منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02 - 07 - 2016, 06:58 PM   رقم المشاركة : ( 13401 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هل يجوز إعادة المعمودية؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما جاء في دستور الإيمان “وبمعموديّة واحدة لمغفرة الخطايا” يخالفه بعض المتشيّعين الذين يلزمون من ينتمون اليهم بتكرار معموديّتهم.
فهل يجوز أن يعيد المسيحيّ معموديّته؟ أو هل يجوز، أصلاً، أن يترك أحد كنيسته وينضوي إلى الغرباء؟ هذا ما سنحاول أن نجيب عنه ونعالجه في هذه العجالة.
ما نعرفه من التاريخ أنّ الكنيسة المقدّسة التي كانت تعيد معموديّة الهراطقة، كانت، في الوقت عينه، تمنع المعمّدين وغير المعمّدين من أن ينالوا المعموديّة من المبتدعين. والذين يخالفون هذا التعليم الحقّ كانوا يخسرون إيمانهم، أي كانت الكنيسة تعتبرهم من غير المؤمنين (أنظر: المجمع المسكونيّ الأوّل، ق 19؛ مجمع اللاذقيّة 343-381، ق8؛ المجمع المسكوني الثاني، ق7؛ مجمع ترولّو، ق95؛ قوانين الرسل، ق 47،68…).
وهذا أساسه ما قاله بولس في رسالته إلى كنيسة أفسس: “وهناك ربٌ واحد وإيمان واحد ومعموديّة واحدة” (4: 5). فالرسول، بقوله هذا، لم يعتبر، من دون شكّ، أنّ كلّ معموديّة هي معموديّة صحيحة. فالمعموديّة واحدة، لأنّ الربّ واحد والإيمان الواحد. فمن يؤمن بالربّ الواحد إيماناً صحيحاً، أي واحداً، يعطى معموديّة واحدة صحيحة. وهذا لا يمكن أن يعني أنّ ربّ بعض الشيع وربّنا واحد (من دون أن يعني هذا القول أنّ ثمّة أرباباً عدّة)، لأنّ إيماننا بالله الواحد يختلف عن إيمانهم، وتالياً لا قيمة، بنظرنا، للمعموديّة التي يمارسها بعض المبتدعين. إنّها باطلة، أي فارغة من مضمونها.ضمونها.
وأساسه أيضاً أنّ كتابات العهد الجديد، وبخاصّة رسائل بولس، أكدت أنّ المعموديّة هي اشتراك في حدث موت المسيح وقيامته الذي تمّ مرّة واحدة في التاريخ، ولن يتكرّر أبداً. يقول الرسول في رسالته إلى أهل رومية: “أو تجهلون أنّنا، وقد اعتمدنا جميعاً في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا في موته فدُفِنّا معه في موته بالمعموديّة لنحيا نحن أيضاً حياة جديدة كما أُقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب…” (6: 3و4). ويقول في رسالته إلى أهل كولوسي: “وذلك أنّكم دُفنتم معه (أي مع المسيح) بالمعموديّة وبها أيضاً أُقمتم معه، لأنّكم آمنتم بقدرة الله الذي أقامه من بين الأموات” (2: 12). فهذه المعموديّة الواحدة، التي هي مشاركة في موت المسيح وقيامته والتي لا تتكرّر، يحافظ عليها المؤمن بالإخلاص لله كلّ يوم، أي بالتوبة المستمرّة، “إذ ليس المراد بها (أي بالمعموديّة) إزالة أقذار الجسد، بل معاهدة الله بضمير صالح، بفضل قيامة المسيح” (1بطرس 3: 21). لو كانت المعموديّة استحماماً لإزالة “أقذار الجسد” لكانت إعادتها جائزة، ولكنها الولادة الجديدة ” من الماء والروح” (يوحنا 3: 5)، والولادة (الجديدة) لا تتكرّر، بل تستعاد بالتوبة – إذا أخطأنا الى الله – بنعمةٍ منه وبفضل رحمته.
ثمّ يمكننا أن نختلف وبعض هذه الشيع، في هذا الموضوع، على أكثر من صعيد. فبعضهم، مثلاً، لا يعترف بغير المعموديّة التي يمارسها، وبعضهم يؤخّر معموديّة الأطفال. وفي هذه الحال أو تلك نحن في صراع معهم لا يتوقّف قبل أن يعترفوا بغيّهم وانحرافهم. صراعنا قاعدته أنّ نعمة المعموديّة هي، كما قلنا، مشاركة في موت المسيح وقيامته، وهو الحدث الذي تمّمه الله مجّاناً ومن دون أن يضع، خصوصاً للأطفال الصغار، أيّ شرط (مثل الفهم والتعليم قبل المعموديّة). هذا من المعاني الجوهريّة التي لا يمكن أن يتجاوزها أحد ويبقى إيمانه مستقيماً.
بيد أنّ الانحراف لا يختزله الهراطقة والمبتدعون، بل يشارك فيه كلّ من يقبل طرحهم المنحرف. أن يسأل المؤمن، مثلاً، عن أسباب المعموديّة المبكرة، غير الذين يشكّك بها أو يعيد معموديّته لقبوله الانتماء الى جماعة منحرفة. فكلّ سؤال استفهاميّ يوجّهه المرء إلى جماعته، هو سؤال شرعيّ، والجواب عنه واجب. أمّا الذين يتجاوزون جماعتهم ويردّدون ما يقوله الغرباء أو ينفّذونه، فمشكلتهم أنّهم قبلوا رأي الغرباء، وأنكروا “رأي يسوع المسيح” الذي حفظته الكنيسة جيلاً بعد جيل.
نحن معنيّون بإخلاصنا لمعموديّتنا التي وهبنا الله إيّاها مجّاناً. فهي ثمرة حبّه الذي حرّرنا بها من كلّ خطيئة وموت. من يقبل أن يكرّر معموديّته يخرج على الإيمان الواحد، ويعلن ذاته غريباً عنه. ما هو مسموح – فقط – أن يعي المؤمن أنّه معمّد وأنْ ينخرط في حياة كنيسته انحراطاً فاعلاً، وأن يجدّد حياته بالتوبة يوماً بعد يوم. أي أن يفهم، بواقعيّة، معنى حدث موت المسيح وقيامته الذي اشترك فيه بمعموديّته. ويخلص لله أبيه، في حياته كلها، ليغدو مسيحياً حقيقياً، أي مسيحاً آخر، يرضى عنه الآب ويعلنه، في اليوم الأخير، “ابناً محبوباً”.
 
قديم 02 - 07 - 2016, 06:59 PM   رقم المشاركة : ( 13402 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التوبة في العهد القديم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تكثر في العهد القديم المفردات التي تشير الى توبة الإنسان، فالتوبة هي “عودة الى الرب”، و”تراجع عن طريق الشر والخطيئة” و “سلوك طريق الخير”، وهي أيضا “البحث عن الله” و “التماس وجهه” و “إعداد القلب له” و”الاتضاع أمامه”… والله هو التواب دائما والحاضر في كل وقت لاستقبال الإنسان التائب، ذلك أن الله هو المبادر الى دعوة الإنسان الذي يلبي نداء الله او يرفضه بكامل حريته التي وضعها الله فيه. التوبة تتطلب بدون ريب إيمانا راسخا بالله المخلّص وثقة وطيدة بأنه وحده القادر على بث الحياة في الإنسان الى الأبد.
لقد ترافقت التوبة في العهد القديم بالكثير من الممارسات والعبادات المختلفة. فكان الناس يقررون أصواما واعترافا جماعيا بالخطايا التي ارتكبوها لكي يتحنن الرب عليهم فيغفر لهم: “وصاموا في ذلك اليوم وقالوا هناك قد خطئنا الى الرب” (1 صموئيل 7: 6). كما كان البعض يقوم بتمزيق ثيابه ولبس المُسوح وافتراش الرماد وحلق رؤوسهم وإطلاق الصرخات والتنهدات والمراثي والتضرعات، او يقدمون ذبائح تكفيرية… وفي هذا قال أشعيا النبي: “في ذلك اليوم يدعو السيد رب الجنود الى البكاء والنحيب والقرع والتحزم بالمِس” (22: 12 وأيضا حزقيال 27: 31-32). غير أن الأنبياء نبّهوا الى خطورة الاكتفاء بالممارسات الطقسية وبالمظاهر الخارجية المرافقة لفعل التوبة، وطلبوا الى الشعب السعي الى تحوّل حقيقي للقلب وتغيّر في السلوك ومناهج الحياة.
فالنبي عاموس ينتقد كثرة الطقوس والاحتفالات الدينية التي يقيمها الشعب من دون أن يفيده ذلك بالاقتراب من الله: “لقد أبغضت أعيادكم ولم تطِب لي احتفالاتكم” (5: 21). وفي مكان آخر يقول الرب: “ولم ترجعوا اليّ” (4: 6)، مع العلم أن النبي يعدد أفعالهم الدينية والتزامهم تطبيق واجباتهم العبادية من صلوات وذبائح وتقدمات… رضى الله، اذاً، ينزل على الشعب، بحسب عاموس، عندما يسعى الناس الى إحقاق العدالة الاجتماعية وإتمام البر والاهتمام بالفقير… هكذا، تكون الترجمة الحقيقية للآية “اطلبوا الرب فتحيوا” (5: 6). لأن التوبة تفترض تَبَدُلا في السلوك، لا مجرد فروض عبادات طقسية.
أما النبي هوشع فيستعمل لفظ “الارتداد” عند كلامه عن خطيئة الشعب: “إن شعبي تشبث بالارتداد عني” (11 :7)، فتكون التوبة هي الارتداد عن الارتداد او الشفاء منه: “أشفيهم من ارتدادهم وأحبهم بسخاء” (14 :5). والنبي هوشع يصوّر علاقة الله بشعبه بعلاقة الزوج بزوجته التي تخونه بشكل دائم، ولكنه هو يقبل توبتها في كل مرة تأتي اليه معلنة عودتها. ولذلك يكون الابتعاد عن الله بمثابة زنى: “اعمالهم لا تدعهم يتوبون الى إلههم لأن روح زنى في وسطهم ولم يعرفوا الرب” (5 :4)، أما العودة اليه فهي نتيجة خبرة خلاصتها أن الانسان يكون بحال أفضل مع الله: “لأني كنتُ حينئذ خيراً من الآن” (2: 9). واخيراً يدعو النبي هوشع الشعب الى العودة الى الله بواسطة أعمال البر والعدل، لا بواسطة الفرائض الجافة: “فإنما أريد الرحمة لا الذبيحة، معرفة الله اكثر من المحرقات” (6: 6).
والنبي أشعيا ينتقد اتكال الشعب على العبادات من دون توبة حقيقية تتمثل في السعي الى العدالة الاجتماعية، فيقول: “ما فائدتي من كثرة ذبائحكم يقول الرب؟”. ويطلب الرب بالمقابل: “تعلّموا الإحسان والتمسوا الحقّ، قَوِّموا الظالم وانصِفوا اليتيم وحاموا عن الأرملة”، عندها فقط “لو كانت خطاياكم كالقرمز تبيّض كالثلج ولو كانت حمراء كالأرجوان تصير كالصوف” (1 :11-20). التوبة والعودة الى الله تفترض، اذاً، عودة الى الفقير والمحتاج. التوبة شرطها الالتفات الى الإنسان المعذّب.
يتحدث النبي إرميا عن اهتداء القلب إلى الله. والقلب، في مفهوم العهد القديم، ليس مكان العاطفة والهوى بل هو مركز العقل والذهن والمعرفة والإرادة الصلبة التي لا تتزعزع. ولهذا، تكون التوبة القلبية جذريّة ينخرط فيها الانسان بجملته لا جزءاً منه. والمبادرة هي دائماً لله الذي يدعو كل البشر الى العودة اليه، ولكن جواب الإنسان هو الذي يحدّد مصير هذه الدعوة. فإرميا النبي يقول على لسان افرائيم: “أرجعني فأرجع، فإنك أنت الرب إلهي. بعد ارتدادي ندمت” (31: 18-19). أما بالنسبة الى القلب فالنبي نفسه يقول على لسان الرب: “وأعطيهم قلباً ليعرفوا أني أنا الرب، ويكونون لي شعباً وأكون أنا لهم إلهاً، لأنهم يرجعون اليّ بكل قلوبهم” (24: 7). وحزقيال النبي يشدّد بدوره على أهمية القلب، ويدعو الى صنع “قلب جديد”، والمقصود “إنسان جديد” طاهر من الآثام والخطايا: “انبذوا عنكم جميع معاصيكم التي عصيتم بها واصنعوا لكم قلباً جديداً وروحاً جديداً” (18 :31).
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:03 PM   رقم المشاركة : ( 13403 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تعليم الآباء عن أهمية الذخائر المقدسة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أ – لمحة عن النقاط الأساسية في تعليم الآباء عن البقايا المقدسة:
إن هذه العقيدة أي “تكريم الذخائر المقدسة” تطورت وأخذت شكلها في الشرق مع باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبي الفم، أما في الغرب فمع القديس امبراسيوس وأغسطينوس المغبوط.
هؤلاء القديسون كان لهم اعداء وأولهم هو فيجيلانتيوس (Vigilantios) في “غاوول” الذي نقد أهم الأسس فيما يتعلق بطقس البقايا المقدسة إذ صرّح أن المسيحيين هم عبدة اصنام، نتيجة لذلك بدأ كّتاب المسيحيين الدفاع في كتاباتهم عن الفرق بين الإكرام والعبادة وعن الأسس اللاهوتية فيما يتعّلق ببقايا القديسين. القديس جيرانيموس (Jerome) (420-347) أجاب فيجيلانتيوس معترضًا بشكل أساسي ومدافعًا عن طقس إكرام بقايا القديسين مستندًا إلى الكتاب المقدَّس وتقليد الكنيسة، والعجائب التي عملها الله بواسطة البقايا. وبعد جيرونيموس وضّح الآباء أكثر وأكثر العلاقة بين الله والقديسين وبقاياهم الأرضية مشدّدين على أربعة نقاط أساسية لتثبيت عقيدتهم:
1) – المؤمنون يرون القديسين في البقايا التي يكرّمونها، وهذه هي نقطة الانطلاق عند افرام السرياني وثيودورس (القوطي) ومكسيموس (Turin) وغيرهم.
2) – بما أن الشهداء كانوا قديسين على الأرض، فأجسادهم أيضًا مقدسة. يوحنا الذهبي الفم وباسيليوس الكبير أكدا أن في دم الشهداء والتاريخ الشخصي لآلامهم ما يحرّك شجاعة المؤمنين، وثبات الشهداء جعل بقاياهم ثمينة، والبقايا المقدسة هي تذكار لنا إذ يجب أن نتمثل بهم (بالشهداء).
3) – غريغوريوس النيصصي، أوغسطينوس المغبوط وباولينوس (of nola)والبابا لاون الأول (440-461) أثبتوا إكرام بقايا القديسين استنادًا إلى دليل أو شهادة من العجائب الالهية – من خلال أدواتهم، وإننا نعطي المجد فقط لله، وبقدر ما يظهر قوته في البقايا نكرّمها.
4) – التبرير الرابع يستند إلى أن بقايا القديسين هي بقايا من أصدقاء قربهم إلى الله جعلهم قديسين. غريغوريوس النيصصي وأوغسطينوس المغبوط هما من أكدا هذه النظرة حول بقايا القديسين.
وأخيرًا نقول أن فترة ظهور محاربي الايقونات كانت مهمة للغاية إذ برز فيها لاهوت القديس يوحنا الدمشقي الذي دافع عن إكرام الايقونة رابطًا باكرام بقايا القديسين.
ب – شهادة من الآباء عن البقايا المقدسة:
1- القديس باسيليوس الكبير:

كتب القديس باسيليوس رسالة إلى الأسقف أركاديس بمناسبة بنائه كنيسة جديدة، جاء فيها: “لقد سررت للغاية عند سماعي أنك منهمك بمسألة تشييد بيت لمجد الله – وهذا يَدَهِيِّ كونك صرت مسيحيًا – وأنك بالمحبة العملية، احببت “جمال بيت الرب” كما هو مكتوب، أنك بهذا، قد أعددت لنفسك ذلك القصر السماوي الذي أعده الرب في راحته للذين يحبونه. إذا تيسّر لي أن أجد أيّا من بقايا الشهداء، رجائي أن تكون لي مساهمة في محاولتك المحبة”. وفي مناسبة تذكار يوم استشهاد القديس برلعام يقول القديس باسيليوس “كان موت القديسين يكرّم قديمًا، بالدموع وقرع الصدور فبكى يوسف بمرارة عندما مات يعقوب، وناح اليهود كثيرًا عندما مات موسى. أما اليوم فإننا نبتهج ونتهّلل في موت القديسين بالمراثي بعد الموت، بل نطوف حول قبورهم طوافًا إلهيًا. ذلك أن موت الأبرار صار رقادًا بل هو صار حياة….”.
وبتفسيره كلمات مرّنم المزامير (كريم أمام الرب موت أبراره) يقول: “عندما كان يموت أحد في الشريعة اليهودية كان الميت يعدّ نجسًا. أما عندما يموتون في المسيح ولأجل المسيح فذخائر قديسيه كريمة. وكان يقال قبلاً للكهنة وللنذراء ألا يمسّوا الأجساد الميتة لكيلا يتنجسوا: “وكّلم الرب موسى قائلاً: كّلم بني اسرائيل وقل لهم إذا أراد رجل أم امرأة بأن ينذر نذرًا نسكا للرب، فليعتزل عن الخمر المسكر ولا يشرب خلّ خمر أو خلّ مسكر ولا يشرب عصيرًا من العنب ولا يأكل عنبًا رطبًا أو يابسًا، وكل أيام اعتزاله لايأكل شيئًا مما عمل من كل الخمر من اللب حتَّى القشر، وكل أيام اعتزاله لا يمرّ على رأسه موسى حتَّى تتم الأيام التي يعتزل فيها الرب فيكون مقدسًا ويربى شعر رأسه، وكل الأيام التي يعتزل فيها الأب لا يأتي إلى جثة ميت، ولاينجس نفسه لأبيه أو أمه أو لأخيه أو لأخته إذا ماتوا لأن اعتزال إلهه على رأسه، فكل أيام اعتزاله هو مقدس للرب” (عدد 6: 8-6). أما الآن فمن يمسّ عظام الشهداء ينضم إلى القدسيات. وفي عظة على الأربعين شهيدًا قال عن ذخائرهم الموزعة في تلك الجهة كلها: “إنها هي التي تسوس منطقتنا كلها وهي لنا كحاجز ودعائم ضد الهجمات العدائية”.
وفي خطابه عن القديس الشهيد مامانتوس يقول: “إن العجائب التي منح بها القديس الشهيد العافية للبعض والحياة للبعض الآخر إنما هي مشهورة لدى الجميع”. وفي خطابه عن الشهيدة القديسة يوليطا كتب: “إنه لمّا نقلت ذخائرها المقدسة إلى مكان خال من الماء تفجّر من الأرض نبع ذو ماء فرات حتَّى أن سكان تلك الجهة سمّوا القديسة يوليطا مغذيتهم كالأم التي تغّذي أولادها باللبن”.
2- القديس يوحنا الذهبي الفم:
يقول هذا القديس في كلمته عن الشهيدة ذروسيذا: “حيث لاينفع ذهب ولاغنى هناك تفيد بقايا القديسين .لأن الذهب لايشفي من مرض ولاينجي من موت ولكن عظام القديسين تفعل الاثنين” (طبعة ميني 50،689 ). كذلك يشهد القديس نفسه أن بقايا القديسين مخيفة للشياطين. ويذكر أن بقايا القديس بابيلا أبطلت افعال أبولون حيث امتنع عن اجابة الامبراطور يوليان الجاحد إلى طلبه واعترف ابولون نفسه بسبب صمته وهو لأن بقايا القديس دفنت إلى جانب معبده. عندئذٍ أمر الامبراطور بنقل البقايا إلى مكان آخر ليحرر أبولون ويستنتج القديس يوحنا الذهبي الفم من ذلك: “إن المخادع الأول (الشيطان) لم يجرؤ أن ينظر قبر بابيلا. هذه هي قوة القديسين الذين وهم أحياء لم تحتمل الشياطين ظّلهم ولاثيابهم وهم أموات ترتجف حتَّى من قبورهم”.
يشهد القديس ذاته بأن المسيحيين الحسني العبادة معتادون على:
o أن يصّلوا أمام البقايا المقدَّسة.
o أن يقيموا الاجتماعات والاحتفالات حولها.
o أن يقبّلوها قبل المناولة الإلهية.
o أن يتمّنوا أن يدفنوا إلى جانبها.
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم في تقريظة للقديس اغناطيوس الحامل الاله: “ليست أجساد القديسين وحدها ملأى نعمة بل ونفوسهم ذاتها أيضًا لأنه إذا كان في زمن أليشع قد تمّ شيء من هذا القبيل، إذ مسّ الميت النبي انحل من قيود الموت وعاد إلى الحياة. فبالأحرى الآن النعمة أغزر وفعل الروح القدس أخصب؟ فمن يمسّ نعش (القديسين) ذاته عن ايمان لا بدّ وأن يجتذب منه منفعة كبرى. ولذلك أبقى الله لنا ذخائر القديسين رغبة منه أن يقودها إلى تلك الغيرة التي كانت فيهم ويمنحنا ميناء وتطبيبًا حقيقيًا ضد الشر المحيط بنا من جميع الجهات”. وأيضًا في الخطاب على كورنثوس الثانية: “ان عظام القديسين تخضع تعذيبات الأبالسة وتزدريها وتحلّ المكبّلين بقيودها القاسية… أن الغبار والعظام والرماد هي تعذيب الكائنات الخفية”. فلا تنظرن إلى جسد الشهيد العاري والفاقد العمل النفساني والملقى أمامك بل إلى أن فيه تستقر قوة أخرى أعظم من النفس ذاتها وهي نعمة الروح القدس التي تحقق لنا بفعلها العجائبي حقيقة القيامة. لأنه إذا كان الله قد أولى الموتى والأجساد المتحوّلة غبارًا مثل هذه القوة التي لا يملكها أحد من الأحياء فبالأحرى أن يعطيهم يوم القيامة حياة أفضل وأهنأ من السابقة” (خطابه بخصوص الشهيد بابيلا).
3- القديس إيرونيموس (Jerome):
حاول هذا القديس في جوابه إلى فيجيلانتيوس أن يبرهن له أننا نكرّم بقايا القديسين لأننا نعبد المسيح، ولا نعبد الأصنام، والأهم من ذلك أن أجساد المائتين في المسيح يسوع ليست منجّسة كما يقول البعض كاليهود والسامريين الذين يعتبرون الجسد غير طاهر (منجّس) ويبرهن ذلك مستندًا إلى الكتاب المقدس. أما نص رسالته فإليك به: “نحن بالحقيقة نرفض العبادة لا لبقايا الشهداء فقط بل أيضًا للشمس والقمر والملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والسارافيم وكل اسم من المسميات، لا في هذا العالم فحسب، بل في العالم الآتي أيضًا، فلذلك نحن لانخدم مخلوقًا أكثر من الخالق المبارك إلى الأبد، نكرّم بقايا الشهداء، ونعبد الرب، الشهداء هم شهداء للرب. إذا نحن نكرّم خدّام الرب الذين يعكسون ربّهم الذي قال: “من يستقبلكم يستقبلني أنا أيضًا”. ويتابع القول: أنا أريد أن أسأل فيجلانتيوس هل بقايا بطرس وبولس منجّسة؟ هل كان جسد موسى منجّسًا، الذي نحن نقول فيه أن الرب نفسه هو الذي دفنه؟.
هل في كل وقت ندخل فيه كنائس الرسل والأنبياء والشهداء نعبد صناديق ذخائر الأصنام؟. دعوني أوجّه هذا السؤال إليه هل كان جسد الرب منجّسًا عندما وضعوه في القبر؟!.: إذا كانت بقايا الشهداء لا تستحق الإكرام، فكيف نقرأ في المزمور ( 116: 110 ): “كريم لدى الرب موت قديسيه”؟ إذا كان الرجال المائتون ينجّسون من يلمسهم فكيف حدث أن الميت أليشع أقام الرجل الذي كان أيضًا مائتًا؟ فهذه الحياة أتت بعد موته (موت النبي) الذي هو بنظر فيجيلانتيوس يجب أن يكون منجّسًا.
انطلاقًا من هذا الرأي – رأي فيجيلانتيوس – يستنتج القديس “إن كل مخيّم من مخيّمات اسرائيل وشعب الله كان منجسًا لأنه حلّ فيه جسد يوسف وجسد البطاركة في الصحراء، وحمل أيضًا رقادهم المنجّس).
ويستمر القديس في طرح الأسئلة ويقول: “أنا أريد أن أسأل: هل بقايا الشهداء منجسة؟ ويجيب إن كان هذا صحيحًا فلماذا سمح الرسل لأنفسهم أن يسيروا وراء (جسد منجّس) استفانوس بموكب جنازي؟ ولماذا أقاموا له رثاء عظيمًا؟ (أعمال الرسل 8: 2).
4- القديس كيرّلس الأورشليمي:
يقول القديس في موعظته التعليمية الثامنة عشرة: “ليست أرواح القديسين فقط مستحقة للتكريم، ففي أجسادهم الميتة أيضًا قوة واقتدار، أن جسد أليشع كان في القبر ميتًا ومع ذلك فإذا لمس الميت حيي” ( 2 ملوك 13: 21) فقام جسد النبي الميت بعمل النفس. ذلك إن ما كان ميتًا منح الحياة لميت، وظل هو بين الأموات. ولم ذلك؟ خوفًا من أنَّه لو كان أليشع حيًا لعُزيت المعجزة للنفس وحدها. ولكي يبرهن على أنَّه عندما تكون النفس غائبة، تكمن في جسد الأبرار بعض القوة بسبب النفس البارة التي سكنت فيه مدة سنوات، وكان أداة لها.
فلا نكن منكرين يا أبنائي، وكأن ذلك لم يحدث. لأنه إذا كانت “المآزر والمناديل” (أعمال 19: 12) التي هي من الخارج، تشفي المرضى عندما تلمسهم، فكم بالحري يستطيع جسد النبي نفسه أن يقيم المائت”.
5- القديس امبروسيوس:
القديس أمبروسيوس الذي كان أسقفًا على “مديولان” يقول في خطابه حول كشف رفات القديسين: غريفاسيوس وبروتاسيوس وكيليسيوس: “إذا قلت لي: ماذا تكرّم في الجسد الفاني؟ أقول لك: إّني أكرّم في جسد الشهادة الجراح المقبولة لأجل اسم المسيح. أكرّم ذكرى الفضيلة الخالدة أبدًا. أكرّم البقايا المقدسة بالاعتراف للسيد. أكرّم في التراب بذرة خلود. أكرّم الجسد الذي علمني أن أحب الرب وان لا أرهب الموت لأجل الرب. ولماذا لا يكرّم ذلك الجسد الذي يرتجف منه الأبالسة الذين جرحوه في العذابات ويمجدونه في القبر؟ فكرّم اذًا الجسد الذي مجّد المسيح على الأرض تملك مع المسيح في المجد”.
ويتحدّث هذا القديس عن انتقال القداسة إلى ما يخص القديس أيضًا فيقول يوم الكشف عن ذخائر القديسين غير فاسيوس وبروتاسيوس وكيليسيوس: “أنتم اعترفتم بل عاينتم بأنفسكم أن كثيرين تحرّروا من رتبة الأبالسة. وأكثر من هؤلاء أولئك الذين ما كادوا يمسّون بأيديهم ثياب القديسين حتَّى شفيوا فورًا من أدواتهم. إن معجزات الزمان القديم تجددت منذ فاضت النعمة على الأرض بأكثر غزارة بواسطة مجيء الرب يسوع: فأنتم تشاهدون أن كثيرين قد شفيوا بظلّ القديسين.
إن المؤمنين يتساءلون: كم من المناديل تسلم من أيد إلى أيدي. وكم من الثياب قد وضعت على الذخائر الفائقة القداسة فأصبحت شافية من لمسة واحدة. إن الجميع يتسابقون للمسها ومن مسّها أصبح صحيحًا معافى.
6- القديس أفرام السرياني:
يقول في تقريظة للشهداء: “وبعد الموت يفعلون وكأنهم أحياء، فيشفون المرضى ويطردون الشياطين، وبقدرة الرب يدفعون كل تأثير شرير لسيطرتهم في العذاب والتنكيل لأن نعمة الروح القدس الفاعلة المعجزات انما هي ملازمة أبدًا للذخائر المقدسة”.
7- القديس ابيفانيوس:
أسقف قبرص كتب في ترجمة حال الأنبياء القديسين: “أشعياء وأرميا وحزقيال. أن قبور هؤلاء القديسين كانت مرعيّة بإكرام عظيم بداعي العجائب العديدة التي فعلها الله عندها لكثيرين بصلوات الأنبياء والقديسين”.
8- القديس يوحنا الدمشقي:
كتب القديس يوحنا: “ان القديسين هم كنوز الله ومساكنه النقية.ان الله يقول: “اني أسكن فيهم وأسلك بينهم وأكون إلههم ويكونون شعبي”. ( 2كور 6: 16)، والكتاب الإلهي يقول: “ان نفوس الصديقين في يد الله فلا يمسهم عذاب”. إن موت القديسين هو بالاحرى نوم لا موت فإنهم تعبوا في الامر وسيحيون بلاانقضاء. و “كريم أمام الرب موت ابراره”. وأي حال يمكن أن يكون أسمى واشرف من الكيان في يد الله؟ إن الله نور وحياة . والذين هم في يد الله إنما هم في الحياة والنور. لان الله سكن في عقولهم واجسادهم كما يقول الرسول: “أو ً لا تعلمون أن اجسادكم هيكل الروح القدس الساكن فيكم؟ والروح القدس إنما هو الرب، “ومن يفسد هيكل الله يفسده الله”. فكيف لاتكرم هياكل الله الروحية؟ إنهم في حياتهم انتصبوا امام الله بجرأة. إن السيِّد المسيح منحنا بقايا القديسين ينابيع خلاصية، ألا فلا يكفرن أحد لأن (الذخائر) تفيض إحسانات متنوعة وتصب “ميرونًا” طيب العرف. وإذا كان الماء قد انفجر بمشيئة الله من الصخرة الصماء وفي البيداء وفي فلك الحمار (لما عطش شمشون) (اخر 17: 6، قض 18: 15-19). فكيف لايؤمن بأنه كان يجري “ميرون” طيب العرف من بقايا الشهداء أو ذخائرهم؟ فليس بينهم من لا يعرف قدرة الله وشرفه الذي يهبه سبحانه وتعالى للقديسين. نعم ليس احد منهم لايؤمن بهذه الاعجوبة.
إن كل من لمس ميتاعدَّ نجسًا بموجب الشريعة القديمة. ولكن لم يكن الاموات حينئذ كهؤلاء .فنحن لانسمي أمواتًا أولئك الذين توفوا وهم مؤمنون برجاء القيامة ولكن كيف يمكن للجسد الميت أن يفعل العجائب؟ وكيف تطرد الشياطين بهذه الاجساد ويتداوى الضعفاء ويبصر العمي ويطهر البرص وتنتفي التجارب بغير ارتياب. كم كنت تجاهد لتظفر بإنسان يسعى لك لتمثل بين يدي ملك مائت وينوه بك أمامه؟ إذا أفلا يستحق الأكرام اولئك المتشفعون بالجنس البشري كله والمصلون إلى الله من اجلنا؟. في الحقيقة انهم لجديرون بكل تكريم وتبجيل”.
9- القديس غريغوريوس بالاماس:
يقول القديس بالاماس في الذخائر : “إن النور الإلهي هو عطية التأله… هو نعمة الروح القدس، هو نعمة بها يشعُّ الله، فقط، عبر وساطة نفوس أولئك المستحقين حقًا وأجسادهم. إنما هنا يكمن المثال الحقيقي لله، أي في إظهار الإنسان له عبر ذاته، وفي إتمام الأعمال التي هي مخصوصة به، فالحياة الإلهية التي تصير الميراث الخاص لكيانهم برمته، لاتفارق القديسين في لحظة وفاتهم، بل (الحياة الإلهية) تستمر في الاعتلان حتَّى في أجسادهم، وهذا أساس تكريم ذخائر القديسين”.
وكذلك يقول: “مجّدوا قبور القديسين المقدسة. وإذا كانوا هناك، وإن كانت ذخائر (بقايا) عظامهم، فلأن نعمة الله لاتتركهم، كما أن اللاهوت لم يتخلّ عن جسد المسيح المكرّم بعد موته، والذي يمنح الحياة”.
وفي وجوب السجود للذخائر: “نسجد أيضًا للذخائر المقدسة، لأنَّها لم تتجرد من القوة المقدسة، كما أن الألوهة لم تنفصل عن جسد الرب في موته الثلاثي الأيام”.
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:09 PM   رقم المشاركة : ( 13404 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المفهوم اللاهوتي لبقايا (ذخائر) القديسين

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أ- مفهوم عام لعبارةبقايا (ذخائر) القديسين:
كلمة بقايا باللغة اليونانية وباللغة اللاتينية الكلاسيكية RELIQUIAE، في الأصل تعني أن أي شيء من بقايا الأموات، ولكنها مع الوقت أخذت معنى دينيًا إذ خصصت الكنيسة هذه اللفظة لبقايا القديسين وما يختص بهم: كالأجساد والأدوات التي استعملها القديس خلال حياته الأرضية وكل ما تبقى من الأدوات التي تألم بها وأدّت إلى استشهاده.
والبقايا هي جلد القديس، هيكله، ثيابه وكل شيء مادي استعمله حتَّى موته، وفي كثير من الأحيان الأواني المقدسة والأدوات التي كانت لها علاقة مع جسده.
ب- تقديس المادة:
لقد أتى الإله ليقدّس المادة ويطهرها ويرفعها عندما َقبِل أن يصير جسدًا. لأن جسدنا نحن البشر هو من مادة هذا العالم، ولكن هذه المادة بعكس ما يقوله بعض الفلاسفة اليونان القدماء، مثل أفلاطون، الذين يعتبرون الجسد كسجن للنفس والمادة بحدّ ذاتها فاسدة، أو كالهرطقة الغنوسية التي تؤكد أن المادة هي شرّ.
فهي بحد ذاتها جيدة، لأنَّها خليقة الله. لكننا يمكن أن نعتبرها قد فسدت بعد السقوط مع فساد طبيعة الانسان. ولكن هذا لايعني انها لا يمكن أن تتقدس من جديد، لأن المسيح قد أتى ليقدسها. لذلك عندما يتقدس الإنسان نفسًا وجسدًا، “أجسادكم هي أعضاء المسيح ( 1 كو 6: 15 ) وهيكل الروح القدس” ( 1 كو 6: 19 )، وهذه هي دعوتنا أن نتقدس بكليتنا.
نرى في معموديتنا عندما يقدّس الماء ويعاد إلى طبيعته الأصلية، انه يتجاوز طبيعته نفسها: فالمسيح بنزوله إلى الأردن، وباعتماده؛ حوّل الماء إلى قوة الفداء لكل البشر، وجعلها تحمل نعمة الفداء في العالم.
وفي المنظار نفسه، الإنسان المسيحي الذي يلتصق كليًا بالمسيح تتحول مادة جسده بنعمة المسيح فيمتلئ جسمه من الروح القدس ويكون انعكاسًا ونق ً لا لقوة المسيح في العالم، وجسده كّله يصير إلهيًا لأنه ملتصق بالاله المتجسّد.
لقد صار الإنسان عبدًا للقوات الشيطانية عندما صار عبدًا للعالم ومادّته. وتحرير الإنسان يبدأ بتحرير المادة، أي تطهيرها وفدائها، وباعادتها إلى وظيفتها الأصلية: وسيلة لحضور الله، وحماية ودفاعًا ضد الواقع الشيطاني المدمّر.
فالمادة، بالمنظار المسيحي للعالم، ليست محايدة أبدًا. لأنَّها إذا لم “تربط بالله” أي إذا لم ينظر إليها وتستعمل بمثابة وسيلة للشركة معه والحياة فيه، تصبح حاملة لما هو “شيطاني”، بل مكان وجوده بالذات.
وليس من قبيل الصدفة أن رفض الله والدين في عصرنا قد تبلور في المبدأ القائل بالمادية، وبأن المادة هي الحقيقة العلمية المطلقة، وأن لا بد من خوض حرب ضد الله باسم “المادية”، هذا الرفض لم يسبق له مثيل وهو مستمر في أجزاء تتسع باستمرار في عالمنا الذي يفترض أنَّه متحضر.
ولكن ليس من قبيل الصدفة أيضًا أن الدين الكاذب والروحانية الكاذبة غالبًا ما يقومان على رفض المادة، وتاليًا رفض العالم نفسه، وعلى جعل المادة مرادفة للشر أي التجديف على خليقة الله.
ورفض التدخل الإلهي في المادة كان من الأسباب التي أدّت بمحاربي الأيقونات إلى هرطقتهم واحتقار بقايا القديسين، فهم لم يرفضوا عقيدة التجسد من الناحية النظرية، بل على العكس فقد بنوا عقيدتهم بناءً عليها، أمّا من الناحية التطبيقية فرفضوا تقديس المادة بشكل عام وتأله الإنسان بشكل خاص، وبكلام آخر رفضوا قبول نتائج التجسد: تقديس الأشياء المنظورة، العالم المادي، وبالتالي لم يفهموا كل التدبير الخلاصي.
إن الكتاب المقدَّس والايمان المسيحي ينفردان باختبار المادة واظهار أنها صالحة في جوهرها، مع امكانية تحوّلها إلى اداة ناقلة لسقوط الإنسان وعبوديته للموت والخطيئة، ووسيلة يسرق بها الشيطان العالم من الله. ولكننا نستطيع “في المسيح” وبقوّته أن نحرّر المادة ونستعيدها كرمز لمجد الله ووجوده، وكسرّ لفعله وشركته مع الانسان.
إن التقديس سواء أكان تقديسًا للماء أو للخبز والخمر في سر الشكر لا يكون أبدًا معجزة ظاهرة و “مادية”، ولا تحويلاً يمكن أن تتفحصه حواسنا أو تبرهنه. فالواقع أنَّه في “هذا العالم” أي بحسب مقاييس هذا العالم وقوانينه “الموضوعية” لن يحصل شيء للماء، ولا للخبز والخمر.
كما أن فحص هذه المواد مخبريًا لن يؤدي إلى ملاحظة أي تغيير أو تحوّل فيها. وقد اعتبرت الكنيسة دائمًا أن انتظار تحوّل كهذا أو محاولة البحث عنه هما خطيئة وتجديف. فالمسيح لم يأت ليستبدل المادة “الطبيعية” بمادة “تفوق الطبيعة” بل ليستعيدها ويحققها باعتبارها وسيلة للشركة مع الله.
إن الماء المقدَّس في المعمودية والخبز والخمر المقدسين في سر الشكر تمّثل كامل الخليقة، لكنها تمّثلها كما ستكون في النهاية، أي عندما تتمّم في الله، ويملأ الله كل شيء بنفسه. فالتقديس إذًا، هو تجّلي تلك النهاية وظهورها، أي تلك الحقيقة النهائية التي من اجلها خلق العالم، فتحققت بالمسيح عن طريق تأنسّه وموته وقيامته وصعوده، ويعلنها الروح القدس في الكنيسة الآن، وستتم في الملكوت “الآتي”.
ولأن التقديس هو دائمًا تجّلي نهاية كل الأشياء فإنه لا يكون “نهاية بحدّ ذاته”. فالانسان يرى أن الخبز والخمر هما حقًا “جسد المسيح ودمه” لكي يحصل على شركة حقيقية مع الله. وليس في الكنيسة الأرثوذكسية عبادة للقرابين المقدسة ذاتها أو من اجل ذاتها، لأن تحقق سرّ الشكر يكمن في شركة الإنسان وتحوّله. ومن اجل هذا بالضبط، اعطي هذا السر.
والماء المقدّس حتَّى يظهر ويكون غفرانًا للخطايا وفداء وخلاصًا، أي حتَّى يكون ما هو مقصود لكل مادة أن تكون: وسيلة لغاية، أما الغاية فهي تأله الإنسان ومعرفته الله وشركته معه.
ج- تحوّل الجسد:
تقدّر الكنيسة الجسد الانساني تقديرًا كبيرًا. ويشهد على ذلك تجسّد المسيح، أي قاعدة خلاص الإنسان والعالم بأجمعه. ويوضح الرسول بولس: “ففيه يحلّ كمال الألوهة حلولاً جسديًا” (كول2: 9، انظر فيل 2: 5-11، عب 2: 13-18، اش 8 : 18، أع 8 : 9). قد اختبر التلاميذ ذلك على جبل التجّلي وبعد القيامة. فجسد الرب لم ينحلّ داخل القبر، بل أُنهض ولمسه الرسل حتَّى الجروح (مز 15: 9-10، لو 24: 39، يو 2: 21، 20: 27، أع 31-32، رؤ 5: 6).
في خليقة المسيح الجديدة يصير الجسد الانساني “عضو المسيح” و “هيكل الروح القدس” ( 1 كور6: 15-19)، ويُدعى الإنسان إلى تمجيد الله “بجسده” ( 1 كو6: 20 )، وإلى تقديمه “ذبيحه حية مقدسة مرضية عند الله” (رؤ12: 1) “لكي تظهر في أجسادنا حياة المسيح أيضًا ( 2 كو 4: 10). : فإنسان الخليقة الجديدة هو “ذرية الله” (أع 17: 18) ومساهم في مجد الله الذي يعكسه بجسده ( 2 كو 3: 18)
حرب الكنيسة إذًا ليست ضد الجسد بل ضد أهوائه. فإذا تحرّر انسان الخليقة الجديدة من اهوائه الفاسدة، صارت حوّاسه وكامل جسده نقية منيرة، وشعّ كل شيء حوله بمحبة الله ومجده.
د- تأله الجسد:
بشركة الروح القدس يتأله الإنسان بكليّته ( 1 تس 5: 23) أي بالروح وبالقوى (بالأفعال) وكذلك بالجسد.
من أهم نتائج التأله هو تقديس الجسد وتأّلهه. الجسد ليس سجنًا للنفس كما يعّلم افلاطون وليس له هدف ارضي فقط “أما الجسد فليس للزنى بل هو للرب والرب للجسد” ( 1 كور 6: 13). فكما قلنا سابقًا، الجسد يجب أن يكون جسدًا له وهيكل لله مقدس. اذا فالجسد يجب أن يتقدس بالكلية بالتأله، وبالتأله فقط يصل الجسد إلى كامل قيمته وليس في النظريات الانسانية الحديثة.
يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث عن تأله الجسد: “ان النفس التي أصبحت بتقديسها أهلاً لأن تكون شريكة في النعمة الالهية، تستمر بالضرورة بتقديس كامل هيكلها. لأنها حيث تكمن في هذا الهيكل و توجد في كاّفة أعضائه. لذلك فنعمة الروح القدس، عندما تسكن في النفس، تسكن أيضًا في هيكلها. ولكن طالما بقيت النفس في هذا الهيكل فان الروح القدس لا ينقل هيكلها بالكامل إلى مجده لأنَّهُ من الضروري أن تكون لها حريتها وأن تبدي رغباتها وتظهر ارادتها إلى أن تنتهي حياتها الأرضية. وعندما تنفصل النفس عن الجسد يتوقف الجهاد. فان انتصرت النفس وانفصلت عن الجسد حاملة اكليل عدم الفساد. حينئذ تسكن نعمة الروح القدس وتقدّس بالكلية هيكل هذه النفس. ولذلك نجد عظام القديسين وبقاياهم تفيض أشفية تداوي كل ضعف.
إن انفصال النفس عن الجسد يحرّر الاثنين معًا من حاجة كل منهما إلى الآخر ومن تأثير أحدهما على الاخر. وبذلك فإن النعمة الالهية تفضل في كليهما دون أي عائق حيث يصبح الاثنان بكليتهما لله تسكن فيهما النعمة الالهية بعد أن قضيا حياة لائقة بالالوهة عندما كانا معًا. أمّا عند الدينونة العامة فان الجسد أيضًا يكتسب عدم الفساد الذي منحه الله للنفس عند تقديسها.
القديس اثناسيوس يقول في ذلك أيضًا: “ان النعمة الالهية توجد في نفوس وأعضاء القديسين” (شرح المزمور 117). كذلك القديس مكاريوس يقول: “كما تمجد جسد المسيح عند التجلي على الجبل بالمجد الإلهي وبالنور الذي لا يغرب، كذلك تتمجد أجساد القديسين وتلمع. وكما أن المجد الكائن في جسد المسيح أشرق مضيئًا، كذلك أيضًا تفيض قدرة المسيح في ذلك اليوم وتشع خارج أجسادهم ” (الكلمة 15،38 ). وكلما كانت المساهمة في شركة الروح القدس أغنى كلما ازدادت قداسة الأجساد أيضًا. القديس يوحنا الذهبي الفم يقول: “بالموت لا تتغرب أجساد القديسين عن النعمة التي كانوا يحيون بها، بل تزداد بها” (في مديح أحد الشهداء).
هـ – نتائج التأله:
1- لمعان الوجه:
أول انسان لمع وجهه كان موسى (خروج 34: 29-35 )، ثم القديس أنطونيوس، سيسوى، موسى الحبشي و آخرون…
2- انتقال نعمة القديس باللمس:
هكذا نجد أن ما مسّ جسد القديس بولس لم يكن مقدسًا فحسب بل كان ينقل النعمة أيضًا إلى الآخرين (أع 19: 21 ). و القديس باسيليوس الكبير أيضًا يقول: “انّ الذي يلمس عظام الشهيد تنتقل إليه نعمة التقديس الموجودة فيها”.
3- افاضة الطيب:
تفوح من الذخائر المقدسة لبعض القديسين رائحة ذكية لا توصف. ونقرأ في استشهاد القديس بوليكاربوس (+ 156 ) أن جسده كان يفيض رائحة ذكية في حين استشهاده. “….كان الشهيد يقف في الوسط لا كلحم يحترق بل كخبز يشوى أو ذهب أو فضة، وضعت في البوتقة وكّنا نتنسّم رائحة كأّنها البخور أو عطور نادرة ثمينة”.
ونقرأ في السنكسار أن جسد العظيم في الشهداء القديس ديمتريوس المفيض الطيب، “كان ينضح بكثرة، إلى حد أن السكان المحليين وأشخاصًا آخرين قادمين من أمكنة بعيدة كانوا يأخذون منه دون أن ينضب، وبالأحرى أنَّه كان يزداد بشفاعة القديس. وكانت لهذا الطيب قوة العلاجات والأشفية العظمى” .
وكذلك حال عدد من القديسين، مثل القديس نكتاريوس أسقف اجينا، والقديس سيرافيم ساروفسكي. فيمانيا الذي أسس دير خيلانداريوس، والقديس اغناطيوس وغيرهم…..
إن”عبير المسيح” ( 2 كور 10: 2 ) ونعمة الروح القدس يحلان على القديسين ابان حياتهم الأرضية ويملآن اجسادهم. وهذه هي معمودية النار وختم موهبة الروح القدس، كما نقول في سر المسحة المقدسة. وتستمر المعمودية في القديسين فتجعلهم يحسون بحرارة لا يعبر عنها وبشذا غير معروف، وهما من ثمار الروح القدس ولهذا السبب يحضّر الميرون في الكنيسة من عناصر عطرية .
4- عدم فساد الذخائر المقدسة:
لدى الكنيسة الارثوذكسية العديد من بقايا القديسين التي لم ينل منها الفساد بالرغم من الزمن الطويل الذي مرّ عليها . نذكر مثلاً ذخائر القديس اسبيريدون من جزيرة “كركيرة” في اليونان. هناك يوجد جسده الذي يعود إلى القرن الرابع . ليس محنطًا أو ممنوعًا عنه الهواء بل موضوعًا في تابوت، مكشوف دون غطاء. وكذلك جسد القيسة ثيدورا، في اديرة “كييف” وغيرها من المناطق الروسية هناك أجساد ألف راهب لاتزال محفوظة بدون فساد، وكذلك في رومانيا مثلاً القديس يوحنا الجديد والقديس ديميتري سارابوف وغيرهم……
“أحيانًا عدم انحلال أجساد القديسين يعتبر مؤشرًا على قداستهم (وأحيانًا العكس صحيح). ولكن عدم انحلال الأجساد ليس قاعدة عامة توجب التطويب”.
5- العجائب التي تجري بواسطة البقايا المقدسية:
إن قدرة القديسين العجائبية لاتعود إلى قدرتهم الخاصة، بل إلى القوة الالهية الساكنة فيهم، اذ لهم ولله نفس القوة، وبحسب الواهب التي اعطاها الروح القدس لهم، تظهر فيهم العجائب المختلفة التي تجري على ايديهم المباركة. فمنهم من يشفي المرضى، ويقيم الموتى، ومنهم من كان متحررًا من سيطرة قوانين الطبيعة في حياته المتقدسة بحضور النعمة الالهية. فنرى منهم من يتنبأ، أو يتكلم بألسنة، أو يشاهد رؤى، ومنهم من تظهر في جسده سمات الرب يسوع وجراحاته… ومنهم من يشع من جسده نور عجائبي لدرجة تبهر الناظرين إليه، ومنهم من تبعث من جسده رائحة طيب ذكية، كالبخور، سواء قبل رقاده أو بعده. وكل هذا بفعل النعمة الالهية.
فالنعمة الالهية لا تفارق القديسين قبل رقادهم أو بعده. انها لاتقدس أرواحهم فقط، بل أجسادهم أيضًا.
فالقديسون هم أدوات النعمة الالهية الفاعلة فيهم. هم ليسوا على غرار آدم القديم، قبل الخطيئة، بل على صورة آدم الجديد يسوع المسيح، ومثاله. هم يفوقون آدم قداسة ومرتبة، لقد صاروا آلهة – كما اشتهى لآدم أن يصير – انما آلهة بالنعمة بملء حريتهم وحرية الله، وليس بالتجاوز على الله. لقد ملكوا الحياة الالهية، النعمة غير المخلوقة، القوى غير المخلوقة، فتجاوزوا الطبيعة بعجائبهم وذلك بمقدار ما يسمو الإنسان كأقنوم مخلوق (على صورة اقنوم يسوع) على الطبيعة كمادة غاشمة عمياء لا أقنوم لها.
“إن قدرة القديسين العجائبية، التي هي خاصة بجميع المعمودين، وانما في حالة كمون، هي قدرة غير مخلوقة والا كّفت عن أن تكون إلهية، وصارت مجرّد اعتلان طبيعي. فحين دهننا الكاهن بالميرون أخذنا الروح القدس كنعمة للحياة، وكمواهب يظهرها هو متى شاء للمنفعة ( 1كو 12: 13: 1-13)”.
وتذكر سير القديسين عددًا كبيرًا من العجائب التي حصلت بواسطة الذخائر المقدسة. ونقرأ في سيرة القديس نكتاريوس الحادثة التالية: “يوم رقاد القديس الطاهر أمسك أحد الأشخاص بيمينه، وكان عديم الإيمان والتقوى، إلا أن زوجته كانت امرأة ورعة فما أن أمسك بها حتَّى شعر أنها حارة وطرية. فتعجب كثيرًا ثم تاب وغدا، بنعمة القديس، مؤمنًا ورعًا”.
6- تمجيد الجسد في الحياة الحاضرة وبعد القيامة العامة:
يقول الأب رومانيدس في مقالته حول تمجيد الانسان: “لم يعد التمجيد محدودًا فقط في القلب، ظاهرًا كالأنبياء، بل ممتدًا إلى كل جسد من أجساد هؤلاء الممجدين ومستمرًا في القديسين بشكل دائم، فيلهمون بواسطة تمجدهم الثابت ويصبحون ذخائر مقدسة”.
ونقول أيضًا في خدمة الجناز أن جسد المسيحي هو “صورة مجد الله الذي لا يوصف” على الرغم من أنَّه “يحمل آثار الزلات”.
“إن عقيدة تكريم رفات القديسين (وكذلك تكريم الايقونات) مؤسسة على الإيمان بوجود ارتباط روحي ما بين الروح القدس ورفات هؤلاء القديسين التي لم يستطع الموت الجسدي أن يحّلها إلى التراب الذي أخذت منه. الرفات هذه بقيت تعيش مع النفس الحية إلى حدّ ما. هناك نعمة روحية في أجسادهم وحتى في أصغر بقايا أجسادهم. هذه النعمة الروحية حافظت وتحافظ على هذه الأجساد أن تبقى بعدم انحلال وتلف. بقايا أجساد القديسين هذه انما هي أجساد ممجدة قبل الأوان أي قبل القيامة العامة للأجساد الراقدة التي تنتظر هذا اليوم. انها تشبه جسد الرب عندما كان في القبر، والذي وان كان مائتًا بدون نفس حيّة ولكنه لم يكن مطروحًا من الروح الالهي، بل كان ينتظر القيامة”.
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:11 PM   رقم المشاركة : ( 13405 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أنتم آلهة وبني العلي تُدعون

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقول لنا الكتاب: “إذاً أنتم آلهة وبني العلي تُدعون”.
إذا نظرنا الى أولاد الملوك والأمراء وأبناء الطبقة الراقية. إذا نظرنا الى البيوت التي يحصل فيها الأولاد على العناية والرعاية وحسن التربية، هل نراهم يتساوون في التصرّف والمعاملة بكافة جوانبها مع الذين ليسوا على هذه المستويات التربوية.
ألا يتميّز الناس عن بعضهم البعض بالأخلاق؟ هل يرضى من يتمتع بأخلاق حميدة بتقليد من كانت أخلاقه فاسدة؟ ألا يبتعد الصادق عن طرق المخادعين؟ ألا يستقبح أفعالهم؟ ويتجنب مسالكهم.
طوبى للرجل الذي يتقي الرب… لا كذلك الأشرار لا كذلك.
إذاً المؤمن، واعتماداً على ما أعطى الله لكل إنسان يعمل على تطبيق شريعة الله، ولو كلفه ذلك حياته. ألم يقف المؤمنون عبر تاريخهم في وجه جميع المتسلطين. ويشدد الرسول بولص على أنهم غلبوا الممالك وسادة هذا العالم. لو لم يتحدى المسيح الموت ويقتله بالموت لما صار الفداء. لو لم يرفض المسيح مغريات العالم لفارقته الكلمة الإلهية المتجسِّدة ولصار كأي واحد في هذا العالم، ولما صار سيداً في السماء والأرض وهو ببشريّته. لو سار بحسب مفاهيم الناس لصار واحداً من الناس في كلِّ شيء وبالخطيئة، ولكان احتاج هو لمخلص.
هو الذي يقول لنا: “تعلَّموا مني…”.
ويوصينا الرسول بولص قائلاً: “إقتدوا بي كما أقتدي أنا بالمسيح”.
بكل تأكيد المسيحيّة تعلمنا أن نثور على كلَّ فساد وظلم وخطيئة. مبتدئين أولاً من أنفسنا حتى بالنعمة نكتسب وبحسن التصرف نتوصل لتغيير غيرنا والتأثير عليه مهما كان وأينما كان. فهل نحن كذلك لنفحص الأمر ونعرف مقدار ما يقف المسيحيون بإيمانهم ضد العالم يتحدون طرقه وأساليبه. يوصينا المسيح أن نهتم بملكوت الله وبرّه وهذا كله يزاد لنا ويعطى، إن مقارنة بسيطة بين حياة المسيحيين في هذه الأقوال والتعاليم سنجد أن المؤمنين يطبقون أحوال العالم بمحدوديته ويطيعونه ويديرون ظهورهم لما يطلبه يسوع المسيح.
يقول لنا السيد له المجد: “ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا”، ويوصينا أن لا نحلف بشيء البتة فهو نوع من عبادة الأصنام وإعطاء القيمة لمن ليس له القيمة من ذاته.
ويقول الرسول بولص في هذا المجال: “لتكن نعمكم نعم، ولاكم لا.
إذا تفحصنا حياة الكثيرين كيف نجدها. نجدها مليئة بالسبل الملتوية وبالتدليس، والعمل إقتداءً بأهل هذا العالم وقد قلَّ في حياتنا تحدي العالم بتجنب طرقه وأفكاره وأعماله، وصار الخضوع لما يمليه هو الفكر والعقل والتعقل. وطاعة المسيح عبارة عن شيء يفوق الطبيعة. أو فكره مرَّ عليه الزمن وصار لزمن غير زمننا، وبالتالي نعلن خضوعنا للعالم وطرقه غير شاعرين بأنفسنا أن الذين تقدسوا والذين نمدحهم ونفتخر بهم هم الذين ساروا على طريقه وصلبوا العالم وكانوا بشراً مثلنا.
يوصينا السيد بالمحبة والتسامح فأين نحن من ذلك. نتعامل مع بعضنا بكبرياء وبتعالي، ويخترع كل واحد منا طريقاً ليخجل الآخر، ويظهر تفوقه عليه بينما يوصينا الإنجيل أن نتواضع تحت يد الله القويّة، وأن نقدم بعضنا البعض بالاكرام والاحترام.
يتقدم إلينا العالم بصور مغرية عن المال والسلطة والمتعة، المسيحية تعتبر هذه الأشياء غير ثابتة بالنسبة لنا فنحن عنها وعن عالمها راحلون، وهي باقية بالنسبة لنا فترات قليلة هنيهات إذا قيست بالأبدية حيث السعادة التي لا حدود ولا زمن محدود لها. ونضرب عن هذا المفهوم ستاراً من المفاهيم الأخرى فنتعامل مع العالم كأننا ضد المسيح.
أين هي فضيلة العفة؟ أين هي فضيلة السعادة الروحية؟ من خلال فضائل العيش بمقتضى الكلمة الإلهية؟ أين هي فضيلة سلطة الإنسان على ذاته؟ وضبطه لنفسه وتجنبها ويلات أحوال هذا العالم؟
مما تعود الناس على إتباعه، أن لا يرتادوا الكنيسة بعد موت فقيد من الأقرباء إلا بعد مضي مدة زمنية تقارب في بعض الأحيان السنين، واكتسبت هذه الحالة درجة العرف، ويخجل البعض مخالفتها، أما تذوق حلاوة الصلاة فيتحدى العرف الخاطئ ويذهب الى الكنيسة للوقوف بين يدي من تتوق إليه نفسه كما تتوق اليمامة الى عشها، والأيِّلُ الى ينابيع المياه.
أسئلة كثيرة ترد الى ذهننا، ونحن نحاول أن نرضي الله لا العالم، ولكن ثباتنا وقوتنا بالذي قوته بضعفنا تكمّل.
نسأله تعالى أن يهبنا هذه النعمة، نعمة تحدي العالم لا لكي نستصغر العالم بل لكي تبغي نفوسنا ما هو أعلى وأسمى وذلك وارثة ملكوت السماوات، والحمد للذي يقوينا في ضعفانا لننتصر على الشرير آمين.
باسيليوس، مطران عكار وتوابعها
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:19 PM   رقم المشاركة : ( 13406 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البقايا المقدسة في الكتاب المقدَّس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أ- البقايا المقدسة في العهد القديم:
نجد في الكتاب المقدَّس دلائل على تكريم ذخائر القديسين، حتَّى في العهد القديم. فقد ورد فيه أن عظام يوسف الصدّيق حفظت بعناية واهتمام (يشو 49: 15 ). وهذا أمر غريب فعلاً، ففي العهد القديم اعتبرت ملامسة جسد الإنسان الميت “نجاسة” (لاو 21: 1-9، خر 44: 25). لكن الاسرائليين نقلوا عظام يوسف باحترام عظيم، ولم يتنجسوا (تك 50: 25، خر 13: 19) و”عظام يوسف التي أصعدها بنو اسرائيل من مصر ودفنوها في شكيم في الحقل الذي كان يعقوب قد اشتراه من بني حمورابي شكيم بمائة قسيطة فضة وصارت ميراثًا لبني يوسف”(يشوع 24: 32).
إن كثيرين ماتوا في مصر ولم تنتقل إلاَّ ذخائر يوسف وحدها لأنه كان صدّيقًا وقديسًا معروفًا وعظيمًا وصفيّ الله كما تنطق بذلك ترجمة حاله.
والله نفسه كرّم جسد صفيّه موسى بشرف عظيم إذ دبّر أن تدفنه الملائكة في أرض الموآبيين. فلم يعلم أحد من الناس حتَّى الآن كيف وأين دفن موسى “وقال الرب (لموسى) هذه الأرض التي أقسمت من أجلها لابراهيم ولاسحق وليعقوب قائلا إني أعطيها لنسلك إني أريتك بعينيك ولكن لاتعبر إلى هناك، فمات موسى عبد الرب هناك في ارض موآب بموجب كلمة الرب، فدفنه في : واد بأرض موآب قبالة بيت فعور ولم يعلم إنسان بقبره إلى اليوم…” (تك 34: 4-8).
والمشهور عن ذخائر القديس اليشع هو أنَّه ما كاد جسد أحد المتوفين يمسّ عظام النبي في قبره حتَّى عاش الميت وقام. “فمات اليشع فدفنوه وجاءت غزاة موأب إلى الأرض عند دخول العام وحدث عندما كانوا يدفنون رج ً لا، أنهم رأوا الغزاة فطرحوا الرجل عند قبر اليشع فنزل الرجل ولمس عظام النبي وعاش وقام على قدميه” ( 4 مل 13: 21).
وأيضًا “وتوارى إيليا في العاصفة فامتلأ اليشع من روحه وفي أيامه لم يتزعزع مخافة من ذي سلطان ولم يستول عليه أحد، لم يغلبه كلام وفي رقاد الموت جسده تنبأ، صنع في حياته الآيات وبعد موته الأعمال العجيبة” (سير 13: 15).
قال القديس كيرلس الأورشليمي: “إن أليشع وهو في الأحياء فعل معجزة القيامة بروحه”. “فلما دخل اليشع البيت إذا بالصبي ميت ملقى على سريره، فدخل وأغلق الباب عليهما وصّلى إلى الرب، صعد على الصبي واضطجع عليه ووضع فمه على فمه وعينيه على عينيه ويديه على يديه وامتدّ عليه إلى أن دفئ لحمه، فرجع ومشى في البيت فترة هنا وفترة هناك ثم عاد ثانية فامتد عليه فعطس الصبي سبع مرات وفتح عينيه ودعا جيحزى وقال: ادع هذه الشونميّة دعاها فدخلت إليه فقال: خذي ابنك، فصعدت وخرّت عند رجليه وانحنت إلى الأرض وأخذت ابنها وخرجت”( 4مل: 37-32).
فضلاً عن ذلك فكي لا تبقى أرواح القديسين مكرّمة وحدها فقط بل ليؤمن الناس بأن لأجساد الأبرار أيضًا تلك القوة عينها فالميت الذي سقط في رمس أليشع حيي إذ مسّ جسد النبي الميت.
فجسد النبي الميت فعل المعجزة عوص روحه فإذا كان ميتًا وملقى في القبر منح الميت الحياة والمانح الحياة نفسه بقي ميتًا كما كان. ولماذا؟ لكي لا يعزى هذا العمل للروح وحدها فيما لو قام أليشع. بل ليرى أّنه وفي حال عدم وجود الروح في الجسد تضمن في أجساد القديسين قوة فاعلة للمعجزات إذ في أمد سنين سكنت فيها روح بارزة خاضعة لها.
ولمّا كان ملك اليهودية يوشيّا يستأصل العبادة الوثنية، وحينئذ أحرق كثيرًا من عظام الأموات فحوّلها رمادًا. إلا أنَّه أمر مع ذلك بأن يحفظ ذخائر النبي انسان الله القديس الموجود هناك بالاكرام كاملة سالمة “…ولتفت يوشيا فرأى القبور التي هناك في الجبل فأرسل وأخذ العظام من القبور وأحرقها على المذبح ونجّسه حسب كلام الرب الذي نادى به رجل الله الذي نادى بهذا الكلام. وقال ما هذه الصورة التي أرى؟ فقال له رجال المدينة: هي قبر رجل الله الذي جاء من يهوذا ونادى بهذه الأمور التي عملت على مذبح بيت ايل. فقال دعوه، لا يحركن أحد عظامه. فتركوا عظامه وعظام النبي الذي جاء من السامرة…” (انظر 4 مل 23: 4-25).
وأخيرًا يروي الكتاب أيضًا أن أحد “رجال الله” صّلى ولم يحافظ على الوصايا، فعوقب على ذلك بأن لقيه أسد وهو خارج من بيت ايل على ظهر حماره، فقتله”. وبقي ملقى على الطريق والحمار مقابله، والأسد قائم إلى جانب الجثة”. أي أن الوحش الذي صار أداة للعدل الإلهي، لم يمزّق جسد رجل الله، بل تصالح مع الحمار ووقف بقربه يحرس الذخيرة المقدسة. ثم مرّ بعض الناس من هناك ورأوه، فأسرعوا إلى المدينة وأذاعوا النبأ. أما النبي الشيخ الذي تسبّب في ضلال رجل الله فذهب إلى ذلك الموضع ووجد جّثته ملقاة على الطريق والحمار والأسد قائمان بجانب الجثة، ولم يأكل الأسد الجثة ولا افترس الحمار. فأخذ النبي جثة رجل الله وجعلها على الحمار ورجع بها. ودخل النبي الشيخ المدينة ليندبه ويدفنه، ووضع جثته في قبره، وندبوه قائلين: أواه يا أخي. وبعد أن قبره كّلم بنيه قائ ً لا: إذا م ّ ت فادفنوني في القبر الذي دفن فيه رجل الله، بجانب عظامه ضعوا عظامي” ( 3 مل 13: 25-31).
يشهد هذا المقطع الأخير على ثقة ذلك النبي بالقوة العجائبية الكامنة في ذخائر الإنسان القديس، ولو خالف ذلك وصايا الله برهة فعوقب. وكذلك موقف الحمار والأسد اللذين صارا أداة في يد الله فوقفا باكرام وورع إلى جانب الذخائر.
ب – البقايا المقدسة في العهد الجديد:
فإن كانت عظام وبقايا أنبياء العهد القديم – الممسوحين من الخارج – قد أقامت الميت، فكم بالحرى ذخائر قديسي العهد الجديد، الذين سكن فيهم يسوع من الداخل ومسحهم بالروح القدس القاطن فيهم، جاعلاً أجسادهم هياكل له ( 1 كور 6: 19).
إن من لا يكرّم ذخائر القديسين هو بعيد عن روح الانجيل، لأن الإنجيل يأمرنا أن نقدم اجسادنا ذبيحة حيّة مقدسة (رو 13: 1). وهذه الذبيحة لاتقدم إلا بالروح القدس، جاعلاً الجسد للرب والرب للجسد ( 1كور 6: 13)، : فإن كانت حياة الرب يسوع تظهر في أجسادنا ( 2كور 4 : 10) فكم بالحرى نعمة روحه القدوس.
وجاء في انجيل متى أن قبور الانبياء في أيام المسيح كانت مبنية في أورشليم ومدافن الصدّيقين مزيّنة تكريمًا لذخائرهم المقدسة: “الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزيّنون مدافن الصدّيقين وتقولون لو كنا في أيام آبائنا لما شاركناهم في دم الأنبياء” (متى 23: 29-30).
وربما تقول : إن المسيح لم يثن على عمل أهل أورشليم هذا بل الأمر بالعكس لأنه أنبهم قائلاً: “الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزيّنون مدافن الصديقين”. ولكن ثيوفيلكتوس المغبوط يجيب على هذا بقوله: “إن الرب لم يؤنبهم لأنهم بنوا للأنبياء قبورًا، عملهم هذا عمل جيد، بل لأنهم عملوا هذا رياء أو منافقة أنبهم على نفاقهم ورداءتهم ضد المسيح. إنهم قالوا (لو كنا في أيام آبائنا لما شاركناهم في سفك دماء الأنبياء) مع أنهم في الوقت عينه كانوا ينوون قتل ابن الله الذي تنبّأت عنه الأنبياء. ولذلك قال لهم الرب: “الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون فاملأوا أنتم مكيال آبائكم”، فمن هنا نرى جليًا أن تكريم الذخائر المقدسة كان عند الاسرائيليين ليس قبل مجيء المسيح فقط بل وفي أيام حياته على الأرض أيضًا.
إن المرأة نازفة الدم إذ لمست ذيل ثوب المخلص لن تسمّ عابدة أصنام بل بالعكس لأنَّها بسبب ذلك نالت الشفاء والمديح “وإن امرأة مستحاضة منذ اثني عشرة سنة، وقد كابدت كثيرًا من اطباء كثيرين وصرفت جميع ما عندها من أموال ولم تستفد شيئًا بل صارت إلى أسوأ حال، فلمّا سمعت بيسوع جاءت في المجمع من خلفه ولمست ثوبه، لأنَّها قالت إني إذا لمست ثيابه شفيت.
وللوقت كفَّ مجرى دمها وأحسّت بأنها برئت من دائها، عندئذٍ علم يسوع في نفسه بأن قوة قد خرجت منه فالتفت إلى الجمع وقال: من لمس ثيابي؟ فقال له تلاميذه: أنت ترى الجمع يزاحمك وتقول من لمسني، فنظر حوله ليرى التي فعلت هذا، فخافت المرأة وارتعدت لعلمها بما حصل لها وجاءت فركعت أمامه واخبرته بالحقيقة كّلها فقال لها: “يا بنية، قد شفاك إيمانك فانطلقي بسلام واسلمي من دائك” (مر 5: 25-43، مت 9: 20-22، لو 8 : 43-48).
ولم ينبذ أولئك الذين كانوا يأتون بايمان وحمّية إلى ظلّ الرسول القديس بطرس، بل الأمر بالعكس، لأنهم كانوا يكافأون بالشفاء من أمراضهم لا بل “كان المؤمنون يزدادون للرب جماعات من رجال ونساء، حتَّى أن الناس كانوا يخرجون بالمرضى إلى الأسواق ويضعونهم على أسرّة وفرش لعلّ بطرس إذا مرّ، يظّلل بعظهم بظّله، وقد اجتمع أيضًا في أورشليم من المدن التي حولها جماعات يحملون مرضى ومن عذبتهم الأرواح النجسة فبرئوا جميعهم واحدًا فواحدًا” (أع 5: 14-16).
ولم يسمّ أولئك الذين وضعت عليهم العصائب والمناديل المأخوذة عن جسم القديس بولس ومن شفيوا بذلك رقاة ومعوذين. “وصنع الله على يد بولس قوات عظيمة، حتَّى أنهم كانوا يأخذون عن جسمه إلى المرضى مناديل أو عصائب فتزول عنهم الأمراض وتخرج منهم الأرواح الشريرة”. (أع 19: 11-12). فإذا كان للظلّ والمناديل الرسولية هذا المقام من الكرامة عند المؤمنين فبالأحرى أن يكون تكريم ذخائر الرسل المقدسة ولا ريب أعظم مقامًا عندهم. وإذا كانت لتلك قوّة شفائية فبالأحرى أن تكون لهذه أيضًا.
ونستنتج أيضًا أن أجساد جميع المسيحيين يجب أن تكون، وكذلك اجساد القديسين، هياكل الروح القدس. وهذا ما يؤكده القديس بولس الرسول في كلماته: “أما تعلمون أنكم هياكل الله وروح الله يسكن فيكم” ( 1 كور 3: 16-17)، “أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وانكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجّدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي الله” ( 1 كور 6: 19-20).
والرسول ذاته يقول أيضًا: “فإن طهّر نفسه من هذه يكون اناء للكرامة مقدسًا نافعًا للسيد مستعدًا لكل عمل صالح” ( 2 تيمو2: 21) بكل تأكيد فإن اجساد القديسين هي هياكل الروح القدس و “آنية للكرامة” وان كانت النفس قد فارقتها بالموت.
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:21 PM   رقم المشاركة : ( 13407 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من كتب الأناجيل؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأناجيل الأربعة مَن كَتَبها؟ تقليدياً يُنسب الأول، كما نعرف، إلى متّى والثاني إلى مرقص والثالث إلى لوقا والرابع إلى يوحنّا. نقول “يُنسب” لأنّه لا إثبات. والرأي وارد، عند الأقدمين، أن يكتب أحدٌ وينسب ما يكتبه إلى آخرين. اعتمادنا في نسبة هذا وذاك من الأناجيل إلى فلان أو علتان مردّه لا الإثبات التاريخي العلمي بل تقليد الكنيسة. هكذا ورد في الكنيسة وهكذا نقول. طبعاً، المجال مفتوح، بشرياً وعلمياً، للنظريات التي تدعم أو تدحض. وقد تميل، شخصياً، إلى هذه النظرية أو تلك ولكن تبقى النظرية نظريَّة. ربما ترجّحها لكنْ لا حقّ لك في أن تُحلّها في موقع اليقين. إذاً تبقى في حدود التخمين. كل قول، في هذا العالم، يدحضه قول آخر! إذاً يبقى تقليد الكنيسة أثبت وأكثر أهلاً للثقة.
ماذا جرى حتى لم تأتِ الأناجيل متطابقة؟ هناك إمكانية أن تكون مصادر المعلومات متعدّدة ومتفاوتة. وهناك، أيضاً، إمكانية أن يكون بعض ما ورد في الأناجيل من الأوساط عينها ولكنْ كل إنجيلي نقله على طريقته، وفقاً لاهتماماته وباعتبار نظرته إلى الأمور. ما رآه الواحد ربما رأى الآخر ما سواه. هذا شأن الطبيعة الإنسانية. ليس البشر آلات استنساخ. الأناجيل الإزائية (متّى ومرقص ولوقا) ربما اعتمدت، في بعض موادها، على مصدر أو مصادر مشتركة، ولكنْ، واضح أن لكل ترجمة للحدث، الذي نظنّه واحداً، عند هذا وذاك، فرادتُها. مَن ترى كان عرضه الأدقّ أو مطابقاً للحدث عينه؟ سؤال لا جدوى من طرحه. ليس السؤال ماذا جرى، هنا وثمّة، بالضبط؟ هذا لا سبيل لمعرفته ولا هو شغل الكنيسة. بل السؤال: كيف وقع الحدث في نفس هذا وذاك؟ هناك، دائماً، عامل شخصي، مرآة شخصية، شيء من فكر هذا الإنجيلي أو ذاك، شيء من إحساسه، من خلفيته. إلى أي حدّ يسيء هذا إلى الحدث عينه؟ في خبرة الكنيسة هذا لا يسيء. هذا يُغني! طبعاً، النظريات يمكن أن تحلّل وتقارن وتنسب إلى هذا وذاك ميلاً في هذا الاتجاه أو ذاك. الكنيسة لم تجد في القراءة الشخصيّة للأحداث عيباً ولا شكّكت في شهادة أحد الإنجيليّين دون سواه. بالعكس نظرتها إلى الأناجيل الأربعة كانت أنّها تتكامل. والكنيسة، في كل حال، قاومت أحديّة النصّ على طريقة تاتيانوس في الدياتيسيرون، أي أن تجمع الأناجيل الأربعة في نصّ واحد. أكثر من ذلك أنّ الكنيسة تتعاطى كل كلمة وردت في الكتاب المقدّس باعتبارها موحاة من الله. بكلام القدّيس يوستينوس بوبوفيتش: “كل كلمة من الكتاب المقدّس نقطة من الحقيقة الأبديّة”. ولا كلمة ولا شخصيّة في غير محلّها. ولا كلمة يمكن أن يُقال في شأنها إنّها ليست كلمة الله. قد يخطر في البال أن في هذا الموقف ادّعاء وتصنّعاً وأن الكنيسة، حفظاً لنفسها، لمؤسستها، زعمت أنّ كل كلمة في الأناجيل مقدّسة وفوق أن تُمسّ. قد يخطر بالبال أنّ الأمر كان، بشرياً، غير ذلك، في وقت من الأوقات، ثمّ تناولت الكنيسة النصّ وأسبغت عليه صفة العصمة الإلهيّة. هذا يمكن أن يخطر في البال، لكنّه لا يعدو كونه نظريّة. لا بشرياً ولا إلهياً هذا قابل للإثبات. الكنيسة لا تقول ذلك، وهي لا تقول ذلك لأنّ معرفتها بالله وحضوره وعمله وطبيعة علاقتها بالله، وتالياً، بالأناجيل تمدّها تمدّها باليقين الداخلي، بروح الربّ، لا فقط بعمل العقل، أنّه لا مجال للشكّ ولا في كلمة من الكلمات التي وردت في الأناجيل. الكنيسة تعرف ولا تخترع نظريّة في هذا الشأن. تعرف أنّ الأناجيل ليست من عمل الناس وحسب بل من عمل الله أيضاً. الأناجيل حقيقة تجسديّة. هناك ناس تكلّموا ولكنْ مسوقين بروح الربّ. لا الأناجيل صناعة أدبيّة بشريّة نصنّفها مقدّسة لأنّها تتعاطى القدسات، ولا الأناجيل إلهيّة مُنزلة نَطق بها الناس، عن الله، نطقاً. كلا الموقفَين معيوب. هناك وحي. الناس تكلّموا، فكّروا. أحسّوا. استعملوا مفرداتهم الخاصة.
المسحة الإنسانية، في الأناجيل، كانت أمراً واقعاً. ولكنْ كانت الأمور واضحة في أذهانهم وضوح الشمس. الروح أضاءهم. كانت عليهم نعمة وكانوا على صفاء في مطالعتها بحيث انبثّ فيهم حسّ داخلي جعلهم يتيقّنون، في ذواتهم، أن الخبر هو على هذه الصورة وليس على تلك. وكذا الكلام الذي بلغهم، وأن هذه الجملة وهذا التعبير وهذه اللفظة هي الموافقة لا سواها. لا صدفة ولا عشوائية. هذا جرى في مستوى الإحساس الداخلي. بهذا المعنى الروح أوحى وعَصَم فجاءت الأناجيل على الشكل الذي جاءت عليه. هنا أيضاً قد يحسب قوم أنّ في ذلك ادّعاء. لا يصدّقون أنّ الروح يعمل في ضعف الناس! لا بأس! الناس الذين يتعاطون الأناجيل بشرياً لا تجسدياً، أي كواقع إلهي إنساني، بالمعنى الكامل للكلمة، ستبقى لهم شكوكهم ونظرياتهم. هم أحرار! ولكنْ هؤلاء لا ينفعوننا في شيء. خير لنا أن نحذرهم مهما بدوا أذكياء فهماء، لأنّ ديدنهم أن يأتوا بنا إلى الشكّ لا إلى اليقين. يشوّشون، على نحو جذّاب، ولكن، على غير طائل ولهم عند ربّهم حساب! أما نحن فنعرف أنّه إن لم يَبْنِ الربّ البيت فباطلاً يتعب البنّاؤون. الضامن هو روح الربّ لا حكمة الحكماء. إذا لم يُزِلِ الربّ الشكّ، بالإيمان فينا، ويثبّت اليقين فلا خير يُرتجى، نحن في معرض التخمينات! أما الله فحيّ وهو الضابط الكل، ولأنّ الكنيسة قائمة فيه تلقاها قائمة في اليقين الكامل. هذا أمر لا شكّ فيه عندنا!
أن يوحي روح الربّ ويعصم حتى إلى اللفظة والحرف أمرٌ خبره القدّيسون ويشهد له المؤمنون في الكنيسة. دونك هذا الخبر عيّنة. القدّيس برصنوفيوس الشيخ الغزّاوي الكبير، الذي عاش بين القرنَين الخامس والسادس، وتنيّح سنة 550 م، لنا منه رسائل جزيلة القيمة، بالمئات. في الرسالة الأولى ورد أنّ الأنبا ساريدوس، الذي كان رئيس الدير، كان صلة الوصل بين الشيخ المعتزِل والتلاميذ، ينقل الرسائل إلى الشيخ ومنه. لم يكن الأنبا ساريدوس ينسخ الكلام على الورق كما يمليه عليه الشيخ في حضوره. بل كان الشيخ ينقل له الجواب شفاهاً، ثمّ يذهب الأنبا ساريدوس ويدوّن ما سمعه من الشيخ كلمة كلمة، دونما زيادة أو نقصان، ووفقاً للترتيب الذي شاءه الشيخ للكلام. كيف كان الأنبا ساريدوس يفعل ذلك؟ ألم يكن على ضعف أو قصور؟ بلى. لكنّه كان يفعل ذلك بروح الربّ لأنّ الشيخ صلّى له صلاة خاصة ثمّ قال له (والكلام للشيخ برصنوفيوس): “اذهب، اكتب ولا تخف. حتى لو أمليتُ عليك آلاف الكلمات، فلن يسمح روح الربّ أن تكتب كلمة بزيادة أو كلمة بنقصان، حتى عن غير إرادة منك، بل يرشد يدك لتكتب بترتيب”.
هكذا الأناجيل في خبرة الكنيسة. روح الربّ كان حاضراً وفاعلاً وضابطاً لكل شيء بطريقة هو يعرفها. لا مجال للشكّ ولا في كلمة مما ورد فإنّنا يوم نتعاطى ولو كلمة واحدة، ولو شخصيّة واحدة، بروح الشكّ فإنّ الأناجيل كلّها، ولو بعد حين، سيصبح كلُّ ما ورد فيها موضع شكّ. الكتاب، إذ ذاك، نتعاطاه كمعطى بشري لا تجسّدي. إذ ذاك تسقط كلمة الله في النفوس وتموت. هذا ليس من عمل الله! هذه حكمة أرضيّة نفسانيّة شيطانيّة (يع 3: 15)!
من هنا ضرورة الحذر ممَن يُلقون ظلال الشكّ في أيّ ما ورد لا في الأناجيل وحسب بل في الكتاب المقدّس كلّه. إنّهم لا يدرون ماذا يفعلون. يتعاطون الكتاب كأنّه لعبة فكريّة بين أيديهم، والأمر أخطر!
ويل لمَن يُعثر أحد هؤلاء الصغار! كان خير له “أن يُعلَّق في عنقه حجرُ الرحى ويُغرَق في لجّة البحر… ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العَثْرَةُ” (مت 18: 6 – 7).
الأرشمندريت توما (بيطار)
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:24 PM   رقم المشاركة : ( 13408 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أين كان المسيح بين طفولته وبداية بشارته

ولماذا كانت الأناجيل صامتة حول هذه الفترة؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لا نعرف الكثير عن صبا الرب يسوع من الأناجيل القانونية إلا مشهداً واحداً عندما ظهر يسوع في الثانية عشرة من عمره في الهيكل (لو2: 41-51). حتى هذا المشهد يبدو أنه مستقلٌ. وعلى الأرجح أدخل هذا المشهد في هذا الموضع لغاية لاهوتية. ففي الإصحاح الأول من لوقا، يأتي ملاك ويخبر العذراء أن يسوع هو ابن الله. وفي الإصحاح الثالث يخبر صوت الله أن يسوع هو ابنه. وفي الإصحاح الثاني، يتكلم يسوع ولأول مرة، وهو ابن اثنتي عشر سنة، ويعرّف الله بأنه أبوه: “ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟” (لو2: 49). لهذا فغاية هذا الظهور هنا غاية خريستولوجية: إن يسوع الذي يعمل ويتكلم خلال بشارته كابن الله قد سبق وتصرف وتكلم كابنٍ لله منذ أول ظهور له علناً. فهناك تواصل مستمر خلال حياة يسوع: إن ليسوع، وهو في حضن عائلته، المعرفة والقوة والوعي نفسها التي أظهرها خلال بشارته. وفي الأناجيل الباطينية (الأبوكريفا) نجد هذه الفكرة من إسقاط أعمال وأقوال يسوع خلال بشارته على فترة طفولته وصباه. وحتى الانتقادات التي تعرّض لها خلال بشارته نجد صدى لها هنا. ففي “إنجيل الطفولة لتوما” الباطني نجد أن الصبي يسوع قد صنع طيوراً من الطين وجعلها تطير. فشكاه يهوديٌ ليوسف لأن يسوع كان يعمل بالطين في يوم السبت. لهذا فقصة ظهور يسوع في الثانية عشرة من عمره لها مدلولٌ لاهوتي أكثر منه تاريخي.
ومن جهة أخرى، من المعروف أن يسوع قد عاش مع عائلته في الناصرة خلال صباه، وكان يعمل في النجارة، مهنة يوسف، حسب عادات ذلك الزمان [1]. ولأن الإنجيليين لم يكونوا مهتمّين بالنواحي التاريخية من حياة الرب إلا بالتي ذات مدلول لاهوتي خلاصي يخدم بشارتهم (يو20: 30-31)، فإنهم تغاضوا عن ذكر تفاصيل تاريخية لا تخدم هدف كتابتهم. فالأناجيل ليست سيرة حياة يسوع biography. هذه نقطة جوهرية لا يفهمها الكثيرون. فكاتب السيرة يهتم بتدوين كل حدث تاريخي في حياة صاحب السيرة. بينما الأناجيل الأربعة لا تقع تحت هذا التصنيف. مثلاً:
مرقس ويوحنا لم يخبرانا عن طفولة يسوع. مرقس لم يخبرنا عن اسم والد يسوع، ويوحنا لم يخبرنا عن اسم أم يسوع. فلو كان لدينا إنجيل يوحنا فقط لما عرفنا أن مريم هي أم يسوع، لأنه كان يشير لها بلقب “أم يسوع”. رغم ذلك، فإن كتابات لوقا (إنجيل لوقا وأعمال الرسل) هي أكثر الكتابات الإنجيلية ذات طابع تاريخي. ورغم أنه لا يوجد إنجيل واحد يعطينا وصفاً كاملاً لحياة يسوع، إلا أن الأناجيل بجملتها تعطينا معلومات تاريخية لا بأس بها عن حياة الرب يسوع. فالأناجيل أعمال لاهوتية بالدرجة الأولى. هذا اللاهوت أُعطي ضمن إطار تاريخي معين بحيث كان هذا اللاهوت تفسيراً لحياة حقيقية، لكلمات حقيقية، ولمآثر حقيقية.
الفضوليون الذين يتجاوزون هدف كتابة الأناجيل يتساءلون: هل ذهب يسوع على الهند أو بلاد فارس؟ هل تتلمذ على أيدي حكماء الشرق؟ إلخ. كل هذه الأسئلة تدل على شيء واحد: أن السائل يغفل الجوهر الرئيسي من كتابة الإنجيل: خلاص الإنسان.
ومن جهة أخرى نراه في السنة 12 من عمره يجالس علماء اليهود في الهيكل ويُدهشهم بعلمه. وخصَّ اليهود برسالته فانحصر تعليمه في الوحي الإلهي لا بحكمة هذا العالم. فهو عالم فذّ منذ صباه. ولا حاجة له إلى معلّم. هو رب العلم. وشخصه الإلهي أهم من كل علم وفلسفة. شخص يسوع هو الأهم. وإن تساءل أحدٌ: لماذا لم يذكر الإنجيليون فترة صبا يسوع؟ لرددنا بتساؤل آخر: لماذا أغفل الإنجيليون الكثير من التفاصيل التاريخية أثناء تدوين بشارة يسوع، ولماذا لم يكونون دقيقين تاريخياً في كتاباتهم؟ الجوب مرة أخرى: لأن هذا لا يخدم هدف كتاباتهم [2].
هذه القاعدة تنطبق أيضاً على أمثلة أخرى من العهد الجديد. فالقارئ المعاصر يقرأ قصة ميت أقيم من الأموات (مثل لعازر مثلاً) سيتساءل للوهلة الأولى: أين ذهب بعد موته، ما هي الحياة بعد الموت، ماذا شعر، ماذا وجد، من قابل؟’ إلخ… لكن الإنجيليين يخيبون آماله لأنهم لا يذكرون شيئاً من هذا القبيل. لماذا؟ مرة أخرى، لأنه لا يخدم هدف كتابتهم. لهذا يقول يوحنا: “وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تُكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه” (يو20: 30-31).

 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:29 PM   رقم المشاركة : ( 13409 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نفض العُش

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قُلْتُ: إِنِّي فِي وَكْرِي أُسَلِّمُ الرُّوحَ، وَمِثْلَ السَّمَنْدَلِ أُكَثِّرُ أَيَّامًا
( أيوب 29: 18 )

إننا لنجد مياه الآلام صعبة أثناء اجتيازنا فيها، ولكن كلمة الله تُعلن «لم تُصِبكم تجربة إلا بشرية. ولكن الله أمين، الذي لا يَدَعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة أيضًا المنفَذ، لتستطيعوا أن تحتملوا» ( 1كو 10: 13 ).
قد تقول في قلبك مثل أيوب قديمًا: «إني في وَكْري أُسلِّمُ الروح» ( أي 29: 18 )، ولكن لكي يُعلِّمك الله طرقه، فهو يأتي ويهز الوكر، ويأخذ ما تشتهيه.
إن النسور الصغيرة لا يمكن أن تعرف قوة أجنحتها التي تحملها، إلا إذا تركت أوكارها وغادرت أعشاشها. وإن الله - في حكمته السامية، وفي محبته الفائقة - إن حرَّك العش فإنما أذرعه الأبدية هي من تحت ومن حول. ورئيس الكهنة العظيم هو حي إلى الأبد ليشفع فينا، لكي لا يفنى إيماننا في يوم الآلام والحزن. كما أن المُعزي الروح القدس الساكن فينا، يعمل لكي يُحوِّل أنظارنا عن سحابة الآلام التي تجثم على الطريق إلى المجد الفائق الأبدي، الذي سنتمتع به عندما يأتي الرب نفسه بتهليل الفرح، ويأخذنا من مشهد الخطية والآلام، لنكون معه ومثله إلى الأبد.
لقد كان لأرملة صرفة التي أُرسِل إليها إيليا النبي، ابنٌ وحيد (1مل17). وكان لديها في بيتها كوز من الزيت لا ينقص، وكوار من الدقيق لا يفرغ. فإذ بالموت يدخل بيتها في يوم من الأيام ويموت ابنها، وتتفتح أعماق قلبها، ويكشف إصبع الله أسرارها العميقة التي طالما كانت تخفيها بعناية وحذر، فتقول للنبي: «ما لي ولكَ يا رجل الله! هل جئتَ إليَّ لتذكير إثمي وإماتة ابني؟». ويقول لها إيليا: «أعطيني ابنك». ويأخذه من حضنها ويصعد به إلى العُلِّية. وبينما كانت المرأة المسكينة تجلس في حزنٍ وألم، كان مشهد عجيب يجري فوق في العُلِّية، حيث أضطجَع الطفل على سرير النبي، وبسرعة تمت الاتصالات بين الأرض والسماء. صلى النبي وسمع الرب لصوت إيليا «فرجعت نفس الولد إلى جوفه فعاشَ. فأخذ إيليا الولد .. ودفعَهُ لأُمهِ، وقال إيليا: انظري، ابنك حيٌّ! فقالت المرأة لإيليا: هذا الوقت عَلِمت أنك رَجُل الله، وأن كلام الرب في فمك حق» ( 1مل 17: 22 - 24).
وتعلَّمت المرأة الدرس، وازدادت معرفتها بالله. ولا شك أن ذلك اليوم – يوم الموت والقيامة - كان بدء فترة جديدة في بيت أرملة صرفة
 
قديم 02 - 07 - 2016, 07:31 PM   رقم المشاركة : ( 13410 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,381

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عيد الشعانين

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل سبق لك أن كنت في موكب احتفالي؟ كيف كان؟ إذا جاء يسوع إلى بلدتك كيف تعتقد أن الناس سوف تحييه ؟
أحد الشعانين هو أيضا أحد هتافات أوصنا وتسبيح الله. عندما دخل يسوع أورشليم كان الناس يصرخون :
" أوصنا !
مبارك الآتي باسم الرب !
مباركة مملكة أبينا داود الآتية باسم الرب !
أوصنا في الأعالي" مرقس 11 : 9-10
في يوم الأحد قبل عيد الفصح، جاء يسوع إلى أورشليم كملك. هرعت الناس لترى يسوع و تكرمه. كان هؤلاء الناس قد سمعوا عن المعجزات الرائعة التي صنعها يسوع. والعديد منهم اعتقد أن يسوع يجب أن يكون ابن الله، المسيح، بسبب ما فعله.
استعار تلاميذ يسوع جحشًا ابن آثان ووضعوا ​​ردائهم عليه ليجلس يسوع عليه. كثير من الناس ألقوا بردائهم على طول الطريق ليسير يسوع عليهم. بعض الناس لوحوا بسعف النخيل ورمى الآخرين سعف النخيل على الطريق ليسير يسوع عليهم. لهذا السبب ندعو الآن هذا اليوم، أحد الشعانين.
تبع الحشد يسوع كل الطريق إلى الهيكل. كانوا يهتفون طوال الوقت: " أوصنا ! مبارك الآتي باسم الرب !" أوصنا تعني ' خلّص الآن'. جاء يسوع الى الارض ليخلصنا من خطايانا.
لم يحب الفريسيين تكريم الناس ليسوع. لم يؤمنوا انه كان ابن الله. ظنوا انه كان رجل عادي يدّعي بأنه ابن الله. ارادوا ان يكرمهم الناس بدلا من يسوع.
جاء الفريسيون الى يسوع وطلبوا منه ان يوقف الناس عن الصراخ. قال لهم يسوع أنه إذا صمت الناس، فالله قادر أن يجعل الحجارة تصرخ بدلا من ذلك. كان ذلك توقيت الله لتكريم يسوع.
لو قرأ الفريسيون العهد القديم من الكتاب المقدس بعناية، لكانوا فهموا أن هذا هو يسوع، ابن الله. لأنه في زكريا 9: 9 قال الله منذ وقت طويل أن هذا سيحدث للمسيح، ابن الله، عندما سيأتي .
"ابتهجي جدا يا ابنة صهيون! اهتفي يا بنت اورشليم! هوذا ملكك يأتي اليك. هو عادل ومنصور وديع، وراكب على حمار وعلى جحش ابن آثان!"
أتساءل عما إذا كنا لنعترف بيسوع على انه ابن الله لو كنا هناك في ذلك اليوم، أو أن كنا لنكون مثل الفريسيين ونقول ليسوع بأن يُسكت الناس.
نحن محظوظون جدا اليوم اذ لدينا الكتاب المقدس الذي يخبرنا كل شيء عن يسوع وكيف انه مات من أجل خطايانا وقام من الموت وانه في السماء يشفع لنا. يمكننا حقًا أن نؤمن أن يسوع هو ابن الله بفضل كل الأدلة التي يعطينا اياها الكتاب المقدس.
ونحن نحتفل بيوم الشعانين، علينا أن لا ننظر فقط إلى الماضي، عندما دخل يسوع أورشليم راكبًا على جحش، ولكن علينا أن نتطلع إلى يوم جديد، في المستقبل، عندما يكون جميع أولئك الذين آمنوا بيسوع كمخلص لهم ، عبر التاريخ، واقفين حول عرشه يعبدونه. ولكن هذه المرة ، لن يكون هناك جثسيماني أو محاكمات أمام بيلاطس أو جلد أو صليب بانتظار يسوع . بل العكس، سيكون هناك سنة بعد سنة ، وقرنًا بعد قرن استمتاع بالحياة مع ربنا والهنا. ونحمد الله أنه سيكون في السماء ، ناس من كل أمة وقبيلة ولغة وشعب! يا له من يوم فرح عظيم.
ولكننا نعرف ان القصة لا تنتهي هنا. الله لديه نهاية اكبر للقصة. من الصعب أن نصدق أنه في غضون أسبوع سيُحاكَم يسوع وسوف يُصلب – وستنقلب الحشود ضده مطالبة بالإفراج عن مجرم بدلا من يسوع . ماذا حدث؟ ما الذي غير الحشود؟ سنرى ذلك في الأسبوع المقبل في تأمل عيد الفصح.
" أوصنا ! مبارك الآتي باسم الرب ! "
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024