11 - 08 - 2016, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 14011 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تسبيحة المطوبة مريم تأملنا سابقًا عن المطوبة مريم وكيف كانت تسأل للمعرفة، ورأينا اتضاعها، وإيمانها، وخضوعها لمشيئة الله، وكيف كانت في شركة مع المؤمنات. والآن بمعونة الرب نتأمل في التسبيحة التي قالتها: من شدة فرحتها بما سمعته من الملاك وأليصابات نسيبتها، فتحت فمها وترنَّمت بتسبيحة جميلة، منقادة بالروح القدس، متأثرة بما حدث لها، ممتلئة من الإيمان. فيها تعظم الرب وتبتهج بالله مخلِّصها الذي ملأ كيانها وضبط فكرها وحرَّك لسانها. ونرى اتضاعها، وأن ما يشغلها هو مجد الله وإتمام مواعيده (لوقا1: 46- 55). الترنيم دلالة على الفرح «أمسرور أحد؟ فليرتل» (يعقوب5: 13) ، وأيضًا ذبيحة: «فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح، أي ثمر شفاه معترفة باسمه» (عبرانيين13: 15). ونلاحظ أن الأفعال التي استخدمتها، جاءت في صيغة الماضي، مع أن المسيح لم يكن قد وُلد بعد، وخلاصه لم يكن قد ظهر للعالم؛ لكنها كانت تتكلم بالنبوة. هناك أوجه تشابه مع نشيد حنة وهي تشكر الرب بعد أن منحها صموئيل في ظروف غير عادية (1صموئيل2: 1-10)، وهذا يرينا معرفتها بالمكتوب. تنقسم التسبيحة إلى ثلاثة أقسام: ع 46-50: تتحدث عن نعمة الله التي غمرتها، وعن فرحتها، وأنها صارت مطوبة من جميع الأجيال، وأن رحمته تمتد إلى الأجيال القادمة لأتقيائه. ع51- 53: الله القدير يغير كل شيء رأسًا على عقب؛ فالأعزاء ينزلون عن كراسيهم ويرفع المتضعين، الجياع يشبعون خبزًا والأغنياء يُصرفون فارغين. ع 54، 55: تذكُّر الله لمواعيده الخاصة بشعبه. وعندما نتأمل في كلمات هذه التسبيحة نجد الكثير من الفوائد الروحية لنا: فقالت مريم: تعظم نفسي الرب: لقد أخذت تسكب تشكّراتها من قلب ممتلئ بالفرح فائضًا بالحمد وتعظيم الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي: تعلن أن مصدر ابتهاجها هو الله نفسه وليس أمور الأرض، وتعلن أيضًا أن الله مخلِّصها. لأنه نظر إلى إتضاع أمته: كانت مريم تفكِّر في حالتها المتضعة والفقيرة، بالرغم أنها من نسل الملك داود، لكنها كانت خاضعة لمشيئته، مُعلنة أنها أَمَته. فقد الشيطان مركزه وطُرد من حضرة الله بسبب الكبرياء، لكن الإتضاع له تقدير عظيم عند الله، كما هو مكتوب: «إلى هذا أنظر: إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي» (إشعياء66: 2). لقد عرفت أن الطريق الذي به تصل إلى مراحم الله وتأخذ عطاياه هو الإتضاع. ونلاحظ أنها لم تقل: إن الله نظر إلى صلواتها أو أصوامها أو عشورها أو... بل إلى إتضاعها. لذلك رفعها، والرفعة التي تتكلم عنها هي أن جميع الأجيال تطوبها. فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني: وكلمة “طوبى” معناها “يالسعادة”، ومريم تستحق التطويب لأنها صارت أُمًا للمسيح. لكن لا يُقدَّم لها السجود، لأن السجود للرب فقط كما هو مكتوب: «للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» (متى4: 10). في مرة، رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت للرب: «طوبى للبطن الذي حملك والثديين الذين رضعتهما. أما هو فقال: بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه» (لوقا11: 27، 28). فمريم مطوَّبة وكذلك كل من يسمع كلام الله ويحفظه. لأن القدير صنع بي عظائم، واسمه قدوس: تسبِّح الله علي قدرته التي صارت لحسابها، إذ صنع بها عظائم؛ فصارت مطوَّبة من جميع الأجيال. لقد نسبت كل شيء لصلاح الله. ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه: لقد لمست مراحم الرب عليها بصفة شخصية، والآن تترنم بمراحم الرب للذين يتقونه إلى جيل الأجيال، أى إلى آخر الأجيال، عند نهاية الدهور. لقد فكَّرت وتطلَّعت إلى الأجيال الكثيرة القادمة التي ستتمتع برحمة الله من خلال إيمانهم بالمسيح. صنع قوة بذراعه. شتت المستكبرين بفكر قلوبهم: كانت تثق في قوة الله وذراعه القديرة، والتي من خلالها شتَّت المستكبرين بفِكر قلوبهم. كانت أفكارها تناسب حالة الأتقياء في شعب الله الذين كانوا ينتظرون المسيح لينقذهم من ظلم أعدائهم، ويباركهم بالخير والراحة على الأرض. أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين: كانت تثق أن الله قادر على تغيير الأوضاع، فينزل الأعزاء الأشرارعن الكراسي مثل هامان الردئ، ويرفع المتضعين الأتقياء مثل مردخاى. واختبرت مريم “رفع المتضعين”؛ فلقد كانت من الفقراء والمتضعين لكن رفعها وصارت مباركة ومطوبة. أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين: رأت بالإيمان أن الله يغير كل شيء، فالجياع روحيًا يُشبعون، والأغنياء في أعين أنفسهم يصرفهم فارغين. الإنسان عامة جائع روحيًا، لكنه بالأسف يحاول أن يُشبِع نفسه بأمور هذا العالم الزائلة، مثل الثروة والشهرة والعمل والملاهي، لكنه لا يشبع. أما من يشعر بحاجته للرب؛ فإنه يذهب إليه ويشبع. قال الرب: «طوبى للجياع والعطاش إلى البر، لأنهم يُشبعون» (متى5: 6) ، أما الذي يقول: «إني أنا غني وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء»، فهو الذي لا يعرف حقيقة حالته، لذلك فهو «شقي وبئس وفقير وأعمى وعريان» (رؤيا3: 17). هؤلاء لا يأخذون شيئًا من الله، ولذلك يصرفهم فارغين. عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة: كانت تثق في معية الرب لشعبه وتعضيده، وأيضا مراحمه لهم. لقد تذكرت كيف رحم الرب إبراهيم من عبادة الأوثان، ودعاه وصنع معه ومع إسحاق ويعقوب عهدًا، وكان هذا رحمة عظيمة. وتذكرت كيف كان بنو إسرائيل في أرض مصر عبيدًا وفقراء، وفي نفس الوقت عبدوا الأوثان (حزقيال20: 7، 8). لكن عندما صرخوا له، سمع أنينهم، وأخرجهم من أرض مصر بيد قوية وذراع رفيعة، وكان هذا رحمة عظيمة لهم. وكانت حالة الشعب وقت ولادة المسيح منحطَّة ومخزية، لكن ذكرهم الله في رحمته المتمثِّلة في مجيء المسيح لخلاصهم. وكما رحم إبراهيم قديمًا جعل شعبه موضوع رحمته. كما كلم آبائنا. لإبراهيم ونسله إلى الأبد: نراها تتمسك بمواعيد الله التي قالها للآباء، وتنتظر تحقيقها لنسل إبراهيم. ياليتنا نسبح ونعظم الرب دائمًا، ونثق في قدرته العظيمة التي هي لحساب أتقيائه، ونعلم أنه هو قادر على تغيير الأوضاع، وعندما نعيش بالإتضاع سيرفعنا في حينه، وأيضَا نُمسك بمواعيده. (يتبع) |
||||
11 - 08 - 2016, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 14012 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم
فتاة يهودية متواضعة، من سبط يهوذا من نسل الملك داود، كانت تعيش في الناصرة التابعة لمقاطعة الجليل، وكانت مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، يعمل نجارًا في الناصرة. وهي بنت هالي بن متثات بن لاوي من نسل ناثان بن داود الملك (لوقا3: 23-31)، وأختها هي زوجة كلوبا (يوحنا19: 25)، ونسيبتها هي أليصابات زوجة زكريا الكاهن (لوقا1: 36). وقد اختارها الله لتكون أُمَّا ليسوع المسيح المخلِّص - حسب الجسد - وذلك من مطلق نعمته الغنية. وجاءت عنها نبوة في إشعياء7: 14 «هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ: عِمَّانُوئِيلَ». وذُكرت في الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل. كانت المطوَّبة مريم تعيش حياةً هادئة طبيعية، حتى ظهر لها الملاك جبرائيل المُرسَل من الله، وقال لها: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». (لوقا1: 26-33). وأتصفت المطوَّبة مريم بعدة صفات مباركة: 1- تسأل للمعرفة عندما عرفت أنها ستحبل بابن العلي وهي عذراء، سألت قائلة: «كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟» وجميل أن نسأل عندما لا نعرف ولا نظل في جهلنا، وبالتأكيد ستأتي لنا الإجابة. كان سؤالها للمعرفة، وبحسب فكر الله، لأن ما سمعته كان مخالفًا للترتيب الطبيعي؛ لذلك سألت عن كيفية إتمامه. ولكنه لم يتضمَّن أي شك أو عدم إيمان كما حدث في سؤال زكريا الكاهن. والنتيجة أن الله أجابها بقول الملاك وقال لها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ الله». وأخبرها، لكي يشجِّعها، أن أليصابات نسيبتها العاقر هي أيضًا حبلى بابن في شيخوختها وهي الآن في شهرها السادس. وأعلن لها أنه «لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». 2- الاتضاع بالرغم مما قاله الملاك لها بأنها «المُنعَم عليها»؛ أي نالت إنعامًا وإكرامًا من الله، وأن الرب معها، وأنها مبارَكة في النساء، وأنها ستحبل بابن العلي الذي سيملك على بيت يعقوب إلى الأبد؛ لكنها كانت متضعة إذ قالت للملاك: «هوذا أنا أَمََُة الرب» أي خادمة الرب. كما قالت في تسبيحتها إن الله «نظر إلى إتضاع أَمَتِهِ»، وإنه «رفع المتضعين» (لوقا1: 38، 47، 52). لقد نظر الرب إلى اتضاعها ورفعها. وهذا مبدأ إلهي: «كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع» (لوقا14: 11). ليعُطنا الرب أن نعيش حياة الاتضاع مثل المطوَّبة مريم؛ متذكّرين كلمات رب المجد يسوع: «تعلَّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم» (متى11: 29). 3- الإيمان تميَّزت بإيمان الثقة؛ فبعد أن أخبرها الملاك بكيفية الحبل قالت: «ليكن لي كقولك». وعندما ذهبت إلى أليصابات نسيبتها قالت لها: «طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب» (لوقا1: 38، 45). ونجد في الكتاب المقدس أن ولادة طفل بطريقة غير عادية قوبلت بأفعال مختلفة: فقد ضحكت سارة امرأة إبراهيم قائلة: أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت (تكوين18: 9-15)، وانزعج منوح أبو شمشون عندما رأى ملاك الرب وخاف أن يموت (قضاة13: 22)، ولم يصدِّق زكريا الكاهن كلام الملاك، فظل صامتًا حتى وُلد يوحنا المعمدان (لوقا1: 18-20). لكن المطوَّبة مريم آمنت مباشرة دون نقاش أو جدال، لأن قلبها كان مجهَّزا لهذا الحدث العظيم. ليتنا نعيش حياة الثقة في الرب وكلمته. 4- خضوعها لمشيئة الله كانت تعلم أن حبلها هذا سيكون في عين الناس مصدر عار، وسيثير الكثير من الشكوك والريبة، وربما إتهامها بالخطية، ويسبب لها الخجل حتى من يوسف خطيبها؛ وقد حدث فعلاً، فعندما عرف يوسف أنها حبلى لم يُرِد أن يُشهرها ويعرِّضها لعقوبة الرّجم، لأنه كان رجلاً بارًا، لكن أراد تخليتها سرًّا. ومع ذلك فقد خضعت بالتمام لمشيئة الله، وسلَّمت نفسها له، وتأكّدت أن الله في المشهد وسيرتب المنفذ لذلك، وهذا ما حدث فعلاً؛ إذ أن يوسف وهو متفكِّر في هذه الأمور ظهر له ملاك الرب قائلاً له: لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس (متى1: 19-24). ليتنا نُخضع أنفسنا لإرادته حتى لو واجهتنا صعوبات، لكن الله في محبته ونعمته يجعلنا نتغلب عليها. 5- في شركة مع المؤمنات كانت مريم في هذه الساعة في أشد الحاجة إلى شخص تشاركه بالأخبار السارة التي سمعتها، وتعلن عن فرحتها وبهجتها؛ فقامت في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى مدينة يهوذا، إلى أليصابات. وصار بينهما حديث جميل، وسجَّل الروح القدس كلماتهما في لوقا1: 39-54. وتشجَّعت مريم بكلام أليصابات التي هتفت: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»، مع أن أليصابات، بحسب الإمتيازات البشرية، أكرم من مريم، لأنها كانت عجوز وامرأة كاهن ومن نسل هارون، ومريم فتاة صغيرة فقيرة مخطوبة لنجار في الناصرة، ولكنها أعطت مريم الكرامة اللآئقة بها لأنها صارت أمًّا للمسيح، وحسبت حضورها إليها شرف عظيم. بل أكثر من ذلك أن يوحنا المعمدان وهو جنين في بطن أمه تحرك ساجدًا للمسيح. وقد ترنمت مريم بتسبيحة جميلة فيها تعظم الرب وتبتهج بالله مخلِّصها، فما كان يشغلها هو مجد الله وإتمام مواعيده. (ولحديثنا بقية بمشيئة الرب) |
||||
12 - 08 - 2016, 05:00 PM | رقم المشاركة : ( 14013 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما الذي يجعل المسيحية متفرده عن بقية الاديان ؟ حوار مع رافي زاكارياس ترجمة Jane Keriakous اشراف فريق اللاهوت الدفاعي ان هذا اللقاء يركز علي ما هو سبب تفرد الرسالة المسيحية، و بشكل خاص بالمقارنة بالآديان الشرقية (1). ان شخصية يسوع المسيح تبرز بوضوح في تاريخ العالم، و لكن ما الذي يميزه عن الأخرين المدعين الآلوهية و النبوة؟ بحسب كلام Ravi Zacharias ، الذي قم بأمتحان لما قاله يسوع المسيح، فقد كان دليل تفرده مكتسحا.
و لكن كل اصدقائي و من هم حولي كانوا هندوس، مسلمين، او بوذيين، و هكذا فقد نشأت محايدا فيما يسمي الاجتماعيات و لكن ثقافيا فقد كنت في عائلة مسيحية بالأسم.
فعندما تفكر فيها، سوف تجد حقا اربعة اسئلة مبدئية عن الحياة. انت قد سألتهم، انا قد سألتهم، و يسألهم كل شخص يفكر. يتلخصوا في، الاصل، المعني، الاخلاق و القدر. كيف خلقت؟ ما الذي يجعل للحياة معني؟ كيف اعرف الصواب من الخطأ؟ اين اذهب بعد الموت؟ عندما تأخذ اجابات المسيح لهذه الاسئلة الاربعة، لا تجد تشابه، من ما يكون الانفراد، التوافق، اجابات صحيحة لهذه الاسئلة الفردية. و عندما تضع الاربعة سويا، لا تجد اي نظرة عالمية تصل لمثل ذلك الترابط المنطقي بين الاجابات، التوافق الصحيح فرديا، الترابط المنطقي كليا عندما تضعهم سويا. فشخص المسيح شديد التفرد، حيث انه لا يوجد باحث أمين يستطيع انكار هذا، عندما ينظر لاجوبته علي تلك الاسئلة.
RZ: اعتقد ان هذا اكثر الاسئلة الثابتة. فهو نوعا من التصويب في قلب الكثير من الاراء بالعالم. لكن عندما يسأل احد ذلك السؤال، يجب عليه ان يتذكر شيئين. الشيء الاول هو ان هذا سؤال يحتاج كل شخص لان يجيبه، ليس فقط المسيحيون. الهندوسيون يحتاجون لان يجيبوا عليه، البوذيون يحتاجون لان يجيبوا عليه، الملحدون يحتاجون ان يجيبوا عليه، و المتشككون يحتاجون للاجابه عليه. في احد فصول كتاباتي قد اشرت لسؤال تم طرحه علي المسيح، “لماذا ولد هذا الرجل أعمي. هل أخطيء هو ام أبواه؟” و قد كانت اجابة المسيح مذهلة. لذلك دعني اصوب نحو قلب السؤال اولا، لان هذا حيث تبدأ الاجابة. عندما يقول احد انه يوجد الكثير من الشر بالعالم، فهو يفترض انه يوجد خير ايضا، فهو حتما يفترض انه يوجد شيء مثل قانون اخلاقي من خلاله نستطيع التمييز بين الخير و الشر. لكن عندما يفترض وجود مثل ذلك القانون الاخلاقي فهو عليه ان يفترض انه يوجد من وضع ذلك القانون، لكن هذا هو ما يحاول المتشككون غالبا عدم اثباته و ليس اثباته، لانه لو لم يكن من وضع ذلك القانون الاخلاقي، لما كان القانون الاخلاقي نفسه. ان لم يكن يوجد قانونا اخلاقيا، لما كان يوجد خيرا. ان لم يوجد الخير، ما كان وجد الشر. ماذا اصبح من السؤال؟ ان طرح السؤال في الحقيقة يقترح او يفترض وجود الله. لذلك علي طارح السؤال ان يتذكر ان طرح السؤال لا ينقض وجود الله، بل انه يحتم وجود الله، لان بدون الله، لما كان هناك خيرا او شرا. و بناء عليه، اجابه الله في الايمان المسيحي اجابة شديدة التفرد. في المنظور الهندوسي، فهو نوعا من القدريه، الموروثة، فكل ميلاد هو اعادة البعث، انت تدفع، و تدفع، و تدفع عبر ملايين التجسيدات. و من المنظور الاسلامي، فهو قضاء و قدر- فهي ارادة الله. و انت تستمر. فلا يوجد تفسير جذري. فهو كذلك و حسب. و بداخل المنظور المسيحي، يوجد الكثير من الادله مثل كيف وضح المسيح لنا حقيقة الشر و حقيقة الخير. عندما تذهب الي الصليب، فسوف تجد الاثنان يلتقيان– الشر الذي بقلب الانسان، و الخير الذي بقلب الله. هذا الالتقاء بصليب المسيح شديد التفرد حتي انه جعل الماهتما غاندي يقول انه لم يجد خارج الصليب ما هو متفرد هكذا للاجابه عن ذلك السؤال. و الان فأنت تتعامل فلسفيا مع هذه الموضوعات و تري كيف يتعامل الانجيل معها. اذن طرح السؤال يوضح وجود الله. لقد اخذتك عبر الست خطوات لاجابة الله التي توضح كيف انت تتعامل مع مشكلة الشر، و اخيرا ننتقل لهذا السؤال: اذا كان الشر الذي حولي يزعجني الي هذا الحد، فعلي ان اسأل: هل الشر الذي بداخلي يزعجني ايضا؟ و حتما سوف يكون يزعجني، و لهذا الشر الذي بداخلي، المسيح فقط يملك الاجابه عليه.
RZ: هذا سؤال ممتاز لان البوذيه تحظي بشعبية كبيرة. فهي فكرة شديدة الاقناع اليوم. الذي فعلته في الكتاب هو، انه بدلا من اعطائك اجابة مباشرة، لانه ربما يكون في ذلك اساءة، فقد تناولت بعض الاسئلة التي اجاب عنها يسوع و التي لم يجيب عنها بوذا، محمد، او كريشنا بنفس الاسلوب، و اثق انك سوف تجد التفرد و الترابط مقنعان. الجملة الافتتاحية بكتب بوذا هي ان كل حياة تدفع ثمن قدرها لميلادها السابق. البوذية لا تؤمن بالتوحيد و ربما تؤمن بالالحاد، و عندما تتعامل مع البوذية، فأنت امام نظرية اخلاقية تتعلق بكيف تصبح انسانا صالحا بدون افتراض وجود الله. ففرضية البوذية الاساسية هي انك يمكنك ان تأخذ الصلاح بدون الله – انت تملك الاجابة من خلال الطريق الثماني، و عليك ان تستمر. هناك العديد من الموضوعات التي نستطيع ان نتطرق اليها. و لكن لنفترض احدي مظاهر البوذية، و هو عدم وجود الله بالفعل. فكيف يمكن تعريف الصلاح بالرجوع لما سبق؟ من اين يأتي الصلاح؟ ما هو الشر؟ ثانيا، البوذية تخبرك بأنك لديك سلسلة لا نهائية من اعادة البعث، لا نهائية بمعني انها لا تنتهي و غير قابلة للاحصاء. و لكن لو ان بوذا نجح في الحصول علي النرفانا (الخلو من المعاناة)، فحينئذ يجب ان تكون قابلة للاحصاء. لابد ان يكون انه وصل الي رقم. انها سلسلة محدودة من اعادة البعث، لكي تحقق النظرية البوذية، فأنت علي الفور تبدأ في رؤية التناقض. الذي عليك ان تفهمه هو ان القلب البشري شرير و فاسد الي حد بعيد و لا يستطيع في حد ذاته ان يحل المشكلة. و بأعماق البوذية – يجب ان تصغي الي هذا جيدا – بأعماق البوذية يوجد فقدان فكرة الذات لأن المبدأ الاساسي للبوذية هو لا توجد طبيعة جوهرية للذات – الروح. الهندوسية تحدثت عن الروح، جوهر الذات. فالروح هي الذات الغير جوهرية. انه من الرائع ان تعرف انه عندما يتحدث يسوع المسيح لك و لي، هو يمكنك من فهم ذاتك، من ان تموت لاجل هذه الذات بسبب الصليب، و ان يولد شخصك الحقيقي. عندما تصلب مع المسيح فأنت تحيا، لا انت، بل المسيح يحيا فيك. هو يحافظ علي كيانك و علي هويتك، لكن يجعل هويتك مثمرة في شخص المسيح. اعتقد ان هذا شديد التفرد حيث ان لا يستطيع احد التهرب من النتائج.
علي سبيل المثال، من احد الموضوعات التي اثرتها اجابات يسوع لهذا السؤال، عندما اشار لجسده علي انه هيكل الله. فكر فقط في هذه الحقيقة الجميلة. لن تجد ذلك بالهندوسية. فأنت تذهب الي الهيكل. بالايمان المسيحي، انت تأخذ الهيكل معك. بالاسلام، الذي هو من طبيعة العالم، فالقتل و كل شيء يمكن تبريره لاسبب دنيوية. بالكثير من الاراء الدينية الاخري علي مستوي العالم، تعتبر الدعارة حقيقة بالنسبة لهم و لكن يسوع يقول لا، الجسد هو هيكل الله. اذن عندما تري ما تفعله النعمة الالهيه في الغفران، انه ليس مجرد غفران شامل. انه ثمن تم دفعه و الزام لتحيا مع المسيح نفسه و ليحيا هو بداخلك. اعتقد ان هذا امر رائع. المراجع. CBN. What makes the Christian message unique? |
||||
12 - 08 - 2016, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 14014 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أرض اللاهوت وفلاحة الله – واقعية الحياة المسيحية
الإنسان في الأساس – حسب القصد الإلهي والتدبير – هو إنسان الحضرة الإلهية، أرض اللاهوت وفلاحة الله الخاصة، لذلك أعطاه الله منذ بدء تكوينه سمات وملامح خاصة تؤهله لهذا المستوى الفائق الذي ينبغي أن يصل إليه، وهذا هو معنى خلقه على صورة الله ومثاله، فنحن في بداية تعرفنا على الإنسان وجدناه في الحضرة الإلهية في فردوس النعيم، وهو فردوس نعيم الحضور الإلهي المجيد، فالإنسان يرى – ببساطة – وجه الله المُنير، يجري حديثاً متبادلاً معهُ في راحة وهدوء ولذة خاصة، في راحة وسلام لا يعكر صفوه شيء. ولكن لما أُغوى بمكر الحية وسرى سمها في عقلة المستنير، سقط وانطفأ نور عقله فظهرت الظلمة، التي غَشت ذهن الإنسان فلم يعد يبصر النور ولم يعد يحتمل حضوره، وتاه وتغرب عن الله وبالتالي لم يعد يعرف نفسه وعلى أي صورة ينبغي أن يكون، فانغمس في طين الخطية الخانق للنفس وقاتلها، لأن أجرة الخطية – طبيعياً – هو موت، وصار ينجذب لأسفل ويحيا في ظلمة حالكة السواد، حتى انه عاش مشوشاً فاقداً وعيه الروحي وحسه النوراني، حتى فقد الحس التام بكل ما هو سماوي، وأصبحت كل أعضاء جسده خاضعة للفساد تُحركها الأهواء الشيطانية التي زُرعت فيها فاستُعبدت لشهواتها، لأن حينما تهيج الشهوة يظل الإنسان في حالة من القلق والاضطراب العظيم، لا يهدأ ولا يرتاح أو يسكت إلى أن يُتمم مطلبها، لأنها تسوقه كعبد وتقوده للحزن المُدمر للنفس، مثلما ينجذب الفأر إلى مصيدة الموت منقاداً وراء رائحة الجبن الطازج، لذلك فأن مشكلة الخطية أنها لا تترك الإنسان إلا حِطاماً مملوء من كل وجع، وفي داخله جرح عميق يؤذي نفسيته لأنه يشعر أنه ينزف داخلياً وكل قواه تخور مع امتداد الزمن وطوله، وهذه هي خبرتنا في حياة الشرّ تحت سلطان موت الخطية الذي يعمل في أبناء المعصية، والمؤذي في هذا كله هو كراهية الإنسان لنفسه واحتقاره لأعضاء جسده ظناً منه أن العيب في الجسد ذاته لأن لولا غرائزه ما كان سقط ولا عرف للخطية طريق |
||||
12 - 08 - 2016, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 14015 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل الابن لا يعلم الساعة اما ذلك اليوم وتلك الساعة ..ولا الابن
هل الابن لا يعلم الساعة نحن نعلم علاقة الابن بالآب المعلنه في السياق الداخلي في اكثر من موضع .ولعل اشهرها قول المسيح واعلانه حقيقة الوحده بين الآب والابن بشكل واضح وجلي حينما نطق الفم الطاهر قائلاً انا والآب واحد واستخدم اللفظ واحد في اليوناني hen semen التي تشير الي وحده الجوهر وليس الهدف وليس شئ اخر . وقد تناول الباحثين هذا النص من عده جهات وهي :- ولعل احد الاراء 1-ان المسيح استخدم في مفهوم كلمة يعلم بمعني ايدوا εἴδω اي معرفة الحواس اي تدرك الامر بحواسك كما ادرك توما الجراحات بالحواس المرأية المادية .فالمسيح تكلم بخصوص المعرفة العينية الظاهرية المادية بالحواس فكيف يمكن للانسان داخل المكان والزمان ان يدرك ما هو خارج الزمن والمكان فالساعة لم تكون ساعة واليوم لم يكون يوم بل ان الازمنة ستنتهي .فلا يوجد في اللغة البشرية ما يعبر عن عدد ساعات الابدية او ايامها . وكان يسوع يقول ولا الابن في فعل الاخلاء يستطيع ان يشرح هذا الامر من ناحية الحواس والادراك . ولم يستخدم المسيح γνῶσις التي تعني معرفة فقط . وهناك اسلوب ادبي في الكتاب ان الله يظهر عدم علمه لاجل هدف معين مثل ادم اين انت وهكذا امثلة متعدده من هذا السؤال .. فهل هذا الاراء مقنعة وتستقيم مع الراي السديد ؟ سنتناول الراي الصحيح السليم كتابياً . المسيح هو الله المتجسد انسان كامل واله كامل .طبيعة واحده من طبيعتين .يقول الكتاب فيه يحل ملئ اللاهوت جسديا كولوسي 2 : 9 .وهنا نتسائل هل افرغ اللاهوت كل معرفته في عقل يسوع الانسان ؟ بالطبع لا والا لما كان يسوع مشابهاً لنا مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية عبرانين 4 : 15 . فهو اخذ جسد مثلنا تماما .فبالتالي لم يكن كل المعرفة معلنه في عقل يسوع الانسان .ملحوظة نحن لا نفصل بين الناسوت واللاهوت بل نوضح الامر .ولذلك قال الكتاب وأما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس انجيل لوقا 2 : 52 وهذه الاية هي اجابة سؤال علم الساعة فكما قال اثناسيوس ان التقدم في الحكمة هو من اللاهوت نفسه .للجسد البشري فاللاهوت مذخر فيه كل حكمة ومعرفة . فكان يسوع يظهر حكمته مع نمو قامته تدريجياً بحسب اختباره لاحوال البشر وايضاً استعلان اللاهوت امور هامه للناسوت لاعلانها لنا .ولم يكتسب الناسوت فيما يختص بالامور الالهية امراً خارجاً عن اللاهوت .ولكن من الامور البشرية اكتسب الناسوت من البيئة المحيطة مثل اكتساب اللغة او بعض الاشياء التي استعملها يسوع في امثاله من الدرهم المفقود او الكراميين او غيره .فالحكمة في الناسوت مستقاه من اللاهوت المذخر فيه كل الحكم لم يحتاج يسوع لاكتسابها بالتعلم . لذلك لم يستعلن اللاهوت الامر للناسوت وذلك لان هناك اخلاء ولم يفرغ اللاهوت ولم يمتزج ولم يحدث تبديل في الناسوت .فتكلم يسوع كانسان لا يعلم كما جاء عن الطبيعة الواحده اعمال 20 :28 كنيسة الله اقتناها بدمه فلا فاخبرنا يسوع عدم استعلان اللاهوت للناسوت هذا الامر للاخبار لانه لم يكون في مصلحة الانسان .وهذا ما اكده يسوع حينما قال انه سياتي كلص . ولذلك الاجابة المختصره بما اان اللاهوت لم يفرغ معرفته داخل عقل انسان وهذا الامر لا يمكن ان يحدث بالتالي من حيث انسانية يسوع لم يكن هناك اعلان للاخبار عنه لكن من حيث اللاهوت هو يعلم كل شئ واللاهوت متحد بالناسوت بلا تغيير ولا تبديل ولا تحويل .طبيعة واحده من طبيعتين . |
||||
12 - 08 - 2016, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 14016 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحنين إليك متقد فينا
|
||||
13 - 08 - 2016, 04:29 PM | رقم المشاركة : ( 14017 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأليه الطبيعة البشرية
المسيح الرب هو مخلّصنا لأنه هو إيّاه الإله الإنسان. في شخصه يصير الإله إنساناً ويصير الإنسان إلهاً. بشخصه الإلهي الإنساني يشكّل المسيح الرب أعجوبة مزدوجة: أنسنةَ الله وتأليهَ الإنسان. هذا هو الخبر السار، خلاصة مجمل العهد الجديد، الذي به يحيا الجسد الإلهي الإنساني للمسيح الكنيسة. فالكنيسة، التي هي ذاك الإعلان الإلهي الحيّ أبداً، تذيع بالكلام ذاك الخبر السار البهج جداً بصوت الآباء القدّيسين وفي صلواتها. كما في آدم الجديد، كما في زعيم جنسنا البشري، في المسيح الرب، تتألّه الطبيعة البشرية في مبدئها. الواقع أن خلاص الجنس البشري ليس سوى تأليهه في شخص الإله الإنسان، المسيح. إن تأليه الطبيعة البشرية في الإله الإنسان، المسيح، إنما ينجم عن وحدتها الأقنومية مع الإله الكلمة. غير أن الطبيعة البشرية، في هذه الوحدة، لا تفقد ما هو محدود فيها ولا ما يجعلها بشرية. الإله الكلمة، بكلمات القدّيس يوحنا الدمشقي المحكَمة، يتّخذ الإنسان بكليّته وذلك ليعطي الخلاص للإنسان بكليّته. المسيح اتّخذ الإنسان كله، كلَّ ما يختصّ به، ما خلا الخطيئة، ليقدّس الكل. إن تأليه الطبيعة البشرية في شخص الإله الإنسان، المسيح، يتمّ على نحو تتّخذ معه الطبيعةُ الإلهيةُ للكلمة الطبيعة البشريّة وتُسبغُ عليها كمالاتها. بتألّه الطبيعة البشريّة، على هذا النحو، لم تتغيّر طبيعتها ولا خواصها الطبيعية. إن الطبيعة البشريّة للمسيح الإله، بسبب وحدتها الصميمية، أي وحدتها الأقنومية مع الإله الكلمة، قد تألّهت بفعل القوى الإلهية دون أن تفقد خصوصياتها الطبيعية. إن صيرورة الإله إنساناً يُعبَّر عنها بكلمتي “تجسّد” و”أنسنة”. فيما يُعبَّر عن صيرورة الإنسان إلهاً بلفظتي “تألّه” و “تأليه”. إن تأليه الطبيعة البشريّة هو ناتج تجسّد الله. وتجسّد الله هو الوسيلة التي بها يكشف الله معنى وجود الكائن البشري ومآله، أي التألّه، كما يوفّر الكيفية الإلهية البشريّة لتحقيق هذا القصد. إن المسيح الرب، بصيرورته إنساناً، حدّد للإنسان هدفاً؛ وإذ اتّخذ البشَرَة، جعل للبشرَة غاية، ولما اخترق المادة، حدّد للمادة مرمى. كذلك إذ صار الرب المسيح إنساناً أعطى كل ما هو بشري معنى: للولادة والحياة والموت. فيه أدركت الطبيعة البشريّة مضمونها الخالد وأصابت مرماها. قبله كانت الطبيعة البشريّة منقطعة عن الله بالخطيئة، كما كانت هوة لا تُردم ممتدّة ما بينها وبين الله. ولكن منذ أن حلّ الكلمة امتدّ جسر فوق الهوّة. أقبل الله في البشرَة، في الطبيعة البشريّة، اتحد نفسه بها في الصميم؛ اتّخذها إلى الأبد. الله، بتجسّده، صار شريكاً في الطبيعة البشريّة لكي يتسنّى للناس أن يصيروا شركاء الطبيعة الإلهية. بالتجسّد الإلهي صار المؤقّت في الطبيعة البشريّة أبدياً وصار اليسير هائلاً. أو كما ورد في الأقوال الملهمة للقدّيس غريغوريوس النيصصي: “يخرج الإنسان من طبيعته الخاصة، يصير المائت أبدياً والفاني عديم الفناء والمؤقّت خالداً؛ يصير الإنسان، بكلمة، إلهاً”. إن هدف التدبير الإلهي الإنساني للخلاص، من قِبَل مخلّصنا، هو خلاص الإنسان بالتأليه. هذه هي الحقيقة الإلهية، هذه هي الكيفية الأولى لظهوره للجنس البشري، والكيفية الأولى لتحقيقها هي تجسّد الإله الكلمة. التألّه، بحسب القدّيس إيريناوس، هو معنى تجسّد الله وغايته: “ابن الله يصير ابن الإنسان ليتسنّى للإنسان، بدوره، أن يصير ابن الله… في محبّته الفيّاضة، صار كلمة الله ما نحن إيّاه بالذات لكي يعطينا ما هو إيّاه بالذات…”. وإذ أكّد القدّيس إيريناوس كم أن الخلاص، باعتبار التألّه، مستحيل من دون تجسّد الإله الكلمة، أضاف متسائلاً: “كيف يذهب الإنسان إلى الله إذا لم يأتِ الله إليه؟…” إن خلاص الجنس البشري من دون تألّه مستحيل. والتألّه من دون تجسّد الإله الحقّ مستحيل. لقد أدخل الإله الكلمة كل الطبيعة البشريّة، بتجسّده، في سيرورة التألّه. الإله الكلمة، كما قال القدّيس أثناسيوس الكبير، اتّخذ البشرّة لكي يجدّدها ويؤلّهها فيه، كونه الخالق، ولكي يأتي بنا جميعاً، إذ لنا بشرة كبشرته، إلى ملكوته السماوي. ولكنْ ما كان بإمكان الإنسان أن يتألّه لو لم يكن الابن قد اتّحد بالخليقة، لو لم يكن هو الإله الحقيقي. ما كان بإمكان الإنسان أن يبلغ الآب لو لم يكن ذاك الذي لبس بشرتنا هو إيّاه الكلمة الحقيقي للآب بالطبيعة. وكما أنه ما كان بإمكاننا أن نتحرّر من الخطيئة واللعنة لو لم تكن البشرة التي لبسها الكلمة بشريّة بطبيعتها – لأنه لم يكن ممكناً أن يكون هناك ما هو مشترك بيننا وبين ما هو غريب عنا – كذلك ما كان الإنسان ليتألّه لو لم يكن ذاك الذي صار إنساناً قد خرج من الآب بحسب الطبيعة، لو لم يكن إيّاه كلمة الآب الخاص الحقيقي. على هذا النحو صار ممكناً حدوث اتّحاد كاتحاد مَن كان إنساناً بالطبيعة بمن هو الإله بالطبيعة، وعلى هذا النحو أيضاً حصل خلاص الإنسان وتأليهه بصورة أكيدة ثابتة. كما أن الله لما لبس جسداً صار إنساناً، كذلك، نحن البشر، المتّخَذين من الكلمة، نتألّه ببشرته ونرث الحياة الأبدية. فإن الإله الكلمة صار إنساناً ليؤلّهنا. فإنه صار إنساناً من امرأة ووُلد من عذراء لكي يأخذ ولادتنا على عاتقه، الولادة التي خضعت للخطيئة، ولكي نصير جنساً مقدّساًَ، ونشترك في الطبيعة الإلهية [2 بط 1: 4]. كل ما هو من المسيح له مغزاه بالنسبة للناس قاطبة. فبتجسّده اشتمل الإله الكلمة كل الطبيعة البشريّة وقادها على سكّة التبنّي الإلهي. ابن الله صار ابن الإنسان لكي يصير أبناء الإنسان، أي أبناء آدم، أبناءَ الله، على حدّ تعبير أب الأرثوذكسية -القديس أثناسيوس الكبير-. إن الإله الكلمة، لما صار إنساناً، فتح للطبيعة البشريّة آفاق الكمال الإلهي اللامتناهي، وبالخلاص قاده إلى التألّه الأكمل. لقد تجسّد الإله الكلمة، على حدّ تعبير القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، لكي يصير الإنسان إلهاً بنفس القدر الذي صار فيه الإله إنساناً. فباتخاذ اللهِ البشرة فيه أضحى تألّهُ الإنسان ممكناً وتحقّق. إن المسيح الرب، من حيث هو الإله الإنسان، ألّه الإنسان دون أن يحرم الإنسان من إنسانيته الخاصة. والإله الكلمة، كما علّم اللاهوتي القدّيس، صار إنساناً في كل شيء ما خلا الخطيئة. الله يؤلِّه والإنسان يتألّه. لقد تجسّد الرب لكي يجدّد صورة الله في الطبيعة البشريّة ويقتادها إلى أوج كمالها. المسيح وحّد صورته بصورتنا، كما قال القدّيس غريغوريوس، لكيما بآلامه يعينني الله على آلامي ويجعلني بهيئته البشريّة إلهاً. لقد كان كلمة الآبِ هو الله ولكنه صار إنساناً ابتغاء توحيد الله بنا باتّحاده بأهل الأرض. إله واحد هو بهيئتين. فهو الذي في نطاق إنسانيته جعلني، أنا الإنسانَ، إلهاً. لقد خُلق الإنسان على صورة الله ليتسنّى له، بجهود إرادته الحرّة، أن ينمو إلى كمال إلهي لا حدّ له، صائراً، على الدوام، إلهاً بالنعمة. ولكن بما أن الإنسان أخفق في أن يصير إلهاً، كما قال اللاهوتي الحكيم، فإن الله نفسه صار إنساناً بالكامل ليعيد، بوساطة ما اتّخذ، خَلق ما سبق أن أعطانا، وأن يمحو، بالكامل، إدانة الخطيئة ويبيد، بذاك الذي اُميت، مَن له سلطان الموت… فإن الكلمة كان هو الإلهَ، منذ البدء، وخالق العالم وفوق الزمن وفوق الألم وفوق اللحم. فلما تجرّح الإنسان بشجرة المعرفة، كما ضرب الحسدُ طبيعتنا برمّتها، وتسنّى أسرُها وإخضاعُها للدينونة، وُلِد الإله الكلمة فيما بيننا متوخّياً سحقَ عجرفة الحسد وترميمَ إيقونته الملطّخة، إذ حُبل به من عذراء نقيّة وتردّد بين الناس كإله، كله إله وكله إنسان، ليخلّص الإنسان كله. إن الطبيعة البشريّة وقد حُرمت بالخطيئة من الألوهة والقداسة، تألّهت وتقدّست بالإله المتجسّد بالذات. بتعبير القدّيس أمبروسيوس الكلمة صار إنساناً ليصير الإنسان إلهاً. فإن ابن الله تنازل، وهو الذي لا طاقة للإنسان على احتمال ملئه، ليسكب نفسه في الإنسان بقدْر ما للإنسان من طاقة على استيعابه. في التعليم الإلهي للقدّيس مكسيموس المعترف أن الإله الكلمة، بتجسّده، أعطى الطبيعة البشريّة عطيّة تألّهه. فتجسّدُ الله جعل الإنسان إلهاً بنفس القدر الذي صار فيه الإله إنساناً. لأنه من البداهة القول أن ذاك الذي صار إنساناً، وهو بلا خطيئة، قد ألّه الطبيعة البشريّة دون أن يخسر من ألوهته شيئاً، وأنه رفع الإنسان، بوساطة نفسه، بمقدار ما حطّ نفسه من أجل الإنسان. إن الكنيسة، بنظرتها الشاروبيمية الثاقبة، رأت في تجسّد الإله الكلمة تأليه الطبيعة البشريّة، وفي هذا التأليه خلاصَ الطبيعة البشريّة وهي تُبرز هذا الأمر، بخاصة، في إدراكها بلا غباشة، لولادة الله في الجسد، وهي في عيد الميلاد تنشد، بقوّة وإلهام، مديح الخبر السار هذا، مديحاً وتمجيداً لذاك الذي وُلد على الأرض ويؤلّه طبيعة الأرضيين. فإن الرب المسيح، بولادته من العذراء، يحمل إلى الناس “كنز التألّه”. الله يتراءى للناس آتياً من العذراء، حاملاً شِبْهنا ومؤلِّهاً بشرتنا. وهو، إذ افتقر بكليّته من أجلنا، ألّه الإنسان باتّحاده بالإنسان ومساهمته له. إن تأليه الطبيعة البشريّة وإستردادها إلى التمامية التي خلقها الله عليها، وإلى عافيتها وجمالها وقواها، هو مآل تجسّد الإله الكلمة محبّةً بالإنسان. فإنه يولد كاملاً، كما تبدي الكنيسة في حكمتها الفائقة، في خدمة عيد الميلاد اللاهوتية، وذاك الذي بداءة له يرتضي أن يبدأ من العذراء وصولاً إلى تأليه الإنسان. العذراء تلد خالق الطبيعة في مزود، فيما يأخذ هو منها البشرة، على نحو يفوق الوصف، لكي يؤلّه البشريّة. فإن الإله الكلمة إذ اقتبل بشرتنا افتقر ليكون للناس أن يشتركوا في الألوهة. وبطريقة تسمو على كل فكر وقول، صار الإله إنساناً ليؤلّه الطبيعة البشريّة. فإن البشر، وهم الكائنات المائتة، يتألّهون بميلاد المسيح من العذراء القدّيسة. في ولادة الرب عينها من العذراء القدّيسة، تحقّق تأليهُ الطبيعة البشريّة وتحريرُها من الخطيئة على نحو سرّي إلهي. فإن الرب، لما تجسّد واتّخذ هيئة عبد، ألّه طبيعة البشر المائتة ومجّدها بوساطة نفسه ومع ذاته. وإذ رغب في تأليه الإنسان، الذي كان قد فسُد من زمان، صار إنساناً. إن ذاك الذي وُلد من العذراء كان هو الإله، وقد وُلد من العذراء ليؤلّه البشر المائتين. فإننا نحن نتألّه بوساطة والدة الإله لأنها ولدت، في الجسد، الإله الكلمة. فقط والدةُ الإله ألّهت الناس من حيث إنها ولدت الكلمة المتجسّد. إن لكل ما ينتمي إلى الحياة الإلهية الإنسانية للرب المسيح قوةً خالقة تُصلح قصور الطبيعة البشريّة، بصورة خفيّة، وتمدّها نحو الكمال جاعلة من الإنسان إلهاً بالنعمة. فإن الإله الكلمة، المحب البشر، صار إنساناً وصُلب ليصير الإنسان إلهاً. إن الصلاح الذي لا حدّ له للإله ينعكس في قصده الإلهي أن يجعل من الإنسان إلهاً بالنعمة بتأنّسه. فإنه لما رغب الإله الكلمة في تأليه الإنسان برمّته، اتّحد، بكليّته، بالعذراء بكليّتها، فنجم عن ذلك سرّ يفوق العقل: العذراء تلد وتلبث عذراء والله يتراءى في الجسد. الله يصير إنساناً ابتغاء تأليه البشريّة. باشتراك الإله الكلمة بالطبيعة البشريّة أعطى الإنسانَ ألوهته. بظهوره إنساناً بلا خطيئة، نقّى المِثل بمثله. ليس لتجسّد الإله الكلمة سوى هدف واحد هو تأليه الإنسان. في هذا يقوم التدبير الإلهي الإنساني للخلاص بالكامل في أن الله تجسّد وصار إنساناً ليؤلِّهنا. فبطاقة التأليه، كل الطبيعة البشريّة محتواة، بشكل سرّي خفي، في لحظة الحبل بالمخلّص في العذراء القدّيسة: المسيح يأتي ليقيم في والدة الإله القدّيسة ويؤلّه الطبيعة البشريّة بأسرها. إن الرب المسيح، بتجسّده، ألّه الإنسان كجنس مميّز من المخلوقات. إن الخطيئة قوّة تزيل القداسة والألوهة، وكلمة الله، الذي هو بلا خطيئة وقدّوس كلّه، يتّخذ الطبيعة البشريّة التي أفسدتها الخطيئة، ليقدّسها ويؤلّهها، ليقتادها إلى القداسة التي لا عيب فيها في الفردوس، ليسير بها نحو الإله ونحو التألّه. الإله الكلمة يتراءى للعذراء القدّيسة إنساناً كاملاً ليؤلِّه الإنسان. وإذ أعطت والدة الله بشرتها لله، بدمها العذري، ألّهت البشريّة. الله يُولد من العذراء القدّيسة ليؤلِّه الإنسان. تأليه الإنسان في الإله الصائر بشراً كامن. وفي التألّه يكمن الخلاص. لذلك سرّ الخلاص مكنون في سرّ تجسّد الإله الكلمة. القدّيس يوستينوس بوبوفيتش نقلها إلى العربية أحد رهبان عائلة الثالوث القدّوس في دوم |
||||
13 - 08 - 2016, 04:30 PM | رقم المشاركة : ( 14018 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التأله
“صار الإله إنسانا ليصير الإنسان إلها”، عبارة طالما كررها المسيحيون عن آبائهم الذين سبقوهم في الإيمان وخَبِروا الحياةَ المسيحية. أن يصير الإنسان إلها لهو الهدف الأسمى لكل من يسعى إلى بلوغ الحياة الحقيقية في يسوع المسيح. وفي هذا يقول القديس باسيليوس الكبير: “كمال المشتهى أن يصير الإنسان إلها”. فكيف يصير الإنسان إلها؟ وكيف تتحقق الألوهة في الإنسان؟ خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، أي حرّا ذا إرادة حرة. وبهذه الإرادة يستطيع الإنسان أن يختار موقعه في أن يكون مع الله أو خارجا عنه. لذلك، اذا شاء أن يصير إلها فهو قادر بنعمة الله أن يبلغ الكمال. فالإنسان يصل إلى الألوهة عندما يحقق الإنسانية الموضوعة فيه، أي عندما يصير إنسانا حقا. “فكونوا انتم كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل” (متى 5 :48)، هذه الآية الإنجيلية لا تشكل تحديا فوقيا لا قدرة للإنسان على تحقيقه، بل هي في متناول جميع الناس. لذلك، باستطاعة الإنسان أن يكون كالإله كاملا. أن يكون الإنسان إنسانا هذا هو التأله. لا بد من التأكيد على البعد الخلاصي للتأله، وهذا تم في تجسد ابن الله وفي التدبير الذي أتمه على الصليب، إذ لولا هذا العمل لما استردَّ الإنسان القوة لكي يبلغ إلى المثال الذي دعاه إليه الله منذ بدء الخليقة. بالنسبة إلى القديس أثناسيوس الكبير (وآباء القرن الرابع الذين حاربوا الهرطقة الآريوسية) يشكل تأله الإنسان حجة رئيسية لألوهة المسيح والروح القدس فيما بعد. يقول القديس أثناسيوس: “لو لم يكن الابن إلها بالحقيقة لما كان الإنسان قابلا التأله. لو لم يكن الذي تجسد هو كلمة الله الحقيقي لما اقترب الإنسان من الله. لو أن الذي صار إنسانا لم يكن خارجا من الآب بالطبيعة ولو لم يكن كلمتَهُ لما صار الإنسان إلها. اتحدت الطبيعة الإنسانية بالطبيعة الإلهية لكي تنال الثانية الخلاص والتأله” (مقالة ضد الآريوسيين). تجدر الإشارة إلى أن الآباء جميعا يشددون على أن الإنسان لا يستطيع بقدرته الذاتية تحقيق هذا التأله، ذلك أن التأله “نعمة” من الله. يعبّر القديس مَكسيمُس المعترف أفضل تعبير عن نتيجة تأله الإنسان بقوله: “كل ما يملكه الله، ما عدا جوهره، يَصِيره مَن يتأله بالنعمة”. ويؤكد الآباء بصورة دائمة على أن نعمة الله لا تعطى جزئيا، بل كاملة. لا ينال الإنسان المتأله جزءا من الله أو بعضا منه، بل الله كاملا. ولا يعني التأله ذوبان الطبيعة الإنسانية واختفاءها، بل يعني تحقيق هذه الإنسانية وبلوغها إلى هدفها الذي من أجله خلقها الله. أن يصير الإنسان كل ما هو الله ما خلا جوهره، يوضحه القديس يوحنا الدمشقي بقوله: “بالنعمة يصير الإنسان ما هو المسيح بالطبيعة”. إذاً، يصير الإنسان بالنعمة ابنا لله في ابنه الوحيد بالطبيعة، يصير الإنسان بالنعمة وليس بالجوهر إلها وابنا لله. يقول مِثوديوس الأُولمبي: “لم يأتِ المسيح ليغيّر الطبيعة الإنسانية أو ليحوّلها، ولكنه أتى ليُعيد هذه الطبيعة إلى حالتها ما قبل السقوط، أي إلى عدم الموت”. التأله هو ترميم للطبيعة الإنسانية التي سقطت بمشيئتها الحرة. لقد خلق اللهُ الإنسان صالحا، والإنسان بقرار حُرٍّ منه اختار أن يبتعد عن الله. لذلك يربط القديس مكسيمُس المعترف الخلاصَ بإرادة الإنسان المخلَّصة بيسوع المسيح: “عندما استمع آدم إلى صوت المجرِّب وأكل من الشجرة بمشيئته، كانت المشيئة الإنسانية أول ما سقط في الإنسان. فلو لم يتخذ الكلمةُ المتجسدُ المشيئةَ الإنسانية كما يزعم أصحاب المشيئة الواحدة (الإلهية)، لبقيتُ خاضعا للخطيئة، ذلك لأن ما لم يتخذه ابن الله لا يخلص”. إذا كان السقوط نتيجةً لانحراف المشيئة الإنسانية باختيارها الشرَّ، فإن الخلاص قد أُتيح بسبب اتخاذ ابن الله المشيئة الإنسانية كاملة ليفديها وينقذها من الضلال. الإنسانية المتألهة ليست سوى الإنسانية الحقيقية التي وصلت إلى مبتغاها الأصلي الذي من أجله خُلقت. هذه الإنسانية الجديدة هي إنسانية يسوع الكلمة المتجسد التي تحتوي، على حد قول مكسيمُس العظيم، الإنسان الجديد. لقد حقق المسيح كإنسان تام بإرادة إنسانية ما رسمه الله للإنسان الأول، وصار في ميزات حياته كإنسان نموذجا للإنسان المتأله، ففتح لنا الطريق لكي نبلغ به الحياة الأبدية. يقول القديس نقولا كاباسيلاس إن غاية الإنسان هي الحياة في المسيح، أي الاتحاد به. وهذا غير متاح إلا بالأسرار التي تقيمها الكنيسة: في المعمودية يصير الإنسان جديدا، في سر الميرون المقدس ينال مواهب الروح القدس، وفي سر الشكر (القداس) يتحد اتحادا عضويا بربه يسوع المسيح… الأسرار توفّر لنا منذ اليوم الاشتراك في الحياة الإلهية. رحلتنا إلى التأله تبدأ في هذه الحياة الدنيا، الإنسان التأله ليس مشروعا مستقبليا بل هو مشروع افتُتح، ولم يفت الأوان بعد |
||||
13 - 08 - 2016, 04:36 PM | رقم المشاركة : ( 14019 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا لطيف
قد تسمعها من إنسان تزعجه أخبار الحوادث، وتؤذيه صدمات الظروف، توقَّف عن قراءة الصحف وانصرف عن مشاهدة الميديا، كلما سمع عن ابنة تيّتمت، أو زوجة ترملَّت، أو أسرة تحطّمت، يتمتم على الفور: ألطف يا لطيف!! أو قد تسمعها من ركاب “غلابة” متراصين، يقودهم سائق أهوج وهم مترنحين، يتمايلون مع قيادته المتعرجة، ويتأففون من مزحاته المتتالية، يجلسون مستسلمين لمصيرهم، ويحلمون بنهاية مسيرهم، ويقولون: استر يا لطيف!! يا لطيف و الحيرة لا شك أن من يتابع نشرات الأخبار وبرامج التوك شو في أيامنا الحالية، يدرك بشدة كم يحتاج البشر إلى رحمة الله ولطفه عليهم في هذه الأيام الصعبة؛ فما أكثر المآسي، وما أصعب المشاكل، فهناك بلاد تُدمَّر، وأهالي تُهجَر، وأصبح الشيطان يمارس هوايته في هلاك النفوس، ويتلذذ عندما يرى أطفالاً يلعبون الكرة بالرؤوس!! والحقيقة أنني كلما سمعت عظات عن لطف الله، كلما أصابتني حيرة كبيرة، فأنا لا أفهم كثيرًا المعنى الدقيق له، صحيح أننا سمعنا عن نعمة الله (التي تعطي كل خير لنا)، وعن رحمة الله (التي تمنع كل شر عنا)، وصحيح أننا نستطيع تعريف الإنسان اللطيف، أنه “الحبّوب” في أخلاقه، والمجامل لغيره، و”الكيوت” في صوره، ولكننا أمام لطف الله سنعجز عن التعريف. ومن يقرأ المواضع التي ذكرت فيها لطف الله في الكتاب المقدس، فستتضاعف عنده هذه الحيرة، لأن في أغلبها نجدها مرتبطة بالتوبة المطلوبة من الإنسان، ومنها مثلاً الآية الشهيرة عن لطف الله في رسالة رومية «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟» (رومية2: 4)، وهذا أمر عجيب!! فأنا أفهم أن لطف الله إنما يقودني إلى التسيُّب والتساهل، فكم قرأنا عن قادة عابهم اللطف واليد المرتعشة، وكم سمعنا عن أباء دمَّروا أبنائهم باللطف والتدليل، وبالتالي أصبح ضلعي الحيرة هما سؤالين؛ الأول: ما هو معنى لطف الله؟ والثاني: كيف يقودني لطف الله للتوبة؟!! يا لطيف والإجابة والحقيقة أن إجابة السؤالين السابقين، نجدها في الترتيب البديع التي جاءت فيه الآية موضوع تأملنا، ولهذا علينا أن نقرأ الآية في سياقها (مع الآية التي تسبقها، والآية التي تليها) هكذا: «أَفَتَظُنُّ هذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا، أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ الله. أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (رومية2: 3-5). ففي هذا الجزء كان يتحدث بولس الرسول لا عن أشرار فُجّار يفعلون الشر علانية ويُسرّون به، ولا عن آكلي لحوم البشر وعابدي الأصنام، ولكنه يتحدث عن أشرار “مؤدَّبين” لا يفعلون الشر مثل باقي “الغجر”، بل ويشمتون في العقاب الذي يوقعه الله على غيرهم، ظنًا منهم أنهم يستطيعون الهروب من دينونة الله العادلة ومن قصاصه المستحق، فهم من جهة يفرحون أن الله يعاقب غيرهم، باعتباره الجبار المخيف، ويظنون أن الله “طنش” أو “فوت” على خطاياهم باعتباره اللطيف!! وهنا كان على بولس أن يشرح لهم معنى لطف الله، ويقول لهم: إن صبر الله وتمهُّله عليهم، وتأجيله للغضب والدينونة على شرورهم، ليس لأنهم أفضل من غيرهم، ولكن لأن الله يريد أن يعطيهم المزيد من فرص التوبة والرجوع إليه، وإذا لم يستثمروا هذه الفرص، سيقع عليهم المزيد من الغضب (الذي يذخرونه لأنفسهم)، وبالتالي ففي كل فرصة يعطيها الله لنا، وفي كل حادثة أو مصيبة تحدُث لغيرنا، يبرز منها جرس لُطف الله الذي يجب أن نُحسن سماعه، والذي يقودنا للتوبة لو لم نستسلم لمبررات القلب وخداعه!! يا لطيف والرسالة ويلاحقني في ذهني قصة حدثت مع الرب يسوع شخصيًا، توضِّح لنا هذا الأمر، عندما جاء إليه قوم يخبرونه عن مذبحة بشعة كانت على أساس ديني وطائفي، عندما خلط بيلاطس دم بعض الجليليين (بلديات المسيح) مع ذبائحهم، وأتخيَّل أن هؤلاء الناس المخبرون، كانوا يريدون إما استخراج كلمات إدانة من فم المسيح على بيلاطس أو على هؤلاء المذبوحين، أو حتى كلمات رثاء وتعزية لعائلاتهم المكلومين. ولكن فوجئ الجميع، بأن المسيح لم يتكلم لا عن بيلاطس، ولا عن الجليليين، ولكنه توجه بالحديث للقوم أنفسهم، وقال لهم: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟ كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ» (لوقا13: 2،3)، وهنا كل العجب!! فالمسيح كان متألم جدًا لهذه الجريمة البشعة والدليل أنه استخدم كلمة “كابدوا مثل هذا”. ولكن ما قد يهمه في المقام الأول، هو الرسالة التي يريد توصيلها للسامعين، والتي تتلخَّص في أن هذه الحوادث والكوارث لغيركم، ليست لأنهم خطاة أكثر منكم، ولا لأن الله غافل عن عقابكم، ولكن لأن الله عنده صبر وطول أناة ولطف يريد أن يقودكم للتوبة من خلاله، وعليكم أن تستفيدوا من لطف الله معكم، بدل أن تتهموه بأنه غير عادل وغير صالح مع غيركم!! والرسالة المرعبة متواصلة لي ولك - عزيزي القارئ – فللأسف، كثيرًا ونحن نتابع أخبار المسيحيين المشرَّدين من بلادهم، والمضطهّدين في ديارهم، نظن أن هذا حدث لهم، لأن كنيستهم أقل تقوى ومؤمنيهم أقل صلاة، وكثيرًا ما نسمع عن حادثة تحدث لقريب أو نسيب، ونفسرها على أنها بسبب خطيته الكبيرة، أو بوقوعه تحت تأديب يد الله القديرة، وهكذا فإننا نخطئ ترجمة رسائل الله “اللطيفة” لنا، ونهتم فقط برسائله لغيرنا، ولهذا علينا أن نتحذر من كلمات الرسول بولس في ذات رسالة رومية «فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامَتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتَّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ» (رومية11: 22)، فمن يرفض أناة الله، ويسيء ترجمة لطفه، فسيأتي عليه وقت ليقابل غضب الله، وتسقط عليه صرامته!! سامحني لاني عليك اتقسّيت، ونسيت إنك الله القدوس النور ووزعت على الناس إداناتي، من غير لا إحم ولا دستور وترجمت بمزاجي كلمة “يا لطيف” وسُقت في غباوتي بشكل عنيف وخبيت عن عيني غضبك المخيف راجع لك من جديد، بعد ما كشفت المستخبي والمستور تردني نفسي تاني لحضنك، فيرجع يغمرها السرور |
||||
13 - 08 - 2016, 04:39 PM | رقم المشاركة : ( 14020 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فُرِجَت (2)
رأينا في العدد السابق، روعة وغزارة المعاني في كلمة “فُرِجَت”، وعلمنا أن ما يضمن لنا أن كل ضيقة يعقبها فرج، وكل مشكلة يتبعها حل، هو أن الله القدير المحب يتحكَّم في درجة الضيق وفي زمن الضيق، ولهذا فللشاعر الحق أن يقول: ضاقت ولما استحكمت حلقاتها “فُرجت”، وكنت أظنها لا تُفرج وفي هذا العدد نستكمل هذا الموضوع الهام، لنعرف أمرًا هامًا عن الضيق كثيرًا ما أخفاه إبليس، وخطرًا رهيبًا وقت الفرج علينا أن نحذره ونتفاداه. “فُرجت” والإخفاء نجح إبليس - للأسف - في أن يُصدِّر صورة ذهنية لعقولنا، بأن الله يكون واضعًا ساقًا على ساقٍ (رِجل على رِجل) وقت مشاكلنا وضيقاتنا، وأنه يستلذ بآلامنا ويستمتع بذُلِّنا، بل وأنه يتعمد أن يعقِّد خيوط مشاكلنا لكي يمدّها أطول فترة ممكنة، والسبب - من وجهة نظر إبليس الكذاب وأبو كل كذاب – هو أن الله يفعل هذا لكي يجبرنا على استجداء رحمته، وعلى طلب تدخلاته، وعلى أن “نشحت” منه فَرَجَهُ!! وهذا بكل تأكيد عكس الحقيقة تمامًا، لأن الصورة الذهنية التي ينتجها إبليس، تخفي أهم جزء فيها، وهو مشاعر الله وقت الضيق، وهو أمر غاية في الأهمية، لأنه إذا استطاع إبليس أن يخفي هذه المشاعر، سيتمكن بسهولة من تحطيم منصات الدفاع الإيماني لنا، ووقتها ستهتز صورة الله المحب الصالح في أعيننا، وستفقد كل وعوده الوفيرة فاعليتها في حياتنا. وهذا ربما يفسِّر حالتنا، عندما نستقبل وعود الله الغالية لنا وقت الضيق، مثل كلام الله على فم أليهو «ويَقُودُكَ مِنْ وَجْهِ الضِّيقِ إِلَى رَحْبٍ لاَ حَصْرَ فِيهِ» (أيوب36: 16)، أو كلام الله على فم داود «يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ» (مزمور91: 15)، ولكن للأسف لا نستطيع إدراك معاني هذه الوعود بشكلها الكامل، ونظنها حبرًا على ورقٍ، أو مجرَّد كلام!! “فُرجت” والمشاعر والحقيقة إن من يلقي نظرة على مشاعر الله وقت الضيق؛ والتي يحاول أن يخفيها إبليس عن البشر، سيدرك بما لا يدع مجالاً للشك، أنها أبعد ما تكون عن مشاعر التجاهل أو الشماتة أو التشفي أو السلبية، حتى لو كان هذا الضيق بسبب خطإ الإنسان نفسه، والدليل في كلام إشعياء النبي الذي يصف هذه المشاعر قائلاً: «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ» (إشعياء63: 9)، وأيضًا في كلام الرب نفسه الذي جاهر بمشاعره شارحًا: «سَمْعًا سَمِعْتُ أَفْرَايِمَ يَنْتَحِبُ: أَدَّبْتَنِي فَتَأَدَّبْتُ... مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَنَّتْ أَحْشَائِي إِلَيْهِ. رَحْمَةً أَرْحَمُهُ، يَقُولُ الرَّبُّ» (إرميا31: 18، 20). وهذا أمر يثير الاستغراب، فالله لا يهتم فقط بأن ينظر إلى الضيق (العلم بالشيء)، ولا أن يخلِّص من الضيق (النتيجة النهائية)، ولكنه يتضايق ويحن ويتألم وقت الضيق، رغم أنه يعرف تمامًا طريقة وحتمية نهايته، وبالتالي فمشاعر الله معنا وقت الآلام والأزمات، ليست كما يصورها إبليس، ولكنها تكون ممزوجة بحبِّه وصلاحه الذي لا يُقدَّر، وعلى حَلِّه وفرجه الذي سيأتي ولن يتأخر. ولهذا لا نتعجب كثيرًا، عندما نجد الرب يسوع المسيح - الله الظاهر في الجسد - وهو يتألم مع الأختين، ويبكي مع المُعزّين (يوحنا11: 35)، ويتأثر بشدة نتيجة مرض ووفاة لعازر حبيبه، رغم أنه كان يدرك تمامًا أنه بعد دقائق سوف يقيمه!! فمشاعر الله وقت ضيقنا، هي الضمان لنا على أننا كما عانينا وتوجَّعنا لأنها ضاقت، فسيأتي الوقت (هنا أو في الأبدية) أن نستمتع بروعة أنها “فُرجت”. “فُرجت” والخطر وهنا نأتي للفكرة الأخيرة، وهي الخطر الذي نكون معرضين له أوقات الراحة والفرج، والذي يكمن في أن الإنسان يكون قريبًا جدًا من الله وقت الضيق، ويفكِّر ألف مرة قبل أي خطوة عصيان أو تمرد، ولكن حين يأتي الفرج، وتُحَلّ المشكلة، يبدأ في فك جماح شهواته المكبوتة، ورغباته العاصية، ويُخرِج الوجه الحقيقي له، ولسان حاله مبتسمًا: هيا لفعل الخطية، فقد “فُرجت” المشكلة المستعصية!! وهذا بالضبط ما حدث مع فرعون مصر، فبعد ضربات كثيرة موجَّهة من الله القدير عليه وعلى آلهته الوهمية، وبعد أن تضايق بشدة من مزاحمة الضفادع له في بيته وملابسه ومضجعه، فإذ به يطلب من موسى وهارون أن يصليا لأجله، لكي يرفع الله عنه هذا البلاء، وبالفعل يستجيب الله الحنان الرقيق «فَفَعَلَ الرَّبُّ كَقَوْلِ مُوسَى. فَمَاتَتِ الضَّفَادِعُ مِنَ الْبُيُوتِ وَالدُّورِ وَالْحُقُولِ»، ولكن نفاجأ برد فعل فرعون الغريب بعدها: «فَلَمَّا رَأَى فِرْعَوْنُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْفَرَجُ أَغْلَظَ قَلْبَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ» (خروج8: 13، 15)، فحصول الفرج له بدلَ أن يوجِّهه إلى الشكر والامتنان، على هذا المعروف والإحسان، فإذ به يفعل العكس، ويتعمد التمرد والعصيان. وإذا كان الخطر حاضرًا مع فرعون، فإنه يتضاعف في وقتنا الحالي، فقلوبنا - أو قلبي أنا على الخصوص - ليس أقل قساوة من قلب فرعون، فنحن معشر البشر نكون أقرب ما يمكن لإلهنا وقت ضيقتنا، وتكون “هوائيات antenna” آذاننا حساسة لكل همسة إلهية، لكننا للأسف نتناساه وقت الفرج، وتكون أذهاننا عنه بعيدة وملهية!! عزيزي القارئ، كلٌ منا تذوق مشاعر الألم والحسرة والحرمان وقت الضيق، ولكن ليفتح الرب أعيننا لنتعرف على مشاعره هو وقت ضيقنا، ووقتها سيبقى لوعوده طعم رائع، وستصبح كلماته لها فاعلية مجيدة. وفي نفس الوقت علينا أن نحذر من أوقات الفرج، التي تحمل في طياتها فيروسات الكبرياء والعصيان والاستقلال عن الله، فصحيح أننا نتمنى أنها تكون “فُرجت”، ولكن لنحترس من الخطر بعد أن تكون “فُرجت”. على قد ما تذمرت من كل ضيقاتي ومن صعوبة الأحوال وعلى قد ما زهقت من الألم والشوكة اللي بتهد الجبال لكني جايلك بعد ما شفت مشاعرك ولهفتك وضماني في وعودك وأنَّاتك وحنِّيتك وباعتذر لك عن كل لوم وشك في محبتك حصَّنني من خطر البعد عنك وعيشه العصيان والاستقلال وقربني منك وقت الفرج، أكتر من وقت الضيق والأهوال |
||||