14 - 12 - 2023, 12:09 PM | رقم المشاركة : ( 145501 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن اتضاع الفكر يؤدّي إلى اتساع الفكر، لأنه إذا كنت متمركزًا على نفسي فمن الطبيعي أن أفكِّر في ما هو لنفسي ومصالحي ومجدي، ولكن عندما اتضع فسأفكِّر في الآخرين وأهتم بهم· ليحفظنا الرب من الكبرياء، لأن الكبرياء تقودنا أن نرى أنفسنا أفضل من غيرنا، فالمؤمن الجسدي يرى نفسه أفضل من إخوته، والخادم الجسدي يرى نفسه أفضل من شركائه في الخدمة، والمتكلم الجسدي يرى أن كلامه أقوى وأحلى من غيره من المتكلمين وينتقدهم· ولكي نحسب إخوتنا أفضل منا يجب أن نتجاهل أنفسنا وخِصَالنا الحسنة، ونتطلع إلى ما في الآخرين من أمور حسنة ومبارَكة· وفي حضرة الرب نكتشف عيوبنا وضعفاتنا ونقائصنا، ومن جانب آخر أنظر إلى أخي في المسيح؛ فأجده كاملاً وبلا عيب، أراه حجرًا كريمًا وعضوًا في جسد المسيح، وأن جسده هو هيكل للروح القدس؛ وبهذا سيكون من السهل أن أحسب أخي أفضل مني كثيرًا· مع ملاحظة أن التحريض المقدَّم هنا، يفترض أنه موجَّه إلى قديسين يعيشون في حالة أدبية صحيحة، لأن إلهنا القدوس يريد أن نعيش حياة القداسة العملية والانفصال عن الشر· لذلك لنكن صارمين مع نفوسنا من جهة أخطائنا وتقصيراتنا· أما بالنسبة لإخوتنا فيجب أن نقدِّر الجوانب الحسنة الموجودة فيهم· فنسرع في الحكم على أنفسنا ونتباطأ في الحُكم على غيرنا· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:09 PM | رقم المشاركة : ( 145502 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم» لا يعني فقط أن أحسب أخي أفضل مني؛ بل أحسبه أفضل من نفسه، أي من نظرته هو لنفسه· ولكي نفهم معنى ذلك نأتي إلى ما فعله ربنا يسوع المسيح مع يوحنا المعمدان: فعندما أرسل إليه المعمدان في لحظات الضعف والشك قائلاً له: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟»، فكانت إجابة الرب له أنه صنع الكثير من المعجزات وقال للمرسلين: «اذهبا وأخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران· العُمي يبصرون والعرج يمشون والبُرص يطهرون والصُم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبَشرون، وطوبى لمن لا يعثر فيَّ»· وفي هذا أعلن الرب يسوع للمعمدان عن قدرته وسلطانه ولاهوته، ولكن ما أروع قلب ومشاعر المسيح - له المجد - تجاه المعمدان، فبعد أن ذهب المرسلان، شهد الرب عن المعمدان قائلاً: أنه ليس فقط نبيًا بل «أفضل من نبي» وأيضًا «أنه لم يقُم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان» (متى11: 2-11)· فلقد كانت نظرة الرب يسوع ليوحنا المعمدان عظيمة جدًا، وهي بالتأكيد كانت أفضل من نظرة المعمدان لنفسه· وهذا ما يجب أن نفعله· أخي ·· أختي ·· ليكن تقديرنا لإخوتنا عظيمًا جدًا حاسبينهم أفضل من أنفسنا ومن أنفسهم· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:14 PM | رقم المشاركة : ( 145503 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رحلة الشعب - محطة البرية كنا نظن أنه بعد الإيمان ستُوَلّي أيام الحزن والمعاناة· وأن الطريق سيكون مفروشًا بالورود·· وكيف لا ومُخلِّصنا الحبيب قد ضحّى بالكثير لينقذنا من عبودية الشيطان؟ فكيف لا يهبنا أيضًا كل شيء؟! وإذا بالمفاجآت تتوالى· فبمجرد الانتهاء من ترنيمة الفداء، وفي نشوة فرحة الخلاص نُفاجأ أن كل شيء ضد الرغبات والاحتياجات· نفاجأ أن الأرض ناشفة ويابسة وبلا ماء، أرض عقارب وحيّات؛ شمسها حارقة، وبردها قارس· ما هذا؟! هذه هي البرية التي اجتازها الشعب، كحقيقة ملموسة ومُختَبَرة، بدأت لهم من هذه المحطة· فقد تحركت القافلة من محطة الترنيم بقلوب طيبة ونفوس فرحة· وأصبحت مصر بمعاجنها، وفرعون بقسوته، مجرد ماضٍ ولّى وعَبَرَ؛ فالرب قد تعظّم وأخرجهم بقوته· وها هم قد ولّوا وجوههم لمستقبل مليء بالأماني· وبالتأكيد سَرَحَ خيالهم في الأرض التي تفيض لبنًا وعسلاً، وتوقعوا أن وجودهم في هذه الصحراء لن يدوم كثيرًا، بل ستكون رحلة قصيرة خالية من الأتعاب والصعوبات، وفيها كل المشتهيات والاحتياجات· فيها سنمُر على محطات راحة مليئة بعربون الأرض البهية·· وفيما هم متفكرون في انتصار الماضي وآمال المستقبل، إذ بهم يفيقون - بعد ثلاثة أيام من المسير - وعيونهم تقع على لافتة مكتوب عليها: محطة مارة لقد نفدت المياه التي كانت معهم، وشعروا بالعطش الشديد، ونظروا فإذا مياه أمامهم، فتدافقوا ليشربوا، وإذ بالمفاجأة: أن المياه مُرّة· فماذا فعلوا؟ أمام الظروف الصعبة والمُرّة يوجد فرق بين مؤمن وآخر؛ كالفرق بين موسى والشعب· فالشعب وضع عينه على الظروف فتذمّر· وموسى رفع عينه إلى الرب فصرخ له· وهنا يأتي السؤال· لماذا البرية ومرارتها؟ لم يكن في قصد الله أن يُخرج الشعب من ذُلِّ وتعب مصر إلى ذُلٍّ وتعبٍ آخر· بل قصد من وراء البرية دروس لهم ولنا، نذكر منها: 1- لنعرف أنه لا يوجد شيء في العالم يُشبع أو يروي أو يريح المؤمن، فعلينا ألا ننتظر منه شيئًا· 2- لكي نعرف مَن نحن؛ عندما نكتشف طبيعتنا وضعفنا وعدم أمانتنا· 3- لكي نعرف من هو الرب في محبته ونعمته وطول أناته· 4- عندما نكتشف أننا لا شيء، وأن الرب هو كل شيء؛ يقودنا هذا لأن نستند ونتكل على الرب فقط· 5- البرية هي للامتحان (خروج15: 25) اللازم لمعرفة قلوبنا ولتزكية إيماننا· ما هي البرية؟ عرّفها أحد رجال الله بأنها كل ما في العالم بالنسبة للطبيعة الجديدة، وكل ما في الحياة الجديدة بالنسبة للطبيعة القديمة· علاج مرارة البرية: في ذات زمان ومكان مارة، كانت الشجرة موجودة· لكن للأسف لم يرَها أحد حتى موسى، الرب هو الذي أراه إياها· درس مارة والشجرة: قد يسمح الرب لنا بظروف صعبة· وقد يحرمنا من أمور هي مطلب طبيعي (كمياه الشرب للشعب)· قد تشتدّ الظروف بقسوتها، والحياة بمرارتها· والرب لا يعطينا ما نرغب أو نريد أو نحتاج إليه· بل أحيانًا ما نجده هو ضد رغباتنا· والعجيب أن ما يحرمنا منه موجود وبكثرة بين يدي الأشرار (اقرأ مزمور73)· صديقي: هي حكمة الله العجيبة التي تدير كل شيء لخير أحبائه، وسيُخرج لنا من هذا خيرًا قد لا نراه الآن، وما علينا إلا أن ننتظر الرب ونصبر له· وفي وسط هذا فالعلاج موجود، إنه المسيح المصلوب - الشجرة المقطوعة - المكتوب عنه «نَبَت قدامه كفرخ وكعِرق من أرض يابسة··· قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي» (إشعياء53: 2 ،8)· إنه العلاج الوحيد لكل شيء، لقد مات وقام ليحوِّل مرارتنا لعذوبة وحلاوة· صديقي القارئ: - قد تكون بريتك هي بيتك حيث لا مكان للمسيح فيه، وكلمات الاستهزاء بك وبحياة الإيمان التي لك «وأعداء الإنسان أهل بيته»!! - وقد تكون بريتك هي مدرستك أو كليتك، حيث المظاهر العصرية الشريرة والمناظر المثيرة والكلمات الصعبة والمعاشرات الردية···!! - وقد تكون بريتك هي مكان عملك حيث لا شيء من مخافة الرب، بل الكذب والنفاق والسرقة والتزوير·· واضطهادك لأنك ترفض أو تعترض!! ولكن لا تيأس فالعلاج موجود· العلاج أن تأخذ معك المسيح أينما كنت· تأكد من معيّته لك، تفكَّر فيه· تذكَّر وردِّد آية حفظتها·· أو خدمة سمعتها·· أو مقالة قرأتها· ضع المسيح في كل ظروفك، فيتغير مذاقها، حتى وإن استمرت مارة كما هي· الرب شافيك: كنا ننتظر القول «أنا الرب شافي المياه» لكنه يقول «شافيك (أنت)»· ونفهم من هذا أن الشعب هو الذي يحتاج للشفاء، وليس الماء· فالرب يريد، من وراء ضغط الظروف ومرارتها، أن يعالج شيئًا دفينًا فينا، لا يظهر في الظروف العادية· ألا تقول معي: ما أعظم أعمالك يا رب·· فلتكن البرية كما تكون، إن كنا من وراءها نكتشف أعماق جديدة لقلب مسيحنا المحب· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:19 PM | رقم المشاركة : ( 145504 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا البرية ومرارتها؟ لم يكن في قصد الله أن يُخرج الشعب من ذُلِّ وتعب مصر إلى ذُلٍّ وتعبٍ آخر· بل قصد من وراء البرية دروس لهم ولنا، نذكر منها: 1- لنعرف أنه لا يوجد شيء في العالم يُشبع أو يروي أو يريح المؤمن، فعلينا ألا ننتظر منه شيئًا· 2- لكي نعرف مَن نحن؛ عندما نكتشف طبيعتنا وضعفنا وعدم أمانتنا· 3- لكي نعرف من هو الرب في محبته ونعمته وطول أناته· 4- عندما نكتشف أننا لا شيء، وأن الرب هو كل شيء؛ يقودنا هذا لأن نستند ونتكل على الرب فقط· 5- البرية هي للامتحان (خروج15: 25) اللازم لمعرفة قلوبنا ولتزكية إيماننا· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:22 PM | رقم المشاركة : ( 145505 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قد يسمح الرب لنا بظروف صعبة وقد يحرمنا من أمور هي مطلب طبيعي (كمياه الشرب للشعب)· قد تشتدّ الظروف بقسوتها، والحياة بمرارتها· والرب لا يعطينا ما نرغب أو نريد أو نحتاج إليه· بل أحيانًا ما نجده هو ضد رغباتنا· والعجيب أن ما يحرمنا منه موجود وبكثرة بين يدي الأشرار (اقرأ مزمور73)· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:24 PM | رقم المشاركة : ( 145506 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حكمة الله العجيبة التي تدير كل شيء لخير أحبائه، وسيُخرج لنا من هذا خيرًا قد لا نراه الآن، وما علينا إلا أن ننتظر الرب ونصبر له· وفي وسط هذا فالعلاج موجود، إنه المسيح المصلوب - الشجرة المقطوعة - المكتوب عنه «نَبَت قدامه كفرخ وكعِرق من أرض يابسة··· قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي» (إشعياء53: 2 ،8)· إنه العلاج الوحيد لكل شيء، لقد مات وقام ليحوِّل مرارتنا لعذوبة وحلاوة· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:29 PM | رقم المشاركة : ( 145507 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البرية عرّفها أحد رجال الله بأنها كل ما في العالم بالنسبة للطبيعة الجديدة، وكل ما في الحياة الجديدة بالنسبة للطبيعة القديمة· صديقي القارئ: - قد تكون بريتك هي بيتك حيث لا مكان للمسيح فيه، وكلمات الاستهزاء بك وبحياة الإيمان التي لك «وأعداء الإنسان أهل بيته»!! - وقد تكون بريتك هي مدرستك أو كليتك، حيث المظاهر العصرية الشريرة والمناظر المثيرة والكلمات الصعبة والمعاشرات الردية···!! - وقد تكون بريتك هي مكان عملك حيث لا شيء من مخافة الرب، بل الكذب والنفاق والسرقة والتزوير·· واضطهادك لأنك ترفض أو تعترض!! ولكن لا تيأس فالعلاج موجود· العلاج أن تأخذ معك المسيح أينما كنت· تأكد من معيّته لك، تفكَّر فيه· تذكَّر وردِّد آية حفظتها·· أو خدمة سمعتها·· أو مقالة قرأتها· ضع المسيح في كل ظروفك، فيتغير مذاقها، حتى وإن استمرت مارة كما هي· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:33 PM | رقم المشاركة : ( 145508 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب شافيك: كنا ننتظر القول «أنا الرب شافي المياه» لكنه يقول «شافيك (أنت)»· ونفهم من هذا أن الشعب هو الذي يحتاج للشفاء، وليس الماء· فالرب يريد، من وراء ضغط الظروف ومرارتها، أن يعالج شيئًا دفينًا فينا، لا يظهر في الظروف العادية ألا تقول معي: ما أعظم أعمالك يا رب·· فلتكن البرية كما تكون، إن كنا من وراءها نكتشف أعماق جديدة لقلب مسيحنا المحب· |
||||
14 - 12 - 2023, 12:35 PM | رقم المشاركة : ( 145509 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل تقبل أن أدنو إليك؟ هل تقبلَ أن أدنو إليكَ وأذُوّبُ نَفسي وكياني خطايايَ ازدَادت وشروري وآثامي كَثوبٍ لبستني قد جئتُك هربًا من نفسي من جُرمي وعاري وأحزاني يا ربَّ الأربابِ ورَبّي ولتملُكَ في كلِّ حياتي لا حدودَ لعطفِكَ وحنانِك قد جِئتُكَ ربي ودليلي مَجروحًا·· ضمَّدتَ جروحي مَديونًا·· سدَّدتَ ديوني إن جئتُك أشكُرُ فلساني فعظيمُ صنيعِكَ يا ربي بدموعيَ أغسِلُ قدميكَ لتُشكِّل فيَّ بيديكَ قد فاقت حسّيَ وشعوري فَذُبِحتَ وعذَّبَني ضميري هربًا من روحي ومن يأسي من مُرِّ الحالِ ومن بؤسي أدعوكَ أن تغفرَ ذَنبي ولتجعلَ عرشَكَ في القلبِ مولايَ ما أعظمَ غُفرانَكَ لصًّا مصلوبًا بجواركَ مذبوحًا·· أرجعتَ لي روحي وَقَبِلتَني·· شكرًا يا مسيحي يعجزُ عن قولٍ ومعانٍ يسمو عن قولٍ وبيانٍ |
||||
14 - 12 - 2023, 12:41 PM | رقم المشاركة : ( 145510 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يمكن آخر فرصة تصبَّب عرقًا وهو على المنبر، يجاهد في إقناع مستمعيه بانتهاز فرصة الخلاص؛ فقد تكون الأخيرة. كان يتحدث في وسط مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 15-19 سنة، يحضرون مؤتمرًا خاصًا بهم، وقد أتوا من شتى أنحاء القُطر. وسط كلامه, قصّ عليهم قصة شاب كان يحضر مؤتمرًا من سنوات مضت، وانتهت حياته بعد المؤتمر بقليل، كما ساق الكثير من الأمثلة والأدلة على أن ”بكرة مش مضمون“، وأن لا أحد يضمن عمره، صغيرًا كان أو كبيرًا. وانتهى الاجتماع بكلمات الترنيمة: دلوقتي عندك فرصة يمكن آخر فرصة******** كان من بين حاضري المؤتمر مجموعة كبيرة من الشباب، أتوا من منطقة واحدة، من إحدى ضواحي القاهرة المزدحمة. لما انتهى الواعظ من عظتِه، اتجهَ إليه البعض من هذه المجموعة، متهكّمين ساخرين، طالبين منه أن يكفّ عن اختلاق القصص الوهمية محاولاً أن يرعبهم، فهم مقتنعون أن العمر أمامهم طويل طويل. على النقيض من هؤلاء، كان منهم ”مينا“ البالغ من العمر 15 عامًا، وكان له موقف آخر. ودعني أقصّ عليك قصته. شأنه شأن الكثير من أترابه، كان يعلم القليل عن الأمور الروحية، يهتم بأمور كثيرة في حياته ملتهيًا بها عن حياته الأبدية. ألحّ عليه أحد أقربائه أن يذهب معه إلى مؤتمر الشباب الناشئ. لم يُرِد في البداية أن يذهب، لكنه رضخ أمام إلحاح قريبه، وأتى معه إلى المؤتمر. مرّ يومان من المؤتمر، والحال مع مينا على ما هو عليه: يسمع وليس أكثر. على أنه، أمام دعوات الرب المتكرِّرة له في الاجتماعات والترنيمات وكلمات العاملين بالمؤتمر؛ شعر باحتياجه للخلاص، وتيقَّن أن هذا الخلاص في المسيح وحده لا سواه، فهو الذي بعمله الكامل على الصليب وفَّى دين الخطية الرهيب. وامتلأ قلبه باليقين أنه ينبغي أن ينتهز الفرصة الآن. وهكذا فتح قلبه للمسيح، راجعًا إليه بتوبة حقيقية صادقة عن كل خطايا الماضي، وقبِله مخلِّصًا وربًّا على حياته. بدا تغيير الحياة يظهر جَليًّا على مينا طوال ما بقي من المؤتمر، فبدا فرِحًا مستمتعًا بكل جزئيات المؤتمر، مشاركًا بقوة في الترنيم والصلاة وأنشطة المؤتمر المختلفة. وعاد إلى بيته إنسانًا جديدًا. عاش مينا حياته الجديدة: مترنِّمًا، سعيدًا، مُحِبًّا للربِّ وكلمته، نافعًا لكل من حوله. لاحظ أهله التغيير في سلوكه بعد عودته، وتعجّبوا جدًا مما حدث. مرت أيام قليلة جدًا، قبل أن يحدث ما لم يكن يتصوره أحد. فبعد أقل من أسبوعين من نهاية المؤتمر، خرج مينا ليوصِّل بعض الأغراض إلى والده في مكان عمله. وفي طريق ذهابه إلى المكان الذي كان يقصده، كان يعبر السكك الحديدية لقطار يمرّ بالقرب من بيتهم. وبكيفية لم يعلمها أحد، صدَمَه القطار المُسرِع، فانتهت حياته على الفور. تلقّى المسئولون عن المؤتمر الخبر بصدمة بالغة. ذهب قائد المؤتمر مع الواعظ لتعزية أسرة مينا، ودموعهما في أعينهما. هناك، في بيت مينا، سمعوا كلمات الأب المصدوم: ”مينا لما رجِع من المؤتمر قال لي بالحرف الواحد: أنا اسمي انكتب في سفر الحياة يا بابا. قُلت له: ماذا يعني هذا يا بني؟! قال: ستعرف في ما بعد. فهل يمكن أن تشرحوا لي هذا؟“. كانت فرصة لتقديم المسيح للأسرة بأكملها، لأن شهادة حياة مينا خلال الأيام الأخيرة من حياته مهَّدت الطريق، فقد رأوا فيه كيف يغيِّر المسيح. وكم كانت التعزية كبيرة للجميع أن يعرفوا أن مينا ربح حياته الأبدية قبيل انتهاء حياته هنا على الأرض بقليل. لقد انتهز ”آخر فرصة“ فاغتنمها وربح ربحًا أبديًا. صديقي.. قال الحكيم، وليتك تصغي لما قال: «لأنَّ الإنسان ذاهب إلى بيته الأبدي» (جامعة12: 5). فهل تعي هذه الحقيقة؟ وهل أعدَدت نفسك لها؟ هل أسمعُك، بعد، تقول إن الحياة طويلة؟! إذًا اسمع ما قاله الفاهمون عن الحياة والذين اختبروها في عُمق معناها: قال أيوب «أيامي أسرع من الوشيعة (نول النساجين والذي يدور بسرعة) وتنتهي بغير رجاءٍ. اُذكر أن حياتي إنما هي ريح... أيامي أسرع من عَدّاء، تفُرّ ولا ترى خيرًا... الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبًا. يخرج كالزهر ثم ينحسم ويبرح كالظل ولا يقف... أيامه محدودة وعدد أشهُرِه عندك وقد عيّنت أجله فلا يتجاوزه» (أيوب7: 6،7؛ 9: 25؛ 14: 1-5). فما أسرع ما تمضي هذه الحياة! وقال داود «هوذا جعلت أيامي أشبَارًا، وعمري كلا شيء قدّامك. إنما نفخة كل إنسان قد جُعِل. إنما كخيال يتمشى الإنسان... يذخر ذخائر ولا يدري من يضمّها» (مزمور39: 5،6). إذًا ما أقصرها! وقال موسى في مزمور90 «أفنينا سنينا كقصة»، وكما أن أي قصة تنتهي سريعًا، هكذا الحياة. وأهم ما في القصة هو نهايتها، فماذا عن قصتك ونهايتها؟! يضيف موسى بالقول عن سنين العمر «أفخرها تعب وبلية. لأنها تُقرَض سريعًا فنطير»، وهذا يقوده إلى طلبة من الرب «إحصاء أيامنا هكذا علِّمنا فنؤتى قلب حكمة». هيا فاطلب أن يؤتيك الرب الحكمة بمعرفة كم هي قصيرة الحياة. هيا لأن «الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص» (2كورنثوس6: 2)، وغدًا لا ندريه. وقال يعقوب كاتب الرسالة معنِّفًا من ظنّوا أن العمر أمامهم «هلم الآن أيها القائلون: نذهب اليوم أو غدًا إلى هذه المدينة أو تلك، وهناك نصرف سنة واحدة ونتجر ونربح (وما أكثر الخطط والمشاريع اليوم). أنتم الذين لا تعرفون أمر الغد (وهل تعرف أنت أمره؟). لأنه ما هي حياتكم؟ إنها بخار، يظهر قليلاً ثم يضمحل» (يعقوب4: 13،14). والبخار من الممكن أن يضرّ كثيرين (إذا ما أصاب جزء من الجسم مثلاً)، لكنه إن استُخدم بطريقة سليمة (كما في محطات توليد الطاقة) فسيكون كثير النفع؛ والعبرة في من يدير استخدام هذا البخار. دعني أسألك عن بخار حياتك: من الذي يديره؟ إن تصرَّفت أنت فيه فسيتسبب في الكثير من الضرر، لك ولكثيرين. هيا استودعه الآن في يد خالقك القدير، وثق أنه سيكون أفضل ما يمكن أن يكون. وثق أن النهاية السعيدة لقصتك لا يمكن أن يكتبها إلا المسيح. هيا؛ فالفرصة أمامك وأنت تقرأ الآن، و”يمكن آخر فرصة“! |
||||