30 - 01 - 2024, 02:06 PM | رقم المشاركة : ( 149711 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هاجم السيد المسيح تمسك اليهود بالشكليات القاتلة تحت ستار الحفاظ على التقليد، إذ كانوا أشبه بمن يكرمون الرب بشفاهم، أما قلوبهم فمبتعدة عن الله. وقد سبق لنا في دراستنا "الأرثوذكسية والتقليد" التمييز بين التقليد الحرفي القاتل الذي يناقض الوصية ويعثر النفس في انطلاقها في الروحيات نحو السماويات وبين ما حمله التقليد من تراث روحي أصيل أو تدبير تعبدي جميل كالليتورجيات اليهودية بما حملته من تسابيح ومزامير إلخ.، الأمور التي لم يعارضها السيد ولا تلاميذه، بل كانوا يذهبون إلى الهيكل ويشتركون مع اليهود في عبادتهم، وإن كان بمفهوم مسيحي جديد. لكي نعرف لماذا انتقد السيد المسيح هذه الغسلات اليهودية يلزمنا أن نوضح ما قاله بعض الدارسين أنها لم تكن بهدف صحي، وإنما إجراءات طقسية حرفية، فعندما يغسل اليهودي يديه للتطهير يأتي بماء في آناء حجري طاهر طقسيًا، ثم يرفع الشخص يديه إلى أعلى ويصب عليها كمية من الماء، ثم يعود فيخفضهما إلى أسفل ويصب كمية أخرى من الماء من على المعصمين لتنزل إلى الأصابع فيطهّر طقسيًا. وكان اليهودي يعتقد أنه ما لم يفعل ذلك وبدقة يمتلكه روح نجس اسمه شيبتا، ثم يُصاب بالفقر والهلاك. ومن شدة تمسك اليهود بهذا الطقس قيل أنه حينما رفض أحد المعلمين ممارسته دُفن عند موته في مقابر الهراطقة، وعندما سُجن أحد الربيين في سجن روماني كان يستخدم الماء المحدود في تطهير يديه مفضلًا ذلك عن الشرب حتى مات من العطش. وقد قدمت المشناه أنواعًا كثيرة من طقوس الغسلات اليهودية. بلا شك نقد الفريسيين لتلاميذ السيد المسيح بخصوص عدم غسلهم الأيادي قبل الأكل كان مجرد مثل يقدمونه، إذ كان الفريسيون في ريائهم لا يطيقون التلاميذ المتحررين من هذا الرياء. الإنسان الحرفي لا يطيق الفكر الروحي بل يقاومه، محولًا حياته إلى مناقشات غبية وعقيمة! |
||||
30 - 01 - 2024, 02:07 PM | رقم المشاركة : ( 149712 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اتهمه الفريسيون بأن تلاميذه يكسرون لا وصية الله بل تقاليد الشيوخ، أما هو فكشف لهم خلال الناموس والأنبياء أنهم يسلكون بالرياء، ويكسرون الوصية، ويحتاجون بالحق إلى طبيبٍ قادر أن يخلصهم من دائهم. فقد قدم لهم مثلًا خطيرًا لانحرافهم، إذ يسمحون للشخص أن يمتنع عن إعالة والديه بحجة أن ما يقدمه لهما قد سلمه قربانًا لله. بهذا يكون قد كسر وصية الله الخاصة بإكرام الوالدين يسنده في ذلك تقليد الشيوخ الخاطئ لكي يزداد إيراد الهيكل ويكون للقادة نصيبًا ماديًا أعظم. كأن هذا التقليد جاء لا ليخدم الوصية الإلهية ويسندها بل يقاومها ويحطمها. إذ يظنون في أنفسهم أنهم حراس الناموس أكد لهم أنهم يبطلون كلام الله وناموسه خلال تقليدهم الخاطئ. وإذ يفتخرون أنهم يحفظون النبوات قدم لهم نبوة إشعياء النبي عنهم: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني" [6] (إش 29: 13 الترجمة السبعينية). إذ كشف للفريسيون والكتبة جراحاتهم الداخلية "دعا كل الجمع، وقال لهم: اسمعوا مني كلكم وافهموا. ليس شيء من خارج الإنسان إذا دخل فيه يقدر أن ينجسه، لكن الأشياء التي تخرج منه هي التي تنجس الإنسان. إن كان لأحد أذنان للسمع فليسمع" [14-16]. كشف لهم السيد المسيح مفهوم النجاسة الحقيقية، هذا المفهوم الذي لم يكن ممكنًا لليهودي أن يتقبله ما لم تصر له الأذن الروحية القادرة أن تدرك الروحيات مرتفعة فوق الحرف. فقد عاش اليهودي يهتم ألا يتنجس بمأكولات محرمة (لا 11) ولا يلمس ثيابًا دنسة أو متاعًا دنسًا أو يسكن بيتًا نجسًا إلخ. كان في ذهن اليهودي قائمة طويلة مرعبة لما ينجسه، وقد جاء السيد يكشف عن جذور النجاسة التي تمس الحياة الداخلية لا المظاهر الخارجية. "لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة: زنى فسق قتل. سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة تجديف كبرياء جهل. جميع هذه الشرور من الداخل وتنجس الإنسان"[21-23]. هذه القائمة للرذائل يقدمها لنا العهد الجديد دائمًا للتحذير، كالقائمة التي في رو 1: 29-31، وأيضًا التي في غل 5: 13-19. هذه القائمة لا تحتاج إلى توضيح، غير أن كلمة "طمع" هنا في اليونانية تعني "يريد أكثر"، أي لا يشبع، وكلمة "خبث" تعني "الأعمال الشريرة"، وهي سمة من يفرح في مصائب الآخرين، لذلك يدعى إبليس بالخبيث، "والمكر" يعني "يوقع في الفخ"، وأخيرًا يقصد بالجهل الحماقة الروحية. |
||||
30 - 01 - 2024, 02:08 PM | رقم المشاركة : ( 149713 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يرى البعض في أكل التلاميذ الطعام بأيدٍ غير مغسولةٍ إشارة إلى بسط أيديهم للعمل الكرازي بين الأمم الذين تطلع إليهم اليهود كشعوب دنسة غير مقدسة. إن كان السيد قد انتقد هؤلاء الفريسيين في اهتمامه بالشكل دون الجوهر الداخلي، لهذا لاق بنا نحن كمسيحيين أن نهتم بالأعماق الداخلية |
||||
30 - 01 - 2024, 02:09 PM | رقم المشاركة : ( 149714 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس يوحنا الذهبي الفم: [يلزم أن يكون اهتمامنا بسلوكنا عظيمًا، لماذا؟ لأنه يجب ألا يكون اجتماعنا المستمر هنا مجرد اجتماع ندخل إليه، وإنما يلزم أن نحمل بعض الثمار على الدوام. فإن أتيتم وخرجتم بلا ثمر يكون دخولكم بلا نفع... إن كنتم تشتركون في الترنم بمزمورين أو ثلاثة وتمارسون الصلوات كيفما كان، فهل تظنون أن هذا كافٍ لخلاصكم؟] |
||||
30 - 01 - 2024, 02:10 PM | رقم المشاركة : ( 149715 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفاء المرأة الفينيقية 24 ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، 25 لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26 وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27 وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلًا يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 28 فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!» 29 فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». 30 فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ. لم يسترح السيد لهؤلاء الذين يعيشون حسب الشكل الخارجي، الذين بلا روح وبلا أعماق داخلية، لذلك "قام من هناك ومضى إلى تخوم صور وصيدا" [24]، أي ترك خاصته وذهب إلى منطقة الأمم، وكأنه يعلن أن خاصته قد فقدته بشكلياتها، بينما يتمتع به الغرباء خلال شعورهم بالحاجة إليه. يقول الإنجيلي: "ودخل بيتًا وهو يريد أن لا يعلم أحد، فلم يقدر أن يختفي" [24] لماذا دخل سرًا ولم يرد أن يعلم به أحد؟ ربما لأنه لم يحن بعد وقت الكرازة بين الأمم، إنما جاء هذه الدفعة كعربون فقط، وكرمز لتركه خاصته وانطلاقه للأمم. ويرى بعض الدارسين أن السيد وقد رأى الفريسيين يلومون تلاميذه لأنهم يأكلون بأيدٍ غير مغسولة، فكم بالأكثر عندما يجدون المعلم نفسه يدخل إلى شعب في نظرهم دنسًا، وينعتونه بأنهم "كلاب"! لم يقدر السيد أن يختفي لأن امرأة كنعانية "كان بابنتها روح نجس سمعت به، فأتت وخرت عند قدميه" [25]. وكأن السيد قد أراد أن يعلن لتلاميذه كيف أغلق اليهود ضد أنفسهم أبواب محبته بالرغم مما قدمه لهم، بينما جاء الأمم إليه خاضعين ومؤمنين بالرغم من دخوله إليهم سرًا. ولكي يكشف لهم بالأكثر إيمان الأمم به تمنع في البداية عن العطاء، قائلًا لها: "دعي البنين أولًا يشبعون، لأنه ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" [27]. فجاءت إجابة المرأة تشهد أن البنين طرحوا خبزهم بينما من حسبهم اليهود كلابًا استحقوا خبز البنين بتواضعهم وإيمانهم. حمل هذا الحوار عتابًا من السيد موجهًا لليهود، فمن جانب أنه جاء ليقدم لهم خبز البنين، لكنهم رفضوا الخبز السماوي، ومن جانب آخر احتقروا الأمم حاسبين إياهم دنسين كالكلاب، مع أنهم بالإيمان يتمتعون بما لا يتمتع به البنون. كشف هذا الحوار عن حكمة الكنعانية فإنها لم تهاجم دعوة الأمم ككلاب، وإنما في حكمة قالت بأنه وإن حُسبت هكذا فهي تطمع في التمتع بالفتات الساقط من مائدة أربابها، فأعلنت أن أبناء هذا العالم أحكم من اليهود الجاحدين. يرى بعض الدارسين أن كلمة "كلاب" هنا في اليونانية تعني "Pups"، نوعًا من الكلاب تستخدم كدمية لطيفة وليست كلاب الحراسة الشرسة، الأمر الذي يخفف من المعنى. هذا وأن لهجة الحديث ونبرات صوته بلا شك كانت جذابة فتحت الباب للكنعانية لتكمل الحوار، فإن كثير من العبارات التي تبدو قاسية في تسجيلها كتابة، إذ تُقدم بطريقة لطيفة تخفف من حدتها. على أي الأحوال، لم يكن سهلًا على اليهود قبول الكرازة بين الأمم، لكن السيد المسيح هنا يفتح الباب لهم، حتى يمكن للرسولين بولس وبرنابا أن يقولا مجاهرة: "كان يجب أن تكلموا أنتم أولًا بكلمة الله، ولكن إذ دفعتموها عنكم، وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية، هوذا نتوجه إلى الأمم" (أع 13: 46). مرة أخرى يقول الرسول بولس: "دمكم على رؤوسكم، أنا بريء، من الآن أذهب إلى الأمم" (أع 18: 6). |
||||
30 - 01 - 2024, 02:11 PM | رقم المشاركة : ( 149716 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفاء أصم أعقد 31 ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. 32 وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33 فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، 34 وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35 وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا. 36 فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا. 37 وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ». يبدو أن السيد المسيح لم يرد أن يبقي كثيرًا بين الأمم حتى لا يتعثر فيه اليهود ككاسرٍ للناموس، إذ يرونه في شركة مع الأمم الدنسين، لذلك يقول الإنجيلي: "ثم خرج أيضًا من تخوم وصور وصيدا، وجاء إلى بحر الجليل في وسط حدود المدن العشر" [31]. هناك جاءوا إليه بأصم أعقد، فوضع إصبعه في أذنيه وتفل ولمس لسانه، ورفع نظره نحو السماء ثم قال له: انفتح، فانفتحت أذناه وانحل رباط لسانه. كان هذا الأصم الأعقد عند حدود المدن العشر يحتاج إلى السيد المسيح نفسه لكي يهبه إمكانية السماع لكلمة الله والنطق بها. إن كانت المدن العشر تشير إلى الوصايا العشر أو الناموس، فإن هذا الناموس كشف ما اتسم به الإنسان كعاجزٍ عن السماع لصوت الله والتكلم بأعماله، لهذا جاء السيد يضع إصبعه في أذنيه، أي يرسل روحه القدوس الذي يُسمى إصبع الله (خر 8: 19)، ليفتح الأذن الداخلية، فتسمع الصوت الإلهي عاملًا فيها. أما كونه قد تفل ولمس لسانه، إنما ليشير إلى عطية الحكمة الإلهية التي وهبها السيد للبشرية لكي تنطق بأعمال الله وحكمته. أما تطلع السيد إلى السماء بأناتٍ، فلكي يعلن أن ما يقدمه هو عطايا سماوية يرفضها الجسدانيون. يختم الإنجيلي هذه المعجزة بقوله: "وبهتوا إلى الغاية، قائلين: إنه عمل كل شيء حسنًا، جعل الصم يسمعون، والخرس يتكلمون" [37]. لعله بهذه العبارة يعود بنا إلى بداية الخليقة، حيث رأى الله كل شيء حسنًا، فالذي كان يعمل في البدء لأجل الإنسان هو بعينه قد جاء ليجدد الخليقة، ويرد للإنسان بهجته وسلامه. ويرى بعض الدارسين(176) أن هذه العبارة: "عمل كل شيء حسنًا" إنما تعني: "كيف تحققت هكذا فيه النبوات حسنًا!" |
||||
30 - 01 - 2024, 02:13 PM | رقم المشاركة : ( 149717 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سؤال حول الخبز 1 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا جِدًّا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 2 «إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لأَنَّ الآنَ لَهُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. 3 وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ، لأَنَّ قَوْمًا مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيدٍ». 4 فَأَجَابَهُ تَلاَمِيذُهُ: «مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هؤُلاَءِ خُبْزًا هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟» 5 فَسَأَلَهُمْ: «كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟» فَقَالُوا: «سَبْعَةٌ». 6 فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7 وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هذِهِ أَيْضًا. 8 فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلاَتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلاَل. 9 وَكَانَ الآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ. 10 وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ وَجَاءَ إِلَى نَوَاحِي دَلْمَانُوثَةَ. سبق فبارك الرب الخبز والسمكتين لإشباع خمسة آلاف رجلٍ ماعدا الرجال والنساء (مر 6: 34-44)، إذ تحنن الرب عليهم عندما رآهم كخرافٍ بلا راعٍ، وقد أطال الحديث معهم في موضع خلاء. وأراد التلاميذ أن يصرفهم السيد ليبتاعوا خبزًا، فلم يرد أن يصرفهم جائعين. وها قد سنحت فرصة أخرى فيها بقت الجموع ثلاثة أيام مع السيد وليس لهم ما يأكلونه، وقد رفض السيد أيضًا أن يصرفهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق، "لأن قومًا منهم جاءوا من بعيد" [3]. في شفائه المرضى وإخراج الشياطين لم يقدر الإنجيليون أن يحصروا عدد الأشفية والآيات التي صنعها، حتى قال الإنجيلي يوحنا: "وأشياء أُخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (يو 21: 25). أما في أمر إشباع الجموع فعلى ما يظن لم يمارسه سوى مرتين حتى لا يلتف الجمع حوله من أجل الخبز المادي، فتنحرف نظرتهم إلى الزمنيات عوض الشبع الروحي. أما عدم تجاهله هذا الإشباع، إنما ليكشف أنه أيضًا يهتم بالجسد، ولكن ليس على حساب الروحيات. |
||||
30 - 01 - 2024, 02:14 PM | رقم المشاركة : ( 149718 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا نستطيع تجاهل التشابه الشديد بين معجزتي إشباع الجموع الواردتين في الأصحاحين 6 و8 وما لازمهما من ظروف متقاربة للغاية: أ. إشباع 5000 رجلٍ (مر 6: 35-44). أ. إشباع الـ4000 (مر 8: 1-9). ب. عبور البحيرة (مر 6: 45-52). ب. عبور البحيرة (مر 8: 10). ج. عبورهم إلى جنيسارت (مر 6: 53-56). ج. عبورهم إلى دلمانوثة (مر 8: 10). د. حواره بعدها مع الفريسيين عند. حواره بعدها مع الفريسيين عن الأيدي الدنسة (مر 7: 1-23). الآية من السماء (مر 8: 11). ه. حواره مع الفينيقية عن خبزه. حواره مع التلاميذ عن خمير البنين (مر 7: 24-30). الفريسيين (مر 8: 13-21). و. شفاء الأصم الأعقد (مر 7: 31-37). و. شفاء الأعمى (مر 8: 22-26). هذا التشابه الشديد في الظروف المحيطة بالمعجزتين يربط بينهما رباطًا وثيقًا كما رأينا في دراستنا لإنجيل معلمنا متى البشير بكون الأولى تعلن عن شخص المسيّا مشبع اليهود أو أصحاب الناموس، والثانية عن ذات المسيّا المشبع أيضًا للأمم، وأن المعجزتين تحملان ذات المعنى والمفهوم. |
||||
30 - 01 - 2024, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 149719 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مفهومًا روحيًا يمس حياتنا، يمكننا أن نلخصه في الآتي: أ. في المعجزتين إذ شبعت الجموع دخل السيد المسيح السفينة ومعه تلاميذه ليعبروا البحيرة إلى الشاطئ الآخر. كأن غاية إشباعه لنفوسنا أن نتذوق العبور أو الخروج بالمسيح يسوع خلال صليبه المحيي (السفينة) لينطلق قلبنا من برية هذا العالم، مجتازًا أمواجه وتياراته، ليدخل إلى الحياة الأخرى ويتمتع بالأبدية، هذا الخروج لن يتحقق خارج السيد المسيح رأس الكنيسة وقائدها. ب. إذ شبعت الجموع قام الفريسيون في المرتين يحاورونه تارة عن الأيدي الدنسة وأخرى يطلبون آية من السماء. وكأنه بينما ينشغل السيد المسيح بإشباعنا داخليًا والانطلاق بنا إلى أحضان أبيه خلال ثبوتنا فيه، يبذل عدو الخير كل جهده لإثارتنا في مناقشات غبية تفسر نقاوة القلب الداخلي. يريد العدو أن يسحبنا من الشبع الداخلي إلى الغسلات المظهرية أو الآيات المثيرة للخارج. ج. بعد المعجزة الأولى تحدث مع الفينيقية عن خبز البنين الذي كان يود أن يتمسك به أصحاب الناموس كبنين لكنهم رفضوه فقُدم للأمم الغرباء، وبعد المعجزة الثانية حدث تلاميذه عن خمير الفريسيين محذرًا إياهم لئلا يأكلوا منه، طالبًا أن ينعموا به هو شخصيًا، الخبز الواحد النازل من السماء! د. بعد المعجزة الأولى شفى السيد المسيح الرجل الأصم الأعقد، أما بعد الثانية فشفى الأعمى. وكأن السيد مشبع النفوس قد جاء ليفتح أذاننا الروحية لسماع كلمته، ولساننا لتمجيده، وأعيننا لمعاينة بهاء مجده. |
||||
30 - 01 - 2024, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 149720 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما هو الخبز الذي قدمه السيد للجموع بعد أن مكثوا معه ثلاثة أيام ولم يكن لهم ما يأكلونه [2] إلا جسده المقدس القائم من بين الأموات في اليوم الثالث؟ فمن يقبل معه آلامه ويحمل صليبه ويُدفن معه يكون كصائمٍ عن العالم بلا طعام يسلمه الرب جسده طعامًا محييًا، الجسد القائم من الأموات! يرى بعض الآباء أن هذا الخبز يشير إلى كلمة الله أو كلمة الكرازة بالإنجيل التي قُدمت للبشرية الجائعة |
||||