمو النبات. وفهمنا أنها تمثَّل شخصاً هيّأ قلبَه لاستقبال الكلمة بشوق واحترام وتقدير، وبطاعة واتضاع كثير. وفي هذا العدد نتناول العامل الثاني للنمو، وهو: الغذاء المناسب إن كل كائن حي، سواء في المملكة النباتية أو الحيوانية، يحتاج إلى الغذاء المناسب لكي ينمو به؛ وهكذا أيضًا في المجال الروحي. إن الطفل حديث الولادة يرضع اللبن بالغريزة الطبيعية دون أن يعلمه أحد ذلك. إنه يجوع بسرعة، لذلك يظل يصرخ ولا يهدأ حتى تسعفه أمه باللبن الذي يُشبع جوعه ويسكِّن آلامه. وأمام هذا المنظر، الطفل المتعطش إلى اللبن، ألا نتعلم درسًا روحيًا؟ وأ ليس هذا ما قاله الرسول بطرس «كأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلي العديم الغش لكي تنموا به» (1بطرس 2:2)؟ إنه يقصد بالتأكيد كلمة الله، التي هي الغذاء المناسب لنمونا الروحي. هل تعرف أيها القارئ العزيز لماذا أنت هزيل وضعيف هكذا من صباح إلى صباح؟ ولماذا معدَّل نموك الروحي بطيء، وصحتك الروحية معتلة بهذا الشكل؟ إن الجواب الواضح هو أنك لا تتغذى على كلمة الله كما ينبغي. والأسباب لذلك كثيرة نذكر منها ما يلي: 1- ربما أنك أقنعت نفسك بالفتات القليل جدًا من القراءة السطحية العابرة. وهذا بالطبع لا يكفي إطلاقًا لبنيان كيانك الروحي وإعطائك الطاقة الروحية المطلوبة. 2- ربما تعاني من فقدان الشهية الروحية، ولم تعد تجد في الكتاب لذة كما كنت في البداية. وهذه بالتأكيد حالة مرضية. وأغلبنا يعرف أن من عنده حمى (ارتفاع في درجة الحرارة نتيجة ميكروب في الدم)، يفقد شهيته للطعام. وفي الحياة الروحية إذا تسربت إلى كيانك جرثومة خطية (أي نوع من الخطية)، وتمكنت منك فستعاني من الإعياء الروحي وفقدان الشهية للكتاب. 3- وقد يكون الأمر مجرد إهمال. والإهمال سيؤدي إلى مزيد من الإهمال. ومع الوقت سيستهلك كل المخزون، وتضعف مقاومتك أمام جراثيم الخطية المحيطة بك، والتي بدورها ستقتل الشهية الروحية للكتاب المقدس. أنت لا تستطيع أن تستغني عن الطعام الجسدي لمدة يوم كامل، والأمر أهم وأخطر بالنسبة للطعام الروحي. 4- قد تستبدل الكلمة بقراءات أخرى أدبية أو فلسفية أو عملية أو نفسية أو اجتماعية، أو حتى قراءات لها طابع روحي. لكن تذكر أن كل هذه في مجموعها هي كتابات بشرية. وقد تكون نافعة ومفيدة لك إنسانيًا، فتخلق منك إنسانًا مثقفًا واسع الأفق؛ لكنها لن تفيدك روحيًا، ولن تنميك في علاقتك بالرب. فلا بديل عن كلمة الله الحية كالغذاء الوحيد الذي يبنيك روحيًا. وقد تجلس ساعات طويلة أمام الكومبيوتر للتسلية، أو تبحر في شبكة المعلومات (الإنترنت) لمزيد من المعرفة وحب الاستطلاع؛ وعندما تذهب بعد ذلك للكتاب المقدس لا تجد الطاقة أو الرغبة في ذلك. 5- احذر من القراءات أو المشاهدات العالمية الفاسدة التي تحوي سمومًا، مع أنها قد تكون مغرية وجذابة للطبيعة البشرية، لكنها ستقضي على الشهية الروحية لكلمة الله. وأرجو ألا تحتفظ بشيء من هذه لتعود إليها عند اللزوم. احفظ مكتبتك نظيفة، واحفظ ذهنك نقيًا، واحفظ نفسك طاهرًا. واسمع نصيحة الرسول بولس «لا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات» (رومية13: 14). 6- قد يكون السبب في فقدان الشهية للكتاب هم الأصدقاء. وعليك أن تراجع نفسك؛ ما هي الأحاديث التي تدور بينكم. وإذا كانوا غير مؤمنين فيقينًا سيخلو الحديث عن أي شيء روحي، وستضطر أن تجاريهم في أحاديثهم واهتماماتهم لئلا تُتهم بالتخلف وضيق الأفق لو تحدثت عن كلمة الله؛ وعند هذه النقطة يفشل الكثيرون، لا سيما صغار النفوس الذين يعز عليهم هذا الاتهام فيضربون بالروحيات عرض الحائط، والنتيجة الحتمية هي الهزال الروحي وتعثر النمو. وهذا هو التخلف الحقيقي. 7- عدم وجود هدف واضح محدَّد أمامك، سيجعل قراءتك للكلمة سطحية وعشوائية. وهذا لن يقود إلى نمو حقيقي في حياتك الروحية. وللحديث بقية |
||||
19 - 12 - 2016, 06:19 PM | رقم المشاركة : ( 15365 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأرض الجيدة ما زلنا نتحدث عن أهمية التربة كعامل من عوامل النمو؛ وقد رأينا عوائق النمو ممثَّلة في أنواع التربة الثلاثة التي أشار إليها الرب يسوع في مثل الزارع. فهناك مَن يُشبِه المزروع على الطريق حيث جاءت الطيور وأكلته، وهو الشخص الغير مكترث بكلمة الله. فهو يسمع دون شعور بالاحتياج، وكأنه يقول «أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء». وهناك مَن يشبه المزروع على الأماكن المحجرة، وهو الذي يتأثر تأثراً عاطفياً وسطحياً بالكلمة دون أن يتأصل فيه العمل الإلهي، ودون أن تخترق الكلمة ضميره وتُنشئ فيه توبة حقيقية. وهناك مَن يشبه المزروع بين الشوك حيث خنقته الأشواك وأعاقت نموه، وهذا هو تأثير الاهتمامات والشهوات والمعاشرات العالمية التي تخنق الكلمة في قلب الإنسان، فلا ينمو ولا يثمر. والآن سنتحدث عن النوع الرابع من التربة وهو «الأرض الجيدة». وهذا هو النوع الوحيد الذي أتى بثمر. وفي المثل لا نرى كيف صارت الأرض جيدة، لكنها بالتأكيد هي الأرض التي اجتاز فيها المحراث وقلّب تربتها وأعدها لاستقبال البذار. وهذا يمثِّل جهاد الروح القدس مع النفس لكي يهيء الضمير لسماع الكلمة. هذه الأرض وإن كانت لا تخلو تماماً من الأحجار والأشواك، لكن شيئاً من هذه لا يمنع النمو والثمار. ويجب أن نعرف أن القديسين الذين في الأرض والذين عمل فيهم روح الله، ليسوا بالكامل خاليين من الخطية، لكن الخطية لا تملك فيهم ولا تسيطر عليهم. إن الأرض الجيدة تمثِّل شخصاً قد هيأ قلبه لطلب الرب، مثلما قيل عن بعض الملوك الأتقياء أمثال: يهوشافاط وحزقيا ويوشيا وغيرهم؛ وهيّأ قلبه لقبول الكلمة وسماع صوت الرب. إنه على استعداد أن يطيع ويخضع لإرادة الله. وهذا ما أظهره شاول الطرسوسي في أول لقاء له مع الرب إذ قال له: «يا رب ماذا تريد أن أفعل؟» (أعمال9: 6). هؤلاء يسمعون الكلمة ويفهمونها ويحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لوقا8: 15). إنهم يُخصصون ما يسمعون لأنفسهم ويتعاملون مع الكلمة كأقوال الله بكل احترام، والكلمة تُغرَس في أذهانهم وضمائرهم وقلوبهم. مثلما قيل عن المطوبة مريم أنها «كانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكِّرة به في قلبها» (لوقا2: 19). إنهم سامعون عاملون بالكلمة، وليسوا كالذي نظر وجه خلقته في مرآة وللوقت مضى ونسي ما هو. إن تهيئة القلب لإطاعة الكلمة هي مزيج من عمل الروح القدس في كيان الشخص، والإرادة الخاضعة الصادقة من جانبه. ثم نلاحظ أنه حتى على هذه الأرض الجيدة ليس الجميع متساويين في درجات الثمر. فالبعض أعطى مائة والبعض ستين والبعض ثلاثين. وهذا يرينا تفاوتاً بين المؤمنين في معدل النمو الروحي، وذلك بحسب تجاوبهم وخضوعهم للكلمة واجتهادهم في فهمها وحفظها. ويجب أن نعرف أن العوامل التي تعيق النمو نهائياً في غير المؤمن هي نفسها موجودة في المؤمن وتعيق نموه نسبياً. والشيطان يحاول أن يسيطر على النفوس ويسعى لإضاعة تأثير كلمة الله لكي لا تحقق النتيجة الفعالة. مستخدماً الطبيعة الساقطة في المؤمن برغباته، والعالم بإغراءاته، وبذلك يعاكس نمو المؤمن ويجعل الثمر قليلاً. |
||||
19 - 12 - 2016, 06:21 PM | رقم المشاركة : ( 15366 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأملوا زنابق الحقول كيف تنمو
تحدثنا في المرة السابقة عن أهمية التربة في النمو، وكيف أنها تمثِّل قلوب الناسش التي تسمع الكلمة (متى13). ونواصل حديثنا عن نوعيات التربة، وفيها نرى عوائق النمو. 1- الذي سقط على الطريق (متى31: 91). إنها ممرات وسط الحقول لم تُحرَث ولم تُقلَّب. والبذار تظل على السطح ولا تدخل في التربة، فتأتي طيور السماء وتلتقطها. وقد أوضح الرب يسوع أن هذا النوع هو الذي يسمع الكلمة ولا يفهم. إنه يسمع باستخفاف ولا يكترث بها، وليس لديه الرغبة أن يستوعب ما يُقال. إن عنده جهالة وعدم شعور بالحاجة إلى هذه الكلمة، وبالتالي فليس للكلمة مكان في قلبه. إنه لا يتعامل معها كرسالة من الله له لكي يستفيد منها. ولا يُبدي أي تأثير أو تعبير لِما سمعه، مهما كانت الرسالة قوية وتحطم الصخر. هو بجسده في الاجتماع، أما ذهنه فشارد بعيداً. وعند الباب ينتهي كل شيء. فسرعان ما يأتي الشيطان ويخطف ما قد زُرع. وهل نتوقع لشخص مثل هذا أي قدر من النمو؟ كلا إطلاقاً. وما لم تُفلَح الأرض وتُقلَّب - أي أن نُعِدّ قلوبنا لقبول الكلمة، ثم نغطي البذار بعد ذلك بأن نتأمل فيما سمعناه ونصلي لكي نستفيد منه، ونتنبَّه أكثر إلى ما سمعنا لئلا نفوته، فسنكون كالأرض الممثلة بالطريق، ولن ننمو روحياً. 2- الذي سقط على الأماكن المحجرة، فنبت حالاً إذ لم يكن له عمق أرض. ولكنه لما أشرقت الشمس احترق (متى31: 5 ،6). وهذا النوع يمثل أولئك الذين يسمعون ويُظهرون بعض الإعجاب لما سمعوه. إنهم لا يرفضون الكلمة بل يرغبون في سماعها. ويُظهرون تجاوباً سريعاً أكثر من الذي سقط على الأرض المحجرة. إنه الحماس الجسدي والتأثر العاطفي السطحي. دون أن يفكروا فيما تتطلبه الكلمة من إدانة لحالتهم وتوبة عميقة صادقة عن الخطية. إنهم مثل الذي يبلع الطعام دون أن يمضغه. ولهذا فإن الطعام لا يُهضَم جيداً. إنهم يقبلون الكلمة بفرح ويُظهِرون سروراً وإعجاباً سواء بمن قدم الكلمة أو بما قدمه من مادة. إنهم يذوقون فقط كلمة الله الصالحة (عبرانيين6 : 5). ويقولون إنهم وجدوا حلاوة فيها. طالما لا تسبب إزعاجاً للضمير. فهناك أيضاً شهوات محببة لها مذاق حلو عندهم، لا يرغبون في إدانتها. إنهم يسيرون بهذا الحماس إلى حين. لقد كانوا يسعون حسناً لكن شيئاً صدّهم فتعثروا (غلاطية5: 7). عندما اصطدموا بالحقيقة أنه لا يمكن التوفيق بين إرادة الله المعلنة في الكلمة وبين رغبات الجسد. هؤلاء ليس لهم أصل أو جذور عميقة. والكلمة لم تتأصل في قلوبهم لتنشئ فيهم توبة حقيقية، وقرارات جديدة في الحياة. هؤلاء هم الذين في وقت التجربة يرتدون، ويتحولون إلى لا شيء. وعندما يأتي الضيق الاضطهاد بسبب الكلمة، حالاً يتعثرون. «لما أشرقت الشمس احترق» (متى31: 6). وما يأتي بسهولة سيمضي أيضاً بسهولة. إن أول علامة تدل على عمل الله في النفس أن الكلمة تخترق الضمير فيشعر الإنسان بحالته كمذنب وبحاجته إلى الغفران. وإذ يكتشف تعاسته فإنه يحزن وهذا الحزن ينشئ فيه توبة. هذه هي أول ثمار الإيمان الصحيح. الأحجار أعاقت نمو النبات إذ منعت نمو جذوره إلى أسفل لتتأصل في التربة. وهكذا الحال مع كثيرين ممن يسمعون الكلمة بطريقة سطحية وسط جو من الحماس. وبالتالي لا يوجد نمو حقيقي دائم وثابت لهؤلاء الأشخاص. 3- الذي سقط على الشوك. فطلع الشوك وخنقه (متى13: 7). هذا معنى أبعد من الذي قبله. فهذا النوع له جذور. لكن الأشواك المحيطة تتداخل مع النبات وتخنقه. والأشواك التي تعيق نمو النبات هنا، تمثل الاهتمامات العالمية التي تخنق الكلمة فتصير بلا ثمر. هذا الشخص لديه الرغبة أن ينمو ويثمر ويستفيد من كلمة الله. لكن مشكلته الحقيقية هي اهتمامات هذا العالم. فالهموم والضغوط وأعباء الحياة من ناحية، قد تثقله وتعطله عن النمو الروحي. كذلك فإن غرور الغنى: أي محبة المال، والاهتمام بتحصيله، والتطلع إلى المراكز العالية، وبذل كل الجهد والوقت في سبيل ذلك، يعطل النمو الروحي. ومن المعطلات أيضاً شهوات الأشياء التي يذخر بها العالم، والتي لها جاذبية وبريق للطبيعة البشرية خاصة للشباب، وكثيراً ما يضعف الشخص أمامها ويُغلب منها. كل هذا سيعيق نمو واستفادة الشخص من كلمة الله، وسيحطم كل حماس ورغبة مقدسة وكل اهتمام بالأمور الروحية. ورغم النوايا الحسنة التي عنده إلا أنه، في الحياة العملية، يجد نفسه محاطاً بأشواك وأشراك هذا العالم. ويجد أنه ليس من السهل التخلص منها. فهذه نقطة الضعف عنده. إنه في دوامة لا تنتهي. وكل هذا على حساب الروحيات. وقد تجد شخصاً كهذا نجح في دوائر العالم وكبر لكنه معوق في النمو الروحي رغم السنين. (يتبع) |
||||
19 - 12 - 2016, 06:22 PM | رقم المشاركة : ( 15367 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عوامل النمو
بعد أن استعرضنا في ما سبق بعض سلبيات الطفولة، لا شك أنه قد تولَّد في أعماقنا الرغبة في عبور هذه المرحلة والقفز إلى مرحلة النضوج. وهذه رغبة قلب الرب: أن يرانا ننمو مع الأيام ونتغير إلى الأفضل روحياً. ولكن يجب أن نعرف أنه لا توجد قفزات في النمو الروحي، وإنما هو نمو تدريجي ببطء وثبات. كانت حنة أمّ صموئيل تعمل له جُبة صغيرة وتُصعِدها له وهو صبي صغير في شيلوه. وكانت تتوقع نمواً طبيعياً من سنة إلى سنة، تأخذه في الاعتبار وهي تعمل له الجُبة. وكم كانت تفرح به وهي تراه ينمو ويكبر بشكل ملحوظ، ليس إنسانياً فقط بل روحياً أيضاً. لقد «كبر الصبي صموئيل عند الرب». وكان «يتزايد نمواً وصلاحاً لدى الرب والناس أيضاً» (1صموئيل 2: 21 ،26). والسؤال الآن هو هل ننمو نحن في علاقتنا بالرب من سنة إلى سنة؟ هل ننمو في المعرفة الكتابية، والشركة، والتكريس، والمحبة، والخدمة، والطاعة، والقداسة؟ هل أذهاننا تتجدد مع الأيام، وبالتالي نتغير لنُصبح مُشابهين صورة المسيح في صفاته؟ كلنا نعرف أن الجسد بفعل الطعام المناسب وتحت تأثير الهواء والجو النقي والرياضة، ينمو ويتقوى ويقوم بوظائفه. وهذا صحيح أيضاً بالنسبة للنفس الخالدة في المجال الروحي. ولو كانت صحتنا الجسدية تنمو بقدر نمو صحتنا الروحية، لكُنّا نرى الأمراض تسود على غالبيتنا. لأنه ما أكثر الاهتمام بأجسادنا بينما نهمل نفوسنا وحالتنا الروحية. وكم من جسم كبير يُغلِف نفساً ضعيفة ومريضة وهزيلة روحياً. وقبل أن يكون هناك نمو، يجب أن تكون هناك حياة. قد تُزيّن شجرة ميتة وتجمّلها، لكنها لا يمكن أن تنمو وتُثمر ما لم تصل إليها الحياة. قال الرب يسوع لتلاميذه «تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو؟» (متى 6: 28). إن النمو هو عمل الطبيعة الصامت عندما تتحقق الظروف المناسبة والمناخ المناسب. وذات الشيء في المجال الروحي. والعوامل التي يجب توافرها لكي ينمو النبات هي: 1- الأرض الجيدة 2- الغذاء المناسب 3- الهواء والجو النقي 1- الأرض الجيدة أشار الرب يسوع في مَثَل الزارع إلى أربعة أنواع من التربة (متى 13: 3-9). فبينما كان الزارع يلقي البذار، سقط بعض على الطريق، وسقط آخر على الأماكن المُحجرة، وآخر على الشوك، والأخير على الأرض الجيدة. وقد أوضح الرب في هذا المَثَل أن البذار هي كلمة الله. والزارع هو الرب نفسه أو الكارز أو الخادم الذي يقدم الكلمة للنفوس. والأرض التي أُلقيت عليها البذار تمثل قلوب الناس التي تسمع الكلمة. وهي تختلف بحسب الاستعداد الشخصي. ولكل نوع من التربة خواص تميزه؛ وهذا موضوع حديثنا في العدد القام بمشيئة الرب. |
||||
19 - 12 - 2016, 06:26 PM | رقم المشاركة : ( 15368 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفتكر «كطفل كنت أتكلم وكطفل كنت أفتكر» نواصل حديثنا عن سلبيات الطفولة الروحية ونقدم مجموعة أخرى من ملامح هذه المرحلة: (1) الأنانية: الطفل يحب نفسه، ولا يفكر إلا في نفسه. يريد كل شيء لنفسه. لا يقنع ولا يكتفي بما عنده، بل يشتهي ما عند الآخرين. ومهما امتلك من أشياء، فإنه سرعان ما يتعود عليها ويملّ منها ويعتبرها أموراً طبيعية وقد فقدت قيمتها، مع أنها لغيره تُعتبر حلماً كبيراً. إنه يحب أن يميِّز نفسه ومغبوط عنده الأخذ وليس العطاء. لا يعرف أن يضحي ويتعب لأجل الآخرين، بل بالعكس يعتبر أن من حقه أن يتعب الآخرون لأجله. مفهوم المحبة عنده هو الأخذ والتدليل. لا يفكر في ظروف الآخرين واحتياجاتهم، بل ينحصر في ذاته وفي ما يستفيد من هذا أو ذاك. لا يتعامل مع شخص إلا لأجل مصلحته. إنها صفة رديئة للغاية، وهي عكس روح المسيح التي تميزت بالمحبة والعطاء والتعب لأجل الآخرين. (2) المشغولية بالذات ومحاولة جذب الأنظار والاهتمام بمديح الآخرين. وهذه سمة من سمات الطفولة، أن ترى شخصاً يتكلم عن نفسه كثيراً، وعن مهاراته وإنجازاته وخدماته واختباراته. إنه كثير الحركة والنشاط الجسدي لجذب الأنظار. مثلما فعلت مرثا أخت لعازر ومريم، التي كانت مُرتبكة في خدمة كثيرة وقالت للرب «يا رب أما تبالي بأن أختي قد تركتني أخدم وحدي؟ فقُلّ لها أن تعينني» (لوقا 10: 40). إنها تخدم ليس محبةً في الرب، بقدر ما أنها تريد أن تحظى بمديح الناس وإعجابهم. وعندما يتحقق ذلك تشعر بالرضا والسعادة وتستمر في الخدمة، وإذا لم يحدث تكون متوترة وغاضبة ومكتئبة. إنها حالة طفولة روحية. وليس في الخدمة فقط، بل قد يحدث أن الفتاة تعتني بمظهرها بشكل مُلفت، وتتزين بطرق مختلفة لكي تبدو متألقة وجذابة، لكي تحظى بإعجاب الآخرين وتسمع كلمات المديح منهم، الأمر الذي يشبع غرورها. إن رأي الآخرين ولا سيما الشباب في نفس المرحلة العمرية، يمثل أهم شيء بالنسبة لها. وإذا لم تحظَ بالتعليق الذي يشبع ذاتها، ستشعر بالاكتئاب والضجر. وهذه التصرفات وردود الأفعال تُعتبر طبيعية في مرحلة الطفولة ومرحلة المراهقة، لكن كلما عبر الشخص هذه المرحلة وأصبح أكثر نضوجاً، كلما تحرر من هذا التأثر برأي الآخرين، وأدرك أن الأهم هو رأي الرب ورضاه وإعجابه به. إنه يصبح أكثر بساطة في مظهره وتصرفاته، ويَكُفّ بالتدريج عن الكلام عن نفسه، ويصبح أكثر اقتناعاً بما هو فيه. ولا يتأثر كثيراً بتقييم الآخرين وأمزجتهم المختلفة، عالِماً أنه لا يستطيع أن يُرضي جميع الناس. وإذا فعل ذلك فهو ليس عبداً للمسيح. (3) تقليد الآخرين في حركاتهم ومظهرهم وأسلوبهم. فالطفل ليس له الشخصية المحددة واللون المحدد في المواقف المختلفة، بل إنه يتشكل طبقاً للوسط المُحيط به، ويغيّر أفكاره واقتناعاته حسب الشخصيات التي يتأثر بها. وإذا أُعجب بشخص معيَّن حاول أن يقلِّده في كل شيء، وأن يتوحد معه ويتقمص شخصيته وطريقة كلامه وحركاته ومظهره وتعبيراته. وهذا قد يتغير إذا دخل شخص آخر في حياته أحبه أكثر وتأثر به... وهكذا .. وهذا أيضاً قد يُقبَل كشيء طبيعي في مرحلة الطفولة والشباب المبكر. ومع النمو والنضوج لا بد وأن يصبح للشخص كيانه المستقل المحدّد والواضح كما أراده الرب أن يكون. والخطورة في هذه المرحلة أن الشخص قد يُضحي بمبادئ كثيرة تعلّمها سابقاً، لكي يُرضي صديقاً أو مجموعة من الأصدقاء غير المؤمنين والعالميين. وقد يتأثر بأفكارهم وعاداتهم ومظهرهم وسلوكياتم وأحاديثهم ويحاول أن يقلدهم. فالطفل لا يدرك معنى الانفصال المقدس عن العالم الحاضر الشرير الذي يحكمه الشيطان. (4) التهور والاندفاع. الطفل يفعل ما يخطر بباله دون تفكير أو دراسة واعية متأنية. إنه يتخذ قرارات سريعة دون حساب للنتائج والتبعات. وفي سبيل تحقيق ذاته وإثبات شخصيته قد يرفض كل نُصح وتوجيه، ويفعل إرادته بكل عناد. وقد يتخبط في قراراته لأنه مختل الاتزان. إنه لا يدرك خطورة وكُلفة العصيان. وفي شخصية يونان نرى صورة لهذا التهور والاندفاع دون حساب للنتائج. لقد ظن أنه يمكن أن يهرب من وجه الرب، وقرر أن يذهب إلى ترشيش بدلاً من أن يطيع أمر الرب ويذهب إلى نينوي! ولم يحسب النفقة، فكانت أجرة العصيان أضعاف أجرة السفينة، فكان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال. وكلما نضج الشخص أصبح أكثر تحفُظاً وتأنياً، يخاف من الاندفاع، ويخاف من الخطأ، ويخاف من أن يتخذ قراراً ليس بحسب فكر الله ومشيئته. والخطورة في هذه المرحلة أن الذي يرفض نُصح الآخرين، لا يعرف أن يرفض رغبات الجسد، ولا يعرف أن يضبط نفسه وأن يقول لشهواته «لا». إن الطفل يحب أن يدلِّل نفسه وأن يُرضي ذاته ورغباته. ويجب أن يتعلم كل طفل في المسيح درس الفطام فيقول لنفسه «لا»، فلا يطيع كل رغبة من الجسد ولا يتجاوب مع كل فكرة تطرأ على باله لينفذها. (5) الطفل محمول بكل ريح تعليم. نتيجة عدم الثبات وعدم التأصل عميقاً في الحق، قد يتأثر الشخص بكل التيارات والأفكار التي يسمعها. وقد يتحول سريعأً عن الحق وينحرف إلى الخرافات والضلالات، ذلك لأنه لم يتأسس على التعليم الكتابي الصحيح ولم يعرف لماذا هذه الأمور هكذا، وأين هذا في كلمة الله؟ والأمر يحتاج أن نفحص كل شيء في ضوء «ماذا يقول الكتاب؟ ولا نسير وراء أفكار الناس مهما كانوا «اثبت على ما تعلمت وأيقنت، عارفاً ممّن تعلمت» (2تيموثاوس 3: 14). |
||||
19 - 12 - 2016, 06:30 PM | رقم المشاركة : ( 15369 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سلبيات الطفولة
رأينا فيما سبق بعض الدروس الروحية الإيجابية من الطفولة الطبيعية. أما الآن فسنلقي الضوء على سلبيات الطفولة وما يناظرها في المجال الروحي. فإن هذه المرحلة تتضمن بعض العيوب التي تحتاج إلى علاج وتهذيب وتقويم. ومع النمو ستسقط هذه الصغائر وتختفي من الحياة. ويمكن احتمال بعض العيوب والنقائص باعتبار أنها مرتبطة بمرحلة الطفولة، أما إذا استمرت لفترة أطول فهى حالة مرضية وليست طبيعية. وإنه أمر مُحزن أن نرى أشخاصاً لهم سنوات في الإيمان لكنهم لا يزالون أطفالاً. فهم كما هم في الإدراك والفهم والكلام. والكتاب يحدّثنا عن هذه الطفولة غير الطبيعية لمؤمنين لسبب طول الزمان كان ينبغي أن يكونوا أكثر نضوجاً وروحانية، لكنهم ظلّوا أطفالاً برغبتهم. من هؤلاء كان المؤمنون في كورنثوس والمؤمنون من العبرانيين. لهؤلاء يقول الرسول «إذ قد صرتم متباطئ المسامع (الفهم). لأنكم إذ كان ينبغي أن تكونوا معلِّمين لسبب طول الزمان تحتاجون أن يعلمكم أحد ما هى أركان بداءة أقوال الله. وصرتم محتاجين إلى اللبن لا إلى طعام قوي. لأن كل مَنْ يتناول اللبن هو عديم الخبرة في كلام البر (إنجيل نعمة الله) لأنه طفل، وأما الطعام القوي فللبالغين» (عبرانيين 5: 11-14). ولأولئك الذين في كورنثوس يقول «لم أستطع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين، كأطفال في المسيح. سقيتكم لبناً لا طعاماً لأنكم لم تكونوا بعد تستطيعون، بل الآن أيضاً لا تستطيعون، لأنكم بعد جسديون» (كورنثوس الأولى 3: 1-3). إن رغبة قلب الرب أن ننمو مع الأيام ونتغير ونصل إلى النضوج الكامل. وليس حسناً إطلاقاً أن نظل طويلاً في مرحلة الطفولة بسلبياتها. وهذه السلبيات تتضمن: (1) عدم القدرة على استيعاب الطعام القوي. السطحية وعدم الدخول إلى العمق في التعليم وضحالة الشركة مع الله. القناعة بأقل شيء من الأمور الروحية مع أكبر قدر من التسليات الجسدية. الملل السريع من الاجتماعات وفرص الصلاة. عدم الرغبة في بذل مجهود ذهني لفهم الأمور العميقة في كلمة الله، وعدم التقدير لكل أجزاء الكتاب واعتبار أن الكثير منها لا يعنينا. التحوّل إلى النواحي الاجتماعية والإنسانية أكثر من الاهتمام بماذا يقول الكتاب وبالكلمة التي تفحص القلب والضمير. عدم الرغبة في فهم مشيئة الله وخطته لحياتنا والخضوع لها. هذا كله يعبر عن حالة طفولة روحية. وهو شيء مُحزن إذا استمر. (2) الغيرة والحسد والخصومات والتحزبات. وكلها صغائر تُعبِّر عن حالة الطفولة لأشخاص تظهر فيهم صفات الطبيعة القديمة بشكل بارز لأنهم لا يسلكون بحسب الروح القدس الساكن فيهم. وهكذا كان المؤمنون في كنيسة كورنثوس. هل تنظر إلى الآخرين وما عندهم من امتيازات أكثر منك بنظرة حقد؟ وهل توجد مرارة في نفسك لأن غيرك يملك ما لا تملكه أنت؟ هذه هى الغيرة الجسدية. هل تتمنى زوال ما عندهم من امتيازات؟ هذا هو الحسد. هل تقاطع الآخرين ولا تستطيع أن تكلمهم بسلام أو تتعامل معهم بمحبة إذا اختلفت معهم ولم يوافقوك على أفكارك ومقترحاتك؟ هذا هو الخصام. هل تنتمي لأشخاص تتبنى أفكارهم وتتعصب لآرائهم وتدافع عنهم؟ وهل تستقطب آخرين معك لصالح هؤلاء الأشخاص؟ هذا هو التحزب. وفي كنيسة كورنثوس كان هناك مَنْ يقول «أنا لبولس» ومَنْ يقول «أنا لأبولس». والرسول وبَّخهم على ذلك. إذ أن الانتماء والولاء ينبغي أن يكون للمسيح فقط وليس لأفراد مهما كانوا. (3) الافتخار بالامتيازات الجسدية والعُجب بالنفس. لهذا يقول الرسول بولس «أي شيء لك لم تأخذه؟ وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟» (1كورنثوس 4: 7). قد يكون لشخص بعض الامتيازات أو المواهب الطبيعية مثل الجمال والأناقة، أو الجاذبية والرشاقة، أو المرح واللباقة، أو الذكاء والتفوق والمهارة، أو الغنى والكرامة، أو الوضع العائلي والبيت الذي يتسم بالفخامة. أو أي قدرات ومهارات خاصة يتميز بها. وهذا كله ربما يجعله يزهو بنفسه ويتعالى على الآخرين، ويرى نفسه أفضل منهم. وفي الإنسان ميلاً للكبرياء كلما سنحت الفرصة، وهذه أيضاً حالة جسدية تعبِّر عن طفولة روحية وعدم نضوج. وكلما نضج الشخص، كلما صار أكثر اتضاعاً وحسب الآخرين أفضل من نفسه، وكلما شعر أن الفضل للرب ولنعمته فقط، وأنه في ذاته لا يستحق شيئاً. فتجده لا يتكلم عن نفسه وعن امتيازاته أو أي شيء يخصه. (4) الجهالة: وهى سمة تميِّز الطفل. والأسوأ أن تراه حكيماً في عيني نفسه، ويعتبر نفسه عالماً بالأمور ويرفض أن يتعلم. وقد يكون الشخص متفوقاً في دراسته وناجحاً زمنياً، لكنه بطيء الفهم والتعلم في الأمور الروحية. وقد يتكرر الدرس أمامه مراراً لكنه كما هو لا يستطيع أن يميّز صوت الرب ولا أن يفهم قصده من المعاملات. يسمع كثيراً لكنه سرعان ما ينسى فلا يستفيد لحياته شيئاً ولا يتغير. وقد شبَّه الرب يسوع الشخص الذي يسمع ولا يعمل برجل جاهل. إن الذكاء الطبيعي شيء والذكاء الروحي شيء آخر. فلتكن صلاتك مع سليمان «أعطِ عبدك قلباً فهيماً» (الملوك الأول 3: 9). وتذكَّر أن كلمة الله تصيِّر الجاهل حكيماً. (5) الكذب: أحد مظاهر الطفولة أن يلجأ الشخص للكذب لكي يبرر نفسه، أو لكي يحمي نفسه، أو لكي يصل إلى أهدافه. وقد يفعل ذلك بدافع الخجل من الحقيقة. فالصدق قد يكلف صاحبه بعض الشيء. لكن ذلك أهون بكثير من كلفة الكذب التي قد تسبب متاعب لصاحبه مدى الحياة. وكلما نضج الشخص اختفت من حياته هذه الصفة وصار يميز الصدق والحق. (يتبع) |
||||
19 - 12 - 2016, 06:31 PM | رقم المشاركة : ( 15370 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عائلة الله
عائلة الله أم ليست الطبيعة تعلمكم؟ دروس أخرى من الطفولة الطبيعية رأينا في ما سبق أن الطفل مثالاً للاتكال والاعتمادية، للبساطة والنقاء والاتضاع، وأنه سرعان ما يغفر الإساءة وينسى. وفي هذا العدد سنرى مميزات أخرى للطفل نتعلم منها دروساً روحية نافعة. 1- الطفل يطلب بلجاجة وإلحاح بل وأحياناً بالدموع، ويتشبث بالطلب، خاصة إذا كان أبوه قد وعده به. وفي الحياة الروحية أشار الرب يسوع إلى أهمية اللجاجة في الصلاة، وقدم لنا مَثلين؛ مَثل صديق نصف الليل (لوقا 11: 5-8)، ومَثل الأرملة وقاضي الظلم (لوقا 18: 2-8). وفي الحالتين كانت اللجاجة سبباً في الاستجابة. إن الصلاة هى التعبير عن حالة قلب متعلق بالرب بصفة دائمة. أما في الحالات الطارئة والعاجلة والمُلحّة، فإن المؤمن لا يصلي فقط بل يصرخ بأوفر لجاجة. ويعقوب في يومه جاهد مع الملاك وغلب، بكى واسترحمه، وقال «لن أطلقك إن لم تباركني» (تكوين 32: 26). وحنة أم صموئيل بكت بكاءً، وكانت تسكب نفسها أمام الرب في صلاة. والرب لا يغضب من لجاجة المؤمن، على العكس، إنه ينصف مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً «هذا المسكين صرخ والرب استمعه» (مزمور 34: 6). 2- الطفل يكره الوحدة ويخاف من الظلام إنه بتكوينه الطبيعي يحب أن يكون مع آخرين، يأنس لهم ويشعر معهم بالأمان والراحة. وما أحلى شركة المؤمنين معاً وارتباطهم بجو المحبة الدافئ الذي يميز عائلة الله. إن المولود من الله لا يسعد إلا وسط إخوته المؤمنين، وهو يحتاج إليهم دائماً. وهذا العنصر هام للنمو والاستمرارية في الحياة المقدسة والمكرسة. وإذا انفرد بعيداً عن هذا الجو وحُرم من الشركة مع المؤمنين، فإن هذا يحمل خطراً كبيراً على حياته الروحية. إذ سيكون عُرضة لهجوم الشيطان وتجاربه. ولأن الشخص لا يستطيع أن يبقى وحده، فسيضطر أن يكون في شركة مع غير المؤمنين وهذا أيضاً يضاعف الخطر على حياته الروحية. إن الطفل بالطبيعة يحب النور ويخاف من الظلام. وهكذا شركة أولاد الله هى في النور «إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض» (1يوحنا 1: 7). 3- الطفل يحب التقليد ومَثَله الأعلى والده وهكذا أيضاً في المجال الروحي. فالمولود من الله يجد المَثَل والقدوة في الأشخاص الروحيين الذين استخدمهم الرب معه، سواء لتبشيره أو لتشجيعه وتعليمه واحتضانه ورعايته. هكذا كان الرسول بولس للمؤمنين قدوة ومثالاً طيباً. وكان هو شخصياً متمثلاً بالمسيح، فيبقى أن المسيح هو النموذج الفريد الوحيد الخالي من العيوب الذي نقتدي به ونتعلم منه. 4- الطفل يملك طاقة هائلة وحركة ونشاط لا يتوقفان وإذا كُلّف بشيء يعمله بسرور. وهكذا الطفل في عائلة الله لديه طاقة، ويحب أن يشارك في أي نوع من النشاط أو الخدمة أو أي عمل نافع. إنه يُسرّ بأن يؤدي دوره كعضو في جسد المسيح. وجميل أن تُستغل هذه الطاقة في شيء مفيد، ويتوجه نشاطه بطريقة صحيحة، حتى لا تُستغل في أمور عاطلة لا تمجد الرب. وجيد للرجل أن يحمل النير في صباه. ومَنْ يتعوَّد أن يتحمل مسئولية روحية في خدمة ما من الصغر، لن يكون متهاوناً في حياته الروحية. وهذا سيحفظه منضبطاً في كل شيء. وبالطبع لا ينبغي أن الصغير يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي. كان الصبي صموئيل يخدم الرب أمام عالي، وكانت خدمته بسيطة تتناسب مع سنه الصغير، لكن هذه الخدمة البسيطة كانت مقبولة أمام الرب. 5- الطفل قابل للتعلم بسهولة وهو يسأل كثيراً، ولديه قدرة على الاستيعاب، وهكذا أيضاً في المجال الروحي. كل مولود من الله يقول للرب «أسألك فتعلمني»؛ إنه يأخذ مركز التلميذ المتعلم: يستقبل ويحفظ، فيستنير ذهنه، وبهذا ينمو ويتغير. إن عملية تجديد الذهن تتضمن إسقاط المبادئ القديمة التي احتواها الذهن قبل الإيمان، وزرع أفكار ومبادئ إلهية جديدة يتعلمها الشخص من المكتوب. وفي السنوات الأولى يكون الذهن نشطاً في التحصيل الروحي، والشخص أكثر اجتهاداً في دراسة الكتاب. 6- الطفل حساس ومشاعره مُرهفة وأقل شيء يبكيه. وهكذا أيضاً المؤمن المولود من الله قد اكتسب مشاعر حساسة. ولكونه في عالم مليء بالشر والأشرار، فإن الظروف المُحيطة هي معاكسة لروحه. إن إحساسه بالألم أكثر من غيره، فهو كسوسنة بين الشوك. ومثل حنة أم صموئيل النبي التي عندما تعرضت للتجريح والآلام بكت بكاءً وصلّت وسكبت نفسها قدام الرب، هكذا لا يجد المؤمن راحة أو تعزية إلا في محضر الرب. وكالأم التي تحتضن طفلها الباكي وتهدئ نفسه المضطربة «هكذا أعزيكم أنا يقول السيد الرب». 7- الطفل عندما يتعرض لتأديب من أبيه، لا يهدأ إلا بابتسامة أبيه له مرة أخرى ولا يستريح إلا بعودة جو المحبة والألفة والشركة معه. إنه تحت التأديب لا ينفر من أبيه، بل يتعلق به أكثر ويرتمي في حضنه أكثر. وهو درس يتكرر مع كل المؤمنين «أي ابن لا يؤدبه أبوه». «الذي يحبه الرب يؤدبه». وهو يفعل ذلك «للأجل منفعة لكي نشترك في قداسته» (عبرانيين 12: 10). وهذه المعاملات التأديبية الأبوية، ستربط المؤمن بالآب أكثر وتجعله يرتمي في حضنه أكثر. وهذا ما حدث مع داود يوم احترقت صقلغ بالنار وسُبيَ كل ما كان له والشعب قالوا برجمه. فتواضع تحت يد التأديب وارتمى على الرب، وتقدم ليسأل الرب، فاستجاب له وأعانه وأعطاه النُصرة على الأعداء واسترجع كل ما أخذه العمالقة (1صموئيل 30). وهكذا رُدّت نفسه وعاد إلى الشركة الصحيحة بينه وبين الرب. |
||||