03 - 12 - 2016, 07:01 PM | رقم المشاركة : ( 15221 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نحميا... الرجل الذي طلب خيراً لشعبه
خلفية تاريخية سُبي بنو إسرائيل قديماً لمدة سبعين سنة في بابل، وعند نهايتها استخدم الله كورش الملك الفارسي ليصدر أمراً يخول حق الرجوع إلى أورشليم لكل من يرغب من المسبيين. ورجع جزء من الشعب على ثلاث دفعات تقريباً. المجموعة الأولى عادت تحت قيادة زربابل، والثانية بقيادة عزرا وأخيراً رجع نحميا، حوالي سنة 445 ق.م في عهد الملك ارتحشستا الأول. من هو نحميا لا نعلم عن عائلته سوى أنه كان «ابن حكليا»، وكان له أخ إسمه «حناني» (1: 2؛ 7: 2). كان يعمل ساقياً للملك أرتحشستا في شوشن القصر. كانت هذه وظيفة هامة وخطيرة، فهو المسئول عن الشئون الخاصة ويُفترض ولائه للملك. في تلك الأثناء وصلت نحميا أخباراً عن حالة أورشليم المحزنة، حيث كانت أسوار المدينة منهدمة وأبوابها محروقة، وكان الشعب الذي فيها في شر عظيم وعار. وأحزنته هذه الأخبار، واقترن هذا بالصوم والصلاة لأيام كثيرة. وبعد حوالي 3 أو 4 شهور أفصح للملك عن رغبته في الذهاب لأورشليم ليعيد بناءها، وسمح له الملك بهذا. نحميا ومواصفاته عندما نقرأ سفر نحميا نكتشف أننا أمام شخصية عظيمة، اتسمت بصفات رائعة، وتُعتبر مثلاً يُحتذى به في كل العصور. وكلمة نحميا تعني الرب يعزي (أو يعين). كان رجل صلاة من الطراز الأول فقد تخللت الصلاة حياته في كل تفاصيلها وجزئياتها، فتراه يصلي في مواجهة كل الظروف: فعندما وصلته أخبار أورشليم صلي معترفاً بخطايا شعبه (1: 5-11). وعندما سأله الملك عن طلبته، رفع قلبه فوراً صارخاً لله (2: 4). وعندما استهزأ به الأعداء تحول إلى الرب(4: 4). ولما تآمروا ضده لجأ إلى الصلاة (4: 9؛ انظر أيضاً5: 19؛ 6: 14؛ 13: 29؛ 31). كان رجلاً صاحب رؤية لعمل الله فلقد ظل يفكر ويصلي لمدة 4 شهور تقريباً، وبعدها حدَّد طَلبه من الملك، ثم ذهب إلى أورشليم، وهناك عاين بنفسه الحالة (2: 13)؛ ولم يندفع للكلام مع الآخرين حتى تبلور العمل أمامه. ثم بعد ذلك أشرك آخرين معه، وشجعهم بكلمات رائعة: «هلم فنبني سور أورشليم ولا نكون بعد عاراً» (2: 17). ثم عند بدء العمل اشرك معه كل الشعب ولم ينفرد به، وكان هذا بحكمة منه. كان رجلاً ممتلئاً بالثقة في الله وظهر هذا في تشجيعه لأخوته للعمل «وأخبرتهم عن يد إلهي الصالحة عليَّ» (2: 18)، وكذلك في ثباته أمام استهزاء الأعداء وتخويفهم، إذ قال لهم: «إن إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني» (2: 20). كان رجلاً ممتلئاً بالطاقة والنشاط كما كان يتميز بالصلابة والثبات فلقد شارك بنفسه في بناء السور، رغم طبيعة مركزه، ومع كونه عُيِّن حاكماً للشعب في أورشليم. ولما تعرضوا لهجوم الأعداء وقف بثبات قدامهم وضحّى براحته الشخصية «ولم أكن أنا ولا إخوتي ولا غلماني ولا الحراس الذين ورائي نخلع ثيابنا» (4: 23). ولما حاول أعداؤه أن يساوموه للتشاور معهم أجابهم بالقول الرائع: «إني أنا عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل» (6: 3). ومرة أخرى دُبِّرت مكيدة ضده فقال: «أ رجل مثلي يهرب؟» (6: 11). يا للصلابة!! ونتيجة لذلك انجز العمل في وقت وجيز جداً، فأكمل السور في 52 يوماً. وإذ أنجحه الله بهذا الشكل فقد خزى أعداؤه (6: 16). كان رجلاً على استعداد أن يضحي بحقوقه الشخصية لأجل صالح شعبه فمع كونه والياً على الشعب، لكنه لمدة 21 سنة تخلّى عن حقوقه المادية، ولم يطالب الشعب بما ينبغي أن يقدِّموه له كضريبة تُقدَّم للوالي. «أما أنا فلم أفعل هكذا، من أجل خوف الله. وتمسكت أيضاً بشغل هذا السور ولم اشترِ حقلاً» (5: 15 ،16). فضلاً عن استضافته لعدد كبير من الولاة وغيرهم، على مائدته بصفة مستمرة. لكنه يقول هذه الكلمات المؤثرة «ومع هذا لم أطلب خبز الوالي لأن العبودية كانت ثقيلة على هذا الشعب» (5: 18). تُرى أ يوجد بيننا من لهم هذه المواصفات النادرة؟ هل يوجد من هو على استعداد أن يترك مركزاً مرموقاً في الدنيا لكي يخدم السيد. حقاً إن مراكز الدنيا كلها ليست شيئاً إزاء شرف خدمة المسيح. ذكر أحد الكتاب هذه القصة : “عندما دُعى وليم كاري، أبو الإرساليات الحديثة، أن يكون وزير الهند في الوزارة البريطانية، لمعرفته بالهند وبرجالها، أجاب بكلمات نحميا «إني عامل عملاً عظيماً فلا أقدر أن أنزل»؛ وعندما قدمت له بلاده مائه ألف جنيه استرليني لخدمة قام بها، حوّل المبلغ كله للعمل المرسلي!”. تأثير نحميا * قاد نحميا الشعب لبناء سور أورشليم وإصلاح أبوابها المحروقة وبذلك أعاد الأمن والاستقرار للشعب. * اهتم نحميا بالحالة الروحية للشعب، فقادهم للاستماع إلى شريعة الرب التي قرأها وفسّرها لهم عزرا واللاويون الذين معه. وكانت نتيجة ذلك أن الشعب اتضع قدام الرب واعترفوا بخطاياهم وذنوبهم. * قاد نحميا الشعب لقطع ميثاق أمام الرب لطاعته والخضوع لشريعته. * شجع نحميا الشعب لتقديم عشورهم وتقدماتهم لخدمة الرب بكل أمانة. * شدد نحميا على أهمية تقديس يوم السبت وعدم القيام بأي عمل فيه، حسب تعليمات ناموس موسى. * صمم نحميا على أن ينفصل الشعب عن كل الزوجات الوثنيات التي ارتبط بهن بعض من الشعب وأظهر في هذا غيرة عظيمة. وبهذا امتد تأثيره إلى أسرهم. هل لنا إيمان في الرب أن يعمل بنا مثل هذا العمل العظيم ويلمس بنا حياه كثيرين؟! |
||||
04 - 12 - 2016, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 15222 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التسامح التسامح يقوِّي الغفران والتسامح العلاقات السلمية ويساعداننا على تقبُّل الآخرين. ولكن هل من حدود للتسامح؟ كيف نكون اكثر تسامحا؟ تعصف بعالمنا رياح التعصب. وتؤجِّجها العنصرية والتحامل العرقي والقومية والقبلية والتطرف الديني وغيرها. رأي الكتاب المقدس ساد التعصب المجتمع في ايام يسوع المسيح، وخصوصا بين اليهود والسامريين الذين كرهوا بعضهم بعضا. (يوحنا ٤:٩) كما نظر الرجال الى النساء نظرة دونيَّة. بالاضافة الى ذلك، ازدرى القادة الدينيون اليهود بعامة الشعب. (يوحنا ٧:٤٩) ولكن كم اختلف يسوع عن مقاوميه الذين قالوا عنه: «هذا يرحِّب بالخطاة ويأكل معهم»! (لوقا ١٥:٢) فيسوع كان صبورا ولطيفا ومتسامحا ولم يدِن الناس بل شفاهم روحيًّا. وكانت المحبة دافعه الاساسي. — يوحنا ٣:١٧؛ ١٣:٣٤. يسوع مثالنا في التسامح لم يدِن الناس بل شفاهم روحيًّا اذًا، تساعدنا المحبة ان نكون اكثر تسامحا ونتقبَّل الآخرين بصرف النظر عن نقائصهم وطباعهم. تقول كولوسي ٣:١٣: «استمروا متحمِّلين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد سبب للتشكي من آخر».
هل من حدود للتسامح؟ تحاول مجتمعات كثيرة ان تحافظ على النظام والقانون. فتفرض عادة قوانين معقولة تضبط سلوك افرادها. رأي الكتاب المقدس تقول ١ كورنثوس ١٣:٥ ان المحبة «لا تتصرَّف بغير لياقة». ويسوع مثالنا في التسامح لم يتغاضَ يوما عن الوقاحة والنفاق، بل شجبهما بشدة كغيرهما من الشرور. (متى ٢٣:١٣) وقال ان ‹الذي يمارس الرذائل يبغض نور الحق›. — يوحنا ٣:٢٠. كما كتب الرسول المسيحي بولس: «امقتوا ما هو شر، والتصقوا بما هو صالح». (روما ١٢:٩) وهل عاش بولس بموجب ما كتبه؟ بالتأكيد. مثلا، حين فرز بعض المسيحيين من اصول يهودية انفسهم عن اخوتهم الاممين، أنَّبهم هذا الرسول اليهودي الاصل بحزم انما بلطف. (غلاطية ٢:١١-١٤) فقد عرف ان «الله ليس محابيا» لذا لن يسمح بالتحامل بين شعبه. — اعمال ١٠:٣٤. ولأن شهود يهوه المسيحيين يسترشدون بالكتاب المقدس، لا يقبلون بأي نوع من التعصب بينهم. (اشعيا ٣٣:٢٢) فلا يجب ان يعكِّر مَن يرفضون مبادئ الله صفو الجماعة المسيحية. لهذه الغاية، يطيع الشهود التوجيه الواضح من الاسفار المقدسة: «اعزلوا الشرير من بينكم». — ١ كورنثوس ٥:١١-١٣.
هل يحتمل الله الشر الى ما لا نهاية؟ الاعتقاد السائد الشر باقٍ ما دام الانسان موجودا. فهو جزء لا يتجزَّأ من الطبيعة البشرية. رأي الكتاب المقدس عندما انتاب القلق النبي حبقوق، صلَّى الى يهوه الله قائلا: «لماذا . . . تتحمَّل رؤية الظلم؟ اينما تلفَّتُّ أشهد امامي جورا واغتصابا، ويثور حولي خصام ونزاع». (حبقوق ١:٣، كتاب الحياة — ترجمة تفسيرية) وليهدِّئ الله من روعه، اكَّد له انه سيحاسب الشرير و ‹سيتم ذلك اتماما ولن يتأخَّر›. — حبقوق ٢:٣. حتى ذلك الحين، لدى فاعلي السوء فرصة كي يتركوا مسلكهم الرديء. يقول يهوه: «هل أُسرُّ بموت الشرير . . . وليس بأن يرجع عن طرقه فيحيا؟». (حزقيال ١٨:٢٣) ففي وسع الراغبين في طلب يهوه ان ينظروا الى المستقبل بثقة شرط ان ينبذوا طرقهم السابقة. تذكر الامثال ١:٣٣: «اما السامع لي فيسكن في امن، ويطمئن من رعب البلية».
|
||||
04 - 12 - 2016, 03:54 PM | رقم المشاركة : ( 15223 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ألعلّك تفهم ما أنت تقرأ؟
ألعلّك تفهم ما أنت تقرأ؟ قال لي الشاب الجالس أمامي: حصلت على نسخة من الكتاب المقدس، وبدأت في قراءتها، لكنني أقول بصدق: إنني لم أفهم ما قرأت، فوضعت الكتاب على الرفّ ولم أعد لقراءته! هذا الشاب، مثله آلاف حصلوا على الكتاب المقدس، ولما قرأوه ولم يفهموه ركنوه ولم يعودوا إليه. من هنا كان من الأهمية بمكان أن نعرف الأسلوب الذي به نفهم الكتاب المقدس حتى نستمرّ في قراءته ونستفيد منه. * يذكر سفر أعمال الرسل أن ملاك الرب كلّم فيلبس ليذهب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة. ولما ذهب وجد رجلاً حبشيًا كان وزيرًا للمالية لكنداكة ملكة الحبشة، ووجد الرجل يقرأ سفر إشعياء بصوت مرتفع. فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة. فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: "أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟" فَقَالَ: "كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟". (أعمال الرسل 8: 30-31) كان هذا الوزير يحمل العهد القديم من الكتاب المقدس أينما ذهب، وكان يقرأه مع أنه لم يفهم ما يقرأ، وكان رجلاً متواضعًا، فقد طلب من فيلبس أن يصعد ويجلس معه، وقد قاده فيلبس إلى معرفة المسيح المصلوب، وعمّده بعد إيمانه به. وهدفي من كتابة هذه الرسالة أن أشجع قارئ الكتاب المقدس على الاستمرار والاستفادة من قراءته حتى ولو وجد فيه أشياء عسرة الفهم. وأضع رسالتي في هذه الكلمات: * أولاً: الأهمية القصوى لفهم الكتاب المقدس القراءة بلا فهم تعطي للشيطان الفرصة لخطف الكلمة من قلب القارئ. قال المسيح: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ". (متى 19:13) وكتب بولس الرسول للقديسين في فيلبي: "وَهذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضًا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، حَتَّى تُمَيِّزُوا الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلاَ عَثْرَةٍ إِلَى يَوْمِ الْمَسِيحِ" (فيلبي 9:1-10). الفهم يعطي للقارئ القدرة على تمييز الأمور المتخالفة، أي تمييز الأمور الوقتية والأمور الأبدية. لما التقى الرب يسوع بعد قيامته مع تلاميذه : "قَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ" (لوقا 44:24-45). ففهم أسفار العهد القديم ضرورة لمعرفة حقيقة المسيح. * ثانيًا: الطريق لفهم الكتاب المقدس الكتاب المقدس كتاب فريد، لا يضارعه كتاب آخر في العالم، فيه أعلن الله عن ذاته، وصفاته، وعن حبه، وعدله، ورحمته، وحكمته، وعظمته وارتفاعه. وفي أسفار الكتاب المقدس لبن للأطفال، وطعام قوي للبالغين. كتب كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "لأَنَّكُمْ إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ لِسَبَبِ طُولِ الزَّمَانِ تَحْتَاجُونَ أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ مَا هِيَ أَرْكَانُ بَدَاءَةِ أَقْوَالِ اللهِ، وَصِرْتُمْ مُحْتَاجِينَ إِلَى اللَّبَنِ، لاَ إِلَى طَعَامٍ قَوِيٍّ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" (عبرانيين 12:5-14). ويقول بولس الرسول لأهل كورنثوس: "وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ..." (1كورنثوس 2:3-3). ولكي تصل إلى درجة البلوغ، عليك أن تقرأ الكتاب المقدس يوميًا بذهن مفتوح وتطيع وصاياه عمليًا في حياتك. ها أنت قد عزمت على قراءة الكتاب المقدس، فاتبع الخطوات التالية: * -1- خصّص وقتًا معيّنًا، ومكانًا معيّنًا لتقرأ فيه الكتاب المقدس. وقبل أن تبدأ القراءة اطلب من الرب أن يفتح عينيك لترى وتفهم عجائب كلمته، وليكن لك دفتر مذكراتك مع كتابك المقدس لتكتب فيه تأملاتك وأسئلتك. صلّ صلاة كاتب المزمور: "اكْشِفْ عَنْ عَيْنَيَّ فَأَرَى عَجَائِبَ مِنْ شَرِيعَتِكَ". (مزمور 18:119) واعرف ما قاله سفر الأمثال: "اَلنَّاسُ الأَشْرَارُ لاَ يَفْهَمُونَ الْحَقَّ، وَطَالِبُو الرَّبِّ يَفْهَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ" (أمثال 5:28). واذكر قول الرب لإرميا النبي: "اُدْعُنِي فَأُجِيبَكَ وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ وَعَوَائِصَ لَمْ تَعْرِفْهَا" (إرميا 3:33). * -2- إن أردت التعمّق في فهم ما تقرأ من الكتاب المقدس، فاستخدم ما أسميه "أصدقاءك الستة": مَن؟ متى؟ أين؟ ماذا؟ كيف؟ ما؟ اعرف مَن الكاتب، ومن المكتوب إليهم، ومن هم الأشخاص البارزين في السفر الذي تقرأه. متى؟ متى كُتب السفر الذي تقرأه؟ وهل حدث ما ذكره السفر في الماضي أو يحدث في الحاضر، أم سيحدث في المستقبل؟ أين؟ أين كُتب السفر الذي تقرأه، وأين الموقع الجغرافي الذي كان مسرحًا للحوادث المذكورة في السفر؟ ماذا؟ ماذا كانت الأسباب وراء الأعمال، والتحذيرات والإنذارات الموجودة في السفر؟ كيف؟ كيف أثّرت حوادث القصة في أبطالها، وفي كاتبها، وكيف تؤثر في حياتك الشخصية؟ ما؟ ما هو الموضوع الرئيسي في الأصحاح الذي تقرأه؟ وما هي الآية التي تعتبر مفتاحًا له؟ وما هي الكلمة التي تكررت فيه؟ وما هو التعليم الذي نجده عن الآب، والابن، والروح القدس؟ وما هي الوصية التي عليك أن تطيعها، والوعد الذي من حقك أن تطالب به؟ * -3- ثق من كل قلبك في أن الكتاب المقدس كله موحى به من الله، وهناك براهين كثيرة على صدق وحي الكتاب المقدس. (أ) برهان ترتيبه، (ب) برهان صدق نبواته، (ج) برهان صحة الحقائق العلمية والتاريخية الواردة فيه، (د) برهان وجود يسوع المسيح مرموزًا إليه في قصصه وشخصياته، (هـ) برهان فرادة وصاياه، (و) برهان وحدة أسفاره، (ز) برهان شهادة المسيح لوحيه. "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 20:1-21). عندما تقرأ الكتاب المقدس مؤمنًا بأنه كلمة الله الصادقة، سيفتح الرب ذهنك لتكتشف كنوزه. * -4- قارن الآيات العسرة الفهم بالآيات السهلة الفهم واربط الآية التي تدرسها بالقرينة أي بالآيات السابقة لها والآيات اللاحقة بها. واعرف إذا كانت الآية ممكن تفسيرها حرفيًّا أو فيها تشبيه أو مجاز. إذا قرأت آيات وجدت أنها عسرة الفهم، استمرّ في القراءة وستفهمها فيما بعد. قال بطرس الرسول للمؤمنين: "وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصًا، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ" (2بطرس 15:3-16). في الكتاب المقدس أشياء عسرة الفهم، لكي تفهمها عليك أن تقارن الروحيات بالروحيات "وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الأُمُورِ لاَ فِي كَلاَمٍ تُعَلِّمُهُ الْحِكْمَةُ الْبَشَرِيَّةُ، بَلْ فِي كَلاَمٍ يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ، مُعَبِّرِينَ عَنِ الْحَقَائِقِ الرُّوحِيَّةِ بِوَسَائِلَ رُوحِيَّةٍ." (1كورنثوس 13:2)، وتدع الآيات السهلة المفهومة تفسّر لك الآيات العسرة الفهم، وتربط الآية بالقرينة فيتّضح لك معنى الآية. واعرف إذا كان من الممكن التفسير الحرفي للآية، أو أنها جاءت بصيغة المجاز، أو بلغة التشبيه. فمثلاً يقول بطرس الرسول: " اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ ". (1بطرس 5: 8) فبطرس لم يقل أن إبليس أسد بل قال كأسد مشبهًا إياه بالأسد. وهناك آيات كثيرة فيها تشبيه أو مجاز يجب أن تلتفت إليها. * -5- اقرأ الكتاب المقدس باعتباره وحدة مرتبطة بخيط ذهبي. فأنت لن تفهم سفر رؤيا يوحنا، آخر أسفار الكتاب المقدس، إلا إذا قرأت سفر التكوين، أول أسفار الكتاب المقدس. ولن تفهم الرسالة إلى العبرانيين إلا إذا قرأت سفر اللاويين. وهكذا ترى وحدة الكتاب التي شهد لها يسوع المسيح إذ استخدم آيات من سفر التثنية ويونان، وإشعياء، ودانيآل، ليعلن عن وحدة الكتاب المقدس وصدق وحيه. * -6- اقرأ الكتاب المقدس لتعرف شخصياته وموضوعاته. اعرف نوح، وإبراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وغيرهم من شخصيات الكتاب المقدس. تعلّم إيمانهم، وتعلّم أيضًا من سقطاتهم وضعفاتهم، وسترى أمانة الوحي في ذكر نقاط القوة والضعف في شخصيات الكتاب المقدس. ومع دراستك لشخصيات الكتاب المقدس، ادرس موضوعاته المتعددة: الإيمان، الخلاص، الصلاة، الصراع مع قوات الظلام، السلوك في النور، القلق، التفكير السليم... إن الكتاب المقدس جامعة كبرى، وكل سفر فيه له رسالة. فسفر التكوين هو سفر البدايات، وسفر الجامعة هو سفر بطلان كل ما هو تحت الشمس، وسفر الأمثال هو سفر الحياة العملية، وسفر أيوب هو السفر الذي يزيح الستار عن سبب آلام القديسين، وسفر أستير هو سفر يد الله المخفية. إن الكتاب المقدس يبهر العقل. هو سيف الروح، وهو نور في طريق المؤمن. طوبى لمن يقرأه ويتلذّذ به، ويفهمه! * -7- اسأل خدام الرب المتعمّقين في فهم كلمته عن ما يتعذّر عليك فهمه لما سأل فيلبس وزير مالية الحبشة : "ألعلّك تفهم ما أنت تقرأ؟" أجاب الوزير باتضاع: "كيف يمكنني إن لم يرشدني أحد؟". فابحث عن خادم للمسيح متعمّق في فهم كلمة الرب، ليشرح لك ما يعسر عليك فهمه. والرب تبارك اسمه أعطى هبات متنوّعة للمدعوّين لخدمته... لأجل تكميل القديسين، "وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ. كَيْ لاَ نَكُونَ فِي مَا بَعْدُ أَطْفَالاً مُضْطَرِبِينَ وَمَحْمُولِينَ بِكُلِّ رِيحِ تَعْلِيمٍ، بِحِيلَةِ النَّاسِ، بِمَكْرٍ إِلَى مَكِيدَةِ الضَّلاَلِ بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ". (أفسس 11:4-15) * ثالثـًا: المجد الذي سيناله الفاهمون إذا كنت من الفاهمين لما تقرأه في الكتاب المقدس، فإن هناك مستقبلاً مجيدًا ستناله في الأبدية، تعلنه الكلمات: "وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ، وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ" (دانيآل 3:12). فإذا قرأت الكتاب المقدس بفهم وعمق فستضيء في الأبدية كضياء الجلد، بمعنى أنك ستكون كوكبًا لامعًا بين المؤمنين. فلعلّ هذا الوعد يدفعك للاجتهاد لفهم ما تقرأ من الكتاب المقدس وتكريس الوقت الكافي لدراسته كل يوم. * * * يارب أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
04 - 12 - 2016, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 15224 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبى السماوي �أبى السماوي، هب لي أن تُشفي جراحات نفسي. �وهبتني الميلاد الجديد، وأقمتني ابنًا لك، في مياه المعمودية. �نزعت عني الحربة القاتلة لنفسي، وغفرت كل خطاياي! �من يشفي جراحات نفسي سواك،يا طبيب النفوس والأجساد؟ �لتمتد يدك فتشفيني من جراحاتي اليومية. �فأنعم في كل يوم بمجدٍ فوق مجدٍ،حتى أصير بالحق أيقونة لك! �نزعت عداوتي لك،والآن هبني أن أسلك كابنٍ لك وليس كعدوٍ |
||||
04 - 12 - 2016, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 15225 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبى السماوي 🙏�أبى السماوي، هب لي أن تُشفي جراحات نفسي. 🙏�وهبتني الميلاد الجديد، وأقمتني ابنًا لك، في مياه المعمودية. 🙏�نزعت عني الحربة القاتلة لنفسي، وغفرت كل خطاياي! 🙏�من يشفي جراحات نفسي سواك،يا طبيب النفوس والأجساد؟ 🙏�لتمتد يدك فتشفيني من جراحاتي اليومية. 🙏�فأنعم في كل يوم بمجدٍ فوق مجدٍ،حتى أصير بالحق أيقونة لك! 🙏�نزعت عداوتي لك،والآن هبني أن أسلك كابنٍ لك وليس كعدوٍ |
||||
05 - 12 - 2016, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 15226 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإيمان والدّم الجديد!.
نقيم، اليوم، يا إخوة، عيدًا للقدّيسة العظيمة في الشّهيدات بربارة، وللقدّيس يوحنّا الدّمشقيّ. هذا الإنجيل، الّذي تُلي على مسامعكم، يُقرأ، عادة، في تذكار الشّهيدات. كأنّ القول هو إنّ المرأة تُشفى، إن التصقت بالرّبّ يسوع، وسمعت كلامه. هذا، بمعنى، ما فعلته مريم أخت لعازر، حين جلست عند قدمي الرّبّ يسوع تسمع كلامه. من جهة ثانية، المرأة هي رمز الأرض. الأرض، عند الإغريق، قديمًا، مجسَّمة بالإلهة “چِيا” (Gaea)، أمّ وزوجة “أورانوس” (Uranus)، أي السّماء!. عمليًّا، بإمكاننا أن نرى أنّ هذه المرأة، النّازفة الدّم، هي صورة عن الأرض، عن البشريّة جمعاء، الّتي ما فتئت تنزف، منذ السّقوط. الدّم هو علامة الحياة. في العهد القديم، كانت الحياة تُعتبَر في الدّم. فإذا ما كان الإنسان في وضع النّزف، فهذا معناه أنّه يموت باستمرار. الإنسان، منذ مولده، تبدأ حركة الموت فعلها فيه. صحيح أنّ الحياة تتجدّد، يومًا بعد يوم؛ لكنّ هذه الحياة، بطبيعتها السّاقطة، أصبحت مائتة، تسير بالإنسان نحو الموت بتواتر!. الفترة الّتي قضتها هذه المرأة وهي تنزف كانت اثنتي عشرة سنة. هذا رقم كامل. الإنسان يبقى في وضع النّزف، إلى أن يحين زمان افتقاده. ماذا يعني هذا القول؟ طبعًا، زمان افتقاد الإنسان ليس اعتباطًا. إنّما الرّبّ شاء أن يبقى الإنسان في وضع النّزف، بعد السّقوط، حتّى ينمو بالألم المدعَّم بنعمة الله. نعمة الله، في كلّ الأحوال، لا تغادر الإنسان. تعمل فيه بطريقة سرّيّة. هي محبّة الله تفعل ذلك. لولا نعمة الله، لما كان الإنسان قادرًا على أن يثبت في الحياة يومًا واحدًا. إذًا، هناك تدبير من قبل الرّبّ الإله، الّذي لا يُسَرّ بألم الإنسان، ولا بعذابه، ولا بموته. لكن، بعدما استبان آدم أعجز من أن يثبت في الحالة الفردوسيّة الّتي كان فيها، كان لا بدّ للرّبّ الإله من أن يبتدع طريقة أخرى، لكي يبثّ، في الإنسان، التّوق إلى الفردوس، من خلال الألم، من خلال الموت، من خلال الصّليب، الّذي كان، إلى يسوع المسيح، علامةً للّعنة والموت. لكنّ الرّبّ يسوع، إذ اقتبل لعنة الموت في جسده، عن إرادة، طبعًا، جعل الصّليب مشبَعًا بفردوس محبّته. هكذا، الصّليب، الّذي هو علامة الألم والموت، جاء بالفرح إلى كلّ العالم. الرّبّ يسوع سكب حبّه، كاملاً، على الصّليب. المرأة كابدت كثيرًا من أطبّاء كثيرين. الإنسان في سعي دؤوب لمقاومة الألم والموت. كلّ حياته صراع ضدّ الألم والموت، إنّما من دون جدوى. كابدت هذه المرأة، كابدت البشريّة كثيرًا من أطبّاء كثيرين. الإنسان يظنّ أنّه يلقى جوابًا من هنا أو من هناك، من خلال فلان أو من خلال آخر؛ إنّما لا جواب، على الأرض، لهموم الإنسان، ومشكلاته، وآلامه، ومعاناته، وموته. “كابدت كثيرًا من أطبّاء كثيرين، وأنفقت كلّ ما لها، ولم تستفد شيئًا”. الإنسان يفقد كلّ ما له، ينفقه بلا فائدة، ولا يستطيع أن يخرج من هذه الدّوّامة. “لم تستفد شيئًا، بل صارت إلى حال أسوأ”. هذا معناه أنّ الإنسان، ما لم يسلك في السّبل الإلهيّة، بل بحث عن سبل أخرى، فإنّ حاله تسوء. لا نقول، فقط، إنّه لا ينتفع شيئًا، إنّما حاله تسوء، أيضًا. هذه، سمعت يسوع، أي الكلمة، حين كانت في الجمع. لم تأتِ، فقط، لتُشفى. النّاس، عادة، عندما يطلبون الشّفاء، يتوقّفون عن سماع ما لا علاقة له بشفائهم!. أمّا هذه المرأة، فقد سمعت، أوّلاً. سمعت، وفهمت، وأدركت. ولأنّها سمعت جيّدًا، الكلمة الّتي سمعتها جعلت الرّوح يتحرّك فيها. إذ ذاك، تصرّفت، على غير ما كانت تتوقّع. أغلب الظّنّ أنّ هذه المرأة، عندما بادرت إلى الاقتراب من يسوع من خلفه، ومسّت ثوبه، كان هذا الفكر، في نفسها، ابن ساعته. لم تكن قد أتت إلى يسوع عن سابق تصوّر وتصميم، لتفعل ما فعلته. كأنّ روح الله، في الكلمة الّتي سمعتها من يسوع، دفعها إلى أن تأتي بين الجمع من خلفه، لتمسّ ثوبه. “قالت في نفسها: إنّي إن مسست ولو ثيابه برئت”. في الحقيقة، الإنسان عندما يكون في وضع الألم، يكون مهيَّأً لسماع الكلمة الّتي تشفي بطريقة حيّة. مثلاً، إذا كان الإنسان في وضع الصّحّة والعافية، وكلّمه النّاس عن الأطبّاء، فإنّه يتّخذ منهم موقفًا أقرب إلى الموقف النّظريّ؛ في حين أنّه، إذا كان مريضًا، “مضروبًا” في جسده، فإنّه يتّخذ موقفًا مختلفًا تمامًا. الطّبيب، بالنّسبة إليه، يصبح أداة أحشائيّة للشّفاء، أداة للحياة، شبه إله، بمعنى. الإنسان يصبح حسّاسًا لِما يسمع، بشكل مميّز. “مسّت ثوبه”. الثّوب، في الحقيقة، ليس، فقط، ما يتغطّى به الإنسان، ما يستدفئ به. الثّوب، في الحقيقة، لأنّه يلتصق بالبدن، يصبح امتدادًا له. الحرارة الّتي في البدن تمتدّ إلى الثّوب. لذا، مَن مسّ ثوب أحد، فقد مسّه هو. الإنجيل، هنا، هو من مرقس. في إنجيل متّى، مثلاً، الكلام هو: “إن مسستُ هدب ثوبه، برئت”. لماذا، يا ترى، يأتي إنسان وينحني إلى الأرض، ليمسّ هدب ثوب إنسان آخر؟!. هذا لا شكّ لافت للنّظر. إذا كان يريد أن يعمل ما يعمله في الخفاء، فلماذا يظهر، أو يجعل نفسه في وضع مَن يستبين لعيون النّاس في ما يفعل؟ الحقيقة أنّ هدب الثّوب، أو طرف الثّوب كان، عادة، بالنّسبة إلى اليهود، علامةً لحفظ الشّريعة. الّذين كانوا غيارى على حفظ الوصايا كانوا يجعلون في أثوابهم شراريب، من بينها كريات صغيرة، لونها أزرق. في سفر التّثنية، الكلام هو على شراريب إسمنجونيّة. إذًا، هذا يشير إلى التّقى، إلى حفظ الوصيّة. ليس مستبعَدًا أن يكون الرّبّ يسوع قد جعل على بدنه ثوبًا فيه شراريب؛ لأنّ الرّبّ يسوع، في كلّ حال، كان يسعى، دائمًا، للسّلوك وفقًا للشّريعة. هو لم يأتِ لينقض الشّريعة، بل ليكمّلها. الفرّيسيّون كانوا هم الّذين يعطون الأمورَ تفاسيرَ لا تتّفق مع روح العهد القديم. إذًا، هذه المرأة لاحظت، في نفسها، أنّ هذا معلّم على تقًى كبير؛ ما يعني أنّه في مستوى هذه الشّراريب الّتي يلبس. هو لا يلبسها من باب الظّهور بمظهر التّقى، بل هو تقيّ بالفعل. كأنّها، إذا مسّت هدب ثوبه، مسّت النّعمة الّتي تمثّلها هذه الشّراريب. “قالت: إنّي، إن مسست ولو ثيابه، برئت”. الرّبّ يسوع، حين صعد إلى الجبل، وتجلّى قدّام تلاميذه، صارت ثيابه تلمع كالشّمس. إذًا، الرّبّ يسوع، هنا، حاضر في ثيابه. من جهة أخرى، نعلم أنّ جسد الإنسان هو بمثابة ثوب له. إذا تكلّمنا على روح الإنسان، فالجسد يكون ثوبه. إذًا، “إن مسست ولو ثيابه، برئت”. قالت هذا الأمر، في نفسها، إنّما بيقين. لهذا السّبب، قال لها الرّبّ يسوع: “إيمانك أبرأك”. القول الإلهيّ هو: “مَن قال لهذا الجبل، وهو لا يشكّ في نفسه: انقلع وانطرح في البحر؛ فإنّه يكون له، لأنّه ليس شيء غير مستطاع للمؤمن”. إذًا، لم تأتِ المرأة في وضع التّردّد، بل في وضع اليقين. تُرى، أكان يمكن أن تكون على هذا اليقين، لو لم تكن قد عانت اثنتي عشرة سنة؟!. أغلب الظّنّ، لا!. الإنسان يحتاج، في الحقيقة، إلى أن يعاني، إلى أن يتألّم!. أمر مستغرَب، طبعًا، لكنّه حقيقيّ جدًّا: أنّ اليقين يأتي من معاناة!. كلّما كبرت معاناة الإنسان، زاد تهيّؤه لأن يكون على يقين، في تعاطيه الرّبّ الإله!. “وللوقت، جفّ مسيل دمها”. لفظة “للوقت” من مزايا مرقس الإنجيليّ، الّذي يعطي، دائمًا، الانطباع أنّ مَن يتعاطى الرّبّ يسوع، مَن يأتي إلى الرّبّ يسوع، مَن يأتي إليه الرّبّ يسوع؛ فإنّ التّغيير عنده يتمّ بالكامل، للوقت. الله لا يشفي الإنسان كما تشفيه الأدوية، مثلاً، أي بصورة تدريجيّة. لكن، طبعًا، هذا لا يعني أنّ الرّبّ الإله لا يدبّر، أحيانًا، أن يكون شفاء الإنسان تدريجيًّا. إنّما هذا لكي يجعل الإنسان يترسّخ في الإيمان. إذًا، هذا يكون لسبب روحيّ، ولا يكون لعجز الله عن أن يشفي بصورة سريعة، للوقت. “وفي الحال، شعر يسوع، في نفسه، بالقوّة الّتي خرجت منه”. لأوّل وهلة، يبدو كأنّ الرّبّ يسوع لا يملك على القوّة الّتي فيه. هذا، في الحقيقة، شيء جميل جدًّا، لا يشير، أبدًا، إلى كون هذه القوّة الّتي فيه آليّة. لكنّ محبّته كاملة وفيّاضة، إلى درجة أنّ الإنسان بإمكانه أن يختلس الله اختلاسًا. هو ليس بحاجة، في الحقيقة، إلى أن يدخل في مساومة مع الله؛ لأنّ الله روح، في الدّرجة الأولى، والله روحه ينفذ إلى عمق كيان الإنسان؛ وبحسب الرّوح الّذي في الإنسان، يتحرّك روح الله تلقاءً!. هذه المرأة كانت مؤمنة. لذلك، للحال، تحرّك روح الرّبّ في يسوع. خرج روح الله، أو خرجت قوّة من الرّبّ يسوع، وشفت المرأة!. التفت يسوع، كأنّ ما حدث له كان بمثابة ردّ فعل. في الحقيقة، الأمران صحيحان: الرّبّ يفعل، والرّبّ يتصرّف كأنّ فعله ردّ فعل!. “فالتفت إلى الجمع، وقال: مَن مسّ ثيابي؟”. كيف يمكن الرّبّ يسوع أن يكون فاعلاً، وأن يتصرّف كما لو كان فعله ردَّ فعل؟!. “مَن مسّ ثيابي؟”، كأنّه لا يعرف!. هو يعرف، في الحقيقة، لكنّه، هنا، لا يمثّل!. نحن لا نفهم كيف اتّحد لاهوته بناسوته. نحن نعرف أنّ هذا حاصل. وعندما نقرأ قولاً من هذا النّوع، فهذا يؤكّد أنّ الرّبّ يسوع ناسوته كان مميَّزًا عن لاهوته، لا منفصلاً عنه، على الإطلاق. ناسوته كان ناسوتًا فاعلاً بكلّ معنى الكلمة. يسوع كان إلهًا وإنسانًا معًا. لم يسلك، فقط، كإله، بل كإنسان، أيضًا. وأعود فأكرّر: هذا ليس من باب التّمثيل!. كيف يحدث؟!. نحن لا نعرف. لكنّ هذا يحدث، كما هو الحال هنا. قال: “مَن مسّ ثيابي؟”. قال ذلك، بالضّبط، كإنسان. وإذ قال ما قاله، كان يسأل كمَن لا يعرف. كيف يعرف الإنسان ولا يعرف، في آن معًا؟!. نحن لا نعرف!. لكنّ هذا حاصل في يسوع المسيح. “من قِبل الرّبّ كان هذا، وهو عجيب في أعيننا”. نحن نقف مدهوشين، في كلّ حين، بإزاء هذه الوحدة الحاصلة بين لاهوت يسوع وناسوته. “فقال له تلاميذه: أنت ترى الجمع يزحمك، وتقول: مَن مسّني؟”. طبعًا، الرّبّ يسوع كان يتكلّم في مستوى، وتلاميذه كانوا يتكلّمون في مستوى آخر. الرّبّ يسوع شعر بأنّ ثمّة مَن مسّ لاهوته، في جسده، بمعنى!. وهم كانوا يظنّون أنّ الموضوع موضوع بشريّ بحت!. “الجمع يزحمك، وتقول: مَن مسّني؟ فلم يجبهم”. أحيانًا كثيرة، الرّبّ يسوع يلقي كلمته، فلا يفهمها التّلاميذ. لكن، يأتي وقت، حين يعطي روح الرّبّ التّلاميذ فهمًا لِما سبق للرّبّ يسوع أن فعله أو قاله هنا وثمّة. “فأدار يسوع نظره ليرى الّتي فعلت ذلك”. هو رآها في قلبه، لكنّه أراد، أيضًا، أن يراها بعينيه!. الرّبّ يسوع لا يكتفي بأن يرى الإنسانَ في قلبه، في روحه. يريد، أيضًا، أن يراه بعينيه!. في مكان آخر من مرقس، نرى أمرًا جميلاً جدًّا: ذاك الإنسان، الّذي كان أخرس وأصمّ، أخذه الرّبّ يسوع، وجعل إصبعيه في أذنيه!. لم يكن بحاجة إلى ذلك. لكنّ هذا كلّه تأكيد على أنّ الرّبّ يسوع إنسان، بكلّ معنى الكلمة. هو لا يتعاطى الإنسانَ بالرّوح، فقط. هو يتعاطاه، أيضًا، بالجسد!. هنا، “أدار نظره ليرى الّتي فعلت ذلك؛ فخافت المرأة وارتعدت لِعِلمها بما حدث لها”. طبعًا، بحسب الشّريعة، عندما تكون المرأة في دمها، فلا يجوز لأحد أن يمسّها، ولا أن يمسّ شيئًا من ثيابها، وإلاّ تنجّس، وكان عليه أن يقدّم تقدمةً في الهيكل، ليتحرّر من نجاسته. هنا، بإمكان الواحد منّا أن يقول إنّ المرأة فعلت ما فعلت، لأنّها لم ترد أن تحرج المعلّم؛ لأنّ فعلها قد يسبّب له إرباكًا. لكن، في الحقيقة، ما حرّكها كان شيئًا آخر!. كان روح الله هو الّذي تحرّك فيها، وحرّكها؛ لتتصرّف بالطّريقة الّتي تصرّفت بها. “فخافت وارتعدت لعلمها بما حدث لها”. لم تقل كلمةً، إلى أن جاءت وخرّت له، واعترفت: “قالت له الحقّ كلّه” على مسمع من الجميع. كأنّها شعرت بأنّ روحها مكشوفة للمعلّم!. طبعًا، كان يمكن بعض الحاضرين أن يقولوا إنّ هذا مخالف للشّريعة. لكنّ هذه المرأة برئت!. شفاؤها أخرس مَن كان يمكن أن يعترض. “فقال لها يسوع: يا ابنة، إيمانك أبرأك”. الموضوع ليس، فقط، أن يتوقّف سيل دمها. الموضوع هو أنّ روحها قد شُفيت، كيانها قد شُفي. “إيمانك أبرأك”!. في كلّ حال، كلّ معاناة الإنسان في الجسد والنّفس مصدرها معاناة الإنسان في الكيان. الإيمان يُبرئ الكيان. الرّبّ يسوع لم يأتِ ليكون طبيبًا للأجساد فقط. جاء لأنّه هو طبيب النّفوس والأجساد. أراد أن يشفي الإنسان من الأعماق!. “فقال لها: إيمانك أبرأك، اذهبي بسلام”. أوّل الأمر، أعطاها أن يتوقّف نزف دمها. الآن، أعطاها سلامه: “سلامي أعطيكم، لا كما يعطي العالم”. “كوني معافاة من دائك”. نفسها شُفيت. الرّبّ يسوع بثّها الخلاص، بثّها نفسه!. أعطاها نوره لكي تقيم فيه. تمجّد الله. الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي، دوما – لبنان |
||||
05 - 12 - 2016, 06:09 PM | رقم المشاركة : ( 15227 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عزرا القائد الناجح
خلفية تاريخية أدَّب الرب بني إسرائيل قديماً بالسبي في بابل لمدة سبعين سنة، من السنة الأولى لنبوخذ نصر ملك بابل حتى السنة الأولى لكورش ملك فارس. وعند نهاية السبعين سنة، استخدم الرب كورش الفارسي لإصدار قرار بعودة من يرغب من الشعب إلى أورشليم. وكان هذا سنة 536 ق.م تقريباً. ورجع أولاً حوالي 50 ألفاً من الشعب مع زربابل (عزرا2: 64 ،65). ثم بعد ذلك رجع حوالي 1800 مع عزرا (عزرا 8: 1-14). وأخيراً رجعت بقية أخرى مع نحميا (نحميا2 ،3). من هو عزرا؟ عزرا هو كاهن من نسل العازار بن هارون رئيس الكهنة الذي من سبط لاوي (عزرا 7: 1-5). وهو كاتب ماهر في شريعة موسى التي أعطاها الرب إله إسرائيل. ومعنى اسمه «عون»، وأعتقد أنه كان اسماً على مسمى، إذ تكررت في تاريخه عبارة «يد الله الصالحة عليه»، واليد تعني أساساً معونة الرب له. وقد قاد جماعة من الشعب للصعود إلى أورشليم حوالي 457 ق.م. وأعتقد أن سر استخدام الرب له يكمن في القول: «لأن عزرا هيّأ قلبه لطلب شريعة الرب، والعمل بها، وليعلِّم إسرائيل فريضة وقضاءً» (عزرا 7: 10). لاحظ معي الآتي: * هيّأ قلبه: أي أعدَّه وجهّزه. أعده لأمور الله، وفرّغه من كل أهداف أخرى للحياة. * لطلب شريعة الرب: كان يفحصها ويدرسها ويحفظها. * والعمل بها: تعلَّمها بغرض أن ينفِّذها في حياته، لذا كانت أفكاره وأفعاله مدموغة بالأفكار الإلهية. * وليعلِّم إسرائيل فريضة وقضاء: فقد رغب أن يرى شعبه يُظهِر، بصورة علنية، انتماءه لله في سلوك يتفق والشريعة. ملامح القائد الناجح 1- شخص يتمتع بقوة الله معه: «حسب يد الله الصالحة عليه» (عزرا 7: 9 ،28). وكلمة «يد الله» تعني أمرين: الحفظ الإلهي، والمعونة الإلهية. الحفظ الإلهي صلى لأجله يعبيص قبلاً: «وتكون يدك معي، وتحفظني من الشر حتى لا يتعبني» (1أخبار الأيام4: 10). والمعونة الإلهية طلبها المرنم: «لتكُن يدك لمعونتي، لأنني اخترت وصاياك» (مزمور119:173). 2- شخص يدرك أن الصلاة هي السلاح الفعال في خدمة الرب، وإنها لا بد أن تقترن بالصوم متى كان الأمر خطيراً (عزرا 8: 21). 3- شخص يعرف أن الثقة في الله والاتكال الكلي عليه لا يمكن أن تُستبدل بأي معونة بشرية. فلقد عرض عليه الملك جيشاً وفرساً لينجدوه في رحلته الخطيرة إلى أورشليم، لكنه بكل اليقين والثقة في الله أجابه: «إن يد إلهنا على كل طالبيه للخير، وصولته وغضبه على كل من يتركه» (عزرا 8: 22). 4- شخص أمين في عمله وناجح في علاقته برؤسائه، فحاز ثقة الملك الكلية، حتى أنه أوكل إليه مهمة خطيرة، وأودع بين يديه مبالغ كبيرة (عزرا 7: 13-21). 5- شخص ذو تأثير إيجابي قوي على إخوته، فيقودهم لما يمجِّد الله وما يُنجح الشهادة (عزرا 8: 15؛ 9: 4؛ 10: 1). 6- شخص له غيرة روحية عظيمة على شعب الله، فلا يتحمَّل أن يرى الشر في وسطه، ولا يقابل ذلك باللامبالاة أو الاستخفاف (عزرا 9: 1-5؛ 10: 5-17). أحبائي؛ إن الرب لن يستخدم شخصاً لم يبادر أولاً ويعطي قلبه بالتمام له. |
||||
05 - 12 - 2016, 06:11 PM | رقم المشاركة : ( 15228 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
زربابل بن شألتيئيل
«لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود» (زكريا 4 :6). هل تعلم من هو الشخص الذي قيلت له هذه العبارة الشهيرة؟ إنه... زربابل بن شألتيئيل * أول قائد لأول جماعة من المسبيين ترجع من بابل إلى أورشليم، وقد عيّنه كورش، ملك فارس، حاكمًا للشعب في يهوذا (عزرا 1؛2). * تكرر اسمه في سفر عزرا ونبوتي حجي وزكريا، وهي أسفار تتحدث عن البقية التي رجعت من السبي. وقد جاء ذكره أيضًا في سلسلة نسب المسيح في متى1؛ لوقا3، وهو من نسل داود. * زربابل اسم أكادي معناه «زرع بابل» أي الذي وُلد في بابل، وشألتيئيل اسم عبري معناه «سألت الله». إنجازات عظيمة رغم المفشلات الكثيرة * لم يعد المسبيون من بابل دفعة واحدة إلى أورشليم، بل انقضت خمسون سنة تقريبًا بين الفوج الأول والثاني. فبعد أن أصدر كورش الفارسي قراره بالعودة، رجع نحو خمسين ألفًا تحت قيادة زربابل عام 538 ق.م. * وقد كان اهتمام زربابل الأول هو بناء هيكل الرب. فلم يَقُم أولاً بأية اصلاحات سياسية أو اجتماعية، إذ أدرك الأهمية القصوى لإعطاء الرب حقه. ويقول الكتاب إنهم بنوا المذبح ليصعدوا عليه محرقات، وأقاموا المذبح في مكانه، لأنه كان عليهم رعب من شعوب الأراضي، وأصعدوا عليه محرقات للرب، وحفظوا عيد المظال كما هو مكتوب. * ثم في السنة الثانية من رجوعهم، وضع زربابل أساسات بيت الرب في احتفال عظيم (اقرأ عزرا 3). إلا أنه، بسبب مقاومة الأعداء وتراخي الشعب، توقف العمل بضعة سنوات. لكن الرب شجّع زربابل بواسطة النبيين حجي وزكريا، فعاد وأكمل بناء بيت الرب (عزرا 6). * قام زربابل بهذا العمل العظيم رغم المفشلات الكثيرة التي واجهته: 1- فقد كانوا جماعة قليلة العدد وضعيفة الإمكانيات، إلا أنه «ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل» (1صموئيل41 :6 ). 2- كانت أورشليم في حالة خراب شديد، إذ كانت أسواراها منهدمة وجميع قصورها محروقة، وكان الهيكل حطامًا إذ كان قد أُحرق بالنار، لكن هذا المشهد لم يُفشِّله، وكأنه يرفع الشعار: «لأن الله لم يعطنا روح الفشل» (2تيموثاوس 1 :7). 3- كانوا محاطين بأعداء كثيرين أعظم وأقوى منهم، لكن زربابل لم يضع اعتبارًا لرعبهم، بل تشدد بالرب وكأنه يقول «الرب معين لي فلا أخاف. ماذا يصنع بي إنسان؟» (عبرانيين31 :6 ). مشجعات ثمينة ونتائج مجيدة وضع عزرا حجر الأساس لبيت الرب، ثم توقف العمل عدة سنوات، فأرسل له الرب رسائل مشجعة بواسطة حجي وزكريا النبيين. * حجي2 :4، 5 «فالآن تشدد يا زربابل يقول الرب... واعملوا فإني معكم يقول رب الجنود، حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر، وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا». * زكريا 4 :6-10 «هذه كلمة الرب إلى زربابل قائلاً: لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود. من أنت أيها الجبل العظيم؟ أمام زربابل تصير سهلاً». كانت الصعوبات تعترض طريقه كالجبل الشامخ، والرب لم يطلب منه أن يتجاهلها بل أن يتحول عنها إلى الرب وقدرته. إن الثقة في الرب ليست أن نتجاهل الصعوبات أو نهرب منها، بل أن نستحضر الرب في مواجهتها. أ لم يعلِّمنا المسيح، «الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم» (متى 17 :20)؟ * «وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: إن يديّ زربابل قد أسستا هذا البيت فيداه تتممانه... لأنه من ازدرى بيوم الأمور الصغيرة» (زكريا 4 :8-10). كان هذا وعدًا صريحًا من الرب أنه سيتمم بناء البيت وسيكمل ما بدأه. يبدو أنه في البداية شعر بضآلة العمل وربما أحس بصغر النفس، لكن الرب يضع مبدأ هامًا: إلا نزدري بالخدمة البسيطة، فيومًا لا بد أن نرى أثمارًا ونتائج عظيمة. |
||||
05 - 12 - 2016, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 15229 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوشيا
من هو * هو آخِر ملك تقي تبوأ عرش مملكة يهوذا، قبل أن يسبيهم ملك بابل، وكان هذا حوالي سنة 634 ق.م. * جاءت عنه نبوة قبل ميلاده بحوالي 300 سنه، ذُكر فيها اسمه، وما سيفعله بالتحديد (1ملوك 13: 2 )، وقد تمّت كلمات النبوة بحذافيرها، إذ لا يمكن أن تسقط كلمة واحدة من أقوال الله. * ملك في سن الثامنة، ومات في سن التاسعة والثلاثين، ورغم صغر سنه إلا إنه ترك أثراً عظيماً في المملكة. «وأزال يوشيا جميع الرجاسات من كل الأراضي التي لبني إسرائيل، وجعل جميع الموجودين في أورشليم يعبدون الرب إلههم. كل أيامه لم يحيدوا من وراء الرب إله آبائهم» (2أخبار34:33). * كان معاصراً للنبي إرميا (إرميا 1: 2 ). وكان كل منهما صغيراً في السن، إلا إن الرب قصد أن يستخدمهما في أعظم المهام، رغم شر الأيام وتردي الشعب في عبادة الأوثان. * معني اسمه: "الذي يعضّده الرب". وقد كانت يد الرب معه بصورة ملحوظة، فأمكنه أن يُطهِّر المملكة من العبادة الوثنية، وأن يرمِّم بيت الرب، وأن يقود الشعب لطاعة الشريعة، ثم أن يعمل فصحاً للرب لم يُعمَل مثله من أيام صموئيل النبي (من قبل حوالي500 سنه). * لخّص الوحي حياته في عبارة مؤثرة جديرة بالتأمل «ولم يكن قبله ملك مثله قد رجع إلي الرب بكل قلبه وكل نفسه وكل قوته حسب شريعة موسى، وبعده لم يَقُم مثله» (2ملوك 23: 25 ). تواريخ هامة في حياته * في سن السادسة عشرة: ابتدأ يطلب إله داود أبيه. كان ما يزال فتى، واتجه نحو الرب راغباً في معرفته ومشتاقاً للعلاقة معه، بل أراد أن يعبده ويكرمه كما فعل جده الأول داود. وبهذا وضع الأساس المتين لكل إنجازاته التالية. وقد أكرمه الرب وتمّم معه وعده: «تطلبونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلبكم، فأوُجد لكم يقول الرب» (إرميا 29 :13 ،14) * في سن العشرين: ابتدأ يطهِّر المملكة من الأوثان. امتلأ قلبه بالغيرة لله، ولم يحتمل أن يرى العبادة الوثنية وقد استشرت في المملكة، فبدأ التطهير الشامل منها «ابتدأ يُطهِّر يهوذا وأورشليم من المرتفعات والسواري والتماثيل والمسبوكات. وهدموا أمامه مذابح البعليم، وتماثيل الشمس التي عليها من فوق قطّعه،ا وكسّر السواري والتماثيل والمسبوكات ودقّها ورشّها علي قبور الذين ذبحوا لها. وأحرق عظام الكهنة علي مذابحهم، وطهَّر يهوذا وأورشليم» (2أخبار43:3-5). إن النتيجه التلقائيه للعلاقة القلبية مع الرب هي رفض كل صنم واستبعاد كل معبود. إن يسوع المسيح هو الإله الحق والحياة الأبدية، وهو لا يحتمل أن يشاركه في القلب غرض آخر. لذا يقول الكتاب «أيها الأولاد احفظوا أنفسكم من الأصنام» (1يوحنا 5: 12). * في سن السادسه والعشرين: ابتدأ يرمم بيت الرب. دبفطنة روحية اتجه لترميم بيت الرب، بعد أن طهَّر الأرض. وكان هذا هو الترتيب الصحيح، فلا يمكن عبادة الرب والأوثان تملأ الأرض. وقد أدرك يوشيا أهمية هيكل الله، فلذا أولى بيته اهتماماً خاصاً. وفي أثناء الترميم تم العثور على نسخة من سفر الشريعة (أسفار موسى الخمسة). وبمجرد أن سمع الملك كلمات الشريعة مزّق ثيابه، وأرسل يسأل الرب من جهة القضاء المُعلَن فيها. وجاءته إجابة الرب بواسطة خلدة النبيه: «من أجل أنه قد رَقَّ قلبك، وتواضعْت أمام الله حين سمعت كلامه. على هذا الموضع وعلى سكانه، وتواضعت أمامي ومزّقت ثيابك، وبكيت أمامي يقول الرب، قد سمعت أنا أيضاً...» (2أخبار34 :27 ،28). ونتيجة لذلك أرسل الملك وجمع قادة الشعب، وكل الشعب من الكبير إلي الصغير، وقرأ بنفسه كلمات الشريعة. ثم وقف الملك وقطع عهداً أمام الرب للذهاب وراء الرب، ولحفظ وصاياه وشهاداته وفرائضه بكل قلبه وكل نفسه ليعمل كلام العهد المكتوب في سفر الشريعة. * وفي سن التاسعة والثلاثين: انتهت حياته. لقي يوشيا حتفه في معركة مجدو التي لم يدعُه الرب إليها، بل حذره من الدخول فيها. وربما نتساءل: لماذا يموت هذا الملك العظيم شاباً؟ لقد رأي الرب في حكمته أن يضمّه قبل وقوع القضاء الرهيب، و تمّم الرب وعده له: «هأنذا أضمك إلي آبائك فتضم إلى قبرك بسلام... وكل الشر الذي أجلبه على الموضع وعلي سكانه لا ترى عيناك» (2ملوك 22 :20). |
||||
05 - 12 - 2016, 06:18 PM | رقم المشاركة : ( 15230 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عُزيا الملك الذى أسقطه نجاحه
عُـــزّيـا الملك الذي أسقطه نجاحه هو ابن الملك أمصيا ابن الملك يوآش. وقد خلف أباه على عرش يهوذا وهو في السادسة عشرة من عمره، وملك اثنتين وخمسين سنة في أورشليم. وعُزّيا اسم عبري معناه "الرب عزي (أي قوتي)". وسُمّي أيضاً عزريا أي "الرب قد أعان" (2ملوك 15؛ 2أخبار26). وقد ازدهرت مملكة يهوذا بصورة واضحة أيام عزيا. وعلى الرغم من أنه بدأ حُكمه في سن صغيرة (16سنة) إلا أنه نجح نجاحاً عظيماً وحقق إنجازات كثيرة (2أخبار26 :11-15). وينقسم تاريخ عُزيا إلى قسمين متباينين: النجاح ثم السقوط، ولنا في كل قسم دروس هامة. عزيا ونجاحه «وعمل (عزيا) المستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل أمصيا أبوه. وكان يطلب الله في أيام زكريا الفاهم بمناظر الله، وفي أيام طلبه الرب أنجحه الله». لقد بدأ بداءة حسنة، وكان كمعنى اسمه يستمد عونه وقوته من الرب. ساعده على ذلك مرشده ومعلمه زكريا النبي الذي كانت له الإمكانية الخاصة لتفسير الرؤى الإلهية. ولأنه فاهم لمشيئة الله، فقد ترك في عزيا أعظم الأثر، وواضح أنه كان يعين الملك على الدوام على الإحساس بوجود الرب وقوته وسلطانه. ألا نرى الأهمية القصوى للمرشدين والقادة الروحيين؟ ثم ألا نرى خطورة مَنْ نصادقهم ونعاشرهم، والأثر العميق الذي يمكن أن تتركه الصداقة الحكيمة المقدسة؟ إن الشاب الذي يرتبط بقائد روحي صاحب مفاهيم روحية، لا بد أن ينمو نمواً روحياً صحيحاً ويختبر فهماً حقيقياً لأمور الله. قال أحدهم: إذا كانت كلمة الله والضمير المسيحي يقفان خلف حياتنا المسيحية على الدوام، ويرشداننا إلى ما ينبغي عمله، إلا أنه توجد أمور وأوضاع قد تواجهنا يومياً وفيها نحتاج إلى مَنْ هم أكثر نضوجاً واختباراً في الحياة المسيحية. «وكان يطلب الله ... وفي أيام طلبه الرب أنجحه الله». ما هو طلب الرب؟ إنه اللجوء الدائم إليه في كل الأوقات، والاعتماد الكُلّي عليه في كل تفاصيل الحياة. كأنَّ عزيا كان يُردِّد مع جده داود قوله في مزمور72 «لك قال قلبي: قلت اطلبوا وجهي، وجهك يا رب أطلب». وكأنه تمسك بالوعد «وتطلبونني فتجدونني، إذ تطلبونني بكل قلبكم، فأوجد لكم، يقول الرب» (إرميا 29: 13 ،14). لقد كان قلبه موجهاً بالتمام نحو الرب، وتم فيه القول «طوبى لحافظي شهاداته، من كل قلوبهم يطلبونه. أيضاً لا يرتكبون إثماً. في طرقه يسلكون» (مز119 :2 ،3). أنجحه الله! إنها كلمة رائعة، ليس فقط نجاح، لكن نجاح مصدره الله. والنجاح يحلم به كل شاب، وهو النتيجة الطبيعية للتعلّق بالرب. تعلّق يوسف بالرب، رغم قسوة ظروفه، فأنجحه الرب. واستند دانيال على الرب، رغم شرور بابل المُحيطة به، فأنجحه الرب. أخي الشاب.. استمع إلى نصيحة داود في مزمور73 «لا تغِر من الأشرار، ولا تحسد عُمَّال الإثم... وتلذّذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك. سَلِّم للرب طريقك، واتكل عليه، وهو يُجري... انتظر الرب واصبر له، ولا تَغِر من الذي ينجح في طريقه، من الرجل المُجري مكايد». إن الطريق المضمون للنجاح هو السير مع الله. عزيا وسقوطه «وامتد اسمه إلى بعيد إذ عجبت مساعدته حتى تشدد (آزره الله وأعانه وقوّاه بصورة مُدهشة). ولما تشدد ارتفع قلبه إلى الهلاك، وخان الرب إلهه، ودخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور». لم تستمر الصورة الرائعة السابقة لعزيا حتى النهاية. لماذا؟ لقد داخله الغرور والكبرياء بسبب النجاح غير العادي. عجيب هو قلبنا البشري في تقلّبه السريع! وخطير هو النجاح الفائق للمؤمن ما لم يصاحبه الالتصاق بالرب. أ لم يبدأ حياته شاعراً بضعفه مُستنداً على الرب؟ أ لم يختبر يد الرب وهي تساعده وتشدده؟ هل تعلم أخي الشاب أن الكبرياء هي الداء الدفين المتأصِّل في قلوبنا، وأننا في حاجة مستمرة لليقظة والسهر ضدها؟ لقد بدأ سليمان حسناً إذ أعلن قدام الرب ضعفه وقلّة إمكانياته وحاجته للحكمة الإلهية، فأعطاه الرب أكثر مما طلب. لكن للأسف بعد النجاح العظيم تحوّل قلبه عن الرب. أما داود، فرغم كل انتصاراته، حافظ على روح الاتضاع والشعور بالحاجة للرب، وكتب كلماته الرائعة: «يا رب لم يرتفع قلبي، ولم تستَعْلِ عيناي، ولم أسلك في العظائم، ولا في عجائب فوقي» (مزمور131: 1). لقد رفعت الكبرياء عزيا لمحاولة اغتصاب عمل الكهنة، فدخل هيكل الرب ليُصعد البخور على مذبح البخور. وكان هذا الأمر قاصراً على كهنة الرب فقط إذ كانوا مخصَّصين لهذا العمل. لقد كان ملكاً ناجحاً جداً، لكنه بكبرياء قلب واعتداد بالذات لم يكتفِ بهذا، بل أراد أن يكون كاهناً أيضاً، وهذا ما لم يسمح به الله قط. لذا ضربه الرب بالبرص في جبهته وطُرد من الهيكل بلا أدنى كرامة! إنها قصة مؤلمة لكنها تحمل لنا الدرس الخطير: «قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح» (أمثال 16: 18). لذا دعونا نستمع إلى نصيحة الروح القدس «تسربلوا بالتواضع لأن الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة» (1بطرس 5: 5). |
||||