14 - 10 - 2023, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 138851 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البعد التاريخي: ضرَبّ يسوع مَثَل الابْنَين في هيكل اورشليم (متى 21: 12) لدى هجوم خصومه من عظماء الكهنة وشيوخ الشَّعب من خلال أسئلتهم عن سلطته في التعليم والعَمل. الابن الأول شابٌّ عاصٍ، ومتمرِّد، ويميل إلى المُقاومة، حتى إلى مقاومة سُلطة أبيه. وإنَّ ميله إلى العصيان قد سبق تفكيره وطغى عليه. ولكنَّه لمَّا هدأت نفسه ورجع إلى ذاته شعر أنَّه قد أساء التصرُّف مع أبيه فندِم على سلوكه المُتمرِّد وأطاع أباه ونفَّذ إرادته. رفض ثم أطاع، وهو يمَثَل العَشَّارين والبَغايا الذين بدئوا حياتهم برفض العمل، لكنهم ندِموا أخيرًا، ومضوا يعملون في الكَرْم. أمَّا الابن الآخر فتظاهر أنَّه ابنٌ مطيع ودلّ على عِظَمِ احترامه لسُلطة أبيه بقوله "يا سيِّد". إنَّه شابٌّ مراءٍ كذَّاب يتظاهر بما ليس فيه، ابدى الطَّاعَة، ولكنَّه لم يطعْ، وهو يمَثَل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب والفَرِّيسيِّين الذين "كانوا مُتَيَقِّنينَ أّنَّهم أَبرار" (لوقا 18: 9)، فقالوا نعم، لكنَّهم لم يذهبوا إلى الكَرْم للعمل. وفيهم قال بولس الرسول "أَتَفتَخِرُ بِالشَّريعَة وتُهينُ اللهَ بِمُخالَفَتِكَ لِلشَّريعة؟" (رومة 2: 23). وقد ندَّد يسوع كلامهم دون نتيجة "إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ باطِلَةٍ يقولُها النَّاس يُحاسَبونَ عَليها يومَ الدَّينونة " (متى 12: 36). فالعصيان والرِّياء رذيلتان يكرههما الله كراهيَّةً شديدة. اعتبر وجهاء اليهود أنفسهم أبرارا، في أيام يسوع، فقالوا "نعم"، ولكنَّهم لم يذهبوا، ولم ينفِّذوا قولهم، فدلّوا على عِماهم، كما وصفهم بولس الرسول بقوله "يُظهِرونَ التَّقْوى ولكِنَّهمُ ينكِرونَ قُوَّتَها"(2 طيموتاوس 3: 5). فقد قالوا إنهم يريدون إتمام مشيئة الله، ولكنَّهم كانوا يعصونها على الدَّوام. ولهم مظهر الخضوع، لكنَّهم لا يفعلون إرادة الله؛ فندّد يسوع بريائهم، لانَّ أقوالهم تعارض أعمالهم. وأكد لوقا الإنجيلي هذه المقولة بقوله "أَمَّا الفِرِّيسيُّون وعُلَماءُ الشَّريعَة فلَم يَعتَمِدوا عن يَدِه فأَعرَضوا عن تَدبْيرِ اللهِ في أَمرِهم" (لوقا 7: 30). لهم مظهر التدين، ولكن قلبهم خبيث رديء، لانَّهم يقولون ولا يعملون. كانت تقواهم في ظاهر سلوكهم فقط، ولم يكن لها أيُّ أساسٍ ثابت في قلوبهم. لقد عرفوا إرادة الرَبّ، فتظاهروا بأنَّهم يطيعونها طاعةً كاملة، فأقاموا الصلوات في المجامع، وقدَّموا الضحايا في الهيكل، واحتفلوا بالأعياد احتفالاتٍ عظيمة. ولكنَّ هذه الأعمال كانت مظاهر خارجيَّة فقط تنقصها القيمة الجوهريَّة، وهي طاعة قلوبهم، وتوبة ضمائرهم، وعملهم بإخلاص لأجل مجد الرَبّ. قبل رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب والفَرَّيسيِّين العمل في المَلَكوتِ، لكنهم قبلوه بالكلام دون العمل، فهؤلاء قال عنهم السيِّد المسيح " لَيسَ مَن يَقولُ لي ((يا رَبّ، يا رَبّ)) يَدخُلُ مَلَكوتِ السَّمَوات، بل مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات" (متى 7: 21). لذلك طَردوا أنفسهم بأنفسهم من الكَرْم بسبب عدم إيمانهم بالحَق، ليتركوا مكانهم للعَشّارين والبَغايا الذين لم يسمعوا لله أولًا لكنَّهم عادوا ليُطيعوه. قد أدرك رؤساء الكهنة والفرِّيسيُّون كلمات سيِّدنا يسوع بعقولهم، لكنهم لم يقبلوها بروح الحب والبُنيان، وعِوض أن يقدّموا توبة عمَّا ارتكبوه فكّروا في الانتقام منه. ما أصعب على نفس هؤلاء المؤتمنين على كلمة الله أن يتركوا الكراسي للعشّارين والبَغايا الذين سبقوهم بالإيمان إلى مَلَكوتِ الله. انتقد متى الإنجيلي الفَرَّيسيِّين المُتيقَنِّين من بِرّهم "أَيُّها المُراؤُون، أَحسَنَ أَشَعْيا في نبوءته عَنكم إِذ قال: هذا الشَّعْبُ يُكرِمُني بِشَفَتَيْه وأَمَّا قَلبُه فبَعيدٌ مِنِّي" (متى 15: 7) وانتقد متى الإنجيلي أيضا الفَرَّيسيِّين الراغبين في إظهار برّهم "فقالَ لَهم: ((أَنتُم تُزَكُّونَ أَنفُسَكم في نَظَرِ النَّاس، لكِنَّ اللهَ عالِمٌ بِما في قُلوبِكم، لِأَنَّ الرَّفيعَ عِندَ النَّاس رِجْسٌ في نَظَرِ الله " (لوقا 16: 15). نستنتج مما سبق أنَّ سلوكُ الابن الأوَّل كان عصيانٌ وندامة، وأمَّا سلوك الآبن الآخر فهو رياءٌ وعصيان. الابن الأول يمَثَل العَشَّارين والبَغايا الخطأة الذين رفضوا العمل في المَلَكوتِ ثم ندموا، لآنَّهم اكتشفوا علامات المَلَكوتِ في المسيح وفتحوا قلوبهم على الله ونعمته وآمنوا. ومن الأمَثَلة على ذلك ما حدث لمتى نفسه في لقائه مع يسوع المسيح "مَضى يسوعُ فَرأَى في طَريقِه رَجُلاً جالِساً في بَيتِ الجِبايَةِ يُقالُ لَه مَتَّى، فقالَ لَه: ((اتِبَعْني!)) فقامَ فَتَبِعَه" (متى9: 9)، وتوبة المَرأة الخاطئة ومعها قارورة الطيِّب "إِنَّ خَطاياها الكَثيرَةَ غُفِرَت لَها، فلأَنَّها أَظهَرَت حُبّاً كثيراً" (لوقا 7: 47). وهناك أيضا زكا العشار الذي "وَقَفَ فقال لِلرَبّ: يا رَبّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه علَيهِ أَرَبّعَةَ أَضْعاف" (لوقا 19: 8) والعمل بمشيئة الله يكمن في الإيمان بالمسيح وطاعة كلمته ووصاياه. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:40 PM | رقم المشاركة : ( 138852 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
|
||||
14 - 10 - 2023, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 138853 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كانت الكنيسة الفرنسية في القرن 18 هيئه شبه مستقلة استقلالا ذاتيا، تتدخل في حياة المجتمع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على جميع المستويات، وتفلت في الوقت المناسب من هيمنة الدولة. ومع أن الكهنة هناك لم يتجاوز عددهم المائة ألف فإنهم ملكوا عشر الأرض فضلا عن التمتع بدخل لا يُستهان به من العشور المفروضة على الفلاحين، وكانوا يحكمون أنفسهم بمجامع تعقد مرة كل خمس سنوات. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 138854 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية كانت لها أرادتها الخاصة وهي مسئولة عن مالياتها وكانت معفاة من الضرائب، ولكنها قدمت منحة استطاعت بها أن تفرض الضغط المالي على الحكومة عن طريق التهديد بقطع هذه المعونة للخزانة أو خفضها. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:43 PM | رقم المشاركة : ( 138855 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية كانت مستقلة ذاتيًا وحسب بل أنها مارست كثيرًا من السلطة التي طالبت بها الحكومات المدنية فيما بعد فقد كانت تهيمن على التعليم هيمنة تكاد تكون تامة، وكان الأعلام في قبضتها جزئيا لأن منبر الكنيسة كان الوسيلة الوحيدة لنشر الدعوة لسياسات الحكومة على جمهور كبير معظمة من الأميين، أضف إلى ذلك أن الكنيسة كان في استطاعتها منع المطبوعات التي كانت تري فيها خطرا على الدين أو على الأخلاق. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 138856 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية لم تكن مالكه كبيرة للأرض فقط، بل كانت مصدر للعمالة في المدن وعلي سيبل المثال فقد كانت الطوائف والطرق الدينية تمد معظم المستشفيات بموظفيها وكان النبلاء والبورجوازيون قد تربوا في مدارسها، والسكان جميعاُ يحتفلون بأعيادها الدينية وكانت أملاكها تشغل أجزاء كبيرة من المدن، ففي تولوز في الجنوب وابخيه شغلت المباني الكنسية وحدائقها نحو نصف مساحة المدينة وكان نظام الكنيسة الفرنسية مرآه تعكس نظام المجتمع العلماني، فقد فرق هذا النظام تفرقه حادة بين القيادة الكهنوتية الحاكمة والقاعدة من رجال الدين الفقراء، وكانت هذه التفرقة تقوم أساسا على شرف المولد " |
||||
14 - 10 - 2023, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 138857 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية فقد كان الأساقفة كلهم من النبلاء، كذلك كانت رئاسة كثير من المجامع الكنسية والبيوت الدينية للرجال والنساء حكرًا على الطبقة الإقطاعية دون غيرها، بل كثيرا ما كان رؤساء الأديرة ورئيساتها ونظار الكنائس يعينون وهم ما يزالون أحداثًا. وشاع المجتمع بين المناصب، وكفلت الرواتب السخية والمنافع المتجمعة رزقا مربحا لرجال الدين النبلاء. وقد عين بعض كهنة المجامع الصغيرة في مناصبهم بفضل أسرهم البرجوازية القوية، ولكن الغنائم الكبرى ظلت بعيدة عنهم فقد كانت العشور تنقل لصالح الأديرة أو كهنة الكاتدرائيات، ويترك للخوري إعانة بسيطة، مما دعا الكثيرين منهم إلى استكمالها عن طريق القيام بعمل إضافي متواضع. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:45 PM | رقم المشاركة : ( 138858 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية فقد كان القساوسة الوكلاء الذين لم يتيسر لهم هذا العمل الإضافي فكانوا يعيشون في فقر موقع. والي جانب التناقض الداخلي في الكنيسة بين الأساقفة من أصل نبيل ورجال الدين من المراتب الدنيا فقد قام التناقض بينهما وبين الفلاحين، فقد شاركت الكنيسة بوصفها مالكه كبري للأرض، ومالكه ملكية إقطاعية في إدارة أملاكها إدارة غلبت عليها روح الكسب الأمر الذي رأي فيه الفلاحون جشعا وبخلا قبيحين. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:46 PM | رقم المشاركة : ( 138859 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية قبل الثورة الفرنسية كان رجال الطبقة الدنيا من الكهنة قد أخذوا يهاجمون ما أسموه بتسليط النبلاء الأرستقراطي داخل الكهنوت. ويطالبون بالمزيد من النفوذ داخل المجامع الخمسية وقد أدي تمرد الخوارنة (جمع خوري) عام 1780 الذي طالبوا فيه بتمثيل أكبر في مكاتب الأسقفيات إلى إعلان ملكي حرم عليهم "تشكيل اتحاد أو حِلف" ولما كان قسس الإيبرشيات يسيطرون في الغالب على مسامع جهود كنائسهم متحققين بعطف الناقدين المثقفين لكبار رجال الدين فقد ضاعف هذا التصدع في صفوف الكنيسة من الخطر على رؤساء الإكليروس. وقد أتيح لكهنة مدينة انجية فيما بعد الحصول للقساوسة على كل المقاعد الأربعة في مجلس طبقات الأمة 1789. |
||||
14 - 10 - 2023, 02:48 PM | رقم المشاركة : ( 138860 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة الفرنسية قد بلغت التطورات الكامنة داخل الكنيسة ذروتها في عام 1788 حين خرج المجمع الكهنوتي على تحالفه التقليدي مع التاج وانضم إلى النبلاء في الهجوم على الملكية فقد أسفرت هذه المواجهة السياسية التي قام بها رجال الدين عن تفاقم الصراعات الداخلية وتحريض القسس على التحالف بدورهم مع البرجوازية عندما شبت نار الثورة الفرنسية 1789. |
||||