29 - 01 - 2024, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 149661 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تنشئة الأطفال والحياة السعيدة يُعالِج سيراخ في هذا الأصحاح موضوعين: 1 مَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ، أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِهِ، لِكَيْ يُسَرَّ فِي آخِرَتِهِ. 2 مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ، يَجْتَنِي ثَمَرَ تَأْدِيبِهِ، وَيَفْتَخِرُ بِهِ بَيْنَ الْوُجَهَاءِ. 3 مَنْ عَلَّمَ ابْنَهُ، يُغِيرُ عَدُوَّهُ، وَيَبْتَهِجُ بِهِ أَمَامَ أَصْدِقَائِهِ. 4 إِذَا تُوِفِّيَ أَبُوهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، لأَنَّهُ خَلَّفَ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ. 5 فِي حَيَاتِهِ رَأَى وَفَرِحَ، وَعِنْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَحْزَنْ. 6 خَلَّفَ مُنْتَقِمًا مِنَ الأَعْدَاءِ، وَمُكَافِئًا لِلأَصْدِقَاءِ بِالْجَمِيلِ. 7 مَنْ دَلَّلَ ابْنَهُ فَسَيَضْمِدُ جِرَاحَهُ، وَعِنْدَ كُلِّ صُرَاخٍ تَضْطَرِبُ أَحْشَاؤُهُ. 8 الْفَرَسُ الَّذِي لَمْ يُرَضْ، يَصِيرُ جَمُوحًا وَالاِبْنُ الَّذِي لَمْ يُضْبَطُ يَصِيرُ سَفِيهًا. 9 إِنْ دَلَّلْتَ ابْنَكَ رَوَّعَكَ، وَإِنْ لاَعَبْتَهُ حَزَنَكَ. 10 لاَ تُضَاحِكْهُ لِئَلاَّ يَغُمَّكَ، وَفِي أَوَاخِرِكَ يَأْخُذُكَ صَرِيفُ الأَسْنَانِ. 11 لاَ تَجْعَلْ لَهُ سُلْطَانًا فِي صَبَائِهِ وَلاَ تُهْمِلْ جَهَالاَتِهِ. 12 احْنِ رَقَبَتَهُ فِي صَبَائِهِ وَارْضُضْ أَضْلاَعَهُ مَا دَامَ صَغِيرًا، لِئَلاَّ يَتَصَلَّبَ فَيَعْصِيَكَ؛ فَيَأْخُذَكَ وَجَعُ الْقَلْبِ. 13 أَدِّبِ ابْنَكَ، وَاجْتَهِدْ فِي تَهْذِيبِهِ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِيمَا يُخْجِلُكَ. يُقَدِّم نصائح عملية في تربية الأبناء، وقد سبق أن تحدَّث عن هذا الأمر عدة مرات. فالأب يهتم بثلاثة أمور في حياة ابنه: يحبه agapon، ويُهَذِّبه paidevon، ويُعَلِّمه didaskon. هذه العناصر الثلاثة أي المحبة والتهذيب والتعليم تُمَثِّل وحدة واحدة في بنيان الجيل الجديد. ففي التأديب يلزم إبراز الحب الصادق، وفي التهذيب إبراز التقوى، وفي التعليم الرغبة في أن يكون الابن ناميًا في المعرفة الروحية والعلمية. الحب يسند التهذيب، والتهذيب يقود إلى التعليم. الإنسان الذي يُحبّ ابنه يُكثِر من تأديبه، لكي يُسرّ به في السنوات الأخيرة [1]. من يُحِبّ ابنه يكون حازمًا معه، فيصير موضع سرور والديه وفرحهم (أم 10: 1؛ 22: 6). الأب السماوي يرعى أولاده "الذي يحبه الربّ يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يُؤدِّبه أبوه؟!" (عب 12: 6-7) لا يفهم التأديب أو العصا أو القضيب هو العقوبة الجسدية فحسب، وإنما يعني استعمال الحزم الممزوج بالحب واللطف بحكمة واتزان، فإن من يسرف في ضرب أولاده واستخدام القسوة قد يفقدهم. v ليس أحد يُؤَدب ويُصلح من شأنه يفقد الرجاء، لأن من يحب ابنه يؤدبه (راجع سي 30: 1). يليق ألاَّ يفقد أحد الرجاء في العلاج. القديس أمبروسيوس ويفتخر به بين معارفه [2]. ما يتأسَّف له القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن ما يشغل الكثيرون في تربيتهم لأبنائهم ليس خلاص أبنائهم وبنيانهم الداخلي ونجاحهم الحقيقي، وإنما يتطلَّعون إلى أبنائهم من خلال مجدهم الباطل، فيريدون نجاحهم في أعمالهم وغناهم ونوالهم مراكز اجتماعية عظيمة، لا لهدفٍ سوف الافتخار بهم، فيصير الأبناء وسيلة للمجد الباطل لآبائهم[2]. أما ما يعني سيراخ هنا فهو اعتزاز الآباء بتمتعهم بالشخصية القيادية القادرة على تحقيق نموٍ مستمرٍ في كل جوانب الحياة. من يُعَلِّم ابنه، يُثير حسد أعدائه، ويُسرّ به جدًا أمام أصدقائه [3]. إثارة العدو المشار إليها هنا بسبب حسن التربية يُقصَد بها عدم إعطاء الفرصة لعدوٍ ما أن يشمت بسبب فساد الأولاد. عندما يموت أبوه فكأنه لم يمت، لأنه خلَّف من هو نظيره [4]. الابن الذي قام والديه بتأديبه يتأهَّل ليحتل مركز أبيه (طو 9: 6). وكأن دور الوالدين هو تأهيل أبنائهما ليحتلُّوا أماكنهما بصيتٍ حسن (41: 13؛ 44: 8). لذلك يموت الوالد الصالح وهو مرتاح البال، لأنه ترك ابنًا صالحًا تقيًا ناجحًا، يسلك كإنسان الله. في حياته رآه ففرح به، وعند وفاته لم يحزن [5]. أمام أعدائه ترك خلفه منتقمًا، ومن يرد لأصدقائه الخدمات [6]. عند موته، يترك الوالد ابنًا شجاعًا يتحدَّى إبليس عدوه، ولا يسمح لأعمال الظلمة أن تتسلَّل إلى فكره، وفي نفس الوقت يقدم كل حبٍ لأصدقاء أبيه، في نضوجٍ وبروح القوة [6]. يُعتبَر طوبيا الابن مثالا رائعًا، إذ كان يشبه أباه من كل جهة بحسب شهادة كل من رعوئيل حماه وغابيلوس المدين لأبيه بالفضة. كان على مستوى المسئولية إذ تحمل مشاق السفر في سبيل تنفيذ وصية أبيه وهو فتى صغير، وصار بركة لوالديه؛ حمل الدواء لأبيه وأعاد البهجة لأمه (طو 9: 6). من يُدَلِّل ابنه فسيضمد جراحه، وعند كل صراخٍ يتألَّم قلبه [7]. يُحَذِّر ابن سيراخ الوالدين من تدليلهما لأبنائهما، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فالتدليل يُسَبِّب جراحات في نفوس الأبناء. الأب الذي يُدَلِّل ابنه يشرب من ثمر تدليله قبل أن يموت، أي يلمس فشل ابنه. كما حدث مع عالي الكاهن الذي دَلَّل ابنيه، فقُتِلا في المعركة، وسقط أبوهما ميتًا، وانهزم الشعب (1 صم 4). يكشف القدِّيس يوحنا الذهبي الفمعن خطورة حياة التدليل، سواء تدليل الإنسان لنفسه أو لابنه أو لمرؤوسيه. الحب الصادق يدفعنا إلى الجهاد والحزم بحكمةٍ وحبٍ. يشفق الأب بابنه وهو يؤدِّبه، خوفًا عليه، فإنه يضمد جراحاته ويحنو عليه بل وتئن عليه أحشاؤه. فمع اضطراره لاستخدام التأديب بحنو أيضًا عليه، يضرب بيدٍ ويعصب بالأخرى، فالغرض من التأديب هو الترويض وليس الانتقام. v "من أراد أن يُخَلِّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه" (مت 16: 25-26). هذا معناه: إني أقضي بهذه الأمور ليس لأني لا أَهتمّ بكم، بل لأنني أَهتمّ بكم جدًا. في الواقع من يسند طفله على الدوام يُحَطِّمه، أما الذي لا يسنده هكذا يُخَلِّصه. يقول الحكيم نفس الشي: "إن ضربت (ابنك) بعصا لا يموت، بالحريّ تنقذه من الهاوية" (راجع أم 23: 13-14). وأيضًا: "من دلل ابنه فسيضمد جراحه" [7]. هذا أيضًا الحال في الجيش. فالقائد المهتم بجنوده يأمرهم بالبقاء الدائم في المدينة (دون التدريب العسكري)، لا يُسَبِّب موتهم وحدهم بل والآخرين في المدينة أيضًا... لا تبقى في الداخل، بل اخرج وحارب. فإنك وإن سقطت في المعركة فستحيا. إن كان في الحروب الأرضية الشخص المستعد أن يُقتَل له تقديره الخاص عن غيره، لا يُقهَر ويكون مُرعبًا للعدو، فإنه حتى بعد موته لا يستطيع الملك الذي أعطاه السلاح أن يعيده إلى الحياة، كم بالأكثر يليق بالشخص أن يُقَدِّم حياته للموت فيجدها (مت 16: 15). أولًا لا تؤخذ حياته بسرعة، وثانيًا حتى وإن سقط فتُقَدَّم له حياة أسمى. القدِّيس يوحنا الذهبي الفم والابن الذي يُسمَح له بالجري في الفسق يصير عنيدًا [8]. الفارس الناجح هو الذي يعرف كيف يُرَوِّض الخيل ويقودها ويتعامل معها كما بلغة مشتركة. يُسَرّ الفارس حين يجد الفرس الذي يروضه يقوم بدوره كما يليق. كم بالأكثر يحتاج الابن من والديه أن يُرَوِّضاه بروح الحب والحنو وفي لطفٍ دون تسيُّبٍ. v يوجد نوعان من الخوف، نوع يرتبط بالتقدير. هذا النوع يشعر به المواطنون نحو حكامهم إن كانوا صالحين، ونشعر به نحن نحو الله بكوننا أبناء يتعاملون مع أبيهم. يقول الكتاب: "الفرس الذي لم يُروض يصير جموحًا، والابن الذي لم يُضبط يصير وقحًا" (راجع سي 30: 8). النوع الآخر من الخوف ممتزج بالكراهية، هذا هو خوف العبيد يشعرون به نحو سادتهم، وشعر به العبرانيون عندما كانوا يتطلَّعون نحو الله كسيدٍ لهم وليس كأبيهم. القديس إكليمنضس السكندري وإن لاعبته يحزنك [9]. ما أروع أن يشعر الأبناء أن والديهم أصدقاؤهم أو كإخوة كبار لهم، ويتحدَّث الوالدان والأبناء في صراحة وانفتاح. غير أن التدليل أو المزاح هو نوع من التطرُّف المضاد للقسوة، والتطرُّفان يُمَثِّلان خطرًا على الأسرة كلها. يقول القديس أغسطينوس أن الحُبّ له نظامه. فمحبة الآب لها حدودها، ومحبة الأم أيضًا لها حدودها. فالحب والانفتاح لا يعني التسيُّب أو المزاح بأسلوب غير لائقٍ. v هذا الالتزام يخص الآباء كما الأمهات أيضًا. يوجد آباء يضحّون بكل شيءٍ لكي يؤَّمنون لأطفالهم معلمين للتمتع بالملذات، ويجعلون منهم ورثة أغنياء. أما أن يصير الأولاد مسيحيين ويمارسون التقوى، فلا يبالون كثيرًا بهذا. يا للعمى الذي يُحسَب جريمة! إنه إهمال سخيف، مسئول عن الارتباك الذي يجعل المجتمع في مرارةٍ. لنفترض أنك تُعد لهم ممتلكات عظيمة. فإنهم إن كانوا يجهلون كيف يسلكون في حياتهم، فحتمًا لن تدوم هذه الممتلكات معهم. بل تتبدَّد، وتهلك مع أصحابها، ويصير ميراثًا غاية في الخطورة! القدِّيس يوحنا الذهبي الفم وفي آخرتك يأخذك صرير الأسنان عليه [10]. ماذا يعني بقوله "تضاحكه"؟ حسن أن يلاطف الوالدان أبناءهما بروح مرحة خلال الابتسامة واللطف، غير أن الضحك المُبالَغ فيه يُفسِد حياة الأبناء والآباء، حيث يفقد الشخص روح الحكمة والاعتدال بدعوى إيجاد جو لطيف. نسمع عن أبناء طردوا آباءهم وأمهاتهم في شيخوختهم، وتنكَّروا لهم، وأساءوا معاملتهم، وذلك ثمرة التدليل الزائد وسوء التربية، فحصدوا شوكًا في آخرتهم عوض العنب وحسكًا بدل التين. يحتاج الوالد إلى الحكمة وإرشاد الله له، فيعرف متى يعطي ومتى يُحجم، متى يسمح للابن بالخروج ومتى يمنعه، متى يعاقبه ومتى يُلاطِفه، فإن أعطاه مالًا بمبالغة ربما يفسده، وإن لم يعطه قد يشعر بالحرمان. إذا سمح له بالخروج قد يحيط به أصدقاء السوء ويجتذبوه إلى ما يؤذيه، وإذا لم يُسمَح له كيف تنمو شخصيته وتتطوَّر من خلال المجتمع عمليًا. وإن قسى عليه ربما تضعف شخصيته ويصبح شخصية متخاذلة انسحابية؛ وإن لاطفه فقد يفسده التدليل! ولا تعطه سُلْطَة في شبابه [11]. حسن أن يبثّ الوالدان في أبنائهما روح القيادة والثقة في النفس مع الإيمان بالله واهب الحكمة والقوة والفهم. لكن المبالغة في روح القيادة والسقوط في حُبّ التسلُّط والإصرار على الرأي مُفسِد للنفس. اضغط على ضلوعه في صباه، لئلا يصير عنيدًا فيعصاك، (ويسبب لك حزنًا[7]) [12]. أَدِّب ابنك واجتهد معه لئلا يربكك بسلوكه [13]. v لنستخدم سلطان الكتاب المقدس: "اضرب ضلوعه ما دام صغيرًا لئلا يتمرد..." (راجع سي 30: 12). لئلا يصير جامحًا لا يُروض. غاية مثل هذه العقوبات البشرية أن تساعد على التخلُّص من الجهل، وكبح شهواتنا غير المُروَّضة. القديس أغسطينوس 14 فَقِيرٌ ذُو عَافِيَةٍ وَصَحِيحُ الْبِنْيَةِ، خَيْرٌ مِنْ غَنِيٍّ مَنْهُوكٍ بِالأَسْقَامِ. 15 الْعَافِيَةُ وَصِحَّةُ الْبِنْيَةِ خَيْرٌ مِنْ كُلِّ الذَّهَبِ، وَقُوَّةُ الْجِسْمِ أَفْضَلُ مِنْ نَشَبٍ لاَ يُحْصَى. 16 لاَ غِنَى خَيْرٌ مِنْ عَافِيَةِ الْجِسْمِ، وَلاَ سُرُورَ يَفُوقُ فَرَحَ الْقَلْبِ. 17 الْمَوْتُ أَفْضَلُ مِنَ الْحَيَاةِ الْمُرَّةِ، أَوِ السَّقَمِ الْمُلاَزِمِ. 18 الْخَيْرَاتُ الْمَسْكُوبَةُ عَلَى فَمٍ مُغْلَقٍ، كَالأَطْعِمَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى قَبْرٍ. 19 أَيُّ مَنْفَعَةٍ لِلصَّنَمِ بِالْقُرْبَانِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشَمُّ. 20 هكَذَا مَنْ يُرْهِقُهُ الرَّبُّ، وَيُجَازِيهِ عَلَى آثَامِهِ. 21 يَرَى بِعَيْنَيْهِ وَيَتَنَهَّدُ، كَالْخَصِيِّ الَّذِي يُعَانِقُ عَذْرَاءَ ثُمَّ يَتَنَهَّدُ. 22 لاَ تَغُمَّ نَفْسَكَ، وَلاَ تُضَيِّقْ صَدْرَكَ بِأَفْكَارِكَ. 23 سُرُورُ الْقَلْبِ حَيَاةُ الإِنْسَانِ، وَابْتِهَاجُ الرَّجُلِ طُولُ الأَيَّامِ. 24 أَحْبِبْ نَفْسَكَ، وَفَرِّجْ عَنْ قَلْبِكَ، وَانْفِ الْحُزْنَ عَنْكَ بَعِيدًا؛ 25 فَإِنَّ الْحُزْنَ قَتَلَ كَثِيرِينَ، وَلَيْسَ فِيهِ ثَمَرَةٌ. 26 الْغَيْرَةُ وَالْغَضَبُ يُقَلِّلاَنِ الأَيَّامَ، وَالْغُمَّةُ تَأْتِي بِالشَّيْخُوخَةِ قَبْلَ الأَوَانِ. 27 الْقَلْبُ الْبَهِجُ الصَّالِحُ لاَ يَزَالُ فِي الْوَلاَئِمِ، وَمَآدِبُةُ مُعَدَّةٌ بِاهْتِمَامٍ. خشي ابن سيراخ أن يهتم الشخص بتقديم ثروة ضخمة لأبنائه مع إهماله صحتهم. أبرز السيد المسيح مسئولية الإنسان من ناحية الصحة الجسدية، بقوله: "أليست الحياة أفضل من الطعام؟ والجسد أفضل من اللباس؟" (مت 6: 25). للأسف يُحَطِّم البعض صحتهم بالعمل الزائد بغية ازدياد الثروة. صحة الروح لها دورها في صحة الجسد، وإن كانت صحة الجسد أيضًا يمكن أن تسند صحة الروح. يستطيع الحكيم أن ينتفع بصحة الجسد كما بمرض الجسد، ولا يجوز له تحطيم الجسد، لأن ضعف الجسد غالبًا ما يؤثِّر على العمل لبنيان الروح. فقير ذو عافية وصحيح البنية، خير من غني مُصاب في جسده [14]. يليق بالفقراء أن يشكروا الله على الصحة الجسدية والتي يشتهيها الكثير من الأغنياء. فالغني المريض يشتهي أكل البسطاء وعملهم. العافية وصحّة البنية خير من كلّ الذهب، وقوَّة الجسم أفضل من ثروة هائلة [15]. الجسد هو وزنة مُقَدَّمة لنا من الله، والعناية بالصحة الجسدية أمر ضروري. يقول الرسول: "فإنّه لمْ يبْغضْ أحدٌ جسده قطّ بلْ يقوته ويُرَبِّيه، كما الربّ أيضًا للكنيسة" (أف 5: 29). تصلي الكنيسة في ليتورجياتها من أجل الصحة الروحية والنفسية والجسدية. ليست ثروة أعظم من عافية الجسم، ولا سرور يفوق فرح القلب [16]. يربط هنا سلامة الجسد ببهجة الروح، فنشكر الله على صحة جسدنا وتهليل قلوبنا به. الموت أفضل من الحياة البائسة، والراحة الأبديّة أفضل من المرض المُزمِن [17]. فقدان الصحة أحيانًا يحرم الإنسان من السعادة، حتى يشتهي الموت بكونه أفضل من حياة مملوءة بالمعاناة من المرض. v الموت بالنسبة للذين يفهمونه خلود، أما بالنسبة للبلهاء الذين لا يفهمونه فهو موت. يجب علينا ألا نخاف هذا الموت، بل نخاف هلاك النفس الذي هو عدم معرفة الله. هذا هو ما يرعب النفس بحق! v كما أنك عندما تركت الرحم لم تعد تذكر ما كان يحدث لك فيه، هكذا عندما تترك الجسد لا تعود تذكر ما حدث وأنت فيه. v وكما أنك بتركك الرحم صرت إلى حال أفضل ونما جسدك، هكذا عندما تترك الجسد وأنت نقي وغير مدنس تصير في حالٍ أفضل غير قابل للفساد. v وكما أن الجسد يجب أن يولد عند تمام نموه في الرحم، هكذا يلزم على النفس أن تترك الجسد عندما تصل إلى نهاية الحياة بالجسد في الوقت المُعَيَّن من قبل الله. v كما أنك تعالج النفس وهي في الجسد، فإنها هي ستعالجك عندما تترك الجسد. الإنسان المتهاون مع جسده في هذه الحياة، مقدمًا له كل صنوف الراحة، إنما يُقَدِّم لِذَاتِه مرضًا بعد الموت، جالبًا على نفسه دينونة بغباوة. v كما لا يقدر الجسد أن يعيش إن ترك الرحم قبل أن يكتمل، هكذا لا تقدر النفس أن تخلص أو يكون لها شركة مع الله عند تركها الجسد ما لم تنل التطلُّع إلى الله بحياتها الصالحة (وهي في الجسد). القديس أنطونيوس الكبير كتقدمات الطعام الموضوعة على قبرٍ [18]. من كان مريضًا عاجزًا عن الأكل لا تفيده الخيرات الكثيرة، تصير الأطعمة بالنسبة له كأنها موضوعه على قبرٍ، لا تجد من يأكلها. انتقد القديس أغسطينوس العادات الوثنية حيث يأتون بتقدماتٍ يضعونها على قبر الميت، فكما أن الفم المُغلَق لا ينتفع بالخيرات المُقَدَّمة للإنسان، هكذا لا ينتفع عابد الأوثان من التقدمات التي على قبره. ما منفعة للصنم بقربان من الفاكهة، فإنه لا يقدر أن يأكل أو يشم. هكذا من يُحزِنه الربّ [19]. من لا يتمتَّع بمسرَّة الرب به، يكون كمن يُقَدِّم فاكهة لصنمٍ لا يأكلها ولا يشم رائحتها. لقد سخر دانيال بالصنم بيل الذي كان ملك بابل يظن أنه يأكل ويشرب ما يُقَدِّمه له كهنة بيل. يرى بعينيه ويتنهَّد، كخصيٍ يُعانِق عذراء [20]. ماذا يعني بالخصي الذي يعانق عذراء ويتنهَّد، سوى أنه لا يقدر أن يتقدَّم ليتزوجها. هكذا يكون حال من يرى الثروة والغنى والخيرات الثمينة ولا يقدر أن يستخدمها. v لماذا تُكَدِّس أيها المائت الذهب؟ لماذا تطلب لنفسك عبودية مُرَّة؟ سجن شاق؟ لماذا تجلب على نفسك قلقًا قاسيًا؟ إنك تظن أن عروق الذهب في المناجم أو الذهب في القصور يمكن أن يكون لك. بالحقيقة حتى إن صار لديك كثرة من الثروة، فإنك كل ما تفعله أنك تخبئها. إنها لا تخدمك، فإنك إن لم تستخدم ما لديك الآن، فلا تلمسه كما لو كان هذا لآخر غيرك، فماذا ستفعل إن صار لك مزيدًا منه؟ عادة بالنسبة للجشعين كلما زادت الثروة وجمعوها حولهم، يطلبون بالأكثر أن يُخَزِّنوها. ربما تقول: "إنني أعرف أنها ملكي". في هذه الحالة ممتلكاتك هي في أفكارك وليست للتمتُّع بها. يمكنك أن تعترض: "إنني عظيم قدام الآخرين." بالحقيقة ستظهر ضعيفًا أمام الأغنياء والفقراء واللصوص والمفترين والخدم – بالحقيقة أمام كل الذين يتآمرون عليك... من يريد أن يُعانِق فتاة يُحِبّها وهو عاجز عن أن يشبع رغبته، يُعانِي أَمَرّ العذابات. هكذا يفعل الغني، إذ لديه ثروة وفيرة، وهي معه، لكنه عاجز عن إشباع رغبته. القدِّيس يوحنا الذهبي الفم ولا تُقلِق نفسك عن قصد [21]. الحياة السعيدة: سعادة الإنسان تنبع من داخله، لا من الظروف الخارجية المحيطة به. فمن يستسلم للحزن ويرتبك بأفكاره لا يتمتَّع بالسعادة. بهجة القلب حياة الإنسان، وفرح الإنسان يُطِيل أيامه [22]. البهجة الداخلية تعطي للحياة طعمًا، فتطول أيام حياته. أَحبب نفسك your soul، وأَرِح قلبك، واطرد الحزن عنك بعيدًا. فإن الحزن أهلك كثيرين، وليس فيه منفعة [23]. ما المنفعة من الحزن؟ إنه قتل كثيرين، ولم ينفع أحدًا. يشتكي كثيرون من سقوطهم تحت مرارة الحزن، كأنه يقتحم قلوبنا أو يتسلَّل إليها. هنا يؤكد لنا ابن سيراخ بأن الحزن هو ثمرة تهاوننا أو أخطائنا. يليق بالمؤمن أن يحب نفسه his soul ويفرّج عن قلبه بالالتصاق بالمُخَلِّص مُفَرِّح القلوب. بهذا يتمتَّع بسلطانٍ أن يجرد الحزن عن أعماقه. يتحدَّث آباء الكنيسة عن الحزن القاتل، مُمَيِّزين بين الحزن المقدس الذي يصحبه سلام داخلي، هذا الذي يُطَوِّبه السيد المسيح، قائلًا: "طوبى للحزانى، لأنهم يتعزون" (مت 5: 4)، الحزن المُهلِك النابع عن عدم الرجاء. ترى القديسة الأم سنكليتيكا في الشهوة والمسرَّة الزمنية والحزن المُهلِك ينابيع ثلاثة للشرِّ. وهي مُرتبِطة ببعضها البعض، كل ينبوع يفتح الطريق للآخر. فإن سمح الإنسان للشهوة أن تصدر من الداخل، واستطاب لها ولو بالفكر، تتطوَّر إلى فرح زمني مؤقت، وبالتالي عِوَض التمتُّع بفرح الروح والاشتياق إلى العريس السماوي، يسقط في الحزن المُهلِك. من يضبط الشهوة بعمل النعمة الإلهية، لن تكون مسرَّته جسدانية مؤقتة، وبالتالي لا يحَطِّمه الحزن القاتل. v يوجد ثلاث ينابيع للعدو ينبثق منها كل شرٍّ: الشهوة واللذة والحزن. وهي متصلة بعضها ببعض، وكل منها يتبع الآخر. من الممكن التحكُّم في اللذة إلى درجةٍ ما، ولكن يستحيل التحكُّم في الشهوة، لأنّ إشباع اللذة يتمّ بواسطة الجسد، ولكن الشهوة تبدأ من النفس، في حين الحزن يمكن أن يحلّ في كليهما. إذن، لا تسمحن للشهوة أن تصير فعَّالة، وبذلك تبدِّدن الاثنتين الأخيرتين (أي المسرّة الشريرة والحزن). أمّا إذا سمحتنّ للأولى أن تبرز، فهي تتطور إلى الثانية ثم يشَكِّلان معًا "حلقةً فاسدةً" لا يمكن للنفس أن تفلت منها. القديسة الأم سنكليتيكا v كل إنسان يعطي صدقة من أجل التكفير عن خطاياه، يبدأ أولًا بالمحبة لنفسه. ليتذكَّر الشخص قول الربّ: "حب قريبك كنفسك" (مت 22: 39)، ليتحقَّق أنه ليس من اللائق أن يعطي صدقة لقريبه دون الترفُّق بنفسه هو. يوجد أيضًا تذكر آخر: "أَحبب نفسك " [24]. كيف يمكن لأحدٍ أن يُقَدِّم صدقة مُقابِل خطاياه، إن لم يعط لنفسه صدقات تسر الله؟ بنفس المعنى: "من أساء لنفسه، فإلى من يحسن؟" (راجع سي 14: 5). وبالطبع الصلوات لها دورها بالنسبة للصدقات. هنا يظهر أهمية الكلمات: "يا بني هل أخطأت؟ لا تزد، بل صلِ عما سلف من الخطايا" (راجع سي 21: 1). القديس أغسطينوس والقلق يأتي بالشيخوخة قبل الأوان [24]. الغيرة والغضب والهمّ يفسدون الحياة، فيشيخ الإنسان قبل الأوان. صاحب القلب المسرور الصالح، ينتفع بالطعام الذي يأكله [25]. الإنسان المتهلل ينتفع بالطعام الذي يأكله أيّا كان نوعه! قَدِّس الجيل الجديد ونَقِّيه من أخطائنا! v قَدِّس أيها القدوس نظرتنا للجيل الجديد. نشتهي أن يكونوا أَقدَس وأفضل منَّا. إن لم يكن الأجيال القادمة أسمى منَّا، تُحسَب الكنيسة راكدة ومريضة وتحمل رائحة الموت. v لتقُدنا أيها المُخَلِّص في تربية الجيل الجديد. هب لنا روح الحب والرعاية والمعرفة. نحب الجيل الجديد بلا تدليل وتسيُّب مُفسِد. في حزم وجدّية نود أن نراهم قادة ناجحين. يدركون أنهم سفراء عنك، يشهدون لحُبِّك الإلهي. من يُرَوِّضهم سوى روحك القدوس، فلا يتعثَّرون في ضعفاتنا. نُسرّ بثقتهم في قوة نعمتك وجهادهم ليكونوا أيقونة لك. v نشكرك يا طبيب النفوس والأجساد. بك تتحدَّى نفوسنا العالم بكل مغرياته وأحزانه. لا تستطيع مقتنياته أن تستعبدنا ولا تستعبد أولادنا. سواء في صحة جسدية أو مرضٍ نباركك، لأنك تقودنا إليك، ومع كل صباحٍ نختبر نحن وأبناؤنا أمجادك، غنانا أو فقرنا لن يُحوِّل عيوننا عن التطلُّع إليك. v إن هاجمنا العدو بالحزن، فلن يسحب فرح الروح من قلوبنا. غربتنا في هذا العالم مُفرِحة، لأنك رفيقنا بالأكثر في الأحزان. أيامنا قليلة للغاية، وكأنها آلاف السنين، لأنك تبارك كل يومٍ، فتجعله كألف سنة. v أنت هو سرور قلبنا، أنت هو الباب ندخل خلاله إلى الالتصاق بك. أنت كنزنا، فلا نحتاج إلى شيء سواك. v أيها القدوس قَدِّس الجيل الجديد بنعمتك. قَدِّس جسدنا، فنجاهد بنعمتك، ونشكرك على عطية الصحة الجسديّة. قَدِّس أرواحنا، لنتأهَّل لسكناك فيها. قَدِّس فرحنا وتهليلنا، لتقبله ذبيحة شكر على أعمالك العجيبة معنا. |
||||
29 - 01 - 2024, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 149662 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التنشئة الصحيحة لتربية الأطفال 1 مَنْ أَحَبَّ ابْنَهُ، أَكْثَرَ مِنْ ضَرْبِهِ، لِكَيْ يُسَرَّ فِي آخِرَتِهِ. 2 مَنْ أَدَّبَ ابْنَهُ، يَجْتَنِي ثَمَرَ تَأْدِيبِهِ، وَيَفْتَخِرُ بِهِ بَيْنَ الْوُجَهَاءِ. 3 مَنْ عَلَّمَ ابْنَهُ، يُغِيرُ عَدُوَّهُ، وَيَبْتَهِجُ بِهِ أَمَامَ أَصْدِقَائِهِ. 4 إِذَا تُوِفِّيَ أَبُوهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، لأَنَّهُ خَلَّفَ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ. 5 فِي حَيَاتِهِ رَأَى وَفَرِحَ، وَعِنْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَحْزَنْ. 6 خَلَّفَ مُنْتَقِمًا مِنَ الأَعْدَاءِ، وَمُكَافِئًا لِلأَصْدِقَاءِ بِالْجَمِيلِ. 7 مَنْ دَلَّلَ ابْنَهُ فَسَيَضْمِدُ جِرَاحَهُ، وَعِنْدَ كُلِّ صُرَاخٍ تَضْطَرِبُ أَحْشَاؤُهُ. 8 الْفَرَسُ الَّذِي لَمْ يُرَضْ، يَصِيرُ جَمُوحًا وَالاِبْنُ الَّذِي لَمْ يُضْبَطُ يَصِيرُ سَفِيهًا. 9 إِنْ دَلَّلْتَ ابْنَكَ رَوَّعَكَ، وَإِنْ لاَعَبْتَهُ حَزَنَكَ. 10 لاَ تُضَاحِكْهُ لِئَلاَّ يَغُمَّكَ، وَفِي أَوَاخِرِكَ يَأْخُذُكَ صَرِيفُ الأَسْنَانِ. 11 لاَ تَجْعَلْ لَهُ سُلْطَانًا فِي صَبَائِهِ وَلاَ تُهْمِلْ جَهَالاَتِهِ. 12 احْنِ رَقَبَتَهُ فِي صَبَائِهِ وَارْضُضْ أَضْلاَعَهُ مَا دَامَ صَغِيرًا، لِئَلاَّ يَتَصَلَّبَ فَيَعْصِيَكَ؛ فَيَأْخُذَكَ وَجَعُ الْقَلْبِ. 13 أَدِّبِ ابْنَكَ، وَاجْتَهِدْ فِي تَهْذِيبِهِ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ فِيمَا يُخْجِلُكَ. يُقَدِّم نصائح عملية في تربية الأبناء، وقد سبق أن تحدَّث عن هذا الأمر عدة مرات. فالأب يهتم بثلاثة أمور في حياة ابنه: يحبه agapon، ويُهَذِّبه paidevon، ويُعَلِّمه didaskon. هذه العناصر الثلاثة أي المحبة والتهذيب والتعليم تُمَثِّل وحدة واحدة في بنيان الجيل الجديد. ففي التأديب يلزم إبراز الحب الصادق، وفي التهذيب إبراز التقوى، وفي التعليم الرغبة في أن يكون الابن ناميًا في المعرفة الروحية والعلمية. الحب يسند التهذيب، والتهذيب يقود إلى التعليم. |
||||
29 - 01 - 2024, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 149663 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإنسان الذي يُحبّ ابنه يُكثِر من تأديبه، لكي يُسرّ به في السنوات الأخيرة [1]. من يُحِبّ ابنه يكون حازمًا معه، فيصير موضع سرور والديه وفرحهم (أم 10: 1؛ 22: 6). الأب السماوي يرعى أولاده "الذي يحبه الربّ يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين، فأي ابن لا يُؤدِّبه أبوه؟!" (عب 12: 6-7) لا يفهم التأديب أو العصا أو القضيب هو العقوبة الجسدية فحسب، وإنما يعني استعمال الحزم الممزوج بالحب واللطف بحكمة واتزان، فإن من يسرف في ضرب أولاده واستخدام القسوة قد يفقدهم. |
||||
29 - 01 - 2024, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 149664 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
v ليس أحد يُؤَدب ويُصلح من شأنه يفقد الرجاء، لأن من يحب ابنه يؤدبه (راجع سي 30: 1). يليق ألاَّ يفقد أحد الرجاء في العلاج. القديس أمبروسيوس |
||||
29 - 01 - 2024, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 149665 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من يؤدِّب ابنه يجني ارتياحًا به، ويفتخر به بين معارفه [2]. ما يتأسَّف له القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن ما يشغل الكثيرون في تربيتهم لأبنائهم ليس خلاص أبنائهم وبنيانهم الداخلي ونجاحهم الحقيقي، وإنما يتطلَّعون إلى أبنائهم من خلال مجدهم الباطل، فيريدون نجاحهم في أعمالهم وغناهم ونوالهم مراكز اجتماعية عظيمة، لا لهدفٍ سوف الافتخار بهم، فيصير الأبناء وسيلة للمجد الباطل لآبائهم[2]. أما ما يعني سيراخ هنا فهو اعتزاز الآباء بتمتعهم بالشخصية القيادية القادرة على تحقيق نموٍ مستمرٍ في كل جوانب الحياة. |
||||
29 - 01 - 2024, 05:54 PM | رقم المشاركة : ( 149666 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من يُعَلِّم ابنه، يُثير حسد أعدائه، ويُسرّ به جدًا أمام أصدقائه [3]. إثارة العدو المشار إليها هنا بسبب حسن التربية يُقصَد بها عدم إعطاء الفرصة لعدوٍ ما أن يشمت بسبب فساد الأولاد. |
||||
29 - 01 - 2024, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 149667 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عندما يموت أبوه فكأنه لم يمت، لأنه خلَّف من هو نظيره [4]. الابن الذي قام والديه بتأديبه يتأهَّل ليحتل مركز أبيه (طو 9: 6). وكأن دور الوالدين هو تأهيل أبنائهما ليحتلُّوا أماكنهما بصيتٍ حسن (41: 13؛ 44: 8). لذلك يموت الوالد الصالح وهو مرتاح البال لأنه ترك ابنًا صالحًا تقيًا ناجحًا، يسلك كإنسان الله. |
||||
29 - 01 - 2024, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 149668 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في حياته رآه ففرح به، وعند وفاته لم يحزن [5]. أمام أعدائه ترك خلفه منتقمًا، ومن يرد لأصدقائه الخدمات [6]. عند موته، يترك الوالد ابنًا شجاعًا يتحدَّى إبليس عدوه، ولا يسمح لأعمال الظلمة أن تتسلَّل إلى فكره، وفي نفس الوقت يقدم كل حبٍ لأصدقاء أبيه، في نضوجٍ وبروح القوة [6]. يُعتبَر طوبيا الابن مثالا رائعًا، إذ كان يشبه أباه من كل جهة بحسب شهادة كل من رعوئيل حماه وغابيلوس المدين لأبيه بالفضة. كان على مستوى المسئولية إذ تحمل مشاق السفر في سبيل تنفيذ وصية أبيه وهو فتى صغير، وصار بركة لوالديه؛ حمل الدواء لأبيه وأعاد البهجة لأمه (طو 9: 6). |
||||
29 - 01 - 2024, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 149669 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من يُدَلِّل ابنه فسيضمد جراحه، وعند كل صراخٍ يتألَّم قلبه [7]. يُحَذِّر ابن سيراخ الوالدين من تدليلهما لأبنائهما، فالتدليل يُسَبِّب جراحات في نفوس الأبناء. الأب الذي يُدَلِّل ابنه يشرب من ثمر تدليله قبل أن يموت، أي يلمس فشل ابنه. كما حدث مع عالي الكاهن الذي دَلَّل ابنيه، فقُتِلا في المعركة، وسقط أبوهما ميتًا، وانهزم الشعب (1 صم 4). يكشف القدِّيس يوحنا الذهبي الفمعن خطورة حياة التدليل، سواء تدليل الإنسان لنفسه أو لابنه أو لمرؤوسيه. الحب الصادق يدفعنا إلى الجهاد والحزم بحكمةٍ وحبٍ. يشفق الأب بابنه وهو يؤدِّبه، خوفًا عليه، فإنه يضمد جراحاته ويحنو عليه بل وتئن عليه أحشاؤه. فمع اضطراره لاستخدام التأديب بحنو أيضًا عليه، يضرب بيدٍ ويعصب بالأخرى، فالغرض من التأديب هو الترويض وليس الانتقام. |
||||
29 - 01 - 2024, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 149670 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
v "من أراد أن يُخَلِّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟! أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه" (مت 16: 25-26). هذا معناه: إني أقضي بهذه الأمور ليس لأني لا أَهتمّ بكم، بل لأنني أَهتمّ بكم جدًا. في الواقع من يسند طفله على الدوام يُحَطِّمه، أما الذي لا يسنده هكذا يُخَلِّصه. يقول الحكيم نفس الشي: "إن ضربت (ابنك) بعصا لا يموت، بالحريّ تنقذه من الهاوية" (راجع أم 23: 13-14). وأيضًا: "من دلل ابنه فسيضمد جراحه" [7]. هذا أيضًا الحال في الجيش. فالقائد المهتم بجنوده يأمرهم بالبقاء الدائم في المدينة (دون التدريب العسكري)، لا يُسَبِّب موتهم وحدهم بل والآخرين في المدينة أيضًا... لا تبقى في الداخل، بل اخرج وحارب. فإنك وإن سقطت في المعركة فستحيا. إن كان في الحروب الأرضية الشخص المستعد أن يُقتَل له تقديره الخاص عن غيره، لا يُقهَر ويكون مُرعبًا للعدو، فإنه حتى بعد موته لا يستطيع الملك الذي أعطاه السلاح أن يعيده إلى الحياة، كم بالأكثر يليق بالشخص أن يُقَدِّم حياته للموت فيجدها (مت 16: 15). أولًا لا تؤخذ حياته بسرعة، وثانيًا حتى وإن سقط فتُقَدَّم له حياة أسمى. القدِّيس يوحنا الذهبي الفم |
||||