منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06 - 08 - 2016, 01:40 PM   رقم المشاركة : ( 13891 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 5 من 7‏

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ضوء على "تهكّم اليهود" ممّا في تفسير ابن عاشور

لقد ظهر بين المفسِّرين المسلمين، في ضوء الجزئيّة الخامسة عينها، محمد الطاهر بن عاشور ‏‏(تونس 1879- 1973) ليفسِّر على هواه وعلى هوى مَن سبقه. فبتصرّف: [والمسيح كان لَقبًا ‏لعيسى (ع) لقَّبه به اليهود تهكّمًا عليه. لأنّ معنى المسيح في اللغة العبرية المَلِك، كما تقدّم في ‏قوله (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم)- آل ‏عمران:45 وهو لقب قصدوا منه التهكّم فصار لقبًا له بينهم. وقلب الله قصدهم تحقيره فجعله ‏تعظيمًا له. ونظيره ما أطلق بعض المشركين على محمّد اسم مذمَّم؛ قالت امرأة أبي لهب: ‏‏(مذمَّمًا عصينا، وأمره أبينا، ودينه قلَينا) فقال محمد: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عنّي شتم ‏قريش ولعنهم، يشتمون مذمّمًا ويلعنون وأنا محمد)...] انتهى.‏
وتعليقي: أنّ معنى التهكّم: السخرية. وما رأيت تهكّمًا في قول محمد (إذ قالت الملائكة... إلخ ‏ممّا في مقولة آل عمران:45) فحجّة ابن عاشور واهية ضعيفة، كأنّه ظنّ أنّ القرّاء سيمرّون ‏على تفسيره مرور الكرام بدون رقابة ودون تحليل وكأننا نجهل معنى ما ورد فيها وما لحق ‏بها من تفسير. ففي تفسير الطبري آل عمران:45 [إنّما سُمِّي "المسيح" لأنه مُسِح بالبركة] ‏وفي تفسير ابن كثير بتصرّف: [وسُمِّي المسيح، قال بعض السلف: لكثرة سياحته. وقيل... ‏‏(كلام سخيف)... وقيل: لأنه كان إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى] لكن ‏سبق لابن كثير الزعم بتهكّم اليهود المذكور، ذلك في معرض تفسيره النساء:157 عينها وليس ‏في تفسير آل عمران:45 فإليك ما قال: [وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، ‏أي هذا الذي يدّعي لنفسه هذا المنصب قتلناه. وهذا منهم من باب التهكم والاستهزاء، كقول ‏المشركين: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون)- الحجر:6 فكان من خبر اليهود- عليهم ‏لعائن الله وسخطه وغضبه وعقابه- أنّه لمّا بعث الله عيسى ابن مريم بالبّينات والهدى، ‏حسدوه على ما آتاه الله من النبوّة والمعجزات الباهرات...] انتهى. ولي وقفة على لعائن ابن ‏كثير بعد قليل.‏
وتاليًا؛ ما قال لنا ابن عاشور أين وجه التهكّم في مقولة آل عمران:45 ولا وجدت بين ‏مفسِّري القرآن، حتّى الآن، مَن زعم أنّ لقب "المسيح" كان تهكمّيًا على المسيح من جهة ‏اليهود، حسب قراءتي تفسير آل عمران:45 لدى كل من الطبري والقرطبي وابن كثير. فمِن ‏أين أتى ابن عاشور بهذه البدعة؟ فإسلاميًّا: (كلّ بدعة ضلالة. وكل ضلالة في النار) فإذ عَلِمَ ‏ابن عاشور أنّ سورة النساء مدنيّة، كذا آل عمران، فالمرجّح لديّ أنه لم يعلم أن محمّدًا كان ‏تحت تأثير القس ورقة بن نوفل وغيره من وجهاء النصارى، فلم يطلق محمد لقب المسيح على ‏‏"عيسى" في أيّة سورة مكّيّة قبل الهجرة إلى المدينة! إنّما بدأ بإطلاقه بعد موت ورقة وبعدما ‏قويت شوكته في المدينة. ورُبّ سائل يسأل: كيف عرف محمد أن المسيح من ألقاب "عيسى" ‏المعرَّب على الأرجح من "إيسوس" اليونانية؟ فالجواب: من اختلاط محمد مع مسيحيّين من ‏الآراميّين-السُّريان ومن الأقباط، خلال رحلاته التجارية ما بين سوق عكاظ وسوق مجنة ‏وسوق ذي المجاز، ممّا في شبه جزيرة العرب، وبين أسواق شاميّة ومصريّة.‏
ـــ ـــ
خطورة لعائن محمد وابن كثير ونتائجها

وُصِف ابن كثير في سيرته على ويكيبيديا بأنّه: (عالِم مسلم وفقيه ومُفتٍ ومحدِّث وحافظ ‏ومفسِّر ومؤرِّخ وعالم بالرّجال ومشارك في اللغة وله نظم....) فإذْ يقرأ المسلم المتديّن لعائن ‏محمد وابن كثير فكيف يبيت ليلته بسلام وفي قلبه حقد على اليهود؟ كيف يستطيع التعايش سلميًّا ‏مع أخيه اليهودي سواء في دولة إسرائيل وفي غيرها؟ لماذا يخجل أصحاب الضمير الحيّ من ‏الاعتراف بأنّ قرآن محمد وحديثه وراء حدوث جميع الفتن بين المسلمين وبين غيرهم من الأمم ‏وأنّهما وراء التعالي الفارغ على الآخرين ووراء كراهية غير المسلمين؟ فإذا نُسِبت لعائن ‏محمّد إلى وحي منسوب إلى الله فإنّ لعائن ابن كثير قد شكّلت في رأيي وصمة أخرى على ‏جبين الإسلام، لأنّ ابن كثير مِن علماء الإسلام! قلت: بئس العلم عِلمُه إذْ لعن اليهود، أسوة ‏بمحمد، بدون تشكيك في مزاعمه قرآنيًّا وحديثيًّا سواء ضدّهم وضدّ غيرهم، لأنّ اللعنة دعاء ‏قبيح وهابط، لكنّ الأهمّ أنّ لعن الإنسان أخاه الإنسان خالف وصية الله القائلة أن يحبّ الإنسان ‏قريبه كنفسه! والمزيد في الإنجيل وفي برنامج [سؤال جريء 427 لماذا نكره اليهود؟] على ‏يوتيوب والرابط مدوَّن تحت (1) وقد شاطر عدد من شيوخ المسلمين محمدًا وابن كثير هذه ‏اللعائن، سواء على منابر إسلامية وفي الكتب وعبر قنوات فضائيّة وعلى الانترنت، مقتدين ‏بأسوتهم "الحسنة" فلم أقرأ أنّ يهوديًّا، أو مسيحيًّا، لعن خصمًا ولم أسمع. ثمّ أنّ مَن لعنوا ‏فرنسا- مثالًا- لم يحسبوا حساب المسلمين من مواطنيها ومن المقيمين فيها. ولم يحفظوا ماء ‏وجوههم من العار بتجنّب التفكير في الوقوف في طوابير، بانتظار منح تأشيرة دخول إليها. ‏ولم يحفظوا ماء وجوههم بتجنّب اللجوء إليها، مجازفين بحياتهم وحياة عوائلهم. ولم يحفظوا ‏ماء وجوههم بالابتعاد عن استخدام منتجاتها. لكنّ الأهمّ أنّ السيد المسيح أوصى أتباعه ‏بمباركة أهل اللعائن بقوله له المجد: {بارِكوا لاعِنيكُمْ}+ ممّا في القسم السابق. فشتّان ما بين ‏المسيحية وبين غيرها وشتّان ما بين وحي الله وبين وحي منسوب إلى الله.‏
ـــ ـــ
الجزئية السادسة: تناقض مقولة النساء:157 مع عادة اليهود ‏

توجد مشكلة في النساء:157 لم يتنبّه إليها مفسِّرو القرآن لأنهم لم يدرسوا الكتاب المقدَّس. ‏وهي أنّ اليهود جَلَدوا المُدان من بينهم ورَجَموا آخر لكنهم لم يصلبوا أحدًا في زمن مجيء ‏المسيح! بل لم يصلبوا أحدًا في العهد القديم على الطريقة الرومانية! فكيف شُبِّه لليهود أنّهم ‏صلبوا المسيح، كيف شُبِّه لهم أنّهم فعلوا شيئًا ليس من عادتهم؟ هذا غير منطقي إطلاقا! بل لا ‏ذِكر لكلمة الصليب في العهد القديم كلّه، باستثناء ما اتّصل به معنويّا، كتعليق المجرم على ‏خشبة بعد قتله، ممّا أشرت إليه في القسم السابق من سفر التثنية، أضف إليه التعليق الوارد في ‏التكوين 40: 19 ونبوءة داود النبي العظيمة عن صلب المسيح: {ثقبوا يديّ ورجليّ}+ ‏المزامير 22: 16‏
إنّما الذي حصل حسب تاريخ اليهود فالعكس تمامًا، إذ ابتُليَت أعداد كبيرة منهم بالصَّلب؛ ‏فأوّلًا: هدّد داريوس الملك الفارسي الوثني اليهود بصلب مَن لا يبالي منهم بإعادة بناء بيت الله ‏الّذي في أُورُشَلِيمَ (عزرا 6: 11) أي هيكل سليمان الذي تهدَّم بعد خراب أُورُشَلِيمَ سنة 70 م ‏فربّما مُورِسَ الصلب على اليهود في عهد داريوس في ضوء تحليل ذلك التهديد.‏
وثانيًا: روى المؤرّخ يوسيفوس أن جنود تيطس الوالي الروماني (غير تيطس المكتوبة إليه ‏رسالة بولس الرسول المسمّاة باٌسمه) أسروا اليهود وأعدموهم صلبًا خارج أسوار أورشليم، ‏إبّان خرابها المذكور، والذي تنبّأ به السيد المسيح في لوقا 21: 20-24 وفي متّى 24: 2 ‏فكثرت الإعدامات ضدّ اليهود إلى درجة أن الخشب اللازم لإعداد الصلبان استُنفِد كُلِّيّا. ‏
فاقرأوا- إخوتي المسلمين- وعُوا أنّ الصلب كان من عادة الفرس قبل ميلاد المسيح ومن عادة ‏الرومان بعد مجيء المسيح، إلى أن ألغى قسطنطين الإمبراطور الروماني (272– 337 م) ‏هذه العقوبة لأسباب دينية. فما كان الصَّلب من عادات اليهود في زمن المسيح، بأقلّ تقدير! ‏لهذا فإنّ قول محمد (ما قتلوه وما صلبوه لكن شُبِّهَ لهم) قد تسبّب في جدالات حادّة بين المسلمين ‏وبين المسيحيّين عبر التاريخ حتّى هذا اليوم وفي إثارة المسلمين ما سُمِّيت فِتَنًا ضدّ المسيحيّين ‏واضطرابات.‏
ـــ ـــ
الجزئية السابعة: تعارض مقولة النساء:157 مع الإنجيل ومع التاريخ

تبدو لي أهميّة هذه الجزئية في مستوى أهميّة الجزئية السابقة؛ وهي أنّ التهمة الموجَّهة إلى ‏اليهود، حسب تقويل القرآن، متعارضة مع حقيقتين، إنجيليّة وتاريخيّة، قائلتين بأن الذي قرّر ‏صلب المسيح هو بيلاطس البنطي- الوالي الروماني- لا اليهود! وأنّ الذين نفّذوا أوامر جَلده ‏وصَلبه حتّى الموت هم الجنود الرومان لا اليهود! إذ لم يكن في وسع رؤساء اليهود اتّخاذ قرار ‏بقتل المسيح، خشية ثورة الشعب عليهم؛ سواء من أتباع المسيح ومن الحاصلين على معجزاته ‏ومن شهود العيان عليها، قطعًا من الجنسين. فشعبيّة المسيح كانت قويّة وواسعة: {ولمّا طلَعَ ‏الصُّبحُ، تَشاورَ جميعُ رُؤساءِ الكَهنة وشُيوخُ الشَّعب على يَسوعَ ليَقتُلوه. ثُمَّ قَيَّدوهُ وأخَذوهُ ‏وأسلَموهُ إلى الحاكِم بِيلاطُس}+ متّى\ بداية الأصحاح 27 فلو كان في وسع اليهود أن يقتلوه، ‏لما أسلموه إلى الحاكِم بيلاطُس ليحكم عليه! بل كان دورهم تحريضيًّا ضدّ المسيح وضاغطًا ‏على الوالي الروماني، لأنّ المسيح أكّد لرئيس الكهنة صحّة "التهمة" الموجّهة إليه بأنه {المَسِيحُ ‏ابنُ الله}+ متّى 26: 63-64 و27: 43 خلال المحاكمة اليهودية.‏
وقد رأينا تاليًا أنّ عسكر الوالي نفّذ جَلْد المسيح وصلبه حتّى الموت، كما تقدَّم، ثمّ سمح الوالي ‏نفسه ليوسف الرامي بأنْ يُعطى جَسَدَ يسوع: {فأخَذَ يوسُفُ جَسدَ يَسوعَ ولفَّهُ في كفَنٍ نظيف، ‏ووضَعَهُ في قبر جديد كانَ حَفَرَهُ لِنفسِهِ في الصَّخر، ثُمَّ دَحرجَ حجرًا كبيرًا على باب القبر ‏ومضى}+ متّى 27: 59-60‏
فالأمر والنهي كان بأيدي الرومان لا اليهود، كما تقدَّم أيضا، لكن الجدير ذكره هو استبعاد ‏دور الرومان من القرآن ومن الحديث؛ إمّا عَمدًا، أي للتدليس على فداء المسيح الذي تمّ ‏على الصليب، ممّا في حلّ لغز مقولة القرآن في القسم السابق، أو جَهلا وفق ما كان يُملى ‏على محمد سواء من كتاب "رؤيا بطرس" المنحول ومن غيره. عِلمًا أن الكتب المنحولة ‏ظهرت ابتداء بالقرن الثاني الميلادي، بينما تمّ تدوين الإنجيل بثمانية أقلام ذهبية خلال القرن ‏الأوّل الميلادي وتحديدًا بعد ارتفاع المسيح إلى السّماء أمام شهود عيان من تلاميذه ومن ‏الرسل الذين اختارهم. فشكرًا لله على توجيه آباء الكنيسة لفرز المخطوطات المدوّنة بإرشاد ‏الروح القدس عن غيرها.‏
أمّا لو أجاز الوالي الروماني لليهود اتّخاذ قرار بالقتل- افتراضًا- لقتلوه رجْمًا لا صَلْبا! كما ‏تقدَّم في الجزئيّة السابقة. والبرهان واضح في الإنجيل إذ حاولوا قتله رجمًا، لكنّه اجتاز من ‏وسطهم سالِما: {قال لهم يسوع: الحقّ الحقّ أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن. فرفعوا ‏حجارة ليرجموه. أمّا يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازًا في وسطهم ومضى هكذا}+ ‏يوحنّا 8: 58-59 كذا حصل حين قال لهم: {أنا والآب واحد. فتناوَلَ الْيَهُودُ أَيضًا حِجَارَةً ‏لِيَرْجُمُوه. أجابهم يسوع: أعمالًا كثيرة حسنة أرَيتُكم من عند أبي. بسبب أيّ عمل منها ‏ترجمونني؟ أجابَهُ اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف، فإنّك وأنت ‏إنسان تجعل نفسك إلها}+ يوحنّا 10: 30-33‏‎ ‎
فأدوار الرومان في جَلد المسيح وفي صلبه [تحقيق نبوءة: {جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثَقَبُوا ‏يَدَيَّ وَرِجْلَيّ}+ ممّا في المزمور المذكور أعلى] بين لصَّين [تحقيق نبوءة: {سَكَبَ لِلموت نَفسَهُ ‏وأُحصِيَ مَعَ أَثَمَة، وهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وشَفَعَ في المُذنِبِين}+ أشعياء 53: 12] وفي ‏اقتسام ثيابه [تحقيق نبوءة: {يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وعلى لِبَاسِي يَقترِعُون}+ المزامير 22: ‏‏18] وفي قيام أحد العسكر بطعن جنبه بحربة [تحقيق نبوءة: {وأُفِيضُ عَلَى بَيْتِ دَاوُدَ وعَلَى ‏سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ رُوحَ النِّعمَة والتَّضَرُّعَات، فيَنْظُرُونَ إِلَيَّ، الَّذِي طَعَنُوهُ، ويَنُوحُونَ عَلَيْهِ كَنائِحٍ ‏عَلَى وَحِيد لَهُ...}+ زكريّا 12: 10] وفي التأكّد من موته وفي إنزاله من الصليب وفي تسليم ‏جسده إلى يوسف الرّامي، من بين حقائق غابت عن مؤلِّف القرآن أو تجاهلها، وغابت تاليًا ‏عن مفسِّري القرآن أو غضّ المستنير منهم بالطرف عنها.‏
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فتأمّلا- أخي المسلم وأختي المسلمة- جيّدًا في هاتين الجزئيّتين، إذ لم تخطر إحداهما في ذهن ‏أيّ مفسِّر قرآني! فإن خطرت فلم يجرؤ على تدوينها، لأنّ في تدوينها مخالفة عامّة الفقهاء من ‏المفسِّرين ومن سائر أهل العِلم. فلو دوّنها لتعرَّض لتهمة الزندقة وما شابه وعقاب الزندقة ‏معروف. ولديكما مأساة الحسين بن منصور الحلّاج (244- 309 هـ) من أشهر الأمثلة على ‏اضطهاد المفكّرين من المتنوِّرين ومن المنوِّرين.‏
ـــ ـــ
أهميّة المعجزة لإثبات صدق الرسالة

في رأيي؛ كان المفترض بصاحب أيّة دعوة "جديدة" أن يثبت للناس مصداقيّته بطريقة سلمية، ‏عوض اختلاق ذرائع، كالكفر والشرك، لتصفية خصومه. وعوض الافتراء على عقائد أهل ‏الكتاب وما لحق بافترائه من تهجير وقتل ونهب وسبي واحتلال، مهما كذّبوه، لأنّهم لم يعادوا ‏أحدًا قبله من ذوي الشائعات لكي يصدَّق قول من قال بأنهم اعتدوا عليه، إنما هو الذي عاداهم ‏لسبب تكذيبهم دعوته وهو الذي تهجّم على عقائدهم. والمفترض أيضًا أن يؤكّد صاحب الدعوة ‏صدقها لمكذِّبيه بأن يصنع آيتين (معجزتين) أو ثلاث، أمامهم وفي وضح النهار، وفقًا لما هو ‏معروف عن أنبياء الله مِن أهل المعجزات. لكنّه فشل في صنع واحدة منها، متذرّعًا بأنّ اليهود ‏قتلوا أنبياءهم. فماذا عن النصارى؛ هل قتلوا نبيًّا أو رسولا، لماذا لم يأتِ بآية أمام النصارى ‏لكي يشهدوا له أمام اليهود وأمام "الكفّار" من قريش وغيرها؟ فما صنع آية (ولا هم يحزنون) ‏فاعتُبِر شأنه شأن مسيلمة بن حبيب وسجاح التميمية والأسود العنسي وطليحة بن خويلد. عِلمًا ‏أنّ مسيلمة (والأرجح: مسلمة؛ أطلق عليه المسلمون اسم مسيلمة تصغيرًا له وتحقيرا) اعتبر ‏نفسه رسولًا من عند الله أيضًا فكتب قرآنًا مثلما كتب محمد، لكن أتلفه المسلمون، ثمّ ألّف نفر ‏منهم سجعًا هابط المستوى ونسبوه إليه استهزاء به وتقليلًا من شأنه. وعِلمًا أنّ أتباع مسيلمة ‏فاقوا أتباع محمد عدديًّا، حسب مراجع إسلامية، فرُبّما تفوّق قرآنه على قرآن محمد. فلم يستطع ‏المسلمون القضاء على مسيلمة إلّا في زمن الخليفة الأوّل، بعد محاولتين فاشلتين. والمزيد في ‏‏"معركة اليمامة" سواء في ويكيبيديا وفي غيرها.
 
قديم 06 - 08 - 2016, 01:46 PM   رقم المشاركة : ( 13892 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوقفة – ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 6 من 7

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الجُزئيّة الثامنة: ضوء على شبيه عيسى

ما محلّ "شُبِّه لهم" من الإعراب، إذْ لم يثبت بدليل عقلانيّ أنّ اليهود اعترفوا بقتل المسيح ولم يثبت أنّ واحدًا منهم كتب هذا الاعتراف في كتاب ما أو مقالة؟ وتاليًا؛ كيف شُبِّه لهم أنّهم صلبوه ولا سيّما أمّه التي كانت واقفة عند الصليب- صليب ابنها- مع نساء أخريات من خادماته اللائي ذكرهُنّ الإنجيل بأسمائهنّ؟ وبالمناسبة؛ هل في العالم أمّ سليمة العقل تعجز عن تمييز ابنها الشّابّ ولو كان واقفًا بين مليون شابّ؟ هل ذُكِر في نشرة أخبار أنّ أمًّا شُبِّه لها ابنها مقتولًا في حادثة ما إلّا إذا اختلّ عقلها؟ فكيف الحال مع أمّ أعظم مولود من امرأة؟
وإذا شُبِّه لليهود "بدون استثناء" فكيف شُبِّه لتلاميذه الذين رافقوه أزيد من ثلاث سنوات ليل نهار؟ وهل شُبِّه لغير اليهود أيضًا من الحاضرين وقائع الصلب بدون استثناء؟ لعلّ جوابًا عقلانيّا يبرز إلى ساحة الحوار. إذًا قولة "شُبِّه لهم" خالفت الإنجيل والتاريخ والمنطق.
تاليًا وبالمناسبة؛ ما اسم الشبيه، هل كان مجهول الهويّة؟ دعني إذًا أؤلِّف مسرحيّة بطلها مجهول الهويّة؛ مثل غودو بطل مسرحية "في انتظار غودو" للكاتب الآيرلندي صمويل بيكيت (1906- 1989) التي دارت أحداثها حول انتظار رجُلين، فقيرَين مادّيًّا ومهمَّشَين اجتماعيًّا، مجيء شخص اسمه غودو. فما جاء غودو حتّى انتهاء المسرحية. أمّا مسرحيّتي فلن تنتهي، لأنّ الشرطة قيّدتْ محضرًا ما ضدّ مجهول، والقضاء لن يعقد جلسة للادّعاء على مجهول حاول خداع أزيد من ملياري مسيحي مضحيًّا بنفسه، قطعًا لا توجد دعوى في العالم تطالب بإحضار ميت لاستجوابه، لكن يوجد مشتبه بهم ظهروا بعد مرور مئات السنين، فأمسكت بهم الشرطة واحدًا تلو آخر، عبر فترات من الزمن، وقدّمتهم للقضاء. وقد يظهر منهم آخرون في المستقبل، لذا لن تنتهي المسرحية التي ألّفتُها الآن. قيل أنّ اسم أحدهم طيطاوس، ممّا في تفسير الرازي- فخر الدين (المتوفّى سنة 605 في هَراة بأفغانستان) صاحب التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، وهو كتاب تفسير للقرآن معروف باٌسم تفسير الرازي. وقيل إنّ اسمه سرجس، ممّا في تفسير "البحر المحيط" لأثير الدين الأندلسي (المتوفّى سنة 745 هـ في القاهرة) وممّا في تفسير ابن كثير (المتوفّى سنة 774 هـ في دمشق) فإذا لم ينقل أحدهما عن الآخر فإن انتشار الشائعات عكس التيار على قدم وساق إلى هذا اليوم، كما أسلفت في نهاية القسم الثاني.
وتعليقي أوّلًا؛ كم قرنًا انتظر الناس قبل عثور الرازي وتاليًا الأندلسي (1) وابن كثير على معلومة شاعت عن زيد من الناس أو عمرو، وكيف عرفها زيد متفوّقًا بالمعرفة على مؤلِّف القرآن؟ أيّ طيطاوس هذا، أو سرجس، مِن بين آخرين بهذا الإسم أو ذاك؛ ما علاقة طيطاوس بالمسيح أو تلاميذه، مَن الذي دفعه إلى التضحية بنفسه؟ وإذا افترضنا أنّه اندفع بتأثير خارق فكيف استطاع تحمّل آلام المسيح كالجلد والصلب حتّى الموت وبصمت؟ إذًا هذا الزعم "شُبِّه لهم" إذا رفعه محقّقون إلى أيّ قضاء عادل فسيحفظه في أرشيف، ما لم يُلقِ به في سلّة مهملات، ريثما تتوفر حجّة عقلانيّة وموثّقة. لكنها ستبقى غائبة ولن تتوفر، مثل غياب غودو.

وثانيًا: ما برهان المفسِّر على أن السيد المسيح شخصيًّا طلب إلى الشبيه المزعوم أن يحلّ محلّه على الصليب؟ هذا محض هراء، لم يأخذ به أيّ قضاء غير الإسلامي. ليس من الحكمة إلقاء ظلّ هذا الهراء على رسالة، كرسالة السيد المسيح له المجد، ولا شبه الظّلّ. بل عجيبة "مواهب" أهل التفسير وغريبة "مواهب" أهل التأويل وأعجب منها "مواهب" أهل الدفاع عن القرآن! ومن اللافت بالمناسبة قول الرازي في النهاية: (واختلفت مذاهب العلماء في هذا الموضع وذكروا وجوهًا وهذه الوجوه متعارضة متدافعة والله أعلم بحقائق الأمور) انتهى. وشكرًا للرازي على هذا الاعتراف.
وثالثًا: لقد ذكر محمد في قرآنه اسم الشخص الذي قضى وطرًا من السيدة زينب بنت جحش، وهو زيد، قبل تزويج محمّد بزينب من فوق سبع سماوات! وذكر أسماء لأنبياء وأسماء مَن ظنّهم من الأنبياء فلماذا لم يذكر اسم طيطاوس أو سرجس؟ سيقول بعض الجهلة ما قالوا دفاعًا عن القرآن في مسألة عدد أصحاب الكهف الذي التبس على مؤلِّف القرآن. فطالما نوّه المؤلِّف بعددهم فكان ذِكر العدد ضروريًّا، احترامًا لعقول الذين سيسألون عن العدد، إلّا إذا جهِل محمد العدد الصحيح واحتقر العقول المفكِّرة. كذا؛ طالما نوّه محمد بوجود شبيه لنبيّ اعتبره بعد قليل كلمة الله وروحًا منه (النساء:171) فإنّ ذِكر اسم الشبيه كان ضروريًّا أمام قناعة أكثر من ملياري مؤمن بحقيقة صلب المسيح ومفتخر بصليبه.
إشكاليّة اللوح المحفوظ

على أيّ أساس صدَّق المسلمون المزاعم القرآنية بدون بحث عن دليل أو برهان، ولماذ لم تخطر في أذهانهم التساؤلات المطروحة أعلى؟ ومن جهة أخرى؛ لا دليل على حضور جبريل حادثة الصلب، كما تقدّم في القسم الثاني، فإمّا حضر- افتراضًا- فمن المستحيل أن "ينزّل" ما يخالف الإنجيل، إلّا إذا كان غير جبرائيل الكتاب المقدَّس. وقد افترضت حضوره لكي أفوِّت على عميان البصيرة فرصة إيجاد ذريعة ما وأخيّب ظنون أهل المكر والخداع من المدافعين عن القرآن دفاعًا أعمى.
فما بقِيَ للمدافعين سوى ذريعة اللوح المحفوظ المزعوم في آخر سورة البروج [انظر-ي مقالتي (2) عن حفظ كلام الله عبر الرابط أدنى] لكنّي بيّنت أنّ فكرته مقتبسة من ‏‏{سِفر الحياة} أي "كتاب الحياة" الوارد في سِفر الرؤيا- آخر أسفار الكتاب المقدَّس- ولفتّ الانتباه إلى أنّ آراء المفسِّرين قد اختلفت على معنى اللوح المذكور. إنّما يستحيل على مَن يقرأ تفاسير القرآن، عن أحداث الصلب، أن يهتدي إلى طريق صحيح مِن طرق الروايات الغريبة التي جمعها المفسِّرون عبر التاريخ من مصادر مختلفة، بل يستغرب من كثرة الاختلاف ما بينها، كما جرت العادة؛ إذ افتقر القرآن في رأيي الى البلاغة وإلى البيان! وإلّا لما اختلف المفسِّرون على التأويل هنا وهناك. فما كان في جعابهم سوى التالي: (قيل عن مجاهد كذا وعن قتادة كذا وعن آخرين كذا وأولى الأقوال بالصواب عندنا كذا) ثمّ الخاتمة الشهيرة عربيًّا (والله أعلم) كما في تفسير "البحر المحيط" المذكور أعلى- مثالًا لا حصرا: [واختلف الرواة في كيفية القتل والصلب، ولم يثبت عن رسول الله (ص) في ذلك شيء غير ما دَلّ عليه القرآن] وكما تقدّم عن الرازي.
لا شفيع لمن تجاهل الحقّ ولا نصير

إليك تعليقي على اختلاف مفسِّري القرآن وأهل التأويل؛ قطعًا اختلفوا ولا لوم عليهم! لأن الباحث عن الحقّ مدقّقًا فيه ألقى باللوم على كاتب القرآن إذ أضلّهم بغموضه فاختلط عليهم الحابل بالنابل. فإذ تاهوا بين روايات أسطوريّة فكيف تهتدي العامّة إلى الصواب؟ قطعًا باستثناء متجاهلي الحقّ والمفترين عليه والمتشبّثين بالباطل بعد كشف الحقائق لهم بأدلّة وبراهين، وقطعًا مصير هؤلاء النار الأبدية، لا شفيع لهم يوم القيامة ولا نصير. ها أني بلّغت كلّ من قرأ هذه المقالة ونبّهت! والقرار للقارئ-ة لأنّ المسيحي لا يُجبر أحدًا على اتّباع السيد المسيح ولا يضغط عليه. بل السيد نفسه قد قال: {إِنْ أرادَ أحَدٌ أنْ يأتيَ وَرَائي، فلْيُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْم، ويَتبَعني}+ لوقا 9: 23 ومتّى 16: 24 ومرقس 15: 21 فشتّان ما بين المسيح الحيّ القدّوس وبين غيره.
مؤهّلات قارئ-ة الكتاب المقدَّس

أمّا قارئ-ة الكتاب المقدَّس فيعلمان أنّ وظيفة الوحي الإلهي إرشاد المدوِّن إلى الصّواب وإلى إتقان التدوين وإلى توخّي الدقّة فيه، ليست وظيفته تنزيل أخبار من إله السماء إلى الأرض ولا لملمة شائعات من هنا وهناك لتدوين أبرزها. فمن يقرأ عن صلب المسيح- مثالًا- في الإنجيل يفهم تفاصيله بوضوح ودقّة، بإرشاد الرّوح القدس أوّلًا وبالاستعانة بأحد التفاسير المسيحية ثانيًا، ويقتنع في نهاية المطاف بأنّ الغاية من الصلب هي الفداء الذي أعدّه الله من فيض محبّته البشر، بعدما ورثوا طبيعة آدم الملوَّثة بالخطيئة. فمهما عملوا من صلاح أمام الله وقدّام الناس فيلزم الخطيئةَ التي ورثوا عن آدم وحوّاء فداء، على أن تتوفّر في الفادي ثلاثة شروط؛ أشرت إليها في القسم الثاني وفي مقالتي (3) عبر الرابط المدوَّن أدنى. تأمّل-ي في جواب السيد المسيح على سؤال الشّابّ الغنيّ الذي حفظ وصايا الله حتّى أحبّه السيد المسيح- حسب رواية كلّ من متّى\ الأصحاح 19 ومرقس\10 ولوقا\18 بل يجد القارئ جوابًا على كلّ سؤال، ممّا خطر في ذهنه في الماضي وممّا يخطر في ذهنه خلال القراءة وبعدها.
أمّا أهمّ ما يحصل عليه القارئ-ة من الكتاب المقدَّس فإشراقة النور الإلهي على القلب والعقل والضمير وتغيير الأخلاق نحو الأفضل وتغيير نمط الحياة أيضا.

فحجج الكتاب المقدَّس عمومًا مبنيّة على أساس من الصخر، بينما بُنيت على أسس رمليّة حجج معارضيه ومعانديه ومنتقديه والمفترين عليه. لذا لن تؤثّر في الكتاب المقدَّس رياح كتب صفراء مهما تكن هوجاء، ولا موجات جوفاء من ملحدي أوروبا وغيرها، ولا صواعق نقد وافتراء دندن بها الفضاء وطنطن: {فالكِتابُ كُلُّهُ مِنْ وَحيِ الله، يُفيدُ في التَّعليمِ والتَّفنيد والتَّقويم والتَّأديب في البِرِّ، ليكونَ رَجُلُ اللهِ كامِلًا مُستعِدًّا لِكلِّ عَمَل صالِح}+ 2تيموثاوس 3: 16 بل قال السيد المسيح: {السَّماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول}+ متّى 24: 35 ومرقس 13: 31 آمين.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الجُزئيّة التاسعة: دليل آخر على خرافيّة النساء: 157 و158

قال محمد: (وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكّ منه ما لهم به مِن عِلم إلّا اتّباع الظن وما قتلوه يقينًا 157 بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إليه... 158) فقلت: أين "عِلم القرآن" وقد عُرفَتْ جميع مصادره التي نهل منها محمد، خلال 40 سنة من حياته، عبر اختلاطه مع أهل الكتاب، بين شبه الجزيرة والشام ومصر، واختلاطه مع مَن سمّاهم كُفّارًا في ما بعد ومشركين. والمصادر هي كل من التوراة والتلمود والإنجيل وكتب التراث المسيحي. والكتب المنحولة المحسوبة على المسيحية ومنها "رؤيا بطرس" وكتب الأساطير ومنها "المعراج" ممّا في الزرادشتية، والقصائد ولا سيّما التي للموحِّدِين ومنهم أمية بن أبي الصَّلْت، وكتب الهرطقات السّيمونيّة-الغنّوسيّة وهي التي اقتبس محمد منها مقولة النساء: 157 و158 ضمنيًّا بالإضافة إلى اقتباسه من "رؤيا بطرس" ممّا تقدّم في القسم الرابع. والبرهان على اعتماد محمد على هذه المصادر كامن في تطابق معلومات القرآن مع معلومات هذه المصادر التي سبقت ظهور القرآن ببضعة قرون. ومن أراد التأكد من تشبّث محمد برواية نفي الصلب الخرافيّة فليذهب إلى تفسير النساء:157 و158 عند الطبري وعند ابن كثير وغيرهما.
فممّا في تفسير الطبري ما معناه: [دخل اليهود على عيسى في بيت ليقتلوه فقتلوا شبيهًا له وظنّوا أنّهم قتلوه] وممّا في قول ابن كثير: [وما قتلوه متيقّنين أنه هو، بل شاكّين متوهّمين] انتهى.
وتعليقي في البداية: ما دخل البيت، المذكور في تفسير الطبري، بالنّصّ القرآني؟ فالخرافة تلد خرافة مثلها، شأنها شأن إحدى روايات "ألف ليلة وليلة" اختصرها محمّد بسطرين ليجعلها ممّا اوحِيَ به إليه، مدلِّسًا على فداء السيد المسيح عن عمد وعن سبق إصرار، ممّا تقدّم في القسم الرابع أيضا. نعمْ، أوحِيَ إلى محمد بمعلومات، كما أوحِيَ إلى كثيرين غيره، قبله وبعده، من طرق شتّى وبصور مختلفة إحداها عن أخرى؛ لكنّ المُوحِيَ بها خزين معلومات العقل الباطن. قطعًا أنّ المُوحي لم يكن الله- حاشا الله- فلا وحيَ مقدَّس إلّا وحي الكتاب المقدَّس.

أمّا بعد فقد وجدت إشكاليّتين:
الأولى في زعمه "وإنّ الذين" فهل قصد بـ "الذين" اليهودَ أم النّصارى أم اليهود والنّصارى معا؟ عِلمًا أن الوحي الإلهي رصين فلا يمكن أن يمتّ هذا الزعم بصِلة إليه- حاشا الله- حتّى موظّف الإعلام العادي لا يأتي بالأخبار بطريقة ملتبسة لأنّ مصيرها تجاهل السامعين، إلّا السُّذَّج منهم، وقد تطرده الدائرة الإعلاميّة التي وظّفته. قِس على هذا شخصًا ادّعى أن الله أوحى إليه، ما يعني أنّ عليه أن يأتي بالخبر واضحَ المعالم كاملًا شاملًا لا عيب فيه ولا غبار عليه، لكي يوصف خبره باليقين ولكي يحظى بتصديق الجميع. ومعلوم أنّ اليقين خلاف الشّكّ. فنقرأ في تفسير الطبري: [قال أبو جعفر: يعني اليهودَ الذين أحاطوا بعيسى وأصحابه حين أرادوا قتله] وقال طنطاوي في تفسير الوسيط: [فالمراد بالموصول فى قوله: (وإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱختَلَفُوا) ما يعمّ اليهود والنصارى جميعا. والضمير فى قوله (فيه) يعود إلى عيسى- عليه السلام] فبأي تفسير من هذين أخذ المسلمون، قبل غيرهم، ولا سيّما أن تفاسير كل من الطبري وطنطاوي معتمدة لدى أكبر طوائف المسلمين؟
قد يردّ علينا أهل "التّقيّة" والدوران ورمي الكرة في ملعب الخصم بحديث محمّدي: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)- صحيح مسلم.
وتعليقي بسؤال: لماذا يدفع الناس الذين أضلّهم المجتهد ثمن خطئه، هل سيحاسبهم الله يوم القيامة أم يُلقي بذنوبهم على المجتهد أم على اليهود والنصارى؟ فإذا يتحمّل المجتهد الذنب فكيف يكون له أجر؟ واضح أنّ في هذا الحديث تناقضًا من الصعب تجاهله بعد هذا التحليل.
والثانية في زعمه (لفي شكّ... إلخ) وقد عرفنا أنّ اللام للتوكيد. أمّا بعد فمَن الذي شكّ؟ والجواب: الذين اختلفوا فيه. بماذا شَكّوا؟ والجواب: إمّا أنّ المقتول "عيسى" أو شبيهه. فإن لم يُقتَل عيسى فكيف مات؟ والجواب: رَفَعَهُ اللَّهُ إليه! أي رفعه بدون موت، كما يبدو، لكنّ موت عيسى ملتبس في القرآن. وقد رأينا في القسم الثالث أنّ عيسى "لم يمت بعد" لكنّ هذا لم يشمل جميع مقولات القرآن عن الوفاة. فما النتيجة إذًا؟ والجواب: (اتّباع الظّنّ) فما اليقين؟ والجواب: (ما قتلوه يقينًا بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إليه) فما الدليل؟ والجواب: لا دليل ولا برهان.
فأين بيان القرآن من "الفاتحة" إلى "الناس" وأين بلاغته؟ إنّما رثيت لبؤس بيان كبيان القرآن وسط أزيد من 60 مفسِّرًا ناطقًا بالعربيّة بما في تفاسيرهم من اختلاف. وأرثي لبلاغة كبلاغة القرآن إذ اختلف جميع أهل التأويل على معاني القرآن ولاسيّما الأجيال الأقرب إلى زمن محمد.
وبالمناسبة؛ تفضّل الشاعر العراقي معروف الرصافي، من الطّائفة السُّنّيّة، بنقد بلاغة القرآن في "الشخصيّة المحمّدية أو حلّ اللغز المقدَّس" ابتداء بالصفحة 614 مثالًا لا حصرًا! وتفضّل السيد العراقي أحمد القبانجي، من الطّائفة الشِّيعيَّة، في محاضرته "نقد الاعجاز البلاغي في القرآن" المتوفرة كاملة على يوتيوب. والسؤال المُرّ الذي سأله أزيد من مفكّر ومن باحث: هل من المعقول أن يوحي إله السماء بما يجعل الناس تائهين بين تفسير هذا وتأويل ذاك وبين معتقَد هذا ومذهب ذاك؟ قطعًا كلّا. لكنّ بعض السُّذّج صدعوا رأسي بأنّ (مِن عظمة القرآن أنّ معانيه، الظاهر منها والمخفي، فاقت مستويات تفكير البشر) فأجبت على زعمهم بالتالي: (هل من الحكمة الادّعاء أن الله يوحي إلى الإنسان بأسرار لا يستطيع حلّ ألغازها إلّا الله؟) وبهذا أجاب غيري أيضًا مِن قبل. وأردف الملحدون من خلفيّة إسلاميّة ما معناه: (فليحتفظ هذا الإله بعلومه وأسراره وألغازه لنفسه، لا حاجة بنا إليها، لأننا لسنا حقول تجارب) وأردفت في النهاية: حاشا الله ممّا نُسِب إليه في القرآن.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وقفة في صدر الإسلام بين اليهود وبين النصارى

إذا افترضنا وجود حسن نّيّة عند محمد على أنه أراد أن يخبر اليهود الذين عاصرهم والنصارى وسائر الناس بما جرى خلال زمن "عيسى" وافترضنا أن يهود عصره لم يكن لهم علم بما جرى، فما بال القارئ-ة بالنصارى؟ عِلمًا أن تسمية "النصارى" خلال ذلك الزمان طغت على مسيحيّي شبه جزيرة العرب، لأنّ الهرطقات انتشرت هناك على نطاق واسع ومنها هرطقة النصارى إذ أنكرت أن عيسى هو المسيح- المسيّا. فلماذا تهجّم محمد على عقيدة النصارى، في أزيد من سورة، وهو على يقين بأنهم آمنوا بصلب عيسى وبموته وبقيامته؟ والجواب، حسب تأمّلي في القرآن وفي اقتباسات محمد من الكتب المذكورة أعلى، هو أنّ محمّدًا كان حاقدًا على جميع خصومه ومعارضيه فخطّط مسبقًا لإفراغ شبه الجزيرة منهم، ولا سيّما أهل الكتاب، باختلاق ذرائع ضدَّهم. لماذا؟ لأن محمّدًا تيقّن بأنّهم عرفوا أنه اقتبس من كتبهم وتيقنّ أنّ شأنه عندهم شأن مسلمة بن حبيب المسمّى "مسيلمة الكذّاب" فكان كل تشكيك في دعوته خطًّا أحمر بين خطوطه فكيف تكون الحال مع تكذيب دعوته واعتباره من الكَذَبة؟ لا شكّ في أن محمّدًا قد اطّلع على الإنجيل الرّسمي ممّا كان يُملى عليه، في شبه الجزيرة وخارجها، سواء من النصارى ومن الأقباط ومن الآراميّين وتحديدًا السريان، فعَلِم بتنبّؤ المسيح عن أنبياء كذبة يأتون من بعده فيُضِلُّونَ كَثِيرِين (متّى 24: 11) وهذا ما زاده حِقدًا على أهل الكتاب وكراهية. وما عاد خافيًا تنوّع مجتمع شبه الجزيرة قبل الإسلام، إذ كان خليطًا من أقوام عدّة على اختلاف طوائفهم الدينية.
أمّا البراهين على إيمان النصارى بصلب عيسى فكثيرة؛ منها أنّهم زيّنوا بالصليب كنائسهم والهياكل (محلّات التقديس والقربان) تنويهًا بموت السيد المسيح عليه مصلوبا، ومنها أنّهم ذكروا الصّليب حَرفيًّا في شعرهم، بألسنة شعراء مشهورين؛ منهم التالي:
عَدِيّ بن زيد- على وزن بحر الوافر:
سعى الأعداء لا يألون شرًّا – عليك وربِّ مكّةَ والصليبِ
ـــ
الأعشى قيس- على وزن المتقارب:
وما أَيبُليٌّ على هيكلٍ – بناهُ وصَلَّب فيه وصارا
والأيبلي- لعلّ الكلمة مقلوبة عن الأبيل: الراهب. أمّا "صار" فقد بنى الأعشى هذا الفعل من الصور النصرانيّة لملائكة وأنبياء، ممّا لدى النصارى، ومنها ما كان موضوعًا في الكعبة.
ـــ
النابغة الذبياني- على وزن البسيط:
ظَلّتْ أقاطيعُ أنعامٍ مُؤبَّلة – لدى صَليبٍ على الزّوراء منصوبِ
ـــ
وارتجزَ الأخطل؛ وهو نصراني، من أبرز شعراء العصر الأمويّ إلى جانب جرير والفرزدق:
لمّا رأونا والصليبَ طالِعا – خلَّوا لنا رازانَ والمزارعا
ـــ ـــ
الفرق ما بين المسيحيّين وبين النصارى

بالمناسبة؛ يجهل المسلمون الفرق ما بين المسيحيّين وبين النصارى حتّى هذا اليوم، لأنّ مؤلِّف القرآن سلّط ضوءً على طائفة النصارى المنسوبة إلى المسيحيّة ولم يسلِّطه على المسيحيّين الحقيقيّين الذين آمنوا بأنّ يسوع الناصري هو المسيح- المَسِيّا- المتنبّأ عنه في كتب اليهود الرسمية (أي المقدَّسة) أمّا النصارى فطائفة من الغلط وصفها بأنها مسيحيّة لأنها آمنت بأن يسوع الناصري نبيّ من أنبياء الله لكنّها لم تؤامن بأنه المسيح. فكيف يُنسَب إلى المسيح مَن لم يؤمن بأنّ يسوع هو المسيح؟ هكذا خلط محمّد بين النصارى وبين المسيحيّين! وقد خلط أيضًا ما بين روايات الكتاب المقدَّس الرسمي وبين روايات كتب التفسير اليهودية وبين روايات كتب منحولة ولا سيّما المسمّى كلّ منها بإنجيل، كإنجيل توما وإنجيل يعقوب وإنجيل الطفولة، وبين روايات كتب الهراطقة. لكنّ أيًّا من جهل محمد بالكتاب المقدَّس وبأهل الكتاب ومن جهل المسلمين، من أنصاره والتابعين، ليس بحجّة على اليهودي ولا على المسيحي ولا على الكتاب المقدَّس. إنّما مكتوب: {قد هلك شعبي من عدم المعرفة. لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى لا تَكهَن لي...}+ هُوْشَع 4: 6
 
قديم 06 - 08 - 2016, 01:52 PM   رقم المشاركة : ( 13893 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوقفة– ج16 مصلوب ما صلبوه ولا شُبِّه لهُمْ! 7 من 7

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مَن وراء امتداد إرهاب أهل الكتاب وغيرهم إلى أجل غير مسمّى؟

من البديهي الاستنتاج أنّ محمّدًا تعمّد الإساءة إلى الكتاب المقدّس، بالافتراء عليه وعلى أهله، في محاولة إيجاد ذرائع لطردهم من منازلهم بأقلّ تقدير، أو قتلهم ما لم يدركوا خطورة دينه على حياتهم قبل فوات الأوان؛ فقد اعترف حسب حديث صحيح: (لأخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلّا مسلما)- أخرجه مسلم. وأغلب الظّنّ أنّ السبب الأوّل لطردهم من جزيرة العرب هو وجود وثائق ثبوتيّة لديهم ضدّ قرآنه، وتحديدًا النصوص التي اقتبس منها ممّا عُثِر عليه حتّى اليوم، سواء المدوّنة في التوراة والتلمود والإنجيل وكتب التراث المسيحية، كما تقدّم في القسم السادس، وقطعًا لم تكن هذه الوثائق عند غيرهم ولا كان غيرهم خبيرًا فيها. هذا بالإضافة إلى حاجته إلى الاستيلاء على منازلهم لإسكان جنوده وإلى نهب ممتلكاتهم المسمّاة غنائم، بل جعل الله مشتركًا معه في الغنائم، أي السرقة، بقوله: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خُمسَهُ وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله... إلخ)- الأنفال:41 فحاشا الله ما نسب إليه مؤلِّف القرآن المريض طوال حياته بالصرع، انظر-ي تفاصيل مرضه،

فإذْ قيل كيف استطاع مريض عقليًّا الإتيان بالقرآن؟ فالجواب: أن طبيعة هذا المرض لا تمنع المصاب به من الفنّ والإبداع. فمِن الأدلّة أنّ الكاتب الروسي العظيم فيودور دوستويفسكي (1821- 1881 م) عاش ستّين سنة مصابًا بالصرع أيضًا، حتّى قال أنّه يفهم حالة محمّد جيّدا. لكنّ مصيبة الإرهاب امتدّت إلى أبعد ممّا تقدَّم؛ إذ بقيت ذرائع افتراء القرآن مصدر حقد على العالم كلّه، ما عدا بعض المسلمين وتحديدًا الفرقة التي تظنّ أنّها هي النّاجية يوم القيامة، ومصدر حسد وكراهية وانتقام، بما لحق الذرائع من دعم في كتب تفاسير القرآن، ومنها لعائن ابن كثير، ممّا تقدّم ذكره في بداية القسم الخامس، فامتدّ العداء الإسلامي إلى اليوم ليشمل الإرهاب جميع أقطار المسكونة حتّى أجل غير مسمّى.
وقد نجحت
داعش في ترجمة العداء، الذي احتواه كلّ من القرآن والحديث والسُّنّة، بفيديوهات فُوجِأ بها الجهلة بالتفاسير الصحيحة وبسيرة "الرسول" الصحيحة، سواء العالم المتقدِّم عمومًا وغالبيّة المسلمين خصوصًا، على خلاف مخططات تجميل الإسلام التي تبنّتها الوهّابية وأذيالها. فما الجوامع في العالم والمساجد سوى بؤر تخطيط للإرهاب المحمّدي ومحطّات انطلاق لتنفيذه في مَن هبّ ودبّ، كلّ زمان وفي أيّ مكان! لكي تشفى صدور "المؤمنين" المريضة: (قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ويخزِهم وينصركم عليهم ويَشفِ صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء...)- التوبة:14 فإن كانت هذه مقولة خاصّة بمن سمّاهم محمد مشركين، لأنهم حسب تفسير الطبري: (نكثوا أيمانهم ونقضوا عهودهم بين محمد وبينهم وأخرجوه من بين أظهرهم) فهل انتهى العمل بها أم انّ القرآن ما يزال "صالحًا" كل زمان ومكان فاستشهدت داعش بها وبغيرها في الشرق والغرب؟ لست من كاشفي الأسرار إذا قلت أنّ بعض الناس، مِن الذين أدركوا حقيقة الإسلام، قد اعتبروا الأخ المسلم عضوًا في خليّة نائمة أو قنبلة تنتظر توقيتًا مناسِبًا لتنفجر، لكنّي قلت أن كثيرًا من المسلمين مسالمون، على خلاف تعاليم دينهم، فلا يجوز التعميم.
ـــ ـــ
محاولات لإصلاح الإسلام

ها نحن في القرن الحادي والعشرين؛ نفكّر ونحلّل ونبحث عن كل كلمة عبر الانترنت ونتقصّى حقائق ولا سيّما حقيقة كتاب إرهابي، باعتراف الشيخ الظواهري وغيره مع الافتخار بإرهاب الإسلام، زُعِم أنّه صالح زمانيًّا ومكانيًّا، لذا فإنّ مؤلِّفه هو المسؤول عن كلّ حرف من كلامه، إذ نسب الوحي به إلى الله مفتريًا على الكتاب المقدَّس بوضوح تامّ. أمّا مفسِّرو هذا الكتاب فهُمُ الذين اختلفوا فيه وعاشوا حياتهم في شكّ منه لم يكن لهم بهِ مِنْ عِلْم إلّا اتّباع الظّنّ. فالكرة الآن في ملعب الإسلام.
وتاليًا؛ كفى تضليل العالم بسماحة الإسلام وبسائر الشعارات المزيَّفة اللاحقة به من أقطاب الكذب والافتراء والتدليس، سواء في الجوامع وعبر الفضائيات وعلى الانترنت، لن تنفع محاولات تجميله وتلميعه ولا سيّما بعدما كفت داعش ووفّت. لعلّ خير وصف يليق بالإسلام هو التالي- ممّا ورد في كلام المفكر حامد عبد الصمد- بتصرّف: [يحتاج محاول إصلاح الإسلام إلى خيال كاتب روائي يرشّ عطرًا على جثّة الإسلام الهامدة ليغيّر رائحتها الكريهة تمهيدًا للادّعاء بصلاحيّة القرآن كل زمان وفي كل مكان...]- شاهد-ي الحلقة الـ 49 من برنامج صندوق الإسلام: مقارنة بين الاسلام والاسلام السياسي، علمًا أن مدّتها 24 دقيقة.
فما استحقّ القرآن منّي هذا الاهتمام ولا الوقت المبذول لأجل الكشف عن حقيقة الإسلام، لولا أني كتبت لمغيّبي العقل ومساكينه وسائر السّذّج الذين اتّبعوا محمّدًا بدون تشكيك في كلامه، ولا سيّما القرآن، وبدون تدقيق في مصادره ودون تأمّل في معانيه ودون مراجعة تفاسيره المعتمدة إسلاميًّا ودون اطّلاع، سواء على المقالات التي انتقدته وعلى سائر قنوات النقد الموضوعي. لكنّي كتبت في المقابل دفاعًا عن عقيدتي التي افترى عليها محمَّد بدون وجه حقّ وردًّا على النقّاد المسلمين الذين استشهدوا بالقرآن، في الأقلّ، معتبرين أنّه حجّة على الكتاب المقدَّس وأنّ نقّاد الإسلام (أساؤوا فهمه) إنّما القرآن حجّة على مؤلِّفه فقط! لن يكون حجّة على أحد غيره مهما علت صيحات أهل الضمائر النائمة ومهما تطاولت أقلام عميان البصيرة على حجج نقد القرآن الدامغة.
واكتفيت بهذا القدر من دحض مقولة النساء:157 و158 وتفنيدها وحلّ لغزها، متى أجاب النّقّاد على حجّة واحدة ممّا تقدَّم يصبح لكلّ حادث حديث! ولديّ من الحجج ما يفوق تصوّراتهم ومن اللغة ما تفوّق على لغتهم الأمّ، فلم أجد مثل العرب جهلة بلغتهم، وهذا الجهل دليل على أنّهم حفظوا القرآن بدون فهم معانيه، باستثناء المتنوّرين منهم بنور المسيح أو بأنوار ثقافات الأمم المتقدِّمة.
ـــ ـــ
هل تستحقّ حقيقة صلب المسيح الطعن فيها والإنكار؟

واليوم، بعدما وصلت البشرية إلى مستويات راقية من الإيمان بالله ومن العلم والحضارة، بماذا أضرّت حقيقة صلب المسيح حضرة الأخ المسلم لكي يعترض عليها لو لم يخالفها مؤلِّف القرآن؟ فلم يضرّ صليب المسيح أحدًا! بل العكس تمامًا، إذ دفع السيد المسيح ثمن خطايا جميع البشر على هذا الصليب: {مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَص، وَمَنْ لَمْ يُؤمِنْ يُدَنْ}+ مرقس 16:16 والدّيّان قطعًا هو الله يوم الدينونة (يوم الحساب) وتاليًا؛ لا دعوة في رواية الصَّلب إلى غزو قبائل وبلدان وإلى قتال مرتدّين ومشركين وكفّار وإلى سبي صبايا ونساء وإلى استعباد أطفال. لا دعوة في الصّلب موجّهة إلى المسيحيّ لكي يقاتل أخاه الإنسان، أيًّا كان عِرقه ومعتقده. هذه الدعوة موجودة في القرآن فقط، ما تزال تدعو المسلمين لقتال اليهودي والمسيحي حتّى بدون أن يعتدي عليهم يهودي أو مسيحي! فإمّا القبول بالإسلام وإمّا دفع الجزية عن يد والدافع صاغر (ذليل) وإمّا القتال (انظر-ي تفسير التوبة:29 سواء أكان التفسير سُنِيًّا أم شيعيًّا) والتوبة:29 بالإضافة إلى الدعوة إلى قتل المشركين حيثما يجدهم المسلمون (انظر-ي تفسير التوبة:5) ما تزالان محفوظتين في القرآن وفي "اللوح المحفوظ" بل نسختا (أي غيّرتا) ما بدا سلميًّا من أقوال مؤلِّف القرآن في ما سبق، أي خلال الفترة المَكّيّة ما قبل الهجرة، بذريعة مفادها (أنّ الله ينسخ كلامه) قلت: حاشا الله من افتراء النسخ المنسوب إليه. عِلمًا أنّ أحد القرآنيّين، من المتلاعبين بالألفاظ، صرّح أنّ معنى ينسخ "يكتب" في تفسير (ما نَنسَخْ من آية أو نُنسِها نأتِ بخير منها أو مثلها)- البقرة:106 مفسِّرًا على ذوقه. قلت: حتّى هذا التفسير لا يُبعد معاني الإرهاب عن مقاصد القرآن مليمترًا واحدا.
فإذْ ثبت أن قضيّة الصلب لا تضرّ أحدًا فلماذا تهجّم بعض المسلمين عليها؟ والجواب: دفاعًا عن القرآن. ففي تقديري؛ أنّهم يخشون انجذاب عدد من المسلمين والمسلمات إلى الخلاص الذي أعدَّه السيد المسيح بسفك دمه على الصليب كفّارة عن خطايا البشر. عِلمًا أنّ غالبية اختبارات المسلمين والمسلمات مع المسيح ركّزت على ظهور السيد المسيح لهم-نّ في رؤًى وأحلام. ولا يخفى أنّ مِن بينهم-نّ مَن فارق-ت بين الذي أتى لتكون للناس حياة ويكون لها أفضل (يوحنّا 10:10) مضحّيًا بنفسه من أجلها، وبين الذي (اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم...)- التوبة:111 ومنهم-نّ من فارق-ت بين الذي أقام الموتى وبين الذي قتل النّاس أيًّا كان السبب. والمفارقات كثيرة.
ـــ ـــ
أمثلة على المقولات القرآنية المنسوخة

(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ المعتدين)- البقرة:190
(ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرىٰ)- الأنعام:164
(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنّي فضّلتكم على العالمين)- البقرة:47
(لَتَجِدَنَّ أقربهم مودّة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى...)- المائدة:82
فسبحان الله الذي من المستحيل أن يُعثِّر المؤمنين فيعكس قراره ⁰180 بين ليلة وضحاها. عِلمًا أنّ كثيرًا من الجهلة بمعاني القرآن، ومن المنافقين ممّن يعلمون لكن يدلِّسون، ما يزالون يعرضون على المارّة في أوروبا وغيرها نصوصًا مكّيّة، تبدو في ظاهرها مسالمة، في وقت ثبت في تفاسير المفسِّرين خلوّ القرآن من المحبة ومن السلم ومن التسامح، إنّما هذه صفات إنجيليّة، ليست قرآنيّة على الإطلاق، متجاهلين نصوص القرآن العدوانيّة النّاسخة. أمّا الغباء فيكمن في تمرير النصوص، التي تبدو في الظاهر سلميّة، على غير المسلمين من الناطقين بالعربية ولا سيّما أهل العلم من المسيحيّين. لهذا السبب تحاشى الدّجّال أحمد ديدات مناظرة مسيحيّين ناطقين بالعربيّة، إلّا د. أنيس شروش؛ إذ هزم ديدات في لندن واعترف ديدات بالهزيمة ومقطع فيديو الاعتراف موجود. وتاليًا؛ حلّ د. شروش ضيفًا على الأخ رشيد في برنامجه (سؤال جريء) مرّتين قبل بضع سنوات متحدِّثًا عن مناظراته مع ديدات. وقد ورد في إحداهما خبر سفر د. شروش إلى جنوب أفريقيا لمناظرة ديدات في عقر داره. وفي الخبر أنّ الله نجّى د. شروش من طعنة سِكّين غادرة، لا أستطيع اتّهام ديدات بالتحريض عليها لصعوبة حصولي على دليل، لكنّ التحليل المنطقي لا يستبعد ضلوعه في هذه الجريمة. وقد تركت الكتابة عن غدر المسلمين، سواء بغيرهم وبأهلهم، إلى مناسبة أخرى بالنظر إلى طول المقالة. عِلمًا أنّي شاهدت مقطعًا على يوتيوب لكذّاب، قطعًا من تلاميذ ديدات، أظهَر فيه ادّعاء ديدات على الكتاب المقدَّس بالتحريف، مقتطعًا الجزئيّة التي تضمنّت ردًّا عليه، في محاولة خداع فاشلة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فلا سبب لمدح محمد أهل الكتاب، في ما بدا مدحًا، إلّا لاستمالتهم إلى تصديق دعوته لمّا شرع في إظهارها. وتاليّا ظنّ أنّ محاولاته تفيد في دعمه ضدّ "كفّار قريش" لكنّها باءت بالفشل، بينما اتّضح في ما بعد أنّ تكذيبه من جهتهم سبّب لهم معاداة من جهته فغدر بهم بعدما قويت شوكته. وأسباب تكذيبه من جهة اليهود أنهم كانوا ينتظرون المَسِيّا الذي يأتي من نسل إسرائيل- يعقوب بن إسحق بن إبراهيم- فلم يكن محمد من نسل إسرائيل! كذا النّصارى إذ آمنوا بيسوع الناصري نبيًّا لكنّهم لم يؤمنوا بأنّه المَسِيّا. وتاليًا؛ لم تكن أخلاق محمّد في نظرهم منطبقة على أخلاق النبي المذكورة في التوراة ولا منطبقة على أخلاق الإنجيل، إنما كانت بعيدة كثيرًا، بالإضافة إلى قيام محمد بالاقتباس من كتبهم وإلى خلوّ دعوته من جديد مفيد. فكانت عند أهل الكتاب حجج منطقيّة كثيرة على دعوة محمّد. وكان الناس أحرارًا في تصديق زيد وتكذيب عمرو. أمّا صاحب الدعوة المكلَّف بإيصال رسالة ما إلى الناس فما كان من حقّه معاداة مكذّبي رسالته. ولنا في تعامل السيد المسيح مع اليهود ممّن كذّبوه خير مثال. وتفاصيل تعامله معهم مدوَّنة في الإنجيل، لا صحّة إطلاقًا لتفصيل مدوَّن في كتاب آخر، إلّا المقتبس من الإنجيل.
ـــ ـــ
هل يدعم الكتاب المقدَّس الإرهاب؟

هل رأيت يهوديًّا حاملًا التوراة في يد والسلاح في أخرى ليقتل إنسانًا؟ وهل سمعت يومًا أن يهوديًّا فجّر نفسه في معبد أو مسرح أو مطعم؟ إمّا أساء اليهودي إلى غيره فلا دعم له من التوراة وسائر أسفار الأنبياء. لكن ليس محرَّمًا على اليهودي الدفاع عن نفسه وعائلته ومقدَّساته وشعبه ووطنه. ليس هذا الدفاع محرَّمًا على أيّ إنسان أيًّا كانت عقيدته.
وتاليًا؛ هل تظنّ أن الإنجيل دعم تجّار الحروب السياسية، من الدول ذوات الغالبية المسيحية، بآية واحدة، أو حرَّضهم بآية ما على قتال! كذا الحروب التي اصطبغت بصبغة دينيّة، فإنّ الكتاب المقدَّس بريء منها جميعا! لكنّ تسامح المسيحي، اقتداء بتسامح السيد المسيح، لا يعني أنّ على المسيحي أن يذعن إلى محاولة إهانته أو استفزازه أو ابتزازه ولا يعني أن عليه أن يسكت عن إهانة كرامته وعائلته ومقدَّساته. فالسيد المسيح {رأى في الهَيكَل باعَةَ البقَرِ والغنم والحَمام، والصَّيارِفةَ جالِسينَ إلى مناضِدِهِم، فجَدَلَ سَوطًا مِن حِبال وطرَدَهُم كُلَّهُم مِنَ الهَيكَل معَ الغنم والبقر، وبَعثَرَ نُقودَ الصَّيارِفَة وقَلَبَ مناضِدَهُم، وقال لِباعَة الحَمام: ارفعوا هذا مِن هنا، ولا تَجعَلوا مِنْ بَيت أبي بَيتًا لِلتِّجارة. فتذكَّرَ تلاميذُهُ هذِهِ الآية: الغَيرةُ على بَيتِكَ، يا اللهُ، ستأكُلُني}+ يوحنا 2: 14-17 وقد وردت الآية التي تذكّرها التلاميذ في المزامير 69: 9 وهي إحدى إشارات العهد الجديد الكثيرة إلى العهد القديم.
وبالمناسبة؛ لم تعتذر الكنيسة الكاثوليكية عن الحملات الصّليبيّة التي استهدفت مسلمين عاثوا فسادًا في الأراضي المقدَّسة، لم تعتذر إلّا للإخوة في الإيمان ممّن دفع أسلافهم ثمن أخطاء رافقت تلك الحملات. شكرًا للأخت د. وفاء سلطان على تفضّلها بالقول عبر إحدى الفضائيّات: (لولا عيوث المسلمين فسادًا في الأراضي المقدَّسة لما فكّر الصليبيّون في المجيء إليها مقاتلين) لكنّ بعض المسلمين غالبًا ما التفتوا إلى النتائج بدون التفات إلى الأسباب، يريد هؤلاء أن يعيثوا فسادًا في الأرض بدون أن يحاسبهم أحد. لذا فمن الواجب أن يقال لهؤلاء "خَسِئتُم" أنتم وكلّ من حرّضكم وشجّعكم ودعمكم! إذ قال السيّد المسيح له المجد: {بالدينونة التي بها تدينون تُدانون وبالكَيل الذي به تَكيلون يُكال لكم}+ متّى 7: 2 ومرقس 4: 24 ولوقا 6: 38
ـــ ـــ
مِن محبّة الله

لا حاجة إلى تكرار ما أصبح معلومًا، للقاصي كما للدّاني، وهو أنّ السيد المسيح حَثّ أتباعه على محبّة الأعداء ومباركة اللاعنِين والإحسان إلى المُبغِضين والصّلاة لأجْل المُسيئين والمضطهِدين- بخفض الهاء- ممّا في موعظة الجبل الشهيرة (انظر-ي متّى\ الأصحاحات 5 و6 و7) ونهى عن الانتقام وعن مقابلة شرّ ما بشرّ.
والجدير ذِكره تاليًا هو اتّفاق مفسِّري الكتاب المقدَّس على معاني الإنجيل خصوصًا وعلى معاني الكتاب المقدَّس عمومًا، لا اختلاف جوهريًّا بين تفاسيرهم، سواء القدامى منهم والجدد، أيًّا كانت جنسيّاتهم. فالكتاب المقدَّس بليغ بإرشاد الروح القدس، لأنّ إلهه أمين وصادق.
عِلمًا أنّ [الصّادق والأمين من ألقاب السيد المسيح المذكورة في الإنجيل؛ انتحلهما كلّ من ابن اسحاق- صاحب السيرة المحمدية المفقودة- ومقاتل بن سليمان صاحب "تفسير مقاتل" لإضافتهما إلى صفات محمد، على أنّ قريش أطلقتهما على محمّد قبل "البعثة" وقد ثبت دجل كلّ من ابن اسحاق ومقاتل فلم يكونا ممّن يُحتَجّ بهم في الحديث. إنّما اعترف محمّد في القرآن بأنّ قريش أطلقت عليه صفتين مختلفتين تمامًا: (ساحر وكذّاب)- سورة ص:4 فانظر-ي لطفًا تفسير الطبري]- مع الشكر للأخ رشيد. وما يزال تحدّي الأخ رشيد قائمًا أمام كلّ مَن يظنّ أنّ في إمكانه العثور على قرآن، أو حديث صحيح، ليثبت به إطلاق قريش "الصادق الأمين" على محمد، سواء ما قبل "البعثة" وما بعدها. والمزيد عبر الرابط التالي:
سؤال جريء 305 مَن هو الصادق الأمين؟
youtube.com/watch?v=C1GmPbucKco
ـــ ـــ
خاتمة
هذه المقالة في النهاية دفاعيّة، كما تقدّم في بداية القسم الأوّل منها، ضد تضليل القرآن أحبّاءَنا من المسلمين والمسلمات، لأنّنا نتمنّى من أعماق القلب أن يتمتّع الجميع معنا بنعمة الخلاص المجّانيّة التي قدّمها السيد المسيح بسفك دمه النفيس على الصليب لخلاص العالم كلّه فنوال الحياة الأبديّة، كما تقدَّم ممّا في رسالة يوحنّا الأولى بالضبط. إنّما الله هو {الذي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاس يَخْلُصُون، وإِلى مَعرِفة الْحَقِّ يُقْبِلُون}+ 1تيموثاوس 2: 4 آمين.
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:12 PM   رقم المشاركة : ( 13894 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوصيّة السّابعة (ج1)

أسباب ارتكاب خطيّة الزّنا وسعة انتشارها

خروج 14:20 "لاَ تَزْنِ".‏
مدخل: يعتبر الجنس عطية رائعة وجميلة ومفرحة من الله، وعلينا أن نشكر الله على هذه العطية. ولكن روعة هذه العطية ‏وجمالها يبقى ما دامت العلاقة الجنسية محصورة بالكامل بين رجل واحد وامرأة واحدة وهما الزوج والزوجة. أي أن العلاقة ‏الجنسيّة يجب أن تنحصر بين الزّوج الواحد مع زوجته الواحدة. فالزواج هو علاقة عهد مقدسة وضعها الله ‏للجنس البشري، وفي الزواج يفرح الرجل وتفرح المرأة في العلاقة الجنسية الحميمة التي رتّبها وأوجدها وقدسها الله. هذا ‏الكلام يعني ببساطة أن كل علاقة جنسية خارج الزواج هي علاقة شريرة، ويجب أن نسميها باسمها الحقيقي: هي علاقة زنا ‏ونجاسة وقذارة.‏
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولكن المشكلة اليوم هي أن النَّاس على استعداد تام لسماع أصوات الكذب والخداع الشّيطانيّة، وإهمال بل ورفض صوت ‏الله. وكلّنا نعرف أنّ الشيطان مخادع ومنافق وكذاب وأبو الكذاب: فالشيطان يقول للإنسان بأن الجنس هو أمر طبيعي بين ‏الرجال والنساء والشّباب والصّبايا وحتّى بين الصّغار من الأولاد والبنات. وكثيراً ما يزرع الشيطان أفكاراً مخادعة في عقول ‏النّاس، ويستخدم حتّى اسم الله ويقول للنّاس بمكرٍ ودهاء: ألم يخلق لنا الله الرغبة الجنسية والأعضاء الجنسية، فهل يخلقها ‏ثم يمنعنا من ممارسة الجنس. يقول لك الشيطان أنه ما دام الطرفان متفقان فلا دخل لأحد بهما، ويدفعك لتنغمس في ‏شهواتك، بل ويدفع النَّاس لعلاقات منحرفة ما دامت تجلب لهم اللذة والفرح، مثل علاقات النساء مع النساء، والرجال ‏مع الرجال، والبنات مع البنات، والأولاد مع الأولاد، وللأسف الشديد، تتزايد أيضاً علاقة النساء مع الحيوانات وحتى ‏الرجال مع الحيوانات. حقاً أنّنا نعيش في زمن منحط ورديء، وما أسهل أن ينخدع الإنسان بحضارة هذا ‏العصر، ويسقط في براثن إبليس.‏
يريد الله لنا الأفضل والأروع والأقدس، فهو يحبنا ويريد لنا الخير. أما الشيطان فيريد أن يدمرنا ويأخذنا معه إلى جهنم. ‏لذلك علينا أن نصحو ونحذر من هجمات عدو النفوس. كذلك علينا أن نطيع الله بكل قوتنا، فلا نسقط في مصيدة ‏إبليس. ‏
نعيش اليوم في حضارة الحلقة المفرغة، والبحث عن لذّات وشهوات الجسد بأي شكل من الأشكال. نعيش في أحط مرحلة ‏في تاريخ الحضارة البشرية، وخصوصاً في زمن انتشار المحطات التلفزيونية الفضائية الخلاعيّة، وشيوع استخدام الإنترنت ‏والأجهزة الذّكيّة، وما يمكن أن يسمعه ويشاهده ويقرأه الإنسان بواسطة هذه الوسائل. هذا الوضع أدّى الى انتشار خطيّة ‏الزّنا في العالم بشكل لا سابق له في كل العصور التاريخيّة السّابقة. وهذا يعني أن كل إنسان عاقل بحاجة إلى معرفة ما يقوله ‏لنا الله خالق الكل حول هذه الخطيّة الّتي تكاد أن تدمر كل القيم والاخلاق في المجتمعات البشريّة.‏
تكرّرت وصيّة أو أمر الله للبشريّة بالإمتناع عن خطيّة الزّنا في عشرات المرّات في الكتاب المقدّس. وهذا التكرار يأتي ليبيّن ‏للعالم أنّ إراداة الله الصالحة والمرضيّة هي ان يعيش النّاس حياة صلاح وتقوى وقداسة، وأن يمتنعوا نهائيّاً عن حياة الشّر ‏والنّجاسة والرّذيلة. ‏
وردت وصيّة الإمتناع عن الزّنا أوّلاً في سفر الخروج 14:20 "لاَ تَزْنِ". ثمّ تكرّرت بصيغ متعدّدة في أسفار الكتاب المقدّس ‏مثل سفر الّلاويين 20:18 "وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ امْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ، فَتَتَنَجَّسَ بِهَا". وفي سفر التّثنية 18:5 "لاَ تَزْنِ". ‏وفي الإنجيل بحسب البشير متى 27:5-28 "قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى ‏امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ". وأيضاً في متّى 18:19 "قَالَ لَهُ:"أَيَّةَ الْوَصَايَا؟" فَقَالَ يَسُوعُ: لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ ‏تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ". ومرقس 19:10 "أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلُبْ. ‏أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ". ولوقا 20:18 "أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ". ‏وفي رسائل العهد الجديد مثل كورنثوس الأولى 13:6ب – 20 "وَلكِنَّ الْجَسَدَ لَيْسَ لِلزِّنَا بَلْ لِلرَّبِّ، وَالرَّب لِلْجَسَدِ. وَاللهُ ‏قَدْ أَقَامَ الرَّب، وَسَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِقُوَّتِهِ. أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ ‏وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لأَنَّهُ يَقُولُ: يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا ‏وَاحِدًا. وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّب فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ. اُهْرُبُوا مِنَ الزّنا. كُلُّ خطيَّة يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ ‏الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ. أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ، ‏وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ‎ ‎لله"، ويعقوب 11:2 ‏‏"لأَنَّ الَّذِي قَالَ: "لاَ تَزْنِ"، قَالَ أَيْضًا:"لاَ تَقْتُلْ". فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ".‏
تعتبر وصيَّة الإمتناع عن ارتكاب خطيّة الزّنا من أصعب الوصايا وأكثرها حساسيّة، ولها وقع خاص في النّفس البشريّة منذ ‏أن أعطاها الله للإنسان. فهي وصيَّة تعالج أمراً شخصياً واجتماعياً في نفس الوقت. وتتعلق بمصداقية الإنسان وشهامته ‏وطهارته وقداسته، ومدى قدرته على الحياة بطريقة تخالف مقاييس العالم بكل معنى الكلمة. وللأسف الشّديد، نحن نعيش ‏في زمنٍ انقلبت فيه اعمدة الحياة الأخلاقية، كما نقرأ في مزمور 3:11 "إِذَا انْقَلَبَتِ الأَعْمِدَةُ، فَالصِّدِّيقُ مَاذَا يَفْعَلُ"؟ ‏فالأعمدة الّتي تقوم عليها المجتمعات لكي تتقدّم وتزدهر أخلاقيّاً واجتماعيّاً وتربويّاً انقلبت وتغيّرت، بل وانهارت، بشكل ‏مخجل وكارِثي. والثقافة والفكر التي تروّج لها حضارة اليوم تقوم على مقاييس الخطيَّة بأشكال وألوان متنوعة: السرقة ‏شطارة، والفساد امتياز ومنصب، والنصب ذكاء، والرّشوة هديّة وتكريم، والكذب لغو كلام، والزّنا متعة، والذهاب إلى ‏بيت الرَّب للصّلاة غباء ورجعيّة وتخلف، والنجاح في الحياة من حيث العمل وتجميع الأموال هو أهم شيء. فالمال يفتح ‏أمامك كل الفرص، بما في ذلك الخطيَّة بأشكالها، وأهمها الزّنا والدّعارة وحفلات المجون والعربدة والسّكر والتّعري الخلاعة. ‏إنه طوفان من الشّر بتسمياتٍ مخادعة لقنص الإنسان وسقوطه فريسة في يد إبليس الّذي يسود على حياة الملايين من ‏النّاس.‏
تعريف الزّنا في المسيحيّة: هو الإتصال الجنسي الطّوعي وغير الشرعي بين رجل وإمرأة غير متزوجين لبعضهما ‏البعض. كذلك يشتمل الزّنا على التفكير الرديء والشّهوة الجامحة باتصال جنسي غير شرعي. أي أنّ الزّنا هو علاقة ‏جنسيّة طوعيّة بغرض المتعة واللذة خارج إطار العلاقة التي يريدها الله أن تكون محصورة بين الزوج والزوجة، أي بين رجل ‏وامرأته. هذا التعريف الواضح للزّنا يبيّن بجلاء أنّ الزّنا يعني بكل بساطة كسر عهود الزواج، فهو خيانة من طرف الرّجل ‏أو المرأة لشريك أو شريكة الزّواج. وعادة تبدأ خطيَّة الزّنا أولاً في العقل والقلب قبل أن تنتقل إلى العمل الجنسي نفسه. ‏
ما الذي تنهانا عنه الوصيَّة السابعة: لا تزن؟ يأمرنا الله في هذه الوصيَّة بالإمتناع بشك كامل ومطلق عن إقامة علاقة ‏جنسية مع أي شخص غير الزوج أو الزوجة. أي أنه يجب أن ينحصر فعل الجنس فقط بين الرجل وامرأته اللذين اتحدا ‏بعهد زواج مقدّس بحسب مشيئة الله.‏
كذلك تنهانا الوصيَّة عن أفكار الشهوة الرديئة، وعن النظرات التي تخلو من الاحتشام وتنم عن رغبة جنسية وإثارة لا ‏أخلاقية. كما يقول ربنا يسوع له المجد في متى 27:5-28 "قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ‏كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ". ‏
لماذا يريدنا الله أن لا نزني؟ الجواب بكل بساطة هو لأن الله يحبنا ويريد الخير لنا، وبالتّالي فإنه يحرص علينا من ارتكاب ‏هذه الخطيّة البشعة والنّجسة والمخزية. فعلاقة الرجل مع شريكة حياته أو علاقة المرأة مع زوجها يجب أن تكون مبنية على ‏أساس علاقتنا بالله، ومن نقض علاقته مع شريكه فقد نقض علاقته مع الله. كذلك يريدنا الله أن لا نزنِ وذلك لأن الزّنا ‏يعني أن الإنسان ينقض العهد الذي قطعه مع شريك حياته، وقد يؤدي إلى ولادة أطفال بدون بيت صحي، وبدون وجود ‏آباء في البيت، وبدون رعاية، وبدون محبَّة، وبدون تربية في تقوى الله. لذلك فإن الزّنا يدمر الحياة الروحية، وقد يكون سبباً ‏لأمراض قاتلة مثل الإيدز. والأهم من كل ذلك أن الزّنا يدمر شريك الحياة نفسياً ويسبب آلاماً مزعجة وقاتلة.‏
صور ومشاهدات وأمثلة من حياة عالم اليوم تبيّن حقيقة الإنتشار الهائل لخطيّة الزّنا: خطية الزّنا شائعة في ‏العالم أجمع، وتسيطر على حياة وفكر الكثيرين، ومع ذلك يمكن كسر شوكتها بقوة الله وعمل نعمة الرب يسوع المسيح في ‏حياة النّاس.‏
‏1. في كثير من المدن الكبرى في الشّرق النّاطق باللّغة العربيّة، يغادر عدد كبير من الرّجال بيوتهم صباحاً بقصد الذّهاب ‏إلى العمل أو الوظيفة أو المقاهي والنّوادي وأماكن غيرها. وفي وقت غيابهم عن بيوتهم، تستقبل نساؤهم رجالاً آخرين في ‏ذات البيوت، ويمارسن الزّنا مع هؤلاء الرّجال على سرير الزّوجيّة. وهذا الكلام ليس من الخيال، بل حقيقة معروفة في ‏المجتمعات الشّرقيّة، مع أنّ النّاس في هذه الدّول يمارسون لعبة الفضيلة والتّدين والتّظاهر بالعفّة.‏
‏2. عدد ضخم من رجال الأعمال وكبار الموظّفين المتزوّجين نساءٍ من عائلات معروفة وعريقة، ولهم مكانتهم الإقتصاديّة ‏والإجتماعيّة في المجتمع. أي الرجال الذين عندهم أعمالهم ومؤسّساتهم، ولديهم موظفين وعمّال، يمارسون الزنا بكل صوره، ‏بل أن كثيرون منهم يضبطون متلبسين بممارسة الجنس مع واحدة أو أكثر من العاملات عنده. ومع ذلك لا تنتشر ‏الفضيحة بسبب الخوف على الوظيفة أو الرّشوة وشراء الذّمم وتكميم الأفواه. والّذي يتجرّأ ويذيع الخبر، تلفّق له تهمة ‏نشر الإشاعات الباطلة والتّطاول على المقامات الرّفيعة. ‏
‏3. نساء متزوجات من رجال محترمين اجتماعيّاً، وهنّ معروفاتٍ بأنهنّ نساء محترمات وسيّدات المجتمع ومن عائلات محترمة، ‏وفجأة يكتشف الناس أنهن تمارسن الزّنا مع عدد كبير من رجال المجتمع الذين من المفترض أنهم شرفاء.‏
‏4. قصص كثيرة عن شباب وشابات منغمسين في علاقات جنسية نجسة.‏
‏5. العثور على أجنة ميتة لأطفال تم إجهاضهم ورميهم في حاويات النفايات، أو في الحارات وأطراف الشوارع وأمام ‏المستشفيات.‏
‏6. شباب وصبايا يتصفحون المواقع القذرة على الإنترنت دون مراقبة الأهل. ‏
‏7. الآباء والأمهات يشاهدون محطات تلفزيونية قذرة في البيت.‏
‏8. ديانات وفلسفات وحركات اجتماعيّة وسياسيّة وعقائد تبيح الزّنا والنجاسة تحت مسميات متنوّعة مثل الحريّة والثّورة ‏والإنفتاح وحقوق المرأة، والزنا تحت مسمّيات مخادعة، لدرجة تسمية القذارة بالزّواج بحجة المتعة والمسيار والعرف والسفر. ‏فقط مارس الجنس باسم الله، وادفع الثمن، وأتكل على الله.‏
‏9. حفلات تعري ودعارة عموميّة، يتم فيه عرض أجساد نساء ورجال عراة أمام الحضور، والكلّ يمارس الجنس مع الكل ‏في حفل هوسٍ ومجونٍ وخلاعة وقذارة.‏
‏10. بيوت وشقق مكرّسة لممارسة الزّنا والدّعارة في معظم دول العالم، وخصوصاً في دولٍ يدّعي رجال الدّين فيها بأنها بلاد ‏مقدّسة ومتديّنة ومحافظة، وهي في واقع الحال تعيش في وحل ومستنقع الخطيّة والفسق والدّعارة والفساد والرّذيلة.‏
دوافع وأسباب ارتكاب خطيّة الزّنا: لماذا يقدم أي انسان على الزّنا، رغم معرفة هذا الإنسان بأن ما يعمله غير ‏صحيح؟ فحتّى بين الشّعوب الّتي لم تعرف الله قديماً، وكذلك بين من ينكرون وجود الله في أيامنا، نجد أنهم ينظرون للخيانة ‏الزّوجيّة وللزّنا نظرة سلبيّة. ونعرف من سجلات التّاريخ أنّ الزّنا كان منتشراً بين الشعوب القديمة، وخصوصاً في العبادات ‏الوثنية، حيث كانت هنالك معابد بها نساء يمارسنَّ "الزّنا المقدس" كجزء من العبادة الوثنية للبعل أو عشتاروت أو ‏أرطاميس وغيرها من الآلهة. ومع ذلك فقد كان للزّواج احترامه. بل أنّ معظم الحضارات قديماً وحديثاً ترفض المعاشرة ‏الجنسيّة بين غير المتزوجين. هذا الإنتشار الكبير لخطيّة الزّنا قديماً وحديثاً له دوافع وأسباب معروفة ومحدّدة، وعند الرّجوع ‏الى وحي الله في الكتاب المقدّس، نجد أن الله قد أعلن لنا حقيقة فساد وسقوط الطبيعة البشريّة في الخطيّة، وكيف أن ‏الإنسان يبحث عن التّمتع الوقتي بالخطيّة دون أي اعتبار لوصايا الله أو للنّتائج المدمّرة لخطيّة الزّنا. وأهم دوافع ارتكاب ‏خطيّة الزّنا بحسب الكتاب المقدّس هي:‏
‏1. الطبيعة البشرية الفاسدة: نقرأ في سفر المزامير 3:14 "الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ ‏وَلاَ وَاحِدٌ". وتكرّرت نفس الحقيقة في رسالة رومية 12:3 "الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ ‏وَاحِدٌ". فمنذ أن سقط الإنسان الأوّل في الخطيّة، فسدت الطبيعة البشريّة، وانتقل الفساد عبر جميع أجيال الجنس ‏البشري. فساد الطبيعة البشرية يعني بكل بساطة أنّ قابليّة ارتكاب الخطيّة موجودة عند كل إنسان. وهكذا فبسبب فساد ‏الجسد، يعمل الإنسان ما يريده الجسد وليس ما يريده الله. نقرأ في رسالة غلاطية 19:5 "وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: ‏زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ". وكذلك في رومية 12:13-13 "قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ ‏أَسْلِحَةَ النُّورِ. 13لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ". وتتكر ‏حقيقة فساد الجسد وأعماله الباطلة في آيات أخرى كثيرة في في الكتاب المقدس، كما نقرأ مثلاً في رسالة كولوسي 5:3-‏‏6 "فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزّنا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ، 6الأُمُورَ ‏الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ".‏
‏2. شهوات القلب الردية: قال الرّب يسوع المسيح في الإنجيل بحسب البشير متى 19:15 "لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ ‏شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ". وكرّر مثل هذا القول في الإنجيل بحسب البشير مرقس 21:7-22 ‏‏"لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، 22سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ ‏شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ".‏
‏3. النظرة الدونية إلى الإنسان، وخصوصاً المرأة: عندما خلق الله المرأة، وصفها بأنها معيناً ونظيراً للرجل، حيث ‏نقرأ في سفر التّكوين 18:2 "وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". ولكن بسبب ‏سقوط الإنسان في الخطية، أصبح كثير من الرجال ينظرون إلى المرأة باعتبارها وعاء للشهوة والجنس. فبدلاً من أن تبقى ‏معيناً له، صارت لعبة له. أي أن نظرة الرّجال الخطاة للمرأة أصبحت نظرة دونية وتحقيرية، وهذه النظرة السّلبية انتشرت ‏واتّسعت وتسود اليوم حضارات وثقافات وديانات كثيرة في العالم. فعندما توصف المرأة بأنها حرث للرجل، وبأنها سفيهة أو ‏ضلع أعوج، وبأنّها مجرّد فرج ورحم، أي إناء للجنس والحبل، فإن مثل هذا التحقير للمرأة يشكل دافعاً قويّاً لخطية الزّنا.‏
‏4. طبيعة الجنس تقود إلى الزّنا باعتباره مغرٍ وجذَّابٍ ومغوٍ ومصدر لذّة ونشوة: هذه الطّبيعة تدفع الكثيرين ‏إلى السّقوط في نجاسة هذه الخطيّة. أي أنّ منبع خطية الزنا هو الشهوة أو الشبق، أي الرغبة الجنسية الملحّة والجامحة ‏والقوية. فعندما سقط الإنسان في الخطية، هبط فيه الحس المقدس والبراءة والطهارة، وسيطرت عليه شهوة الجسد والمتعة. ‏نقرأ في الكتاب المقدّس تحذيراً إلهيّاً للرّجال من السّقوط في حبال شهوة ارتكاب الزّنا من قبل نساءٍ يحترفن فن الإغواء، ‏حيث نقرأ في سفر الأمثال 14:7-21 "عَلَيَّ ذَبَائِحُ السَّلاَمَةِ. الْيَوْمَ أَوْفَيْتُ نُذُورِي. 15فَلِذلِكَ خَرَجْتُ لِلِقَائِكَ، لأَطْلُبَ ‏وَجْهَكَ حَتَّى أَجِدَكَ. 16بِالدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي، بِمُوَشَّى كَتَّانٍ مِنْ مِصْرَ. 17عَطَّرْتُ فِرَاشِي بِمُرّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ. 18هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا ‏إِلَى الصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِالْحُبِّ. 19لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيق بَعِيدَةٍ. 20أَخَذَ صُرَّةَ الْفِضَّةِ بِيَدِهِ. يَوْمَ الْهِلاَلِ يَأْتِي ‏إِلَى بَيْتِهِ. 21أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ". ونقرأ في أمثال 3:5 "لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ تَقْطُرَانِ عَسَلاً، ‏وَحَنَكُهَا أَنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ". ويحذرنا الله قائلاً في أمثال 20:5 "فَلِمَ تُفْتَنُ يَا ابْنِي بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَتَحْتَضِنُ غَرِيبَةً؟".‏
‏5. محبّة المال، أي ممارسة الزنا بقصد الحصول على المال: كثيرة هي الخطايا الّتي يرتكبها النّاس بسبب المال، ‏مثل الكذب والقتل والزّنا والغش والسّرقة وغيرها من الشّرور. نقرأ في رسالة تيموثاوس الأولى 10:6 "لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ ‏أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ". وما أكثر الرّجال والنّساء الّذين ‏سقطوا في أشكال متعدّدة من الخطايا والشّرور بسبب محبّتهم للمال. وما أكثر الآباء والأمهات الّذين دفعوا بناتهم إلى ‏حياة الرّذيلة والدّعارة من أجل المال. وفي نفس الوقت، ما أكثر الرّجال المستعدّين لتبذير المال على شهواتهم الرّديّة.‏
نقرأ في الكتاب المقدّس قصصاً عن رجالٍ ونساءٍ سقطوا في نجاسة خطيّة الزّنا، ونكتشف من هذه الحوادث أنّ سقوطهم ‏كان بسبب واحد أو أكثر من الدّوافع الّتي نتعلّمها من الكتاب المقدّس. وتعتبر قصّة الملك داود مع بثشبع من أشهر ‏قصص الزّنا في الكتاب المقدّس. وقد وردت القصّة في سفر صموئيل الثاني 1:11-5، حيث نقرأ: "وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ، ‏فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْمُلُوكِ، أَنَّ دَاوُدَ أَرْسَلَ يُوآبَ وَعَبِيدَهُ مَعَهُ وَجَمِيعَ إِسْرَائِيلَ، فَأَخْرَبُوا بَنِي عَمُّونَ وَحَاصَرُوا رِبَّةَ. وَأَمَّا دَاوُدُ ‏فَأَقَامَ فِي أُورُشَلِيمَ. 2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ ‏امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ ‏أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟. 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى ‏بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: إِنِّي حُبْلَى". نجد هنا أن الملك والنّبي داود قد سقط عند رؤيته ‏لإمراة تستحم. هذه الرّؤية ولّدت في جسده شهوة جامحة لممارسة الجنس معها لدرجة أنّه نسي دعوته للنّبوة ومركزه كملك ‏لشعب الله القديم. كذلك نلاحظ هنا أن الخطيّة بدأت بالنّظر، ثم سيطرت على العقل والشّعور. وبدلاً من أن يزيغ ببصره ‏بعيداً ويصلّي طالباً من الله أن يغفر له نظرته وشهوته، استسلم في لحظة ضّعف لشهوة الجسد، وسقط في خطيّة زنا بشعة ‏جلبت كوارث عديدة له ولغيره من النّاس.‏
وعلى النّقيض من الملك داود، يخبرنا الكتاب المقدّس قصة رجل الله يوسف الّذي قاوم الإغراء، ولم يسمح لنفسه أن ‏يسقط في خطيّة الزّنا. نقرأ في سفر التكوين أنّ رئيس الشّرط فوطيفار، الّذي اشترى يوسف من التّجار الإسماعليين، ‏استخدم يوسف للعمل في بيته، وأنه اكتشف في يوسف رجلاً ناجحاً وأميناً في كل ما يعمله، حيث نقرأ في تكوين 3:39-‏‏12 "وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ. 4فَوَجَدَ يُوسُفُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، وَخَدَمَهُ، فَوَكَّلَهُ ‏عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ. 5وَكَانَ مِنْ حِينِ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ، أَنَّ الرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ الْمِصْرِيِّ ‏بِسَبَبِ يُوسُفَ. وَكَانَتْ بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْحَقْلِ، 6فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ ‏مَعَهُ يَعْرِفُ شَيْئًا إِلاَّ الْخُبْزَ الَّذِي يَأْكُلُ. وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ الْمَنْظَرِ. 7وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ ‏رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: "اضْطَجعْ مَعِي". 8فَأَبَى وَقَالَ لامْرَأَةِ سَيِّدِهِ: هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي الْبَيْتِ، وَكُلُّ ‏مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. 9لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ، لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ ‏أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟. 10وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجعَ بِجَانِبِهَا ‏لِيَكُونَ مَعَهَا. 11ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُنَاكَ فِي الْبَيْتِ. ‏‏12فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: اضْطَجعْ مَعِي!. فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ".‏
تساعدنا مثل هذه القصص في الكتاب المقدس على أخذ عبرة منها لحياتنا الشخصية، وبالتالي التّصرف بما يتفق مع وصية ‏الله القائلة "لا تزنِ". فيوسف هرب من التجربة، وهو بذلك يجسد مثالاً رائعاً لكل رجل وامرأة وشاب وفتاة. فلا تعط ‏للشهوة مجالاً لتسيطر عليك، بل اهرب من الزنا. أما قصة داود فتعلمنا أن النظر إلى ما لا يليق قد يدفع الإنسان إلى ‏السقوط، ونحن نعرف من قراءة الكتاب المقدس أن الولد الذي أنجبته بثشبع نتيجة ممارسة الزنا مع داود قد مات ‏‏(صموئيل الثاني 15:12-19). وأن الله عاقب داود بشدة على سقوطه. لم يكن سقوط داود نهاية لحياته ولخدمته، فقد ‏تاب ورجع إلى الله بدموع حارّة، وصلى صلاة توبة صادقة نقرأها في مزمور 51، حيث يقول في الآيات 1-4 "اِرْحَمْنِي يَا ‏اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ. 2اغْسِلْنِي كَثِيرًا مِنْ إِثْمِي، وَمِنْ خَطِيَّتِي طَهِّرْنِي. 3لأَنِّي عَارِفٌ بِمَعَاصِيَّ، ‏وَخَطِيَّتِي أَمَامِي دَائِمًا. 4إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ". ‏وأضاف في الآية رقم 10 "قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي".
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:18 PM   رقم المشاركة : ( 13895 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوصيّة السّابعة (ج2): الزّنا شهوة جسديّة وطبيعته رديّة

خروج 14:20 "لاَ تَزْنِ".
يدعونا الله في الوصيّة السّابعة إلى حياة القداسة والإنضباط وحفظ الإنسان نفسه في العيش بحسب مشيئة الله، وبالتالي عدم السقوط في نجاسة الخطيّة والعصيان. كذلك يدعونا الله من خلال الوصيّة السّابعة إلى حياة الأمانة والإخلاص والوفاء لشريك الحياة، لأنّه غالباً ما تقود العلاقات الجنسية خارج الزواج إلى نتائج مدمرة. أي أن الوصيّة تحمينا من السّقوط في الخزي والعار، فالزاني يحتقر نفسه أولاً، قبل أن يحتقره الآخرون. ويجد الإنسان في طاعتها حماية لنفسه من التعرض لأمراض خطيرة مثل الإيدز والسفلس وغيرها من الأمراض المميتة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف يسقط الإنسان في وحل الزّنا: تتنوع وتتعدد طرق السّقوط في خطيّة الزّنا باختلاف الحضارات والظّروف والأماكن والدّوافع وحتّى الأفراد. وبالّرغم من هذا التّنوع، فإن النتيجة واحدة في جميع الأحوال ألا وهي ارتكاب عمل مرفوض أخلاقيّاً واجتماعيّاً، والأهم أنه عمل شرٍّ ونجاسةٍ في عيني الله القدوس.
تعتبر حاستا السّمع والنّظر أهم حاستين في الإنسان لأنهما تشكلان المصدر الرّئيسي لحصول الإنسان على المعرفة، بما في ذلك كل ما يتعلق بالخطيّة بأشكالها الكثيرة مثل الزّنا وغيره من أفعال الشّر. صحيح أنّ نمو جسد الإنسان وما يرافقه من تغيير فسيولوجي يساعد الإنسان على إدراك خواصه الجسديّة من حيث كونه ذكراً أو كونها أنثى، ولكن ذلك لا يدفع الإنسان إلى السّقوط في الخطيّة بدون عوامل خارجيّة مثل سماع كلام او رؤية مناظر قد تدفعه إلى السّقوط. وهنا يجب التّاكيد على أن كثير من النّاس يحافظون ظاهريّاً على كرامتهم وأخلاقهم وقيمهم بالرّغم من تعدد عوامل السّقوط في خطيّة الزّنا، ويأتي ذلك بسبب التّربية أو العادات والتّقاليد أو التّدين أو الخوف من العقاب والفضيحة. أي أنّ دوافعهم للإمتناع عن الزّنا لا تنبع بالضّرورة من محبة الله وطاعة وصاياه، لكونهم يخافون من النّاس أكثر من الله. وما أسرع أن يسقط مثل هؤلاء النّاس في خطيّة الزّنا عند توفّر الظرف المناسب لهم.
قال الرّب يسوع في عظته الشّهيرة على الجبل في الإنجيل بحسب البشير متّى 22:6-23: "سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!". (أنظر أيضاً لوقا 34:11). العين من أهم أعضاء جسد الإنسان، وبواسطتها يرى الإنسان ما حوله من أشياء وأشخاص. وقول الرّب يسوع أنّ العين هي سراج أو مصباح الجسد يؤكد على أهمية العين في رؤية الأشياء وانعكاس ذلك على كل جسد الإنسان. فالجسد يحصل بواسطة العين على النّور الذي يساعده في الحركة وفي طريقة استخدام بقيّة أعضاء الجسد. أي أن حركة الجسد تعتمد على العين، والعين تنظر إلى حيث أراد الإنسان. لذلك إن كانت عين الإنسان بسيطة، أي إذا كانت نظرات الإنسان محصورة في التّطلع على أمور طبيعيّة وعاديّة، ولا يبحث على رؤية أمور تثير شهوات الجسد الرّديّة، فإن ذلك يعني أن كل ما يعمله الإنسان بجسده سيكون صالحاً ومستقيماً ومقبولاً عند الله. أما إذا كانت العين شريرة، أي إذا كانت نظرات الإنسان الى الأشياء والنّاس تنبع من شهوة رديّة مثل شهوة الجنس، فإن مثل هذه النظرات ستقود صاحبها الى السّقوط في خطيّة الزّنا والدّعارة والنّجاسة.
وقد كرّر الرّب يسوع في تعاليمه على أهميّة حفظ العين من النّظر الى الباطل، فنقرأ في متّى 29:5 "فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ". وعثرة العين هنا تشير إلى عدم قدرة الإنسان على ضبط عينه، أي أنّه لا يريد أن يتوقف عن استخدام عينه في النّظر إلى الباطل، وبذلك تكون عينه سبب عثرة له، أي تدفعه للسّقوط في الخطيّة. ويقول الرّب يسوع أنه في مثل هذه الحالة يكون خير للإنسان أن يفقد عينه على أن يخسر نفسه ولا ينال الحياة الابديّة في السّماء. وكرّر رب المجد يسوع مثل هذا القول في متّى 9:18 "وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ". (أنظر أيضاً مرقس 47:9). وهكذا فالعين تكون عثرة إذا نظر الإنسان بها بقصد البحث عن شهوة الجسد، كما قال الرّب يسوع أيضاً في متى 28:5 "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ". وهكذا نجد أن الزّنا يبدأ بالنّظرة الشّهوانية.
توجد في الكتاب المقدّس آيات أخرى عن خطورة النّظر بعيون الشهوة. نقرأ في سفر أيوب 15:24 "وَعَيْنُ الزَّانِي تُلاَحِظُ الْعِشَاءَ. يَقُولُ: لاَ تُرَاقِبُنِي عَيْنٌ. فَيَجْعَلُ سِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ". وفي رسالة بطرس الرّسول الثانية نقرأ وصفاً لعيون النّاس الأشرار بقوله أنّها عيون فاسقة في 14:2 "لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقًا، لاَ تَكُفُّ عَنِ الْخَطِيَّةِ". أمّا الإنسان المؤمن فلا يسمح لنظرات عينيه أن تسيطر على إرادته وتستعبده بالتّالي لشهوات الجسد، حيث نقرا في سفر الأمثال 12:27 أنّ "الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى. الأَغْبِيَاءُ يَعْبُرُونَ فَيُعَاقَبُونَ". نلاحظ هنا أنّ كلمة الله تصف الإنسان المؤمن الّذي يتوارى، أي يبتعد عن ارتكاب الخطيّة عند رؤية الشّر، بأنه إنسان ذكي أو حكيم، بعكس الإنسان الذي يعبر ويمارس الخطيّة الذي يوصف بالغبي. ونقرأ أيضاً في سفر الأمثال 26:23-28 دعوة الله لكل إنسان في الوجود أن يعطي قلبه لله، وأن تتطلع عينه إلى طرق الله، أي إلى ما هو مقدّس ومقبول لدى الله، وأن لا يلتفت بعينيه إلى طرق الزّنى الّتي نهايتها الهلاك والعذاب الأبدي، حيث يقول: "يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ، وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي. 27لأَنَّ الزَّانِيَةَ هُوَّةٌ عَمِيقَةٌ، وَالأَجْنَبِيَّةُ حُفْرَةٌ ضَيِّقَةٌ. 28هِيَ أَيْضًا كَلِصٍّ تَكْمُنُ وَتَزِيدُ الْغَادِرِينَ بَيْنَ النَّاسِ".
بالإضافة إلى الإنتباه إلى ما ننظر اليه، علينا أن نحرص على ما نستمع إليه، وأن لا نعطي أيّة فرصة لآذاننا أن تستمع لكلام يثير شهوات الجسد الرّدية. قال الرّب يسوع له المجد في الإنجيل بحسب البشير مرقس 24:4 "انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ!". وفعل الأمر "أنظروا" في الأصل اليوناني هو βλέπω (بليبو) وله عدة معانٍ في اللّغة العربيّة ومنها: يتمعّن ويميّز وينظر ويرى وينتبه. أي أنه لدينا هنا دعوة من الرّب يسوع إلى الحذر والحرص عند سماع الكلام البذيء وغير الّلائق. وعادة يأتي سماع الأشياء النّجسة والمثيرة لشهوات الجسد من خلال العشرة الرّديّة، أي من أصدقاء السّوء، ومن المتديّنين الّذين يصفهم الكتاب المقدّس بالمعلمين الكذبة اللّذين "لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقًا، لاَ تَكُفُّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، خَادِعُونَ النُّفُوسَ غَيْرَ الثَّابِتَةِ. لَهُمْ قَلْبٌ مُتَدَرِّبٌ فِي الطَّمَعِ. أَوْلاَدُ اللَّعْنَةِ". (بطرس الثاني 14:2). لذلك على كل إنسان منّا، وخصوصاً الشّباب والشّبات، أن يطيعوا صوت الله لنا بلسان بولس الرّسول الّذي كتب محذّراً في رسالة كورنثوس الأولى 33:15 "لاَ تَضِلُّوا: فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ". ونقرأ تحذيراً مشابهاً في سفر الأمثال 10:1 "يَا ابْنِي، إِنْ تَمَلَّقَكَ الْخُطَاةُ فَلاَ تَرْضَ". ويدعونا الله الى سماع حكمته السّماويّة، والحذر من شفتي المرأة الأجنبيّة، وهي إشارة الى إمرأة أخرى غير الزّوجة، حيث نقرأ في سفر الأمثال 1:5-5 "يَا ابْنِي، أَصْغِ إِلَى حِكْمَتِي. أَمِلْ أُذُنَكَ إِلَى فَهْمِي، 2لِحِفْظِ التَّدَابِيرِ، وَلْتَحْفَظَ شَفَتَاكَ مَعْرِفَةً. 3لأَنَّ شَفَتَيِ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ تَقْطُرَانِ عَسَلاً، وَحَنَكُهَا أَنْعَمُ مِنَ الزَّيْتِ، 4لكِنَّ عَاقِبَتَهَا مُرَّةٌ كَالأَفْسَنْتِينِ، حَادَّةٌ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ. 5قَدَمَاهَا تَنْحَدِرَانِ إِلَى الْمَوْتِ. خَطَوَاتُهَا تَتَمَسَّكُ بِالْهَاوِيَةِ. 6لِئَلاَّ تَتَأَمَّلَ طَرِيقَ الْحَيَاةِ، تَمَايَلَتْ خَطَوَاتُهَا وَلاَ تَشْعُرُ". ويؤكد لنا الله بلسان النّبي والملك سليمان قائلاً أن وصاياه "تَحْفَظَكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمَلِقَةِ بِكَلاَمِهَا". فالمرأة الغريبة عن الرّجل، أي الّتي ليست زوجة له وتحترف مهنة الزّنا، هي امرأة تتملّق في كلامها، أي تتودّد للرجل برياء بقصد إيقاعه في أحضان الرّذيلة والخطيّة.
وهكذا نجد أنّه عن طريق العين والأذن، يشاهد الإنسان مناظر مثيرة ويستمع لكلام ناعم يثير الشّهوة لديه، وبذلك فإنه يخطو الخطوة الأولى إلى حياة النّجاسة والزّنا والرّذيلة. أي أن الزّنا يبدأ بالشهوة وبفكرة تسيطر على الإنسان بمشاعر ملتهبة. وهنا علينا أن نتذكّر تحذير الله لنا من شهوة الجسد كما نقرأ في سفر الأمثال 25:6 "لاَ تَشْتَهِيَنَّ جَمَالَهَا بِقَلْبِكَ، وَلاَ تَأْخُذْكَ بِهُدُبِهَا". وفي حالة السّقوط في خطيّة الزّنا، يصبح الإنسان عبداً للخطيّة، وينطلق بالحياة وكأنه مثل الّلذين "صَارُوا حُصُنًا مَعْلُوفَةً سَائِبَةً. صَهَلُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِهِ". (إرميا 8:5 ). معلمون كذبة في الكنيسة. بطرس الثاني 14:2 "لَهُمْ عُيُونٌ مَمْلُوَّةٌ فِسْقًا، لاَ تَكُفُّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، خَادِعُونَ النُّفُوسَ غَيْرَ الثَّابِتَةِ. لَهُمْ قَلْبٌ مُتَدَرِّبٌ فِي الطَّمَعِ. أَوْلاَدُ اللَّعْنَةِ".
طبيعة خطيّة الزّنا:


• يحط الزنا من مكانة وقدر الإنسان.
• يقضي الزنا على شرف الإنسان.
• يتصرف الزّاني بدون عقل وبدون تفكير وكأنه يتبع غريزة الجنس كالحيوان، فلا يضبط نفسه.
• الزنا خطية تسرق الفهم وتخدّر القلب والضمير وتمنع الإحساس بالخطأ.
• الزنا شكل من أشكال السرقة والإختلاس. فالزاني يسرق متعة ولذة مع شخص لا يخصه.
• الزنا مكلف مادياً.
• الزنا مثل العقرب، فهو يحمل لسعة في نهايته.
• الزنا كارثة وبلاء كالطاعون.
• قد يهيج الزنا زوج أو أهل المرأة التي زنت، ممّا يقود إلى قتلها مع عشيقها. أو على الأقل قتل المرأة أو الشّابة كما يحدث في المشرق تحت مسمّى "جرائم الشّرف".
بالإضافة إلى هذه المزايا والصّفات السّلبية للزّنى، فإننا نجد في وحي الله في الكتاب المقدّس مجموعة كبيرة من الآيات الّتي تشخّص خطيّة الزّنا من جوانب متعدّدة، ممّا يبرهن بكل قوّة ووضوح مدى مقت الله لهذه الخطيّة البشعة، وبالتّالي ضرورة الحذر منها، وتوبيخ الزّناة وتحذيرهم ودعوتهم إلى التّوبة قبل فوات الأوان.
1. الزّنا أحد أفعال الشر: نقرأ في آيات ومقاطع كثيرة من الكتاب المقدّس لوائح بأسماء الخطايا والشّرور الّتي يرتكبها النّاس في العالم، والملاحظ في جميع هذه القوائم أنها تذكر خطيّة الزّنا. فبعض الخطايا تذكر في قائمة أو اكثر، أمّا خطية الزّنا فتذكر في جميعها، وهذا دليل قاطع على مدى شرِّ وبشاعة خطيّة الزّنا. ومن الأمثلة على ذلك ما نقرأه في سفر النّبي إرمياء 9:7-10 "أَتَسْرِقُونَ وَتَقْتُلُونَ وَتَزْنُونَ وَتَحْلِفُونَ كَذِبًا وَتُبَخِّرُونَ لِلْبَعْلِ، وَتَسِيرُونَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا، 10ثُمَّ تَأْتُونَ وَتَقِفُونَ أَمَامِي فِي هذَا الْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ وَتَقُولُونَ: قَدْ أُنْقِذْنَا. حَتَّى تَعْمَلُوا كُلَّ هذِهِ الرَّجَاسَاتِ". وكذلك في رسالة تيموثاوس الأولى 9:1-10 "عَالِمًا هذَا: أَنَّ النَّامُوسَ لَمْ يُوضَعْ لِلْبَارِّ، بَلْ لِلأَثَمَةِ وَالْمُتَمَرِّدِينَ، لِلْفُجَّارِ وَالْخُطَاةِ، لِلدَّنِسِينَ وَالْمُسْتَبِيحِينَ، لِقَاتِلِي الآبَاءِ وَقَاتِلِي الأُمَّهَاتِ، لِقَاتِلِي النَّاسِ، 10لِلزُّنَاةِ، لِمُضَاجِعِي الذُّكُورِ، لِسَارِقِي النَّاسِ، لِلْكَذَّابِينَ، لِلْحَانِثِينَ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ آخَرُ يُقَاوِمُ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ". فالزّنا شرٌ عظيم (تكوين 7:39-9)، وهو مثل قلة العقل (أمثال 32:6). ونقرأ في أيوب وصفاً قاسياً للزّنا حيث يقول في 9:31-12 "لأَنَّ هذِهِ رَذِيلَةٌ، وَهِيَ إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ. لأَنَّهَا نَارٌ تَأْكُلُ حَتَّى إِلَى الْهَلاَكِ، وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَحْصُولِي".
2. الزّنا فخ وكمين أي شرك للإنسان المتهور: المرأة الّتي تحترف مهنة الدّعارة، أي بيع جسدها في سبيل الحصول على المال، تنجح في عملها بشكل خاصٍ مع الرّجال والشّباب الّذين يصفهم الكتاب المقدّس بالجهّال، وهذا الجهل لا يشير الى عدم التّعليم أو عدم المعرفة، بل يشير الى الجهل بمدى نجاسة وبشاعة خطيّة الزّنا، وإلى النّتائج الأرضيّة والأبديّة لهذه الخطيّة. نقرأ في سفر الأمثال 6:7-27 "لأَنِّي مِنْ كُوَّةِ بَيْتِي، مِنْ وَرَاءِ شُبَّاكِي تَطَلَّعْتُ، 7فَرَأَيْتُ بَيْنَ الْجُهَّالِ، لاَحَظْتُ بَيْنَ الْبَنِينَ غُلاَمًا عَدِيمَ الْفَهْمِ، 8عَابِرًا فِي الشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا، وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. 9فِي الْعِشَاءِ، فِي مَسَاءِ الْيَوْمِ، فِي حَدَقَةِ اللَّيْلِ وَالظَّلاَمِ. 10وَإِذَا بِامْرَأَةٍ اسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ، وَخَبِيثَةِ الْقَلْبِ. 11صَخَّابَةٌ هِيَ وَجَامِحَةٌ. فِي بَيْتِهَا لاَ تَسْتَقِرُّ قَدَمَاهَا. 12تَارَةً فِي الْخَارِجِ، وَأُخْرَى فِي الشَّوَارِعِ، وَعِنْدَ كُلِّ زَاوِيَةٍ تَكْمُنُ. 13فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: 14"عَلَيَّ ذَبَائِحُ السَّلاَمَةِ. الْيَوْمَ أَوْفَيْتُ نُذُورِي. 15فَلِذلِكَ خَرَجْتُ لِلِقَائِكَ، لأَطْلُبَ وَجْهَكَ حَتَّى أَجِدَكَ. 16بِالدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي، بِمُوَشَّى كَتَّانٍ مِنْ مِصْرَ. 17عَطَّرْتُ فِرَاشِي بِمُرّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ. 18هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إِلَى الصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِالْحُبِّ. 19لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيق بَعِيدَةٍ. 20أَخَذَ صُرَّةَ الْفِضَّةِ بِيَدِهِ. يَوْمَ الْهِلاَلِ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ". 21أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا، بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. 22ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ، كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ، أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ، 23حَتَّى يَشُقَّ سَهْمٌ كَبِدَهُ. كَطَيْرٍ يُسْرِعُ إِلَى الْفَخِّ وَلاَ يَدْرِي أَنَّهُ لِنَفْسِهِ. 24وَالآنَ أَيُّهَا الأَبْنَاءُ اسْمَعُوا لِي وَأَصْغُوا لِكَلِمَاتِ فَمِي: 25لاَ يَمِلْ قَلْبُكَ إِلَى طُرُقِهَا، وَلاَ تَشْرُدْ فِي مَسَالِكِهَا. 26لأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ. 27طُرُقُ الْهَاوِيَةِ بَيْتُهَا، هَابِطَةٌ إِلَى خُدُورِ الْمَوْتِ". ونقرأ أيضاً في سفر الأمثال 14:22 "فَمُ الأَجْنَبِيَّاتِ هُوَّةٌ عَمِيقَةٌ. مَمْقُوتُ الرَّبِّ يَسْقُطُ فِيهَا". وفي سفر الجامعة 26:7 "فَوَجَدْتُ أَمَرَّ مِنَ الْمَوْتِ: الْمَرْأَةَ الَّتِي هِيَ شِبَاكٌ، وَقَلْبُهَا أَشْرَاكٌ، وَيَدَاهَا قُيُودٌ. الصَّالِحُ قُدَّامَ اللهِ يَنْجُو مِنْهَا. أَمَّا الْخَاطِئُ فَيُؤْخَذُ بِهَا".
3. الزنا خطية ضد جسد الإنسان: نقرأ في رسالة كورنثوس الأولى 18:6 "اُهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا. كُلُّ خَطِيَّةٍ يَفْعَلُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنِ الْجَسَدِ، لكِنَّ الَّذِي يَزْنِي يُخْطِئُ إِلَى جَسَدِهِ". تتلف خطية الزّنا الجسد وتحطم جسم وطاقة الإنسان، فقد يصاب بأمراض تؤدّي الى الضعف والوهن، وقضاء فترة طويلة في العلاج، وقد تؤدي خطيّة الزّنا أيضاً إلى تقصير عمر الإنسان الزّاني بالموت السّريع.
اشترى الرب يسوع أجسادنا بدمه الذي سفك على الصليب، فهي ليست ملكنا لنتصرف بها كما نشاء في حياة الخطية. أي أنّ أجسادنا للرب، وبالتالي يجب تكون آنيةً صالحةً لخدمة رب الوجود وسيد حياتنا يسوع المسيح له المجد. وهذا يعني أيضاً أن علينا أن نكون وكلاء أمناء بالحفاظ على أجسادنا أمام الله، وأن نستخدمها لأعمال البر والقداسة، وليس لأعمال الشر والنجاسة. علينا أن نخدم الله بكل كياننا، وهذا يشمل الجسد لأنه هيكل الروح القدس.
لقد قام الرب يسوع من الموت في الجسد، وهو يريد أن يشرف أجسادنا بقيامتنا من الموت بهذه الأجساد في اليوم الأخير وجعلها أجساداً ممجّدة كما نقرأ في فيلبي 21:3 أنّ الله "سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ"، وستتحوّل أجسادنا الماديّة إلى أجسادٍ روحانيّة كما نقرأ في كورنثوس الأولى 44:15 "يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ".
4. الزّنا يتم بالسّر. يمكن للإنسان أن يخفي خطية الزّنا، وأن يمارسها بالسِّر، ولكنها تبقى نشيطة وفعالة، وفي النهاية تظهر بقوة. نقرأ في سفر أيوب 15:24 وصفاً لطريقة تفكير الإنسان الزّاني حيث يقول: "وَعَيْنُ الزَّانِي تُلاَحِظُ الْعِشَاءَ. يَقُولُ: لاَ تُرَاقِبُنِي عَيْنٌ. فَيَجْعَلُ سِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ". ويصف لنا الوحي في سفر الأمثال كيف يسلك الزّناة في طريقهم لإرتكاب الفاحشة، حيث نقرأ في 8:7-10 "عَابِرًا فِي الشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا، وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. 9فِي الْعِشَاءِ، فِي مَسَاءِ الْيَوْمِ، فِي حَدَقَةِ اللَّيْلِ وَالظَّلاَمِ. 10وَإِذَا بِامْرَأَةٍ اسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ، وَخَبِيثَةِ الْقَلْبِ". كذلك يبيّن لنا الكتاب المقدّس كيف تنكر المرأة الزّانية فعلتها، كما نقرأ في أمثال 20:30 "كَذلِكَ طَرِيقُ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ. أَكَلَتْ وَمَسَحَتْ فَمَهَا وَقَالَتْ: مَا عَمِلْتُ إِثْمًا!". ويشبّه الرّب يسوع الزّنا بخطية السّرقة، فالزاني أو الزانية يأخذ ما ليس له، كما يأخذ السّارق ما ليس له، في حين أن الله يريدنا أن نكون مكتفين بما عندنا، وأن لا نأخذ ما ليس لنا حق به. نقرأ في متّى 30:5 "وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ".
5. الزّنا قباحة في عيني الله: وصف الوحي المقدّس فعل الزّنا الذي ارتكبه الملك داود بانه قباحة كما نقرا في سفر صموئيل الثاني 27:11 "وَأَمَّا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ". ويتكرّر وصف الزّنا بالقباحة أيضاً في سفر إرميا 23:29 "مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا عَمِلاَ قَبِيحًا فِي إِسْرَائِيلَ، وَزَنَيَا بِنِسَاءِ أَصْحَابِهِمَا". ويصف النّبي إرميا الزّنى أيضاً بالخزي والفسق والرّذالة والمكرهة، حيث نقرأ في إرمياء 26:13-27 "فَأَنَا أَيْضًا أَرْفَعُ ذَيْلَيْكِ عَلَى وَجْهِكِ فَيُرَى خِزْيُكِ. 27فِسْقُكِ وَصَهِيلُكِ وَرَذَالَةُ زِنَاكِ عَلَى الآكَامِ فِي الْحَقْلِ. قَدْ رَأَيْتُ مَكْرَهَاتِكِ".
6. الزّنا نجاسة: النجاسة عكس القداسة، وهي خطية شنيعة في نظر الله، لذلك يطلب منا الله عدم ممارسة الزّنا، كما نقرأ في لاويين 20:18 "وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ امْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ، فَتَتَنَجَّسَ بِهَا" نجد هنا كلمة "تتنجّس"، وهذا الوصف البشع للزّنا كفيل لوحده أن يردع أيَّ انسان عاقل ويحترم نفسه من ارتكاب مثل هذه الخطيّة. فالله يدعونا لحياة الوفاء والإخلاص بين الرجل وزوجته (أمثال 15:5-21)، بل والهرب من الزّنا (كورنثوس الأولى 18:6) والإمتناع نهائيّاً عن ممارسته أو التفكير به (تسالونيكي الأولى 3:4-7؛ أعمال الرسل 20:15، 29). وفي سفر أيوب 11:31 يصف الزّنا قائلاً أنه رذيلة وإثم يستحق القضاء.
7. بشاعة الزّنا: طرق الزّنا بشعة مثل طرق الموت والهاوية. نقرأ في سفر الأمثال 24:7-27 "وَالآنَ أَيُّهَا الأَبْنَاءُ اسْمَعُوا لِي وَأَصْغُوا لِكَلِمَاتِ فَمِي: لاَ يَمِلْ قَلْبُكَ إِلَى طُرُقِهَا، وَلاَ تَشْرُدْ فِي مَسَالِكِهَا. لأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ. طُرُقُ الْهَاوِيَةِ بَيْتُهَا، هَابِطَةٌ إِلَى خُدُورِ الْمَوْتِ".
8. الزّنا من أعمال الجسد: غلاطية 19:5-21 "وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ، الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ".
9. توجد علاقة بين الزّنا والرياء والنفاق: بعدما ارتكب الملك داود خطيّته الشّهيرة، جاءه النّبي ناثان وقصّ عليه قصّة ما فعله رجل غني مع رجل فقير، حيث قال: "كَانَ رَجُلاَنِ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا غَنِيٌّ وَالآخَرُ فَقِيرٌ. 2وَكَانَ لِلْغَنِيِّ غَنَمٌ وَبَقَرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا. 3وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ صَغِيرَةٌ قَدِ اقْتَنَاهَا وَرَبَّاهَا وَكَبِرَتْ مَعَهُ وَمَعَ بَنِيهِ جَمِيعًا. تَأْكُلُ مِنْ لُقْمَتِهِ وَتَشْرَبُ مِنْ كَأْسِهِ وَتَنَامُ فِي حِضْنِهِ، وَكَانَتْ لَهُ كَابْنَةٍ. 4فَجَاءَ ضَيْفٌ إِلَى الرَّجُلِ الْغَنِيِّ، فَعَفَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَنَمِهِ وَمِنْ بَقَرِهِ لِيُهَيِّئَ لِلضَّيْفِ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَ نَعْجَةَ الرَّجُلِ الْفَقِيرِ وَهَيَّأَ لِلرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ إِلَيْهِ". (صموئيل الثّاني 1:12-4). تبيّن القصّة بشاعة ما عمله الرّجل الغني، وقد قصّ النّبي يوناثان القصّة للملك داود كوسيلة إيضاح ومقدّمة لتوبيخ الملك على خطيّته، وقبل أن يوضّح النّبي ناثان قصده من رواية القصّة، نقرأ ردّ فعل الملك داود في الآيتين 5-6 "فَحَمِيَ غَضَبُ دَاوُدَ عَلَى الرَّجُلِ جِدًّا، وَقَالَ لِنَاثَانَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلُ الْفَاعِلُ ذلِكَ، 6وَيَرُدُّ النَّعْجَةَ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ لأَنَّهُ فَعَلَ هذَا الأَمْرَ وَلأَنَّهُ لَمْ يُشْفِقْ". أي أنّ داود الزّاني أظهر موقفاً معارضاً بقوة لعمل الرّجل القوي، مع أنّه ارتكب أبشع منه. مثل هذا النفاق ما يزال سائداً في عالمنا اليوم، فما أكثر الّذين يلقون خطاباتٍ رنانةٍ عن الشّرف والفضيلة والتّقوى والتّدين، وهم أنفسهم يمارسون كل أشكال النّجاسة والقذارة والرّذيلة.
وينطبق هذا الكلام على رجال الدّين الّذين أحضروا امرأة زانية الى الرّب يسوع وسألوه ما الّذي يجب عمله لها، حيث نقرأ في يوحنا 7:8-9 "وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ! 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ، خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسْطِ". وكتب بولس الرّسول موبّخاً دعاة الشّرف والفضيلة من المرائين والمنافقين قائلاً لهم في رسالة رومية 22:2 "الَّذِي تَقُولُ: أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِي؟ الَّذِي تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟".
10. تشبيه عبادة الأوثان بالزّنا: استخدام الوحي المقدّس خطيّة الزّنا مجازياً للدلالة على عبادة الأوثان والابتعاد عن حق الله. فكما أنّ الزاني يخون شريكة حياته، وكما تخون الزّانية زوجها، كذلك من يبتعد عن الرّب ويعبد آلهة وثنيّة أو إلهاً آخر غير الله الحقيقي والوحيد. نقرأ في هوشع 12:4 "شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ، وَعَصَاهُ تُخْبِرُهُ، لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنَوْا مِنْ تَحْتِ إِلهِهِمْ". (أنظر أيضاً حزقيال 35:16-43، إرمياء 8:3-9، حزقيال 27:23؛43، هوشع 2:2-12، يعقوب 4:4).
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:25 PM   رقم المشاركة : ( 13896 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس البطل سانت فلوريان


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عاش القديس فلوريان فى ايام الامبراطور دقلديانوس وماكسيميانوس وكان قائد الجيش للامبراطورية الرومانية فى مقاطعة نوريكوم الرومانية.

ولد عام 250 ميلاديا وكان يسلك العمل الادارى وفى عام 268 ميلاديا انخرط فى سلك الجندية.
وبالاضافة لواجباته العسكرية كان ايضا مسؤلا عن تنظيم فرق الاطفاء بالجيش حيث اشتهرت الامبراطورية الرومانية بتطوير فرق لاطفاء الحرائق باحدث الوسائل فى ذلك الحين (مضخة ماء تكبس يدويا باليد وكانت التكنولوجيا الاجدث فالعالم وقتها) وقام فلوريان بقيادة 7000 مجند رومانى بحسم على درجة عاية من التدريب المدنى لاطفاء الحرائق خصوصا بان الامبراطور اولى اهتماما بهذه الفرق بعد حريق روما فى عصر نيرون الحادث الشهير فى العام 62 ميلادى
فيجيلس وهى دوريات ليلية للقبض على السكارى والمجرمين وقوات خاصة مدربة لاطفاء الحرائق
فبدا انشاء تدريبا خاصة وقوات خاصة اولها قوات



تم تحديد الامبراطور جالينيوس لتدريب القوات الخاصة بقيادة سانت فلوريان استعداد لارسال في لحظات الإشعار إلى المناطق الحدودية المضطربة.
وكان فلوريان حسن السيرة والسمعة عند مرؤوسيه وهو ما دفعهم لان يضعوه على نخبة الجيش ورجال الاطفاء.
كانت وحدة فلوريان ناجحة جدا وذاع صيتها فى الامبراطورية بعد بطولاته فى اخماد الكثير من الحرائق ومنها حوادث عند عامة الناس ولذلك عين لتامين الاماكن النائية من الامبراطورية وفى كل هذا لم ينسى ابدا تعاليمه المسيحية.
عين بعد ذلك فى نوريكوم فى ولاية بافاريا لفرض القانون وجمع الضرائب فى عصر داكيوس الذى بدء عنده اضطهاد المسيحية.
كان عبث ومجون داكيوس وولعه بالاوثان الرومانية كبيرا جدا واراد ارضائها بتنشيط عبادة الالهة الرومانية مثل يانوس اله اضرام النار وجارديان الاله الضامن الرومانى فبدا باحراق المسيحين اتباع المسيح المصلوب وتعذيبهم باشد انواع العذاب

وسعى النظام الرومانى لابادة المسيحية وتم ارسال الوالى اقولينيوس خصيصا لاضطهاد وابادة المسيحيين.
وباوامر مباشرة من دقلديانوس ارسل اقولينيوس اوامر مباشرة لقواده باحراق كنائس المسيحين وكتبهم وهو ما جعل فلوريان يتمزق بين الاوامر والايمان بداخله.
فرفض فلوريان اوامر الوالى ولكنه خاف على انقلابه على المسيحين بعد اعتقال الالاف منهم
وعندما علم القديس بذلك سلم نفسه مجاهرا بمسيحيته فى مدينة لورتش رغم مكانته فى الجيش رافضا المبدء الرومانى المفروض على الجنود وهو ( لا تسال ولا تقل شيئا) فامر اقيلينيوس قائد جيشه فلوريان بتقديم الذبائح والاضحيات للالهة الرومانية فرفض بكل صرامة وشدة وقبل الضرب والاهانة من جنوده بفرح عظيم.
تم تعذيب فلوريان بعد عصيان الاوامر بتسميره بالمسامير واهانته وضربه،
وتم كشط جلده و حاولوا حرقه بالنار لكنه تحداهم قائلا انه اذا اشعلوا النيران فسوف يصعد عليها الى السماء فتخوفوا منه لشجاعته فجلدوه بالسياط وجروه فكان نصف حيا ونصف ميتا قبل ان يجتمعوا عليه ليلقوه مربوطا بحجر الرحى فى نهر اينس.
شوهد اكثر من نسر حارس يحوم فوق جثته المتجمدة ليحميها وكذلك راته امراءة بارة تدعى فاليريا فى رؤية واعلنت عن نيته فى ان يدفن فى مكان اكثر ملاءمة فى لينز. واستشهد فلوريان عام 304 ميلاديا.

ويعرف عن القديس البطل بقيامه الكثير من العجائب والمعجزات وعن شفاعته لرجال الاطفاء الذين يقاتلون لاطفاء النيران.
ومن المفارقات فى عصره انه بعد مائة عام فقط ابطلت كل العقائد الوثنية واعلنت المسيحية الديانة الرسمية للامبراطورية.


ومابين عامى 900-995 اقيم دير قرب ضريح فلوريان ونشات قرية سانت فلوريان...تم نقل جسمانه الى دير سانت فلوريان بالقرب من لينز وبعدها بمدة نقل إلى روما. وفي سنة 1138م أعطى البابا ليسيوس الثالث جزءً من رفات القديس إلى الملك كاسيمير
ملك بولندا
يتم اعتبار فلوريان هو راعى بولندا وشفيعها...وكذلك منطقة لينز
ويعتبر الشفيع الاشهر بين رجال الاطفاء البولنديين حيث تم انقاذ احد رجال الاطفاء من الحريق بعدما طلب القديس فلوريان ان ينقذه....وقد كان.
ومنذ ذلك الحين وقد اشتهر القديس فلوريان بانه الباطرون او الراعى ضد الحريق....ومن تحدث له ظروف مشابهة يطلب سانت فلوريان.
وهناك اخلاص شديد من سكان اوروبا الوسطى لهذا القديس ويقومون بعمل تقاليد لاستشهاده....وهناك بالقرب من لينز حيث يصب نهر الدانوب تم عمل العديد من معجزات الشفاء التى نسبت للقديس البار...خصوصا عجائب النجاة من الحرائق


يعيد له عيد استشهاده فى 4 مايو من كل عام
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 13897 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مار فيلبس نيري منشئ أخوية كهنة المصلي


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ولد القديس فيلبس نيري في مدينة فلورنسا سنة 1515 م من أبوين شريفي الأصل. ومنذ نعومة أظافره لاحت فيه سمة الفضائل فكان ذا احترام وطاعة لرؤسائه وكان متواضعاً حليماً بشوشاً مدمناً علي زيارة الكنائس واستماع الأقوال الإلهية.

وبذلك جلب حب جميع الناس له حتي انهم لقبوه بفيلبس الصالح, ولما صار عمره ثماني سنين أرسله أبوه إلي عمه لكي يعلمه أمور التجارة.


ثم بعد ذلك آثر خدمة الله بالفقر علي امتلاك الأموال الأرضية فعزم أن يتبع يسوع المسيح. وفي سنة 1533 انطلق إلي روما وهناك واصل رجلاً تقياً مشهوراً بالصلاح وكان يقتدي به. ثم أنعكف علي درس الفلسفة واللاهوت ونجح في ذلك جداً. ومع انعكافه علي الدرس كان يلازم الصلاة والصوم وسائر الأعمال التقوية .

ولما بلغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة زاد غرامه لإتباع يسوع المسيح في السيرة المنفردة فترك كل شئ له وتفرغ للصلاة والتأمل والتقشف منفرداً عن الناس.

وكان له محبة عظيمة ورأفة علي الفقراء والمرضي وجميع المحتاجين فكان يزورهم ويسليهم ويساعدهم, وكان يطلب من الروح القدس أن يملأه من مواهبه لكي يقهر أعداءه وينتصر علي التجارب التي كان الشيطان يجربه بها.

وفي سنة 1548 م أراد أن يعمل عملاً خيرياً لمساعدة المحتاجين والمرضي فانشأ أخوية دعاها باسم "أخوية الثالوث الأقدس". وعمّر لها كنيسة. والمشتركون في هذه الأخوية خصّوا ذواتهم للعمل في هذا العمل الخيري مع مار فيلبس.

كان الناس يلحون عليه ليرتسم قسيساً ولكنه كان يأبى ذلك محتسباً نفسه غير أهل لهذه الدرجة السامية. ولما صار عمره ستاً وثلاثين سنة اضطر أن يقبل درجة الكهنوت بأمر معلم اعترافه.

وبعد ارتسامه اتفق مع كهنة كنيسة مار هيرونمس بالانضمام إليهم والسيرة معهم بالتأمل والصلاة والتقشف. وكان يقدس كل يوم القربان الإلهي بعبادة حارة. ومن شدة احترامه ليسوع المسيح كانت يداه ترجفان حينما يمسك الجوهرة المقدسة وقت الرفعة أو التناول. وطالما أضطر أن يتوكأ علي المذبح إذ لم يقدر أن يسند نفسه.

ومن شدة حبه ليسوع المسيح كان حينما يشرب الكأس يعض عليه بشدة حتي كانت تُري فيه آثار أسنانه . وكثيراً ما كان يغيب عن حواسه. وكانت غيرته علي خلاص النفوس شديدة فكان يقضي أكثر أوقاته باستماع اعترافات الناس . ومن يقدر أن يحصي عدد النفوس اللواتي انتشلهن من حمأة الإثم وهداهن إلي طريق الفضيلة.

فالنجاح الذي حصل له في منبر التوبة جعل صيته سامياً حتي أن جميع الناس كانوا يأتون إليه مستشيرين به. وبما أن ذا الاسم الجيد لا يخلو من ضد فحسده بعض الناس ونموا به وسعوا بثلم صيته.

ولكن مار فيلبس احتمل هذه التجربة بصبر لا بل بفرح محتسباً نفسه سعيداً بصيرورته عرضة للاستهزاء والاحتقار. وأخيراً لما رأي حاسدوه أنه غير متزعزع جاءوا واستغفروه عن ما قرفوه به فعانقهم وغفر لهم.

وتحرك بالاقتداء به جم غفير من الناس فكانوا يجتمعون عنده ويخاطبهم في الأمور الروحية ويضرم قلبهم بمحبة الله ويكره في عيونهم الميل إلي الأشياء الدنيوية. فتتلمذ له كثيرون وصاروا يقتدون به ويسيرون بحسبما كان يرشدهم.

ولم يكن يغلق باب حجرته أبداً حتي يكون كل من يأتي إليه يجد بابه مفتوحاً ولا سبيل له أن يقول أن فيلبس نائم فلا ينبغي أن ندخل عليه الآن ونصدعه. وانضم إليه كثير من الكهنة فكانوا كتلاميذ له يعملون معه في الأعمال الراجعة إلي مجد الله وخلاص النفوس وكانوا يسيرون بحسبما كان يرشدهم.

ولما رأي الشيطان أن مار فيلبس لا يزال متقدماً في سُبل النجاح أكثر فأكثر وأن أعماله تثمر أثماراً غزيرة حمل بعضاً من الناس الحاسدين إلي أن يقولوا للبابا بيوس الخامس أن فيلبس رجل مراء ضال ومضل هو وكهنته.

أما البابا إذ كان لم يكن بعد مطلعاً جيداً علي أعماله فحص الأمر فوجد قداسة عظيمة في فيلبس وفي كهنته, ثم أن أخوية مار فيلبس كانت تكبر والمنافع التي كان يؤديها هو وكهنته كانت تكثر فعمروا له كنيسة جديدة.

ووضع مار فيلبس قانوناً لهذه الأخوية وأثبته البابا غريغوريوس الثالث عشر. وسُميت جماعتهم أخوية كهنة المصلَّي. وانتشرت في أماكن كثيرة ودُعي أصحابها باسم فيلبيين نسبة إلي مار فيلبس منشئها.

وأخيراً صار هذا القديس رئيساً عاماً لهذه الأخوية ونال من الروح القدس مواهب كثيرة من ذلك المشورة والفطنة والنبوة ومعرفة سرائر القلوب.

وفي شهر مايو من سنة 1594 اعترته حمي شديدة المته مدة خمسة وعشرين يوماً. ولحقه عقب هذه الحمي أسقام كثيرة مختلفة وتأكد الأطباء من موته ولكن مريم العذراء المجيدة ظهرت له وشفته من جميع أسقامه. وفي السنة التابعة اعترته حمي محرقة مرافقة بقئ دموي.

وبعدما يأس الأطباء من شفائه ظهر له يسوع المسيح وشفاه بأعجوبة. وكثيراً ما كان هذا القديس ينبئ أصدقائه بأنه يموت ما بين اليوم الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر مايو. ولما دنت ساعته طلب الزوادة الأخيرة. وأتي إليه بالقربان المقدس فقال والموع تهطل في عينيه : ها هوذا محبتي. تعال تعال يا يسوع مبتغي نفسي. ثم سلم نفسه إلي الله بهدوء وسكون. وكان ذلك كما قال فيما بين اليوم الخامس والعشرين والسادس والعشرين من شهر مايو 1595 م.

وبعد موته شق الأطباء صدره فوجودا أن حياته كانت قائمة بأعجوبة لأن أضلاعه كانت مكسرة وشاهدوا الشريان المؤدي الدم إلي الرئتين مقطوعاً وقلبه وراماً جداً.

وبعد أن بقي جسده ثلاثة أيام عرضة لزيارات الناس دُفن في الكنيسة باحتفال عظيم. وقد زين الله عبده فيلبس بكرامات كثيرة منها أن كثيراً من المرضي شُفُوا بلمسهم جسده وباستشفاعهم به.

وبعد زمان فتحوا قبره فوجودا لفائفه قد فنيت وأما جسده فكان سالماً من الفساد طرياً جميلاً تفوح منه روائح طيبة.
العيد 26 مايو
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 13898 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيس كريستوف مَغَلاّنِس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وُلِدَ كريستوف مَغَلاّنِس، الكاهن المكسيكي، في العام 1869. كما تعرّض للإضطهاد إلى جانب أربع وعشرين من رفاقه نتيجة مرسوم ينصّ على إغلاق الكنائس وتوقيف المسؤولين الروحيّين

كونهم لم يتخلّوا عن وظائفهم، ولم ينضمّوا إلى الكنيسة المكسيكيّة المستقلّة في روما، تمّ إعدامهم بين العامين 1915 و1937

في المكسيك، تحوّل الفصل بين الدين والدولة إلى اضطهاد حقيقي للكنيسة، مثيرًا الكراهية والحقد ضد الديانة الكاثوليكيّة. بدأت الدولة المكسيكيّة تنظّم السيامات الكهنوتيّة وتشرف عليها ممّا أدّى الى هجرة عدد كبير من الكهنة. في هذا الإطار، أسَّس الأب كريستوف مَغَلاّنِس إكليركيّة في أبرشيّته، كي لا تتوقّف السيامات الكهنوتيّة خلال فترة الإضطهادات

تمّ إعدامه رميًا بالرصاص في العام 1927

أعلن البابا يوحنا بولس الثاني قداسة كريستوف مَغَلاّنِس في 21 مايو 2000

العيد 21 مايو
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:32 PM   رقم المشاركة : ( 13899 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة بياترِس


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عذراء وشهيدة القرون الأولى للمسيحيّة

يوافق عيدها الثالث عشر من مايو

في القرون الأولى لوجود الكنيسة، حينما كان الاستشهاد على أيدي الأباطرة الرومان من أجل الإيمان المسيحيّ شائعاً، وهبت الفتاة بياترس حياتها للمسيح ودُفنت في سرداب الموتى في كنيسة سانت بونتيانوس الواقعة بالقرب من روما. وبعد عدّة قرون، أُخرِج جثمانها في عام 1882 بإذنٍ من البابا بيّوس السابع. وقد نُقش على البلاطة التي سُدّ بها قبرها كلمة بياتركس، ام. (وهو مونوغرام يعني الشهيدة) ووُجد مع بقايا هيكلها العظميّ قنينة صغيرة تحوي آثاراً لبُقع دماء جافّة. ففي ذلك الوقت، كان هذا النوع من القناني الصغيرة الذي يحوي القليل من دماء الشهيد، يُدفن مع رُفاته كدليل على استشهاده المقدّس


وبعد أن تمّ رفع جثمانها من سرداب الموتى، استلمت جسد القديسة بياترس راهبات أخوية مينيمز في دير القديس فرانسيس في روما. ووفقاً للعادات المتبعة في ذلك الوقت، قامت الراهبات بإعادة تركيب الهيكل كما كان في وضعه الطبيعيّ وكسوه بأقمشة حريريّة رائعة. ونظراً لتحطّم عظام الرأس بصورة سيئة وتحوّلها الى رماد، تمّ صنع رأس من الشمع بدى نابضاً بالحياة، وتمّ إدخال القليل من مسحوق عظم الجمجمة فيه. أمّا بقيّة المسحوق، فقد تمّ حفظُه في حقيبة حريريّة وُضعت داخل تجويف الصدر عند الرقبة. وعُرضت هذه الذخيرة التي تمّ الاعتناء بها بكلّ محبّة، في دير القديس فرانسيس في بولا على العامّة. وبطلب خاص من راهب دير الحَمَل كان من الامتياز لأخوات العبادة الأبدية البنيدكتيّة في سيلد، ميسوري، الحصول على ملكيّة هذه الذخيرة المقدّسة في عام 1909. وفي العاشر من ديسمبر عام 1910 نُقل الجثمان الى كلية سان أنسيلمو البنيدكتيّة في روما حيث تمّ الحفاظ عليه وإحكام غلقه قبل إرساله الى أمريكا.

وصلت الذخيرة الى سليد في التاسع والعشرين من يناير عام 1911. وفي تلك السنة، حينما قُدّست كنيسة العبادة في سليد، تمّ عرض ذخيرة القديسة بياترس في حجرة أسفل المذبح مزوّدة بواجهة زجاجيّة يمكن من خلالها رؤية الجثمان وتبجيله. وفي خريف 1930، جًُدّد ثوب الجثمان ونُقل ضريح القديسة الواضح في الصورة، من المذبح الى "كنيسة الذخيرة" الجديدة. لقد كُسِيَ الجثمان بالأقمشة الحريريّة البيضاء والزرقاء. ويُظهر الرأس الشمعيّ الجميل الذي تمّت إحاطته بعِقصات شعر ذهبيّة طويلة، الجُرح على رقبة القديسة الذي يصوّر ضربة سيف الجلاّد. وغُطّيت اليدين والقدمين بقفّازين وصندلين محبوكين من الفضّة تَظهر من خلالهما العظام. كما وتحمل بياترس في يدها اليمنى زنبقة، ترمز الى تكريسها العذري للمسيح. أمّا في جانبها الأيسر، فقد وُضع سعفا نخل وعلى جبينها تاج من الأزهار يرمز كل منهما الى النصر الذي حقّقته من خلال إعلانها جهراً لإيمانها الوفي والمخلص بالمسيح
 
قديم 06 - 08 - 2016, 04:34 PM   رقم المشاركة : ( 13900 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة جان دارك


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ولدت جان دارك في عام 1412 في قرية (دومرمي)، التي كانت جزءاً من (بريغاندي)- الولاية المستقلة عن السلطة الفرنسية في ذلك الوقت، لأبٍ مزارع متوسط الحال، اسمه (جون دارك)، وأمها (إيزابيل) التي لقنتها التعاليم الدينية. تأخذ حياة (جان دارك) شكل الأسطورة، عند بعض الفرنسيين؛ فعندما بلغت الثالثة عشرة من عمرها، كانت تسمع أصواتاً تناديها، وتدعوها إلى تحرير بلدها من الاحتلال الإنكليزي (هذا ما أشارت إليه في مذكراتها)؛ فلبت النداء الداخلي، وعملت على تجميع قوات عسكرية، قادتها بنفسها لدحر القوات الإنكليزية، بعد أن تنكرت بزي الرجال!. واستطاعت بهذه الطريقة أن تحصل على نوع من السلطة، التي كان يصعب لامرأةٍ الوصول إليها في تلك الفترة


كان اسمها الحقيقي (جانيت)، وعندما جاءت إلى فرنسا نادوها (جان). بينما كانت مشغولة بأمر الحرب، أبلغتها أمها أن والدها قد حلم بها أكثر من مرة، وهي تهرب مع مجموعة من الجند، وأنه تحدث من إخوتها منذراً: "لو آمنتُ بأن هذه الأحلام ستتحقق، لطلبت منكم إغراقها، وإذا رفضتم فسأغرقها بنفسي"!. وفعلاً تحقق قوله الأخير؛ لأنها أحرقت ورُميت في نهر السين
وبسبب حلم أبيها، تعرضت لمراقبة والديها واضطهادهما. كانت مطيعة لأوامرهما، إلا أنها لم تستطع أن تعصي مشيئة ربها؛ الذي كانت تقول إنه أوحى لها بضرورة النضال من أجل حرية واستقلال شعبها ووطنها. ولقوة إيمانها بما كانت تعتقده؛ فقد عصت والديها، واستسلمت لمشيئة ما كانت تسمعه في داخلها، وذهبت إلى عمها لتقيم عنده فترة، ثم توجهت إلى (فرسولورز)، وقابلت قائد المدينة (روبرت ديودريكورت)، وطلبت منه أن يساعدها في السفر إلى فرنسا، إلا أنه رفض طلبها؛ فلجأت إلى مساعده (جون ديميتر)، الذي لبى طلبها، واضطر (ديودريكورت) أن يساعدها،وأعطاها سيفاً، ورافقها فارس وأربعة جنود



عند وصولها قابلت ابن الملك، وأخبرته أنها جاءت لتحارب الإنكليز. اختبرها العلماء مدة ثلاثة أسابيع، وعندما تيقنوا من أنها جاءت لتنقذ (أورليانز) من الاحتلال البريطاني، ولتتويج الابن البكر للملك على العرش، وهبها الملك اثنا عشر ألف جندي، قادتهم إلى أورليانز، وكتبت رسالة إلى ملك بريطانيا (الدوق بدفورد)، قائلة: " أرسلني المتعالي ملك السماوات والأرض لطردك من أراضي فرنسا، التي انتهكتَ سيادتها وعثتَ فيها فساداً… لو أطعتني؛ فسأرحم رجالك وأسمح لهم بالذهاب إلى ديارهم، وستذهب المملكة إلى الملك تشارلز، الأحق بالإرث… وإلا سنشعلها حرباً ضروساً لم ترَ فرنسا مثلها منذ ألف عام



توجهت جان دارك إلى أورليانز، وزحفت إليها بجنودها الذين حاصروها، واحتلوا أبراج حامية المدينة. وأثناء تسلقها السلم، أصيبت بسهم في حنجرتها، لكنها لم تستسلم؛ بل ازدادت قوة وإيماناً، وامتطت فرسها دون أن تأبه بجرحها وألمها، وعادت إلى المعركة وهي تشجع الجنود بقولها: "كونوا شجعاناً ولا تتراجعوا، وبعد قليل سيكون النصر لكم. هيا…المدينة لنا"
كانت جان دارك رحيمة عطوفة؛ فحينما انسحب الإنكليز من المدينة، في الخامس من أيار، قالت لرجالها والرقة تعلو وجهها: "لا تلحقوا بهم أي ضرر…". وبقيادتها أحرز الفرنسيون انتصارات باهرة، ونجحت جان دارك في تحقيق رسالتها، وقادت (تشارلز) إلى (ريمز) وشاهدت تتويجه كملك لفرنسا
تم القبض عليها حين كانت تقوم بمهمة سرية إلى مدينة (كامبين)، وأسرها البرغانديون، عملاء الاحتلال البريطاني. اقتادوها إلى (ريون) وباعوها للإنكليز، بعد أن فكت الحصار البريطاني عن مدينة اورليانز. أخبروها أنها ستحرق، بعد أن تتعرض إلى صنوف العذاب؛ فلم تركع، وتذكرت صلب المسيح لتخفف وتسهّل مصابها، وفضلت الموت السريع على الآلام ومعاناة السجن الطويلة



حوكمت في محكمة الكنيسة بتهمة الإلحاد والهرطقة والسحر. وصدر قرار الحكم عليها بالحرق؛ فواجهت الحكم صامدة شامخة الرأس، في 30/5/1431
قامت السلطات الإنكليزية، وبمشاركة علماء جامعة باريس، التي تحكموا بها، بتقييدها إلى خشبةٍ وأحرقوها، بعد أن أقتيدت إلى قاعة المحكمة وهي مكبلة بالأصفاد والحديد، وكان الحكم بحقها جائراً وبالغ الوحشية.
قبل حرقها، قيدوها إلى شجرة ومزقوا جسدها وهي في عمر الورود؛ فقالت لهم: "لو كنتُ في مكان إعدامي، وشاهدتُ الزبانية يشعلون النيران التي تلتهب، حين يلقون لها بالأخشاب الجافة، ولو كنتُ وسط اللهيب حتى آنذاك؛ فليس لديّ ما يمكن أن أضيفه من أقوال
"


العيد 30 مايو
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024