منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27 - 09 - 2016, 03:27 PM   رقم المشاركة : ( 14411 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما هو الفرق بين الحرام والحلال

والذي يوافق أو لا يوافق، ويليق أو لا يليق

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سؤال: ما هو الفرق بين الحرام والحلال والذي يوافق أو لا يوافق، ويليق أو لا يليق، لأن كثيرين يقولون إنه لا يوجد حرام في المسيحية أو حلال بل فقط يليق ولا يليق ويوافق أو لا يوافق، مع أنى سمعت انه يوجد ما هو مُحرم فأتمنى أفهم الفرق بوضوح؟
_____الإجابة_____
أولاً ينبغي إزالة التشويش الحادث في التعليم المُقدَّم بصورة مبتورة او مشوشة، لأن هناك فعلاً ما هو حرام وما هو حلال، كما أنه يوجد ما يليق وما لا يليق ويتفق ولا يتفق، فالحرام معناه التنحية جانباً ولا ينبغي أن يُستعمل أو يُستخدم على الإطلاق أو يتم التعامل معه أو قبوله، وهذا الحرام هو كل ما هو ضد الوصية المقدسة، أو هو كل خروج للإنسان عن طبيعته السوية، مثل عبادة الأوثان والطمع، والقتل وسفك الدماء والسرقة والخبث... الخ، كل هذا لا يدخل من ضمن مايتوافق ولا يتفق، بل هو مُحرم تحريماً على الإنسان، وليس هناك خيار فيه أو مساومه أو اختيار:
+ لأن زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا إرادة الأمم سالكين في الدعارة والشهوات وإدمان الخمر والبطر والمنادمات (حَفَلاَتِ السُّكْرِ وَالْعَرْبَدَةِ) وعبادة الأوثان المحرمة. (1بطرس 4: 3)

وعموماً نجد أن هناك كلمة يونانية تُستخدم في هذا المعنى وهي: أناثيما (Anathema) والتي استخدمها بولس الرسول:
+ لذلك أُعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع أناثيما، وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس (1كورنثوس 12: 3)
+ أن كان أحد لا يحب الرب يسوع المسيح فليكن أناثيما، ماران آثا (1كورنثوس 16: 22)
+ ولكن أن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما (غلاطية 1: 8)
+ كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضاً أن كان أحد يبشركم في غير ما قبلتم فليكن أناثيما (غلاطية 1: 9)
والمعنى المستخدم فيه الكلمة:
1- العزل الرّسمي، المرذول، الممنوع
2- النّفي، الطرد، التّخلّص مِن، إبعاد، أو قطع الشركة، التوقيف
3 – الحرم في العهد الجديد بالطبع بيكون (حرمان او قطع) من شركة الكنيسة بغرض التأديب والإصلاح وله أسبابه ولكنه ليس موضعنا هنا، ولكن باختصار القول فأن المُعَرَّضون للحِرْم هم المُدانون بالهرطقة أو بالفسق والفجور والأعمال اللاأخلاقية الكبيرة، لأن كل ده يندرج تحت اسم فعل الحرام، لذلك يتم الحرمان من الشركة.

عموماً يوجد فعلاً ما هو حرام، أما من جهة ما هو حلال أي ما هو مسموح من الله وفق مشيئته هي الكلمات العشر التي هي الناموس الأدبي الذي أعطاه لموسى النبي وكل مخالفة لهُ هي الحرام عينه على مستوى العهدين، القديم والجديد، وهذا هو معنى الحرام والحلال باختصار وجيز دون تطويل لا داعي لهُ.

أما من جهة يليق ولا يليق لننظر عن ماذا يتكلم الرسول لنفهم المعنى فهماً صحيحاً، لأن حينما نبتر ونقتص الكلام يصل المعنى مشوش مبتور وبالتالي نفهم ونتكلم كلام منقوص يؤدي لتشويش الحياة الروحية والتعثر في الطريق، لذلك ينبغي ان نفهم القصد الإلهي في الكتاب المقدس بوضوح وتدقيق شديد لكي تستقيم حياتنا، فكلام الرسول كان كالتالي:
أولاً من جهة اللياقة، أو ما يليق ولا يليق فقد كتب قائلاً: وأما الزنى وكل نجاسة أو طمع فلا يسم بينكم كما يليق بقديسين (أفسس 5: 3)، وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما لا يليق (رومية 1: 28)
وكلام الرسول هنا عما هو مُحرَّم وخطير على حياة الإنسان، لأنه تكلم عن المرفوض الذي يؤدي لفعل ما لا يليق، أي ما هو حرام، لأن هناك ما يتفق ويليق بالقديسين، وليس معنى الكلام هو التخفيف من الخطورة الناتجة عن الحياة التي لا تليق بالقديسين، أو من يقولون انهم قديسين، لأن للقديسين حياة تليق بهم تظهر مجد الله الحي.

أما من جهة ما يحل ويوافق ولا يوافق فقد قال الآتي:
كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الاشياء توافق، كل الاشياء تحل لي لكن لا يتسلط عليَّ شيء؛ كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق، كل الاشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء تبني (1كورنثوس 6: 12؛ 10: 23)، وهنا وضع شرط فيما يحل لي بأن: لا يتسلط عليَّ شيء، وليس كل الأشياء تبني.
وهنا يأتي سؤال هام، كلام الرسول أتى في أي سياق وما هو القصد على وجه التحديد؟
الآية الأولى أتت في سياق الكلام عن محاكمة الأخ لأخيه أمام غير المؤمنين وبعد الآية مباشرة تكلم عن الطعام، والآية الثانية أتت عن سؤال عن الأكل من الملحمة، أي قدر اللحم الكبير الذي كان يوضع في الساحات الرومانية التي تبقت من الذبائح التي تم ذبحها للأوثان فيتم وضعها في الملحمة الكبيرة ليُباع منها، والرسول أجاب وقال الكلام كالتالي:
+ كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق، كل الأشياء تحل لي ولكن ليس كل الأشياء تبني. لا يطلب أحد ما هو لنفسه، بل كل واحد ما هو للآخر. كل ما يُباع في الملحمة كلوه غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير. لأن للرب الأرض وملأها. وأن كان أحد من غير المؤمنين يدعوكم (لمناسبة او وليمة) وتريدون أن تذهبوا فكل ما يقدم لكم كلوا منه غير فاحصين من أجل الضمير. ولكن أن قال لكم أحد هذا مذبوح لوثن فلا تأكلوا من أجل ذاك الذي أعلمكم والضمير، لأن للرب الأرض وملأها. أقول الضمير، ليس ضميرك أنت، بل ضمير الآخر لأنه لماذا يحكم في حريتي من ضمير آخر. فأن كنت أنا أتناول بشكر فلماذا يفترى عليَّ لأجل ما أشكر عليه. فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً، فافعلوا كل شيء لمجد الله. كونوا بلا عثرة لليهود ولليونانيين ولكنيسة الله. كما أنا أيضاً أُرضي الجميع في كل شيء غير طالب ما يوافق نفسي بل الكثيرين لكي يخلصوا (1كورنثوس 10: 23 – 33)

إذن الموضوع يخص الحرية من جهة الضمير، لكن ما لا يليق إني أنا أحيا بالحرية وأعثر الآخرين، بمعنى أن هنا لا يوجد ما هو حرام لا في طعام ولا شراب ولا أي شيء مخلوق أعطاه الله للإنسان، ولا يوجد فيها حرام إطلاقاً، بل انها تحل لي لأني أعمل كل شيء بالشكر وأُقدِّم التمجيد اللائق بالله، لكن لأجل البنيان لن أطلب ما هو لنفسي وما يحل لي، بل سأسعى لكيلا أضع عثرة لكل أخ لي ضميره ضعيف، لأن الهدف هو أن اسعى بالمحبة لأجل خلاص الجميع، فما يُعثر أخي ابتعد عنه تماماً لكيلا اسقطه في ملامة ضمير وواجبي أن أرفع كل عثرة من حياته، فالرسول قال: حسنٌ أن لا تأكل لحماً ولا تشرب خمراً، ولا شيئاً يصطدم به أخوك أو يعثر أو يضعف، لذلك أن كان طعام يُعثر أخي (رغم من انه يحل لي) فلن آكل لحماً إلى الأبد لئلا أُعثر أخي (رومية 14: 21، 1كورنثوس 8: 13)

أعتقد المعنى وصل وزال اللبس الحادث في الموضوع ككل، وعموماً أعود اكرر أن حينما نحاول أن نفهم أي آية في الكتاب المقدس لابد من أن أفهمها في الإطار التي أتت فيه ولا اقتصها أو اقتطعها من وسط الكلام، لأن هذا هو سبب اللبس والتشويش الحادث في الشروحات والتفسيرات، لأن للأسف الشديد كثير من الخدام وبعض المسيحيين يستخدون الكلام مبتورن قائلين لا يوجد ما هو حلال ولا حرام بل ما يوافق ولا يوافق، مع ان هذا يختص من جهة الطعام والشراب.. الخ، كما شرح الرسول ولا ينفع أن نتكلم بشكل مطلق على الآية، لأن مثلاً هل القتل أو السرقة وعبادة الأوثان والطمع.. الخ، يقال أنهم من ضمن ما هو يحل لي، لكني لن أفعل ذلك لئلا أعثر أخي مثلاً،
يا إخوتي لنحذر جداً ولا نتسرع في الكلام ونجلس على كراسي التعليم لنعلم حسب ما نرتاح إليه، لأن بسبب استعجالنا وميلنا الفكري بنقدم كلام مشوش يشوه التعليم الصحيح حسب الكتاب المقدس ونُبطل وصية الله دون ان نقصد ونربك حياة الناس ونعثرهم.
 
قديم 27 - 09 - 2016, 03:29 PM   رقم المشاركة : ( 14412 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كرستولوجيا ولاهوت المسيح في انجيل مرقس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لاهوت المسيح في مقدمة انجيل مرقس

الكاتب Matthew D. Montonini
ترجمة مدونة ميمرا يهوه
تناول الباحثين موضوع الكرستولوجي في انجيل مرقس ورؤية مرقس لطبيعة المسيح .ولعل احدثهم مناقشة Brant Pitre حول هذا الموضوع .

قبل الدخول في الموضوع ينبغي ان نلاحظ العديد من الملاحظات بشكل عام في انجيل مرقس. وهي ان اسلوب انجيل مرقس ليس هو اسلوب انجيل يوحنا .فيوحنا تناول موضوع الوهية يسوع بشكل واضح .بينما مرقس اعتمد علي عنصر ربط النقاط وترك للقارئ فهم الشكل النهائي لهذا الربط من استخلاص الآثار .من خلال عنصر دمج النصوص لاستخراج مفهوم كرستولوجيا يسوع.

في مقالة ل Timothy Geddert نشرة مؤخراً قال :-

“انجيل مرقس بالمقارنة بالاناجيل الاخري .نجد ان مرقس الاقل في توضيح للكرستولوجيا بشكل صريح لكنه هو اعلي في ذكر للكرستولوجيا بشكل ضمني ” (1)

ويشرح هذا الامر Ardel Caneday بقوله :-

ان تكنيك مرقس في شرح الحدث هو يشبه تماماً شرح وطريقة يسوع في الكشف عن ذاته .والادراك الصحيح لسرد مرقس هو لا يكمن في مظهر سرده الخارجي لكن هو بالاكثر شرح امثال يسوع والغازه ومعجزاته والرمزية.وافعال التلاميذ الذي سار معهم يسوع فترة طويلة .فكما كشف يسوع عن ذاته ومن هو من خلال امثاله والاحاجي .سواء في تعاليمة او في افعاله .لذلك كتب مرقس الامثال والاحاجي .مع قصد انه مع القراءة للذين لهم اذن وعيون سيستجبون ويجدون الاجابة علي السؤال وهو” من يقول الناس اني انا .مرقس 8 : 29″ السؤال الذي طرحه في الجسد هو الان له نفس التاثير . (2)

ولتوضيح ما قلناه عن السرد الضمني علي الكرستولوجيا في انجيل مرقس ناخذ مثل كمقدمه لفهم مرقس .

طبيعة المسيح الالهية في مقدمة مرقس 1 : 1 – 13

1 بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله، 2 كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي، الذي يهيئ طريقك قدامك. 3 صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة». 4 كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. 5 وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الأردن، معترفين بخطاياهم. 6 وكان يوحنا يلبس وبر الإبل، ومنطقة من جلد على حقويه، ويأكل جرادا وعسلا بريا. 7 وكان يكرز قائلا: «يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه. 8 أنا عمدتكم بالماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس». 9 وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الأردن. 10 وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقت، والروح مثل حمامة نازلا عليه. 11 وكان صوت من السماوات: «أنت ابني الحبيب الذي به سررت». 12 وللوقت أخرجه الروح إلى البرية، 13 وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان. وكان مع الوحوش. وصارت الملائكة تخدمه.

قبل ان نتكلم عن مقدمة انجيل مرقس سيكون من المفيد ان ندرس الطبيعة الوظيفية للمقدمات التي وجدت في بقية الاناجيل. لاحظ J.M. Gibbs منذ وقت طويل وظيفة وضع المقدمات في البدايات (3)

1-ايجاز لما سيتم التكلم عنه بالتفصيل في الجزء المتبقي للانجيل .

2-توفير خلفية المعلومات في مصطلحات ليكون الانجيل مفهوماً اكثر .

3-هو اذا جاز التعبير عباره عن جدول لمحتويات اما صراحة او ضمناً للمواضيع الرئيسية لكل انجيل.

بعبارة اخري ينبغي علي القارئ ان يكون لديه العديد من القرائات المتناغمة لفهم مقدمة مرقس .فمرقس كشف لنا العديد من المحاور الرئيسية في مقدمته التي تشمل الايات الثلاثة عشر الاولي . علي سبيل المثال

في مرقس 1 : 2 – 3

2 كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي، الذي يهيئ طريقك قدامك. 3 صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب، اصنعوا سبله مستقيمة».

صنع مرقس دمج عجيب بين هذين الايتين. وثلاثة مواضع من نصوص العهد القديم .ونسب ما ليهوه ليسوع فهو يخاطب قارئ مطلع يفهم الاشارات الضمنية .

في ارسال ملاك يهيئ الطريق امامك τὴν ὁδόν σου. صوت صارخ اعدوا طريق ἑτοιμάσατε τὴν ὁδὸν الرب κυρίου اصنعوا سبله مستقيمة ποιεῖτε τὰς τρίβους αὐτοῦ .

اقتباس مرقس من العهد القديم اعتمد علي دمج ثلاث نصوص في بعض .

سفر الخروج 23 : 20

٢٠‏”ها أنا مرسل ملاكا أمام وجهك ليحفظك في الطريق، وليجيء بك إلى المكان الذي أعددته.

ملاخي 3 : 1

١‏”هأنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي. ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي، قال رب الجنود”

اشعياء 40 : 3

٣‏صوت صارخ في البرية: “أعدوا طريق الرب. قوموا في القفر سبيلا لإلهنا.

فمرقس 1 : 2 هو اقتباس واضح من الخروج 23 : 20 بحسب السبعينية .والذي اشار الي ارسال ملاك امامه …وهو الملاك الذي سيرسله الرب من البرية لاسرائيل .

ومرقس اشار ان هذا” الذي يهيئ طريقك قدامك ” يعكس ما جاء في ملاخي 1 : 3 لكن مع تغيره للفظ مهم هو الطريق الذي استعملها ملاخي الي طريقك في اشاره الي يهوه بالرجوع للنص العبري والنص اليوناني لنص ملاخي . يحدثنا عن هذا الذي سيهيأ الطريق في ملاخي 4 : 6

٦‏فيرد قلب الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم. لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن”.

هذا الرسول هو يوحنا المعمدان . بالرجوع لمرقس 1 : 4 – 9 ويربطه يوحنا بروح ايليا . لان هناك تشابهات في تفاصيل حياته بالرجوع لملاخي 1 : 6 وزكريا 13 : 4 وملوك الثاني 1 : 8 )

ونرجع مره اخري للنقطة الاولي وهي تغير طريقي الي طريقك بحسب ملاخي 3 : 1 ومرقس 1 : 2 . وهي اشاره الي يهوه بالمعني السابق .ويشير مرقس بعباره ضمنيه ليسوع بانه الله ويكتب ببراعه لؤلائك الذين لهم آذان للسمع والفهم كما جاء في مرقس 4 : 9 , 23

الدمج الثالث هو ما جاء في اشعياء 40 : 3 وما جاء في مرقس 1 : 3 .

بحسب اشعياء .صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب قوموا في القفر سبيلا لإلهنا τοῦ θεοῦ ἡμῶν .

نجد ان مرقس اقتبس النص حرفياً لكن مع تغيير كلمة “قوموا في القفر سبيلا لإلهنا” حولها مرقس” اصنعوا سبله مستقيمة”

هنا نجد اشارة الي لاهوت المسيح ووضع ضمير المفرد بعد ان كان اعداد القفر سبيل ليهوه اصبح هذا الامر تخصيصه ليسوع .وهذا التعديل الذي اجراه مرقس وما فعله في النصوص الاخري دليل علي ان يهوه ويسوع لهم نفس الهوية .

فنلاحظ ان مرقس لم يجعل هناك فرق بين يهوه ويسوع .لكن بدل هوية يهوه بهوية يسوع .وينطبق علي ذلك ما قلناه مسبقاً .

يقول Johansson

بدلاً من محاولة حل الغموض في مرقس نحن يجب ان نسمح لهذا الغموض بالبقاء فممرقس استخدم κύριος للاشارة الي الله ويسوع معاً .وهو يربط يسوع باله اسرائيل (4)

ومن ضمنها الاقتباس المركب الذي اقتبسة من اشعياء فيقول

“بالاضافة الي كلمة الطريق التي هي جزء مشترك بين ملاخي 1 : 3 واشعياء 40 : 3 .التي تشير الي موقع يسوع لاهوتياً .فكما ذكرت مرارا وتكراراً ان سرد مرقس 8 : 22 ومرقس 10 : 52 . تشير هذه النصوص ان يسوع هو الرب بشكل غير واضح .لكن تناسب هذه النصوص مع بلاغة مرقس في ذكره لحقيقتين قريبين من بعض مع اختلاف التاثير (5)

اذاً تلميحات مقدمه مرقس هي تبيان لالوهية يسوع وبداية اعلان الخبر السار ينبغي علي القارئ ان يفهم الضمنية والدمج الخفي الذي فعله مرقس حتي في بقية انجيله.فالقارئ هو من المفترض ان يجلب العديد من القرائات لفهم اوضح لكلام مرقس فكما قلنا ان اسلوب مرقس يختلف عن اسلوب يوحنا .فلذلك مرقس اصبح علامه .

المراجع


1 Timothy Geddert, “The Implied YHWH Christology of Mark’s Gospel,” Bulletin for Biblical Research 25.3; (2015); 325-340; here 325.

2 Ardel B. Caneday, “He Wrote in Parables and Riddles: Mark’s Gospel as Literary Reproduction of Jesus’ Teaching Methods,” Didaskalia 10.2 (1999); 35-67; here 42.
3 J.M. Gibbs, “Mk 1,1-15, Mt 1,1-4,16, Lk 1,1-4,30, Jn 1,1-51: the Gospel prologues and their function” in Studia evangelica, (Berlin: Akademie Verlag, 1973), 154-188.
4 Daniel Johansson, “Kyrios in the Gospel of Mark” Journal for the Study of the New Testament 33.1, (September 2010): 101-124; here 105.

5 Elizabeth Struthers Malbon, Mark’s Jesus: Characterization as Narrative Christology (Waco: Baylor University Press, 2009), 71; (italics mine)
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:27 PM   رقم المشاركة : ( 14413 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس الشهيد بطرس بطريرك الإسكندرية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يبدو من المعلومات المتوفرة عن القديس بطرس أنه كان رجل علم، حكيماً، تسلّم مدرسة الإسكندرية لبعض الوقت قبل اختياره أسقفاً على الإسكندرية خلفاً للقدبيس ثيوناس في العام 300 للميلاد. أفسافيوس القيصري، في تاريخه، تحدث عنه بإكبار، قال:
"بعدما أدى ثيوناس أجلّ خدمة على امتداد تسعة عشر عاماً، خلفه بطرس على أسقفية أهل الاسكندرية. وقد كان هو أيضاً بارزاً على مدى اثني عشر عاماً. ساس الكنيسة لأقل من ثلاث سنوات قبل الاضطهاد، وبقية أيامه قضاها في قسوة على نفسه، واهتم علناً بالصالح العام للكنائس. لهذا السبب، قطع رأسه في السنة التاسعة من الاضطهاد وتزّين بإكليل الاستشهاد".
وأفسافيوس أيضاً اعتبر القديس بطرس "معلماً مسيحياً موهوباً... ومثالاً للأسقف يحتذى، لصلاح سيرته ومعرفته للكتب السماوية".
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولما انطلقت موجة الاضطهاد جديدة على المسيحيين في زمن الإمبراطور ذيوكليسيانوس (245-313م) في العام 303 للميلاد، فضّل القديس بطرس الاختباء على تعريض نفسه للموت لأنه لم يشأ أن يترك قطيعه دون رعاية والظرف عصيب. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فإن أسقفاً اسمه ملاتيوس، كان على ليكوبوليس في الطيبة، وضع يده على كرسي الإسكندرية وكراسي أسقفيات أخرى متذرعاً بأن أساقفة هذه الكراسي خانوا الأمانة وفرّوا تاركين الشعب لمصيره، وقام، للحال، بسيامة أتباع له كهنة وشمامسة ووزعهم هنا وهناك. غير أنه في غضون شهر جرى القبض عليه وخيّر بين الموت والتضحية للأوثان فضحّى. ومع هذا استمر ملاتيوس في حركته إلى أن انعقد مجمع محلي برئاسة القديس بطرس في الاسكندرية في العام 305 أو 306 للميلاد جرّده من الأسقفية بعدما أدانه بتهمة ارتكاب "جرائم متعددة والتضحية للأوثان".
لم يمتثل ملاتيوس لقرار المجمع بل أعلن ما أسماه "كنيسة الشهداء" شاقاً بذلك كنيسة الاسكندرية إلى اثنين في ما عرف بـ "الانشقاق الملاتي" الذي استمر ما يقرب القرن. يذكر أن آريوس الهرطوقي هو من هذه الكنيسة المنشقة وفيها وجد أشدّ أتباعه حماساً له.
واستمر القديس بطرس في رعاية شعبه بغيرة وأمانة إلى أن جرى القبض عليه وقطع الولاة رأسه. يذكر أن أعداداًُ كبيرة من المؤمنين قضت في اضطهاد ذلك الزمان. بعض المصادر يقول إن بضع مئات لا قوا حتفهم وإن عائلات بأكملها أبيدت. وقد تركت تلك الفترة بصمتها في وجدان المصريين حتى إن الكنيسة القبطية اعتمدتها بداية لتقويمها الكنسي. من جهة أخرى، سرى القول، مذ ذاك، أنه "كما كان بطرس أول الرسل كان بطرس آخر الشهداء". وبالفعل فإنه باستشهاد القديس بطرس الاسكندري انتهى زمن الاضطهاد. وقد كان ذلك في الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 311 للميلاد.
هذا ويحكى عن القديس بطرس أنه لما كان في السجن رأى رؤيا، الرب يسوع المسيح في هيئة صبي في الثانية عشرة بهي الطلعة يلبس ثوباً ممزّقاً من فوق إلى أسفل وكان الصبي ممسكاً بشقي الثوب يحاول بهما، وبدموع، إخفاء عريه، فسأله بطرس: " يا سيد، من الذي مزّق ثوبك؟" فأجاب: "آريوس! لذلك أقول لك إياك أن تقبله في الشركة وقل لأخيلاس والاسكندر الكاهنين عندك، وهما سيخلفانك، أن يحفظا الإيمان الارثوذكسي المقدس من هجماته".
من جهة أخرى يحكى عن القديس بطرس أنه كان يرفض باستمرار الجلوس في سدة الأسقفية وكان يكتفي بالجلوس على الدرج تحت الكرسي. ولما ألح عليه أهل بيته معترضين أجابهم: "لا تجبروني الجلوس على هذا العرش الأسقفي لأن الخوف والرعدة يعترياني كلما دنوت منه، فأنا أنظر سلطان العلي وضياءه مستقراً عليه، سلطان ربنا يسوع المسيح الذي هو وحده الكاهن الأكبر".
هذا ويبدو أن القديس بطرس ترك كتابات قيّمة لم يبق منها غير أصداء وشواهد في كتابات الآباء اللاحقين. مجمع أفسس (431) استشهد به لتأكيد ألوهية السيد وإنسانيته وكذلك ليونتيوس البيزنطي في القرن السادس. ولعل أبرز ما بقي لنا منه مجموعة قوانينه بشأن الساقطين وجاحدي الإيمان أثناء الاضطهاد. هذه القوانين ذكرها القانون الأول للمجمع المسكوني الرابع (خلقيدونيا 451)، والقانون الثاني للمجمع المسكوني السادس المسمى ترولو (692). ولعل ميزة هذه القوانين أنها أقل تشدداً وأكثر رحمة من غيرها في الموضوع عينه.
ونقلاً عن السنكسار القبطي يقال أنه كثيرًا ما كان يرى السيد المسيح نفسه يناول المؤمنين بيد البابا ثيوناس، وهذا سبب رسم الرب يسوع في أيقونة القدّيس بطرس.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:29 PM   رقم المشاركة : ( 14414 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس الشهيد كليمنضس بابا رومية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هو أسقف رومية الثالث بعد الرسول بطرس. خلف كلاً من لينس وأنكلتس. أفسافيوس القيصري، صاحب "تاريخ الكنيسة"، يذكر أنه كان على كرسي رومية بين العامين 92 و101 للميلاد، وترتوليانوس يقول إن الرسول بطرس سامه بنفسه. هذا فيما يعتقد البعض أنه هو إياه اكليمنضوس المذكور في رسالة الرسول بولس إلى أهل فيليبي (3:4). فإن صح هذا الزعم كان اكليمنضوس من الذين عملوا وجاهدوا مع الرسول في خدمة الكلمة و"أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة".
جاء عنه في بعض المصادر أنه كان وديعاً متواضعاً يعرف الكتب المقدسة وحكمة الإغريق جيداً وكيف يتوجه إلى اليهود والأميين في آن ويقنعهم.
وإلى القديس اكليمنضوس تنسب، منذ أقدم الأزمنة، رسالة إلى الكنيسة التي في كورنثوس. هذه الرسالة اعتبرها الأقدمون في مصر وسورية جزءاً من الكتاب المقدس. منها نستخلص أن مشاغبين في كورنثوس انتفضوا على الشيوخ في الكنيسة فأطاحوا بهم حسداً وهم أبرياء لا عيب فيهم. وقد نتج عن هذا الوضع حالة من الفوضى والانقسام بدت معه كنيسة كورنثوس مهددة بالشرذمة والانقراض. يقول كاتب الرسالة: "يا أخوة أن المصائب والويلات التي أصابتنا فجأة... قضايا مشينة لا مبرر لها، سبّبها بعض الأشخاص الدعيّين الوقحين... نأت العدالة والسلام منذ أن ترك كل واحد خوف الله وضعف منه نور الإيمان... لا أحد يحيا حياة جديرة بالمسيح. كل يمشي حسب رغبات قلبه الشرير تاركاً المجال للحسد الظالم الكافر الذي أدخل الموت إلى العالم... أيها الأخوة نكتب لكم لنصحكم... فلنتواضع... طارحين جانباً كل عجرفة وخيلاء وحماقة... خاضعين لله لا تابعين لرجال الكبرياء والفوضويين البغيضين... ما هو الأولى أن نصطدم بإرادات رجال جهال متعجرفين يتباهون ويتكبرون بكلامهم، أو أن نصطدم بإرادة الله؟... لنخجلن من الرب يسوع الذي أعطانا دمه. لنحترمن رؤساءنا ونكرمن شيوخنا... من الخطايا الكبرى أن نبعد عن الأسقفية أولئك الذين يحملون كل فضائلها بقداسة ونقاوة... إننا نرى أنكم قد أعفيتم من الخدمة بعض من حملها بشرف وإخلاص وعاشها بكرامة واستحقاق... عار جداً أن نسمع أن كنيسة كورنثوس القديمة الراسخة قد قامت ضد متقدميها بسبب شخص أو شخصين... فلنسرع في إقصاء الشر عن نفوسنا... أنتم يا من كنتم سبباً للفوضى اخضعوا لشيوخكم... تعلموا الطاعة... أفضل أن تكونوا صغاراً في قطيع المسيح من أن تكونوا مشهورين خارج الرجاء المسيحي... اقبلوا نصيحتنا فلن تندموا... أولئك الذين يقاومون كلام الله الذي يوجهه لكم بواسطتنا... يرمون نفوسهم في خطر عظيم... نحن أبرياء من خطيئتهم... أرسلنا لكم رجالاً حكماء... سيكونون شهوداً بيننا وبينكم. فعلنا ذلك لتروا اهتمامنا في أن نرى السلام موطداً بينكم... فأرسلوهم لنا بسرعة حتى يبشرونا بأن السلام والاتفاق... قد حلا بينكم لكي نفرح نحن أيضاً لثباتكم...".
هذا وقد جاء في أخبار أساقفة رومية أن اكليمنضوس بقي على الكرسي تسع سنوات وشهرين وعشرة أيام وأنه عيّن كتبة، سبعة في العدد، وزّعهم على أنحاء رومية ليدوّن كل منهم أعمال الشهداء في ناحيته. كذلك قيل إنه أنشأ مصافاً للعذارى اهتم بعبادة وخدمة القريب.
ويبدو أن قديسنا أصاب في البشارة وهداية الوثنيين نجاحاً كبيراً أثار القلق في نفوس ذوي السلطان فنفوه إلى بلاد القرم، ناحية البحر الأسود. وهناك اكتشف اكليمنضوس وجود عدد كبير من المسيحيين يناهز الألفين محكوم عليهم بالأشغال الشاقة في مقالع المرمر. وقد جعل الله اكليمنضوس تعزية لهؤلاء الأشقياء فقوّاهم ونفخ فيهم الغيرة على الإيمان بالرب يسوع المسيح. وإذ كان الماء عزيزاً عندهم صلّى فأخرج الرب الإله من الصحراء ماء. وكان لهذه الأعجوبة صدى طيب لا بين المسيحيين وحسب بل بين الوثنيين أيضاً. هؤلاء بدأوا يتدفقون عليه ويستمعون إلى كلامه ويهتدون بأعداد وافرة حتى قيل أن اكليمنضوس نجح في غضون سنة واحدة في بناء خمس وسبعين كنيسة.
ومن جديد تنبّهت السلطة المدنية إلى الخطر الناجم عن أنشطة اكليمنضوس وهداياته الجماعية فألقت القبض عليه وأعملت فيه تعذيباً ثم ربط جلادوها مرساة في عنقه وطرحوه في البحر. هذا وقد وجد القديس كيرللس، معمّد الشعوب السلافية، رفاته في القرن التاسع للميلاد ونقل قسماً منها إلى رومية في زمن البابا أدريانوس الثاني.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:40 PM   رقم المشاركة : ( 14415 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عوبديا النبيّ
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



معنى اسم "عوبديا" أو "עבדיה":
"عوبديا" كلمة عبرية "עבדיה" تعني "عبد يهوه" أي عابد الله، ويهوه יְהֹוָה مشتقة من الفعل "hayá" العبري والذي يعني "الكائن"، الكائن من ذاته، هو ومن هذا الفعل تحديدًا أتى إسم "يهوشع" و "يشوع " أو "يسوع" الذي يعني "يهوه يخلّص" أيّ " الذي هو كائن من ذاته يخلّص" أيّ "الله يخلّص" .
وهذا ما قاله بالتحديد الملاك ليوسف خطيب مريم في العهد الجديد " فستلد ابنًا وتدعو اسمه يسوع لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم".(متى 1:21)
من هو عوبديا النبي؟
هو كاتب أقصر أسفار الأنبياء الاثني عشر الصغار. ليست عندنا معلومات ثابتة في شأنه. ثمة من يقول أنه إياه عوبديا المذكور في سفر الملوك (18) والذي كان مدبّراً لبيت آخاب الملك.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ذاك كان يخشى الرب جداً منذ صباه. "وحينما قطعت إيزابيل [الملكة] أنبياء الرب، أخذ عوبديا مئة نبي وخبأهم خمسين رجلاً في مغارة وعالهم بخبز وماء". أرسله الملك إلى العيون والأودية ليبحث عن عشب للخيل والبغال لأن الجفاف في الأرض كان عظيماً والبهائم مهددة بالموت. وفي الطريق التقى إيليا النبي. وإكراماً لعوبديا ارتضى إيليا أن يتراءى لآخاب الملك.
في كل حال، يقع سفر عوبديا في إصحاح واحد يتضمن إحدى وعشرين آية. وإذا ما أخذنا بان النص نشأ بعد سقوط أورشليم بقليل فإن زمن نشأته يكون قريباً من السنة 587 قبل الميلاد. ورغم قصره فرسالته جزيلة القيمة. إذ بعدما سقطت أورشليم وخرب الهيكل وجلا الشعب، بكلام آخر بعدما اشتدت ظلمة الليل على أكثر ما تكون الظلمة بين الناس، إذاً بسفر عوبديا ينبئنا بفيض النور: "يوم الرب قريب" (15). "ويكون الملك الرب" (21). "أما جبل صهيون فيكون له خلاص" (17). "ويكون المكان قدساً".
ولا يبرئ السيد الرب الأخ المستكبر الذي تآمر على أخيه - آدوم عيسو على يعقوب - واستغل ضعفه وشمت به في مصيبته وسلبه. لذا هكذا قال السيد الرب: "... إنك حقير جداً، لقد أغواك الاعتداد بنفسك أيها الساكن في نخاريب الصخر والذي مسكنه المرتفعات والقائل في قلبه: "من ينزلني إلى الأرض؟" "إنك ولو ارتفعت كالعقاب وجعلت عشك بين الكواكب من هناك أنزلك، يقول الرب" (2- 4).
وليس الأخ المستكبر وحده من "يرتد عناؤه على رأسه ويسقط شره على هامته" (مزمور) بل كل الأمم الذين اجتمعوا على الرب وعلى مسيحه وشعبه. "لأن يوم الرب قريب على جميع الأمم. وكما فعلت يفعل بك ويعود انتقامك على رأسك" (15). "ويكونون كأنهم لم يكونوا" (16).
أما شعب الله فيرث الذين ورثوه (17) ويكونا ناراً وأعداؤه قشاً "فيضرمونهم ويأكلونهم" ولا يبقون حياً منهم لأن الرب تكلّم (18).
فلو قرأنا السفر لا كحدث تاريخي وحسب، بل بالأحرى كحدث روحي تجري فصوله فينا، على منوال آبائنا أن آدوم - الذي يعني تراب الأرض- هو كل واحد منا، هو ترابيتنا، هو إنساننا العتيق بكل استكباره وملذاته ومفاسده ومحاسده، إذن لبانت للسفر في حياتنا معانيه العميقة.
مقدّمة سفر "عوبديا":
يتحدث هذا السفر عن النفس البشرية المتشامخة الساكنة جبال الكبرياء التي كرست حياتها لنهب الآخرين تحطيمهم. وكما فعلت بغيرك يفعل بك وفي النهاية يكون المُلك للرب.
إنّه أقصر أسفار العهد الجديد مؤلف من إصحاح واحد يحتوي إحدى وعشرين آية مقسّمة كالتالي:
1. كبرياء أدوم 1- 9: أدوم هو لقب عيسو الذي كان يحمل عداوة ضد أخيه يعقوب. وقد أطلق هذا الاسم على الإقليم الذي يسكنه أبناء عيسو، أي على أرض سعير (أرض عيسو، إذ كان عيسو مشعرًا)، وهو إقليم جبلي وعر، استولى عليه عيسو ونسله بعد طردهم الحوريين (تث 2: 12). حملوا عداوة لاخوتهم الإسرائيليين فلم يسمحوا لهم بالعبور في أرضهم بعد خروجهم من أرض مصر (عد 20: 14-41).
2. ظلم أدوم لأخيه 10- 16: نرى في هذا المقطع وصفًا لظلم الأدوميين لبني إسرائيل وتحالفهم مع الأعداء ضدهم، وبالإضافة لوصف الظلم نرى وصفًا إلى ما سيناله الأدوميون جزاءً لظلمهم. هذا الأمر دعا القدّيس أمبروسيوس يستشهد بهذا السفر في حديثه عن التوبة قائلاً: "إن أول عطية هي أن أعرف كيف أحزن حزنًا عميقًا مع أولئك الذين يخطئون، لأن هذه هي أعظم فضيلة. فإنه مكتوب: "لا تشمت ببني يهوذا يوم هلاكهم ولا تنظر أنت أيضًا إلى مصيبته" (عو 1: 12).
3. خلاص صهيون الذليلة 16- 21: في هنا نرى صورة ميراث أولاد الله الأمم الشامتة بهم عند سبيهم، فلا يعودون إلى وضعهم السابق قبل السبي فحسب وإنما يرثون الأمم مع عودتهم من السبي. إنها صورة روحية لكنيسة العهد الجديد التي اقتنصت في شباكها سمكًا كثيرًا من كل الأمم والألسنة والشعوب لحساب عريسها ليملك على الكل.
يقع السفر ضمن مجموعة أسفار العهد القديم المسمّاة بالأنبياء الصغار، وقد جاءت هذه التسمية في الترجمة السبعينية والفولجاتا وذلك نظرًا لِقِصَر نبواتهم المكتوبة. ويبلغ عدد هؤلاء الأنبياء الصغار أثنا عشر نبيًا، وهم بترتيب ورودهم في العهد القديم: "هوشع، يوئيل، عاموس، عوبديا، يونان، ميخا، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجي، زكريا، ملاخي".
نص السفر:
1 رُؤْيَا عُوبَدْيَا: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ عَنْ أَدُومَ: سَمِعْنَا خَبَرًا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ وَأُرْسِلَ رَسُولٌ بَيْنَ الأُمَمِ: «قُومُوا، وَلْنَقُمْ عَلَيْهَا لِلْحَرْبِ».
2 « إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ صَغِيرًا بَيْنَ الأُمَمِ. أَنْتَ مُحْتَقَرٌ جِدًّا.
3 تَكَبُّرُ قَلْبِكَ قَدْ خَدَعَكَ أَيُّهَا السَّاكِنُ فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ، رِفْعَةَ مَقْعَدِهِ، الْقَائِلُ فِي قَلْبِهِ: مَنْ يُحْدِرُنِي إِلَى الأَرْضِ؟
4 إِنْ كُنْتَ تَرْتَفِعُ كَالنَّسْرِ، وَإِنْ كَانَ عُشُّكَ مَوْضُوعًا بَيْنَ النُّجُومِ، فَمِنْ هُنَاكَ أُحْدِرُكَ، يَقُولُ الرَّبُّ.
5 إِنْ أَتَاكَ سَارِقُونَ أَوْ لُصُوصُ لَيْل. كَيْفَ هَلِكْتَ! أَفَلاَ يَسْرِقُونَ حَاجَتَهُمْ؟ إِنْ أَتَاكَ قَاطِفُونَ أَفَلاَ يُبْقُونَ خُصَاصَةً؟
6 كَيْفَ فُتِّشَ عِيسُو وَفُحِصَتْ مَخَابِئُهُ؟
7 طَرَدَكَ إِلَى التُّخْمِ كُلُّ مُعَاهِدِيكَ. خَدَعَكَ وَغَلَبَ عَلَيْكَ مُسَالِمُوكَ. أَهْلُ خُبْزِكَ وَضَعُوا شَرَكًا تَحْتَكَ. لاَ فَهْمَ فِيهِ.
8 أَلاَ أُبِيدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْحُكَمَاءَ مِنْ أَدُومَ، وَالْفَهْمَ مِنْ جَبَلِ عِيسُو؟
9 فَيَرْتَاعُ أَبْطَالُكَ يَا تَيْمَانُ، لِكَىْ يَنْقَرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَبَلِ عِيسُو بِالْقَتْلِ.
10 « مِنْ أَجْلِ ظُلْمِكَ لأَخِيكَ يَعْقُوبَ، يَغْشَاكَ الْخِزْيُ وَتَنْقَرِضُ إِلَى الأَبَدِ.
11 يَوْمَ وَقَفْتَ مُقَابِلَهُ يَوْمَ سَبَتِ الأَعَاجِمُ قُدْرَتَهُ، وَدَخَلَتِ الْغُرَبَاءُ أَبْوَابَهُ، وَأَلْقَوْا قُرْعَةً عَلَى أُورُشَلِيمَ، كُنْتَ أَنْتَ أَيْضًا كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
12 وَيَجِبُ أَنْ لاَ تَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ أَخِيكَ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ، وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ، وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ،
13 وَلاَ تَدْخُلَ بَابَ شَعْبِي يَوْمَ بَلِيَّتِهِمْ، وَلاَ تَنْظُرَ أَنْتَ أَيْضًا إِلَى مُصِيبَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ، وَلاَ تَمُدَّ يَدًا إِلَى قُدْرَتِهِ يَوْمَ بَلِيَّتِهِ،
14 وَلاَ تَقِفَ عَلَى الْمَفْرَقِ لِتَقْطَعَ مُنْفَلِتِيهِ، وَلاَ تُسَلِّمَ بَقَايَاهُ يَوْمَ الضِّيقِ.
15 فَإِنَّهُ قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ. عَمَلُكَ يَرْتَدُّ عَلَى رَأْسِكَ.
16 لأَنَّهُ كَمَا شَرِبْتُمْ عَلَى جَبَلِ قُدْسِي، يَشْرَبُ جَمِيعُ الأُمَمِ دَائِمًا، يَشْرَبُونَ وَيَجْرَعُونَ وَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا.
17 « وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ، وَيَكُونُ مُقَدَّسًا، وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ.
18 وَيَكُونُ بَيْتُ يَعْقُوبَ نَارًا، وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيبًا، وَبَيْتُ عِيسُو قَشًّا، فَيُشْعِلُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمْ وَلاَ يَكُونُ بَاق مِنْ بَيْتِ عِيسُو، لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ».
19 وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو، وَأَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ، وَيَرِثُ بِنْيَامِينُ جِلْعَادَ.
20 وَسَبْيُ هذَا الْجَيْشِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَرِثُونَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ إِلَى صَرْفَةَ. وَسَبْيُ أُورُشَلِيمَ الَّذِينَ فِي صَفَارِدَ يَرِثُونَ مُدُنَ الْجَنُوبِ.
21 وَيَصْعَدُ مُخَلِّصُونَ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ لِيَدِينُوا جَبَلَ عِيسُو، وَيَكُونُ الْمُلْكُ لِلرَّبِّ.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:46 PM   رقم المشاركة : ( 14416 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس الشهيد برلعام الأنطاكي‎ ‎
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس الشهيد برلعام الأنطاكي‏(+304م)
كان برلعام فلّاحاً بسيطاً متمسّكاً بالإيمان بالرّب يسوع عندما اندلعت موجة جديدة من العنف في وجه المسيحيين في أيام الإمبراطورين ذيوكلسيانوس ومكسيميانوس، أوائل القرن الرابع الميلادي.
جيء به إلى والي أنطاكية فاعترف بالمسيح سيّداً وأبى أن يذبح للأوثان أو يقدّم لها البخور.
سألوه: " لما أنت مسيحي؟ " فأجاب: " لأني أعبد المسيح ". فسخروا منه قائلين: " ومن هو المسيح؟ ". أجاب: "هو ربّ السماء والأرض". قالوا: "ومن قال ذلك؟". أجاب: " الكاهن! ". فقالوا: "هذا كلام بطاّل. المسيح مجرم صلبه الوالي الروماني في أورشليم. وحدها إلهتنا حقيقية". فأجاب: "بل المسيح وحده الإله".
فجلدوه وعذبوه من جديد ثم طرحوه في السجن.
بعد أيام أخرجوه فوجدوه ثابتاً في إيمانه بالرّب يسوع فأخضعوه لأنواع جديدة من التعذيب. علّقوه وشدوا أطرافه في كل اتجاه فتخلعت عظامه. تركوه وعادوا إليه بعد حين فرأوه صابراً راسخاً لا يتزعزع.
فقفزت فكرة إلى رأس الحاكم بعدما احتار في أمره، فجعله أمام مذبح الوثن وألزمه بمد يده. ثم وضع في يده جمرة وألقى فوق الجمرة بخوراً، لأنه قال لا بد أن يرمي برلعام الجمرة من يده مرغماً فتقع عند مذبح الوثن فيكون قد قدّم البخور للبعل عنوة.
انصبت الأنظار على يد برلعام. بعد قليل أخذ الدخان ورائحة اللحم المحترق ينبعثان منها ويده لا تتحرك.
استمر المشهد وسط دهشة الحاضرين حيناً. وإذ بالأصابع تتساقط، الواحد بعد الآخر، رماداً والكف تحترق ولا تمتد يد برلعام بحركة صوب الوثن البتة.
القدّيس باسيليوس الكبير قال: " كانت له يمين أصلب من النار ". والذهبي الفم كتب: "ت طلّع الملائكة من العلاء وعاين رؤساء الملائكة المشهد العزيز الفائق في الحقيقة على طبيعة البشر. من لا يشتهي النظر إلى إنسان أبدى مثل هذا الجهد النسكي ولم يشعر بما يشعر به سائر الناس، إنسان كان هو المذبح والذبيحة والكاهن؟! ".
أجل، برلعام صمد، وإذ انتهى المشهد سقط جانباً وأسلم الروح شهيداً للمسيح.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:49 PM   رقم المشاركة : ( 14417 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس غريغوريوس العجائبي أسقف قيصرية الجديدة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

  1. القدّيس غريغوريوس العجائبي أسقف قيصرية الجديدة
(+270م)
أبصر غريغوريوس - وكان اسمه في الأساس ثيودوروس - النور في مدينة قيصرية الجديدة في بلاد البنطس حوالي العام 213 للميلاد. كان والداه وثنيين وكان له أخ وأخت. وقد سمح له وضع عائلته بتلقي نصيب لا باس به من العلم، فدرس الآداب والفقه والخطابة. تمتع بمواهب جمة وامتاز بالحكمة والوداعة ومال إلى الهدوء والتأمل.
كان في صباه غير ما كان عليه أترابه. وكثيراً ما حاولوا اجتذابه إليهم أو حتى إرباكه فلم ينجحوا في تحويله عن خط سيره. مرة دفعوا بواحدة من الغواني فدنت منه أمام الملأ وطالبته بما لها عليه لقاء متعة مزعومة قضتها معه، فلم يجبها ولا دافع عن نفسه بل أعطاها ما تريد و تركها تذهب.
توفي والده وهو صغير السن وشاءت والدته لما رأته فيه من ذكاء حاد وميل إلى العلم أن ترسله إلى مدرسة بيروت التشريعية الشهيرة في ذلك الزمان. ولمّا كانت أخته على أهبة الزواج من وكيل حاكم فلسطين فقد رافقها هو وأخوه، اثينودوروس، على قيصرية على أمل الانتقال منها إلى بيروت بعد ذلك. ولكنه تعرّف في قيصرية إلى المعلم المشهور أوريجنوس فأخذ بعلمه ومنطقه وتقواه وآثر البقاء في قيصرية.
لازم غريغوريوس وأخوه أوريجنوس خمس سنوات واعتمدا منه. وقيل أنهما لحقا به إلى الإسكندرية لبعض الوقت بعدما جدّ حاكم فلسطين في طلبه إثر موجة جديدة من الاضطهاد على المسيحيين.
وأخيراً عاد غريغوريوس إلى موطنه فلقيه قومه بالترحاب وانهالت عليه عروض التوظيف. ولكن، كانت عين غريغوريوس في غير مكان فترك الحياة العامة واهتمامات الدنيا وانصرف إلى البرية ينشد النسك والصلاة والتأمل في الكتاب المقدّس. ويقال أنه لازم القفر بضع سنوات.
وان هو سوى زمان حتى ذاع صيت فضائله وبلغ أذني فيديموس، أسقف أماسيا التي تقع قيصرية الجديدة في إطارها، فأراد أن يجعله أسقفاً على مسقط رأسه رغم انه كان بعد في الثلاثين. قيصرية الجديدة كانت يومها وثنية إلا سبعة عشر شخصاً اقتبلوا المسيحية. فلما علم غريغوريوس بعزم الأسقف ترك مكانه وتوغل في البريّة هرباً. إلا أن ذلك لم يثن فيديموس عن قصده ولا منعه من تنفيذ رغبته. فقد لجأ إلى طريقة قلّما ألفها تاريخ الكنيسة أو أقرّتها الأعراف، إذ عمد إلى سيامته غيابياً وأنفذ له علماً وخبراً بذلك. في هذه الأثناء جاء غريغوريوس صوت من السماء يقول له: "أذعن لإرادة رئيسك وأسقفك فيديموس. أنها هي اياها إرادة الله". فترك منسكه للحال وتوجه إلى أماسيا حيث وضع نفسه في تصرف أسقف المدينة.
كأسقف على قيصرية الجديدة أبدى غريغوريوس غيرة وهمّة كبيرين. وقد منّ عليه الله بمواهب جمّة، فتمكّن بالمحبة والصلاة والكلمة وصنع العجائب من هداية أهل المدينة والجوار. ويقال أن عدد الوثنيين في المدينة كان مساوياً، عند وفاته، لعدد المسيحيين وقت دخوله إليها أسقفاً: سبعة عشر. هذا علماً بأن زمن ولايته كان زمن حرب وطاعون واضطهاد.
أما عجائبه التي أورد قسماً كبيراً منها كل من القدّيسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس النيصصي فكانت غزيرة، واسعة النطاق، مدهشة. قيل أنه كان له سلطان على الأرواح النجسة والجبال والمياه وكان يشفي المرضى وكانت له موهبة النبوة ويعرف مكنونات القلوب. كما كان، بنعمة الله، قادراً على الاختفاء عن أعين مضطهديه. يروى في هذا الشأن أنه بعدما أطلق داكيوس قيصر شرارة الاضطهاد على المسيحيين حوالي العام 250 للميلاد انصرف غريغوريوس وجمع غفير من أبناء رعيته إلى الجبال المتاخمة لقيصرية الجديدة. وحدث ذات مرة، أن جنوداً رصدوه، هو وشماسه على إحدى القمم فصعدوا إليه وكادوا أن يدركوه بعدما كانوا على بعد خطوات معدودة منه. ولكن ماذا جرى؟ تقدّم الجنود قليلاً إلى الأمام فعاينوا شجرتين باسقتين ولم يروا أثراً فعادوا خائبين.
وبعدما همدت حملة الاضطهادات هذه، عمد غريغوريوس إلى جمع رفات الشهداء وجعل لهم أعياداً سنوية ثابتة. ولعل بعض مواطن الإبداع في ما فعله غريغوريوس كان تعيننه أعياد الشهداء في نفس الأيام التي اعتاد الوثنيون إقامة احتفالاتهم وسمح ببعض مظاهر الفرح والتعييد الوثنية. بكلام آخر عمّد غريغوريوس الأعياد الوثنية، تمثّلها، وبالتالي ساعد على إلغائها من وجدان الناس.
من جهة أخرى يذكر القدّيس غرغوريوس النيصصي الذي كتب سيرة سميّه العجائبي أنه أول من شهد التاريخ القديم لمعاينته لوالدة الإله. ففي إحدى الليالي ظهرت له والدة الإله برفقة القدّيس يوحنا اللاهوتي وكشفت له سر وحدة الجوهر الإلهي والتمايز بين الاقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح القدس. وقد شكل هذا الكشف ما عرف ردحاً من الزمن بدستور القدّيس غريغوريوس العجائبي الذي اعتادت تلاوته كنائس قيصرية الجديدة والجوار. وهذا الدستور عينه استعان به الآباء في المجمع المسكوني الثاني (381 م) لإخراج دستور الإيمان المعروف إلى يومنا إلى النور.
هذا الكشف جعل الآباء ينظرون إلى غريغوريوس وكأنه موسى ثان يتلقى الإعلانات الإلهية مباشرة من لدن العلي.
أما رقاد القدّيس غريغوريوس فكان بسلام في الرب بين العامين 270 و275 للميلاد. وقد قيل أنه أوصى بأن يدفن في قبر الغرباء لا في قبر خاص لأنه لم يختص نفسه بشبر أرض في حياته ولم يشأ أن يختص جسده بشبر واحد في مماته.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 05:51 PM   رقم المشاركة : ( 14418 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس أفلاطون الشهيد
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عاش القدّيس أفلاطون في مدينة أنقرة الغلاطية في زمن الإمبراطور مكسيميانوس (285 – 305م). وهو شقيق القدّيس الشهيد أنطيوخوس الذي تعيّد له الكنيسة في السادس عشر من شهر تموز. نشأ وترعرع مسيحياً، وقيل طبع والده في قلبه حب الفضيلة والعطف على المساكين. فلما شبّ جاهر بإيمانه وأخذ يبشّر بالمسيح علانية ويشجب عبادة الأصنام، إلى أن ثارت موجة اضطهاد على المسيحيين، فألقى أغريبينوس، حاكم أنقرة، القبض عليه وأحضره لديه. اعترف أفلاطون بإيمانه بالمسيح بكل جسارة. ولما رآه الحاكم ثابتاً على موقفه إلى درجة التحدي حنق عليه وسلّمه للتعذيب.
قام الجنود، أول الأمر، بضربه ضرباً مبرحاً. وإذ دنا منه الحاكم وحثّه على إنقاذ نفسه من الموت وتقديم العبادة للأوثان أجاب: "هناك موتان: موت زمني وموت أبدي. وهناك حياتان: حياة زائلة وحياة باقية". فأمر الحاكم بالتشديد عليه.
مُد أفلاطون على سرير من الحديد المحمّى وتفّنن المعذبون في تمزيقه وإحراقه بالجمر في مواضع مختلفة من بدنه. فصرخ أفلاطون فيهم: "عذّبوني ما شئتم لتظهر وحشيتكم للعيان ويظهر احتمالي تمسكاً بالمسيح إلهي!". ويقال أن عدداً كبيراً من الوثنيين اعتنقوا الإيمان نتيجة ذلك.
وعندما كلم الحاكم أفلاطون عن سميّه الفيلسوف العظيم أنه كان وثنياً، أجاب شهيد المسيح: "لست كأفلاطون ولا هو مثلي إلا بالاسم فقط. فأما أنا فأتعلم وأعلم الحكمة التي من المسيح، وأما هو فيعلّم الحكمة التي هي حماقة عند الله".
بعد ذلك ألقي أفلاطون في السجن فأقام ثمانية عشر يوماً محروماً من كل طعام وشراب. وإذ تعجّب سجّانوه أنه مازال حياً قال لهم: "أنتم تشبعون من الخبز وأنا من الصلاة. أنتم تسرّون بالخمرة وأنا بالمسيح، الكرمة الحقيقية". "حياتي هي المسيح والموت ربح" (فيليبي21:1).
أخيراً وبعدما استنفذ الحاكم وجلادوه طرق الإقناع بالإكراه والتعذيب قطعوا رأسه.
وقد شرّف الله شهيده بالعديد من العجائب. كما أضحى شفيع الأسرى بشهادة المجمع المسكوني السابع (787م).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 27 - 09 - 2016, 06:14 PM   رقم المشاركة : ( 14419 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكتاب المقدَّس وعيشه في الليتورجيا
غبطة البطريرك يوحنا العاشر (يازجي)
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
قبل أن أتكلم عن العلاقة بين الكتاب المقدَّس والليتورجيا، قد يكون من المفيد أن أعرِّف ما هي الليتورجيا أولاً ثم ما هو الكتاب المقدَّس ثانياً وبعد ذلك نتكلم عن عيش الكتاب المقدَّس في الليتورجيا.
أولاً: الليتورجيا (بشكل مختصر وسريع) هي العبادة الالهية أي الخدم الالهية والأسرار التي بها نأخذ المسيح يسوع بملئه، في سيرة حياته، بالأعياد والمناسبات التي نقوم بها في الكنيسة المقدسة: كعيد الميلاد، الظهور الالهي، التجلي... والتي نتذكر فيها حياة المسيح على الأرض. وكذلك في الأسرار الالهية التي تشركنا وتدخلنا في المسيح يسوع بشكل حقيقي وفعلي، وفي الافخارستيا (سر الشكر) بشكل خاص تقدم لنا المسيح يسوع بجسده ودمه الكريمين. فاللتورجيا هي إذاً الصلوات والطقوس التي نمارسها خلال السنة الطقسية بكل أدوارها، سواء كان في الدور اليومي في صلواتنا اليومية، أو في الدور الاسبوعي كما هي الصلوات الموزعة على الأسبوع، أو في الدور السنوي.
في الليتورجيا يطل علينا الرب يسوع بشخصه بكل ما في الكلمة من معنى وليس على سبيل الرمز أو التصوّر أو الوهم. يطل بوجهه الحبيب علينا، ونشترك معه، ندخل في سر آلامه وموته وقيامته، فنموت معه بالحقيقة في الليتورجيا عن انساننا العتيق الباطل القديم، ونقوم معه كلٌّ منا شخصاً جديداً في الرب بكل ما في الكلمة من معنى. هذه هي الليتورجيا... هي هذا الفعل الذي يدخلنا إلى المسيح يسوع، يشركنا في الحياة التي بالمسيح يسوع بالحقيقة، فنشارك المسيح في آلامه التي احتملها على الصليب ونقوم معه بالحقيقة حاصلين على كل الخيرات التي نبعت من الصليب القيامة والحياة والخلاص...
أما الكتاب المقدَّس فهو أهم إعلانات الله الخلاصيّة للبشر، دوّنه بشر هم الرسل رجال الله القدّيسين، بإلهام الروح القدس بالطبع. وكلمة الله هو الرب يسوع، فالكتاب المقدَّس، نستطيع أن نقول، بأنه سرد خلاصيٌّ محوره قيامة الرب يسوع الذي هو كلمة الله...
الليتورجيا تقدّم لنا الرب يسوع والكتاب المقدَّس هو كلمة الله... هو الرب يسوع أيضاً... وبعد قليل سأتكلم عن هذا الموضع وأقف عنده قليلاً...
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مما سبق نجد أن الكتاب المقدَّس والليتورجيا لا يتكلمان عن موضوعين منفصلين، الكتاب المقدَّس يقدم ما تقدمه الليتورجيا... هناك سر التقوى العظيم الذي يتكلم عنه الرسول بولس (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3:16 ) الذي هو الرب يسوع، وحول هذا السر يتمحور الكتاب المقدَّس وكذلك الليتورجيا... نتكلم عن الرب يسوع سر التقوى العظيم، الذي ظهر عند ملء الزمان لأجل خلاصنا، فالليتورجيا تعطينا الرب يسوع، والكتاب هو كلمة الله أي الرب يسوع.
وهكذا فالحقيقة هي واحدة: الرب يسوع الليتورجيا والكتاب المقدَّس والصلوات والأصوام والأسهار والآباء القديسين وكل التقليد وكل الحياة في الكنيسة هي أوجه متعددة لفعل ولخبرة الروح القدس في الكنيسة، في حياة الآباء القديسين، في حياة المؤمنين الذين يختبرون الحياة مع الرب يسوع المسيح الذي هو السر الأوحد، الألف والياء، الأول والأخير في حياتنا...
والآن سأعرض بعض الأفكار عن الترابط أو اللحمة أو العلاقة الصميمية التي بين الكتاب المقدَّس والليتورجيا... يشكل الكتاب المقدَّس بالنسبة إلى الليتورجيا المصدر الأول والأهم لها وسنعطي أمثلة عن ذلك: نلاحظ أنَّه في صلوات نصف الليل والسحر والساعات والغروب والنوم والقداس الإلهي والأسرار يوجد محطة أساسية هي الكتاب المقدس. كلنا نعرف مثلاً أن بداية القداس تكون بِ «مباركة هي مملكة الآب والابن والروح القدس..» وبعدها مجموعة من التسابيح والترانيم «بشفاعات والدة الاله...» وما يليها ثم يتم الدخول الصغير، وبعد «قدوس الله» تأتي الرسالة والانجيل... ففي تركيبة خدمة القداس والافخارستيا هناك جزء أساسي أن تتلى مقاطع من الكتاب المقدس، من العهد الجديد: من الأناجيل ومن أعمال الرسل والرسائل...
فنلاحظ أن الكتاب المقدَّس هو جزء أساسي من الليتورجيا... وهنا لا بد من قول ملاحظة جانبية ألا وهي انه في القرون الأولى في الكنيسة كان يتلى أكثر من نصين في القداس الالهي، نحن عادة نقرأ مقطعاً من الرسالة (أو أعمال الرسل) ومقطعاً من الانجيل، ولكن قديماً كان يتلى أربعة أو خمسة نصوص: اثنين من العهد القديم (من التوراة والأنبياء) وثلاثة من العهد الجديد (وهذا كان يتم في إنطاكية في بلادنا)... وفيما بعد بدواعي الاختصار رّتب أن يتلى مقطعان فقط...
نلاحظ أيضاً أنَّه يوجد مقاطع تسبيحية، أي تسابيح وتراتيل، مأخوذة كما هي واردة في الكتاب المقدس، نذكر بعض أمثلة.
ترنيمة نعرفها في صلاة الغروب: «الآن أطلق عبدك يا سيد، حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته أمام وجه كل الشعوب...» وهي تسبيحة سمعان الشيخ عندما اقتبل المسيح على ذراعيه عند دخوله إلى الهيكل (لوقا 2:29 ). وأيضاً «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته..» التي نرتلها في صلاة السحر ونرتل معها: «يا من هي أكرم من الشيروبيم...»، هذه مقاطع من العهد الجديد أخذت كما هي بحرفيتها واستعملت في الليتورجيا. إذاً يشكل الكتاب المقدَّس والعهد الجديد، بشكل خاص، مصدراً رئيسياً لليتورجيا.
دعونا نتأمل أيضاً في الأعياد التي نعيّدها في سنتنا الطقسية... هناك أعياد تخص السيِّد ونسميها الأعياد السيدية مثل عيد الميلاد والظهور الإلهي والفصح... وهناك أعياد نسميها الأعياد الوالدية التي تخص والدة الإله مثل رقاد السيِّدة وميلاد السيدة، وهناك أعياد القديسين على مختلف مراتبهم من شهداء ورؤساء كهنة وأبرار... فإذا نظرنا إلى تركيبة الأعياد نلاحظ ن جذورها نابعة من الكتاب المقدس... فالأعياد السيدية مثلاً أخذناها من الأناجيل وأعمال الرسل... فمثلاً عندما نعيّد للظهور الإلهي فإننا نقيم تذكاراً للحدث الإلهي الوارد في العهد الجديد عندما أتى المسيح واعتمد من يوحنا في الأردن... وكثير من القديسين الذين نعيّد لهم هم أشخاص ورد ذكرهم في العهد الجديد.. ونعيد للأنبياء ولكثير من القديسين الذين ورد ذكرهم في العهد القديم..
فالتقويم الطقسي إذاً أو الروزنامة الطقسية مبنية على أساس الكتاب المقدَّس لأنَّها أساساً تقوم على سيرة حياة السيِّد التي عاشها عندما ظهر كبشر في الهيئة وتجسد من مريم العذراء لأجل خلاصنا.
إذا تأملنا في الأسبوع العظيم... آلام السيِّد وصلبه ودفنه وقيامته من بين الأموات وصعوده إلى السموات وارسال الروح القدس... من أين جئنا بهذه الأعياد؟ الخميس العظيم والصلب وخدمة الآلام (الاثني عشر انجيلاً) والجناز يوم الجمعة، سبت النور والانحدار إلى الجحيم، والقيامة يوم أحد الفصح... هذا التسلسل لم يرتجل وانما جاء من الكتاب المقدس، من العهد الجديد، ما دوّن عن السيِّد وما عُرف عنه في التقليد أيضاً في الكنيسة.
عندما نتكلم عن الكتاب المقدَّس كمصدر لليتورجيا فلا بد لنا أن نذكر الأعراف الكنسية الليتورجية الموجودة والمتبعة في الكنيسة والتي مصدرها الكتاب المقدس: مثل الصيام والصوات وأوقات الصلوات وغيرها. نرى أن الممارسات الجهادية الروحية، التي لها طابع صلاتي عبادي وطقسي، ترد في الكتاب المقدس... فالرب يسوع نفسه صام، رجال الله في العهد القديم والرسل في العهد الجديد كلهم صاموا، ونحن أخذنا عنهم هذا الأمر، أي أن نصوم وكيف نصوم...
كما أن اللغة الليتورجية واللغة الطقسية مأخوذة من الكتاب المقدس، نقول مثلاً: المعمودية، الميرون، المسحة، الافخارستيا، سر الشكر، مائدة الرب... وما إلى ذلك من تعابير طقسية. فكل هذه التعابير أو لنقل «القاموس الليتورجي» مصدره من الكتاب المقدَّس، وأكثر من هذا... فالكثير من الخدم، مثل سر الشكر والمعمودية والميرون، نتممها كما تممها الرسل، كما حفظ من حياة الرب يسوع والرسل في العهد الجديد ونحن الآن نتمم ما تسلمناه من الرسل، الذي تسلموه هم من الرب يسوع.
كيف نتمم الافخارستيا؟... المسيح جلس مع تلاميذه في العشاء السري وقال لهم: اصنعوا هذا لذكري... ويقول في أعمال الرسل: «وكانوا كل يوم يواظبون على كسر الخبز (أي القداس الالهي) وعلى الصلوات وعلى التعليم...» فالرسل إذاً أقاموا الافخارستيا منذ البدء، ودونوا لنا الأمور التي كانوا يتممونها، ونحن أخذنا منهم، ونتمم حالياً ما تتموه هم وما تسلموه من السيد...
ولهذا يقول الرسول بولس: «لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً: «ان الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزاً وشكر... وكذلك الكأس أيضاً... فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء» ( 1 كورنثوس 1:23).
إذا قرأنا الاصحاحان 11 و 14 من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس، نرى الرسول بولس يتكلم عن موائد المحبة، وعن الافخارستيا (سر الشكر) التي كانت تتم آنذاك، ويعطي بعض التوصيات بخصوص ذلك. فطقوسنا كسر الشكر والمعمودية وغيرها متجذرة في الكتاب المقدس. وانطلاقاً من المعطيات الليتورجية الواردة فيه، وبشكل خاص العهد الجديد، بنيت الخدمة الحالية التي نقيمها في أيامنا. ومن خلال ملاحظات الرسول الواردة أعلاه نلاحظ وجود قراءات كتابية أي مقاطع مأخوذة من الكتاب بحرفيتها، وهكذا نرى الكتاب المقدَّس مصدراً أساسياً لليتورجا.
ثانياً: يجدر بنا هنا أن نذكر أن الليتورجيا قد أّثرت أيضاً في نص الكتاب المقدَّس فالليتورجيا حفظت كلمة الله، وعندما دوَّن نص الكتاب المقدَّس كان لليتورجيا المعاشة في الجماعة المؤمنة تأثير في صياغة ما دوِّن، طبعاً، بإلهام الروح القدس وسوف أعطي مثالاً مهماً على ذلك.
هناك ثلاثة مقاطع في العهد الجديد تتحدث عن جلوس الرب يسوع مع تلاميذه في العشاء الأخير وعن تأسيسه لسر الشكر. المقطع الأول في انجيل متى والثاني في انجيل لوقا والثالث عند بولس الرسول. إذا قرأنا هذه المقاطع نلاحظ أنها ذات مضمون واحد، مع وجود بعض الفروقات من حيث النص وفيما يلي شرح ذلك:
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نقرأ في انجيل متى: «وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر واعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا» (متى 26:26-28 ) أما انجيل لوقا فيذكر: «ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتَّى يأتي ملكوت الله. وأخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري.
وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم» (لوقا 22:1٧-20).
أما بولس الرسول في ( 1 كو 11:23-2٧ ). فيقول: «لأنني تسلمت من ما سلمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي أسلم فيها أخذ خبزاً وشكر فقال خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري. كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري، فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء». وهو نص مهم جداً عن التقليد والتسليم.
عندنا إذاً ثلاثة نصوص تتفق بالمضمون ولكن تختلف بالصياغة. وسمعنا ما يقول الرسول بولس «سلمتكم ما تسّلمت من الرب» فالرسل كانوا أمينين بشكل دقيق للغاية أن يعطوا ما أخذوه و أن يسلِّموا ما تسلَّموه دون أي زيادة أو نقصان. و لذا كان التقليد الرسولي هو المقياس لدى الكنيسة، لأن الرسل هم الذين تسلموا البشارة الجديدة وهم الذين سلموها كما تسلموها، وكما يقول الرسول بولس:»إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما «(غلاطية 8:1) فالرسل الذين كان عندهم هذه الدقة الكبيرة لتسليم ما تسلموه من الرب تركوا لنا ثلاثة نصوص تخلف من حيث الصياغة، فكيف نفسر هذا؟ التفسير بسيط: نعرف أن العهد الجديد كتب بين عامي 60 و 90 ميلادية، وسفر أعمال الرسل يخبرنا بأن المؤمنين كانوا يجتمعون ويكسرون الخبز، أي في أورشليم كانوا يجتمعون ويكسرون الخبز وكذلك في الاسكندرية وفي انطاكية... وكانوا يرددون الكلمات التي علمهم الرب أن يقولوها. فكانت تقال هذه النصوص في التقاليد المحلية وفي الممارسات الليتورجية أثناء إقامة الافخارستيا هنا وهناك، وعندما دوّنت في مرحلة لاحقة كتب العهد الجديد، دوِّنت كما تسلمناها من الرب، حاملة في صياغها بصمات الممارسة المحلية في الكنائس. وقد اتفق النقاد والبحاثة على أن هذه النصوص كتبت كما كانت تقال في الاجتماعات الليتورجية ومن ثم استخدمها الآباء والرسل وكاتبوا الأناجيل. وعلى سبيل المثال يستعمل الرسول بولس في رسائله عبارة: «نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم. آمين» (رومية16:24 ) هذا نص افخارستي، ونسمعه اليوم في القداس الإلهي عندما يقول الكاهن من على الباب الملوكي: «نعمة الرب يسوع المسيح ومحبة الله الآب وشركة الروح القدس لتكن مع جميعكم» وهذا النص الإفخارستي أخذه بولس الرسول واستعمله في الكتاب المقدس.
الرب يسوع هو سر التقوى، والكتاب المقدَّس والليتورجيا يقدّمان الرب يسوع. هناك مقطع من الرسالة إلى أهل فيليبي ( 2:5-11 ) وهو مقطع جميل جداً، يقول الرسول بولس: «فليكن فيكم هذا الفكر الذي بالمسيح يسوع أيضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى ذاته آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذا وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتَّى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل إنسان أن يسوع المسيح هو ربٌ لمجد الله الآب». هذا نص كان يستعمل في الإفخارستيا والاجتماعات الليتورجية.
مما سبق نجد أن الكتاب المقدَّس، من ناحية، هو مصدر الليتورجيا في كثير من الطقوس والممارسات والعادات والأعراف والأعياد، كما أنه، من ناحية أخرى، قد كتب في الكنيسة التي كانت تعيش بالروح القدس في الليتورجيا سر المسيح يسوع. فعندما دوِّن الكتاب المقدَّس أتى من هذه الحياة الكنسية، التي تقوم بشكل أساسي على الليتورجيا، في الإفخارستيا (كسر الخبز) والصلاة والصوم وما إلى ذلك. فجاء الكتاب المقدَّس بإلهام الروح القدس من هذه الحياة ومن هذا التعايش، فالليتورجيا والكتاب متداخلين مع بعضهما.
ثالثاً: وهنا نؤكد أن الكتاب المقدَّس محتوى في الليتورجيا. فإذا تأملنا في كتبنا الليتورجية مثل السواعي، والتريودي الذي نستعمله في فترة الصوم، والبنديكستاري الذي نستعمله في الفترة الواقعة بين الفصح والعنصرة، وكتاب المعزي الذي نستعمله من بعد العنصرة وحتى الدخول في الصوم من جديد، وكتاب الميناون الذي يحوي أعياد القديسين، فإننا نراها تحتوي مادة كتابية غنية تحتل حجماً لا يستهان به من مجمل الكتاب.
وبافتراض ضياع النص الكامل للعهد الجديد، يمكننا عن طريق الكتب الليتورجية إعادة تجميع المادة المكوِّنة للنص الأصلي للعهد الجديد، فهو محتوى وموَّزع كتلاوات متتالية في كل عيد ومناسبة وفي صلوات السحر والغروب. فالمزامير، مث ً لا، تتلى بكاملها خلال كل اسبوع. كما نلاحظ أنَّه في فترة الصوم الكبير وفي كتاب التريودي يضاف على الخدم الالهية (علاوة على ما هو معتاد خلال السنة) مقاطع كتابية جديدة، ففي صلاة الساعة السادسة يقرأ من سفر أشعياء النبي، وفي صلاة الغروب يقرأ من سفر التكوين وسفر الأمثال، بحيث أنَّه عندما تنتهي فترة الصوم نكون قد قرأنا، في الخدم المذكورة، سفر أشعيا وسفر التكوين وسفر الأمثال في الكنيسة من كتاب التريودي.
إن تلاوة مقاطع من الكتاب المقدَّس وتفسيرها كانت ولا تزال عنصراً أساسياً في الليتورجيا وهذا ما نراه في كل الخدم الالهية، ففي خدمة الاكليل تتلى رسالة وانجيل وكذلك في خدمة الجناز والمعمودية والقداس الإلهي وفي خدم أعياد القديسين وصلوات السحر والغروب...
رابعاً: إن الليتورجيا منظومة بروح الكتاب المقدَّس، والآباء القديسين الذين كتبوا النصوص الليتورجية كانوا يعرفون الكتاب المقدَّس عن ظهر قلب، فعندما نظموا هذه التسابيح جاءت مشبعة ومسبوكة بروح الكتاب المقدَّس، وأعطي بعض الأمثلة.
نقرأ في الاسبوع الأول من الصوم الأربعيني في خدمة صلاة النوم الكبرى قانون القديس اندراوس أسقف كريت ويسمى «القانون الكبير» وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الترانيم.
فإذا قرأنا هذا القانون نلاحظ أن القديس متشرب الكتاب المقدَّس بعهديه القديم والجديد وإنه قد سبك بخبرة هائلة هذا النص التسبيحي الخشوعي، الذي فيه يصرخ صرخة الاسترحام: «ارحمي يا الله ارحمني» (وهو الاستيخن الذي يردد على قطع القانون) بكل خشوع ووقار وتوبة وانسحاق، وكيف عبَّر عن هذا الشعور بترانيم متعددة تش ّ كل قصيدة شعرية من 256 بيت أتى فيها بصور متعددة وبشخصيات كثيرة من الكتاب المقدَّس وألبسها للنفس البشرية التائبة، إما بالابتعاد عن قبائح بعض الشخصيات الوارد ذكرها في الكتاب المقدَّس أو لاكتساب فضائل بعضها الآخر. وعلى سبيل المثال نذكر مثلاً من المقطع الذي يستعمل فيه خلفية هي قصة لوط عندما يقول: «يا نفس!! اهزي مثل لوط من طريق الخطيئة. فرّي من سدوم وعمورة، اهربي من لهيب كل شهوة بهيمية» (الجزء الثاني، الأودية الثالثة). «يا نفس!! لا تصيري عمود ملح بالتفاتك إلى الوراء. فليرهبك نموذج الصادوميين» (الجزء الرابع، الأودية الثالثة).
نلاحظ أنَّه استخدم أشخاص وحوادث من الكتاب المقدَّس وأسقطها على النفس البشرية، ونقرأ في الأودية التاسعة فيه: «يا نفس!! لقد أوردت لك من موسى تكوين العالم ومنه كل كتاب قانوني يؤرخ لك المقسطين والظالمين. فلم تشابهي الأولين منهم، لكنك ضارعت الثانين إذا خطئت إلى الله «حيث نراه يورد للنفس البشرية نماذج من الكتاب المقدَّس فيقول» «يا نفس!! لقد أحضرت لك نماذج الكتاب الجديد لتقودك للتخشع. فغاري إذن من الصديقين، واجنحي عن الخطأة واستعطفي المسيح بالصلوات والأصوام والطهارة والوقار»، «المسيح تأنس ودعا اللصوص والزواني إلى التوبة. فتوبي يا نفس. لأن ها قد فتح لك باب الملك، وسيتقدم فيخطفه الفريسيون والعشارون والزناة إذا عادوا راجعين» المسيح خلص المجوس واستدعى الرعاة وأوضح محفل الأطفال شهداء، وشرَّف سمعان والعجوز الأرملة، الذين لم تغاري منهم يا نفس، لا في أفعالهم ولا في سيرتهم. لكن ويحٌ لك إذا حوكمت». «إن الرب إذ صام في القفر أربعين يوماً جاع أخيراً مظهراً بذلك الطبع البشري. فلا تسترخي يا نفس وإن غار عليك العدو بل صادميه بالصلاة والصوم فيندفع عنك بالكلية».
ويجدر بنا هنا أن نذكر أن كتاب التريودي، الذي نستعمله في فترة الصوم الكبير، يفتتح صلواته في أحد الفريسي والعشار بالترنيمة: «لا نصّلين يا إخوة فريسياً، لأن من يرفع نفسه سيتضع، بل فلنتذلل أمام الله متضعين، ولنهتف بواسطة الصيام بصوت العشار قائلين: «اللهم اغفر لنا نحن الخطأة» المنظومة على خلفية قصة الفريسي والعشار الواردة في الإنجيل (لوقا: 9-14).
نذكر مثالاً آخر جميلاً جداً: تقام خدمة البراكليسي في فترة صيام السيِّدة العذراء في شهر آب و»براكليسي» كلمة يونانية معناها الابتهال أو التضرع المقدم لوالدة الاله... البراكليسي هو قانون مؤلف من مجموعة من الترانيم تش ّ كل تسعة مقاطع. وكل مقطع نسميه تسبحة، والقطعةال الأولى من كل أودية تكون هيوجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة الوزن والمقياس شعري للطروباريات أو للقطع التي تليها. وبالمقابل هناك في الكتاب المقدَّس، مجموعة من التسابيح نسميها التسابيح الكتابية ونستخدمها في العبادة في صلوات السحر في فترة الصوم: تسبحة موسى، تسبحة النبي حبقوق، تسبحة دانيال تسبحة الفتية الذين طرحوا من أتون النار دون أن يؤذهم لهيب النار... وغيرها، فإذا أخذنا القطعة الأولى من كل أودية من قانون البراكليسي وقارنا مضمونهما مع التسابيح نلاحظ ما يلي: توجد تسعة تسابيح كتابية مستخدمة في الليتورجيا وهناك تسعة تسابيح في البراكليسي تتطابق كل تسبحة مع التسبحة الكتابية المقابلة لها: (أي القطعة الأولى من الأودية الأولى مع التسبحة الأولى، والثالثة مع الثالثة... والتاسعة مع التاسعة) إذاً فالنص الليتورجي الذي هو تسبحة للعذراء مريم مأخوذة من الكتاب المقدَّس ومنظوم بروح الكتاب المقدس. ونذكر مثالاً على ذلك:
«إن الشعب الاسرائيلي قد جاز على الرطوبة كأنه على اليابسة هارباً من الشقاء المصري فهتف صارخاً لمنقذنا وإلهنا نسبح» (البراكليسي، الأودية الأولى) فالترنيمة تتكلم عن خروج الشعب الاسرائيلي من مصر وعبوره البحر الأحمر على اليابسة... والتسبحة الأولى من الكتاب المقدَّس (سفر الخروج، الاصحاح 15 ) تتكلم عن الموضوع نفسه عندما وقف موسى وسبّح الرب بعد خروجه من مصر. أما الأودية السادسة من البراكليسي فتقول: «أسكب أمام الرب تضرعي وأحزاني قدامه أخبر، لأن نفسي قد امتلأت من الشرور، وحياتي دنت من الجحيم فإليك أتضرع مثل يونان هاتفاً، أصعدني من الفساد يا إلهي». وهو موضوع التسبحة السادسة الكتابية (سفر يونان النبي، الاصحاح 2) التي قالها يونان النبي عندما كان في جوف الحوت... وكذلك التسبحة الكتابية التاسعة «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته...» وهي مقطع من الإنجيل (لوقا 1:6 ) أدخلت إلى الليتورجيا مع ترنيمة «يا من هي أكرم من الشيروبيم» التي تعاد بمثابة لازمة بعد كل آية من آيات التسبحة...
إذاً هناك تداخل وتطابق وعيش واختبار حقيقي وفعلي للكتاب المقدَّس الذي هو كلمة الرب. وقد سبكت هذه الخبرة لسر التقوى العظيم، الذي هو الرب يسوع، في نصوص، إن كانت نصوص كتابية (التي هي العهد الجديد) أم نصوص ليتورجية (التسابيح المستخدمة في العبادة).
نذكر أخيراً أن الكتاب المقدَّس يفسّر أيضاً بعد الصلاة والسجود والحياة في الكنيسة وهنا أعطي مثالين: الأول ... نحن نتلو في كل قداس إلهي، بعد الرسالة وقبل الإنجيل، صلاة أو إفشيناً يطلب فيه الكاهن أن نطأ الشهوات الجسدية حتَّى نسمع الكلمة المحيية، التي هي الانجيل، أي أننا نؤكد في الكنيسة على أن الكتاب المقدَّس هو كلمة الله. وكلمة الله لا تقرأ ولا تفسَّر كأي كتاب آخر. كلمة الله تقرأ وتفسر لكي تدرك أنت، كي تصل أنت عبر هذه الكلمات إلى ما يريده الله منك، لأن كلمة الله لك والكتاب ليس كتاباً تاريخياً وليس قصة، لهذا لا يقرأ ككل كتاب ولا يفسر ككل كتاب... فمثلاً نقول في أعمال الرسل «الذين أراهم نفسه حياً براهين كثيرة بعدما تألم وهو يظهر لهم أربعين يوماً ويتكلم عن الأمور المختصة بملكوت الله» (أعمال 1:3) ولكننا لا نجد في النص بماذا كلمهم... فهل من المعقول أن ما قاله الرب خلال هذه الأربعين يوماً لم يكن له قيمة ولهذا لم يدوّنه الرسل!! هذا هو التسليم الذي تكلم عنه الرسول بولس... ولهذا نحن نؤكد على أن الكتاب المقدَّس ليس كأي كتاب عادي...
وأذكر مثالاً آخر: توجد في انجيل لوقا (الاصحاح 24 ) حادثة تلميذي عمواس: ظهر الرب يسوع لتلميذي عمواس وهما ذاهبان لقريتهما وسار معهما وحادثهما ولم يعرفا أنَّه السيِّد مع أنهما كانا اثنين من تلاميذه. وعندما مال النهار دخل ليتعشى معهما... ولما جلسوا للطعام «أخذ يسوع خبزاً وشكر وكسر وناولهما فانفتحت عيونهما وعرفاه...» بقي ماشياً معهما كل النهار وهو السيِّد ولم يعرفاه، حتَّى أنهما قالا له: «أأنت وحدك غريب عن أورشلم...» ولكن عندما جلس معهما وكسر الخبز (أي قام بفعل ليتورجي) عرفاه وانفتحت أعينهما. وهنا نتسائل أنَّه إذا كان تلميذي عمواس سائرين مع السيِّد ولم يعرفاه، فكم بالحري ألا يعرفه كثيرون يمسكون بالكتاب المقدَّس ويقرؤونه. إن التلميذين لم يعرفاه إلا عندما بارك وكسر وناول فانفتحت أعينهما وعرفاه... عرفاه عند كسر الخبز... وهذه هي الليتورجيا التي تقدم لنا المسيح يسوع، كما أن نص الكتاب المقدَّس هو كلمة الله، الذي هو سر التقوى العظيم، سر التقوى هو الرب يسوع الذي أتى وقبلته الكنيسة وعاشته وحافظت عليه ونقلته بالليتورجيا وبنص مكتوب وبتسليم شفهي.
إن الليتورجيا تقدم لنا المسيح يسوع، كما أن نص الكتاب المقدَّس هو كلمة الله الذي هو سر التقوى العظيم، سر التقوى العظيم هو الرب يسوع الذي أتى وقبلته الكنيسة وعاشته وحافظت عليه ونقلته بالليتورجيا وبنص مكتوب وبتسليم شفهي. فالحقيقة هي الرب يسوع وقابل هذه الحقيقة وناقلها ومفسرها هو الكنيسة. فالرب الإله يعطينا بنعمته الالهية بشفاعة العذراء مريم والدته الكلية الطهر والقداسة وكل رهط الآباء القديسين والأبرار، يعطينا هذه القوة لتنفتح عيوننا نحن على هذا السر العظيم الذي هو شخص الرب يسوع المسيح حتَّى نعيش معه فنتطهر ونتقدس ونكتشف إن الحقيقة واحدة ألا وهي الرب يسوع، وان الكتاب المقدَّس هو كلمة الله، أي الرب يسوع، وأن الليتورجيا تقدم لنا أمراً واحداً هو الرب يسوع، وأن الألف والياء في حياتنا هو الرب يسوع، وأن الرب يسوع هو الذي يقدّس كل انسان آتياً إلى العالم لنكون مع سائر الذين أرضوه في مجده إلى الأبد آمين.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 28 - 09 - 2016, 03:21 PM   رقم المشاركة : ( 14420 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,393

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة القدّيس جيرار
(شفيع مشاكل الحمل و اللذين يطلبون نسل)
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وُلد القدّيس جيرار ماجيلا في العام 1726 في بلدة في جنوبي إيطاليا تُدعى مورو. تعلّم الخياطة واحترفها في الثانية عشرة من عمره على يد أبيه الذي سرعان ما غيّبه الموت.
فشرع جيرار يتلو الصلوات لله حتّى نما فيه حبٌّ لا يوصف للخالق. عُرِفَ بلطافته في التعامل مع الناس، وابتغى في حياته الاقتصاد كي يتسنّى له اقتسام نقوده مع الفقراء.
وعندما بلغ الثالثة والعشرين من عمره قامت مجموعة من المبشّرين برسالة في مورو، فتأثّر جيرار بهؤلاء الشبّان لدرجة أنّه قرّر الالتحاق بالدير، وذلك خلافًا لإرادة عائلته. ولسوء الحظّ رفض المرسلون استقباله نظرًا لهشاشة صحّته ولاعتقادهم بأنّه لن يقوى على تحمّل الحياة الرهبانيّة. إلاّ أنّ جيرار أصرّ على مطلبه، فغادر المنـزل ليصبح مبشّرًا.
عاش جيرار حياة ملؤها الصلاة، فكرّس نفسه لعبادة القربان الأقدس، وهو تأمّل في آلام المسيح وتفانٍ كلّي لأمّنا مريم العذراء. أمّا عملُه الذي تنوّع ما بين التنظيف والطبخ وإعطاء الإرشادات الروحيّة خاصّة في مسألة الاعتراف الذي يُنشده الناس فألهمَ الكثيرين. وعُرِف بحبّه للفقراء والمعوزين.أصيب في التاسعة والعشرين من عمره بداء السلّ. وبالرغم من الألم والعذاب من جرّاء هذا المرض قَبِلَ أن يعاني بصمت وبسرور من دون تذمّر، مدركًا أنّ هذه هي مشيئة الآب.
توفّي في السادس عشر من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1755. وفي سنة 1904 رفعه قداسة الحبر الأعظم الباب بيوس العاشر إلى مصاف القدّيسين. وتحتفل الكنيسة بعيده في 16 تشرين الأوّل أي في ذكرى وفاته.
ربح القدّيس جيرار اليوم حبّ الكثيرين وإخلاصهم بفضل العجائب التي صنعها بشفاعته. ويُعرَف بحمايته الأمّهات والأطفال بشكل عام، والأمّهات الحوامل بشكل خاص. وهو صديق الفقراء وشفيع العمّال. ويُحبّ كلّ من يُقدِم على الاعتراف بخطاياه.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024