منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 08 - 2016, 05:48 PM   رقم المشاركة : ( 13951 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا تعرف عن الطوباوي شارل دي فوكو؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الطوباوي شارل دي فوك
رجل بحث عن الله فوجده بأعماقه

ولد شارل دي فوكو Charles de Foucauld عام 1858م في مدينة ستراسبورغ بفرنسا من عائلة ارستقراطيّة ثرية وتشتهر بعلاقتها العسكرية. عرف شارل قسوة الحياة مبكراً، فتوفيت والدته وهو في السادسة من عمره، وبعد أشهر قليلة توفى والده. اعتنى والد الأم بحفيديه شارل وأخته ماري. وكثيراً ما كان شارل يتذكر أمه في حياته: "أنا الذي كنت منذ طفولتي مُحاطاً بفيض من النعم، ومن أبرزها إني حظيتُ بأم قديسة تعلمتُ منها أن أعرفك يا الهي".

تجددت معاناة شارل من جديد عندما نشبت الحرب عام 1970 بين فرنسا وألمانيا، فقاسى عذاب الحرب والتهجير. كان شارل طفل ذكي أحب القراءة منذ نعومة أظفاره.أخذته الفضولية إلى البحث في علوم الفلسفة. حتى وصل تدريجياً لمرحلة المراهقة وهو فاقد لإيمانه المسيحي: "في سن السادسة عشرة، لم يعد لديّ أي اثر من الإيمان. وسبب ذلك المطالعات التي كنت أتهافت عليها".

تخرج شارل من المدرسة العسكرية وهو في سن العشرين. انخرط في الجيش لمدة ثلاث سنوات، وفي تلك الفترة توفي جدّه. فتألم شارل كثيراً لوفاته. ومنذ ذلك الوقت لم يعد هناك من يقف في وجه طيشه وجنونه بالحياة التي يرغب أن يعيشها بعيداً عن أي إيمان أو قيم في الحياة.

أُرسل شارل دي فوكو عام 1881 وهو ضابط في الثالثة والعشرين من عمره إلى كتيبة في بلدة ستيف شمال الجزائر ضمن الجيش الفرنسي المكلف بإدارة جزء كبير من الجزائر التي احتلتها فرنسا في ذلك الوقت. وبعد انتهاء الحملة العسكرية لم يعد شارل يتحمل رتابة الحياة ضمن نطاق الثكنات العسكرية فأخذ قرار بترك الجيش نهائياً.

بدأ شارل بعد ذلك رحلة استكشافية في بلاد المغرب والجزائر وهو متنكر وكانت الرحلة تحمل في طياتها أخطار جمة نظراً لان بلاد المغرب كانت مغلقة وأرضها مُحرمة على الأوروبيين آنذاك. ولكنه سجل رحلته تلك في مذكراته، وكانت أكثرها عمقاً تلك الخبرة التي عاشها مع المسلمين وخاصة عندما كان يراهم يُصلّون.



عاد شارل إلى فرنسا وقد استقبلته أخته وعائلته بكل فرح وحنان وكان لهذا الاستقبال وقع بالغاً في نفس شارل كونهم لم يشيروا إلى أي شيء يتعلق بماضيه المتغير المليء بالمغامرات. وفي جو العائلة المسيحية عادت حياة شارل من جديد: "لدى إقامتي في باريس، التقيتُ بأشخاص ذوي فضيلة راسخة وذكاء لامع، وهم مسيحيون بكل معنى الكلمة. فقلتُ في نفسي ربما هذه الديانة بغير معقولة". وبدأ شارل منذ ذلك الحين البحث عن الله بكل قواه.

بعد شهور من البحث، آتى من سيكون أداة لقاءه مع الله، انه الأب هوفلان، كاهن الرعية التي تصلي فيها عائلة شارل. وبأول لقاء بين الكاهن المعلم وشارل التلميذ الذي جاء يناقشه في أمور تخص الدين، طلب الأب هوفلان من شارل الركوع والاعتراف أولا أمام الله بخطاياه حتى تنجلي الحقيقة في أعماقه. وبعد تردد قـَبل شارل الطلب، فركع واعترف بكل خطاياه وشعر وقتها بفرح لا يوصف: " لم تستقبلني فقط، أنا الابن الشاطر، بطيبة لا توصف، بدون عقاب ولا توبيخ، وبدون تذكير بالماضي، بل استقبلتني بالقبلات والحلة الفاخرة وخاتم الابن.. بحثت عنى أنت الأب الحنون، فاسترجعتني من بلد بعيد". كانت تلك كلماته التي كتبها بمذكراته فيما بعد، وكان هذا الاعتراف بمثابة النور الذي غير حياة شارل وأعاده من جديد لحضن الآب السماوي.



نظر شارل إلى حياته فوجد أن كنزه الثمين هو يسوع الذي يحمله في قلبه، فقرر أن يُكرس حياته للصلاة والعبادة، فدخل دير الترابيست في فرنسا [دير سيدة الثلوج] تاركاً كل شيء من ورائه مُسلماً حياته ليسوع المخلص. عاش شارل على مثال يسوع في التواضع والفقر حتى انه رغب في حياة أكثر فقراً فطلب من رئيسه بالدير أن ينقل لأفقر دير بالرهبنة، وبالفعل انتقل شارل إلى دير فقير في سوريا [دير الشيخلي] وفي هذا الدير الفقير عمل شارل مع العمال وأحس معهم بصعوبات الحياة والمشاكل التي يتعرضون لها بسبب أعمالهم الوضيعة في نظر المجتمع. وفي إثناء زيارته لأحد المرضى أصطدم شارل بالفقر المدقع وخلق هذا المشهد صرخة عظيمة وقوية في داخل شارل: "إن ديرنا فقير ولكن ليس مثل فقر الناس، ليس مثل فقر يسوع في الناصرة....إني أحن للناصرة" وبعد سبع سنوات وبموافقة الرؤساء ترك شارل دير الترابيست باحثاً عن دعوته وفي قلبه نداء من الناصرة. وبالفعل ذهب إلى هناك وعمل خادم بدير للراهبات الكلاريس وعاش داخل كوخ داخل الدير.عاش شارل بين عمله كخادم وبين الصلاة والسجود أمام يسوع الحاضر في سرّ القربان وبالتأمل في الكتاب المقدس متأملاً زيارة مريم العذراء لأليصابات، و يسوع في أحشاء مريم يبارك يوحنا، وهكذا أراد شارل أن يحمل يسوع للآخرين ليباركهم. وأثناء تأملاته اليومية جاءته فكرة شراء أرض في قمة جبل التطويبات، وتأسيس دير للكهنة النساك. وبدأ يفكر انه يريد أن يُصبح كاهناً حتى يقوم بخدمة كهنوتية تقوم على الفقر والزهد.



وفي منتصف عام 1900م عاد شارل إلى فرنسا للاستعداد للكهنوت وأمضى عدة أشهر في دير سيدة الثلوج من جديد. بعد عام سيّم كاهناً وكان دائم التأمل والسجود أمام القربان المقدس، مُمعن التفكير في فكرته عن تأسيس دير للكهنة النساك ولكن ليس بجبل التطويبات إنما في صحراء بني عبّاس، تلك الواحة الجزائرية القريبة جداً من الحدود المغربية. وبالفعل قام شارل بالتعاون مع الفعاليات الفرنسية الجزائرية بإنشاء بيت صغير مُشرعاً بابه أمام الجميع: "أريد أن أُعوَّد كل سكان المنطقة من مسيحيين ومسلمين ويهود على أن ينظروا إليّ كأخ لهم، أخ الجميع. وقد بدءوا يسمون البيت (الأخوة) وهذا ما يحلو لي كثيراً". عاش شارل على مثال يسوع، بروح تعطي محبه بلا حدود وفرح لا ينزعه احد وخدمة مجانية مقدمة للجميع. كان لدى شارل قناعة راسخة أن يسوع حاضر في كل إنسان يُعاني من وطأة الفقر أو الاضطهاد تماماً كما هو حاضر بالقربان المقدس.أخذ شارل يتوغل في صحراء الجزائر حتى وصل إلى القبائل البدوية وقوبل بترحاب شديد من رئيس القبيلة. عاش بينهم ومثلهم دون بيت كأهل الطوارق، عاش كل ما عاشوه من فقر وجفاف أحياناً وحرب وانقسامات أحياناً أخرى، حتى انه كان يبني معهم حصناً يحتمون فيه من السهام الغادرة. وعلم شارل أن وضعه خطيراً ولكن ارتباطه بهم وتضامنه الإنساني معهم حال دون تركهم في هذه الظروف.

وفي مساء الأول من ديسمبر 1916 اقتحمت عصابة، القبيلة لنهبها وسرقتها، فأمسكت بالأخ شارل، أخذوه ثم تركوه تحت حراسة صبي في الخامسة عشر من عمره ، لكن الوصول المفاجئ لرجلين من سعاة البريد، خلق جواً من الارتباك والخوف فقد على أثره الصبي رشده ، فأطلق النار على سجينه فقتله في الحال. وكان قبل ساعات من موته قد كتب: "عندما نستطيع أن نتألم ونحبّ، ترانا نقوم بعمل كبير، بأعظم ما يمكن عمله في هذا العالم. إننا نشعر بأننا نتألم، إنما لا نشعر بأننا نحب وذلك لألم كبير يُضاف إلى تألمنا... غير أننا نعلم بأننا نريد أن نحب. والرغبة في الحبّ هي الحبّ بالذات".

كان شارل ضحية العنف مثل الكثيرون في الحروب ، وقع شارل مثل حبة الحنطة، فإذا ماتت أثمرت ثمراً كثيراً .

مات شارل واستشهد وحيداً وكأنه صار قرباناً بقوة سجوده وتأمله لمن حوله، لقد تاق الأخ شارل أن يموت هكذا فكتب: "مهما كان السبب الذي من أجله يُهدر دمنا، إذا ما تقبلناه من أعماق قلبنا كهدية منك يا الهي فإننا نموت في الحب ولا غير، سيكون له معنى في نظرك يا الهي وسيكون صورة كاملة عن موتك
 
قديم 08 - 08 - 2016, 05:49 PM   رقم المشاركة : ( 13952 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا تعرف عن الأب الناسك أنطونيوس طربيه المريميّ؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة الأب الناسك أنطونيوس طربيه المريميّ
مريميٌّ، بَحَتَ تسكابُ دموعه أمام صورة العذراء وعند ذكر ٱسمها، ملامحَ مريمَ على وجهه؛ فأمسَتْ سيرتُه أُنْموذجَ راهبٍ مريميّ. ناسكٌ مارونيّ، نَصَبَ صليبَه إلى جانب صليب معلّمه الإلهيّ على الجلجلة، وٱشترك في التكفير والتعويض عن خطاياه وخطايا العالم، مُرَدِّداً كلّما داهمَتْه الأوجاع: “ٱرحَمْني يا الله كَعَظيمِ رحمتِكَ”.


هو جبرايل يوسف طربيه، وُلِدَ في تنّورين عام 1911، من والدَيْن مارونيَّيْن مؤمنَيْن. رُشِمَ فَوْرَ ولادَتِهِ، لِخَطَرِ الموت، ثمَّ أُكْمِلَتْ فيما بعد رتبةُ عماده على يد كاهن الرعيّة. توفِّيَ والداه ولم يزَلْ في سِنٍّ مبكِّرة؛ فَعُنِيَ عمُّه بطرس طربيه بتربيته وتثقيفه إلى حين تَرْكِه العالم وٱعتناقِه الحياة الرهبانيّة.
توشّح، في 12 تشرين الثاني 1928، بثوب الإبتداء في الرهبانيّة المارونيّة المريميّة، متّخذاً ٱسم الأخ إقليموس. أمضى فترةً من ٱبتدائه في دير سيّدة اللويزة – زوق مصبح، ثمّ في دير مار سركيس وباخوس – عشقوت، إلى أن لَبِثَ في دير مار أليشاع – بشرّي، حيث لَبِسَ الإسكيم الرهبانيّ في 30 نيسان 1930 ودُعِيَ بٱسم الأخ بطرس، ثمّ أخيراً بٱسم الأخ أنطون. في 3 شباط 1935، رُقِّيَ إلى درجة الكهنوت المقدّسة، في كنيسة دير سيّدة اللويزة، بعد أن أنهى دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة. في اليوم التالي لرسامته الكهنوتيّة، ٱحتفل الكاهن الجديد بقدّاسه الأوّل في كنيسة دير مار ضوميط – فيطرون
.
عاش الأب أنطونيوس طربيه حياةً مسيحيّةً رهبانيّةً نسكيّةً مشعّة، قادَتْ الكثيرين إلى نور المسيح. كان قلبُه ينبِضُ عبادةً متواصلةً للقربان المقدّس؛ فَيُقيمُ الذبيحة الإلهيّة بكلّ تَأَنٍّ وخشوع، ثمّ يُمضي ساعاتٍ ساجداً أمام القربان، بكلّ حرارةٍ وٱنسحاق قلب، باسطاً يدَيْه بشكل صليب. بعد أن ينهي صلاة المسبحة الورديّة وطِلبة وزيّاح العذراء، تمتدّ صلاتُه في عمله اليدويّ كما في لقائِه المؤمنين وسماعِه اعترافاتهم وإرشادِه إيّاهم؛ فما يحثّهم إلاّ على ما يختبره بنفسه، إذ يقول: “الصلاة هي كَالدَّمِ الجاري في العروق”. واظب الأب أنطونيوس على ممارسة الصوم، فلم يَكُنْ يأكل إلاّ مَرَّةً واحدةً في اليوم، بعد أن يكونَ قد خَلَطَ أصنافَ الطعامِ المُقدَّمِ له بعضَها ببعضٍ، حتّى لا يلتذَّ بِطَعمِه. عندما كان يُسْأَل عن ذلك، كان يقول: “إنّ سيّدي يسوع المسيح ذاق على الصليب أَمَرّ منه”. هكذا، أضحى حضورُ “أبونا أنطون” معلِّماً وعيشُه واعِظاً وعملُه مصلِّياً في كلّ وظائفه وخِدَمِه الرهبانيّة. كان أباً روحيّاً مميَّزاً، مرشداً للراهبات في دير مار يوحنّا المعمدان – حراش، منذ 1935 حتّى 1949، حيث عُرِفَ بـِ“حبيس حراش”. وإذ عُيِّنَ في جماعة رهبان دير مار أليشاع في بشرّي، خَلَفَ الحبيسَ الأب أنطونيوس جرجس غصن في دير مار أليشاع القديم، فَجَسَّدَ، ببطولة عيشه الإيمان والرجاء والمحبّة، روحانيّة الترهّب في الكنيسة المارونيّة، أي روحانيّة النسك الرسوليّ؛ فلم تمنعه يوماً حياةُ النسك والتقشّف من شقّ باب حصنه المتواضع للزوّار الوافدين إليه للصلاة والتبرّك والإسترشاد، ومن تلبية الرسالة، في كلّ مرّةٍ كان يُطلَب منه، بأمر الرؤساء، إلقاء المواعظ على المؤمنين في القرى والمدن اللبنانيّة. تَمَّ نقله إلى دار المسيح الملك في زوق مصبح، بأمر السلطة الرهبانيّة، في 9 كانون الأوّل 1981، إثر تدهور صحّته. عام 1990، في 11 شباط، إبّان الحرب اللبنانيّة، نُقِلَ الأب الناسك إلى دير مار سركيس وباخوس في عشقوت، فلَقِيَه بيتُ الإبتداء عاجزاً طريح الفراش، بعد أن عرفه عام 1929 شابّاً يدفق حميّة، ترك العالم كي يتبع المسيح. في 3 حزيران 1994، أُعيدَ الأب طربيه إلى دار المسيح الملك، وقد ٱشتدّت وطأة المرض عليه؛ فَمَعَ حَرْقِ الثلوج لرجليه، وداء المفاصل ناهشه الدائم، والفطر المعويّ المتفشّي من معدته إلى شفتَيْه، وعقر جسده النحيل، أمسى أبونا أنطون، نظير معلّمه الإلهيّ المصلوب، رجل أوجاعٍ مسمّراً على فراش الألم، مصاباً من أعلى الرأس إلى أخمص القدمَيْن، “ولم يفتح فاه” (أشعيا 7/53). كان يصلّي بقلبه، بعقله، بجسده، شاكراً الله على نعمة الألم الخاصّة، شاهداً لحكمة الصليب بِبَسْمَةٍ لم تفارق وجهه إطلاقاً ومُحَيّاً يطفح هدوءاً وسلاماً وبهجة. في 20 حزيران 1998، في الليل الواقع بين عيدَيْ قلب يسوع وقلب مريم الأقدسَيْن، أسلم أبونا أنطون روحَه للربّ، بين يدَيْ أمّه السماويّة التي هام بحبّها. خمسٌ وعشرون سنةً من دروب الآلام، ٱنتهَتْ ليُسْكِنَهُ الله نِعَمَهُ ورحمَتَه. نُقِلَ جثمان الأب طربيه إلى الوادي المقدّس – بشرّي، حيث وُورِيَ في مغارةٍ بجانب كنيسة دير مار أليشاع، يتوافد إليها اليوم آلاف المؤمنين، يدقّون بابها ثُلاثَ، طالبين النِّعَمَ من الربّ بشفاعته
.
عَقْدٌ أوّل ٱنطوى، وأبونا أنطون ما يبرح الناسكَ الأبقى اليوم في البال. سُنونٌ عَشْرٌ، بعد سِنيه السبعِ والثمانين، ٱنطوَتْ على خِبراتٍ حقيقيّة وشهاداتٍ حيّة، “لو سَكَتَ عنها البشر لَهَتَفَ بها الحجر” (لو 40/19). فهذه أمٌّ تفرح برؤية طفلها يولد ولادة طبيعيّة، مثلما أكّد لها أبونا أنطون، بقوّة العذراء، ولم يُصِبْ أيّاً منهما مكروه، خلافاً لِمَا قال لها الأطبّاء. وذاك خاطئٌ يتوب باكياً معترفاً بخطاياه، بعد رَفْضِ “أبونا أنطون” ٱستقباله ونظرتِه إليه التي حرّكَتْ في قلبه الندامة والتوبة. وتلك عائلة ٱفتقدها الله بصلاة “أبونا أنطون” وموهبة كلمة المعرفة التي نالها من الروح القدس، فأخبر الوالدَيْن عن مكان وجود ٱبنِهما المُختَطَف خارج لبنان وطَمْأَنَهما بأنّه سَيَعود سالِماً بعد أسبوعَيْن. هُنا، رهبانٌ شَهِدوا نجاة “أبونا أنطون” العجائبيّة من حريقٍ كثيف ٱندلع في قلاّيته من جرّاء مهاجمةٍ شيطانيّة. وهناك، جماعةٌ من المؤمنين يخبرون عن إنقاذ “أبونا أنطون” لهم من ٱنهيارٍ صخريٍّ في الوادي المقدّس، بفضل موهبة الروح القدس عينِها له. وهنالِك، والدان يمجّدان الله الذي أجرى معجزة شفاء ٱبنهما من سرطان الدم، بصلاة “أبونا أنطون” للعذراء مريم المقبولة لديه. هؤلاء وأولئك أجمعون، “يتكلّمون بما عاينوا وشهادتهم حقٌّ هي” (يو 35/19).شهاداتٌ وشهاداتٌ أُخَرُ كثيرة، لا يَسَعُ ذكرها واحدةً واحدة، يحملها إخوةُ وأبناءُ “أبونا أنطون” الروحيّين، تجمعُهم في عائلةٍ روحيّةٍ واحدة محبّتُهُمُ المتّقدة له، ويوحِّدُهم يقينُهُمُ الثابت بقداسته، منتظرين، بملء الطاعة، حكم الكنيسة المقدّسة
.
نصلّي كي يُنْعِمَ الله علينا برؤية “أبونا أنطون” مرفوعاً على المذابح، للكنيسة والعالم، قدّيساً يتمجّد به ٱسم الثالوث القدّوس؛ ويُتَلْمِذَنا على يد ناسكه ورسوله المريميّ، في مدرسة “محبّة الله ومحبّة العذراء
”.

الأخ شربل بطيش المريميّ دير مار سركيس وباخوس – عشقوت بيت الإبتداء للرهبانيّة المارونيّة المريميّة
 
قديم 08 - 08 - 2016, 05:51 PM   رقم المشاركة : ( 13953 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا تعرف عن أبونا يعقوب الكبوشي ؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبونا يعقوب الكبوشي


وُلد خليل (المكرّم “أبونا يعقوب”) في أوّل شباط سنة 1875، في بلدة غزير.

والده بطرس صالح الحدّاد، والدته شمس يواكيم الحدّاد، وهما والدان صالحان يتحلّيان بروح التقوى والفضائل المسيحيّة.
يقول أبونا:

علّمتني أمّي:

“إعمل كلّ شيء واحتمل كلّ شيء حبًّا لله”؛

“يا ابني في ساعات الشدّة، صلِّ بمسبحة أمّكَ “؛

“إيماني إيمان بطرس”.

وعلّمني أبي:

الواقعيّة، وصواب الرأي مع حبّ النكتة البريئة وشيءٍ من تصلّب الإرادة…

نشأته

قبلَ خليل سرّ العماد في كنيسة سيّدة الحبشيّة في الحادي والعشرين من شهر شباط سنة 1875، ونشأ في بلدته غزير، يتعلّم في مدرسة الرعيّة – مار فرنسيس، ثمّ انتقل إلى مدرسة القدّيس لويس المعروفة بمدرسة المزار، ليلتحق، فيما بعد، بمدرسة الحكمة في بيروت، متخرّجا منها سنة 1891. وكان طالبًا ذكيًّا متفوّقًا بارزاً في تقواه وتعبّده للعذراء مريم.
سافر إلى الإسكندريّة سنة 1892 مزاولاً التعليم، كي يُعين والديه على تربية إخوته، فكان معلّما ناجحا يغذّي طلاّبه بالفضيلة والمعرفة، وشابًّا تقيًّا عاكفا على العبادة والتأمّل في حياة المسيح. وهناك سمع صوت الدعوة ليهجر العالم ويحمل الصليب ويتبع المسيح. قال: “سأصير كاهنًا”.
عاد إلى غزير، وراح يجاهد بالسيرة والرّوح والصلاة ليقنع أباه بطرس بدعوته الرّهبانيّة الكبّوشيّة إلى أن تحقّقت له أمنيته، ودخل دير مار أنطونيوس خشباو للآباء الكبّوشيّين في 25 آب سنة 1893. يُذكَر أنّه قال حينها: “دخلت طيِّب وما بضهر إلاّ ميِّت”.
لبث في الطالبيّة الكبّوشيّة ثمانية أشهر عاملاً في جنينة الدير، متمثّلاً بيسوع فتى النّاصرة، مبديا الميل إلى الحياة الرّهبانيّة وما يترتّب عليها من فقر وعفّة وطاعة، مبرهنا عن دعوة صافية للترهّب، ممتلئا بحبّ الخدمة والصلاة.

مرحلة الابتداء
دخل مرحلة الابتداء الرّهبانيّ، وهو بعدُ في دير مار أنطونيوس خشباو، ليتعلّم طريق السلوك الرّهبانيّ وما تستلزمه الحياة الرّهبانيّة من فضائل وكمال. وفي السادس والعشرين من شهر آذار سنة 1894، ألبسه رئيس الدير ثوب الابتداء متّخذًا له اسم الأخ يعقوب.
سار الأخ يعقوب الحدّاد الكبّوشيّ طريق الابتداء بكلّ قناعة ومثاليّة، فكان قدوة صالحة في جميع تصرّفاته، مستسلما للعناية الإلهيّة، متجاوبا مع إرادة المسؤولين عنه بطاعةٍ وفرحٍ وأناةٍ ودماثة خُلقٍ، متمثّلاً بالقول الإلهيّ: “ما مِن أحدٍ يضع يده على المحراث، ثمّ يلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله” (لو62:9). وكان، كلّما شعر بشدّة أو ضيق، يلجأ إلى الصليب، متمثّلاً بقداسة أبيه مار فرنسيس الأسيزيّ، ومستنيرًا بفضائله، فيزداد ارتياحًا إلى الحياة الرّهبانيّة، حياة الصليب والقداسة.
إقترع الرّهبان بالاجماع على أهليّة الأخ يعقوب قبل النّذور. وفي الرّابع والعشرين من شهر نيسان سنة 1895، أبرز النّذر البسيط؛ وبعد ثلاث سنوات، أبرز النّذر المؤبّد في اليوم الرابع والعشرين من نيسان سنة 1898.

كهنوته

إنتقل الأخ يعقوب إلى دير القريّة إتماما لدروسه الكهنوتيّة، التي كان قد بدأها في دير مار أنطونيوس خشباو، منتظرًا يوم سيامته كاهنا، تائقا إلى النّهار الذي يقدّم فيه الذبيحة الإلهيّة للمرّة الأولى: “أعطني، يا إلهي، أن أقدّم ولو ذبيحة واحدة، وبعد إذا شئتَ أن تأخذني إليكَ فأكون معزًّى ومسرورًا”.
إقتبل درجات الكهنوت شمّاسا رسائليا (1899)، وشمّاسا إنجيليا (1900)، وفي أوّل تشرين الثاني سنة 1901، رقّاه المونسنيور دوفال الدومينيكانيّ الفرنسيّ، القاصد الرّسوليّ في لبنان وسوريا، إلى درجة الكهنوت. وأقام قدّاسه الأوّل في كنيسة مار لويس في بيروت (باب ادريس).
شخَصَ إلى بلدته غزير ليحتفل بقدّاسه الثاني على مذبح دير مار فرنسيس، تعزيةً لوالدَيه وإخوته وأبناء بلدته.

رسول الشّعب

أقام “أبونا يعقوب” في دير بيروت، وراح يعمل بجدّ ونشاط وغيرة رسوليّة وثّابة، فنال إعجاب رئيسه لما رأى فيه من جهاد حيّ في خدمة الربّ، فوجّهه إلى أعمال الرّسالة، فشرع يُنشئ المدارس الابتدائيّة للصبيان والبنات في قرى لبنان منتقيا لها المعلّمين الصالحين الجديرين بهذه الرّسالة الشّريفة.
كان “أبونا يعقوب” يتعهّد بنفسه مدارسه، فيزورها مشيا على قدميه، متفقّدًا شؤونها، غير آبهٍ بالتعب والعناء والمشقّة. وكانت غيرته الأبويّة الرّسوليّة تدفعه إلى العناية بإعداد الأحداث للمناولة الأولى، فيشرف بنفسه على تعليمهم لقبول القربان الأقدس. وقد شهد معاصروه على أنّه كان يقيم المهرجانات الرّوحيّة والتطوافات المقدّسة بالقربان الأقدس أو بأيقونة العذراء، ويأخذ طلاّبه والثالثيّين في زيارات حجّ إلى معابد العذراء وبخاصّة معبد سيدة لبنان.
ومع المشاريع المدرسيّة أنشأ “أبونا يعقوب” “الرّهبانيّة الثّالثة” للرجال والنّساء، تيمّنًا بأبيه القدّيس فرنسيس الأسّيزي، ونشر مبادئها ونظامها في المدن والقرى سنة 1906. وكان يؤهّب أعضاءها بالرياضات الرّوحيّة، والوعظ، والإرشاد، ويزورهم مشيا من قرية إلى قرية، ليلتقي بالأعضاء ويحرّضهم على أن يكونوا المثال الصالح بالسيرة والسلوك والصلاة، وهذا ما أمّن للرّهبانيّة الثالثة الانتشار والديمومة والاستمرار. كان يريدهم رسلاً جددًا في كنيسة المسيح، وخميرةً في عجين المجتمعات اللّبنانيّة…



أمّا اليوم فما زالت هذه الرّهبانيّة الثّالثة تنتشر في ضياعنا ومدننا، يسهر عليها مؤسّسها بقداسته وصلواته، ويدير شؤونها نخبة من العلمانيّين، الذين عُرفوا بالتّقوى والصّلاة والوفاء، ويسهر عليها الإخوة الكبّوشيّون.
لم يقتصر الهمّ الرّسولي عند “أبونا يعقوب” الكبّوشيّ على بلاده وحسب، بل تعدّاه إلى فلسطين والشام وبغداد، وكانت جوارحه تحنّ إلى التبرّك بزيارة الأماكن المقدّسة في فرنسا وإيطاليا، فسهّل له رؤساؤه أمنيته وسافر إلى فرنسا، ثمّ الى روما حيث حظي بمقابلة قداسة الحبر الأعظم البابا بيوس العاشر سنة 1910.
سنة 1914، اشتعلت الحرب العالميّة الأولى، فاضطرّ رفاقه الكهنة الفرنسيّون إلى مغادرة لبنان، ففوّض إليه رئيسه الأب جيروم كلّ أمور الرّسالة، ومن ضمنها رعاية أديرة الرَاهبات الأوروبيّات، على الصعيدَين الرّوحيّ والمادّيّ. تعرّض “أبونا يعقوب” خلال تلك الحرب، لأهوال مميتة وأخطار شرّيرة، إلاّ أنّ يد الرّب كانت معه تردّ عنه المكايد والمخاطر وتنقذه من أيدي الشرّ.

رسول الرّحمة في مملكة الصليب


في غمرة أعماله المتواصلة وأتعابه الدّائمة، راود “أبونا يعقوب” حلم رفع صليب جبّار على إحدى التلال، لأنّه رأى ما دهى لبنان في الحرب الأولى من كوارث ومآسٍ، وقد مات عشرات الألوف من أبنائه جوعاً وشنقا ونفيا، دون أن يُقام الصليب على قبورهم، ليُصبح هذا المشروع مكانًا لتجمّع الثالثيّين، للصلاة على نيّة كلّ الذين ماتوا أثناء الحرب وللصلاة على نيّة المغتربين.

قد تحقق الحلم


في إطار تفتيشه عن مكان لرفع الصليب، لفتت أنظاره رابية في جلّ الديب، كانت تُدعى “تلّة الجنّ”، فاشتراها بعد طول عناء في 25 آب سنة 1919، وأقبل على تحقيق المشرروع متّكلاً على عناية الله وفلس الأرملة. إنتظر “أبونا يعقوب” زيارة الرّئيس العامّ للكبّوشيّين، الأب جوزف برسيستو، لوضع الحجر الأساسيّ ومباركته، وكان ذلك بتاريخ 19 كانون الثاني سنة 1921. وارتفع البناء، وانتهت الكنيسة أوّلاً، فكُرّست على اسم سيّدة البحر، وتمّ تدشينها في 3 أيّار سنة 1923 بوجود عدد كبير من الثالثيّين. وقد وُضعَ تمثال للسيّدة العذراء حاملة الطّفل يسوع، وعلى قدميها مركب مسافرين. وأخيرًا رُفع من الجهة الغربيّة للكنيسة صليب كبير، فتحقّق الحلم، حلم “أبونا يعقوب”.
كان مؤمنًا بأنّ الكاهن هو سفير الله على الأرض ووزيره. لذلك، وبعد التّدشين، استقبل في 4 تشرين الأوّل سنة 1926، أوّل كاهن وجده مهملاً ومتروكًا في أحد المستشفيات، لينهيَ حياته بكرامة في الصلاة والقداسة، وتبعه فيما بعد كهنة آخرون. ومرضى ومُقعَدون من أديان ومذاهب مختلفة. ولمّا ضاق بهم المكان، فتح لهم مراكز أخرى خاصّة بهم. يومها شعر أبونا يعقوب، في الصّميم، بالحاجة الماسّة إلى تأسيس جمعيّة رهبانيّة تُعنى خاصّةً بأولئك الكهنة والمرضى، فبدأ مشروعه الكبير، متّكلاً على العناية الإلهيّة، مع مجموعة صغيرة من الفتيات الثالثيّات، عهد بتنشئتهنّ إلى الراهبات الفرنسيسكانيّات اللونس لو سونيه، ليصبحن فيما بعد جمعيّة راهبات الصليب الفرنسيسكانيّات اللبنانيّات.

أنا وسامي الصليب


إنّ أشغاله العمرانيّة الكثيرة جعلته على اتّصال بالحكومات المتسلسلة وبرجالات لبنان. وقد زار دير الصليب أكثر من شخصيّة مسؤولة، منهم:
الرّئيس اميل ادّه، الذي منحه وسام الاستحقاق اللبنانيّ ذا السعف (في 5 كانون الثاني 1938)؛ والرّئيس بشارة الخوري الذي منحه وسام الاستحقاق اللبنانيّ المذهّب (في 2 حزيران 1949)، وأتبعه (في 26 تشرين الثاني 1951) بوسام الأرز اللبنانيّ برتبة ضابط؛ والرّئيس كميل شمعون منحه لدى وفاته وسام الأرز المذهّب (في حزيران 1954). أمّا هو فكان يقول: “أنا وِسامي الصليب”.

ومثلما قدّره وكرّمه رؤساء الجمهوريّة، قدّره وساعده كبار الشخصيّات اللبنانيّة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر دولة الرئيس سامي الصّلح، والوزير حكمت جنبلاط، والمير مجيد إرسلان، والرئيس عمر الداعوق… هذا بالإضافة إلى شهرة عالميّة إذ كتبت عنه صحف إيطاليا وإسبانيا، وكلّها تغدق المديح والثناء على الأب المؤسّس ومشاريعه الإنسانيّة الخيّرة.

أبونا يعقوب” واليوبيل الذهبيّ الكهنوتيّ


سنة 1951، بلغ “أبونا يعقوب” السنة الخمسين من ارتقائه إلى درجة الكهنوت المقدّس (1901)، وتحوّل في هذه السنة عينها دير الصليب من مأوى إلى مستشفى للأمراض العقليّة والنّفسيّة، إثر اعتراف الحكومة اللبنانيّة به رسميًّا، فكان الاحتفال اليوبيليّ مزدوجًا، مُنح خلاله وسام الأرز اللبنانيّ.

“أبونا يعقوب” يسلّم الأمانة


إبعد هذا العمر الحافل بالجهاد المستمرّ، انتهى “أبونا يعقوب” إلى انحطاط جسديّ، غالَبَ فيه المرض وقلّة النظر. وعندما أنبأه صديقه الأب دوبري لاتور حقيقة وضعه الصحيّ، فرح وابتهج لأنّه ذاهب إلى لقاء أبيه السماويّ. ولمّا اشتدّ عليه المرض قال للرّئيسة العامّة الأم ماري عبدة المصلوب زغيب المهتمّة بمعالجته والعناية به: “لم يعد من لزوم أن تتعذّبي، يا ابنتي، لقد عملتِ كلّ واجباتك فاتركيني أذهب للقاء ربّي”. وقد اعتبر موته انتقالاً من غرفة إلى غرفة فقال: “إنّي سأنتقل إلى السّماء، ولا أزال أعاونكِ…فلا تخافي…أوصيكِ بالرَاهبات”. ثمّ بارك بناته الرَاهبات وأوصاهنّ بالمحبّة والطّاعة.
وفي صبيحة نهار السبت 26 حزيران 1954 قال: “هذا آخر نهار”. وبعد نزاع، ووسط دموع بناته الرَاهبات والصّلوات والمدائح ليسوع ومريم ويوسف، أسلم روحه معانقًا صليب الرّبّ، حبيب القلب. وكان ذلك في تمام السّاعة الثّالثة بعد الظهر.
عاش “أبونا يعقوب” ثمانين عامًا مليئةً بالحصاد، وعابقةً بالجهاد والفضائل، وقد أسلم الروح بهدوء القدّيسين وراحتهم.

مأتمه


إنتشر نبأ وفاة “أبونا يعقوب” الكبّوشيّ في لبنان والعالم، فبكاه الجميع، وزحفت الجماهير إلى دير الصليب للتبرّك بلثم يده الطّاهرة، ولرؤيته للمرّة الأخيرة. وفي صباح يوم الأحد 27 حزيران، احتُفل بالذّبيحة الإلهيّة برئاسة ممثّل الحبر الأعظم السفير البابويّ المونسنيور بلترامي. وحضر صلاة الجنّاز حشد كبير من الأساقفة والكهنة والرّهبان والراهبات، ووفود الرّهبانيّة الثالثة، والمؤمنين، كما شارك فيه أصحاب الدّولة والمعالي والنوّاب والأعيان، وذوو المناصب الرّسميّة والاجتماعيّة… وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى سيادة المطران بولس عقل تأبينًا قيّمًا مناسبًا لشخصيّة الرّاحل الكبير معدّدًا مناقبه ومحامده ومبرّاته ومشاريعه…
بالإضافة إلى ذلك، انهالت على الرّئيسة العامّة الأم ماري عبدة المصلوب زغيب برقيّات التّعزية من الوطن وخارجه، وكلّها تعرب عن مكانة الفقيد الغالي وشهرة مشاريعه الواسعة وفضائله وقداسته، نذكر منها رقيم قداسة البابا بيوس الثّاني عشر، ورقيم المغفور له البطريرك أنطون عريضة… وكلمات فخامة الرّئيس الشيخ بشارة الخوري، واللّواء فؤاد شهاب قائد الجيش، كما راحت الصّحف والمجلاّت تفرد لأعماله وشخصيّته الصّفحات المدبّجة بعطر الوفاء والتقدير.
دُفن “أبونا يعقوب” في ضريح قرب المذبح في الكنيسة الجديدة، وكان قد قال: “هذه الجورة ستخلق لكم المشاكل”. وبالفعل بعد ستّة أشهر أمرت السّلطات الكنسيّة بنقل جثمانه إلى مدفن آخر بعيدًا عن المذبح ليبقى الإكرام موجّها فقط للمذبح والقربان.
في الثّامن والعشرين من شهر نيسان سنة 1957، وبحضور رهط كبير من المسؤولين الرّوحيّين والزمنيّين، وحشود غفيرة من محبّي صاحب الذّكرى، أُزيح السّتار عن تمثال “أبونا يعقوب” في وسط مملكة المحبّة، المدينة التي بُنيت على جبل، ليبقى هو نبراسها ومنارتها، ثمّ نُقل في سنة 1979 إلى مدخل بلدة جلّ الديب.



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


 
قديم 08 - 08 - 2016, 05:57 PM   رقم المشاركة : ( 13954 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا تعرف عن القديسة جان أنتيد؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديسة جان أنتيد
ولدت جان أنتيد في 27 نوفمبر 1765. مرضت والدتها وساءت حالتها كثيرا فعهدت بالطفلة إلي خادمة لترعاها ولكن الخادمة كانت طائشة فعرضت حياة الطفلة للخطر أكثر من مرة.





ماتت والدتها وهي في سن الخامسة عشر فعهد إليها والدها برعاية المنزل مع عمتها.

قبل أن تموت والدتها علمتها الصلاة وحب الخير والجدية .... غرست فيهاالقيم والمبادئ والخلق.

نمت في قلبها بذرة الإيمان وشعرت بنداء الرب لها لتصير راهبة فبعد أن طلبت من والدها بركته الأبوية, انطلقت إلي الدير في يوليو سنة 1787.

أمام جموع الأطفال والمرضي والفقراء .... كانت تردد في قلبها:"سأكرس لهم ذاتي كلياً" كانت تشعر بنداء قوي في أعماقها. وقرب الاحتفال بارتداء الزي الرهباني المقرر أن يتم في أكتوبر 1788 أصيبت بحمي ملأت جلد رأسها بثور. وقال الطبيب : هذا المرض غير قابل للشفاء. عالجتها أخت ممرضة بالنباتات وشفيت بمعجزة في غضون يومين.

-2/4/1789 قامت الثورة الفرنسية ... وبقيامها دقت ساعة المصير لراهبات المحبة للقديس "فنسان دي بول". ذلك أنهن صمدن وبقين في خدمة مستشفي "براي سوزسوم" أمام الثوريين الذين كانوا يرون في تصرفهن تحديا ... إذ كن يتجرأن ويتجولن في المدينة.

-1795 تخمد الثورة وجان أنتيد التي لم تكف يوماً عن التفكير بالرب ونذر حياتها له, تلتحق في سويسرا بجمعية "روترات" المسيحية التي أسسها الأب روسوفور. لكن في سويسرا رفضت هذه الجمعية وطردت فاضطر الأب روسوفور إلي ترك البلاد واللجوء إلي بافيار وبعدها إلي النمسا, وقد كانت مسؤولة عن الاعتناء بالمرضي ومعالجتهم.

وتوقفت في "اينزيدلن" وتقابلت مع ناسك فقال لها : الرب يريد منك أن تكوني في فرنسا. اذهبي كابنة للقديس منصور دي بول وبشري الفقراء.

-يوليو 1797 وصلت جان أنتيد إلي "لاندرون" في سويسرا وهناك التقت مع كاهنين لاجئين هما : شافواي وباكوف وقالوا لها : " الشبيبة المهملة تنتظرك في فرنسا ابدأي بمدرسة وقومي بتكوين فتيات مثلك وسيتم خير عميم علي يديك. سنرجع إلي فرنسا حيث الهدوء عاد نسبيا وعليك أن تعودي أنت أيضاً وستجمعين الفتيات وتعملين وتؤسسين معهن معهدا للشبيبة ولإعالة البائسين".



استعدت للقيام باي خدمة. مكثت سنة كاملة مختبئة عند امرأة أرملة في "لاجرانج".

استأجرت حجرة في شارع مارتليو في بزنسون وبدأت الدراسة يوم 11 أبريل سنة 1799. وفي غضون أيام أكتظت المدرسة بالطالبات فاستأجرت منزلاً أكبر.

عاشت المساواة في المحبة والاحترام كان لها بسالة فياضة, مبادرة وعزيمة صادقة وجرأة.

لأن المثل الحي أنجح من الكلام فسرعان ما تقدمت فتاة تدعي "ناتيت بون" وعرضت علي القديسة جان أنتيد التطوع للخدمة وتبعتها ثلاثة أخريات وأصبحن كلهن قادرات علي القيام بأنشطة أخري لإعانة المعوزين والمرضي.

تمت المصالحة بين فرنسا والكنيسة في 16/7/1801 وساد الهدوء.

طلب المحافظ الجديد من الراهبات الاهتمام بسجن "بيلفو" للسجناء والسجينات السياسيين قائلاً: "بعد أن عجزت السلطات المدنية عن إحراز أي نتيجة فإن الراهبات قد ينجحن بفضل ما يتحلي نبه من محبة وبساطة غلابة".

وفعلا ذهبن وحولن السجن إلي شعلة نشاط ودب النظام فيه وحرصن علي النظافة وساعدن السجناء علي القيام بعمل مع تغيير حياتهم والتقدم في الفضيلة. ذهبت إلي "دول" لوضع قانون للمعهد الذي أسسته.

ولما ألغيت الإجراءات الثورية البالية تمكنت الأخوات من ارتداء الثوب الرهباني. ثم طلبت الملكة "ليتتسيا" أم الامبراطور نابليون بافتتاح فروع لأعمالها ومشاريعها الخيرية في ايطاليا فذهبت مع ثمانية من أخواتها إلي نابولي.

وبعد أن أدت رسالتها ماتت في 24 أغسطس سنة 1826 وهي تبلغ من العمر واحد وستون عاماً.

14 يناير 1934, أعلن البابا بيوس الحادي عشر جان أنتيد توريه قديسة. واليوم أصبحت راهبات المحبة يؤلفن جمعية واحدة تنتشر في أربعة وعشرين بلدا ويعملن علي خدمة الفقراء.



من أقوال القديسة جان أنتيد:

-الله معي دائما لا أخاف شيئاً

-عندما يدعو الله ونسمعه يعطي كل ما يلزم

-الوقت ثمين جدا لذا علينا ألا نضيعه

-ربي علمني إرادتك, إني أضع كامل ثقتي بك وأني مستعدة لعمل كل ما تنتظره مني.

-يسوع المسيح جمعنا لنحبه ونخدمه

-لقد سمعنا النداء, إنه صوت الإنسان, أنه صوت الله في لهفة الفقراء, والفقراء جميع الفقراء أخوة لنا.

-سأقطع البحار وأذهب إلي أقاصي المسكونة لو كنت أعلم أن الله يريد ذلك لمجده وخلاص النفوس.



من صلاتها :

"ربي أنك تري كل شئ وتعلم كل شئ فأني أثق بحنانك وقدرتك. لتكمل في مشيئتك الإلهية ولتكن لتقديسي".



روحانيتها :

مركزة علي كلمة الإنجيل : "كل ما تفعلونه بأحد هؤلاء الصغار فبي فعلتموه".

"أن نحب الله ونخدمه في شخص الفقراء"

المسيح نتأمله في الإنجيل نبشر به المساكين. نخدمه في شخص الفقراء أينما وجدوا روحيا وجسديا. لذلك فالصلاة والعمل هما وجهان لحقيقة واحدة نعيشها : هي المحبة.



شعارها:

"الله وحده" يجب ألا نعلق أنظارنا إلا علي الله ولا نفكر إلا به ولا نحيا إلا له" قوانيننا توصي بروح التقوي والمحبة والبساطة والتواضع.

محبتنا شاملة, قوية لأنها تنبع من قلب الله كمصدر كل حب. لذلك لا تحدها حدود ولا جنسيات.



انتشار جمعية راهبات المحبة للقديسة جان أنتيد:

سرعان ما أنتشر اسم جان أنتيد في أنحاء فرنسا. وفي عام 1810 طلبت منها السيدة ليتتسيا والدة الإمبراطور نابليون أن تؤسس في ايطاليا أعمال خيرية علي مثال ما قامت به في فرنسا, فاستجابت الأم جان أنتيد وما أن جاء عام 1826 حتي كانت قد أنشأت ما يقرب من مائتين مؤسسة ودير, إلي أن دعاها الله إلي دار الخلود بميتة صالحة في 24 أغسطس 1826 ولكن لم تمت أعمالها بل انتشرت وازدهرت نعم نمت حبة الخردل وصارت شجرة وامتدت أغصانها حتي وصلت اليوم إلي أربعة وعشرين دولة في العالم.

اليوم كما في الأمس "قريبنا في كل مكان
 
قديم 08 - 08 - 2016, 06:01 PM   رقم المشاركة : ( 13955 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يوسف خطيب العذراء مريم
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس يوسف خطيب العذراء مريم
لم يحفظ الكتاب المقدّس لهذا القديس العظيم كلمة خرجت من فيه، ولم تسمع الأرض نطقاً له. بل كان صمته وكماله، وجمال نفسه، وبديع صفاته، وسمو فضائله، مع بساطة حياته، أروع تعليم، وأفصح بيان،وأجمل فلسفة خرجت من فم إنسان. القديس يوسف مثلٌ أعلى للشبّان وللرجال وللأزواجولأرباب العيال، وللرهبان المتبتلين، وللبنات العذارى الأبكار، كما انه شفيع لهؤلاءجميعاً في دينهم ودنياهم. لأنه جمع في شخصه وفي حياته أسمى المزايا وأكمل الفضائلالتي يمكن أن يتحلى بها إنسان في هذه الدنيا.

كان يوسف البتول من بيت لحم، منسبط يهوذا ومن عشيرة داود. فكان بذلك من أشراف إسرائيل مولداً ومنشأ وحسباً ونسباً. إلا أن الله، الذي كان قد أراد لأبنه الوحيد حياة الاتضاع والفقر، شاء أن يكونالرجل الذي سوف ينتدبه ليكون الحافظ الأمين لأمه، والخادم الحكيم الصادق ليسوع فيحداثته، فقيراً مسكيناً، لا شأن له بين قومه، ولا ذكر له بين أهله وعشيرته.
لكنغنى القديس يوسف كان في قلبه. وكانت ثروته أخلاقه وفضائله. فاصطفاه الله بين جميعرجال إسرائيل لأعظم رسالة دعا إليها بشراً. فكان يوسف ذلك الرجل الذي حقق مقاصدالله فيه...

جعل يوسف حياته كلها، وعواطفه وأتعابه وشغله وقواه واسهاره وأفكارهوفقاً على خدمة مريم وابنها يسوع، ومحبتهما والتفاني في سبيلهما.

لم يذكرالإنجيل القديس يوسف كثيراً... كان قد رقد بالربّ بين يدي يسوع ومريم... لأنه لماأخذ يسوع يبشر بالإنجيل، صار اليهود يتساءلون ويقولون: "أليس هذا ابن يوسف"؟ فمتىكانت وفاة يوسف؟ لا أحد يعلم. إنما مات لما انتهت رسالته، واضحي يسوع قادراً، علىحسب نواميس وقواعد الطبيعة البشريّة، على القيام بمعيشته ومعيشة والدته. كان يوسفملاكاً حارساً لمريم، وكان ستاراً لعفافها وشرفها، وكان الحافظ الأمين لطفولة يسوع،وكان الخادم النشيط المحب لتلك العائلة المقدسة. فلما انتهت تلك الرسالة، مات بينيدي يسوع ومريم، مملوءًا نعمة واستحقاقاً وقداسة، وأضحى شفيع المائتين بالرب. لأنيسوع ومريم ملآ أيامه الأخيرة تعزية وسلواناً وبهجة، وشكرا له خدمه وأتعابه، ووعدهيسوع بإكليل المجد المعد له في السماء. فذهب يبشّر الآباء والأنبياء وسائر القديسينالمعتقلين، بمجيء المخلص، وبقرب نجاتهم وافتدائهم.لقد امتاز القديس يوسفبإيمانه الحي الذي فاق كل إيمان، وبتواضعه العميق، وبثقته التي لا حدّ لهابالله.اما إيمانه فقد ظهر حياً في الحوادث التي رافقت حبل خطيبته وولادتهاابنها الإلهي وهرب المولود الجديد من وجه هيرودس. ففي ذلك كلّه لم يضعف إيمان يوسفبقدرة الله، وهذا الإيمان الحي كان يذكي فيه المحبة ليسوع، وينير طريقه في حياتهالروحية. إن الإيمان هو العين التي بها يرى القلب إسرار الله.إما تواضعه فلقدفاق كلّ حدّ. لأنه تعلّم من مريم ومن يسوع إن لا ينظر إلى ذاته، ولا يتعالى في عيننفسه. كان من سلالة ملوك يهوذا، ومع ذلك لم يغضب لِما ناله من المسكنة والحقارةوالفقر. كان أباً ومربياً ليسوع خالق السماوات والأرض، ومع هذا لم يأنف من أن يشتغلبيديه، ويتعب ليل نهار، لكي يقدر أن يعيش هو وعائلته الصغيرة. كان الحارس للمسيحالربّ الذي تنتظره الأجيال منذ ألوف من السنين، ومع هذا كله بقي صامتاً، متواضعا،لا يبوح بسر يسوع ومريم ولا بسرّه لأحد. نراه يتذلل للناس ويخدمهم لكي يكسب معيشتهمنهم، كاتماً عنهم أمر هذا الولد الإلهي، الذي يأوي إلى بيته ويشاطره مائدتهوحجرته، وهو رب المجد ومخلص إسرائيل والمسيح المنتظر. هذه هو يوسف الذي يفرح فيدواخله بأن يبقى عند الناس نسياً منسياً، لكي يكون بكل قواه الروحية والجسديّةلخدمة الله وخدمة ابنه ومريم أمه. لأنه كيف يمكنه أن يرى ابن الله، وقد "أخلى ذاتهآخذاً صورة عبد"، ويسعى هو إلى الظهور والمجد الباطل؟ أن يوسف هو حقاً مثال الوداعةوالتواضع.نختم كلامنا عن هذا القديس العظيم بما قالته في شفاعته القديسة تريزاالتي من افيلا. قالت: "اناشد بالرب جميع الذين يشكّون في كلامي عن قوة شفاعة القديسيوسف، بأن يجربوا الأمر هم أنفسهم، فيتأكد لهم كم شفاعته قادرة، وكم يجنون لذواتهممن الخير إذا كرّموا هذا الأب الأكبر المجيد، والتجأوا إلى معونته".آميــن.

صلاةلمار يوسف شفيع الكنيسة العامإليك نهرع في شدائدنا، إيها الطوباوي يوسف،ونستغيث واثقين بحمايتك بعد ان استعنّا بحماية عروسك الكية القداسة. ونسألك متوسلينبحق ذلك الرباط الوثيق، رباط المحبّة، الذي وحّد بينك وبين العذراء البريئة منالعيب أمِّ الله، وبالحب الأبوي الذي احتضنت به الطفل يسوع، ان تنظر منعطفاً الىالميراث الذي اقتناه يسوع المسيح بدمه، وتساعدنا في حاجاتنا بما لكَ من الفعلوالمقدرة، يا حارساً جزيل العناية بالعائلة المقدسة، اي ذرية يسوع المختارة. فاصرفعنّا، ايها الأب الكلية محبته، وباء الأضاليل والمفاسد بأسرها. يا نصيرنا القدير،بعطفك علينا، قف الى جنبنا عضداً من السماء في هذه المعركة بيننا وبين قوات الظلام. وكما خلّصت يوماً الطفل يسوع من الخطر العظيم المحدق بحياته، هكذا احمِ الآن كنيسةالله المقدسة من مكايد الاعداء ومن كل كارثة. ابسط على كلٍّ منّا طلَّ حمايتكَالدائمة، بحيث نستطيع، على مثالك وبواسطة معونتك، ان نحيا حياة مقدسة، ونموت ميتهصالحة، ونحصل على السعادة الأبديّة في السماوات. آمين



بعض فضائل القديس يوسف البتول

1- القديس يوسف نموذج العفة والطهارة:

القديس يوسف نموذجالتواضع:

أزددت تواضعاً ما أزددت عظمةفتنال حظوى لدى الرب( ابن سيراخ 3: 20)

إن مع كل الذي حصل عليها هذا القديس من النعم الكثيرةووفيرة لم تجعله يوماً من الأيام يتنازل عن فضيلة التواضع التي عاشها في حياتهوطبقها حتى في ابسط الأمور، لا سيما مع كل من كان يقصده بأمور تخص حرفته، وعلى هذهالصورة وجد الجميع فيه وداعة وحلماً وتواضعاً أخزى كبريائهم وفخرهم وما استولى علىقلوبهم من المجد الباطل.

القديس يوسف هو نموذجالطاعة:

قم فخذ الصبي وأمه وأهرب إلىمصر فإن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه(متى 2: 13).

إن الطاعة التي كانيتمتع بها القديس يوسف وحسن اتكاله على الله جعلته قوياً في الصعوبات التي واجها فيحياته مع مريم ويسوع مسلماً ذاته إلى العناية الإلهية التي لا تترك من يخضع لها،وأنه لم يهتم بالمشقات والأخطار، بل كان معتمداً في حياته على انه يستطيع كل شي فيالذي يقويه.

القديس يوسف نموذج الأيمان:

جاهد جهاد الأيمان الجميل وفزبالحياة الأبدية (1 تيموتاوس 6: 12)

فضيلة الأيمان كانت هي غنى القديس يوسف وسعادته، وأنه كانيعمل دائماً أعماله بحسب إيمانه، وكان يثق ان لا فائدة للأيمان بدون الأعمال ولاالأعمال بدون أيمان لذلك كان إيماناً على إيمانه وعلى أعماله، وصلاته وأيمانه كانتبفائدة لأنه كما قال القديس اغسطينوس صلاة الصديق هي مفتاح السماء الطلبة تصعدورحمة الله تنزل.

القديس يوسف نموذج الصبر والاحتمال:

إذا كنت مقبولاً أمام اللهكان لا بد أن تمتحن بتجربة( طوبيا 12: 13)

هذا الذي يخصه الله لمحبيه، يسمح بأن تمتحنهم التجربة لكييبين أمانتهم وحبهم له، هذا الذي اختبره وعاشه القديس يوسف بداية من معرفته بأمرأعجوبة الكلمة المتجسدة بمريم البتول وعدم إيجاد مكاناً يأوي إليه مع خطيبته عندماحان موعد ولادتها، وولدت يسوع مخلص العالم في مغارة بسيطة كل هذه الأمور سببتللقديس يوسف حزناً عميقاً لا يدركه إلا من يشعر به، لكنه كان مثال الصبر والاحتمال،وكان لدى القديس يوسف نعمة كاملة بالله على انه كل ما يحدث في الكون هو من لدن اللهتعالى قائل من يصبر إلى المنتهى يخلص( متى 10 : 22)

6- القديس يوسف نموذجالأمانة:

أحسنت أيها العبد الصالحالأمين، قد وجدت أميناً على القليل فأقيمك على الكثير، أدخل إلى فرح ربك ( متى 25: 21 )

إن القديس يوسفكان نموذج لنا في الأمانة ، وكان كل اهتمامه منصرفاً إلى أن يعمل دائماً على أوفرنشاط لكي يقدم لمريم ويسوع كل ما يلزم حياتهم، وكان دائماً يرفع قلبه إلى اللهمتوسلاً إليه لكي يقبلها ويضمها إلى استحقاقات ألامهوموته
.


7- القديس يوسف نموذج الفقر:

ماذا يربح الإنسان لو ربحالعالم كله، وخسر نفسه( متى 16: 26)

كان القديس يوسف مقتنعاً أن السعادة الحقيقة لا تكونبتكثير الأملاك واحتشاد الأموال، بل باكتسابه الفضائل والابتعاد عن كل ما يلقي بنفسهإلى خطر الهلاك، لذلك نرى أن القديس يوسف كان ذا حرفه متعبة وقليلة المكاسب، وكانيعني بها اشد الأتعاب ليربح ما يسد به عوز العائلة مكتفياً بذلك القليل الذي كانيحصل عليه مقدماً لله الشكر على ذلك
.

8-القديس يوسف نموذج المحبةليسوع:

إن أحبني احد يحفظ كلمتي وأبييحبه وإليه نأتي وعنده يجعل مقامنا ( يوحنا 14: 23)

أن يوسف القديس قدتلالا في محبة الطفل يسوع، حيث نال تمام هذا الحب بنوع امتياز، انه تمتع بمشاهدةالطفل الإلهي لا لعدة أيام بل عدة أعوام، مبتهجاً بحضوره معه شاكراً فضله العميمعلى هذه المنة الفريدة، صحيح أن الله تعالى ظهر لكثير من القديسين لكن ذلك كان فترةقصيرة، أمام هذا الجليل في القديسين فاستمتع نحو ثلاثين سنة بهذه المشاهدةالإلهية
.

9- القديس يوسف نموذج المحبة لمريمالعذراء:

معي الغني لكي ما أورث الذييحبونني الخير الراهن وأملا خزائنهم (أمثال 8: 18)

أن القديس يوسف قد تعاظم حباًلمريم البتول أكثر من عبادها الذي تلالاوا متسامين في محبة مريم كالقديسين ( برنردوس، يوحنا الدمشقي، واستنيلاوس ، كستكا) ولكنهم لم يبلغوا بمحبتهم إلى ماتسامى به هذا المعظم الذي أحبها حباً فاق به كل مكرّميها مهما تساموا حباًلها.

هذه بعض الفضائل التيتمتع بها هذا القديس العظيم والتي تأملتها شخصياً فوجدت أننا نستطيع أن نستخلص منحياته الفضائل الكثيرة التي اكتسبها في حياته، وان نأخذ حياته قدوةًلنا.

يا سيدالعائلة المقدسة صلي لأجلنا

يا حارس الكنز السماوي صلي لأجلنا

مثلث الرحمات الأنبا أغناطيوس يعقوب

"وكان يوسف باراً"(متى18:1)



القديس يوسف هو سليل لداود الملك، دعاه الله ليكون أباً روحياً وعائلاً للابن الأزلي المتأنس يسوع المسيح. لم تكن أبوته ليسوع جسديّة بل كانت أبوة بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من مسئولية وبذل وتضحية. كان نيابة عن الأب السماوي تجاه الطفل يسوع، وكان زوجاً وأخاً روحياً لمريم البتول، ورئيساً للعائلة المقدسة، فكان يمارس سلطته كرب عائلة.

أما الفضائل التي تحّلى بها لكي يظهر فضائل الآب السماوي الغير الـمنظورة نحو ابنه الـمتأنس فهي أنه كان:الصامت الكبير والضمير الكبير والعامل الكبير.

الصامت الكبير: كان الله يظهر للآباء والأنبياء وسط هالة وأبهة عظيمة تليق به عزّ وجلّ، وقد خاطب شعبه وانزل عليهم الشريعة بواسطة موسى وسط الغمام والبروق والرعود، لكن لما قام بأعظم ظهوراته وظهر جسدياً بواسطة كلمته ابنه يسوع المسيح، صنع ذلك في صمت عجيب. في ظل يوسف الرجل البار خطيب مريم البتول، فهناك لا نرى أية أبهة وقليلاً جداً من الأمور الخارقة، بل كثيراً من الأسرار المخفية مع بعض الامتحانات والتجارب، وحيرة نفس، وقلق واضطراب لا نظير له، ثم إنتظاراً وصبراً ووحياً في الليل المظلم، وأوامر بالتحفظ والتيقظ والاحتياطات اللازمة. وفى ذلك الجو نشأ إيمان أول مسيحي، إيمان يوسف ابن داود، النجّار الذي أُعطى له أن يستقبل في بيته كلمة الله المتأنس ويعطيه اسماً "فسّميه يسوع لأنه هو الذي يخّلص شعبه من خطاياهم"(متى21:1).

إن يوسف كان اكبر رجل روحاني في العهد الجديد، ومن ميزة الإنسان الروحاني أن يبقى في جو الصمت، متحداً في معبد الصمت مع الله خالقه، يعيش في دنيا الإيمان ويتغذى بالإيمان" أما البار فبالإيمان يحيا"(حبقوق4:2) و(عبرانيين38:10). انه يفضل الصمت على الظهور لكي يتفرغ كليّة لتغذية إيمانه وحياته الروحية الداخلية. كان بإمكان يوسف أن يقول للناس: "أن المسيح المنتظر أصبح عندي وقد أُقمت وكيلاً عنه"، ولكنه لزم الصمت والكتمان لأنهما يؤلفان جزءاً من الحياة الروحية الداخلية.

الصامت الكبير: يجب أن نتعود الصمت لأنه يؤلف جزءاً من الحياة الروحية الداخلية. ما قيمة الكلام الذي لا يصعد مثقلاً بالفكر من أعماق الصمت فقد قيل:"فان كانت العزلة وطن النفوس الكبيرة فالصمت صلاتها، وان كانت القداسة محبة متواصلة فالصمت نشيدها، وان كانت الحياة عبرة وعظة فالصمت منبرها ولسانها، وان كانت الحياة قيثارة فالصمت وترها".

ليست المواعظ الطويلة هي المجدية، وغالباً ما يتكشف سيل الوعظ عن فقر في التفكير. كان القديس يوحنا فيانيه خوري آرس يعظ التائبين في كرسي الاعتراف بموجز الكلام. ليس من كلام مفيد سوى كلام يسوع كلمة الآب المتأنس. وعليه يجب علينا أن نتعود الصمت والكتمان وذلك من باب المحبة والعدل، فروح الكتمان شرط أساسي لثقة الناس بنا وقد نكون رجال ثقة مثل القديس يوسف بقدر ما نتحلى بالصمت.



الضمير الكبير: يوجد الضمير من الأمانة نحو الله والالتزامات المتخذة نحوه تعالى رغم المصاعب والمحن ومهما كان الثمن. إن هو إلاّ تعبير إنساني وتجاوب صادق لنظرة الله على حياة الإنسان. هو تعبير صادق لأنه يدخل في نطاق الإيمان، فلن يكون نظرياً بل عملياً بحيث يختبر الإنسان ويتحسس وجود الله في داخل نفسه. أمتحن يوسف في إيمانه ليس وقت غياب الطفل يسوع مدة ثلاث أيام فحسب، ولكن قبل أن يجيئ بمريم إلى بيته، ثم لدى ذهابه إلى مصر تحت جنح الظلام ومجابهته للمجهول، وبعد رجوعه من مصر وسكناه في الناصرة في الجليل بدلاً من اليهودية. فكل حياته كانت تتغذى بخبز الإيمان، فلا شك "إن البار بالإيمان يحيا".

كانت طاعته نشيطة وفطنة، إذ أنه كان يعمل كل ما في قدرته ليعرب للـه عن أمانته في خدمة الـمُصالح التي إئتمنه عليها والمهّمات التي عهد بها إليه.

وكانت الطهارة أجلّ وأصدق تعبير لحبه الخالص لله، الأمر الذي دفعه على خلق جو مناسب لكي يولد الطفل الإلهي من أم بتول ويحوطه بهالة أبوية نقيّة، فكانت رداً صادقاً لتلبية دعوة الله.

الضمير الكبير: علينا إن نكون قبل كل شيء رجال ضمير. إن نطاق العمل واسع وانه ليس علينا رقيب سوى الله وحده، ولذا إن لم يكن لنا ضمير مستقيم، نصبح عرضة لجميع أنواع الانحرافات والإلتواءات. وقد نكون أصحاب ضمير مستقيم فيما إذا تصرفنا دائماً في حضرة الله، كأنه تعالى ينظر إلينا ويتوقع منا أن نأتي بأجلّ الأعمال وأقدسها. قال القديس توما الأكويني للأخ المرافق له قبيل موته وقد كان هذا سأل منه أن يشرح له سر القداسة:"عش مستحضراً الله تبلغ القداسة".

وعلى مثال القديس يوسف علينا أن نحامي عن الطفل يسوع في شخص أولادنا وشبابنا بضمير مستقيم، لأنه يلزم أن نحافظ عليهم من أمثال هيرودس الموجودين على الأرض خوفاً من أن يذبحوهم بشرّهم وهم أبرياء. فيلزم أن نكون ساهرين مستيقظين لكي نبعد عنهم كل خطر ونرّبيهم على حب الفضيلة وحفظ الطهارة. وعلى مثال العائلة المقدسة نهتم بعائلاتنا ونوصّل لها كلمة الإنجيل وقداسة الكنيسة. وعلى مثال القديس يوسف نعتني خاصة بالعمال الكادحين فإن شفيعهم وزميلهم ومثالهم الأعلى يحبهم.



العامـل الكبير: كان يوسف نجّاراً وغنى عن البيان كم كانت هذه الحرفة تقضى من التعب المتواصل والمضني،فهي تفرض على محترفها أن يأكل خبزه حقيقة بعرق جبينه.سيقول يسوع يوماً لليهود عن صلته بأبيه السماوي:"إن أبي مازال يعمل وأنا أعمل أيضاً"(يوحنا18:5)، فكان يوسف من هذا القبيل صورة صادقة للآب السماوي. كان يوسف يقّدر الوقت وينظمه بالنسبة إلى السبت وقت الراحة حيث كان يختزن من الروحيات ما يكفيه للقيام بواجباته الروحية. وكان عمل النجارة يتم بإيمان، إلى أن تحّول حانوت يسوع بنوع ما إلى معبد صلاة، هي حياته الروحية التي كانت تنظم أوقاته وأعماله. كان عاملاً كبيراً لأنه كان روحانياً كبيراً.

على مثال يوسف: يجب أن ننظر في يوسف البار مثالاً أعلى فنكون مثله الصامت الكبير..والضمير الكبير..والعامل الكبير.

العامل الكبير: ينبغي أن نكون عمالاً في كرم الرب كالعامل الكبير القديس يوسف. يوجد دائماً عمل في حقل الرب، فالحصاد كثير ولكن العملة فقليلون. فهناك في العالم خراف كثيرة تسترعى اهتمامنا وهناك خراف ضالة تدعونا لنذهب إليها ونأتي بها إلى طريق الحق والى الحظيرة الأبوية. يلزمنا أن ننظم وقتنا ولا نصرفه دون فائدة ولا نبدد مواهبنا وطاقاتنا التي وهبها لنا الله.

يا يسوع هبنا رصانة القديس يوسف وصمته وحياته الداخلية الروحية لكي يكون كل واحد منا صامتاً كبيراً وضميراً كبيراً وعاملاً كبيراً على مثال القديس يوسف العظيم آمين.



القديس يوسف العفيف،الرجلالبارنبذة عنحياتهدعوتههو سليل لداود الملك و بحسب النسب والده هو يعقوب بنمتان ، دعا الله يوسف ليكون أباً روحياً و معيلاً لابنه الازلي المتأنس يسوعالمسيح، يتلقاه في بيته و يغرسه شرعاً في سلالته حسبما ورد في انجيل متى( 1: 18- 21) . لم تكن ابوته ليسوع جسدية و لكنها لم تكن شكلية ، بل كانت ابوة البذل والتضحية و كامل المسؤولية االتي تنوب مناب الآب السماوي تجاه الطفل يسوع و كانزوجاً و أخاً روحياً لمريم البتول و رئيساً للعائلة المقدسة. كان يمارس سلطته كربعائلة مثلما يمارس الكاهن الاسرار المقدسة و يوزعها على المؤمنين. أما الفضائل التيأعطيت للقديس يوسف فهي أنه:

1-
الصامت الكبير2- الضمير الحي3- العاملالأمين

الصامت الكبير:

كان الله يظهر للآباء و الأنبياء و سط هالة وأبهة عظيمة ، خاطب شعبه و انزل عليهم الشريعة بواسطة موسى وسط الغمام و البروق ولكن لما قام باعظم ظهوراته و ظهر بشراً سوياً بواسطة كلمته يسوع، صنع ذلك تحت جنحالظلام و الصمت و الخفاء، في ظل يوسف الرجل البار خطيب مريم البتول. بل نجد امتحانو تجربة قوية و حيرة نفس و قلق و اضطراب لا نظير له ، ثم انتظار و صبر ووحي فيالليل الدامس و التنبه و الحيطة و التيقظ من الرسالة الجديدة . و في ذلك الجو نشأايمان اول مسيحي ، ايمان يوسف بن داود النجار، آخرا لآباء و الأنبياء، الذي أعطي لهان يستقبل في بيته كلمة الله المتأنس و يعطيه اسماً يسوع الفادي، لأنه هو الذي يخلصشعبه من خطاياهم. . ذاك ان يوسف كان اكبر رجل روحاني في العهد الجديد و من ميزةالانسان الروحاني ان يبقى في جو الصمت ، يعيش في دنيا الايمان( اما البار فبايمانهيحيا) . كان وكيلاً للمسيح لازماً الصمت و الكتمان لأنهما يؤلفان جزءاً من حياتهالروحية.

الضمير الحي:

يصنع الضمير من الامانة نحو الله والالتزامات المتخذة نحوه تعالى رغم المصاعب. هو تعبير صادق لأنه يدخل في نطاقالايمان. امتحن يوسف في ايمانه ليس وقت غياب الطفل يسوع مدة ثلاثة ايام و لكن قبلان يجيء بمريم الى بيته ثم ذهابه الى مصر و عودته الى الناصرة . فكل حياته كانتتظهر ايمانه العميق بالرسالة التي منحه اياه الرب بالطاعة و النشاط و الفطنة و كانتالطهارة في حياته اجمل و اصدق تعبير لحبه الخالص لله، الامر الذي حداه على خلق جومؤات لكي يولد الطفل من أم بتول و يحوطه بهالة ابوية نقية. فكانت رداً صادقاًلتلبية دعوة الله.

العامل الأمين.

كان يوسف نجاراً، و كانا يعرف كمكانت هذه الحرفة تقضي من التعب المتواصل و المضني، و تفرض على محترفها ان يأكل خبزهحقيقة بعرق جبينه. سيقول يسوع يوماً لليهود عن صلته بأبيه السماوي: أن أبي ما زاليعمل و انا اعمل أيضاً . فكان يوسف من هذا القبيل صورة صادقة للآب السماوي . كانيوسف يعتبر الوقت و ينظمه بالنسبة الى السبت وقت الراحة حيث كان يختزن من الروحياتما يكفيه للقيام بواجباته الدينية .كان عمل النجارة من صقل الخشب و تقشيش الكراسييصنع بايمان كنحت الحجارة التي يبني منها الهيكل، الى ان تحول حانوت يوسف بنوع ماالى معبد صلاة.

__________________

يذكر كتبه ان مريم العذراء منذ تقديمها في الهيكل مكثت تعيش فيه مواظبة على الصمت والشغلو الصلاة . ولما بلغت الخامسة عشر من عمرها افتكر أهلها في أن يزوجوها منرجل من عشريةحسب ناموس موسى فأعرف كثيرون من ذرية داود رغبتهم في خطبة هذهالفتاة المزينة بكلالفضائل الفردية

وكان إلى يوسف أيضا الحق على هذاالطلب عينه لكنه لبث صامتا محتشما . ولما أراد عظيمالكهنة أن يعرف نصيب تلكالغالية الفريدة في حسنها ومزاياها .جمع كل الشباب من ذرية داودوأعطى كل واحدغصنا وأمرهم أن يكتب كل واحد اسمه على ذلك الغصن ووضع كل الأغصانعلى مذبح الربوابتهل إليه تعالى أن يظهر إرادته فغصن يوسف وحده أوراق وأزهر زهرةبيضاء ناصعةذات رائحة عطرة ..ولهذا السبب يرى القديس يوسف في الصورة ماسكا بيد غصنامزهريادلالة على زهور فضائله وتذكارا لتلك الأعجوبة ..ولما أرى عظيم الكهنة وجميعالحاضرينازدهار غصن يوسف ، هتفوا له بأن هو المنتخب من الرب ليكون خطيبمريم،فبارك عظيم الكهنةقرانهما النقي وراءهما جيوشا من البتولين و البتولاتحاملين راية النقاوة و العفاف ..



يوسف والخدمة المقدسة

عندما استيقظ يوسف من نومه كانمستعداً لخدمة الله ، فالله أعده للخدمة ، فهو الشخص الثاني التالي للعذراء فيإيواء المسيح ورعايته وحمايته وهو يشق طريقه على الأرض إلى هضبة الجلجثة لخلاصالعالم . كان يوسف يعلم أنه من نسل داود ، وأن الأيام قد دارت به وببيته العظيم حتىوصل على ما وصل إليه من ضيق وضنك وفاقة ،....لكنه أدرك أن مجده الدابر ، عاد ليتألقبمجد لم يعرفه داود وجميع من جاءوا من نسله من ملوك وأبطال ،... إذ هو مجد المسيافي هذا الصبي الذي كان عليه أن ينسبه إليه ، ويعطيه اسم يسوع : " وتدعو اسمه يسوعلأنه يخلص شعبه من خطاياهم " ( مت 1: 21) ... كان هو حاضن " المسيا" ومربيه . وقدفاز بيته الفقير بهذا الشرف الرفيع الذي لم يمنح لأصحاب القصور في الأرض
!!....
ارتبط اسم يسوع بالرجل البار في السجلات الرومانية ، وفي الحياة البيتية ، لقدوضعته العناية ليكون بمثابة

(
الأب ) الأرضي ،... لمن ولد فريداً بين الناس ،ولا يعرف إلا أباه السماوي وهو القائل ليوسف وأمه وهو في الثانية عشر من عمره : " لماذا كنتما تطلبانني ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي " ( لو2 : 49) ..!!..
 
قديم 09 - 08 - 2016, 12:46 PM   رقم المشاركة : ( 13956 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سرّ العذراء الذي لنا فيه نصيب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قِبَل الرب لوقا 1: 45

طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين رضعتهما – لوقا 11: 27
+ حملت مريم المجد الغير منطوق به في أحشائها. واحتضنت اللهيب الفائق بين زراعيها، وقدمت لذاك الذي يقوت الجميع لبنها، وأحبته من كل قلبها إذ صار هو كل حياتها وخلاص نفسها وبهجتها ومسرتها الخاصة، فلا عجب أن ظلت تحفظ بتوليتها لهُ وحده، لأنها إناء صار مخصصاً لهُ لا يدخل فيه أو يخرج منه احدٌ آخر سواه قط.
فنحن الآن نقف جميعاً معاً أمام الأرض المقدسة التي صارت فلاحة الله الخاصة، أمام عذراء الدهور، عذراء بسيطة للغاية تحمل إيمان حي في داخلها يفوق قامة الأنبياء والقديسين جميعاً، فقد كرست بتوليتها ببساطة قلب على يد ملائكة وروح الله القدوس الذي تذوقت عمله في باطنها سراً، كما نالته يوم الخمسين أيضاً فصارت في كل الأحوال مقر حقيقي وسكنى دائمة لله.
أنها العذراء التي صارت سماء جسدانية مملوءة بالنور الفائق للطبيعة، فصار نورها منفرد من نوع خاص، ذات سرّ عظيم أدهش الملائكة وقوات السماء كلها، بل والبشرية احتارت واندهشت جداً أمام تواضع قلبها وبساطة قبولها عطية الله بتصديق الإيمان الصريح العميق، الإيمان البسيط بساطة الأطفال الصغار، والعميق عمق حكماء الناظرين الله، هذا الإيمان الحي الذي يفتقر إليه الكثيرون اليوم!!!
أننا اليوم نقف أمام إناء من نوع خاص ممتلئ نعمة، مُكرس ومخصص لله الحي عن طيب خاطر وببهجة في صمت عجيب حير كل من أقترب منه، وهنيئاً لمن يقترب بهدوء ليشاهد وينظر معنا كيف يكون الإيمان الحي، الإيمان الصادق الصريح، وكيف تتقبل النفس عطية الله بدون جدل أو فحص، بل بالبساطة الطفولية وبالثبات والعزم الرجولي بأمانة للنفس الأخير حتى الموت.

يا إخوتي أننا حقاً أمام سرّ عميق عظيم متسع، فلا ينبغي أن نعبر عليه أو نراه ونشكر الله ونَمُرَّ عليه مرور العادة ونتعجب ونندهش قليلاً ثم نمدح ونُعظم وفي النهاية نمضي كالكثيرين وكل شخص يذهب إلى حاله، ثم في كل سنة نأتي في مثل هذه الأيام (مرة أُخرى كالعادة) ولا نتعلم ما ينبغي أن نحيا به، لأن عادةً معظمنا يأتي وينظر نظرة سطحية ويُكرِّم العذراء مريم ويمدحها بكلمات الفم ويفلت منه السرّ فلا ينال شيئاً لأنه لم يغوص بعد في هذا السرّ العظيم الظاهر فيه تقوى يشتهي أن تكون في قلبه على مستوى واقع حياته اليومية.
حقاً أننا أمام سرّ جليل أُريد أن أغوص فيه معكم لأنه أعمق من كل عمق نعرفه أو نسمع عنه، أننا أمام انفتاح سماوي عريض وعميق ومتسع جداً على كل إنسان بل والبشرية كلها، لأننا أمام سرّ الخلاص الجليل الذي انتظرته البشرية بلهفة وشغف عظيم في تاريخ مُضني من التعب والمشقة ومزلة الإنسان تحت سلطان موت الخطية وفجور الإثم الذي أتعب البشرية وجعلها تسير من حزن لضيق عظيم ومن موت لموت، ومن ظلمة إلى ظلمة أشد سواداً، حتى أُغلق على الجميع في العصيان، ولم يفلت واحد من أن يمسه الموت على كل وجه، لأنه ليس بار ولا واحد (رومية 3: 10)
فاليوم تحسسوا معي موضعنا من هذا السرّ الجليل، ولا تظنوا أبداً أن العذراء القديسة مريم مجرد إناء عادي، أو خاص لله الكلمة وبعد الولادة أصبح فارغاً من الله وقد انفصل عنه كما يظن بعض الذين لم يستوعبوا سرّ الخلاص بعد، ولم يعرفوا - عملياً - قوة عطية الله التي تُعطى وتتسع جداً لأنها عطية بلا ندامة أو رجوع، بل تعمل بسرّ عجيب عميق يمتد للأبدية ويثبت الحياة الإلهية في النفس بلا افتراق.
+ في الواقع - حسب إعلان الإنجيل - فأن لنا جميعاً نصيباً وافراً في هذا السرّ الفائق، لأنه هو سري وسرك يا صديقي ويا أخي ويا أختي ويا أبي ويا أمي ويا كل إنسان دُعيَّ عليك اسم مسيحي، فالعذراء تخصنا، فهي خرجت من صُلب آدم وبطن حواء حسب تسلسل البشرية المُتعبة، وهي عينة أفرزتها البشرية بتدخل إلهي عجيب لتحمل في أحشائها ابناً جديداً للإنسان موطنه حضن الآب كما بشر الملاك عذراء الدهور كاشفاً عن سرّ المولود قائلاً: "ابن العلي يُدعى" (لوقا 1: 26 – 33)، حتى كل من يؤمن به يصير له نفس ذات المصير عينه إذ يدخل فيه لحضن الآب.
فالعذراء إناء مقدس أغرى الله ببساطته ليحل فيه ويصير مكان راحته الخاص، ولما خرج من أحشاء هذا الإناء الذي قدسه وكرسه الروح القدس الرب المحيي، تقدست به البشرية كلها (أي بشخص ربنا يسوع). فإن كانت العذراء القديسة مريم استضافته تسعة أشهر ولم تنفصل عنه قط بل صارت أماً وعبده له إلى الأبد، فقد استوطنت فيه البشرية أبد الدهر، فقد صار ابناً للإنسان وهو ابن الله بالصدق والحق بالطبيعة: "لأنه يولد لنا ولد، ونُعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفه" (إشعياء 9: 6)
وكما انفتح بالسرّ الإلهي بطن العــــذراء القديسة مريم وحلَّ فيها، فقد أنشق جنبه على الصليب بالحربة، ومات وأماتنا معه بسرّ وحدتنا وقرابتنا له وقام من الأموات وأقامنا معه، فصرنا فيه وهو فينا، نحمل سماته كما حمل سمات بشريتنا بتجسده من عذراء التكريس فخر البتولية؛ فكما أخذ جسدنا مولوداً من عذراء بتول، أخذنا جسده قائماً من بين الأموات في سرّ الإفخارستيا العظيم لتتبتل نفوسنا وتتكرس لهُ.
حقاً يا أحباء يسوع والقديسين، أننا أمام عذراء عظيمة بنت إبراهيم عن جدارة، لأنها جسدت إيمان إبراهيم البسيط في طبيعته إذ آمنت وقالت للملاك مبشرها: "ليكن لي كقولك"، ففي الحال صار إيمانها براً، فحلَّ في أحشائها ذاك الذي به تتبارك كل أمم الأرض وتتبرر بقوة وسلطان فائق أعظم من إبراهيم أب الآباء بل وكل الأنبياء، بل لا يُقارن بأي برٌ آخر لأن "برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون؛ لأن فيه (في المسيح) مُعلن برّ الله بإيمان لإيمان، كما هو مكتوب أما البار فبالإيمان يحيا" (رومية 3: 22؛ 1: 17)
فهل – أنت عزيزي القارئ – أدركت السرّ الذي أتكلم عنه الآن، فأن كنت أدركت واستوعبت الكلام وما فيه من سرّ، فستجد قلبك يتحرك بشوق ولهفة نحو مسيح القيامة والحياة تطلب مجده أن يحل فيك ويُساكنك روح الحياة، فتكرس قلبك وإنائك ليكون مقراً لسكناه الخاص، لتحيا في شركة الثالوث القدوس، لذلك فلنتقدم كلنا معاً بقلب طاهر بالمحبة في ثقة الإيمان وبساطته قائلين للرب ليكن لي كقولك: أحييني وأقمني من موت ذاتي يا من اقمت لعازر وسكنت في أحشاء عذراء الدهور الذي اخترتها لتكون منارة التكريس الذي تهدي كثيرين لطريق الحياة الجديدة بتطبيق عملي لأنها كانت تحفظ كلامك في قلبها فصار لها الطوبى في كل شيء، فاجعلني مقراً لسكناك يا الله بري وحياة نفسي، ولتُشكلني على صورتك حافراً وصياك في عقلي وقلبي، وبروحك ذكرني بكلماتك يا ابن الله الحي لكي أكون بالحق والفعل ابناً لله فيك ايها القدوس البار وحدك آمين
 
قديم 09 - 08 - 2016, 04:13 PM   رقم المشاركة : ( 13957 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ملكة الخيال

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخيال ملكة مميزة في الإنسان، لكنها أن لم تتقدس بقوة النعمة المُخلِّصة فأن أنعكاسات الشرور وخبرات الخطية المؤلمة للنفس تُحركها وتقود الجسد كله نحو الظلمة، أو تصير مُجرد أنعاكسات مُخادعة لأمنيات النفس في أنها تقطع شوطاً عميقاً في الخبرات الروحية وهي لم تبدأ بعد أو لازالت في حالة من الطفولة فتعطل مسيرتها وتجعلها تتوقف أو تتراجع للوراء وتظل مخدوعة مثل من يحلم بأنه غني ولكن متى استفاق من حلمه فأنه يجد نفسه فقيراً عُرياناً كواقع يحيا فيه.
أما أن تقدست فهي تقود الإنسان بروح المسيح الرب نحو الفرح والمسرة وتجسيد الخبرات الروحية أمام العين الداخلية لتصير تذكار يشعل المحبة في القلب ويحرك الإنسان دائماً نحو النور حتى يغوص فيه بالتمام ويصير هو نفسه كلياً نور، قتتحول حياته - واقعياً - لتصير معزوفة سُبح ومجد للثالوث القدوس الحي آمين.
 
قديم 09 - 08 - 2016, 04:25 PM   رقم المشاركة : ( 13958 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

السلوك في الطريق وحياة القداسة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


+ فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا فيه؛ لأنكم كنتم قبلاً ظُلمة وأما الآن فنور في الرب، اسلكوا كأولاد نور؛ اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد؛ اسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة.[1]
+ فأن الذين يحفظون بقداسة ما هو مُقدَّس يُقدَّسون، والذين يتعلَّمون هذه يجدون ما يحتجون به؛ الله لم يَدْعُنَا للنجاسة بل في القداسة.[2]
الله دعانا دعوة شريفة للحياة، وحينما قبلنا دعوته بوعي دخلنا في سرّ الولادة الجديدة الفوقانية، صرنا أبناء الله الآب في المسيح يسوع، وهذا ليس نتيجة أعمال عملناها نحن بل لأجل تجسد اللوغوس ابن الله الحي بالطبع، لأنه أتخذ جسدنا رداءً لهُ متحداً به اتحاد لا رمزية فيه بسرّ فائق لا يُشرح، حتى يكون هو لباس عُرسنا الدائم ونصير متحدين به، ونحن آمنا به ابناً وحيداً للآب، فدخلنا في سرّ البنوة، ولما تبعناه وحسبنا كل الأشياء خسارة ونفاية دُعينا مسيحيين لا بالاسم بل بالفعل، لذلك صرنا الإخوة القديسين (1تسالونيكي 5: 27) المؤمنين في المسيح يسوع (أفسس 1: 1)، شركاء الدعوة السماوية (عبرانيين 3: 1).

لذلك من المستحيل أن نصير إخوة من طبع واحد جديد شركاء الدعوة السماوية، ونحن لم نحيا بعد حياة القداسة، لأن كيف نقول إننا مؤمنين بالمسيح ونحن لسنا بعد قديسين، أو لم تتحقق فينا القداسة بعد بفعل عمل الروح القدس روح القداسة والبرّ، لأن الإيمان بالمسيح معناه أننا صرنا قديسين ومقدسين في الحق باستمرار ودوام ونمو دائم، وما هي القداسة التي بدونها لن يُعاين أحد الرب، والتي أعلنها لنا الإنجيل؟
+ القداسة في أصلها هي هبة المحبة الكاملة من الله للإنسان، أي أنها عطية خاصة مُميزة، يُميزها ملء الروح القدس. لذلك فأن القداسة تتضمن تجديد النفس وتغييرها باستمرار، وهذا التجديد يأتي من النظر لوجه النور، لأن الروح القدس يفتح العينين على مسيح القيامة والحياة لننظر إليه فنستنير فنثبت أنظارنا عليه لا على أنفسنا. وبذلك تتوجه الرغبات والميول والأفكار والأهداف نحو الله، بحيث تتحطم قوة محبة الخطية من داخل قلب الإنسان يوماً بعد يوم، وتُصبح الطهارة والبرّ والصلاح والتقوى رغبة وصرخة القلب القوية، لأن الروح القدس نفسه يولِّد هذه الأشواق ويزرعها في داخل النفس سراً، لتصير محور طلب الإنسان وسعيه المستمر الدائم حتى تملأ الكيان كله وتشع وتغطي حتى الخارج فيكون كلياً مكسياً بلُباس القداسة والطهارة حتى يظهر كأن هذا هو حاله الطبيعي، ولا عجب لأن الطبيعة الجديدة التي نلناها من الله هي طبيعة نورانية مملوءة قداسة وبرّ المسيح الرب ولا ترتاح إلا حينما يتم فيها قصده إذ تتشبه به في كل شيء، لأن لا يرتاح المثيل إلا على مثيله.

+ والقديس بولس الرسول يُصلي للتسالونيكيين ويقول: وإله السلام نفسه يُقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح [3]، حيث (يقدسكم) هنا تُفيد معنيان (1) الفرز والتخصيص، (2) التطهير والتنقية.

وإن كان المعنيان متلازمان، ولكن المقصود هنا هو التطهير والتنقية [4]، والمقصود بها قوة التحرير الكامل من الفساد الروحي [5]، وأيضاً الكل كاملاً [6]، وأيضاً كل الأغراض والمقاصد وجميع قواكم مجتمعة ومجزأة، أي أن كل جزء منكم بالتمام يصير مُخصصاً للرب، أي مُقدس ومحفوظ في الكمال ليكون بلا لوم.
وهنا يقف الإنسان عاجزاً عن هذا العمل العظيم لا يستطيعه من ذاته ولا يقوى عليه بأعماله، ولئلا يظن أحد أنه يقدر – من نفسه – أن يفعل ذلك، يُلاحقنا القديس بولس بالقول: أمين هو الذي يدعوكم، الذي سيفعل أيضاً [7]، فالله الذي دعانا بالمجد والفضيلة [8] دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية [9] هو الذي – بنفسه وبذاته شخصياً – سيفعل ويتمم فينا إرادته (أن أطعناه) ليُكملنا في كل عمل صالح لنصنع مشيئته، عاملاً فينا ما يُرضيه بيسوع المسيح ربنا [10]

+ فالله في طبيعته قدوس وبار: من مثلك بين الآلهة يا رب. من مثلك معتزاً في القداسة [11]. وفي طبيعة الله القدوس تعني هنا الخلو الكامل والتام من شبه خطأ مع الطهارة التامة المُطلقة، وهي أهم وأخص صفات الله، وتُميزه بنوع كُلي عن جميع الأفكار الإنسانية عن الألوهة، وتجعله يبغض المعصية والخطية ويُؤدب الخاطئ والأثيم، ويضع حداً للآثام والشرور.

+ والله خلق الإنسان على صورته كمثاله (شبهه) أي خلقه في البرّ والقداسة [12]، ومع أن الله يرفق بضعفتنا متذكراً بأننا تراب ولم نحفظ صورته فينا، بل شوهناها، بل وفقدنا مثاله فينا، وذلك لأنه يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن [13]، ولكنه مع ذلك يُطالبنا ويُريد قداستنا كأمر هام ومُلِّح لحياتنا وشركتنا وعلاقتنا معه:

+ ويكون الذي يبقى في صهيون (رمز الكنيسة المسيحية) والذي يُترك في أورشليم (رمز لمدينة الله السمائية) يُسمى قدوساً كل من كُتب للحياة في أورشليم، إِذْ يَغْسِلُ الرَّبُّ قَذَرَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُطَهِّرُ أُورُشَلِيمَ مِنْ لَطَخَاتِ الدِّمَاءِ بِرُوحِ الْعَدْلِ وَبِرُوحِ النَّارِ الْمُحْرِقَةِ [14]
+ فآدم الذي خُلق على صورة الله كمثاله فَقَدَ قداسته بالسقوط، أي من حالته المخلوق عليها، وسقطت معه البشرية كلها من هذه القداسة لأن الكل أخطأ أيضاً: من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع. [15]
فأصبح مركز شخصية الإنسان هو ذاته، ونتاج حياته (أي قلبه) دنس وموت وفساد، فصار العيب كله يصدر من القلب، أي من الداخل وليس من الخارج، وبذلك تدنست روح الإنسان، فتولَّد حُزن وقلق وعدم سلام في أعماقه بسبب وجعه الداخلي، لأن الينبوع يُخرج مرارة، أي أن نبع حياته نفسه شرّ والخطية متجذرة فيه [16]، لا يستطيع ان يقتلعها لأنها حاملة سلطان الموت، لذلك صرخته إلى الله: قلباً نقياً أخلق فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي. [17]

فلا محيص من خلق قلباً جديداً في داخله، وروحاً مستقيماً في أحشائه، لأنه لن ينفعه تصحيح أو أن يُصلح ويُرمم القديم، لأن القديم الساقط لا يُمكن أن يُخرج الصالحات لأنه ميت في ذاته، مملوء من كل فساد، مثل الشجرة الميتة تماماً والتي أكلها السوس من داخلها، لا ينفع فيها أي علاج، بل لا بُدَّ أن يتم اقتلاعها وزرع غيرها، فلا بُدَّ إذاً من إنسان جديد يكون طبيعياً حي بالله مملوء من كل صلاح.

+ من هُنا فقط نستطيع القول إن القداسة تبدأ مع تغيير القلب وتقديس الروح: وأما نحن فينبغي لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الإخوة المحبوبون من الرب أن الله أختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق. [18]

+ فالعلاج الأساسي للقداسة هو الوصول للمسبب أي القلب، والعلاج يكون بالتجديد الدائم المستمر، والنفس تحيا بالاستقامة التامة، ولكن هُناك علاقة بين القلب (مركز شخصية الإنسان وذاته وضميره) وبين الذهن الأعلى (المُنظم الواضح بين العقل والروح) المنظم الحي لحركة العقل والبصيرة في الإنسان.

+ فلو كان ذهن الإنسان به عيب، حتى لو كان له عقل راجح وبصيرة قوية، فلا بُد أن تخلو حياته من الرفعة الروحية والقداسة. وسيقضي الإنسان أيامه في حماقة وتعثر ولا يقدر أن يُعبِّر عن الذي في داخله بصدق من جهة الإنسان الجديد الذي ناله من الله، فالعيب هنا ظهر في أن الذهن لا يتحرك ولا يسير بقوة التغيير والتجديد الذي يناله الإنسان من الله: كل شيء طاهر للطاهرين، وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهر، بل قد تنجَّس ذهنهم أيضاً وضميرهم، يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه، إذ هم رجسون غير طائعين، ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون. [19]
+ لذلك لا بُد من أن يستمد الإنسان الروحي عمل الروح بذهنه ويعيش به في كل حياته، لأن الروح القدس هوَّ المُقدِّس الذي يعمل في الذهن والقلب اللذان هما الأساس لتغيير الإنسان: تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم. [20]
+ وبذلك يظل الروح القدس عاملاً في الذهن والضمير والقلب والفكر بنداء صوت الله القوي ضد أعمال الجسد الشرير والخطية بصفة عامة وذلك للتقديس: اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد. [21]

+ وبسيادة الروح القدس على الذهن الروحي في الإنسان وقبول تبكيته والاستجابة السريعة لمشورته يمتد عمل الروح من الذهن إلى أعمال الجسد وكل ملكات الإنسان ويُمارس الإنسان القداسة بفرح ومسرة حقيقية دون غصب أو عن اضرار، لذلك أستطيع أن أقول بسبب عمل الروح القدس في داخلي: إني أُسرّ بناموس الله بحسب الإنسان الباطن الداخلي الجديد، وبذهني المُستنير أخدم ناموس الله وأتممه بفرح.

+ وباستمرار الإيمان وزيادة نموه بخلاص الله لنا في المسيح واشتعال محبته في قلبنا، يكون ذلك تأكيد الروح لقداستنا ويعمل على تأجيجها فينا دائماً: كما اختارنا (الآب) فيه (في المسيح) قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة. [22]

+ فالمسيح هو مصدر قداستنا وهذا ما يشهد به الروح القدس فينا: بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة؛ ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء؛ الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات [23]

+ فهذا هو المسيح الغالب والمنتصر على الخطية والموت، والقائم من الأموات والمُعطي الروح القدس بالنفخة السرية والذي يشعله فينا من خلال الأسرار المقدسة، أي المعمودية والتوبة والإيمان والإفخارستيا وصلاة المخدع وقراءة الكلمة.
فكل من آمن به إيمان حي حقيقي قد صار فيه خليقة جديدة (مقدسة). والأشياء العتيقة قد مضت ولم يعد يحيا بإنسانيته الساقطة وقد صار له الكل جديداً. [24]، إذ يتبع مسيح القيامة والحياة في التجديد. [25]

___________________
[1] (كولوسي 2: 6؛ أفسس 5: 8؛ غلاطية 5: 16؛ أفسس 5: 2)
[2] (الحكمة 6: 11؛ 1تسالونيكي 4: 7)
[3] (1تسالونيكي 5: 23)
[4] الذي بذل نفسه لأجلنا لكي يفدينا من كل إثم ويُطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً في أعمال حسنة (تيطس 2: 14)
[5] روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأُنادي للمأسورين بالإطلاق، وللعمي بالبصرـ وأُرسل المنسحقين في الحرية (لوقا 4: 18)
[6] الذي ننادي به منذرين كل إنسان ومُعلمين كل إنسان بكل حكمة لكي نحضر كل إنسان كاملاً في المسيح يسوع (كولوسي 1: 28)
[7] (1تسالونيكي 5: 24)
[8] (2بطرس 1: 3)
[9] (2تيموثاوس 1: 9)
[10] (عبرانيين 13: 21)
[11] (خروج 15: 11)
[12] وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا (تكوين 1: 26)
[13] (مزمور 103: 14)
[14] (أشعياء 4: 3، 4)
[15] (رومية 5: 12)
[16] الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يُخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يُخرج الشرّ، فأنه من فضلة القلب يتكلم فمه (لوقا 6: 45)
[17] (مزمور 51: 10)
[18] (2تسالونيكي 2: 13)
[19] (تيطس 1: 15)
[20] (رومية 12: 2)
[21] (غلاطية 5: 16)
[22] (أفسس 1: 4)
[23] (1بطرس 1: 15؛ 1كورنثوس 1: 30؛ غلاطية 5: 24)
[24] (2كورنثوس 5: 17)
[25] فقال له يسوع الحق أقول لكم انكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد (متى 19: 28)
 
قديم 09 - 08 - 2016, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 13959 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

فيرونيكا القديسة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة فيرونيكا القديسة

فيرونيكا" معناها "الأيقونة الحقيقية". تقول القصص المتوارثة في التقليد أن القديسة فيرونيكا مسحت وجه السيد المسيح - حين وقع تحت ثقل الصليب - بدافع من حبّها له وإشفاقها عليه. وعند عودتها إلى منزلها وجدت أن صورة وجه السيد المسيح قد ظهرت علي هذا المنديل، وقد ظهرت الآلام علي ملامحه.

يقول التقليد الغربي أن فيرونيكا ذهبت إلى روما وشَفَت الإمبراطور طيباريوس بقوة المنديل الذي تحمله، وأنها عند نياحتها تركته للبطريرك القديس إكليمنضس. بحسب التقليد في فرنسا فيرونيكا هي "زوجة زكا" (لو 19: 2-10)، خرجت هذه السيدة مع رجلها زكا العشار الذي باع كل ما يملك وذهبا ليبشرا بالسيد المسيح حتى بلغا إلى فرنسا. بشّرا بالإنجيل ونشرا المسيحية في منطقة جنوب فرنسا. وهناك قصص أخرى غير مؤكدة تجعل من فيرونيكا نفسها مرثا أخت لعازر، وابنة المرأة الكنعانية، والمرأة نازفة الدم. في أوائل القرن الخامس عشر تمّ تحديد منزل فيرونيكا كأحد محطات مراحل طريق الصلبوت في أورشليم، وبعدها تدريجيًا صارت حادثة فيرونيكا - مع غيرها من الحوادث - إحدى المراحل الثابتة في هذا الطريق. ويقال أن المنديل مازال موجودًا في كنيسة القديس بطرس في روما، مما يشهد بصحة التقليد
 
قديم 09 - 08 - 2016, 04:36 PM   رقم المشاركة : ( 13960 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس اغناطيوس دي لويولا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس اغناطيوس دي لويولا


نقدم في سطور لمحة عن حياته مستوحاة بشكل خاص من المؤلف المعروف بـ "الذكريات الشخصية"، وهي آخر "مؤلف" للقديس وضع في ختام حياته نزولاً عند رغبة العديد من رفاقه، الذين خافوا أن يتركهم مؤسس الرهبنة اليسوعية، دون أن يترك لهم نصًا حميميًا يذكرهم ويكشف لهم سر الأنعام التي أفاضها الرب عليه
ما يميز هذه السيرة الذاتية أن اغناطيوس لم يكتبها بل سردها شفويًا للويس غونسالفس دا كامرا، خلال نزهاتهما ما بين 1553 و 1555. وكان يدون في نقاط ما يسمعه من اغناطيوس وحالما كانا ينتهيا من النزهة، كان يختلي في غرفته لكي يتوسع في النقاط حتى لا ينسى شيئًا. وحفظ دا كامرا طريقة سرد اغناطيوس الذي كان يستعمل تواضعًا صيغة الغائب.

وتتميز السيرة أيضًا بأنها تسرد الخبرة الروحية العميقة واليومية العادية، ولا تتوقف على الأمور الفائقة التي تشكل للأسف قسمًا كبيرًا من الأدب السردي خصوصًا في سير القديسين، حيث يتم تقديم القديسين، ربما بسبب غيرة وحب فائض نحوهم، ككائنات خارقة الطبيعة، ظنًا من المؤلفين أن هذا الأمر يجعلهم محبوبين ومؤثرين أكثر، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك: فغالبًا ما تؤدي هذه القصص إلى خلق هوة عميقة بين القارئ والقديس، إذ يبدو هذا الأخير نجمًا عاليًا ورحيقًا "لم يُكتب لنا نحن الأرضيين الحقيرين أن نتشبه به"!! وهذا هو نقيض ما تقصد به الكنيسة عندما تقدم لنا القديسين: الشفاعة والقدوة. الشفاعة هي صلاة القديسين معنا ومن أجلنا كوننا جميعًا في جماعة القديسين؛ والقدوة هي اتباع أمثال القديسين في حياتنا وقراراتنا، وهو الشكل الأفضل لتكريمهم حقًا.

النائبة الصائبة

ولكن فلنعد إلى مقصدنا، يبدأ اغناطيوس سرد حياته ملخصًا السنوات الست والعشرين الأولى بالقول: "حتى السادسة والعشرين من عمره، انهمك في أباطيل العالم؛ وكانت هوايته المفضلة الفنون الحربية، تدفعه إليها رغبة عظيمة وباطلة لاكتساب الشهرة". وخلال معركة ضد الفرنسيين في بامبلونا، أصابته قذيفة في إحدى ساقيه فكسرتها وجرحت الأخرى، واستسلم رفاقه للفرنسيين فأسروهم، ولكنهم عاملوه "بجميع أنواع المجاملة والصداقة". وساءت حال إينيغو (اسمه الحقيقي قبيل اختياره لاسم اغناطيوس نظرًا لتكريمه وإعجابه بالقديس اغناطيوس الأنطاكي الشهيد) الصحية وبعد عدة عمليات كانت صحته ضعيفة جدًا ولم يكن يقوى على النهوض فلازم الفراش.

إن اغناطيوس يبدأ السرد بهذا الخبر لأنه الحدث الذي وضعه أمام نفسه، فبعد أن كان تائهًا وراء أحلام العظمة البشرية، يحلم بخدمة البلاط الملكي، وبسيرة راقية فيه، أصيب إصابة صائبة حملته إلى الدخول إلى أعماق كيانه ليصغي لعطشه إلى المجد الحق لا الباطل والزائل. أصيب، وقرأ الإصابة كوسيلة في يد الله، لأنه بجرحه نال الشفاء من جرح أعمق، جرح العيش الباطل.

مدرسة التمييز الروحي

خلال فترة النقاهة الطويلة أراد إيجينو أن يملأ فراغ وقته بقراءة الكتب التي كانت مولعًا بها أي روايات الفروسية، ولكنهم لم يجدوا في البيت الذي كان فيه كتابًا واحدًا من الكتب التي كان يطالعها فأتوه بكتاب "حياة المسيح" للراهب الشرتوزي لودولف الساكسي وكتاب آخر عن سير القديسين للراهب الدوينيكي كاد دي فورجين.

ويخبر اغناطيوس في سيرته أنه كان "يكثر القراءة في هذه الكتب ويشعر ببعض الانجذاب إلى ما ترويه ( ذكريات شخصية، 6). وكان عندما يتوقف عن القراءة يفكر تارة بما قرأه وتارة بأمور العالم التي كان اعتاد أن يصب كل اهتمامه عليها.

وكانت مخيلته الخلاقة تحمله إلى قضاء الساعات في تخيل ما قد يكون في خدمة إحدى السيدات، والأشعار التي سينشدها. ومن ناحية أخرى كانت تخطر له أفكار لدى قراءته سير القديسين و "حياة المسيح": "ماذا لو فعلت ما فعله القديس فرنسيس، أو ما فعله القديس عبد الأحد؟" (ذكريات شخصية، 7).

وبهذا الشكل كانت تتنواب في قلبه سلسلة من الخيالات تحمله تارة إلى التفكير بالاقتداء بالقديسين وطورًا إلى التفكير بالمجد العالمي والشهرة، وكانت هذه الأفكار جميعها تحمل إلى قلبه شعورًا باللذة عندما كان يفكر بها.

إلا أن اغناطيوس يوضح أنه كان هناك فرق: "ففي التفكير بأمور العالم كان يجد لذة عظيمة؛ فإذا تركها عن سأم، بقي يابس النفس وعديم الانبساط. وبالعكس، لدى تفكيره في الحج إلى أورشليم حافي القدمين، مكتفيًا بأكل الأعشاب وممارسًا سائر أنواع التقشف التي رأى القديسين يمارسونها، كان لا يجد انبساطًا فحسب، بل يستمر مرتاحًا ومسرورًا، حتى بعد تركه إياها" (ذكريات شخصية، 8).

وعليه، الفرق لم يكن خلال خبرات التخيل بل بعد ذلك، وبهذا الشكل بدأ ايجينو يفهم أن الثمار ودوامها هو دليل أولي على مصدر الأفكار، أو ما يسميه هو "الأرواح". وهذا الأمر أدركه رويدًا رويدًا فبدأ يستنتج من خلال الأفكار التي تتركه حزينًا بعد مرورها، والأفكار التي تتركه فرحًا بعد عيشها، أن هناك "أرواح مختلفة تحركنا": روح الشيطان وروح الله.

وبدأ اغناطيوس في تلك الفترة مسيرة توبته الشخصية، منطلقًا من إدراك عطش قلبه الحق، والإصغاء لهذا العطش حمله إلى التخلي رويدًا رويدًا عن الأحلام الباطلة، والتمسك بالرغبات العميقة في قلبه: رغبة القداسة والاقتداء بالقديسين. ونضجت في قلب اغناطيوس الرغبة بالتكرس لخدمة الرب، وقرر أن يحج إلى أورشليم بعد شفائه، مزمعًا بعد عودته أن يعتزل في دير للشرتوزيين بأشبيليا.



حياتي لحظة

وبعد شفائه بدأ مسيرته قاصدًا أورشليم، وتوقف ليلة في مونسراتا، وقضى الليل في الصلاة وقرر أن يخلع ملابسه العادية ليرتدي أسلحة يسوع المسيح مكرسًا نفسه كفارس للمسيح، ومن ثم وصل إلى مانريسا، حيث أقام يستعطي كل يوم ولا يأكل لحمًا ولا يشرب خمرًا، ويعيش سيرة تقشف كبيرة. وهناك راودته فكرة لازمته وأزعجته مصورة له مشقة العيشة التي اختارها كأن قائلاً يقول له في أعماق كيانه: "كيف ستستطيع احتمال هذه العيشة طوال السنوات السبعين الباقية من عمرك؟".
وشعر اغناطيوس أن هذه الفكرة صادرة عن العدو فقال في قلبه: "أيها الشقي، هل في قدرتك أنت أن تعدني بساعة واحدة في الحياة؟". تعلمنا خبرة اغناطيوس هذه حكمة روحية بالغة مارسها وعاشها آباء الصحراء، فكان أنطونيوس الكبير على سبيل المثال يقول: "عندما تستيقظ قل لنفسك، لن أبلغ المساء، وعند رقادك قل: لن أرى نور الفجر". قد يرى أحد ما في هذا المبدأ موقفًا متشائمًا نحو الحياة، ولكن الحق هو عكس ذلك. فتوهمنا بأننا سنعيش طويلاً وكثيرًا يحرمنا من الانتباه الحق نحو أهمية اللحظة الحالية، بينما "فكرة الموت" المأخوذة لا كحد للحياة بل كحجر مقارنة، تساعدنا على إدراك قيمة الزمان. بهذا المعنى يقول المزمور 90: "علمنا أن نعد أيامنا، فنصل إلى حكمة القلب"، ويقول سفر ابن سيراخ: "اذكر أواخرك فلن تخطئ".

الهيام بناسوت المسيح

وزاول اغناطيوس عيشة نسكية مديدة، فكان يقضي يوميًا سبع ساعات في التأمل وفي مانريسا كتب كتابه الشهير "الرياضات الروحية" وهي عبارة عن تدوين لخبرة الصلاة التي عاشها ليشرك بها الآخرين، الذين منذ ذلك الحين كانوا يعتبرونه قديسًا وكانوا يأتون إليه للمشورة. وتوالت الخبرات الصوفية، والرؤى. وتابع مسيرته إلى أورشليم مارًا بروما، ووصل إلى يافا عن طريق قبرص واتجه إلى أورشليم وزار الأماكن التي مشى، وعاش، وتألم ومات وقام فيها المسيح.

كان اغناطيوس مولعًا بحب ناسوت المسيح ويورد خبرًا يبين حبه الذي قد يبدو مبالغًا به، ولكنه بالحقيقة يعبر عن إيمان صلب في واقع التجسد، الذي ليس فكرة فلسفية تميز المسيحية بل واقعًا تاريخيًا واقع حب مجنون دفع الله إلى اعتناق ناسوتنا. يورد العدد 47 من الذكريات الشخصية زيارة اغناطيوس إلى الحجر الذي يقال أن ربنا انطلق منه إلى السماء في جبل الزيتون، وما زالت هناك آثار أقدامه على الحجار. ثم ذهب إلى بيت فاجي "وهناك تذكر أنه لم يفحص جيدًا من أية ناحية كانت قدما المسيح اليمنى واليسرى" فعاد لكي يفحص الموقع!

يشرح مترجمو الكتاب إلى العربية أن هذه التفاصيل ليست من باب التقوى فقط، بل إن المسيح قد أرسل تلاميذه قبل صعوده من بستان الزيتون (واغناطيوس يختم الرياضات الروحية بالإرسال – رياضات روحية عدد 312)، ولذا أراد أن يعرف اتجاه الإرسال، لأنه لم يكن يريد أن يبقى في أورشليم، وشاء أن يذهب إلى مكان آخر يخدم فيه النفوس.

بعد عودته من أورشليم قرر أن يدرس لأنه أدرك أنه يستطيع بهذا الشكل أن يساعد النفوس بشكل أفضل، ودرس الفلسفة واللاهوت في باريس التي أمّها "وحده سيرًا على الأقدام" ووصلها في فبراير 1528. وخلال فترة الدراسة كان يلقي الرياضات الروحية على العديد من الأشخاص، وخلال هذه الفترة بدأ يلتف حوله جمع من الرفاق، من بينهم فرنسيسكو كسافييروس وبدور فاقر اجتذبهما إلى خدمة الله معه بواسطة الرياضات الروحية، وقرروا أن يسموا أنفسهم "رفقة يسوع" (societas Jesu). وسيم اغناطيوس كاهنًا وكان يريد أن يحتفل بقداسه الأول بعد استعداد دام سنة كاملة في الأراضي المقدسة، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق رغبته فاحتفل بالقداس في روما، في بازيليك مريم الكبرى في كابيل تقوم شرق ما يقول التقليد أنه مذود بيت لحم. وبعد الكثير من المصاعب والاضطهادات قام البابا بالمصادقة على الرهبنة التي أسسها اغناطيوس، وقد كتب قوانينها فقط بعد إقامة القداس الإلهي اليومي، وعرض موضوع بحثه على الله، والتأمل به خلال وقت التأمل (راجع ذكريات شخصية، 101).

خاتمة

إن كتاب ذكريات اغناطيوس هو كتيب صغير، ونعرف القليل القليل مما عاشه اغناطيوس حقًا، وفي هذه السطور اليسيرة عرضنا لمحات قصيرة عن سيرة هذا القديس العظيم الذي ساهم حقًا بإعطاء المسيحية بشكل عام والكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص مدرسة في الفكر من خلال رهبنته ومدرسة في القداسة من خلال رياضاته. ومن الطبيعي أن نعرف القليل عن القديسين، فسرهم هو حياتهم الخفية مع المسيح في الله، وقد قال بعدل الأب خوان بولانكو في سرده لموت القديس اغناطيوس: "كان يعتبر نفسه حقيرًا، ولأنه لم يكن يريد أن تضع الرهبانية ثقتها في أحد غير ربنا، فقد ترك هذا العالم كما يتركه عامة الناس. وربما نال من الله نعمة عدم ظهور أية علامة حسية عند موته، لأنه لم يكن يريد سوى تمجيده تعالى".

ويضيف: "وهكذا كانت حياته، فقد اعتاد أن يخفي هبات الله السرية إلا بعضها التي كان يعزم على إظهارها لبنيان الآخرين".

هلا أسهمت هذه المقالة بإيقاظ الرغبة عينها التي شعر بها اغناطيوس للاقتداء بالقديسين، فيكون لنا عيده مناسبة تطابق قصد الكنيسة في تكريم الأصفياء: أن نقتدي بهم لأنهم اقتدوا بيسوع المسيح، قدوس الله، فيكون وجودنا كما كان يردد اغناطيوس "لمجد الله الأعظم".

نختم المقالة بصلاة كان اغناطيوس يرددها غالبًا:

"ربي تقبل ذاكرتي وعقلي وإرادتي. كل ما أملك هو منك، كل ما لدي هو منك. أنت أعطيتنيه وإليك أعيده ربي وأستودعه بين يديك، هبني حبك، هبني نعمتك القدوسة ففيهما غناي وليس لي من مطلب سواهما يا إلهي".
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024