03 - 03 - 2024, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 152881 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ظهور المسيح لتلاميذه (ع 16-20): 16 وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. 17 وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. 18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، 19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ. ع16-17: أسرع التلاميذ في فرح إلى الجليل ليروا معلمهم وحبيبهم على الجبل، حيث يرتفع الإنسان عن العالم طالبا السماويات. وعندما ظهر لهم المسيح، سجدوا له وفرحوا بلقائه، وإن كان أحدهم، وهو توما، قد شك عندما سمع من إخوته التلاميذ بظهوره لهم في العلية يوم القيامة، ولكن المسيح ظهر لهم مرة أخرى وهو معهم في العلية في الأحد التالي للقيامة. "ولكن بعضهم شكوا": كان هذا الشك تعبيرا عن الضعف البشرى، مثلما حدث مع توما، لكن المسيح أكد قيامته بظهوره عدة مرات حتى آمنوا. ع18-19: "تقدم يسوع": إذ ظهر لهم عن بعد، اقترب إليهم بعد ذلك، وبدأ يعلّمهم بعد أن اطمأنوا لقيامته. "دُفع إلىَّ كل سلطان": المسيح في حياته على الأرض، ظهر ضعفه كإنسان، وتألم ومات لأجلنا. وبعد قيامته، يظهر لنا في سلطان لاهوته، لذا يقول: "دُفع إلىَّ كل سلطان"، أي يظهر أمامكم سلطان لاهوتي على كل شيء في السماء وعلى الأرض. "تلمذوا": بشِّروا وعلِّموا الناس الإيمان بالمسيح. "جميع الأمم": لأن الخلاص للعالم كله وليس فقط لليهود. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 152882 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وهب المسيح سلطانه الإلهي لتلاميذه في سر الكهنوت، فأعطاهم قوة ليعلّموا العالم كله الإيمان السليم بموته وقيامته، ويتعهّدوهم في رعاية أي تلمذة روحية، ويمنحوهم أول الأسرار المقدسة، وهو سر المعمودية باسم الثالوث القدّوس. فهذا إعلان واضح لسلطان الكهنوت الذي منحه المسيح لتلاميذه وخلفائهم لإتمام الأسرار المقدسة للعالم كله. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:18 PM | رقم المشاركة : ( 152883 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
† إن كان الله معنا، فلا نضطرب، بل نتقدم في ثقة لإتمام وصاياه، بل وتبشير الآخرين بمحبته. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:18 PM | رقم المشاركة : ( 152884 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هناك براهين كثيرة عن قيامة المسيح، من أهمها: (1) ظهوره مرات كثيرة، وليس مرة واحدة. (2) ظهوره لأناس مختلفين، فهي ليست شهادة شخص واحد، بل عدد كبير. وفي إحدى الظهورات، كان لأكثر من خمسمائة أخ. (3) ظهوره في أوقات مختلفة، صباحا ومساءً وليلا، فيمكن التحقق منه. (4) ظهوره لمدة طويلة هي أربعين يوما، فكانت فترة كافية للتحقق منه. (5) أمكن لمن ظهر لهم أن يعاينوه بحواسهم، سواء النظر أو سماع صوته المعروف أو لمسه، بل أيضًا أكل معهم وفي وسطهم. (6) لم تكن قيامة المسيح منتظرة من تلاميذه وتابعيه، فهي إذن ليست إيحاءً أو خيالا، لأنهم اندهشوا جدًا عندما علموا بقيامته، فظهر مرات كثيرة ليؤكدها. (7) من قوة إيمان تلاميذه بقيامته، بشّروا بها في العالم كله، واحتملوا آلاما كثيرة، بل ضحّوا بحياتهم لاستكمال بشارتهم بقيامته؛ فلا يمكن أن يضحى الإنسان بحياته من أجل أمر كاذب قد اخترعه من نفسه. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:46 PM | رقم المشاركة : ( 152885 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحكمة والحياة التقوية (البرّ) يشبه هذا القسم سفر أيوب إذ يعالج موضوع: لماذا يتألم الصالحون وينجح الأشرار؟ كثيرًا ما يتعثر الناس مما يجري في العالم، حيث يظن الأشرار أنهم قادرون على كل شيءٍ، يستخدمون كل وسيلة للظلم لحسابهم الخاص، وكأنه ليس من عدالة إلهية تقمعهم. إذ يرفض الفلاسفة الماديون الإيمان بالحياة الأخرى، لا يجدون حلاَّ للمشكلة، أما المؤمنون فينتظرون يوم الدينونة لينال الصالحون حياة أبدية والأشرار عقابًا أبديًا. الخلود هو مكافأة الحياة الحكيمة التقوية. هنا يرفعنا الكاتب إلى الخلود، لنرى حب الله الفائق الذي يطيل أناته على الأشرار لنفع الطرفين: لتذكية الأبرار في تحملهم للظلم، وإعطاء فرصة للأشرار للتوبة. بهذه النظرة يطلب الأبرار أن يتمتعوا بالحكمة السماوية الملازمة للبرّ الحقيقي من أجل المكافأة السماوية. لهذا دُعي هذا القسم (حك 1-6) بالكتاب الاسخاتولوجي أو الأخروي أو الانقضائي، حيث يحملنا إلى ما وراء انقضاء هذا الدهر. حَث على طلب الحكمة والبرّ لا ندهش إن افتتح الكاتب السفر بالحث على محبة البٌر، إذ يربط بين ثلاثة أمور لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، وهي: الحكمة، والبُر، والإيمان بالله محب البشر؛ كما لا يمكن الفصل بين الجهل والخطية والتجديف على الله. فهو يدعو المؤمنين أن يحبوا البٌر ويطلبوا الحكمة، فيتمتعوا بإعلان الله عن نفسه لهم، واقترابهم إليهم. يربط السفر بين الحكمة والحياة المقدسة أو التقوية في الرب. "إن الحكمة لا تدخل النفس الخبيثة، ولا تسكن الجسد المُستعبد للخطية" (حك 4:1). ويربط بين البرّ والخلود. "فإن البرّ خالد" (حك 15:1). هذا وإن "الله لم يصنع الموت، ولا يُسر بهلاك الأحياء" (حك 13:1). 1. البٌر والحكمة مع الإيمان 1 أَحِبُّوا الْعَدْلَ، يَا قُضَاةَ الأَرْضِ، وَاعْتَقِدُوا فِي الرَّبِّ خَيْرًا، وَالْتَمِسُوهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. 2 فَإِنَّمَا يَجِدُهُ الَّذِينَ لاَ يُجَرِّبُونَهُ، وَيَتَجَلَّى لِلَّذِينَ لاَ يَكْفُرُونَ بِهِ. 3 لأَنَّ الأَفْكَارَ الزَّائِغَةَ تُقْصِي مِنَ اللهِ، وَاخْتِبَارَ قُدْرَتِهِ يُثَقِّفُ الْجُهَّالَ. 4 إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ، 5 لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ. أحِبُّو البرّ يا أيها الذين يحكمون الأرض، وفكروا في الرب تفكيرًا صالحًا، والتمسوه ببساطة قلوبكم. [1] يربط الحكيم بين محبة البرّ، والتفكير الصالح في الرب، وطلب الرب. وكأنه يفتتح السفر بالدعوة إلى ثلاثة أمورٍ: الحب والتفكير المقدس والطلبة. يقصد بالبرّ الاستقامة أو الفكر الفاضل والعمل الجاد. يحذرنا الكاتب من عدم التفكير الصالح أو البسيط في الله، ولعله يقصد هنا عدم التذمر على أحكام الله، وتجاهل عنايته الإلهية وخطته الخفية من نحو محبوبه الإنسان. وذلك بسبب طول أناته على الأشرار، وسماحه للأبرار بالتجارب والضيقات. يتطلع الحكيم إلى الحكمة أنها ليست مجرد التمتع بخبرات بشرية زمنية والقدرة العقلية في التصرف وتدبير الأمور، لكنها مع تقديس الخبرات البشريَّة والعقل البشري فهي في جوهرها تمتع بالشركة مع "حكمة الله" بكونها أقنومًا إلهيًا، يسكن في النفس، ويقودها في الطريق الإلهي بإرادة مقدسة. خلال هذا المفهوم، يرى الحكيم وجود علاقة قوية بين الحكمة والإيمان والبرّ والخلود، ومن الجانب الآخر بين الحرمان من الحكمة والتجديف والإثم والموت الأبدي. ليس من فصل بين الحكمة والإيمان بالله القدير الصانع الخيرات، وبين الحكمة والسلوك بالبرّ حسب إرادة الله، فخلال هذه الحياة المقدسة يختبر المؤمن عربون الأبدية، ويعرف كيف يسلك في الحياة كقائدٍ نجحٍ، يسوس العالم. في حديث الكاتب مع الله يقول: "مٌكون الإنسان بحكمتك، لكي يسود الخلائق التي صنعتها، ويسوس العالم بالقداسة والبٌر، ويُجري الحكم باستقامة النفس" (حك 9: 2-3) * يا لغباوة الباحثين عن الله بهذه العيون الخارجية، إذ لا يُرى الله إلا بالقلب، وذلك كما هو مكتوب في موضع آخر "التمسوه بقلب سليم (بسيط)" (حك 1:1)، لأنه ما هو القلب النقي سوى القلب السليم والبسيط. وكما أن هذا النور لا يُرى إلا بعيون نقية، هكذا لا يُرى الله ما لم يكن ذاك الذي يراه (أي القلب) نقيًا. * لا تسلموا بالتفكير في النظر إلى وجهٍ جسديٍ، لئلا في شوقكم الملتهب نحو رؤيته تهيئون وجهكم الجسدي لرؤيته، وبهذا تبحثون عن وجه (جسدي) في الله. لكن إذا تصورنا الله روحًا على الأقل دون أن نتصوره جسديًا - هذا الموضوع الذي سبق معالجته بتوسع بالأمس، إن كنت قد نجحت في إزالة تلك الصورة البشرية من قلوبكم كما من هيكل الله، إذا كان الرسول يعبر عن مضايقته من هؤلاء الذين "بينما هم يزعمون أنهم حكماء، صاروا جهلاء، أبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى" (رو 1: 22-23). إن كان هذا قد دخل إلى أعماق أفكاركم، وامتلك قلوبكم الداخلية، إن كنتم تنفرون من هذا الكفر، وتحفظون لله هيكله نقيًا، إن كنتم تريدونه يأتي، ويجعل له مسكنًا فيكم، "تفطنوا في الرب بفطنة صالحة واطلبوه ببساطة قلب" (حك 1: 1). * من يرغب في أن يحب الله، ويحذر من أن يخطئ في حقه، عليه أن ينقي نيته المستقيمة التي لقلبه من كل ثنائية. بهذا الطريق يفكر في الرب صالحًا ويطلبه ببساطة قلبٍ (راجع حك 1: 1). القديس أغسطينوس * تعبيره "عينا القلب" (أف 1: 18) يشير إلى تلك الأمور التي لا يمكننا أن نفهمها بدون الحس والتعقل... فالإيمان يرى ما هو وراء رؤية العيون الجسدية. فإن العيون الجسدية توجد ليس فقط في رأس الحكماء، بل وفي غير الحكماء. القديس جيروم * المؤمنون شركاء في الحكمة الإلهية. الأب أمبروسياستر * حيث توجد خداعات كثيرة هكذا وأخطاء للأشرار، والفاسدين المتذمرين على الحكمة، فكم نحتاج إلى عين طاهرة بسيطة لكي تجد طريق الحكمة؟ أن تهرب من كل هذه، إنما هو أن تبلغ إلى الضمان الكامل للسلام وإلى سكنى الحكمة غير المتغيرة. القديس أغسطينوس ما هو القلب السليم أو البسيط سوى القلب النقي الذي يطلب الله لا لهدفٍ ماديٍ أو زمني، وإنما لأجل الله نفسه، يود أن يقتنيه ويحيا به ومعه إلى الأبد.إنه يدعو كل قائد سواء كان أبًا أو أمًا أو رئيسًا أو خادمًا، بل وكل مؤمن أيا كان عمره أو إمكانياته أن يحب البرّ الإلهي، فيتطلع إلى كل الأمور من منظور صادق، أي في الرب. لأنه يكشف نفسه للذين لا يجربونه، ويتجلى للذين لا يرتابون فيه. [2] من يحب البٌر، ويفكر في الله حسنًا، ويشتهي التمتع بسكنى الله في قلبه، يتهيأ لإعلان الله له، فهو يتجلى في المؤمنين السالكين في البٌر والجادين في التمتع بنعمة إقامة الملكوت في داخلهم. أما الذين يكفرون بالله سواء بعدم الإيمان داخليًا أو خلال الكلام أو خلال السلوك، فتحل بهم الظلمة، ولا يختبرون رؤية الله بالإيمان في قلوبهم. * من له القلب النقي يرى الله (مت 5: 8). أما من ليس له القلب النقي فلا يرى ما يراه الآخرون. أعتقد أنه يلزمنا أن نفهم شيئًا مثل هذا بخصوص المسيح أيضًا حين نُظر في الجسد. فإنه ليس كل من ألقى بنظره عليه كان قادرًا أن يراه. لقد رأوا جسمه، لكنه لم يقدروا أنه يروه من حيث أنه هو المسيح. أما تلاميذه فرأوه ونظروا عظمة لاهوته. العلامة أوريجينوس فإن الأفكار المعوجة تُبعِدُ عن الله، وقوته إذ امتُحنت، تُخزي الأغبياء. [3] إذ يتحدث عن محبة البرّ الإلهي والقلب النقي البسيط، وتجلي الله فيه يحذرنا من الخطية، خاصة أفكار المكر والخداع، فإنه ليس من شركة بين الحق والكذب؛ وبين الحب الإلهي والخداع، والقداسة والخطية. فالإنسان الذي يطلب الخطية ويعتز بالشر لا يستريح روح الله فيه. بالأفكار المعوجة تبتعد النفس عن الله، لأنها لا تحتمل الاستقامة. أما إذا اختبر المؤمن قوة الله، فيتحدى الأغبياء المقاومين للحق الإلهي. من هو حكمة الله إلا الطريق والحق والحياة؟ فالحكمة تحفظنا من الطرق المعوجة التي تدمر حياتنا، وكما يقول الحكيم: "إذا دخلت الحكمة قلبك، ولذت المعرفة لنفسك، فالعقل يحفظك والفهم ينصرك؛ لإنقاذك من طريق الشرير ومن الإنسان المتكلم بالأكاذيب، التاركين سبل الاستقامة للسلوك في مسالك الظلمة، الفرحين بفعل السوء المبتهجين بأكاذيب الشر، الذين طرقهم معوجة وهم ملتوون في سبلهم" (أم 2: 10- 15). كما قيل عن الأشرار: "طريق السلام لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل، جعلوا لأنفسهم سبلًا معوجة، كل من يسير فيها لا يعرف سلامًا" (إش 59: 8). * امشِ معه، فتصل إلى الله. به تسير، وإليه تذهب. لا تتطلع إلى أي طريق آخر به تذهب إليه. لو لم يقبل بنعمته أن يصير الطريق لبقينا في تيهٍ دائمٍ. لست أقول لكم أن تتطلعوا على الطريق، فالطريق نفسه جاء إليكم؛ قوموا؛ سيروا. * أنت تسمع السيد يصلي، تعلم أنت أن تصلي. لقد صلى لهذا السبب، لكي يُعلمك أن تصلي. * يا أبناء السلام، أبناء الكنيسة الواحدة الكاثوليكية (الجامعة) سيروا في طريقكم، ورنموا ما دمتم تسهرون. فإن المسافرين يفعلون هكذا ليحفظوا روحهم عالية. فهل تَّسبح وأنت في الطريق. أتوسل إليك بذات الطريق (المسيح) الذي أنت سائر فيه أن تسبّح في الطريق، سبح أنشودة جديدة. ليته لا يسبح أحد بتسابيح قديمة، بل بتسبيح الحب الذي لوطنك (السماوي). ليته لا يسبح أحد بالقديم. هوذا الطريق جديدة والمسافر جديد، والأغنية جديدة. القديس أغسطينوس إن الحكمة لا تدخل النفس الخبيثة، ولا تسكن الجسد المُستعبد للخطية. [4] هنا يشخصن الحكمة، كما جاء في (أم 1: 20-33؛ 8: 1-36؛ 9: 1-6؛ أي 28؛ با 3: 9-4: 4، سي 24: 1-21). هي شخص، ليس منفصلًا عنه بل واحد معه، تحمل ذات سماته الإلهية. لم يتبنَ سفر الحكمة الفكر الأفلاطوني كما ظن البعض، لأنه لا ينظر إلى الجسم كشرٍ. فلا ينسب هنا الخطية للجسد، إذ هو خليقة صالحة (حك 14:1)، إنما يستخدم الإنسان الجسد لممارسة الشر خلال الإرادة الشريرة. يعلق القديس أمبروسيوس على ما ورد في سفر التكوين عن دخول أبرام (إبراهيم) في ميثاق مع الله حيث أخرجه الرب إلى خارج وقال له انظر إلى السماء (تك 15: 5). * ما هو إذن معنى هذا التعبير: "أخرجه إلى خارج"؟ كأن النبي قد اُقتيد إلى الخارج، فصار خارج الجسد، ورأى محدودية الجسد الذي هو ثوبه، وتشّرَّب بالروح القدس الذي أظهر نوعًا من التنازل. هكذا يليق بنا نحن أيضًا أن نخرج من تخوم مسكننا الزمني. يلزمنا أن نطهر الموضع الذي تسكنه نفوسنا من كل دنسٍ، ونطرد كل غضن للشر إن أردنا أن نتقبل روح الحكمة، لأن "الحكمة لا تدخل نفس شريرة" (حك 1: 4). القديس أمبروسيوس * من يبغي الوصول إلى المعرفة النظرية (التأمل في الإلهيات)، يلزمه أولًا أن يتبع المعرفة العملية (الاختبارية) بأقصى ما يمكن، لأن هذه المعرفة العملية يمكن أن تُطلب دون النظرية، أما النظرية فيستحيل اقتناؤها بدون العملية. إذ توجد مراحل معينة محددة ومرتبة يصعد بها تواضع الإنسان إلى العلي... فلا يقدر أن يطير الإنسان إلى المرحلة الثانية ما لم يبدأ بالأولى. باطلًا يجاهد الإنسان من أجل رؤية الله، ما لم تزُلْ عنه آثار الخطية، لأن "الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطيئة. لأن روح التأديب القدوس يهرب من الغش، ويتحول عن الأفكار السفيهة وينهزم إذا حضر الإثم" (راجع حك 4:1-5).يعلق كروماتيوس صديق كل من روفينيوس والقديس جيروم على قول الإنجيلي: "طلبوا أن ينصرف عن تخومهم" (مت 8: 34)، قائلًا: * مثل هؤلاء الناس يوجدون أيضًا بيننا. فخلال عدم الإيمان يُلزمون الرب مخلص العالم أن يفارق تخوم قلوبهم، فإنه بحسب الكتاب المقدس: "الروح القدس لا يدخل نفسًا عنيدة، ولا يسكن في جسم مُستعبد للخطية" (راجع حك 1: 4- 5). الأب كروماتيوس * لا يوجد طريق لبلوغ المعرفة الروحية غير ذلك الطريق الذي وصفه النبي بدقة قائلًا: "ازرعوا لأنفسكم بالبرّ، احصدوا بحسب الصلاح، احرثوا لأنفسكم حرثًا، فإنه وقت لطلب الرب حتى يأتي ويعلّمكمْ البرّ" (هو 12:10). يلزمنا أولًا أن نزرع بالبرّ، أي بأفعال البرّ نوسع الكمال العملي. بعد ذلك يجدر بنا أن نحصد رجاء الحياة، أي عن طريق نزع الخطايا الجسدية نجمع ثمار الفضائل الروحية. وهكذا سوف ننجح في إضاءة أنفسنا بنور المعرفة.يرى المرتل بالمزامير أيضًا أن هذا النظام يلزمنا إتباعه إذ يقول "طوباهم الذين بلا عيب في الطريق، طوباهم الذين يفحصون عن شهاداته" (مز1:119-2). فإنه لا يقول في الأول "طوبى للذين يفحصون عن شهاداته" وبعد ذلك "طوباهم الذين هم بلا عيب"، إنما يبدأ بالقول "طوباهم الذين هم بلا عيب"، مظهرًا أنه لا يستطيع الإنسان أن يأتي إلى فحص شهادات الله بلياقة ما لم يسلك في طريق المسيح بلا عيب بحياته العملية. الأب نسطوريوس فإن الروح القدس المؤدِّب يهرُبُ من الخداع، ويبتعد عن الأفكار الغبية، وينهزمُ (يترك الإنسان) إذا حضر الإثم. [5] يدعو الحكيم روح الله الذي يصفه فيما بعد أنه محب لجميع الناس، بروح التأديب القدوس. فليس من طريق للتمتع بروح الحكمة والنمو فيها دون التأديب الأبوي الإلهي. كان العهد القديم يهيئ الأذهان للتعرف تدريجيًا على الثالوث القدوس حتى ندرك عمله الخلاصي، وقد تحدث سفر الحكمة عن: * الله الآب الذي يليق بنا أن نفكر فيه صالحًا (حك 2:1). * الحكمة بكونها أقنوم الحكمة، أو الابن، أو الكلمة، وهو يسكن النفس المقدسة (حك 4:1). فالحكمة ليست مجرد سمة، لكنه روح يحب الإنسان (حك 6:1)، ديان عارف بأسرار الإنسان الخفية (حك 6:1) ويملأ المسكونة (حك 7:1). * الروح القدس (حك 5:1). * من يلتصق بقطيع المسيح خلال علاقة جسدية فقط بقلبٍ مخادعٍ، لا يمكن أن يُقال عنه إنه في الكنيسة، وإنه في شركة الروح. لأن "الروح القدس المؤدب يهرب من الخداع" (حك 1: 5). القديس أغسطينوس في كتابه الذي بعث به القديس أغسطينوس إلى فينسينتوس فيكتور Vincentius Victor يؤكد له أنه إذ يدَّعي بأنه عضو في الكنيسة الجامعة دون أن يقبل إيمانها يكون مخادعًا، ويفارقه الروح القدس الذي يهرب من المخادعين.2. الحكمة والحب 6 إِنَّ رُوحَ الْحِكْمَةِ مُحِبٌّ لِلإِنْسَانِ؛ فَلاَ يُبَرِّئُ الْمُجَدِّفَ مِمَّا نَطَقَ، لأَنَّ اللهَ نَاظِرٌ لِكُلْيَتَيْهِ وَرَقِيبٌ لِقَلْبِهِ لاَ يَغْفُلُ وَسَامِعٌ لِفَمِهِ. إن الحكمة روح مُحب، فلا يبرئ المُجدِّفِ على أقوال فمه، لأن الله شاهد لكُليتيه، ورقيب صادق لقلبه، وسامع للسانه. [6] هنا يتحدث عن الحكمة كأقنومٍ إلهيٍ، هو روح، محب للبشر، وديان عارف بما يدور في الكلي والقلوب وما تتفوه به الألسنة. لا ندهش أنه إذ يعلن الحكيم عن هروب الروح القدس من الإنسان الغاش، وعن صاحب الأفكار السفيهة أن يبدأ بعدم تبرئة المُجدف مما ينطق به، وأنه يهتم بكل كلمة تصدر من الإنسان. الله المهتم بخلاص الإنسان وتقديسه ليتهيَّأ للمجد السماوي ينشغل بكل كلمة تصدر عنه. الفم كما القلب يشيران إلى تقديس الإنسان في حياته العملية كما في حياته الداخلية. فلن يتمتع أحد بالنقاوة دون تقديس اللسان كما النيَّة أو الإرادة الداخلية. يتحدث عن الكلى كعرشٍ للعواطف، والقلوب كعرشٍ للفكر، واللسان كعرشٍ للحياة الداخلية المترجمة كلام الكلام. يهتم الحكيم باللسان، سواء ما ينطق به علنًا أو خلال النية الداخلية. * يليق بنا أن نفهم الكليتين بمعنى الأفكار العميقة والرغبات الداخلية... أتطلع دومًا إلى الكليتين أنهما تشيران إلى الإدراك الحسِّي والفكر السليم... هذه هي عادة الكتاب المقدس عندما يقصد الإعلان عن أمر سرِّي مخفي وسرائري يقول: "يا فاحص القلب والكلى، يا الله" (راجع مز 7: 10). القديس ﭽيروم 3. اهتمام الله بالبشرية7 لأَنَّ رُوحَ الرَّبِّ مَلأَ الْمَسْكُونَةَ، وَوَاسِعَ الْكُلِّ عِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ كَلِمَةٍ. 8 فَلِذلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ نَاطِقٌ بِسُوءٍ، وَلاَ يَنْجُو مِنَ الْقَضَاءِ الْمُفْحِمِ، 9 لكِنْ سَيُفْحَصُ عَنْ أَفْكَارِ الْمُنَافِقِ، وَكُلُّ مَا سُمِعَ مِنْ أَقْوَالِهِ يَبْلُغُ إِلَى الرَّبِّ فَيُحْكَمُ عَلَى آثَامِهِ، 10 لأَنَّ الأُذُنَ الْغَيْرَى تَسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَصِيَاحُ الْمُتَذَمِّرِينَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهَا. 11 فَاحْتَرِزُوا مِنَ التَّذَمُّرِ الَّذِي لاَ خَيْرَ فِيهِ، وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنِ الثَّلْبِ؛ فَإِنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ فِي الْخُفْيَةِ لاَ يَذْهَبُ سُدًى، وَالْفَمَ الْكَاذِبَ يَقْتُلُ النَّفْسَ. إن روح الرب يملأ العالم، والذي به يتمسك كل شيء، له علم بكل كلمة. [7] في حديثه هنا عن روح الرب الذي يملأ المسكونة لا يعلن هذا لتأكيد أنه موجود في كل مكان، كأن الله محتاج إلى الكشف عن سماته، إنما يقول هذا ليشهد عن اهتمام الله بالبشرية كلها واحتضانه لها فهو في كل العالم، "يريد أن الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون". كل الأشياء به قائمة، وبدونه ليس لها وجود، وهو يعرف كل كلمة خفية لا ليحاسبهم، وإنما ليطمئن المظلومين ويحث الأشرار على التوبة. * هذا العالم به ابن الله، وبه الروح القدس، كما يقول النبي: "بكلمة الرب صُنعت السماوات، وبنسمة فيه كل جنودها" (مز 33: 6). وفي موضع آخر قيل بنفس الطريقة: "روح الرب يملأ المسكونة" (حك 1: 7). لتسمع أيضًا ماذا يقول المسيح لك: "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 2). أما عن الروح القدس فقيل: "إني أسكب روحي على كل بشرٍ، فيتنبأون" (راجع يوئيل 2: 28). * "روح الرب يملأ كل الخليقة" (انظر حك 1: 7)، فبه نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بولس لأهل أثينا (أع 17: 28). وأيضًا القول: "أما أملأ أنا السماوات والأرض يقول الرب" (إر 23: 24). فإنه بالقوة هو قريب لكل الأشياء (إر 23: 23)، فلا تصعد الصلوات إذن إلى إله من بعيد (إر 23: 23). العلامة أوريجينوس * خلق (الروح القدس) كل هذه؛ ويملأ الكل بجوهره، ويحتوي الكل. إنه يملأ المسكونة (حك 1: 7) بالنظر إلى جوهره، ولا تحدّه المسكونة بالنسبة لقدرته... يُقدِّس (1 كو 6: 11) بطبيعته ولا يُقدَّس... يقيس ولا يُقاس. (يو 3: 34)، يُشترك فيه (رو 8: 15) ولا يشترك، يملأ (حك 1: 7) ولا يُملأ، يحتوي ولا يُحتوى، يؤخذ ميراثًا (أف 1: 13-14)، يُمجد (1كو 6: 19-20)، معدود مع الآب والابن (مت 28: 19). القديس غريغوريوس النزينزي * الرب هو الذي يملأ كل الأشياء، وهذا أيضًا ما نقرأه عن الروح: "روح الرب ملأ كل المسكونة" (حك 1: 7). إنكم تجدون أنه قيل عن الذين رافقوا الرسل: "امتلأوا من الروح القدس، وتكلموا بكلمة الرب بكل شجاعةٍ" (أع 4: 31).ها أنتم ترون أن الروح القدس يعطي الملء والشجاعة. وهذا ما جعل رئيس الملائكة يبشر مريم، قائلًا: "الروح القدس يحل عليكٍ" (لو 1: 35). القديس أمبروسيوس فلذلك لا يَخْفي عليه ناطقٌ بسوءٍ، ولا ينجو من العدل عندما يُعاقب. [8] إذ يعلق الوحي الإلهي أن روح الله يملأ كل العالم، وله علم بكل كلمة تُقال، ولا يُخفى عليه شيء، لا يعني أنه إله يتلقط الأخطاء للبشر، لكنه مهتم بتقديسهم، يود لهم أن يكونوا أيقونة له، مؤكدًا: "وتكونون لي قديسين، لأني قدوس أنا الرب" (لا 20: 26). إدراكنا لتدقيق الله من جهة حياتنا وسلوكنا وكلماتنا حتى أفكارنا إنما علامة اهتمام الله الفائق نحونا، هذا يدفعنا للتمتع بمخافة الرب، لا مخافة العبيد الذين يخشون اللقاء معه، وإنما مخافة البنين الذين لن يقبلوا إلاَّ أن يكونوا أيقونة روحية لأبيهم السماوي. بقوله: "لا يخفي عليه ناطقً بسوءٍ"، إنما يؤكد أنه وأن أطال أناته جدًا على الظالمين الذين يهينون اخوتهم، ويخططون ضدهم بالسوء، فإنهم غير مخفيين عنه، وسيدينهم إن لم يرجعوا عن شرورهم. فلا ينجو مُتهم بالظلم من العدالة الإلهية إلا باللجوء إلى المراحم الإلهية بالتوبة الصادقة. سيحقِّق في نيَّات الشرير، وصوت أقواله يبلغ إلى الرب برهانًا على آثامه. [9] بعد أن تحدث عن كلمات المجدف يتحدث هنا عن أفكار المنافق، وجاء في ترجمة أخرى "غير المؤمن". لا يهرب أحد من الدينونة الإلهية كما يظن الظالمون القساة، وأيضًا سيعلن الخفيات في يوم الرب فتنفضح النيات الشريرة التي للمجدفين على الله. إن صوت نياتهم الخفية تبلغ إلى الرب، وتشهد ضدهم على آثامهم. لأن الأذن الغَيورة تسمع كل شيءٍ، وضجيج التذمُّرات لا يُخفى عليها. [10] كثيرًا يتحدث الكتاب المقدس عن غيرة الله، فهو كالعريس الذي يغير على عروسه، لن يقبل أن يحتل آخر مكانًا في قلبها. كما يقدم لها ذاته، يطلب أن تقدم ذاتها بالكامل له. في غيرته تنصت أُذن الله إلى كل كلمة تصدر من عروسه، فإنه يود أن يناجيها: "أريني وجهك، واسمعيني صوتك، لأن صوتك لطيف ووجهك جميل" (نش 2: 14). يود أن يرى وجهها دائم البشاشة، ولسانها دائم الشكر، لذا يحذرها من التذمر. يضيف إلى مجموعة الظالمين المتذمرين الذين يضجرون في قلوبهم، حتى ولو لم ينطقوا بكلمة. فالظالمون يهينون الله خلال ظلمهم لاخوتهم، والمتذمرون يهينون الله خلال جحودهم له وعدم شكرهم على رعاية الظاهرة والخفية. "اشكري لله نعمته عليك، وباركي إله الدهور حتى يعود فيشيد مسكنه فيك, يرد إليك جميع أهل الجلاء، وتبتهجي إلى دهر الدهور" (طوبيا 13: 12). "اَللَّهُمَّ، عَلَيَّ نُذُورُكَ. أُوفِي ذَبَائِحَ شُكْرٍ لَكَ" (مز 56: 12). "لان رجاء من لا شكر له يذوب كجليد شتوي، ويذهب كماءٍ لا منفعة فيه" (الحكمة 16: 29) "صوت الطرب وصوت الفرح، صوت العريس وصوت العروس، صوت القائلين: احمدوا رب الجنود، لأن الرب صالح، لأن إلى الأبد رحمته، صوت الذين يأتون بذبيحة الشكر إلى بيت الرب، لأني أرد سبي الأرض كالأول يقول الرب" (ار 33: 11). "مستغنين في كل شيء لكل سخاء ينشئ بنا شكرا لله . إن خدمتهم هذه تسد أعواز القديسين، وتسبب الشكر الجزيل لله" (2 كو 9: 11). * (الغنوسي) يقدم تشكرات لأجل رحلته ويبارك الله عند رحيله، مرحبّا بسكناه في السماء. القديس إكليمنضس السكندري وكفوا ألسنتكم عن النميمة، لأن الكلمة التي تُقال في الخفية لا تذهب سُدى، والفم الكاذب يقتُل النفس. [11] ليس من ذبيحة يقدمها الإنسان لله مثل ذبيحة الشكر، فإن عصب العبادة القداس الإلهي، الذي هو سرّ الإفخارستيا أو سرّ الشكر، حيث تتقدم الكنيسة كهنة وشعبًا لتقدم للآب ذات ذبيحة الصليب غير المتكررة لتعلن بالخلاص الإلهي الذي وهبها حق الدخول إلى السماء لتشارك السمائيين ذبيحة التسبيح والحمد والشكر بلا انقطاع. يحذرنا الحكيم من التذمر الذي لا خير فيه، إذ يحرم النفس تقديم ذبيحة الشكر. التذمر في الواقع هو ختم وتأكيد أن الإنسان قد تعلق تمامًا بالعالم وتحول قلبه عن أبيه السماوي، ولم يعد ينشغل بالعرس الأبدي المُعد له. "العبد الحكيم يخدمه الأحرار، والرجل العاقل لا يتذمر" (سيراخ 10: 28). كما يحذرها من الثلب أي إدانة الآخرين والنميمة. يؤكد الحكيم أن الله يسمع كلمات التذمر الخفية الصادرة عن القلب، ولا يطيق كلمات اللسان الكاذبة التي تقتل النفس. يدعونا أن نهرب من خطايا اللسان الظاهرة والخفية، مثل التذمر الداخلي على الله، والنميمة ضد الاخوة، والكذب. "الفم الكاذب يقتل النفس"، لأن اللسان عرش الحياة إن عبٌر عن شركته الداخلية مع الله، ومصدر الموت إن سلك كما يسلك إبليس الكذاب وأب الكاذبين. * "أبغضت كل فاعلي الإثم، تهلك المتكلمين بالكذب" (مز 5: 5-6)... الذي يفعل الشر يبغضه الله، الكذاب يهلك. دعونا نرى أيهما في حالة أشر، أن يبغضه الله أم أن يهلك. الإنسان الذي يبغضه الله غير سعيد حقًا، لأنه يعيش في عداوة مع الله، لكنه لا يزال حيًّا، أما الكذاب الذي يهلك فلا يوجد بعد. الإنسان الذي يكذب في حال أمرَّ عن الذي يفعل الإثم * إن افترى أحد عليك لا يؤذيك، أنت تؤذي نفسك إن افتريت على الآخرين... إن كان لنا عدو ونظن أننا نفعل شيئًا ضده، فإن كل ما نفعله هو ضد أنفسنا. إننا نذمه، نذهب هنا وهناك نتحدث عنه مع كل أحدٍ. هل نظن أننا نؤذيه؟ إننا لا نفعل شيئًا ضده، إنما نقتل أنفسنا، لأننا نكذب. "الفم الكاذب يقتل النفس" (حك 1: 11). القديس ﭽيروم * عن أي فم يتكلم، هذا موضع تساؤل. بصفة عامة عندما يتحدث الكتاب المقدس عن الفم، يعني ذات كرسي الفهم في القلب، الذي يُصدَّق ويحكم عليه. فمن يكذب في قلبه يحقق ذلك بالكذب. * "الفم الكاذب يقتل النفس" (حك 1: 11). ولئلاَّ يظن أحد أن هذا يمكن فهمه باستثناء بعض الكذابين، فليقرأ في موضع آخر: "تُهلك المتكلمين بالكذب" (مز 5: 6). في موضع آخر يقول الرب بفمه: "ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا، وما زاد على ذلك فهو من الشرير" (مت 5: 37). لهذا فإن الرسول أيضًا إذ يعطي وصية عن خلع الإنسان القديم، يقصد به كل الخطايا تحت اسمه، يقول للحال: "لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق" (أف 4: 25). * ذاك الموت الذي يخافه الناس في غباوة ولا يخافون الخطية، يقتل الجسم لا النفس، كما يعلمنا الرب في الإنجيل. إنه يحثنا ألاَّ نخاف هذا الموت (مت 10: 28)، بل نخاف اللسان الذي يكذب، فيقتل النفس لا الجسم. * يستمر الرسول قائلًا: "هو (اللسان) شر لا يُضبط، مملوء سُمًا مميتًا" (يع 3: 8). فهو يقصد أن هذا العضو يفوق في تأثير سمومه على سموم الوحوش والزحافات، لأن الوحوش قد تقتل الأجساد، أما اللسان فإنه يقتل النفس. "الفم الكاذب يقتل النفس" (حك 1: 11)... عندما ينضبط لسان أحدٍ من البشر ويتذلل، لا ينسب هذا إلى نفسه، بل إلى معونة الله ومراحم نعمته. * الموت بالنسبة لجسدك هو فقدانه حياته، وموت نفسك هو فقدانها حياتها. حياة جسدك هو نفسك، وحياة نفسك هي الله. إذ يموت الجسد يفقد النفس التي هي حياته، وهكذا تموت النفس بفقدانها الله حياتها. القديس أغسطينوس * هكذا كل ابنٍ مؤمنٍ يريد أن يتعلم شكل الطهارة: يجب عليه بالحقيقة أن لا يكون فيه شيءٌ من كلام الكذب. القديس أنبا أنطونيوس الكبير * إذن، فلندعُ الله بإيمانٍ مليءٍ بالثقة متكلين على رحمته حيث إنّ عندنا مواعيده المكتوبة قائلةً: "مَنْ يقرع يُفتَح له" (مت7: 8)، وأيضًا: "سأسكن فيهم وأسير بينهم" (2 كو 6: 16). إنّ البشر تشدّهم ربوات من الاهتمامات وتُظلم التجارب حياتهم وتُجبرهم على الكذب بكثرةٍ حتى حينما يرتبطون بعقودٍ مكتوبةٍ، فهم يكونون أحيانًا غير قادرين على ألاّ يظهروا مخادعين حتى لو أرادوا، ولكنّ الله الذي - على العكس تمامًا - لا يكذب، يتمِّم وعده لنا بأن يُرسل لنا نعمة وموهبة الروح القدس (اُنظر لو 11: 13). القديس مقاريوس الكبير القديس أنبا موسى الأسود بستان الرهبان 12 لاَ تَغَارُوا عَلَى الْمَوْتِ فِي ضَلاَلِ حَيَاتِكُمْ، وَلاَ تَجْلُبُوا عَلَيْكُمُ الْهَلاَكَ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ، 13 إِذْ لَيْسَ الْمَوْتُ مِنْ صُنْعِ اللهِ، وَلاَ هَلاَكُ الأَحْيَاءِ يَسُرُّهُ. 14 لأَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْجَمِيعَ لِلْبَقَاءِ؛ فَمَوَالِيدُ الْعَالَمِ إِنَّمَا كُوِّنَتْ مُعَافَاةً، وَلَيْسَ فِيهَا سُمٌّ مُهْلِكٌ، وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْجَحِيمِ عَلَى الأَرْضِ، 15 لأَنَّ الْبِرَّ خَالِدٌ. لا تسعوا إلى الموت بتضليل حياتكم، ولا تجلبوا عليكم الهلاك بأعمال أياديكم. [12] بينما يغير العريس السماوي على عروسه لكي تتمتع بالحياة الأبدية، إذا بالبشر يطلبون الموت، ويقيمون عهدًا معه، ويتحالفون معه كحزب له، استعاضوا بالموت عن الحياة الأبدية، وبالظلمة عوض النور، وبإبليس عوض الله. في جهالة يظنون في إبليس عدوهم ومدمر حياتهم صديقًا لهم، مع أنه يُعد لهم سم الموت في الخطية. لأن الله لم يصنع الموت، ولا يُسر بهلاك الأحياء. [13] واضح أن الكاتب لا يعني هنا الموت الجسماني بل الروحي، الموت الثاني (رؤ 2: 11؛ 21: 8)، حيث انفصال النفس عن الله، والموت الجسدي حيث انفصال النفس عن الجسد. فالله خالق النفس والجسد لم يخلقهما ليموتا، ولم يهب البشرية الحياة ليهلكها. * بالحق لم يكن الموت جزءً من طبيعة الإنسان، وإنما صار أمرًا طبيعيًا، لأن الله لم يؤسس الموت في البداية، لكن قدمه كعلاجٍ. لنحذر إذن لئلا يظهر لنا ما هو خلاف ذلك. فلو كان الموت صالحًا، فلماذا كُتب أن "الله لم يصنع الموت" (حك 1: 14)، إلا لأنه بشرِّ البشر دخل إلى العالم؟ القديس أمبروسيوس الله صادق ولا يكذب، إذ يقسم قائلًا: "حيّ أنا يقول السيد الرب إني لا أُسَرُّ بموت الشرير، بل بأن يرجع الشرير عن طريقهِ ويحيا. ارجعوا ارجعوا عن طرقكم الرديئَة. فلماذا تموتون يا بيت إسرائيل؟!" (حز11:33) إنه لا يريد أن يهلك أحد أصاغره، فكيف لا نكون مجدفين إن كنا نتصور أنه لا يريد كل البشر يخلصون بل بعضهم؟! فالذين يهلكون إنما يهلكون بغير إرادته، وهو يشهد ضد كل واحدٍ منهم يومًا فيومٍا قائلًا: "ارجعوا، ارجعوا عن طرقكم الرديئَة، فلماذا تموتون" (حز 11:33). وأيضًا: "كم مرَّةٍ أردت أن أجمع أولادكِ كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا" (مت37:23)، "فلماذا ارتد هذا الشعب في أورشليم ارتدادًا دائمًا. تمسكوا بالمكر. أبوا أن يرجعوا" (إر 5:8). إذن نعمة المسيح حاضرة بين أيدينا في كل يوم، وإذ هي تريد أن "جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" تدعو الجميع بغير استثناء قائلة: "تعالوا إليَّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت28:11). فلو لم يدعُ الجميع بل البعض فقط، لكانت النتيجة أن يكون الكل مثقلًا بالخطايا الأصلية (الجدية) والخطايا الفعلية، وإلا صار القول التالي غير صادق: "إذ الجميع أخطأُوا وأعوزهم مجد الله" (رو23:3)، وما كنا نصدق أن الموت قد عبر إلى جميع الناس (رو12:5). وإذ الهالكون يهلكون بغير إرادة الله، لهذا يمكننا أن نقول بأن الله ليس بصانع الموت، وذلك كشهادة الكتاب المقدس القائل: "إذًا ليس الموت من صنع الله ولا هلاك الأحياء يسرَّه" (حك13:1). الأب شيريمون * إننا أبناء، لنسرع نحو الآب (لو 15: 20). ليتنا لا نخاف لأننا بددنا ميراث الكرامة الروحية لكي ما ننال الملذات الأرضية (لو 15: 13). فإذ منح الآب الابن الكنز الذي له، فإن غنى الإيمان لن يكون بلا نفع (رو 4: 14). إنه وإن كان قد أعطى الكل، فهو لا يزال يملك الكل، ولا يفقد شيئًا مما يمنحه. لا تخافوا بأنه ربما لا يقبلكم، فإنه ليست مسرة الرب في هلاك الأحياء (حك 1: 13) فإنه إذ يلتقي بكم على الطريق، يقع على عنقكم، لأن الرب يقيم الساقطين. إنه يقبلكم، أي يهبكم عربون التقوى والحب. القديس أمبروسيوس * في موضع آخر قلت: "الله لا يطلب موت أحدٍ". هذا يُفسَّر هكذا: جلب الإنسان الموت لنفسه بهجره الله، فمن لا يرجع إلى الله يجلب الموت على نفسه، كما هو مكتوب: "لأن الله لم يصنع الموت" (حك 1: 13).* "الله لم يصنع الموت" (حك 1: 13)، مع أنه مكتوب في موضع آخر: "الموت والحياة هما من الرب الإله" (سي 11: 14). عقاب صانعي الشر الذي هو من الله يُحسب شرًا بالنسبة لصانعي الشر، لكنه يُحسب من الأعمال الصالحة التي لله، لأنه من العدالة أن يُعاقب صانعو الشر، وكل ما هو من العدالة بالتأكيد هو صالح. القديس أغسطينوس فإنه خلق كل شيء لكي يكون، وإن أجيال العالم شُفيت، وليس فيها سَمٌ مهلك، ولا مُلْكَ للموت على الأرض. [14] كانت نظرة الحكيم نحو الموت لا تقف عند اعتزال النفس الجسد، وإنما حرمان الإنسان ككلٍ من الله مصدر الحياة والخلود. الله لم يخلق الإنسان ليموت، بل للخلود (حك 1: 14)، لكنّه بممارسته الخطية في مكرٍ جلب الموت بيديه وبكلماته، ودخل معه في عهدٍ عوض دخوله في عهدٍ مع الله (حك 1: 16). يطلب الله ألا يكون موت للبشر جميعًا، لكن هذا السم المميت بثته الحية القديمة، إبليس. * إن وُجد فينا شيء سامٍ، فإن الله هو الذي خلقه، ولكننا نحن أوجدنا الشر والخطايا لأنفسنا. العلامة أوريجينوس لأن البرّ خالد. [15]يربط الحكيم دومًا بين الحياة الداخلية والسلوك الظاهر. فبتضليل الحياة يعني اقتناء الموت خلال الخطايا الخفية في القلب، يُجلب الهلاك خلال أعمال اليد، أي السلوك الظاهر. إن كان الإثم قد دخل بنا إلى الموت خلال حسد إبليس، فإن بٌر الله يردنا إلى الخلود. يقصد بالخلود هنا الوجود اللانهائي مع الله، والتمتع بالحياة الطوباوية السماوية. 5. المجدفون وميثاق الموت 16 لكِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ اسْتَدْعَوُا الْمَوْتَ بِأَيْدِيهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ. ظَنُّوهُ حَلِيفًا لَهُمْ فَاضْمَحَلُّوا، وَإِنَّمَا عَاهَدُوهُ لأَنَّهُمْ أَهْلٌ أَنْ يَكُونُوا مِنْ حِزْبِهِ. لكن الأشرار دَعَوا الموت بأعمالهم وأقوالهم، عدُّوه صديقًا فاضمحلوا، ثم عاهدوه، لأنهم أهل لأن يكونوا من حِزبه. [16] لعله يشير هنا إلى آدم وحواء، إذ دخلت حواء في حوار مع الحيَّة القديمة، وأقامت معها ميثاقًا، وصارت هي وزوجها في تحالفٍ معه، كما من حزبه. يقول إشعياء النبي: "لأنكم قلتم قد عقدنا عهدًا مع الموت، وصنعنا ميثاقًا مع الهاوية" (إش 28: 15). يعتبر الكاتب أن سلوك الأشرار العملي بمثابة حديث ودِّي مع الموت، ودخول معه في ميثاق. حينما يتحدث الأبرار عن الموت، إنما يعنون به موت النفس، لأن هذا هو ما يخافونه. أما الأشرار فيتحدثون عن موت الجسد، وهذا هو ما يخشونه. يدخل المؤمنون أبناء إبراهيم حسب الروح في عهدٍ وميثاق صداقة مع الله، أما غير المؤمنين فيقيمون عهدًا وتحالفًا مع الموت كصديقٍ ملازمٍ لهم. كما أن الله من نصيب المؤمن البار وهم من نصيبه (مز 5:16، 73:26، 142: 6، تث 9:32، 2مل 1:26، زك 16:2)، هكذا الجاحدون هم من نصيب الموت، والموت من نصيبهم، إنهم من حزبه، ينتمون إليه بفساد إرادتهم وشرها. لأقتنيك فأقتني الخلود * أتيت إلينا يا أيها القدوس البار، فالتهب قلبنا شوقًا إلى البرّ. تسمرت أعيننا عليك، فصرنا نطلبك ببساطة قلب صالح! رأيناك، فتقدست أفكارنا بك، وانفتح لساننا يطلبك! * ماذا نطلب سوى اقتنائك، فبك نصير ملوكًا يا ملك الملوك، وبك نتمتع بالاستقامة التي لك يا أيها القدوس وحده! لن ينحرف قلبنا عنك يمينًا ولا يسارًا، بل في بساطة نراك وننعم بالشركة معك. * لسنا نريد أن نراك هنا بعيوننا الجسدية! أغسل عيوننا الداخلية لكي ببساطة القلب نراك. هب لنا نقاوة القلب فننعم بمعاينتك. انزع عنا كل خبث، فلا نسلك في طرق معوجة، بل تكون أنت هو طريقنا الأوحد، فأنت هو الطريق والحق والحياة. لأسلك بك وأذهب إليك، يا أيها الطريق العجيب! * قدّسني بالتمام، قدس نفسي وجسدي، فلا تحمل نفسي روح الخبث، ولا يُستعبد جسدي للشهوات. تقدسني، فأتأهل للسلوك حسب إرادتك، يا أيها الحكمة الإلهي! قدس كليتيي وقلبي ولساني، فأصير بكليتي مكرسًا لحساب ملكوتك. * روحك القدوس يملأ العالم كله، يطلب القرب من كل إنسانٍ، يبسط حبه على كل شخصٍ، يود أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. ليعطني روحك حياة الملء، وليهبني قوة الرجاء، فاتحًا أبواب السماء أمامي، وليطر بي إلى الأحضان الإلهية. * روحك القدوس يعلم نيات القلب والكلمات الخفية. إنه يطيل أناته على المفترين والظالمين، ينتظر توبتهم لينعموا بالمراحم الإلهية، فيفرح بهم حتى الذين سقطوا تحت ظلمهم. * أشرق بنورك عليّ، فلن يبقى أثر للتذمر في قلبي. عوض التذمر تخرج تقدمات شكر خفية وتسابيح قلب غير منقطعة. تقبلها ذبائح شكر، فتسر بها، يا أيها العريس السماوي. * خلقتني، مشتاقًا أن أحيا إلى الأبد، لكن عدو الخير بحسده أدخل الموت إلى العالم. وفي غباوتي قبلت الموت صديقًا لي، دخلت معه في عهدٍ، وصرت من حزبه. من يمزق هذا العهد إلا عهدك الثمين. من يحررني من البنوة لإبليس إلا البنوة لله أبيك! لتملك يا أيها القيامة والحياة علي، فلن يستطيع أن يتسلل الموت إليّ. أنت هو قيامتي وحياتي الخالدة. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 152886 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحكمة والحياة التقوية (البرّ) يشبه هذا القسم سفر أيوب إذ يعالج موضوع: لماذا يتألم الصالحون وينجح الأشرار؟ كثيرًا ما يتعثر الناس مما يجري في العالم، حيث يظن الأشرار أنهم قادرون على كل شيءٍ، يستخدمون كل وسيلة للظلم لحسابهم الخاص، وكأنه ليس من عدالة إلهية تقمعهم. إذ يرفض الفلاسفة الماديون الإيمان بالحياة الأخرى، لا يجدون حلاَّ للمشكلة، أما المؤمنون فينتظرون يوم الدينونة لينال الصالحون حياة أبدية والأشرار عقابًا أبديًا. الخلود هو مكافأة الحياة الحكيمة التقوية. هنا يرفعنا الكاتب إلى الخلود، لنرى حب الله الفائق الذي يطيل أناته على الأشرار لنفع الطرفين: لتذكية الأبرار في تحملهم للظلم، وإعطاء فرصة للأشرار للتوبة. بهذه النظرة يطلب الأبرار أن يتمتعوا بالحكمة السماوية الملازمة للبرّ الحقيقي من أجل المكافأة السماوية. لهذا دُعي هذا القسم (حك 1-6) بالكتاب الاسخاتولوجي أو الأخروي أو الانقضائي، حيث يحملنا إلى ما وراء انقضاء هذا الدهر. |
||||
03 - 03 - 2024, 06:49 PM | رقم المشاركة : ( 152887 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
محبة البٌر، إذ يربط بين ثلاثة أمور لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، وهي: الحكمة، والبُر، والإيمان بالله محب البشر؛ كما لا يمكن الفصل بين الجهل والخطية والتجديف على الله. فهو يدعو المؤمنين أن يحبوا البٌر ويطلبوا الحكمة، فيتمتعوا بإعلان الله عن نفسه لهم، واقترابهم إليهم. يربط السفر بين الحكمة والحياة المقدسة أو التقوية في الرب. "إن الحكمة لا تدخل النفس الخبيثة، ولا تسكن الجسد المُستعبد للخطية" (حك 4:1). ويربط بين البرّ والخلود. "فإن البرّ خالد" (حك 15:1). هذا وإن "الله لم يصنع الموت، ولا يُسر بهلاك الأحياء" (حك 13:1). |
||||
03 - 03 - 2024, 06:50 PM | رقم المشاركة : ( 152888 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحِبُّو البرّ يا أيها الذين يحكمون الأرض، وفكروا في الرب تفكيرًا صالحًا، والتمسوه ببساطة قلوبكم. [1] يربط الحكيم بين محبة البرّ، والتفكير الصالح في الرب، وطلب الرب. وكأنه يفتتح السفر بالدعوة إلى ثلاثة أمورٍ: الحب والتفكير المقدس والطلبة. يقصد بالبرّ الاستقامة أو الفكر الفاضل والعمل الجاد. يحذرنا الكاتب من عدم التفكير الصالح أو البسيط في الله، ولعله يقصد هنا عدم التذمر على أحكام الله، وتجاهل عنايته الإلهية وخطته الخفية من نحو محبوبه الإنسان. وذلك بسبب طول أناته على الأشرار، وسماحه للأبرار بالتجارب والضيقات. يتطلع الحكيم إلى الحكمة أنها ليست مجرد التمتع بخبرات بشرية زمنية والقدرة العقلية في التصرف وتدبير الأمور، لكنها مع تقديس الخبرات البشريَّة والعقل البشري فهي في جوهرها تمتع بالشركة مع "حكمة الله" بكونها أقنومًا إلهيًا، يسكن في النفس، ويقودها في الطريق الإلهي بإرادة مقدسة. خلال هذا المفهوم، يرى الحكيم وجود علاقة قوية بين الحكمة والإيمان والبرّ والخلود، ومن الجانب الآخر بين الحرمان من الحكمة والتجديف والإثم والموت الأبدي. ليس من فصل بين الحكمة والإيمان بالله القدير الصانع الخيرات، وبين الحكمة والسلوك بالبرّ حسب إرادة الله، فخلال هذه الحياة المقدسة يختبر المؤمن عربون الأبدية، ويعرف كيف يسلك في الحياة كقائدٍ نجحٍ، يسوس العالم. في حديث الكاتب مع الله يقول: "مٌكون الإنسان بحكمتك، لكي يسود الخلائق التي صنعتها، ويسوس العالم بالقداسة والبٌر، ويُجري الحكم باستقامة النفس" (حك 9: 2-3) |
||||
03 - 03 - 2024, 06:53 PM | رقم المشاركة : ( 152889 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* يا لغباوة الباحثين عن الله بهذه العيون الخارجية، إذ لا يُرى الله إلا بالقلب، وذلك كما هو مكتوب في موضع آخر "التمسوه بقلب سليم (بسيط)" (حك 1:1)، لأنه ما هو القلب النقي سوى القلب السليم والبسيط. وكما أن هذا النور لا يُرى إلا بعيون نقية، هكذا لا يُرى الله ما لم يكن ذاك الذي يراه (أي القلب) نقيًا. * لا تسلموا بالتفكير في النظر إلى وجهٍ جسديٍ، لئلا في شوقكم الملتهب نحو رؤيته تهيئون وجهكم الجسدي لرؤيته، وبهذا تبحثون عن وجه (جسدي) في الله. لكن إذا تصورنا الله روحًا على الأقل دون أن نتصوره جسديًا - هذا الموضوع الذي سبق معالجته بتوسع بالأمس، إن كنت قد نجحت في إزالة تلك الصورة البشرية من قلوبكم كما من هيكل الله، إذا كان الرسول يعبر عن مضايقته من هؤلاء الذين "بينما هم يزعمون أنهم حكماء، صاروا جهلاء، أبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى" (رو 1: 22-23). إن كان هذا قد دخل إلى أعماق أفكاركم، وامتلك قلوبكم الداخلية، إن كنتم تنفرون من هذا الكفر، وتحفظون لله هيكله نقيًا، إن كنتم تريدونه يأتي، ويجعل له مسكنًا فيكم، "تفطنوا في الرب بفطنة صالحة واطلبوه ببساطة قلب" (حك 1: 1). القديس أغسطينوس |
||||
03 - 03 - 2024, 06:54 PM | رقم المشاركة : ( 152890 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* من يرغب في أن يحب الله، ويحذر من أن يخطئ في حقه، عليه أن ينقي نيته المستقيمة التي لقلبه من كل ثنائية. بهذا الطريق يفكر في الرب صالحًا ويطلبه ببساطة قلبٍ (راجع حك 1: 1). القديس أغسطينوس |
||||