26 - 02 - 2024, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 152151 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث الروح القدس هو الذي كان يعمل في كنيسة الرسل. لذلك كانت كنيسة قوية. وكان حلول الروح القدس عليهم، هو نقطة التحول في حياة الكنيسة. فبعد أن كان الرسل خائفين ومختبئين في العلية، أخذوا قوة في الكرازة وخدمة الكلمة. وقوة في نشر الإيمان والاعتراف به أمام الكل... أخذوا قوة في الكرازة وخدمة الكلمة. وقوة تقف أمام الفلسفات والأديان والبدع، وأمام الولاة والحكام والسلاطين. أخذوا أيضًا قوة في الصلاة، وقوة في الاحتمال وقوة في العمل والسهر والجهاد... |
||||
26 - 02 - 2024, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 152152 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث أن عمل الروح القدس لم تظهر قوته العجيبة في عصر الرسل فقط. إنما نرى مثالًا رائعًا لقوة الروح القدس في القرن الرابع الميلادي وامتداده. نرى ذلك واضحًا في ثلاث نقاط أساسية: عمل الروح في الشهداء واحتمالهم العجيب من أجل الإيمان، وقوتهم في مواجهة الأباطرة والولاة. بل فرحهم في مواجهة الموت، وقدرتهم على احتمال ألوان التعذيب البشعة. وتراتيلهم وهو في الطريق إلى المحاكمات أو إلى الحبس. وتسابيحهم وألحانهم داخل السجون... أية قوة هذه التي أذهلت الناس؟ أنها قوة الروح القدس. قوة الروح القدس العاملة في أبطال الإيمان: هؤلاء الذين شهد عصرهم المجامع المسكونية المقدسة أمثال مجمع نيقية سنة 325م، ومجمع القسطنطينية سنة 381م... ثم في الأول من القرن الخامس. مجمع أفسس سنة 431م، وكيف شهدت تلك الفترة أبطالًا عظامًا عمل فيهم الروح القدس بكل قوة سواء من جهة المعرفة اللاهوتية، أو القوة في الإقناع، أو القوة في مواجهة أعداء الإيمان وفي مواجه الاضطهادات والنفي والعزل وسائر الاتهامات... ونذكر في مقدمة هؤلاء القديس أثناسيوس الرسولي، والقديس باسيليوس الكبير، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، والقديس كيرلس عمود الدين في القرن الخامس... وعدد كبير من هؤلاء القمم، كان الروح القدس يعمل فيهم ومعهم للقضاء على الهرطقات ولولاة قوة الروح فيهم، ما وصل إلينا الإيمان كما نؤمن به الآن. |
||||
26 - 02 - 2024, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 152153 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث تظهر قوة الروح القدس في تلك الفترة في عمله في حياة الرهبنة والنسك. في حياة الرهبان والمتوحدين والسواح الذين امتلأت بهم البراري والقفار، والجبال وشقوق الأرض، في صلوات وتسابيح وأصوام، وانتشرت وأصوام، وانتشرت رائحتهم الزكية العطرة في كل أرجاء المسكونة. وأتى السائحون من كافة الأقطار ليسمعوا كلمات منفعة ينطقها الروح على أفواه هؤلاء النساك. لكي يروا نماذج عالية من أناس عاشوا في حياة الروح، في شركة كاملة مع الروح القدس، يقدموا صورًا مثالية لحياة القداسة، في الهدوء والوداعة والتأمل والسكون والصلاة الدائمة. |
||||
26 - 02 - 2024, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 152154 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث إنه عمل ثلاثي عجيب للروح القدس في الاستشهاد والأيمان والنسك. ظهرت قوة الروح في أوجها: في احتمال الموت والتعذيب، وفي الدفاع عن الإيمان السليم وفي حياة الوحدة والصلاة... كل ذلك في جيل واحد... كما قدم لنا مارجرجس ومارمينا والأمير تادرس ودميانة في مجال الاستشهاد قدم لنا أثناسيوس في اللاهوتيات وذهبي الفم في التفسير، ومارافرام في الشعر، وأغسطينوس في التأمل ... وقدم لنا أيضًا قديسي الرهبنة العظام: الأنبا أنطونيوس والثلاث مقارات والأنبا باخوميوس والأنبا شنوده والأنبا بيشوي والأنبا موسى الأسود، وعشرات القديسين العظام... |
||||
26 - 02 - 2024, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 152155 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث ظهرت قوة الروح القدس فيما أجراه على أيدي القديسين من آيات ومعجزات. ما أكثر العجائب التي كانت تحدث على أيدي القديسين، وللقديسين... ليس فقط في العصر الرسولي، وفي القرنين الرابع والخامس، وإنما في كل العصور بلا استثناء . ويحدثنا القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنثوس عن مواهب الروح القدس التي يهبها "قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12: 11)... في قوات وعجائب ونبوءة ومواهب متعددة، كلها تدل على القوة العجيبة التي للروح، والتي يمنحها للمؤمنين والخدام. وبواسطة هذه الآيات والعجائب انتشر الإيمان وليس بالتعليم وحده... كانت المعجزات برهانًا على صحة الكرازة والتعليم، وعلى أن الله يسند الإيمان بقوة روحه. |
||||
26 - 02 - 2024, 05:00 PM | رقم المشاركة : ( 152156 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث مشكلتنا الحالية أن خدامًا كثيرين يخدمون بكل نشاط وباتساع في المعرفة ولكنهم لا يخدمون بقوة الروح القدس فيهم. ربما يعتمدون على الذكاء البشرى، أو على المعرفة التي من الكتب ليس على الروح. وقد ينطقون عليهم بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، ولكن لا ينطق الروح على أفواههم. ولا ينطبق عليهم قول الرب لتلاميذه " لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). فإن تكلم الروح فيكم، حينئذ ستظهر القوة في كلماتكم. وكمثال لذلك: عظة واحدة ألقاها بطرس الرسول، وهو ممتلئ بالروح، جذبت ثلاثة آلاف نفس إلى الإيمان (أع2: 41). لأن الروح حينما يعمل، إنما يعمل بقوة... بقوة ليست عادية، إنما هي قوة إلهية. ماذا نقول إذن: إن كان خادم لا يخدم بقوة الروح القدس، ولا حتى بروحه البشرية، وإنما بطرق عالمية، فيها الحلية والأسلوب العلماني وربما فيها أيضاُ أخطاء أهل العالم!! هل يمكن لمثل هذا الخادم أن ينجح في خدمته أو ينشر الملكوت؟ كم بالأكثر لو دخل في الخدمة لون من الروتين أيضًا! |
||||
26 - 02 - 2024, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 152157 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث لكي تنجح الكنيسة وتكون قوية ينبغي أن يعمل فيها الروح القدس. من نقطة البدء، إذ يكون الخادم نفسه فيه روح الله، كما كان الشمامسة السبعة (أع6). وأيضًا يستمر عمل الروح مع الخادم في كل مراحل الخدمة، فيدخل في شركة الروح القدس، ويعمل الروح القدس فيه وبه ومعه... وهكذا تكون لخدمته قوة... لا قوة الفصاحة والبلاغة. ولا قوة المعرفة والقراءة... إنما قوة الروح. |
||||
26 - 02 - 2024, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 152158 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث قوة الروح ليست فقط في الخدمة إنما في الحياة الشخصية أيضًا. من صفات أولاد الله أنهم دائمًا أقوياء. على الأقل لأنهم صورة الله ومثاله، والله بطبيعته قوى. وثانيًا لأن أولاد الله هم الذين يعمل فيهم روح الله القدوس. وهو روح القوة (أش11: 2)... وهذه القوة التي لأولاد الله، لا تغنى بها قوة جسدية، إنما قوة في الروح وفي الفكر، قوة في الإرادة وفي العمل . قوة في حياة القداسة وفي الانتصار على حروب الشياطين. قوة في النفس والصعود ، لا نعرف الخوف ولا القلق. وكل هذا يمنحه الروح القدس للإنسان. فإن كنت ضعيفًا، تأكد تمامًا أنك لا تشترك مع الروح القدس الساكن فيك. ولا أقول أن ضعفك يدل على أن الروح القدس لا يعمل فيك... كلا فالروح يعمل. إنما المهم هو تجاوبك أنت مع الروح، هل تعمل معه؟هل تشترك معه في العمل؟ هل تقاومه؟! إن سكنى الروح القدس فيك عبارة عن قوة جبارة. ولكن هل أنت تستخدم هذه القوة أو لا؟ إن حبة القمح فيها قوة الحياة. تظهر هذه القوة، إن وجدت ظروف إنبات مواتية. إن وجدت هذه الظروف من أرض وماء وحرارة وضوء، نبت. وإلا فإن الحياة التي فيها تبقى كاملة أو معطلة. مثال آخر، كالقوة في الذرة، إن وجدت ظروفًا مساعدة، تفجرت أو استخدمت كطاقة معينة. وإلا بقيت حيث هي، طاقة غير مستخدمة. كم من الناس فيهم قوى معطلة؟ قوة الروح فيهم لا تعمل، لأنهم لم يستخدموها. أو لأنهم أحزنوا روح الله الذي فيهم (أف4: 30). أو أطفأوا الروح (1تس5: 19). هذا الذي يضعف أمام أية خطية ويسقط، ما عمل الروح فيه؟ هل هو يستخدم قوة الروح الذي في مسحة الميرون المقدسة؟! أم قوة الروح فيه طاقة معطلة |
||||
26 - 02 - 2024, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 152159 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قداسة البابا شنودة الثالث على أية الحالات، لا تحزن على الماضي، إنما استمع في رجاء إلى قول الكتاب: "أما منتظروا الرب فيجدون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور، يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (أش40: 31). إن فقدت قوة الروح، يمكنك أن تجدد عملها فيك مرة أخرى... أطلب من روح الله أن يعطيكم قوة على التوبة، وقوة على العمل. واشترك أنت في العمل معه... وستنال هذه القوة... لأنه "يعطى المعيي قدرة يكثر شدة" (أش40: 29). وحينما يمنحك الروح هذه القوة ، يمكنك أن تسبح وتغنى مع المرتل وتقول: "قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصًا" (مز118: 14). أخيرًا يا أخوتي... تقووا في الرب، وفي شدة قوته (أف6: 10). |
||||
26 - 02 - 2024, 05:10 PM | رقم المشاركة : ( 152160 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(1) الوحدانية في الزواج (ع 1-9): 1 وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذَا الْكَلاَمَ انْتَقَلَ مِنَ الْجَلِيلِ وَجَاءَ إِلَى تُخُومِ الْيَهُودِيَّةِ مِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. 2 وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ هُنَاكَ. 3 وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟ 5 وَقَالَ: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6 إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7 قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» 8 قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا. 9 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». ع1-2: "عبر الأردن": هى المنطقة الواقعة بجوار نهر الأردن وتسمى بِيرِيَّةَ، وقد سكنها قديما سبط رأوبين وجاد ونصف سبط منسى، وتسمى حاليًا الجولان. بعد تعاليمه التي ذكرها متى البشير في الأصحاح السابق، ترك المسيح منطقة الجليل الواقعة في الشمال، التي قضى فيها ثلاث سنوات تقريبا، وانتقل إلى اليهودية، وهي المنطقة الجنوبية وفيها أورشليم، مارا بجوار نهر الأردن، ولم يتجه سريعا إلى أورشليم، بل دار وتنقّل بهدوء في هذه المنطقة قبل أن يصل إليها. قضى المسيح في هذه الرحلة، من الجليل إلى أورشليم، مدة حوالي ستة أشهر حدثت خلالها أمور كثيرة، ذكرها لوقا ويوحنا، أما متى فذكر أحداث قليلة منها في هذا الأصحاح والأصحاح التالي له. وذكر متى أنه كانت تتبعه جموع كثيرة، فعلّمهم تعاليمه الروحية، وشفى أمراضهم كعادته. ع3-6: هنا كلام واضح عن سر الزواج، الذي أسسه المسيح بحضوره عُرس قانا الجليل في بداية خدمته. وكان الدافع إليه سؤال الفرّيسيّين له عن الأسباب المسموح بها حتى يطلق الرجل امرأته، هل لأي سبب، أم أن هناك أسباب محددة؟ وكانوا يعرفون، من عظته على الجبل، رأيه في عدم جواز الطلاق إلا لعلة الزنا (مت 5: 32). لذا، فإن سؤالهم هذا، ليس لمعرفة الحق، بل ليصطادوا عليه كلمة، لأنه لو منع الطلاق يعتبر كاسرا لناموس موسى الذي يسمح به (تث 24: 1 و3)، وليهيّجوا هيرودس عليه لأنه طلق امرأته وتزوج بهيروديا. واستشهد المسيح بكلام موسى في التوراة، فأعادهم إلى بداية الخليقة، حين خلق الله حواء من جنب آدم، وأعلن آدم بروح النبوة أنه عندما يتزوج الرجل، ينبغي أن يترك أباه وأمه ويلتصق بامرأته، "فيصير الاثنان جسدا واحدا" (تك 2: 24)، فهكذا جمعهما الله في سر الزيجة، فكيف نسمح بفصل ما جمعه الله؟! إذن، فالطلاق كسر لما عمله الله، فهو ضده. ع7-8: اعترض الفرّيسيّون على كلام المسيح بأن موسى سمح بالطلاق، فكيف يمنعه هو؟! فرد عليهم المسيح أن هذا السماح كان من أجل انخفاض مستواهم الروحي، لأنه، بعد اختلاطهم بالمصريين، تعودوا الطلاق. فلما خرجوا إلى البرية، نقلهم تدريجيا إلى الشريعة الأصلية بتضييق إمكانية التطليق، حتى يتركوه بعد ذلك تماما، إذ أن الوضع الطبيعي السليم الذي أسسه الله في جنة عدن بين آدم وحواء، كان الاتحاد بين الاثنين وعدم السماح بالطلاق. وموسى لم يأمر بالطلاق، بل على العكس، أمر من يريد أن يطلق امرأته بألا يتسرع، بل يجلس ويكتب لها كتاب طلاق، ليعطيه فرصة أن يراجع نفسه، ويهدأ غضبه، فيتراجع عن قراره إذا فكر أن امرأته ستكون مع آخر، وسيهدم بيته ويشتت أولاده. ع9: بعد انتهاء حديث المسيح مع الفرّيسيّين، دخل إلى بيت كما يذكر معلمنا مرقس (مر 10: 10)، فأكمل حديثه مع تلاميذه مؤكدا شريعة العهد الجديد، وهي أن السبب الوحيد المسموح فيه بالطلاق في المسيحية هو سقوط أحد الطرفين في الزناٍ، فبهذا يكون قد انفصل جسديا عن الآخر، فيكون الطلاق قد حدث جسديا فعلا، ويُسمح بكتابة ورقة طلاق. أما من يريد أن يطلق امرأته لأجل خلافات بينهما، فلا توافق الكنيسة على ذلك، إذ هو متحد بها في نظر الله. أما إذا تحايل هذا الإنسان وحصل على طلاق مدني لا تقرّه الكنيسة وتزوج بأخرى، يسقط في الزنا. ومن تزوج بامرأة مطلقة لغير علة الزنا، يسقطان كلاهما في الزنا. † إن وجود اختلافات في الآراء والطباع، ليس حلها هو الطلاق، بل الالتجاء إلى الله ليتنازل الإنسان عن بعض طباعه. وبهذا، ليس فقط يستعيد السلام في بيته، ولكن تنمو إرادته أيضا، فيستطيع أن يتقدم روحيا ويضبط شهواته وخطاياه؛ وهكذا تتحوّل الضيقة إلى بركة، أي تكون مشاكل الزواج وسيلة للنمو الروحي. 10 قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11 فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم، 12 لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ». ع10: إذ لم يسمح المسيح بالطلاق إلا للزنا، شعر السامعون بأن هذا أمر فوق احتمال البشر، والأفضل هو عدم الزواج، لأنهم لم يفهموا عظمة الوحدانية بين الزوجين، فكان من السهل في نظرهم الطلاق لأجل أية خلافات، ولم يكن لهم استعداد لاحتمال بعضهم البعض. ع11-12: انتهز المسيح هذه الفرصة، ليوضح الفرق بين عدم الزواج (العزوبية) وبين البتولية، فبيّن أن هناك ثلاثة أنواع من غير المتزوجين: النوع الأول: مَنْ وُلِدَ بعجز جنسي، فلا يستطيع الزواج، ليس حُبًّا في البتولية والوجود مع الله، بل لعجزه عن ذلك. النوع الثاني:مَنْ أرادوا الخدمة في قصور العظماء والملوك، فأجروا لهم عملية استئصال، فصاروا عاجزين جنسيا، حتى ينالوا مركزا أو عملا في هذه القصور، فيأتمنونهم على خدمة النساء دون خوف من الاعتداء عليهن. فعدم زواجه في هذه الحالة، هو من أجل شهوة المركز والمال، وإرضاءً للناس، وهذا أسوأ نوع. النوع الثالث: مَنْ ارتفعوا وسموا بالغريزة الجنسية، وحوّلوها كطاقة حب لله، فَهُمْ، وإن كانوا قادرين على الزواج جسديًّا، فقد حوّلوا فكرهم وقلبهم لمحبة الله كعريس سماوي، فهم في زيجة روحانية مع الله، أسمى من كل زيجة بشرية. هذه هي البتولية، سواء الخادمة في العالم أو في الرهبنة, وهي خاصة ببعض الناس الذين وهبهم الله هذه النعمة، والميل للاكتفاء بها، ولا يقدر الكل على قبولها، فهي عظيمة جدًا إن كان الإنسان مؤهلا لها. "مَنْ استطاع أن يقبل فليقبل": أي من له ميل للبتولية، فجيد له أن يحيا به، فيتمتع بتكريس فكره وقلبه لله. † إن لم تكن مؤهلا للبتولية، فعلى الأقل كن متعففا عن الخطية قبل الزواج. وحتى بعد الزواج، لا يكن شغلك الشاغل هو انهماكك في العلاقة الجسدية لدرجة أن تختلف مع شريك حياتك، بل أعطِ مكانا أكبر لمحبة الله في قلبك، ومحبة الآخر وتقدير مشاعره، فتترك التفكير في هذه العلاقة إرضاءً للآخر، أو ترتبط بهذه العلاقة، حتى لو لم تكن ميالا لها، إرضاءً أيضًا للآخر؛ فلا تطلب راحتك بل راحته، فهذا هو الحب الحقيقي. (3) محبة المسيح للأطفال (ع 13-15): 13 حِينَئِذٍ قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ، فَانْتَهَرَهُمُ التَّلاَمِيذُ. 14 أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ». 15 فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ. ع13: كان المسيح يبارك ويشفى المرضى، ويهتم بالتعليم وحل مشاكل الناس. فقدم له بعض الآباء أطفالهم ليصلى عليهم ويباركهم. أما التلاميذ، فشعروا أن وقت معلمهم أثمن من أن يضيعه في الاهتمام بالأطفال، فحاولوا إبعادهم عنه ليهتم بشئون الكبار. ع14-15: لم يكتف المسيح بمباركة الأطفال والترحيب بهم، بل أعلن حقيقة هامة، وهي أن هؤلاء الأطفال هم أبناء الملكوت السماوي، ليدعونا جميعا أن نتمثل ببراءتهم وبساطتهم. وإن كان الطفل مهملا وقتذاك في الديانات السائدة، والعصور والممالك السابقة، فإن المسيحية تهتم بالأطفال، بل وتدعو الكبار للتعلم منهم، والاهتمام بهم ورعايتهم. "لمثل هؤلاء": أي لمن يتمثل بهم في البراءة والبساطة. 16 وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» 17 فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18 قَالَ لَهُ: «أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20 قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟» 21 قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22 فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ. ع16-17: تقدم إلى المسيح شاب غنى (ع22)، وكان رئيس أحد مجامع اليهود (لو18: 18)، وإذ قد تعوّد الكلام المنمق، لقّب المسيح بالمعلم الصالح، وسأله سؤالا روحيا، وهو كيفية الوصول للحياة الأبدية. فاهتم المسيح بسؤاله، ولكن، قبل أن يجيبه، وجّه نظره إلى عدم استخدام كلمات المديح دون فهم، فقال له: "لماذا تدعونى صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا... الله." ومعنى السؤال: هل تؤمن أنى أنا الله، أم تقولها مجرد مجاملة؟ والمسيح بالطبع هو المعلم الصالح، بل الراعى الصالح كما قال عن نفسه (يو 10: 11)، وهو الله الذي بلا خطية، كما قال لليهود: "من منكم يبكتنى على خطية؟" (يو 8: 46)؛ ثم رد على السؤال بأن الطريق للأبدية هو حفظ الوصايا وتنفيذها في الحياة. ع18-19: سأل الشاب المسيح: "هل المقصود وصايا معينة؟" فأجاب المسيح: "كل الوصايا التي في اللوحين اللذين استلمهما موسى من الله، سواء الخاصة بعبادة الله، أو التعامل مع الآخرين." وركّز المسيح على وصايا اللوح الثاني، وهي الخاصة بالتعامل مع الآخرين، لأنه لا يمكن إتمامها إلا بحفظ وصايا اللوح الأول، وهي عبادة الله ومحبته. ولخّص المسيح في نهاية رده وصايا اللوح الثاني بقوله: "أحب قريبك كنفسك." ع20: أجاب الشاب بتسرع أنه قد حفظ هذه الوصايا منذ طفولته. ولم يكن قصد المسيح حفظها حرفيا، أو تطبيقها سطحيا، بل بكل أعماقها. لذلك، ركّز المسيح على علاج المرض الذي في داخله، حتى يفهم عمق تطبيق الوصية، فمشكلته هي محبة المال، وقال له إنه محتاج لشىء واحد، أي علاج محبة المال (مر 10: 21). ع21: طلب المسيح من الشاب أن يبيع ممتلكاته ويوزّع ثمنها على الفقراء، وبهذا يحوّل كنزه من الأرض إلى السماء ويتعلق قلبه بها. وامتدادا لهذا الفكر، يتبع المسيح ليسير بتعاليمه. † إن التطبيق الفعلى لهذه الوصايا هو الكمال المسيحي، وإن لم يستطع الإنسان تطبيق هذا الكلام حرفيا، كما فعل الأنبا أنطونيوس أب الرهبان، فعلى الأقل يبيع محبة الماديات من قلبه، أي يكون مستعدا للتنازل عنها، ويترك جزئيا هذه الممتلكات ويعطيها للمحتاجين. ع22: أمام كلام المسيح الواضح، انكشف ضعف هذا الشاب ومحبته للمال، لأنه مضى حزينا، إذ لم يستطع تنفيذ كلام المسيح، لأن محبته للمال أقوى من محبته لله، وكثرة أمواله ساعدت على تعلق قلبه بمحبة المال. † حتى تكون ابن الملكوت، يلزمك أن تحب الله أكثر من محبة الماديات، والدليل على ذلك تقديمك البكور والعشور مهما كانت ظروفك المالية ضيقة، وتكون مستعدا للتنازل عن الماديات من أجل إرضاء من حولك، والقناعة بكل شيء. (5) محبة المال (ع 23-26): 23 فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ! 24 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنَّ مُرُورَ جَمَل مِنْ ثَقْب إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!». 25 فَلَمَّا سَمِعَ تَلاَمِيذُهُ بُهِتُوا جِدًّا قَائِلِينَ: «إِذًا مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 26 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ، وَلكِنْ عِنْدَ اللهِ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ». ع23-24: علّق المسيح لتلاميذه على حواره مع الشاب بعد انصرافه، موضحا خطورة محبة المال، فقال إنه من العسير جدًا دخول غنى، محب لأمواله ومتكل عليها، إلى ملكوت السماوات. وشبه ذلك بمرور جمل ضخم من ثقب إبرة، وهذا مستحيل، فكذلك الغنى، لا يمكن أن يدخل إلى الملكوت. فيلزم أولًا أن يبيع من قلبه محبة المال والاتكال عليه، وحتى لو كان له أموال كثيرة، لا تعوقه عن دخول الملكوت لأن قلبه ليس فيها. ع25-26: شعر التلاميذ بصعوبة تنفيذ هذا الكلام، لأن تفكيرهم كان متعلقا بمُلك المسيح الأرضى ومحبة الغنى والمركز، فوجّه المسيح نظرهم إلى معونة الله التي تساعد الإنسان على ذلك، فما يبدو مستحيلا في نظر الإنسان، يسهل بمعونة الله. وهذا ما حدث فعلا في حياة كثير من القديسين الأغنياء، الذين تركوا أموالهم وممتلكاتهم، وعاشوا الفقر في حياة الرهبنة، أو تقدموا للعذاب والاستشهاد من أجل المسيح. † إن كان لك أية ممتلكات وأموال، فاشكر الله عليها، ولا تقارن نفسك بغيرك ممن هم أغنى منك، بل اكتفِ بما عندك، ولا تحزن إن ضاع منك شيء من المال لأنه متغيّر، بل ليكن هذا دافعا لك للتعلق بمحبة الله، فهي الأساس الوحيد الراسخ، والسند الذي لا يتزعزع. (6) مكافأة الرعاة (ع 27-30): 27 فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟» 28 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. 29 وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 30 وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ.ع27: بعد أن تكلم المسيح عن أهمية التنازل عن محبة المال، ليستطيع الإنسان أن يتبعه، أراد بطرس أن يطمئن على نفسه هو والتلاميذ، ماذا تكون مكافأتهم، إذ قد تركوا كل شيء لأجله؟ وليس المقصود فقط ترك الشباك والمقتنيات، لأنها ضئيلة، بل بالأكثر احتمال التعب والمقاومة من الفرّيسيّين. وقد يحمل كلام بطرس نوع من ضعف الإيمان، فيحتاج لتأكيد المكافأة من المسيح، وقد يحمل أيضًا نوع من الإحساس بنفسه أنه قد أعطى. ولكنه سيكتشف بعد إتمام الفداء أن كل ما يعطيه الإنسان لا شيء أمام الحب الكامل في عطاء المسيح نفسه على الصليب من أجل خلاص البشرية. ع28: أعلن المسيح مكافأة عظيمة لتلاميذه الذين تبعوه، بل لكل من يتبعه، أنه في التجديد، عندما تتغيّر صورة المسيح، من المنظر البشرى الضعيف إلى الله الديّان في الملكوت، يكون تابعوه بجواره لهم مكانة عظيمة، بدليل قوله: تجلسون على كراسي لتدينوا العالم، وذلك بإيمان تابعيه وكرازتهم باسمه، يدينون اليهود الذين رفضوا الإيمان، مع أنهم كان المفروض أن يكونوا أول من يقبله. ع29: أكد المسيح مكافأة المتجردين، ومن يترك تعلقه بالممتلكات أو الأحباء، لأجل تكريس قلبه لمحبة وخدمة الله، وهي أنه يأخذ مائة ضعف في هذه الحياة. والمقصود ليس تعويضات مادية، بل بالأحرى سلامًا وحبًا. فمثلا الراهب الذي يترك أبا أو أما ولا يتزوج وينجب أبناء لأجل الله، يجعل الله كل الناس إخوة وأحباء له، ويصير الله أبًا له يهتم به ويعوضه عن كل أبوة جسدية، ويصبح الكل أبناءه، ويجد كفايته المادية، وأكثر من ذلك. ويُختار بعض الرهبان ليصيروا أساقفة، توضع كل أموال وممتلكات الكنيسة تحت أيديهم، فيوجهونها بحكمة. ثم ما هو أفضل من ذلك، المكافأة الأبدية في الملكوت، هذه التي لا يُعَبَّرُ عنها. الله لا يمكن أن يكون مديونًا لأحد، فما يتنازل عنه الإنسان، سيعوّضه عنه في الحياة الحاضرة، فيكفي احتياجات أولاده، ثم يكافئهم بأعظم شيء وهو ملكوت السماوات. وهذه حقيقة واضحة نلاحظها، أن الذين يحبون الله ويتنازلون عن الماديات، يعطيهم نعمة في أعين الكل، ويكونون محبوبين من الكثيرين. ع30: وهكذا نجد عظماء كثيرين في العالم، يكون مكانهم في السماء متأخرا أقل من غيرهم، أو ليس لهم مكان في الملكوت. وعلى العكس، كثيرون من المزدرَى بهم والأقل في نظر البشر، يصيرون عظماء في ملكوت السماوات، مثل القديسين الذين زهدوا العالم وعاشوا في البرّية، أو الشهداء الذين احتملوا عذابات كثيرة. وكذلك الأولون في أعين أنفسهم، أي المتكبرون، يسبقهم المتضعون، أي الآخرون في أعين أنفسهم. وهناك معنى آخر، فالذين دُعوا أولًا مثل اليهود، يمكن أن يُرفَضوا إن لم يؤمنوا بالمسيح، والأمم الذين دُعوا بعدهم وآمنوا، يكون لهم مكان متقدم في السماء. † ثق أن كل ما تتركه على الأرض، تنال عوضا عنه سلاما وفرحا في الأرض، وأضعاف ذلك في السماء. فلا تتضايق إن خسرت شيئًا من أجل المسيح، أو تنازلت عن شيء من أجل كسب محبة الآخرين لخلاص نفوسهم. وعلى العكس، أنت أكثر حكمة بقدر استطاعتك أن تبذل في هذه الحياة، لأن هذا إعلان محبتك للمسيح. |
||||