11 - 08 - 2016, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 14001 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
احذروا يا إخوتي الخُدام والخادمات
|
||||
11 - 08 - 2016, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 14002 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماذا فعلت؟ ماذا فعلت؟ هذا سؤال آخر وجّهه الله إلى قايين، كما جاء في تكوين4: 11، بعد أن قتل أخيه سرًّا ظانًا أن أحدًا لم يرَه. أريدك الآن أيها القارئ العزيز، أن تتخيل ولو للحظات أن الله ظهر لك وسألك نفس السؤال. ماذا سيكون جوابك؟ ما هو ردك إذا سؤلت الأسئلة الآتية؟ 1 - ماذا فعلت بعطايا الله لك؟ لقد أعطاك الله الصحة الجسدية والإمكانيات العقلية والمادية، فماذا فعلت بها؟ هل استخدمتها الاستخدام الصحيح؟ هل كنت أمينًا أمام الله في هذه العطايا التي منحك إياها؟ أم خدعك إبليس بطريقته الشريرة الملتوية وقادك لاستخدامها في إرضاء شهوات الجسد والعالم؟ احذر لئلا تصل حالتك إلى الوصف المكتوب في سفر حجى1: 6 «زرعتم كثيرًا ودخلتم قليلاً تأكلون وليس إلى الشبع.تشربون ولا تروون.تكتسون ولا تدفأون، والآخذ أجرة يأخذ أجرة لكيس منقوب» 2 - ماذا فعلت بحياتك الشخصية؟ هل حياتك العلنية الظاهرة متطابقة مع حياتك السرية الخفية؟ أم ينطبق عليك ما قاله الرب في سفر الرؤيا3:1 «أنا عارف أعمالك أن لك اسمًا أنك حي وأنت ميت» هل تتظاهر بحياة الإيمان علانية؟ أي هل تهتم بحضور بعض الاجتماعات؟ هل تشارك في بعض الخدمات الكنسية؟ هل تستخدم بعض العبارات الروحية الشائعة؟ لكن ماذا عن حياتك الخاصة بعيدًا عن الأعين؟ هل الله له مكان حقيقي في داخل قلبك؟ لقد صرخ يوسف قديمًا عندما عُرضت عليه الشهوة الدنسة بعيدًا عن الأعين «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» (تكوبن39: 9).استمع إلى تحذير الله قديمًا في مزمور 50: 16-21«ما لك تحدِّث بفرائضي وتحمل عهدي علي فمك وأنت قد أبغضت التأديب وألقيت كلامي خلفك. إذا رأيت سارقًا وافقته ومع الزناة نصيبك. أطلقت فمك بالشر ولسانك يخترع غشًا تجلس تتكلم على أخيك لابن أمك تضع معثرة. هذه صنعت وسكت.ظننت أنى مثلك، أوبخك وأصف خطاياك أمام عينيك» 3 - ماذا فعلت بوقتك؟ ألا تلاحظ معي أن الوقت يمضى سريعًا؟ يقول كاتب رسالة يعقوب «لأنه ما هي حياتكم. إنها بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل» (يعقوب 4: 14). ماذا فعلت بأيامك ونسينك الماضية؟ هل كنت أمينًا في وقتك أمام الله؟ إن الرب آت سريعًا، وسوف ينتهى الزمن، فاستمع لقول الكتاب في رسالة رومية13 : 11 «إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار» 4 - ماذا فعلت بأخيك؟ هل كنت سبب بركة وتشجيع لأخيك؟ هل كنت الواسطة التي استخدمها الله لإنقاذ نفس من الهلاك؟ هل قُدت إنسانًا هالكًا إلى المسيح فتمتع بالسعادة والخلاص الأبدي؟ أم أقولها بقلب حزين: هل كنت سببًا في معثرة الآخرين؟ هل استخدمك إبليس للإيقاع بشخص ما؟ تذكّر ما قاله الرب يسوع في إنجيل لوقا17: 1 «ويل للذي تأتى بواسطته (العثرات) خير له لو طوّق عنقه بحجر رحى وطـُرح في البحر، من أن يُعثر أحد هؤلاء الصغار» ومن الجهة الأخرى ما قاله الله لإبراهيم في تكوين12: 2 «أباركك وتكون بركة .وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض» 5 - ماذا فعلت بيسوع؟ عندما وقف الرب يسوع يُحاكم من بيلاطس الوالي، سأل بيلاطس الرؤساء والجموع قائلاً «ماذا أفعل بيسوع الذى يُدعى المسيح؟»، هل تعرف ماذا كان ردهم؟ «قال له الجميع ليُصلب» ربما تقول يا لهم من أُناس أشرار قساة ظالمين. لكن ماذا عنك أنت؟ هل له المكان الصحيح في حياتك؟ هل حياتك تشهد بأنه رب وسيد لك؟ هل أنت على استعداد لاتباعه مهما كلفك الأمر؟ إن دعوته واضحة تمامًا «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني» (لوقا 9: 13). لماذا لا تُراجع نفسك الآن وتقوم راجعًا إليه هاتفًا من كل قلبك : سيدى ماذا تريد اهدن حيث تريد إنني لست أريــد غير فعل ما تريد |
||||
11 - 08 - 2016, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 14003 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم تواظب على الصلاة كانت المطوبة مريم واقفة عند صليب الرب يسوع حتى سمعت من فمه هذه العبارة: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ» (يوحنا19: 26). فأخذها يوحنا الحبيب إلى بيته ليهتم بها كأمه، وبذلك فالأرجح أنها لم تشاهد لحظة موت المسيح - عندما نكس الرأس وأسلم الروح - ولا إنزاله من على الصليب، ثم تكفينه ودفنه في قبر يوسف الذي من الرامة، الذي كان قد نحته في الصخر، ولا نجدها عند القبر في صباح يوم القيامة. ونظرًا لأنها كانت مرافقة ليوحنا الحبيب وبقية التلاميذ، فبالتأكيد رأت الرب يسوع بعد قيامته مع التلاميذ: «اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ» (أعمال1: 3). أوصى الرب تلاميذه قبل صعوده إلى السماء أن «يُقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ يُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي» (لوقا24: 49)، حيث كانوا ينتظرون موعد الآب أي الروح القدس، لذلك بعد صعوده إلى السماء، «رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ... وَلَمَّا دَخَلُوا صَعِدُوا إِلَى الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا... هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ» (أعمال1: 12–14). إجتماع صلاة رائع من مجموعة مختلطة من الرجال والنساء، رُسل المسيح وأشخاص عاديون، إخوة الرب وأم يسوع، حيث كانوا يشعرون بضعفهم وحاجتهم للإتكال على الله، ليستمدوا المعونه منه. استمروا يُصلون معًا بمواظبة، ويقيمون معًا، حتى يوم الخمسين – يوم نزول الروح القدس من السماء، لقد خصَّصوا وقتًا هامًا من اليوم لاجتماع الصلاة هذا، حيث كانت صلواتهم بحرارة ولجاجة، وأيضًا يتشجعون من الوجود معًا، ويفرحون معًا بالرب. صعدوا إلى العلية: تعبير جميل، لكي نصلي نحتاج نحن أيضًا أن نصعد لأعلى، أي نترك مشاغل الحياة وإرتباكاتها ونختلي بالرب فقط، قال الرب يسوع: «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى6:6). العُلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا يُقِيمُونَ فِيهَا: العُلية مكان متسع في الطابق العلوي، وعلى الأرجح هي التي إجتمع فيها الرب مع تلاميذه في الليلة التي أُسلم فيها، وصنع فيها عشاء الفصح الأخير، ثم عشاء الرب قبل ذهابه للصليب مباشرة (لوقا22: 12)، وهى التي ظهر فيها الرب لهم بعد قيامته من الأموات (يوحنا20: 19). إخوة الرب هم: يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا (متى13: 55)، وهم لم يؤمنوا به أثناء حياته (يوحنا7: 5)، لكنهم آمنوا بعد قيامته من الأموات، وظهر الرب بعد قيامته ليعقوب (1كو15: 7). كانت النساء في إجتماع الصلاة، ولم تذُكر أسمائهن، ولكن الوحيدة التي ذُكرت بالاسم هي مريم أم يسوع، وهي المرة الوحيدة والأخيرة التي ذُكرت في الكتاب بعد صعود الرب إلى السماء، ولم يأتِ ذِكر المطوَّبة مريم في رسائل العهد الجديد، لكن أُشير إليها تلميحًا في غلاطية4:4. وعلى الأرجح أن النساء اللواتي كُنّ في هذا الإحتماع هم: مريم المجدلية، مريم زوجة كلوبا، مريم أخت لعازر، مرثا، سالومة، يونَا، سوسنة، بعض زوجات الرسل (1كورنثوس9: 5). إن كان الرسل وإخوة الرب والنساء وأم يسوع يُواظبون على الصلاة بنفس واحدة، قبل مجيء الروح القدس من السماء، فكم بالحري نحتاج نحن للصلاة كثيرًا قبل مجيء الرب يسوع من السماء لإختطافنا، «وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ» (1بطرس4: 7). كانوا يُصلون لعدة أسباب: أولاً: وجود خطر عليهم من اليهود الأشرار، حيث هم قلة قليلة وسط أغلبية يهودية ترفض المسيح. ثانيًا: تهيئة قلوبهم لإستقبال عطية الروح القدس. ثالثًا: هناك عمل هم مكلَّفون به من الرب وهو إرساليتهم للكرازة بالإنجيل للعالم أجمع (مرقس16: 15). بضرورة الصلاة (متى7: 7؛ 26: 41؛ لوقا18: 1).رابعًا: أوصاهم الرب كثيرا كانت المطوبة مريم مثلهم تشعر بحاجتها للصلاة، وتنتظر معهم عطية الروح القدس، كانت إناءً مختارًا لولادة المسيح في العالم، وأصبحت بعد ذلك من أتباعه وتلاميذه المتضعين. كانوا يُصلون بنفس واحدة، إعلان عن وحدتهم معًا، وتكرَّرت عبارة «بنفس واحدة» في سفر أعمال الرسل 7 مرات بالإرتباط بالمؤمنين (أعمال1: 14؛ 2: 1، 46؛ 4: 24؛ 5: 12؛ 8: 6؛ 15: 25)، وهذا يأتي عندما يكون لنا قلب واحد على أمور الله، ونستبعد أي أمور شخصية أو جسدية، «مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ» (أفسس4: 3). نلاحظ أن الرب صلى كثيرًا قبل إختيار الرسل وإرسالهم (لوقا6: 12؛ يوحنا17: 9، 15)، أما الآن فهم يقضون أوقاتًا في الصلاة من أجل أنفسهم. ليعطنا الرب جميعًا أن نكون رجال صلاة، ونواظب عليها، لأن الصلاة مفتاح البركة لأي عمل روحي، ونثق أن إلهنا يسمع صلواتنا، ويستجيب، وأن نكون دائمًا بنفس واحدة، ومشاعر واحدة، وفكرًا واحدًا. |
||||
11 - 08 - 2016, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 14004 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم واقفة عند الصليب يجوز في نفسها السيف تألمت المطوبة مريم كثيرًا في حياتها، لكن أقسى هذه الالام وأفظعها كانت وقت أحداث الصليب، سواء أثناء محاكمته أو جلده أو صلبه، حيث ظهر شر الإنسان بفظاعته، وبغضته الشديده لابن الله، وأيضًا تركه التلاميذ كلهم وهربوا، لكن الروح القدس يذكر موقف بطولي لبعض النساء منهم أمه المتألمة، كما هو مكتوب: «كانَتْ وَاقِفَاتٍ عِنْدَ صَلِيبِ يَسُوعَ: أُمُّهُ، وَأُخْتُ أُمِّهِ، مَرْيَمُ زَوْجَةُ كِلُوبَا، وَمَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ» (يوحنا19: 25). كان عند الصليب أربعة من العسكر ينفِّذون عملية صَلب المسيح بكل قسوة، لكن كان أيضًا أربع نساء مكرَّسات مُخلِصات، أظهرن الشفقة والمحبة والعطف، وبالتأكيد كُنَّ سبب تشجيع له، تبارك اسمه، وسط شر الأشرار وتعيرهم له. قال أحدهم: “كانت أم المصلوب هي الأم المثالية لكل الأجيال ولكل الأجناس، حيث اعلنت وفائها ومحبتها لابنها، بالرغم من تخاذل محبيه وتلاميذه، وأصرت أن تكون قريبة منه في أشد ساعات ألمه”. تألمت المطوبة مريم آلامًا متعددة: 1- من خيانة يهوذا الإسخريوطي، وإنكار بطرس، وترك التلاميذ له. 2- عندما قبضوا عليه في البستان وأوثقوه ومضوا به إلى المحاكمة. 3- من المحاكمات العديدة، فوقف ست مرات ليُحاكَم: ثلاث محاكمات دينية بالليل (أمام حنان، ثم قيافا، ثم مجمع السنهدريم)، وثلاث محاكمات أخرى مدنية في الصبح (أمام بيلاطس، ثم هيرودس، ثم بيلاطس ثانية). 4- من الاتهامات الباطلة التي قُدِّمت ضده أثناء المحاكمة، مثل أنه: يُفسد الأمة... يمنع أن تعطى جزية لقيصر، يُهيج الشعب (لوقا23: 2، 5)، فاعل شر (يوحنا18: 30). 5- من جحود الشعب ناكر الجميل، فالمسيح صنع بينهم آلاف المعجزات، لكن عندما أجرى بيلاطس استفتاءً، فاختاروا باراباس ليُطلق ويسوع ليُصلَب (متى27: 17-22). شيء غريب! القاتل اللص يُطلق حرًا، والقدوس البار يُصلب. لم تكن هناك رقة بل قسوة، لم يكن هناك معزين بل مستهزئين. 6- عندما أمر بيلاطس بصلبه، فالصليب يُعتبر من أقسى وأعنف الأساليب الرومانية في معاقبة المجرمين. 7- عندما جمعوا عليه كل الكتيبة، وتبادلوا الضرب واللكم والبصق. 8- أثناء جلده بتلك الجلدات القاسية التي مزَّقت ظهره، حتى صار مثل الحقل الذي حُرث بالمحراث (مزمور129: 3). 9- وهي تراه يحمل الصليب، والشوك على رأسه، وهو في طريقه إلى الجلجثة. 10- وهم يدقُّون المسامير في يديه ورجليه، وتتمزق الشرايين والأوردة ويخرج الدم بغزارة. 11- وهي تراه معلَّقًا بين اثنين من المذنبين. 12- وهي تسمع تعيير المعيرين، والْمُجْتَازُونَ يُجَدِّفُونَ عَلَيْهِ وَهُمْ يَهُزُّونَ رُؤُوسَهُمْ. 13- عندما مات هذه الميتة البشعة، معلَّقًا على خشبة، وتَعلم من الناموس أن: «الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ» (تثنية21: 22). 14- وهي ترى آمالها قد تحطمت، فهذا الذي قال عنه الملاك: «هذَا يَكُونُ عَظِيمًا... وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» (لوقا1: 32)، ولكنها تراه يموت. تخيل معي: أمًّا وهي ترى ابنها الغالي على قلبها يموت أمام عينيها، معلَّقًا على الصليب، عاريًا، متألِّمًا، مُهانًا. الشوك على رأسه، والمسامير في يديه ورجليه، والدم ينزف من كل جسده الكريم. تقف عاجزة عن فعل أي شيء، لكن تنظر إليه فقط، والألم يعتصر في قلبها. سمعت من سمعان البار، من أكثر من ثلاثة وثلاثون سنة، عبارة غريبة، وربما لم تفهم معناها في ذلك الوقت، وهي: «وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ» (لوقا2: 35)، وجاء الوقت الذي فيه تحقَّقت هذه النبوة، فاجتاز في نفسها سيف الألم والحزن المفرط. كانت تنظر إليه متألِّمه، وهو ينظر إليها مُشفقًا، إنها لغة العيون التي هي أبلغ وأعمق من لغة اللسان. كانت واقفة، وكان هو مُعلَّقًا. كانت صامتة لا تتكلم، لكنه هو الذي تكلم إليها، قائلاً لها:«يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». هل تعلم ماذا فعل أصحاب أيوب الثلاثة عندما أتوا ليروه في بليته ليرثوا له ويعزوه؟ يقول الكتاب: «رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا، وَمَزَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ جُبَّتَهُ، وَذَرَّوْا تُرَابًا فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَال، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ» (أيوب2: 12، 13). لكن المطوَّبة مريم كانت واقفة بشجاعة وصمود وثبات مدهش، بالرغم من ضعفها كامرأة. لا نقرأ أنها كانت تبكي، أو تصرخ، أو تلطم، أو تسقط على الأرض، بالرغم من قلبها الدامي والمجروح. بالتأكيد أخذت معونة إلهية خاصة، من أبو الرأفة وإله كل تعزية. كانت الجموع تستهزأ بالمسيح، واللصان يعيرانه، والجنود يقتسمون ثيابه، وهو ينزف الدماء، لكن لَمَّا رَأَى أُمَّهُ، وَالتِّلْمِيذَ الَّذِي كَانَ يُحِبُّهُ وَاقِفًا، قَالَ لأُمِّهِ: «يَا امْرَأَةُ، هُوَذَا ابْنُكِ». ثُمَّ قَالَ لِلتِّلْمِيذِ:«هُوَذَا أُمُّكَ» (يوحنا19: 26، 27). إنه إكرام الابن لأمه (خروج20: 12)، وأيضًا المدبر الذي يرتب كل شيء، فالمسيح لم يترك لأمه أي شيء قبل موته - لا فضة ولا ذهب - لكي ترثه، لكنه كلَّف يوحنا الحبيب بالعناية بها، وهذا فيه كل الكفاية، فإنها ستجد مكانًا لتسكن وتعيش فيه، ولأن يوحنا هو الوحيد من التلاميذ الذي رجع إلى الصليب بعد هروب كل التلاميذ، فلذلك هو الوحيد الذي نال شرف الاهتمام بها كأمه، والرب بهذا التكليف له أعلن عن ثقته فيه، وعلى الأرجح أن وسائل المعيشة كانت متوفرة لدى يوحنا (مرقس1: 20؛ يوحنا18: 15). صنع الرب يسوع مثالاً للأبناء لكي يهتموا بوالديهم ويكرموهم. «وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ» (يوحنا19: 27)، كانت محتاجة لرعاية رجل يتولى الاهتمام بها، فذهبت معه ومكثت عنده، فكان هو ابن لها، وهي أم له. أخي.. أختي.. ليتنا نتعلم من المطوبة مريم الوفاء والثبات. ولنستمع للمسيح وهو ما زال يؤكد على قانون المحبة ويقول لنا: «هُوَذَا ابْنُكِ» أو «هُوَذَا أُمُّكَ». |
||||
11 - 08 - 2016, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 14005 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم في عرس قانا الجليل كان للمطوبة مريم علاقات طيبة مع الأقرباء والمعارف والجيران، ولذلك عندما كان حفل زفاف في قانا الجليل، نجدها هناك مشاركةً، حيث يذكر الكتاب: «وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ» (يوحنا2: 1). كان حضورها مؤثِّرًا، فلقد جاءت لتقدِّم المساعدة في هذا اليوم الطيب الذي فيه عائلة العريس عليها مسؤوليات كثيرة. ينفرد يوحنا بذكر حادثتين مرتبطتين بالمطوبة مريم لم تُذكرا في الأناجيل الأخرى وهما: حضورها في عرس قانا الجليل، ووقوفها عند الصليب (يوحنا2: 2؛ 19: 25)، المرة الأولى في بداية خدمة الرب على الأرض، والثانية في نهاية حياته؛ مرة مرتبطة بالفرح والأخرى مرتبطة بالحزن؛ في المرة الأولى تكلَّمت إلى الرب والخدّام، لكن في الثانية كانت صامتة من الحزن؛ لكن في كليهما تحدث الرب إليها قائلاً لها: «يا امرأة» (يوحنا2: 4؛ 19: 26). «وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ» (يوحنا2: 2) اتخذ أصحاب هذا العرس قرارًا حكيمًا بدعوتهم للمسيح لحضور هذا العُرس، وجميل أن ندعو الرب في كل مكان نذهب إليه، فوجوده معنا مرتبط بالبركة والأفراح والتعزية، وعند حدوث أي مشكلة فسوف يتدخل ويحلها. لاحظت المطوبة مريم أن الخمر قد فرغت، وهذا سيُسبِّب الحرج للعريس والعروس والعائلتين، والضيق للمدعوين، لذلك شعرت بالمسؤولية، فذهبت إلى ابنها يسوع وعرضت عليه المشكلة، إذ قالت له: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». كانت تثق أنه قادر على حل المشكلة، وتعلم أنه ابن العلي، وتؤمن بقدرته الإلهيه، مع أنها لم ترَه يعمل معجزة من قبل. لقد سبق إيمانها إيمان التلاميذ، لأن التلاميذ آمنوا به بعد المعجزة (يوحنا2: 11). والخمر (وحرفيًا يعني عصير العنب) في الكتاب رمز الفرح (مزمور104: 15)، ولكن في هذا العُرس فرغت الخمر، أي انتهت أفراحهم، فالإنسان بدون المسيح هو إنسان حزين، لا فرح له. عندما قالت للرب: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»، يظهر وكأنها تمارس سلطانها كأم باقتراح ما يجب أن يعمله في مثل هذه الظروف، وربما أرادت لأبنها أن يُعلن ذاته ومجده للضيوف، لذلك قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ»، والتعبير: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟» هو تعبير مجازي معناه: ما هو الشيء المشترك بيني وبينك؟ والجواب هو لا شيء. لقد أخبرها من ثمانية عشر سنة: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يكُونَ فِي مَا لأَبِيه، وبالتالي هو أتى ليفعل لا إرادة البشر بل إرادة أبيه وفي توقيت الآب. نلاحظ أنه لا يقول لها يا أمي، بل «يا امرأة»، لأنه عندما يبدأ خدمته، كان لا بد أن ينفصل عن هذه العلاقة الطبيعية، لكي تكون خدمته طبقًا لمشيئة الاب. كثيرون يتعجبون لماذا ناداها «يا امرأة»؟ إن لفظ امرأة يدل على التقدير والإحترام، وهذا اللقب كان شائعًا في ذلك الوقت. «لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ» إنها ساعة إظهار مجده أمام تلاميذه والحاضرين. أدركت المطوَّبة أنه لا بد أن يفعل شيئًا ليسدِّد هذا الإحتياج، لذلك أوصت الخدام بطاعة لا تقبل الجدال، فقالت لهم: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» (يوحنا2: 5). إنها نصيحة غالية قدَّمتها للخدّام وهي مقدَّمة لنا أيضًا، أن نطيع وصاياه، وهذا ما قاله الرب يسوع لتلاميذه: «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ». وجَّهت أم يسوع نظر الخدام إليه، لأنه صاحب السلطان، وهذا ما يجب أن نفعله نحن مع كل النفوس؛ فالخاطئ محتاج إليه لكي يخلص، والمؤمن محتاج إلى إرشاده، والخدام ينتظرون توجيهاته. آخر كلمات سُجِّل أن أم يسوع نطقت بها، في الكتاب المقدس، هي: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»، بعدها صمتت منتظرة شخصه الكريم كابن الله ليعلن مجده، انتظرت حتى رأت المعجزة تتحقق بتحويل الماء إلى خمر، وبذلك كانت شاهدة لبداية الآيات التي فعلها يسوع في قانا الجليل. «وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ» (يوحنا2: 6). كان اليهود يستخدمون ماء هذه الأجران في التطهير من أي نجاسة طقسية. هذه الأجران الفارغة المصنوعة من الحجارة صورة للإنسان الطبيعي، فالإنسان بدون المسيح هو ناقص وفارغ، بدون ثمر لله وبارد، قلبه قاسٍ وبعيد عن الله. لكن عندما أتى المسيح إلى هذه الأجران قال: «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً. فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ» (يوحنا2: 7)، فتغيَّر حالها وصارت نافعة ومثمرة وممتلئة بالخمر، فالخاطئ عندما يأتي إلى المسيح فإنه يتغير ويصبح مثمرًا ونافعًا ومؤثِّرًا وقلبه ممتلئ بالفرح. الماء رمز لكلمة الله والخمر رمز للأفراح، فالخاطئ يُولد بكلمة الله (يعقوب1: 18؛ 1بطرس1: 23) ثم يفرح، والمؤمن عندما تسكن فيه كلمة المسيح بغنى فإنها تتحول في داخله إلى تعزيات، ويمتلئ بالفرح ويغني أغاني روحية (كولوسي3: 16). بعد أن حدثت المعجزة، قال الرب للخدام: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ. فَقَدَّمُوا»، على خدام المسيح أن يُحضروا الأفراح الإلهية لقلوب الآخرين عن طريق كلمة الله. «فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا» (يوحنا2: 9). رئيس المتكإ هو الشخص المسؤول عن الإشراف على إعداد سُفر الطعام والخمر، وما أن ذاق ما قُدِّم له من الخمر حتى تحقَّق أن شيئًا غير معتادٍ قد حدث. علم الخدام ما لم يعلمه رئيس المتكإ، وهو أن الماء قد تحوَّل إلى خمر، وذلك لأنهم كانوا قريبين من الرب، والذين يكونون قريبين من الرب لا بد أن يعرفوا أفكاره (مزمور25: 14). «دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ وَقَالَ لَهُ: كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!» (يوحنا2: 9، 10). نجد هنا فرقًا بين طرق الإنسان وطرق الله، مبدأ العالم أنه يقدِّم الشيء الحسن أولاً وبعد ذلك الرديء، يجذب الشباب إلى الخطية وملذاتها، ثم يقدِّم الرديء والمدمِّر لهم، فتضيع حياتهم الزمنية في الباطل ثم يهلكوا أبديًا، لكن الله يعمل العكس إذ يضع المؤمن في البرية أولاً حيت الأتعاب والآلام، ثم بعد ذلك الأمجاد في بيت الآب. أخي.. أختي.. ليتنا نتعلم من المطوبة مريم أن نشارك الآخرين في أفراحهم، وعندما تواجهنا أي مشكلة نتوجه مباشرة إلى الرب يسوع، ونثق أنه قادر على حلها، وأيضًا نشجع الآخرين على طاعة وصاياه. |
||||
11 - 08 - 2016, 05:37 PM | رقم المشاركة : ( 14006 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم واختفاء الصبي يسوع (لوقا2: 41-52) بعد رجوع يوسف والصبي يسوع وأمه من مصر إلى أرض إسرائيل سكنوا في مدينة الناصرة. «وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ. وَلَمَّا كَانَتْ لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً صَعِدُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ كَعَادَةِ الْعِيدِ»، أي ليذبحوا خروف الفصح (تثنية16: 7، 16) ويأكلوه مطبوخًا ويتذكروا عبور الدينونة عن أبكارهم على أساس رش الدم على العتبة العليا والقائمتين، ثم خروجهم من أرض العبودية مصر إلى البرية بعد عبورهم البحر الأحمر. «وَبَعْدَمَا أَكْمَلُوا الأَيَّامَ بَقِيَ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا الصَّبِيُّ يَسُوعُ فِي أُورُشَلِيمَ، وَيُوسُفُ وَأُمُّهُ لَمْ يَعْلَمَا». كان ليوسف ومريم أقرباء ومعارف وأصدقاء، وعندما انتهوا من كل شيء أخذوا الطريق إلى بوابة المدينة متجهين شَمالاً، ولم يتحقَّقا أن الصبي معهما، اعتبروا أن الأمر مُسلَّم به. لقد ظنَّاه بين الرفقة، وكان المسافرون يسيرون على قافلتين، إحداهما للنساء في المقدمة، والثانية للرجال في المؤخرة، وكان الصغار يسيرون في الوسط معًا، تارة يذهبون إلى أمهاتهم في المقدمة، وتارة أخرى إلى آبائهم في المؤخرة. انقضى اليوم الأول في العودة إلى الناصرة واقتربت القافلتان من بعض، ألتقى يوسف بمريم، وكل منهما يسأل الآخر عن الصبي، إذ حسب كل منهما أنه مع الآخر. وبقيا يومًا ثانيًا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف. «وَلَمَّا لَمْ يَجِدَاهُ رَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ يَطْلُبَانِهِ. وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَجَدَاهُ فِي الْهَيْكَلِ، جَالِسًا فِي وَسْطِ الْمُعَلِّمِينَ، يَسْمَعُهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ». تخيل معي اختفاء صبي عن والديه ثلاثة أيام! كَمّ المعاناة والانزعاج، القلق والعذاب، التعب في البحث عنه في كل مكان، الشعور بالتقصير والإهمال، ملامة الضمير، وربما سمعا لومًا من الأقرباء والمعارف. كتب رجل الله أيرونسايد خدمة بعنوان: “المسيح المفقود”، جاء فيها “لقد ظنَّا أن يسوع بين الرفقة، ولكنه لم يكن معهم. كثير من المسيحيين يظنون أن المسيح معهم، ولكنهم يكتشفون أنه ليس معهم. يظنون أنهم عندما يسلكون بحسب طقوسهم وفرائضهم أنه معهم، ولكنه غائب عنهم، ولا يتمتعون بحضوره المبارك. ولكن إذا رغبوه من قلوبهم وبحثوا عنه فإنهم يجدونه ويتمتعون بحضوره معهم. كما أنه من الممكن أن يحضر المؤمنون الاجتماعات الروحية، ويفكِّرون في كل شيء صحيح، ويُقدِّمون خدمات كتابية، لكن بالإنفصال عنه، فإنهم لا يتمتعون بحضوره”. كان الصبي يسوع في قمة الذوق الرفيع، جالسًا في وسط المعلمين يسمعهم أولاً ثم يسألهم، لم يجلس وسط المعلمين ليعلِّمهم بل ليسمعهم، ثم يسأل ويجاوب. لم يترك مكانه كصبي بل سلك بالإتضاع. «وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوهُ بُهِتُوا مِنْ فَهْمِهِ وَأَجْوِبَتِهِ»، لأن كلماته كانت مثل «تفاح من ذهب في مصوغ من فضة» (أمثال25: 11). اندهش يوسف ومريم حين وجدا الصبي يسوع في الهيكل جالسًا في وسط المعلمين الأكبر منه سنًا، واختلط في قلب أمه الألم والحيرة لفراقه، والسرور بلقائه. تكلَّمت بعواطف الأمومة وعبَّرت عن خشيتها عليه وأيضًا عذابهما وقالت له: «يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!». أعطت مريم كرامة لرجلها فذكرته قبل نفسها: «أبوك وأنا»، ولكنها نسيت أنها أمام ابن الله. كان رد الصبي يسوع لهما صاعقًا: «فَقَالَ لَهُمَا: “لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟”». وهي أول عبارة يسجلها الوحي عنه في الكتاب المقدس، حيث نفى علاقته بيوسف كأبيه بحسب ظن الناس، وأعلن عن ارتباطه بابيه السماوي وأنه جاء ليفعل إرادته بسرور، وأنه في المكان الصحيح، «في ما لأبيه» أي الهيكل الذي يمثّل حضور الله وسط شعبه، وهو بيت أبيه على الأرض في ذلك الوقت. لم يَقُل يوسف شيئًا، ولم يسجِّل لنا الكتاب أي كلمات له، بالتأكيد كان زوجًا مثاليًا للمطوَّبة مريم، وكان الأب الشرعي للصبي يسوع، وكان دائمًا يريد أن يفعل الأشياء الصحيحة (متى1: 19). اختفاء المسيح عن يوسف ومريم ثلاثة أيام تشير إلى مدة دفن المسيح واختفائه عن التلاميذ والمؤمنين ثلاثة أيام، لكن بعد القيامة ظهر لهم. كانت مريم ويوسف معذَّبين في هذه الفترة، وكان التلاميذ يبكون وينوحون. يوسف ومريم وجداه في الهيكل في وسط المعلمين، والتلاميذ رأوه في العلّية حيث جاء ووقف في وسطهم. «فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا»: كان كلام الصبي يسوع أعلى وأسمى من تفكيرهما، لقد حلق في الأعالي وتكلم مع أبيه. لم تَصِل مريم إلى المعرفة الكاملة بشأن شخصه وعمله إلا بعد موته وقيامته وصعوده إلى السماء وإرسال الروح القدس في يوم الخمسين كما على جميع المؤمنين. بالرغم من عدم فهمها للكلام الذي قاله ولكنها كانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها (لوقا2: 51). «ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا». مع أنه خالق الكون لكنه رضي أن يكون ولدًا في عائلة مُتضعة، وكم جلب السرور لأمه بطاعته وخضوعه. حُرمت مريم من المسيح ثلاثة أيام عند بقاءه في الهيكل، وحُرمت منه ثلاثة سنوات أثناء خدمته التجوالية، وحُرمت منه ثلاثة أيام عند موته ودفنه حتى قام من الأموات. أخي.. أختي.. هل لك علاقة حقيقية مع الرب يسوع أم إنك محروم منه؟ إن معرفة الرب يسوع كالمخلِّص تجعلك مغفور الإثم بدمه الذي سُفك لأجلك على الصليب. كذلك المؤمن الذي تنقطع شركته مع الرب يعيش مُعذَّبًا. عندما أخطأ داود ولم يعترف بخطيته شعر بالجفاف الروحي، لذلك قال: «لَمَّا سَكَتُّ بَلِيَتْ عِظَامِي مِنْ زَفِيرِي الْيَوْمَ كُلَّهُ، لأَنَّ يَدَكَ ثَقُلَتْ عَلَيَّ نَهَارًا وَلَيْلاً. تَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِي إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ» (مزمور32: 3، 4)، ولكن بعد اعترافه بخطيته للرب رجع له الفرح. ليتنا نكون في شركة مستمرة مع الرب، ونشتاق للوجود معه، فنقول مع المرنم: «كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. عَطِشَتْ نَفْسِي إِلَى اللهِ، إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ. مَتَى أَجِيءُ وَأَتَرَاءَى قُدَّامَ اللهِ؟» (مزمور42: 1، 2). |
||||
11 - 08 - 2016, 05:38 PM | رقم المشاركة : ( 14007 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم والمجوس عندما كان الصبي يسوع له من العمر حوالي سنتين، فوجئت أمه بمجوس (علماء في الفلك ودراسة أسرار الطبيعة) قد أتوا من بلاد بعيدة، شرق إسرائيل، يسألون عن المولود ملك اليهود، وقد أتوا بطريقة عجيبة وحكوا قصتهم المدهشة (اقرأ القصة في متى2): منذ حوالي سنتين رأوا نجمًا وهم في بلادهم في المشرق. وكان هذا النجم مختلفًا عن كل النجوم الآخرى؛ فأدركوا أن هذا النجم يُعلن عن ولادة ملك عظيم. والأرجح أنهم بحثوا في الكتب التاريخية، فعرفوا أن اليهود، الذين تشتتوا قبلاً في بلاد أشور وبابل، كانوا ينتظرون ملكهم الذي سيأتي لكي يخلِّصهم من أعدائهم ثم يملك عليهم. بحثوا في الكتب المقدسة فوجدوا نبوة بلعام التي تقول: «يَبْرُزُ كَوْكَبٌ مِنْ يَعْقُوبَ، وَيَقُومُ قَضِيبٌ مِنْ إِسْرَائِيلَ» (عدد24: 17)، والأصحاح التاسع من نبوة دانيال يعلن زمن مجيء المسيح، فتحقَّقوا أن هذا النجم يعلن عن ولادة ملك اليهود؛ المسيا. فبعد أن استعدوا للسفر، وأخذوا هدياهم التي سوف يقدِّمونها للملك، تحركوا إلى أورشليم. هناك سألوا: أين هو المولود ملك اليهود؟ فلما سمع هيرودس الملك، اضطرب وجميع أورشليم معه، ثم أخبرهم عن مكان ولادته في بيت لحم، «فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ». بالطبع عندما سمعت المطوبة مريم هذا الكلام اندهشت وتعجبت من ظهور النجم في المشرق، ثم تحرُّكه من أورشليم إلى بيت لحم، ووقوفه فوق البيت الذي فيه الصبي يسوع، لقد كان أمرًا خارقا للطبيعة. ولكن الأكثر من ذلك أنها رأت المجوس وقد خَرّوا وسجدوا له، «ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا». ربما فكرت المطوبة مريم، أنه في يوم ولادة ابنها يسوع جاء الرعاة البسطاء، ليروا الأمر الذي أخبرهم به ملاك الرب، ولكن مَرَّ على هذا الحدث حوالي سنتين، ولم يحدث أيّ أمر غير معتاد، مع أن المولود هو ابن العلي، والحَبَل تم بطريقة معجزية بالروح القدس. ولعلها تسائلت: لماذا لم يحضر الكهنة ورؤساء الشعب ليروا المسيا الذي قال عنه الملاك: «هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ»، فكانت إجابة السماء لها هي مجيء المجوس وسجودهم له. عرف الكهنة والكتبة من نبوة ميخا مكان ولادة المسيح، إلا أنهم لم يعرفوا مسيح الكتاب، دلوا الآخرين عليه أما هم فلم يذهبوا. كان المجوس، وهم من الأمم وليسوا يهودًا، يطلبون المسيح باجتهاد؛ بينما كان هيرودس يخطِّط لقتله، والكهنة والكتبة غير مبالين، والشعب في أورشليم مضطرب. والهدايا التي قدَّمها المجوس للصبي يسوع لها معانٍ رمزية جميلة: فالذهب يشير إلى مجده الإلهي، واللبان (دهن أو عطر) يشير إلى كماله الإنساني، والمر (عشبة مرة) يشير إلى آلامه الكفارية على الصليب. وأيضًا تشير إلى وظائفه الرسمية كالملك والكاهن والنبي. والله في حكمته أرسل الذهب في التوقيت المناسب ليكون نافعًا في السفر إلى مصر. انصرف المجوس في طريق أخرى إلى كورتهم، إذ أُوحي إليهم في حلم أن لا يرجعوا إلى هيرودس، وهكذا كل من يتقابل مع الرب يسوع لا بد أن يتغير وطريقه أيضًا يتغير (2كورنثوس5: 17). «ظَهَرَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ». حدث ارتباك في البيت بسبب كلام الملاك، وجمعا كل شيء ضروري للسفر بسرعة. «ثم قَامَ يوسف وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ». كان السفر شاقًا وخطرًا، ولا سيما ليلاً، فوسيلة المواصلات كانت هي الدواب أو سيرًا على الأقدام أيامًا كثيرة، وعند غروب الشمس كان المبيت على جانب الطريق حيث اللصوص والحيوانات المفترسة. لكن عين الله الساهرة كانت على هذه العائلة المسافرة تحفظ وتصون. ظلوا في مصر فترة غير معروفة، حتى وفاة هيرودس، «ثم ظَهَرَ مَلاَكُ الرَّبِّ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ قَائِلاً: قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ. فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ». وأتى وسكن في مدينة الناصرة. برجوع الصبي يسوع من مصر إلى إسرائيل تمت النبوة: «من مصر دعوت ابني» (هوشع11: 1؛ متى2: 15). الحياة بها المشجِّعات المنعشة، وأيضًا المشقَّات المتعبة والمخاطر المخيفة، وعندما يكون الإنسان في خطة الله ومشيئته الصالحة فإن القلب يمتلئ بسلامه، وهذا ما نجده في المطوبة مريم، ففرحت بمجيء المجوس وتشجَّعت بما سمعته عن النجم ثم سجودهم له وهداياهم، لكن أيضًا كانت هناك مشقات السفر إلى مصر ومخاطره، ولكن لأنها في خطة الله فكانت تتمتع بإرشاده. ليعطنا الرب أن نكون في خطه الصالحة حتى لو بها بعض المشقات لكن لا ننسى أن هناك أيضًا المشجعات. |
||||
11 - 08 - 2016, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 14008 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم وكلمات سمعان البار وحنة النبية
سمعت مريم كلامًا كثيرًا ورائعًا عن الصبي يسوع من سمعان البار وحنة النبية، عندما صعدوا بالصبي يسوع إلى أورشليم وله من العمر أربعين يومًا ليقدِّموه للرب (اقرأ القصة في لوقا2: 22-39). أخذه سمعان البار على ذراعيه، وبارك الله وتكلَّم إليه وعنه. وأيضًا حنة النبية في تلك الساعة وقفت تسبِّح الرب وتكلَّمت عنه. وفي هذا المشهد نجد سمعان وحنة متشابهين في الكثير: فكل منهما كان متقدِّمًا في العمر. وكل منهما اتّصف بالتقوى والشركة مع الله، فسمعان كان رجلاً بارًا تقيًا والروح القدس كان عليه، وحنة كانت لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا. وكل منهما تكلم عن الصبي يسوع. وكل منهما كان نبيًا، فسمعان تكلَّم بنبوة، وحنة قِيل عنها إنها نبية. لكن بحكمة، سجَّل الروح القدس كلمات سمعان البار ولم يسجِّل كلمات حنة النبية. ونتأمل الان في كلمات سمعان البار: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ» كان قد أُوحي إلي سمعان بالروح القدس أنه لن يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب، وعندما رآه طلب منه الإنطلاق. لا يمكن للإنسان الخاطئ أن ينطلق بسلام؛ لأن الموت مخيف ومرعب بالنسبة له، وهو ملك الأهوال (أيوب18: 14)، لكن بالنسبة للمؤمن هو ربح (فيلبي1: 21). طلب سمعان من الرب أن يُطلق روحه بسلام، معلنُا بذلك أنه لا يحتاج إلى شيء آخر ما دام قد رأى المسيح، وهذا لسان حال كل مؤمن حقيقي به «لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ» عندما رأى سمعان البار الطفل يسوع رأى فيه خلاص الله؛ وكل من يرى خلاص الله لا بد أن يرى الرب يسوع المسيح. فالمسيح هو المخلِّص الوحيد الذي أرسله الآب إلى العالم، وقدم نفسه فدية لأجلنا على الصليب. إنه المخلِّص من دينونة الخطية وسيادتها، وهو الذي يُخلصنا من تجارب البرية، وننتظر خلاصه النهائي بمجيئه من السماء لأخذ المؤمنين إلى بيت الآب. «نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ» المسيح هو النور. قبل أن يأتي المسيح إلى العالم كان الناس يعيشون في الظلام ببعدهم عن الله وأعمالهم الشريرة. لكن بمجيئه إلى الأرض تم ما قاله «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ» (يوحنا8: 12). وأدرك سمعان، بالروح القدس، أن المسيح سيأتي متضعا وبالتالي سيُرفض من شعبه، وسوف يتجه النور إلى الأمم. وبعد قيامة المسيح، أوصى تلاميذه أن يكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. «وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ» تركت كلمات سمعان أثرًا عميقًا في قلب يوسف وأمه وجعلتهما يتعجبان مما قيل فيه، وحتى هذه اللحظة لم يكونا يفهمان تمامًا معنى هذه الكلمات. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: «هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ» جاء الرب يسوع المسيح إلى شعبه وكان بالنسبة لهم هو الحجر والصخرة الذي وُضع لتحديد مسار الكثيرين بينهم، فمن يرفضه ويحتقره يسقط ويهلك، لكن من يقبله ويؤمن به يقوم رافعًا رأسه وتكون له الكرامة. كان اليهود ينتظرون المسيح آتيًا إليهم بالمجد والقوة، ولم يخطر ببالهم أن يأتيهم في صورة الإتضاع. كانوا يتوقعون فيه جبروتًا كداود، وجلالاً وغنًى كسليمان، ولكنهم وجدوه إنسانًا فقيرًا، ليس له أين يُسند رأسه؛ لذلك عثروا فيه، وسقطوا لعدم إيمانهم. لكن من الناحية الأخرى كثيرون آمنوا به فرفعهم وصار لقيامهم، وكأنّهم في الجب أو البحر، واحتاجوا إليه كالصخرة لكي يقفوا عليه فلا يهلكوا، واستطاعوا أن يقولوا: «وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي» (مزمور40: 2). «وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ» السيف هنا يشير إلى الآلام والأحزان التي كانت سوف تجتازها المطوبة مريم كأم، عندما ترى ابنها يسوع معلَّقًا على الصليب في موضع العار والهزء، بعد أن جلدوه ومزَّقوا ظهره بالسياط، والشوك على رأسه، والمسامير في يديه ورجليه، والدماء تنزف منهما. «لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ» بمجيء المسيح إلى الأرض كُشفت قلوب الكثيرين وأُعلنت أفكارهم، فالبعض رفض المسيح مثل الفريسيين والكتبة، والبعض الآخر قبله كالمخلِّص والرب مثل التلاميذ. الفريسيون والكتبة تظاهروا بحفظ الناموس وغيرتهم على الشريعة، لكن ظهر رياءهم وشرهم، بينما التلاميذ الفقراء والبسطاء أظهروا محبتهم للرب يسوع وتبعيتهم له. عندما مات المسيح حزن الذين أحبوه، وفرح الذين أبغضوه، وهنا أُعلنت الأفكار من قلوب كثيرة. وعندما رأت حنة النبية الصبي يسوع وقفت احترامًا له، بالرغم من شيخوختها، إذ كانت قد تجاوزت مئة عام. وقفت لتسبِّح الرب، وتكلَّمت عنه مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم. كانت المطوَّبة مريم تحفظ الكلام الذي سمعته متفكِّرة به في قلبها. كانت تعلم أن هناك أشياء تفوق إدراكها، فحفظت في قلبها كل الكلمات وهي تفكِّر فيها. كانت تجيد الصمت والتأمل القلبي العميق الذي يزيد من تعلقها وإيمانها بالرب. ليتنا نتعلم منها أن نحفظ أقوال الله في قلوبنا ونفكِّر فيها كما هو مكتوب: «لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى» وأيضًا «وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً» (كولوسي3: 16، مزمور1: 2). |
||||
11 - 08 - 2016, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 14009 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم وحفظها لوصايا الله
تأملنا سابقًا في حياة المطوَّبة مريم، وكيف كانت تسأل للمعرفة، ورأينا اتضاعها، وإيمانها، وخضوعها لمشيئة الله، وشركتها مع المؤمنات، وكيف سبَّحت للرب تسبيحة جميلة، ثم احتمالها للمشقَّات. والآن نتأمل بمعونة الرب في: كانت المطوَّبة مريم تعرف وصايا الله وتحفظها، تنفِّذها وتعيشها، وهي سمة رائعة لكل من يحب الرب ويتّقيه. ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح في عدة مواقف من حياتها، مثل: (1) ختان الصبي يسوع كان الختان علامة عهد بين الله وإبراهيم، فأوصاه أن يختن كل ذكر، ابن ثمانية أيام (تكوين17: 9 14)، هذا ما كان على كل شعب الله أيضًا. لذلك نجد مريم ويوسف ختنا الصبي في اليوم الثامن وأعطياه اسمه، «وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ» (لوقا2: 21). والختان في اليوم الثامن كان دلالة على طاعة العائلة لوصايا الله، حتى أن بولس الرسول افتخر أنه خُتن في اليوم الثامن (فيليبي3: 5). واليوم الثامن يرتبط بالله والأبدية، ويفيد بداية جديدة، وكانت الحيوانات الطاهرة تُقدَّم لله في اليوم الثامن (خروج22: 30). كانت تسمية الطفل تتم في يوم ختانه، وكان هذا مرتبطًا باحتفال هام وعظيم، وعند إعطاء اسم يوحنا المعمدان كان حاضرًا الجيران والأقرباء (لوقا1: 57 63). (2) تطهيرها أوصت الشريعة أن المرأة إذا حبلت وولدت ذكرًا تكون نجسة سبعة أيام ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يومًا في دم تطهيرها. كل شيء مقدس لا تمس وإلى المقدس لا تجيء حتى تكمل أيام تطهيرها، ومتى كملت أيام تطهيرها، تأتي بخروف ابن سنة، لتقدِّمه مُحرَقَة، وحمامة أو يمامة ذبيحة خطية إلى باب خيمة الاجتماع. فيقدِّمها الكاهن أمام الرب ويكفِّر عنها فتطهر من ينبوع دمها (لاويين12: 1 7)، ولأن المطوبة مريم تحفظ وصاية الله لذلك يقول الكتاب: «وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى (أي 40 يومًا)، صَعِدُوا... إِلَى أُورُشَلِيمَ... ولِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ» (لوقا2: 22، 24). ولأن مريم ويوسف كانا من الفقراء لم يستطيعا أن يقدِّما الخروف، لذلك قدَّما زوج يمام أو فرخي حمام، فالله الحنَّان عمل حساب الفقراء في هذا الأمر فقال: «وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهَا كِفَايَةً لِشَاةٍ تَأْخُذُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، الْوَاحِدَ مُحْرَقَةً، وَالآخَرَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ فَتَطْهُرُ» (لاويين12: 8). قدَّم سليمان وحزقيا ويوشيا آلاف الثيران والحِملان، لكن ما قدَّمه يوسف ومريم في هذه المناسبة كان زوج يمام أو فرحي حمام، ومع أنها تقدمة متواضعة، لكنها في نظر الله عظيمة جدًا. كان هناك ضروة للتطهير الطقسي، ليس للطفل لكن الأم، وفي شريعة التطهير المذكورة في لاويين12، لم يذكر أي شيء عن تطهير الطفل لكن تطهير الأم، لأن عين الروح القدس كانت متجهة للطفل يسوع القدوس. (3) تقديم الابن البِكر لله بعد فداء الأبكار في أرض مصر على أساس رش دم خروف الفصح على العتبة العلية والقائمتين (خروج12)، كلم الرب موسى قائلًا: «قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي» (خروج13: 2). البكر يُقدَّس أي يخصَّص لله، والرب استبدل أبكار بني إسرائيل الذين فُدوا من ضربة الهلاك باللاويين ليخدموه خدمة مستمرة. والبِكر كان أيضًا يُقدَّم لله، إذ قال الرب: «وَأَبْكَارَ بَنِيكَ تُعْطِينِي» (خروج22: 29). لذلك، ذهب يوسف ومريم بالصبي يسوع إلى الهيكل ليقدِّماه لله، كما مكتوب: «صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ» (لوقا2: 22). وما أروع أن نقدِّم أولادنا لله، ونصلي من أجلهم، حتى يتكرسوا له ويعيشوا لمجده. (4) تذهب إلى أوشليم كل سنة في عيد الفصح هناك سبعة أعياد يهودية هي: الفصح، الفطير، الباكورة، الخمسين، الأبواق، الكفارة، المظال. أمر الله شعبه أن يعيدوا هذه الأعياد السبعة، وأول هذه الأعياد هو عيد الفصح. وكان يُعمل في اليوم الرابع عشر من الشهر الأول، وارتبط به عيد الفطير الذي يستمر سبعة أيام (خروج12: 15؛ لاويين23: 6؛ تثنية16: 3). كانت المطوَّبة مريم ويوسف والطفل يسوع يواظبون على حضور هذا العيد السنوي، كما هو مكتوب: «وَكَانَ أَبَوَاهُ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي عِيدِ الْفِصْحِ» (لوقا2: 41)، وهذا يرينا حرصها على تتميم أقوال الله، ليتذكَّروا ذبح خروف الفصح ورش دمه على العتبه العليا والقائمتين، ونجاة الأبكار من ضربة الهلاك، ثم خروج بني إسرائيل من أرض مصر إلى البرية. ليعطنا الرب أن نحب كلمته الحية الفعالة؛ فنقرأها يوميًا، ونفهمها، ونحفظها، وندرسها، ونعيشها، وتسكن في قلوبنا بغنى؛ فنقول مع المرنم: «أَبْتَهِجُ أَنَا بِكَلاَمِكَ كَمَنْ وَجَدَ غَنِيمَةً وَافرة» (مزمور119: 162). |
||||
11 - 08 - 2016, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 14010 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطوبة مريم واحتمال المشقات تأملنا سابقًا عن المطوبة مريم وكيف كانت تسأل للمعرفة، ورأينا اتضاعها، وإيمانها، وخضوعها لمشيئة الله، وشركتها مع المؤمنات، وكيف سبَّحت للرب تسبيحة جميلة فيها تُعظم الرب وتبتهج بالله مخلصها. والآن بمعونة الرب نتأمل في: احتمالها المشقات: عندما كانت العذراء مريم حُبلى بالمسيح وهي في مدينة الناصرة التابعة لمقاطعة الجليل في شمال إسرائيل، صدر أمر من أوغسطس قيصر بأن يتم إحصاء كل سكان مملكته؛ فصعد يوسف النجار من مدينة الناصرة، في الشمال، إلى مدينة داود التي تدعى بيت لحم، وهي تابعة لمقاطعة اليهودية في الجنوب، وهي مدينته الأصلية، ليتم تسجيله في الإحصاء مع امرأته المخطوبة وهي حبلى (لو2: 1-5). كان السفر شاقًا ومجهِدًا، وكانت تستخدم فيه الدواب، أو سيرًا على الأقدام، والمسافة بين الناصرة وبيت لحم تقدَّر بأكثر من 100 كيلومترًا، وكانت تُقطَع في عدة أيام. وعندما وصلت بيت لحم، تمَّت أيامها لتلد؛ فذهبا إلى منزل (فندق) ولكن لم يكن لهما موضع فيه. فولدت ابنها البِكر وقمَّطته وأضجعته في المذود. لقد احتملت ليس فقط مشقات السفر الطويل والمرهق بسبب حبلها، لكن أيضًا آلامًا نفسية لعدم وجود مكان لهما إلا في المذود. فهي من سلالة الملك داود، والمولود هو عمانوئيل، وقال لها الملاك عنه: «هذا يكون عظيمًا وابن العلي يدعى». لقد احتملت كل هذا بشكر وصبر. وظلت أربعين يومًا في بيت لحم حيث تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى (لاويين 12: 1-4)، ثم صعدوا بالطفل يسوع إلى أورشليم ليقدِّموه للرب. ولما أكملوا كل شيء حسب ناموس الرب رجعوا إلى الجليل إلى مدينتهم الناصرة. وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح، وعندما كان الطفل يسوع له من العمر سنتين ذهبوا إلى العيد في أورشليم، ولأن بيت لحم قريبة من أورشليم - حوالي 10 كيلومترات - فكانوا بعد العيد يذهبون ليقضوا وقتًا مع العائلة في بيت لحم. وفي هذا الوقت جاء مجوس من المشرق إلى أورشليم قائلين: «أين هو المولود ملك اليهود؟» فاضطرب هيرودس وجميع أورشليم معه. وعلم أن المسيح يولد في بيت لحم بحسب نبوة ميخا 5: 2؛ فأرسل المجوس إلى بيت لحم ليسجدوا للمسيح، ليعلم مكان وجوده ليقتله. وبعد أن جاء المجوس وسجدوا للمسيح انصرفوا في طريق آخرى ولم يرجعوا إلى هيرودس. وبعدما انصرفوا إذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلاً: «قُم وخُذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، وكُن هناك حتى أقول لك، لأن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه، فقام وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر» (متى2: 13، 14). بالتأكيد حدث ارتباك وجمعوا ضروريات السفر بسرعة، وقاموا ليلاً ليهربوا من بطش هذا الملك الدموي، وظل السفر أياما كثيرة حتى وصلوا بسلام إلى مصر، ومكثوا في مصر فترة غير معروفة حتى مات هيرودس. ثم ظهر ملاك الرب ليوسف في حلم في مصر قائلاً: «قُم وخُذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي. فقام وأخذ الصبي وأمه وجاء إلى أرض إسرائيل وأتى وسكن في الناصرة» (متى2: 20، 21). وعندما كان الصبي يسوع له من العمر اثنتا عشر سنة، صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد، وبعدما أكملوا الأيام، بقي الصبي يسوع في أورشليم، عند رجوع يوسف وأمه وهما لم يعلما. وإذ ظناه بين الرفقة، ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف. ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه. وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل، لقد كانت المطوبة مريم ويوسف يطلبانه معذَّبين، أي كانا يبحثان عنه وهما في ضيقة عظيمة. تخيَّل معي مشاعر أم فقدت ابنها وتبحث عنه في كل مكان، كم من الآلام النفسية والتعب الجسدي احتملته. لقد احتملت المطوَّبة مريم المشقات الكثيرة من أجل الرب. ليتنا نحن أيضًا نحتمل المشقات من أجله بشكر وصبر. لقد قال بولس لتيموثاوس: «احتمل المشقات»، «اشترك في احتمال المشقات لأجل الإنجيل بحسب قوة الله»، وأيضًا «فاشترك أنت في احتمال المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح» (2تيموثاوس 1: 8؛ 2: 3؛ 4: 5). وقال بولس عن نفسه: «الذي فيه احتمل المشقات حتى القيود كمذنب»، وأيضًا يجب أن «عبد الرب ... يكون ... صبورًا على المشقات» (2تيموثاوس 2: 9، 24). وقال يعقوب: «خذوا يا إخوتي مثالاً لإحتمال المشقات والأناة: الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب» (يعقوب 5: 10). |
||||