25 - 01 - 2014, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 131 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
المديح لي وحدي فقط! النوع السادس:- وهو أسوأ الأنواع كلها. فبالإضافة إلى أنه يجمع كل ما سبق من أنواع، إلا أنه يزيد في أنه: قد تزيد محبة المديح عنده، إلى أنه يحب أن يكون المديح له وحده فقط..! ولذلك فإنه يتضايق جدًا إذا ما مدح أحد غيره. يتضايق من المادح ومن الممدوح ويحسد هذا الممدوح، ويغير منه، وقد يوجه إليه عيوبًا، يحقد عليه. بعد أن تحدثنا في إيجاز شديد عن هذه الأنواع الستة من محبي المديح ننتقل إلى الحديث عن: شرور تنتج عن محبة الكرامة والمديح. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 132 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
شرور تنتج عن محبة المديح والكرامة إنها كثيرة جدًا. وربما نتعرض في هذا المقال إلى أربعة عشر نوعًا. وهي: 1 - الرياء..محب لمديح يصير إنسانًا مرائيًا، يكون غرض الخير عنده هو أن يراه الناس، دون أن يكون للخير قصد في ذاته، فهو لا يحب الخير لذاته، وإنما حبًا للظهور..! 2 - الغضب وعدم الاحتمال.. محب المديح دائمًا يخفي عيوبه. وهكذا بالضرورة لا يحتمل أن ينسب إليه عيب.. فهو يكره الانتقاد. وإذا انتقده أحد، لا يطيق ذلك مطلقًا. وقد لا يقف الأمر عند حدود عدم الاحتمال، بل ربما يتطور إلى الغضب والهياج والنرفزة والثورة.. إنه يحب أن تكون نفسه جميلة في عينيه باستمرار. فمن يكشف له عيوبًا في نفسه، يتعرض لغضبه، صونًا لجمال هذه النفس. وهنا نشير إلى أن أنواعًا كثيرة من الغضب، يكون علاجها بعلاج محبة المديح والكرامة، التي فيها يعتبر الإنسان كل نقد وتوجيه كأنه إهانة وقد يتطور الأمر إلى: فلا يكره فقط من ينتقده، وإنما قد يكره أيضًا من لا يمتدحه، وقد يكره من يمدح شخصًا آخر غيره، وبخاصة لو كان هذا المديح خاصًا بعل اشترك هو فيه، ويحب أن يستأثر بالفخر كله لنفسه! 4 - الحسد: الذي يحب المديح والكرامة، يحسد كل من يناله مديح وكرامة، ويود لو كان يأخذ كل ذلك بدلًا منه. إذ هو لا يحب أن يكون أحد أفضل منه! 5 - إدانة الغير والتشهير به: وإذ هو يحب أن يكون متفوقًا على الكل فلكي يكون مشاركوه أقل منه، قد يعيب شخصياتهم وأعمالهم. وبهذا نراه دائمًا ينتقض من قدر غيره لكي يكون هو الأفضل بالمقارنة. 6 - وبذلك يخسر محبة الناس: إن الناس يكرهون الافتخار والتباهي ففيما يسلك محب المديح بهذا الأسلوب يخسر تقدير الناس. وفيما يشهر بغيره، ويفضل ذاته على غيره، يخسر محبة الناس أيضًا. 7 - ومحب المديح يحب المتكآت الأولي: يحب العظم، يحب الظهور، يحب أن يكون الأول، وأن يكون الظاهر موضع اهتمام الناس، وموضوع حديثهم وكل هذا يجعله يدخل في مناقشات ومشاحنات مع غيره. وكل من يراه ظاهرًا، يحاول أن ينزله، ويقول عنه إنه رديء! 8 - وقد يقع في الكذب أيضًا: لا مانع عنده من الكذب، إن كان هذا يوصله إلى المديح. فهو ق يكذب فيما ينسبه إلى نفسه من فضائل، وفي إعطاء الآخرين صورة مثلي عن ذاته ليست هي له. وهو قد يكذب فيما ينبه إلى غيره من عيوب.. ويكذب بأن ينسب إلى نفسه مواقف، الفضل فيها للغير. 9 - وقد يقوم بمؤامرات ودسائس: وذلك ضد من يراهم منافسين له في الكرامة، حتى ينزعهم من طريقة، ويبقي الفخر كله له وحده. 10 - وربما يمتلئ بالشر: فيشتهي موت غيره لكي يأخذ مكانه! وقد يشتهي خراب الآخرين وضياعهم لكي يأخذ هو مركزهم. وقد يشتهي بالنسبة إلى زميل له، أن يغضب عليه رؤساؤه، أو أن توجه إليه تهمة، لكي يظهر هو، ويخلو الجو له. وقد لا يصل إلى المستوي الذي يلفق فيه تهمًا ضد غيره، ولكنه يسر في داخله إذا وجهت هذه التهم من طريق آخر..! 11 - ومحب المديح كثيرًا ما يصبح مشكلة للمجتمع الذي يعيش فيه: فهو دائمًا عبء على هذا المجتمع وتصرفاته توقع الآخرين في الإدانة أو في الاشمئزاز. وسعيه لأن يصبح كل شئ في يده، وكل مديح موجه إليه، يجعله لا يعطي فرصة لغيره، فيتعب كل من يشترك معه في عمل. وعدم قبوله النصح والتوجيه يجعله عقدة صعبه الحل أمام من يتعاملون معه. وهو قد يلغي أحيانًا من الداخل، ولا يستطيع أن يقدم سببًا لغليانه. فهو مريض، لا يمكن أن يفصح عن حقيقة مرضه. وهو أيضًا مريض يرفض كل علاج. ولا يشعر في داخله أنه مريض. وهو سريع الحساسية والتذمر. لا يحتمل أحدًا. وقليلون هم الذين يستطيعون احتماله. ربما لو دخل زائر وسلم على غيره بحرارة أكثر منه يتضايق..! 12 - ومحب المديح قد يتحول إلى إنسان متلون غير ثابت: ليس له خط واضح يسير فيه، إنما هو يسير مع كل خط يوصله إلى المديح. أنه يتلون مع الناس كيفما كانت صورهم. فهو مع الشخص الوقور، وقور ومتزن. وهو مع محب الفكاهة، إنسان خفيف الظل إلى أبعد حد. هو مع محب الصمت، يصمت ومع المتكلمين يتكلم، ليظهر أنه واسع المعلومات. إذا وجد الدفاع عن شخص يكسبه مديحًا، يدافع عنه. وإن وجد الكرامة في مذمة هذا الشخص يذمه ويبالغ في ذلك! يدافع عن الحق، إن كان هذا يضعه في موقف البطولة، أما إذا كان الدفاع يسبب له ضررًا، أو يعرضه إلى ذاته تنقص من قدره، فإنه يقول لنفسه: "يصمت الحكيم في ذلك الزمان لأن الأيام شريرة" (عا 5: 13). إنه يري المدح بأية الطرق، حتى لو كانت متناقضة! واحد محب للنسك، لا يأكل أمامه وآخر يحب الممتعة، يقدم له أصنافًا كثيرة على المائدة. إنه يلبس لكل حالة لبوسها، ويتخذ شكلًا يتفق وحالة الشخص الذي يتعامل معه، لكي ينال رضاه وثقته ومدحه، ويكون في وضع كريم أمامه! وماذا أيضًا؟ 13 - ومحب المديح قد يقع في الغطرسة والكبرياء..مع كل ما تسببه الكبرياء من نتائج سيئة.. وفي نفس الوقت إن وجد أن التواضع يهبه هذه العظمة، ويكون به مكرمًا أمام الناس، لا مانع من أن يبدو متواضعًا، لكي يمدح منهم! 14 - ومحب المديح يخسر حياته الروحية خسرانًا كاملًا، ويخسر السماء والأرض:يخسرها بكل هذه الأخطاء السابقة التي يقع فيها. ويخسرها لأن الفضائل التي يعملها تفقد روحانيتها لانحراف الهدف منها إلى محبة المديح، وهكذا لا تصبح له فضيلة على الإطلاق. إنه مهما عمل ومهما تعب، يقف أمام الله صغر اليدين، ولا جزاء له عند الله، لأنه أخذ أجرته على الأرض. باع كل أعماله بالكبرياء والمجد الباطل، وبالمديح والكرامة. ويقول له أبونا إبراهيم: "إنك استوفيت خيراتك في حياتك" (لو16: 25). إنك لم تفعل فضيلة واحدة من أجل الله. فيفقد أبديته كما يفقد الأرض أيضًا وقد يفقد الكرامة أيضًا. فهو يفقد الأبدية، بسبب كل الخطايا التي يقع فيها. وهو أيضًا يفقد محبة الناس واحترامهم. ويعيش على الأرض شقيًا، يسعى بكل الطرق إلى المديح، وينافس ويحسد، ويفقد سلامه الداخلي. هو قد يفقد الكرامة أيضًا، حسبما قال ماري إسحق عبارته الجميلة: [من سعي وراء الكرامة، هربت منه ومن هرب منها بمعرفة، سعت وراءه]. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 133 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
علاج محبة المديح والكرامة سوف نضع أمامك بمشيئته بعض نصائح وتدريبات، تختار منها ما يناسبك، لأن أسباب محبة المديح ومظاهرها تختلف من شخص إلى آخر فربما ما يناسب غيرك من النصائح لا يناسبك أنت. وأول نصيحة نقولها لك هي:
|
||||
25 - 01 - 2014, 05:08 PM | رقم المشاركة : ( 134 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
بطلان الكرامة العالمية لابد أن تعلم جيدًا أن مديح الناس لا يوصلك إلى ملكوت الله.. بل قد يعطلك عنه. أنت لا تدخل الملكوت برأي الناس فيك، بل برضي الله عنك. وما أكثر زيف مديح الناس.. البعض قد يمدحك بسبب المجاملة والبعض بسبب التشجيع، والبعض بسبب أدبه الخاص. والبعض قد يمدحك لغرض معين في نفسه، أو بسبب التملق، أو يمدحك لمجرد إرضائك إذ يعرف عنك أنك تحب هذا الإطراء..! فلا تغتر بهذا الإطراء، ولا تصدق كل ما يقال فيك من مديح. ولا تلتذ به سواء كان حقًا أو باطلًا. ولا تجعل هذا المديح يسبب لك لونًا من المجد الباطل، فهذا خطر على أبديتك. وقل مع السيد المسيح له المجد: "مجدًا من الناس لست أقبل" (يو5: 41).. وحتى إن كنت قد عملت أعمالًا حسنة، قل لنفسك: ماذا يفيدني أن آخذ عن كل تعبي أجرًا على هذه الأرض الفانية. مديحًا، أو كرامة، أو مناصب ورئاسات وفي الأبدية أسمع تلك العبارات المخيفة: "إنك استوفيت خيراتك في حياتك" (لو16: 5) ولذلك لم يعد لي نصيب فوق في السماء! حقًا ما أخطر هذا الأمر: أن نبيع الآخرة، لكي نشتري هذه الدنيا!! |
||||
25 - 01 - 2014, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 135 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
المديح ليس دائمًا فمن يمدحك الآن، قد لا يمدحك غدًا وقد يذمك بعد غد..! ليس الناس ثابتين في مديحهم، كما قد لا يكونون صادقين فيه.. وحتى إن كانوا صادقين، إنهم يمدحون مواقف معينة. وقد تتغير المواقف أو لا تثبت.. وهناك أشخاص قد يمدحون في وجهك، ويتكلمون عليك من وراء ظهرك وذمهم لك قد لا يصل إلى سمعك، بينما يسمعه آخرون. Temporary مؤقت كذلك أيضًا الذين يكرمونك لوضع معين أنت فيه، أو لوظيفة تشغلها أو مركز كبير.. ربما يكرمون المركز، وليس أنت. فإن زال هذا المركز، كأن تتركه أنت أو هو يتركك، حينئذ لا يكرمونك كما كانوا يكرمونك من قبل..! وربما أشخاص يمدحونك كثيرًا، ويكرمونك بدرجة كبيرة. ومع ذلك فإنهم لا يثبتون على هذه الحال: إنما نتيجة لدسائس الآخرين يتغيرون. فقد يحسدك البعض على ما أنت فيه، أو قد يعاديك البعض لسبب ما فيشيع عنك هؤلاء وأولئك أمورًا تغير فكرة الناس عنك! وما أكثر ما يشيعه البعض إدعاء وكذبًا. وهكذا تجد إكرام الناس لك قد قيل. وتغير أسلوب معاملتهم لك! وربما كما نلت من قبل مديحًا لا تستحقه، أصبحت تعاني من الناس ظلمًا لا تستحقه!! إذن اهتم قبل كل شيء برضى الله عليك، وبأجرك السماوي. ولا تضع كل اهتمامك في ما يقدمه لك الناس من كرامة، قد تكون زائفة أو زائلة! |
||||
25 - 01 - 2014, 05:15 PM | رقم المشاركة : ( 136 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
التخلص من إعجابك بنفسك من أخطر أنواع المديح التي تحارب الإنسان: مديح نفسه لنفسه. هوذا الكتاب يقول: "لا تكن حكيمًا في عيني نفسك " (أم3: 7). ويقول أكثر من هذا: "الرجل الغبي حكيم في عيني نفسه" (أم28: 11). وكما أنه من الخطأ أن يكون الإنسان حكيمًا في عيني نفسه، كذلك خطأ أكبر أن" يكون بارًا في عيني نفسه" ( أي32: 1). وكل هذه الكبرياء الداخلية لها أضرارها ولها خطايا كثيرة تتولد منها فإلي جوار الخيلاء والمجد الباطل هناك أضرار أخري: إن كنت حيكمًا في عيني نفسك، ربما تحتقر حكمة الآخرين، وتكلمهم من فوق، بروح التعالي! وبهذه الروح، لا تقبل نقدًا من أحد ولا نصحًا، وتجد نفسك وقد اصطدمت بكل من يخالفك في الرأي، وبدأت تهاجمه. وهكذا تفقد الموضوعية في الفكر، وتحول الخلاف فيه إلى أمور شخصية. وتري أن من يعارض فكرك قد عارض شخصك! وإن كنت حكيمًا في عيني نفسك، سوف لا تطلب الحكمة التي من فوق ولا التي عند الآخرين! ربما تصل إلى مرحلة من الاكتفاء بالذات وهكذا تفقد النمو. حقًا ما أجمل قول سيدنا يسوع المسيح، وهو يحادث الآب قائلًا: "أحمدك أيها الآب. لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء، وأعلنتها للأطفال" (مت11: 25). إذن قف أمام الله كجاهل، حتى تأخذ من حكمته. ولا تحتقر عقل أحد، لئلا ينزع الله منك الحكمة.. حاول باستمرار أن تستفيد من كل أحد. فالكتاب قد عملنا أن نأخذ درسًا حتى من النملة (أم1: 6) ومن زنابق الحقل (مت6: 38). ومهما علوت في الحكمة والمعرفة، تذكر قول الكتاب.. "وعلى فهمك لا تعتمد" (أم3: 5). أما البار في عيني نفسه، فإنه لم يعرف نفسه بعد، ولم يعرف أيًا ما هي مقاييس البر! ومثل هذا الشخص، لكي يعالج نفسه، ويتخلص من هذا البر الذاتي وإعجابه بنفسه، ننصحه بالآتي: تذكر خطاياك. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 137 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
تذكر خطاياك كلما أتاك مديح من الناس من الخارج أو مديح من ذاتك من الداخل، تذكر خطاياك، وتذكر أيضًا نقائصك وسقاتك وعيوبك.. وقل لنفسك في صراحة تامة: هؤلاء الناس يمدحونني لا يعرفونني. ولو عرفوا بعض نقائصي، لتغيرت معاملتهم لي.. وقل أيضًا: أشكرك يا رب لأنك سترتني. وهل بسبب سترك، أتمادى أنا وأقبل المديح من الناس؟! أو أنسي خطاياي، وأبدأ في مديح ذاتي كأني لست أعرف ذاتي وعيوبها...! وتذكار خطاياك، إن لم يعظ على المديح، فإنه لابد سيقلل تأثيره عليك. إنه يقيم نوعًا من التوازن داخل نفسك ولا يتركها فريسة لمحبة المديح. إنما يوقظها لتدرك حقيقتها، ويوقفها عند حد معين من الإعجاب بالذات لا تتعداه. وإن لم تذكر خطاياك الماضية، فعلي الأقل خف من الخطايا المقبلة. فالكتاب يقول: "قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم16: 18). لذلك إن قبلت المديح، أو فرحت به، قل لنفسك: أنا الآن عرضه للسقوط، بل بهذا المديح أنا فعلًا قد سقطت. فالأجدر لي أن أعالج نفسي بالاتضاع: إن حوربت بالبر، أتذكر خطاياي. وإن حوربت بالحكمة والمعرفة، فلا أنسي ما ينقصني من معارف، أو ما وقعت فيه أحيانًا من أخطاء فكرية. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 138 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
تذكر درجات روحية أعلى منك كلما حوربت بالفضيلة أو المعرفة تذكر أنك لا شيء بالنسبة إلى ما هو مطلوب منك، وبالنسبة إلى الدرجات العليا التي وصل إليها آخرون.. نشكر الله أنه في كل فضيلة من الفضائل، قد ترك لنا القديسون أمثلة عالية جدًا ومستويات تكاد تكون فوق إدراكنا.. إن قارنا أنفسنا بهم، ربما تصغر نفوسنا في أعيننا. وهكذا في المعرفة أيضًا وصل آباؤنا وبعض معاصرينا إلى درجات أعلي منا بمراحل.. لذلك قارن نفسك هو أعلى منك حتى تتضع وحذار أن تقارن نفسك بمن هو أقل منك كي لا ترتفع.. وهنا قد تقف أمامك مشكلة أخري لتحاربك وهي قولك حقًا أنا ضعيف وقليل المستوي بالنسبة إلى مستويات القديسين وقصص التاريخ. ولكنني أشعر أنني أعلي بكثير من مستوي الوسط الذي أعيش فيه، فكيف أقاوم إذن الشعور بالذات داخل نفسي؟ حتى هؤلاء الضعفاء الذين تنتقدهم ربما فيهم فضائل وصفات تنقصك وهذا هو الدرس الذي ألقاه السيد المسيح على الفريسيين.. هذا الفريسي الذي افتخر على العشار قائلًا: أشكرك يا رب أني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطئين الزناة ولا مثل هذا العشار (لو18: 1 ) أراه السيد المسيح أنه على الرغم من صومه وعشوره، فإن العشار كان أفضل منه في اتضاعه وفي انسحاق قلبه. كذلك أظهر الرب لذلك الفريسي الذي استضافه، أن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها، كانت أفضل منه، وتفوقه حبًا وكرمًا واتضاعًا (لو7: 44 - 47).. لذلك إذا قارنت نفسك بإنسان ووجدت أنك تفوقه في أشياء، افحص ربما يكون هو أفضل منك في أمور أخري.. لا تقل أنا أكثر منه علما، بل قل إنه أكثر منى بساطة ونقاوة قلب.. لا تقل أنا أفضل منه في أصوامه وصلواتي بل قل هو أفضل مني في احتماله وتسامحه.. وثق أنك لو تخيلت عن كبريائك، ستجد في غالبية الناس فضائل تنقصك. وهكذا وجد مارافرايم السرياني في المرأة الخاطئة المتبرحة فضيلة تنقصه! ووجد القديس الأنبا أنطونيوس في المرأة التي تعرت أمامه لتستحم.. وجد فيها صوت الله إليه! وهكذا أيضًا وجد القديس مقاريوس الكبير عند راعي البقر تعليمًا ينفعه في حياته. ووجد القديس موسي الأسود عند الصبي زكريا عطية من الروح القدس يحتاج إليها. إن الله كثيرًا ما كان يختار صغارًا لكي يوبخ بهم الكبار.. لقد اختار رئيس النوتية الأممي، لكي يوبخ به يونان نبي الله العظيم (يون1: 6). واختار إيمان المرأة الكنعانية، ليوبخ به إيمان جيلها كله واختار لعازر المسكين ليوبخ به الرجل الغني العظيم، واختار جهال العالم ليخزي بهم الحكماء بل اختار المزدري وغير الموجود، ليبطل من يظن أنه موجود (1كو1: 27، 28). لذلك لا تظن أنك كبير، لئلا تقول لنفسك مع ذلك الجبار: أيها البرج العالي، كيف سقطت.. وإن ظننت أنك كبير وقوي، تذكر أن الشيطان في غروره يهوي جدًا إسقاط الكبار والأقوياء، لذلك هو يحاربهم بكل شدة وبأشد عنف... ولهذا قال الكتاب عن الخطية أنها: " طرحت كثيرين جرحي، وكل قتلاها أقوياء" (أم7: 26). |
||||
25 - 01 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 139 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
تذكر عمل النعمة معك للخروج من محبة المديح أما إن كنت ترى نفسك بارًا على الرغم من كل ذلك وخوف عليك من سقوط فاسمح لي هنا أن أقدم لك نصيحة أخري وهي: 6 - تذكر عمل النعمة معك:- أنت قائم لم تسقط، لأنك قوي، وغنما لأن النعمة هي التي تسندك.. لذلك لا تفتخر باطلًا بقوتك لأنه لو تخلت النعمة عنك، لشابهت باقي الساقطين، ولا فرق!.. وكما يقول المزمور: "إن لم يحفظ الرب فباطلًا سهر الحارس" (مز127). إذا وجدت نفسك قد نجوت من هجمات الشيطان، تغنى بمعونة الرب لك، وقل: "لولا أن الرب كان معنا.. لابتلعونا ونحن أحياء، عند سخط غضبهم علينا" (مز124).. أنت مجرد أداة في يد الله، عمل بها الرب خيرًا. فلماذا تركز على الأداة وليس على اليد التي عملت بها. لماذا تنسي عمل النعمة فيك، وتنسب عمل الله إلى نفسك؟ قل لنفسك باستمرار: أنا، من أنا؟! أنا لا شيء.. حفنة تراب ورماد! كتلة من الضعف والخطأ إن تخلت النعمة عني، لا أصبح شيئًا على الإطلاق. وهوذا السيد المسيح قد قال لنا: "بدوني لا تقدرون أن تعلموا أن تعلموا شيئًا" (يو15: 5).. لذلك قل: أنا أخشي أنه بسب الكبرياء، تتخلي عني النعمة. وحينئذ أسقط، وانكشف أمام الناس، على حقيقتي الضعيفة.. لأنه إن كنت في كل مرة يعمل الله فيك، تنسب الفخر إلى نفسك، وتنسي عمل الله! وتقبل مديح الناس لك، دون أن توجه هذا المجد إلى الله... لا مانع إذن من أن يتركك الله إلى نفسك لتعمل وحدها، حتى ترينا قوتها التي تفتخر بها، والتي تقبل المديح من الناس..! وإن حدث هذا فلابد أنك ستسقط، لأنك بدونه لا تستطيع شيئًا.. (يو15: 5). لذلك إن أردت الاحتفاظ بعمل النعمة فيك، لا تمدح نفسك، ولا تقبل مديحًا من آخرين.. ولست أقصد بعدم قبول المديح أنك ترفض سماعه.. فقد لا تستطيع هذا وربما إن رفضت، يزداد الناس مديحًا لك، وهكذا تأتي بنتيجة عكسية. إنما أقصد أنك لا تقبل المديح في داخل قلبك، ولا ترضي به، ولا تصدقه، ولا تلتذ به.. |
||||
25 - 01 - 2014, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 140 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الحروب الروحية - البابا شنوده الثالث
احتمال مذمة غيرك للخروج من محبة الكرامة بعض الذين يحاولون أن يهربوا من المديح، قد يذمون أنفسهم أمام الناس وربما ينالون بذلك مديحًا أكثر.. عن قصد أو بغير قصد.. لذلك قال القديس سيرابيون الكبيرللراهب الشاب الذي لم يحتمل نصيحة منه، واحمر وجهه.. [لا تلم نفسك ملامة باطلة. فليس التواضع هو أن تذم نفسك، وإنما أن تحتمل وتقبل المذمة التي تأتيك من آخرين].. لأنه ما أسهل أن يقول إنسان عن نفسه: [أنا خاطئ وضعيف]. ولكنه لا يحتمل أن يقول له غيره: [أنت خاطئ وضعيف].. أتراه يذم نفسه، وهو غير مقتنع بما بقوله؟! أو أنه يفعل ذلك لتؤخذ عنه فكرة أنه متواضع، ويكون هذا الموقف لونًا من الرياء!! أم أنه يقول عن نفسه إنه خاطئ لأن مذمته لنفسه لا تجرحه، بينما مذمة الآخرين له تجرحه، لأنهم أخذوا عنه فكرة كهذه..! أما التواضع الحقيقي، فإنه يقبل المذمة يعتبرها كأنها اعتراف له صدره من غيره.. أو بقبلها في مقابل مديح آخر قد ناله من قبل. ويقبلها لكي يغطي بها على فضائله فلا تظهر. أو يقبلها كجزاء أرضي له على خطايا قد ارتكبها من قبل، معروفة كانت أو غير معروفة. وقبوله المذمة من الآخرين في داخل القلب، يعتبرها الآباء أنها الخد الآخر الذي نحوله.. فقد قال القديس الأنبا أنطونيوس: [حينما يذمك أحد من الخارج، عليك أن تلوم نفسك من الداخل، لكي تقيم توازنًا بين داخلك وخارجك]. وبهذا يحدث أمران: إنك لا تتعب من الداخل، ولا ترد الإهانة لغيرك من الخارج. إن الذي يحب المديح والكرامة، لا يستطيع أن يحتمل الإهانة. وقد يرد عليها بوسائل متعددة: أ- أبسط السبل وأبعدها عن الخطأ، أن يردها بالدفاع عن نفسه واثبات نقاوته مما تنسب إليه. وموضوع الدفاع عن النفس، وتقييمه بين الخطأ والصواب، يتوقف على الدوافع التي تدفع إليه، هل هي نقية أم لا.. ب- وقد يرد الإنسان الإهانة بإهانة مثلها، أو بإهانة أشد منها. وهنا يكون قد انتقم لنفسه بمحبته للمديح والكرامة. ويكون قد كسر وصيه الرب القائلة: "لا تقاوموا الشر.." (مت5: 39) ويكون قد كسر أيضًا الوصية القائلة: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء.." (رو12: 19) ويكون قد ابتعد عن المحبة التي من أوصافها أنها" تحتمل كل شيء" وأنها" لا تطلب ما لنفسها" (1كو13: 7، 5). ج- وقد يرد الإهانة، عن طريق الشكوى، والتشهير بغيره وإشعار الناس أنه مظلوم، لكي ينتقموا له أيضًا من ظالمة!! وهكذا أيضًا يكون قد انتقم، ووقع في كل الخطايا السابقة، وبقي أن الذي يعتقد باستمرار أنه مظلوم، لا يستطيع مطلقًا أن يصلح نفسه، لأنه على الدوام يبرر نفسه.. د- وهو قد يرد على الإهانة داخل قلبه، إذ يعتبر هذا الإنسان عدوًا له ويعامله كعدو، وربما يخاصمه أو يقاطعه.. ويكون هذا منه موقفًا إيجابيًا تجاه ما اعتبره أنه إهانة. كل ذلك لأجل محبة الكرامة! أما الذي لا تهمه الكرامة العالمية، فلا يهتم بكل هذا، ولا يأخذ موقفًا ضده. فالمتواضع لا يعتبر كل مذمة تصل إليه كأنها إهانة. فقد تكون كشفًا لذاته وقد يشكر غيره على ذلك، لأنه أظهر له نقصًا فيه يحتاج إلى علاج.. وهكذا لا يعادي من ينتقده أو من يعارضه فيه هذا العيب. ويكون من وجهه إليه ساعده على خلاص نفسه، وعلى إصلاح عيوبه. صدق القديس يوحنا ذهبي الفم حينما قال: [من يتكلم عنك بالذم، اتخذه لك صديقًا].. |
||||
|