كان أكيسكْلَس وشقيقته فيكتوريا مسيحيين يعيشان في قرطبة Cordova في القرن الرابع الميلادي. أُلقيا في السجن بتهمة المسيحية وضُرِبا وعُذِّبا حتى ينكرا الإيمان. ولما فشلت كل أنواع التعذيب معهما حُكِم عليهما بالموت في المسرح الكبير، أكيسكْلَس بقطع رقبته وفيكتوريا بالضرب بالسهام، وكان ذلك أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس. اهتم بجسدهما أحد الوجهاء اسمه مينسيانا Minciana، حيث دفنهما في منزلهما الذي تحول إلى كنيسة، وحيث دُفِن شهداء كثيرون بعد ذلك أثناء الاضطهاد العربي.العيد يوم 17 نوفمبر.
حين رفضت أناتوليا الزواج من أوريليوس Aurelius، ذهب الشاب إلى أختها فيكتوريا طالبًا منها إقناع أناتوليا بالزواج منه. لم تنتهِ محاولة فيكتوريا فقط بالفشل، بل أنها اقتنعت بوجهة نظر أختها وفسخت خطبتها من الشاب يوجينيوس Eugenius. حاول الشابان إخراج الأختين من جو مدينة روما لعلهما تغيران من تفكيرهما، ولكن المحاولة باءت بالفشل. أخيرًا اُتهمت أناتوليا بأنها مسيحية، وبعد أن شَفَت الكثيرين في مقاطعة بيسنَم Picenum من أمراض مختلفة آمنوا على أثرها بالسيد المسيح، أمر القاضي فوستينيان Faustinian بمعاقبتها بعدة وسائل. سلطوا عليها أفعى سامة فلم تؤذِها حتى أن الحارس أوداكس Audax آمن بالسيد المسيح بسبب ذلك، وأخيرًا وبينما القديسة أناتوليا ترفع يديها بالصلاة طُعِنت بالسيف فنالت إكليل الشهادة. مرَّت فيكتوريا بنفس ظروف أختها في الغالب عند تريبولانو Tribulano، فرفضت الزواج من يوجينيوس أو الذبح للأوثان، وبعد أن صنعت العديد من المعجزات التي آمن بسببها الكثير من الشعب، طُعِنت هي الأخرى بالسيف بطلب من خطيبها السابق، فنالت أيضًا إكليل الشهادة.العيد يوم 23 ديسمبر.
Victorinus (Gaius Marius) تحوّله إلى الإيمان المسيحي:
وردت قصة تحوّله إلى الإيمان المسيحي في كتاب "الاعترافات" للقديس أغسطينوس. إذ سمع عنه القديس أغسطينوس وعرف أنه قبل الإيمان المسيحي بسماعه عن الأنبا أنطونيوس القبطي خلال كتاب البابا أثناسيوس عنه، فتأثر جدًا وقرر التوبة والرجوع الكنيسة ونوال العماد (الاعترافات 8: 2-5). درس الكتاب المقدس وكتابات الآباء المسيحيين في سن متأخر جدًا بغيرة متقدة فاقتنع بالحق المسيحي. التشكك في إيمانه:
سمع سيمبلشيان Simplician الذي صار فيما بعد أسقف ميلان أنه قد صار مسيحيًا، فرفض أن يحسبه هكذا حتى يراه في الكنيسة. سأله سيمبلشيان: "أية جدران لمبان تجعل الناس مسيحيين؟" واضح أن بعض أصدقائه تشككوا في البداية في أمر مسيحيته، لكن زال هذا الشك عنهم، فقد سجل نفسه في سجل الموعوظين لمدة قصيرة ثم نال العماد وأعلن قبول قانون الإيمان علانية.
يخبرنا القديس أغسطينوس عن الفرح الذي اجتاز الأوساط المسيحية في روما بتحوله إلى الإيمان المسيحي. حدث هذا حتمًا قبل نهاية مُلك قنسطنطيوس عام 361 م. وبقي حتى سنة 362 يعلم البلاغة في روما عندما أصدر جوليان أمرًا بمنع قيام أي مسيحي بممارسة التعليم العلني، فانسحب فيكتورينوس من هذا العمل. تفرغه للكتابة:
لا نعجب أننا لم نسمع عنه شيئًا بعد ذلك، فقد انسحب من التعليم العام وكرّس وقته للعبادة مع كتابة مقالات مسيحية وتفاسير للكتاب المقدس. أما كتاباته المسيحية فأهمها:
1. مقال ضد أريوس Generatione Verbi Divini de يعالج فيه لاهوت الكلمة ويرد على كانديدوس Candidus الأريوسي. 2. عمله الضخم ضد الأريوسية Adversius Arium. 3. ملخص للعمل السابق.4. ثلاثة الحان في شكل صلوات.
كثيرون من آباء الكنيسة ومشاهير الكنيسة يحملون اسم فيكتورينوس، من بينهم: 1. فيكتورينوس أسقف Pettau أو Petauio، من رجال القرن الثالث. 2. فيكتورينوس المدعو غايوس ماريوس Caus Marius أو ماريوس فابيوس Marius Fabius، كما يدعى Afer إذ وُلد بمدينة أفير. 3. يورد لنا جيناديوس كاتبين مسيحيين يحملان اسم فيكتورينوس. كان في الأصل خطيبًا يونانيًا قبل أن يصير أسقفًا على بيتوه Pettau. وقد مدحه كثيرًا القديس جيروم واقتبس أيضًا من كتاباته العديدة التي كتبها تعليقًا وشرحًا لأسفار العهدين القديم والجديد. يدعوه البعض فيكتورينوس مفسر سفر الرؤيا. يقول القديس جيروم أن فيكتورينوس اقتبس كثيرًا من أوريجينوس. وللأسف لم يبقَ من كتاباته إلا القليل جدًا وربما لا يوجد أية كتابات باقية إذ يعتبر الدارسون أن ما هو منسوب إليه ليس أصيلًا. قاوم هذا القديس العديد من الهرطقات التي ظهرت في عهده، وإن كان يقال أنه هو نفسه قد سقط في بدعة المُلك الألفي للسيد المسيح على الأرض Millenarianis. وقد أنهى حياته شهيدًا في زمن الإمبراطور دقلديانوس في سنة 303 م.العيد يوم 2 نوفمبر.
كان فيكتورينوس وفيكتور Victor ونيسيفورُس Nicephorus وكلوديان Claudian وديسقورُس Dioscorus وسيرابيون Serapion وبابياس Papias مواطنين من كورنثوس Corinth، واعترفوا الاعتراف الحسن بإيمانهم في بلدتهم أمام الوالي ترتيوس Tertius عام 249 م.، في بداية مُلك الإمبراطور ديسيوس. ذهبوا إلى مصر بعد تعذيبهم، ولم يُذكَر إن كانوا قد نُفُوا إلى هناك أم ذهبوا إلى هذا النفي باختيارهم، وقد أكملوا طريق جهادهم في ديوسبوليس Diospolis عاصمة طيبة Thebaid على يد الحاكم سابينوس Sabinus في مُلك نوماريان Numerian. بعد أن امتحن الحاكم ولاءهم بربطهم وجلدهم بالسياط أمر بضرب فيكتورينوس على ساقيه وقدميه قائلين في كل ضربة: "خلِّص نفسك. تستطيع الهروب من هذا الموت بإنكار إلهك الجديد". لكن القديس ثبت على إيمانه رغم التعذيب، ففقد الحاكم صبره وأمر بتحطيم رأسه إلى أجزاء. هددوا فيكتور بتعذيبه بنفس طريقة الموت، فأجابهم بأن أمنيته الوحيدة هي الإسراع بإعدامه مشيرًا إلى مكان التعذيب قائلًا: "الخلاص والفرح ينتظرانني هناك"، وفي الحال ألقي إلى هناك وضربوه حتى استشهد. قفز نايسيفورُس الشهيد الثالث طوعًا إلى موضع الاستشهاد، فأثارت شجاعته الحاكم وأمر جنوده بضربه، وفي نفس الوقت أمر بتقطيع كلوديان الشهيد الرابع إربًا إربًا، ونال إكليل الشهادة بعد قطع قدميه ويديه وذراعيه وساقيه. قال الحاكم للثلاثة الآخرين مشيرًا إلى الأطراف المقطوعة والعظام المبعثرة حولهم: "الأمر متروك لكم لتجنب هذا العقاب"، فأجابه الشهداء بصوت واحد: "نحن الذين نطلب منك أن توقع بنا عذابًا أشد من العذاب الذي تستطيع أنت أن تخترعه. لن ننكر يسوع المسيح مخلّصنا لأنه هو إلهنا الذي منه وجودنا وله وحده اشتياقنا". فأمر الطاغية بأن يُحرَق ديسقورُس حيًا ويعلق سيرابيون من كعبيه وتقطع رأسه، أما بابياس فقُذِف في البحر بحجر مربوط في رقبته ونال إكليل الشهادة غرقًا.كانت أحداث استشهادهم في سنة 284 م.، وتعيد لهم الكنيسة الغربية يوم 25 فبراير، بينما تعيد لهم الكنيسة اليونانية في 21 يناير.
فلاستر أو فيلاستريوس أسقف بركسيا أو بريسكيا، من رجال القرن الرابع. كان خلفه يقيم احتفالًا سنويًا في 18 يوليو ذكري نياحة فلاستر وقد حُفظت كلمته في الاحتفال الرابع عشر، حيث يقدم لنا معلومات عن حياته وأعماله. من غير المعروف تحديدًا المدينة التي نشأ فيها هذا القديس، ولكن ما نعلمه عنه أنه قد خرج وترك البيت الذي ورثه عن أسلافه متشبهًا بأبينا إبراهيم، لكي يحل نفسه من رباطات العالم. اهتمامه باستقامة الإيمان:
تجوّل في أماكن كثيرة مُظهرًا غيرة شديدة نحو الحفاظ علي الإيمان المستقيم، فدخل في حوار مع اليهود والوثنيين والهراطقة، وخاصة الأريوسيين الذين انتشرت هرطقاتهم في كثير من الكنائس، وتحمّل عذابات كثيرة في سبيل الدفاع عن ألوهية السيد المسيح، فكان يحتمل الألم والتعذيب بفرحٍ وشجاعة إيمان. في ميلان قاوم بشدة أوكزنتيوس Auxentius الأريوسي الذي كان يسعى لتفتيت الكنيسة والمؤمنين بهرطقاته، كما قام بالوعظ في روما ذاتها مجادلًا الهراطقة. ثم ذهب بعد ذلك إلى بريسكيا or Brixia Brescia حيث اختير ليكون أسقفًا لها، فكان يبذل ذاته بكل حب من أجل شعبه، وكانت حياته نموذجًا للتقوى والفضيلة والتواضع والتفاني في خدمته الرعوية، منذرًا ومحذرًا شعبه من أخطاء الإيمان. أعماله الكتابية:
ومن أعماله أنه كتب كتابًا أسماه "فهرس الهراطقة" شرح فيه المعاني اللاهوتية للكلمات، وشرح آراء الهراطقة والرد عليها. وأيضًا كان محبًا لشعبه عطوفًا عليهم، فكان يعطي كل المحتاجين منهم بسخاءٍ مسيحيٍ. يعتبر هذا العمل مرجعًا هامًا للمهتمين بالكتابة عن الهراطقة. فقد نسخ القديس أغسطينوس جزءً منه. وعندما سأله كوادفولتديس Quodvultdeus أن يكتب مقالًا عن الهراطقة أشار إليه في إجابته إلي أعمال ابيفانيوس وفيلاستراباس (رسالة 222). الأول عدد 20 هرطقة قبل مجيء المسيح و60 بعد صعود السيد المسيح أما الثاني فيعدد 28 هرطقة قبل مجيء المسيح و128 بعد مجيئه. لقد رفض القديس أغسطينوس اعتبار أن الأول يجهل إحدى الهرطقات، ويعلل الاختلاف في العدد يرجع إلى الاختلاف في مفهوم الهرطقة. كمثال اعتبر الأخير أن الذين دعوا أيام الأسبوع بأسماء وثنية عوض ما ورد في الكتاب المقدس: اليوم الأول والثاني والثالث حتى السابع نوعًا من الهرطقة.
عندما تحدث القديس أغسطينوس عن الهرطقات ذكر الستين هرطقة التي حدثت بعد مجيء السيد المسيح ووردت في أبيفانوس ثم ذكر 23 هرطقة إضافية أخذها عن فيلاسترياس حاسبًا أنها ليست هرطقات بمعنى الكلمة. يري كثير من الدارسين أن فيلاسترياس كتب مستقلًا عن أبيفانيوس ولم يعتمد عليه. وأن ما جاء متشابهًا بينهما إنما لأنهما اعتمدا أحيانًا علي ذات المصادر. في الفصل 88 أشار فيلاستر أنه لم تُدرج قراءات من سفري الرؤيا والرسالة إلى العبرانيين ليس لأنهما غير قانونيين، وإنما لأن الكنيسة لا تريد قراءتهما على العامة من الشعب. في الفصل 60 اعتبر إنكار قانونية سفر الرؤيا هرطقة، وفي الفصل 69 اعتبر إنكار نسبة الرسالة إلى العبرانيين إلى الرسول بولس هرطقة. طُبع عمله هذا أولًا في Basle عام 1539 م.، ظهر بعدها عدة طبعات هامة منها بواسطة فابريكيوس Fabricius عام 1721 م. تحوي تنقيحًا للنص مع تعليقات هامة، وبواسطة جاليردس Galeardus عام 1738 م.وقد تقابل القديسان أغسطينوس وأمبروسيوس معه في ميلان حوالي سنة 384 وتنيّح فيلاستريوس حوالي سنة 397 م. قبل مطرانه أمبروسيوس، فأقام تلميذه جودنتيوس Gaudentius على كرسي بريسكيا مكانه.
فيلاستورجيوس وُلد حوالي عام 368 م. في Borissus بكبادوكية Cappadocia Scunda. وفي العشرين من عمره ذهب إلي القسطنطينية حيث قضي معظم حياته. إعجابه بأنوميوس ودفاعه عنه:
وضع عمله "تاريخ الكنيسة" ما بين عامي 425 و433 م.، في 12 كتابًا حيث أرخ للفترة ما بين سنة 300 و425 م. في الظاهر وضع هذا العمل كتكملة لكتاب يوسابيوس القيصري إلا أنه في الواقع يمثل دفاعًا عن أريوسية أنوميوس الذي كان معجبًا بشخصه. جاء كتابه يُهين المستقيمي الإيمان مثل القديسين غريغوريوس النزنيزي وباسيليوس الكبير ويمجد الأريوسيين.بدأ كل كتاب بحرف من حروف اسمه الاثني عشر.
هو أسقف مدينة هراكليا Heraclea عاصمة إقليم تراقيا Thrace. استشهد سنة 304 م. أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس. وكانت المنطقة يحكمها حاكم يُدعى باسوس Bassus، ونظرًا لأن زوجته كانت مسيحية فقد كان غير ميالٍ إلى اضطهاد المسيحيين بقسوة وعنف على النحو الذي كانت تطلبه الأوامر الإمبراطورية. ومن ثمَّ فقد ظلّت اجتماعات المسيحيين تُعقد فيها وبدون تدخل السلطات، حتى بعد صدور منشورات الاضطهاد التي أصدرها دقلديانوس بسنة. نشأته:
كان فيلبس أسقف هراكليا رجلًا وقورًا. بدأ خدمته شماسًا ثم كاهنًا، ثم ارتفع إلى كرسي الأسقفية، فكان يرعى الكنيسة بأمانة وفضيلة حين هزتها عاصفة الاضطهاد. في خدمته اهتم بحياة التلمذة لأولاده حتى أن اثنين من أشهر تلاميذه رافقاه إلى استشهاده ونالا الإكليل معه. الأول ساويرس Severus الكاهن والثاني هِرمس Hermes الشماس، وكان هِرمس في الأصل أول حاكم للمدينة، ولكن بعد ارتباطه بخدمة الكنيسة عمل بيديه حتى يكسب معيشته، وعلَّم ابنه أن يفعل نفس الشيء. رفضه أن يتخلى عن شعبه:
حين أصدر دقلديانوس أوامره الأولى ضد المسيحيين، عند حلول عيد الظهور الإلهي نصح الكثيرون الأسقف أن يترك المدينة، لأنهم شعروا أن يوجد ضغط مستمر على باسوس الوالي من السلطات العليا لتنفيذ المنشورات الإمبراطورية. لكن الأسقف رفض أن يتخلى عن شعبه، وقال لهم أن الرب سيدبّر وسيلة للخلاص من الأعداء. وأخذ يشجع أولاده على الثبات والصبر. القبض على الأسقف:
في أحد الأيام أتى الجنود بأمر الحاكم وأغلقوا باب الكنيسة وختموه، فقال القديس فيلبس لقائدهم: "هل تظن أن الله يسكن بين الجدران وليس بالأحرى في قلوب الناس؟" فكان يصلي مع الشعب خارج الكنيسة. لم يمضِ وقت طويل على ذلك حتى زار باسوس مدينة هراكليا، ووجد الأسقف فيلبس مع شعبه مجتمعين خارج أبواب الكنيسة المغلقة لخدمة القداس الإلهي دون اكتراث. جلس الحاكم وأحضر أمامه بعضهم باعتبارهم معتدين على القانون، ولما سألهم باسوس: "من منكم معلم المسيحيين؟" أعلمه فيلبس بشخصيته، فقال الحاكم: "أنت تعلم أن الإمبراطور قد منع اجتماعاتكم، فاعطني الآن آنية الذهب والفضة التي تستخدموها والكتب التي تقرأون فيها". أجابه الأسقف: "سوف نعطيك الأواني لأنه ليس بالمعادن الثمينة ولكن بأعمال الرحمة والمحبة نمجد الله. أما عن الكتب المقدسة فليس من حقك أن تطلبها أو من حقي أن أسلمها لك". تعذيب الأسقف فيلبس في أيام باسوس:
أمر الحاكم بإحضار الجلادين وأمر أحدهم بتعذيب الأسقف فيلبس الذي احتمل التعذيب في شجاعة. تقدم هِرمس في شجاعة إلى الحاكم قائلًا: "ليس في سلطانك أن تدمّر كلمة الله حتى ولو أخذت كل الكتب المكتوبة"، وكان رد باسوس عليه أن أمر بجلده. ثم أمر بإحضار فيلبس وبقية المسجونين إلى الساحة حيث حضر أحد كهنة الأوثان استعدادًا لتقديم ذبيحة. حاول باسوس إجبار فيلبس للمشاركة، فأجابه القديس أن التماثيل المنحوتة لا تملك أن تساعد أو تؤذي أحدًا. فالتفت الحاكم إلى هِرمس محاولًا إقناعه لآخر مرة، إلا أن القديس أجابه بأنه مسيحي ولن يذبح للأوثان، فأمر باسوس بإلقائهم في السجن مرة أخرى، وفي الطريق كانت الجموع من الوثنيين يدفعون فيلبس حتى وقع على الأرض، وحين وقف والابتسامة تعلو وجهه تأثر الكثير منهم بصبره ووداعته، وكان الشهداء يسيرون مترنّمين بمزامير وتسابيح الشكر للّه حتى وصلوا للسجن. تعذيب الأسقف فيلبس في أيام جوستين:
في تلك الأثناء أنهى باسوس خدمته وخلفه جوستين Justin أو يوستينوس في الحكم، وكان هذا التغيير سبب حزن المسيحيين لأن باسوس كان يميل أكثر إلى استخدام المنطق والعقل كما أن زوجته كانت مسيحية، بينما كان يوستينوس عنيفًا. أُحضِر فيلبس أمام يوستينوس الذي أعاد على مسمع القديس أوامر الإمبراطور وحاول إجباره على الذبح للأوثان، فأجابه القديس: "أنا مسيحي ولا يمكنني عمل ما تطلبه. يمكنك معاقبتنا لرفضنا، ولكنك لن تستطيع إجبارنا على شيء". هدّده يوستينوس بالتعذيب فرد عليه: "يمكنك تعذيبي ولكنك لن تهزمني، فليس هناك قوة تجبرني على الذبح للأوثان". أمر يوستينوس جنوده فربطوه من قدميه وجروه فوق أرض صخرية حتى تهرّأ جسمه وامتلأ بالكدمات، فحمله المسيحيون وأحضروه للسجن. كان الجنود يبحثون لمدة طويلة عن ساويرس الكاهن الذي أخفى نفسه، وبإرشاد من الروح القدس سلّم نفسه أخيرًا لهم فقادوه للسجن، وهكذا ظل فيلبس وهِرمس وساويرس محبوسين 7 شهور في مكان سيئ، إلى أن وقفوا مرة أخرى أمام يوستينوس. أمر الحاكم فضربوا فيلبس حتى تهرّأ لحمه، وكان احتماله للعذاب مثار دهشة لمعذبيه بما فيهم يوستينوس نفسه الذي أمر بإعادته للسجن. ثم جاء الدور على هِرمس الذي عومِل معاملة حسنة بسبب منصبه السابق كحاكم لهراقليا ولأن شعبيته كانت كبيرة، ولكن في محاكمته ظل ثابتًا في الإيمان فأعادوه للسجن مرة أخرى. بعد ثلاثة أيام أعاد يوستينوس محاكمتهم في محاولة أخيرة لتغيير رأيهم، ولما فشل أمر بحرق فيلبس وهِرمس أحياء حتى يكونا عبرة للآخرين. سار القديسان بفرح إلى مكان الاستشهاد، وكانت قدما فيلبس مجروحتين حتى أنه لم يستطِع المشي عليهما، وكان هِرمس أيضًا يمشي بصعوبة، فقال للأسقف: "يا سيدي دعنا نسرع للذهاب إلى الرب. لماذا نبالي بأقدامنا فإننا لن نحتاجها بعد ذلك". ثم التفت إلى الجموع التي كانت تسير وراءهما وقال: "لقد أعلن لي الله أنني لابد أن أتألم. في نومي رأيت حمامة بيضاء أنصع من الثلج استقرت على رأسي، ثم نزلت إلى صدري ومنحتني طعامًا حلو المذاق، فعلمت أن الرب قد دعاني وشرّفني بالاستشهاد".
حين وصلا إلى مدينة أوريانوبوليس مكان الاستشهاد وُضِع الشهيدان في حفرة حتى رُكَبِهما ورُبطت أيديهما خلفهما. وقبل أن يشعل الجنود النار نادى هِرمس على أحد أصدقائه المسيحيين وأوصاه قائلًا: "أستحلفك بمخلصنا يسوع المسيح أن تخبر فيلبس ابني على لساني أن يسدّد أية التزامات كانت عليَّ حتى لا أكون مرتكبًا أي خطأ حتى ولو بحسب قوانين العالم. واخبره أيضًا أن يشتغل بيديه - كما كان يراني أفعل - حتى يكسب قوته، وأن يسلك سلوكًا حسنًا مع كل الناس". ثم أشعل الجنود النار فظل الشهيدان يسبحان الله ويشكرانه إلى أن فقدا القدرة على الكلام، وكان ذلك في 22 أكتوبر سنة 304 م. وقد حفظ الله جسديهما حتى أن القديس فيلبس - الذي كان شيخًا - بدا كما لو أنه قد استعاد شبابه وكانت يداه مبسوطتين كما في وضع الصلاة. أمر يوستينوس بإلقاء جسديهما في النهر، إلا أن بعض المؤمنين نزلوا في مراكب واستعادوهما بواسطة شِباك. حين أُخبِر ساويرس الكاهن - الذي تُرِك وحيدًا في السجن - باستشهاد فيلبس الأسقف وهِرمس الشماس، تهلّل فرحًا لنوالهما إكليل المجد، وأخذ يتضرع إلى الله أن يجده مستحقًا أن ينال نفس المجد، بما أنه قد اعترف باسمه القدوس معهما قبل ذلك، وقد قبل الرب طلبته واستشهد في اليوم التالي.يشير التاريخ الروماني إلى أنهم استشهدوا في زمن يوليانوس الجاحد.
ولد في بيت صيدا (يو 1: 44) ويبدو أنه عكف منذ صباه على دراسة الكتب المقدسة، فنجده سريعًا لتلبية دعوة الرب حالما قال له اتبعني، ونجد في حديثه إلى نثنائيل: "قد وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع..." (يو 1: 45) ما يدل على الانتظار والتوقع. لم يرد ذكره كثيرًا في الأناجيل. ذُكر اسمه في معجزة إشباع الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، حينما سأله الرب سؤال امتحان: "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" فكان جواب فيلبس: "لا يكفيهم خبز بمائتيّ دينارًا ليأخذ كل واحد منهم شيئًا يسيرًا" (يو 6: 5-7). وجاء ذكره في يوم الاثنين التالي لأحد الشعانين حينما تقدم إليه بعض اليونانيين الدخلاء وسألوه أن يروا يسوع (يو 12: 20-22). وجاء ذكره أيضًا في العشاء الأخير في الحديث الذي سجله لنا القديس يوحنا، حينما قال للرب يسوع: "أرنا الآب وكفانا"، فكان جواب الرب عليه: "أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس؟ الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ؟" (يو 14: 8-10). حمل بُشرى الخلاص إلى بلاد فارس وآسيا الصغرى خاصة إقليم فريجيا، وانتهى به المطاف في مدينة هيرابوليس المجاورة لكولوسي واللاذقية بآسيا الصغرى حيث استشهد مصلوبًا، بعد أن ثار عليه الوثنيون.ويخلط البعض بينه وبين فيلبس المبشّر أحد السبعة شمامسة في بعض الروايات.
هو أحد السبعة شمامسة الذين أقامهم الآباء الرسل للخدمة (أع 6: 5). كان من أهل قيصرية فلسطين، ولما عبر السيد المسيح بتلك الجهة وعلّم بها سمع هذا القديس تعليمه وتبعه في الحال. ولما اختاره الرب من الذين تبعوه سبعين رسولًا وأرسلهم يكرزون ويشفون المرضى، كان هذا التلميذ أحدهم، ثم اختاره التلاميذ الاثني عشر واحدًا من السبعة الشمامسة الذين أقاموهم للخدمة. بشّر في مدن السامرة وعمّد أهلها، وهو الذي عمّد أيضًا سيمون الساحر الذي أراد أن يقتني موهبة الروح القدس بالمال. وبشـّر أيضًا الخصي الحبشي وزير الملكة كنداكة وعمّده (أع 8: 26-40). وطاف بلاد آسيا وكرز فيها، وكان له أربع بنات يبشّرن معه. وردَّ كثيرين من اليهود والسامرة وغيرهم إلى حظيرة الإيمان ثم تنيّح بسلام.العيد يوم 14 بابه.