منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25 - 01 - 2014, 05:25 PM   رقم المشاركة : ( 141 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

إخفاء الفضائل
الذي لا يحب المديح، تراه يخفي فضائله عن الناس، حتى لا ينال مديحًا منهم بسببها. فهو بكل الوسائل، وبصدق نية، يعمل الخير في الخفاء حسب وصيه الرب (مت6) وحسبما كان يفعل القديس الأنبا صرابامون أبو طرحة..
حقًا إن كنت تعمل الخير من أجل الله، لا من أجل الناس، فماذا يهمك إن كان الناس يرون هذا الخير أو لا يرون؟! تحضرني هنا قصة حدثت مع القديس الأنبا بموا. جاءت إليه في أحد الأيام القديسة ميلانيا -قبل رهبنتها- وكانت من الأثرياء وأعطته صرة فيها كمية كبيرة من الذهب، وطلبت إليه أن ينفقها على الرهبان الذين في البرية الجوانية. فنادي القديس بموا على تلميذه، وسلمه الصرة دون أن يفتحها وطلب إليه أن يوزعها على الرهبان المحتاجين في البرية الجوانية. وهنا قالت له ميلانيا: [ولكنك لم تفتحها يا أبي. لتعرف مقدار ما فيها كم هو؟] فنظر إليها القديس في عمق وقال لها:

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
[إن كنت يا ابنتي قد قدمت هذا لمال لله، فهو ولا شك يعرف مقداره كم هو]..!
وأخذت ميلانيا درسًا وحيًا، ينقذها من المجد الباطل الذي يريد أن يظهر كثرة ما قدمته من مال، أمام القديس، وأمام نفسها..
وهنا نذكر قول السيد الرب:
"وأما أنت فمتى صنعت صدقة، فلا تعرف شمالك ما تفعله يمينك" (مت6: 3)..
فما معني هذه الوصية الإلهية؟ وما عمقها؟ معناها أنه لا يكفي فقط أن الناس لا يعرفون ما تفعله أنت من الخير إنما أكثر من هذا..
لا تجعل فضائلك تعرفها نفسك أيضًا أخفها عن نفسك. لا تذكرها ولا تتذكرها ولا تتأملها.
بعض الناس يقدمون للفقراء، بدون عد حتى لا يعرفوا ما أعطوه. وهكذا ينفذون الوصية حرفيًا، والبعض يعطي ولا يحاول أن يتذكر تفاصيل ما أعطاه، ولا يجلس في آخر كل فترة ليجمع حصيلة كل ما قدمه خلال تلك الفترة.
إن الله لا يحاسبك فيما أعطاه لك فلا تحاسبه أنت في ما أعطيته له:
إنس كل ما فعلته من خير. لا تعد تتذكره. لا تتحدث عنه أمام الناس، ولا تفكر فيه فيما بينك وبين نفسك. ولا يكن هدفك في العطاء، أو في عمل الخير عمومًا، أن يراك الناس، أو أن يمدحوا عملك.
وليس معني هذا أنك لا تعمل الخير، خوفًا من أن يراك الناس:
إنك في هذه الحالة تعتبر مقصرًا في حياتك الروحية، إنما افعل الخير حبًا في الخير، وحبًا للناس الذين تعمل معهم الخير، وحبًا له الذي أعطاك الخير الذي تفعله. ولا تبال بعد ذلك أن يراك الناس أو لم يروك...
أحيانًا نظر الناس، يعطي حماسًا لعمل الخير ولكنه ليس حماسًا روحيًا إنما هو حماس لكسب المديح!
وفي هذا الأم نذكر أن راهبًا سوريًا سكن في برية شهيت. وفي أحد الأيام أتي إلى القديس مقاريوس الكبير، وقال له: [لماذا يا أبي حينما كنت في بلدي، كنت أطوي الأيام صومًا، وهنا في البرية أشعر بالجوع الشديد قبل أن أصل إلى الغروب؟!] فأجابه القديس مقاريوس: [حينما كنت في بلدك، كان الناس يرونك، فكنت في صومك تتغذي على المجد الباطل. أما هنا في البرية، فإذ لا يراك أحد تشعر بالجوع!]
وفي إخفاء الفضائل، قد يحارب المؤمن بأن يكون قدوة..
ولكن الإنسان المتضع، لا يضع نفسه قدوة لأنه لا يري في نفسه شيئًا يقتدي به الآخرون.
إنه يقول لله في صلاته: [ أنت تعرف يا رب حياتي، كم هي خاطئة. فهل لأنك سترتني ولم تشأ أن تكشفني أمام الناس، استغل أنا هذا الستر، وأتمادى لأجعل نفسي قدوة! من أنا حتى أكون قدوة!؟!].
لذلك لا يجوز لنا أن نجعل هدفنا أن نكون قدوة، حتى لو صرنا قدوة بدون إرادتنا بترتيب من الله..
إن الذي يهدف أن يصير قدوة، ما أسهل أن يقع في الكبرياء وفي الرياء، ويظهر للناس بغير حقيقته! يخفي أخطاءه، ويظهر فضائل له!
أما المتواضع الهارب من القدوة، فإنه قد يظهر للناس نقائصه وضعفاته.
أتي بعض رهبان من الإسقيط إلى ألأم سارة، وحكوا لها نقائصهم. فقالت لهم:
[بالحقيقة أنكم أسقيطيون لأن ما عنكم من الفضائل تخفونه. وما ليس فيكم من الرذائل إلى أنفسكم].
وكان القديس الأنبا بيشوي، إذا عرف عنه تدبير روحي معين، يتركه وينشغل بتدبير آخر لا يعرفه أحد، ولكن ليس معني هذا، أن تترك كل تدبير حسن تسير فيه.
فقد يضرك هذا. إنما اثبت في كل تدبير صالح من أجل نموك الروحي، وليس لكي ينظرك الناس. وليكن إخفاؤك لفضائلك بحكمة..
ومع ذلك نقول إن بعض الأشخاص -بحكم وضعهم- من المفروض أن يكونوا قدوة، لئلا يعثروا غيرهم. مثل رجال الاكليروس والقادة والمسئولين على أن يكون ذلك بطبيعة حياتهم، وليس اصطناعًا أو رياء...
وحتى هؤلاء أيضًا، يمكن أن تكون لهم فضائل كثيرة مخفاة. والمهم أن لا تكون اهتماماتهم بنموهم الروحي يقولون مع الرسول: "أنسي ما هو وراء وامتد إلى ما هو قدام" (في3: 13).
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:26 PM   رقم المشاركة : ( 142 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

الهرب من محبة الرئاسة
ليست الرئاسة في حد ذاتها خطية فقد وضع الله رئاسات حتى بين الملائكة وقد يكون إنسان رئيسًا وفي منصب كبير، ومع ذلك يكون وديعًا ومتواضع القلب.
العيب إذن ليس في الرئاسة إنما في محبة الرئاسة..
إن الذي يشتهي الرئاسة، إنما يشتهي لنفسه أمجادًا على مستوي محبة العالم، وليس على مستوي روحي، ومثل هذا، إذا حصل على رئاسة قد تتلفه وترفع قلبه.. وقد يظن أنه قد صار شيئًا، ويجب أن يعامله الناس هكذا..
والذي يشتهي الرئاسة، مصيره أن يقع في أحلام اليقظة..

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
كأن يخلو إلى نفسه، ويتصور أنه قد صار كذا وكذا، وأنه قوبل بدرجات معينة من المديح والتقدير والاحترام.. ويتصور أنه يقوم بأعمال عظيمة لم يعملها أحد غيره، لو أعطيت له تلك المناصب! وكلها تخيلات من المجد الباطل، تشعره بأنه يستطيع أن يعمل ما لم يعمله غيره.
وقد يسمح الله أن تسند إلى مثل هذا الشخص مسئوليات فيفشل فيها. لأن الإنسان يمكنه أن يعمل في الخيال ما يعجز عنه في الواقع.
ومثال ذلك قصة شيخ ذهب لافتقاد راهب محارب بالمجد الباطل. وكان هذا الراهب يتصور أنه واقف يعلم الموعوظين. وكان يلقي عظته عليهم بصوت سمعه الشيخ في الخارج. وبعد العظة باركها وصرفهم بسلام.. هنا وقرع الشيخ الباب، ففتح له الشاب، وفكر في نفسه ما عسي أن يقول عنه الشيخ إذا كان قد سمعه فلكي يتأكد قال: [إني أسف يا أبانا، لئلا تكون قد جئت من زمن وتعطلت على الباب].
فابتسم الشيخ وقال: [لقد جئت يا ابني وأنت تصرف الموعوظين]!
فاحرص أن تبتعد عن أحلام اليقظة هذه وتتصور ما ليس لك.
سئل القديس يوحنا الأسيوطي: [هل يليق بالإنسان أن يطلب رتبه وسلطانًا لتقويم المعوجين وأبطال الشرور؟ فأجاب:
[كلا.. لأنه إن كان وهو بعيد عن الدرجة، يشتهي أن يكون عظيمًا فماذا يعمل عندما يصل إلى الرئاسة والعظمة نفسها؟ لأن الذي لم يعرف الاتضاع وهو في حقارته، فماذا يفعل عندما يكون في عظمته؟!]
وأضاف القديس عن مثل هذا الشخص: [إن كان منتفخًا وهو بعيد عن المناصب، فماذا يعمل عندما يأخذ المناصب؟!] إن الرئاسة قد لا تضر الناضجين روحيًا الذين يحتملونها باتضاع، ولكنها تضر غير الناضجين. قال القديس اوروسيوس أحد خلفاء القديس باخوميوس الكبير.
[إن الرئاسة مضرة للأشخاص الذين لم ينضجوا]. وضرب لذلك مثلًا فقال: [إذا أحضرت طوبة من طين لم تحترق بعد بالنار والقيتها في الماء فإنها تذوب. أما إذا حرقت بالنار، فلو القيت في الماء تبقي وتشتد... كذلك الشخص الذي يصل إلى الرئاسة قبل أن ينضج قبلما يحمص بالنار، أي باختبارات الحياة، قبلما يزول منه المجد الباطل، فإنه معرض للهلاك].
كذلك مساكين هم الناس الذي يخضعون لرئاسة شخص محب للمجد الباطل. أنه يضيع نفسه، ويضيع معه الناس، من أجل المجد الذي يطلبه
ولذلك من الخطر جدًا، أن يوضع في رتبه الرعاية أشخاص يحبون الكرامة العالمية. فإن كنت لست متضع القلب، لا تطلب لنفسك درجة الكهنوت، بل اشته لنفسك أن تكون خروفًا في رعية المسيح عن أن تكون راعيًا يطلب دم رعيته من يدك.
اشته أن تكون حملًا من القطيع، يرعاك غيرك، لا أن تكون مسئولًا عن رعية.
لأنك إن كنت لا تقدر أن تربح نفسك فكيف تقدر أن تربح للرب نفوسًا كثيرة..؟! إن كنت في الوقت الذي لم يكن عليك فيه أثقال، لم تستطع أن تحيى ذاتك، فكيف تقدر أن تخلص شعبًا كبيرًا من شر العالم؟! الإنسان المتضع الذي يريد خلاص نفسه، ويشعر في داخله بعجزة عن الرعاية، يهرب منها.
أما إذا أمسكك الله وصيرك راعيًا فأطلب منه قوة تعينك.
إن كانت حاجة الكنيسة قد وضعتك في منصب، فلا تثق بقوتك ومواهبك بل اسكب نفسك أمام الله، لكي يعمل هو بك، ولكي يعمل فيك ومعك. وتكون أنت مجرد آلة يسيرها هو حسب غني وفرة حكمته.
إن صرت راعيًا، أو صاحب منصب، فكن متضع القلب..
لا تعتبر نفسك أنك قد صرت من أعمدة الكنيسة، ولا تسلك بعظمة، إنما اعتبر نفسك مجرد خادم، واسلك كخادم، كما غسل المسيح أرجل تلاميذه. وقال عن نفسه: "إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مر10: 45).
سألني كاهن جديد، أن أقول له نصيحة بمناسبة خدمته، فقلت له:
[كن ابنًا وسط إخوتك، وأخًا وسط أولادك]..
وهكذا لا يرفع نفسه ويستمر في اتضاعه. أما إن كان يريد أن يتمتع بكرامة في منصبه، فلا شك أنه سيضيع نفسه. لأن المناصب ليست رفعة، وإنما خدمة. والذي يسلك فيها كخادم فهذا سيرفعه الله، دون أن يرفع هو نفسه..
قال القديس برصنوفيوس:
[لا تحسب نفسك في شيء من الأمور ولا يحسبك أحد شيئًا، وأنت تنتج (أي تستريح)]..
ذلك لأن الناس يحبون المتضعين، وينفرون من كل محب للمديح أو الكرامة كذلك فإن المحب للرياسة قد يصطدم بغيره من يشتهون نفس الشهوة وينافسونه فيها. أما الذي يحب المكتأ الأخير، فإنه لا ينافس أحدًا.
وإن صرت رئيسًا، فلا تتسلط على أحد، بل عامل الكل بالرفق..
اعرف جيدًا أنك مجرد رئيس على عملهم ولست رئيسًا على أشخاصهم.
أما أشخاصهم، فلها عندك كل احترام وكل حب. واعرف أنك ومرؤوسيك سواء أمام الله، وربما تكون لبعضهم منزلة عند الله أعظم. اشعر في داخلك أنك زميل لهم، وأن كنت أقدم، تفاهم معهم بروح الود وبالبساطة.
فالسلطة تعطي للبعض من أجل إدارة العمل، وليس من أجل كرامتهم الشخصية..
والذي يعتبرها تكبيرًا لنفسه، يكون قد انحرف عن هدفها وعن تواضعها وهذا الكلام يقال أيًا عن الأب والزوج في الأسرة، كما يقال عن المعلم مع تلاميذه، وعن المرشد مع يرشدهم، وعن كل من يتولي مهام القيادة والأبوة والرعاية..
كان القديس باخوميوس يرفض أن يحمل له أولاده حاجياته وهو سائر في الطريق..
بل كان يحب أن يشابههم في كل خدمة وهكذا قال بولس الرسول أيضًا: "حاجاتي وحاجات الذين معي، خدمتها هاتان اليدان" (أع20: 34).
بهذا كان الآباء قدوة لابنائهم في الخدمة وفي الاتضاع. وبهذه القدوة كسبوا محبتهم، وكسبوا خضوعهم أيضًا..
وما كانوا ينظرون إلى أنفسهم اطلاقًا كرؤساء، إنما كآباء. ليسوا أصحاب سلطة، إنما كأصحاب قلوب كبيرة مملوءة بالحنان والشفقة. القديس الأنبا شيشوي، حينما سلموه أخًا جديدًا ليعلمه، ما كان يصدر له أمرًا في أي شيء. فلما عاتبه الآباء على ذلك، قال لهم:
[أنا لست رئيسًا عليه لآمره.. فإن أراد أن يتعلم. فلينظر إلى كيف أعمل، وليعمل مثلي].
لذلك فإن تواضع القلب هو شرط أساسي لكل من يتولي عملًا قياديًا، حتى لا يهلك نفسه وأنفس الذين يقودهم أيضًا، وحتى لا يكون قدوة سيئة في عمله القيادي. وإنما عليه أن يقود الناس بالحب والتعليم والمثال السليم، وليس بالسلطة وبالأمر والنهي.. أما عن المواضعين الذين يهربون من الرئاسة، فإننا نضع أمامهم مثال القديس بينوفيوس.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:28 PM   رقم المشاركة : ( 143 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

مثال القديس بنوفيوس في الهرب من الكرامة
عرفنا قصة هذا القديس من يوحنا كاسيان مؤسس الرهبنة في فرنسا.
كان القديس بينوفيوس رئيسًا على دير يضم أكثر من مائتي راهب في منطقة البرلس..
وكان متضعًا جدًا ومهابًا، وله مكانه عند الكثيرين ممن يحبون قداسته وحياته الفاضلة ومواهبه الروحية، وكذلك بسبب شيخوخته وكهنوته.
وفي أحد الأيام جلس هذا القديس إلى نفسه، وقال لها: "[وما نهاية هذا التوقير الذي ألقاه كل يوم؟ ألعلني سوف استوفي خيراتي على الأرض وأين الطريق الضيق والكرب عملًا بقول الكتاب: "لأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع14: 22)].
لذلك هرب القديس بينوفيوس ذات يوم من الدير، متنكرًا في زِيّ علماني وسار جنوبًا حتى وصل أحد أديره القديس باخوميوس الكبير في إسنا.

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
وطرق الباب طالبًا أن يقبلوه في الدير... فنظروا إليه في تعجب: من هذا الشيخ الذي أتي ليترهب؟! هل بعدما تمتع بالعالم وشبع منه، يأتي أخيرًا ليصير قديسًا؟!
وطردوه قائلين له: [إنك لا تصلح]. فألح عليهم فقالوا له [أنك لا تستطيع أن تحتمل تعب الرهبنة]. فظل يلح ووقف على الباب مدة دون أكل أو شرب..
فلما رأوا احتماله وصبره، ادخلوه الدير على شرط أن يبقي في زي العلمانيين ولا يرسم راهبًا!
واسندوا إليه مساعدة راهب شاب مسئول عن حديقة الدير. فلم يمانع وكان الشاب يأمره كخادم فيطيع.. إنها أمنيته التي اشتهاها!
وكان الشاب شديدًا في معاملته، وكان هو دقيقًا في طاعته. وكان في نصف الليل والرهبان نيام يقوم بالأعمال التي يشمئز منها غيره لقذارتها، مثل تنظيف دورات المياه. وما كان الرهبان يعرفون من الذي قام بهذا العمل..
وظل على هذا الطقس ثلاث سنوات.
وكان يقول للرب: [أشكرك يا سيدي من أجل عطاياك إذ منحتني ما اشتهي فهنا لا احترام ولا توقير، بل أوامر وطاعة].. ثم بعد ذلك أتي لزيارة الدير راهب من أديره البرلس، ورأي القديس بينوفيوس، وهو يحمل السباخ ويضعه حول الشجر. فشك في الأمر ولم يصدق أنه هو. وأخيرًا سمعه يتلو مزاميره بصوته المعهود، فعرفه وسجد له.
فانكشف موضوعه، وأخذوه بمجد عظيم وأرجعوه إلى ديره. فهرب مرة أخري إلى بيت لحم..
وعمل هناك خادمًا في قلاية يوحنا كاسيان. وتصادف أن ذهب راهب آخر لزيارة القديس. وعندما قابله عرفة فأعادوه مرة ثانية باحترام كبير إلى ديره.
وزاره يوحنا كاسيان عند مجيئه إلى مصر، وكتب عنه في مؤلفاته. إنه مثال حي للهرب من الرياسات.
إننا نضع هذه الأمثلة الرهبانية أمامنا كمجرد أمثولة للهرب من محبة الكرامة. وقد لا يستطيع البعض محاكاتها كما هي هنا في العالم.
ولكنها مجرد درس يعلمنا على الأقل أن نبعد عن شهوة الكرامة ونهرب منها.
وإن وضعنا الرب في منصب رئاسي فيه باتضاع قلب. فنكون في عمل الرئاسة، ولا تكون محبة الرئاسة في قلوبنا.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:54 PM   رقم المشاركة : ( 144 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

العنف خطية مركبة
إن المسيحية لا توافق على العنف في كل صوره، لأنه سلوك غير روحي وتتركز فيه مجموعة من الخطاء.
1 - إنه خطيئة مركبة وخطيئة منفرة.

لذلك فهو مكروه من الكل. والذي يتصف بالعنف، لا يستطيع أن يربح أحدًا من الناس. وسنحاول أن نحلل العنف، لنري ما بداخله من الخطايا.
2 - العنف دليل على قسوة القلب.

والقلب الرقيق لا يمكن أن يكون عنيفًا، بل تكون تصرفاته رقيقة، وألفاظه أيضًا رقيقة ومنتقاة، لا يسمح لنفسه أن يخدش شعور أحد.

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
3 - والعنف ضد فضيلة الوداعة.

الذي يلجأ إلى العنف، يفقد وداعته في الحال. وقد دعت المسيحية إلى الوداعة كما دعت إلى الرقة والهدوء.
وفي العظة على الجبل، نري أن السيد المسيح، قد وضع الوداعة في مقدمة التطويبات، وقال في ذلك:
"طوبى للودعاء، فإنهم يرثون الأرض" (مت5: 5).
وعندما دعانا أن نتشبه به، وهو الكامل في جميع الصفات والفضائل، قال" تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت11: 29)..
وفي وداعة السيد المسيح وبعده عن العنف، قيل عنه في الإنجيل المقدس إنه:
لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت12: 20).
4 - والعنف لا يتفق مع المحبة:

والمسيحية ذكرت أن المحبة والوداعة واللطف، هي من ثمار الروح (غل5: 22). وقالت إن: "الله محبة من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه" (1يو4: 16).
والإنسان الروحي يعالج مشاكله بالحب وليس بالعنف. لأنه بالحب يكسب الله والناس. أما في سلوكه بالعنف، فإنه يخسر الكل.
5 - العنف أيضًا خطيئة عدوانية:

والمسيحية ضد العدوان. إنها تقول: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو12: 21) "باركوا على الذين يضطهدونكم. باركوا ولا تلعنوا... لا تجازوا أحدًا عن شر بشر.. إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس. لا تنتقموا لأنفسكم إن جاع عدوك فأطعمة، وإن عطش فاسقة" (رو12: 14 - 20).
إن المسيحية التي تمنع عن الغضب الإنساني، لا يمكن أن تسمح بالعنف أو العدوان...
هوذا الرسول يقول: "ليكن كل إنسان مسرعًا إلى الاستماع، مبطئًا في التكلم مبطئًا في الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع1: 19، 20) ويقول الكتاب أيضًا: "لينزع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب" (أف4: 31)" لا تستصحب غضوبًا، ومع رجل ساخط لا تجئ" (أم22: 24).
المسيحية تمنع الغضب الإنساني، لأنه الخطوة الأولي إلى العدوان والعنف والقتل..
فيقول السيد المسيح في العظة على الجبل: "إن كل من يغضب على أخيه باطلًا، يكون مستوجب الحكم" (متى5: 22). والمقصود هنا بالغضب الباطل، تميزه عن الغضب المقدس، الذي من أجل الله، وأسلوبه أسلوب روحي، بعيد عن الجسد والتهاب أعصابه..
6 - العنف يدل على البغضة:

حيث يتطور الغضب إلى بغضه وتتطور البغضة إلى العدوان والعنف والرغبة في الإيذاء. وفي هذا يقول الإنجيل المقدس: "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1يو3: 15).
إن لم يكن قاتله بالفعل، فهو قاتله بالنية أو الفكر. وكلها فروع لخطيئة واحدة..
7 - العنف يحمل رغبة في الانتقام أو على الأقل يدل على عدم الاحتمال:

هو حالة إنسان لم يستطع أن يحتمل لذلك يريد أن ينتقم لنفسه، ويأخذ حقه أو ما يظن أنه حقه، بذراعه البشري.. دون أن يترك هذا الأمر لله، الذي قال: "لي النقمة، أنا أجازى، يقول الرب" (رو12: 19) وأيضًا دون أن يترك هذا الأمر للقانون وللمجتمع..
والمسيحية لا تدعو فقط إلى الاحتمال لأن الاحتمال فضيلة سلبية. إنما تدعو إلى فضيلة إيجابية هي المحبة..
والحب والعنف لا يسيران معًا في طريق واحد. لأن الكتاب يقول: "المحبة تتأني وتترفق.. المحبة تحتمل كل شيء المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13).
في حالة العنف، يكون الحب قد تواري. وظهر مكانه شيء آخر، فما هو؟
8 - الذات تظهر وقت العنف:

فالإنسان يستخدم العنف إثباتًا لذاته أو دفاعًا عن ذاته. أو دفاعًا عن ذاته. وفي نفس الوقت يريد أن يكون غيره مقهورًا له..
والمسيحية تحارب الذات بكل قوة وبكل وضوح. فيقول السيد المسيح: "من أراد أن يتبعني فلينكر ذاته" ( مت16: 24).
وفي الحقيقة أن العنف لا يثبت ذاته إنما يثبت ضعف ذاته..! وكيف؟
9 - في العنف لا يضبط نفسه:

أما العنيف فإنه يفقد ضبط النفس فلا يستطيع أن يتحكم في أعصابه ولا في غضبه وقد يتصرف تصرفات هو جاء، تدل على أنه لا يتحكم أيضًا في عقله وفي تفكيره بينما الكتاب يقول: إن من يحكم نفسه هو خير ممن يحكم مدينة (أم16: 32).
10 - العنف دليل على الضعف.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:55 PM   رقم المشاركة : ( 145 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

العنف دليل الضعف

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
إذا لم يستطع قلب الإنسان أن يتسع بالحب، وإذا لم يتمكن عقله من حل الأمور بحكمة وهدوء، وإذا لم يقدر أن يضبط أعصابه في اتزان، حينئذ يلجأ إلى العنف.
ويكون العنف دليلًا على قلة الحيلة والعجز عن التصرف السليم..
حقًا إن غالبية العنفاء ضعفاء في حقيقة شخصياتهم. ليست لديهم قوة أعصاب، ولا قوة احتمال، ولا قوة تفكير. وسأضرب لذلك أكثر من مثل.
المدرس الذي يلجأ إلى العنف مع تلاميذه هو مدرس ضعيف..
أقصد المدرس الذي لا يستطيع أن يضبط النظام بين تلاميذه، فيثور عليهم ويضرب هذا، ويطرد ذاك، ويشتم ويعاقب، هو بلا شك إنسان ضعيف لأنه لو كان قويًا، ما كان يلجأ إلى شيء من هذا. بل يمكنه أن يضبط الفصل بقوة شخصيته، أو بذكائه وجاذبية شرحه، أو بمرحه ولطفه، أو بمحبة تلاميذه له..
ولكنه إذ خلا من كل هذه الصفات المحببة، لجأ إلى العنف بدافع من قلة الحيلة..
مثال آخر هو الأم التي تضرب أطفالها:
أم يصيح ابنها، أو يلهو ويجري ويعبث، ولا تستطيع أن تضبطه، ولا تستطع أن تتركه يلعب، فتلجأ إلى العنف: تضرب أو تشتم أو تهدد أو تخفيه بطريقة ما!! كل هذا لأنها لا تملك الخبرة ولا المعرفة بالطرق التربوية وكيفية معاملة الأطفال. ولو عرفت لكسبت طفلها دون اللجوء إلى العنف.
لأن العنف هنا يكون وسيلة لتغطية العجز أو مجرد رد فعل لقلة الحيلة.
أو هو تغطية لضعف داخلي، ربما يكون هو عدم الاحتمال . إن الشخص الذكي يستطيع أن يخرج من إشكالاته بسهولة، في حكمة وحسن تصرف.. أما الضعيف فيستخدم العنف.
وهكذا يقول الرسول: "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء ولا نرضي أنفسنا" (رو15: 1).
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:57 PM   رقم المشاركة : ( 146 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

أنواع من العنف
1 - نوع من العنف هو الإيذاء بكل درجاته:

ومنه الضرب: والقتل بأنواعه. وكذلك كل ألوان التعذيب الجسدي أو النفسي كالتخويف مثلًا وإثارة الذعر. وكله داخل في العنف العصبي.
2 - عنف آخر هو الإرهاب:

ويشمل جرائم الخطف للأفراد وللطائرات والسفن، ومن أعماله تفجير السيارات الملغومة والرسائل الملغمة، وكافة أعمال النسف والتدمير والتخريب، والذعر. وكلها جرائم على مستوي بشع.
3 - ومن العنف أيضًا الحرب:


كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
والحروب قد شهدها العالم منذ أقدم العصور، وهو من ظواهر العنف وبخاصة إن كانت عدوانية وليست دفاعية.
على أن هناك حروبًا تتصف بلون أعمق. وهي الحروب النووية، أو التي تستخدم الغازات السامة، أو الأسلحة الفتاكة والمحرقة أو الحروب التي تضرب المستشفيات أو مساكن المدنيين. وكذلك الحروب التي تدمر مدنًا بأكملها، وتقضي على حضارات، وتخلف مجموعات من المشوهين والمعوقين.
4 - وهناك عنف آخر على مستوي فردي مثل تحطيم المعنويات:

ومن أمثلته الزجر الشديد، والتوبيخ القاسي، والتركيز بالاستمرار على الأخطاء، وتحطيم الشخصية. وقد يدخل في هذا المجال نوع من العنف هو:
5 - عنف الإهانة:

ويشمل التهكم اللاذع والتشهير، والتجريح، والقذف، والتجاهل، والمقاطعة، والشتيمة والسب... وما إلى ذلك من ألوان القتل الأدبي أو المعنوي. وقد تصحب ذلك عبارات من التهديد.
وهناك مظهر آخر للعنف هو:
6 - عنف العتاب:

ويشمل العتاب الشديد القاسي الذي يجرح، وربما لسبب تافه لا يستحق. وقد يستمر هذا العتاب طويلًا، أو يكون أمام الآخرين، أو يكون مصحوبًا بأسلوب عصبي وبألفاظ لا تليق. وقد يصبح طبعًا. فيعاتب الإنسان على كل صغيرة وكبيرة حتى يفقد أصدقاءه.
وقد قال الشاعر في هذا النوع:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش واحدًا أو صِل أخاك فإنه مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مرارة على القذى ظمأت وأي الناس تصفو مشاربه
وهناك نوع آخر من العنف، يختلف عن كل ما سبق، ويمكن أن نسميه العنف السلبي.
7 - العنف السلبي:

مثال ذلك شخص لا يقدر على العنف الإيجابي، فليلجأ إلى العنف السلبي، مثال: الكآبة المستمرة، البكاء الدائم، الإضراب عن الطعام، الصمت الحزين، الانسحاب...
وكلها أنواع من العنف الهادئ الصامت، تمثل ضغطًا مستمرًا على الطرف الآخر. وقد يوجد عنف آخر، ليس موجهًا ضد الآخر. إنما هو يعمل داخل الإنسان ذاته، ذلك هو عنف الشهوات.
8 - عنف الشهوات:

فقد توجد شهوات تحارب الإنسان بعنف حتى تدمره تدميرًا، مثل شهوة الجشع التي لا تستريح مهما أخذت ومهما جمعت. ومثل شهوة المخدرات، شهوة الكبرياء. والمعروف أن الشهوات لا تستريح حتى تكمل... وهكذا تستمر.
وقد تصحب الشهوات أفكار مدمرة: تلصق بالعقل ولا تفارقة، حتى تحطم صاحبها، لدرجة أن البعض يعالجونها بالمنومات ليستريح من الأفكار..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : ( 147 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

أسباب العنف
1 - من أسباب العنف القسوة في الطباع.

فهناك أشخاص طباعهم قاسية، يتعاملون باستمرار بهذه القسوة. وإذا زادت حدتها عندهم تتحول إلى عنف. وقد ترجع هذه القسوة إلى ظروف اجتماعية احاطت بالفرد، وربما يكون قد حصل عليها عن طريق الوراثة.
2 - وقد يكون السبب تعب في الأعصاب، ربما سببه الإرهاق مثلًا.

وفي حالة الإرهاق وتعب الأعصاب، لا يقدر الإنسان على الاحتمال، فيرد بعنف. وإذا زاد الضغط عليه، يتصرف بعنف.
3 - وقد يكون السبب في العنف هو قلة الحيلة، أو إخفاء الضعف بالعنف كما ذكرنا.

4 - وقد يكون سبب العنف هو مرض عصبي أو مرض عقلي:

ولعل من المتمسكين بهذه النظرية أصحاب المدرسة الإيطالية: الذين يقولون إن كل مجرم مريض. ولذلك يبحثون عن المرض الذي دفعه إلى الجريمة. ومعروف أن بعض الأمراض العقلية يصحبها عنف وكذلك كثير من الأمراض العصبية.

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
ولكن ذلك لا يمنع أن هناك مجرمين يقومون بالعنف وهم في صحة عقلية تامة، وإلا زالت المسئولية في كل الجرائم!!
5 - وقد يكون الخوف سببًا ثانيًا في أعمال العنف... خوفًا من اكتشاف الجريمة مثلًا...

كسارق، اقتحم بيتًا للسرقة فقط، وليس للقتل. ولكنه قد يضطر إلى ذلك إذا رآه أحد، وخاف من انكشاف أمره.
أو كعصابة تقتل بعض الذين يعرفون أسرارها، حتى لو كانوا من أعضائها، خوفًا من أن يذيعوا هذه الأسرار..
أو كشخص يظن أن آخر يتآمر عليه، فيعامله بعنف خوفًا من تآمره.
6 - وقد يكون سبب العنف هو الغرور والاعتزاز بالقوة. أو سوء استخدام القوي والإمكانيات

كمن يضرب الآخرين، ليشعرهم أنه أقوي منهم، وأنه يستطيع قهرهم متى أراد ويحدث هذا أحيانًا مع بعض المراهقين، ومع بعض الطغاة ومع بعض العصابات في إخضاع أفراد العصابة لطاعة أوامرهم..
7 - وربما يكون سبب العنف هو الحقد:

فالذي يحقد على آخرين، قد ينفس عن حقده بالعنف. كشخص يحقد على آخر ظانًا أنه سيأخذ ميراثه، أو يحل محله في مركزه، فيستخدم معه العنف. وقد تدفع الغيرة أو الحسد إلى مثل هذا أيضًا.
أو قد يكون السب هو رد العنف بعنف..
8 - وقد يكون سبب العنف هو الفهم الخاطئ:

كما قال السيد المسيح لتلاميذه عما سيلقونه من مؤامرات اليهود وقسوة الرومان:
" تأتي ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله" (يو16: 2).
ومن هذا النوع من يقتل، وفي مفهومه أنه يمحو عارًا للأسرة، أو ينتقم لدمائها...
9 - وهناك من يلجأ إلى العنف، ظانًا أنه أسهل الحلول وأسرعها.

بينما أسهل الحلول ليس هو أفضل الحلول، أو قد يري مثل هذا الشخص أن العنف هو الحل الوحيد. وقد يقول لك: هذه الأمور لا يصلح لها إلا العنف... أو هؤلاء الأشخاص لا ينفع التعامل معهم إلا بالعنف..
10 - وقد يكون العنف لونًا من السياسة أو الحيلة..

وذلك حسبما يقول المثل السائر: اضرب المربوط، فيخاف السائب. أو كما يقول الكتاب: "اضرب الراعي فتتشتت الرعية" (زك13: 7). وهنا لا يكون العنف مقصودًا لذاته، إنما هو مجرد وسيلة لغرض...
وهذا يقودنا إلى نقطة أخري وهي:
11 - العنف الظاهري:

وليس هو عنفًا حقيقيًا. مثال الآب الذي يتظاهر بالغضب والرغبة في استخدام العنف، وذلك ليقود ابنه إلى الطاعة. أو مثال رئيس العمل الذي يهدد بعقوبة معينة لا ينوي مطلقًا أن يفرضها، وذلك لتخويف مرؤسيه حتى يسلكوا حسنًا.
12 - العنف المشترك:

كشخص ليس هو عنيفًا في ذاته، ولكنه يستخدم عنفاء يوصونه إلى غرضه، فيكون العنف هنا غير مباشر بالنسبة إليه..
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2014, 05:59 PM   رقم المشاركة : ( 148 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,579

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث

العنف الخاطئ والعنف السليم

كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
لا نستطيع أن نسمي كل عنف خطية فهناك مواقف تحتاج إلى عنف، مثل معاقبة الخطاة المستهترين أو المستبيحين أو الذين يهددون المجتمع بجرائم تحطمه أو تحطم تراثه وقيمته.
والله نفسه سجل في الكتاب المقدس أنواعًا من العقوبات كانت عنيفة. وذلك لكي يرتدع الآخرون، ولكي تكون درسًا للأجيال. لأن التسامح المستمر قد يقود إلى الاستهتار. ولعل الطوفان في العهد القديم كان من هذا النوع، وكذلك انشقاق الأرض لتبتلع قورح وداثان وأبيرام.
وفي العهد الجديد، واضحة جدًا في هذا المجال قصة حنانيا وسفيرا (أع5).
وقد قال الكتاب عن السلطان أنه لا يحمل السيف عبثًا، إذ هو خادم الله، منتقم للغضب من الذي يفعل الشر (رو13: 4، 5).
فهناك جرائم إذا لم تؤخذ بعنف، قد يستهتر مرتكبوها فيكررونها، ويكونون قدوة سيئة لغيرهم. أما إذا عولجت بحزم وحسم، فإن المجتمع يتنقى ويتطهر.
وهنا نذكر قاعدة روحية هامة..
هناك فرق بين الحق العام والحق الخاص. قد نتساهل في حقوقنا الخاصة، بدافع من الوداعة والحب والسلام والمغفرة للمسيئين. أما الحق العالم فلا تساهل فيه.
إننا لا نملكه، بل هو ملك للمجتمع كله. والمجتمع يحتاج إلى صيانة، حتى لا يأكل القوي الضعيف.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب الأسرة الروحية السعيدة - البابا شنوده الثالث
كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
كتاب الوسائط الروحية لقداسة البابا شنوده الثالث
الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب الحروب الروحية لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 04:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024