![]() |
![]() |
![]() |
![]() |

ربنا باعتلك رسالة ليك أنت
الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2026
يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه
|
|||||||
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
رقم المشاركة : ( 150311 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() وكان مسلمه قد أعطاهم علامة قائلًا: الذي أقبله هوهو، امسكوه وامضوا به بحرص. فجاء للوقت وتقدم إليه قائلًا: يا سيدي يا سيدي، وقبَّله. فألقوا أيديهم عليه وامسكوه. فأستل واحد من الحاضرين السيف وضرب عبد رئيس الكهنة، فقطع أذنه" [43-47]. مرة أخرى إذ يتحدث عن يهوذا يؤكد أنه من الاثني عشر ليعلن عن بشاعة جريمته وتجاسره، خاصة وأنه جعل من "القبلة" علامة لتسليمه. حقًا حينما سأل النبي بروح النبوة المسيّا المجروح: "ما هذه الجروح في يدك؟" (زك 13: 6)، أجاب في مرارة: "هي التي جرحت بها في بيت أحبائي" (زك 13: 6). يعلق القديس أمبروسيوس على عتاب السيد المسيح لتلميذه: "يا يهوذا، أبقبلة تُسلم ابن الإنسان؟" (لو 22: 48)، قائلًا: [تعبير رائع عن القوة الإلهية، درس عظيم في الفضيلة! لقد كشف الخيانة ومع ذلك لم يبخل عنه بطول أناته عليه. لقد أظهرت يا رب من هو الذي يسلمك وكشفت سره وأعلنت عمن يُسلّم أنه "ابن الإنسان"، وكأنك تقول: لأجلك أيها الخائن أخذت أنا هذا الجسد الذي تسلمه...! كأنه يعاتب الخائن في مشاعر كلها حنان: "يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟" بمعنى آخر: أتجرحني بعربون الحب؟ أتسفك دمي بعلامة الحب، وتسلمني للموت بعلامة السلام؟ وأنت الخادم تسلم سيدك، وأنت التلميذ تسلم معلمك وتخون جابلك؟ حقًا ينطبق هذا القول عن الخائن: "غاشة هي قبلات العدو" (أم 27: 6)... وتقبل المسيح هذه القبلة لا عن رياء إنما ليظهر أنه لا يهرب من الخائن، فيزداد هلاك الخائن بعدم رفض السيد علامات الحب منه، فقد قيل: "ومعمبغضي السلام كنت صاحب السلام" (مز 119: 6). في نص منسوب للقديس جيروم [أعطى يهوذا قبلة كعلامة، بغش مميت، كما قدم قايين تقدمة غاشة بغيضة.] |
||||
|
|
|||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150312 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
القديس كيرلس الكبيرعلى تصرف يهوذا هذا بقوله: [كثيرة هي الآلام (الخطايا) ومرة تلك التي تثير حربًا ضد نفس الإنسان، وتدخل معها في صراع لا يُحتمل، لتهوي بها إلى ممارسة أعمال دنيئة، أما أشر هذه الآلام فهي محبة المال، أصل كل الشرور، التي سقط في فخاخها العنيفة التلميذ الخائن، حتى قبل أن يصير خادمًا لغش الشيطان، ويكون أداة في أيدي رؤساء مجمع اليهود الأشرار في هياجهم ضد المسيح... من أجل الدراهم التي بلا ثمن كّف عن أن يكون مع المسيح وفقد رجاؤه في الله وكرامته والأكاليل والحياة والمجد المعد لتابعي المسيح الحقيقيين وحقه أن يملك معه... لقد أعطى لهؤلاء القتلة علامة، قائلًا: "الذي أقبله هو". لقد نسي تمامًا مجد المسيح، وفي غباوته الكاملة ظن أنه يبقى متسترًا عندما يُقدم قبلة التي هي علامة الحب، بينما يحمل في قلبه خداعًا مرًا وشريرًا. فإنه حين كان في صحبة المسيح مخلصنا مع بقية الرسل في رحلاته، غالبًا ما سمعه يسبق فيخبرهم بالأمور المقبلة بكونه الله العالم بكل شيء، وقد سبق فأخبره عن عمل خيانته، إذ قال للرسل القديسين: "الحق أقول لكم إن واحدًا منكم يسلمني". كيف إذن تبقى نيته مخفية؟ لا، بل كانت الحية في داخله تصارع الله، كان مسكنًا للشيطان، إذ قال أحد الإنجيليين أنه إذ كان متكئًا على المائدة مع بقية التلاميذ وأعطاه المخلص لقمة غمسها في الصحفة "دخله الشيطان".] |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150313 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() قدم يهوذا قبلة مملوءة غشًا أمام الجمع الكثير حاملي السيوف والعصي، وكأنه بيوسف الذي باعه إخوته للغرباء... وقد حاول بطرس أن يدافع عن سيده فاستل سيفًا وضرب عبد رئيس الكهنة، فقطع أذنه... لكن السيد انتهره على ما ارتكبه، ولم يترك العبد في آلامه بل شفاه. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150314 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
يقدم لنا القديس أمبروسيوس بعض التعليقات على قطع أذن العبد نذكر منها: [ضرب بطرس عبد رئيس الكهنة، لكن الرب شفى الجراحات الدامية وأحل محلّها الأسرار الإلهية. جُرح عبد رئيس هذا العالم وخادم قوات هذا الدهر... جُرح في أذنه لأنه لم ينصت لصوت الحكمة... قطع بطرس الأذن ليعلم أن من ليس له الأذن الروحية لا يستحق أن تكون له حتى الأذن الملموسة. وقد أرجع الرب له الأذن مؤكدًا ما قاله إشعياء أن الشفاء ممكن بالتوبة حتى للذين جرحوا الرب في آلامه (إش 6: 10)... لماذا قطع بطرس الأذن؟ لأنه أخذ مفاتيح ملكوت السماوات، هو يقطع وهو يحّل! أخذ سلطان الربط والحل، فيقطع أذن من يسمع رديًا بسيف روحي، يقطع الأذن الداخلية عن الفهم الخاطئ... كثيرون يظنون أن لهم الآذان وهم بلا آذان. ففي الكنيسة يكون للجميع آذان، أما خارجها فلا يكون لهم.] |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150315 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() يكمل الإنجيلي حديثه عن القبض على السيد المسيح، هكذا: "فأجاب يسوع وقال لهم: كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصى لتأخذوني. كل يوم كنت معكم في الهيكل أعلّم ولم تمسكوني، ولكن لكي تكمل الكتب. فتركه الجميع وهربوا. وتبعه شاب لابسًا إزارًا على عريه فأمسكه الشبان. فترك الإزار وهرب عريانًا" [48-52]. يرى القديس كيرلس الكبيرأن في قوله هذا يؤكد لهم أنه كان يسهل عليهم بالأولى أن يمسكوه في الهيكل حين كان يُعَلِم كل يوم، لكنهم لم يفعلوا هذا إذ لم يكن بعد قد سمح لهم، فإن كان يسلم نفسه لهم الآن إنما بإرادته في الوقت الذي اختاره مناسبًا للصلب، لهذا قال لهم: "ولكن هذه ساعتكم وسلطان الظلمة"[بمعنى أنكم قد منحتم وقتًا قصيرًا (ساعة) فيه يكون لكم سلطان عليّ. ولكن كيف أُعطي لكم هذا السلطان؟ وبأية وسيلة؟ بإرادة الآب المتفقة مع إرادتي. لقد أردت أن أخضع نفسي لآلامي من أجل خلاص العالم وحياته. لكم ساعة ضدي، قليلة جدًا ومحدودة، هي ما بين أحداث الصليب الثمين والقيامة من بين الأموات. وهذا هو السلطان الذي أُعطى للظلمة، لكن "الظلمة" هو اسم الشيطان بكونه ليلًا دامسًا وظلمة، فيقول عنه الطوباوي بولس: "إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح" (2 كو4: 4). إذن أُعطى للشيطان ولليهود السلطان أن يثوروا ضد المسيح، لكنهم حفروا لأنفسهم حفرة الهلاك.] أما الشاب الذي هرب عريانًا فهو القديس مرقس كاتب الإنجيل جاء في نص منسوب للقديس جيروم: [كما ترك يوسف ثوبه وهرب عريانًا من المرأة الزانية، ليت من يريد الهروب من أيدي الأشرار ينزع من فكرة كل شيء ويهرب وراء المسيح.] |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150316 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() محاكمته دينيًا 53 فَمَضَوْا بِيَسُوعَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعَهُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخُ وَالْكَتَبَةُ. 54 وَكَانَ بُطْرُسُ قَدْ تَبِعَهُ مِنْ بَعِيدٍ إِلَى دَاخِلِ دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَكَانَ جَالِسًا بَيْنَ الْخُدَّامِ يَسْتَدْفِئُ عِنْدَ النَّارِ. 55 وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْمَجْمَعُ كُلُّهُ يَطْلُبُونَ شَهَادَةً عَلَى يَسُوعَ لِيَقْتُلُوهُ، فَلَمْ يَجِدُوا. 56 لأَنَّ كَثِيرِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا، وَلَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَاتُهُمْ. 57 ثُمَّ قَامَ قَوْمٌ وَشَهِدُوا عَلَيْهِ زُورًا قَائِلِينَ: 58 «نَحْنُ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنِّي أَنْقُضُ هذَا الْهَيْكَلَ الْمَصْنُوعَ بِالأَيَادِي، وَفِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَبْنِي آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بِأَيَادٍ». 59 وَلاَ بِهذَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ تَتَّفِقُ. 60 فَقَامَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ فِي الْوَسْطِ وَسَأَلَ يَسُوعَ قِائِلًا: «أَمَا تُجِيبُ بِشَيْءٍ؟ مَاذَا يَشْهَدُ بِهِ هؤُلاَءِ عَلَيْكَ؟» 61 أَمَّا هُوَ فَكَانَ سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟» 62 فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ». 63 فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ 64 قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟» فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. 65 فَابْتَدَأَ قَوْمٌ يَبْصُقُونَ عَلَيْهِ، وَيُغَطُّونَ وَجْهَهُ وَيَلْكُمُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: «تَنَبَّأْ». وَكَانَ الْخُدَّامُ يَلْطِمُونَهُ. إذ سلم السيد المسيح نفسه بين يدّي هؤلاء الثائرين ضده، اقتادوه إلى بيت رئيس الكهنة قيافا ليُحكم عليه دينيًا أنه مستوجب الموت. كان قيافا رئيس كهنة ذلك العام، ويروي عنه يوسيفوس أنه اشترى هذا المركز من الحاكم الروماني، إذ كان هذا المنصب حسب الشريعة يتمتع به الشخص مدى الحياة إلا أن الدولة الرومانية في ذلك الوقت كانت تنصب رئيس الكهنة أو تعزله حسبما تشاء، وقد تنبأ عن عمل السيد المسيح الخلاصي وهو لا يدري، إذ يقول الإنجيلي يوحنا: "فقال لهم واحد منهم وهو قيافا، كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئًا، ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة، تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يو 11: 49-52). أما النبوة الثانية فلم تكن بالكلام بل بالتصرف إذ يقول الإنجيلي: "فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ما حاجتنا بعد إلى شهود؟" [63]... فقد أعلن نهاية الكهنوت اللاوي أو الموسوي بتمزيق ثيابه كرئيس كهنة! بينما لم يستطع حتى الجند الرومان أن يمزقوا ثوب المسيح في لحظات الصلب، مزق رئيس الكهنة اليهودي الأفود، ما كان يجب حسب الناموس ألا تمزق... فحكم لا على نفسه فقط بل وعلى نهاية الكهنوت اللاوي ككل! بتمزيق ثيابه أعلن قيافا اشمئزازه من كلمات السيد المسيح التي حسبها تجديفًا، فحكم عليه الجميع أنه مستوجب الموت [64]، غير أنه لم يكن لهم أو لرئيسهم قوة التنفيذ، فأخذوا السيد إلى الحاكم الروماني (يو 18: 28) ليأمر بصلبه. هذا وقد اشترك قيافا بعد قيامة السيد المسيح في الحكم على القديسين بطرس ويوحنا (أع 4: 6)، وقد طرده الرومان من وظيفته عام 36م. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150317 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() "فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة، فإجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة. وكان بطرس قد تبعه من بعيد إلى داخل رئيس الكهنة، وكان جالسًا بين الخدام يستدفئ عند النار" [53-54]. كان يليق بدار رئيس الكهنة أن يكون كنيسة مقدسة تشهد للسيد المسيح أمام العالم، تسحب كل نفس للاقتراب إلى كلمة الله بلهيب الروح القدس الناري لتشبع من سرّ الحياة، لكنه خلال الحسد ومحبة العالم تحول داره إلى موضع للحكم على السيد المسيح بالموت. وعوض أن تقترب فيه النفوس إلى المسيّا المخلص بقي بطرس بعيدًا عن مخلصه. وعوض نار الروح القدس أُشعلت نار الشهوة الشريرة يستدفئ بها عبيد هذا العالم وخدامه. إن كنا في مياه المعمودية قد صرنا جميعًا كهنة وملوكًا، نحمل الكهنوت العلماني أو العام الذي به يكون لنا ملء الدالة للوقوف أمام الآب في ابنه، ونقدم ذبائح الحمد والتسبيح في قلوبنا كما على مذبح الرب الداخلي. لقد تمتعنا بالروح القدس الناري بسرّ المسحة المقدسة "الميرون"، فليتنا لا نسلم دارنا الداخلي لعدو الخير، وعِوَض تجلي الرب فيه يُحكم عليه كما بالصليب ثانية، وعوض النار السماوية المقدسة تشتعل نيران الخطية القاتلة (هو 7: 4). بهذا يصير بطرسنا الداخلي بعيدًا عن الرب، يجالس خدام هذا العالم، ويستدفئ بنارهم الشريرة، فينكر سيده مرة ومرات بقسمٍ! بحث رئيس الكهنة وكل المجمع عن شهود ضد يسوع ليحكموا عليه بالموت، لكن شهادتهم لم تتفق معًا [55-56]، كأنهم بامرأة فوطيفار التي اشتهت أن تسلم يوسف للموت بشهادة زور. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150318 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() "أأنت المسيح ابن المبارك؟" بمعنى "أأنت ابن الله؟" فأجاب السيد ملقبًا نفسه "ابن الإنسان"، معلنًا أنه ابن المبارك المتأنس، مؤكدًا أن تأنسه لا يفصله عن الآب، ولا ينزع عمله الإلهي كديان يأتي في سحاب السماء، ويظهر جالسًا عن يمين القوة، أي يمين الآب. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إني أفخر بهذه الأمور، ليس فقط أنه أقام آلاف الموتى، وإنما احتمل هذه الآلام.] ويقول القديس كيرلس الكبير: [هذا الذي هو نسمة كل الأرواح المقدسة في السماوات يُحتقر كواحدٍ منا، محتملًا اللطمات بصبرٍ، خاضعًا لسخرية الأشرار، مقدمًا نفسه لنا في كمال طول الأناة، أو بالحري معلنًا وداعته الإلهية العظيمة التي لا تُقارن... لقد سخروا به كمن هو إنسان جاهل مع أنه واهب كل المعرفة، وناظر للخفيات فينا.] |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150319 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() إنكار بطرس 66 وَبَيْنَمَا كَانَ بُطْرُسُ فِي الدَّارِ أَسْفَلَ جَاءَتْ إِحْدَى جَوَارِي رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 67 فَلَمَّا رَأَتْ بُطْرُسَ يَسْتَدْفِئُ، نَظَرَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 68 فَأَنْكَرَ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِي وَلاَ أَفْهَمُ مَا تَقُولِينَ!» وَخَرَجَ خَارِجًا إِلَى الدِّهْلِيزِ، فَصَاحَ الدِّيكُ. 69 فَرَأَتْهُ الْجَارِيَةُ أَيْضًا وَابْتَدَأَتْ تَقُولُ لِلْحَاضِرِينَ: «إِنَّ هذَا مِنْهُمْ!» 70 فَأَنْكَرَ أَيْضًا. وَبَعْدَ قَلِيل أَيْضًا قَالَ الْحَاضِرُونَ لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ مِنْهُمْ، لأَنَّكَ جَلِيلِيٌّ أَيْضًا وَلُغَتُكَ تُشْبِهُ لُغَتَهُمْ!» 71 فَابْتَدَأَ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ هذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَقُولُونَ عَنْهُ!» 72 وَصَاحَ الدِّيكُ ثَانِيَةً، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ يَسُوعُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ مَرَّتَيْنِ، تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَلَمَّا تَفَكَّرَ بِهِ بَكَى. يروي لنا الإنجيلي مرقس كيف تحقق قول الرب لبطرس: "قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات": أ. في الدار أسفل أنكر بطرس أمام أحد جواري رئيس الكهنة بينما كان يستدفئ. ب. أنكر للمرة الأولى خارج الدهليز، وصاح الديك، ثم أنكر للمرة الثانية أمام الحاضرين حين أكدت الجارية أنه منهم. ج. إذ قال له الحاضرون: "حقًا أنت منهم لأنك جليلي أيضًا، ولغتك تشبه لغتهم" أنكر للمرة الثالثة، حيث ابتدأ يلعن ويحلف أني لا أعرف هذا الرجل الذي تقولون عنه، ثم صاح الديك للمرة الثانية فتذكر كلمات السيد المسيح وبكى. ويلاحظ في هذه الأحداث التالي: أولًا: يعلق القديس أمبروسيوس على الموضع الذي فيه أنكر بطرس والظروف المحيطة به، فيقول: [تبعه بطرس من بعيد فأنكره، ولما اتحد بالرب يسوع واقترب منه جدًا لم ينكره... كان في دار رئيس الكهنة نار متقدة واقترب بطرس يستدفئ، فقد فترت حرارة الروح في بطرس لأن الرب كان سجينًا... أين أنكر بطرس؟ لم ينكره على الجبل ولا في الهيكل ولا في البيت وإنما في دار اليهود، في منزل رئيس الكهنة، في الموضع الذي لا يوجد فيه الحق حيث سُجن يسوع...! لنتأمل في حال بطرس وهو يخطئ، فقد كان باردًا، ربما ليس بسبب الطقس، لكن لأن الجو (الروحي) كان باردًا في هذا الموضع الذي لا يعترف بالرب يسوع، الموضع الذي لا يرى فيه إنسان نورًا... كان البرد يمس الروح لا الجسد لذلك وقف بطرس يصطلي إذ كان قلبه يرتعش.] ليت بطرس الداخلي لا يدخل بعد مثل هذا الدار، ليعيش بروح بارد غير ملتهب بالروح الإلهي، فيطلب نارًا من العالم للدفء، لئلا يجحد سيده، ويفقد قلبنا الملكوت الأبدي. ثانيًا: يقول الإنجيلي أن بطرس كان في الدار أسفل حين أنكر في المرة الأولى، ولم يستطع أن يعترف أمام جارية، بينما حينما ارتفع فيما بعد على السطح (أع 10: 11) انفتحت عيناه لتنظر رؤيا إلهية وينطلق لا ليشهد أمام جارية بل يكرز بين الأمميين (كرنيليوس وأهل بيته). بمعنى آخر حين يكون بطرس في الدار أسفل يطلب الزمنيات ويستدفئ بنار محبة العالم أو شهوة الجسد، لكنه حين يكون مرتفعًا كما على السطح يرى العلويات ويلتهب بنار الروح القدس. ثالثًا: رأينا أن صياح الديك للمرة الثانية الذي ذكرّ بطرس بكلمات سيده فبكى نادمًا، يشير إلى عمل الروح القدس في العهد الجديد "الذي يبكت العالم على خطية" (يو 16: 8)، والذي يذكرنا بكل ما قاله لنا السيد (يو 14: 26). غير أن معلمنا لوقا البشير يقدم لنا سببًا آخر لتوبة بطرس، إذ يقول: "وفي الحال بينما هو يتكلم صاح الديك، فالتفت الرب ونظر إلى بطرس، فتذكر بطرس كلام الرب" (لو22: 60-61)، فإن كان صياح الديك يشير إلى عمل الروح القدس لتبكيت القلب وتذكيره بكلمات الرب، فإن التفات السيد المسيح ونظره إلى بطرس يدفع إلى التوبة المملوءة رجاء! في هذا يقول القديس أمبروسيوس: [حسنة هي الدموع التي تغسل الخطية! من يلتفت إليهم الرب وينظر يبكون، فإن بطرس أنكر أولًا ولم يبكِ، لأن الرب لم يلتفت ولا نظر إليه. أنكر للمرة الثانية ومع هذا لم يبكِ... وفي المرة الثالثة أنكر أيضًا وإذ التفت إليه يسوع ونظره عندئذ بكى بمرارة... لا نستطيع القول بأنه (مجرد) التفت إليه بعينيه الجسديتين ونظر إليه في عتاب منظور واضح، إنما تحقق هذا داخليًا في الذهن والإرادة... تلامس معه الرب برحمته في صمت وسرية، فذكره بنعمته الداخلية، مفتقدًا بطرس وحاثًا إياه، مقدمًا له دموعًا ظاهرة تعبر عن مشاعر الإنسان الداخلي. أنظر بأية طريقة الله حاضر بمعونته ليسندنا في الإرادة والعمل، يعمل فينا أن نريد وأن نعمل.] كما يقول في موضع آخر: [أنظر إلينا يا ربنا يسوع لنعرف البكاء على خطايانا. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 150320 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() الأحلام المُخادِعة والتقدمات المرفوضة 1. الأحلام الباطلة 1 الآمَالُ الْفَارِغَةُ الْكَاذِبَةُ لِذِي السَّفَهِ، وَالأَحْلاَمُ يَطِيرُ بِهَا الْجُهَّالُ. 2 مَثَلُ الْمُلْتَفِتِ إِلَى الأَحْلاَمِ؛ مَثَلُ الْقَابِضِ عَلَى الظِّلِّ وَالْمُتَطَلِّبِ لِلرِّيحِ. 3 رُؤْيَا الأَحْلاَمِ هِيَ هذَا بِإِزَاءِ هذَا: شِبْهُ الشَّخْصِ أَمَامَ الشَّخْصِ. 4 بِالنَّجِسِ مَاذَا يُطَهَّرُ؟ وَبِالْكَذِبِ مَاذَا يُصَدَّقُ؟ 5 الْعِرَافَةُ وَالتَّطَيُّرُ وَالأَحْلاَمُ بَاطِلَةٌ. 6 كَخَيَالاَتِ قَلْبِ الْمَاخِضِ. إِنْ لَمْ تُرْسَلْ هذِهِ مِنْ عِنْدِ الْعَلِيِّ فِي افْتِقَادٍ مِنْهُ؛ فَلاَ تُوَجَّهْ إِلَيْهَا قَلْبَكَ، 7 فَإِنَّ كَثِيرِينَ أَضَلَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ فَسَقَطُوا لاِعْتِمَادِهِمْ عَلَيْهَا. 8 الشَّرِيعَةُ تُتَمَّمُ بِغَيْرِ تِلْكَ الأَكَاذِيبِ، وَالْحِكْمَةُ فِي الْفَمِ الصَّادِقِ كَمَالٌ. 9 الرَّجُلُ الْمُتَأَدِّبُ يَعْلَمُ كَثِيرًا، وَالْكَثِيرُ الْخِبْرَةِ يُحَدِّثُ بِعَقْلٍ. كان قدماء اليونانيين غالبًا ما يُفَكِّرون في الأحلام أنها رسائل من قِبَل الآلهة. أما بالنسبة لليهود فوردت أحلام في العهد القديم تحمل رسائل من الله، كما ورد تحذيرات من الأحلام الباطلة المُخادِعة. ذكر العهد القديم الأحلام التي رآها يوسف بن يعقوب، في صباه رأى حلمين وفي السجن فَسَّر حلمين لساقي الملك وخبَّاز الملك، وفي القصر فسَّر حلمين لفرعون ملك مصر. هذه الأحلام الستة كانت من عند الله وتحقَّقت بالفعل. وفي العهد الجديد رأى يوسف النجار ثلاثة أحلام: الأول بعد تجسد الكلمة في العذراء (مت 1: 25) والثاني للهروب إلى مصر مع الطفل يسوع وأمه، والثالث خاص بالرجوع من مصر. وأما بالنسبة لدانيال الذي كان أقرب منها في الزمن لابن سيراخ فعُرِف برجل الأحلام، فَسَّر الكثير من الأحلام التي أعلنت خطة الله وشملت نبوات تَحَقَّقت في التاريخ وأخرى تنبأت عن مجيء السيد المسيح ومجيئه الأخير. مع ذلك فالشخص الغبي يستسلم لأحلامٍ باطلة، ويضع رجاءه فيها. وقد حذَّر الأنبياء في القديم كثيرًا، من الضلالة التي يمكن أن تأتيها الأحلام، وشَدَّدوا على عدم الاعتماد عليها، لاسيما وقد حدث خلط فيما بينها وبين العرافة والسحر والشعوذة. "قدْ سمعْت ما قاله الأنْبياء الّذين تنبّأوا باسْمي بالْكذب قائلين: حلمْت حلمْت، حتّى متى يوجد في قلْب الأنْبياء الْمتنبّئين بالْكذب؟ بلْ همْ أنْبياء خداع قلْبهم! الّذين يُفَكِّرون أنْ ينسّوا شعْبي اسْمي بأحْلامهم الّتي يقصّونها الرّجل على صاحبه، كما نسي آباؤهم اسْمي لأجْل الْبعْل. النّبيّ الّذي معه حلْمٌ فلْيقصّ حلْمًا والّذي معه كلمتي فلْيتكلّمْ بكلمتي بالْحقّ. ما للتّبْن مع الْحنْطة يقول الرّبّ؟" (إر 23: 25 -28؛ راجع تث 13: 2-6؛ جا 5: 6-7؛ إر 29: 8-9؛ 27: 9-11؛ زك 10: 2)[1]. الإنسان العديم الفهم له آمال غير مجدية وكاذبة، والأحلام تُعطِي عديمي الفهم أجنحة [1]. النفوس الفاسدة والمُنحرِفة عن الحق تضع رجاءها لا في الرجوع إلى الله بقلبٍ نقيٍ وحياة مستقيمة وتوبة صادقة، وإنما في رجاء باطل مُعتمِد على أحلامٍ مُخادِعة. المُلتفِت إلى الأحلام مثل القابض على الظلال، والساعي وراء الريح [2]. السالك وراء العالم الباطل، أحلامه باطلة، يتمسَّك بها كمن يقبض على الظلال، ويجري وراءها كما وراء الريح [5]. رؤيا الأحلام هي هذا مقابل ذاك، وشبه الوجه أمام الوجه [3]. غالبًا ما يكون الحلم مُجَرَّد انعكاس لأحداث أو تخيلات، كانعكاس وجه الإنسان في المرآة؛ وكأنه لا يُمَثِّل وجودًا حقيقيًا. ماذا يتطهر من شيءٍ نجس؟ وماذا يكون حق من شيء باطل؟ [4] لن ننتفع من الأحلام ما لم تتطهَّر أعماقنا، فيعمل الله فينا. لا يقصد أن كل الأحلام نجسة، لكنه يُقَدِّم مثالًا، إن كان ما هو نجس لا يصدر منه شيء طاهر، هكذا فإن ما يرد في الحلم لا يُمَثِّل حقيقة، بل هو باطل وكذب، فهل الباطل يُنتج الحق؟! العرافة والفأل (التّطيرُ) والأحلام عديمة القيمة، مثل المرأة في آلام المخاض، يصير القلب منظورًا [5]. يرى ابن سيراخ السعي في العرافة والفأل والأحلام يكشف عن اضطرابات وعدم استقرار نفسي للشخص، وقد منعتها الشريعة صراحةً (لا 19: 26؛ تث 18: 10-14). بينما كانت تُحسَب غير لائقة بالنسبة للمؤمن (1 صم 6: 2؛ إش 44: 25؛ حز 13: 6-8؛ 21: 26)، كان الوثنيون يمارسونها. أوضح ابن سيراخ أن عقل الإنسان يُصَوِّر العرافة والفأل والأحلام الباطلة من عنده، وهو يبرز الجانب النفسي الذي ينادي به علماء النفس الحديثين. إن لم تُرسَل الرؤى من عند العلي في افتقاد منه، فلا توجه إليها قلبك [6]. الإنسان التقي الحكيم يُمَيِّز الأحلام والرؤى التي من عند العليّ، فيفتح لها قلبه، حتى لا تُضَلِّله العرافة والفأل والأحلام الكاذبة. فإن كثيرين أضلَّتهم الأحلام، والذين وضعوا رجاءهم فيها سقطوا [7]. يرى البابا غريغوريوس (الكبير)أن الصور التي تظهر في الأحلام تؤثِّر على النفس وهي تصدر بطرق مختلفة، لذا يجب تمييزها[2]: 1. أحيانًا تحدث الأحلام بسبب سوء الهضم. 2. أحيانًا تحدث كثمرة لخيالات وهمية تشغل فكر الإنسان. 3. أحيانًا يكون الحلم إعلانًا لأمرٍ ما. 4. توجد أحلام يُثِيرها عدو الخير إبليس، لهذا يُحَذِّرنا الكتاب المقدس: "فإن كثيرين أضلَّتهم الأحلام، والذين وضعوا رجاءهم فيها سقطوا" [7]. كما أمرنا: "لا تتفاءلوا ولا تعيفوا" (لا 19: 26). 5. توجد أحلام هي إعلانات مقدسة. يقول البابا غريغوريوس (الكبير): [على أي الأحوال القديسون بما تميَّزوا به من إدراك اقتنوه، قادرون على التمييز بين الخيالات والإعلانات، وأن يخترقوا معنى الكلمات والصور التي في الرؤى. هكذا يعرفون ما هو من الروح الصالح وما هو من التخيلات المخادعة. لكن إن كانت النفس غير متعقلة في أمر الأحلام تجد نفسها قد هلكت وسط غابة للبطلان هي من عمل الروح المخادع، الذي بفَنِّه يُقَدِّم في بعض الأوقات الكثير من الأمور الحقيقية، وبعد ذلك يأسرها في فخ كذبة واحدة.] هذا ويرى بعض العلماء أن الأحلام غالبًا ما تكون انعكاسًا لما في داخل الإنسان لمشاهد وأحداث وتخيُّلات، وذلك عندما ينام الإنسان حيث يكون الرقيب على اللاشعور ضعيفًا. وبعضها ثمرة النوم في وضعٍ غير مريح. والبعض ثمرة انشغال الإنسان الشديد لأمرٍ ما طول النهار، خاصة في فترة ما قبل النوم مباشرة. أحيانًا تعكس الأحلام بعض أحداث أو تصرفات للشخص وهو طفل أو صبي، ولم يعد يتذكَّرها. وبعض الأحلام هي خداعات عدو الخير للإنسان كي تُضَلِّله. الشريعة تُتَمَّم بغير تلك الأكاذيب، والحكمة كاملة في فم المؤمن [8]. يؤكد ابن سيراخ أن الشريعة كمصدر للحكمة الحقيقية هي صمام أمان للمؤمن، ينهل منها عوض الالتجاء إلى الخزعبلات المُخادِعة. 10 الَّذِي لَمْ يَخْتَبِرْ يَعْلَمُ قَلِيلًا، أَمَّا الَّذِي جَالَ فَهُوَ كَثِيرُ الْحِيلَةِ. 11 الَّذِي لَمْ يُمْتَحَنْ مَاذَا يَعْلَمُ؟ أَمَّا الَّذِي ضَلَّ فَهُوَ كَثِيرُ الدَّهَاءِ. 12 إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَطَافِي أُمُورًا كَثِيرَةً، وَأَكْثَرُ أَقْوَالِي مِمَّا اخْتَبَرْتُ. 13 وَقَدْ طَالَمَا خَاطَرْتُ بِنَفْسِي فِي هذَا الطَّلَبِ، حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ ثُمَّ نَجَوْتُ. الإنسان الذي يسافر كثيرًا يعرف الكثير، والكثير الخبرة يتكلم بفهمٍ [9]. إن كانت الشريعة تحفظ المؤمن من خداع الخيالات والأحلام، غير أنها لا تمنع المؤمن من الانتفاع بخبرة الآخرين. فالشريعة تُنَقِّي القلب والفكر، وّتحث المؤمن على الالتجاء إلى الله في وقارٍ وتقوى. بهذا ينتفع المؤمن من الأسفار الكثيرة، إذ يتمتَّع بروح التمييز، فيدرك ما هو حق ويُمَيِّزه مما هو باطل. الذي لم يُمتحَن يعرف القليل، أما الذي يسافر فتزداد فطنته [10]. إني رأيت في أسفاري أمورًا كثيرة، وما فهمته أكثر من أن أُعَبِّر عنه بالكلمات [11]. الله قادر أن يُعلِن عن إرادته ومشورته بوسائل كثيرة منها الأسفار للذين تقدَّسوا له. كثيرًا ما تعرَّضتُ لخطر الموت، ونجوت بسبب تلك الخبرات [12]. مع تقدير ابن سيراخ للتعلُّم من خبرة الآخرين، مما يستلزم السفر للتلاقي مع ثقافات وخبرات متباينة، غير أنه كان واثقًا في الربّ الذي أنقذه كما من الموت [12]. قَدَّم خبرته في انتفاعه بخبرة الآخرين، وخبرته العملية في ثقته بالله الذي يُخَلِّصه ويرعاه، فلا يرتعب من شيءٍ ولا يخاف أحدًا. v [ولا تدخلنا في تجربةٍ] وقد وردت في بعض المخطوطات "ولا تقودنا"، وهي تعادل: "لا تدخلنا"، لأن الكلمة اليونانية تحمل المعنيين. ويصلي البعض قائلين: "لا تسمح لنا بالانقياد في تجربة". فالله لا يقود الإنسان في تجربة، بل يسمح لمن حُرِم من معونته أن ينقاد إليها، وذلك بحسب حكمة الله الخفية، وبحسب استحقاقات من سمح له بالانقياد في تجربة. والانقياد في تجربة يختلف عن امتحان الإنسان. لأنه بدون تجربة لا يُزَكَّى إنسان. وهو يجرب لتزكية نفسه، كما هو مكتوب: "الذي لم يُمتحَن ماذا يعلم" (راجع سي 34: 11)، أو يجرب لتزكية الآخرين، كقول الرسول: "تجربتكم[3] التي في جسدي لم تزدروا بها" (غل 4: 14). لأنه من هذه الظروف علم الرسول أنهم ثابتين، لأنهم لم يتركوا المحبة بسبب المضايقات التي انتابت الرسول بحسب الجسد. أما عن الله، فهو يعرفنا قبل أن نجرب، لأنه عالم بكل الأشياء قبل كونها. القديس أغسطينوس 14 رُوحُ الْمُتَّقِينَ لِلرَّبِّ يَحْيَا، 15 لأَنَّ رَجَاءَهُمْ فِي مُخَلِّصِهِمْ. 16 مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَلاَ يَخَافُ وَلاَ يَفْزَعُ، لأَنَّهُ هُوَ رَجَاؤُهُ. 17 مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ فَطُوبَى لِنَفْسِهِ. 18 إِلَى مَنْ يَتَوَجَّهُ وَمَنْ عُمْدَتُهُ؟ 19 إِنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلَى مُحِبِّيهِ، هُوَ مُجِيرٌ قَدِيرٌ وَعُمْدَةٌ قَوِيَّةٌ. سِتْرٌ مِنَ الْحَرِّ وَظِلٌّ مِنَ الْهَجِيرِ. 20 صِيَانَةٌ مِنَ الْعِثَارِ وَمَعُونَةٌ عِنْدَ السُّقُوطِ. هُوَ يُعْلِي النَّفْسَ وَيُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. يَمْنَحُ الشِّفَاءَ وَالْحَيَاةَ وَالْبَرَكَةَ. ما يشغل ابن سيراخ في موضوع الأحلام الباطلة هو الكشف عن الطريق الآمن لتدبير حياة المؤمن: أ. أبرز ضرورة التمتُّع بروح التمييز للتخلُّص من الممارسات الوثنية كالعرافة والفأل وتفسير الأحلام المخادعة [5]. ب. التمسُّك بالشريعة للتمتُّع بالحكمة الكاملة [8]. ج. الانتفاع بخبرات الآخرين خلال الأسفار. د. الرجاء اليقين يتحقَّق بمخافة الرب كميناء الأمان من كل خداعٍ أيّا كان مصدره، سواء كان مصدره خيالات النفس أو الانزلاق في الممارسات الوثنية أو خداع عدو الخير بالأحلام المضللة. الآن يتحدث عن مخافة الربّ وعملها في حياة المؤمن: 1. مخافة الربّ تهب الحياة للروح التي تقتلها الخطية [13]. 2. مخافة الربّ تهب روح التحدِّي، فلا تخاف شيئًا ولا تفزع [14- 15]. 3. مخافة الربّ تكشف لنا أن عيني الرب نحو مُحِبِّيه تحفظانهم من كل خطرٍ [16]. 4. مخافة الربّ تسمو بالنفس، وتهبها البصيرة الداخلية والشفاء والحياة والبركة [17]. سجَّل لنا القديس مار فيلوكسينوس ميمرين عن مخافة الرب بعد كتابة ميمرين عن الإيمان، واثنين عن البساطة. قَدَّم لنا مخافة الربّ كشخصٍ مولود من الإيمان وحافظ للإيمان. وأوضح أن آدم وبعد ذلك قايين طردا عنهما مخافة الرب ففقدا إيمانهما. الذين يخافون الربّ تحيا روحُهم، لأن رجاءهم في ذاك الذي يُخَلِّصهم [13]. v من يفهم ما هو الجسد، أي إنه قابل للفساد وقصير الأجل، يفهم أيضًا أن النفس سمائية وخالدة، وأنها نسمة من الله، ومرتبطة بالجسد إلى أن تتقدَّم وتسمو نحو التشُّبه بالله. الإنسان الذي يفهم النفس فهمًا سليمًا، يسلك في حياة مستقيمة ترضي الله، ويحذر من الجسد ولا يتهاون معه. كذلك بتأمل الذهن في الله، يرى البركات الأبدية عقليًا (روحيًا)، هذه التي يهبها الله للنفس. القديس أنطونيوس الكبير ولا يفزع أبدًا، لأنه الرب هو رجاؤه [14]. v لأن قايين لم يخف الله طوعًا، ملكت المخافة عليه كرهًا، وأصبح مرتعبًا هائمًا على وجه الأرض، وتحت عذاب الخوف كان يرجو الله أن يجعل أي إنسان يقتله، لكي يتخلَّص من هذه الحياة المملوءة خوفًا ورعبًا! القديس مار فيلوكسينوس المنبجي إلى من ينظر؟ ومن هو سنده؟ [15] v اختبار مخافة الرب موجود في داخل النفس؛ والإنسان وحده هو الذي يستطيع أن يعرف ما إن كان يخاف الله أم لا. هل تذكَّرت الله فارتعبت؟ هل فكرت فيه فامتلأت خوفًا؟ هل ارتجفت أفكارك مع أعضائك، ونفسك مع جسدك؟ هل أحنى عقلك رأسك وأصابك الخجل أمام الله؟ إن كانت هذه الأشياء تحدث لك فاعلم أن مخافة الرب موجودة فيك، وتذكَّر الله حاضر بالفعل عندك. القديس مار فيلوكسينوس المنبجي هو ملجأ من حرارة القيظ، وظلّ من شمس الظهيرة، ووقاية من العثرات، ونجدة من السقوط [16]. يدعو ابن سيراخ خائفي الربّ "محبيه". يجد محب الربّ حمايته في الربّ، إذ يسنده من قيظ التجارب، ويُخَلِّصه من السقوط، ويمجده، وينير بصيرته الداخلية ويُمَتِّعه بالشفاء من الأحزان، ويبهج قلبه بخيراته الإلهية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. إن كان الربّ يُدعَى شمس البرّ الذي ينير النفس، فإن عدو الخير يُدعَى شيطان حيث يدفع البشر نحو تجارب حارقة. المخافة تسند المؤمن في جهاده ضد الشرّ، خاصة في مقاومته للأفكار الداخليّة: v مخافة الرب هي اللجام الذي يوقف انطلاق الإنسان نحو ارتكاب الشرّ، ويجذبه للخلف حينما يُستعبَد للجري وراء شهواته الكريهة، ليس فقط في حياته الخارجيّة، بل وعلى وجه الخصوص في حياته الداخليّة الخفية" [6: 181]. v الإنسان الذي يعيش في تذكُّر الله كل حين يمتلئ بالمخافة، حتى عند مقاومته فكر شهوة يمر على نفسه، فيصير مرتعبًا بسبب هذا الفكر. لكن يهرب الفكر في الحال أمام مخافة النفس، كالعصفور الذي يهرب من أمام الإنسان الذي يقلق راحته. الخوف واحترام قوانين الناس يحافظان على الجسد ضد الشهوات. والمخافة وخجل الإنسان أمام الله يحافظان على النفس ضد أفكار الشرّ. لأنه إذ يعرف أن الله يراه في كل حين، يراقب نفسه باستمرار لكيلا يخطئ. القديس مار فيلوكسينوس المنبجي ويُنِير العينين، ويمنح الشفاء والحياة والبركة [17]. v كما أن الخوف يُصاحِب طفولة هذا العالم ويدفعها لتعليم القراءة والكتابة، هكذا أيضًا تُناسِب مخافة الرب طفولة النفس، وتدفعها إلى تنفيذ الوصايا وعدم الاستهتار بكلام الله. القديس مار فيلوكسينوس 21 الذَّابِحُ مِنْ كَسْبِ الظُّلْمِ يُسْتَهْزَأُ بِتَقْدِمَتِهِ، وَاسْتِهْزَاءَاتُ الأُثَمَاءِ لَيْسَتْ بِمَرْضِيَّةٍ. 22 الرَّبُّ وَحْدَهُ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. 23 لَيْسَتْ مَرْضَاةُ الْعَلِيِّ بِتَقَادِمِ الْمُنَافِقِينَ، وَلاَ بِكَثْرَةِ ذَبَائِحِهِمْ يَغْفِرُ خَطَايَاهُمْ. 24 مَنْ قَدَّمَ ذَبِيحَةً مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ، فَهُوَ كَمَنْ يَذْبَحُ الاِبْنَ أَمَامَ أَبِيهِ. 25 خُبْزُ الْمُعْوِزِينَ حَيَاتُهُمْ؛ فَمَنْ أَمْسَكَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ سَافِكُ دِمَاءٍ. 26 مَنْ يَخْطَفْ مَعَاشَ الْقَرِيبِ يَقْتُلْهُ. 27 مَنْ يُمْسِكْ أُجْرَةَ الأَجِيرِ يَسْفِكْ دَمَهُ. 28 وَاحِدٌ بَنَى وَآخَرُ هَدَمَ؛ فَمَاذَا انْتَفَعَا سِوَى التَّعَبِ؟ 29 وَاحِدٌ صَلَّى وَآخَرُ لَعَنَ؛ فَأَيُّهُمَا يَسْتَجِيبُ الرَّبُّ لِدُعَائِهِ؟ 30 مَنِ اغْتَسَلَ مِنْ لَمْسِ الْمَيْتِ ثُمَّ لَمَسَهُ؛ فَمَاذَا نَفَعَهُ غُسْلُهُ؟ 31 كَذلِكَ الإِنْسَانُ الَّذِي يَصُومُ عَنْ خَطَايَاهُ ثُمَّ يَعُودُ يَفْعَلُهَا، مَنْ يَسْتَجِيبُ لِصَلاَتِهِ، وَمَاذَا نَفَعَهُ اتِّضَاعُهُ؟ من بين كل أسفار الحكمة، ابن سيراخ وحده يهتم بالحديث عن عبادة الله الحقيقية. منذ بداية السفر أعلن الكاتب الاهتمام بخدمة الربّ (2: 1). في نظره خدمة الربّ هي الحياة الحقيقية للإنسان. ترتبط خدمة الربّ بالحياة الداخلية للمؤمن، مثل إشعياء النبي يدرك ابن سيراخ أن العبادة وتقديم الذبائح يمكن ممارستها بحرف لا روح فيه. فلا يُسَرّ بها الربّ؛ التوقُّف عند الحرف دون نقاوة القلب فيه استخفاف بالشركة الحيّة مع الربّ. مثل إشعياء يربط سيراخ بين تقديم الذبائح والسلوك في مخافة الربّ [18، 20]. يعطي سيراخ أمثلة للعبادة والتقدمات غير المقبولة لدى الربّ. من يتقدَّم إلى الربّ منعزلًا بقلبه عن إخوته لن يَقْبَلَه الربّ. أول جريمة قتل في العالم تمَّت خلال تقدمات للربّ من قايين فلم تُقبَل (راجع تك 4: 3-5). ومن المُلاحَظ أن لوقا البشير الذي تحدَّث كثيرًا عن الصلاة، تحدَّث كثيرًا أيضًا عن الصدقة. فبالحُبّ العملي وعمل الرحمة والحنو، يشتمّ الله الصلاة رائحة رضا. لذلك حذَّرنا الربّ من تقديم ذبائح على المذبح قبل مصالحتنا مع إخوتنا. من يُقَدِّم ذبائح بارتكاب الإثم، فالتقدمة هي سخرية؛ وعطايا الأثمة غير مقبولة [18]. لا يُسَرُّ العليّ من تقدمات الأشرار، ولا بتعدُّد ذبائحهم يغفر الإنسان خطاياه [19]. من يُقَدِّم ذبيحة من ممتلكات المساكين، يذبح ابنًا أمام أبيه [20]. v إن الذي تحول إلى مرارة بسبب جذور السم المهلك لا يمكن أن تخرج منه ثمرة حلوة. لأجل ذلك يقول الرب بالنبي رافضًا حتى التقدمات: "لأني أنا الرب محب العدل، مبغض المختلس بالظلم" (إش 61:8). يقول أيضًا: "ذبيحة الشرير مكرهة، فكم بالحري حين يقدمها بغشٍ!" (أم 21:27) إنهم يقدمون إلى الله حتى الأشياء التي يأخذونها من المحتاجين، لكن الرب يبين بتأنيب عظيم كيف يُجَرِدَهُم قائلًا بالحكيم: "من قدم ذبيحة من مال المساكين فهو كمن يذبح الابن أمام أبيه" (راجع سي 34: 20). وهل هناك ما هو أفظع من قتل الابن أمام عيني أبيه؟ هكذا ينظر الله إلى هذه الذبائح بغضبٍ شديدٍ كحزن الأب الذي فقد ابنه. البابا غريغوريوس (الكبير) فمن يحرمهم إياه هو سافك دماء [21]. من ينتزع معيشة القريب يقتله، ومن يحرم الأجير أُجرته فإنه يسفك دمه [22]. إن كان واحد يبني وآخر يهدم، فماذا ينتفعان سوى التعب؟ [23] العبارات [23-26] تبرز الصراع المستمر بين الخير والشرّ. جيد للإنسان أن يصوم ويصلي لأجل نوال المغفرة، غير أنه لا يتهاون فيسقط فيما قدَّم عنه توبة. سُئِل القديس برصنوفيوس: إن كان إنسان غير مُخْلِص في توبته، هل إذا صلَّى له قديسون تُغفَر خطاياه من أجلهم؟ استخدم القديس هذه العبارة، حاسبًا القديسين أنهم بصلواتهم يبنون، وأما المستهتر في توبته فهو يهدم، فما المنفعة سوى التعب؟ v الإنسان الذي لا يمارس ما يقدر أن يفعله، واعتمد على هذا المجهود أي صلوات القديسين، فإن صلواتهم لا تنفعه في شيء. إن مارسوا الحياة النسكية، وصلوا من أجله، بينما عاش في حياة من الضياع والخلاعة، فما نفع صلواتهم بالنسبة له؟ إذ يتحقق القول: "واحد يبني وآخر يهدم، فماذا ينتفعان سوى التعب؟!" (راجع سي 34: 23). حقًا لو كان ممكنًا أن يحدث هذا، أي يصلي القديسون من أجل إنسانٍ فيخلص، بينما الأخير لم يبالِ بذلك ولو في عناية قليلة، عندئذ ما كان يمنعهم عن ذلك من أجل خطايا العالم. القديس برصنوفيوس القدِّيس يوحنا الذهبي الفم لصوت من منهما يستمع الربّ؟ [24] v إنسان يأخذ مما للآخرين ويعطيه للغير لا يُظهِر رحمة، إنما يمارس خطأً وظلمًا بدرجة عظيمة. وكما أن الحجر لا يمكن أن يُخرج زيتًا، هكذا القسوة لا تجلب رحمة. عندما تُمارَس الصدقة بهذه الطريقة لا تُحسَب صدقة. لذلك أحثّكم ليس فقط أن ننظر كيف نعطي المحتاجين، وإنما أيضًا ألاَّ نعطي مما سلبناه من الآخرين. عندما يصلي واحد، وآخر يلعن، فأيهما يستجيب الربّ دعاءه؟" (راجع سي 34: 24). إن كنا نقود أنفسنا هكذا بدقةٍ سنكون قادرين بنعمة الله على نوال رأفات كثيرة ومراحم وغفران لكل ما فعلناه طوال الزمن الطويل، وأن نهرب إلى ملكوت السماوات بنعمة ورأفة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد مع الآب والروح القدس إلى أبد الآبد. آمين. القدِّيس يوحنا الذهبي الفم ثم عاد فلمسه ثانية، فماذا ينتفع من غسله؟ [25] v إن أُعطي إنسان ثروته لله، لكنه قَدَّم نفسه للشيطان، فهو يُحَقِّق المكتوب: "من اغتسل من لمس ميت، ثم عاد فلمسه، فماذا نفعه غسله؟" (راجع سي 34: 25). بالمثل أوضح الرسول بطرس: "إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم... يرتبكون أيضًا فيها فيُغلَبون، فقد صارت لهم الأواخر أشرّ من الأوائل" (2 بط 2: 20). راعوا أيها الإخوة شهادة الطوباوي بطرس عن الخطاة، إذا كانوا بعد أن بدأوا في الخلاص من خطاياهم يعودون إلى مستنقع الرذيلة، تصير حالتهم الأخيرة أَشرّ من الأولى. ما أضافه نفس الرسول بطرس يشير إلى نفس الناس: "كلب قد عاد إلى قيئه، وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحمأة" (2 بط 2: 22). في الواقع سليمان (ابن سيراخ) يُحَذِّرنا بأكثر وضوح بكلمات أكثر رعبًا: "يا بني، هل أخطأت؟ لا تزد، بل صلِ عما سلف من الخطايا فتُغفَر لك" (راجع سي 21: 1). v أيها الأحباء الأعزاء، لا تسمحوا للبركات الإلهية أن تُدَمِّر فيكم بإتباعكم الأعمال الشريرة. لئلا تلحق الرذائل بكم على حين غُرّة، والفضائل لا تفارق قلوبكم. فيتحقَّق المكتوب: "من اغتسل من لمس الميت، ثم عاد فلمسه، فماذا نفعه غسله؟" (راجع سي 34: 25). إن انسحبت الفضائل ونقبل الرذائل، يلزمنا أن نخشى تحقيق الكلمات: "إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد، ثم يقول: أرجع إلى بيتي الذي خرجت منه، فيأتي ويجده فارغًا مكنوسًا مزينًا، ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أُخر أَشرّ منه، فتدخل وتسكن هناك، فتصير أواخر ذلك الإنسان أَشرّ من أوائله" (مت 12: 43-45). v بقدر عظمة ما نستلمه، يليق بنا أن نحافظ عليه بأكثر عناية واهتمام. إنه لأمر خطير أن يرفض وثني نعمة الله، لكن الخطر ليس بأقل منه إن كان المسيحي بعد أن قبلها، يعود فيفقدها. فليست كرامة لقب "مسيحي" هي التي تجعله مسيحيًا. ليس من نفع لكم نهائيًا في اللقب نفسه ما لم تظهروه بالأعمال. هكذا الربّ نفسه أيضًا يقول في الإنجيل: "لماذا تدعونني يا ربّ يا ربّ، وأنتم لا تفعلون ما أقوله؟" (لو 6: 46). لهذا فلنجاهد أن نحيا في طهارة وبرّ وتقوى حتى متى وقفنا أمام كرسي الديان الأبدي، لا نُعاقَب مع الأشرار والخطاة، بل نتأهَّل لنوال المكافآت الأبدية مع الأبرار خائفي الله، وذلك بعون ربنا الذي له الكرامة والقدرة إلى أبد الأبد. آمين. الأب قيصريوس أسقف آرل الذي يُطَهِّر نفسه بالبكاء هو كمثال الذي يغتسل بعد لمس الميت، أما الذي يعود إلى فعل الخطية بعد أن ذرف الدموع عليها، فكمن يعود إلى لمس الميت بعد اغتساله. ينبغي أن يَعْلَم الذين ينوحون على خطاياهم ولكن لا يتركونها بأنهم في عين الديان العادل كالذين عندما يَحُلون أمام أشخاص بعينهم، يحزنون بتضرعٍ ذليلٍ، ولكن عندما يتركونهم، يكنون لهم كل الكراهية والأذى. البابا غريغوريوس (الكبير) فلجينتيوس (تلميذ القديس أغسطينوس) ثم يعود يرتكب نفس الخطايا مرة أخرى، فمن يسمع صلاته؟ وماذا ينتفع من إذلاله؟ [26] v لو مَارَسَت حواء الصوم، وتجنَّبت الأكل من ثمر هذه الشجرة، ما كُنَّا في حاجة إلى هذا الصوم لأنه "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت 9: 12). فخطيتنا هي التي جلبت علينا المرض. فدعونا إذًا نُشفَى بالتوبة، غير أن التوبة بدون ممارسة الصوم هي باطلة "ملعونة الأرض بسببك. وشوكًا وحسكًا تُنبِت لك، وتأكل عشب الحقل" (تك 3: 17-18). القديس باسيليوس الكبير مخافتك ملجأي من ضعفاتي v إلهي، كيف أُمَيِّز بين الأحلام المقدسة والأحلام الباطلة؟ سَمِّر خوفك فيَّ، فيتنقّى قلبي بنعمتك، وأَتَمَتَّع بالأمان إذ تهبني روح التمييز. v قَدِّس عقلي وقلبي، ففي جدّية أختبر العِشْرَة معك. وفي أسفاري أَتَعَلَّم من خبرات إخوتي معك. v لأخافك أيها القدوس، فلا أخشى شيئًا، وتفتح لي باب الرجاء فأختفي فيك! مخافتك تقودني إلى العبادة المرضيّة أمامك. تفتح لي باب السماء ويرتفع قلبي إليها. لساني يُقَدِّم لك ذبيحة شكر، تشتمّها رائحة رضا. بمخافتك أُمارِس أصوامي وصلواتي ومطانياتي، وكل العبادة بدالة لديك! |
||||