16 - 12 - 2016, 06:13 PM | رقم المشاركة : ( 15341 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آدم صورة المسيح
الرب يسوع المسيح هو موضوع الكتاب المقدس كله، بعهديه القديـم والجديد، «فإن شهـادة يسوع هي روح النبـوة» (رؤيا19:10)؛ لذلك نجد صورًا رائعة في العهد القديم تشير إلى ربِّنا يسوع المسيح؛ سواء في عظمة شخصه، أو في عظمة عمله الكفاري على الصليب، أو في ارتباطه بالكنيسة. وهذه الصور الرائعة نجدها في حياة بعض الأتقياء الذين عاشوا في العهد القديم، أو في أشياء حدثت مع شعب الله. وهذا يشجعنا لكي ندرس كلاً من العهدين، القديم والجديد، معًا؛ فنكتشف عظمة كلمة الله التي بين أيدينا، وعظمة وجمال الشخص الذي أحبنا؛ فنسجد له بخشوع ونحيا لأجله كل أيام. آدم صورة للمسيح وهذا ما يوضحه الرسول بولس في رومية5: 14 أن «آدم هو مثال الآتي»، والآتي هو اسم من أسماء المسيح. لذلك سنجد بعض المشابهات بين آدم والمسيح له المجد. (1) سُر الله بآدم يوم أن خلقه؛ صورة لسرور الآب بالمسيح كالإنسان الكامل عندما كان هنا على الأرض. عندما خلق الله الخليقة والكائنات الحية، سواء النبات أو الزحافات أو الطيور، رأى أن ذلك حسن. ولكن عندما خلق آدم في اليوم السادس، رأى أن كل ما عمله فإذا هو «حسن جدًا»؛ لأن لذاته مع بني آدم. وفي هذا صورة لحياة ربنا يسوع كالإنسان الكامل على الأرض، حيث أنه الوحيد الذي عاش حياة القداسة والكمال والبر والطهارة، في وسط عالم فاسد وشرير، وهو الوحيد الذي أدخل السرور لقلب الآب، والذي شهد عنه أكثر من مرة «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» (متى3: 17). (2) آدم نام؛ صورة للمسيح الذي مات. عندما كان آدم وحيًدا في الجنة، قال الرب الإله: «ليس جيدًا أن يكون آدم وحده فأصنع لـه معينًا نظيره» (تكوين2: 18). ولكي تتكوَّن المرأة، أوقع الرب الإله سُباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة. والسُبات الذي وقع على آدم جعله ينام، صورة لموت المسيح على الصليب، وذلك لكي تتكون الكنيسة التي هي عروسه. والنوم هو أقرب صورة للموت في عالم لم يكن قد دخله الموت بعد. مع الفارق أن آدم الأول عندما نام وأخذ الرب ضلعه منه كان في غير وعي ولم يشعر بأي ألم، لكن ربنا يسوع المسيح وهو على الصليب كان يشعر ويحس بكل الآلام ولا سيما الآلام الكفارية التي كانت من الله كالديان العادل. (3) آدم عريس لحواء؛ صورة للمسيح عريس الكنيسة. تكوَّنت المرأة من ضلعة من أضلاع آدم، وبعد أن بناها الرب الإله أحضرها إلى آدم كعروس. وهي صورة للكنيسة، عروس المسيح، التي تكوّنت منه؛ فهي لحم من لحمه وعظم من عظامه، وسيحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب (أفسس5: 25-30). وإن كنا الآن في فترة الخطبة للمسيح (2كورنثوس11: 2)، لكن قريبًا جدًا سيأتي ربنا يسوع من السماء لأخذنا إليه، وفي بيت الآب يتمِّم زفافنا إليه ويتم عرس الخروف (رؤيا19:1-9). ومن كلمة الله نعلم أن الكنيسة - عروس المسيح - تكوَّنت بعد أن مات المسيح وقام وصعد إلى السماء وأرسل الروح القدس يوم الخمسين. والشيء اللافت للنظر أن هذه العَظْمة لم تؤخذ من رأس آدم ولا من رجليه، بل من جنبه. لم تؤخذ من رأسه حتى لا تتعالى عليه، ولم تؤخذ من رجليه حتى لا يحتقرها، بل أُخذت من جنبه حيث القلب والمشاعر والمحبة والعواطف. إنه شيء عظيم أن نعرف أننا كمؤمنين عروس المسيح المحبوبة على قلبه، فهو الذي أحبنا وبذل نفسه لأجلنا على الصليب وما زال يحبنا ويغمرنا بحنانه وعواطفه الرقيقة. فدعونا نرتمي في حضنه ونستمتع بدفء محبته ورقة مشاعره وحنان قلبه. (4) أعطى آدم زوجته ذات اسمه؛ صورة للمسيح الذي أعطانا اسمه. قال آدم: «هذه تُدعى امرأة لأنها من امرءٍ أخُذت»، فالرجل هو “امرء” وهي “امرأة”؛ وفي هذا صورة للمسيح الذي شرَّفنا أن نحمل اسمه علينا كمسيحيين، فبعد أن تأسست الكنيسة يوم الخمسين وبدأت الكلمة تنتشر، يسجِّل الوحي هذا التعبير الرائع «ودُعي التلاميذ مسيحيين» (أعمال11: 26)، وذلك لأنهم مثل المسيح في تصرفاتهم. ونقرأ أيضًا عن «الاسم الحسن الذي دُعي علينا» (يعقوب2: 7). لذلك يحفظنا الرب ليكون سلوكنا ممجِّدًا لاسم المسيح ولا نتصرف تصرفًا سيئًا يجلب الإهانة لاسمه الكريم. (5) آدم هو رأس الخليقة الأولى؛ صورة للمسيح رأس الخليقة الجديدة. سلَّط الله آدم على الخليقة الأولى إذ قال: «فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم... أخضعوها وتسلطوا» (تكوين1: 26-28). فآدم؛ لأنه رأس الخليقة الأولى، أحضر لـه الرب الإله كل حيوانات البرية وكل طيور السماء ليرى ماذا يدعوها «فدعى آدم باسماء جميع البهائم» (تكوين2: 19-22). وفي هذا صورة للمسيح رأس الخليقة الجديدة الذي لـه السلطان والسيادة. فالمسيح - لـه المجد - أعطى أسماءً لبعض الذين تبعوه، فسمّى سمعان “بطرس”، ويعقوب ويوحنا “بوانرجس” أي “ابني الرعد”. ولقد قال بعد قيامته لتلاميذه: «دفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض» (متى28:18). والله الآب أخضع كل شيء تحت قدمي المسيح (1كورنثوس15: 27). وإن كنا الآن بالإيمان نرى المسيح مكلَّلاً بالمجد والكرامة، لكن عن قريب جدًا سيظهر بالمجد والقوة ليدين الأحياء ثم يملك على كل الأرض ويجلس على عرشه (رؤيا3: 21). ومن اللافت للنظر أن آدم خُلق في اليوم السادس - يوم الجمعة - وصار رأسًا للخليقة الأولى، صورة للمسيح الذي صُلب ومات أيضًا في اليوم السادس - يوم الجمعة - وصار بعد ذلك رأسًا لخليقة جديدة بعد فشل وسقوط الخليقة الأولى. أخي.. أختي، ليتنا نسجد لربنا يسوع المسيح ونحبه كثيرًا ونتأمل في كلمة الله باستمرار، باحثين عن المسيح في كل أصحاح بل في كل آية، فنجده موضوع الكتاب المقدس كله. فنشبع به ونعيش له كل أيام حياتنا لأنه عريسنا المبارك ورأسنا المجيد. |
||||
16 - 12 - 2016, 06:21 PM | رقم المشاركة : ( 15342 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرجولة الروحية الحقة
نواصل حديثنا عن النضوج الروحي، وهو المطلوب الأساسي الذي نصبوا اليه، لكي نكون أواني للكرامة مقدسة نافعة لخدمة السيد ومستعدة لكل عمل صالح. وسنستكمل الحديث عن مظاهر النضوج الروحي:
بعد هذا الاستعراض السريع للملامح الأساسية للنضوج والرجولة الروحية ليتك تصلي كلمات الترنيمة: للعمق يا إلهي ابتغي المسيرْ هل أبقى كالأطفال أرهب الوصولْ وكيف أحيا بالفُتاتِ يوميَ ومسيحي مُنبتٌ عُشبَ الحقولْ |
||||
16 - 12 - 2016, 06:23 PM | رقم المشاركة : ( 15343 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
النضوج النفسي والروحي
تحدثنا في ما سبق عن الأطفال والأحداث في عائلة الله. والآن سنتحدث عن النضوج الكامل. وهذا فكر الله من جهتنا، وما ينبغي أن يصبو إليه كل مؤمن ومؤمنة لكي يصبح إنسان الله الكامل المتأهب لكل عمل صالح. هل تشتاقون أن تكونوا قدوة تُتّبَع في الأوساط الروحية، ناجحين ونافعين لخدمة السيد ومستعدين لتحمل المسؤلية بأمانة وكفاءة؟ لا سبيل إلى ذلك سوى النضوج. والنضوج لن يحدث فجأة، لكنه يحتاج إلى وقت، إلى سنين. ومع النمو والتدريب، والاختبارات والتعلم، والاستفادة من الأخطاء، ومن المعاملات الإلهية؛ سيتحقق النضوج. والنضوج الروحي سيصحبه بالضرورة نضوج نفسي. ولكن العكس ليس صحيحاً. والآن من هو الشخص الناضج نفسياً وروحياً؟
|
||||
16 - 12 - 2016, 06:25 PM | رقم المشاركة : ( 15344 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأحداث والعالم
سبق الإشارة، في العدد السابق، إلى أن الخطر الذى يهدِّد المؤمنين الأحداث هو العالم. ولهذا حرّضهم الرسول يوحنا قائلاً «أيها الأحداث... لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم» (1يوحنا2: 14، 15). والآن يجب أن نعرف ما هو العالم الذى يحذِّرنا الكتاب منه: إنه النظام المجمَّل الذى أسّسه ويرأسه الشيطان بعد دخول الخطية. لقد دخلت الخطية وفصلت الإنسان عن الله، وجاء وراءها العالم ليحفظ الإنسان مفصولاً عن الله. إنه مشروع الشيطان ليصرف الإنسان بعيداً عن الله لكي لا يفكِّر في الرجوع إليه. لقد أنتجت الخطية مشاعر سلبية فى الإنسان بحرمانه من العلاقة الصحيحة مع الله. والشيطان، من خلال العالم، يحاول أن يعالج هذه الآثار. فلقد أنتجت الخطية:
ولا شك أن العالم، بما يقدِّم من إغراءات تروق للعين الطبيعية وينجذب إليها الجسد، يحتاج إلى مزيد من الحذر والسهر لنُحفظ من تياره الجارف. ولنعلم يا أعزائي أن العالم له بريق ولكنه ليس له رحيق. والذى اختبر كل صنوف المتعة التي يقدِّمها العالم قال بعد اختبار طويل «الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس» (جامعة2: 11)، كما قال الرب يسوع للسامرية «كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً» (يوحنا4: 13). وعلينا أن نعرف أن العالم رفض المسيح وصلبه، احتقره وأهانه، أظهر كل عداوة له وما يزال. فكيف أنجذب إليه وأجد فيه راحتي ومتعتي؟! ليتنا نقول مع بولس «حاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم» (غلاطية6: 14). وأخيراً تبقى الحقيقة الثابتة أن «العالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد» (1يوحنا2: 17). العالم حقير تركته وشهوته ليس فيه من رفيق سيزول بالحريق أمام ذا الصليب لأتبع الحبيب فخره تعب وضيق لا أحبه ولا ما له |
||||
16 - 12 - 2016, 06:27 PM | رقم المشاركة : ( 15345 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأحداث
فهمنا في أعداد سابقة أن الكتاب يقسِّم عائلة الله إلى ثلاث فئات هم: الأطفال، والأحداث، والآباء الناضجين. وقد تحدثنا عن الأطفال والطفولة، وعن عوامل النمو. والآن ننتقل إلى الحديث عن الأحداث؛ وهي المرحلة الانتقالية بين الطفولة والنضوج الكامل. والرسول يوحنا، في رسالته الأولى، قد خاطب كل فئة من هذه الفئات الثلاث مرتين. مرة تحدَّث عن مميزات هذه المرحلة، ومرة تحدَّث عن المخاطر التي يتعرض لها المؤمنون في هذه المرحلة. فبينما تكلم إلى الأولاد (الأطفال) باعتبارهم قد عرفوا الآب، مذكِّراً إياهم بمكانتهم ومعزتهم عند الآب الذي يُسَرّ بأن يُغدِق عواطف أبوته عليهم ويحملهم في حضنه ويدفئهم بحنانه؛ فإنه يحذّرهم من مخاطر التعاليم المضلة. فهم لقلة الخبرة والإدراك والثبات في الحق، معرَّضون أن يضطربوا ويُحملوا بكل ريح تعليم. أما الأحداث فيتكلم إليهم باعتبارهم قد نموا في النعمة والإدراك، ولهم بضع سنوات في الإيمان، وقد قطعوا شوطاً في الاختبار الروحي، وحققوا بعض الانتصارات، وبلغوا بعض النضوج. فيقول لهم «كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء، وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير. لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة. ليس من الآب بل من العالم والعالم يمضي وشهوته. وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد» (1يوحنا 2: 14 ،15). ومن هذه الأقوال نرى طبيعة هذه المرحلة وما يتميز به الأحداث. فهم: أقوياء روحياً، في حالة النضارة والحيوية والنشاط والعمل والطاقة والحماس والاجتهاد والتحصيل الروحي والغيرة المقدسة والأشواق الروحية. وكما يقول عنهم الكتاب «كسهام بيد جبار هكذا أبناء الشبيبة. طوبى للذي ملأ جعبته منهم» (مزمور 127: 4 ،5). إنهم أقوياء، وسر القوة أن كلمة الله ثابتة فيهم؛ فهم يحبون الكتاب، ويأكلونه بشهية مفتوحة، ويجدون فيه لذة، ويفحصون الكتب كل يوم باجتهاد هل هذه الأمور هكذا. إن لديهم القدرة الذهنية على الاستيعاب السريع، وهم يتعاملون مع الكتاب باعتباره كلمة الله الحية والفعالة، بكل احترام وطاعة. والكلمة ثابتة فيهم، أي أنها تجد مقرّاً في أعماقهم، ويخبئونها في قلوبهم ويعيشون بموجبها. ولهذا فهم أقوياء. وهذا ما نراه في المزمور الأول «طوبى للرجل الذي... في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، التي تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل، وكل ما يصنعه ينجح» (مزمور1: 1- 3). هؤلاء الأحداث الأقوياء قد غلبوا الشرير (الشيطان). وكما فعل الرب يسوع مع الشيطان في البرية، إذ استخدم المكتوب وهو يواجه المجرب، هكذا هؤلاء يغلبون الشرير بأقوال الله الثابتة فيهم. لكن هؤلاء الأحداث يتعرضون لخطر آخر، ليس هو الشرير، ولا هو التعاليم المُضلة، وإنما الخطر الأكبر على هؤلاء الأحداث في هذه المرحلة العمرية هو «العالم». فقد ينتصر الشاب على الشيطان، ولكنه يُغلَب من العالم. فالعالم أخطر من الشيطان كما أن الجسد أخطر من العالم. والآن ما هو المقصود بالعالم الذي يحذرنا الكتاب منه وبالأخص الإحداث؟ سيكون هذا هو موضوعنا في العدد القادم بمشيئة الرب. |
||||
16 - 12 - 2016, 06:28 PM | رقم المشاركة : ( 15346 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرياضة الروحية
من العوامل الهامة لنمو أجسامنا الطبيعية والاحتفاظ بلياقة بدنية عالية، ممارسة أنواع من التمرينات والأنشطة الرياضية المختلفة. وبدون الرياضة الجسدية يصبح الشخص خاملاً كسولاً مترهلاً ثقيل الحركة معرَّضاً للأمراض. وأعتقد يقيناً أن كل شاب، أو فتاة، يهمه جداً مظهره وقوامه أمام نفسه وأمام الآخرين. ولا يرضى إلا أن يكون رشيقاً نشيطاً سريع الحركة وكثير العطاء. وكما هو الحال مع أجسادنا الطبيعية هكذا أيضاً مع كياننا الروحي؛ فيجب أن نمارس أنواعاً من الأنشطة الروحية لكي ننمو ونحتفظ بقوامنا الروحي صحيحاً. «جيد للرجل أن يحمل النير في صباه» (مراثي3: 27). هكذا يقول الكتاب إن التعوّد على تحمل المسئوليات من الصغر سيساعد كثيراً على النمو في الحياة الروحية والعلاقة مع الله. وبدون ممارسة أي نوع من النشاط أو الخدمة فإن المؤمن، أو المؤمنة، سيفقد شهيته الروحية للكتاب والصلاة، وسيصبح خاملاً وعقيماً. والعكس صحيح؛ فكلما أعطى بنشاط كلما أخذ أيضاً ليعطي، وكلما ازداد سروره بالعطاء. كان صموئيل صبياً صغيراً عندما أصعدته أمه إلى الرب في شيلوه ليقيم هناك ويخدم الرب. وقد بدأ مبكراً في التعود على تحمل المسئوليات وممارسة أنواع من الخدمات البسيطة التي تتناسب مع سنه الصغير، وكان سعيداً بذلك. «كان الصبي يخدم الرب أمام عالي الكاهن» (1صموئيل2: 11). والعيشة في جو المسئولية جعلته ينمو بسرعة «وكبر الصبي صموئيل عند الرب» (1صموئيل2: 21). عارفاً قدر نفسه؛ وهذا شيء لازم لكل الأطفال والأحداث في عائلة الله. وقد قنع صموئيل بالخدمة البسيطة التي كُلِّف بها، وكان يؤديها بكل أمانة ونشاط. وقيل عنه: «أما الصبي صموئيل فتزايد نمواً وصلاحاً لدى الرب والناس أيضاً» (1صموئيل2: 26). ويا لها من شهادة حسنة رغم الجو الفاسد الذي كان يحيط به. وأخيراً قيل عنه «وكبر صموئيل وكان الرب معه... وعرف جميع إسرائيل... أنه قد اؤتمن صموئيل نبياً للرب» (1صموئيل3: 19،20). إنها بركة عظمى أن يتحمل الشخص المسئولية من الصغر ويسلِّم نفسه بين يدي الرب ليشكِّله ويستخدمه حسبما يريد. إن هذا يشبه التمرينات الرياضية ، وهي لا شك أسهل في السن الصغير. فالشخص سيتمرن على التقوى ومخافة الرب وهو في جو المسئولية، ولن يكون متهاوناً في حياته وسلوكياته. وهذا ما قاله الرسول بولس لتيموثاوس «روِّض نفسك للتقوى» (1تيموثاوس4: 7). كذلك سيتمرن على الصلاة والارتماء على الرب شاعراً بضعفه واحتياجه إلى العون الإلهي. وسيعكف على دراسة الكلمة ويفحص الكتب بكل نشاط كل يوم. سيتمرن على خدمة النفوس مضحياً براحته وأموره الخاصة. سيتمرن أن يستثمر البسيط الذي عنده وسيجد نفسه أنه يستطيع أن يشارك بأشياء كثيرة نافعة. وستنمو مواهبه وقدراته. وتأكد يا عزيزي أن عمل الرب كبير ومتسع ويحتاج إلى كل مؤمن ومؤمنة ليشارك فيه. والمطلوب أن تبدأ مبكراً، وتعرف المكان الذي يريدك الرب فيه، ولا تستصغر نفسك «لا تقل إني ولد» (إرميا1: 7). ولا تنسَ يوسف وداود وتيموثاوس وغيرهم. بهذا تنمو روحياً بشكل أفضل وتحتفظ بقوامك الروحي صحيحاً. |
||||
16 - 12 - 2016, 06:30 PM | رقم المشاركة : ( 15347 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة
لازلنا نتحدث عن عوامل النمو. وقد رأينا أهمية التربة والغذاء المناسب لنمو النبات، وسنتحدث الآن عن أهمية الهواء النقي والجو الملائم. وكما في الطبيعة هكذا في حياتنا الروحية. فنرى هذا العامل يتمثل في الصلاة وجو الشركة مع الله، حيث يعتاد المؤمن أن يستنشق الهواء النقي في محضر الله وينتعش بعبير السماء في الخلوة مع الله. إنه يفرغ كل شحنات المتاعب التي في داخله إذ يسكب شكواه قدام الله. وفي نفس الوقت يستقبل المعونات والمشجعات الإلهية التي تجدد قواه وعزيمته ونشاطه الروحي لكي ينمو ويثمر ويحتفظ بنضارته ولا يعتريه الذبول. إن حياتنا الروحية إما أن تسير بقوة دافعة متجددة نابعة من حياة الصلاة اليومية أو أن تسير بقوة الاندفاع لفترة قصيرة ثم تتوقف. والصلاة هي إحدى العلامات الرئيسية التي تميز المولود من الله. هكذا قيل عن شاول الطرسوسي «هوذا يصلي» (أعمال9: 11). إنها الضعف البشري مستنداً إلى قوة القدير. وهي حالة قلب يشعر دائماً بالاحتياج إلى الرب، وأنه لا يستطيع أن يستقل عنه أو يحيا بدونه. إنها الثقة الهادئة في قلب الله المحب وفي صلاح أفكاره الحكيمة باعتباره الآب المسئول عنا والذي يعمل دائماً لخيرنا. والمؤمن عندما يأتي إلى الله باحتياجاته فإنه يشعر بالراحة والأمان مثل طفل يرتمي بين يديه. الصلاة هي المدرسة التي نتدرب فيها على سماع صوت الرب ومعرفة مشيئته. كما نتدرب فيها على فحص النفس البشرية وإدانة الذات ورفض كل رغبات الجسد. وبهذا ننمو روحياً ونتغير. إننا لن نستفيد من كلمة الله وننمو بها إلا عندما يتحول ما نقرأه ونسمعه في المكتوب إلى حديث بيننا وبين الله، ومادة صلاة لكي نعيش ونطبق ما تعلمناه يومياً. والصلاة يجب أن تقترن بإيمان غير مرتاب البتة. والإيمان يمسك بالله القدير ويثق أنه سيفعل، ويتوقع وينتظر الإجابة حتى لو طال الانتظار. كما يجب أن تقترن بالقلب النقي إذ مكتوب «إن راعيت إثماً في قلبي لا يستمع ليَّ الرب» (مزمور66: 18). فعلينا أن نعترف بأخطائنا قبل أن نقدم طلباتنا إلى الرب. والرب يستجيب صلاة المؤمن الطائع الخاضع الذي يتجاوب مع إرادته ويحفظ وصاياه. والطبيعة البشرية سريعاً ما تمل من الصلاة وتحاول الهروب منها وتفضل أي نوع من النشاط عن الانفراد مع الرب في الصلاة. لهذا فإن الصلاة تحتاج إلى سهر ومواظبة. كما يجب أن تكون الصلاة محددة وليست عشوائية. ويجب أن نتحرر من الأنانية والمشغولية بذواتنا ونطلب من أجل الآخرين، من أجل أعوازهم الروحية والزمنية. ونصلي من أجل الأمور الصغيرة والكبيرة على السواء. وإذا كنت تعاني من شرود الذهن والتشتت أثناء الصلاة فيفضل أن تصلي بصوت مسموع وأن تصلي مع آخرين. وهذا سيحقق لك بركة عظمى. |
||||
16 - 12 - 2016, 06:33 PM | رقم المشاركة : ( 15348 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجد كلامك فأكلته
استعرضنا في المرة السابقة بعض الأسباب التي تؤدي إلى ضعف أو فقدان الشهية الروحية لكلمة الله؛ والنتيجة التابعة لذلك هي الهزال الروحي وتوقف النمو. والآن اسمح لي أن أسألك: هل ترضَى أن تعيش قِزْماً في جسمك وشكلك؟ بالطبع سترفض ذلك. ولو حدث، فربما سبَّبَ ذلك لك عُقَداً نفسية كثيرة، وستبحث بكل وسيلة عن خلاص من هذه الحالة لتصبح مكتمل النمو والنضوج الجسماني، شاباً كنت أم فتاة. وإن كان ذلك كذلك فلماذا ترضَى بأن تعيش قِزْماً روحياً؟ ودعني أسألك يا عزيزي القارئ: # كيف تتعامل مع كلمة الله؟ # هل تقرأها لمجرد التسلية كأيّ كتاب؟ # أو على سبيل الواجب إرضاءً للضمير؟ # أ هي مجرد معلومات تختزنها في عقلك فقط؟ # هل تُعجَب بما تقرأ أو تسمع، وتُبدي رأيك فيه؟ # وإذا سمعت عظة ساخنة وتأثرت بها، هل هذا مجرد شعور سطحي عابر سرعان ما يزول؟ # وإذا أدانتْ الكلمة ضميرك بسبب سلوكٍ معيب أو طبعٍ رديء، هل سترفضها وتتحول عنها؟ لا يا عزيزي.. إن إرميا النبي يقول «وُجِدَ كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي» (إرميا15: 16). وهكذا ينبغي أن يكون التعامل مع كلمة الله. أن تأكلها أكلاً، وتهضمها جيداً، وتفكر فيها، وتتوحد معها. فتبني قوامك الروحي وتنميك. وعندما تكون الشهية الروحية جيدة والحالة صحيحة، ستختبر أنها «أحلى من العسل وقطر الشهاد» (مزمور19: 10) ، وأيضاً «ما أحلى قولك لحَنـَكي أحلى من العسل لفمي» (مزمور119: 103). وحتى لو أدانتْ شراً في حياتك، وكشفت خراباً في أعماقك، وصارت مُرَّاً في جوفك؛ فلن ترفضها، بل ستحني رأسك مُذعناً وستركع تائباً ومصلياً «يا رب ماذا تريد أن أفعل؟» (أعمال9: 6). ومع المرنم تقول: إرادتي أسلمك إن الكتاب المقدس، يا عزيزي، ليس كتاباً بالمعنى المألوف، لكنه شخصٌ حيّ. وكل جزء فيه هو «نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر لكي يكون إنسان الله كاملاً (كامل النمو والنضوج) متأهباً لكل عمل صالح» (2تيموثاوس3: 16 ،17). نفسي لك تنتظر علَّمني كيف أسمعك وأصبر بالحق لك إن الكلمة هي التي وُلِدْنا بها الولادة الثانية (1بطرس1: 23)، وهي التي نتغذى عليها وننمو بها (1بطرس2:2). إنها تقدِّم لنا شخص المسيح، فنتذوقه في حلاوته وصلاحه، وإذ ذاك نأتي إليه بإستمرار لكي نتغذى به في الكلمة (1بطرس2: 3). إننا نحيا بها، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان (متى4: 4). وإذ تسكن في أعماقنا، فإنها تصوغ أفكارنا، وتشكِّل حياتنا، وتحكم قراراتنا واختياراتنا. ولكي تستفيد لحياتك من كلمة الله وتنمو بها: * عليك أن تخصصها لك شخصياً، وتعتبرها دائماً رسالة من الرب لك. والرب عندما يتكلم فهو يعني تماماً ما يقول، وهو ينتظر منك التجاوب والطاعة. * ادرس بعمق ولا تكتفِ بمجرد القراءة السطحية. * افحص الكتب كل يوم وستجد حكمة بين سطورها. * حاول أن تحفظ أجزاء من المكتوب بشواهدها، وهذا سيساعدك في الرد على إبليس وتجاربه. * فكر فيما قرأته وكيف يمكن تطبيقه يوماً فيوماً. * ابحث عن وعد تتمسك به، أو وصية لتطيعها، أو قدوة لتقتدي بها، أو خطية لتتحذر منها. * كن عاملاً بالكلمة لا سامعاً فقط. وبذلك ستنمو روحياً وتتقَّوى. وهذا ما يميز الأحداث في عائلة الله «أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم وقد غلبتم الشرير» (1يوحنا2: 14). |
||||
16 - 12 - 2016, 06:39 PM | رقم المشاركة : ( 15349 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديسون الصانعا العجائب والعادما الفضّة كيرس ويوحنا، والشهيدات اثناسية وبناتها القديسون الصانعا العجائب والعادما الفضّة كيرس ويوحنا، والشهيدات اثناسية وبناتها (القرن4م): كان كيرُس مسيحياً تقياً في الإسكندرية يزاول مهنة الطب ويشفي النفوس موجّهاً إيّاها صوب المسيح. اعتاد أن يقول لمرضاه: "إذا أردتم اجتناب المرض فتحفّظوا من الخطيئة لأنه غالباً ما يكون المرض ثمرة الخطيئة". لم يكن كيرُس ليركن لعلم الطب والأدوية بقدر ما كان يهتم بشفاء الأجساد بوساطة الصلاة وإحياء النفوس التائهة في غياهب الوثنية بكلمة الله. وإذ حقّق نجاحات بارزة، وشى به وثنيّون لدى حاكم المدينة، وكان رجلاً قاسياً عنيفاً جعله ذيوكليسيانوس قيصر في منصبه ليلاحق المسيحيّين ويقضي عليهم. ولكن تمكّن كيرُس من الفرار واللجوء إلى أطراف العربية حيث اشتهر بأشفيته بمجرّد رسم إشارة الصليب على المرضى. بلغ صيت كيرُس بلاد الرها فسمع بخبره جندي يدعى يوحنا فتحرّك قلبه وترك الجندية وخرج لينظمّ إليه. بحث عنه فعلم أنه عاد إلى مصر فسافر إلى هناك والتصق به وصار له تلميذاً ومساعداً. وقد سلك الاثنان كأخوين في الفضيلة وصنع العجائب. وإذ اتسع نطاق الحملة على المسيحيّين علم الرفيقان أن سيريانوس الحاكم قبض، في كانوبي، على امرأة تدعى أثناسية وبناتها الثلاث ثيوكتيسته وثيودوته وأفدوكسيه اللواتي تراوحت أعمارهن بين الحادية عشرة والخامسة عشرة. فخاف القدّيسان، صانعا العجائب، على النساء الأربع أن يخُرن تحت التعذيب فقرّرا التوجّه إلى كانوبي لتشديدهن وتثبيتهن. وإذ تمكّنا من اختراق السجن حيث كن موقوفات افتضح أمرهما وقُبض عليهما واستيقا إلى أمام سيريانوس. فقرّر الحاكم، بعد الاستجواب، إخضاع الرفيقين للتعذيب أملاً في حمل النسوة الأربع على التراجع أمام المنظر. فلما أخذ في فعلته أبديا من الشجاعة والصمود ما ثبّت النسوة. إذ ذاك أخضعهن الحاكم للتعذيب، هنّ أيضاً، فتبيّن له إنه أخطأ التقدير لأن الأربعة كنّ راسخات وثبتن على الإيمان ككيرُس ويوحنا، فخاب ظنّه وأعطى الأمر بقطع رؤوس الجميع فنفّذ الحكم. أما أجساد الشهداء الستة فجمعها مسيحيّون أتقياء وأودعوها كنيسة القديس مرقص في الإسكندرية. ولما أراد القديس كيرللس الإسكندري،في القرن الخامس الميلادي، القضاء على العبادة الوثنية في معبد إيزيس في كانوبي، التي دعيت فيما بعد أنباكير ثم أبوقير تيمّناً بالقديس، نقل إلى هناك رفات كيرّس ويوحنا اللذين جرى بهما جمّ من العجائب والأشفية. وقد تحوّل المكان، مع الأيام، إلى محجّة يقصدها المؤمنون من كل أقطار المسكونة. كما ورد أن عيني القديس صفرونيوس الأورشليمي شفيتا من داء ألمّ بهما إثر تدخّل القدّيسين. كيرُس رسم على الواحدة إشارة الصليب ويوحنا قبّل الثانية. وكعربون امتنان لهما اهتمّ القدّيس صفرونيوس بتسجيل أخبار عجائبهما في رسالة طويلة. |
||||
16 - 12 - 2016, 06:41 PM | رقم المشاركة : ( 15350 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تذكار جامع للأقمار الثلاثة تذكار جامع لآبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الذهبي الفم وأمّهاتهم: آميليا - نونة - أنثوسة: يعود تاريخ هذا العيد إلى زمن الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس الأوّل كومنينوس (1081- 1118م). في تلك الأيام برز خلاف حاد في كنيسة المسيح في القسطنطينية بين المعلّمين بشأن آبائنا القدّيسين ومعلّمي المسكونة العظماء باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي و يوحنا الذهبي الفم. 1- تمحوَرَ الخلاف حول من هو الأبرز فيهم. الفريق الأوّل أعطى الأسبقية لباسيليوس الكبير، لأنّه حَسِبَه أكثر الخطباء رفعة، متفوّقاً في الكلمة والعمل، ورأى فيه إنساناً ينقُصُ قليلاً عن الملائكة، سويّ المزاج، لا يتساهل، وهو غريب عن كلّ ما هو أرضيّ. وقد عرف كيف يفسِّر أسرار الطبيعة كما لم يفسِّرها آخر. وهو منظّم الرهبانية وقائد الكنيسة برمّتها في صراعها ضدّ الهرطقة، وراع متنسّك متطلّب في شأن نقاوة السيرة. الذهبي الفم، في نظر هذا الفريق، يأتي دون باسيليوس لأنه رخو مع الخطأة وهو مستعدّ لأن يسامح بسهولة ويسر. 2- الفريق الثاني رفع شأن الذهبيّ الفم فوق سواه، لأنه وجدَه أكثر الناس محبة، وأكثرهم فهماً لضعف الطبيعة البشريّة. و كخطيب مفوّه أرشد الجميع إلى التوبة عبر مواعظه الفيّاضة المحلاّة بالعسل. شرح الكلمة الإلهيّة وبيّن كيفية تجسيدها في الحياة اليوميّة بمهارة لا يدانيه فيها أي من الأبوين الباقيين. وهو متفوّق في البلاغة. 3- أمّا الفريق الثالث فاعتبر القدّيس غريغوريوس اللاهوتيّ أرفع من سواه لفصاحة لغته وصفائها وعمقها. وهو إذ ملك حكمة اليونان وبلاغتهم، بلغ درجة من التأمّل في الله لم يعرفها سواه ولا عبّر أحد غيره عن عقيدة الثالوث القدّوس بمثل هذا السموّ. ولم يبق الخلاف في مستوى المعلّمين والمفكّرين بل انتقل إلى عامّة الشعب. برز ما يشبه الأحزاب. هذا باسيليّ وذاك يوحنائيّ وذلك غريغوريّ. ونتجت عن الخلاف اضطرابات ومشاحنات أقلقت الكنيسة. إثر ذلك ظهر القدّيسون الثلاثة للأسقف يوحنا موروبوس، متروبوليت أوخاييطا. ظهروا لا في الحلم بل في رؤيا، أولاً كلاًّ على حدة ثم مجتمعين. قالوا له: "نحن متساوون أمام الله كما ترى. لا انقسام بيننا ولا تعارض. كل منا تعلّم، في زمانه، من الروح القدس، ثم كتب وتكلّم بما يوافق خلاص الناس. ما تعلّمناه سرِّاً أفضينا به للناس جهراً. ليس أوّل ولا ثان بيننا. فلو جئت إلى ذكر أيّ منّا فإنّ الآخرين يتّفقان معه. لذلك مُرِ المستغرقين في الجدل بشأننا أن يضعوا حداً للخلاف فيما بينهم، فإننا كما كنّا في الحياة نبقى بعد الرقاد مهتمّين بإحقاق السلام والاتفاق في كل أطراف المسكونة. لهذا السبب اجعل التعييد لنا في يوم واحد... وعلّم الناس أن لنا مكانة واحدة عند الله". ولمّا قال الآباء الثلاثة هذا أخذوا يصعدون إلى السماء وهم يتلألأون بنور لا يوصف وينادون أحدهم الآخر بالاسم. للحال عمل يوحنا الأسقف على جمع المتخاصمين وسعى، بطرقه الخاصة، وبما لديه من رصيد طيّب وصيت حسن، إلى وضع حدّ للخلاف فيما بينهم. وقد عيّن للقدّيسين الثلاثة عيداً واحداً جامعاً، كما طلبوا، في الثلاثين من كانون الثاني، بعدما جرى التعييد لباسيليوس الكبير في أول كانون الثاني ولغريغوريوس اللاهوتي في الخامس والعشرين منه و ليوحنا الذهبي الفم في السابع والعشرين. على هذا النحو فُضّ الخلاف ووضعت للمناسبة خدمة جليلة دونك منها هذا البيت: "من الذي هو أهلٌ لأن يفتح شفتيه ويحرّك لسانه نحو النافثين ناراً بقوّة الكلمة والروح. ولكنّي أتجاسر مقتصراً على وصفهم هكذا. إنّ هؤلاء الثلاثة قد فاقوا الطبيعة البشريّة بجملتها. بالنعم الغزيرة العظيمة وبالعمل والنظر. فتساموا بهاءً في كلا الأمرين. فلذلك قد أهّلتهم لمواهب عظيمة بما أنهم خدّام لك أمناء. أيّها الممجِّد قدّيسيه وحدك". |
||||