![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 133331 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "أنت يا رب عَرَفْتَ. اذكرني وتعهدني وأنتقم لي من مضطهديَّ. بطول أناتك لا تأخذني. اِعْرِف احتمالي العار لأجلك. وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي. لأني دُعيتُ باسمك يا رب إله الجنود" [15-16]. كلمة الله المفرحة وسط الآلام المُرّة، ومع إدراكه لكلمة الله التي تؤدب كان إرميا في يقين أنها مصدر فرحه وبهجة قلبه، إذ يقول: "وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي، لأني دُعيت باسمك يا رب إله الجنود" [16]. كلمة الله تهب رجاءً يفرح القلب. أكل إرميا النبي كلام الرب، إذ سبق فأعلن أن الله وضع كلامه في فمه (إر 1: 9). يشير الأكل هناإلى قبول الكلام أو قبول الدعوة للخدمة قبولًا تامًا، لذا لم يقل "تذوقته" بل "أكلته". اتحد بكلام الله فصار واحدًا معها، أو صارت الكلمات الإلهية جزءًا لا يتجزأ منه. جاء في سفر التثنية: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الإنسان" (تث 8: 3). ويقدم لنا إشعياء النبي كلمة الله طعامًا وشرابًا للنفس (إش 11)، وصدر الأمر لحزقيال النبي أن يأكل الدرج الذي أعطاه الله إياه فكان في فمه كالعسل حلاوة (حز 2: 1-3). "فكان كلامكلي للفرح والبهجة" [16]، ارتبطت الكلمتان معًا في (إر 7: 34؛ 16: 9) بالعريس والعروس كما جاء عن العريس الكلمة: "في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" (نش 3: 11). إن كان إرميا قد دُعي ليبقى غير متزوجٍ (إر 16: 2) إلا أنه بقبوله كلمة الله وغذائه بها صار له بهجة العرس على مستوى فائق، تتحد نفسه كعروس بالعريس السماوي. |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133332 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "أنت يا رب عَرَفْتَ. اذكرني وتعهدني وأنتقم لي من مضطهديَّ. بطول أناتك لا تأخذني. اِعْرِف احتمالي العار لأجلك. وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي. لأني دُعيتُ باسمك يا رب إله الجنود" [15-16]. كلمة الله التي دخلت بهإلى الخصام، فصار في خزيٍ وعارٍ في أعين القيادات والشعب، جعلته في بهجة عرسٍ أبدي وفرحٍ فائق لا يُعبر عنه! أما ان إرميا قد دعي عليه اسم الرب [16] فيعني أنه صار في ملكيته، كما يُدعى اسمه على بيته المقدس (إر 7: 10). وكأن إرميا صار عروسًا روحية وبيتًا روحيًّا للرب. يقول العلامة أوريجينوس: ["وسيكون كلامكلي مصدرًا للفرح" [16] (LXX). إنه ليس مصدرًا لفرحي الآن، لكنه "سيكون". لأنه إذا كانت كلمتك الآن في الوقت الحاضر مصدرًا لسجني وآلامي واضطهادي ففي نهاية كل ذلك تكون مصدرًا لفرحي. "وسيكون كلامكلي مصدرًا للفرح ولبهجة قلبي، لأني دُعيت باسمك يا رب إله الجنود". حتى إذا كان السيد المسيح هو المتكلم هنا، فإن اسم الآب قد دُعي عليه. "لم أجلس في محفل المازحين مبتهجًا" [17]؛ إذا حدث أن رأى النبي أن المحفل لا يضم أناسًا جادين بل مازحين، كان يتجنب الاشتراك فيه. يجب علينا أن نفهم الفرق بين محفل المازحين ومحفل الجادّين. فإن جماعة الجادين تفعل كل شيء بجدية وتحتكمإلىالمنطق في كل تصرفاتها، لها عقيدة جادة، وحياة جادة. لكن حينما تقوم الجماعة (المحفل) بترك الجدية اللازمة في الأمور الهامة، وتنصرفإلىحياة اللهو وإلى الأعمال الصبيانية التي لهذا العالم، وإلى الأعمال المتولدة من الرذيلة، تتحولإلى محفلٍ للمازحين. يقول النبي: "لم أجلس في محفل المازحين مبتهجًا، من أجل يدك جلست وحدي لأنك قد ملأتني غضبًا (خوفًا)". أمام الاختيارين: إما أن نجلس في محفل المازحين فنُغضب الله، أو نترك محفل المازحين برضانا فنُفرح الله. يقول إرميا: لقد اخترت أن أترك محفل المازحين وأن أكون صديقًا لك، بدلًا من أن أفعل العكس فأصير عدوًا لسعادتك (أي أكون سبب غضبك). مخلصنا أيضًا لم يجلس في محفلهم "محفل المازحين" لكنه قام وتركه، والدليل على هذا أنه قال: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا"، لقد ترك السيد المسيح محفل اليهود وأقام لنفسه محفلًا آخر هو كنيسة الأم . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133333 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الالتقاء مع الله سر تعزيته أنه اعتزل مجالس الأشرار المازحين، الذين يطلبون الفرح الزمني المملوء مزاحًا ليجلس مع الله وحده، يبكي على خطايا الشعب ويحزن ويغضب بسبب هلاكهم، دون أن يفقد سلامه وبهجته. إذ يقول: "لم أجلس في محفل المازحين مبتهجًا، من أجل يدك جلست وحدي، لأنك قد ملآتني غضبا" [17]. إن كانت ثروة الملك ورجاله مع كل الشعب وخزائنهم قد دُفعت للنهب فافتقروا ودخلوا في ذلٍ وعارٍ مع مرارة، فإن ثروة إرميا النبي وخزائنه هي كلمة الله التي لا يقدر عدو أن ينهبها أو يسلبها منه، فيبقى وسط الآلام والمتاعب مملوء شبعًا وفرحًا! هذا هو كل ما تُرك لإرميا، كلمة الله، التي يراها القيادات والشعب حتى عائلته إنها كلا شيء، وكانوا يسخرون منه، ولم يدركوا أنها هي كل شيء! المزاح هو عدم الجدية في اهتمام الإنسان بخلاص نفسه وخلاص الآخرين، سواء في عبادته الخاصة أو العامة أو خدمته للغير. أخبروا هيرودس عن موقع ميلاد المسيح، لكنهم لم يفكروا في الالتقاء معه بجدية، بينما جاء المجوس من المشرق يعبرون مسافات طويلة في جدية ليلتقوا بمخلصهم! كان إرميا النبي جادًا لذلك كانت نفسه مُرّة من أجل خلاص إخوته... وهذا يهبه فرحًا داخليًا لا يُعبر عنه. قيل عن الإنسان المازح: "مثل المجنون الذي يرمي نارًا وسهامًا وموتًا، هكذا الرجل الخادع قريبه ويقول: ألم ألعب أنا؟!" (أم 26: 18). هكذا من يخدع أخاه تحت ستار المزاح يلقي بنارٍ في قلبه ليحرق ويبدد، ويصوب سهامًا لنفسه فيقتلها ويفقد كل حياة! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133334 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() استخدمت كلمة المزاح بالعبرية عن النساء اللواتي لعبن وقلن "ضرب شاول ألوفه وداود ربواتهِ" (1 صم 18: 7)، فكن يسخرن بالملك شاول مما أثار فيه حمية الحسد وفكر جديًا في قتل داود. هذا هو عمل المزاح القاتل والمثير للمتاعب! ورد في زكريا (زك 8: 5): "وتمتلئ أسواق المدينة من الصبيان والبنات لاعبين في أسواقها"، فالمزاح من سمة الصبيان لا الناضجين. مجلس المازحين يعني مجلس المستهزئين بخلاصهم، في القيادات اليهودية في أيام السيد المسيح كانوا مجالس مازحين. مجلس المازحين هم جماعة الأنبياء الكذبة الذين نطقوا بغير الحق، وظنوا في ذلك بهجة وسلامًا، أما إرميا الناطق بالحق فبقى وحده، إذ تركه الجميع وحسبوه متشائمًا... أدرك غضب الله على شعبه فامتلأ حزنًا! من أجل يد الله جلس إرميا وحده وامتلأ بغضب الله، ويقصد بيد الله هنا الإعلان النبوي أو الكشف عن خطة الله... وكأن يد الله قد امتدت لتكشف لإرميا عن الحق الإلهي الذي رفضه الشعب، وما سيحل بهم من تأديبات كأنها حلت به هو شخصيًا. إنه يردد مع المرتل: "لأن سهامك قد انتشبت في، ونزلت عليّ يدك. ليست في جسدي صحة من جهة غضبك. ليست في عظامي سلامة من جهة خطيتي" (مز 38: 2-3). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133335 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "جلست وحدي لأنك قد ملأتني غضبًا" [17] سبق أن رأينا في (إر 12: 6) أن عائلته قد دعته: "مملوء سكرًا"، وها هو يقول لهم: "إنني لست مملوء سكرًا، بل مملوءً بالغضب الإلهي، أحمله عنكم. إن ما يسكرني ليس الخمر بل رؤيتي للغضب الذي تسقطون تحته". "جلست وحدي" [17]. يرى العلامة أوريجينوس في هذه العبارة دعوة كتابية لكي تكون لنا الحياة المميزة الفريدة! ["جلست وحدي" [17]. ينبغي أن نتعلم من هذه العبارة عندما تكون هناك جماعة من الخطاة لا تحتمل أن ترى إنسانًا تقيًا يعيش في حياة التقوى، لهذا يليق بالإنسان أن يهرب من محفل الرذيلة، يفعل مثل إرميا الذي قال: "جلست وحدي"، ومثل إيليا الذي قال: "يا رب قتلوا أنبيائك وهدموا مذابحك وبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي" (رو 11: 3). لكن إذا نظرت بطريقة أعمقإلى كلمات "جلست وحدي"، ربما تجد لها تفسيرًا أكثر عمقًا يليق بها. عندما نحيا مثلما يحيا جميع الناس، ولا تكون لنا حياة مستقلة خاصة ومميزة بالنسبة لباقي الناس، لن نستطيع أن نقول: "جلست وحدي"، إنما نقول: "جلست مع أناسٍ كثيرين". لكن - على العكس - إذا أصبحت حياتي مميزة بحيث يصعب على الناس تقليدها، لا يستطيع أن يشابهني أحد لا في أعمالي ولا في عقيدتي ولا في حكمتي، عندئذ يمكنني أن أقول "جلست وحدي". إذن يمكنك أن تقول هذه الكلمات، حتى ولو لم تكن كاهنًا أو أسقفًا وليس لك أية رتبة كنسية، ذلك حينما تحيا الحياة التي تمكّنك من أن تقول: "جلست وحدي"]. قوله: "جلست وحدي لأنك قد ملأتني غضبًا" [17]، ينطبق على السيد المسيح الذي دخل البستان وحده ليحمل غضب الله عنَّا، إذ يقول لتلاميذه "وتتركوني وحدي..." كما يقول: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". جلس وحده في البستان لأنه حمل خطايانا على كتفيه. لنتشبه به فندخل معه في البستان وحدنا لكي نئن من أجل سقطات كل أحدٍ |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133336 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "جلست وحدي لأنك قد ملأتني مرارة" [17](LXX) . يقول العلامة أوريجينوس: ["لأنني قد امتلأت مرارة" [17]. إن كان الطريق المؤديإلى الحياة ضيق وكرب (مت 7: 14) لا يمكنك أن تتمتع بأية عذوبة الآن، بل عليك أن تمتلئ بمرارةٍ في هذه الحياة. ألا تعلَم أن عيدك يُحتفل به على أعشاب مُرّة؟ يقول الكتاب المقدس أنه حينما تحتفل بالعيد لا بالعهد الإلهي أن تأكل فطيرًا على أعشابٍ مُرّة (خر 12: 8). ماذا يعني الكتاب حينما يؤكد أنه للاحتفال بأي عيدٍ خاص بالرب لا بالعهد الإلهي من أكل الفطير على أعشابٍ مُرّة؟ هلموا نبحث هذا الموضوع. موضوع "الفطير" سبق أن شرحه لنا بولس الرسول عندما قال: "إذًا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق" (1 كو 5: 8). ينبغي أن يكون التفسير الذي أضيفه موافقًا ومناسبًا لتفسير الرسول ومكملًا له. يجب عليك أن تفهم ماهي الأعشاب المُرّة، حينما تربط بينها وبين كون الفطير "فطير الإخلاص والحق"؛ فبمجرد أن يكون عندك إخلاص وحق تجد أمامك أعشابًا مُرّة، وتأكل مع الأعشاب المُرّة فطير الإخلاص والحق. ينطبق هذا على بولس الرسول: فلأنه كان يأكل فعلًا فطير الإخلاص والحق، بسبب ذلك كان يأكل أيضًا "الأعشاب المُرّة". كيف كان ذلك؟ قال: "أفقد صرت إذًا عدوًا لكم لأني أَصْدُقُ لكم؟!" (غلا 4: 16). كيف كان يأكل أيضًا الأعشاب المُرّة؟ كان يأكلها كالآتي: "في كدٍ وتعبٍ، في أسهارٍ مرارًا كثيرة، في جوعٍ وعطشٍ إلخ." (2 كو 11: 27-28). ألا يعتبر ذلك كله "حقًا" مع أعشابٍ مُرّة؟ أو فطيرًا على أعشاب مُرّة؟ تقول الشريعة: "كلوا فطيرًا مع أعشاب مُرّة" ولم تقل: "كلوا فطيرًا مع أعشاب مُرّة حتى تمتلؤا وتشبعوا"؛ لذا فإن النبي قد فعل أكثر مما تتطلبه الشريعة، فهو يقول: "لقد امتلأت مرارة" ولم يقل: "قد أكلت مرارة"، أي: قد أخذت نصيبي من المرارة بما فيه الكفاية]. لماذا كان وجعي دائمًا؟! ["لماذا يكرهوني ويغضبون على دائمًا؟" (LXX) لقد عانَى إرميا من مضايقات كثيرة، وتألم بسبب الذين لم يريدوا أن ينصتوا للحق والذين كانوا أقوى منه هنا على الأرض فقط، لأن ملكوت الله ليس من هذا العالم بل من فوق. كما يقول المخلص: "لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود" (يو 18: 36). إذًا الذين كانوا يضايقون النبي كانوا يضايقونه في هذا العالم فقط. انظروا أيضًا الشهداء: يجلس القاضي على مقعده على منصة الحكم ليقضي ويحكم وهو في غاية الراحة، بينما يقف الإنسان المسيحي الذي "يحاكم السيد المسيح فيه"، وقد "امتلأ مرارة" وهو موضوع تحت رحمة إنسانٍ غير عادل ليُحكم عليه ]. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133337 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "لماذا كان وجعي دائمًا؟! وجرحى عديم الشفاء؟! يأبى أن ُيشفي! أتكون لي مثل (جدول مياه) كاذب، مثل مياه غير دائمة" [18]. كثيرًا ما استخدم إرميا النبي اصطلاحات طبية، فقد شعر بخطورة المرض الذي أصاب شعبه (إر 6: 7؛ 8: 21-22؛ 20: 12، 15)، مظهرًا تعاطفًا شديدًا معهم. والآن يشعر بالجراحات قد أصابته هو، ربما بسبب شدة اضطهادهم له، فصار مريضًا وجريحًا، جرحه عديم الشفاء... إنه لا يعاتب الشعب الذي اضطهده، وإنما في مرارة نفسه ودالة الحب يعاتب الله الذي أرسله للخدمة، قائلًا له: "لماذا؟" ربما في جسارة يعاتبه: "أتكونلي مثل كاذب، مثل مياه غير دائمة"... فقد سخر به الكل، وبدى كأنه قد هُزم مع أن الله وعده بالنصرة والحماية الدائمة... بقوله "مثل" يؤكد إرميا أن الله لم يخدعه ولن يكون كمجرى ماء كاذب، لكن هكذا ظهر الله في عيني أعداء إرميا الذين عيروه. هذا ويمكن القول بأن ما نطق به إرميا هنا إنما نطقه باسم الشعب وهو يعاني من السبي، مؤكدًا لشعبه أنه لا يشمت فيهم بل يحسب جراحاتهم جراحاته وأمراضهم أمراضه. كأنه يقول: لن ينتهي وجعي إلا بانتهاء آلامكم، ولن يُشفي جرحي ما لم تُشفً جراحاتكم. هذا ما عبر عنه الرسول بولس قائلًا: "من يعثر وأنا لا التهب؟! من يضعف وأنا لا أضعف؟!" وقد عبر القديس يوحنا الذهبي الفم عن هذا الحب العجيب نحو الغير، قائلًا: [لا نعجب من الرسول بولس في إقامته الميت، ولا تطهيره الأبرص، إنما نعجب من قوله: "من يضعف وأنا لا أضعف؟! من يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2 كو 11: 21). لو كان في قدرتك صنع آلاف المعجزات، فإنها لن تعادل هذا القول... كلماته هذه أثمن من اللآلئ]. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133338 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يجيب الله على إرميا بخصوص الأسئلة السابقة، قائلًا: "إن رجعت أُرجعك فتقف أمامي، وإذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون. هم يرجعون إليك وأنت لا ترجع إليهم" [19]. إن كان إرميا النبي قد شعر أن جرحه دائم وبلا شفاء، فإن الله يقدم له الحل أو الدواء، وهو: "إن رجعت أرجعك فتقف أمامي" [19]. كأنه يقول له: أنت لي، ولك حق الوقوف أمامي لتمتع بحضرتي وتحمل قوتي، لكنك بأفكار اليأس تراجعت عني قليلًا... إرجع إليّ، فإن مكانك ينتظرك، أشتاق أن أراك واقفًا أمامي، تتمم رسالتك التي دُعيت إليها وتتمتع بإكليلك الذي أعددته لك. تمس هذه الإجابة حياة كل مؤمن تراجع عن الله في ضعفٍ أو بسبب خطيته، لكن يبقى الله يدعوه للعودة إليه، فإن له موضعه في حضن الآب. بلا شك لم يتراجع إرميا عن رسالته تمامًا، فقد عاش مخلصًا لها، لكن ربما مرت به لحظات ضعف كإنسان. إن كان جرح إرميا في الواقع هو جراحات الشعب، حاسبًا كل ما يسقط تحته شعبه كأنه هو ساقط تحته، لذا يمكن تفسير قول الرب هنا هكذا. إن كنت تشعر بأن جراحات الشعب هي جراحاتك التي بلا شفاء، فإن توبتهم ورجوعهم كأنها توبتك ورجوعك أنت، لتقول مع المرتل: "يرد نفسي، يهديني إلى سبل البر من أجل اسمه" (مز 23: 3). هذا هو سر تعزية إرميا: رجوع الناس إلى الله وحملهم روح الإفراز بين ما هو ثمين وما هو مرذول، أي التمييز بين كلمة الله (الحق) وكلام الأنبياء الكذبة، بهذا يقفون أمام الله وتصير أفواههم كفم الله نفسه، فيحسب كأن إرميا نفسه قد رجع إلى الله وصار كفم الله، يحمل كلمته كسفيرٍ له، يتحدث باسمه ويعلن إرادته. يقول الله لإرميا: "إن رجعت أرجعك فتقف أمامي" [19]، يصير إرميا كرئيس بيت إبراهيم الذي رجع إليه ومعه رفقة زوجة لإسحق ابنه. هكذا يريد الله منَّا أن نعود إليه دائمًا حاملين معنا عروسًا مقدسة لإسحق الحقيقي، ربنا يسوع المسيح. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133339 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "وإذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون" [19]. إخراج الثمين من المرذول يعني إخراج نفوس مقدسة مبررة كانت قبلًا مرذولة بسبب خطاياها، فإنه ليس أعظم من أن يهتم إنسان بخلاص إخوته ويحولهم من الانحطاط بالخطية إلى التمتع ببر المسيح. * لكي تعرفوا كم هو أمر عظيم أن تربح خلاص الآخرين جنبًا إلى جنب مع خلاصك اسمع ما يقوله النبي في شخص الله: "وإذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون" [19]. لكن ما هو هذا؟ من يقود قريبه من الخطأ إلى الحق أو من الشر إلى الفضيلة، مثل هذا الإنسان يتشبهبيقدر ما تسمح القوة البشرية... إنه يخلصهم من أنياب الشيطان. * إن تحدثت لأجل تصحيح قريبك يكون لك لسان كلسانه (المسيح) والله نفسه يقول: "وإذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون" [19]. عندما يكون لسانك مثل لسان المسيح، عندما يكون فمك مثل فم الآب، عندما تصير هيكلًا للروح القدس.أي كرامة تعادل هذه الكرامة؟! حتى إن كان فمك مصنوعًا من الذهب أو الحجارة الكريمة فهل يتلألأ مثل الآن، عندما يشع بزينة الوداعة. ماذا نشتهي أكثر من فم لا يعرف أن يشتم بل يتدرب على أن يبارك؟ * تأملوا أية كرامة يسمو إليها من يحسب خلاص أخيه ذات أهمية قصوى، فإن مثل هذا الإنسان يتشبه بالله قدر إمكانية قوة الإنسان. اسمع ما يقوله الله خلال نبيه: "إذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون" [19]. ما يقوله هو أن من له غيرة على خلاص أخٍ ساقطٍ في طرق الإهمال، من يسرع ويخلص أخاه من أنياب الشيطان، مثل هذا الإنسان يمتثلبي قدر ما تستطيع القوى البشرية. ماذا يعادل هذا؟ هذا أعظم من كل الأعمال الصالحة. هذا هو قمة كل فضيلة. القديس يوحنا الذهبي الفم * لا يقف شيء ما مقابل النفس ولا حتى العالم كله.فإن قدمت كنزًا بلا حدود للفقراء، فلا يساوي هذا العمل تغيير نفسٍ واحدة. هكذا يقول الله: "إذا أخرجت الثمين من المرذول فمثل فمي تكون" [19]. يا له من عمل صالح عظيم أن تترفق بالفقراء، ولكن ليس شيء يعادل انتزاعهم من الخطأ. من يفعل هذا يمثل بولس وبطرس . * أيَّة بركة لا يجتنيها ذاك الشخص الذي ينفع نفوسًا كثيرة يشفيها من الآن حتى مجيء المسيح؟! أقم حصنًا ضد الشيطان، فإن هذه هي الكنيسة. * إن تحدثت بما فيه إصلاح قريبك تنال لسانًا كذاك اللسان (لسان الله) . القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 133340 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() "وأجعلك لهذا الشعب سور نحاسٍ حصينًا، فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني معك لأخلصك وأنقذك يقول الرب. فأنقذك من يد الأشرار، وأفديك من كف العتاة" [20-21]. هنا يقدم الله لإرميا وعودًا بتجديد قوته. في (إر 1: 18) أقامه الله مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس، وهنا يجعل منه سور نحاس حصينًا لا تستطيع زوابع الأشرار أن تصدمه، ولا مقاومتهم أن تهزه. إنه ليس فقط ينقذه وإنما يفديه، أي يدفع عنه الدِّية ليحرره. هكذا يعطي الله لإرميا ضمانًا لسلامه ولحريته، بل ولمساندة الآخرين. إن كان الله قد أقام إرميا النبي ليبكت الخطاة فليذكر إرميا أنه هو نفسه محتاج إلى الخلاص والفداء! هذا ومن جانب آخر حين أعلن إرميا لله إيمانه أنه يذكره ويتعهده وينتقم له من مضطهديه [15]، جاءت الإجابة الإلهية: "أنقذك من يد الأشرار، وأفديك من كف العتاة!" كأن الله يجيبه: لا تتطلع إلى إمكانياتك البشرية المجردة، ولا تنظر على أعدائك، بل إلى عملي معك وبك وفيك... إني أنقذك من يد الأشرار وأفديك من كف العتاة. يحدثنا سفر إرميا النبي عن الرب بكونه الفادي من كف العتاة (إر 15: 21) والولي الذي له حق الفكاك (إر 31: 11)، الولي القوي (إر 50: 34). يذكرنا بالدور الذي قام به بوعز الذي قام بواجبه نحو راعوث، حيث قام وهو الولي بالفكاك، فتزوجها وأنجب منها وقدم من ممتلكاته لها ولنسلها. ويلاحظ في الولي الذي يقوم بالفكاك الآتي: أ. الولي الذي له حق الفكاك ذو قرابة. هكذا وهبنا ربنا يسوع المسيح حق القرابة له، إذ اشترك معنا في اللحم والدم نظيرنا (عب 2: 14). ب. أن يكون قادرًا أن يفدى ويخلص، وقد دفع ولينا دمه الثمين فداء عنا (مز 49: 8، كو 8: 9، مز 13: 46). ج. لم يشترِ بوعزِ الميراث فحسب بل اشترى راعوث، لا لتصير له جارية بل عروسًا تشاركه حياته، مكانها في أعماق قلبه. بهذا لم تعد الأرملة غريبة الجنس (الموابية) التي تلتقط من الحقل، وإنما العروس المتحدة معه التي تسكن في قلبه. صار لها لا سنابل الحق التي كان الحصادون ينسلونها لها، بل الحصاد كله، وصاحب الحصاد نفسه. صار بوعز غناها وثروتها. هكذا صار لنا مسيحنا غنانا. د. يلتزم الولي بالحماية، فهو يفدي ميراثه بالقوة (إش 63: 1-6؛ رؤ 14: 14-20)، هكذا يربط مسيحنا العدو ويخلصنا من العدو من قبضته (مت 12: 29) . |
||||