منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11 - 07 - 2016, 06:20 PM   رقم المشاركة : ( 13441 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الخصائص الجوهريّة للكنيسة الأرثوذكسيّة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن الفكرة القائلة بأن الكنيسة الأرثوذكسية متمسكة بمبادئ الكنيسة القديمة الجامعة غير المتجزئة وتقواها، هي المبدأ المركزي في هذه الكنيسة. وهذه الفكرة المركزية في الأرثوذكسية تؤلف خاصتها الأساسية وهي من أهم خواصها. كما أنها في الوقت نفسه فيصل حقيقتها ومحكها، ما دامت هذه الكنيسة تعتقد بأنها هي استمرار الكنيسة الجامعة القديمة استمراراً حقيقياً شرعياً.
لذلك، إلى جانب محاولتنا التحري عن مبادئ الكنيسة الأرثوذكسية وخصائصها الرئيسية والتثبت منها، سنحاول كذلك أن نظهر اتفاقها مع مبادئ الكنيسة القديمة غير المتجزئة، الأساسية، وخصائصها الجوهرية ليتضح مدى صحة إدعاء كنيستنا بعلاقتها بتلك الكنيسة، وليبرهَن بالتالي عما إذا كان مضمونها يتفق واسمها “أرثوذكسية” (1) أي مستقيمة الرأي.
الأرثوذكسية كنيسة التقليد
إن مبدأ الكنيسة الأرثوذكسية الأساسي الأول، هو تمسكها الدائم بالتقليد الشريف، الذي ورثته عن الكنيسة القديمة الجامعة. فكنيستنا هي في الواقع كنيسة التقليد. وهذا هو أحد ألقاب الشرف التي تملكها. غير أن تمسكها هذا أضحى السبب الأكبر في وصف بعض اللاهوتيين غير الأرثوذكسيين لها أنها “مومياء متحجرة“.
ولما كان التقليد الشريف مصدراً للإيمان المسيحي، صار لزاماً أن يعتبر من خصائصه الجوهرية “عدم قابليته للتغيير والتبديل”، شأنه شأن الكتاب المقدس، المصدر الثاني للإيمان. فإن عدم القابلية للتغيير من خصائصه الجوهرية أيضاً.
بيد أن التقليد الشريف لا يُعّد في كنيستنا قيمة جامدة، كما يزعم بعض اللاهوتيين غير الأرثوذكسيين، وإنما هو فيها قيمة ذات فعالية “ديناميّة“.
والإيمان بالتقليد الشريف ليس معناه مجرد الإخلاص لعصور قديمة ولسلطة خارجية، وإنما هو ارتباط حي بملء اختبار الماضي الكنسي (2).
إن التقليد الشريف هو في كنيستنا كالكتاب المقدس “كلام الله” وماء ينبع إلى حياة أبدية (يوحنا 14:4). هكذا كان في الكنيسة القديمة، وهكذا أظهرته كنيستنا الأرثوذكسية وأفصحت عنه بحيويتها الخصبة، التي لا تنفذ، طوال أربعة قرون وهي ترزح في البلقان تحت نيران الاستعباد العثماني، وفي السنوات الأخيرة في ظل النظام البلشفي في روسيا.
وإذا كان في الأرثوذكسية بعض الجمود، فذلك يعود إلى عوامل تاريخية لا تمتّ إلى طبيعتها بسبب، ولا ترجع إلى تمسكها الحي بالتقليد الشريف. نعم إن كنيستنا ظلت جامدة نوعاً ما، ولكنها لم تمت ولم تتحجّر. وهي إلى الآن ما زالت حية ومحيية. وكيف لا تكون وهي التي أنتجت في عهود الأمن والسلم عدداً وافراً من اللاهوتيين الحكماء والمسيحيين الأتقياء، هذا إلى جانب تنشئتها لفريق كبير من الشهداء والمعترفين وغيرهم من القديسين؟
ويحمل عادة بعض اللاهوتيين الأجانب على الأرثوذكسية لتمسكها بالتقليد ويغضّون أبصارهم عن هذه الحقيقة وهي أن التمسك بالتقليد مبدأ أساسي وخاصة جوهرية لكنيسة المسيح منذ تأسيسها. وعدا هذا فإن المعلوم أن المسيحية أخذت فكرة التقليد عن اليهودية، وأن الكنيسة ترتكز على التقليد. فالإنجيل سلمَّه الرب يسوع لرسله الأتقياء شفوياً، والرسل أكثر ما اعتمدوا عليه في تسليمهم الإنجيل لخلفائهم إنما كان بهذه الطريقة عينها “أنظر الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس لاقليمس أسقف روميه”. ومن البشيرين الأربعة استند اثنان منهم إلى التقليد المباشر “النقل المباشر”، أما الآخران فاستندا إلى التقليد بواسطة.
ويقول لوقا الإنجيلي في ديباجة الإنجيل الذي كتبه “إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا – كما سلمها إلينا – الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة..” (لوقا 1:1- 2). أما “تلمذة الأمم” التي تمت حسب وصية الرب (متى29:23) فقد حدثت على الأكثر بالكرازة الشفوية. ومن المعلوم أن الرسل كانوا يعلقون أهمية كبرى على التقليد. قال الرسول بولس مراراً ما يلي:
فاثبتوا إذاً أيها الإخوة وتمسكوا بالتقاليد (3) التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا” (تسالونيكي الثانية 15:2).
وتحفظون التقاليد كما سلمتها إليكم” (كورنثوس الأولى 2:11).
لأني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضاً” (كورنثوس الأولى23:11).
إن كان أحد يبشركم بغير ما تسلَّمتم فليكن أناثيما” (غلاطية 9:1).
وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلِّموا آخرين أيضاً” (تيموثاوس الثانية 2:2).
وأما أنت فاثبت على ما تعلمت وأيقنت عارفاً ممن تعلمت” (تيموثاوس الثانية 4:3).
ومن المعلوم أن الكلام الإلهي المُسلَّم شفوياً كان إلى جانب الكلام الإلهي المكتوب ينقل من جيل إلى جيل في الكنيسة، ويكرَّم إكرام الكلام الإلهي المكتوب. وهذا النقل أو التقليد الشريف المسمَّى تقليداً رسولياً يبرز من عهد ظهور البدع في الكنيسة وما بعده. فإن المحامين عن تعاليم الكنيسة الصحيحة كانوا يسندون دفاعهم إلى التقليد الشريف وإلى قانون الكتاب المقدس. ومن أجدر الناس ذكراً وأصلحهم مثلاً في المحافظة على التقليد الرسولي إيريناوس المعروف برجل التقليد الممتاز. وغير هذا فإن التقليد الشريف هو أهم الربط الوثيقة التي تربط الكنيسة المجنَّدة المجاهدة بالكنيسة الظافرة بصورة دائمة وبدون انقطاع.
وللكنيسة الأرثوذكسية مبدأ أساسي آخر، من الناحية الشكلية، هو تلازم السلطة والحرية، تلازماً متناغماً، متوازناً، كما كان في الكنيسة القديمة.
الأرثوذكسية كنيسة التجسد والتأليه
أما من جهة “المضمون” فيمكن اعتبار الإلحاح في التنبيه إلى تجسد كلمة الله، وبنوع خاص، ألوهية المسيح، مبدءاً أساسياً للأرثوذكسية. ويناسب هذا التعليم تعليمها أيضاً عن “تأليه الإنسان” (Théosis) كخاصة رئيسية لكنيستنا. وقد أصبح تلازم هذين التعليمين عن تجسد الكلمة – ألوهية المسيح، وتأليه الإنسان، مألوفاً في الكنيسة الأرثوذكسية. من عهد أثناسيوس الكبير بطريرك الإسكندرية وبتأثيره. وفي هذا ما يفسر، في نظرنا، اعتبار “فصح الرب” “عيد الأعياد وموسم المواسم، الذي به المسيح الإله نقلنا من الموت إلى الحياة، ومن الأرض إلى السماء” وبآلامه ألبس المائت جمال عدم الفساد (4).
ولقد اعتبر البعض أن إلحاح كنيستنا الأرثوذكسية في إظهار عقيدة (التجسد) وألوهية المسيح، بنوع خاص، يشكل نقطة ضعف فيها. بيد أن الذين يعتبرون هذا نقصاً ينسون أن هذا النهج تعود نشأته رأساً إلى مسيحية القرون الأولى، وإلى الرسل أنفسهم، الذين كانوا يعبدون يسوع رباً وإلهاً.
ومن المعروف أيضاً أن الكنيسة القديمة الجامعة كلها – ليس في الشرق فقط – ومن عهد ظهور البدع الآريوسية، بنوع خاص، وما بعده، ازداد فيها الإلحاح في إظهار ألوهية الرب يسوع. على أن هذا ليس معناه تغاضياً من جانب الكنيسة الأرثوذكسية في تقدير الناحية الإنسانية في شخصية يسوع المسيح.
ومن الحق أن يقال، إن إلحاح كنيستنا في إبراز تعليمها عن عقيدة “تأليه الإنسان” بواسطة كلمة الله المتجسد، إلى جانب إيمانها بألوهية السيد المسيح والمرتبط به ارتباطاً وثيقاً، هو تراث ثمين ورثته عن الكنيسة القديمة الجامعة، على الأقل من إيريناوس الذي علَّم قائلاً: “إن الله الكلمة صار كما نحن ليجعلنا كما هو” (أنظر كتابه ضد الهرطقات، في المقدمة). وهذه الفكرة أيضاً كانت التعليم المحبوب لدى القديس أثناسيوس الكبير بطريرك الإسكندرية. فقد قال: “إن الكلمة تأنس، لكي نؤلَّه نحن أيضا” (أنظر كتابه في التجسد وكتابه ضد الآريوسيين). ونجد هذه الفكرة عينها يعيدها كثيرون من آباء الكنيسة، نذكر منهم غريغوريوس اللاهوتي، وغريغوريوس النيصصي، ويوحنا الدمشقي، ونقولاوس ميثونيس. وقد وردت أيضاً في ترانيم مختلفة في كنيستنا، وبرزت في اللاهوت الأرثوذكسي الحديث.
طابع الأرثوذكسية الصوفي (Mystique)
ومن خصائص الكنيسة الأرثوذكسية من حيث “المضمون” تنبيهها إلى إظهار “وقتية خيرات هذا العالم وزوالها” بقصد توجيه أبصار المؤمنين إلى الحياة الأبدية.
ومثل هذا يقال في حفظها – المتصل بهذا التعليم – للفكرة الأخروية (Eschatologie) بصورة نشأتها الأولى. فإذا وضعنا هذا إلى جانب إلحاح كنيستنا في تعليمها عن تأليه الإنسان في المسيح، نجد أنها تلوّن عبادتها وكل ما يتعلق بالإفصاح عن تقواها من الشعائر والطقوس بلون تقشفي صوفي. بيد أن هذه النزعة في الأرثوذكسية، التي هي حقيقة لا ريب فيها، لا تبرز بأي حال اعتبارها، في نظر اللاهوتيين الأجانب، إنها مساوية لتلك النزعة الزهدية المغالية، التي تدفع إلى عدم الاكتراث بأمور هذا العالم وبالعلم والحضارة بنوع أخص، ولا تبرز أيضاً زعمهم الخاطئ القائل بأن هذه الميزة في الأرثوذكسية كانت السبب الرئيسي في خلوها من نشاط اجتماعي على شيء من النمو.
كل هذه المزاعم تكشف عن عجز في تفسير الحقيقة تفسيراً صحيحاً، ينطوي على جهل لتاريخ كنيستنا. فإن إلحاح كنيستنا في توجيه الأبصار نحو العالم الآخر والحياة الخالدة، وطابعها العالي على العالم، يتفق والمسيحية الأولى منذ نشأتها. وللدلالة على ذلك، نكتفي بذكر بعض فقرات من العهد الجديد والأدب المسيحي القديم. قال الرب: “لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض… بل اكنزوا لكم كنزاً في السماء… حيث يكون كنزك فهناك قلبك” (متى 19:6- 21). وقال الرسول بولس: “فإن سيرتنا نحن هي في السموات” (فيليبي 20:3). وفي الرسالة إلى العبرانيين: “لأنه ليس لنا هنا مدينة باقية، لكننا نطلب الآتية” (عبرانيين14:13). وقد ورد في الرسالة إلى ذيوغنيتوس هذه الأقوال النموذجية: “إن المسيحيين يقطنون في أوطان لهم، ولكن كنزلاء، فهم يشاركون الجميع، كمواطنين، ويتحملون كل شيء كغرباء. وكل وطن غريب هو لهم، وكل وطن لهم هو غريب عنهم” (الرسالة إلى ذيوغنيتوس 5:5).
ويتصل أيضاً بما ذكر، الطابع التقشفي الصوفي، الذي يسود الكنيسة القديمة منذ تأسيسها، وتعود أصوله إلى أسفار العهد الجديد. فقد قال الرب يسوع: “يوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السموات” (متى12:19). وقال الرسول بولس: “إني أقمع جسدي واستعبده” (كورنثوس الأولى 27:9). ونراه يفضل البتولية على الزواج (كورنثوس الأولى 7). ونرى الكنيسة القديمة تكره الزواج الثاني، ونراها تدخل الصوم فيها من عهد باكر جداً الخ
أما الطابع الصوفي، الذي تشارك فيه كنيستنا الأرثوذكسية الكنيسة القديمة، فنكتفي بأن ننبه القارئ إلى رسائل الرسول بولس في هذا الموضوع، وإلى رسالته إلى أهل فيليبي بنوع خاص، وغير هذا. فإن الروح الصوفية تسود أسفار العهد الجديد كلها.
ويمكن أن يلاحظ زيادة على هذا، أن الطابع الصوفي الأسراري الذي لم يصدّ الكنيسة القديمة عن نشاطها الاجتماعي المعروف والمجهول وعن خدماتها القيّمة للعلم والمدنية، لم يعق أيضاً الكنيسة الأرثوذكسية عن النشاط. فقد قدّمت لشعوبها إلى جانب خدماتها الدينية العظيمة، خدمات اجتماعية وتمدينية وقومية جليلة، لا يمكن حصرها وتقديرها، ولهذا يسميها شعوبها بحق “أمّاً” لهم.
الأرثوذكسية كنيسة الاكليروس والعلمانيين
ومن مبادئ كنيستنا الأرثوذكسية الأساسية، وخصائصها الرئيسية، من حيث (المضمون)، مبدأ الاعتراف بما يخص العلمانيين في الحياة الكنسية كلها من حقوق. وهي تأخذ بهذا المبدأ بدون أن تنقص من امتياز مركز الاكليروس في جسم الكنيسة، ومركز الأساقفة فيها بنوع خاص، فتحتفظ بالطابع الأسقفي الذي ورثته عن كنيسة القرن الأول. وهنا يجدر بنا التنبيه إلى أن الشعب الأرثوذكسي كله يُعتبر بأنه هو المحافظ على وديعة الإيمان الأرثوذكسي. وقد ورد في منشور بطاركة الشرق الأرثوذكسيين سنة 1848: “إن حافظ الأرثوذكسية هو جسم الكنيسة، أي إنه الشعب الأرثوذكسي”. وعلى هذا فالشعب كله هو جسم الكنيسة، وصوت هذا الجسم أو لسانه هو هيئة الكهنوت.
ويؤيد عادةً كثيرون من اللاهوتيين الروس والسلافيين بتأثير خومياكوف القول بأن السلطة العليا في الأرثوذكسية هي الكنيسة جمعاء. وفي الحق أن هذا الزعم ليس خاطئاً ما دام جسم الكنيسة بمجموعه في الأرثوذكسية يُعتبر معصوماً عن الخطأ. على أنه منعاً من حدوث اختلاف في التفسير أو بلبلة في فهم المقصود من هذا، كان يجب أن يقال بطريقة أصحّ، إن السلطة العليا في نظر الكنيسة الأرثوذكسية هي المجامع المسكونية ويجب الاعتراف بها كذلك أولاً من جانب وجدان الكنيسة كلها لتعتبر مجامع مسكونية. (5) فالمحك أو الحكم الخارجي الذي يُعدّ بموجبه المجمع مسكونياً، هو اعتراف الكنيسة بمجموعها، بقراراته، وبناء على هذا تكون الكنيسة بكامل جسمها في الأرثوذكسية هي السلطة الوحيدة المعصومة.
ويحتل العلمانيون، من وجهة النظر الأرثوذكسية، جزءاً جوهرياً في جسم الكنيسة ويتضح هذا من مركزهم في العبادة. فإنه لا يمكن أن تقام خدمة القداس الإلهي أو الأسرار الأخرى المقدسة في غياب العلمانيين (6).
وفي حالة انتخاب الاكليريكيين وفي إدارة الكنائس، يجب أن يقوم العلمانيون بدور هام، طبقاً لمبادئ الكنيسة الأرثوذكسية وتقليدها القديم كما كان في الكنيسة القديمة.
وغير هذا فإنه من المعلوم أن العلمانيين كانوا قسماً جوهرياً في الكنيسة القديمة منذ تأسيسها، في كل نواحي الحياة الكنسية وفي الإدارة الكنسية عينها أيضاً، منذ انعقاد المجمع الرسولي (أعمال الرسل2:15). ولقد اشترك كثير من العلمانيين في المجمع المسكوني الأول وفيما تلا ذلك من مجامع (أنظر كتاب افسابيوس في ترجمة قسطنطين ص 3 وكتاب سوزومينوس في تاريخ الكنيسة ص 17:1 الخ). ومن الآثار الباقية في كنيستنا التي تدلّ على اشتراك العلمانيين في انتخاب الاكليروس طبقاً لتعليم الكنيسة الأرثوذكسية، عادة تعبير الشعب عن رأيه في ساعة رسامة الاكليروس بهتاف كلمة “مستحق” (7) (Axios) للدلالة على رضاه عن انتخابهم.
الأرثوذكسية والنظام المجمعي
وهناك أخيراً مبدأ أساسي وخاصة جوهرية لكنيستنا الأرثوذكسية هو النظام المجمعي في إدارة الكنيسة في أقسامها الجزئية وفي مجموعها أيضاً. وهذا النظام ورثته كنيستنا أيضاً عن الكنيسة القديمة، ولا يجوز لها أن تحيد عنه مهما كانت الأسباب! إن السلطة الإدارية العليا الرسمية في كل كنيسة أرثوذكسية هي المجمع منذ القدم حتى اليوم.
الخلاصة
هذه هي المبادئ الأساسية، والخصائص الجوهرية لكنيستنا الأرثوذكسية. ولم نضع بينها “النزعة القومية والعنصرية” ولا “عبادة الطقوس والتمسك الشكلي بها”. فإن هاتين الظاهرتين هما انحراف عن الروح المسيحي الأرثوذكسي الصحيح يحمل بسببها عادة على الأرثوذكسية كثيرون من غير أبنائها. غير أن هاتين الظاهرتين لا تمتّان إلى جوهر الأرثوذكسية بسبب.
مما سبق ذكره في هذا البحث يتبيَّن أن تاريخ كنيستنا الأرثوذكسية الطويل الحافل بأحداث الزمن لم يتركها بدون أن تتسرب إليها مؤثرات خارجية. ولكن هذه الكنيسة قد حفظت كالفلك في أحضانها مبادئ الكنيسة القديمة الأساسية وخصائصها الرئيسية سليمة غير محرّفة. وحافظت أيضاً على كل كنز تقليد الكنيسة القديمة الشريف العظيم الذي لا يثمّن. وبهذا حق لها أن تحمل لقب “الأرثوذكسية” الشريف بجدارة واستحقاق.
—————————–

هذا المقال مقتطف من بحث للأستاذ بنايوتي براتسيوتس من كلية أثينا اللاهوتية (1888- 1982) وقد تلاه في المؤتمر الأول لللاهوتيين الأرثوذكسيين الذي عقد في أثينا سنة 1936. وقد نقله إلى العربية الأستاذ جرمانوس لطفي ونشر في مجلة النور، العدد 6، سنة 1951.
(1) إن كلمة أرثوذكسية هي يونانية من أرثوس: مستقيم، وذوكصا: زعم أو رأي.
(2) مراجع:
  • Florovsky: (Church of God)، An Anglo-Russian Symposium، ed. By E. Mascall. – S. Boulgakoff، L’orthodoxie (1932)، P.13
(3) وردت ترجمة كلمة Paradhosis في الترجمة العربية البروتستانتية للكتاب المقدس في كثير من الآيات بكلمة (تعليم) وصحتها (التسليم أو النقل) وقد اصطنعنا كلمة (تقليد) لشيوع استعمالها في الكتب الدينية المسيحية باللغة العربية. (حاشية للمترجم)
(4) هذه العبارات مأخوذة من ترنيمة فصحية تقال في كنيستنا الأرثوذكسية في عيد الفصح المجيد.
(5) في هذا ما يفسر عدم اعتبار بعض المجامع الكنسية العامة التي عُقدت مثل مجمع فلورنسا، مجامع مسكونية في نظر كنيستنا، وذلك لأن الملء الكنسي لم يعترف بها كذلك؟
(6) هذا دليل على أن فكرة (الكهنوت الملوكي) الواردة في العهد الجديد، والتي ظهرت دائماً بوضوح في الكنيسة القديمة (ترتليانوس، يوحنا،الذهبي الفم، أوغسطين وغيرهم) لم تصبح غريبة عن روح الكنيسة الأرثوذكسية، ونرى أن مركز العلمانيين في علم اللاهوت الأرثوذكسي يرجع إلى هذا أيضاً.
(7) للأسف أن هذه الكلمة أصبحت هذه الأيام عادة. ولكنها في عمقها آداة يحفظ فيه الشعب نفسه إن استخدامها استخداماً أرثوذكسياً… (الشبكة)
الأستاذ بنايوتي براتسيوس
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:26 PM   رقم المشاركة : ( 13442 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هل من لزوم للكنيسة؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا يطرح هذا السؤال: هل من لزوم للكنيسة؟
ماذا يقول الناس؟
في ذهني صدى لكل ما يتردد في أذهان الناس، بعد أن جاءت موجات كثيرة إلى بلادنا مناهضة لطبيعة الكنيسة وماهيتها وحاجبة لهذا السر العظيم الذي يسمَّى الكنيسة. ولعل في طبيعة إنسان بلادنا شيئاً من الفردية بحيث يستغني عن الآخرين بسهولة، وهذا طبعاً جاء عند من أرَّخ في هذه المنطقة من العالم. الإنسان في هذا المشرق فردي. قد يريد التجمع والتكتل ولكنه، تاريخياً، ليس إنساناً متعاوناً. قد يحشر الإنسان مع الإنسان. قد يتراكم الناسٍ، ولكن التراكم لا ينشئ تعاضداً ولا ينشئ بالضرورة روحاً جماعية. ومن ذكر اسم الكنيسة يجيء على باله فكرة الشراكة والتآزر. إنسان بلادنا، إذاً أثار السؤال. ثم الموجات الفردية التي ظهرت عندنا في القرن التاسع عشر، وجعلت الناس ببساطة يتهامسون: لماذا أذهب إلى الكنيسة؟ لماذا كل هذا الشيء المسمى كنيسة؟ لِمَ لا أصلّي أنا وحدي إلى الله وحده؟ لِمَ لا أقبع في بيتي وأختلي إلى الله، إذ أستطيع أن أقرأ كتاب الله وأتفرّد به؟ لماذا كل هذا المشروع المسمّى الكنيسة المسيحية؟
ماذا يقول الكتاب المقدس؟
* شعب الله
ولكن، عودة إلى العهد القديم، مقدمة للعهد الجديد، نرى أن هناك ما يسمى كنيسة الله، وهذا وارد عندهم، أو جماعة الله. فإذا استنزل موصى وصاياه فإنما يقرأها على شعبه ويتجمع هذا الشعب حول كلمة الله، وكلمة الله تشكل لنفسها شعباً والله يخاطب شعباً. صحيح أنه ينشئ أنبياء ومعلمين ومرنمين ولكنه ينشئهم ضمن هذا الشعب المدعو إلى الخلاص. أي ليس في العهد القديم موقف فردي بحيث يقول النبي مثلاً: إني أنا قائم أمام الله ولا أسأل عن الآخرين، ولكنه يبلِّغ شعباً رسالة الله.
* المسيح مع شعبه
امتداد لهذا التعاهد نجد يسوع يحيط نفسه باثني عشر رجلاً.
ومنذ بدء بشراه نراه مع هذه الجماعة الرسولية. أي لا نرى مرة المعلم مفصولاً عن هذه الكتلة التي أنشأها داعية لإنجيله. ثم نراه مع السبعين. كذلك نراه يذهب إلى مجامع اليهود ويصلي فيها في كل سبت. أي أنه لا ينفصل عن الجماعة المؤمنة. وحيث يُقرأ الكتاب فهو هناك. وفي مجمع الناصرة يُدفع إليه سفر أشعياء فيتلوه. كذلك نراه في الهيكل: “أنا معكم في كل يوم في الهيكل”، وهدفه أن يدعو كل ذلك الشعب، ثم هدفه أن يدعو الأمم الوثنية فيطلق الاثني عشر، بعد قيامته، إلى العالم، وبكلمة أخرى أثناء وجود المخلص في البشارة لا نراه ينشئ ديناً فردياً يتعاطى فيه الناس تأملاتهم الخاصة ويقبعون في بيوتهم. هذا ليس له أثر إطلاقاً في حياة السيِّد. نعم نراه غير مرة يختلي إلى الله أبيه ويقضي الليل كله بالصلاة. ولكنه لا يختلي إلا لينطلق فيما بعد. بعد ليلة يقضيها في الدعاء يمشي على البحر أو يذهب من جديد للكرازة وشفاء المرضى. بعبارة أخرى، هذه الخلوات التي كان يقضيها مع أبيه كانت استعداداً ليعود إلى الجماعة.
* الجماعات الرسولية
ثم بعد موت المخلص نرى الرسل والنسوة مع مريم والأخوة مجتمعين في العلية. أي إنهم أدركوا أنهم جماعة وأنهم جماعة متحابة غير متفرقة. وعليهم، جماعة وكتلة واحدة، ينزل الروح القدس. وبعد هذا نراهم يمكثون سنين عديدة في فلسطين معاً. والشرَّاح يقولون لنا أنهم يظلون في بلادهم أكثر من عشر سنين قبل أن يتفرقوا، وفي هذه الأثناء تنشأ النواة الأولى لما صار فيما بعد الأناجيل المدوَّنة. ولكن كان لهم أن يستمروا في خبرة واحدة وأن يتفهموا ما قاله لهم المخلص وما أوحاه إليهم الروح. كان لا بد أن يتعاونوا كل تلك المدة وأن يقابلوا خبراتهم التبشيرية قبل أن يتفرقوا في الأمم. ثم نرى بولس يبرز شخصية فريدة في البدء مستقلة عن الرسل، إذ يظهر له الرب على طريق دمشق، وكان على غير اتصال مع الاثني عشر. ينفرد في ما دعي ديار العرب – ولعلها حوران – مدة ثلاث سنين. ثم يقول إني ذهبت إلى أورشليم لأتصل ببطرس ولم أر غيره من الرسل سوى يعقوب أخ الرب. ثم يقول أيضاً إني عرضت إنجيلي على المعتَبرين أعمدة لئلا أسعى أو أكون قد سعيت باطلاً. ومعنى ذلك أني ولو دعاني الرب لأبشر وكانت دعوته مباشرة، إلا أني، خشية أن أكون قد انحرفت عن الرسالة المشتركة وعلى رغم اقتناعي بأن الرب كلمني مباشرة، ذهبت إلى أورشليم حتى أمتزج بالجماعة وأتخذ بركتهم وموافقتهم على الطريقة وعلى المضمون اللذين كنت أبشر بهما. ثم بعد ذلك، نرى بولس بالدرجة الأولى وسواه من الرسل يؤسسون جماعات. كل هذه الكنائس المذكورة في العهد الجديد من أورشليم إلى أنطاكية إلى أفسس إلى فيليبي إلى أنطاكية الأخرى إلى رومية وإلى كريت، كل هذه الكنائس تحيا معاً.
* اجتماع يوم الأحد
وماذا يتم في كل جماعة من هذه الجماعات؟ ما هو الشيء الأساسي حتى تكون الجماعة مسيحية؟ وما هو هذا الشيء الفريد؟ نرى بولس ينشئ في كل مكان أساقفة أو قساوسة وشمامسة. إلا أنه بشكل واضح يقيم تيموثاوس مثلاً ويقيم طيطس. ونرى بعده صاحب سفر الرؤيا يتوجه إلى الكنائس السبع وإلى رؤسائها. ويتحدث بولس عن وضع الأيدي عما يسمَّى الآن شرطونيات أو رسامات أو سيامات. وتكون هذه الجماعة مرتبطة بشيئين بالأقل حتى تكون جماعة: مرتبطة أولاً بيوم الأحد، ويتحدث الرسول عن ذلك في رسالته الأولى إلى كورنثوس عندما يطلب إليهم أن يضعوا جانباً بعضاً من المال في أول الأسبوع، طبعاً وهو يوم الأحد، حتى إذا جاء يأخذ أموالهم إلى فقراء أورشليم. يوم الأحد هو يوم التجمع عندهم. نراه أيضاً في جزيرة بطمس عندما كتب يوحنا الحبيب رؤياه حيث قال: إن الرب اختطفه في رؤيا في اليوم السيدي (هذه ترجمة يونانية) أو في اليوم الرباني وهو يوم الأحد.
* عشاء الرب
ثم نراهم يقيمون شيئاً في يوم الأحد هذا، يقيمون عشاء الرب: “فإني أسلمكم ما تسلمته أنا أيضاً إن الرب في الليلة التي فيها أُسلم أخذ خبزاً وبارك وكسر وأعطى قائلاً خذوا كلوا…”.
الشيء الذي يميز أصحاب الدين الجديد هو أنهم يجتمعون في كل يوم أحد ليقيموا عشاء الرب، أي ليصبحوا هم مسيحهم. ما معنى: ليصبحوا هم مسيحهم. نجد في الأناجيل كلها ولا سيما في إنجيل يوحنا عبارات كهذه: “أنا الكرمة وأنتم الأغصان”. وكذلك في كل تعليم بولس: “أنتم جسد المسيح”. المسيح هو الرأس. عندنا هذه الرؤية أن المسيح واحد مع تلاميذه، وأنه لا يمكن التفريق بين السيد وأتباعه. وعندنا هذه النظرة الجديدة أن أتباعه يندمجون به إذا هم أكلوا من هذا الخبز وشربوا من هذه الكأس. والكلام مستفيض خلال الرسائل وخلال الإنجيل الرابع في المواعظ الشهيرة على الخبز السماوي، الكلام مستفيض على أن المسيح يقيم عرساً لنفسه مع أتباعه إذا هم أكلوا من هذا الخبز وشربوا من هذه الكأس. طبعاً علماء النفس المعاصرون يحدِّثونا عن أهمية الفم وكيف يكون الاتصال بالفم وما إلى ذلك. الأكل هو التعبير عن الحب. المشاركة دليل المحبة. هذا في كل الحضارات، وفي هذه المنطقة بالذات، حيث يقولون بيننا خبز وملح، وحيث الضيافة تبيد العداوة وتقرِّب بين الناس. الوحدة البشرية يعبَّر عنها في كل شعوب الأرض ولا سيما في هذا الشرق بالمؤاكلة وبالمشاركة بالطعام. هذه خلفية العشاء السري: هذا المخلص أراد أن يقيم لذاته استمراراً في التاريخ، في أزمنة البشر، استمراراً عن طريق طعام خاص يأكله أتباعه، وهذا الطعام يقول عنه هو أنه هو إياه. يقول إنهم إذا اجتمعوا وأخذوا هذه الخبزة فإنهم يتخذونه هو ويتّحدون به بعرس روحيّ. وطبعاً صورة الدم التي أعطاها عندما يقول: “هذا هو دمي”، صورة الدم مرتبطة بصورة العرس. هذا هو معنى الكأس: بالعرس ينتقل الدم إلى الدم. يقول الرسول: إنكم إذا أكلتم من هذه الخبزة تصبحون جسد المسيح. نحن جسد واحد لأننا نأكل من الخبز الواحد.
ماذا يعني هذا عملياً ؟
* لا بد أن يصيروا واحد
بالرجوع إلى كل سياق العهد الجديد، هذا الكلام يعني ببساطة كلية: أنتم في الدنيا مبعثرون. كلّ يتعاطى خطاياه، ولكلٍّ أنانيته. وبالتالي فأنتم مشردون في الدنيا ومتباعدون عن المسيح. ولكن إذا أدركتم بالوعي الروحي. بالتوبة، أنكم ينبغي أن تصبحوا لله فلا بد من أن تصيروا واحداً في الله. فإذا جاءكم الله، إذا نزل هو إلى قلوبكم تعودون جسماً لله أي تصبحون لله لأن الله ذاته ينسكب في قلوبكم.
* الله يسكن فينا
غريغوريوس بالاماس وهو قديس من القرن الرابع عشر، كان صراعه مع خصمه برلعام وهو راهب آخر تأثر بتعاليم غربية، كان غريغوريوس بالاماس يقول: نحن رهبان جبل آثوس عندما نستدعي الرب يسوع بالدعاء الشهير “أيها الرب يسوع يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ”، عندما نستدعي المسيح، عندما نلفظ اسمه يأتي هو باسمه، أي أن اسمه يحمل إلينا حضرته. ليس من فرق بين اسم يسوع وحضرة يسوع. نتحد حقيقة به لأن الله علّمنا في الكتاب أن الثالوث القدوس يسكن فينا. فبالتالي نعمة الله إلينا هي حياة الله، هي امتداد الله، هي ما سمّاه آباؤنا ومن بعدهم غريغوريوس بالاماس الفعل الإلهي غير المخلوق. لن أتوسع في هذه التأملات اللاهوتية وهي عسيرة، ولكن ما أود فقط أن أحمله من هذا التراث هو أن الله يدخل حقيقة إلى قلوبنا ليس تخيلاً وليس انتقالاً ذهنياً ولكن بالحقيقة، أي نصل إلى وقت يصبح الإنسان فيه مشاركاً للطبيعة الإلهية كما يقول بطرس (2بطرس 4:1). شيء إلهي يقذف في النفس بحيث لا يبقى من فرق، بالحياة، بالمعايشة، بالذوق، لا يبقى من فرق بين الحياة التي فينا والحياة التي في الله. حياة الله ذاتها تنسكب فينا. والفرق بيننا وبين الله أنه خالق ونحن مخلوقون. ولكن ليس هناك من حياتين: حياة إلهية في الله قابعة في السماء وحياة فينا هي في اللحم. حياة الله التي تتحرك فيه، ما في جوف الله، إذا شئتم هذه الصورة، ما في جوف الله ينسكب كلياً في قلوبنا، فنتحد، وهذا هو العرس الإلهي.
هذه الصيرورة، هذه المسيرة إلى الألوهة الكاملة فينا، هذه المسيرة يعطيها العشاء السريّ أو القداس الإلهي.
* الأسقف والجماعة
ولكن القداس الإلهي تقيمه الجماعة ولا يقيمه فرد. هذه الجماعة يؤمّها الأسقف أو مندوبه الكاهن. ولكن في الأصل القداس يقيمه الأسقف، ولهذا ليس أحد متروكاً لمزاجه بأن يكون مع الأسقف أو لا يكون مع الأسقف. الأسقف قائم لأن الكنيسة قائمة. فهو إمامها، ولهذا لا يمكن لأحد أن يصلي مثلاً وراء كاهن مقطوع لأن القداس كله لا نعرف ما يجري فيه. القداس ضامنه الأسقف فقط واستمرار بركته على هذه الجماعة وعلى هذا الكاهن. ولذلك ليس متروكاً لحريتنا أن نقول أنا أطيع أو أنا لا أطيع. لا، أنا أحب الأسقف وأنا أطيعه ما دام مع الكنيسة هو وما دام مستقيم العقيدة. بعد ذلك أنا أناقشه ببنوّة. وقد ألومه، ويجب أن يصغي الأسقف إلى صوت الأتقياء. هو لا يصغي إلى صوت الوجهاء، لأن الوجيه التقي مقبول، والوجيه الفاسق مرفوض، الكنيسة ليست طائفة، ليست حزباً اجتماعياً، ليست كتلة بشرية فقط، هي امتداد المسيح، هي إطلالة المسيح إلينا. ومن أقيم في هذه الجماعة أيقونة للمسيح فأنا لا أستطيع أن أتجاهله إذا شئت أن أحيا روحياً.
* الجماعة تجتمع في مكان واحد
عندنا، إذن، مكان تجتمع فيه الجماعة وفيه تقيم عرسها مع المسيح. والجماعة تجتمع في مكان واحد، وهذا معطى في العهد الجديد. هذه العبارة في اليونانية “مكان واحد” هذه عبارة وثيقة الصلة وأساسية بكل مفهومنا للكنيسة كما ظهرت في الرسائل بنوع خاص. ولهذا، فالسؤال أذهب إلى الكنيسة أو لا أذهب إلى الكنيسة بات غير وارد، لأنك لا تستطيع أن تعيش بدون عشاء سريّ. تموت أنت روحياً بدون القرابين المقدسة. القرابين المقدسة يقول لنا العهد الجديد إنها تقام في مكان واحد، ولهذا لا مفر من أن تكون هناك حتى تكون مسيحياً. المحك الوحيد لمسيحيتي هو هذا: هل أنا في العشاء السري أو لست في العشاء السري ؟ وأما ما يقوله الناس من أني أنا إنسان عظيم وتقي وفاضل، ولكني أتنزه يوم الأحد مع عائلتي وأذهب إلى جبل لبنان أو إلى مكان آخر، هذا كلام فارغ، هذه شهادات براءة يعطيها الإنسان لنفسه كي يريح ضميره، ولكن ليس هذا بالبحث الرصين.
* المسيحي هو من يأكل العشاء السري
هذا غير قائم على الإنجيل. نحن لا نوزع براءات بالمسيحية على الناس. الإنسان المسيحي لا أجد له تحديداً كتابياً نصيّاً إذا شئتم إلا هذا: هو الإنسان الذي يأكل العشاء السري. ليس عندي تحديد آخر. الإيمان لا يمكن أن أعرفه وأن أمتحنه إلاّ إذا عبّر عنه بالمشاركة والاجتماع إلى الأخوة. ودليل ذلك أن الرهبان الذين كانوا يستوحدون أو يتوحدون أي يتنسكون في البراري خارج الأديرة كانوا يعودون من مغاورهم أو مناسكهم إلى ديرهم يوم الأحد حتماً ولم يكن لهم دليل على استقامة رأيهم إلا هذه العودة يوم الأحد إلى قداس الجماعة.
* المال في الكنيسة
انطلاقاً من هنا يُعمل كل شيء آخر. الأوقاف، المال، هذه كلها لا قدسية لها إلاّ إذا كانت موضوعة في سبيل اجتماع الإخوة في العشاء السري، إلاّ إذا كانت دعامة لعودة الناس إلى الكنيسة. أي بهذا المال نضمن راتب الكاهن ليقيم بلياقة وترتيب هذا القداس الإلهي. وإذا قامت طائفة لا تهتم لظهور الكاهن الورع المتروّض على الإنجيل، المغتذي بالمحبة، إذا كان لا همَّ لها لظهور رجل أو تبلور رجل كهذا فهذا يعني أنها لا تريد القداس الإلهي على أصوله مقاماً بتقوى وورع، ويعني أنها تقدس الأوقاف من أجل ذاتها لكي تكون هكذا موجودة وتفتخر بها هذه الطائفة.
إذا كانت أموالنا لا تنفق على تأليف جوقات ممتازة ولا تنفق على التعليم المسيحي وعلى تثقيف الأطفال والأحداث والبالغين حتى يجيئوا إلى العشاء السري، لأنهم يتعلمون التعليم المسيحي ليتمكنوا من الاجتماع إلى جسد الرب ودمه. وهذه هي الغاية الوحيدة. إذا كنا لا نعرف هذا فمعناه أننا نجزئ الأشياء وأننا ننسب القدسية لما ليس له قدسية. بعد ذلك إذا استهدفنا ذلك الاجتماع الأحدي في الكنيسة ينحدر كل شيء آخر من هذا. فلا بد أن يكون التعليم قويماً، ولذلك أن ننشئ أساتذة لاهوت وأساقفة لكي يسهروا على استقامة التعليم، لأن الإنسان إذا كان غير مستقيم العقيدة لا يحق له أن يأتي إلى العشاء السريّ. غاية التعليم ومدارس اللاهوت وما إلى ذلك هي أن تمكن هذا الشعب من صفاء إيمانه ومن صحة إيمانه لكي يكون مؤهلاً للاشتراك بجسد الرب ودمه. وإذا كانت هذه هي الرؤية الإنجيلية فمعنى هذا أن الكنيسة تنظَّم كذلك بهذا الهدف، وأنه لا يبقى مجال للتفرد بالرأي ولا يبقى مجال للانفراد عن هذه الكنيسة، إذ “حيث تكون الجثة فهناك تجتمع النسور“.
* الصلاة الفردية والصلاة الجماعية
فإذا أنت تغذيت من هذه القرابين وأصيغت إلى كل هذه الصلوات وارتفع قلبك بها وتطهر، فيمكنك أن تعود إلى بيتك وتختلي في بيتك ستة أيام. طبعاً على قدر ما تعمِّق صلاتك في بيتك فأنت بحاجة إلى الجماعة، وتعود إليها، ثم تجيء منها إلى بيتك، ولكن ليس من فاصل ممكن بين صلاتك في بيتك وصلاتك في الجماعة.
* نتكامل بالمواهب
هناك تغلُّب ممكن على الفردية، على هذا الانعزال الممقوت الذي يجعل الإنسان نفسه فيه، وهو أن ينفتح على الجماعة المؤمنة التي يتكامل وإياها.
إن الإخوة أساسيون لكي أتنفس. ليس أحد منا مقطوعاً هكذا من حجر وملقى وحده في الوجود. نحن أخوة، فهذا له موهبة وذاك موهبة أخرى. في الكنيسة هذا واعظ وذلك معلم وآخر مرتل والرابع عامل اجتماعي. كل منا له موهبة، ولكن نحن لا نكتمل إلا في هذا التلاقي الحبي العميق العظيم فيما بيننا. ولهذا إذا تكاملنا بالمواهب، بسبب اشتراكنا بجسد الرب، يبرز هذا الجسد الواحد الذي هو الكنيسة غنياً متشعباً. هذا الجسد الواحد يلتقط كل مواهب الروح القدس ويوزعها، وعندئذ تصح كلمة معلم: “بهذا يعرفون أنكم تلاميذي إذا كان لكم حب بعضكم لبعض“.
* من الكنيسة نذهب إلى العالم ومنه نعود إلى الكنيسة
ولكن هذه المحبة الأخوية تبدأ من الكأس المشتركة. فإذا نحن جئنا إليها نذهب منها إلى العالم ويصبح العالم كله مائدة الرب.
إن مائدة الإنسانية الواحدة يجب أن تقام في الكون. ولكن من الكنيسة نحن نذهب إلى الدنيا، وفي الدنيا نقف أمام مذبح الفقير كما قال يوحنا الذهبي الفم: لا تنسوا بعد تقديم قرابينكم أن هناك مذبحاً أعظم وهو مذبح الفقير. إذاً، نترجم مائدة الرب موائد محبة في المجتمع البشري الذي ننتمي إليه، وبعد أن نحقق المشاركة البشرية في المجتمع الوطني الذي ننتمي إليه نعود أيضاً إلى الكنيسة حاملين مساعينا معنا وبصورة أسرارية، بصورة الصلاة المشتركة، نقول للدنيا: المشاركة الحق هي المشاركة بجسد المسيح ودمه. فَمَن تركز على هذه المشاركة في القداس الإلهي ذهب على العالم ليقيم فيه شركة العدل والحب، وإذا نفَّذ شركة العدل والحبّ في المجتمع يعود ليصوِّرها بصورة أبهى في كنيسة الله.
المتروبوليت جاورجيوس خضر
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:35 PM   رقم المشاركة : ( 13443 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نظرة رعائية إلى الكنيسة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لم يُطرح في التاريخ سؤال: ما هي الكنيسة ؟ ليجاب عنه بتحديد أو تعريف. ذلك لأن الكنيسة ليست حدثاً جامداً يبقى هو هو على مر الأزمان ولكنها واقع يتكيف حسب العصور ويتطور حسب الحاجات ويتغير فيه مركز الثقل كلما دعا إلى ذلك داع موجب. فماهية الكنيسة هي، في النهاية، كيفيتها، حياتها الواقعية، حياتها الرعائية في التعليم والتدريب. ماهية الكنيسة ليست شيئاً تحصره المفاهيم أو التحديدات. واللاهوت في هذا الموضوع جاء على أثر الهرطقات في الكنيسة والشقاقات. وقد جاء ليميّز الكنيسة الحقيقية من الكنيسة المزيفة. وتعريف الكنيسة تعريفاً لاهوتياً لم يتبلور إلا في حقبات متأخرة. ولذا فهو بطبيعته دفاعي ووليد ظرف خاص وأوضاع خاصة. ولذلك هو أيضاً لا يكفي. واقع الكنيسة الرعائي هو تعريفها وليس من لاهوت للكنيسة يتجاهل ذلك الواقع إلا وكان مبتوراً أساساً.
والكلمة نفسها أعني “الكنيسة” قلما وردت في الكتاب المقدس. وهذا أيضاً من أسباب صعوبة إدراكها نظرياً واكتناه مضمونها. وإن قول المخلص: “أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” يضع الباحث أمام كيان عجيب غريب. فهو أحياناً مزدهر وأحياناً لا، يتكلم بالروح ويقوم عليه ولكنه لا يعكس ذلك الروح دائماً. وهو الوجود الحي المندفع أبداً إلى الأمام ولكنه في أحيان كثيرة تفوح منه رائحة القبر ويتشح بلباس الموت الشاحب. كل هذا دعا إلى حيرة اللاهوتيين كلما شاءوا التطرق إلى الموضوع الذي نحن بصدده. كما كان هذا أيضاً سبب تعدد الآراء فيه.
الكنيسة ليست البناء
لن نتوقف طويلاً عند الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن الكنيسة هي البناء الذي يُعرف بهذا الاسم.
الكنيسة والطائفة
ولكننا سننتقل في الحال إلى اعتقاد أكثر شيوعاً وأشد خطورة وهو الاعتقاد بأن الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً هي الطائفة الأرثوذكسية. أي إن حدود الطائفة هي نفسها حدود الكنيسة. ولكني مسبقاً وصفت هذا الاعتقاد بأنه خطر. والحقيقة أنه لكذلك وخطره على الكنيسة أكثر مما هو على الطائفة. وهاكم مثلاً:
العضوية في الطائفة تكون بمجرد وجود اسم في دائرة النفوس في سجل الطائفة. ولكن هذه العضوية تخوّل المسجّل أرثوذكسياً بعض الحقوق في الطائفة والمؤسسات الكنسية وأن يكون عرّاباً في المعمودية وإشبيناً في الإكليل، بينما يكون من جهة إيمانه لها ملحداً أو غير مكترث بالشؤون الروحية كلها. وقد يشغل وظيفة في الدولة أو يتبوأ باسم الكنيسة وهو غير مؤمن بها. فتكون النتيجة أن شؤون الكنيسة توضع بين أيدي جماعة لا تعترف بالله ولا بكنيسته. وهذا كافٍ لإظهار هول المأساة الناتجة عن هذا الاعتقاد المخطئ الشائع بأن الكنيسة والطائفة شيء واحد. أما كيف يمكن إزالة هذه الازدواجية فلا مجال لبحثه هنا، وما أكتفي بقوله هو أنه بدون حياة رعائية فعلية مستمرة يستحيل تجاوز هذه الآفة. وبالنسبة إلى موضوعنا نقول: الكنيسة ليست الطائفة وإن كانت في الأصل الثانية تقوم على الأولى.
الكنيسة بيعة
وهنالك تعريف آخر للكنيسة نجده في كتب التعليم الديني، التي لا يفتحها الكثيرون ظناً منهم أنها للصغار وحدهم. وفي هذا التعريف الكنيسة جماعة يرتبط أفرادها برابط ديني ويكوّنون البيعة أي الكنيسة. وهذا المفهوم للكنيسة يبنى على كلمة “كنيست” العبرية و”اكليسيا” و”سيناغوغي” اليونانيتين وكلها تعني ما ذكرنا. إذن فمن علامات الكنيسة مبدئياً وجود إيمان مشترك بين أعضائها.
هيا بنا الآن لنخرج من كتب التعليم المسيحي ونصل إلى الرعية التي هي الوحدة الروحية الصغرى في “كنائسنا”. وليُسمح لي أن أطرح على وجدان كل واحد منا الأسئلة التالية:
هل صحيح أن ما يربطنا اليوم، إذا كنا مرتبطين، ويجعلنا نؤلف جماعة، إذا كنا فعلاً مجتمعين، هو إيماننا الحي الأصيل؟ وإذا كان ذلك كذلك فهل من الصحيح أن الواحد منا يتعامل مع الآخرين على قاعدة الإيمان؟ وإذا كان ذلك أيضاً كذلك فهل يواصلنا إيماننا الواحد إلى وحدة رأي ووحدة اتجاه؟ وكيف نفسر كون إخوتنا كثيراً ما تعصف بهم الرياح فإذا بهم كل بمبدأ خاص ورأي خاص واتجاه خاص؟
الغاية من هذه التساؤلات إيقاظنا من غفلة طال أمدها ودفعُنا نحو الكنيسة لكيلا تبقى في طيات الكتب ونكون نحن في واد آخر. وهذا لا يكون بدون رعاية.
الكنيسة شعب الله الخاص
وهناك معنى آخر للكنيسة يمكن استخلاصه من الكتاب المقدس. ففي العهد القديم الشعب العبري هو شعب الله الخاص الذي اختاره في عميق حكمته لا لاستحقاق بشري ولكن بنعمة إلهية. وكان الختان إشارة الانتماء العضوي لذلك الشعب والخاتم الأبدي لجميع أفراد الشعب. والكنيسة اليوم هي خليفة العهد القديم وجماعتها شعب الله الخاص الجديد.
ولكن لا ننسين أن غايتنا من الموضوع رعائية عملية لا لاهوتية نظرية. فلننزل إلى مستوانا ونتساءل: هل تعني معمودية كل منا له أنه فعلاً مكرّس لخدمة الله ومُنتمٍ عضوياً إلى شعبه الخاص؟ هل تعني لنا معموديتنا أننا حقاً متنا للعالم مع المسيح لنشاركه في قيامته؟ وهل أعطينا رعائياً الزاد الكافي لنسير قدماً من الموت للعالم إلى القيامة بالمسيح؟ وكيف كان ذلك؟
أما وإذا لم يكن انتماؤنا فعلياً وحقيقياً فكيف نكون حقيقة ورثة العهد القديم؟
الكنيسة والسلطة
ويذهب البعض إلى أن الكنيسة هي السلطة المعلِّمة لشؤون الإيمان، وأن هذه السلطة في نظر البعض شخص معصوم أو هيئة معصومة أو كتابة معصومة أو كل هذه مجتمعة. وهذه النظرة إلى الكنيسة تجعل ميزتها الأساسية النظام وحسن التعليم. ويعبَّر عن ذلك لدى المؤمنين في طاعة هي ابنة المحبة للراعي والرضوخ للحقيقة وتواضع يجعلهم أن يعطوا القوس باريها في شؤون الإيمان.
وهنا أيضاً يأتينا التساؤل: أين تعليم المعلمين، أين النظام بالمعنى العميق للكلمة؟ وما هي حقول الحياة عند المؤمنين التي عدّل التعليم سيرتها وحوّلتها الحقيقة إلى الاتجاه المسيحي الصحيح؟ وأقصد بهذا التساؤل أنه لا يمكن للسلطة أن تكون محسوسة في هيئة المؤمنين إلا إذا كانت هيئة التعليم تعلّم بالفعل وتقدم للناس الحقيقة الإلهية في كل حقول حياتهم: أعني في الدير والبيت والمدرسة والمتجر والعمل والوظيفة والحقل وفي كل مكان.
في الكنيسة سلطة ولكن السلطة ليست الكنيسة.
الكنيسة جماعة ذات الإيمان الواحد
والكنيسة في تعريف بعض اللاهوتيين الجماعة ذات الإيمان الواحد والعبادة الواحدة. ولكن وحدانية الإيمان تنبع من وحدانية شعور المؤمنين ووحدانية حقيقة الإيمان. والمعلوم أنه لا يمكن الاطمئنان إلى وحدانية الشعور بدون تربية المؤمنين، ولا الركون إلى وحدانية حقيقة الإيمان إذا لم تدرّس هذه الحقيقة وتكشف للناس. وهذا يعني أن وحدانية الإيمان قد تصبح وقتاً ما كلاماً فارغاً إذا لم يلازم المؤمنين تربية وتعليم وإلا فبماذا يؤمنون؟ وكيف يكون إيمانهم واحداً؟ إن التساوي بالجهل لا يقود إلى اقتناع واحد أو يقين واحد.
كذلك العبادة الواحدة. العبادة لا تكون واحدة إلا إذا كنا نفترض أن الكلمة الواحدة أو الحركة الواحدة تعنيان الشيء نفسه لكل الناس وفي كل آن. وهذا غير الواقع. وما دمنا نحن في الكنيسة الواحدة نمارس تنوعاً في العبادة وعادات مختلفة محلية فلماذا التشبث بتعليم لا نمارسه؟ وما الضرر في أن تكون عبادة خاصة لكل فئة من الناس ومن المفروغ منه أني لا أقصد أسراراً خاصة.
هنا أجيب عن السؤال الأساسي: “ما الكنيسة؟” بأن من عناصرها الأساسية وحدة الإيمان وليس بالضرورة وحدة العبادة.
الكنيسة ملكوت السموات
ومن التعاريف التي تحدد الكنيسة القول: الكنيسة هي ملكوت السموات على الأرض. هذا صحيح من ناحية أن الكنيسة من حيث هي من صنع الله وبه تعيش هي مؤسسة سماوية. ولكن ما دمنا نتكلم رعوياً نتساءل هل تكون الكنيسة ملكوت الله إذا لم يكن الله فيها كل شيء؟ فانظروا معي إذن إلى واقعنا: نجد أننا نشارك في خطيئة المسيحيين العامة أي أننا في ملكوت الله هذا نعمل لمصلحة ونستغل ونغش لا بل “نخون” المسيح، كما قال أحد المفكرين. أين الوجه السماوي في وجوهنا، في مؤسساتنا، في اهتماماتنا، في مقاييسنا الفكرية منها والخلقية.
هذا التحديد للكنيسة يلقي مسؤولية عظيمة على أكتاف أبناء الكنيسة ويجعلهم على الأرض يمثلون السماء، كما يفترض أن اعترافهم بربوبيّة يسوع وملكه يفوق كل اعتراف بأي رب أو ملك. فهل هذا هو الواقع؟ لا أجسر أن أطمئن إلى واقعنا كما أني، رعائياً، أخاف على أبنائنا أن يناموا على تعابير مثل هذه كما ينام الكثيرون على ماضٍ مجيد ويسكرون بالكلمات. إن تحديد الكنيسة بملكوت الله على الأرض يفترض أن يكون أبناء الكنيسة سماويين في هذه الدنيا وإلا بقيت الكنيسة في إرادة الله فقط ولم تصبح حدثاً واقعياً في التاريخ.
الكنيسة جسد المسيح
وليس الأمر أسهل إذا ما حددنا الكنيسة بأنها جسد المسيح السري ذاك الذي رأس المسيح نفسه وبه يبقى وبالأسرار الإلهية يحيا، إذ إننا من هذا التحديد نفهم أننا كأعضاء في ذلك الجسد يجب أن نعي كوننا نؤلف المسيح بمعنى. إن تعريفاً كهذا للكنيسة قد لا ينطبق علينا نحن إذا لم يرافقه من جهتنا شعور أكيد بأننا من المسيح وفيه. فهل نشعر في الواقع بعضويتنا هذه ومتطلباتها على الأقل كما نشعر بعضويتنا في هيئة أو جماعة أو مجتمع؟ أنا أعرف الكثيرين ممن يصرفون الجهد والمال في كل نشاط ما عدا الكنيسة، أفلا يحق لنا التساؤل عن مقدار كونهم أعضاء في جسد المسيح السري؟ ولنذهب في تساؤلنا إلى أبعد من ذلك: إلى أي مدى نحن نشارك في جسد الرب ودمه المقدسين ليقوى انتماؤنا إلى جسد المسيح السري ويصدق؟ ألا ترون معي أن علينا صرف جهود رعائية جبارة في هذا الحقل؟
الكنيسة في سر الشكر
وهنالك صورة عن الكنيسة أكثر مما هي تحديد لها وهي تلك التي أعطانا إياها القديس اغناطيوس الأنطاكي وتبسط فيها في عصرنا الحاضر الأب اللاهوتي افناسييف (1). وهذه الصورة تبرز لنا الكنيسة شعباً يجتمع حول أسقفه في سر الشكر الإلهي وسائر الأسرار. هذا الشعب مبرر وجوده حول أسقفه أنه ارتضى لنفسه الانخراط في المسيح سرياً. ووجود الأسقف هو تجسيم للوجود الرسولي الأصيل في ذلك الشعب. ووجود الشعب مع الأسقف في سر الشكر الإلهي يعني أن كليهما يتغذى ويتنقى بالمسيح حاضراً ومأكولاً تحت صورة الخبز والخمر المحوَّلين. المهم في هذه الصورة عن الكنيسة هي أنها ليست تعريفاً نظرياً للكنيسة بل هي الكنيسة بالفعل في حال ممارستها صفتها الكنسية. فمن وجهة هي مقدسة جامعة رسولية بالنسبة إلى رأسها المسيح ومن جهة أخرى هي كذلك بالنسبة إلى عملها في التاريخ، في الواقع، في الناس الأحياء. كما أن المهم في هذه الصورة هو أنها تمثل لنا الكنيسة جماعة شديدة الارتباط بالمسيح، تلتقي وإياه في عمليه شكر وعرفان له على إنعاماته. وفضيلة الشكر لله هذه أساسية جداً في حياة الكنيسة الفعلية ومن الواجب الملّح تغذيتها وإنماؤها إلى أقصى الحدود ذلك أن فتورها في المؤمنين يعني فتور الإيمان ذاته والخطوة الأولى نحو الاستغناء عن الله في الحياة.
كنيسة واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية
وهذه الصورة عن الكنيسة تلقي أضواء جديدة على صفات الكنيسة التقليدية أعني: (واحدة، مقدسة، جامعة، رسولية).
* الكنيسة واحدة
عندما يتحدث اللاهوتيون عن وحدانية الكنيسة أراهم يتحولون عنها إلى رأسها المسيح ويقولون: إن الكنيسة واحدة في رأسها الأوحد.
لا شك في أن المسيح واحد وليس اثنين أو ثلاثة. لكن الموضوع الحقيقي هو انتقال الوحدانية من المسيح إلى الكنيسة. هو واحد فيها ولكن يجب أن تكون هي واحدة فيه، ولا تكون كذلك إلا إذا كانت تتلمسه في كل أدوار حياتها وفي كل أعمالها. الوحدانية، في هذا الصعيد، لم تبحث كفاية لأنها يجب أن تكون عضوية في المسيح منحدرة مباشرة من وحدانيته. وهنا أرى وحدانية المعمودية والإيمان والأسرار الإلهية وغير ذلك. وبعبارة أخرى وحدانية الكنيسة مرتبطة مباشرة بوجودها ككنيسة. وهذا يعني أنه حيثما ضعف أحد عناصر وحدانيتها أصبحت وحدتها في خطر. وبالتالي من أهم الدلائل على وجود الكنيسة وحدتها فوحدانيتها بمقدار ما هاتان الصفتان معطاتان لها مسبقاً.
فمن الناحية الرعائية على كل منا أن يعرف بأنه مسؤول عن وحدانية كنيسته لأنه قد يعطلها ببرودة إيمانه وقلة اندماجه فيها والتزامه بشؤونها. وهذا أيضاً من قضايانا الرئيسية.
* الكنيسة مقدسة
وهذه الصفة مسؤولية ثانية علينا: نعم الكنيسة مقدسة بمعنى أن القداسة أعطيت لها وسكنت فيها بسكنى رأسها يسوع فيها. ولكن التساؤل هو إذا ما كنا فعلاً نُقدم على معين القداسة ذاك، وإذا ما كنا نستخدم وسائل الخلاص التي يعرضها لنا المخلص في كنيسته. القداسة “وزنة” في الكنيسة فكيف لا نتاجر “بالوزنة” وننميها ؟ النعمة موجودة ولكن من يطلبها؟ إن للقداسة جانباً متعلقاً بنا لأننا نحن الكنيسة ونحن المقدسون. والمطلوب منا أن نعكس القداسة لا كأفراد فقط ولكن كمجموعة لنكون في العالم شهادة على أن الكنيسة فينا مقدسة ومعين للخلاص.
* الكنيسة جامعة
جامعية الكنيسة لا تعني فقط اتساعاً أو امتداداً جغرافياً وشمولاً يضم الأرض والقمر وسائر الكواكب لا بل العوالم التي لم تكتشف بعد. إنها أيضاً طابع لإيمان كل واحد منا، واختبار داخلي إما أن يعيشه المؤمن أو لا. أن نعيش الكنيسة جامعياً تعني أن نرحب في ذواتنا بجميع الناس لنمجد الله مع الكل ونحب الكل ونعمل الخير للكل. الجامعية منافية للحصر في الإيمان وكما أن الطائفية آفة الكنيسة لأنها تحصرها وتضيقها، كذلك الإيمان غير الجامعي يحد من انفتاحنا، ويوقعنا في قَبَلية روحية لا نعرف أين تتوقف. وفي هذا الوقت بالذات وصلت بنا القَبَلية المذكورة إلى حد أننا جعلنا من بعض أسرار الكنيسة الجامعة – أعني المعمودية والزواج الخ… – حفلات خاصة بنا أهلاً أو أصدقاء أو أقرباء. وصارت الصلاة في الكنيسة الجامعة ومعها تحتاج إلى بطاقة.
* الكنيسة رسولية
هذه الصفة تعني أن الكنيسة مبنية على أساس الرسل مستمرة في التراث الرسولي باعثة في العصور الحاضرة الروح الرسولي والإيمان الرسولي. الكنيسة رسولية بمعنى أنها ذات طابع واحد وجوهر واحد خلال التاريخ وأنها قاسمه المشترك. فهي فيه عنصر ثباتٍ دون تحجر وتوجيهٍ دون خروج عن الحاجات الملحة. فإذا كانت الأسرار المقدسة – ومنها سر الشكر الإلهي – إحدى الأقنية التي تربطنا بالرسل وتجعل منا رسوليين، أفلا يجدر بنا إعادة النظر في إهمالنا الأسرار الإلهية والابتعاد عنها، خصوصاً وأن الكل ليسوا لاهوتيين ولا قانونيين ولا آباء نسك؟ إذا كان الإنسان لا هذا ولا ذاك ممن ذكرت فكيف يمكنه أن يكون رسولياً بالتالي مرتبطاً بالكنيسة الرسولية ؟
والسؤال الذي يجب أن يهز كل واحد منا هزاً هو: ماذا أفعل أنا لكي لا أبقى خارجاً عن الكنيسة في طابعها الرسولي؟ كيف أجعلها حية فيّ بكيانها الذي يضم قروناً من فعالية الروح القدس؟
وإني أؤكد أن أحد الأسباب الرئيسية التي تحوِّل التقليد الإلهي إلى شيء عتيق جامد كما تجعل مجرد العادات الكنسية في نظر الناس تقليداً عقائدياً، هو جهلنا للتقليد الحيّ الفعال وكسلنا الذي يبقي الكنيسة مادة للكتب الموضوعة على الرف لا بزرة الحياة في كل واحد منّا. وهذا أيضاً يجرني إلى التساؤل وإياكم: كيف نعي ونمارس رسوليتنا ونحن جاهلون كل الجهل روابطنا بالرسل، بالرب يسوع، بالروح القدس المحيي؟ وهل يحق لنا أن ندعو انتماءنا إلى الكنيسة انتماءً رسولياً دون توبيخ ضمير؟
لا شك أن المتطلع إلى ظواهر الأمور في الكنيسة يجد أن هنالك نوعاً من عبادة الماضي وكل ما فيه لا بل تأليهاً له كما جاء. يقولون: كل ما مضى مقدس وكل حديث مرفوض. ومن هنا تحجير حياتنا الروحية في كثير من الأحيان وحصرها ضمن إطارات لم يعد لها صلة بحياتنا العملية أو بالحياة الحاضرة. هذا الموقف يعني أن الله كان يوحي ويلهم ولكنه الآن انقطع عن الوحي والإلهام، كما يعني أن الروح القدس كان يعمل في الكنيسة حتى هذا اليوم ثم توقف عن العمل. وفي هذا ما فيه من الخطأ اللاهوتي الفادح. وهاكم مثلاً على طغيان العادة على التراث الروحي الأصيل والتقليد الشريف:
حاولتُ مرة أن أحسب الوقت الذي يستغرقه العنصر الديني في جنازة “مسيحية”. في البيت حيث الميت، لا تقام الصلوات بل تدعى النادبات والقوالون وهؤلاء يتفننون في إغداق الكلمات الرنانة على الميت لإرضاء الأهل كما يعتبرون أنهم نجحوا بمقدار ما يتوصلون إلى إبكاء الناس وإثارة الدموع.
ويتألف الموكب على أساس الوجاهة ويسير في طريق الكنيسة تتقدمه الطبول والزمور والسيف والترس في بعض الأحيان والطلقات النارية عند الإمكان. وقلما يتمكن مرتل من ترنيم “قدوس الله” بين البيت والكنيسة.
فإذا وصل الجثمان إلى بيت الله بقي معظم الحاضرين خارجاً، وتقام الصلاة طيلة ربع ساعة أو عشرين دقيقة أمام القلة من المشيعين.
وما أن تنتهي الصلاة ويحمل الجثمان إلى الجدث حتى يعود الموكب كما كان، يفسح فيه المجال لكليمات من الصلاة أين من يسمعها. فيكون من أصل ساعة ونصف الساعة يعطى الدين ربع ساعة وتدعى الجنازة من أولها “مسيحية“.
هذا المثل يدل – في نظري – إلى أي حد تسلطت التقاليد والعادات على التقليد الأصيل وسلبته الوقت والأهمية، وبقي الكثيرون لا يميزون بين هذا وتلك.
الخلاصة
وأخيراً، لقد أحببت أن أحوِّل الانتباه عن النظريات في موضوعنا لكي أنظر إلى واقع الكنيسة التي – كما أشرت بدءاً – ليست تعريفاً عقلياً بل هي وجود حقيقي واقعي وكيان في التاريخ. وكذلك لكي أبرهن أننا نواجه في الكنيسة مشكلة كبرى هي العيش في التراث الأرثوذكسي الصحيح لا الاكتفاء بأن يبقى في طيات الكتب.
الكنيسة في حالة صيرورة مستمرة وعلينا أن نسهم بكل مسؤولية لكي تصبح هنا وهناك وفي كل آن وزمان. إنها للأرض ولو لم تكن من الأرض، وعلى أعضائها أن يوجدوها بمعنى، ويشهدوا كل حين للحق الذي تحمل والخلاص الذي تُعلن، ولو كان عليهم دفع ثمن لهذه الشهادة من أشخاصهم أو أرزاقهم وعلاقتهم الاجتماعية أو “عصريتهم“.
الكنيسة في النهاية، رعائياً، هي أنت وأنا. وكما نكون نحن كذلك تكون هي. فإن لم نكن شيئاً عادت الكنيسة موضوعاً للبحث لا اختباراً حياتياً بفعل الإيمان الحي. فليفتح إذاً كل قلبه من جديد وليغرف من ينابيع التعليم والكتاب وليمارس الأسرار الإلهية المقدسة، وليعط الرب من قلبه ومن وقته، فتتفجر فيه ينابيع ماء حية بفعل نعمة الروح القدس، وعندئذ فقط، يرى بأم العين ويدرك فعلاً ما هي هذه الوحدة المقدسة الجامعة الرسولية أعني الكنيسة.
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:38 PM   رقم المشاركة : ( 13444 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

If the “spiritual” eyes are not healthy – 3rd Sunday of Matthew

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
“The eye is the lamp of the body”. If the eye is good, it is as though the whole body sees. If, however, the eye is not good, that much more will the rest of the body –which is not an eye –be in darkness.
The human eye is, in a certain sense, borrowing its light from other sources. On its own, the eye does not have light, but rather is an instrument with the ability to see, provided there is light. We are able to see with our eyes only if the object upon which we are gazing is illumined by some source of light –whether by the sun or even an artificial light. Our human eyes are not able to see on their own. And yet, no matter how bright the light might be, if the eyes are not healthy they will be unable to see.
God gave man both the nous, and the logic. He fashioned him like this in order for man to see, to judge, and to understand. No other creature on earth is fashioned in this way. And what is more, everything that applies to the bodily eyes, applies also to the nous and the logic, which are man’s spiritual eyes.
And so in this way, man’s nous and his logic are unable to see, unable to judge, or to properly assess if not illumined by light. And in the following instance, this light is Christ. “I am the light of the world”.
How unfounded we are when it comes to ourselves. And how often we are mistaken –and necessarily so –when we think we see, judge, and assess properly without being illumined by the light of God. This is the great evil of humanity.
Holy Hesychasterion “The Nativity of Theotokos” Publications.
Archimandrite Symeon Kragiopoulos
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:39 PM   رقم المشاركة : ( 13445 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Call of the disciples. 2nd Sunday of Matthew

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(Matt. 4, 18-23)
He who straightway responds to God’s call
will progress
“And immediately they left the boat and their father, and followed him” (Matt. 4, 22). Christ calls his disciples so that they might follow him and certainly as the evangelist says, that they may do so “straightway”, immediately, and without any delay. This “straightway” has a great deal of importance in the spiritual life. The soul which decides to follow Christ, and not follow itself, struggles to be free from everything, from its possessions, even from its precious self and to follow Christ.
And this characteristic is observed in the Christ-loving soul that has decided to follow him: “straightway”, i.e., immediately it gets and understands what the will of God is. The moment the soul gets this, it delays in nothing. Delaying -in order to ponder and see -could certainly be due primarily to inexperience; the man is inexperienced, and does not know what to do. Deep down, however, the delay comes from the fact that someone is not free from himself and for that reason wants first to think things through by himself: in order not to do something in a way that would upset him, or provoke him, since deep down he has his own will. That is, someone wants to follow God, to be subject to Christ, but not however to go against his own will.
And so, he who straightway responds to God’s call– to whatever this call may be –he it is who precisely does not do his own will, but rather does the will of Christ; and through this he will progress. There are souls that each time God shows that he wants this and not that, they show their attentiveness. They have the disposition to “straightway” and immediately say “may it be blessed’’, my God: may it be as you will”. And, due to this they are raised up, blessed, and experience joy. As for the other souls, that do not respond “straightway”, certainly, their struggle is not lost, but they are not able to advance, since increasingly they delay.
Holy Hesychasterion “The Nativity of Theotokos” Publications.
Archimandrite Symeon Kragiopoulos
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:41 PM   رقم المشاركة : ( 13446 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Change your life

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
My child to change your life it means that you change the focus of your “nous”, which is the strongest power of your soul, towards Him. This is exactly what He meant with “Love your God with all your power and all your strength”. This is what is called Metanoia. Living in Metanoia is really how you change your life. Change your life doesn’t mean that you shed some tears, say a few I am sorry, and go for Confession. It is a change in how you live. You change the focus of your nous towards Him and away from earthly materialistic things. All your being is towards Him and this is why the Jesus Prayer, “Lord Jesus Christ, Son of God, have mercy on me the sinner”, and its continuous repetition helps you towards this direction.
Personal testimonies to Dr. Nick Stergiou from the Holy Mountain
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:42 PM   رقم المشاركة : ( 13447 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Sunday of All Saints

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Each one of us can become a saint
Today, we have before us the feast of All Saints. God not only saves, but He makes holy those souls who receive His word, His entire work. And we celebrate, today, this chorus, this chorus of All Saints. And all the saints have the same Holy Spirit. Therefore, in terms of quality, one does not differ from the other.
They receive the same grace from God. Each one of us is able to become a saint, if he makes the brave decision to respond to the word of God and to put it into practice. Then, it is as if God says to him: “You will obey, will bow down, and will follow; my Spirit will take care of the rest”. We ought only to accept His grace, so that He can make us the way that He wants, i.e., to make us saints. And in the struggle to submit ourselves to the Lord, we have the saints to encourage us with their lives and their own struggling.
When celebrating the memory of the saints, it is not enough to remember them, or to pray to them, but we must imitate their lives. Let us beg God to give us all the spirit of repentance, of humble-mindedness, and the strength to apply his word. And as imitators of the saints, let us too follow just as they did so that we too might become holy, as He is holy.
Holy Hesychasterion “The Nativity of Theotokos” Publications.
Archimandrite Symeon Kragiopoulos
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:42 PM   رقم المشاركة : ( 13448 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

As the old man is crucified, the soul is healed

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
Sunday of the Fathers
of the 1st Ecumenical Council
This Sunday is dedicated to the 318 Fathers of the First Ecumenical Council, held in Nicea in the year 325 AD. We hear that which is also referred to as the gospel of the Testament (John 17, 1-13). The Lord, with the following words, begins his prayer: “Father, the hour has come. Glorify Your Son, that Your Son also may glorify You.” “The hour has come”; the hour of passion, the hour of sacrifice, of crucifixion, victory over the adversary, and, finally, of man’s salvation.
Christ comes to earth with his attention turned towards the Cross, towards voluntary passion, the death of death -i.e., of sin. The Lord is heading towards the Cross, as it is there that the final war will be waged. The Lord, being sinless, moves towards passion and presents himself as a sinner before the face of God, taking upon himself the sin of the world. And man, a sinful being, is truly redeemed when he treads the Lord’s path, and when inspired by His love strives to imitate His passion. By thus doing he will experience pain, contrition, and true repentance. And as the old man is crucified, the soul is healed.
The Lord offers sacrifice, but not all are willing to accept him. God however dwells with those who accept the sacrifice of the Lord and follow him to the passion. And the more one follows the Lord, the more he is in contrition, and in utter amazement cries out: “My God, you called even me –a useless creature –filled with spiteful rebellion, which I raised up against you! And yet you won me with your grace, and made me yours!”
Holy Hesychasterion “The Nativity of Theotokos” Publications.
Archimandrite Symeon Kragiopoulos
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:43 PM   رقم المشاركة : ( 13449 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Sunday of Pentecost.How receptive are we to receiving the Holy Spirit?

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Today is a great day. Today we celebrate the descent of the Holy Spirit and the establishment of the Church. Everything performed in the Church is performed in the Holy Spirit. And for us to receive the Holy Spirit, it was necessary for the Lord to be glorified; and the Lord’s glory is the Cross, death, and his voluntary passion.
That being the case it is mystifying how we –the Christians of today –are unable to be initiated into the mystical communion with the Holy Spirit. Looking back to the years of the persecutions, Christians were consumed by the question of who would be martyred first? Who would become an offering? Who would get to die for Christ? And from his suffering would arrive at the Resurrection to stand beside Him. And yet today, because we do not have the fear of God, because within ourselves we hold conceit, egotism, and selfishness, we are frightened before the pain of the Cross, before death. In this way, we make ourselves incapable of tasting the fruit of the Holy Spirit within our souls. We do not thirst after the water of God, the water that quenches the soul, and therefore remain forever in thirst. Despite this, God waits for each and every one of his creatures –to give him His grace, to give him the Holy Spirit. And just how much grace God gives depends on how receptive we are to receiving the Holy Spirit; and it is enough that we desire this.
Therefore, seeing our good disposition, God will light this fire within us, and we will live in the Holy Spirit. We will live our lives, finish our lives, in the Holy Spirit; and this will make us able to dwell eternally in the Holy Spirit.
Holy Hesychasterion “The Nativity of Theotokos” Publications.
Archimandrite Symeon Kragiopoulos
 
قديم 11 - 07 - 2016, 06:44 PM   رقم المشاركة : ( 13450 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,630

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

Who is in Paradise ?

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
There was a very poor woman that was living in a small village in the center part of Greece and she had three children. She was able to raise them with incredible difficulties and in immense poverty. However, she never lost her integrity and her love for Christ. Her name was Vasiliki. She died one day before the celebration of our Mother, the Theotokos, in 1998. The next day which was the 15th of August, her body was in a very cheap coffin on the pickup track of the priest on the way to the cemetery to be buried. On the way to the burial site, there were a few people from her village following and they were talking about how difficult was her life, when suddenly the entire area started smelling incredibly nice like there were a thousand flowers at this spot. Among the people following her there was a spiritual child of Elder Ambrosios Lazaris (1912-2006). When the Elder learned about the incidence he said: “This woman is among the Saints in the Heaven and do you know why? Because she never complained in her life. God wants people like her to fill the Paradise and to have the Second Coming.”
Elder Ambrosios Lazaris of Dadiou Monastery
Translated by Dr. Nick Stergiou
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 08:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024